المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثامن: مآخذ على المؤلف - نكت وتنبيهات في تفسير القرآن المجيد - جـ ١

[البسيلي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌التعريف بموضوع الكتاب

- ‌دوافع الاختيار

- ‌التعريف بالمؤلف

- ‌التعريف بمراحل العمل وماهيته

- ‌من نتائج البحث

- ‌اختصارات الدراسة

- ‌الفصل الأولالحركة العلمية في عصر السلطنة الحفصية

- ‌المبحث الأول:عوامل النهضة العلمية في عهد الحفصيين

- ‌أ - رعاية خلفاء بني حفص للحركة العلمية:

- ‌ محمد بن أحمد الحفصي الأمير، ابن السلطان أبي العباس، أخو السلطان أبي فارس صاحب تونس، ويعرف بالحسين:

- ‌ب - هجرة العلماء الأندلسيين إلى الحاضرة التونسية:

- ‌ج. حملة أبي الحسن المريني على تونس، وتلاقح الثقافات المغربية والإفريقية والأندلسية:

- ‌د - انتشار مدارس العلم:

- ‌المبحث الثاني: نشاط الدراسات القرآنية في العهد الحفصي

- ‌الفصل الثانيحياة أبي العباس أحمد البسيلي وآثاره

- ‌المبحث الأول: مصادر ترجمته وأوهامها

- ‌أ. مصادر ترجمته:

- ‌ب- أوهام المترجمين:

- ‌المبحث الثاني:اسمه ونسبه

- ‌أ- اسمه:

- ‌ب - نسبه وسلفه:

- ‌المبحث الثالث: مولده ووفاته

- ‌أ- مولده:

- ‌ب - وفاته:

- ‌المبحث الرابع: شيوخه

- ‌1 - أبو عبد الله محمد بن محمد بن مسافر العامري

- ‌2 - أبو العباس أحمد ابن القصار

- ‌3 - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن موسى البطرني الأنصاري التونسي

- ‌4 - أبو عبد الله محمد بن محمد بن عرفة الورغمي التونسي

- ‌تآليفه الموجودة:

- ‌تآليفه المفقودة:

- ‌5 - عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن جابر بن خلدون الحضرمي

- ‌من تآليفه:

- ‌6 - أبو مهدي عيسى الغبريني

- ‌7 - أبو الفضل بن القاسم بن أبي الحسن علي الأندلسي:

- ‌المبحث الخامس: تلاميذه

- ‌1 - أبو عبد الله محمد بن قاسم

- ‌مؤلفاته:

- ‌2 - أبو العباس التجاني

- ‌المبحث السادس: تآليفه

- ‌المبحث السابع: علاقته بالحفصيين

- ‌المبحث الثامن: صفاته الخلقية والأعمال التي تولاها

- ‌المبحث التاسع: ثناء العلماء عليه

- ‌الفصل الثالث دراسة الكتاب

- ‌المبحث الأول: اسم الكتاب وتوثيقه

- ‌المبحث الثاني: تحقيق نسبته إلى البسيلي

- ‌المبحث الثالث: قصة اختصار التقييد الكبير وتاريخه التقريبي

- ‌المبحث الرابع: منهج البسيلي في الكتاب

- ‌1 - اعتماده على القرآن الكريم:

- ‌2 - إيراده للقراءات القرآنية:

- ‌3 - عنايته ببعض علوم القرآن:

- ‌أ - التعريف بعلم التفسير في اللغة والاصطلاح

- ‌ب - جمع القرآن:

- ‌ج - المكي والمدني:

- ‌د - أسباب النزول:

- ‌هـ - النسخ:

- ‌ز - تكرار القصص في القرآن:

- ‌ح - مناسبات القرآن:

- ‌ط - الأحرف السبعة:

- ‌ي - مقدار ما فسر النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن:

- ‌ك - العلوم التي يحتاج إليها المفسر:

- ‌ل - طبقات المفسرين:

- ‌4 - اعتماده على الحديث النبوي:

