الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الشعب (1). وعلى ذلك يكون حصار الشعب قد بدأ في آخر العام السابع من البعثة.
لقد دعا رسول الله على قريش فحدثت فيهم مجاعة حتى أكلوا الميتة والجلود، فجاء أبو سفيان يسأل رسول الله أن يدعوا لهم ويناشده الرحم، فقرأ الآية {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} إلى قوله {عَائِدُونَ} ، وكان الرجل يرى ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه فكشف عنهم العذاب، فعادوا إلى الكفر (2).
وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها:
ما إن غادر بنو هاشم شعب أبي طالب حتى أصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بوفاة عمه أبي طالب - واسمه عبد مناف - وذلك في آخر السنة العاشرة من المبعث (3)، وقد كان أبو طالب "يحوط النبي ويغضب له"(4) و "ينصره"(5)، وكانت قريش تحترمه، وقد جاء زعماؤها حين حضرته الوفاة، فحرضوا أبا طالب على الاستمساك بدينه وعدم الدخول في الإسلام قائلين: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ وعرض عليه رسول الله الإسلام قائلا: قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة. فقال أبو طالب: لولا أن تعيرني بها قريش يقولون إنما حمله عليها
(1) المقريزي: إمتاع الأسماع 26 عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب مرسلاً.
(2)
صحيح البخاري (فتح الباري 8/ 511، 547، 571، 572، 573، 574 و 2/ 510، 493) وصحيح مسلم بشرح النووي 17/ 140 - 142.
والآيات من سورة الدخان 10 - 15.
(3)
فتح الباري 7/ 194.
(4)
صحيح البخاري (فتح الباري 7/ 193).
(5)
صحيح مسلم 1/ 195.
الجزع، لأقررت بها عينك، فأنزل الله {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (1)(2).
لقد كانت أفكار الجاهلية راسخة في عقل أبي طالب، ولم يتمكن من تغييرها، فهو شيخ كبير يصعب عليه تغيير فكره وما ألفه عن آبائه، وكان أقرانه حاضرين وقت احتضاره فأثروا عليه خوفاً من شيوع خبر إسلامه وتأثير ذلك على قومه.
وأما ما نقله ابن إسحاق من أن العباس نظر إلى أبي طالب يحرك شفتيه، فقال لرسول الله: يا ابن أخي والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم أسمع. فهو خبر لا يصح (3).
وعلى أية حال فإن موته أفقد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنداً كبيراً، فلم يعد بنو هاشم مستعدين بعده لتقديم نفس القدر من الحماية لما يصيبهم من أضرار مادية ونفسيه كما تبين من حادثة المقاطعة (4).
وقد تجلى ذلك في رحلة النبي إلى الطائف طلباً للنصرة ثم استمراره في طلب النصرة من القبائل الأخرى بعد إخفاق محاولة الطائف.
(1) القصص 56.
(2)
صحيح البخاري (فتح الباري 8/ 506) وصحيح مسلم بشرح النووي 1/ 213 - 216. وقد لفقت بين الروايتين الصحيحتين.
أما رواية ابن إسحاق التي تفيد إسلام أبي طالب ففي سنده مبهم فهي رواية ضعيفة (سيرة ابن هشام 2/ 46 - 47).
وانظر عن تخفيف العذاب عن أبي طالب صحيح البخاري (فتح الباري 10/ 592) وصحيح مسلم بشرح النووي 3/ 84، 85.
(3)
سيرة ابن هشام 1/ 417 بسند ضعيف فيه مبهم فضلاً عن مخالفته لما في الصحيحين. مع أن العباس لم يكن قد أسلم آنذاك، فلا يصح أداؤه، وكان يسأل رسول الله: هل نفعت أبا طالب بشيء؟ فلو عنده علم بإسلامه لما تساءل (فتح الباري 7/ 194).
(4)
صالح العلي: محاضرات 1/ 375 - 376.