المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌5066 - مسألة: (وهل يثبت الإقرار بالزنى بشاهدين، أو لا يثبت إلا بأربعة؟ على روايتين) - الشرح الكبير على المقنع - ت التركي - جـ ٣٠

[ابن أبي عمر]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ أَقْسَامِ المَشْهُودِ بِهِ

- ‌5066 - مسألة: (وهل يَثْبُتُ الإقْرارُ بالزِّنَى بشاهِدَيْنِ، أو لا يَثْبُتُ إلَّا بأرْبَعَةٍ؟ على رِوايتين)

- ‌5067 - مسألة: (وإنِ ادعَى رَجُلٌ الخُلْعَ، قُبِلَ فيه رَجُلٌ وامْرَأتان)

- ‌5068 - مسألة: (وإذَا شَهِدَ رَجُلٌ وامْرَأتان لرَجُلٍ بجارِيَةٍ أنَّها أُمُّ وَلَدِه، ووَلَدُها منه، قُضِىَ له بالجارِيَةِ أُمُّ ولدٍ. وهل تَثْبُتُ حُرِّيَّةُ الوَلَدِ ونسَبُه مِن مُدَّعِيه؟ على رِوايَتَيْن)

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَالرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ

- ‌5070 - مسألة: (ولا يَجُوزُ لشاهِدِ الفَرْعِ أن يَشْهَدَ حَتَّى يَسْتَرْعِيَه شاهِدُ الأصْلِ، فَيَقُولَ: اشْهَدْ على شَهادَتِى أنِّى أشْهَدُ أنَّ فُلَانَ ابنَ فُلَانٍ، وقد عَرَفْتُه بعَيْيهِ، واسْمِهِ، ونَسَبِهِ، أقَرَّ عِنْدِى، وَأشْهَدَنِى على نَفْسِهِ طَوْعًا بكذَا. أو: شَهِدْتُ عليه. أو: أقَرَّ عِنْدِى بِكَذَا. وإنْ سَمِعَهُ يَقُولُ: أشْهَدُ على فُلَانٍ بِكَذَا. لم يَجُزْ أن يَشْهَدَ، إلَّا أن يَسْمَعَه يَشْهَدُ عِنْدَ الحَاكِمِ، أو يَشْهَدُ بحَقٍّ يَعْزِيهِ إلى سَبَبٍ؛ مِن بَيْعٍ، أو إجارَةٍ، أو قَرْض، فهل يَشْهَدُ به؟ على وَجْهَيْنِ)

- ‌5071 - مسألة: (وتَثْبُتُ شَهادَةُ شاهِدَىِ الأصْلِ بشَهادَةِ شاهِدَيْنِ، يَشْهَدَانِ عليهما، سَواءٌ شَهِدَا على كُلِّ واحِدٍ منهما، أو شَهِدَ

- ‌5072 - مسألة: (ولا مَدْخَلَ للنِّساءِ في شَهادَةِ الفَرْعِ. وعنه

- ‌5073 - مسألة: (قال القاضِى: لَا تَجُوزُ شهادةُ رَجُلَيْنِ على)

- ‌5074 - مسألة: (ولا يَجُوزُ للحاكِمِ أن يَحْكُمَ بشهادةِ شاهِدَىِ الفَرْعِ، حَتى تَثْبُت عندَه عَدالَتُهَما، وعدالَةُ شاهِدَىِ الْأصْلِ)

- ‌5075 - مسألة: (وإن شَهِدَا عندَه، فلم يَحْكُمْ حتَّى حَضَر شُهُودُ الأصْلِ، وَقَف الحُكْمُ على سَماعِ شهادَتِهم)

- ‌5076 - مسألة: (وإن حَدَثَ منهم ما يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ، لم يَجُزِ الحُكْمُ)

- ‌5077 - مسألة: (فإن حَكَمَ بشَهادَتِهما، ثم رَجَع شُهُودُ الفَرْعِ، لَزِمَهم الضَّمانُ)

- ‌5078 - مسألة: (فإن رَجَع شُهُودُ الأصْلِ، لم يَضْمَنُوا)

- ‌5079 - مسألة: (وإن رَجَعَ شُهُودُ العِتْقِ، غَرِمُوا القِيمَةَ) [

- ‌5080 - مسألة: (وإن رَجَعَ شهود الطَّلاق قبلَ الدُّخول، غَرِموا نِصْفَ المسَمَّى، وإن كان بَعْدَه، لم يَغْرَموا شَيْئًا)

- ‌5081 - مسألة: (وإن رَجَعَ شُهُودُ القِصَاص أو الحَدِّ قبلَ الاسْتِيفَاءِ، لم يُسْتَوْفَ، وإن كان بعدَه، وقالوا: أخْطَأَنَا. فعليهم دِيَةُ ما تَلِفَ، ويُقَسَّطُ الغُرْمُ على عَدَدِهم، فإن رَجَعَ أحَدُهم، غَرِمَ بقِسْطِهِ)

- ‌5082 - مسألة: فإذا شَهِدَ سِتَّةٌ بِالزِّنَى على مُحْصَنٍ

- ‌5083 - مسألة: (وإن شَهِدَ أرْبَعَةٌ بالزِّنَى، واثْنانِ بالإِحْصانِ، ثم رَجَع الجَمِيعُ، لَزِمَتْهم الدِّيَةُ أسْداسًا، في أحَدِ الوَجْهَيْن. وفِى الآخَرِ، على شُهُودِ الزِّنَى النِّصْفُ، وعلى شُهُودِ الإِحْصَانِ النِّصْفُ. فإن شَهِدَ أرْبَعَةٌ بِالزِّنى، وشَهِدَ اثْنَانِ منهم بالإِحْصَانِ، صَحَّتِ الشَّهَادَةُ، فإن رُجِمَ ثم

- ‌5084 - مسألة: (وإذا حَكَمَ)

- ‌5085 - مسألة: (وإن بان بعدَ الحُكْمِ أنَّ الشّاهِدَيْن كانا

- ‌5086 - مسألة: (وإن شَهِدُوا عندَ الْحاكِمِ بحَقٍّ، ثم ماتُوا

- ‌5087 - مسألة: (وإذا عَلِمَ الحَاكِمُ بِشاهِدِ الزُّورِ، عَزَّرَه، وَطافَ به في المَوَاضِعِ التى يَشْتَهِرُ فيها، فيُقالُ: إنَّا وَجَدْنَا هذا شَاهِدَ زُورٍ، فَاجْتَنِبُوه)

- ‌5088 - مسألة: (ولا تُقْبَلُ الشَّهادَةُ إلَّا بلَفْظِ الشَّهادَةِ، فإن قال: أعْلَمُ. أو: أُحِقُّ. لم يُحْكَمْ به)

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِى الدَّعَاوَى

- ‌5089 - مسألة: (وَلَا يُسْتَحْلَفُ فِى حُقُوقِ اللَّهِ سبحانَه)

- ‌5090 - مسألة: (ويَجُوزُ الحُكْمُ فِى المالِ، وما يُقْصَدُ به المَالُ بشاهِدٍ ويَمِينِ المُدَّعِى)

- ‌5091 - مسألة: (وهل يَثْبُتُ العِتْقُ بشاهِدٍ ويَمِينٍ؟ على رِوايَتَيْنِ)

- ‌5092 - مسألة: (ولا يُقْبَلُ فِى النِّكَاحِ، والرَّجْعَةِ، وسَائِرِ مَا لَا

- ‌5093 - مسألة: (ومَن حَلَفَ على فِعْلِ نَفْسِه، أو دَعْوَى عليه)

- ‌5094 - مسألة: (ومَن تَوَجَّهَتْ عليه يَمِينٌ لجماعَةٍ، فقال: أحْلِفُ يَمِينًا واحِدَةً. فَرَضُوا، جَازَ، وإن أبَوْا، حَلَفَ لكُلِّ واحِدٍ يَمِينًا)

- ‌فَصْلٌ:

- ‌5095 - مسألة: (وإن رَأَى الحاكِمُ تَغْلِيظَها بلَفْظٍ، أو زَمَنٍ، أو مَكَانٍ، جازَ، ففى اللَّفْظِ يقولُ: واللَّهِ الذى لا إلهَ إلَّا هو، عالمِ الغَيْبِ والشَّهادةِ، الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الطّالبِ الغالِبِ، الضَّارِّ النافعِ، الذى يَعْلَمُ خائِنَةَ الأعْيُنِ وما تُخْفِى الصُّدورُ. واليَهُودِىُّ يقولُ: واللَّهِ الذى أنْزَلَ التَّوْراةَ على مُوسى، وفلَقَ له البَحْرَ، وأنجاهُ مِن فِرْعَوْنَ ومَلَئِه. والنَّصْرانِىُّ يقولُ: واللَّهِ الذى أنْزَلَ الإِنْجيلَ على عِيسى، وجعَلَه يُحْيِى المَوْتَى، ويُبْرِئُ الأكْمَهَ والأبرَصَ. والمَجُوسِىُّ يقولُ: واللَّهِ الذى

- ‌5096 - مسألة: (ولا تُغَلَّظُ اليَمِينُ إلَّا فيما له خَطَر، كالجِناياتِ، والعَتَاقِ، والطَّلاقِ، وما تَجِبُ فيه الزَّكاةُ مِن المالِ)

- ‌5097 - مسألة: (وإن رأَى الحَاكِمُ تَركَ التَّغْلِيظِ فتَرَكَه، كان

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌5098 - مسألة: و (يَصِحُّ الإِقْرارُ مِن كلِّ مُكَلَّفٍ مُخْتارٍ غيرِ

- ‌5099 - مسألة: (وكذلك العَبْدُ المَأْذُونُ له في التِّجارَةِ)

- ‌5100 - مسألة: (ولا يَصِحُّ إِقْرارُ السَّكْرانِ. وتَتَخرَّجُ صِحَّتُه، بِناءً على طَلاقِه)

- ‌5101 - مسألة: (ولا يَصِحُّ إقْرارُ المُكْرَهِ، إلَّا أن يُقِرَّ بغيرِ ما

- ‌5102 - مسألة: (وإن أُكْرِهَ علِى وَزْنِ ثَمَنٍ، فباع دارَه في ذلك، صَحَّ)

- ‌5103 - مسألة: (وأمّا المَرِيضُ مَرَضَ المَوْتِ المَخُوفِ، فيَصِحُّ إقْرارُه بغيرِ المالِ)

- ‌5104 - مسألة: (وإن أقَرَّ بمالٍ لمَن لا يَرِثُه، صَحَّ، في أصَحِّ الرِّوايتينِ)

- ‌5105 - مسألة: (ولا يُحَاصُّ المُقَرُّ له غُرَماءَ الصِّحَّةِ. وقال أبو الحَسَنِ التَّمِيمِىُّ، والقاضِى: يُحاصُّهُم)

- ‌5106 - مسألة: (وإن أقَرَّ لوارِثٍ، لم يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ)

- ‌5107 - مسألة: (إلَّا أن يُقِرَّ لِزَوْجَتِه بمَهْرِ مِثْلِها)

- ‌5108 - مسألة: (وإن أقَرَّ لِوَارِثٍ وأجْنَبِىٍّ، [فهل يَصِحُّ في حَقِّ الأجْنَبِىِّ؟ على وَجْهَيْن)

- ‌5109 - مسألة: (وإن أقَرَّ لِوارِثٍ، فصار عندَ المَوْتِ غيرَ وارِثٍ، لم يَصِحَّ. وإن أقَرَّ لغيرِ وارِثٍ، صحَّ وإن صارَ وارِثًا. نَصَّ عليه. وقيل

- ‌5110 - مسألة: (وإن أقَرَّ لامرأتِه بِدَيْنٍ، ثم أبَانَها، ثم تَزَوَّجَها، لم يَصحَّ إقْرارُه)