- ‌ الاعتماد على الأخبار الصحيحة، ورد الإسرائيليات والأخبار التي لا مستند لها:

- ‌5 - منهجه في عرض القضايا الفقهية:

- ‌ طريقة استغلاله لمفاهيم علم أصول الفقه:

- ‌7 - اعتماده على النحو واللغة:

- ‌8 - الاعتناء بالبلاغة:

- ‌موقفه من الإعجاز:

- ‌9 - توظيف البسيلي للشعر في "نكت وتنبيهات

- ‌10 - إيراده لإفادات موضوعية دفينه بالكتاب:

- ‌11 - مظاهر التفسير بالرأي المحمود عند البسيلي:

- ‌أ - اهتمامه بالجمع بين ما يوهم التعارض من آي القرآن:

- ‌ب - اهتمامه بتوجيه الآيات المتشابهات في اللفظ:

- ‌ج - الاهتمام بأسرار النظم القرآني وأسئلة القرآن (النكت والتنبيهات):

- ‌د - مناقشة الفرق الكلامية خاصة المعتزلة:

- ‌هـ - عنايته بالمنطق وتطبيقاته على الآي القرآنية:

- ‌12 - عناية البسيلي بالنقل عن المفسرين ونقد التفاسير:

- ‌المبحث الخامس: مصادر البسيلي في "نكت وتنبيهات

- ‌المبحث السادس: المقارنة بين تقييدين عن ابن عرفة:

- ‌المبحث السابع: عناية العلماء بتفسير البسيلي والنقل عنه

- ‌المبحث الثامن: مآخذ على المؤلف

- ‌المبحث التاسع: عمل ابن غازي في "تكملة النكت

- ‌المبحث العاشر: نقد تحقيق مقدمة "نكت وتنبيهات

- ‌المبحث الحادي عشر: وصف النسخ الخطية ومنهج التحقيق

- ‌أ - وصف النسخ:

- ‌ب - منهج التحقيق:

الفصل: ‌المبحث الثامن: مآخذ على المؤلف

‌المبحث الثامن: مآخذ على المؤلف

منها:

1 -

مواطن نقل فيها بالحرف ولم يعين مظنة النقل، ولم يعزها إلى أحد، فأوهمت أنها للمؤلف:

4 -

الموطن الأول، عند كلامه على الاستعاذة؛ وذلك قوله:

"واختلف في الجن والشياطين على القول بوجودهما؛ وهو مذهب أهل الحق. قيل هما نوع واحد، والشياطين متمردة الجن. ثم قال المتكلمون إنها أجسام لطيفة قادرة على التشكل. وزعمت الفلاسفة أنها لا متحيزة ولا قائمة بمتحيز، وأكثرهم على أنها مخالفة بالنوع لأرواح البشر، ومنهم من يقول: الأرواح البشرية إذا فارقت أبدانها كانت شديدة الانجذاب إلى ما يشاكلها إن خيرة فخيرة، وإن شرية فشرية، وتعينها على الخير أو الشر، متعلقة بها ضربا من التعلق، وهي الشياطين.

وأوائل الفلاسفة والمعتزلة أنكروا الشياطين قائلين: إن كانت بلطافة الهواء لم تقو على شيء من الأفعال وأفسد تركيبها أدنى سبب، وإن كثفت لزم رؤيتها. والجواب: عدم لزوم الرؤية ما لم يخلقها الله سبحانه".

والنص المذكور نقل عن "المختصر الكلامي" لابن عرفة. انظره في ن خ ع ك 1: 91 - و.

