الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر
فضل مقبرة مكة واستقبالها القبلة
وذكر
مقبرة مكة في الجاهلية والإسلام
ولا يعلم بمكة شعب يستقبل القبلة ليس فيه انحراف عنها إلا شعب مقبرة أهل مكة، فانه يستقبل وجه الكعبة كلها مستقيما
(1)
.
2369 -
حدّثنا أبو بشر-بكر بن خلف-وعبد الله بن اسحاق، قالا: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، قال: أخبرني ابراهيم بن أبي خداش، عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: إنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نعم المقبرة هذه» .
قال ابن جريج: يعني: مقبرة مكة.
2369 - إسناده صحيح.
إبراهيم بن أبي خدّاش الهاشمي، ذكره ابن حبّان في ثقات التابعين 10/ 4.وسكت عنه البخاري 284/ 1،وابن أبي حاتم 98/ 2.
رواه عبد الرزاق 579/ 3،وأحمد 367/ 1،والبخاري في التاريخ 284/ 1، والأزرقي 209/ 2،والطبراني في الكبير 137/ 11 كلّهم من طريق: ابن جريج، به.
وذكره الهيثمي في المجمع 397/ 3 وعزاه لأحمد، والبزّار والطبراني في الكبير. وذكره السيوطي في الكبير 856/ 1 وعزاه للفاكهي والديلمي.
(1)
الأزرقي 209/ 2.
2370 -
وحدّثني أبو جعفر أحمد بن صالح، قال: ثنا محمد بن يحيى، عن عبد الرحيم بن زيد العمّي، عن أبيه، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله ابن مسعود-رضي الله عنه-قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم على المقبرة، وليس بها يومئذ مقبرة، فقال: يبعث الله-تبارك وتعالى-من هذه البقعة، ومن هذا الحرم كلّه سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب، يشفع كلّ واحد منهم في سبعين، وجوههم من الأولين والآخرين كالقمر ليلة البدر».فقال أبو بكر رضي الله عنه:يا رسول الله فمن هم؟ قال صلى الله عليه وسلم: «من الغرباء» .فقال:
يا رسول الله، ما لمن هلك في حرم الله-عز وجل؟ قال صلى الله عليه وسلم:«من هلك في حرم الله-تعالى-محتسبا داره بعثوا آمنين يوم القيامة» .قال: فما لمن هلك في حرمك؟ قال صلى الله عليه وسلم: «من هلك بالمدينة محتسبا داره حبّا لله -تعالى-ولرسوله، بعثوا آمنين يوم القيامة» .قال: فما لمن هلك بين الحرمين -مكة والمدينة-؟ قال صلى الله عليه وسلم: «من هلك بين مكة والمدينة/حاجا أو معتمرا أو طلب طاعة من طاعة الله-عز وجل -بعثوا آمنين يوم القيامة» .
2371 -
حدّثنا ميمون بن الحكم الصنعاني، قال: ثنا محمد بن جعشم، قال: أنا ابن جريج، قال: أخبرني ابن أبي مليكة في حديث رفعه إلى
2370 - إسناده متروك.
عبد الرحيم بن زيد العمّي، ضعيف، كذّبه ابن معين.
ذكره الفاسي في الشفاء 284/ 1 وعزاه للجندي في فضائل مكة من طريق: عبد الرحيم العمّي، به.
2371 -
إسناده مرسل.
رواه عبد الرزاق 570،517/ 3،وابن أبي شيبة 343/ 3 - 344،والترمذي 275/ 4،وابن ماجه 500/ 1،والأزرقي 211/ 2 كلّهم من طريق: ابن جريج، به.
النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ائتوا موتاكم فسلّموا عليهم، وصلّوا، [فإنّ]
(1)
لكم فيهم عبرة».
قال ابن أبي مليكة: ورأيت أنا عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم-رضي الله عنها-تزور قبر أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر-رضي الله عنهم،ومات بالحبشي على بريد من مكة، وقبر-رضي الله عنه-بمكة.