- ‌5111 - مسألة: (وإن أقَرَّ المَرِيضُ بوارِثٍ

- ‌5112 - مسألة: (وإن أقَرَّ بطَلاقِ امرَأتِه في صِحَّتِه، لم يَسْقُطْ مِيرَاثُها)

- ‌فَصْلٌ:

- ‌5113 - مسألة: (وإن أقَرَّ العَبْدُ غيرُ المَأْذُونِ له بمالٍ، لم يُقْبَلْ في الحالِ، ويُتْبَعُ به بعدَ العِتْقِ)

- ‌5114 - مسألة: (وإن أقَرَّ السَّيِّدُ عليه بمالٍ، أو بما

- ‌5115 - مسألة: (وإن أقَرَّ العَبْدُ بسَرِقَةِ مالٍ في يدِه، وكَذَّبَه السَّيِّدُ، قُبِلَ إقْرارُه في القَطْعِ دونَ المالِ)

- ‌5116 - مسألة: (وإن أقَرَّ السَّيِّدُ لِعَبْدِه بمالٍ، لم يَصِحَّ)

- ‌5117 - مسألة: (وإن أقَرَّ أنَّه باعَ عَبْدَه مِن نَفْسِه بأَلْفٍ، وأقَرَّ العَبْدُ به، ثَبَتَ)

- ‌5118 - مسألة: (وإن أقَرَّ لعَبْدِ غيرِه بمالٍ، صَحَّ، وكان لمالِكِه)

- ‌5119 - مسألة: (وإن أقَرَّ لبَهِيمة، لم يَصِحَّ)

- ‌5120 - مسألة: (وإن تَزَوَّجَ مَجْهُولةَ النَّسَبِ، فأقَرَّتْ بالرِّقِّ، لم يُقْبَلْ إقْرارُها)

- ‌فَصْلٌ:

- ‌5121 - مسألة: (فإن كان)

- ‌5122 - مسألة: (ومَن ثَبَتَ نَسَبُه، فجاءَت أُمُّه بعدَ مَوْتِ المُقِرِّ فادَّعَتِ الزَّوْجِيَّةَ، لم يَثْبُتْ بذلك)

- ‌5123 - مسألة: (وإن أقَرَّ بِنَسَبِ أَخٍ أو عَمٍ، في حَياةِ أَبِيه أو جَدِّه، لم يُقْبَلْ، وإن كان بعدَ مَوْتِهِما وهو الوارِثُ وحدَه، صحَّ إقْرارُه، وثَبَتَ

- ‌5124 - مسألة: (وإن أقَرَّ مَن عليه الوَلَاءُ بِنَسَبِ وارِثٍ، لم يُقْبَلْ

- ‌5125 - مسألة: (وإن أقَرَّتِ امْرأةٌ بنِكاحٍ على نَفْسِها، فهل يُقْبَلُ؟ على رِوَايَتَيْنِ)

- ‌5126 - مسألة: (فإن أقَرَّ الوَلِىُّ عليها به، قُبِلَ إن كانت مُجْبَرةً)

- ‌5127 - مسألة: (وإن أقَرَّ أنَّ فُلانةَ امْرَأَتُه، أو أَقَرَّتْ أنَّ فُلانًا زَوْجُها، فلم يُصَدِّق المُقَرُّ له المُقِرَّ إلَّا بعدَ مَوْتِ المُقِرِّ، صَحَّ وَوَرِثَه)

- ‌5128 - مسألة: (وإن أَقَرَّ الوَرَثَةُ على مَوْرُوثِهِم بِدَيْنٍ، لَزِمَهم قَضاؤُه مِن التَّرِكةِ، فإن أَقَرَّ بعضُهم، لَزِمَه بِقَدْرِ مِيراثِه، فإن لم تَكُنْ له تَركةٌ، لم يَلْزَمْهُم شئٌ)

- ‌فَصْلٌ:

- ‌5129 - مسألة: (وإن أَقَرَّ لكَبِيرٍ عاقلٍ، فلم يُصَدِّقْه، بَطَلَ إقْرارُه، في أحَدِ الوَجْهَيْن)

- ‌بَابُ مَا يَحْصُلُ بهِ الْإِقْرَارُ

- ‌5130 - مسألة: (وإن قال: أنا أُقِرُّ. أو: لا أُنْكِرُ. أو: يجُوزُ أن تكونَ مُحِقًّا. أو: عسى. أو: لَعَلَّ. أو: أَحْسَبُ. أو: أَظُنُّ. أو: أُقَدِّرُ. أو: خُذْ. أو: اتَّزِنْ. أو: افْتَحْ كُمَّكَ. لم يكنْ مُقِرًّا)

- ‌5131 - مسألة: (وإن قال: أنا مُقِرٌّ. أو: خُذْها. أو: اتَّزِنْها. أو: اقْبِضْها. أو: أحْرِزْها. أو: هى صِحاحٌ. فهل يكونُ مُقِرًّا؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ)

- ‌5132 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ ألْفٌ إن شاءَ اللَّهُ. أو: في عِلْمِى. أو: فيما أَعْلِمُ. أو قال: اقْضِنِى دَيْنى عليك ألْفًا. أو: أسْلِمْ إلَىَّ ثَوْبِى هذا. أو: فرَسِى هذه. فقال: نعم. فقد أقَرَّ بها)

- ‌5133 - مسألة: (وإن قال):

- ‌5134 - مسألة: (وإن قال: إن قَدِمَ فلانٌ فله عَلَى أَلْفٌ. لم يكُنْ مُقِرًّا)

- ‌5135 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ أَلْفٌ إذا جاء رَأْسُ الشَّهْرِ. كان إِقْرارًا. وإن قال: إذا جاء رَأسُ الشَّهْرِ فلَه عَلَىَّ أَلْفٌ. فعلى وجْهَينِ)

- ‌5136 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ أَلْفٌ إن شَهِدَ به فُلانٌ. أو:

- ‌5137 - مسألة: (وإن قال: إن شَهِدَ به فلانٌ فهو صادِقٌ. احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ)

- ‌5138 - مسألة: (وإن أقَرَّ العَرَبِىُّ بالعَجَمِيَّةِ، أو العَجَمِىُّ بالعرَبِيَّةِ، وقال: لم أدْرِ

- ‌بَابُ الْحُكْمِ فِيمَا إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يُغيِّرُهُ

- ‌5139 - مسألة: (وإن قال):

- ‌5140 - مسألة: (وإن قال: كان له عِنْدِى ألْفٌ وقَضَيْتُه. أو:

- ‌فَصْلٌ:

- ‌5141 - مسألة: (فإذا قال: له عَلَىَّ هَؤلاءِ العَبيدُ العَشَرَةُ إلَّا واحِدًا. لَزِمَه تَسْلِيمُ تِسْعةٍ)

- ‌5142 - مسألة: (فإن ماتُوا إلَّا واحِدًا، فقال: هو المُسْتَثْنَى. فهل يُقْبَل؟ على وَجْهَيْنِ)

- ‌5143 - مسألة: (وإن قال: له هذه الدّارُ إلَّا هذا البَيْتَ. أو: هذه الدّارُ له وهذا البيتُ لى. قُبِلَ منه)

- ‌5144 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ درْهَمانِ وثَلاثةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ. فهل يَصِحُّ؟ على وَجْهَيْن)

- ‌5145 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ درْهَمٌ ودِرْهَمٌ إلَّا درْهَمًا)

- ‌5146 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ خَمْسةٌ إلَّا درْهَمَيْنِ ودِرْهَمًا. لَزِمَتْه الخَمْسةُ، في أحَدِ الوَجْهينِ)

- ‌5147 - مسألة: (ويَصِحُّ الاسْتِثْناءُ مِن الاسْتِثْناءِ)

- ‌5148 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ عَشَرةٌ إلَّا خَمْسةً إِلَّا ثلاثةً إلَّا درْهَمَيْنِ إلَّا دِرْهمًا، لَزِمَه عَشَرَةٌ)

- ‌5149 - مسألة: (ولا يَصِحُّ الاسْتِثْناءُ مِن غيرِ الجِنْسِ. نَصَّ عليه)

- ‌5150 - مسألة: فعَلَى هذا (متى قال: له عَلَىَّ مائةُ دِرْهمٍ إلَّا ثَوْبًا. لَزِمَتْه المائةُ)

- ‌5151 - مسألة: (إلَّا أن يَسْتَثْنِىَ عَيْنًا مِن وَرِقٍ، أو وَرِقًا مِن عَيْنٍ، فيَصِحُّ. ذكَره الخِرَقِىُّ. وقال أبو بكرٍ: لا يَصِحُّ. فإذا قال: له عَلَىَّ مائةُ دِرْهَمٍ إلَّا دِينارًا. فهل يَصِحُّ؟ على وجهينِ)

- ‌فَصْلٌ:

- ‌5152 - مسألة: (إلَّا أن يكونَ في بَلَدٍ أَوْزانُهم ناقِصَةٌ، أو مَغْشُوشةٌ، فهل يَلْزَمُه مِن دَرَاهِمِ البَلَدِ، أو مِن غَيْرِها؟ على وَجْهَيْن)

- ‌5153 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ ألْفٌ إلى شَهْرٍ. لَزِمَه مُؤَجَّلًا. ويَحْتَمِلُ أن يَلْزَمَه حالًّا)

- ‌5154 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ ألْفٌ زُيُوفٌ. وفَسَّرَه بما لا فِضَّةَ فيه، لم يُقْبَلْ. وإن فَسَّرَه بمَغْشُوشةٍ، قُبِلَ)

- ‌5155 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ دَراهِمُ ناقِصَةٌ. لَزِمَتْه ناقِصةً)

- ‌5156 - مسألة: (وإن قال: له عندِى رَهْنٌ. وقال المالِكُ)

- ‌5157 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ ألْفٌ مِن ثَمَنِ مَبِيعٍ لم أقْبِضه. وقال المُقَرُّ له: بل هو دَيْنٌ في ذِمَّتِكَ. فعلى وَجْهَيْن)

- ‌5158 - مسألة: (ولو قال: له عندى أَلْفٌ. وفَسَّرَه بدَيْنٍ أو وَدِيعةٍ، قُبِلَ منه)

- ‌5159 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ أَلْفٌ. وفَسَّره بوَدِيعةٍ، لم يُقْبَلْ)

- ‌5160 - مسألة: (وإن قال: له في هذا المالِ ألْفٌ. لَزِمَه تَسْلِيمُه)

- ‌5161 - مسألة: (وإن قال: له مِن مالِى. أو: في مالِى. أو: في مِيراثِى مِن أبِى ألْفٌ. أو: نِصْفُ دارِى هذه. وفَسَّرَه بالهِبَةِ، وقال: بدا لى مِن تَقْبِيضِه. قُبِلَ)

- ‌5162 - مسألة: (وإن قال: له في مِيراثِ أبِى ألْفٌ. فهو دَيْنٌ على التَّرِكةِ)

- ‌5163 - مسألة: (وإن قال: له

- ‌5164 - مسألة: (وإن قال: له هذه الدارُ عارِيَّةً. ثَبَتَ لها حُكْمُ العارِيّةِ)

- ‌5165 - مسألة: (وإن أقَرَّ أنَّه وَهَب، أو رَهَن [وأقْبَضَ]

- ‌5166 - مسألة: (وإن باعَ شيئًا ثم أقَرَّ أنَّ المَبِيعَ لغيرِه، لم يُقْبَلْ قولُه على المُشْتَرِى)

- ‌5167 - مسألة: (وإن قال: لم يَكُنْ مِلْكِى ثم مَلَكْتُه بعدُ. لم

- ‌فَصْلٌ:

- ‌5168 - مسألة: وإن قال: مَلَّكْتُه

- ‌5169 - مسألة: (وإن قال: غَصَبْتُه مِن أحَدِهما)

- ‌5170 - مسألة: (وإن أقَرَّ بأَلْفٍ في وَقْتَيْنَ، لَزِمَه ألْفٌ واحدٌ)

