المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول"في تعريف أصول الفقه بسيطا ومركباوبيان موضوعه وعلته غايته - نهاية الوصول في دراية الأصول - جـ ١

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الأول"في تعريف أصول الفقه بسيطا ومركباوبيان موضوعه وعلته غايته

- ‌الفصل الثانيفي تعريف ما يحتاج إليه أصول الفقه من الألفاظ

- ‌الفصل الثالثفي الحكم الشرعي

- ‌النوع الأولالكلام في اللغاتوفيه فصول

- ‌الفصل الأول:في حد الكلام والكلمة وأقسامها

- ‌الفصل الثانيفي البحث عن مبدأ اللغات

- ‌الفصل الثالثفي العلة الغائية لوضع الألفاظ للمعاني وسبب اختيارها على غيرها من الطرق

- ‌الفصل الرابعفي الطريق الذي به يعرف كون اللفظ موضوعا للمعنى

- ‌الفصل الخامس"في بيان أنه لا يجب أن يكون لكل معنى لفظوالمعاني التي تدل عليها الألفاظ

- ‌المسألة الأولى[لا يجب أن يكون لكل معنى لفظ]

- ‌المسألة الثانيةفي المعنى الذي يدل عليه اللفظ قبل اللفظ

- ‌المسألة الثالثةفي أن اللفظ المتداول المشهور بين الخواص والعوام، إنما يدل على المعنى المشهور فيما بينهما

- ‌الفصل السادسفي تقسيم دلالة الألفاظ المفردة بحسب المطابقة

- ‌التقسيم الثالث:اللفظ إما أن يكون واحدا أو كثيرا

- ‌التقسيم الخامس:مدلول اللفظ إما أن يكون لفظا، وإما أن يكون غيره

- ‌الفصل السابعفي تقسيم اللفظ المركب بحسب المطابقة

- ‌الفصل الثامنفي تقسيم دلالة التضمن والالتزام

- ‌الفصل التاسعفي الأسماء المشتقة

- ‌المسألة الأولىفي حد المشتق

- ‌المسألة الثانية[لا يصدق المشتق بدون المشتق منه]

- ‌المسألة الثالثةفي أن بقاء ما منه الاشتقاق، هل هو شرط في إطلاق اسم المشتق بطريق الحقيقة أم لا

- ‌المسألة الرابعةالمعنى القائم بالشيء إذا كان له اسم يمكن الاشتقاق منه، فهل يجب أن يشتق لمحله اسم أم لا

- ‌المسألة الخامسةفي أن القياس، هل هو جار في اللغات، أم لا

- ‌الفصل العاشرفي الترادف والتوكيد

- ‌المسألة الأولىفي تعريف الألفاظ المترادفة

- ‌المسألة الثانيةفي وقوع الترادف

- ‌المسألة الثالثةفي أنه هل يصح "صحة" إقامة كل واحد من المترادفين مقام الآخر

- ‌المسألة الرابعةفي التأكيد

- ‌المسألة الخامسةفي الفرق بين المترادف والتأكيد وبينهما وبين التابع

- ‌المسألة السادسة[في حكم التأكيد في الكلام]

- ‌الفصل الحادي عشرفي الاشتراك

- ‌المسألة الأولىفي حد اللفظ المشترك

- ‌المسألة الثانيةحكم اللفظ المشترك

- ‌المسألة الثالثةفي أقسام اللفظ المشترك

- ‌المسألة الرابعةفي السبب الذي به يعرف كون اللفظ مشتركا

- ‌المسألة الخامسة[في وقوع المشترك في كلام الله ورسوله]

- ‌المسألة السادسةفي أن الأصل عدم الاشتراك

- ‌المسألة السابعةفي أن اللفظ المشترك المفرد المثبت، إذا صدر عن متكلم واحد مرة واحدة مجردة عن القرائن. هل يجوز حمله على جميع معانيه بطريقة الحقيقة أم لا

- ‌المسألة الثامنة[في اللفظ المشترك إذا لم توجد معه قرينة يكون مجملا]

