الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هموما كلما كثرت لديه
أرى الدنيا لمن هي في يديه
تهين المكرمين لها بصفر
…
وتكرم كل من هانت عليه
إذا استغنيت عن شيء فدعه
…
وخذ ما أنت محتاج إليه (1)
أخي الحبيب:
كن من أبناء الآخرة، ولا تكن من أبناء الدنيا، فإن الولد يتبع الأم، والدنيا لا تساوي نقل أقدامك إليها، فكيف تعدو خلفها (2)؟
انفض يديك من الدنيا وساكنها
…
فالأرض قد أقفرت والناس قد ماتوا (3)
قالت امرأة حبيب بن محمد: كان يقول: إن مت اليوم فأرسلي إلى فلان يغسلني، وافعلي كذا واصنعي كذا، فقيل لامرأته: أرأى رؤيا؟ قالت: هذا قوله كل يوم (4).
أخي .. إذا استغنى الناس بالدنيا، فاستغن أنت بالله، وإذا فرحوا بالدنيا فافرح أنت بالله، وإذا أنسوا بأحبابهم فاجعل أنسك بالله، وإذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وتقربوا إليهم؛ لينالوا بهم العزة والرفعة، فتعرف أنت إلى الله، وتودد إليه تنل بذلك غاية العز والرفعة (5).
وخطب عمر بن عبد العزيز فقال في خطبته: لكل سفر زاد، فتزودوا لسفركم من الدنيا إلى الآخرة بالتقوى، وكونوا كمن عاين
(1) الإحياء: 2/ 344.
(2)
الفوائد: 68.
(3)
شذرات الذهب: 3/ 388.
(4)
صفة الصفوة: 3/ 320.
(5)
الفوائد: 152.
ما أعد الله له من عذابه، فترغبوا وترهبوا، ولا يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلبكم. وتنقادوا لعدوكم، فإن الله ما بسط أمل من لا يدري لعله لا يمسي بعد إصباحه، ولا يصبح بعد إمسائه، وربما كانت له كامنة بين ذلك خطرات الموت والمنايا، وإنما يطمئن من وثق بالنجاة من عذاب الله وأهوال يوم القيامة، فأما من لا يداوي من الدنيا كلما إلا أصابه جارح من ناحية أخرى، فكيف يطمئن؟ أعوذ بالله أن آمركم بما أنهى عنه نفسي، فتخسر صفقتي وتبدو مسكنتي في يوم لا ينفع فيه إلا الحق والصدق (1).
يا لاهيًا بالمنايا قد غره الأمل
…
وأنت عما قليل سوف ترتحل
تبغي اللحوق بلا زاد تقدمه
…
إن المخفين لما شمروا وصلوا
لا تركنن إلى الدنيا وزخرفها
…
فأنت من عاجل الدنيا ستنتقل
أصبحت ترجو غدًا يأتي وبعد غد
…
ورب ذي أمل قد خانه الأمل
هذا شبابك قد ولت بشاشته
…
ما بعد شيبك لا لهو ولا جدل
ماذا التعلل بالدنيا وقد نشرت
…
لأهلها صحة في طيها علل (2)
قال محمد بن أبي عمران: سمعت حاتمًا الأصم وسأله رجل: على ما بنيت أمرك هذا في التوكل على الله؟ قال: على خصال أربع: علمت أن رزقي لا يأكله غيري، فاطمأنت به نفسي، وعلمت أن عملي لا يعمله غيري، فاطمأنت به نفسي، وعلمت أن عملي لا يعمله غيري، فأنا مشغول به، وعلمت أن الموت يأتيني بغتة، فأنا
(1) البداية والنهاية: 9/ 283.
(2)
التبصرة: 1/ 49.
أبادره، وعلمت أني لا أخلو من عين الله حيث كنت فأنا مستحي منه.
زعم الذين تشرقوا وتغربوا
…
أن الغريب وإن أعز ذليل
فأجبتهم إن الغريب إذا اتقى
…
حيث استقل به الركاب جليل (1)
قال عبد الله بن المبارك: يابن آدم .. استعد للآخرة، وأطع الله بقدر حاجتك إليه، وأغضب الله بقدر صبرك على النار.
سبحانك ربنا لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك .. نعصيك بجهلنا وتعفوا برحمتك.
هذا الفضيل بن عياض يصور حال المؤمن في هذه الدار بقوله: المؤمن في الدنيا مهموم حزين .. همه مرمة جهازه، ومن كان في الدنيا كذلك، فلا هم له إلا التزود بما ينفعه عند العود إلى وطنه، فلا ينافس أهل البلد الذي هو غريب بينهم في عزهم، ولا يجزع من الذل عندهم (2).
إنما الدنيا فناء
…
ليس للدنيا ثبوت
إنما الدنيا كبيت
…
نسجته العنكبوت (3)
قال وهيب بن الورد: اتق أن تسب إبليس في العلانية وأنت صديقه في السر.
فهذا إبليس، والنفس الأمارة بالسوء، والهوى أرسو قلاعهم
(1) شذرات الذهب: 6/ 349.
(2)
جامع العلوم والحكم: 379.
(3)
الشافعي: 54.