- ‌5171 - مسألة: (وإن أقَرَّ بأَلْفٍ مِن ثمَنَ عَبْدٍ، ثم أقَرَّ بأَلْفٍ مِن ثَمَنِ فَرَسٍ، أو قَرْضٍ، لَزِمَه ألْفانِ)

- ‌5172 - مسألة: (وإنِ ادَّعَى رَجُلانِ دارًا في يَدِ غيرِهما شَرِكةً

- ‌5173 - مسألة: (وإن قال في مَرَضِ مَوْتِه: هذا الألْفُ لُقَطَةٌ، فتَصَدَّقُوا به. لَزِمَ الوَرَثَةَ الصَّدَقَةُ بثُلُثِه)

- ‌فَصْلٌ:

- ‌5174 - مسألَة: (وإن أقَرَّ بها لهما معًا، فهى بَيْنَهما)

- ‌5175 - مسألة: (وإن أقَرَّ لأحَدِهما وحدَه، فهى له، ويَحْلِفُ للآخَرِ)

- ‌5176 - مسألة: (وإنِ ادَّعَى رَجُلٌ على المَيِّتِ مائةً دَيْنًا، فأقَرَّ له، ثم ادَّعَى آخَرُ مثلَ ذلك، فأقَرَّ له؛ فإن كان في مَجْلِسٍ واحدٍ، فهى بَيْنَهُما، وإن كان في مَجْلِسَيْنِ، فهى للأوَّلِ، ولا شئَ للثاني)

- ‌5177 - مسألة: (وإن خَلَّفَ ابْنَيْنِ ومائتَيْن فادَّعَى رَجُلٌ مائةً دَيْنًا على المَيِّتِ، فصدَّقَه أحَدُ الابنين، وأنْكَرَ الآخَرُ، لَزِمَ المُقِرَّ نِصْفُها)

- ‌5178 - مسألة: (إلَّا أن يكونَ عَدْلًا، فَيَحْلِفُ الغَرِيمُ مع شَهادَتِه، ويَأْخُذُ مائةً، وتكونُ المائةُ الباقيةُ بينَ الابنيْنِ)

- ‌5179 - مسألة: (وإن خَلَّفَ ابْنَيْن وعَبْدَيْنِ مُتَساوِيَى القِيمةِ، لا يَمْلِكُ غيرَهما، فقال أحَدُ الابْنَيْن: أبى أَعتَقَ هذا. وقال الآخَرُ: بل أعْتَقَ هذا الآخَرَ. عَتَقَ مِن كلِّ واحدٍ ثُلُثُه، وصار لكلِّ ابْنٍ سُدْسُ)

- ‌بَابُ الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَل

- ‌5180 - مسألة]

- ‌5181 - مسألة: (فإن فَسَّرَه بِحَقِّ شُفْعةٍ أو مالٍ، قُبِلَ وإن قَلَّ، وإن فَسَّرَه بما ليس بمالٍ، كقِشْرِ جَوْزَةٍ، أو مَيْتةٍ، أو خَمْرٍ، لم يُقْبَلْ، وإن فَسَّرَه بكَلْبٍ، أو حَدِّ قَذْفٍ، فعلى وَجْهَيْنِ)

- ‌5182 - مسألة: (وإن قال: غَصَبْتُ منه شيئًا. ثم فَسَّرَه بِنَفْسِه أو وَلَدِه، لم يُقْبَلْ)

- ‌5183 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ مالٌ عَظِيمٌ، أو: خَطِيرٌ، أو: كَثِيرٌ، أو: جَلِيلٌ. قُبِلَ تَفْسِيرُه بالكَثِيرِ والقَلِيلِ)

- ‌5184 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ دَرَاهِمُ كَثِيرةٌ. قُبِلَ تَفْسِيرُه بثَلاثةٍ فصَاعِدًا)

- ‌5185 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ كذا دِرْهَمٌ. أو: كَذا وكَذا)

- ‌5186 - مسألة: (وإن قال: كذا درهَمًا. بالنَّصْبِ، لَزِمَه درْهَمٌ)

- ‌5187 - مسألة: (وإن قال: كَذَا وكَذا دِرْهَمًا. بالنَّصْب، فقال ابنُ حامِدٍ)

- ‌5188 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ ألْفٌ. رُجِعَ في تَفْسِيرِه إليه، فإن فَسَّرَه بأجْناسٍ، قُبِلَ منه)

- ‌5189 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ ألْفٌ ودِرْهَمٌ. أو: ألْفٌ

- ‌5190 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ ألْفٌ وخَمْسُونَ دِرْهَمًا. أو: خَمْسُونَ وألْفُ دِرْهَمٍ. فالجَمِيعُ دَراهِمُ. ويَحْتَمِلُ على قولِ التَّمِيمِىِّ أن يُرْجَعَ في تَفْسِيرِ الألْفِ إليه)

- ‌5191 - مسألة: [وإن قال: له عَلَىَّ ألْفٌ إلَّا دِرْهَمًا. فالجميعُ دَراهِمُ) لأَنَّ العربَ لا تَستَثْنِى في الإثْباتِ إلَّا مِن الجنسِ]

- ‌5192 - مسألة: (وإن قال: له في هذا العَبْدِ شِرْكٌ. أو: هو شَرِيكِى فيه. أو: هو شَرِكَةٌ بينَنا. رُجِعَ في تَفْسِيرِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ إليه)

- ‌5193 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ أكْثَرُ مِن مالِ فُلانٍ. قيل له: فَسِّرْ. فإن فَسَّرَه بأكْثَرَ منه قَدْرًا، قُبِلَ. وإن قال: أرَدْتُ أكْثَرَ بَقاءً ونَفْعًا؛ لأَنَّ الحَلَالَ أنْفَعُ مِن الحَرَامِ. قُبِلَ)

- ‌5194 - مسألة: (ولو ادَّعَى عليه دَيْنًا، فقال: لفُلانٍ عَلَىَّ أكْثَرُ ممّا لَكَ. وقال: أَردْتُ التَّهَزُّؤَ. لَزِمَهُ حقٌّ لهما، يُرْجَعُ في تَفْسِيرِه إليه، في أحَدِ الوَجْهَيْن. وفى الآخرِ، لا يَلْزَمُه شئٌ)

- ‌فَصْلٌ:

- ‌5195 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ دِرْهَمٌ فوقَ دِرْهَمٍ. أو: تَحْتَ دِرْهَمٍ. أو: فَوْقَه. أو: تحتَه. أو: قَبْلَه. أو: بعدَه. أو: معه دِرْهَمٌ. أو: دِرْهَمٌ ودِرْهَمٌ. أو: دِرْهَمٌ، بل دِرْهَمانِ. أو:

- ‌5196 - مسألة: وإن قال: له عَلَىَّ دِرْهَم ودِرْهَمٌ. أو: دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ. أو: دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ. لَزِمَه دِرْهَمانِ. وبهذا قال أبو حنيفةَ وأصحابُه. وذكَر القاضِى وَجْهًا، فيما إذا قال: دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ. وقال: أرَدْتُ: دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ لازِمٌ لى. أنَّه يُقْبَلُ منه. وهو قولُ الشّافعىِّ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ الصِّفَةَ. ولنا، أنَّ «الفاءَ» أحَدُ حُرُوفِ العَطْفِ الثلاثةِ، فأشْبَهتِ «الواوَ» و

- ‌5197 - مسألة: فإن قال: له عَلَىَّ درْهَمٌ بل دِرْهَمانِ. أو: درْهَمٌ لكنْ دِرْهَمانِ. لَزِمَه دِرْهَمانِ

- ‌5198 - مسَألة

- ‌5199 - مسألة: (وإن قال: له)

- ‌5200 - مسألة: (ولو قال: له عَلَىَّ هذا الدِّرْهَمُ، بَلْ هَذانِ الدِّرْهَمانِ. لَزِمَتْهُ الثَّلاثةُ)

- ‌5201 - مسألة: (وإن قال: دِرْهَمٌ فِى دِينارٍ. لَزِمَه دِرْهَمٌ. وإن قال):

- ‌5202 - مسألة: (وإن قال: له عِنْدِى تَمْرٌ في جِرابٍ. أو: سِكِّينٌ في قِرَابٍ. أو: ثَوْبٌ في مِنْدِيلٍ. أو: عَبْدٌ عليه عِمَامَةٌ. أو: دابّةٌ عليها سَرْجٌ. فهل يكونُ مُقِرًّا بالظرفِ والعِمامةِ والسَّرْجِ؟ يحتملُ وجهين)

- ‌5203 - مسألة: (وإن قال: له عِنْدِى خَاتَمٌ فيه فَصٌّ. فهو مُقِرٌّ بهما)

- ‌5204 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ دِرْهَمٌ أو دِينارٌ. لَزِمَه أحَدُهما، يُرْجَعُ في تَفْسِيرِه إليه)

الفصل: ‌5066 - مسألة: (وهل يثبت الإقرار بالزنى بشاهدين، أو لا يثبت إلا بأربعة؟ على روايتين)

وَهَلْ يَثْبُتُ الإقْرَارُ بِالزِّنَى بِشَاهِدَيْنِ، أَوْ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِأَرْبَعَةٍ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

ــ

وأجْمَعوا على أنَّه يُشْتَرَطُ كونُهم عُدولًا، ظاهِرًا وباطِنًا، مُسلمينَ، سَواءٌ كان المشْهودُ عليه مُسْلِمًا أو ذِمِّيًّا. وجُمهورُ العُلَماءِ على أنَّه يُشْتَرطُ أنْ يكونُوا رِجالًا أحْرارًا، فلا تُقْبَلُ فيه شَهادةُ النِّساءِ ولا العَبِيدِ. وبه يقولُ مالِكٌ، والشافعيُّ، وأصْحابُ الرَّأْيِ. وشَذَّ أبو ثَوْرٍ، فقال: تُقْبَلُ شهادةُ العَبِيدِ. وحَكاه أبو الخَطّابِ والشَّريفُ رِوايةً في المَذهبِ. وحُكِىِ عن حَمَّادٍ وعَطاءٍ أنَّهما قالا: تجوزُ شَهادةُ ثلاثةِ رجالٍ وامرأتَيْن؛ لأنَّه نقَصَ واحِدٌ مِن عدَدِ الرِّجالِ، فقامَ مَقامَه امْرأتانِ، كالأمْوالِ. ولَنا، ظاهِرُ الآيةِ، وأنَّ العَبْدَ مُخْتَلَفٌ في شَهادتِه، فكان ذلك شُبْهَةً في الحَدِّ؛ لأنَّه يَنْدَرِئُ بالشُّبُهاتِ، ولا يَصِحُّ قياسُ هذا على الأموالِ؛ لخِفَّةِ حُكْمِها، وشِدَّةِ الحاجَةِ إلى إثْباتِها (1)، لكَثْرةِ وُقُوعِها، والاحْتِياطِ في حِفْظِها، ولهذا زِيدَ في عَدَدِ شُهودِ الزِّنَى على شُهودِ المالِ.

‌5066 - مسألة: (وهل يَثْبُتُ الإقْرارُ بالزِّنَى بشاهِدَيْنِ، أو لا يَثْبُتُ إلَّا بأرْبَعَةٍ؟ على رِوايتين)

وللشافعيِّ فيه (2) قوْلان؛ أحدُهما،

(1) في م: «إتيانها» .

(2)

سقط من: ق، م.

ص: 6

الثَّانِى، الْقِصَاصُ، وَسَائِرُ الْحُدُودِ، فَلَا يُقبَلُ فِيهِ إِلَّا رَجُلَانِ حُرَّانِ.

ــ

يَثْبُتُ بشاهِدَيْن، قِياسًا على سائِرِ الأقَارِيرِ. والثانى، لا يَثْبُتُ إلَّا بأرْبعةٍ؛ لأنَّه مُوجِبٌ لحدِّ الزِّنَى، فأشْبَهَ فِعْلَه.

