الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا هو المشهور الذي رجحه ابن إسحاق والواقدي وابن سعد (1).
وخالفهم الكلبي وعوانة بن الحكم فزعما أن عبد الله لما توفي كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية وعشرين شهرًا ويقال سبعة أشهر (2) وانفرد الواقدي بتحديد سنِّ عبد الله حين وفاته وأنه في الخامسة والعشرين من عمره (3).
والمعروف المشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد يتيم الأب. قال ابن كثير: "وهذا أبلغ اليتم وأعلى مراتبه"(4).
وقد صحت الرواية في ذلك (5)، وإليه ذهب الواقدي وابن سعد ووافقهما ابن كثير وآخرون، لكن السهيلي قال:"وأكثر العلماء على أنه كان في المهد"(6).
وما دامت الرواية الصحيحة قد أثبتت مولده صلى الله عليه وسلم يتيمًا، فلا مندوحة عن الأخذ بها وإن خالفها الأكثرون.
وقد ذكر يتمه في القرآن: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} .
مولده صلى الله عليه وسلم عام الفيل:
وقد صح أن مولد النبي صلى الله عليه وسلم كان يوم الإثنين (7) وتفيد أقوى الروايات التي وصلت إلينا أن مولده كان عام الفيل (8).
(1) ابن إسحاق: السير والمغازي 45 وابن سعد: الطبقات الكبرى 1/ 99 - 100.
(2)
طبقات ابن سعد 1/ 100.
(3)
طبقات ابن سعد 1/ 99.
(4)
ابن كثير: السيرة 1/ 260.
(5)
صحيح مسلم 3/ 1392.
(6)
الروض الأنف 2/ 160.
(7)
مسلم: الصحيح 8/ 52 وأبو داؤد: السنن 2/ 808 - 809 وأحمد المسند 5/ 297، 299.
(8)
الحاكم: المستدرك 2/ 603 بإسناده إلى ابن عباس وفيه علة تدليس أبي إسحاق السبيعي وقد عنعن، وابن هشام: السيرة 2/ 155 بإسناده إلى قيس بن مخرمة وفيه المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة وهو مقبول يحتاج إلى متابعة تقويه، وقد توبع، فالروايتان تشدان بعضهما فترقيان إلى الحسن لغيره.
وقد ذكر خليفة أنه "المجتمع عليه"(1). فكأنه لا يعتد بمن خالف، والحق أن الروايات المخالفة كلها معلولة الأسانيد وهي تفيد أن مولده بعد الفيل بعشر سنوات أو ثلاث وعشرين سنة أو أربعين سنة (2) وقد ذهب معظم العلماء إلى القول بمولده عام الفيل، وأيدتهم الدراسات الحديثة التي قام بها باحثون مسلمون ومستشرقون اعتبروا عام الفيل موافقًا للعام 570 أو 571 الميلادي (3).
إن حادثة الفيل ثابتة الوقوع بنص القرآن {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} . فنص القرآن يقدم أدق تصوير لما حدث لجيش أبرهة، ولا تكاد الروايات التأريخية تخرج عن الوصف القرآني إلا في تحديد جزئيات وتفصيلات يسيرة، وهي روايات تقف عند ابن عباس وعبيد بن عمير من الصحابة، أو عند قتادة (ت 117 هـ) أو ابن إسحاق (ت 151 هـ)(4) ولا شك أن بينهم وبين الأحداث نصف قرن على الأقل بالنسبة للصحابة الصغار، ولعلهم استقوا المعلومات عمن بقوا أحياء ممن شاهد الحاديث، حيث تأخرت وفيات بعضهم، فقد رأت عائشة رضي الله عنها قائد
(1) تاريخ خليفة 53.
(2)
دلائل البيهقي 1/ 78 - 79 وتاريخ دمشق لابن عساكر (السير 1/ 54، 61).
(3)
جواد علي: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 9/ 443، 478.
(4)
إن تفاصيل قدوم أبرهة التي مصدرها عبيد بن عمير (ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهي أقدم ما وصل إلينا في ذلك وردت بإسناد ضعيف فيه أبو سفيان طلحة بن نافع وهو مدلس وقد عنعن (ابن أبي شيبة: المصنف 14/ 284 - 285) وروي هذه التفاصيل الأعمش عن طلحة، ومعروف عند المحدثين أن روايته عنه من صحيفة سمع بعضها فقط، ولم يصرح في هذه الرواية بالسماع (ميزان الاعتدال للذهبي 2/ 224 وتهذيب التهذيب لابن حجر 4/ 224 وتعريف أهل التقديس 33)، وأما إسناد الطبري إلى قتادة فحسن لأن سماع يزيد بن زُريع من سعيد بن أبي عروبة قديم قبل اختلاط سعيد لكنه مرسل ضعيف (الطبري: تفسير 30/ 303 - 304) وقد نقل قول قتادة بسند صحيح إليه من طريق محمد بن ثور عن معمر عن قتادة (الطبري 30/ 297 - 299) أما بقية الروايات المسندة إلى ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن جبير وآخرين فإنها تتناول تفسير ألفاظ في سورة الفيل، ولا تقدم صورة تفصيلية للحادث (الطبري: تفسير 30/ 296).