2 -

الموطن الثاني عند حديثه عن البسملة:

"ثم اختَلفُوا في الْمَجَازِ المرادِ بِهَا، فقال الشيْخُ أبُو الحسَنِ الأَشْعَرِيُّ: "المرادُ بِهَا إرادةُ الإحسَانِ"، وقال القَاضِي أبُو بكْرٍ البَاقِلاني: "المرادُ بها نفْسُ الإِحْسَان"، فهيَ صِفَةُ فِعلٍ، وعَلَى الأَولِ صفةُ ذَاتٍ؛ وفي القرآن مواضِعُ يتَعَيّنُ فيها مَذْهَبُ الشَيْخ، ومواضعُ يتعَيَّنُ فيهَا مذْهَبُ القَاضِي، ومواضعُ تحتَمِلُ المذْهبَيْن:

ص: 219

- فالأَولُ: كقولِه تعَالى: (رَبنَا وَسِعْتَ كل شَىْءٍ رحمَةً وعِلْما)، فهذا ظاهِر فِي الإرادَةِ؛ لأنَّ الوُسْعَ عبارةٌ عنْ عُمُومِ التعلق، ويدُل على ذلك أيضاً اقترانُها بالعِلْم، وأن وُسْعَ الرحمةِ كوُسْعِ العِلم. وهذا ظاهِرٌ في الإِرَادةِ.

- وأمَّا مَا يَتَعَيَّنُ فيه مَذْهبُ القاضِي فقولُهُ تعَاَلى: (هَذا رَحْمَةٌ مِن ربِّي) إشارةً إلى السَّدِّ، وهُو إحسانٌ مِنَ اللهِ تَعالى، لَا إِرَادَتُهُ القديمَةُ.

- وأما مَا يحتمِلُ الأَمْرَيْن، فهَذَا الموضِعُ، والذِي في فاتِحَةِ الكِتَابِ.

وَمَذهبُ الشَيْخ أقربُ منْ مذهبِ القَاضي؛ لأَن الرحمةَ التي وُضِعَ اللفْظُ بإِزَائِها حقيقة فيها هيَ رقة الطّبْع، ويلْزَمُهَا أمْران: الأَوَّلُ إرادةُ الإحْسانِ، والثاني الإحسانُ نفسُه؛ فهُمَا لازِمَان للرِّقَّةِ التي هي حقيقةُ اللفْظِ. والتَّعبيرُ بلفْظِ الملْزُوم عَنِ اللازم مجازٌ عُرْفيٌّ شائِعٌ، وإنْ شئْتَ جعلتَهُ مِنْ إطْلاقِ اسْمِ السبَبِ على الْمُسببَ، غيرَ أن إرادةَ الإحسانِ ألزَمُ للرِّقَةِ؛ فإِنَّ كلَّ مَن رحمتَهُ فأحسنتَ إليْه، فقدْ أرَدْتَ الإحسانَ إليه، وقد تريدُ الإحسانَ وتقْصُرُ قدرتُكَ عنه، فَثَبَتَ أن الإرادةَ أكثرُ لزوماً للرِّقَةِ، ومَتَى قَرُبَتِ العلاقةُ كانَ مجازُها أرْجَحَ".

والنص بطوله للقرافي في "فروقه"، وهو أيضا في "ترتيب الفروق واختصارها" للبقوري: 1/ 458 - 459.

3 -

الموطن الثالث، عند شرحه لبيت الشاطبي:

ومهما تصلها مع أواخر سورة

فلا تقفن الدهر فيها فتثقلا

"وقوْلُ الشاطبي: "ومهما": عَامَّةٌ، فَيَصِح فيهَا الابتداءُ والنَصبُ بفعْل يُفَسِّرُهُ "تَصِلْ"، والتَّقدير: وَأيُّ بسْملةٍ تصلُ "تَصِلْهَا"، والظَرْفيةُ بمعْنى: وَأَيّ وقتٍ تصلُ البسملةَ علَى القَوْلِ بجَوَازِ ظَرْفيَّتِهَا. وأما هُنَا فيتعَين كونُها ظرْفاً لـ "تصِل"، بتقْدير: "وأيّ وقْتٍ تَصِلُ بَراءَةَ". أوْ مفعولاً بهِ حُذِفَ عاملُه: أي "وَمَهْمَا تَفْعَلْ"، ويكوَن "تصل" و "بَدَأتَ" بَدَلَ تَفْصِيل من ذلكَ الفِعْل.

