الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وممن كان يخفي إيمانه بمكة المقداد بن الأسود (1).
أذى المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم:
لا شك أن الاستجابة للأمر الإلهي بإعلان الدعوة اقتضى من المسلمين مواجهة المشركين بحقائق التوحيد وبفساد الشرك، مما جعل المشركين يلحقون الأذى بالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ففضلاً عن المعتقدات الباطلة التي عشعشت بعقولهم وتوارثوها خلفا عن سلف، فإنهم مدركين لجدواها في تحقيق مصالحهم الاجتماعية والاقتصادية عندما تؤم القبائل العربية مكة حيث الأصنام الثلاثمائة والستون المحيطة بالكعبة، وينجم عن ذلك حركة بيع وشراء تحقق الأرباح الوفيرة للملأ - سادة مكة - كما تؤمن - عبر الإيلافات واحترام قريش دينيًا - التجارة المكية نحو اليمن والشام.
واتخذ الأذى صوراً شتى من السب العلني والضرر المادي وقد وردت رواية من طرق تعتضد ببعضها لإثبات الحدث تاريخياً تقول إنه لما نزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} (2) أقبلت أم جميل بنت حرب، امرأة أبي لهب، وهي تنشد: مذمم أبينا، ودينه قلينا، وأمره عصينا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد ومعه أبو بكر رضي الله عنه، فسألت أبا بكر إن كان النبي قد هجاها فنفى ذلك (3)
= وساق ابن إسحاق شاهدا وفي سنده مبهم مع الإرسال (السير والمغازي 1/ 260 - 261) وساق الطبراني له شاهداً معضلاً مع تدليس ابن إسحاق وقد عنعن (المعجم الكبير 3/ 153 - 154) وهكذا فإن الطرق بمجموعها لا تصلح للاحتجاج بها حديثياً.
(1)
صحيح البخاري (فتح الباري 12/ 187) معلقا ووصله غيره (تعليق التعليق 5/ 242).
(2)
المسد: 1.
(3)
أخرجه الحميدي: المسند 1/ 153 - 154 وأبو يعلي: المسند 1/ 153 - 154 والحاكم: المستدرك 2/ 361 وفي إسنادهم جميعاً أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس عن أسماء بنت أبي بكر، وقد عنعن عنها وهو مدلس، ولكن تابعه كثير بن عبيد عن أسماء - وهو مقبول إذا توبع - (البيهقي: دلائل 2/ 196 فالحديث حسن لغيره، وتعضده شواهد من حديث ابن عباس (مسند أبي يعلي 1/ 33 - 34، وكشف الأستار 3/ 83 وفي إسنادهما عطاء بن السائب اختلط والراوي عنه عبد السلام بن حرب لم يصرّح بأنه ممن روى عنه قبل الاختلاط. =
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفرح لأن المشركين يسبون مذمما يقول: "ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، يشتمون مذمماً ويلعنون مذمماً وأنا محمد"(1).
ويحكي شاهد عيان هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة، وجمع من قريش في مجالسهم إذ قال قائل منهم: ألا تنظرون إلى هذا المرائي؟ أيكم يقوم إلى جزور آل فلان، فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها، فيجيء به ثم يمهله حتى إذا سجد وضعه بين كتفيه؟ فانبعث أشقاهم، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه. وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجداً، فضحكوا حتى مال بعضهم إلى بعض من الضحك. فانطلق منطلق إلى فاطمة عليها السلام وهي جويرية - فأقبلت تسعى وثبت النبي صلى الله عليه وسلم حتى ألقته عنه. وأقبلت عليهم تسبهم. فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال: اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش.
ثم تسمى: اللهم عليك بعمرو بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط وعمارة بن الوليد، قال عبد الله بن مسعود: فوالله لقد رأيتهم صرعى يوم بدر، ثم سحبوا إلى القليب (2) - قليب بدر - ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأتبع أصحاب القليب لعنة" (3).
