الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر
ما أجري من العيون بمكة وحولها في الحرم
سمعت بعض أشياخنا يذكر أنّ معاوية بن أبي سفيان-رضي الله عنه كان أجرى بمكة عيونا، واتّخذ لها أخيافا، وكانت فيها النخيل والزروع.
فمنها حائط عوف: وموضعه من زقاق خشبة دار مبارك التركي، ودار جعفر، ودار مال الله، وموضع الماجلين ماجل أمير المؤمنين هارون اللاحق بالحجون، فهذا موضع حائط عوف إلى الجبل
(1)
.
ويقال لهذا الموضع: حوض الحمر.
وعوف كان قيّما لمعاوية-رضي الله عنه-على ذلك الحائط فنسب إليه، وكانت لهذا الحائط عين تسقيه. وكان فيه النخيل، وكان له مشرعة يردها الناس.
2452 -
فحدّثني أبو جبير-محمد بن جبير النوفلي-قال: ثنا أبو أمية بن أبي الدهم النحوي المكي، عن أبيه، قال: كانت لي سقيفة في السد الذي يطلّ على المجزرة اليوم في حائط عوف، وحائط عوف فيه النخيل لا يتخلّص طائره، فسمعت خارفا في نخلة يخرفها ويتغنّى:
2452 - في إسناده من لم أعرفه.
(1)
الأزرقي 228/ 2.وقال الفاسي في الشفاء 296/ 1 عن حائط عوف: لا يعرف، ولعلّه أحد البساتين التي في الجبل الذي يقال له: جبل ابن عمر أه.
قلت: موضع حائط عوف في الكمالية، مقابل بناية البريد المركزي اليوم، وقد كانت إلى عهد غير بعيد بساتين خضراء، فغمرها العمران. والماجلان المذكوران، هما حوضان كبيران كانا يسمّيان في عهد الفاسي: بركتي الصارم وكانتا لاصقتين بسور مكة.
قل لأسماء أنجزي الميعادا
…
وانظري أن تزوّدي منك زادا
/وإذا ما حللت أرضا من الشام
…
وجاورت حميرا ومرادا
وإذا ما سمعت من نحو أرضي
…
بمحبّ قد مات أو قيل: كادا
فارتجي أن أكون منك قريبا
…
وسلي الصادرين والورّادا
ومنها حائط يقال له: الصفيّ
(1)
،موضعه بين دار زينب بنت سليمان التي صارت لعمرو بن مسعدة، والدار التي فوقها، إلى دار العباس بن محمد التي بأصل نزاعة الشوي، وكان له عين، وكان فيه النخل، وكان له مشرعة يردها الناس وفيه يقول الشاعر
(2)
:
سكنوا الجزع جزع بيت أبي موسى
…
إلى النخل من صفيّ السباب
ومنها حائط مقيصرة
(3)
وكان موضعه نحو بركتي سليمان بن جعفر، إلى نحو قصر أمير المؤمنين المنصور أبي جعفر، يقال: موضعه موضع دار لبابة بنت علي، ومحمد بن سليمان بن علي، إلى القرن الذي عليه بيوت المطبّقي.
وكانت له عين، ومشرعة، وكان فيه النخل. ومقيصرة قيّم كان لمعاوية رضي الله عنه-فنسب إليه.
ويقال عن العتبي قال: دخل معاوية بن أبي سفيان-رضي الله عنه حائطا له بمكة ومعه ابن صفوان، فقال: كيف ترى هذا الحائط؟ قال: أراه على غير ما وصف الله-تعالى-به البلد، فقال: قال الله-عز وجل
(1)
حائط الصفيّ: وموضعه في شعب الصفيّ، وهو الجميّزة الآن، وكانت عينه جارية إلى عهد غير بعيد كما أخبرني بعض من يسكن هذا الموضع منذ زمن بعيد، وانظر بحثنا عن المحصّب فيما سبق.
(2)
القائل هو: كثير بن كثير السهمي، وقد تقدّم هذا البيت ضمن أبيات أخرى.
وانظر الأزرقي 228/ 2 - 229.
(3)
موضعه أعلى مدخل الملاوي اليوم، مقابل جبل سقر الذي يشرف على الخنساء من الغرب. ولا زالت بعض الآبار قائمة في ذلك المكان إلى اليوم. وانظر الأزرقي 229/ 2.
(1)
وأراك قد جعلت زرعا. قال معاوية-رضي الله عنه:متى تعلمت هذه الآية؟ فقال: أما أنا فقد أوجعتك، فقل ما شئت.
ومنها حائط يقال له: حائط مورّش
(2)
،وموضعه في دار محمد بن سليمان ابن علي، ودار لبابة بنت علي، ودار عبيد الله بن قثم، اللواتي بفم شعب الخوز، وكان فيه النخل، وكانت له عين ومشرعة يردها الناس على طريق منى، وطريق العراق. ومورّش كان قيّما لمعاوية-رضي الله عنه-فنسب إليه الحائط.
ومنها حائط خرمان
(3)
وهو من ثنية أذاخر إلى بيوت أبي جعفر العلقمي، وبيوت ابن أبي الرزّام، ومدخله قائم إلى اليوم، وكان فيه النخل والزرع حديثا من الدهر، وكانت له عين ومشرعة يردها الناس.
