الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ: أَلْفٌ إلا أَلْفًا. أَوْ: إلَّا سِتَّمِائَةٍ. لَزِمَهُ الْأَلْفُ.
وَإِنْ قَالَ: كَانَ لَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ وَقَضَيْتُهُ. أَوْ: قَضَيْتُ مِنْهُ
ــ
5139 - مسألة: (وإن قال):
له عَلَىَّ (ألْفٌ إلَّا ألْفًا) لم يَصِحَّ؛ لأنَّه اسْتَثْنَى الكُلَّ، ولا يَصِحُّ بغيرِ خِلافٍ؛ لأنَّه رُجُوعٌ عن الإِقْرارِ (وإن قال: إلَّا سِتَّمائةٍ) لم يَصِحَّ، وسَنَذكُرُه إن شاءَ اللَّه تعالى.
فصل: ولا يُقْبَلُ رُجُوعُ المُقِرِّ عن إقْرارِه، إلَّا فيما (1) كان حَدًّا للَّهِ تعالى، يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، ويُحْتاطُ لإِسْقاطِه. فأمَّا حُقُوقُ الآدَمِيِّينَ، وحُقُوقُ اللَّهِ تعالى التى لا تُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، كالزَّكاةِ والكَفَّاراتِ (2)، فلا يُقْبَلُ رُجُوعُه عنها. ولا نَعْلَمُ في هذا خِلَافًا.
5140 - مسألة: (وإن قال: كان له عِنْدِى ألْفٌ وقَضَيْتُه. أو:
(1) في م: «ما» .
(2)
في الأصل: «الكفالات» .
خَمْسَمِائَةٍ. فَقَالَ الْخِرَقِىُّ: لَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَكونُ مُقِرًّا مُدَّعِيًا لِلْقَضَاءِ، فَلَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةَ، حَلَفَ المُدَّعِى أنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ، وَلَمْ
ــ
قَضَيْتُ منه خَمْسَمائةٍ. فقال الخِرَقِىُّ: ليس بإقْرارٍ، والقولُ قولُه مع يَمِينِه) وحَكَى ابنُ أبى مُوسَى في هذه المسألةِ رِوَايَتَيْن؛ إحداهما، أنَّ هذا ليس بإقْرارٍ. اختارَه القاضِى، وقال: لم أجِدْ عن أحمدَ رِوايةً بغيرِ هذا. وِالثانيةُ، أنَّه مُقِرٌّ بالحَقِّ مُدَّعٍ لقَضائِه، فعليه البَيِّنةُ بالقَضاءِ، وإلَّا حَلَفَ غرِيمُه وأخَذَه (1) اخْتاره أبو الخَطّابِ. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّه أقَرَّ
(1) في الأصل: «أخذ» .
يَبْرَأْ، وَاسْتَحَقَّ، وَقَالَ: هَذَا رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِى مُوسَى.
ــ
بالدَّينِ وادَّعَى القَضاءَ بكَلامٍ مُنْفَصِلٍ، ولأنَّه (1) رفَع جَمِيعَ ما أَثْبَتَه، فلم يُقْبَلْ، كاسْتِثْناءِ الكُلِّ. وللشّافعىِّ قَوْلانِ كالمَذْهَبَيْنِ. ووَجْهُ قولِ الخِرَقِىِّ، أنَّه قَوْلٌ مُتَّصِلٌ تُمْكِنُ صِحَّتُه، ولا تَناقُضَ فيه، فوَجَبَ أن يُقْبَلَ (2)، كاسْتِثناءِ البعضِ، وفارَقَ المُنْفَصِلَ؛ لأنَّ حُكْمَ الأوَّلِ قد اسْتَقرَّ بسُكوتِه عليه (3)، فلا يُمْكِنُ رَفْعُه بعدَ اسْتِقْرارِه، ولذلك لا يُرْفَعُ بعضُه باسْتِثْناءٍ ولا غيرِه، فما يَأْتِى بعدَه مِن دَعْوَى القَضاءِ يكونُ دَعْوَى مُجَرَّدَةً، لا تُقْبَلُ إلا بِبَيِّنةٍ، وأمّا اسْتِثْناءُ الكُلِّ فمُتَناقِضٌ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ أن يكونَ عليه أَلْفٌ وليس عليه شئٌ.
(1) في الأصل: «لا» .
(2)
في م: «لا يقبل» .
