الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ. وَفَسَّرَهُ بِوَدِيعَةٍ، لَمْ يُقْبَلْ.
ــ
5159 - مسألة: (وإن قال: له عَلَىَّ أَلْفٌ. وفَسَّره بوَدِيعةٍ، لم يُقْبَلْ)
قولُه، فإنِ ادَّعَى بعدَ هذا تَلَفَه، لم يُقْبَلْ قَوْلُه. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشّافعىُّ. وقِيلَ عن الشّافعىِّ: يُقْبَلُ قولُه: إنَّها وَدِيعةٌ. وإذا ادَّعَى بعدَ هذا تَلَفَها قُبِلَ منه. وقال القاضى ما يَدُلُّ على هذا أيضًا؛ لأنَّ الوَدِيعةَ عليه حِفْظُها ورَدُّها، فإذا قال: له عَلَىَّ (1). وفَسَّرَها بذلك، احْتَمَلَ صِدْقُه، فَقُبِلَ منه، كما لو وَصَلَه بكَلامِه، فقال: له (2) عَلَىَّ أَلْفٌ وَدِيعةً. لأَنَّ حُرُوفَ الصِّفاتِ يَخْلُفُ بعضُها بعضًا، فيجُوزُ أن تُسْتَعْمَلَ «عَلَىَّ» بمعنى عِنْدِى، كما قال تعالى إخْبارًا عن مُوسَى عليه السلام أنَّه قال:{وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} (3). أى عِنْدِى. ولنا، أنَّ «عَلَىَّ» للإِيجابِ، وذلك يَقْتَضِى كَوْنَها في ذِمَّتِه، ولذلك (4) لو قال: ما عَلَى فُلانٍ عَلَىَّ. كان ضامِنًا له، والوَدِيعةُ ليست في ذِمَّتِه، ولا هى عليه، إنَّما هى عنده. وما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذَكَرُوه مَجازٌ، طَرِيقُه حَذْفُ المُضافِ وإقامةُ المُضافِ إليه مُقامَه، أو إقامةُ حَرْفٍ مُقَامَ حَرْفٍ، والإِقْرارُ يُؤْخَذُ فيه بظاهِرِ اللَّفْظِ، بدَلِيلِ أنَّه لو قال: له عَلَىَّ دَراهِمُ. لَزِمَتْه ثلاثةٌ، وإن جازَ التَّعْبِيرُ عن اثْنَيْنِ وعن واحدٍ بِلَفْظِ الجَمْعِ، كقَوْلِ اللَّهِ تعالى:{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} (1). ومواضِعَ كثيرةٍ في القرآنِ. ولو قال: له عَلَىَّ دِرْهَمٌ. وقال: أرَدْتُ نِصْفَ دِرْهَمٍ، فأقَمتُ المُضافَ إليه مُقامَه. لم يُقْبَلْ منه. ولو قال: لَكَ مِن مالِى ألْفٌ. قال: صَدَقْتَ. ثم قال: أرَدْتُ أنَّ عَلَيْكَ مِن مالِى ألْفًا. وأقَمْتُ اللَّامَ مُقَامَ عَلَىَّ، كَقَوْلِ اللَّهِ تعالى:{وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} (2). لم يُقْبَلْ منه، ولو قُبِلَ في الإِقْرارِ مُطْلَقُ الاحْتِمالِ، لَسَقَط، ولَقُبِلَ تَفْسِيرُ الدَّراهِمِ بالناقِصَةِ والزّائِفةِ والمُؤَجَّلةِ. وأمّا إذا قال: لَكَ عَلَىَّ ألْفٌ. ثم قال: كان (3) وَدِيعةً فتَلِفَ. لم يُقْبَلْ قَوْلُه، فإنَّه مُتَناقِضٌ،
(1) سورة النساء 11.
(2)
سورة الإسراء 7.
(3)
في م: «كانت» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقد سَبَقَ [الكلامُ نحوٌ مِن](1) هذا.
فصل: فإن قال: لك عَلَىَّ مائةُ دِرْهَمٍ. ثم أَحْضَرَها، وقال: هذه التى أقْرَرْتُ بها، وهى وَدِيعةٌ كانت لك عندى. فقال المُقَرُّ له: هذه وَدِيعةٌ، والتى أقْرَرْتَ بها غيرُها، وهى دَيْنٌ عليك. فالقولُ قولُ المُقَرِّ له على مُقْتَضَى قولِ الخِرَقِىِّ. وهو قولُ أبى حنيفةَ. وقال القاضى: القولُ قَولُ المُقِرِّ مع يَمِينِه. وللشّافعىِّ قَوْلان كالوَجْهَيْنِ. وتَعْلِيلُهما ما تَقَدَّم. فإن كان قال في إقْرارِه: لك عَلَىَّ مائةٌ في ذِمَّتِى فقد وافَقَ القاضِى ههُنا في أنَّه لا يُقْبَلُ قولُ المُقِرِّ؛ لأَنَّ الوَدِيعةَ عَيْنٌ لا تكونُ في الذِّمَّةِ، قال: وقد قِيلَ: يُقْبَلُ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ: في ذِمَّتِى أداؤُها. ولأنَّه يجوزُ أن تكونَ عندَه وَدِيعة تَعَدَّى فيها، فكان ضَمانُها عليه في ذِمَّتِه. ولأصحابِ الشّافعىِّ في هذه وَجْهانِ. فأمّا إن وَصَلَ ذلك بكَلامِه، فقال: لك عَلَىَّ مائَةٌ وَدِيعةً. قُبِلَ؛ لأنَّه فَسّرَ كلامَه بما يَحْتَمِلُه، فصَحَّ، كما لو قال: له عَلَىَّ (2) دَرَاهِمُ ناقِصةٌ. وإن قال: له عَلَىَّ مائةٌ وَدِيعةً دَيْنًا. أو: مُضارَبَةً دَيْنًا. صَحَّ، ولَزِمَه ضَمانُها؛ لأنَّه قد يتَعَدَّى فيها فتكونُ دَيْنًا.
(1) في م: «نحو» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإن قال: أرَدْتُ أنَّه شَرَطَ عَلَىَّ ضَمانَها. [لم يُقْبَلْ؛ لأنَّها لا تَصيرُ بذلك دَيْنًا. وإن قال: عندِى مائةٌ ودِيعةً، شَرَطَ عَلَىَّ ضَمانَها](1). لم يَلْزَمْه ضَمانُها؛ لأَنَّ الوَدِيعةَ لا تَصِيرُ بالشَّرْطِ مَضْمُونةً. وإن قال: عَلَىَّ، أو: عِنْدِى مائةُ دِرْهَمٍ عارِيَّةً. لَزِمَتْه، وكانت مَضْمُونةً عليه، سواءٌ حَكَمْنا بصِحَّةِ العارِيَّةِ في الدَّراهِمِ أو بِفَسادِها؛ لأَنَّ ما ضُمِنَ في العَقْدِ الصَّحِيحِ ضُمِنَ في الفاسِدِ. وإن قال: أَوْدَعَنِى مائةً فلم أقْبِضْها. أو: أقْرَضَنِى مائةً فلم آخُذْها. قُبِلَ قولُه مُتَّصِلًا، ولم يُقْبَلْ مُنْفَصِلًا. وهكذا إذا قال: نَقَدَنِى مائةً فلم أقْبِضْها. وهذا قولُ الشّافِعِىِّ.
فصل: وإن قال: له في هذا العَبْدِ ألْفٌ. أو: له مِن هذا العَبْدِ ألْفٌ.
(1) سقط من: ق، م.