2372 -
وحدّثنا ميمون بن الحكم، قال: ثنا محمد بن جعشم، قال: أنا ابن جريج، قال: حدّثت عن مسروق بن الأجدع، عن ابن مسعود رضي الله عنه،قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما وخرجنا معه، حتى انتهينا إلى المقابر، فأمرنا فجلسنا، ثم تخطّا إلى القبور حتى انتهى إلى قبر منها، فجلس إليه، فناجاه طويلا، ثم ارتفع نحيب رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيا، فبكينا لبكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمّ إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إلينا، فلقيه عمر بن الخطاب-رضي الله عنه،فقال: ما الذي أبكاك يا رسول الله؟ لقد أبكانا وأفزعنا، فأخذ صلى الله عليه وسلم بيد عمر-رضي الله عنه،وأومأ إلينا فأشار، فقال:
«أفزعكم بكائي؟» فقلنا: نعم يا رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم: «إن القبر الذي رأيتموني عنده قبر آمنة بنت وهب، واني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي، ثم استأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي، فأنزل الله-عز وجل:{ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} كذلك حتى تقصّى الآيات
2372 - شيخ المصنّف لم أقف عليه وبقيّة رجاله ثقات.
رواه عبد الرزاق 572/ 3 - 573،والأزرقي 210/ 2 - 211 وابن ماجه 501/ 1، وابن حبّان (ص:201 موارد الظمآن) كلّهم من طريق: ابن جريج به.
ورواه ابن أبي شيبة 343/ 3 من طريق: جابر بن يزيد، عن مسروق به مختصرا.
(1)
في الأصل (كأن) والتصويب من المراجع.
كلّها: {وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ} فأخذني ما يأخذ الولد لوالده في الرّقة، فذاك الذي أبكاني، ألا إني كنت نهيتكم عن ثلاث: عن زيارة القبور، وأكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث، ليسعكم، وعن نبيذ الأوعية، فزوروا القبور، فانها تزهّد في الدنيا وتذكّر الآخرة، وكلوا لحوم الأضاحي، وأبقوا منها ما شئتم، فإنما نهيتكم أنّ الخير قليل توسعة على الناس، ألا وإنّ كلّ وعاء لا يحرّم شيئا، كلّ مسكر حرام».
قال ابن جريج: وأخبرني عثمان بن صفوان، قال: إنّ آمنة بنت وهب أمّ النبي صلى الله عليه وسلم دفنت في شعب أبي دبّ
(1)
.
قال ابن جريج: وأخبرني ابراهيم بن أبي خداش، قال: إنّ ابن عباس رضي الله عنهما،قال: لمّا أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على المقبرة، وهو على طريقه الأول، فأشار بيده وراء الضفيرة. فقال: نعم المقبرة هذه
(2)
.
قلت للذي يخبرني: أخصّ الشعب؟ قال: هكذا قال، ولم يخبرني أنه خص شيئا إلا كذلك أشار بيده وراء الضفيرة
(3)
.
قال ابن جريج: وحدّثت عن سعيد بن جبير، وجاء مقبرة مكة فقيل له: اتطأ على القبر؟ فقال: أين أطأ؟ أها هنا؟ وأشار إلى ثنية المدنيّين
(4)
.
قال ابن جريج في حديثه هذا: قال لي عطاء: يكره أن توطأ القبور، وأن يجلس عليها، فقلت: اتخطّا؟ قال: أكرهه. قال وما يفعل ذلك؟ إنّا إذا بلغنا قبر أحدهم انا لنطؤه
(5)
.
(1)
رواه عبد الرزاق 573/ 3 عن ابن جريج، به.
(2)
تقدّم تخريجه برقم (2369).
(3)
رواه عبد الرزاق 579/ 3 عن ابن جريج، به.
(4)
رواه عبد الرزاق 511/ 3 عن ابن جريج، عن رجل، عن سعيد، به.
(5)
رواه عبد الرزاق 510/ 3 عن ابن جريج، به.
2373 -
حدّثنا حسين بن حسن الأزدي، قال: ثنا سويد، قال: أخبرني أسد/بن راشد، عن حرب بن [سريج]
(1)
،عن أبي بشر [الندبي]
(2)
عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه،قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى مقبرة، فخلاّ عن ناقته، ولم يكن أحد يأخذ برأسها، ولم تكن تقرّ لمنافق فأخذ رجل برأسها، ففتل رأسها، فدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يدنو حتى ظننا أنه قد نزل فينا شيء، فتوجّه عمر بن الخطاب-رضي الله عنه، فلمّا رآه أقبل عليه بوجهه، فقال:«هذا قبر آمنة بنت وهب الزهرية أم رسول الله صلى الله عليه وسلم، واني سألت ربي أن يشفّعني فيها، وأنه أبى عليّ» .