(الثانى، القِصاصُ، وسائِرُ الحُدودِ، فلا يُقْبَلُ فيه إلا رَجُلانِ حُرَّانِ)

ص: 7

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إلَّا ما رُوِىَ عن عَطاءٍ وحَمَّادٍ أنَّهما قالا: يُقْبَلُ فيه رَجلٌ وامْرأتان، قِياسًا على الشَّهادةِ في الأمْوالِ. ولَنا، أنَّ هذا ممَّا يُحْتاطُ لدَرْئِه وإسْقاطِه، ولهذا يَنْدَرِئُ بالشُّبُهاتِ، ولا تَدْعُو الحاجَةُ إلى إثْباتِه، وفى شَهادةِ النِّساءِ شُبْهَةٌ، بدَليلِ قولِه تعالى:{أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} (1). وأنَّ شَهادَتَهُنَّ لا تُقْبَلُ وإنْ كَثُرْنَ، ما لم يكُنْ مَعَهُنَّ رجلٌ، فوجَبَ أن لا تُقْبَلَ شَهادَتُهُنَّ فيه. ولا يَصِحُّ قِياسُ هذا على المالِ؛ لِما ذكَرْنا مِن الفَرْقِ. وبهذا الذى ذكَرْناه قال سَعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، وحَمَّادٌ، والزُّهْرِيُّ، ورَبِيعَةُ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وأبو عُبَيْدٍ، وأبو ثورٍ، وأصْحابُ الرَّأْيِ. واتَّفَقَ هؤلاءِ كلُّهم على أنَّها تَثْبُتُ بشَهادةِ رَجُلَيْنِ ما خلَا الزِّنَى، إلَّا الحسنَ، فإنَّه قال: الشَّهادةُ على القتلِ، كالشَّهادةِ على الزِّنَى، لا يُقْبَلُ فيها إلَّا أرْبَعَةٌ. ورُوِىَ ذلك عن أبي عبدِ اللهِ؛ لأنَّها شَهادةٌ يَثْبُتُ بها القَتْلُ، فلم تَثْبُتْ إلَّا بأرْبعةٍ، كالشّهادةِ على زِنَى المُحْصَنِ. ولَنا، أنَّه أحدُ نَوْعَىِ القِصاصِ، فيُقْبَلُ فيه اثْنان، كقَطْعِ الطَّرَفِ، وفارَقَ الزِّنَى؛ فإنَّه مُخْتَصٌّ بهذا، وليستِ العِلَّةُ كوْنَه قَتْلًا، بدليلِ وُجوبِ الأرْبعةِ في زِنَى البِكْرِ، ولا قَتْلَ فيه، ولأنَّه انْفَرَدَ بإيجابِه الحدَّ على الرَّامِي به، والشُّهودِ إذا لم تَكْمُلْ شَهادَتُهُم، فلم يَجُزْ أن يَلْحَقَ به ما ليس مثلَه.

(1) سورة البقرة 282.

ص: 8

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: ولا تُقْبَلُ الشَّهادةُ على القَتْلِ إلَّا مع زَوالِ الشُّبْهَةِ في لَفْظِ الشّاهدِ، نحوَ أن يقولَ: ضَرَبَه فَقَتَله. وقد ذكَرْنا ذلك. فإن كانتِ الشَّهادةُ بالجَرْحِ، فقالا: ضَرَبَه فأوْضحَه. أو: فاتَّضَحَ منه. أو: فوَجَدْناه مُوضَحًا مِن الضَّرْبَةِ. قُبِلَتْ شَهادتُهما. فإن قالا: ضَرَبَه فاتَّضَحَ رَأْسُه. أو: فَوَجَدْناه مُوضَحًا. أو: فأسالَ دمَه. أو: وجَدْنا في رأْسِه مُوضِحَةً. لم يَثْبُتِ الإِيضاحُ؛ لجَوازِ أن يتَّضِحَ عَقِيبَ ضَرْبِه بسَبَبٍ آخَرَ. ولابدَّ مِن تَعْيِينِ (1) المُوضِحَةِ في إيجابِ القِصاصِ؛ لأنَّه إن كان في رَأْسِه مُوضِحَتان، فيَحْتاجان إلى بَيانِ ما شَهِدا به منهما، وإن كانتْ واحدةً، فيَحْتَمِلُ أن يكونَ قد أوْسَعَها غيرُ المشْهودِ عليه، فيَجِبُ أن يُعَيِّنَها الشّاهِدان، فيقولان: هذه. فإن قالا: أوْضَحَه في مَوْضِعِ كذا مِن رَأْسِه مُوضِحَةً، قَدْرُ مِساحَتِها كذا وكذا. قُبِلَتْ شَهادَتُهما. وإن قالا: لا نعلَمُ قَدْرَها. أو: مَوْضِعَها (2). لم يُحْكَمْ بالقِصاصِ؛ لأنَّه يتَعَذَّرُ مع الجهَالَةِ، وتَجِبُ دِ يَةُ المُوضِحَةِ؛ لأنَّها لا تَخْتلِفُ باخْتِلافِها. وإن قالا: ضَرَبَ رأْسَه، فأسالَ دَمَه. فهى (3) بازلَةٌ. وإن قالا: فسالَ دَمُه. لم يَثْبُتْ شئٌ؛ لجَوازِ أنْ يَسِيلَ دَمُه بسبَبٍ آخَرَ. وإن قالا: نَشْهَدُ أنَّه ضَرَبَه، فقَطَعَ يَدَه. ولم يكُنْ أقْطَعَ اليَدَيْن، قُبِلَتْ شَهادَتُهما، ويَثْبُتُ القِصاصُ؛

(1) في ق، م:«تعبير» .

(2)

في الأصل: «موضحة» .

(3)

في ق، م:«في» .

ص: 9

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لعَدَمِ الاشْتِباهِ. وإن كان أقْطَعَ اليَدَيْن، ولم يُعَيِّنا المقْطوعَةَ، لم يَجِبْ قِصاصٌ؛ لأنَّهما لم يُعَيِّنا اليَدَ التى يَجِبُ (1) القِصاصُ منها، وتَجِبُ دِيَةُ اليَدِ؛ لأنَّها تَخْتَلِفُ باخْتِلافِ الأيْدِى.

فصل: فإن شَهِدَ أحدُهما أنَّه أقَرَّ بقَتْلِه عَمْدًا، والآخَرُ أنَّه (2) أقَرَّ بقَتْلِه. ولم يَقُل: عَمْدًا ولا خَطَأً. ثبتَ القتلُ؛ لأنَّ البَيِّنَةَ قد كَمَلَتْ عليه، ولم تَثْبُتْ صِفتُه، فيُسْألُ (3) المشْهودُ عليه عن صِفَتِه، فإنْ أنْكَرَ أصْلَ القتلِ، لم يُقْبَلْ إنْكارُه؛ لِقيام البَيِّنَةِ به. وإن أقَرَّ بقَتْلِ العَمْدِ، ثَبَت بإقْرارِه. وإن أَقَرَّ بالخَطَأِ، فأنكَر الوَلِيُّ، فالقَوْلُ قَوْلُ القاتِلِ. وهل يُسْتَحْلَفُ على ذلك؟ يُخَرجُ فيه وجْهانِ. فإن صدَّقَه الوَلِيُّ على الخَطَأِ، ثَبَت عليه. وإن أقَرَّ بقَتْلِ العَمْدِ، وكَذَّبَه الوَلِيُّ، وقال: بل كان خَطَأً. لم يَجِبِ القَوَدُ؛ لأنَّ الوَلِىَّ لا يَدَّعِيه، وتَجِبُ دِيَةُ الخَطإِ. ولا تَحْمِلُها العاقِلَةُ في هذه المواضِعِ كُلِّها، ولا شيئًا منها، وتكونُ في مالِه؛ لأنَّها لم تثْبُتْ ببَيِّنَةٍ، وفي بَعْضِها القاتِلُ مُقِرٌّ بأنَّها في مالِه دونَ مالِ عاقِلَتِه. وإنْ شَهِدَ أحدُهما أنَّه قتَلَه عَمْدًا، وشَهِدَ الآخَرُ أنَّه قَتَلَه خَطَأً، [ثَبَت القَتْلُ](4)

(1) بعده في ق، م:«فيها» .

(2)

سقط من: الأصل.

(3)

في ق، م:«فنسأل» .

(4)

في الأصل: «والآخر عمدًا» .

ص: 10

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

دونَ صِفَتِه، ويُطالَبُ بِبَيانِ صِفَتِه على ما ذكرنا؛ لأنَّ الفِعْلَ قد يَعْتَقِدُه أحدُهما خَطَأ، والآخر عَمْدًا، ويكونُ الحُكْمُ؛ لو شَهِدَ أحدُهما أنَّه أقَرَّ بقَتْلِه [عَمْدًا، وشَهِدَ الآخر أنَّه أقَرَّ بقَتْلِه](1) خَطَأً، أنَّ المشْهودَ عليه يُسْألُ، على ما ذكَرْنا في أوَّلِ الفَصْلِ. فإن شَهِدَ أحدُهما أنَّه قتلَه غُدْوِةً، والآخر أنَّه قتلَه عَشِيَّةً، أو شَهِدَ أحدُهما أنَّه قَتَلَه بسَيْفٍ، وقال الآخر: قَتَلَه (2) بِعَصًا. لم تَتِمَّ الشَّهادةُ. ذكرَه القاضى؛ لأنَّ كُلّ واحدٍ منهما يُخالِفُ صاحِبَه ويُكَذِّبُه. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. وقال أبو بكر: يثْبُتُ القتلُ؛ لاتِّفاقِهما عليه، واخْتِلافِهما في الصِّفَةِ، فيَثْبُتُ القتلُ، كما لو شَهِد (3) أحدُهما بقَتْلِ العَمْدِ، والآخر بقَتْلِ الخَطَأ. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ القَتْلَ غُدْوةً غيرُ القَتْلِ (4) عَشِيَّة، ولا يُتَصَوَّرُ أنْ يُقتَلَ غُدْوَةً ثم يُقتَلَ عَشِما (5)، ولا أنْ يُقْتَلَ بسَيْفٍ، ثم يُقْتَلَ بِعَصًا، بخِلافِ الخَطَأ والعَمْدِ؛ فإنَّ الفِعْلَ واحدٌ، والخِلافُ في نِيَّته وقَصْدِه، وقد يَخْفَى ذلك على أحَدِهما

(1) سقط من: ق، م.

(2)

سقط من: ق، م.

(3)

سقط من: الأصل.

(4)

في ق، م:«السيف» .

(5)

في ق، م:«عشاء» .

ص: 11

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

دُونَ الآخَرِ. وإنْ شَهِدَ أحدُهما أَّنه قتلَه، وشَهِدَ الآخر أنَّه أقَرَّ بقَتْلِه، ثَبَت القَتْلُ. نَصَّ عليه أحمدُ. واخْتارَه أبو بكر. واخْتارَ القاضىِ أنَّه لا يثْبُتُ. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّ أحدَهما شَهِدَ بغيرِ ما شَهِدَ به الآخر، فلم تَتَّفِقْ شَهادَتُهما على فِعْل واحِدٍ. ولَنا، أنَّ الذى أقَرَّ به هو القَتْلُ الذى شَهِدَ به الشّاهِدُ، فلا تَنافِىَ بينَهما، فيَثْبُتُ بشهادَتِهما، كما لو شَهِدَ أحدُهما بالقَتْلِ عَمْدًا، وشَهِدَ الآخر بالقَتْلِ خَطَأً، أو كما لو شَهِدَ أحدُهما أنَّ له عليه ألفًا، وشَهِدَ الآخر أنَّه أقَرَّ له بألْفٍ.

