الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي حَقٍّ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ، فَلَمْ يُمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ وَقَفَ فِي طَرِيقٍ ضَيِّقٍ، أَوْ مَشْرَعَةِ مَاءٍ، أَوْ مَعْدِنٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ، وَلَا يَدَعُ غَيْرَهُ يَنْتَفِعُ فَإِنْ سَأَلَ الْإِمْهَالَ لِعُذْرِ لَهُ، أُمْهِلَ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ. فَإِنْ أَحْيَاهُ غَيْرُهُ فِي مُدَّةِ الْمُهْلَةِ؛ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ ذَكَرْنَاهُمَا. وَإِنْ تَقَضَّتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَعْمُرْ، فَلِغَيْرِهِ أَنْ يَعْمُرَهُ وَيَمْلِكَهُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ ضُرِبَتْ لَهُ لِيَنْقَطِعَ حَقُّهُ بِمُضِيِّهَا، وَسَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ السُّلْطَانُ فِي عِمَارَتِهَا، أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُتَحَجِّرِ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْعِمَارَةِ، قِيلَ لَهُ: إمَّا أَنْ تَعْمُرَ، وَإِمَّا أَنْ تَرْفَعَ يَدَك، فَإِنْ لَمْ يَعْمُرْهَا، كَانَ لِغَيْرِهِ عِمَارَتُهَا، فَإِنْ لَمْ يُقَلْ لَهُ شَيْءٌ، وَاسْتَمَرَّ تَعْطِيلُهَا
فَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ مَنْ تَحَجَّرَ أَرْضًا فَعَطَّلَهَا ثَلَاثَ سِنِينَ، فَجَاءَ قَوْمٌ فَعَمَرُوهَا، فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا كُلِّهِ نَحْوُ مَا ذَكَرْنَا.
[فَصْل لِلْإِمَامِ إقْطَاعُ الْمَوَاتِ لِمَنْ يُحْيِيه]
(4337)
فَصْلٌ: وَلِلْإِمَامِ إقْطَاعُ الْمَوَاتِ لِمَنْ يُحْيِيه، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَحَجِّرِ الشَّارِعِ فِي الْإِحْيَاءِ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْعَقِيقَ أَجْمَعَ» ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ قَالَ لِبِلَالٍ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُقْطِعْكَ لِتَحِيزَهُ عَنْ النَّاسِ، إنَّمَا أَقْطَعَكَ لِتَعْمُرَ، فَخُذْ مِنْهَا مَا قَدَرْتَ عَلَى عِمَارَتِهِ، وَرُدَّ الْبَاقِيَ. رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، فِي " الْأَمْوَالِ ". وَذَكَرَ سَعِيدٌ، فِي " سُنَنِهِ ": حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ، قَالَ: سَمِعْت الْحَارِثَ بْنَ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ، يَقُولُ:«إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْعَقِيقَ، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: مَا أَقْطَعَك لِتَحْتَجِنَهُ، فَأَقْطَعَهُ النَّاسَ»
وَرَوَى عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَهُ أَرْضًا بِحَضْرَمَوْتَ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَ نَاسًا مِنْ جُهَيْنَةَ أَوْ مُزَيْنَةَ أَرْضًا، فَعَطَّلُوهَا، فَجَاءَ قَوْمٌ فَأَحْيَوْهَا، فَخَاصَمَهُمْ الَّذِينَ أَقْطَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ كَانَتْ قَطِيعَةً مِنِّي أَوْ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، لَمْ أَرُدَّهَا، وَلَكِنَّهَا قَطِيعَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنَا أَرُدُّهَا» ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ يَعْنِي مَنْ تَحَجَّرَ أَرْضًا فَعَطَّلَهَا ثَلَاثَ سِنِينَ، فَجَاءَ قَوْمٌ فَعَمَرُوهَا، فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا.
[مَسْأَلَةٌ الْمَعَادِنُ الظَّاهِرَةُ فِي إقْطَاع الْمَوَات]
(4338)
مَسْأَلَةٌ قَالَ: (إلَّا أَنْ تَكُونَ أَرْضَ مِلْحٍ أَوْ مَاءٍ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ الْمَنْفَعَةُ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِهَا الْإِنْسَانُ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّ الْمَعَادِنَ الظَّاهِرَةَ وَهِيَ الَّتِي يُوصَلُ إلَى مَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ مُؤْنَةٍ، يَنْتَابُهَا النَّاسُ، وَيَنْتَفِعُونَ بِهَا،