الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع
في الطريق الذي به يعرف كون اللفظ موضوعا للمعنى
فنقول: الطريق إليه: إما النقل، أو المركب منه ومن العقل، إذ لا سبيل للعقل وحده إليه.
وأما النقل: فهو إما آحاد، أو تواتر. والآحاد لا يفيد إلا الظن.
وأما التواتر فهو يفيد العلم، إما الضروري، أو النظري على اختلاف فيه.
وأما المركب منهما: فهو يفيد الظن مهما كان شيء من مقدماته ظنيا، والقطع إذا لم يكن شيء من مقدماته ظنيا بل كله قطعيا.
مثال المركب: إنا إذا عرفنا أنهم جوزوا الاستثناء عن صيغ الجموع المعروفة بالألف واللام. وعرفنا أيضا أن الاستثناء من الكلام ما لولاه لدخل فيه.
كلاهما بالنقل، فيعلم بالعقل هاتين المقدمتين أن صيغة الجمع للعموم.
وقد قدح في كل واحد من هذه الطرق الثلاثة، أما في التواتر: فبسبب كثرة الاختلاف الواقع في أكثر الألفاظ دورانا على الألسن كلفظة الله، فإنه اختلف فيه في أنه هل هو عربي؟ أو غير عربي، وبتقدير كونه عربيا، وهل هو موضوع/ (15/أ) أو مشتق؟ وبتقدير كونه موضوعا هل هو اسم علم أو اسم جنس؟ وبتقدير كونه مشتقا، اختلفوا مما اشتق منه اختلافا كثيرا، ولو كانت اللغات متواترة لما كان ذلك، وأما الآحاد فهي لا تفيد إلا الظن إن سلمت عن
الجرح والقدح وهي غير "مسلم في رواه" اللغة لما عرف من قدح بعضهم بعضا، وبتقدير سلامته عن ذلك وجب أن لا يقطع لشيء من مدلولات الكتاب والسنة وهو خلاف الإجماع. وأما الثالث: فهو نادر جدا فلا يعول عليه في معرفة الوضع في عامة اللغات.
ولئن سلمنا: أنه غير نادر فهو إنما يفيد اليقين أن لو عرف أن واضع تينك المقدمتين هو الله تعالى لعدم جواز التناقض عليه، وأما بتقدير أن يكون الواضع هو العبد لا يأمن التناقض عليه، فجاز أن يضع إحدى المقدمتين بحيث تناقض الأخرى فلا تفيد المطلوب فضلا عن أن يكون ذلك يقينا لكن قد ذكرنا أن ذلك غير معلوم.
وجوابه: أن دلالة المتداول من اللغات كالسماء والأرض والماء والطعام على مدلولاتها قاطعة معلومة بالتواتر وقد حكم فيه، لو سلم سلامته عن القدح يجرى مجرى قدح السوفسطائية في المحسوسات فكما أن ذلك لا يستحق
الجواب وكذا ما ذكرتموه. وأما غير المتداول منها فهو مظنون الدلالة ولا يثبت له من الأحكام إلا ما هو مظنون ويثبت وجوب العمل به، إما بالإجماع الذي يثبت حجيته بالنصوص المتواترة الواردة بالألفاظ المتداولة المقطوعة الدلالة أو بالنصوص الدالة على وجوب العمل بالمظنون الواردة باللألفاظ المتداولة كقوله عليه السلام:"نحن نحكم بالظاهر"، "وأقضى بالظاهر"
"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" وما يجرى مجراها ولعل أكثر ألفاظ
القرآن والسنة فيما يحتاج إليه أصول الدين وفروعه المعلوم من قبيل القسم الأول فلا جرم قامت بها الحجة في المسائل المقطوعة.
"الفصل الخامس"
في بيان أنه لا يجب أن يكون لكن معنى لفظ
والمعاني التي تدل عليها الألفاظ