الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم يغب عن فتح خيبر من أصحاب بيعة الحديبية أحد سوى جابر بن عبد الله ومع ذلك أعطى سهما مثل من حضر ولكن هذه الرواية ضعيفة وردت من طريق ابن إسحق دون إسناد (1).
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أهل السفينة من مهاجرة الحبشة الذين عادوا منها إلى المدينة ووصلوا خيبر بعد الفتح من غنائم خيبر، وكانوا ثلاثة وخمسين أو اثنين وخمسين رجلاً بقيادة جعفر بن أبي طالب، ولم يقسم لأحد لم يشهد الفتح سواهم (2).
وربما يرجع استثناؤهم إلى أنهم حبسهم العذر عن شهود بيعة الحديبية ولولا ذلك لشهدوها. ولعله استرضى أصحاب الحق من الغانمين في الإسهام لهم، كما أعطى أبا هريرة وبعض الدوسيين من الغنائم برضا الغانمين حيث قدموا عليه بعد فتح خيبر، ولم يشتركوا في القتال (3).
نماذج من المجاهدين:
وقد صح أن أعرابياً شهد فتح خيبر أراد النبي صلى الله عليه وسلم أثناء المعركة أن يقسم له قسماً وكان غائباً، فلما حضر أعطوه ما قسم له فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما على هذا اتبعتك، ولكني اتبعتك على أن أرمي هاهنا - وأشار إلى حلقه - بسهم فأدخل الجنة. قال: إن تصدق الله يصدقك. فلبثوا قليلاً. ثم نهضوا في قتال العدو فأتي به يحمل قد أصابه سهم حيث أشار، فكفنه النبي صلى الله عليه وسلم بجبته وصلى عليه ودعا له، فكان مما قال:(اللهم هذا عبدك خرج مهاجراً في سبيلك فقتل شهيداً، وأنا عليه شهيد)(4).
(1) سيرة ابن هشام 3/ 467.
(2)
صحيح البخاري كتاب فرض الخمس 6/ 237 وصحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة 4/ 1946.
(3)
عمر بن شبة: تاريخ المدينة 105.
(4)
مصنف عبد الرزاق 5/ 276.
إلا أن هذه الرواية شاهد قوي على ما يبلغه الإيمان من نفس أعرابي ألف حياة الغزو والسلب والنهب في الجاهلية فإذا به لا يقبل ثمناً لجهاده إلا الجنة فكيف يبلغ الإيمان إذاً من نفوس الصفوة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أيقال إنهم فتحوا ديار يهود طمعاً في أرض ومال؟ أيتهمون بأن التعصب الديني دفعهم لطرد يهود وهم الذين دعوهم للإسلام قبل القتال وقبلوا أن يعطوهم الأمان بعد الحصار وأبقوهم في خيبر بعد الاستسلام فمكثوا فيها رغم قتلهم عبد الله بن سهل الأنصاري حيث اتهمه بقتله المسلمون، فحلفوا أنهم لم يقتلوه، فوداه الرسول صلى الله عليه وسلم وفي قضية مقتله شرعت القسامة - وأقرهم بخيبر فاستقروا. حتى خلافة عمر رضي الله عنه فبدت منهم العداوة والبغضاء وغدروا بالمسلمين. ففدعوا (1) يدي ورجلي عبد الله بن عمر وهو نائم في سهمه من خيبر. فأجلاهم عمر رضي الله عنه من خيبر وأعطاهم قيمة ما كان لهم من التمر مالاً وإبلاً وعروضاً من أقتاب وحبال. وأخذ المسلمون ضياعهم من مغانم خيبر فتصرفوا فيها.
وهكذا انتهى دور اليهود العسكري والاقتصادي في الحجاز وتفرغ المسلمون لإخضاع قبائل العرب المشركة ولتوحيد جزيرة العرب تحت راية الإسلام.
(1) الفدع: عوج في المفاصل كأنها قد فارقت مواضعها، وأكثر ما يكون في رسغ اليد أو القدم (المعجم الوسيط مادة "فدع").
تمَّ بعونه تعالى الجزء الأول
ويليه الجزء الثاني وأوله:
الفصل الثالث
الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة
الجهاد ضد المشركين