الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ بَعدَ مَوْتِ المُقِرِّ فَادَّعَتِ الزَّوْجِيَّةَ، لَمْ يَثْبُتْ بِذَلِكَ.
ــ
فصل: وإن قَدِمَتِ امْرأةٌ مِن بَلَدِ الرُّومِ معها طِفْلٌ، فأقَرَّ به رَجُلٌ، لَحِقَه؛ لوُجُودِ الإِمْكانِ وعَدَمِ المُنازِعِ، لأنَّه يَحتَمِلُ أن يكونَ دَخَلَ أرْضَهُم أو دَخَلَتْ هى دارَ الإِسْلامِ فوَطِئَها، والنَّسَبُ يُحْتاطُ لإثْباتِه، ولهذا لو وَلَدَتِ امرأةُ رَجُلٍ وهو غائِبٌ عنها، بعدَ عَشْرِ سنِينَ أو أكْثَرَ مِن غَيْبَتِه، لَحِقَه، وإِن لم يُعرَفْ له قُدُوم إليها ولا عُرِفَ لها خُروجٌ مِن بَلَدِها.
5122 - مسألة: (ومَن ثَبَتَ نَسَبُه، فجاءَت أُمُّه بعدَ مَوْتِ المُقِرِّ فادَّعَتِ الزَّوْجِيَّةَ، لم يَثْبُتْ بذلك)
لأنَّها مُجَرَّدُ دَعوَى، فلم تَثْبُتْ بها زَوْجِيَّةٌ، كما لو كان حَيًّا، ولأنَّه يَحتَمِلُ أن يكونَ مِن وَطْءِ شُبْهةٍ أو نِكاحٍ فاسدٍ.
فصل: وإن أقَرَّ رَجُل (1) بنَسَبِ صَغِير، لم يَكُنْ مُقِرًّا بزَوْجِيَّةِ أُمِّه.
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبهذا قال الشّافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: إذا كانت مَشْهُورةً بالحُرِّيَّةِ، كان مُقِرًّا بزَوْجِيَّتِها؛ لأَنَّ أنْسابَ المُسْلِمينَ وأحوالَهُم يَجِبُ حَمْلُها على الصِّحَّةِ، وهو أن يكونَ وَلَدَتْه منه في نِكَاحٍ صَحِيحٍ. ولنا، أن الزَّوْجِيةَ (1) لَيْسَت مُقْتَضَى لَفْظِه ولا مَضْمُونَه، فلم يَكُنْ مُقِرًّا بها، كما لو لم تَكُنْ مَعرُوفةً بالحُرِّيَّةِ. وما ذكَرُوه لا يَصِحُّ؛ فإنَّ النَّسَبَ مَحْمُولٌ على الصِّحَّةِ، وقد يُلْحقُ بالوَطْءِ والنِّكاحِ الفاسِدِ والشُّبْهةِ، [فلا يَلْزَمُ بحُكْمِ إقْرارِه، ما لم يُوجِبْه لَفْظٌ، ولا يَتَضَمَّنُه](2).
فصل: إذا كان له أمَةٌ لها ثَلاثةُ أَوْلادٍ، ولا زَوْجَ لها، ولا أقَرَّ بوَطْئِها، فقال: أحَدُ هؤلاء وَلَدِى. فإقْرارُه صَحِيحٌ، ويُطالَبُ بالبَيانِ، فإن عَيَّنَ أحَدَهُم، ثَبَتَ نَسَبُه وحُرِّيته، ثم يُسْأَلُ عن كَيْفِيَّةِ الاسْتِيلادِ، فإن قال: بنِكاحٍ. فعلى الوَلَدِ الوَلَاءُ، والأمُّ والآخَرانِ مِن أَوْلادِها رَقِيقٌ. فإن قال: اسْتَوْلدتُها في مِلْكِى. فالمُقَرُّ به حُرُّ الأَصْلِ، لا وَلَاءَ عليه، والأمَةُ أُمُّ وَلَدٍ. ثم إن كان المُقَرُّ به الأكْبَرَ، فأخَواهُ ابْنَا أُمِّ وَلدٍ، حُكْمُهما حُكْمُها في العِتْقِ بمَوْتِ سَيِّدِها. وإن كان الأوْسَطَ، فالأكْبَرُ قِنٌّ، والأصْغَرُ له حُكْمُ أُمِّه. وإن عَيَّنَ الأصْغَرَ، فأخَوَاه رَقِيقٌ قِنُّ؛ لأنَّها وَلَدَتْهُما قبلَ
(1) في م: «الزوجة» .
