الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّمْيِيزِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ.
(لَكِنْ) أُقْسِمُ (يَمِينًا بِاَلَّذِي سَهَّلَهُ) عَلَيَّ (مَا كَانَ عِنْدِي أَنَّنِي كُفْءٌ) أَيْ: مُكَافِئٌ (لَهُ) وَمِثْلُهُ الْكَفِيءُ وَالْكُفُوءُ بِالْمَدِّ فِيهِمَا (وَإِنَّمَا رَأَيْتُ فِي مَنَامِي نَبِيَّنَا) صلى الله عليه وسلم كَائِنًا (بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَدْ دَعَانِي ثُمَّ أَعْطَانِي وَرَقْ) بِالْوَقْفِ بِحَذْفِ الْأَلِفِ وَحَرَكَةِ مَا قَبْلهَا بِلُغَةِ رَبِيعَةَ (نُظِمْنَ) أَيْ: الْوَرَقُ (فِي خَيْطٍ بِخَطٍّ اتَّسَقْ) أَيْ: انْتَظَمَ (فَكَانَ ذَا النَّظْمُ) بِمَعْنَى الْمَنْظُومِ (الْبَدِيعُ الْعَمَلِ) أَيْ: الْمُوجَدُ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ مَادَّةٍ (تَأْوِيلَ رُؤْيَايَ) الْمَذْكُورَةِ أَيْ: تَعْبِيرَهَا بِمَا تَئُولُ إلَيْهِ (بِسِرِّ الْمُرْسَلِ) أَيْ: بِسَبَبِ سِرِّهِ وَهُوَ مَا يُكْتَمُ وَجَمْعُهُ أَسْرَارٌ وَمِثْلُهُ السَّرِيرَةُ وَجَمْعُهَا سَرَائِرُ وَإِضَافَةُ الْبَدِيعِ لِلْعَمَلِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ لِفَاعِلِهَا نَحْوَ فُلَانٌ بَدِيعُ الشِّعْرِ أَيْ: بَدِيعٌ شِعْرُهُ، وَسَوَّغَ دُخُولَ أَلْ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهَا مُضَافَةٌ دُخُولُهَا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَسَاغَ بِنَاؤُهَا مِنْ أَبْدَعَ مَعَ أَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِجَعْلِهِ لَازِمًا وَنَقَلَهُ إلَى فَعُلَ بِالضَّمِّ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيّ فِي فَائِقِهِ وَالتَّعْبِيرُ بِالْمُرْسَلِ كَالتَّعْبِيرِ الشَّائِعِ بَيْنَ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِالرَّسُولِ لَكِنْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ: الرَّسُولُ بَلْ يُقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ أَوْ نَبِيُّ اللَّهِ قَالَ وَلَا يَرِدُ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ} [المائدة: 41] إذْ نِدَاؤُهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم تَشْرِيفٌ لَهُ بِأَيِّ خِطَابٍ كَانَ بِخِلَافِ كُلًّا مِنَّا وَالرَّسُولُ إنْسَانٌ أُوحِيَ إلَيْهِ بِشَرْعٍ وَأُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ وَالنَّبِيُّ إنْسَانٌ أُوحِيَ إلَيْهِ بِشَرْعٍ وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَبْلِيغِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مُطْلَقًا مِنْ الرَّسُولِ. وَالرِّسَالَةُ أَفْضَلُ مِنْ النُّبُوَّةِ؛ لِأَنَّهَا تُثْمِرُ هِدَايَةَ الْأُمَّةِ، وَالنُّبُوَّةُ قَاصِرَةٌ عَلَى النَّبِيِّ كَالْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ وَعَكَسَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ النُّبُوَّةَ الْوَحْيُ بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِاَللَّهِ مِنْ طَرَفَيْهَا وَالرِّسَالَةُ الْأَمْرُ بِالتَّبْلِيغِ لِلْعِبَادِ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِاَللَّهِ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْهَا وَبِالْعِبَادِ مِنْ الْآخَرِ وَالْمُتَعَلِّقُ بِاَللَّهِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا. وَيُجَابُ بِأَنَّ الرِّسَالَةَ أَخَصُّ مِنْ النُّبُوَّةِ كَمَا أَنَّ الرَّسُولَ أَخَصُّ مِنْ النَّبِيِّ فَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى النُّبُوَّةِ وَزِيَادَةٍ.