فصل: إذا قُتِلَ رَجُل عَمْدًا قَتْلًا يُوجِبُ القِصاصَ، فشَهِدَ أحدُ الوَرَثَةِ على واحدٍ منهم (1) أنَّه عَفَى عن القِصاصِ، سَقَط القَوَدُ، سَواءٌ كان الشَّاهِدُ عَدْلًا أو فاسِقًا؛ لأنَّ شَهادتَه تَضَمَّنَتْ سُقُوطَ حَقِّه مِن القِصاصِ، وقوْلُه مَقْبولٌ في ذلك؛ فإنَّ أحدَ الوَلِيين إذا عَفَا عن حَقِّه، سَقَط القِصاصُ كلُّه. ويُشْبِهُ هذا ما لو كان عبدٌ بينَ شَرِيكَيْن، فشَهِدَ أحَدُهما أنَّ شَرِيكَه أعْتَقَ نَصِيبَه وهو مُوسِرٌ، عَتَقَ نَصِيبُ الشَّاهِدِ وإن أنْكَرَه الآخر. فإن كان الشّاهِدُ بالعَفْوِ (2) شَهِدَ بالعَفْوِ عن القِصاصِ والمالِ، لم يَسْقُطِ المالُ؛ لأنَ الشَاهِدَ اعْتَرفَ أنَ نَصِيبَه سَقَط بغيرِ اخْتِيارِه، فأمّا نَصِيبُ المشْهودِ عليه، فإن كان الشّاهِدُ ممَّن لا تُقْبَلُ شَهادَتُه، فالقَوْلُ قَوْلُ المشْهودِ عليه مع يَمِينه، فإذا حَلَفَ ثَبَتَتْ حِصَّتُه مِن الدِّيَةِ، وإن كان مَقبولَ القَوْلِ، حَلَفَ الجانِى

(1) سقط من: الأصل.

(2)

سقط من: ق، م.

ص: 12

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَعه، وسَقَط حَقُّ المشْهودِ عليه، ويَحْلِفُ الجانِى أنَّه عَفا عن الدِّيَةِ، ولا يَحْتاجُ إلى ذِكْرِ العَفْوِ عن القِصاصِ؛ لأنَّه قد سَقَط بشَهادَةِ الشَّاهِدِ، فلا يَحْتاجُ إلى ذِكْرِه في اليَمِينِ؛ ولأنه إنَّما يَحْلِفُ على ما يُدعَى عليه، ولا يُدَّعَى عليه غيرُ الديةِ.

فصل: إذا جُرِحَ رَجُل، فشَهِدَ له رَجُلانِ مِن وَرَثَتِه غيرِ الوَالِدين والمَوْلُودِين، وكانتِ الجِراحُ مُنْدَمِلَةً، قُبِلَتْ شَهادَتُهما؛ لأنَّهما لا يَجُرَّانِ إلى أنْفُسِمهما نَفْعًا، وإنْ كانت غيرَ مُنْدَمِلَةٍ، لم يُحْكَمْ بشَهادَتِهما، وقد ذَكرْناه. وإن شَهِدَ وارثا (1) المَرِيضِ له بمالٍ، ففى قَبُولِ شَهَادَتِهم (2) وَجْهان؛ أظْهَرُهما، قَبُولُها، كما لو شَهِدَا له وهو صَحِيح. والثانى، لا تُقْبَلُ؛ لأنَّه متى ثَبَت المالُ للمَرِيضِ، تَعلقَ حَقُّ ورَثَتِه به، ولهذا لا يَنْفُذُ تَبَرُّعُه فيه فيما زادَ على الثُّلُثِ. وإن شَهِدَ للمجروحِ بالجرْحِ مَن لا يَرِثُه، لكَوْنِه مَحْجُوبًا، كالأخَوَيْن يَشْهدَانِ لأخِيهِما، وله ابنٌ، سُمِعَتْ شَهادَتُهما، فإن ماتَ ابنُه، نَظرتَ؛ فإن كان الحاكمُ حَكَمَ بشَهادَتِهما، لم يُنْقَضْ حُكْمُه؛ لأنَّ ما يَطْرأُ بعدَ الحُكْمِ بالشَّهادةِ لا يُؤثِّرُ فيها، كالفِسْقِ، وإن كان ذلك قبلَ الحُكْمِ بالشَّهادَةِ، لم يُحْكَمْ بها؛ لأنَّهما صَازا مُسْتَحِقَّيْنِ، فلا يُحْكَمُ بشَهادَتِهما ، كما لو فَسَقَ الشّاهِدَان قبلَ الحُكْمِ بشَهادَتِهما. وإن شُهِدَ على رَجُلٍ بالجُرْحِ

(1) في الأصل: «واعترف» ، وفى ق، م:«وارث» . والمثبت كما في المغنى 12/ 234.

(2)

في ق، م:«شهاداتهم» .

ص: 13

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المُوجِبِ للدِّيَةِ على العاقِلَةِ، فَشَهِدَ بعْضُ عَاقِلَةِ المشْهُودِ عليه بجَرْحٍ الشُّهُودِ، لم تُقْبَلْ شَهادَتُه وإن كان فَقِيرًا؛ لأنَّه قد يكونُ ذا مالٍ وقت العَقْلِ، فيَكُونُ دافِعًا عن نَفْسِه. ويَحْتَمِلُ أن تُقْبَلَ؛ لأنهما لا يَحْمِلانِ شيئًا مِن الدِّيَةِ. وإن كان الجرْحُ ممَّا لا تَحْمِلُه العاقِلَةُ، كجِرَاحَةِ العَمْدِ، [أو العبدِ](1)، سُمِعَتْ شَهادَتُهما؛ لأنَّهما لا يَدْفَعان عن أنْفُسِهما ضَرَرًا، وإن كان الشَّاهِدان شَهِدَا على إقرارِه بالجُرْحِ، قُبِلَتْ (2)؛ لأنَّ العاقِلَةَ لا تَحْمِلُ الاعْتِرافَ. وإنْ كانتْ شَهادَتُهما بجُرْحٍ عَقْلُه دونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ خَطَأ، وكانتْ شَهادَتُهما بالجرْحِ قبلَ الانْدِمالِ، لم تُقْبَلْ؛ لأنَّها ربَّما صارتْ نفسًا فتَحْمِلُها، وإن كان بعدَه، قُبِلَتْ؛ لأنَّها لا تَحْمِلُ ما دونَ ذلك.

فصل: وإذا شَهِدَ رَجُلان على رَجُلَيْن، أنَّهما قَتَلا رَجُلًا، ثم شَهِدَ المشْهُودُ عليهما على الأوَّلَيْن أنَّهما اللَّذانِ قَتَلاه، فصَدَّقَ الوَلِىُّ الأوَّلَيْن، وكَذبَ الآخِرَيْن، وجبَ القتلُ عليهما؛ لأنَّ الوَلِىَّ يُكَذِّبُهما، وهما يَدْفَعانِ بِشَهادَتِهما عن أنْفُسِهما ضَرَرًا. [وإن صَدَّقَ الآخِرَيْن وحدَهما، بطَلَتْ شَهادةُ الجميعِ؛ لأنَّ الأوَّلَين بَطَلَتْ شهادَتُهما لتَكْذِيبِه لهما، ورُجُوعِه عمَّا شَهِدَا له به، والآخِران لا تُقْبَلُ شهادتُهما؛ لأنَّهما عَدُوَّان للأوَّلَين](3) ،

(1) سقط من: م.

(2)

سقط من: الأصل، ق.

(3)

سقط من: ق، م.

ص: 14

الثّالِثُ، مَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا يُقْصَدُ بِهِ المَالُ، وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ فِى غَالِبِ الأحْوَالِ، غَيْرُ الْحُدُودِ والْقِصَاصِ؛ كَالطَّلَاقِ، وَالنَّسَبِ، وَالْوَلَاءِ، وَالْوَكَالَةِ فِى غَيْرِ الْمَالِ، وَالوَصِيَّةِ الَيْهِ، وَمَا أشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ إِلَّا رَجُلَانِ. وَعَنْهُ فِى النِّكَاحِ،

ــ

[ولأنهما يَدْفَعان عن أنْفُسِهما ضَرَرًا](1)، وإنْ صَدَّقَ الجميعَ، بَطَلَتْ شَهادَتُهم أيضًا؛ لأنَّه بتَصْديقِ الأوَّلَيْن مُكَذِّب للآخِرَيْن، وتَصْدِيقُه الآخِرَيْنِ تَكْذِيب للأوَّلَيْن، وهما مُتَّهمان، لِما ذكَرْناه. فإن قيل: فكيف تُتَصَوَّرُ هذه المْسَألةُ، والشَّهادةُ إنَّما تكونُ بعدَ الدَّعْوَى، فكيفَ يُتَصَوَّرُ فَرْضُ تَصْدِيقِهم وتَكْذِيبِهم؛ قُلْنا: يُتَصَوَّرُ أنْ يَشْهَدَا قبلَ الدَّعْوَى، إذا لم يَعْلَمِ الوَلِىُّ مَن قَتَلَه، ولهذا رُوِىَ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:«خَيْرُ الشُّهَدَاءِ الَّذِى يَأتِى بشَهَادَتِه قبلَ أنْ يُسْألهَا» (2). وهذا مَعْنى ذلك.

(الثالثُ، ما ليس بمالٍ، ولا يُقْصَدُ به المالُ، ويَطَّلِعُ عليه الرِّجالُ في غالِبِ الأحْوالِ، غيرُ الحُدودِ والقِصاصِ) كالنكاحِ (والطَّلاقِ) ؤالرَّجْعَة، (والنَّسَبِ) والعِتْقِ (والوَلاء، والوَكالَةِ في غيرِ المالِ، والوصِيَّةِ إليه، وما أشْبَهَ ذلك، فلا يُقْبَلُ فيه إلًّا رَجلانِ. وعنه في الرَّجْعَةِ،

(1) سقط من: ق، م.

(2)

تقدم تخريجه في 29/ 260.

ص: 15

وَالرَّجْعَةِ، وَاِلْعِتْقِ، أنَهُ يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ رَجُل وَامْرأتيْنِ. وَعَنْهُ فِى الْعِتْقِ، أنَهُ يُقْبَلُ فِيهِ شَاهِدٌ وَيَمِينُ المُدَّعِى. وَقَالَ القَاضِى: النِّكَاحُ وَحُقُوقُهُ؛ مِنَ الطَّلَاقِ، وَالْحُلْعِ، وَالرَّجْعَةِ، لَا يَثْبُتُ [351 و] إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَالْوَكَالَةُ، وَالْوَصِيَّةُ، وَالْكِتَابَةُ، وَنَحْوُهَا، تُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

ــ

والنِّكاحِ، والعِتْقِ، أنَّه يُقْبَلُ فيه شَهادةُ رَجل وامْرَأتَيْن. وعنه في العِتْقِ، أنَّه يُقْبَلُ فيه شاهِدٌ ويَمِينُ المُدَّعِى. وقال الفاضى: النِّكاحُ وحُقُوتُه؛ مِن الطَّلاقِ، والخُلْعِ، والرَّجْعَةِ، لا يَثْبُتُ إلَّا بشاهِدَيْن، رِوايَةً واحِدَةً، والوَكالَةُ، والوَصِيَّةُ، والكِتابَةُ، ونحوُها، تُخَرَّجُ على رِوايَتَيْن) وجُملةُ

ص: 16

قَالَ أحمَدُ فِى الرَّجُلِ يُوَكِّلُ وَكِيلًا، وَيُشْهدُ عَلَى نَفْسِهِ رَجُلًا وَامْرَأتيْنِ: إِنْ كَانَتْ فِى الْمُطَالَبَةِ بِدَيْن، فَأما غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا.