2453 -
حدّثنا أبو سعيد حسين بن حسن، قال: حدّثني علي بن الصبّاح، قال: ثنا ابن الكلبي، قال: ثنا معروف بن خرّبوذ المكي، قال:
كان علقمة بن صفوان بن محراب الكناني-جد مروان من قبل أمه-له في ظهر مكة ماء، يقال له: السرر عند موضع يقال له: حائط خرمان، فخرج على جمل له، عليه إزار ورداء، وهو يظنّ أنه قد أصبح، وعليه ليل، وكانت معه مقرعة، فلما انتهى إلى موضع خرمان، إذا هو بشيء له رجل
2453 - ابن الكلبي متروك.
(1)
سورة إبراهيم (37).
(2)
موضعه في البياضية، دبر قصر السقاف، وقد كانت فيه بعض الأشجار إلى عهد قريب، أما آباره فلم تدفن إلاّ قبل سنتين. وانظر الأزرقي 229/ 2.
(3)
لا يزال موضعه معروفا باسم (الخرمانية) وقد أقيم على أكثر أرضه بناية جميلة ضخمة لأمانة العاصمة المقدّسة. وانظر الأزرقي 229/ 2.
واحدة ويد واحدة، وعين واحدة معه السيف، وهو يدور حول حماره ويقول:
علقم إنّي مقتول
…
وإني لحمي مأكول
أضربهم بالهدلول
…
ضرب غلام مسمول
رحب الذراع بهلول
فقال له علقمة: ما لي ولك تقتل من لا يقتلك، إغمد عنّي منصلك.
قال ذلك الشق:
عنيت لك عنيت لك
…
كيما أبيح معقلك
ثم أحل منزلك
…
فاصبر على قدر لك
فضربه بالمقرعة، وضربه ذلك الشق بالسيف، فوقعا جميعا إلى الأرض، وذهب حمار علقمة، حتى أتى منزله، فوثب ولده/وأهله فاتبعوا الأثر، فوجدوه مغشيا عليه وإذا إلى جانبه فحمة، وإذا في علقمة مثل الخط، فجاءوا به فعاش علقمة سبعة أيام، ثم مات، وعطّل ذلك الماء حتى جاء الإسلام فقالت الجنيّة لدى ذلك الشق:
قولوا [لمن] يعذلني
…
فيما يلوموا ولمه
كان بكائي دائما
…
على ابن أمّي سلمه
إن تقتلوا سيدنا
…
فقد أتانا علقمه
كلاهما كان له
…
في قومه مغلغمه
لن تسكنوها أبدا
…
وفي تهامة سلمه
قال أبو سعيد يريد بقوله سلمة: الشجر.
ومنها: حائط حراء
(1)
،وهو أسفل حراء، وضفيرته قائمة إلى اليوم، وكان فيه النخل، وكانت فيه مشرعة يردها الناس.
(1)
لا زالت بئره قائمة إلى اليوم، ولكن لا زرع فيه. وأنظر الأزرقي 229/ 2.
وفي حراء وثبير يقول القائل:
وارحل بودّك حيث شئت فليس لي
…
أسف عليك ولا لديك كثير
أخرجت من سجن غداة هجرتني
…
وانحطّ عن عنقي حرا وثبير
ومنها: حائط ابن طارق
(1)
،بأسفل مكة، وكانت عينه تمر في بطن وادي مكة، وتحت الأرض، وكانت له عين ومشرعة، وكان فيه النخل، وكان موضعه أسفل قرن ابن شهاب، وكان معاوية-رضي الله عنه-ابتاعه من طارق بن عبد الرحمن بن المرتفع بن الحارث بن عبد مناة، وكان فيه نخل.
قال ابن أبي عمر: أدركت فيه أصول النخل. ثم كان هذا الحائط للوليد بن عبد الملك بعد ذلك، وفيه عين تمرّ اليوم في وادي مكة، وأصله لآل طارق، فرهنه عند رجل، فغرق في الرهن، فهو للمخزوميّين لآل الحارث ابن عبد الله بن ربيعة، ولهم بيوت عند أصل قرن
(2)
.
ومنها: حائط فخّ
(3)
،ولم يزل قائما إلى سنة ست وأربعين ومائتين، فقدم الصائغ أسحق بن سلمة، فقطع شجره، وجعل له فلجا يذهب إلى بركة جعلها ناحية الحصحاص
(4)
،وذلك أنّ أهل مكة ضاقوا من الماء، فأبطل الحائط ولم ينتفع الناس بشيء من مائه، وقد كان الناس ينتفعون به، ويستنفعون فيه، وموضعه قديم معروف المكان، ويشربه مارة الطريق، وفي
(1)
كان موضعه بالمسفلة، عند موقف السيّارات المتعدّد الأدوار الآن، وكان قرب موضع هذا الموقف بركة تسمّى (بركة ماجل).
(2)
كذا في الأصل.
