الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليصدوا المسلم عن دينه ويزينوا له العثرات
…
فإنهم يعملون في هذه الدنيا لصده عن الحق وتزيين المعصية.
أخي الحبيب:
الدنيا مضمار سباق وقد انعقد الغبار وخفي السابق، والناس في المضمار بين فارس وراجل وأصحاب حمر معقرة
…
سوف ترى إذا انجلى الغبار
…
أفرس تحتك أم حمار؟
ونحن نسير إلى آجالنا .. تنقص أعمارنا وتدنو نهاياتنا .. نسير: لاهون غافلون، لا نحسب لهذا اليوم حساب .. ولا نتجهز ليوم المعاد.
قال الحسن: تؤمل أن تعمر عمر نوح، وأمر الله يطرق كل ليلة (1).
يؤمل دنيا لتبقى له
…
فوافى المنية قبل الأمل
حثيثًا يروي أصول الفسيل
…
فعاش الفسيل ومات الرجل (2)
قال أبو حازم سلمة بن دينار: إن كان يغنيك من الدنيا ما يكفيك، فأدنى عيش من الدنيا يكفيك، وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شيء يكفيك (3).
فوالله رأينا من يملك الدنيا رحل بكفن .. ورأينا من لا يملك من الدنيا شيء رحل بكفن .. تساوى الجميع عند هذه الحفرة -القبر- واختلفوا في داخلها .. فإما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من
(1) الزهد: للحسن البصري.
(2)
صفة الصفوة: 4/ 65.
(3)
صفة الصفوة: 2/ 158.
حفر النار.
إنما الدنيا إلى الجنة والنار طريق
والليالي متجر الإنسان والأيام سوق (1)
عندما سئل أبو صفوان الرعيني: ما هي الدنيا التي ذمها الله في القرآن، والتي ينبغي للعاقل أن يتجنبها؟ فقال: كل ما أحببت في الدنيا تريد به الدنيا فهو مذموم، وكل ما أحببت منها تريد به الآخرة فليس منها (2).
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه يصف الدنيا: حلالها حساب، وحرامها النار.
وقيل: أوحي إلى داود عليه السلام: يا داود: إني لأنظر إلى الشيخ في كل يوم صباحًا ومساءً وأقول له: يا عبدي، كبر سنك، ورق جلدك، ودق عظمك، وحان قدومك علي، فاستحي مني فإني استحي منك (3).
يا بؤس للإنسان في الـ
…
ـدنيا وإن نال الأمل
يعيش مكتوم العلل
…
فيها ومكتوم الأجل
بينا يرى في صحة
…
مغتبطًا قيل اعتلل
وبينما يوجد فيـ
…
ـها ثاويًا قيل انتقل
(1) الزهد: للبيهقي 317.
(2)
تزكية النفوس: 128.
(3)
الزهر الفائح: 42.
يتبعه حسن العمل (1)
فأوفر الحظ لمن
قال الحسن رضي الله عنه: يابن آدم، إنما هي أيام إذا مضى يومك ينقصك.
ولهفنا ولهثنا وراء الدنيا .. نخاف من الفقر ونطمع في جمع الحطام .. كأننا نخلد أو نبقى فيها إلى الأبد .. نخاف الفقر، ولا نخاف الحساب .. نخاف الجوع، ولا نخاف من التقريع والعقاب.
قال يحيى بن معاذ رحمة الله عليه: مسكين ابن آدم لو خاف النار كما يخاف الفقر دخل الجنة (2).
وانظر إلى حال من سلف كما قال عنهم الحسن البصري: والذي نفسي بيده، لقد أدركت أقوامًا كانت الدنيا أهون عليهم من التراب الذي يمشون عليه.
نذم زمانا ما له من جناية
…
ونشكوه لو يغني عن المرء شكواه
ولا ذنب فيها للزمان وإنما
…
جنينا فعوقبنا بما جنيناه
هو القدر الجاري على الكره والرضا
…
فصبر وتسليمًا لما قدر الله (3)
قال الفضيل، يفصل واقع الأيام، ويحكى سيرها: إنما أمس: فعل، واليوم: عمل، وغدًا. أمل (4).
(1) تاريخ بغداد: 10/ 367.
(2)
الإحياء: 4/ 170.
(3)
جنة الرضا: 2/ 260.
(4)
السير: 8/ 427.