الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَجُوزُ لِشَاهِدِ الْفَرْعِ أنْ يَشْهَدَ، إلَّا أنْ يَسْتَرْعِيَهُ شَاهِدُ الْأصْلِ، فَيَقُولَ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادتِى أَنِّى أشْهَدُ أنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ، وَقَدْ عَرَفْتُهُ بِعَيْنهِ، وَاسْمِهِ، وَنَسَبِهِ، أقَرَّ عِنْدِى، وَأشْهَدَنِى عَلَى نَفْسِهِ طَوْعًا بِكَذَا. أوْ: شَهِدْتُ عَلَيْهِ. أوْ: أقَرَّ عِنْدِى بكَذَا. فإنْ سَمِعَهُ يَقُولُ: أشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا. لَمْ يَجُزْ أنْ يَشْهَدَ، إَلَّا أنْ يَسْمَعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ [352 و] الْحَاكِمِ، أوْ يَشْهَدُ بِحَقٍّ يَعْزِيهِ إلَى سَبَب؛ مِنْ بَيْع، أوْ إجَارَةٍ، أوْ قَرْض، فَهَلْ يَشْهَدُ بِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
مَسافةِ القَصْرِ كلٌّ على أصْلِه؛ لأنَّ ما دونَ ذلك في حُكْمِ الحاضرِ، في التَّرَخُّصِ وغيرِه، بخِلافِ مَسافةِ القَصْرِ. ويُعْتَبَرُ دَوامُ هذا الشرْطِ إلى الحُكْمِ، سنَذْكُرُه، إن شاءَ اللهُ تعالى.
5070 - مسألة: (ولا يَجُوزُ لشاهِدِ الفَرْعِ أن يَشْهَدَ حَتَّى يَسْتَرْعِيَه شاهِدُ الأصْلِ، فَيَقُولَ: اشْهَدْ على شَهادَتِى أنِّى أشْهَدُ أنَّ فُلَانَ ابنَ فُلَانٍ، وقد عَرَفْتُه بعَيْيهِ، واسْمِهِ، ونَسَبِهِ، أقَرَّ عِنْدِى، وَأشْهَدَنِى على نَفْسِهِ طَوْعًا بكذَا. أو: شَهِدْتُ عليه. أو: أقَرَّ عِنْدِى بِكَذَا. وإنْ سَمِعَهُ يَقُولُ: أشْهَدُ على فُلَانٍ بِكَذَا. لم يَجُزْ أن يَشْهَدَ، إلَّا أن يَسْمَعَه يَشْهَدُ عِنْدَ الحَاكِمِ، أو يَشْهَدُ بحَقٍّ يَعْزِيهِ إلى سَبَبٍ؛ مِن بَيْعٍ، أو إجارَةٍ، أو قَرْض، فهل يَشْهَدُ به؟ على وَجْهَيْنِ)
يُشتَرطُ لجَوازِ شَهادةِ الفَرْعِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أن يَسْتَرْعِيَه على ما ذكَرْنا. فإن سَمِعَ شاهِدًا يَسْتَرْعِى آخَرَ شَهادةً يَشْهَدُ عليها، جازَ لهذا السَّامعِ أن يَشْهَدَ بها؛ لحُصُولِ الاسْتِرْعاءِ. ويَحْتَمِلُ أن لا يجوزَ له أن يَشْهَدَ إلَّا أن يَسْتَرْعِيَه بعَيْيه. وهو قولُ أبى حنيفةَ. قال أحمدُ: لا تَكونُ شَهادةً إلَّا أن يكونَ يُشْهِدُكَ، فأمّا إن سَمِعْتَه (1) يتَحَدَّثُ، فإنَّما ذلك حديثٌ. وبما ذكَرْناه قال الشافعىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، وأبو عُبَيْدٍ. فأمّا إن سَمِعَ شاهِدًا يَشْهَدُ عندَ الحاكمِ بحَقٍّ، أو سَمِعَه يَشْهَدُ بحَقٍّ يَعْزِيهِ إلى سَبَبٍ، نحوَ أن يقولَ: أشْهَدُ أنَّ لفُلانٍ على فُلانٍ ألفًا مِن ثَمَنِ مَبِيع. فهل يَشْهَدُ به؟ فيه رِوَايتانِ. ذكَرَهما أبو الخَطَّاب. وذكرَ القاضى، أنَّ له الشَّهادةَ. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه بالشَّهادةِ عندَ الحاكم، ونِسْبَتِه الحقَّ إلى سَبَبِه يَزُولُ الاحْتِمالُ، ويرتَفِعُ الإِشْكالُ، فتجوزُ له الشَّهادةُ على
(1) في ق، م:«سمعه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شَهادَتِه، كما لو اسْتَرْعاه. والرِّوايةُ الأخْرَى، لا يجوزُ له أن يَشْهَدَ على شَهادَتِه. وهو قولُ أبى حنيفةَ، وأبى عُبَيْدٍ؛ لأنَّ الشَّهادةَ [على الشَّهادَةِ](1) فيها معْنَى النِّيابَةِ، فلا يَنُوبُ عنه إلَّا بإذْنِه. ومَن نَصَر الأوَّلَ قال: هذا يَنْقُلُ شَهادَتَه، ولا يَنُوبُ عنه؛ لأنَّه لا يَشهَدُ مِثْلَ شَهادَتِه،