(وَرَبُّنَا) أَيْ: مَالِكُنَا (الْمَسْئُولُ فِي النَّفْعِ بِهِ وَ) فِي (جَعْلِ مَنْ يَقْرَأُ مِنْ حِزْبِهِ) أَيْ: جُنْدِهِ (أَسْأَلُهُ أَنْ يُصْلِحَ النِّيَّةَ لِي فِي نَظْمِهِ وَأَنْ يُزَكِّي) بِسُكُونِ الْيَاءِ بِإِهْمَالِ أَنْ أَيْ: يَمْدَحَ (عَمَلِي) فَيُثِيبَنِي عَلَيْهِ، وَجُمْلَةُ " أَسْأَلُهُ " خَبَرٌ لِرَبُّنَا وَالْمَسْئُولُ خَبَرٌ أَوَّلٌ أَوْ صِفَةٌ لَهُ وَالْجُمْلَتَانِ خَبَرِيَّتَانِ لَفْظًا إنْشَائِيَّتَانِ مَعْنًى؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِمَا الدُّعَاءُ هَذَا.
(بَابُ الطَّهَارَةِ)
بِالْمَاءِ وَهُوَ لُغَةً: مَا يُتَوَصَّلُ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ. وَاصْطِلَاحًا: اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْكِتَابِ وَبِالْفَصْلِ
ــ
[حاشية العبادي]
مَا كَانَ لَك فِي يَوْمٍ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ إنَّهُ عَلَى الظَّرْفِ وَمَا بِمَعْنَى الَّذِي يُفِيدُ تَجْوِيزَ الْمَوْصُولِيَّةِ مَعَ النَّصْبِ.
(قَوْلُهُ: يَمِينًا) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ. (قَوْلُهُ: بِالْمَسْجِدِ) لَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِهِ الْمَفْعُولَ الثَّانِيَ وَيَحْتَمِلُ الْحَالِيَّةَ مِنْ الْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ أَوْ مِنْهُمَا وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ تَقْرِيرُ الْمَفْعُولِ الثَّانِي بِنَحْوِ مُقْبِلًا عَلَيَّ. (قَوْلُهُ: سَبْقِ مَادَّةٍ) لِنَظْمِهِ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَ رُؤْيَايَ) يَعْنِي مُؤَوَّلَهَا بِرّ. (قَوْلُهُ: أَيْ: تَعْبِيرَهَا) أَيْ: مَا عَبَّرَتْ الرُّؤْيَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: بِمَا يُؤَوَّلُ إلَيْهِ) يَعْنِي أَنَّهَا لَمْ تُعَبِّرْ بِعَيْنِ هَذَا النَّظْمِ بَلْ بِشَيْءٍ يَصْدُقُ بِهِ أَوْ يَتَحَقَّقُ بِهِ فِي الْخَارِجِ كَتَأْلِيفٍ فِي الْفِقْهِ سم. (قَوْلُهُ: بِمَا يُؤَوَّلُ إلَيْهِ) كَأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا يَصْدُقُ بِهِ كَتَأْلِيفٍ فِي الْفِقْهِ. (قَوْلُهُ: بِسِرِّ الْمُرْسَلِ) يُمْكِنُ تَفْسِيرُهُ بِحَالٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ يَصْلُحُ لِلتَّوَسُّلِ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يُكْتَمُ) وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ حَالٌ صَالِحٌ لِلْعَبْدِ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِإِفَاضَةِ الْمَطَالِبِ.