(3)
في م: «عنه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن قال: كان له عَلَىَّ ألْفٌ وقَضَيْتُه منه خَمْسَمائةٍ. فالكَلَامُ فيه كالكَلامِ فيما إذا قال: وقَضَيْتُه. وإن قال له إنْسانٌ: عليك مائةٌ لى. فقال: قد قَضَيْتُكَ منها خمسينَ. فقال القاضِى: لا يكونُ مُقِرًّا بشئٍ؛ لأَنَّ الخمسينَ التى ذَكَرَ أنَّه قَضَاهَا، في كَلامِه ما يَمْنَعُ بَقاءَها، وهو دَعْوَى القَضاءِ، وباقِى المائةِ لم يَذْكُرْها. وقولُه: منها. يَحْتَمِلُ أن (1) يُرِيدَ بها ممّا (2) يَدَّعِيه، ويَحْتَمِلُ ممّا عَلَىَّ، فلا يَثْبُتُ عليه شئٌ بكَلامٍ مُحْتَمِلٍ. ويَجِئُ على قَوْلِ مَن قال بالرِّوايةِ الأُخرى أنَّه يَلْزَمُه الخَمْسُونَ التى ادَّعَى قَضاءَها، لأنَّ في ضِمْن دَعْوَى (3) القَضاءِ إقْرارًا بأنَّها كانت
(1) في م: «أنه» .
(2)
في الأصل: «ما» .
(3)
في الأصل: «معنى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه، فلا تُقْبَلُ دَعْوَى القَضاءِ بغيرِ بَيِّنَةٍ.
فصل: فإن قال: كان له عَلَى ألْفٌ. وسَكَتَ، لَزِمَه الألْفُ، في ظاهِرِ قولِ أصحابِنا. وهو قولُ أبى حنيفةَ، وأحَدُ قَوْلَى الشّافِعِىِّ، وقال في الآخَرِ: لا يَلْزَمُه شئٌ، وليس هذا بإقْرارٍ؛ لأنَّه لم يَذْكُرْ عليه شيئًا في الحالِ، إنَّما أخْبَرَ بذلك في زَمَنٍ ماضٍ، فلا يَثْبُتُ في الحالِ، ولذلك لو شَهِدَتِ البَيِّنةُ، لم يَثْبُتْ. ولنا، أنَّه أقَرَّ بالوُجُوبِ، ولم يَذْكُرْ ما يَرْفَعُه، فبَقِىَ على ما كان عليه، ولهذا لو تَنازَعا دارًا، فأقَرَّ أحَدُهما للآخَرِ أنَّها كانت مِلْكَه، حُكِمَ بها له، إلَّا أنَّه ههُنا إن عادَ فادَّعَى القَضاءَ أو الإبْراءَ، سُمِعَتْ دَعْواهُ؛ لأنَّه لا تَنافِىَ بينَ الإِقْرارِ وبينَ ما يَدَّعِيه. وهذا على إحْدَى الرِّوايتَيْنِ.
فصل: وإن قال: له علىَّ ألْفٌ قَضَيْتُه إيّاه. لَزِمَه الألْفُ، ولم تُقْبَلْ دَعْوَى القَضاءِ. وقال القاضى: تُقْبَلُ؛ لأنَّه رَفَعَ ما أثْبَتَه بدَعْوَى القَضاءِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُتَّصِلًا، فأَشْبَهَ ما لو قال: كان له علىَّ (1) وقَضَيْتُه (2). وقال ابنُ أبى مُوسَى: إن قال: قَضَيْتُ جَمِيعَه. لم يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنةٍ، ولَزِمَه الألْفُ الذى أقَرَّ به، وله اليَمِينُ على المُقَرِّ له. وأمّا لو قال: قَضَيْتُ بعضَه. قُبِلَ منه، في إحْدَى الرِّوايتينِ؛ لأنَّه رَفَعَ بعضَ ما أقَرَّ به بكلامٍ مُتَّصِلٍ، فأشْبَهَ ما لو اسْتَثْناه، بخِلافِ ما إذا قال: قَضَيْتُ جَمِيعَه. لكَوْنِه رَفع جَمِيعَ ما هو ثابتٌ، فأشْبَهَ اسْتِثْناءَ الكُلِّ. ولَنا، أنَّ هذا قولٌ مُتناقِضٌ، إذ لا يُمْكِنُ أن يكَونَ عليه ألْفٌ و (3) قد قَضاه، فإنَّ كَوْنَه عليه يَقْتَضِى بَقاءَه في ذِمَّتِه، واسْتِحْقاقَ مُطالَبَتِه به، [وقَضاؤُه يَقْتَضِى](4) بَراءَة ذِمَّتِه منه، وتَحْرِيمَ مُطالَبَتِه به، وهذان ضِدَّانِ لا يُتَصَوَّرُ اجْتِماعُهُما في زَمَنٍ واحدٍ، بخِلافِ ما إذا قال له: كان عَلَىَّ وقَضَيْتُه. فإنَّه أَخْبَرَ بهما في زَمانَيْنِ، ويُمْكِنُ أن يَرْتَفِعَ (5) ما كان ثابِتًا، ويَقْضِىَ ما كان دَيْنًا، وإذا لم يَصِحَّ هذا في الجميعِ، لم يَصِحَّ في البَعْضِ؛ لاسْتِحالةِ بَقاءِ أَلْفٍ (6) عليه قد قَضى بعضَه،
(1) بعده في الأصل: «ألف» .
(2)
بعده في م: «له» .
(3)
سقط من: ق، م.
(4)
في م: «وقضاءه بمقتضى» .
(5)
في م: «يرفع» .
(6)
في الأصل: «الألف» .