(2)
كذا في ق، م، والعبارة غير واضحة في الأصل، وفى المغنى 7/ 325:«فلا يلزمه بحكم إقراره، ما يتضمنه لفظه، ولم يوجبه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحُكْمِ بكَوْنِها أُمَّ وَلدٍ. وإن قال: هى مِن وَطْء شُبْهةٍ. فالوَلَدُ حُرُّ الأصْلِ وأخَوَاه مَمْلُوكانِ، وإن مات قبلَ أن يُبَيِّنَ، أُخِذَ وَرَثته بالبَيانِ، ويَقُومُ بَيَانُهم مَقامَ بَيانِه، فإن بَيَّنُوا النَّسَبَ ولم يُبَيِّنُوا الاسْتِيلادَ، ثَبَتَ النَّسَبُ وحُرِّيَّةُ الوَلَدِ، ولم يَثْبُتْ للأُمِّ ولا لِوَلَدَيْها حُكْمُ الاسْتِيلادِ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يكونَ مِن نِكاحٍ أو وَطْءِ شُبْهةٍ، وإن لم يُبَيِّنُوا النَّسَبَ، وقالوا: لا نَعْرِفُ ذلك، ولا الاسْتِيلادَ. فإنّا نُرِيه القافَةَ، فإن أَلحَقُوا به واحِدًا منهم، أَلْحَقْناه، ولا يَثْبُتُ حُكْمُ الاسْتِيلادِ لغيرِه، فإن لم يَكُنْ قافَةٌ أُقْرِعَ بينهم، فمن وَقَعَتْ له القُرعةُ، عَتَقَ وَوَرِثَ. وبهذا قال الشّافعىُّ، [إلَّا أنَّه](1) لا يُوَرِّثُه بالقُرْعةِ. ولنا، أنَّه حُرٌّ اسْتَندَتْ حُرِّيَّتُه إلى إقْرارِ أبيه به (2)، فَوَرِثَ، كما لو عَيَّنَه في إقْرارِه.
فصل: إذا كان له أمَتانِ، لكلِّ واحدةٍ منهما وَلَدٌ، فقال: أحَدُ هذَين وَلَدِى مِن أَمَتِى. نَظَرْتَ؛ فان كان لكلِّ واحدةٍ منهما زَوْجٌ يمكِنُ إلحاقُ الوَلَدِ به، لم يَصِحَّ إقْرارُه، وأُلْحِقَ الوَلَدانِ بالزَّوْجَيْن. وإن كان لإِحْداهما زَوْجٌ دون الأُخْرَى، انْصَرفَ الإِقْرارُ إلى وَلَدِ الأُخْرَى؛ لأنَّه الذى يُمْكِنُ إلْحاقُه به، وإن لم يكُنْ لكلِّ واحدةٍ منهما زَوْجٌ، ولكنْ أقَرَّ السَّيِّدُ بوَطْئِهما، صارَتَا فِراشًا، ولَحِقَ وَلَداهُما به، إذا أمْكَنَ أن يُولَدَا بعدَ وَطْئِه، وإن أمْكَنَ في إحداهما دُونَ الأُخْرَى، انْصَرفَ الإِقْرارُ إلى مَن
(1) في م: «لأنه» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أمْكن؛ لأنَّه وَلَدُه حكْمًا. وإن لم يكُنْ أقَرَّ بوَطْءِ واحدةٍ منهما، صَحَّ إقْرارُه وثَبَتتْ حُرِّيَّةُ المُقَرِّ به؛ لأنَّه أقَرَّ بِنَسَبٍ صَغيرٍ مَجْهُولِ النَّسبِ مع الإِمْكانِ، لا مُنازِعَ له فيه، فلَحِقَه نَسَبُه، ثم يُكَلَّفُ البَيَانَ، كما لو طَلقَ إحْدَى نِسائِه، فإذا بَيَّنَ قُبِلَ بَيانُه؛ لأنَّ المَرْجِعَ في ذلك إليه، ثم يطالَبُ ببيانِ كَيْفِيَّةِ الوِلَادَةِ، فإن قال: استولَدتُها في مِلْكِى. فالوَلَدُ حُرُّ الأْصلِ، لا وَلَاءَ عليه، وأمُّه أُمُّ وَلَدٍ. وإن قال: في نِكَاحٍ. فعَلَى الوَلَدِ الوَلاءُ؛ لأنَّه مَسَّهُ رِقٌّ، والأمَةُ قِنٌّ؛ لأنَّها عَلِقَتْ بمَمْلُوكٍ. وإن قال: بِوَطْءِ شُبْهةٍ. فالوَلَدُ حُرُّ الأَصْلِ، والأمَةُ قِنٌّ؛ لأنَّها عَلِقَتْ به في غيرِ مِلْكٍ. وإنِ ادَّعَتِ الأُخْرَى أنَّها التى اسْتَوْلَدَها، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه؛ لأَنَّ الأصلَ عَدَمُ الاسْتِيلادِ، فأَشْبَهَ ما لو ادَّعَتْ ذلك مِن غيرِ إقْرارٍ بشئٍ، فإذا حَلَفَ رَقَّتْ (1) ورَقَّ وَلَدُها، فإذا مات، وَرِثَه وَلَدُه المُقَرُّ به. وإن كانت أمَةً قد صارَتْ أُمَّ وَلَدٍ، عَتَقتْ، وإن لم تَصِرْ أَمَّ وَلَدٍ، عَتَقتْ على وَلَدِها إن كان (2) هو الوارِثَ وَحْدَه، وإن كان معه غيرُه، عَتَقَ منها بِقَدْرِ ما مَلَك. وإن مات (3) قبلَ أن يُبَيِّنَ، قام وارِثُه مَقامَه في البَيانِ؛ لأنَّه يَقُومُ مَقامَه في إلْحاقِ النَّسَبِ وغيرِه، فإذا بَيَّن، كان كما لو بَيَّن المَوْرُوثُ. وإن لم يَعْلَمِ الوارِثُ كَيْفِيَّةَ الاسْتِيلادِ، فَفِى الأَمَةِ وَجْهانِ؛ أحدُهما، يكونُ رَقِيقًا؛ لأَنَّ الرِّقَّ الأصْلُ، فلا يَزُول بالاحْتِمالِ. والثانى، يَعْتِقٌ؛ لأنَّ الظاهِرَ أنَّها
(1) بعده في م: «له» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في م: «عادت» .