ــ

ذلك، أنَّ ما ليس بعُقُوبَةٍ، ولا يُقْصدُ به المالُ، كالنِّكاحِ، والرَّجْعَةِ، والطَّلاقِ، والعَتاقِ، والِإيلاءِ، والظِّهارِ، والنَّسبِ، والتَّوْكيلِ، والوَصِيَّةِ إليه، والوَلاءِ، والكِتابَةِ، وأشْباهِ هذا، فقال القاضى: المُعَوَّلُ عليه في المذهبِ، أنَّ هذا لا يَثْبُتُ إلَّا بشاهِدَيْن ذَكَرَيْن، ولا تُقْبَلُ فيه شَهادةُ النِّساءِ بحالٍ. وقد نَصَّ أحمدُ في رِوايةِ الجماعةِ، على أنَّه لا تجوزُ شَهادةُ النِّساءِ في النِّكاحِ والطَّلاقِ. وقد نُقِلَ عن أحمدَ في الوَكالَةِ (إن كانتْ بمُطالَبَةِ دَيْنٍ) يعنى تُقْبَلُ فيه (1) شَهادةُ رجلٍ وامرأتَيْن (فأمَّا غيرُ ذلك فلا) ووَجْهُ ذلك أنَّ الوَكالَةَ في اقْتِضاءِ الدَّيْنِ يُقْصَدُ منها المالُ، فيُقْبَلُ فيها شَهادةُ رَجلٍ وامْرأتَيْن، كالحَوالَةِ. قال القاضى: فيُخَرَّجُ مِن هذا

(1) في م: «فيها» .

ص: 17

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أن النِّكاحَ وحُقوقَه، من الرَّجْعَةِ وشِبْهِها، لا تُقْبَلُ فيها شَهادةُ النِّساءِ، روايةً واحدةً، وما عَداه يُخَرَّجُ على رِوايَتَيْن. وقال أبو الخَطَّابِ: في النِّكاحِ والعَتاقِ أيضًا رِوَايتان؛ إحْداهما، لا تُقْبَلُ فيه إلَّا شَهادةُ رجُلَيْنِ. وهو قولُ النَّخَعِىِّ، والزُّهْرِىِّ، ومالكٍ، وأهلِ المدينةِ، والشافعىِّ. وبه قال سَعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، والحسنُ، ورَبِيعَةُ، في الطَّلاقِ. والثانيةُ، تُقْبَلُ فيه شَهادةُ رَجُل وامْرأتَيْن. رُوِىَ ذلك عن جابرِ بنَ زيدٍ، وإياسَ بنِ مُعاوِيةَ، والشَّعْبِىِّ، والثَّوْرِىِّ، وإسْحاقَ، وأصْحابِ الرَّأىِ. ورُوِىَ ذلك في النِّكاحِ عن عَطاء. واحْتَجُّوا بأنه لا يَسْقُطُ بالشبْهَةِ، فيَثْبُت برَجُل وامْرأتَيْن، كالمالِ. ولَنا، أنَّه ليس بمال، ولا يُقْصَدُ منه (1) المالُ، ويَطَّلِعُ عليه الرِّجالُ، فلم يكُنْ للنساء في شَهادَتِه مَدْخَل، كالحُدودِ والقِصاصِ. وما ذكَرُوه لا يَصِح، فإنًّ الشبْهَةَ لا مَدْخَلَ لها في النِّكاحِ، وإنْ تُصُوِّرَ بأن تكونَ المرأةُ مُرْتابَة بالحَمْلِ، لم يَصِحَّ النِّكاحُ.

(1) في ق، م:«به» .

ص: 18

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: وقد نُقِلَ عن أحمدَ، في الإعْسارِ ما يَدُلُّ على أنَّه لا يَثْبُتُ إلَّا بثلائةٍ؛ لحديثِ قَبِيصَةَ بنِ المُخارِقِ، وفيه:«حَتَّى يَشْهَدَ ثَلَاثَة مِنْ ذَوِى الحِجَا مِنْ قَوْمِه، لَقَدْ أصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ» (1). قال أحمدُ: هكذا جاءَ الحديثُ. فظاهِرُ هذا أنَّه أخَذَ به. ورُوِىَ عنه، لا يُقْبَلُ أَّنه وَصَّى، حتى يَشْهَدَ له رَجُلانِ أو رجُل عَدْلٌ. فظاهِرُ هذا أَّنه [يُقْبَلُ في الوصِيَّةِ شهادةُ رجل واحدٍ. وقال في الرجلِ يُوَصِّى ولا يحضُرُه إلا النِّساءُ، قال: أجِيزُ شَهادةَ النساءِ. فظاهِرُ هذا أنَّه](2) أثْبَتَ الوَصِيَّةَ بشَهادةِ النِّساءِ على الانْفِرادِ، إذا لم يحْضُرْه الرجالُ. قال القاضى: المذهبُ في هذا كلِّه لا يثْبُتُ إلَّا بشاهِدَيْن، وحَدِيثُ قَبِيصَةَ في حِلِّ المسْألةِ، لا في الإعْسارِ.

(1) تقدم تخريجه في [7/ 219].

(2)

سقط من: م.

ص: 19

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: ولا يَثْبُتُ شئٌ ممَّا ذكَرْنا بشاهِدٍ ويَمِينِ المُدَّعِى؛ لأنَّه إذا لم يثْبُتْ بشَهادَةِ رجُل وامرأتَيْن، [فلَأن لا](1) يثْبُتَ بشاهِدٍ واحدٍ ويَمِين أوْلَى. قال أحمدُ، ومالكٌ، في الشاهدِ واليَمِينِ: إنَّما يكونُ ذلك في الأمْوالِ خاصَّةً، لا يَقَعُ في حَدٍّ، ولا نِكاحٍ، ولا طَلَاق، ولا عَتَاقٍ، ولا سَرِقَةٍ، ولا قَتل. وعن أحمدَ في العِتْقِ أنه (2) يَثْبُت بشاهِدٍ ويَمِينِ العَبْدِ. ذكَرَه الخِرَقِىُّ، فقال: إذا ادَّعى العَبْدُ (2) أنَّ سَيِّدَه أعْتَقَه، وأتَى بشاهدٍ، حَلَفَ مع شاهِدِه، وصارَ حُرًّا، ونَصَّ عليه أحمدُ. وقال في الشَّريكَيْن في عبدٍ، ادَّعَى كُلُّ واحدٍ منهما أنَّ شَرِيكَه أعْتَقَ حقَّه منه، وكانا مُعْسِرَيْنِ عَدْلَيْنِ: فللعَبْدِ أنْ يَحْلِفَ مع كُلِّ واحدٍ منهما ويَصِيرَ حُرا، أو يَحْلِفَ مع أحَدِهما ويَصِيرَ نِصْفُه حُرًّا. فيُخَرَّجُ مثلُ هذا في الكِتابَةِ،

(1) في النسخ: «فلئلا» .

(2)

سقط من: الأصل.

ص: 20

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والوَلاءِ، والوَصِيّةِ، والوَدِيعَةِ، والوَكالَةِ، فيكونُ في الجَميِعِ رِوايتان، ما خَلا العُقُوباتِ البَدَنِيَّةَ، والنِّكاحَ وحقوقَه، فإنَّها لا تثْبُت بشَاهدٍ ويَمِين، قَوْلًا واحدًا. قال القاضى: المَعْمُولُ عليه في جَمِيعِ ما ذكَرْناه، أنّه لا يثْبُتُ إلَّا بشَاهِدَيْن. وهو قولُ الشافعىِّ. وقد رَوَى الدَّارَقُطْنِىُّ (1) بإسْنادِه عن أبى هُرَيْرَةَ، رَضِىَ اللهُ عنه، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم قال:«اسْتَشَرْتُ جِبْرِيلَ فِى القَضَاءِ بالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، فأشَارَ عَلَىّ فِى الأمْوَالِ، لَا تَعْدُو ذَلِكَ» وقال عمرُو بنُ دِينار، عن ابنِ عباس، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قَضَى بالشّاهِدِ واليَمِينِ؟ قال: نعم في الأمْوالِ. وتَفْسِيرُ الرَّاوِى أوْلَى مِن تَفْسِيرِ غيرِه. رَواه الإمامُ أحمدُ، وغيرُه (2)، بإسنادِه.

(1) وكذا عزاه إليه الحافظ في: تلخيص الحبير 4/ 206، وضعف إسناده، ولم نجده في سنن الدارقطنى. ومن حديث مسلمة بن قيس أخرجه أبو نعيم، وابن منده في المعرفة، والديلمى. انظر: الإصابة 6/ 115، أسد الغابة 5/ 173، الجامع الكبر 1/ 105.

(2)

أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 1/ 323.وأبو داود، في: باب القضاء باليمين والشاهد، من كتاب الأقضية. سنن أبى داود 2/ 277. والبيهقى، في: باب القضاء باليمين مع الشاهد، من كتاب الشهادات. السنن الكبرى 10/ 167 ، 168. والشافعى، انظر: كتاب الأحكام والأقضية، من ترتيب المسند 2/ 178.

وأخرجه دون لفظ: «نعم في الأموال» مسلم، في: باب القضاء باليمين والشاهد، من كتاب الأقضية. صحيح مسلم 3/ 1337. وابن ماجه، في: باب القضاء بالشاهد واليمين، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه 2/ 793. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 248، 315. وانظر الكلام على طرق الحديث في: الإرواء 8/ 296 - 306.

ص: 21

الرَّابع، الْمَالُ، وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ؛ كَالْبَيْعِ، وَالقَرْضِ، وَالرهْنِ، وَالْوَصِيَّةِ لَهُ، وَجِنَايَةِ الْخَطَأَ، تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرأتَيْنِ، وَشَاهِدٌ وَيَمِينُ المُدَّعِى. وَهَلْ تُقْبَلُ فِى جِنَايَةِ الْعَمْدِ المُوجِبَةِ لِلْمَالِ دُونَ القِصَاصِ، كَالْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ، شَهَادَةُ رَجُل وَامْرَأتَيْنِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

ــ

(الرَّابعُ، المالُ، وما يُقْصَدُ به المالُ؛ كما لبَيْعِ، والرَّهْنِ، والقَرْضِ، والوَصِيةِ له، وجِنايَةِ الخَطَأ، تُقْبَلُ فيه شَهادة رجل وامرأتَيْن، وشاهِدٌ ويَمِينُ المُدَّعِى. وهل تُقْبَلُ في جِنايَةِ العَمْدِ المُوجِبَةِ للْمَالِ دُونَ القِصاصِ، كالهاشِمَةِ والمُنَقِّلَةِ، شَهادَةُ رَجُل وامْرأتَيْن؟ عَلَى رِوايَتَيْن)

ص: 22

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وجملةُ ذلك، أنّ المالَ؛ كالقَرْضِ، [والغَصْبِ](1)، والرُّهونِ، والدُّيونِ كلِّها، وما يُقْصَدُ به المالُ؛ كالبَيْعِ، والوَقْفِ، والِإجارَةِ، والهِبَةِ، والصُّلْحِ، والمُساقَاةِ، والمُضارَبَةِ، والشَّرِكَةِ، والوَصِيَّةِ له، والجِنايَةِ المُوجِبَةِ للمال، كالخَطَأ وعَمْدِ الخَطَأَ، والعَمْدِ المُوجب للمالِ دونَ القِصاصِ، كالجائِفَةِ وما دونَ المُوضِحَةِ مِن الشِّجاجِ، يَثْبُتُ بشَهادَةِ رجل وامْرأتَيْن. وقال أبو بكر: لا تثْبُتُ الجِنايَةُ في البَدَنِ بشَهادةِ رجل وامرأتَيْن؛ لأنَّها جِنايَة، فأشْبَهَتْ ما يُوجب القِصاصَ. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ مُوجَبَها المالُ، فأشْبَهَتِ البَيْعَ، وفارَقَ ما يُوجب القِصاصَ؛ لأنَّ القِصاصَ لا تُقْبَلُ فيه شهادةُ النِّساءِ، فكذلك (2) ما يُوجِبُه. والمالُ يَثْبُتُ بشَهادَةِ النِّساءِ، فكذلك ما يُوجِبُه. ولا خِلافَ في أنَّ المالَ يَثْبُتُ بشَهادةِ النِّساءِ مع الرِّجالِ، وقد نَصَّ الله تعالى على ذلك في كتابِه العزيزِ بقولِه سبحانه:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (3). وأجْمَعَ أهلُ العلمِ على

(1) سقط من: م.

