المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كما لم يثبت أن قريشًا عرضت عليه أن يعبد آلهتهم - السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية - جـ ١

[أكرم العمري]

فهرس الكتاب

- ‌المقَدّمَة

- ‌منهج كتابة تاريخ صدر الإسلام

- ‌ملامح التصور الإسلامي للتفسير التاريخي

- ‌ضرورة المرونة في تطبيق قواعد المحدثين في نطاق التاريخ الإسلامي العام

- ‌مصادر السيرة النبوية

- ‌الفصل الأولالرسول صلى الله عليه وسلم في مكة

- ‌قبل البعثة

- ‌صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌النبي المختار:

- ‌حفر زمزم:

- ‌نذر عبد المطلب:

- ‌زواج عبد الله من آمنة:

- ‌وفاة عبد الله:

- ‌مولده صلى الله عليه وسلم عام الفيل:

- ‌صفة حمل آمنة به:

- ‌مرضعاته:

- ‌معجزة شق الصدر:

- ‌قصة بحيرى الراهب:

- ‌شهوده حلف المطيبين:

- ‌زواجه من خديجة:

- ‌صيانة الله له قبل البعثة (إرهاصات البعثة):

- ‌بشارات الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وسلم:

- ‌بشارات علماء أهل الكتاب بنبوته:

- ‌إرهاصات نبوته:

- ‌البعثة المحمدية:

- ‌الوحي:

- ‌مرحلة الدعوة السرية:

- ‌المسلمون الأوائل:

- ‌إسلام الجن:

- ‌بدء الدعوة الجهرية:

- ‌أذى المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌اضطهاد قريش للمسلمين:

- ‌لجوء قريش إلى المفاوضات:

- ‌لجوء المشركين إلى المطالبة بالمعجزات لإثبات النبوة:

- ‌مجادلة قريش:

- ‌الهجرة إلى الحبشة:

- ‌الهجرة الثانية إلى الحبشة:

- ‌إسلام عمر بن الخطاب:

- ‌دخول المسلمين شعب أبي طالب:

- ‌وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها:

- ‌رحلته إلى الطائف:

- ‌أسانيد قصة عداس

- ‌الإسراء والمعراج:

- ‌الطواف على القبائل طلبا للنصرة:

- ‌الاتصال بالأنصار ودعوتهم:

- ‌بيعة العقبة الأولى:

- ‌ بيعة العقبة الثانية

- ‌الهجرة إلى المدينة المنورة:

- ‌أوائل المهاجرين:

- ‌الفَصْل الثَانيالرُّسُولُ صلى الله عليه وسلم في المَدِيْنَةِ خَصَائِصُ المُجْتَمع المَدَنِّي وَتَنْظِيمَاته الأوْلى وإجْلَاءُ اليَهُود

- ‌خصائص المجتمع المدني وتنظيماته الأولىالمجتمع المدني قبل الهجرة:

- ‌أثر الإسلام في المجتمع المدني

- ‌الهجرة وأثرها في التكوين الاجتماعي لسكان المدينة:

- ‌نظام المؤاخاة في عهد النبوة

- ‌آصرة العقيدة هي أساس الارتباط بين الناس

- ‌الحب أساس بنية المجتمع المدني

- ‌الأغنياء والفقراء يجاهدون في صف واحد

- ‌أهل الصفةفقراء المهاجرين:

- ‌إعلان دستور المدينة (المعاهدة)

- ‌نقض يهود المدينة للمعاهدة وإجلاؤهم عنها

- ‌تاريخ الغزوة:

- ‌الطريق إلى خيبر:

- ‌وصف فتح خيبر:

- ‌أثر فتح خيبر:

- ‌كيفية توزيع غنائم خيبر:

- ‌نماذج من المجاهدين:

الفصل: كما لم يثبت أن قريشًا عرضت عليه أن يعبد آلهتهم

كما لم يثبت أن قريشًا عرضت عليه أن يعبد آلهتهم سنة ويعبدوا إلهه سنة (1). كما لا يصح أن أبا جهل اعترف بأن المنافسة بين عشيرته وبين عبد مناف هي التي دفعت بني عبد مناف إلى ادعاء النبوة ابتغاء الشرف عليهم (2).

‌مجادلة قريش:

وقد سلك المشركون طريقة الجدال لدحض الحق، فقد قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر قريش، إنه ليس أحد يُعبد من دون الله فيه خير -وقد علمت قريش أن النصارى تعبد عيسى بن مريم وما يقول محمد (3) -فقالوا: يا محمد الست تزعم أن عيسى كان نبياً وعبدًا من عباد الله صالحًا؟ فلئن كنت صادقًا فإن آلهتهم لكما تقولون (4).

