الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنْ كَانَ مَيِّتًا، وَرِثَهُ.
ــ
نازَعَه فيه غيرُه تَعارَضَا، فلم يَكُنْ إلْحاقُه بأحَدِهما أَوْلَى مِن الآخَرِ. الثالثُ، أن يُمكِنَ صدقُه، بأن يكونَ المُقَرُّ به يَحتَمِلُ أن يُولَدَ لمِثْلِ المُقِرِّ. الرابعُ، أن يكونَ مِمَّن لا قَوْلَ له، كالصَّغِير والمَجْنُونِ، أو يُصَدِّقَ المُقِرَّ إن كان ذا قَوْلٍ، وهو المُكَلَّفُ؛ لأنَّه مُكَلَّفٌ أقَرَّ بِحَقٍّ ليس فيه (1) نَفْعٌ، فَلزِمَ، كما لو أقَرَّ بمالٍ. فإن كان غيرَ مُكَلَّفٍ، لم يُعتَبَرْ تَصْدِيقُه، فإن كَبِرَ وعَقَلَ، فأَنْكَرَ، لم يُسْمَع إنْكارُه؛ لأَنَّ نَسَبَه ثابِتٌ، وجَرَى ذلك مَجْرَى مَن ادَّعَى مِلْكَ عَبْدٍ صَغِيرٍ في يَدِه، وثَبَتَ بذلك مِلْكُه، فلَمَّا كَبِرَ جَحَدَ ذلك. ولو طَلَبَ إحْلافَه على ذلك، لم يُسْتَحْلَفْ؛ لأَنَّ الأبَ لو عاد فجَحَدَ النَّسَبَ، لم يُقْبَل منه. ويَحتَمِلُ أن يَبْطُلَ نَسَبُ المُكَلَّفِ باتِّفاقِهما على الرُّجُوعِ عنه؛ لأنَّه يَثْبُتُ باتِّفاقِهما، فزَالَ برُجُوعِهما، كالمالِ. والأَوَّلُ: أصَحُّ؛ لأنَّه نَسَبٌ ثَبَتَ بالإِقْرارِ، فأشْبَهَ نَسَبَ الصَّغِيرِ والمَجْنُونِ، وفارَق المالَ؛ لأَنَّ النَّسبَ يُحْتاطُ لإِثْباتِه. وإنِ اعتَرفَ إنْسانٌ أنَّ هذا أَبُوه، فهو كاعتِرافِه بأنَّه ابْنُه.
الضربُ الثانى، أن يُقِرَّ عليه وعلى غيرِه، كإقْرارِه بأَخٍ، فسَنَذْكُرُه إن شاءَ اللَّه تعالى.
5121 - مسألة: (فإن كان)
الصَّغِيرُ المُقَرُّ بِنَسَبِه (مَيِّتًا، وَرِثَه)
(1) في الأصل: «له» .
وإنْ كَانَ كَبِيرًا عَاقِلًا، لَمْ يَثْبُتْ حَتَّى يُصَدِّقَهُ،
ــ
لأنَّه ثَبَت نَسَبُه. وبهذا قال الشافعىُّ. ويَحتَمِلُ أن يَثْبُتَ نَسَبُه دُونَ مِيراثِه؛ لأنَّه مُتَّهَمٌ في قَصْدِ أخْذِ مِيراثِه. وقال أبو حنيفةَ: لا يَثْبُتُ نَسَبُه ولا إرثُه؛ لذلك. ولَنا، أنَّ عِلَّةَ ثُبُوتِ نَسَبِه في حَياتِه الإِقْرارُ به، وهو مَوْجُودٌ بعدَ المَوْتِ، فيَثْبُتُ، كحَالَةِ الحياةِ، وما ذَكَرُوه يبطُلُ بما إذا كان المُقرُّ به حَيًّا مُوسِرًا، والمُقِرُّ فَقِيرًا، فإنَّه يَثْبُتُ نَسَبُه، ويَمْلِكُ المُقِرُّ التَّصرُّفَ في مالِه وإنْفاقَه على نَفْسِه (وإن كان) المُقَرُّ به (كَبِيرًا عاقِلًا) فكذلك في قولِ القاضِى، وظاهِرِ مَذْهبِ الشّافِعِىِّ؛ لأنَّه (1) لا قَوْلَ له، أشْبَهَ الصَّغيرَ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، لا يَثْبُتُ نَسَبُه؛ لأنَّ نَسَبَ المُكَلَّفِ لا يَثْبُتُ
(1) في النسخ: «أنه» ، والمثبت كما في المغنى 7/ 323.
وإنْ كَانَ مَيِّتًا، فَعَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
إلَّا بِتَصْدِيقِه، ولم يُوجَد. ويُجَابُ عن هذا بأنَّه غيرُ مُكَلَّفٍ. فإنِ ادَّعَى نَسَبَ المُكَلَّفِ في حَياتِه فلم يُصَدِّقْه حتى ماتَ المُقِرُّ، ثم صَدَّقَه، ثَبَتَ نَسَبُه؛ لأنَّه وُجِدَ الإِقْرارُ والتَّصْدِيقُ.
فصل: فإن أقَرَّتِ امرأة بوَلَدٍ ولم تَكُنْ ذاتَ زَوْجٍ ولا نسَبٍ، قُبِلَ إقْرارُها. وإن كانت ذاتَ زَوْج، فهل يُقْبَلُ إقرارُها؛ على رِوايتين؛ إحداهما، لا يُقْبَلُ؛ لأَنَّ فيه حَمْلًا لِنسَبِ الوَلَدِ على زَوْجِها، ولم يُقِرَّ به، أو إلحاقًا [للعارِ به بوِلادَةِ](1) امرأتِه مِن غيرِه. والثانى، يُقْبَل؛ لأنَّها شَخْصٌ أقَرَّ بوَلَدٍ يَحْتَمِلُ أن يكونَ منه، فَقُبِلَ، كالرَّجُلِ. وقال أحمدُ في رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ، في امرأةٍ ادَّعَتْ وَلَدًا: فإن كان لها إخْوَةٌ أو نَسَبٌ مَعرُوفٌ، فلابُدَّ أن يَثْبُتَ أنَّه ابْنُها، كان لم يَكُنْ لها دافِعٌ فمَن يَحُولُ بَيْنَها وبينَه؟ وهذا لأنَّها إذا كانت ذاتَ أهْلٍ، فالظاهِرُ أنَّه لا يَخْفَى عليهم وِلادَتُها، فمتى ادَّعَتْ ولَدًا لا يَعْرِفُونَه، فالظاهِرُ كَذِبُها. ويَحْتَمِلُ أن تُقْبلَ دعواها مُطْلَقًا؛ لأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ له، فأشْبَهتِ الرَّجُلَ. وقد ذَكَرْنا نحوَ ذلك في اللَّقِيطِ (2).
(1) في الأصل: «للعارية لولاده» .
(2)
في 16/ 331 - 333.