الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
ومن أجر نفسه على حفظ الغنيمة أو سوق دوابها، أو رعيها أو حملها، فله أجرته؛ لأنه فعل بالمسلمين إليه حاجة لم يتعين عليه فعله، فأبيح له إجارة نفسه فيه، كالدلالة على الطريق. وليس له ركوب دابة من المغنم، ولا حبيس؛ لأنه يستعمل دابة المسلمين فيما يختص نفعه به، فلم يجز، كما لو أجر نفسه لأجنبي. فإن فعل فعليه أجرة مثل الدابة، يرد في المغنم إن كانت من الغنيمة، أو تصرف في نفقة دابة الحبيس، إن كانت حبيسا. وإن شرط له في الإجارة ركوب دابة من المغنم، جاز؛ لأن ركوبها من الأجرة، فجازت من المغنم، كما لو أجر نفسه بدابة من المغنم.
فصل:
وما أهداه أهل الحرب لأمير الجيش، أو غيره من أهل الجيش في دار الحرب، فهو غنيمة؛ لأنه يغلب على الظن أنه بذله خوفا من المسلمين. وإن كانت الهدية من دار الحرب إلى دار الإسلام، فهي لمن أهدي إليه؛ لأنه تبرع له بذلك من غير خوف، فأشبه هدية المسلمين.
فصل:
وإن عدم الإمام لم يؤخر الجهاد، وإن حصلت غنائم، قسمها أهلها بينهم على موجب الشرع؛ لأنها مال لهم مشترك، فجاز لهم قسمته كسائر الأموال. فإن كان فيها إماء، أخروا قسمتهن حتى يظهر إمام؛ لأن في قسمتهن إباحة الفروج، فاحتيط في بابها.
[باب قسمة الخمس]
يقسم الخمس على خمسة أسهم: سهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وسهم لذي القربى، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل، لقول الله تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41] . فسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف في مصالح المسلمين، لما روى جبير بن مطعم «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تناول بيده وبرة من بعير ثم قال: والذي نفسي بيده ما لي مما أفاء الله إلا الخمس، والخمس مردود عليكم» فجعله لجميع المسلمين. ولا يمكن صرفه إلى جميعهم إلا بصرفه في مصالحهم، من سد الثغور، وكفاية أهلها، وشراء
الكراع والسلاح، ثم الأهم فالأهم، على ما سنذكره في الفيء. وعنه: أن سهم الرسول صلى الله عليه وسلم يختص بأهل الديوان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم استحقه لحصول النصرة، فيكون لمن يقوم مقامه في النصرة. وعنه: أنه يصرف في الكراع والسلاح.
فصل:
وسهم ذي القربى لبني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف، لما روى جبير بن مطعم، قال:«لما كان يوم خيبر، وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذي القربى في بني هاشم وبني المطلب، جئت أنا وعثمان، فقلنا: يا رسول الله، إن إخواننا بني هاشم لا ننكر فضلهم، لمكانك الذي وضعك الله به منهم، أرأيت إخواننا من بني المطلب، أعطيتهم وتركتنا؟ وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة، فقال: إنهم لم يفارقوني في جاهلية وإسلام، إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد ثم شبك بين أصابعه» . رواه أبو داود.
ويجب تعميمهم به حيث كانوا، لعموم قَوْله تَعَالَى:{وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: 41] ولأنه حق يستحق بالقرابة، فوجب تعميمهم به كالميراث. ويعطى الغني والفقير والذكر والأنثى كذلك؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى منه العباس وهو غني، وأعطى صفية عمته. ويقسم للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لأنه يستحق بقرابة الأب بالشرع، أشبه الميراث، ويحتمل أن يسوى بينهما، كالمستحق بالوصية للقرابة.
فصل:
وأما سهم اليتامى، فهو لصغير لا أب له، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا يتم بعد احتلام» . ويعتبر أن يكون فقيرا؛ لأن غناه بالمال أكثر من غناه بالأب، وسهم المساكين للفقراء، أو المساكين الذين يستحقون من الزكاة؛ لأنه متى أفرد لفظ المساكين أو الفقراء، تناول الصنفين، بدليل مصرف الكفارات، والوصايا والنذور. وسهم ابن السبيل للصنف المذكور في أصناف الزكاة.
فصل:
ولا حق في الخمس لكافر؛ لأنه عطية من الله، فلم يكن لكافر فيه حق كالزكاة، ولا للعبد؛ لأن ما يعطاه لسيده، فكانت العطية لسيده دونه.