الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
الفصل الخامس"
في بيان أنه لا يجب أن يكون لكل معنى لفظ
والمعاني التي تدل عليها الألفاظ
وفيه مسائل:
المسألة الأولى
[لا يجب أن يكون لكل معنى لفظ]
في أنه لا يجب أن يكون لكل معنى لفظ، بل يمتنع ذلك، والدليل عليه أن المعاني غير المتناهية، لأن من جملتها الأعداد وهي غير متناهية فتكون المعاني غير متناهية، فلو كان لكل معنى لفظ فلا يخلو، إما أن يكون ذلك على سبيل الانفراد أو الاشتراك. والأول باطل.
أما أولا: فلأنه يقتضى/ (15/ب) وجود ألفاظ لا نهاية لها، وهو محال، لأنها مركبة من حروف متناهية، والمركب من المتناهي متناهي فوجود الألفاظ الغير المتناهية محال.
وأما ثانيا: فلأن وضع الألفاظ للمعان الغير المتناهية على سبيل التفصيل يستدعى تعقل تلك المعاني على سبيل التفصيل وهو محال منا، وهذا ظاهر إن اللغات اصطلاحية. وأما إن قيل إنها توقيفية فكذلك. لأن العلم بما لا نهاية له على سبيل التفصيل، وإن كان حاصلا لله تعالى لكن وضع الألفاظ لتلك المعاني إنما هو لحاجة العباد إليها على ما عرفته، فإذا لم يمكنهم تعقل ما لا نهاية له، لم يمكنهم أن يعرفوا كون "تلك" الألفاظ موضوعة
لتلك المعاني، فيكون الوضع خاليا عن الغرض والفائدة، فيكون عيبا، وهو على الحكيم محال. والثاني باطل أيضا لأنه لابد وأن يوجد في تلك الألفاظ ما يدل على المعاني الغير متناهية وإلا لم يكن لكل معنى لفظ ضرورة أن ضم المتناهي إلى المتناهي بمرات متناهية متناهي ولا شك أن هاهنا كذلك، وإنما قيدنا "بمرات" متناهية، احترازا عن مرات غير متناهية، فإنه وإن كان كل واحد من تلك المرات متناهيا فإنه لا يجب أن لا يكون متناهيا كما في العدد لكن ذلك محال لما تقدم، وهو أن تعقل ما لا نهاية له على سبيل التفصيل منا محال، وفي هذه الدلالة نظر يعرف في فصل الاشتراك، وإذا بطل أن يكون لكل معنى لفظ.
فاعلم: أن المعاني منها ما تمس الحاجة إلى التعبير عنه، ومنها مالا يكون كذلك والأول: يجب أن يكون له لفظ، لأن الداعي إلى الوضع موجود وهو مسيس الحاجة والموانع مرتفعة ظاهرا، ومتى كان كذلك وجب الفعل فوجب أن يكون له لفظ، وأما الذي لا يكون كذلك جاز أن يكون له لفظ وألا يكون.