وقد زعم بعض أهل مكة عن أشياخهم أنّ أهل الجاهلية كانوا يدفنون موتاهم في شعب أبي دبّ
(3)
وقام الإسلام على ذلك، وهم يدفنون هنا لك وبالحجون
(4)
أيضا إلى شعب الصفي، صفي السباب. [وفي الشعب]
(5)
اللاصق بثنيّة المدنيين، الذي هو اليوم مقبرة أهل مكة، ثم تمضي المقبرة مصعدة بالجبل
(6)
إلى ثنية أذاخر بحائط خرمان. وكان يدفن في هذه المقبرة
2373 - أسد بن راشد لم أعرفه، وبقيّة رجاله موثّقون.
(1)
في الأصل (حرب بن أبي شريح) وهو خطأ. فهو حرب بن سريج بن المنذر المنقري.
(2)
في الأصل (الندى) وهو خطأ، فهو بشر بن حرب، أبو عمرو الندبي، بفتح النون والدال، بعدها باء موحّدة.
(3)
شعب أبي دبّ، هو الشعب المسمّى اليوم (دحلة الجنّ) وسوف يأتي التعريف به في الفصل الجغرافي -إن شاء الله-.
(4)
الحجون هنا، هو الحجون القديم، والمراد هنا المنطقة التي يطلق عليها اليوم (برحة الرشيدي).وقد امتدّ أمامها موقف طويل للسيارات بعدّة أدوار. وسوف يأتي التعريف بالحجون-إن شاء الله-.
(5)
سقطت من الأصل، وألحقتها من الأزرقي والفاسي. وهذا الشعب هو الذي على يسارك وأنت هابط من ثنيّة المدنيّين (ريع الحجون اليوم)،ويقولون إنّ فيه قبر خديجة أم المؤمنين-رضي الله عنها.
(6)
أي جبل (أبي دجانة) أو (جبل البرم) على ما سيأتي، وعلى ما سمّاه الفاكهي، فتمتدّ المقبرة هذه لتأخذ جزءا من المنطقة المسمّاة (الجعفرية) حتى تتّصل قبورها بمقبرة الخرمانية، ثم تصعد المقبرة-
التي عند ثنية أذاخر آل أسيد بن أبي العيص بن أمية، وفيها دفن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-إذ مات بمكة، وكان نازلا على عبد الله بن خالد بن أسيد في داره، وكان صديقا له وخاصّا
(1)
.
2374 -
حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، قال: كان ابن عمر-رضي الله عنهما-إذا قدم مكة أهدى إلى عبد الله بن خالد من صدقة عمر بن الخطاب-رضي الله عنهما.قال:
فلما حضرت ابن عمر-رضي الله عنهما-الوفاة أوصى عبد الله بن خالد أن لا يصلي عليه الحجّاج-وكان الحجّاج بمكة واليا بعد مقتل ابن الزبير-رضي الله عنهما-فصلّى عليه عبد الله بن خالد ليلا على ردمهم عند باب داره، ودفنه في مقبرتهم هذه، عند ثنية أذاخر بحائط خرمان-رحمه الله وغفر له-.
ويدفن في هذه المقبرة مع آل خالد بن أسيد آل سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم إلى يومنا هذا
(2)
.
وشعب أبي دبّ الذي يعمل فيه الجزّارون بمكة فسمّي به. وعلى فم الشعب سقيفة من حجارة بناها أبو موسى الأشعري-رضي الله عنه،ونزلها
2374 - إسناده صحيح.
ذكره الأزرقي 210/ 2. - الخرمانية فتصل قبورها إلى ثنية أذاخر (ربع ذاخر اليوم) من الجهة اليسرى وأنت خارج إلى الثنية من مكة. وقد غمر العمران هذه المنطقة كلّها، ولم يعد للقبور هذه عين ولا أثر، إلاّ جزءا صغيرا من مقبرة الخرمانية لا زال قائما إلى اليوم، أحاط به سور أمانة العاصمة الحديدي، على شكل مثلّث، ويحيط بها الطريق العام من الجهة الشمالية، تقابل فوّهة شعب أذاخر، ويقابلها مركز صحي المعابدة اليوم، وفي هذه المقبرة قبر عبد الله بن عمر-رضي الله عنه.