وأمَّا ضميرُ "تَصِلْهَا" فَلَكَ أَّنْ تُعيدَه على اسْم مضمرٍ قَبْلَه محذوف، أَيْ: ومهْمَا تفعل في تصلها، أوْ بَدَأْتَ بِهَا، وحَذَفَ "بِهَا". ولَمَّا خَفِيَ المعنى بحذفِ مرْجِعِ الضميرِ، ذَكَرَ بَرَاءَةَ بياناً له، إِمَّا على أنَّهَا بَدَلٌ منه، أوْ على إضمارِ "أعْني". وَلَكَ أن تعيدَه

ص: 220

على ما بعدَه وهو بَرَاءَة، إما علىِ أنَّه بدلٌ منه، مثل:"رأيتُه زيدًا"، فمفعولُ بدأتَ محذوفٌ، وإِمَّا على أنَّ الفعليْنِ تَنَازعَاهَا، فأُعْمِلَ الثاني منهُما، وأُضْمِرَ الفضلةُ في الأول على حَدَ قولِه:

إِذَا كُنْتَ تُرْضِيهِ ويُرْضِيكَ صَاحِب

جِهَارًا فكُنْ فِي الغَيْبِ أَحْفَظَ للْوُدِّ"

وهذه الفقرات مثبتة برمتها عند ابن هشام في "مغني اللبيب"، ولم يعزها البسيلي إليه.

4 -

الموطن الرابع: عند تعقبه للزمخشري في تفسيره معنى المحبة بالميل:

"كلام الزمخشري هنا لا يحل كتبه، فقد نبه عليه الفخر قائلا مع عياض في "الإكمال": "محبة العبد لله ليست بمعنى الميل، لاقتضائه ممالا إليه في جهة"؛ قلت: قولهما في جهة ممنوع".

والتعقب في أصله لابن عرفة، نص عليه في "مختصره الكلامي"، انظره في ن خ ع ك 1:103 و.

ب - مواطن ذكر فيها مظنة النقل، بعزوه إلى معين، ثم أظهر البحث أنه لغيره:

منها أنه نقل في موضع عن القرافي في "الفروق"، ثم عطف عليه نقلا يظهر بادي الرأي أنه تابع له؛ غير أني مع مزيد البحث لم أجده في الفروق، إلى أن عثرت عليه في "أحكام ابن العربي". وإليك كلامه:"قال: ولا يُقال للمريض: اللهم اجعل له بهذا المرض كفارةً؛ لأنّه تحصيل الحاصل، مع كونِه سوءَ أدبٍ".

قال: "وقال علماؤنا: هذه الآية تدُلُّ على القَوَدِ مْن شريك الأب -خلافاً لأبي حنيفة- ومِن شريكِ الخاطئ قد اكتسب القتلَ، وهما يقولان: اشتراكُ مَن لا يُقتَصُّ منه مع مَن يُقتص منه (شبهة) في درْء ما يدْرأ بالشبهة". فالنقل الأول عند القرافي في "الفروق"

ص: 221

(4/ 235). والثاني لابن العربي في "الأحكام"(1/ 264). ثم إن البسيلي رحمه الله لم يخلص النقل في الثاني، فسقطت كلمة "شبهة " من كل النسخ، ولا استقامة للمعنى بدونها.

- ومنها أنه أورد ما يلى: "وقال ابن مالك:

وَمِثْلُ خُطْوَةٍ وسِدْرَةٍ أتَتْ

في جَمْعِهَا لُغى ثَلَاث رُوِيَتْ"

ولم أُلفه في أنظام ابن مالك، وتبيَّنَ لي بعدُ أن الصحيح نسبتهُ لابن معط، أبى الحسين زين الدين الزواوي المغربي (ت 628 هـ): صاحب الألفية في النحو، المقصودة بقول ابن مالك "فائقة ألفية ابن معطي". والبيت فيها؛ انظر "الصفوة الصفية في شرح الدرة الألفية" لتقي الدين النيلي (1/ 154).