(قَوْلُهُ: وَسَاغَ بِنَاؤُهَا مِنْ أَبْدَعَ) فِي الْقَامُوسِ وَبِدَعَ كَفَرِحَ سَمِنَ وَكَمَنَعَ أَنْشَأَهُ كَابْتَدَعَهُ وَالرَّكِيَّةُ اسْتَنْبَطَهَا وَأَبْدَعَ إبْدَاعًا وَالشَّاعِرُ أَتَى بِالْبَدِيعِ اهـ. (قَوْلُهُ: إنْسَانٌ) وَقِيلَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْإِنْسَانِ وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ شَرْحِ مُسْلِمٍ حَيْثُ قَالَ: وَهُوَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ رُسُلِ اللَّهِ وَلَوْ مِنْ الْمَلَائِكَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: 75] وَلَا يُسَمَّى الْمَلَكُ نَبِيًّا اهـ. (قَوْلُهُ: إنْسَانٌ) عَبَّرَ بَعْضُهُمْ بَدَلَهُ بِذَكَرٍ حُرٍّ مِنْ بَنِي آدَمَ. (قَوْلُهُ: بِشَرْعٍ) عُلِمَ بِهِ أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِيحَاءِ لَا يَقْتَضِي النُّبُوَّةَ وَإِنَّمَا يَقْتَضِيهَا إيحَاءٌ بِشَرْعٍ وَتَكْلِيفٌ يَخُصُّهُ. (قَوْلُهُ: وَعَكَسَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) وَالْكَلَامُ فِي نُبُوَّةِ الرَّسُولِ مَعَ رِسَالَتِهِ وَإِلَّا فَالرَّسُولُ أَفْضَلُ مِنْ النَّبِيِّ قَطْعًا كَذَا قِيلَ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إذَا صَحَّ النِّزَاعُ فِي هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِشَخْصٍ صَحَّ فِيهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِشَخْصَيْنِ بِأَنْ نَنْظُرَ لِمُجَرَّدِ نُبُوَّةِ وَاحِدٍ مَعَ مُجَرَّدِ رِسَالَةِ آخَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الرِّسَالَةَ أَخَصُّ) فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِاَللَّهِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَيْضًا وَفِيهَا الْوَحْيُ بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: أَسْأَلُهُ أَنْ يُصْلِحَ النِّيَّةَ لِي) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى تَقَدُّمِ وَضْعِ الْخُطْبَةِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ دَوَامَ صَلَاحِهَا أَوْ إصْلَاحِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِأَنْ لَا يَتَغَيَّرَ لِغَرَضٍ مَذْمُومٍ أَوْ يُرِيدُ بِالْإِصْلَاحِ مَعْنَى قَبُولِهَا وَالْإِثَابَةِ عَلَيْهَا أَوْ إصْلَاحَهَا بِالْحِفْظِ وَالتَّرْبِيَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَسْأَلُهُ أَنْ يُصْلِحَ النِّيَّةَ لِي إلَخْ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَسُؤَالُهُ إصْلَاحَ النِّيَّةِ فِي النَّظْمِ يَقْتَضِي سَبْقَ هَذِهِ الْخُطْبَةِ لِلْمَقْصُودِ وَذِكْرُهُ عَدَدَ الْأَبْيَاتِ وَمَا فِيهَا مِنْ الزِّيَادَاتِ وَأَنَّهُ لَا حَشْوَ فِيهَا يَقْتَضِي تَأَخُّرَهَا عَنْهُ وَلَعَلَّ تِلْكَ الْأَبْيَاتَ مُتَأَخِّرَةٌ وَهَذَا مُتَقَدِّمٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِسُكُونِ الْيَاءِ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: يَجُوزُ جَعْلُ يُزَكِّي مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ فَلَا إهْمَالَ اهـ. وَأَقُولُ: يَجُوزُ أَيْضًا جَعْلُهُ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَأَعْمَلَ أَنْ لَكِنَّهُ وَصْلٌ بِنِيَّةِ الْوَقْفِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ وَجِيهٌ جِدًّا وَفِيهِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى تَنَاسُبِ الْفِعْلَيْنِ فِي الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ بِخِلَافِ مَا قَالَهُ. (قَوْلُهُ: أَسْأَلُهُ) خَبَرُ أَقُولُ أَوْ اسْتِئْنَافٌ سم.
