الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ سِتَّةٌ بِالزِّنَى فَرُجِمَ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْهُمُ اثْنَانِ، غَرِ مَا ثُلُثَ الدِّيَةِ.
ــ
مِن اثْنَيْنِ في الحُقوقِ المالِيَّةِ، أو القِصاصِ، ونحوِه، فيما يَثْبُتُ بشَاهِدَيْن أو أكثرَ مِن أرْبعةٍ، فرجَعَ الزَّائِدُ منهم قبلَ الحُكْمِ أو الاسْتِيفاءِ، لم يَمْنَعْ ذلك الحكمَ ولا الاسْتِيفاءَ؛ لأنَّ ما بَقِىَ مِن البَيِّنَةِ كافٍ في إثْباتِ الحُكْمِ واسْتِيفاثِه. وإن رَجَعَ بعدَ الاسْتِيفاءِ، فعليه القِصاصُ إن أقَرَّ بما يُوجِبُه، أو قِسْطُه مِن الدِّيَةِ أو مِن المُفَوَّتِ بشَهادتِهم إن كان غيرَ ذلك. وفى ذلك اختلافٌ، ذكَرْنا بعْضَه.
فصل: وكلُّ مَوْضِعٍ وجَبَ الضَّمانُ على الشُّهودِ بالرُّجوعِ، فإنَّه يُوَزَّعُ بينَهم على عدَدِهم، قَلُّوا أو كَثُروا. قال أحمدُ في رِوايةِ ابنِ مَنْصورٍ: إذا شَهِدَ بشَهادةٍ، ثم رجَعَ وقد أتْلَفَ مالًا، فإنَّه ضامِنٌ بقَدْرِ ما كانوا في الشَّهادةِ، فإن كانوا اثْنَيْنِ، فعليه النِّصْفُ، وإن كانوا ثَلاثةً، فعليه الثُّلُثُ. وعلى هذا، لو كانوا عشَرَةً، فعليه العُشرُ. فإن رجَعَ أحدُهم وحدَه، غَرِمَ بقِسْطِه، على ما ذكَرْنا، وفيه اخْتلافٌ يُذْكَرُ إن شاءَ اللهُ تعالى. فإذا شَهِدَ أربعةٌ بالقتلِ، فقُتِلَ المَشْهودُ عليه، ثم رجَعَ واحدٌ، فعليه الرُّبْعُ إن قال: أخْطَأْنا. وإن رجَعَ اثْنانِ، فعليهما النِّصْفُ.
5082 - مسألة: فإذا شَهِدَ سِتَّةٌ بِالزِّنَى على مُحْصَنٍ
، فَرُجِمَ
وَإِنْ رَجَعَ الْكُلُّ، لَزِمَتْهُمُ الدِّيَةُ أَسْدَاسًا.
ــ
بشَهادَتِهم، ثم رَجَع واحِدٌ، فعليه القِصاصُ أو سُدْسُ الدِّيَةِ. وإن رَجَع اثْنَانِ، فعليهما القِصاصُ أو ثُلُثُ الدِّيَةِ. وبهذا قال أبو عُبَيْدٍ. وقال أبو حنيفةَ: إن رجَعَ واحدٌ أو اثْنان، فلا شئَ عليهما؛ لأنَّ بَيِّنَةَ الزِّنَى قائمَةٌ، فَدَمُه غيرُ مَحْقُونٍ، وإن رجَعَ ثلاثةٌ، فعليهم رُبْعُ الدِّيَةِ، وإن رجَعَ أربعةٌ، فعليهم نِصْفُ الدِّيَةِ، وإن رجَعَ خَمسةٌ، فعليهم ثلاثةُ أرْباعِها، وإن رجَعَ السِّتَّةُ، فعلى كلِّ واحدٍ منهم سُدْسُها. ومَنْصوصُ الشافغىِّ فيما إذا رَجَع اثْنان، كمذهبِ أبى حنيفةَ. واخْتلَفَ أصْحابُه فيما إذا شَهِدَ بالقِصاصِ ثلاثةٌ، فرجَعَ أحدُهم، فقال أبو إسْحاقَ: لا قِصاصَ عليه؛ لأنَّ بَيِّنَةَ القِصاصِ قائمةٌ، وهل يَجِبُ عليه ثُلُثُ الدِّيَةِ؟ على وَجْهَيْن. وقال ابنُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحَدّادِ (1): عليه القِصاصُ. وفَرَّقَ بينَه وبينَ الرّاجعِ مِن شُهودِ الزِّنَى إذا كان زائدًا، بأنَّ دَمَ المشْهودِ عليه بالزِّنَى غيرُ مَحْقُونٍ، وهذا دمُه مَحْقُونٌ، وإنَّما أُبِيحَ دَمُه لوَلِىِّ القِصاصِ وحْدَه. واخْتلَفوا فيما إذا شَهِدَ بالمالِ ثلاثةٌ، فرَجَعَ أحدُهم، على وَجْهَيْن؛ أحدُهما، يَضْمنُ الثُّلُثَ. والثانى، لا شئَ عليه. ولَنا، أنَّ الإتْلافَ حصَلَ بشَهادتِهم، فالرّاجِعُ يُقِرُّ بالمُشارَكَةِ فيه عَمْدًا عُدْوانًا لِمَن (2) هو مِثْلُه في ذلك، فلَزِمَه القِصاصُ، كما لو أقَرَّ بمُشارَكَتِهم في مُباشرَةِ قَتْلِه، ولأنَّه أحدُ مَن قُتِلَ المشْهودُ عليه بشَهادتِه، فأشْبَهَ الثانَى مِن شُهودِ القِصاصِ، والرابعَ مِن شُهودِ الزِّنَى، ولأنَّه أحدُ مَن حصَلَ الإتْلافُ بشَهادتِه، فلَزِمَه مِن الضَّمانِ بقِسْطِه، كما لو رجَعَ الجميعُ. وقولُهم: إنَّ دمَه غيرُ مَحْقُونٍ. [غيرُ صَحيحٍ](3)؛ فإنَّ الكلامَ فيما إذا قُتِلَ، ولم يَبْقَ له دمٌ يُوصَفُ بحَقْنٍ ولا عَدَمِه، وقيامُ الشَّهادةِ لا يَمْنَعُ وُجوبَ القِصاصِ، كما لو شَهِدَت لرجلٍ باسْتِحْقاقِ القِصاصِ، فاسْتَوْفاه، ثم أقَرَّ بأنَّه قَتَلَه ظُلْمًا، وأنَّ الشُّهودَ شُهودُ زُورٍ (4). والتَّفْريقُ بينَ القِصاصِ والرَّجْمِ بكَوْنِ دَمِ القاتلِ غيرَ
(1) محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر أبو بكر ابن الحداد الكنانى المصرى الشافعى، الإمام العلامة الثبت، شيخ الإسلام، عالم العصر، صاحب «الفروع» في المذهب، كان تقيا متعبدا، ذا لسن وبلاغة وبصر بالحديث ورجاله، توفى سنة خمس وأربعين وثلاثمائة. طبقات الشافعية الكبرى [3/ 79 - 98] سير أعلام النبلاء 15/ 44 - 451.
(2)
في ق، م:«كمن» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
بعده في الأصل: «في» .