المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

والحفاوة به .. إنها الدنيا .. واعلم بأن المرء غير مخلد … - الدنيا ظل زائل

[عبد الملك بن قاسم]

الفصل: والحفاوة به .. إنها الدنيا .. واعلم بأن المرء غير مخلد …

والحفاوة به ..

إنها الدنيا ..

واعلم بأن المرء غير مخلد

والناس بعد لغيرهم أخبار

قال عبد الله بن عون: إن من كان قبلنا كانوا يجعلون للدنيا ما فضل عن آخرتهم، وإنكم تجعلون لآخرتكم ما فضل عن دنياكم (1).

‌أخي المسلم:

إن عمر الدنيا والله قصير، وأغنى غني فيها فقير، وكأني بك في عرصة الموت، وقد استنشقت ريح الغربة قبل الرحيل، ورأيت أثر اليتم في الولد قبل الفراق، فتيقظ إذن من رقدة الغفلة، وانتبه من السكرة، وأقلع حب الدنيا من قلبك، فإن العبد إذا أغمض عينه وتولى، تمنى الإقالة فقيل كلا (2).

في يوم من أيام الحياة ستدبر الدنيا وتقبل الآخرة .. وما كان بعيدًا أضحى قريبًا .. وما كنت تراه في الذاهبين .. سيراه الأحياء فيك .. موت فجأة .. أو مرض بغتة .. أو أنت على فراشك تحمل إلى قبرك .. إنها عبر ترى ومصارع تترى .. ونحن في غفلتنا نائمون .. وفي غينا تائهون.

تبًا لطالب دنيا لا بقاء لها

كأنما هي في تصريفها حلم

صفاؤها كدر، وسراؤها ضرر

أمانها غرر، أنوارها ظلم

(1) صفة الصفوة: 3/ 101.

(2)

عدة الصابرين: 329.

ص: 13

لذاتها ندم، وجدانها عدم

شبابها هرم، راحاتها سقم

لا يستفيق من الأنكاد صاحبها

لو كان يملك ما قد ضمنت إرم

فخل عنها، ولا تركن لزهرتها

فإنها نعم في طيتها نقم

واعمل لدار نعيم لا نفاد لها

ولا يخاف بها موت ولا هرم (1)

قال أبو حازم: من عرف الدنيا لم يفرح فيها برخاء .. ولم يحزن على بلوى.

وقال علي بن أبي طالب: من جمع فيه ست خصال لم يدع للجنة مطلبًا ولا عن النار مهربًا، أولها: من عرف الله وأطاعه، وعرف الشيطان فعصاه، وعرف الحق فاتبعه، وعرف الباطل فاتقاه، وعرف الدنيا فرفضها، وعرف الآخرة فطلبها (2).

وحسن ظنك بالأيام معجزة

فظن شرًا وكن منها على وجل

والوجل -أخي الكريم- هو الخوف مما ذكره الفضيل بن عياض بقوله: الدخول في الدنيا هين، ولكن الخروج منها شديد (3).

الخروج أنفاس تتوقف .. ولحظات عصيبة .. تنتزع فيها الروح انتزاعًا .. وحتى إن كان الخروج سهلاً، فإن الجري وراء الدنيا واللهث وراء المادة .. يجلب تشتت الذهن وكثرة الهموم .. واضطراب النفس.

(1) مكاشفة القلوب: 329.

(2)

الإحياء: 3/ 221.

(3)

الإحياء: 3/ 224.

ص: 14