(1)
الأزرقي 209/ 2 - 210.
(2)
الأزرقي 210/ 2.
حين انصرف من الحكمين، وقال فيما ذكروا: أجاور قوما لا يغدرون ولا يمكرون -يعني بذلك: أهل المقابر-
(1)
.
وقال بعض المكيين: إنّ في هذا الشعب قبر آمنة بنت وهب ابن عبد مناف بن زهرة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال بعضهم: قبرها في دار رائعة، فالله أعلم
(2)
.
2375 -
حدّثنا محمد بن أبي عمر، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن يزيد ابن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة-رضي الله عنه،قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «استأذنت ربي في أن أزور قبر أمي فأذن لي، واستأذنته في أن أدعو لها فأبى أن يأذن لي» .
2376 -
وحدّثنا محمد بن علي، قال: ثنا يعلى بن عبيد، قال: ثنا أبو منين-يزيد بن كيسان-عن أبي حازم، عن أبي هريرة-رضي الله عنه، قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، فبكى، فذكر نحوه، وزاد فيه:«فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت» .
2375 - إسناده صحيح.
رواه أحمد 441/ 2،وابن أبي شيبة 343/ 3،ومسلم 45/ 7،وأبو داود 296/ 3، وابن ماجه 500/ 1 - 501،والنسائي 90/ 4،والبيهقي في السنن 76/ 4،والدلائل 190/ 1 كلّهم من طريق: يزيد بن كيسان، به.
2376 -
إسناده صحيح.
رواه الحاكم 375/ 1 - 376 من طريق: يعلى بن عبيد، به. وقال: هذا الحديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.
(1)
المرجع السابق 210/ 2.
(2)
المصدر السابق 210/ 2.ودار رائعة تقع ما بين شعب علي، وشعب عامر، وقد تقدّم ذكرها في الرباع.
2377 -
حدّثنا محمد بن سليمان، ومحمد بن اسماعيل، قالا: ثنا قبيصة بن عقبة، عن سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه/قال: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة أتى جذم قبر فجلس إليه، وجلس الناس حوله، فجعل صلى الله عليه وسلم كهيئة المخاطب، ثم قام صلى الله عليه وسلم وهو يبكي، فاستقبله عمر بن الخطاب-رضي الله عنه،وكان من أجرأ الناس عليه صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله بأبي وأمي، ما الذي أبكاك، قال صلى الله عليه وسلم:«هذا قبر أمي، استأذنت ربّي أن أزور قبرها فأذن لي، واستأذنته أن أستغفر لها، فلم يأذن لي، فذكرتها، فوقفت، فبكيت» .قال: فلم ير باكيا أكثر من ذلك اليوم.
2378 -
وحدّثني أبو ابراهيم، قال: حدّثني عيسى بن اسحق المكّي، قال: خرجت مع عبد الله بن قنبل في جنازة، فقال لي: كنت مع عمي الزنجي ابن خالد ها هنا في جنازة، فدعا داود الأعور الذي كان يكون على المقابر، فقال له: يا داود أنت بيتك في المقابر، وأنت تنام فيها، فهل رأيت فيها شيئا يعجبك أو تنكره؟ فقال: والله لاحدثنّك، إني كنت في ليلة شاتية شديدة البرد مقمرة، فدخلت في المقبرة ساعة في أول الليل، ثم أتيت خيمتي
2377 - إسناده حسن.
رواه ابن سعد 117/ 1،وابن أبي شيبة 343/ 3،والحاكم 375/ 1،والبيهقي في الدلائل 189/ 1 كلّهم من طريق: الثوري به. ورواه الطبري 42/ 11 من طريق: علقمة ابن مرثد، به. قال ابن سعد: وهذا غلط،وليس قبرها بمكة، وقبرها بالأبواء. قلت: لا يعني قوله (لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة أتى جذم قبر) أنّ ذلك الفعل كان بمكة، ومعناه أنّه في طريقه إلى الفتح، أو في رجوعه من فتح مكة جاء ذلك القبر؛ وقبرها بالأبواء على الصحيح، ولا دلالة في الأحاديث الصحيحة السابقة أن قبرها بمكة.
