الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ينتقد تفسيرا للآية، فيستشهد على ما يخالفه بنص قرآني، كقوله عند قوله تعالى:(فَأَوجَسَ في نَفْسِهِ خِيفَةً): "قولُ ابنِ عطية: أضمر في نفسِه خيفةً، أعني أَدْركَ خيفة". صوابُهُ: تَصَوَّرَها في ذهنِه لَا أدْركَها؛ لقولهِ تعالى: (إِنّي لَا يخَافُ لَدَيَّ المُرْسَلُونَ) ".
وهو حين يقرر قاعدة نحوية، يطلب لها شاهدا قرآنيا، كما في قوله:"لَوْ" إنما تِدخلُ على ما يُتوهم إخراجُه مما قبله، حسبما قاله النحويون
…
في قولِه تعالى: (وَمَا أنتَ بِمُومِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقينَ).
وقد يوضّح فرقا لغويا، فينتصر له بالتعبير القرآني، كما فعل عند تفريقه بين الإفك والكذب، حيث قال في قوله سبحانه:(إِفْكٌ): "الإفْكُ ما خالفَ العلْمَ الضروريَّ، والكذِبُ ما خالفَ النَّظريَّ؛ ولِذا قالَ: (إِنَّ الذينَ جاءوا بالإفْكِ) ولَمْ يقلْ "بالكذِبِ".
وأحيانا يورد الآية للاستدلال بها على حكم فقهي، كقوله:"قلت: واستدل المالكية على أن العظام من أجزاء كل حيوان تابع للحمه؛ فمتى حكمنا للحم بالطهارة حكمنا بذلك للعظم، لأنه مما تحله الحياة، لقوله تعالى: (قُلْ يُحْيِيهَا الذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَةٍ) ".
2 - إيراده للقراءات القرآنية:
لم يقتصر جهد البسيلي على نقل القراءات كزوامل الأسفار، ولا التكثر بها، بل وظفها أحسن توظيف، وتمثلها في تفسيره أحسن تمثل، واعتبرها من أعون الوسائل
على فهم معاني كتاب الله، باعتبارها وجوها دلالية أغنت المعنى، ويسرت القرآن للذكر. وأول ما يناسب ذكره هنا أنه يقدم القراءة المتواترة أبدا، دون أن يمنعه ذلك من إيراد الشاذ، ناصّا عليه، ذاكرا إياه بذَيْل الأول.
وغالبا ما يوردُ القراءة للاحتجاج بها على وجْهٍ نحوي، أو لتوجيهها؛ وهذه أمثلة من ذلك:
- المثال الأول: قوله: "إن العامل إذا أُضْمِر ضغف عملُه، وإذا تقدّم معمولُه عليه ضعف عملُه أيضا، تقول: "لزيد ضربت"، ولا يجوز: "ضربت لزيد" إلا في ضرورة، وتقول: "ضربت زيدا"، فإنْ قدمْتَ "زيدا" جاز رفعُه على الابتداء لضعف عاملِه بتأخيره عنه؛ ومنه: (وَكلٌّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى) على قراءة ابن عامر".
- المثال الثاني: قوله عند آية: (وَمَا ظَنُّ الذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ اِلْكَذِبَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ): "أبو حيان: العاملُ في "يَومَ" "ظنُّ" المصدرُ، على قراءةِ الجمهور بالرفع. وأَما على قراءةِ " ظنَّ": ماضيا هو بمعنى "يظن" لعملِه في المستقبل. ع: "وعلى القراءتين لا يصحُّ عملُه في "يوم"؛ لأن يوم القيامة لا ظنَّ فيه، إنما فيه اليقينُ، بل العامل محذوفٌ تقديرُه على قراءةِ الجمهور: ما حالُهم يوم القيامة؟، وعلى القراءة الشاذة: ما جزاؤُهم؟ ".
- المثال الثالث: قوله عند قوله تعالى: (مَا هَذَا بَشَرًا): "وقراءَ ةُ الجمهُورِ على لغةِ أهْلِ الحجازِ في عَمَلِ "مَا". وقراءةُ ابنِ مسْعودٍ برفْعِ (بشرًا) على لُغَةِ بني تميم".
وقد يؤيد وجها نحويا بقراءة؛ فمنه ترجيجه أن معنى "مثل" في قوله تعالى: (مَّثَلُ الْجَنَّةِ)، أي "صفة" -وفاقا لأبي حيان-، لا "شبه"، كما قال الفارسي، محتجا لذلك بأن قراءة "أمثال" تؤيد أنه بمعنى صفة؛ لأن "شبه" مصدر، وهو لا يثنى ولا يجمع.
وهو لا يمانع أن يفاضل بين القراءات أيها أبلغ، كقوله عند قوله تعالى:(قَالَ رَبِّ اِلسِّجْنُ): "قرأَ يعقوبُ بفتحِ السِّينِ على أنّه مصْدرٌ، وقراءَةُ الجماعةِ بكسْرها أدْخَلُ في الشِّدَّةِ؛ لأنَّه اسْمُ مفعول يدُل على قبْحِ المكانِ المُعَدِّ لذلك".
وقد يوجه القراءة على مقتضى الاختلاف، كقوله في (خَيْرٌ):"هو على قراءة الغيبة في (يَجْمَعُون) فَعْلٌ، وعلى قراءة الخطاب فيه أَفْعَل. وقوله في: (نُدْخِلْهُ): "قول الزمخشري: "هو على قراءة الغَيْبة التفاتٌ"، هو على مذهب السكّاكي في مثل هذا؛ لأن المعنى " تلك حدودُنا، ومنْ يطعْنا"؛ وخالَفَه غيرُه. وأمّا على قراءة التكلُّم، فكونُه التفاتاً بَيِّن".
ومما يميز تعامل المؤلف مع القراءات، أنه يحاذي قصيد الشاطبي، ويتتبع بعض مشكلاته، ويتعهده مرارا بالتفسير، وهذه أمثلة من ذلك:
- المثال الأول: قوله عند قوله تعالى: (وَلِتَسْتَبِينَ): "قول الشاطبي:
.................................. يَسْتَبِينَ صُحْبَةٌ ذَكَّرُوا وِلا
مشكل؛ لأن ضد التذكير التأنيث، لكنْ نافعٌ من الباقين قرأ بتاء الخطاب ونصب (سَبيلَ) وغيره بتاء التأنيت، ورفع (سبيل). وجواب هذا الإشكال، أن الشاطبي اعتبرَ اللفظ، وهو واحد في الخطاب والتأنيث. وجواب آخر، وهو أن يكون المعنى:"ولتستبين أمتك"، والتاء للتأنيث".
- المثال الثاني: قوله عند قوله جل وعز: (أَرْجِهِ): "قول الشاطبي:
وَعَى نَفَرٌ أَرْجِئْهُ بِالْهَمْزِ سَاكناً .............................