(3)
ذكره الأزرقي 230/ 2،وقال: وهو قائم إلى اليوم، فاختصر ما فصّله الفاكهي. وقال الأستاذ ملحس محددا موضع هذا الحائط:في المكان المعروف بالشهداء. قلت: وحيّ الشهداء حيّ واسع فيه أكثر من حائط،ومنها ما كان قائما إلى قبل أعوام قليلة، منها ما هو لبعض الأشراف، ومنها ما هو وقف على بعض المدارس الشرعيّة بمكة، وغير ذلك. فلا أدري أين موضعه، والله أعلم.
(4)
أي بعد هبوطك من ريع الكحل نحو الشهداء.
هذا الموضع يقول الشاعر:
أستودع الله ظبيا قد كلفت به
…
مرعاه فخّ إلى فسقية الطبري
وقد عمر اليوم هذا الحائط،وردّ في موضعه، وصرفت عينه إلى الحائط كما كانت.
2454 -
وحدّثنا أبو يحيى عبد الله بن أحمد، قال: ثنا ابراهيم بن عمرو، قال: أخبرني القاسم بن [عبد الله]
(1)
بن عمر، عن عبيد الله بن عمر، قال خرجت مع أبي، وسالم بن عبيد الله حتى إذا كنا بفخّ دخل فاغتسل.
ومنها: حائط بلدح
(2)
،وهو قائم إلى اليوم.
2455 -
حدّثنا الحسن بن علي، قال: ثنا عفّان بن مسلم، قال: ثنا وهيب، قال: ثنا موسى بن عقبة، قال: ثنا سالم، عن ابن عمر-رضي الله عنهما-أنه سمعه يحدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنّه لقي زيدا بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح وذلك قبل أن ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، فقدّم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة فيها لحم، فأبى أن يأكل منها، وقال: إنّي لا آكل مما
2454 - إسناده متروك.
القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطّاب متروك، ورماه أحمد بالكذب.
2455 -
إسناده صحيح.
رواه البخاري 630/ 9،142/ 7،والبيهقي في الدلائل 121/ 2، كلاهما من طريق: موسى بن عقبة به. وأشار الحافظ في الفتح إلى رواية الفاكهي هذه.
(1)
في الأصل (عبيد الله) وهو تصحيف.
(2)
وهذا الحائط لم يحدّد الفاكهي موضعه، وبلدح واد واسع طويل، يبدأ من نهاية حيّ الشهداء وينتهي بالحديبية الشميسي-وأشهر حوائطه هي الحوائط التي لا زالت قائمة إلى اليوم في أم الدود (أم الجود اليوم) وبستان القزّاز، وبستان أم الدرج، وقد أقيم في موضع أحد بساتينه فندق كبير اسمه: فندق مكة إنتركنتننتال، ولا زالت بعض الآبار قائمة حتى اليوم في تلك المواضع.
تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلاّ مما ذكر اسم الله عليه. حدّث بهذا عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي بلدح يقول الشاعر:
/وبالمنحنى ذي السرح من بطن بلدح
…
إلى بئر بكّار قواء بسابس
(1)
وقال آخر:
حبّذا ماء بلدح
…
وهوا فيه نازله
ومنها: حائط الحمّام
(2)
،وهو بالمعلاة، بالقرب من بركة أم جعفر وذلك الموضع يقال له: دار الحمّام اليوم، وإنّما سمّي الحمّام: أن حمّاما لمعاوية-رضي الله عنه-كان في أسفله، وكان فيه نخل.
2456 -
حدّثني عبد الله بن أحمد، قال: ثنا أحمد بن محمد، عن [عبد الرحمن]
(3)
بن حسن، عن أبيه، قال: إن زمعة، أو ابن زمعة قال
2456 - إسناده حسن.
أحمد بن محمد، هو: الأزرقي. وزمعة، هو: ابن الأسود بن عامر، القرشي العامري. صحابي أسلم يوم الفتح. أنظر الإصابة 532/ 1.
(1)
القواء: الأرض التي لم تسكن. والبسابس: هي الأرض القفر، واحدها بسبس. اللسان 29/ 6.
(2)
سبق تحديدنا لموضع بركة أم جعفر، ورجّحنا أنّ موضعها عند مدخل موقف سيارات برحة الرشيدي، ويغلب على ظنّي أن موضع هذا الحائط هو في الجهة المقابلة لبركة أم جعفر، فيكون موضعه بالقرب من موضع بناية البريد المركزي اليوم، وذلك لأمرين: الأول: أنّ دار الحمّام سبق وأن حدّدها الفاكهي على يسرة الصاعد في الوادي، بالقرب من ردم عمر بن الخطاب، أي في سوق الجودرية اليوم.
والثاني: أنّ موضع سوق الجودرية كان لبني عامر بن لؤي-على ما أوضحه الفاكهي-في الرباع، وزمعة أو ابن زمعة هو من بني عامر بن لؤي، فأراد الخيف الذي يقع في أعلى رباعهم ليزرعه، فغلبه في ذلك أبو سفيان. والله أعلم.
(3)
في الأصل (عبد الرحيم) وهو خطأ. وعبد الرحمن بن حسن بن القاسم بن عقبة الأزرقي.