- ومنها أنه قد ينقل عن كتاب ما بواسطة، فيوقعه ذلك في الخطأ في العزو، مثاله أنه كثيرا ما يعول على السفاقسي في حكاية أقوال أبي حيان -كما تتبعته فيكتابه-، اعتمادا على كونه اختصارا له في الغالب، إلا أنه غفل عن كون كتاب المجيد، يحتوي أيضا إفادات العكبري في "التبيان"، كما صرح به السفاقسي في صدركتابه، عند قوله:"ولما كان كتاب أبي البقاء المسمى بالبيان في إعراب القرآن، كتابا قد عكف الناس عليه، ومالت نفوسهم إليه، جمعت ما بقي فيه من إعرابه مما لم يضمنه الشيخ في كتابه وضممت إليه من غيره ما ستقف عليه إن شاء الله تعالى". فتراه يحيل على كلام أبي حيان، فلا تجده في "البحر"، وتجده بحروفه في "التبيان"، مثاله عند تفسير قوله تعالى:(عِندَ بَيْتِكَ اَلْمُحَرم)، فقد قال:"يحتملُ كونه حالاً منَ النَّكِرَةِ الموصوفةِ. وذَكرَ أبو حيان وجهين: صفةٌ لـ "وادٍ"، أوْ بدل". ولم أجد الكلام في "البحر"، وهو بحروفه في "التبيان" للعكبري (2/ 69).

ج - أنه ربما يقول عقيب قول أو رأي: "فيه نظر"، ثم لا يفصح عن مراده وعن علة عدم ارتضائه، فينبهم على القارئ مقصود المؤلف بذلك:

فمنه قوله: "تكلّم الفخر هنا في الفرق بين القدر والقضاء بكلام فيه نَظر". وقد أغفل أن يبين لنا سبب توقفه في قبول كلام الفخر.

ص: 222

ثم إنه كثيرا ما يحيل القارئ على كلام العلماء في بعض كتبهم، فيحار أيَّ كلامهم المقصود؛ وقد وقعتُ في حيص بيص، حين أردت أحيانا أن أحدد بعض هاته النقول؛ خاصة عندما تطول فلا يكفي الاستدلال عليها بالآية موضوعِ النكتة، وتحتاج إلى إعمال النظر غير يسير حتى تستدل عليها بسياق الكلام. ويعضل الأمر حين يحيل على كتب غير مسماة أو نادرة، ويعتاص حين يصطاد الحوت في غير بحره، فيفيد نكتة تفسيرية من غير كتب التفسير.

فمن أمثلة ما طال فيه الكلام المحال عليه، فأغلق على القارئ تبين أيِّه المقصود، قوله عند قوله تعالى:(وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ): "انظرْ كلامَ الفخر، فإنه لا يتِمُّ؛ للفرق بين العزة القديمة التي هي صفةُ ذاتِه تعالى، والعزةِ الحادثة التي هي فعلُه. وقد قال الفقهاء في الحالف بعزة الله إن أرادَ الحادثةَ فلا كفارةَ". ولك أنْ تعود إلى كلام الفخر على الآية، لتتحقّق ما قلتُه.

وقد يحيل على تفاسير ابن عطية والزمخشري والفخر وأبي حيان، فيكون الوقوف على مراده أيسر، لأن هذه المظان أعرف، بيد أن ذلك يشتد على المتفحصِ حين يحيل على كتب نادرة لا يسمِّيها، مثلما فعل عند قوله تعالى:(وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنسِيَ خَلْقَهُ)، عند قوله -من كلام طويل-: "واستدل المالكية على أن العظام من أجزاء كل حيوان تابع للحمه؛ فمتى حكمنا للحم بالطهارة حكمنا بذلك للعظم، لأنه مما تحله الحياة، لقوله تعالى:(قُلْ يُحْيِيهَا الذِي أنشَأَهَا أَولَ مَرة).