فأنزل الله عز وجل {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} (5).

(1) تاريخ الطبري 2/ 337 وتفسير 30/ 331 من مرسل سعيد بن مينا فِعلتُهُ الإرسال.

ووصله بإسناد آخر فيه محمد بن موسى الحرشي ضعيف، وفيه عبد الله بن عيسى بن خالد في روايته عن داود بن أبي هند مالا يوافقه عليه الثقات (تهذيب التهذيب 5/ 353).

(2)

ابن إسحاق: السير والمغازي 189 - 190، 210 بإسنادين منقطعين.

(3)

في الأصل "وما تقول في محمد" والتصويب من مجمع الزوائد 7/ 104 يعني أن ما تعلمه قريش وما يقوله محمد واحد، فهما متفقان على المقدمة.

(4)

يعني أن نتيجة كلام الرسول أن عيسى ما فيه خيرٌ لأنه يُعبد من دون الله.

(5)

الزخرف 57 والرواية في مسند أحمد 1/ 317 - 318 والمعجم الكبير للطبراني 12/ 153 - 154 كلاهما من حديث ابن عباس وإسنادهما حسن، عاصم بن بهدلة حسَّن الذهبي حديثه (ميزان الاعتدال 2/ 357) وثمة رواية ضعيفة تتضمن مجادلة حول الملائكة وعزير وعيسى وتذكر نزول آية أخرى (مستدرك الحاكم 2/ 384 - 385 وصحح إسناده وأقره الذهبي، وفي إسناده محمد بن موسى القاشاني ضعيف).

وانظر: تفسير ابن كثير 3/ 198 من رواية ابن مردويه وشيخه محمد بن علي بن سهل ضعيف (ميزان الاعتدال 3/ 652 - 653).

وتفسير الطبري 17/ 97 بسند فيه عطاء بن السائب اختلط ولم يُذكر أن يحيى بن المهلب روى عنه قبل الاختلاط.

وانظر رواية البزار بإسناد ضعيف (كشف الأستار 3/ 59) لأن فيه شرحبيل بن سعد انفرد ابن حبان بتوثيقه.

ورواية ابن أبي حاتم في تفسيره بسند فيه مبهم (تفسير ابن كثير 3/ 198).

ص: 163

وهذا القياس الفاسد من قريش، من تشبيه الأنبياء المكرمين بالأصنام المعبودة غير العاقلة اقتضى الرد عليه فقال الله تعالى مبينًا عبودية عيسى لله:{إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ} وإنه لم يدعُ إلى عبادة نفسه بل دعا إلى عبادة الله وحده: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ} وسمَّى القرآن احتجاج قريش بالجدل {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا} . وهو المِراء الباطل حيث كانوا عربًا فصحاء لا يخفى عليهم أن الآية {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} (1) هي خطاب لقريش، وهم يعبدون أصنامًا لا تعقل، وليست خطابًا للنصارى، فلا يرد اعتراضهم على الآية أصلًا -وهي لما لا يعقل- بدعوى اشتمالها للمسيح عليه السلام.

ومن المجادلات التي أثارها المشركون سؤالهم عن الروح قالت قريش لليهود: أعطونا شيئًا نسأل عنه هذا الرجل، فقالوا: سلوه عن الروح. فنزلت {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} (2) قالوا: نحن لم نؤتَ من العلم إلا قليلًا، وقد أوتينا التوراة ومن أوتيَ التوراة فقد أوتي خيرًا كثيرًا!! فنزلت {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} (3).

وسورة الإسراء كلها مكية (4)، ويحتمل إعادة نزولها عندما أثار اليهود الجدل حول الروح مرة أخرى في المدينة (5).

(1) الزخرف 57 - 64 وتفسير ابن كثير 4/ 117 - 118 ط. خليل الميس.

(2)

الآية من سورة الإسراء 85.

(3)

الآية من سورة الكهف 109 والرواية في سنن الترمذي 5/ 304 وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. ومسند أحمد 1/ 255 ومستدرك الحاكم 2/ 531 وصحح إسناده وأقره الذهبي وصححه أيضًا في السيرة النبوية 134 وصححه الحافظ ابن حجر على شرط مسلم في الفتح 8/ 401 وفي السند عكرمة أخرج له مسلم مقرونًا (تهذيب التهذيب 7/ 272).

(4)

ابن كثير تفسير 3/ 60 وحكى الزركشي الاتفاق على ذلك (البرهان 1/ 30).

(5)

صحيح البخاري (فتح 10/ 15، 8/ 401) وصحيح مسلم 4/ 2152 وسنن الترمذي 5/ 304. وهذا الجمع بين الروايات أولى من ترجيح نزول الآية في المدينة.

