الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغصبتها من عمرو، فالحكم فيها كالتي قبلها.
لا فرق بين التقديم والتأخير، ويحتمل أن يلزمه تسليمها إلى زيد، ويلزمه ضمانها لعمرو، كما لو قال: غصبتها من زيد، بل من عمرو.
وإذا مات رجل وخلف ألفاً، فادعاها رجل، فأقر له بها الوارث، ثم ادعاها آخر، فأقر له بها، فهي للأول، ويغرمها للثاني، لما ذكرنا في أول الفصل، وإن ادعى رجل على ميت ألفاً، فصدقه الوارث، ثم ادعى آخر على الميت ألفاً، فصدقه الوارث، فقال الخرقي: إن كان في مجلس واحد، فهي بينهما؛ لأن حكم المجلس الواحد حكم الحال الواحد.
وإن كان في مجلسين، فهي للأول؛ لأنه استحق تسليمها كلها بالإقرار له، فلا يقبل إقرار الوارث بما يسقط حقه؛ لأنه إقرار على غيره.
[باب الإقرار بالمجمل]
إذا قال: له علي شيء، أو كذا، قيل له: فسره، فإن أبى، حبس حتى يفسره؛ لأنه أقر بالحق، وامتنع من أدائه، فحبس عليه، وقال القاضي: إذا امتنع من البيان، قيل للمقر له: فسره أنت، ثم يسأل المقر: فإن صدقه، ثبت عليه، وإن أبى، جعل ناكلاً، وقضي عليه، وإذا مات، أخذ ورثته بمثل ذلك، وإن فسره بمال قبل وإن قل؛ لأنه شيء، وإن فسره بقشر جوزة، وحبة حنطة، ونحوهما مما لا يتمول عادة، لم تقبل؛ لأن إقراره اعتراف بحق عليه، وهذا لا يثبت في الذمة، وكذلك إن فسره بكلب، أو حيوان يحرم اقتناؤه، وإن فسره بكلب يجوز اقتناؤه أو جلد ميتة، غير مدبوغ، ففيه وجهان: أحدهما: يقبل؛ لأنه يجب عليه رده، فالوجوب ثابت عليه.
والثاني: لا يقبل؛ لأن إقراره يقتضي وجوب ضمانه عليه، وهذا لا يضمنه، وإن فسره بحد قذف، أو شفعة، قبل؛ لأنه حق عليه في ذمته، وإن قال: غصبتك لم يلزمه شيء؛ لأنه قد يغصبه نفسه، وإن قال: غصبتك شيئاً، لزمه حق يؤخذ بتفسيره على ما بيناه.
فصل
وإن أقر بمال، قبل تفسيره بالقليل والكثير؛ لأن اسم المال يقع عليه، وإن قال له علي مال عظيم، أو كثير، أو جليل، أو خطير، فكذلك؛ لأنه ما من مال إلا وهو عظيم كثير بالنسبة إلى ما دونه، ويحتمل أنه أراد عظمه عنده، لقلة ماله، وفقر نفسه.
وإن قال: له علي أكثر من مال فلان، قبل تفسيره بالقليل والكثير؛ لأنه يحتمل أنه أراد أكثر بقاء نفعاً، أو لكونه حلالاً، سواء علم مال فلان، أو جهله، هذا قول أصحابنا.
والأولى أنه يلزمه أكثر منه قدراً؛ لأنه ظاهر اللفظ السابق إلى الفهم، فلزمه، كما لو أقر
بدراهم، لزمه ثلاثة، ولم يقبل تفسيره بما دونها.
فصل
إذا قال: له علي كذا درهم بالجر، قبل تفسيره بجزء من درهم؛ لأن "كذا" يحتمل، أن يكون جزءاً مضافاً إلى درهم، وإن قال: كذا درهم مرفوعاً، لزمه درهم؛ لأن تقديره: شيء هو درهم، وإن قال: كذا درهماً، فكذلك، ويكون نصبه على التمييز.
وإن قال: كذا كذا درهم، فالحكم فيها كغير المكررة؛ لأن التكرير للتأكيد، وإن قال: كذا وكذا درهم، فكذلك؛ لأنه بمنزلة قوله: شيئان هما درهم، وفي الخفض بمنزلة: جزء درهم، وفي النصب وجهان: أحدهما: يلزمه درهم، اختاره ابن حامد والقاضي؛ لأن الدرهم الواحد يجوز أن يكون تفسيراً لشيئين، كل واحد بعض درهم.
