المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بأمر دنياه، جاهل بأمر آخرته (1). وكتب عمر إلى أبي موسى: - الدنيا ظل زائل

[عبد الملك بن قاسم]

الفصل: بأمر دنياه، جاهل بأمر آخرته (1). وكتب عمر إلى أبي موسى:

بأمر دنياه، جاهل بأمر آخرته (1).

وكتب عمر إلى أبي موسى: إنك لن تنال عمل الآخرة بشيء أفضل من الزهد في الدنيا.

‌أخي:

دع الحرص على الدنيا

وفي العيش فلا تطمع

فلا تجمع من المال

فما تدري لمن تجمع

فإن الرزق مقسوم

وسوء الظن لا ينفع

فقير كل ذي حرص

وغني كل من يقنع (2)

روي عن أبي حازم أنه قال: لو كانت الدنيا لا يدخلها أحد إلا بترك جميع ما يحب من الدنيا لكان يسيرًا في جانبها، فكيف وقد تدخل الجنة بترك جزء من ألف جزء مما تحب، وقد تنجو من النار بتحمل جزء من ألف جزء مما تكره (3).

‌أخي الحبيب:

درر من الحكم تنثر .. ولكن تبقى الهمة العالية .. والمسارعة المستمرة. ويبقى دومًا تذكر يوم المعاد.

قال الفضيل بن عياض: رهبة العبد من الله على قدر علمه بالله، وزهادته في الدنيا على قدر رغبته في الآخرة (4).

قد نادت الدنيا على نفسها

لو كان في العالم من يسمع

(1) العاقبة: 90.

(2)

بستان العارفين: 15.

(3)

تنبيه الغافلين: 1/ 85.

(4)

السير: 8/ 426.

ص: 48

وجامع بددت ما يجمع (1)

كم واثق بالعمر أنفيته

ولنتأمل في قول الحسن رضي الله عنه: إن أيسر الناس حسابًا يوم القيامة الذين حاسبوا أنفسهم لله في الدنيا، فوقفوا عند همومهم وأعمالهم؛ فإن كان الذي هموا به لله، مضوا فيه، وإن كان عليها أمسكوا، وإنما يثقل الحساب يوم القيامة على الذين جازفوا الأمور في الدنيا، أخذوها على غير محاسبة، فوجدوا الله قد أحصى عليهم مثاقيل الذر، ثم قرأ:{يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: 49].

ومن تأمل في مزرعة الدنيا ووقت الحصاد رأى أن الأمر جد لا هزل فيه، وتشمير لا هوادة فيه. فمن قدم بين يديه اليوم رآه غدًا في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة .. يوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت .. وتضع كل ذات حمل حملها .. يوم تتطاير فيه الصحف.

قال سلمان بن دينار: ما أحببت أن يكون معك في الآخرة فقدمه اليوم. وما كرهت أن يكون معك في الآخرة فاتركه اليوم (2).

فهذه الدنيا دار العمل، وغدًا هناك حين تغيب شمس الدنيا،

(1) عقود اللؤلؤ والمرجان: 285.

(2)

صفة الصفوة: 2/ 166.

ص: 49