الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَثْبُتُ شَهَادَةُ شَاهِدَىِ الأَصْلِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَيْهِمَا، سَوَاءٌ شَهِدَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أوْ شَهِدَ عَلَى كُلِّ
ــ
فصل: ويُشْتَرطُ أن يُعَيِّنا شاهِدَىِ الأصْلِ، على ما ذكَرْنا، ويُسمِّياهُما. وقال ابنُ جَرِيرٍ: إذا قالا: ذكَرَيْنِ، حُرَّيْنِ، عَدْلَيْنِ. جازَ، وإنْ لم يُسَمِّيا؛ لأنَّ الغَرَضَ مَعْرِفَةُ الصِّفاتِ دُونَ العَيْنِ. وليس بصَحِيحٍ؛ لجَوازِ أن يَكونا عَدْلَيْن عندَهما، وهما مَجْروحَان عندَ غيرِهما، ولأنَّ المَشْهودَ عليه ربَّما أمْكَنَه جَرْحُ الشُّهودِ، فإذا لم يَعْرِفْ أعْيانَهما، تَعذَّرَ عليه ذلك.
5071 - مسألة: (وتَثْبُتُ شَهادَةُ شاهِدَىِ الأصْلِ بشَهادَةِ شاهِدَيْنِ، يَشْهَدَانِ عليهما، سَواءٌ شَهِدَا على كُلِّ واحِدٍ منهما، أو شَهِدَ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدٌ مِنْ شُهُودِ الْفَرْعِ. وَقَالَ أبو عَبْدِ الله ابْنُ بَطَّةَ: لَا تَثْبُتُ حَتَّى يَشْهَدَ أرْبَعَة؛ عَلَى كُلِّ شَاهِدِ أصْلٍ شَاهِدَا فَرْعٍ.
ــ
على كُلِّ واحِدٍ منهما شاهِدٌ مِن شُهُودِ الفَرْعِ. وقال أبو عبدِ الله ابنُ بَطَّةَ: لا تَثْبُتُ حتى يَشْهَدَ أرْبَعَةٌ؛ على كُلِّ شاهِدِ أصْلٍ شَاهِدَا فَرْعٍ) وجملةُ ذلك، أنَّه يَجُوزُ أن يَشْهَدَ على كلِّ واحدٍ مِن شَاهِدَىِ الأصْلِ شاهِدُ (1) فَرْع، فيَشْهَدَ شاهِدَا فَرْعٍ على شاهِدَىْ أصْل. قال القاضى: لا يَخْتَلِفُ كلامُ أحمدَ في هذا. وهو قولُ شُرَيْحٍ، والشَّعْبِىِّ، والحسنِ، وابنِ شُبْرُمَةَ، وابنِ أبى ليلَى، والثوْرِىِّ، وإسْحاقَ، والبَتِّىِّ، والعَنْبَرِىِّ. قال إسْحاقُ: لم يَزَلْ أهلُ العلمِ على هذا، حتى جاءَ هؤلاءِ. قال أحمدُ: وشَاهِدٌ على شاهدٍ يجوزُ، لم يَزَلِ النَّاسُ على ذا؛ شُرَيْحٌ فمَن دُونَه، إلَّا
(1) في ق: «شاهدا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّ أبا حنيفةَ أنْكَرَه. وذهَبَ أبو عبدِ الله ابنُ بَطَّةَ إلى أنَّه لا يُقْبَلُ على كلِّ شاهدِ أصْل إلَّا شاهِدَا فَرْعٍ. وهذا قولُ أبى حنيفةَ، ومالكٍ، والشافعىِّ؛ لأنَّ شَاهِدَىِ الفَرْعِ يُثْبِتانِ شَهادةَ شاهِدَىِ الأصْلِ، فلا تثْبُتُ شَهادةُ كلِّ واحدٍ منهما بأقلَّ مِن شاهِدَيْن، كما لا يثْبُتُ إقْرارُ مُقِرَّيْنِ بشَهادَةِ اثْنَيْن، يَشْهَدُ على كلِّ واحدٍ منهما واحِدٌ. ولَنا، أنَّ هذا يَثْبُتُ بشَاهِدَيْن، وقد شَهِدَ اثْنان بما يُثْبِتُه، فيَثْبُتُ، كما لو شَهِدَا بنَفْسِ الحَقِّ، ولأنَّ شَاهِدَىِ الفَرْعِ بَدَلٌ مِن شاهِدَىِ الأصْلِ، فيَكْفِى في عَددِهما (1) ما يَكْفِى في شَهادةِ الأصْلِ، ولأنَّ هذا إجْماعٌ، على ما ذكَرَه أحمدُ وإسْحاقُ، ولأنَّ شاهِدَىِ الفَرْعِ لا يَنْقُلانِ عن شاهِدَىِ الأصْلِ حَقًّا عليهما، فوَجَبَ أن يُقْبَلَ فيه قولُ واحدٍ، كأخْبارِ الدِّياناتِ، فإنَّهما إنَّما (2) يَنْقُلانِ
(1) في م: «عددها» .
(2)
في ق، م:«لا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشَّهادةَ، وليستْ حقا عليهما، ولهذا لو أنْكَراها (1) لم يُعِدِ الحاكمُ عليهما، ولم يَطْلُبْها (2) منهما. وهذا الجوابُ عمَّا ذكَرُوه. إذا ثَبَت هذا، فمَن اعْتَبَر لكُلِّ شاهِدِ أصْل شاهِدَىْ فَرْع، أجازَ أن يَشهَدَ شاهدان على كُلِّ واحدٍ مِن شاهِدَىِ الأصل. وبه قال مالكٌ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. قال الشافعىُّ: رأيتُ كثيرًا مِن الحُكًّامِ والمُفْتِينَ يُجِيزُه. وخرَّجَه على قَوْلَيْنِ؛ أحدُهما، جَوازُه. والآخر، لا يجوزُ حتى يكونَ شُهودُ الفَرْعِ أربعةً، على كُلِّ شاهدِ أصل شاهِدَا فَرْع. واخْتارَه المُزَنِىُّ؛ لأنَّ مَن يَثْبتُ به أحدُ طَرَفَىِ الشَّهادَةِ، لا يثْبتُ به الطَّرَفُ الآخرُ، كما لو شَهِدَ أصْلًا، ثم شَهِدَ مع آخَرَ على شَهادَةِ شاهِدِ الأصْلِ الآخر. ولَنا، أنَّهما شهِدَا على قَوْلَيْنِ، فوجَبَ أن يقْبَلَ، كما لو شهِدَا بإقْرارِ اثْنَيْن، أو بإقْرارَيْن بحَقَّيْن. وإنَّما لم يَجُزْ أن يَشهَدَ شاهدُ الأصْلِ فَرْعًا؛ لأنَّه يُؤَدِّى إلى أن يكونَ بَدلًا أصْلا [في شَهادةٍ](3) بحق، وذلك لا يجوزُ، ولأنَّهم يُثْبِتونَ بشَهادتِهم شَهادةَ الأصْلِ، وليستْ شَهادةُ أحدِهم (4) طَرَفًا (5) لشهادةِ
(1) في ق، م:«أنكراهما» .
(2)
في م: «يبطلها» .
(3)
في ق، م:«بشهادة» .
(4)
في ق: «أحد» ، وفى م:«أحدهما» .
(5)
في م: «ظرفا» .