وقد بينت الروايات الصحيحة الأخرى أن الذي رمى الفرث عليه هو عقبة
= وله شاهد آخر من حديث زيد بن أرقم (مستدرك الحاكم 2/ 526 - 527) وصحح إسناده مع أنه نبه على إرساله بسوقه من طريق يزيد بن زيد مرسلا كذلك فإن إسحاق بن محمد الهاشمي شيخ الحاكم روى عنه الحاكم واتهمه (ميزان الاعتدال 1/ 199 ولسان الميزان 1/ 374 - 375).
(1)
صحيح البخاري (فتح الباري 6/ 554 - 555).
(2)
القليب: البئر المفتوحة.
(3)
رواه البخاري (فتح الباري 1/ 594) ومسلم الصحيح 3/ 1418 - 1420).
ابن أبي معيط، وأن الذي حرضه هو أبو جهل (1)، وأنا المشركين تأثروا لدعوة الرسول، وشق عليهم الأمر، لأنهم يرون أن الدعوة بمكة مستجابة (2).
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على قريش لما كذبوه واستعصوا عليه فقال: "اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف فأخذتهم سنة فحصت كل شئ حتى أكلوا الميتة والجلود، وجعل الرجل يرى بينه وبين السماء دخانا من الجوع.
فأتى أبو سفيان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: إنك تأمر بطاعة الله، وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا فأدع الله لهم. وقد أثبت القرآن هذا الحادث فقال تعالى {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} إلى قوله {عَائِدُونَ} (3) فلما دعا ربه لهم آملاً توبتهم عادوا إلى كفرهم ونسوا ما حكاه القرآن على لسانهم قالوا:{رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} (4).
ويرى الحافظ الدمياطي أن ابتداء دعاء النبي على قريش بذلك كان عقب طرحهم على ظهره سلا الجزور (5). ولكن من المهم أن نلاحظ أن دعوته عليهم كانت بسبب تكذيبهم إياه واستعصائهم على الإيمان، وليس بسبب إيذائهم له،
(1) صحيح البخاري (فتح الباري 6/ 283، 7/ 165) وصحيح مسلم 3/ 1420.
(2)
فتح الباري 1/ 349 وقد زاد الأجلح بن عبد الله الكندي زيادة تفرد بها عن أبي إسحاق السبيعي ولم ينقلها الحفاظ الكبار من تلاميذ أبي إسحاق ممن أتقنوا حديثه مثل شعبة وسفيان الثوري وإسرائيل وغيرهم. والأجلح صدوق عند ابن حجر (تقريب 96) وإنما يقبل النقاد زيادات الثقات، أما من الناحية التأريخية فيمكن التساهل في قبول هذه الرواية ما دامت لا تعارض روايات الثقات، ولأن المؤرخين يبنون على ما هو أدنى منها من الأخبار.
وخلاصة الرواية، أن النبي صلى الله عليه وسلم غادر المسجد بعد هذه الحادثة فلقيه أبو البختري فسأله عن شأنه وألح عليه فأخبره بما فعل أبو جهل، فمضى أبو البختري إلى أبي جهل فسأله عما فعل فاعترف فضربه بالسوط على وجهه، ووقع تلاح بين الرجال في المسجد.
(انظر كشف الأستار 3/ 126 - 127 وفتح الباري 1/ 153 وعزاه لابن إسحاق في المغازي).
(3)
صحيح البخاري 2/ 15، 19، 6/ 32، 19، 39، 40، 41، وصحيح مسلم 4/ 2155 - 2157.
(4)
صحيح البخاري 6/ 39، 40، وصحيح مسلم 4/ 2157.
(5)
ابن حجر: فتح الباري 2/ 511.
فطالما احتمل أذاهم ولم يدع عليهم، بل دعا لهم بالهداية مما يصلح مثلا أعلى في الصبر على الدعوة واحتمال المدعوين وإن آذوا أصحاب الدعوة في أموالهم ومصالحهم وأنفسهم.
وكان المشركون إذا سمعوا القرآن يجهر به الرسول وهو يصلي بأصحابه مستخفياً يسبون القرآن ومن أنزله ومن جاء به، فأمره الله تعالى أن يتوسط بالقراءة بحيث يسمعه اتباعه دون المشركين قال تعالى {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} (1).