(2)

في الأصل: «فلذلك» .

(3)

سورة البقرة 282.

ص: 23

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القَوْلِ به.

فصل: وأكثرُ أهلِ العلمِ يَرَوْنَ ثُبُوتَ المالِ لمُدَّعِيه بشاهِدٍ ويَمِينٍ. رُوِىَ ذلك عن أبى بكر، [وعمرَ](1)، وعثمانَ (2)، وعلىٍّ (3)، رَضِىَ اللهُ عنهم. وبه قال الفُقَهاءُ السَّبْعَةُ، وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، وشُرَيْح، والحسنُ، وإياسٌ، وعبدُ الله بنُ عُتْبَةَ، وأبو سَلَمةَ ابنُ عبدِ الرحمنِ، ويحيى بنُ يَعْمُرَ، ورَبِيعَةُ، ومالكٌ، وابنُ أبى ليلَى، وأبو الزِّنادِ، والشافعىُّ. وقال الشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأىِ، والأوْزاعِىُّ: لا يُقْضَى بشاهدٍ ويَمِين. وقال محمدُ بنُ الحسنِ: مَن قَضَى بالشّاهدِ واليَمِينِ، نَقَضْتُ حُكْمَه؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} . فمَن زادَ في ذلك، فقد زادَ في النَّصِّ، والزِّيادةُ في النَّصِّ نَسْخٌ، ولأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِى، والْيمينُ عَلَى مَنْ أنْكَرَ» (4). فحصَرَ اليَمِينَ في جانِبِ المُدَّعَى عليه، كما حصَرَ البَيِّنَةَ في جانِبِ المُدَّعِى. ولَنا، ما رَوَى سُهَيْلٌ، عن أبيه،

(1) سقط من: ق، م.

(2)

ما روى عن أبى بكر وعمر وعثان، أخرجه الدارقطنى، في كتاب الأقضية والأحكام وغير ذلك. سنن الدارقطنى 4/ 215.

(3)

أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في اليمين مع الشاهد، من أبواب الأحكام. عارضة الأحوذى 6/ 90. والدارقطنى، في الكتاب السابق. سنن الدارقطنى 4/ 212. والبيهقى، في: باب القضاء باليمين والشاهد، من كتاب الشهادات. السنن الكبرى 10/ 169، 170، 171.

(4)

تقدم تخريجه في 16/ 252.

ص: 24

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عن أبى هُرَيْرَةَ، رَضِىَ الله عنه، قال: قَضَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم باليَمِينِ مع الشَّاهِدِ الواحدِ. رواه سعيدُ بنُ مَنْصُورٍ، في «سُنَنِه» ، والأئِمَّةُ مِن أهلِ السُّنَنِ والمَسانِيدِ (1)، قال الترْمِذِىُّ: هذا حديث غريبٌ، وفى البابِ عن على، وابنِ عبَّاس، وجابر. وقال النَّسَائِىُّ (2): إسْنادُ ابنِ عبَّاس في اليَمِينِ مع الشّاهِدِ إسْنادٌ جَيِّدٌ. ولأنَّ اليَمِينَ تُشْرَعُ في مَن ظَهَرَ صِدْقُه، وقَوِىَ جانِبُه، ولذلك شُرِعَتْ في حَقِّ صاحِبِ اليَدِ لقُوَّةِ جَنَبَتِه بها، وفى حَقِّ المُنْكِرِ لِقُوَّةِ جَنَبَتِه، فإنَّ الأصْلَ بَراءَةُ ذِمتِهْ، والمُدَّعِى ههُنا قد ظَهَر صِدْقُه، فوَجَبَ أن تُشْرَعَ اليَمِينُ في حَقِّه. ولا حُجَّةَ لهم في الآيةِ؛ لأنَّها

(1) أخرجه أبو داود، في: باب الفضاء باليمين والشاهد، من كتاب الأقضية. سنن أبى داود 2/ 277. والترمذى، في: باب ما جاء في اليمين مع الشاهد، من أبواب الأحكام. عارضة الأحوذى 6/ 89. وابن ماجه، في: باب القضاء بالشاهد واليمين. سنن ابن ماجه 2/ 793.

ومن حديث الأعرج عن أبي هريرة أخرجه النسائى، في: باب الحكم باليمين مع الشاهد الواحد، من كتاب القضاء. السنن الكبرى 3/ 491. والبيهقى، في: باب القضاء باليمين مع الشاهد، من كتاب الشهادات. السنن الكبرى 10/ 168، 169.

(2)

في: السنن الكبرى 3/ 490.

ص: 25

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

دَلَّتْ على مَشْرُوعِيَّةِ الشَّاهِدَيْنِ (1)، [والشَّاهِدِ](2) والمرْأتَيْن، ولا نِزَاعَ في هذا. وقوْلُهم: إنَّ الزِّيادةَ في النَّصِّ نَسْخ. غيرُ صَحِيحٍ؛ لأنَّ النَّسْخَ الرَّفْعُ والِإزَالَةُ، والزِّيادَةُ في الشئِ تَقْرِير له، لا رَفْعٌ، والحُكْمُ بالشّاهِدِ واليَمِينِ لا يَمْنَعُ الحُكْمَ بالشّاهِدَيْن، ولا يَرْفَعُه، ولأنَّ الزِّيادَةَ لو كانت مُتَّصلَةً بالمَزِيدِ عليه لم ترفَعْه، ولم تكُنْ نسْخًا، فكذلك إذا انْفَصَلَتْ عنه، ولأنَّ الآيةَ وارِدَة في التَّحَمُّل دُونَ الأداءِ، ولهذا قال:{أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} (3). والنِّزاعُ في الأداءِ، وحدِيثُهم ضَعِيفٌ، وليس هو للحَصْرِ، بدَليلِ أنَّ اليَمِينَ تُشْرَعُ في حَقِّ المُودَعِ إذا ادَّعَى رَدَّ الوَدِيعَةِ وتَلَفَها، وفى حَقِّ الأمَناءِ لظُهورِ

(1) في النسخ: «الشاهد» . وانظر المغنى 14/ 131.

(2)

سقط من: م.

(3)

سورة البقرة 282.

ص: 26

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جانِبِهم (1)، وفى حَقِّ المُلاعِنِ، وفى القَسامَةِ، وتُشْرَعُ (2) في حَقِّ البائع والمُشْتَرِى إذا اخْتَلَفا في الثَّمَنِ والسِّلْعَةُ قائِمَة. وقولُ محمدٍ في نَقْضِ قَضاءِ مَن قَضَى بالشّاهدِ واليَمِينِ، يَتضمَّنُ القَوْلَ بنَقْضِ قَضاءِ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، والخُلَفاء الذين قَضَوْا به، وقد قال الله تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (3). والقضاءُ بما قَضَى به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم محمدُ بنُ عبدِ الله، أوْلَى مِن قَضاءِ محمدِ بنِ الحسنِ المُخالِفِ له.

(1) في الأصل: «خيانتهم» .

(2)

بعده في الأصل: «له» .

(3)

سورة النساء 65.

ص: 27

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: قال القاضى: يجوزُ أن يَحْلِفَ على ما لا تجوزُ الشَّهادةُ عليه، مثلَ أنْ يَجِدَ بخَطِّه دَيْنًا له على إنْسانٍ، وهو يَعْرِفُ أنَّه لا يَكْتُبُ إلَّا حقَّا، ولم يَذْكُرْه، أو يَجِدَ في رُوزْمانِجِ (1) أبيه بخطِّه دَيْنًا له على إنْسانٍ، ويَعْرِفُ مِن أبيه الأمانةَ، وأنَّه لا يَكْتُبُ إلا حقَّا، فله أن يحْلِفَ عليه، ولا يجوزُ أن يَشْهَدَ به، ولو أخبرَه بحَقِّ (2) أبِيه ثِقَة، فسكَنَ إليه، جازَ أن يَخلِفَ عليه، ولم يَجُزْ له (3) أن يَشْهَدَ به. وبهذا قال الشافعىُّ. والفَرْقُ بينَ اليَمِينِ والشَّهادةِ مِن وَجْهَيْن؛ أحدُهما، أنَّ الشَّهادةَ لغيرِه، فيَحْتَمِلُ أنَّ مَن له الشَّهادةُ قد زَوَّرَ على خَطِّه، ولا يَحْتَمِلُ هذا فيما يَحْلِفُ عليه؛ لأنَّ الحقَّ إنَّما هو للحالفِ، فلا يُزَوِّرُ أحدٌ عليه. الثانى، أنَّ ما يَكْتُبُه الإنسانُ مِن حُقُوقِه يَكْثُرُ فيَنْسَى بعضَه، بخِلافِ الشَّهادةِ. والأوْلَى التَّوَرُّعُ عن ذلك، إن شاءَ اللهُ تعالى.

(1) الروزمانج: الدفتر، معرب من روزنامه.

(2)

في الأصل: «عن» .

(3)

سقط من: ق، م.

ص: 28

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: وكلُّ مَوْضِع قُبِلَ فيه الشّاهِدُ واليَمِينُ، فلا فَرْقَ بينَ كَوْنِ المُدَّعِى مُسْلِمًا أو كافِرًا، عَدْلًا أو فاسِقًا، رَجُلًا أو امرأةً. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّ مَن شُرِعَتْ في حَقِّه اليَمِينُ لا يَخْتَلِف حُكْمُه باخْتِلافِ هذه الأوْصافِ، كالمُنْكِرِ إذا لم تكُنْ بينةٌ.

فصل: قال أحمدُ: مَضَتِ السُّنَّةُ أن يُقْضَى باليمِينِ مع الشّاهدِ الواحدِ، فإنْ أبى أن يَحْلِفَ، اسْتُحْلِفَ المَطْلوبُ. وهذا قول مالكٍ، والشافعىِّ. ويُرْوَى عن أحمدُ: فإن أبى المطْلوبُ أن يَحْلِفَ، ثَبَتَ الحقُّ عليه.

ص: 29

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: ولا تُقْبَلُ شَهادةُ امرأتَيْن ويَمِينُ المُدَّعِى. وبه قال الشافعى. وقال مالكٌ: يُقْبَلُ ذلك في الأمْوالِ؛ لأنَّهما في الأمْوالِ أُقِيمَتَا مُقامَ الرَّجلِ، فحُلِفَ معهما، كما يُحْلَفُ مع الرَّجلِ. ويَحْتَمِلُ لَنا مثلُ ذلك. ولَنا، أنَّ البَينةَ على المالِ إذا خَلَت (1) مِن رَجُل لم تُقْبَلْ، كما لو شَهِدَ أرْبَعُ نِسْوةٍ، وما ذكَرُوه يَبْطُلُ بهذه الصُّورةِ، فإنَّهما لو اقِيمَتا مُقامَ رجلٍ مِن كلِّ وَجْهٍ، لَكفَى أربعُ نِسْوةٍ مقامَ رَجليْن، ولَقُبِلَ في غيرِ الأمْوالِ شَهادةُ رجل وامرأتَيْن؛ لأنَّ شَهادةَ المرأتَيْن ضَعيفة، تَقَوَّتْ بالرَّجُلِ، واليَمِينُ ضَعِيفة، فيُضَمُّ ضعيفٌ إلى ضعيفٍ، فلا يُقْبَلُ.

(1) في الأصل: «دخلت» .

ص: 30

الخَامِسُ، مَا لَا يَطلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ؛ كَعُيُوبِ النِّسَاءِ تَحْتَ الثيّاَبِ،

ــ

فصل: ولا يُشْتَرَطُ أن يقولَ في يَمِينِه: وإنَّ شاهِدِى صادِقٌ في شَهادَتِه. وقيلَ: يُشْتَرطُ. وهل تُقْبَلُ شَهادةُ رجلٍ وامرأتَيْن، وشاهِدٌ ويَمِينٌ في دَعْوَى قَتْلِ الكافرِ، لاسْتِحْقاقِ سَلَبِه، ودَعْوَى [الأسِيرِ إسْلامًا](1) سابِقًا لمَنْعِ رِقِّه؟ على رِوَايَتَيْن في (2)«المُحَرَّرِ» .

