الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وطلبت إشراكها معه في الماء، فلم يقبل، فاحتكموا إلى كاهنة، ولكن قبل وصولهم إليها حدث أن نفد الماء عند عبد المطلب، ومن معه، وأبت قريش أن تشركه بالماء الذي عندها، حرصًا على الماء في الصحراء، فلما أشرف عبد المطلب ومن معه على الهلاك وحفروا قبورهم انبجست عين ماء تحت حافر ناقة عبد المطلب، فشرب القوم جميعًا واعتبروا ذلك علامة على أحقية عبد المطلب بماء زمزم فأسلموها إليه.
ولا شك أن الحادثة والسيطرة على الماء معًا عزَّزتا مكانة بني هاشم في مكة (1). وأما الآثار التي زعم أنه عثر عليها في البئر كالغزال الذهبي والسيوف القلعية فلم تصح بها الرواية (2).
ورغم ذلك فإن تعدد مخارج الخبر (سعيد بن المسيب + الزهري) ينهض لدعم الحدث التأريخي ما دام لا يتعلق بالعقيدة أو الشريعة.
نذر عبد المطلب:
وقد صح النقل عن عبد الله بن عباس أنه قال: "
…
كان عبد المطلب ابن هاشم نذر أن تَوافى له عشرةُ رهطٍ أن ينحر أحدهم. فلما توافى له عشرة،
(1) ابن هشام: السيرة 1/ 131 - 134 وابن إسحاق: السير والمغازي 24 - 25 والبيهقي: دلائل النبوة 1/ 93 - 95 والأزرقي: أخبار مكة 2/ 44 - 46 وكلهم من طريق ابن إسحاق.
(2)
محمد بن حبيب: المنمق 334 من طريق عبد الأعلى بن أبي المساور وهو متروك (تقريب التهذيب).
وعبد الرزاق: المصنف 5/ 314 من طريق الزهري مرسلًا، ومراسيله ضعيفة.
وابن سعد: الطبقات 1/ 85 بإسناد فيه ضعف إلى أبي مجلز السدوسي (ت 109 هـ) بسبب خالد بن خداش فإنه صدوق يخطيء مرسلًا، ومن طريق هشام الكلبي وهو متروك.
وابن هشام: السيرة 1/ 134 - 136 من رواية ابن إسحاق بدون إسناد.
وأبو عبيد: غريب الحديث 4/ 26 بالحاشية 4/ 26 بالحاشية بإسناد حسن إلى سعيد بن المسيب الذي لم يحدد سنده إلى عبد المطلب.
أقرع بينهم أيهم ينحر، فطارت القرعة على عبد الله بن عبد المطلب، وكان أحب الناس إلى عبد المطلب، فقال عبد المطلب: اللهم هو أو مائة من الإبل ثم أقرع بينه وبين الإبل، فطارت القرعة على المائة من الإِبل (1). والرواية يبدو أنها كانت متداولة في أوساط العائلة. وقد بيَّنَت روايتان مرسلتان عن الزهري وأبي مجلز أن النذر وقع عندما حفر عبد المطلب زمزم واشتدَّ عليه من قومه الأذى (2). ومناسبة النَّذر وردت من طرق أخرى عديدة لكنها شديدة الضعف مدارها على الواقدي وابن أبي سَبْرة وأمثالهما. (3).
ولم تحدد رواية صحيحة تأريخ عزم عبد المطلب على الوفاء بنذره بنحر عبد الله ابنه، لكن رواية ضعيفة من طريق الواقدي تذكر أن ذلك قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنين (4). ولعل هذا يوافق ما ذكره موسى بن عقبة عن الصحابي حكيم بن حزام بن خويلد الأسدي -ابن أخي خديجة- قال: ولدت قبل الفيل بثلاث عشرة سنة وأنا أعقل حين أراد عبد المطلب أن يذبح ابنه عبد الله (5).
والحادث يوحي بما خطه القدر الإلهي من ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم من أبيه عبد الله ابن عبد المطلب، فقد حفظ الله حياة عبد الله بما صرف عبد المطلب عن نحره.
(1) الطبري: تاريخ 2/ 239 - 240 بإسناد صحيح رجاله ثقات، وابن أبي شيبة: المصنف 4/ 1/55 بإسناد آخر صحيح عن ابن عباس. وقد أخرج الإمام مالك في الموطأ شطرًا متممًا للرواية يتعلق بفتوى ابن عباس في نذر مشابه بإسناد آخر عن ابن عباس مما يدعم رواية الطبري (الموطأ 2/ 476).
(2)
مصنف عبد الرزاق 5/ 316 - 317 ودلائل البيهقي 1/ 87 كلاهما عن الزهري، وطبقات ابن سعد 1/ 84 - 85 بإسناد حسن إلى أبي مجلز لكنه مرسل.
(3)
ابن سعد: الطبقات 1/ 88 - 89.
(4)
الحاكم: المستدرك 3/ 482 - 483. والطبري: تفسير 23/ 85 وابن كثير: التفسير 4/ 18. وانظر الألباني: سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/ 337.
(5)
ابن حجر: الإصابة 2/ 112.