إن حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على الصلاة في المسجد الحرام أدى إلى الاحتكاك بالمشركين مراراً، ولعله حرص على إظهار شعائر الإسلام، واحترام الكعبة، ولقاء الناس لأغراض الدعوة.
ومن هنا حاول المشركون تفويت هذه الأغراض عليه بمضايقته وإيذائه دون التورع عن ذلك حتى وهو يسجد لله في صلاته!!
إن التهديد بالأذى والقتل على لسان زعماء المشركين لم يكن ينقطع في مرحلة الدعوة العلنية، بل كان يتصاعد ويشتد مع الأيام. فمرةً "قال أبو جهل: هل يعفَّر محمد وجهه بين أظهركم؟
فقيل: نعم.
فقال: واللات والعزى، لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته أو لأعفرن وجهه في التراب.
فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي، زعم ليطأ على رقبته. فلما فجئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه فقيل له: مالك؟
فقال: إن بيني وبينه لخندقاً من نار وهولاً وأجنحة.
(1) الآية من سورة الإسراء 110 والحديث أخرجه البخاري (فتح 10/ 19) وصحيح مسلم 1/ 329.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا (1).
لقد خلّد القرآن هذا الحَدَث فقال تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} (2). ولعله في هذه المرة نفسها جاءه أبو جهل فقال: ألم أنهك عن هذا؟ ألم أنهك عن هذا؟ فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن نهر أبا جهل وغلظ له القول، فقال أبو جهل: إنك لتعلم ما بها نادٍ أكثر مني. فأنزل الله {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} (3).
وقد سأل عروةُ بن الزبير عبدَ الله بن عمرو بن العاص: "أخبرني بأشد ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي مُعَيط، فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه خنقًا شديدًا، فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبه ودفع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:{أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} (4). وكان عمرو بن العاص والد عبد الله شاهدَ عيانٍ للحادثة، والغالب أنه سمع الخبر منه (5).
(1) صحيح مسلم 4/ 2154 من حديث أبي هريرة. وله شاهد من حديث ابن عباس مختصرًا أخرجه البخاري (فتح الباري 8/ 724). وأما تكملة الخبر في مستدرك الحاكم 3/ 325 ومسند البزار (كشف الأستار 3/ 130) ففي سنده عبد الله بن أبي فروة متروك.
(2)
العلق. وثمة احتمال أن يكون الخبر عن سبب نزول الآية من حديث أبي هريرة متصلًا (صحيح مسلم 4/ 2154 ومسند أحمد 2/ 370) ويقوى بشواهده كما في سنن الترمذي 5/ 443 - 444 وتفسير الطبري 3/ 256.
(3)
سنن الترمذي 5/ 443 - 444 وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح والآيتان من سورة العلق 18.
وانظر الألباني: السلسلة الصحيحة رقم 275 حيث قال "إسناده صحيح على شرط مسلم".
(4)
صحيح البخاري (فتح الباري 8/ 554، 7/ 22، 165) وابن إسحاق: السير والمغازي 229 - 330 بإسناد حسن مطولًا. والآية من غافر 28.
(5)
مصنف ابن أبي شيبة 14/ 297 بإسناد حسن، وتفسير النسائي رقم 477 وتغليق التعليق 4/ 87. =
وثمة رواية ضعيفة تفيد أن المشركين ضربوا الرسول صلى الله عليه وسلم حتى خضبوه بالدماء، وأن جبريل واساهُ ببيان معجزة له حيث دعا الرسول شجرة فجاءت تمشي حتى قامت بين يديه (1). وكانت السخرية والاستهزاء من الرسول صلى الله عليه وسلم ودعوته أحد الأساليب التي اتبعها المشركون في الحرب الكلامية لصرف الناس عن الدعوة، فكان أبو جهل يقول ساخراً: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم!! فنزلت الآية {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
…
} (2).
كما وردت رواية في سبب نزول الآية {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} (3) ومفادها أن الوليد بن المغيرة، والأسود بن عبد يغوث الزهري، والأسود بن المطلب أبو زمعة من بني أسد بن عبد العُزَّى، والحارث بن عيطل السهمي، والعاص بن وائل، كانوا يستهزئون برسول الله صلى الله عليه وسلم فشكاهم إلى جبريل، فعاقبهم الله في أبدانهم عقوبات شديدة. لكن الرواية لم تثبت من طريق صحيحة (4).