- ‌الفصل الثاني عشرفي الحقيقة

- ‌المسألة الأولىفي تفسير الحقيقة بحسب اللغة

- ‌المسألة الثانيةفي حد الحقيقة بحسب اصطلاح العلماء

- ‌المسألة الثالثةفي إثبات الحقيقة اللغوية والعرفية

- ‌المسألة الرابعةفي الحقيقة الشرعية

الفصل: ‌الفصل الأول"في تعريف أصول الفقه بسيطا ومركباوبيان موضوعه وعلته غايته

"‌

‌الفصل الأول"

في تعريف أصول الفقه بسيطا ومركبا

وبيان موضوعه وعلته غايته

ص: 13

الفصل الأول

في تعريف أصول الفقه بسيطا ومركبا وبيان موضوعه وعلة غايته

فإن عند الشعور بها تنبعث الخواطر على الطلب، أما بسائطه فثلاثة الأصل، والفقه، وهيئة التركيب التي هي الإضافة، ونقدم تعريف الفقه لأن المضاف يكتسي من المضاف إليه تعريفا. فنقول:

الفقه في اللغة: عبارة عن الفهم، قال الله تعالى حكاية عن الكفار {ما نفقه كثيرا مما تقول} أي: لا نفهم، ومنه قول الشاعر:

أرسلت فيها قرما ذا إقحام .... طبا فقيها بذوات الإبلام

ص: 15

وصف القرم بالفقه لكونه فاهما، ومنه سمي الشاعر فقيها في الجاهلية لفهمه المعاني الخفية.

وأما من فسره بأنه عبارة عن فهم غرض المتكلم. فقد زاد قيدا غير معتبر في مفهومه، يدل عليه ما أنشدناه من الشعر، وقوله تعالى:{ولكن لا تفقهون تسبيحهم} لأنه نفى عنهم فقه تسبيحهم، وتسبيحهم ليس بالكلام على ما هو مذهب المحققين.

ص: 16

وهو الحق الذي لا يسوغ غيره، إذ لو جوزنا ذلك لأدى إلى السفسطة، فلو كان الفقه عبارة عن فهم غرض المتكلم لم يكن في نفي الفقه عنه منقصة ولا تعيير، لأنه غير متصور لعدم بيانه الكلام.

وقولهم: فلان يفقه الخير والشر وإن لم يكن ذلك بالكلام، ولأن الفهم أعم من فهم غرض المتكلم، فكان الحاجة إليه أكثر وكان جعل اللفظ حقيقة فيه أولى.

ومنهم من قال: إنه عبارة عن الفهم والعلم، فإن أراد به أنه حقيقة فيهما فهو باطل، إذ الاشتراك خلاف الأصل، وإن زعم أنهما مترادفان فهو أيضا: باطل، إذ الفهم غير العلم، لأنه شرطه، والشرط غير المشروط.

بل هو عبارة عن جودة الذهن لقبول ما يرد عليه من

ص: 17

المطالب. وأما العلم فستعرفه إن شاء الله تعالى.

وأما في الاصطلاح: فهو عبارة عن العلم بجملة من الأحكام الشرعية الثابتة لأفعال المكلفين إذا حصل بالنظر والاستدلال على أعيانها.

وإنما فسرنا الفقه بالعلم مع أنه من باب الظنون، لأنه الأحكام معلومة بعد ظن طرائقها. فهو علم بهذا الاعتبار، وظن باعتبار الطريق.

ص: 18

بيانه [أنه] إذا غلب على ظن المجتهد تحقق مناط الوجوب مثلا في صورة، فإنه يقطع بوجوب العلم بمقتضاه، وإن كان كون ذلك الوصف مناطا للوجوب مظنونا، وكونه متحققا في تلك الصورة شرائطه وعدم موانعه كذلك. فالحكم معلوم والظن وقع في طريقه.

