الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الرابعة
المعنى القائم بالشيء إذا كان له اسم يمكن الاشتقاق منه، فهل يجب أن يشتق لمحله اسم أم لا
؟
ذهب أصحابنا: إلى أن ذلك واجب.
وقالت المعتزلة: أنه غير واجب، إذا قالوا: إن الله تعالى تكلم بكلام يخلقه غير غيره ولا يحب أن يقال كذلك الغير متكلم بذلك الكلام، بل ربما لا يجوزونه، لأن ذلك الكلام عندهم كلام الله تعالى، فلا يجوز أن يوصف به غيره.
واحتج أصحابنا: بأنه لا معنى للمشتق إلا أنه ذات قام به المشتق منه فأي ذات حصل فيه المشتق منه وجب أن يصدق عليه المشتق كسائر الأسماء المتواطئة.
واحتجت المعتزلة: بأن القتل والجرح كل واحد منها قائم بالمقتول والمجروح مع أنه لا يسمى قاتلا ولا جارحا.
قال الأصحاب: لا نسلم أنهما قائمان بالمقتول والمجروح، بل بالقاتل والجارح، وهذا لأن القتل والجرح عبارة عن تأثير القادر في المقتول والمجروح وهو حكم حاصل للفاعل لا المفعول.
أجابت المعتزلة: بأن التأثير عين الأثر وإلا فإن كان قديما، فإن لم يتخلف الأثر عنه لزم من قدمه قدم الأثر، وإن تخلف لزم تقدم النسبة
على المنتسبين، وإن كان حادثا افتقر في حدوثه إلى تأثير والكلام فيه كالكلام في الأول ولزم التسلسل. وهو ممتنع.
قال الأصحاب: إن العلم الضروري حاصل بأن التأثير غير الأثر، إذ الأثر ينقسم إلى الجوهر والجسم والعرض، والتأثير غير منقسم إليها/ (26/ب)، ولأن التأثير من الأمور النسبية، والأثر ليس كذلك، ولأنا نعلل الأثر بالتأثير.
والعلة غير المعلول، ولأن التأثير من الأمور القائمة بالغير، والأثر قد لا يكون كذلك، ولأن التأثير من الأمور الاعتبارية على ما تقرر ذلك في علم آخر، والأثر ليس كذلك، وعند هذا يظهر أن ما ذكروه من التسلسل فهو غير ممتنع، إذ التسلسل في الأمور الاعتبارية غير ممتنع، فإن الواحد نصف الاثنين وثلث الثلاث، وربع الأربع وهلم جرا إلى ما لا نهاية له من الأعداد.
تنبيه:
المشتق لا دلالة له على خصوصية الذات، لا بطريق المطابقة ولا بطريق التضمن، لما عرفت أنه لا معنى له إلا أنه ذات قام به المشتق منه، فإن دل على خصوصية كونه جسما أو حيوانا أو غيره فإنما يدل عليه بطريق الالتزام.