والثاني: يلزمه درهمان، اختاره التميمي؛ لأنه ذكر جملتين فسرهما بدرهم، فيعود التفسير إلى كل واحد منهما، كقوله: عشرون درهماً، وحكي عن التميمي أيضاً: أنه يلزمه، أكثر من درهم، جعل الدرهم تفسيراً لما يليه، ورجع في تفسير الأولى إليه.
فصل
وإن قال: له علي ألف، رجع في تفسير جنسها إليه، فإن فسرها بأجناس، قبل منه؛ لأنه يحتمل ذلك، وإن قال: له علي ألف ودرهم، أو درهم وألف، ففيه وجهان: أحدهما: الجميع دراهم، اختاره ابن حامد، والقاضي؛ لأنه ذكر مبهماً مع مفسر، فكان المبهم من جنس المفسر، كما لو قال: مائة وخمسون درهماً، ولأن العرب تكتفي بتفسير إحدى الجملتين عن الأخرى، كقول الله تعالى:{وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} [الكهف: 25] .
والثاني: يرجع في تفسير الألف إليه؛ لأن العطف لا يقتضي التسوية بين المعطوفين في الجنس، بدليل أنه يجوز أن يقول: رأيت رجلًا وحماراً، وإن قال: له علي ألف، إلا خمسين درهماً، فعلى الوجهين.
أحدهما: يكون الجميع دراهم؛ لأن الاستثناء، المطلق، ينصرف إلى الاستثناء من الجنس، بدليل ما لو قال: له علي ألف درهم إلا خمسين.
والثاني: يرجع في تفسير الألف إليه؛ لأنه يحتمل أنه أراد الاستثناء من غير الجنس، وإن قال: له علي ألف وخمسون درهماً، أو ألف وثلاثة دراهم، فالجميع دراهم؛ لأن الدرهم المفسر في كلامهم يفسر جميع ما قبله، كقوله سبحانه:{تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} [ص: 23] وقوله: {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} [يوسف: 4] والفرق بينها وبين التي قبلها أن الدرهم هاهنا للتفسير، لا يجب به زيادة على العدد، وفي التي قبلها، ذكر للإيجاب، ولهذا يجب به زيادة على الألف، ويحتمل أن يرجع في تفسير الألف إليه، لما ذكرنا في التي قبلها.
فصل
وإذا أقر بألف في وقت، ثم أقر بألف في وقت آخر، لزمه ألف واحد؛ لأنه خبر، فيجوز أن يكون الثاني خبراً عما أخبر به في الأول، وإن قال: ألف من قرض، ثم قال ألف من ثمن مبيع، لزمه الألفان؛ لأن الثاني غير الأول، وإن قال: ألف وألف، أو فألف، أو ثم ألف، لزمه ألفان؛ لأن العطف يقتضي كون المعطوف غير المعطوف عليه.
وإن قال: له علي درهم ودرهمان، لزمه ثلاثة كذلك، وإن قال: له علي درهم، ودرهم، ودرهم، لزمه ثلاثة كذلك، وقال بعض أصحابنا: إن قال: أردت بالثالث التوكيد، قبل؛ لأنه في لفظ الثاني وكذلك الحكم إن قال: له علي درهم، فدرهم، فدرهم، أو درهم، ثم درهم، ثم درهم، وإن قال: له علي درهم، ودرهم، ثم درهم، لزمته ثلاثة؛ لأن الثالث لا يصلح للتأكيد، لمخالفته للثاني، وإن قال: له علي درهم، بل درهم، لزمه درهم؛ لأنه لم يقر بأكثر منه، ويحتمل أن يلزمه درهمان؛ لأنه أضرب عن الأول، فلم يسقط بإضرابه، وأثبت الثاني معه، ذكره أبو بكر، وابن أبي موسى.