وأما / (4/أ) قول من يقول: إن العلم وقع احترازا عن ظن الأحكام، فإنه وإن تجوز بإطلاق اسم الفقه عليه في العرف العامي فليس فقها في العرف العامي فليس فقها في العرف اللغوي والأصولي ممنوع، وهذا لأن الفقه في اللغة، هو الفهم على ما دللنا عليه وساعدنا هذا القائل عليه وهو في المعلوم والمظنون على السواء فوجب أن يكون حقيقة فيهما، وكذلك في العرف الأصولي إذ لا دليل يدل على أن إطلاق اسم الفقه على الأحكام المظنونة بطريق التجوز بالنسبة إلى اصطلاحهم، وما لا دليل عليه وجب أن لا يثبت، فيكف ما دل الدليل عليه نفيه، إذ المجاز خلاف الأصل لاسيما الشائع الذائع الذي يلزم منه تكثيره.

وقولهم: الفقه عبارة عن العلم بالأحكام، لا يدل عليه لما ذكرنا أن الأحكام معلومة باعتبار وجوب العمل.

ص: 19

وقولنا: بجملة من الأحكام: احترزنا به من العلم بحكم أو حكمين فإنه لا يسمى فقها في اصطلاح الأصول، بدليل أنه لا يسمي صاحبه فقيها.

وقولنا: بجملة من الأحكام خير من قول: القائل: هو العلم بالأحكام، لأن ذلك مشعر بالعموم وهو ليس بشرط، وإلا لوجب أن لا يكون أحد من المجتهدين فقيها، فإن العلم بجميع الأحكام غير حاصل لأحد منهم.

واحترزنا: بالشرعية عن الأحكام العقلية والحسية كالتماثل والاختلاف.

واحترزنا: بقولنا: الثابتة لأفعال المكلفين: عن الأحكام الشرعية العلمية لكون الإجماع والقياس حجة.

واحترزنا: بقولنا: إذا حصل بالنظر والاستدلال: عما يعلم من الأحكام بالضرورة كعلم جبريل والنبي يتلقى الوحي، وعلمنا بوجوب الصلاة والصوم.

واحترزنا: بقولنا: على أعيانها عن العلم المستفتي فإنه إذا استدل على أن ما أفتى به المفتي فهو حكم الله في حقه بالطريق المشهور، وهو أن هذا ما أفتى به المفتي وكل ما أفتى به المفتي فهو حكم الله في حقي فيلزم أن يكون هذا حكم في حقي، فإنه وإن كان عالما بجملة من الأحكام الشرعية العملية

ص: 20

التي عرفت بالنظر والاستدلال لكن لا يسمى فقها في اصطلاح الأصول، لأنه غير مستدل على عينه، ولذلك لا يسمى العامي المستفتى فقيها وإن كان عارفا بجملة من الأحكام، وأما إذا لم يستدل عليه أصلا فلا حاجة إلى إخراجه بهذا القيد، لأنه خرج بقيد العلم، فإن ذلك لا يسمى علما بل تقليدا.

وأما الأصل فهو في اللغة: ما منه الشيء، لأنه/ (4/ب)

ص: 21

معنى عام في موارد استعماله، إذ يقال للأب أصل الولد، وللشجر أصل الثمر، وللعنب أصل الخمر. وغير ذلك من صور الاستعمال. فوجب جعله حقيقة فيه دفعا للاشتراك والمجاز.

لا يقال: ما ذكرتم، وإن كان معنى عاما في موارد استعماله لكن أيضا: فيها معنى آخر، وهو كون الشيء محتاجا إليه فلم لا يجوز حقيقة فيه؟ لأنا نقول: لو كان حقيقة فيه: لا طرد حيث وجد هذا المعنى لوجوب اطراد الحقيقة على ما سيأتي تقريره إن شاء الله تعالى، لكنه غير مطرد إذ لا يقال للنفقة والكسوة والأواني والبيوت أصول.

فإن قلت: لا نسلم وجوب اطراد الحقيقة، وهذا لأن الحقيقة قد لا تطرد كالقارورة فإنها فاعولة عن القرار مع إنها لا تطلق على الخوابي [و] سائر الأواني، وكذا لا يطلق الجواد والفاضل والدليل مطلقا على الله تعالى

ص: 22

وإن كان حقيقة في فاعل الدلالة مع تحقيق معانيها اللغوية فيه تعالى.