وقارن برواية أنس بن مالك في مسند أبي يعلى 6/ 362 بإسناد فيه عنعنة الأعمش وهو مدلس. وبرواية أسماء بنت أبي بكر في مسند أبي يعلى 1/ 52 بإسناد فيه أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس وهو مدلس وقد عنعنه، وقد حسن الحافظ ابن حجر إسناده (فتح الباري 7/ 169).
(1)
سنن ابن ماجة 2/ 1336 ومسند أحمد 3/ 113 ومصنف ابن أبي شيبة 11/ 478 - 479 وسنن الدارمي 1/ 12 - 13 بإسناد فيه عنعنة الأعمش وهو مدلس.
(2)
صحيح البخاري 5/ 199 كتاب التفسير باب قوله {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ
…
} وباب قوله {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ} وصحيح مسلم 4/ 215. والآيات من سورة الأنفال 33.
(3)
الحجر 95.
(4)
نعم صحح الذهبي الحديث (السيرة النبوية 143) ولكنه لم يسق إلا أعلى السند وهو صحيح كما قال.
ونحن لا نعلم من أسانيدها الكاملة إلا ما ساقه البيهقي في الدلائل 2/ 316 - 318 وفي سنده أحمد بن يوسف السلمي لم أقف على ترجمته ولولاه لكان السند لا بأس به.
وقد ساق الطبراني الرواية في الأوسط (مجمع البحرين 2/ 18 ب) وفي سنده محمد بن عبد الحكيم النيسابوري قال الهيثمي: لم أعرفه (مجمع الزوائد 7/ 47) ولم أقف على ترجمته.
وثمة روايات ضعيفة أخرى تشير إلى تغليظ رسول الله الكلام على المشركين مثل تقبيح وجوههم وهو جمعٌ في المسجد الحرام (1)، أو محاولتهم أذاه وامتناعه عليهم ووقوع العمى فيهم ثم زواله عنهم بدعائه صلى الله عليه وسلم (2)، أو منع الله لهم من أذاه بحجب رؤيتهم (3) له.
وقد ختم المشركون أذاهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمحاولة قتله في أواخر المرحلة المكية مما كان سببًا مباشرًا للهجرة.
قال ابن عباس: "إن الملأ من قريش اجتمعوا في الحجر، فتعاهدوا باللَّات والعُزَّى ومناة الثالثة الأخرى لو قد رأينا محمدًا قمنا إليه قيامَ واحدٍ، فلم نفارقه حتى نقتله.
فأقبلت فاطمة تبكي حتى دخلت على أبيها. فقالت: هؤلاء الملأ من قومك في الحجر قد تعاهدوا أن لو قد رأوك قاموا إليك فقتلوك، فليس منهم رجل إلا قد عرف نصيبه من دمك.
قال: يا بنية أدني وَضوءًا. فتوضأ، ثم دخل عليهم المسجد، فلما رأوه قالوا هذا هو، فخفضوا أبصارهم، وعَقِروا في مجالسهم فلم يرفعوا إليه أبصارهم، ولم يقم منهم رجل.
فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قام على رءوسهم، فأخذ قبضة من تراب فحصبهم بها وقال: شاهت الوجوه.
(1) كشف الأستار 3/ 130 - 131 بإسناد فيه علي بن شبيب مجهول ومحمد بن الضحاك بن عثمان انفرد ابن حبان بتوثيقه (ثقات ابن حبان 9/ 59).
(2)
أبو نعيم: دلائل النبوة 1/ 256 - 257 وفي إسناده النضر بن عبد الرحمن الخزاز متروك.
(3)
الطبراني: المعجم الكبير 3/ 239 - 240 في إسناده مجاهيل الحكم بن أبي الحكم الأموي قال ابن عبد البر مجهول (الاستيعاب مع الإصابة 1/ 316) وبنت الحكم قال الهيثمي: لا أعرفها (مجمع الزوائد 8/ 227).