المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب اليمين في الدعاوى] - الكافي في فقه الإمام أحمد - جـ ٤

[ابن قدامة]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب الديات]

- ‌[باب مقادير الديات]

- ‌[باب ديات الجروح]

- ‌[باب دية الأعضاء والمنافع]

- ‌[باب ما تحمله العاقلة وما لا تحمله]

- ‌[باب القسامة]

- ‌[باب اختلاف الجاني والمجني عليه]

- ‌[باب كفارة القتل]

- ‌[كتاب قتل أهل البغي]

- ‌[باب أحكام المرتد]

- ‌[باب الحكم في الساحر]

- ‌[كتاب الحدود]

- ‌[باب المحارب]

- ‌[باب حد السرقة]

- ‌[باب حد الزنا]

- ‌[باب حد القذف]

- ‌[باب الأشربة]

- ‌[باب إقامة الحد]

- ‌[باب التعزير]

- ‌[باب دفع الصائل]

- ‌[كتاب الجهاد]

- ‌[باب ما يلزم الإمام وما يجوز له]

- ‌[ما يلزم الجيش من طاعة الإمام]

- ‌[باب الأنفال والأسلاب]

- ‌[باب قسمة الغنائم]

- ‌[باب قسمة الخمس]

- ‌[باب قسمة الفيء]

- ‌[باب حكم الأرضين المغنومة]

- ‌[باب الأمان]

- ‌[باب الهدنة]

- ‌[باب عقد الذمة]

- ‌[باب المأخوذ من أحكام أهل الذمة]

- ‌[باب العشور]

- ‌[باب ما ينتقض به عهد الذمة]

- ‌[كتاب الأيمان]

- ‌[باب كفارة اليمين]

- ‌[باب جامع الأيمان]

- ‌[باب النذر]

- ‌[كتاب الأقضية]

- ‌[باب ما على القاضي في الخصوم]

- ‌[باب صفة القضاء]

- ‌[باب القضاء على الغائب وحكم كتاب القاضي]

- ‌[باب القسمة]

- ‌[باب الدعاوى]

- ‌[باب اليمين في الدعاوى]

- ‌[كتاب الشهادات]

- ‌[باب من تقبل شهادته ومن ترد]

- ‌[باب عدد الشهود]

- ‌[باب تحمل الشهادة وأدائها]

- ‌[باب الشهادة على الشهادة]

- ‌[باب اختلاف الشهود]

- ‌[باب الرجوع عن الشهادة]

- ‌[كتاب الإقرار]

- ‌[باب الاستثناء في الإقرار]

- ‌[باب الرجوع عن الإقرار]

- ‌[باب الإقرار بالمجمل]

- ‌[باب الإقرار بالنسب]

الفصل: ‌[باب اليمين في الدعاوى]

[باب اليمين في الدعاوى]

ومن ادعى حقاً من المال، أو يقصد به المال، كالبيع، والإجارة، فأنكر المدعى عليه، فعليه اليمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى قوم دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين، على المدعى عليه» رواه مسلم ورواه البخاري بمعناه.

ولحديث الحضرمي والكندي، فأما غير ذلك من الحقوق، وهو ما لا يثبت إلا بشاهدين، وهو القصاص، والقذف، والنكاح، والطلاق، والرجعة، والنسب، والاستيلاد، والرق، والعتق، والولاء، ففيه روايتان: إحداهما: لا يستحلف فيها؛ لأن البدل لا يدخلها، فلم يستحلف فيها، كحقوق الله تعالى.

والثانية: يستحلف في الطلاق، والقصاص، والقذف.

وذكر الخرقي: أنه يستحلف في مدة الإيلاء، وتستحلف المرأة إذا ادعت انقضاء عدتها، قبل رجعة زوجها، وذكر أبو الخطاب: أنه يستحلف في كل حق لآدمي، لعموم الخبر، وهو ظاهر في القصاص؛ لقوله عليه السلام:«لادعى قوم دماء رجال وأموالهم» ، ولأنها دعوى صحيحة في حق آدمي فيستحلف عليه، كدعوى المال، فإذا توجهت اليمين عليه في المال، فحلف، برىء، وإن نكل، قضي عليه بعد أن يقول له الحاكم: إن حلفت، وإلا قضيت عليك ثلاثاً.

ولا ترد اليمين على المدعي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اليمين على المدعى عليه» ، فحصرها في جانبه.

وادعى زيد بن ثابت على ابن عمر: أنه باعه عبداً يعلم عيبه عند عثمان رضي الله عنه، فقال له: أحلف أنك ما بعته وبه عيب علمته، فأبى ابن عمر أن يحلف، فرد عليه العبد، ولم يرد اليمين، وقال أبو الخطاب: ترد اليمين على المدعي، فيحلف، ويحكم له بما ادعاه.

ص: 266

وقال: قد صوبه أحمد، وقال: ما هو ببعيد، يحلف ويستحق، لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم «رد اليمين على طالب الحق» رواه الدارقطني.

ولا ترد إلا أن يردها المدعى عليه، فإن نكل المدعي عن اليمين أيضاً، أخر الحكم حتى يحتكما في مجلس آخر.

فإن كانت الدعوى في غير المال، فنكل المدعى عليه، لم يقض بالنكول، وهل يحبس حتى يقرأ ويحلف، أم يخلى سبيله؟ على وجهين: أصلهما إذا نكلت الزوجة عن اللعان، وروي عن أحمد في القذف والقصاص فيما دون النفس: أنه يقضى فيه بالنكول، إلا أن أبا بكر قال: هو قول قديم، المذهب على خلافه.