قلت: نعم لكن المانع. إما شرعي كما في أسامي الله تعالى، فإنه توقيفية وبتقدير كونها قياسية، فإنها يجوز إطلاق مالا يوهم الباطل وهذه الألفاظ ليست كذلك.

أو لغوي كما في القارورة فإن أهل اللغة منعوا من استعماله في غير معناها المعروف، أما حيث لا مانع فإنه يجب الاطراد للاستقراء وتمامه سيأتي إن شاء الله تعالى.

فإن أحالوا عدم الاطراد فيما نحن فيه إلى المانع كي لا يدل عدم الإطلاق على أنه ليس بحقيقة فيه كان جعل ما ذكرنا من المعنى العام مسمى اللفظ أولى مما ذكروه لعدم التعارض.

ص: 23

وأما هيئة التركيب: التي هي الإضافة فهي تفيد اختصاص معنى المضاف بمعنى المضاف إليه، وإنما جعلنا الاختصاص مدلولها دون الملك، كي لا يلزم الاشتراك أو المجاز، إذ هي مستعملة في الاختصاص أيضا كما في قولهم: "جل الفرس وإذا عرفته بحسب الإفراد، فاعرفه الآن بحسب المجموع.

فنقول أصول الفقه: مجموع أدلة الفقه على سبيل الإجمال وكيفية دلالتها على الأحكام وكيفية الحال المستدل بها.

فقولنا: مجموع أدلة الفقه: احترزنا به عن النوع الواحد فإنه وإن كان من أصول الفقه لكنه ليس أصول الفقه فإن بعض الشيء لا يكون نفسه.

ص: 24

وقولنا: أدلة الفقه: لا نعني بها ما يفيد القطع، كما هو في عرف طائفة، بل نعني بها ما يفيد القطع أو الظن ليتناول/ (5/أ) جميع مداركه.

واحترزنا بقولنا: على سبيل الإجمال: عن علم الخلاف، فإنه وإن بحث فيه عن أدلة الفقه وعن كيفية دلالتها على الأحكام لكن على سبيل التفصيل.

وأما في أصول الفقه فلا يبحث فيه إلا عن كون تلك الأدلة دون وجودها ودلالتها على المسائل الفرعية.

وقولنا: وكيفية دلالتها على الأحكام: أردنا به الشرائط التي بها يصح الاستدلال بتلك الأدلة كالاستدلال بعموم اللفظ إنما يصح بشرط عدم المخصص، وبالحقيقة يشترط عدم قرينة صارفة عن مدلولها.

وقولنا: وكيفية حال المستدل بها: أردنا به أن الذي يدل به حكم الله تعالى إن كان عالما وجب عليها الاجتهاد ويذكر فيه شرائط الاجتهاد وما به يكمل، وإن كان عاميا وجب عليه الاستفتاء ويذكر فيه شرائطه، وممن يستفتى عند اجتماع المجتهدين.

ص: 25

[موضوع علم أصول الفقه]

وأما موضوعه: فاعلم أن موضوع كل علم لا يبحث فيه عن أعراضه الذاتية كأفعال المكلفين للفقه من حيث إنها تجوز أو لا تجوز، أو تجب أو لا تجب، والوجود للعلم الإلهي وبدن الإنسان من حيث إنه يصح ويمرض للطب، والمقدار للهندسة، والمراد من الأعراض الذاتية: هو ما يلحق الشيء لما هو هو أو لمساوي له أو لأعم ذاتي له، فأما ما يلحق الشيء لأعم خارجي أو أخص فهو العرض القريب، فموضوع أصول الفقه هو أحوال الأدلة الموصولة إلى الأحكام الشرعية، من يحث إنها أدلة ومن حيث منطوقها ومفهومها وعمومها وخصوصها ومجملها ومبينها وغيرها من الأحوال العارضة للفظ واختلاف مراتبها وأقسامها وكيفية استثمار الأحكام منها على الوجه كله.

ص: 26

وأما علته الغائبة فهي معرفة الأحكام الشرعية التي بها انتظام المصالح الدينية والدنيوية كما عرفته من قبل.

ص: 27

"الفصل الثاني"

في تعريف ما يحتاج إليه أصول الفقه من الألفاظ

ص: 29