الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَمِينٌ. وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، أَوْ دَعْوَى عَلَيْهِ، حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ، وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ، أَوْ دَعْوَى عَلَيْهِ فِى الإِثْبَاتِ، حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ، وَإِنْ حَلَفَ عَلَى النَّفْى، حَلَفَ عَلَى نَفْى عِلْمِهِ.
ــ
يُسْتَحْلَفُ فيه) كالطَّلَاقِ والوَصِيَّةِ (شَاهِدٌ ويَمِينٌ) لقولِ اللَّهِ تعالى في الرَّجْعَةِ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (1). وقِسْنا عليه سائرَ ما ذكَرْنا؛ لأنَّه ليس بمالٍ، ولا يُقْصَدُ به المالُ، أشْبَهَ العُقوباتِ. وفيه رِوايةٌ أُخْرَى، يُقْبَلُ فيه رجلٌ وامْرأتانِ، أو يَمِينٌ؛ لأنَّه ليس بعُقوبَةٍ، ولا يَسْقُطُ بالشُّبْهَةِ، أشْبَهَ المالَ. وقال القاضى: النِّكاحُ لا يَثْبُتُ إلَّا بشَاهِدَيْنِ، والباقِى (2) يُخَرَّجُ فيه رِوَايتان. ذكَرْنا وَجْهَهُما.
5093 - مسألة: (ومَن حَلَفَ على فِعْلِ نَفْسِه، أو دَعْوَى عليه)
في الإِثْباتِ (حَلَف على البَتِّ) معنى البَتِّ: القطعُ. أى يَحْلِفُ باللَّهِ: ما لَه علىَّ شئٌ. والأيْمانُ كلُّها على البَتِّ والقَطْعِ، إلَّا على نَفْى فِعْلِ
(1) سورة الطلاق 2.
(2)
في م: «الثانى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الغَيْرِ، فإنَّها على نَفْى العِلْمِ. وبه قال أبو حنيفةَ، ومالكٌ، والشافعىُّ. وقال الشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ: كلُّها على العلمِ. وذكرَه ابنُ أبى موسى رِوايةً عن أحمدَ. وذكرَ حديثَ الشَّيْبَانِىِّ (1)، عن القاسِمِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَضْطَرُّوا النَّاسَ فِى أيْمَانِهِمْ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى مَا لَا يَعْلَمُونَ» (2). ولأنَّه لا يُكَلَّفُ (3) على ما لا عِلْمَ له به. وقال ابنُ أبى ليلَى: كلُّها على البَتِّ، كما يَحْلِفُ على فِعْلِ نَفْسِه. ولَنا، حديثُ ابنِ عباسٍ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَحْلَفَ رَجُلًا، فقال:«قُلْ: وَاللَّهِ الَّذِى لَا إلهَ إلَّا هُوَ، مَا لَهُ عَلَيْكَ حَقٌ» (4). ورَوَى الأشْعَثُ بنُ قَيْسٍ، أنَّ رَجلًا
(1) في م: «البستانى» .
(2)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب اليمين بما يصدقك صاحبك. . .، من كتاب الأيمان والنذور. المصنف 8/ 494.
وأخرجه الخطيب، في: تاريخ بغداد 3/ 313. وأبو نعيم، في: تاريخ أصفهان 2/ 216. كلاهما موصولا من حديث ابن مسعود. وانظر الكلام على الحديث في: الإرواء 8/ 308، 309.
(3)
في م: «يحلف» ، وفى المغنى 14/ 228:«لا يكلف ما لا علم له به» .