فصل

واليمين المشروعة التي يبرأ بها المطلوب هى اليمين بالله تعالى؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: 106]، وقال سبحانه:{فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: 6]، وقال تعالى:{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [الأنعام: 109]«وقال النبي صلى الله عليه وسلم لركانة بن عبد يزيد في الطلاق: الله ما أردت إلا واحدة؟ قال: الله ما أردت إلا واحدة» .

وسواء كان الحالف مسلماً، أو كافراً، عدلاً أو فاسقاً؛ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للحضرمي المدعي على الكندي: ليس لك إلا يمينه، فقال الحضرمي: إنه رجل فاجر لا يبالي على ما حلف عليه، قال: ليس لك منه إلا ذلك» .

«وقال الأشعث بن قيس: كان بيني وبين رجل من اليهود أرض، فجحدني فقدمته إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: هل لك بينة؟ قلت لا، قال لليهودي: احلف ثلاثاً، قلت: إذاً يحلف، فيذهب بمالي، فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77] » رواه أبو داود وأين حلف، ومتى حلف، أجزأ، لظاهر ما روينا، وحلف عمر رضي الله عنه في حكومة لأبي في النخل في مجلس زيد، فلم ينكره أحد.

واختار الخرقي تغليظها في حق الكافر خاصة في المكان واللفظ، فقال: واليمين التي يبرأ بها المطلوب، هي اليمين بالله، إلا أنه إن كان

ص: 267

يهودياً، قيل له: قل: والله الذي أنزل التوراة على موسى، وإن كان نصرانياً، قيل له: قل: والله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، وإن كان لهم مواضع يعظمونها، ويتوقون أن يحلفوا فيها كاذبين، حلفوا فيها، لما روى أبو هريرة قال:«قال النبي صلى الله عليه وسلم يعني لليهود: نشدتكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى، ما تجدون في التوراة على من زنى؟» رواه أبو داود.

وعلى هذا يحلف المجوسي: قل: والله الذي خلقني ورزقني، ويحلف الوثني، ومن لا يعبد الله، بالله وحده، واختار أبو الخطاب: أن الحاكم إن رأى تغليظها في حق المسلم والكافر في اللفظ، والمكان، والزمان، فعل وتغليظها في حق المسلم باللفظ، مثل قوله: والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية.

وفي الزمان أن يحلف بعد العصر؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ} [المائدة: 106] ويحلف بين الأذانين، وفي المكان: أن يحلف بين الركن والمقام بمكة، وعند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وعند الصخرة بالقدس، وعند المنبر في سائر المساجد، لما روى مالك في الموطأ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من حلف على منبري هذا بيمين آثمة فليتبوأ مقعده من النار» ولأنه ثبت التغليظ في أهل الذمة، فنقيس عليهم غيرهم، ولا تغلظ إلا فيما له خطر، كالنصاب من المال، والقصاص، والطلاق، والعتق ونحوه.

فصل

ويستحلف على حسب جوابه، فإذا ادعى عليه قرضاً، أو بيعاً فأجاب بأنه: ما أقرضني، ولا باعني، حلف على ذلك، وإن أجاب: بأنه لا يستحق علي شيئاً، حلف عليه؛ لأن اليمين شرعت لتحقيق جوابه، وتأكيد صدقه فيما أخبر به، فكانت على حسبه، فإن ادعى ألفاً، فجوابه لا يستحق علي الألف، ولا شيئاً منها، أو لا يستحق علي شيئاً، ويحلف كذلك، ولا يكتفى منه بأنه لا يستحق علي الألف؛ لأن ذلك لا ينفي استحقاقه بعضها، وإن ادعى على معسر حقاً هو عليه، لم يجز له أن يحلف أنه لا يستحق علي شيئاً؛ لأنه كذب، فإن الحق في ذمته.

فصل

ومتى كانت الدعوى على الخصم في نفسه، حلف على البتات في النفي

ص: 268

والإثبات، لما روى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «استحلف رجلاً، فقال: قل: والله الذي لا إله إلا هو ما له عندي شيء، رواه» أبو داود ولأن له طريقاً إلى العلم به، فلزمه القطع بنفيه.

فإن كانت الدعوى عليه في حق غيره في الإثبات، حلف على البت؛ لأن له طريقاً إلى العلم به، وفي النفي يحلف على نفي علمه، نص عليه أحمد وذكر حديث القاسم بن عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تضطروا الناس في أيمانهم أن يحلفوا على ما لا يعلمون.

» وفي حديث الحضرمي: «ولكن أحلفه: والله ما يعلم أنها أرضي اغتصبنيها أبوه» رواه أبو داود: ولأنه لا يمكنه الإحاطة بنفي فعل غيره، فلم يكلف ذلك، وذكر ابن أبي موسى عنه: أنه قال: على كل حال اليمين على العلم فيما يدعي عليه في نفسه، أو فيما يدعي على ميته، قال: وبالأول أقول، قال: وعنه فيمن باع سلعة، فظهر المشتري على عيب بها، وأنكره البائع، هل اليمين على علمه، أو على البتات؟ على روايتين.

وإن باع عبداً فأبق عند المشتري، هل يحلف على علمه، أو على أنه لم يأبق عنده؟ على روايتين.

فصل

وإذا ادعى عليه جماعة حقاً، فأنكر، لزمه لكل واحد يمين؛ لأنه منكر لحق كل واحد منهم، فإن قال: أنا أحلف للجميع يميناً واحدة، لم يقبل منه، وإن رضي الجماعة بيمين واحدة، جاز؛ لأن الحق لهم، لا يخرج عنهم.

ص: 269