(1) سقط من: ق، م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إنَّما شَهِدَ على شَهادتِه. فأمّا إن قالَ: اشْهَدْ أنِّى أشْهَدُ على فُلانٍ بكذا. فالأشْبَهُ أنَّه يجوزُ أن يَشْهَدَ على شَهادتِه](1). وهو قولُ أبى يوسُفَ؛ لأنَّ معنَى ذلك: اشْهَدْ على شَهادَتِى. [وقال أبو حنيفةَ: لا يَجُوزُ إلَّا أنْ يَقولَ: اشْهَدْ على شَهادَتِى](2) أنِّى أشْهَدُ، لأنَّه إذا قال: اشْهَدْ. فقد أمرَه بالشَّهادةِ، ولم يَسْتَرْعِه. وما عَدا هذه المَواضِعَ، لا يجوزُ أن يَشْهَدَ فيها على الشَّهادةِ، فإذا سَمِعَه يقولُ: أشْهَدُ أنَّ لفُلانٍ على فُلانٍ ألفَ دِرْهم. لم يَجُزْ أن يَشْهَدَ على شَهادتِه؛ لأنَّه لم يَسْتَرعِه الشهادةَ، فيَحْتَمِلُ أن يكونَ وَعَدَه بها، وقد يُوصَفُ الوَعْدُ بالوُجوب مَجازًا؛ فإنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«العِدَةُ دَيْنٌ» (3). ويَحْتَمِلُ أن يُرِيدَ بالشَّهادةِ العِلْمَ، فلم يَجُزْ لسَامِعِه الشَّهادةُ به. فإن قيل: فلو سَمِعَ رَجلًا يقولُ: لفُلانٍ علىَّ (4) ألفُ دِرْهم. جازَ أن يَشْهَدَ بذلك، فكذا هذا. قُلْنا: الفَرْقُ بينَهما مِن وَجْهَيْن؛ أحدُهما، أنَّ الشَّهادةَ تَحْتَمِلُ العِلْمَ، ولا يحْتَمِلُ الإِقْرارُ ذلك.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: ق، م.
(3)
أخرجه الطبرانى، في: الصغير 1/ 150. من حديث على وابن مسعود. وأبو نعيم، في: تاريخ أصبهان 2/ 270. والديلمى، انظر: فردوس الأخبار 3/ 111. وقال الهيثمى: وفيه حمزة بن داود، ضعفه الدارقطنى. مجمع الزوائد 4/ 166. وانظر: تخريج أحاديث إحياء علوم الدين 3/ 1162، وفيض القدور 4/ 377، 378.
(4)
في ق، م:«على فلان» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثانى، أنَّ الإقْرارَ أوْسَعُ في لُزُومِه مِن الشَّهادةِ، بدليلِ صِحَّتِه في المَجْهولِ، وأنَّه لا يُراعَى فيه العَددُ، بخِلافِ الشَّهادةِ، ولأنَّ الإِقْرارَ قولُ الإِنسانِ على نَفْسِه، وهو غيرُ مُتَّهَم عليها، فيكونُ أقْوَى منها، ولهذا لا تُسْمَعُ الشَّهادةُ في حَقِّ المُقِرِّ، ولا يُحْكَمُ بها. ولو قال شاهدُ الأصْلِ: أنا أشْهَدُ أنَّ لفُلانٍ على فلانٍ ألْفًا، فاشْهَدْ به أنتَ عليه. لم يَجُزْ أن يَشْهَدَ على شَهادتِه؛ لأنَّه ما اسْتَرْعاه شَهادتَه فيَشْهَدَ عليها، ولا هو شاهِدٌ بالحَقِّ؛ لأنَّه ما سَمِعَ الاعْتِرافَ به ممَّن هو عليه، ولا شاهَدَ سَبَبَه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأما كَيْفِيَّةُ الأداءِ (1) إذا كان قد اسْتَرْعاه الشَّهادةَ، فإنَّه يقولُ: أشهَدُ أنَّ فُلانَ بنَ فُلانٍ، وقد عَرَفْتُه (2) بعينِه واسْمِهِ ونَسَبهِ وعَدَالَتِه، أشْهَدَنِى أنَّه يَشْهَدُ أنَّ لفُلانِ بنِ فُلانٍ كذا. أو: أنَّ فُلانًا أقَرَّ عندِى بكذا. وإن لِم يَعْرِفْ عَدالَتَه لم يَذْكُرْها. وإن سَمِعَه يُشْهِدُ غيرَه، قال: أشْهَدُ أنَّ فُلان بنَ فُلانٍ، أشْهَدَ على شَهَادته أنَّ لفُلانِ بنِ فُلانٍ، على فُلانِ بنِ فُلانٍ كذا وكذا. وإن كان سَمِعَه يَشْهَدُ عندَ الحاكمِ، قال: أشْهَدُ أنَّ فُلانَ بنَ فُلانٍ، شهِدَ على فُلانِ بنِ فُلانٍ، عندَ الحاكمِ بكذا. وإن كان نَسَب الحقَّ إلى سَبَبِه، قال: أشهَدُ أن فُلانَ بنَ فُلانٍ قال: أشْهَدُ أنَّ لفُلانِ بنِ فُلانٍ، على فُلانِ بنِ فُلانٍ كذا وكذا، مِن جِهَةِ كذا وكذا. وإذا أرادَ الحاكِمُ أن يَكتُبَ ذلك، كتَبَه، على ما ذكَرْنا.
(1) في الأصل: «الإمام» .
(2)
في الأصل: «عرفه» .