الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْيَمِينِ فِى الدَّعَاوَى
وَهِىَ مَشْرُوعَةٌ فِى حَقِّ المُنْكِرِ فِى كُلِّ حَقٍّ لِآدَمِىِّ.
ــ
بابُ اليَمينِ في الدَّعاوَى
(وهى مَشْروعةٌ في حَقِّ المنكِرِ في كلِّ حَقٍّ لآدَمِىٍّ) وجملةُ ذلك، أنَّ الحُقوقَ على ضَرْبَيْنِ؛ أحدُهما، ما هو حَقٌّ لآدَمِىٍّ. والثانى، ما هو حَقٌّ للَّه تِعالى. وحَقُّ الآدَمِىِّ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ؛ أحدُهما، ما هو مالٌ، أو المقْصودُ منه المالُ؛ كالبَيْعِ، والقَرْضِ، والصُّلْحِ، والغَصْبِ، والجِنايةِ المُوجِبَةِ للمالِ، فيُسْتَحْلَفُ فيه؛ لقَوْلِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى المُدَّعِى واليَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ» . مُتَّفَقٌ عليه (1). ولحَديثِ الحَضْرَمِىِّ والكِنْدِىِّ (2). القسمُ الثانى، ما ليس بمالٍ، ولا المقْصودُ منه المالَ، وهو كلُّ ما لا يَثْبُتُ إلَّا بشَاهِدَيْنِ؛ كالقِصاصِ، وحَدِّ القَذْفِ، والنِّكاحِ، والطَّلاقِ، والرَّجْعَةِ، والعِتْقِ، والنَّسَبِ، والاسْتِيلادِ (3)،
(1) تقدم تخريجه في 12/ 478.
(2)
تقدم تخريجه في 28/ 416.
(3)
في م: «الاستيلاء» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والوَلاءِ، والرِّقِّ، ففيه رِوايتان؛ إحداهما، لا يُسْتَحْلَفُ المُدَّعَى عليه، ولا تُعْرَضُ عليه اليَمِينُ. قال أحمدُ: ولم أسمَعْ مَن مَضَى جَوَّزَ الأيْمانَ إلَّا في الأمْوالِ والعُرُوضِ خاصَّةً. وهذا قولُ مالكٍ. ونحوُه قولُ أبى حنيفةَ، فإنَّه قال: لا يُسْتَحْلَفُ في النِّكاحِ، وما يَتعلَّقُ به مِن دَعْوَى الرَّجْعَةِ والفَيْئَةِ في الإِيلاءِ، ولا في الرِّقِّ وما يتَعلَّقُ به مِن الاسْتِيلادِ (1) والوَلاءِ والنَّسَبِ؛ لأَنَّ هذه الأشْياءَ لا يَدْخُلُها البَدَلُ، وإنَّما تُعْرَضُ اليَمِينُ فيما يدْخُلُها البَدَلُ؛ فإنَّ المُدَّعَى عليه مُخَيَّرٌ بينَ أن يَحْلِفَ أو يُسَلِّمَ، ولأَنَّ هذه الأشياءَ لا تَثْبُتُ إلَّا بشاهِدَيْنِ ذَكَرَيْنِ، فلا تُعْرَضُ فيها اليَمِينُ، كالحدودِ. والروايةُ الثَّانيةُ، يُسْتَحْلَفُ في الطَّلاقِ، والقِصاصِ، والقَذْفِ. وقال الخِرَقِىُّ: إذا قال: ارْتَجَعْتُكِ. فقالت: انْقَضَتْ عِدَّتِى قبلَ رَجْعَتِكَ. فالقولُ قولُها مع يَمِينِها. وإذا اخْتَلَفا في مُضِىِّ الأرْبعةِ الأشْهُرِ في الإِيلاءِ، فالقولُ قوْلُه مع يَمِينِه. فَيُخَرَّجُ مِن (2) هذا أنَّه
(1) في م: «الاستيلاء» .
