المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

على ما مات، فابك على قلبك (1). ونحن -أخي الحبيب- في - الدنيا ظل زائل

[عبد الملك بن قاسم]

الفصل: على ما مات، فابك على قلبك (1). ونحن -أخي الحبيب- في

على ما مات، فابك على قلبك (1).

ونحن -أخي الحبيب- في هذه الدنيا على قدم وساق سائرون، ولا يأمن مضيعون، نفوت أوقاتنا، ونضيع أيامنا .. ونلهث في سير حثيث وراء حطام الدنيا كأنها تفوت ..

قيل لحاتم الأصم: على ما بنيت أمرك في التوكل؟

قال: على خصال أربع: علمت أن رزقي لا يأكله غيري، فأطمأنت به نفسي، وعلمت أن عملي لا يعمله غيري، فأنا مشغول به، وعلمت أن الموت يأتي بغتة، فأنا أبادره، وعلمت أني لا أخلو من عين الله فأنا مستحي منه (2).

إن إلهي لغني حميد

في كل يوم منه رزق جديد

الحمد لله الذي لم يزل

يفعل بي أكثر مما أريد (3)

‌أخي المسلم:

همة المؤمن متعلقة بالآخرة، فكل ما في الدنيا يحركه إلى ذكر الآخرة، وكل من شغله شيء فهمته شغله، ألا ترى أنه لو دخل أرباب الصنائع إلى دار معمورة، رأيت البزاز ينظر إلى الفرش، ويحرز قيمته. والنجار إلى السقف، والبناء إلى الحيطان، والحائك إلى النسيج المخيط، والمؤمن إذا رأى ظلمة، ذكر ظلمة القبر، وإذا رأى

(1) الزهر الفائح: 414.

(2)

السير: 11/ 485، وفيات الأعيان: 2/ 27.

(3)

صفة الصفوة: 4/ 52.

ص: 67

مؤلمًا، ذكر العقاب، وإن سمع صوتًا فظيعًا، ذكر نفخة الصور، وإن رأى الناس نيامًا، ذكر الموتى في القبور، وإن رأى لذة، ذكر الجنة فهمته متعلقة بما ثم، وذلك يشغله عن كل ما تم (1).

ولا خير في الدنيا لمن لم يكن له

من الله في دار المقام نصيب

فإن تعجب الدنيا رجالاً فإنه

متاع قليل والزوال قريب

قال عبد الله بن مسعود: في درر من الكلام: إنكم في ممر الليل والنهار، في آجال منقوصة وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، من زرع خيرًا يوشك أن يحصد رغبة، ومن زرع شرًا يوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع مثل ما زرع، لا يسبق بطيء بحظه، ولا يدرك حريص ما لم يقدر له، فمن أعطي خيرًا فالله أعطاه، ومن وقي شرًا فالله وقاه، المتقون السادة، والفقهاء قادة ومجالستهم زيادة (2).

وقيل لعلي رضي الله عنه: يا أبا الحسن صف لنا الدنيا؟ قال: أطيل أم أقصر؟ قالوا: بل أقصر، قال: حلالها حساب، وحرامها النار (3).

كلمات تغني عن مواعظ لمن كان له قلب. ألا وإن الدنيا دار ابتلاء وحزن ونصب وشقاء.

(1) صيد الخاطر: 521.

(2)

السير: 1/ 497.

(3)

تسلية أهل المصائب: 243.

ص: 68