والظاهر إضافة الحياة إلى نفس العظام، لكن في الآية (قُلْ يُحْييهَا الذِي أَنشَأَهَا)، فأضاف الإحياء إلى الدار الآخرة، والإنشاء إلى الدنيا،

ص: 223

والإنشاء تركيب لا إحياء، لكن اجتمعت الأمة على أن العودة في حلول الحياة كالبَدْأَة، فيكون معنى إنشائها هاهنا إحياؤها

انتهى من ابن بشير، وانظر ابن عبد السلام". فقد أحال البسيلي هنا على ابن عبد السلام الهواري، ويغلب على ظني أنه يقصد من كتبه "شرح المختصر الفقهي" لابن الحاجب، وهو مخطوط تفرقت أجزاؤه في الخزائن، وقد حاولت أن أقع على موضع النقل في ما وصلت إليه يدي من أجزائه فلم أوفق. وشبيه بما مرّ قوله عند قوله تعالى؛ (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا): "أبو حيان: لا يجوز أن تقول "ما ضربت إلا ضربا" لعدم الفائدة. ثم ذكر الجواب من ثلاثة أوجه، انظرها في ابن عرفة. فقول المؤلف هنا "انظرها في ابن عرفة" مشكل.

وأظن أن البسيلي كان يحيل بدقة وتحديد على المصادر التي كانت ماثلة بين يديه، -وهو أمر لا تخطئه العين-، فيما كان يكتفي بمجرد الإرشاد إلى تلك التي لم تبلغها يده، دون تحديد موضع النقل، مثال الأول، قوله:"انظر "سراج المريدين" لابن العربي في الاسم الثامن والتسعين"؛ أو قوله: "انظر "سراج المريدين" في اسم "العابد""؛ أو قوله: "انظر "سراج المريدين" لابن العربي في الاسم 28". ومثال الثاني، قوله:"انظر مقدمات ابن رشد".

د - أنه قد يطيل في بعض النقول، إطالة تدعوه إلى الاعتذار:

فقد نقل مرة عن التفتازاني في "شرح تلخيص المفتاح"، نصا يتعقب فيه كلام صاحب الأصل، فأحس بالإطناب، فنقل أيضا عبارة التفتازاني في الاعتذار عن الإطالة:"قال: وإنما أطنبت الكلام في هذا المقام، لأنه من مسارح الأنظار، ومطارح الأفكار، فكم من زلت فيه بالأفاضل أقدامهم، وكلت دون الوصول إلى الحق أفهامهم". ومثل هذه الإطالة واقعة أيضا عند تفسير الهم في قوله تعالى: (وَلَقَدْ

ص: 224

هَمَّتْ بهِ)، حيث شغل نص منقول، قرابة صفحات ثلاث من الأصل المخطوط.

هـ - أنه قد يوهِّم غيره فيما أنه هو الواهم:

مثاله أنه عدّ قول أبي عمران في "النظائر": "لا يُستكشف شهودُ السرقة" غلطا؛ وقال: "وشرطُه اتحادهم في زمن الأداء كشهود الزنا، غلطٌ منه أيضا".

والحق أن البسيلي هو الذي التبس عليه كلام أبي عمران، وإلا فمحصَّل كلامه وجوب استكشاف شهود السرقة، إلا أن يكونوا من أهل العلم، الانتباه، فلا يسئلوا؛ وهاك نصَّ كلام أبي عمران بتفصيل:

"أربع مسائل يكشف فيها عن شهادة الشهود، من ذلك: الشهود على الزنا والسرقة، فلا بد أن يسئلوا عن صفة الزنا والسرقة كم هي وإخراجها من الحرز. وكذلك يكشف عن الشهود إذا شهدوا على الدابة: هل علموا أنه باعها أو لم يعلموا. وإذا شهدوا على معتَق أنه مولى لفلان، فإنهم يسألوا (كذا) من أعتقه؟، فإن منعوا أن يسألوا أو يكشفوا فشهادتهم داحضة؛ فإن غابوا قبل السؤال فإنه يكشف عن شهادتهم؛ وإن كانوا من أهل العلم والانتباه فلا يسألون، وإلا فلا يحكم بشهادتهم حتى يسألوا".

و أنه لا يراعي باطراد ترتيب الآي في التنبيهات والنكت، فيقدم في بعض الأحيان، بعض الآيات على بعض.

ص: 225