الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
براءة ذمته. وإن لم يثبت ذلك، فالقول قولها؛ لأن الأصل في الدار، الإسلام والحرية، وكذلك إن كانت مسلمة، فادعى أنها ارتدت، فالقول قولها؛ لأن الأصل بقاؤها على دينها.
فصل
وإن ادعت امرأة أو زوجها قذفها، فأنكر، فقامت عليه ببينة، فله أن يلاعن؛ لأن إنكار القذف، لا يكذب ما يلاعن عليه من الزنا؛ لأن القذف الكذب، وهو يدعي أنه صادق، فجاز أن يلاعن، كما لو ادعى عليه وديعة، فقال: ما لك عندي شيء، ثم ادعى تلفها، قبل منه، لكون إنكاره لم يمنع الإيداع، كذا هاهنا.
[باب الأشربة]
كل شراب أسكر كثيره، فقليله حرام؛ لقول الله تعالى:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90] وكل مسكر خمر، فيدخل في عموم الآية. وقد روى عبد الله بن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«كل مسكر خمر وكل خمر حرام» رواه مسلم وأبو داود، وقال عمر رضي الله عنه: نزل تحريم الخمر. وهي: من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير. والخمر: ما خامر العقل. متفق عليه. وروت عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما أسكر الفرق منه، فملء الكف منه حرام» رواه أبو داود؛ ولأنه شراب يسكر كثيره، فحرم قليله، كعصير العنب.
فصل
وكل عصير غلى، وقذف بزبده، فهو حرام، لما روى الشالنجي بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«اشربوا العصير ثلاثاً ما لم يغل» . «وعن أبي هريرة قال: علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان صائماً، فتحينت فطره بنبيذ صنعته في دباء، ثم أتيته به فإذا هو ينش، فقال: اضرب بهذا الحائط، فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر» رواه أبو داود
والنسائي؛ ولأنه إذا غلى واشتد، صار مسكراً. فإن علم من شيء أنه لا يسكر، كالفقاع، فلا بأس به وإن غلى؛ لأن العلة في التحريم الإسكار، فلا يثبت الحكم بدونها. وإن أتى على العصير ثلاث، فقال أصحابنا: يحرم وإن لم يغل؛ للخبر. «وروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينبذ له الزبيب، فيشربه اليوم، والغد، وبعد الغد إلى مساء الثالثة، ثم يأمر به فيهراق أو يسقى الخدم» ؛ ولأن الشدة تحصل في الثلاث غالباً، وهي خفية تحتاج إلى ضابط. والثلاث تصلح ضابطاً لها. وقد قال ابن عمر: اشربه ما لم يأخذه شيطانه. قال: وفي كم يأخذه شيطانه؟ قال: في الثلاث. والنبيذ، كالعصير فيما ذكرنا. وهو: ماء ينبذ فيه تمرات، أو زبيب، ليجتذب ملوحته، كان أهل الحجاز يفعلونه.
فصل
ويكره الخليطان. وهو: أن ينبذ في الماء شيئين؛ لما «روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن ينتبذ البسر والرطب جميعاً. ونهى أن ينتبذ الزبيب والتمر جميعاً.» رواه أبو داود. وفي رواية: «وانتبذوا كل واحد على حدة.» قال أحمد: الخليطان حرام. قال القاضي: يعني: إذا اشتد وأسكر. وإنما نهي عنه؛ لأنه يسرع إلى السكر. فإذا لم يسكر، لم يحرم؛ لما «روي عن عائشة قالت: كنا ننبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنأخذ قبضة من تمر وقبضة من زبيب، فنطرحها فيه، ثم نصب عليه الماء، فننبذه غدوة، فيشربه عشية، وننبذه عشية، فيشربه غدوة.» أخرجه أبو داود. ويجوز الانتباذ في الأوعية كلها؛ لما روي عن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«كنت نهيتكم عن الأشربة في ظروف الأدم، فاشربوا في كل وعاء، غير أن لا تشربوا مسكراً» رواه مسلم.
وما لا يسكر من الدبس، والخل، ورب الخروب، وسائر المربيات، فهو حلال؛ لأن تخصيص المسكر بالتحريم دليل على إباحة ما سواه؛ لأن الله تعالى قال:{أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4] . وهذا منها.
فصل
ومن شرب مسكراً - وهو مسلم مكلف - مختار، يعلم أنها تسكر، لزمه الحد، لما