(بَابُ الطَّهَارَةِ) بِالْمَاءِ بِقَرِينَةِ إفْرَادِ التَّيَمُّمِ بِبَابٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: الْبَابُ. (قَوْلُهُ: مَا يُتَوَصَّلُ إلَخْ) هَذَا يَشْمَلُ
ــ
[حاشية الشربيني]
نَفْسِهِ فَلَا يَصِحُّ زَيْدٌ أَبْيَضُ الثَّوْبِ سَوَاءٌ كَانَتْ الصِّفَةُ الْمَذْكُورَةُ كَمَا فِي زَيْدٌ حَسَنُ الْوَجْهِ أَوْ لَا كَمَا فِي زَيْدٌ كَثِيرُ الْإِخْوَانِ أَيْ: مُتَقَوٍّ بِهِمْ وَمِنْهُ مَا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْمَنْظُومِ غَرِيبًا. (قَوْلُهُ: مِنْ أَبْدَعَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَى مَا ذَكَرَهُ مَعَ وُجُودِ بَدُعَ كَكَرُمَ بَدَاعَةً وَبُدُوعًا بِمَعْنَى بَلَغَ الْغَايَةَ
[بَابُ الطَّهَارَةِ]
(قَوْلُهُ: مَا يُتَوَصَّلُ إلَخْ) أَيْ: فُرْجَةٌ فِي نَحْوِ
أَيْضًا فَإِنْ جُمِعَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فَقُلْ: الْكِتَابُ اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى أَبْوَابٍ وَفُصُولٍ وَالْبَابُ اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْكِتَابِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى فُصُولٍ وَالْفَصْلُ اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْبَابِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى مَسَائِلَ وَذِكْرُ التَّرَاجِمِ مَزِيدٌ عَلَى الْحَاوِي التَّارِكِ لَهَا اخْتِصَارًا لِوُضُوحِهَا. وَافْتَتَحَ أَئِمَّتُنَا بِالطَّهَارَةِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: إنَّهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ» مَعَ افْتِتَاحِهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ الْمَبْحُوثِ عَنْهُمَا فِي عِلْمِ الْكَلَامِ بِالصَّلَاةِ كَمَا سَيَأْتِي وَلِأَنَّهَا أَعْظَمُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ الَّتِي قَدَّمُوهَا عَلَى غَيْرِهَا لِكَوْنِهَا أَفْضَلَ الْعِبَادَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ، وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ طَبْعًا فَقُدِّمَ عَلَيْهِ وَضْعًا وَلَا شَكَّ أَنَّ أَحْكَامَ الشَّرْعِ إمَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِعِبَادَةٍ أَوْ بِمُعَامَلَةٍ أَوْ بِمُنَاكَحَةٍ أَوْ بِجِنَايَةٍ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْبَعْثَةِ نَظْمُ أَحْوَالِ الْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ.
وَانْتِظَامُهَا إنَّمَا يَكُونُ بِكَمَالِ قُوَاهُمْ النُّطْقِيَّةِ وَالشَّهْوِيَّةِ وَالْغَضَبِيَّةِ فَمَا يُبْحَثُ عَنْهُ فِي الْفِقْهِ إنْ تَعَلَّقَ بِكَمَالِ النُّطْقِيَّةِ فَالْعِبَادَةُ إذْ بِهَا كَمَالُهَا أَوْ بِكَمَالِ الشَّهْوِيَّةِ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ فَالْمُعَامَلَةُ أَوْ بِالْوَطْءِ وَنَحْوِهِ فَالْمُنَاكَحَةُ أَوْ بِكَمَالِ الْغَضَبِيَّةِ فَالْجِنَايَةُ وَأَهَمُّهَا الْعِبَادَةُ لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَشْرَفِ ثُمَّ الْمُعَامَلَةُ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا ثُمَّ الْمُنَاكَحَةُ؛ لِأَنَّهَا دُونَهَا فِي الْحَاجَةِ ثُمَّ الْجِنَايَةُ لِقِلَّةِ وُقُوعِهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهَا فَرَتَّبُوهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ وَرَتَّبُوا الْعِبَادَةَ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ عَلَى تَرْتِيبِ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَحَجِّ الْبَيْتِ» وَاخْتَارُوا هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى رِوَايَةِ تَقْدِيمِ الْحَجِّ عَلَى الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ أَعَمُّ وُجُوبًا وَلِوُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ وَلِتَكَرُّرِهِ فِي كُلِّ عَامٍ.