2378 -
في سنده من لم أقف عليه.
لأرقد، فلما تلففت بكسائي، سمعت صوتا من أقصى المقبرة: لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير. فقعدت أسمع ساعة، فو الله ما رأيت أحدا، فلمّا ان هويت لأرقد، إذا أنا بالصوت يقول مثل قوله الأول: لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، فخرجت، وقلت: والله لا أنتهي حتى أنظر ما الخبر؟ فدرت في المقبرة ساعة ما أسمع شيئا ولا أرى أحدا، حتى إذا هويت لأخرج سمعت الصوت، فخرجت أؤمّ الصوت، فقعدت ليلا لاستمع، فإذا بالصوت يخرج من القبر: لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، فأتيت القبر فعلّمته بحجارة، ثم خرجت فرقدت ثم ترددت إلى القبر أطلب أين هو، فوجدت عجوزا عنده، فقلت لها: أيا أمة من صاحب هذا القبر؟ فارتاعت لمسألتي عنه، وقالت: ما له وما سؤالك عنه؟ فأخبرتها بالذي سمعت، فقالت: وسمعته؟ قلت: نعم. قالت:
فو الله ما فاتته في رقاده، يتكلم بها لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.
ويقال: إنّ قصي بن كلاب دفن بالحجون، وهي المقبرة الأولى.
وحدّ الحجون
(1)
:الجبل المشرف الذي بحذاء المسجد الذي يلي شعب
(1)
ما ذكر في طرفي الحجون لا يعرف اليوم، فالمسجد الذي بحذاء شعب الجزّارين (شعب أبي دبّ) لا يوجد اليوم، كما أنّ حائط عوف، وبيوت ابن الصيقل لا يعرفان اليوم كذلك. فكأنّ الفاكهي يريد بالمسجد هنا: المسجد الذي أقامه بغا بالقرب من بئر أبي موسى الأشعري، عندما نثلها وأصلحها وبنى عندها سقّاية وجنبذا، ومسجدا. وكما قلت: إنّ المسجد لا يوجد اليوم، وأمّا البئر-
الجزّارين إلى ما بين الحوضين اللذين في حائط عوف، وبيوت ابن الصيقل على الحجون
(1)
.
وابن الصيقل مولى لآل الزبير بن العوام-رضي الله عنه.
2379 -
فحدّثنا الزبير بن أبي بكر، قال: حدّثني ابراهيم بن المنذر، عن الواقدي، قال: مات قصيّ بن كلاب بمكة فدفن بالحجون، فتدافن الناس بعده بالحجون. قال: فكان أهل مكة يدفنون موتاهم في جنبتي الوادي يمينا وشمالا في الجاهلية وصدر الاسلام، ثم إنّ الناس حوّلوا مقبرتهم في الجانب الأيسر
(2)
لما جاء عن/رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخبر لقوله: «نعم المقبرة ونعم الشعب» فهي مقبرة أهل مكة، إلاّ آل عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية، وأبي سفيان بن عبد الأسد، فهم يدفنون في المقبرة العليا بحائط خرمان إلى يومنا هذا.
2379 - ذكره الأزرقي 211/ 2. -والحوض، فأغلب ظنّي: أنّها البئر التي كانت تسمّى (بئر غيلمة) وكان عندها حوض تسمّيه العامة: حوض أبي طالب، والبئر والحوض يقعان في أسفل فوّهة دحلة الجنّ، وقد طمّ البئر، وأزيل الحوض وأدخلا في توسعة طريق الحرم.
فحدّ الحجون الأعلى، هو: الضفّة السفلى من دحلة الجنّ.
وأمّا حائط عوف فموضعه في المنطقة المسمّاة اليوم بالكمالية، مقابل بناية البريد المركزي الآن، وموضعه يقابل مدخل السيّارات الذي ببرحة الرشيدي، وتهبط عليه الثنيّة الصغيرة من شعب عامر، فهذا هو حدّ الحجون الأسفل، والله أعلم.
