الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس: تآليفه
1 -
محاذي المختصر الفقهي لابن عرفة ومختصرُه:
عدا عبارة الرصاع التي أجمل فيها تواليف شيخه البسيلي: "وله تواليف عديدة وتصانيف حسنة
…
"، لم يذكر أحد قط أن للبسيلي تأليفا في الفقه المالكي حاذى به المختصر الفقهي لشيخه، حتى ظفرت بقطعة من مخطوط نادر، هو إحدى ذخائر جائزة الحسن الثاني لسنة 1984 تملكه أحد المراكشيين، ثم صور عنه شريط فلمى، لكن تصويره كان رديئا إلى حد استحالة استخلاص صورة عنه، فتجشمت قراءته بصعوبة بالغة لعله يضيف زخما جديدا إلى ترجمة البسيلي المكرورة والقصيرة.
والمخطوط من القطع الكبير، تشي فاتحته بعد التحلية، أنه كُتِبَ والبسيلي لا يزال حيا أو نُقل عن نسخة كتبت في حياته، ناهيك عن أن التحلية بإضافاتها الموضوعية المميطة للثام عن بعض الغموض المتعلق بأسرة البسيلي، تُنْبِي عن معرفةٍ للناسخ أكيدةٍ به وبأسرته.
ومقدمة الكتاب وجيزة على ما عوَّدنا البسيلي في ديباجتي النكت الكبير والصغير، أفصح فيها عن أمور تالية:
- أنه وضع تأليفا في الفقه المالكي محاذيا لمختصر شيخه، رام من ورائه شرح معانيه المستغلقة، وتوضيح قواعده الفقهية، وشرح ألفاظه وغريب لغاته، وتوجيه أقواله، والتنبيه على ما قد يكون وقع من الوهم فيه، بيد أنه جاء في مجلدات كثيرة تصرف القارئ عن العكوف عليها لطولها.
- أنه اختصر محاذي مختصر ابن عرفة في مجموع، شأنه في ذلك شأنه صنيعه في روايته لتفسير ابن عرفة.
تأتي ديباجة الكتاب إذن، مختصرة للغاية، متضمنة الغرض من التأليف، يتخلص بعدها البسيلي ليعرف بالمؤلف ابن عرفة: نسبه ومولده ووفاته وتواريخهما وعمره على التفصيل وموروثه وما حبس قبل موته ومبتدأ حجه ومنتهاه، ومثالا عن نظمه قرب وفاته، وتخميس ذلك النظم، وتآليفه، ومصطلحه في عزو الأقوال في المختصر الفقهي.
ثم ينتقل إلى أصل تأليفه، فيسوق بعض كلامه، ثم يشرحه أو يعقب عليه، على طريقة الفنقلة، قال فقلت.
وهذه مقدمة "مختصر محاذي مختصر ابن عرفة":
"
…
بعد حمد الله كما يجب لجلاله، والصلاة على سيدنا محمد وآله، خاتم رسله وأنبيائه، مُبَلِّغِ وَحْيِهِ وأنبائه.
فإنني وضعتُ تأليفا في الفقه المالكي، حَاذَيْتُ به مختصرَ شيخِنا الإمام أبي عبد الله محمد بن عرفة، مُبَيِّناً لمعانيه، موضِّحا لقواعدِه ومَبَانيه، لأقواله موجها، وعلى ما لا عاصم للبشر منه، مُنْتَبذاً فضولَ الكلام في ذلك، إلى ما تَحْوِيه مجلداتٌ كثيرة، يقصر عنها العجز البشري، ويمنع من استيفائِهَا الشُّغْل الدنيوي، فاختصرتُ من ذلك ما قيَّدْتُه في هذا المجموع. ومن الله سبحانه أسال الفوزَ والتوفيق، والهداية إلى سواء الطريق".
ويأتي بعد هذه المقدمة نصُّ التعريف بابن عرفة، حذو القُذَّة بالقذة لما ذكره في "نكت وتنبيهات" الصغير إلا أنه يضيف هاهنا ذكر تآليفه، ويُردِفُ ذلك بسَوْقِ اصطلاحِ ابنِ عرفة في عَزْوِ الأقوال في المختصر الفقهي؛ وهو اصطلاحٌ وُجِدَ بخط
الشيخ القاضي العلامة تلميذ المؤلف، أبي مهدي عيسى الغبريني، غير أن البسيلي يسوقُهُ دون ذكر مأخذه.