وَالطَّهَارَةُ بِالْفَتْحِ مَصْدَرُ طَهَرَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ يَطْهُرُ بِالضَّمِّ فِيهِمَا وَهِيَ لُغَةً: النَّظَافَةُ وَالْخُلُوصُ مِنْ الْأَدْنَاسِ حِسِّيَّةٍ كَالْأَنْجَاسِ أَوْ مَعْنَوِيَّةٍ كَالْعُيُوبِ. يُقَالُ: تَطَهَّرْت بِالْمَاءِ وَهُمْ قَوْمٌ يَتَطَهَّرُونَ أَيْ: يَتَنَزَّهُونَ عَنْ الْعَيْبِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل: 56] وَشَرْعًا: تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى زَوَالِ الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْحَدَثِ وَالْخَبَثُ، وَبِمَعْنَى الْفِعْلِ الْمَوْضُوعِ
ــ
[حاشية العبادي]
الطَّرِيقَ فِي الصَّحْرَاءِ الْمُوصِلَ لِمَحَلٍّ آخَرَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بَابًا لُغَةً. (قَوْلُهُ: فَإِنْ جُمِعَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ) إنْ أُرِيدَ بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا الْجَمْعُ عَلَى وَجْهِ دُخُولِ الْبَابِ وَالْفَصْلِ فِي الْكِتَابِ كَأَنْ يُتَرْجِمَ هُنَا لِكِتَابِ الطَّهَارَةِ ثُمَّ يُتَرْجِمَ عَنْ بَعْضِ أَنْوَاعِهَا بِبَابِ كَذَا وَعَنْ بَعْضِ مَسَائِلِهَا بِفَصْلِ كَذَا اقْتَضَى تَرَادُفَ الثَّلَاثَةِ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ مَا عَدَا ذَلِكَ شَامِلٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنْهَا كَأَنْ يُتَرْجِمَ لِبَعْضِ أَنْوَاعِ الْكِتَابِ أَوْ مَسَائِلِهِ بِالْبَابِ فَقَطْ أَوْ الْفَصْلِ فَقَطْ وَلَا يَتَأَتَّى التَّرَادُفُ حِينَئِذٍ وَإِنْ أُرِيدَ الْجَمْعُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ كُلُّ تَرْجَمَةٍ لِجِنْسٍ مُسْتَقِلٍّ، وَرَدَّ عَلَيْهِ أَنَّ بَعْضَ الْكُتُبِ لَا يَشْتَمِلُ عَلَى أَبْوَابٍ وَلَا عَلَى فُصُولٍ، وَبَعْضَ الْأَبْوَابِ لَا يَشْتَمِلُ عَلَى فُصُولٍ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَبْوَابٍ وَفُصُولٍ) يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِهِمَا الْجِنْسُ. (قَوْلُهُ: عَلَى فُصُولٍ) يَنْبَغِي أَنَّ الرَّادَّ الْجِنْسُ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَسَائِلَ) يَنْبَغِي إرَادَةُ الْجِنْسِ. (قَوْلُهُ: لِوُضُوحِهَا) عِلَّةُ الِاخْتِصَارِ بِرّ. (قَوْلُهُ: لِوُضُوحِهَا) عِلَّةُ التَّرْكِ لِلِاخْتِصَارِ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا) أَيْ: الطَّهَارَةَ أَعْظَمُ. (قَوْلُهُ: الَّتِي قَدَّمُوهَا) صِفَةٌ لِلصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَعَاشِ) وَالْمَعَادِ يَحْتَمِلَانِ الْمَصْدَرَ وَاسْمَ الزَّمَانِ. (قَوْلُهُ: بِكَمَالِ قُوَاهُمْ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَمَالِ تِلْكَ الْقُوَى الْجَرْيُ بِهَا وَاسْتِعْمَالُهَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَصْوَبِ الْأَعْدَلِ وَذَلِكَ بِمُرَاعَاةِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَا فِيهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: النُّطْقِيَّةِ) أَيْ: الْإِدْرَاكِيَّةِ يَعْنِي الْعَقْلِيَّةَ الَّتِي تُمَيِّزُ الْإِنْسَانَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانِ وَقَوْلُهُ: إذْ بِهَا كَمَالُهَا يَعْنِي