(1)
الأزرقي 273/ 2.
(2)
وبانتقال المقبرة من الجانب الأيمن للخارج من مكة إلى الجانب الأيسر أهملت المقابر في الجانب الأيمن بالتدريج حتى لم يبق فيه قبر اليوم، بل منذ زمن بعيد، وكذلك انتقل اسم الحجون بعد الفاكهي إلى الجانب الأيسر، فأطلق على المقبرة اليسرى، ولم يعد يطلق اسم الحجون اليوم إلاّ على الجانب الأيسر وهذا منذ عهد الفاسي، بل قبله كذلك، ولذلك وقع لبعض الفضلاء في القديم والحديث خبط في ذلك.
2380 -
وفي مقبرة الحجون يقول كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي بعد في الإسلام. حدّثنا بذلك الزبير بن أبي بكر:
عينيّ جودي بعبرة أسراب
…
بدموع كثيرة التسكاب
إنّ أهل الحصاب قد تركوني
…
موزعا مولعا بأهل الخراب
كم بذاك الحجون من حيّ صدق
…
من كهول أعفة وشباب
سكنوا الجزع جزع بيت أبي
…
موسى إلى النخل من صفيّ السباب
أهل دار تتابعوا للمنايا
…
ما على الدهر بعدهم من عتاب
فارقوني وقد علمت يقينا
…
ما لمن ذاق ميتة من إياب
أحزنتني حمولهم يوم ولّوا
…
من بلادي وآذنوا بالذهاب
وزاد غير الزبير:
فلي الويل بعدهم وعليهم
…
صرت خلوا وملّني أصحابي
وكانت مقبرة المطيّبين بأعلى مكة
(1)
.
ومقبرة الأحلاف بأسفل مكة
(2)
.
2380 - الأبيات بعضها في الأزرقي 211/ 2،والأغاني 321/ 1 - 174/ 9،343/ 8،322. ومعجم البلدان 415/ 3.
(1)
هي المقبرة التي سبق ذكرها، وتسمّى اليوم (مقبرة المعلاة) وهي أكبر مقابر مكة وفيها الدفن اليوم، وقد سوّرت بأسوار جيّدة ونظّمت تنظيما بديعا.
(2)
هي مقبرة الشبيكة، على ما أفاده الفاسي في شفاء الغرام 287/ 1، مستدلاّ على ذلك بأنّه لا يوجد في أسفل مكة مقبرة سواها. قلت: وهذه المقبرة لا زالت قائمة إلى اليوم، ولكن لا يدفن فيها، إنّما الدفن في مقبرة المعلاة. ومقبرة الشبيكة عليها سور حديث بني في عهد الملك سعود بن عبد العزيز، وتقع على يسار الخارج من مكة على ثنية كدي، ويمين الخارج من مكة على جبل الكعبة على ثنية الحزنة في جبل عمر، وهي مشهورة معروفة.
وقد تقدّم الكلام عن الأحلاف والمطيّبين.
2381 -
وحدّثني ابراهيم بن عبد الرحيم، قال: سمعت عمّي ينشد لبعض أهل مكة في الحجون والمقبرة التي به:
فإذا مررت على الحجون وأهله
…
فصل الحجون وأهله بسلام
كم بالحجون وبينه من سيّد
…
ضخم الدّسيعة ماجد مكرام
خلّى منازله وأصبح ثاويا
…
بالشعب بين دكادك وأكام
وقال الفضل بن
(1)
العباس اللهبي يذكر من قبر بمكة من قومه:
أبا الفضل تقى فينا ومكرمة
…
تنافس الأرض موتانا إذا قبروا
ترى بنا فضلها عن كلّ مقبرة
…
إذا العباد لفضل بينهم حشروا
تبكي السماء علينا في مقابرنا
…
إذا تسوّى على أمواتنا الحفر
والشمس تبكي على هلاّكنا جزعا
…
لو تستطيع لهم نشرا لقد نشروا
2381 - شيخ المصنّف لم أقف عليه، وكذلك عمّه.
وقوله: ضخم الدسيعة، أي: واسع العطاء، والدسيعة: العطاء، لسان العرب 85/ 8.
(1)
تقدّمت ترجمته بعد الخبر (1143).