وقد كنت مجْدُوداً في العثور على نسخة من لفظ هذا الاصطلاح، مكتوب على ظهر أول ورقة من نسخة أميرية لكتاب ابن مرزوق الجد (ت 781 هـ)"الأحاديث الأربعون النبوية من رواية الخلافة العلوية" الذي تملكه ابن عرفة، وقد قابلت بين رواية البسيلي وما وجد بخط الغبريني، وخلصت إلى هذا النص:
" [واعلم أن اصطلاحَه في "مُختصره" هذا في عزْوِ الأقوال] جعْلُ أولِ الأقوال [لأول] مذكور من القائلين على الترتيب، على طريق اللفّ والنشر، فإنْ تَقَدم القائلون للقول، أتى بلفظة "مع" مصحوبةً مع أولِ قائلِ ذلك القول مخفوضاً بها القائلُ الثاني معطوفاً عليه القائلُ الثالثُ والرابع، ويُعْلَمُ انتهاءُ قائلي ذلك القولِ [إما] بأنْ يكون بإضافةِ كل المعطوفين على المخفوضِ بها يؤدي إلى بقاء بعض الأقوال غير معزو، ويترك من المعطوفين ما بقي ببقية الأقوال. على أن كل قول منسوب لقائل واحد لا أكثر.
وأما الإتيان بلفظة "مع" مرة ثانية، فيعلم أيضا انتهاء القائلين قبل القائل الذي قبلها، ويكون الحكم فيما بعدها أيضا كالأولى. وأما القرينان فهما أشهب
وابن نافع، لأنَّ العُتْبِيَّ قَرَنَهُما في السماع، بسبب أن ابن نافع كان أعمى، فكان أشهب هو الذي يكتب له، حسبما ذكره عياض في "مداركه". وأما الأخوان فمُطَرِّف وابن الماجشون، بسبب كثرة موافقتهما ومصاحبتهما في كتب الفقهاء كحمزة والكسائي في القراءات".
إلى هنا ينتهي نص البسيلي، ويزيد عليه مقيد الغبريني بإضافات مهمة، نوردها لمزيد الفائدة:
"والشيخ، المراد به ابن أبي زيد؛ والإمام يريد به المازري؛ والقاضي يريد به عبد الوهاب، والصقلي يريد به ابن يونس. هذا ما وجدنا من خط الشيخ القاضي العلامة تلميذ المؤلف أبي مهدي عيسى الغبريني رحمه الله تعالى".
بقي لنا أن نتساءل عن الذي حذا بالبسيلي إلى أن ينتصب لشرح مختصر شيخه، وليس لقائل أن يقول: إنه نفس ما دَرَأه إلى تدوين التفسير؛ لأننا نعرف أن ابن عرفة لم يدون تفسيرا كاملا، فكانت الحاجةُ ملحة إلى أن يُحتفظ بدروسه ضمن تأليف جامع. والواقعُ بخلافِ ذلك في المختصر، فهو تأليف مستقل لابن عرفة، واستغلاقُه من الشهرة بمكان، لدرجة أن تعقيد عبارته جعل مؤلفه يذهل في بعض المواطن عن مقصوده منها!. فظاهرٌ إذن أن مرادَ البسيلي كان تحليل التعقيد -على حد عبارة ابن غازي-، ولذلك جاء شرحه الوافي في مجلدات كثيرة يقول المؤلف عنها إنها مما "يقصر عنها العجز البشري، ويمنع من استيفائها الشغل الدنيوي".
2 -
تفسير القرآن الكريم:
كبير وصغير.
أ - الكبير:
جمعه من إملاءات شيخه ابن عرفة، وزاد عليه من كلام غيره حسبما قرره في ديباجة الكتاب، حيث قال "تفسير على كتاب الله المجيد، قصدت منه جمع ما تيسر حفظه
وتقييده من مجالس شيخنا أبي عبد الله محمد بن عرفة رحمه الله تعالى، مما كان يبديه هو أو بعض حذاق طلبة المجلس، زيادة على كلام المفسرين وغيرهم، وأضفت إلى ذلك في بعض الآيات شيئا من كتب التفسير".
وأغلب نسخه واقعة في مجلدين، ومنه عدة نسخ هذا تفصيل ما هو موجود منها في المكتبات؛ حسبما وقع العثور عليه:
- الخزانة العامة بالرباط:
خ ع ك - 2038: نسخة تامة خالية من البتر، تقع في سفرين.
خ ع ق - 611: سفران يتخللهما بتر.
خ ع ك - 2118: سفر يشتمل على النصف الثاني فقط.
خ ع ج - 34.
- الخزانة الحسنية بالقصر الملكي بالرباط:
خ ح - 98: سفران يتخللهما بتر من آخر سورة يوسف، حتى آخر سورة الكهف.
خ ح - 679: سفران يتخللهما البتر المشار إليه.
- خزانة الزاوية الحمزية بالرشيدية، إقليم تافيلالت:
رقم 93 نسخة تامة في مجلد ضخم، بخط أندلسي، به ملزمة بخط مغربي من الورقة 740 إلى آخر الكتاب.
رقم 693 نسخة تامة بخط مشرقي.
- دار الكتب الناصرية، بتامكَروت:
النصف الثاني في مجلد، بخط مغربي مبتور الطرفين تحت رقم 2862.
- خزانة جامع القرويين، بفاس:
رقم 53.
- دار الكتب الوطنية التونسية:
رقم 10972، مبتورة الأول.
