الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إِلَّا بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ، فَإِنْ قَالَ: أَعْلَمُ. أَوْ: أُحِقُّ. لَمْ يُحْكَمْ بِهِ.
ــ
فصل: وإن تابَ شاهدُ الزُّورِ، ومَضَى على ذلك مُدَّةٌ تَظْهَرُ فيها تَوْبَتُه، وتبَيَّنَ صِدْقُه فيها وعَدالَتُه، قُبِلَتْ شهادتُه. وبه قال أبو حنيفةَ، والشافعىُّ. وقال مالكٌ: لا تُقْبَلُ شهادتُه أبدًا؛ لأَنَّ ذلك لا يُؤْمَنُ منه (1). ولَنا، أنَّه تائِبٌ مِن ذَنْبِه، فقُبِلَتْ تَوْبَتُه، كسائِرِ التّائِبينَ. وقولُه: لا يُؤْمَنُ منه ذلك. قُلْنا: مُجَرَّدُ الاحْتِمالِ لا يَمْنَعُ قَبولَ الشَّهادةِ، بدليلِ سائرِ التّائِبينَ، فإنَّه لا يُؤْمَنُ منهم (2) مُعاوَدَةُ ذُنُوبِهم، وشهادتُهم مَقْبولَةٌ.
5088 - مسألة: (ولا تُقْبَلُ الشَّهادَةُ إلَّا بلَفْظِ الشَّهادَةِ، فإن قال: أعْلَمُ. أو: أُحِقُّ. لم يُحْكَمْ به)
وجملةُ ذلك، أنَّ لَفْظَ الشَّهادةِ مُعْتَبَرٌ في أدائِها، فيقولُ: أشْهَدُ أنَّه أقَرَّ بكذا. ونحوَه. ولو قالَ: أعْلَمُ.
(1) في الأصل: «به» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أو: أُحِقُّ. أو: أتَيَقَّنُ. أو: أعْرِفُ. لم يُعْتَدَّ به؛ لأَنَّ الشَّهادةَ مَصْدَرُ شَهِدَ يَشْهَدُ شَهادَةً، فلابُدَّ مِن الإِتْيَانِ بفِعْلِها المُشْتَقِّ منها، ولأَنَّ فيها معْنًى لا يحْصُلُ في غيرِها مِن اللَّفَظاتِ، بدليلِ أنَّها تُسْتَعْمَلُ في اللِّعَانِ، ولا يحْصُل ذلك مِن غيرِها. وهذا مذهبُ الشافعىِّ، ولا أعلمُ في ذلك خلافًا.
فصل: وإذا غَيَّرَ (1) العَدْلُ شَهادتَه بحَضْرةِ الحاكمِ، فزادَ فيها أو نَقَصَ، قُبِلَتْ منه ما لم يَحْكُمْ بشَهادتِه. ذكَرَه الخِرَقِىُّ. مثلَ أن يَشْهَدَ بمائةٍ، ثم يقولَ: بل هى مائةٌ وخمسون. أو: بل هى تِسعون. فإنَّه يُقْبَلُ منه رُجوعُه، ويُحْكَمُ بما شَهِدَ به أخِيرًا. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والثَّوْرِىُّ، وإسْحاقُ. وقال الزُّهْرِىُّ: لا تُقْبَلُ شَهادتُه الأُولَى ولا الأخِيرةُ؛ لأنَّ كُلَّ
(1) في ق، م:«عين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واحدةٍ منهما تَرُدُّ الأُخْرى (1)، ولأَنَّ الأُولَى مَرْجُوعٌ عنها، والثانيةَ غيرُ مَوْثُوقٍ بها؛ لأنَّها مِن مُقِرٍّ بغَلَطِه وخَطَئِه في شَهادَتِه، فلا يُؤْمَنُ أن تكونَ في الغَلَطِ كالأُولَى. وقال مالكٌ: يُؤْخَذُ بأقَلِّ (2) قَوْلَيْه؛ لأنَّه أدَّى الشَّهادةَ وهو غيرُ مُتَّهَمٍ، فلم يُقْبَلُ رُجُوعُه عنها، كما لو اتَّصَلَ بها الحكمُ. ولَنا، أنَّ شَهادَتَه الأخِيرَةَ شهادةٌ مِن عَدْلٍ غيرِ مُتَّهَمٍ، لم يَرْجِعْ عنها، فَوَجَب الحُكْمُ بها، كما لو لم يَتقَدَّمْها ما يُخالِفُها، ولا تُعارِضُها الأُولَى؛ لأنَّها قد بطَلَتْ برُجُوعِه عنها، ولا يجوزُ الحُكمُ بها؛ لأنَّها شَرْطُ الحُكْمِ، فوجَبَ اسْتِمْرارُها إلى انْقِضائِه. ويُفارِقُ رُجوعَه بعدَ الحُكْمِ؛ لأَنَّ الحكمَ قد تَمَّ باسْتِمْرارِ شَرْطِه، فلا يُنْقَضُ بعدَ تَمامِه.
(1) سقط من: ق، م.
(2)
بعده في الأصل: «من» .