ص: 164

لقد ورد في القرآن الكريم أن مشركي قريش اتهموا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأخذ العلم من مصادر أعجمية، قال تعالى {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} (1).

وقد بيَّن الصحابي عبد الله بن مسلم الحضرمي أنه كان لهم صبيَّان عبدان يصقلان السيوف، يقرآن التوراة، هما يَسار وخير، فمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما يقرآن كتابًا لهما، فقال المشركون إنما يتعلم منهما فأنزل الله تعالى هذه الآية (2).

وكانا يقرآن التوراة بلسانهما، وأصلهما من أهل نجران (3)، في حين تذهب رواية إلى أنهما من عين (4) التمر. وتذهب روايات أخرى ضعيفة أيضًا إلى أن اسم القين الأعجمي بلعام (5). أو يعيش (6). إن الرواية الصحيحة تثبيت أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر به مرة واحدة، وتفيد أنهما صبيان، وكانا يقرآن التوراة بلسانهما أي بغير العربية والغالب أنها العبرانية كما هو معروف عن يهود الحجاز.

(1) النحل 103.

(2)

بحشل: تاريخ واسط 49 بإسناد صحيح، وسماع خالد الطحان من حصين قبل الاختلاط (الكواكب النيرات 140) وسماع حصين من عبد الله بن مسلم صحيح (الإصابة 4/ 419).

وقارن برواية الطبري: تفسير 14/ 179 وفيها (وكان رسول الله ربما جلس إليهما) وفيه "جبر" بدل "خير".

وقارن برواية ابن أبي حاتم (السيوطي: لباب النقول 134).

وبرواية الحاكم (المستدرك 2/ 357) بإسناد ضعيف لضعف عبد الرحمن بن الحسن الأسدي شيخ الحاكم.

(3)

ابن حجر: الإصابة 4/ 418 - 419 نقلًا عن البغوي وصحح سنده والواحدي: أسباب النزول 161 - 162 (ط. دار الكتب العلمية).

(4)

بحشل: تاريخ واسط 99 وفي سنده محمد بن خالد الطحان ضعيف وأسباب النزول للواحدي 161 - 162 من طريق ابن فضيل التي أخرجها البغوي وفيها أنهما من نجران.

(5)

الطبري: تفسير 14/ 177 بإسناد ضعفه السيوطي (لباب النقول 134) فيه مسلم بن عبد الله الملائي وهو ضعيف (تقريب 530) وقد رفعه إلى ابن عباس والمحفوظ أنه مرسل مجاهد كما في تفسير الطبري 14/ 179.

(6)

الطبري: تفسير 14/ 178.

ص: 165

ولو افترضنا أنه جلس إليهما عدة مرات كما في الروايات الضعيفة، فمن أين لغلامين يصقلان السيوف أن يعلما رسول الله نظاماً شاملًا للحياة ينبثق عن عقيدة مغايرة للنصرانية؟! ثم لماذا انفرد الرسول صلى الله عليه وسلم بمعرفة ما عندهما من العلم، وأين مالكهما ابن الحضرمي من ذلك، وقد آمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وعنه نقل الخبر الصحيح بشأن غلاميه النصرانيين. وغنيّ عن القول أن لا علاقة للغلامين الأعجمين ببلاغة القرآن المعجزة، وهي حجة الله على العرب الفصحاء وعلى من عرف أسرار لغتهم وتذوق حلاوتها إلى يوم الدين. فكيف يكون مصدرها أعجميين؟!

وكذلك جادل المشركون في نزول القرآن منجمًا قائلين: {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} وقد بين الله تعالى علة ذلك بقوله: {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} (1).

وقد خاصم المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القَدَر -وهو إثبات ما قدره الله وقضاه وسبق به علمه وكتبه على عباده فكل ما يقع لهم إنما هو مقدر في الأزل معلوم لله مراد له- فنزلت الآية {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (2)} (3).

ولقد منعت الأنفة والكبر المشركين من الاستماع إلى الرسول بحضور المستضعفين من المؤمنين مثل عبد الله بن مسعود وبلال الحبشي فطلبوا من الرسول أن يطردهم، فنزلت {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} (4).

(1) الفرقان 32. وانظر الرواية في مستدرك الحاكم 2/ 222 وقال: هذا حديث صحيح على شرطهما لم يخرجاه ووافقه الذهبي.

وانظر فتح القدير للشوكاني 4/ 75 (ط. دار المعرفة).

(2)

القمر 48 - 49.

(3)

صحيح مسلم 4/ 2046 وسنن الترمذي 4/ 459 وقال: صحيح.