(الخامِسُ، ما لا يَطَّلِعُ عليه الرِّجالُ؛ كعُيوبِ النِّساءِ تحتَ الثِّيابِ،

(1) في ق: «الاستبراء سلامًا» .

(2)

في ق، م:«من» .

ص: 31

وَالرَّضَاعِ، وَالاسْتِهْلَالِ، وَالْبَكَارَةِ، والثُّيُوبَةِ، وَالْحَيْضِ، ونَحْوِهِ، فَيُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ. وَعَنْهُ، لَا يُقْبَلُ فِيهِ أقَلُّ مِنَ امْرأتَيْنِ. وإنْ شَهِدَ بِهِ الرَّجُلُ كَانَ أوْلَى بِثُبُوتِهِ.

ــ

والرَّضاعِ، والاسْتِهْلالِ، والبَكارَةِ، والثُّيوبَةِ، والحَيْضِ، ونحوِه، فيُقْبَلُ فيه شهادةُ امرأةٍ واحدَةٍ. وعنه، لا يُقْبَلُ فيه أقَل مِن امرأتَيْن. وإن شَهِدَ به الرَّجُلُ كان أوْلَى بثُبُوتِه) لا نَعْلَمُ بينَ أهلِ العلمِ خِلافًا في قَبولِ شَهادةِ النِّساءِ المُنْفَرِداتِ في الجُمْلةِ. قال القاضى: والذى تُقْبَلُ فيه شَهادَتُهُنَّ مُنْفَرِدَاتٍ خَمْسةُ أشْياءَ؛ الوِلادةُ، والاسْتِهْلالُ، والرَّضاعُ، والعَيوبُ تحتَ الثِّيابِ؛ كالرَّتْقِ، والقَرْنِ، والبَكارَةِ، والثَّيابَةِ، والبَرَصِ، وانْقِضاءُ العِدَّةِ. وعن أبى حنيفةَ، لا تُقْبَلُ شَهادَتُهنَّ مُنْفَرِداتٍ على الرَّضاعِ؛ لأنَّه يجوزُ أن يَطَّلِعَ عليه محارمُ المرأةِ مِن الرِّجالِ، فلم يَثْبُتْ بالنِّساء مُنْفَرِداتٍ، كالنِّكاحِ. ولَنا، ما رَوَى عُقْبَةُ بنُ الحارِثِ، قال:

ص: 32

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تزَوَّجْتُ أُمَّ يحيى بنتَ أبى إهابٍ، فأتتْ أمَةٌ سَوادءُ، فقالتْ: قد أرضَعْتُكُما. فأَتَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، فذَكَرْتُ ذلك له، فأَعْرَضَ عنِّى، ثم أتيْتُه فقلتُ: يا رسولَ الله، إنَّها كاذِبَةٌ. فقال:«وَكَيْفَ، وَقَدْ زَعَمَتْ ذَلِكَ؟» [متفق عليه](1). ولأنَّها شَهادةٌ على عَوْرةٍ للنِّساءِ فيها مَدْخَلٌ، فقُبِلَ فيها شَهادَةُ النِّساءِ، كالوِلادةِ، ويُخالِفُ عَقْدَ النِّكاحِ؛ فإنَّه ليس بعَوْرَةٍ. وحُكِىَ عن أبى حنيفةَ أيضًا، أنَّ شَهادةَ النِّساءِ المُنْفَرِداتِ لا تُقْبَلُ في الاسْتِهْلالِ؛ لأنَّه يكونُ بعدَ الوِلادةِ. وخالَفَه صاحِبَاه، وأكثَرُ أهلِ العلمِ؛ لأنَّها تكونُ حالَ الوِلادةِ، فيَتَعَذَّرُ حُضورُ الرِّجالِ، فأشْبَهَتِ الوِلادةِ نفْسَها. وقد رُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه أجازَ شَهادةَ القابِلَةِ وَحْدَها في الاسْتِهْلالِ. رواه الإمامُ أحمدُ، وسعيدُ بنُ مَنْصُورٍ (2)، مِن حديثِ جابر الجُعْفِىِّ. وأجازه شُرَيْحٌ، والحسنُ، والحارِثُ العُكْلِىُّ، وحَمَّادٌ. فإذا ثبَت هذا، فكُلُّ مَوْضِع قُلْنا: تُقْبَلُ فيه شَهادةُ النِّساءِ المُنْفَرِداتِ. فإنَّه يُقْبَلُ فيه شَهادةُ المرأةِ الواحدةِ. وقال طاوسٌ: تجوزُ

(1) سقط من: ق، م.

والحديث تقدم تخريجه في 10/ 347.

(2)

وأخرجه الدارقطنى، في: كتاب في الأقضية والأحكام وغر ذلك. سنن الدارقطنى 4/ 233. والبيهقى، في: باب ما جاء في عددهن، من كتاب الشهادات. السنن الكبرى 10/ 151. وعبد الرزاق، في: باب شهادة امرأة على الرضاع، من كتاب الطلاق. المصنف 7/ 485. وابن أبى شيبة، في: باب ما تجوز فيه شهادة النساء، من كتاب البيوع والأقضية. المصنف 6/ 187. ولم نجده في المسند.

ص: 33

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شَهادةُ المرأةِ في الرَّضاعِ، وإن كانت سَوْداءَ (1). وعن أحمدَ، رِواية أخْرَى: لا يُقْبَلُ فيه إلا امْرأتانِ. وهو قولُ الحَكَمِ، وابنِ أبى ليلَى، وابنِ شُبْرُمَةَ. وإليه ذهبَ مالكٌ، والثَّوْرِىُّ؛ لأنَّ كُلَّ جِنْس يثْبُتُ به الحقُّ يَكْفِى فيه اثْنان، كالرِّجالِ، ولأنَّ الرجالَ أكْمَلُ مِنْهُنَّ، ولا يُقْبَلُ منهم إلَّا اثْنان. وقال عُثمانُ (2): يَكْفِى ثلاث؛ لأنَّ كلَّ مَوْضِع قُبِلَ فيه النِّساءُ، كان العَدَدُ ثَلاثةً، كما لو كان مَعَهُنَّ رَجلُ. وقال أبو حنيفةَ: تُقْبَلُ شَهادةُ المرأةِ الواحدةِ في وِلادَةِ الزَّوْجاتِ دون (3) وِلادة المُطَلَّقَةِ. وقال عَطاءٌ، والشَّعْبِىُّ، وقَتادةُ، [والشافعىُّ] (4): لا يُقْبَلُ فيهَا إلَّا أرْبعٌ؛ لأنَّها شَهادةٌ مِن شَرْطِها الحُرِّيَّةُ، فلم تُقْبَلْ فيها الواحِدةُ، كسائرِ الشَّهاداتِ، ولأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ بشَهَادَةِ رَجُلٍ» (5) ولَنا، حديثُ عُقْبَةَ بنِ الحارِثِ، الذى ذكَرْناه. ورَوَى حُذَيْفَةُ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم

(1) أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 7/ 483. وسعيد بن منصور، في: سننه 1/ 245.

(2)

أى البتى. انظر المغنى 14/ 136.

(3)

في الأصل: «ولا تقبل في» .

(4)

سقط من: ق، م.

(5)

أخرجه البخارى، في: باب ترك الحائض الصوم، من كتاب الحيض. صحيح البخارى 1/ 83. ومسلم، في: باب بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات. . . .، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم 1/ 86، 87. وأبو داود، في: باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه، من كتاب السنة. سنن أبى داود 2/ 522. والترمذى، في: باب ما جاء في استكمال الإيمان وزيادته ونقصانه، من أبواب الإيمان. عارضة الأحوذى 10/ 82. وابن ماجه، في: باب فتنة النساء، من كتاب الفتن. سنن ابن ماجه 2/ 1326، 1327. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 67.

ص: 34

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أجَاز شَهادَة القَابلَةِ (1). ذَكرَه الفُقَهاءُ في كُتُبِهم. ورَوَى أبو الخَطّابِ عن ابنِ عمرَ، أَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم. قال:«يُجْزِئُ فِى الرَّضَاعِ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ» (2). ولأنَّه مَعْنًى يثْبُتُ بقَوْلِ النِّساءِ المُنْفَرِداتِ، فلا يُشْتَرطُ فيه العَدَدُ، كالرِّوايةِ وأخْبارِ الدِّياناتِ (3). وما ذكَرَه الشافعىُّ مِن اشْتِراطِ الحُرِّيَّةِ غيرُ مُسَلَّمٍ، وقولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُل» . في الموْضِعِ الذى تَشْهَدُ فيه مع الرَّجُلِ.

فإن شَهِدَ الرجلُ بذلك، قُبِلَ وَحْدَه. وهو قولُ أبى الخطَّابِ؛ لأنَّه أكْمَلُ مِن المَرْأةِ، فإذا اكْتُفِىَ بها وَحْدَها، فَلَأن يُكْتَفَى به أوْلَى، ولأنَّ ما قُبِلَ فيه قَوْلُ المرأةِ الواحدةِ، قُبِلَ فيه قَوْلُ الرجلِ، كالرِّوايةِ.

(1) أخرجه الدارقطنى، في: سننه 4/ 232. والبيهقى، في: السنن الكبرى 10/ 51. وعزاه الهيثمى للطبرانى في الأوسط، وقال: وفيه من لم أعرفه. مجمع الزوائد 4/ 201. وضعفه في: الإرواء 8/ 306.

(2)

أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 2/ 35 بلفظ: «رجل وامرأة وامرأة» . وفى 2/ 109 بلفظ: «رجل أو امرأة» . وفى الموضع الأول بهذا اللفظ أيضا. وكذا عبد الرزاق، في: المصنف 8/ 336. وفى 7/ 484 بلفظ: «رجل أو امرأة». وبهذا اللفظ أخرجه البيهقى، في: السنن الكبرى 7/ 464. وضعف إسناده. وذكر الاختلاف في متنه. وعزاه الهيثمى لأحمد والطبرانى في الكبير، وقال: فيه محمد بن عبد الرحمن بن البيلمانى وهو ضعيف. مجمع الزوائد 4/ 201.

(3)

في الأصل: «الدايات» ، وصوابها:«الديات» .

ص: 35

فصلٌ: وَإذَا شَهِدَ بِقَتْلِ العَمْدِ رَجُلٌ وَامْرَأتانِ، لَمْ يَثبُتْ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ. وَإنْ شَهِدُوا [351 ظ] بِالسرِقَةِ، ثبَتَ المَالُ دُونَ الْقَطْعَ.

ــ

فصل: قال، رحمه الله:(وإذا شَهِدَ بقَتْلِ العَمْدِ رَجلٌ وامْرأتانِ، لم يَثْبُتْ قِصاصٌ ولا دِيَةٌ. وإن شَهِدُوا بالسرِقَةِ، ثَبَت المالُ دُونَ القَطْعِ) لأنَّ السَّرِقةَ تُوجِبُ المالَ والقَطْعَ، فإذا قَصُرَتْ عن أحدِهما، أثْبَتُتِ الآخَرَ، والقَتْلُ يُوجِبُ القِصاصَ، والمالُ بدَل منه، فإذا لم يَثْبُتِ الأصْلُ، لم يَجِبْ بدَلُه. وإن قُلْنا: مُوجَبُه أحدُ شَيْئَيْن. لم يتَعَيَّنْ أحدُهما إلَّا بالاخْتِيارِ، فلو أوْجَبْنا الدِّيَةَ وَحْدَها، أوْجَبْنا مُعَيَّنًا. وقال ابنُ أبى موسى: لا يَجِبُ المالُ فيما إذا شَهِدُوا بالسَّرِقَةِ؛ لأنَّها شَهادةٌ لا تُوجِبُ الحدَّ،

ص: 36