(4)
أخرجه أبو داود، في: باب كيف اليمين، من كتاب الأقضية. سنن أبى داود 2/ 279، 280. والبيهقى، في: السنن الكبرى 10/ 180.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن كِنْدَةَ، ورجلًا مِن حَضْرَمَوْتَ، اخْتَصَما إلى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم في أرْضٍ مِن اليَمَنِ، فقال الحَضْرَمِىُّ: يا رسولَ اللَّهِ، إنَّ أرْضِى اغْتصَبَنِيها (1) أبو هذا، وهى في يَدِه. قال:«هَلْ لَكَ بَيِّنةٌ؟» . قال: لا، ولكن أُحَلِّفُه واللَّهِ ما يَعْلَمُ أنَّها أرْضِى اغْتَصَبَنِيها أبُوه. فتهَيَّأَ الكِنْدِىُّ لليَمِينِ. رَوَاه أبو داودَ (2). ولم يُنْكِرْ ذلك النبىُّ صلى الله عليه وسلم. وما ذكَرُوه لا يَصِحُّ؛ لأنَّه يُمْكِنُه الإِحاطَةُ بفِعْلِ نفسِه، ولا يُمْكِنُه ذلك في فِعْلِ غيرِه، فافْتَرَقا في اليَمِينِ، كما (3) افْتَرَقَتِ الشَّهادةُ، فإنَّها تكونُ بالقَطْعِ فيما يُمْكِنُ القَطْعُ فيه مِن العُقودِ، وعلى الظَّنِّ فيما لا يُمْكِنُ فيه القَطْعُ مِن الأمْلاكِ والأنْسابِ (4)، وعلى نَفْى العلمِ فيما لا تُمْكِنُ الإِحاطَةُ بانْتِفائِه، كالشَّهادةِ على أنَّه لا وارِثَ له إلَّا فُلانٌ وِفُلانٌ وحديثُ القاسِمِ بنِ عبدِ الرحمنِ، مَحْمولٌ على اليَمِينِ على نَفْىِ (5) فِعْلِ الغيرِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يَحْلِفُ فيما عليه على البَتِّ، نَفْيًا كان أو إثْباتًا. وأمَّا ما يَتعلَّقُ بفعلِ غيرِه، فإن كان إثْباتًا،
(1) في الأصل: «اغتصبها» .
(2)
في: باب الرجل يحلف على علمه فيما غاب عنه، من كتاب الأقضية. سنن أبى داود 2/ 280. كما أخرجه ابن الجارود، في: المنتقى 369، 370.
(3)
بعده في م: «لو» .
(4)
في ق، م:«الأسباب» .
(5)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مثلَ أن يَدَّعِىَ أنَّه أقْرَضَ أو باعَ، ويُقِيمَ شاهِدًا بذلك، فإنَّه يَحْلِفُ مع شاهدِه على البَتِّ والقَطْعِ، وإن كان على نَفْىٍ، مثلَ أن يَدَّعِىَ عليه دَيْنًا، أو غَصْبًا، أو جِنايةً، [أو خِيانةً](1)، فإنَّه يَحْلِفُ على نَفْى العلمِ لا غيرُ. وإن حَلَف عليه على البَتِّ كَفاه، وكان التَّقْديرُ فيه العِلْمَ، كما في الشَّاهدِ إذا شَهِدَ بعَددِ الوَرَثَةِ، وقال: ليس له وارثٌ غيرَهم. سُمِعَ ذلك، وكان التَّقْديرُ فيه (2) عِلْمَه. ولو ادُّعِىَ عليه (3) أنَّ عبدَه اسْتدانَ أو جَنَى، فأنْكَرَ ذلك، فيَمِينُه على نَفْى العلْمِ؛ لأنَّها يَمِينٌ على فِعْلِ الغيرِ، فأشْبَهَتْ يَمِينَ الوارِثِ على نَفىِ فِعْلِ المَوْروثِ.
(1) سقط من: م.
(2)
بعده في الأصل: «علم» .
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ذكَرَ ابنُ أبى موسى أنَّه اخْتلَفَ قوْلُه، في مَن باعَ سِلْعةً، فظَهرَ المُشْتَرِى على عَيْبٍ بها، فأنْكَرَه البائِعُ، هل اليَمِينُ على البَتَاتِ أو على عِلْمِه؟ على رِوايَتَيْنِ. ولو أبَقَ عَبْدُ (1) المُشْتَرِى، فادَّعَى على البائعِ أنَّه أبَقَ عندَه، فأنْكَرَ، هل يَلْزَمُه أن يَحْلِفَ أنَّه لم يَأْبِقْ قَطُّ، أو على نفْىِ عِلْمِه؟ على رِوَايَتَيْنِ، إلَّا أن يكونَ ولدَه، فيَلْزَمُه أن يَحْلِفَ أنَّه لم يَأْبِقْ قَطُّ. ووَجْهُ كَوْنِ اليَمِينِ على نَفْى عِلْمِه، أنَّها على نَفْى فِعْلِ الغيرِ، فأشْبَهَ ما لو ادَّعَى عليه [أنَّ عبدَه جنَى. ووَجْهُ الأُخْرَى، أنَّه ادَّعَى عليه](2) أنَّه باعَه مَعِيبًا، يَسْتَحِقُّ رَدَّه عليه، فلزِمَتْه اليَمِينُ على البَتِّ، كما لو كان إثْباتًا.
(1) في الأصل: «عند» .
(2)
سقط من: الأصل.