وإن قال: له علي درهم، بل درهمان، لزمه درهمان، وإن قال: له علي درهم، بل دينار، لزمه درهم ودينار؛ لأنه أضرب عن الدرهم فلم يسقط، وأثبت معه ديناراً، فلزماه، وإن قال: له علي هذا الدرهم، بل هذان الدرهمان، لزمه ثلاثة كذلك، وإن قال: له علي قفيز حنطة بل، قفيزا شعير، لزمه الثلاثة كذلك، وإن قال: له علي درهم، نصفه، لزمه نصف درهم؛ لأن هذا بدل البعض، وهو سائغ، فينزل منزلة الاستثناء.
وإن قال: له علي درهم، أو دينار لزمه أحدهما، يرجع في تعيينه إليه، ويؤخذ به؛ لأنه أقر بأحدهما.
وإن قال: له علي درهم في دينار، لزمه درهم؛ لأنه يجوز أن يريد: في دينار لي، وإن قال: له علي درهم فوق درهم، أو تحت درهم، فقال القاضي: يلزمه درهم؛ لأنه يحتمل فوق درهم، أو تحته في الجودة، فلم يلزمه زيادة مع الاحتمال، وقال أبو
الخطاب: يلزمه درهمان؛ لأنه إقرار بدرهم، مقرون بآخر، فلزماه جميعاً، وإن قال: له علي درهم مع درهم، أو معه درهم، أو قبله درهم، أو بعده درهم، لزمه درهمان؛ لأن "قبل" و "بعد" يستعملان للتقديم والتأخير في الوجوب، فحمل عليه، وإن قال: له علي درهم في عشرة، وفسره بإرادة الحساب، لزمه عشرة، وإن فسره بدرهم مع عشرة، لزمه أحد عشر، وإن لم يفسره لزمه درهم؛ لأنه يحتمل: في عشرة لي، إلا أن يكون عرفهم استعمالهم "في" ذلك، بمعنى "مع" فيحتمل وجهين.
فصل
وإن قال: له في هذا العبد شركة، أو هو شركة بيننا أو هو لي وله، كان مقراً بجزء من العبد، يؤخذ بتفسيره، ويقبل بتفسيره بالقليل والكثير؛ لأن اللفظ يقع عليه، وإن قال: له في هذا العبد ألف، طولب بالبيان.
فإن قال: وزن في ثمنه ألفاً عني، كانت قرضاً، وإن لم يقل: عني، كان شريكاً بقدرها، وإن قال: أوصي له بألف من ثمنه، قبل، وإن فسرها: بألف من جناية جناها العبد، قبل أيضاً؛ لأنه يحتمل ذلك، وإن قال: هو رهن عندي بألف ففيه وجهان: أحدهما: يقبل؛ لأن الدين يتعلق بالرهن، فصح تفسيره به، كالجناية.
والثانية: لا يقبل؛ لأن حق المرتهن في الذمة لا في العبد، وإن قال: له في ميراث أبي ألف، لزمه تسليمها إليه؛ لأن حق المرتهن في الذمة لا في العبد، وإن قال له في ميراث أبي ألف لزمه تسليمها إليه، وإن قال: له في ميراثي من أبي ألف، وقال: أردت هبة، وبدا لي من تقبيضها، قبل منه؛ لأنه أضاف الميراث إلى نفسه، ولا ينتقل ماله إلى غيره إلا من جهته وإن قال: له في هذا المال ألف، لزمه، وإن قال: له في مالي هذا ألف، أو من مالي هذا ألف، وفسره بدين، أو وديعة، قبل منه؛ لأنه يحتمل صدقه فقبل كالأول.
فصل
ومن شهد بحرية عبد غيره، أو أقر بها، ثم اشتراه، عتق عليه، لاعترافه بحريته، ويكون بيعاً في حق البائع، واستخلاصاً في حق المشتري، وولاؤه موقوف؛ لأن أحداً لا يدعيه، فإذ مات وخلف مالاً، فقال القاضي: للمشتري منه قدر ثمنه عوضاً عما استخصله به، كما لو استنقذ أسيراً من بلد الروم بثمن، وإن رجع البائع فصدق المشتري في إعتاقه، لزمه رد الثمن عليه، والولاء له؛ لأنه إقرار بسبب للميراث لا منازع له فيه، فقبل، كالإقرار بالنسب، وإن رجع المشتري عن الشهادة بالحرية، لم يقبل في الحرية؛ لأنه حق لغيره، وقيل في الولاء لعدم المنازع له.