- المكتبة الوطنية الجزائرية:
رقم 349. وذكر موقع وزارة الأوقاف الجزائرية على الإنترنت، أن بها نسخة منه في 248 ورقة، بمقياس 27 × 19.
- خزانة فيض الله أفندي باستانبول:
رقم 64.
- قليج علي باشا، بتركيا:
رقم 101.
- المكتبة الوطنية بمدريد:
رقم CCCLXXXII.
- مكتبة ممّا حيدرة بتنبكتو، بالسودان:
رقم 2776.
- الرحلة الجغرافية للتقييد الكبير:
ذكر التنبكتي أن الكتاب وقع للأمير الحفصي بعد إلحاحه على البسيلي في المطالبة به، فَبَقِيَ بيده إلى أن توفي وبِيعَ في تركته فسافر به مشتريه إلى السودان، ومن هناك انتشرتْ نسخُه.
وتتبُّعُ نسخ التقييد الكبير يؤيد هذه الحكاية؛ إذْ أغلب النسخ منه ثاويةٌ بالمغرب، بالزاوية الحمزية ودار الكتب الناصرية، الموجودةِ في خطِّ السير إلى السودان في الجنوب المغربي، وما وُجد بخزانتي الرباط وعلال الفاسي فهي نسخٌ منقولة عن المتقدمة أو هي نسخٌ مشرقية مصرية، ليس يبعُدُ أنها وردَتْ على مصر من جارتها السودان، ثم استقْدَمَها الحجاج العلماء المغاربة في حجازياتهم.
ومما يعضد كلام التنبكتي أيضا، أنني عثرتُ على نسخةٍ من البسيلي بالسودان ناقصة، في 265 ورقة، بخط صحراوي سودانى، توجد بمكتبة مما حيدرة بتنبكتو رقم 2776.
ب - الصغير: نكت وتنبيهات في تفسير القرآن المجيد.
سيأتي الحديث عنه في الفصل الثالث.
3 -
شرح المدونة:
لم نعثر له على ذكر فيما وقع لنا من فهارس المخطوطات، وأظنه كبيرا، بالنظر إلى حجم "المدونة" نفسها؛ ولو لم يذكر المترجمون أنه له شرحا على "المدونة" لكان لمتصفح تفسيره المختصر أن يلحظ ذلك الاهتمام بها، والحشْدَ الوافرَ من النقول المتقَنة عنها (31 مرة)، خلاف ما اعتدناه على البسيلي من النقل بالمعنى.
4 -
شرح على الخزرجية في العروض:
والخزرجية هي قصيدة الرامزة في علم العروض، لضياء الدين عبد الله بن محمد الخزرجي الأندلسي (ت 626 هـ)، عِدَّتُها 96 بيتا، وفاتحتها:
وَلِلشِّعْرِ مِيزَانٌ تُسَمَّى عَرُوضَهُ
…
بهَا النَّقْصُ والرُّجْحَانُ يَدْرِيهِمَا الْفَتَى
وهذا الشرح معدودٌ في المفقود. وإقدام البسيلي على شرحها دليلٌ على علمه بالعروض، ومشاركتِه في فنون الأدب. بلْ إنه تعاطى لصناعة النظم، فمِنْ ذلك ما ذكره عن نفسه من نظمه لقصيدةِ مديح رَفَعَهَا إلى أبي فارس قال فيها:
وأفعالُه ينْوي بها البرَّ كلها
…
فمنْ قصْده صار المباحُ تعبُّدا
فإمَّا رِباطاً إنْ أقام بِساحل
…
وإمَّا جهادا إن توتجَّه للعِدَا
5 -
شرح على جمل الخونجي في المنطق:
وهذه الثلاثة التآليف الأخيرة ذكرها الرصاع تلميذ المصنف، بعد أن قال:"وله تواليف عديدة، وتصانيف حسنة".
وهناك نشاط علمي اضطلع به البسيلي غير التأليف، وهو تلك المداخلاتُ التي كان ينشط بها حلقة ابن عرفة، والتي كانت تَلْقى من ابن عرفة القبول والاستحسان، حسبما صرع المؤلف، عند قوله تعالى:{إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} ، حيثُ رَدَّ على البيضاوي استدلاله بالآية على صحّةِ إرادته بالإغواء، بما أوردَه الفخر من أن ملازمة الشيء للشيء لا يدل على وقوعه ولا على إمكان وقوعه، ثم قال البسيلي عقيبه:"وقد ذكرتُ هذا في مجلس درسِ شيخنا ابنِ عرفة فاستحْسَنَه".
******
تنبيه:
نسب بعض المترجِمين للبسيلي تقييدا في الوفيات؛ وليس للبسيلي كتاب في هذا الفن، والذي أوهمهم هذا الأمْرَ عبارةُ التنبكتي التالية -عند ترجمته لابن بزيزة-: "لم أقفْ على تاريخ وفاته، ثم رأيت في تقييد للبسيلي ما ملخصه:
…
". والمقصود لدى صاحب "نيل الابتهاج" هو "نكت وتنبيهات" الصغير، موضوع تحقيقنا، لا غيره.