(2)
في م: «في» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُسْتَحْلَفُ في كلِّ حَقٍّ لآدَمِىٍّ. وهذا قولُ الشافعىِّ، وأبى يوسفَ، ومحمدٍ؛ لقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بدَعْواهُمْ، لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وأمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ اليَمِينَ على المُدَّعَى عليه» . [مُتَّفَقٌ عليه](1). وهذا عامٌّ في كلِّ مُدُّعًى عليه (2)، وهو ظاهِرٌ في دَعْوَى الدِّماءِ؛ لذِكْرِها في الدَّعْوَى مع عُمومِ الأحاديثِ، ولأنَّها دَعْوَى صَحيحةٌ في حَقِّ آدَمِىٍّ، فجازَ أَنْ يَحْلِفَ عليه، كدَعْوَى المالِ. وهذا أَوْلَى إن شاءَ اللَّهُ تعالى. و (قال أبو بكرٍ) عبدُ العزيزِ: تُشْرعُ اليَمِينُ في كلِّ حَقٍّ لآدَمِىٍّ (إلَّا في النِّكاحِ والطَّلاقِ) لأَنَّ هذا ممَّا لا يَحِلُّ بَذْلُه، فلم يُسْتَحْلَفْ فيه (3)، كحُقوقِ اللَّهِ سبحانه، وإنَّما كان كذلك؛ لأَنَّ الأبْضاعَ ممَّا يُحْتاطُ لها، فلا تُسْتَباحُ بالنُّكُولِ، لأَنَّ النُّكُولَ ليس بحُجَّةٍ قَوِيَّةٍ، لأنَّه سُكُوتٌ مُجَرَّدٌ، يَحْتَمِلُ أن يكونَ للخَوْفِ مِن اليَمِينِ، ويَحْتَمِلُ أن يكونَ للجَهْلِ بحَقِيقةِ الحالِ، ويَحْتَمِلُ أن يكونَ لعِلْمِه بصِدْقِ المُدَّعِى، ومع هذه
(1) سقط من: ق، م.
(2)
سقط من: ق، م.
(3)
سقط من: م.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إِلَّا فِى تِسْعَةِ أَشْيَاءَ؛ النِّكَاحِ، والرَّجْعَةِ، وَالطَّلَاقِ، وَالرِّقِّ، وَالْوَلَاءِ، وَالاسْتِيلَادِ، وَالنَّسَبِ، وَالْقَذْفِ، وَالْقِصَاصِ.
ــ
الاحْتِمالاتِ لا يَنْبَغِى أن يُقْضَى به فيما يُحْتاطُ له (وقال أبو الخَطَّابِ): تُشْرَعُ اليَمِينُ في كلِّ حَقٍّ لآدَمِىٍّ (إلَّا في تِسْعةِ أشياءَ؛ النِّكاحِ، والرَّجْعَةِ، والطَّلَاقِ، والرِّقِّ، والوَلاءِ، والاسْتِيلادِ، والنَّسَبِ، والقَذْفِ، والقِصاصِ) لأَنَّ البَدَلَ لا يَدْخُلُ هذه الأشياءَ، فلم يُسْتَحْلَفْ
وَقَالَ الْقَاضِى: فِى الطَّلَاقِ وَالقِصَاصِ وَالْقَذْفِ رِوَايَتَانِ، وَسَائِرُ السِّتَّةِ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهَا، رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَقَالَ الخِرَقِىُّ: لَا يُحَلَّفُ فِى القِصَاصِ، وَلَا الْمَرْأَةُ إِذَا أَنْكَرَتِ النِّكَاحَ، وَتُحَلَّفُ إِذَا ادَّعَتِ
ــ
فيها، كحُقوقِ اللَّه سبحانه (وقال القاضى: في الطَّلاقِ والقِصاصِ والقَذْفِ رِوَايتان) إحداهما، لا يُسْتَحْلَفُ فيها، لذلك. والثانيةُ، يُسْتَحْلَفُ فيها، لأنَّها دَعْوَى صَحيحَةٌ يُسْتَحلفُ فيها، كدَعْوَى المالِ. وأمَّا (السِّتَّةُ الباقِيَةُ، فلا يُسْتَحْلَفُ فيها، رِوايةً واحدةً) لِما سَبَقَ (وقال الخِرَقِىُّ: لا يُسْتَحْلَفُ في القِصاصِ، ولا المرأةُ إذا أنْكَرَتِ النِّكاحَ،
انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا. وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُولِى مُضِىَّ الأرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ، حَلَفَ. وَإِذَا أَقَامَ الْعَبْدُ شَاهِدًا بِعِتْقِهِ، حَلَفَ مَعَهُ.
ــ
وتُحَلَّفُ إذا ادَّعَتِ انْقِضاءَ عِدَّتِها) لِما سبَقَ (وإذا أقامَ العبدُ شاهِدًا بعِتْقِه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حَلَفَ مع شاهدِه) وعَتَقَ. وهى إحْدَى (1) الرِّوايَتَيْن عن أحمدَ. وقد ذكَرْنا ذلك.
(1) سقط من: الأصل.