الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الثاني: فلأن الحق في اللغة: هو الثابت، ثم نقل منه إلى الاعتقاد المطابق تجوزا، لأنه ليس بثابت حقيقة، إذ هو من قبيل الأعراض.
ووجه التجوز هو: أنه جدير بالوجود من الاعتقاد غير المطابق ثم نقل منه إلى القول المطابق لما سبق، ثم منه إلى اللفظ المستعمل في موضوعه الأصلي، لأن فيه تحقيق ذلك الوضع فهو مجاز في الرتبة الثالثة.
المسألة الثالثة
في إثبات الحقيقة اللغوية والعرفية
(40/أ)
أما الأول: فمتفق عليه، ولا نزاع لأحد فيه. وأيضا لا شك في وجود ألفاظ مستعملة في معان، فتلك الألفاظ عن كانت موضوعة لتلك المعاني فقد حصل الغرض. وإن لم تكن كذلك فيلزم أن تكون مجازات فيها، إذ ليست أعلاما لها، لكن ذلك باطل. لأن شرط المجاز حصول المناسبة الخاصة بين الموضوع الأصلي وبين المعنى المجازي، ولا يمكن جعل
اللفظ مجازا في صورة، إلا بعد العلم بتلك المناسبة الخاصة، وحصول ذلك العلم مشروط بالعلم بالموضوع الأصلي ولما لم يعلم لتلك الألفاظ موضوعات أخر أصلية لما يكن جعلها مجازات في تلك الصور المستعملة.
وأما الثاني: فاعلم أولا: أن اللفظة العرفية: هي الفظة التي نقلت عن موضوعها الأصلي إلى غيره بعرف الاستعمال.
وهي منقسمة إلى خاصة، وعامة بحسب الناقلين، فإن كان الناقل طائفة مخصوصة سميت خاصة وإن كان عامة الخلائق، سميت عامة.
أما الخاصة: فلا نزاع في وقوعها، إذ هو معدوم بالضرورة بعد الاستقراء، مثل الألفاظ المستعملة في اصطلاح أرباب العلوم والصنائع، في معانيها المخصوصة التي لا يعرفه أرباب اللغة.
وإنما النزاع في وقوع العرفية العامة، والأكثرون على وقوعها. وهي على قسمين:-
أحدهما: أن يكون الاسم قد وضع لمعنى عام، ثم يخصص بالعرف
العام ببعض أنواعه كلفظ "الدابة" بذوات الأربعة دون غيرها مما يدب على وجه الأرض، كالإنسان والطير مع أنه في أصل اللغة موضوع لكل ما يدب على وجه الأرض.
وثانيها: أن يكون الاسم في أصل اللغة، قد وضع لمعنى ثم كثر استعماله فيما له به نوع مناسبة وملابسة، بحيث لا يفهم المعنى الأول: كإطلاق "الغائط" على الخارج المستقذر من الإنسان، فإنه في الأصل موضوع للمطمئن من الأرض، الذي قضي فيه الحاجة غالبا فكنوا عنه الأصل باسم محله لنفرة الطباع عن التصريح به.
وكالرواية بالنسبة إلى المزادة، فإنها في الأصل موضوعة للناقة التي تحملها لكن في العرف لا يفهم منها إلا المزادة ولكثرة الاستعمال فيها. وأما على غير هذين الوجهين، فلم يعلم وقوعها.
ثم الدليل على أن هذه الألفاظ حقائق في هذه المعاني، وجود أمارات الحقائق فيها، نحو التبادر إلى الفهم، عند إطلاقها وعدم صحة نفيها عنها بالنسبة إلى العرف العام "وظاهر أنها ليست حقائق لغوية وشرعية