الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخي المسلم:
انظر إلى من حوى الدنيا وزينتها
…
هل راح منها بغير الكسب والكفن
ها هو الحسن البصري: في تباين واضح بين حالنا وحالهم .. يقول: أدركت أقوامًا وصحبت طوائف، ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا أقبل، ولا يقبلون على شيء منها أدبر، ولهي كانت في أعينهم أهون من التراب، كان أحدهم يعيش خمسين سنة أو ستين سنة لم يطو له ثوب ولم ينصب له قدر، ولم يجعل بينه وبين الأرض شيئًا، ولا أمر من في بيته بصنعة طعام قط. فإذا كان الليل فقيام على أقدامهم يفترشون وجوههم، تجري دموعهم على خدودهم، ينجاون ربهم في فكاك رقابهم، كانوا إذا عملوا الحسنة دأبوا في شكرها وسألوا الله أن يقبلها، وإذا عملوا السيئة أحزنتهم وسأله الله أن يغفرها لهم، فلم يزالوا على ذلك. والله ما سلموا من الذنوب ولا نجوا من الذنوب إلا بالمغفرة -رحمة الله عليهم ورضوانه- (1).
أخي الحبيب .. أين نحن من هؤلاء؟ !
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجى
…
درج الجنان بها وفوز العابد
ونسيت أن الله أخرج آدمًا
…
منها إلى الدنيا بذنب واحد
ونحن -أخي- نبحث عن المتع والملذات .. نبتعد عن المكدرات والمنغصات.
هذه حالنا أما حال أبي الدرداء فهي كما قال: أحب الفقر
(1) الإحياء: 4/ 239.
تواضعًا لربي عز وجل وأحب الموت اشتياقًا إلى ربي عز وجل وأحب المرض تكفيرًا لخطاياي (1).
للناس حرص على الدنيا بتدبير
…
وصوفها لك ممزوج بتكدير
لم يرزقوها بعقل بعدما قسمت
…
لكنهم رزقوها بالمقادير
كم من أديب لبيب لا تساعده
…
وأحمق نال دنياه بتقصير
ولو كان عن قوة أو عن مغالبة
…
طار البزاة بأرزاق العصافير (2)
والدنيا وإن كانت دنيئة حقيرة .. إلا أنها ممر إلى الدار الآخرة ومعبر إلى إحدى المنزلتين. جنة أو نار .. ولنرى أحد تلك الممرات التي تؤدي إلى الجنة .. وهي من أعمال الدنيا.
قال صلى الله عليه وسلم: «حوسب رجل ممن كان قبلكم، فلم يوجد له من الخير شيء، إلا أنه كان يخالط الناس، وكان موسرًا، فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر، قال الله عز وجل نحن أحق بذلك منه، تجاوزوا عنه» رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
يقول الإمام الشافعي: أشد الأعمال ثلاثة: الجود من قلة، والورع في خلوة، وكلمة الحق عند من يرجى ويخاف (3).
وقال الحسن: غدًا كل امرئ فيما يهمه، ومن هم بشيء أكثر من ذكره، إنه لا عاجلة لمن لا آخرة له، ومن آثر الدنيا على
(1) الزهد: 217.
(2)
تاريخ الخلفاء: 171.
(3)
صفة الصفوة: 2/ 251.