(4)

الأنعام 52. والحديث في صحيح مسلم 4/ 1878 حديث رقم 2413 وقد ذكرت رواية =

ص: 166

بل قد عاتب الله تعالى رسوله عندما أعرض عن ابن أمِّ مكتوم وهو يسأله عن شيء ورسول الله منصرف إلى الكلام مع أبي بن خلف فنزلت {عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} (1).

إنه لا مجال للامتيازات في دعوة الحق بسبب الحسب والنسب أو المال والجاه، فهي إنما جاءت لتأصيل النظرة إلى الإنسان وبيان وحدة الأصل وما تقتضيه من المساواة والتكافؤ، من هنا يمكن تعليل شدة أسلوب العتاب الذي وجهه الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم للاهتمام الكبير الذي أظهره لأُبيّ بن خلف على حساب استقباله لابن أم مكتوم الضعيف، فابن أم مكتوم يرجح في ميزان الحق على المئات من أمثال أبيّ بن خلف.

وقد جادل المشركون في عقيدة البعث فأكثروا فيها الجدل، فإن عقليتهم لم تتسع إلى تصور الحياة بعد الموت -كما حكى القرآن على لسانهم، ولكن هذا لا ينطبق على البعض منهم مثل أمية بن أبي الصلت حيث يدل شعره على إيمانه بالبعث والآخرة - {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} - (2). حتى جاء العاص بن وائل بعظم بالٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتساءل ساخرًا إن كان الله يبعث ذلك العظم البالي!! فقال له رسول الله:"نعم، يبعث الله هذا ثم يميتك ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم". فنزلت الآيات {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ

= ضعيفة أسماء الذي طلب الملأ طردهم وهو سعد وعبد الله بن مسعود وصهيب وعمار والمقداد وبلال.

(ابن ماجة: السنن 2/ 1383 بإسناد فيه قيس بن الربيع صدوق اختلط لما كبر (تقريب التهذيب 457).

(1)

عبس 1. والحديث في سنن الترمذي 4/ 209 بإسناد رجاله رجال الصحيح وصححه الحاكم على شرطهما لكن الذهبي رجح فيه الإرسال (المستدرك 2/ 514).

(2)

الصافات 16.

(ابن ماجة: السنن 2/ 1383 بإسناد فيه قيس بن الربيع صدوق اختلط لما كبر (تقريب التهذيب 457).

ص: 167

نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} (1) إلى آخر السورة (2).

ولم يكن أهل مكة يعترفون بعقيدة النبوة نفسها -إلا الحنفاء الموحدين، وهم قلة قليلة-، لذلك كانت مواجهتهم لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ساخرة مليئة بالريبة كما في الآية {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا} (3).

وقد تجادل ثلاثة من المشركين بينهم عند البيت الحرام حول إحدى صفات الله وهي السمع، فمنهم من أثبتها ومنهم من أنكرها فنزلت الآية {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ} (4). أي أنهم ما كانوا يخفون عن حواسهم وأعضائهم المعاصي التي يرتكبونها لاعتقادهم أن الله لا يعلم جميع ما يفعلون.

ولما نزلت الآية {ألم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ} (5). وقعت مجادلة بين أبي بكر والمشركين حول الحرب بين الروم والفرس، وكان المسلمون يحبون أن ينتصر الروم لأنهم نصارى، وكان عاطفة المشركين مع الفرس لأنهم مجوس وأهل أوثان، فراهن أبو بكر على انتصار الروم خلال خمس سنوات برهان، وذلك قبل تحريم الرهان في الإسلام (6). ويؤيد

(1) يس 77.

(2)

الحاكم: المستدرك 2/ 429 وصححه ووافقه الذهبي. وأما رواية الطبري التي تقول: إن السائل هو عبد الله بن أبي سلول فضعيفة الإسناد من طريق عطية العوفي ولأن السورة مكية.

تفسير ابن كثير 3/ 581 (ط. دار الشعب) نقلًا عن ابن أبي حاتم.

(3)

الإسراء 94.

(4)

فصّلت 22. والرواية في الصحيحين (فتح الباري 8/ 562 وصحيح مسلم بشرح النووي 17/ 122). وانظر تفسير ابن كثير 4/ 87 (ط. خليل الميس).

(5)

الروم 1 - 4.

(6)

والرواية في سنن الترمذي 5/ 343 - 344 وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، وصححه الحاكم في (المستدرك 2/ 410 ووافقه الذهبي).

وانظر الفتح الرياني 18/ 228 والمعجم الكبير للطبراني 12/ 29 وتفسير الطبري 21/ 12 ودلائل النبوة للبيهقي 2/ 330.

ص: 168