المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الله .. والاستفادة من مرور الليالي والأيام في طاعة الله - الدنيا ظل زائل

[عبد الملك بن قاسم]

الفصل: الله .. والاستفادة من مرور الليالي والأيام في طاعة الله

الله .. والاستفادة من مرور الليالي والأيام في طاعة الله جل وعلا.

قال مالك بن دينار: خرج أهل الدنيا من الدنيا، ولم يذوقوا أطيب شيء فيها. قيل: وما هو؟ قال: معرفة الله تعالى (1).

وانظر -‌

‌أخي الحبيب

- في حال المحتضرين من الصالحين ترى الهدوء والسكينة على النفوس المطمئنة، وترى غير ذلك على أصحاب الحرام، اللاهثين وراء الحطام وزخرف الدنيا.

العبد ذو ضجر والرب ذو قدر

والدهر ذو دول والرزق مقسوم

والخير أجمع فيما اختار خالقنا

وفي اختيار سواه اللوم والشوم

قال أبو الدرداء: لولا ثلاث لأحببت أن أكون في بطن الأرض لا على ظهرها: لولا إخوة يأتوني ينتقون أطايب الكلام كما ينتقى طيب الثمر، أو أعفر وجهي ساجدًا لله عز وجل أو غدوة أو روحة في سبيل الله عز وجل (2).

هذه الرغبة الصادقة فيما عند الله .. وهذه هي الاستفادة الكاملة من الأوقات وتلك والله الأمنيات الخيرة.

قال وهيب بن الورد: الزهد في الدنيا أن لا تأسى على الناس على ما فاتك منها، ولا تفرح بما آتاك منها (3).

أخي الحبيب:

إنما الدنيا إذا فكرت فيها: ثلاثة أيام، يوم مضى لا ترجوه،

(1) مدارج السالكين: 2/ 233.

(2)

الزهد: 198.

(3)

حلية الأولياء: 8/ 140.

ص: 57

ويوم أنت فيه ينبغي لك أن تغتنمه، ويوم يأتي لا تدري أنت من أهله أم لا، ولا تدري لعلك تموت قبله، وليكن سعيك في دنياك لآخرتك، فإنه ليس لك من دنياك شيء إلا ما صدرت أمامك، فلا تدخرن عن نفسك مالك، ولا تتبع نفسك ما قد علمت أنك تاركه خلفك، ولكن تزود لبعد المشقة (1).

وليكن طلبك الدنيا اضطرارًا، وتذكرك في الأمور اعتبارًا، وسعيك لمعادك ابتدارًا، فاعمل عمل المرتحل، فإن حادي الموت يحدوك ليوم ليس يعدوك (2).

قال الحسن رحمه الله: إياكم وما شغل من الدنيا، فإن الدنيا كثيرة الأشغال، لا يفتح رجل على نفسه باب شغل إلا أوشك ذلك الباب أن يفتح عليه عشرة أبواب (3).

صاحب الدنيا الذي يعظمه البعض - حتى وإن كان تاركًا للصلاة ويوسع له في المجلس لننظر إلى الحسن رحمه الله كان إذا ذكر صاحب الدنيا يقول: والله ما بقيت له ولا بقي لها، ولا سلم من شرها ولا تبعتها ولا حسابها، ولقد أخرج منها في خرق (4).

وكتب علي بن أبي طالب إلى عبد الله بن عباس: أما بعد فإن المرء يسوءه فوت ما لم يكن يدركه، ويسره درك ما لم يكن ليفوته،

(1) حلية الأولياء: 2/ 138.

(2)

أدب الدنيا والدين: 122.

(3)

حلية الأولياء: 2/ 153.

(4)

حلية الأولياء: 2/ 144.

ص: 58