بِالْعِبَادَةِ تَكْمُلُ الْقُوَى النُّطْقِيَّةُ وَكَذَا يُقَدَّرُ فِي الْبَقِيَّةِ بِحَسَبِهَا بِرّ وَهَلْ الْمُرَادُ بِكَمَالِهَا بِهَا أَنَّهَا تُزِيلُ نَقْصًا يَكُونُ لَوْلَاهَا أَوْ أَنَّهَا تُفِيدُ اعْتِبَارَهَا وَالِاعْتِدَادَ بِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا مَانِعَ مِنْ إرَادَةِ الْأَمْرَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَالْخُلُوصُ) يَحْتَمِلُ التَّفْسِيرَ. (قَوْلُهُ: {أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [الأعراف: 82] أَيْ: يَتَنَزَّهُونَ عَنْ إتْيَانِ الذُّكُورِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْحَائِطِ يُتَوَصَّلُ إلَخْ. فَلَا يَتَنَاوَلُ الطَّرِيقَ الْمُوَصِّلَ إلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ جُمِعَ إلَخْ) أَيْ: جُمِعَتْ فِي كِتَابٍ وَقَوْلُهُ: فَقُلْ إلَخْ. يُفِيدُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَعْنَى الْكُلِّيِّ وَالْجُزْئِيِّ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ اسْتِعْمَالَهُ فِي الْجُزْئِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْكُلِّيِّ. (قَوْلُهُ: وَذِكْرُ التَّرَاجِمِ إلَخْ) أَيْ: الْمُضَافِ إلَيْهِ مِنْهَا أَمَّا الْمُضَافُ كَلَفْظِ الْبَابِ هُنَا فَمَذْكُورٌ فِي الْحَاوِي كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الذَّهَبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (قَوْلُهُ: الْمَبْحُوثِ عَنْهُمَا) دَفْعٌ لِإِيرَادِهِمَا. (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِهَا) أَيْ: مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: فَقُدِّمَ عَلَيْهِ وَضْعًا) أَيْ: حِينَ كَانَ أَعْظَمَ الشُّرُوطِ فَلَا يُنْتَقَضُ بِالشُّرُوطِ الَّتِي أَخَّرُوهَا عَنْ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: فَالْجِنَايَةُ) لِأَنَّ الْتِزَامَ أَحْكَامِهَا يُفِيدُ التَّحَرُّزَ عَنْهَا. (قَوْلُهُ: فَرَتَّبُوهَا إلَخْ) وَالْفَرَائِضُ تَرْجِعُ لِلْمُعَامَلَاتِ إذْ مَرْجِعُهَا قِسْمَةُ التَّرِكَاتِ وَأَخَّرُوا الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ وَالْقَضَاءَ وَالشَّهَادَاتِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمُعَامَلَاتِ وَالْجِنَايَاتِ وَالْمُنَاكَحَاتِ. (قَوْلُهُ: بِالْفَتْحِ إلَخْ) إمَّا بِضَمِّ الطَّاءِ فَهِيَ بَقِيَّةُ الْمَاءِ الَّذِي يُتَطَهَّرُ بِهِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا) وَيُقَالُ: طَهِرَ يَطْهَرُ كَعَلِمَ يَعْلَمُ إذَا اغْتَسَلَ لَا مُطْلَقًا فَلِذَا تَرَكَهَا ع ش. (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ بِالْمَعْنَيَيْنِ وَقَدْ
لِإِفَادَةِ ذَلِكَ أَوْ لِإِفَادَةِ بَعْضِ آثَارِهِ كَالتَّيَمُّمِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ جَوَازَ الصَّلَاةِ الَّذِي هُوَ مِنْ آثَارِ ذَلِكَ. وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي لَا جَرَمَ عَرَّفَهَا النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ مُدْخِلًا فِيهَا الْأَغْسَالَ الْمَسْنُونَةَ وَنَحْوَهَا بِأَنَّهَا رَفْعُ حَدَثٍ أَوْ إزَالَةُ نَجَسٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا وَعَلَى صُورَتِهِمَا. وَقَوْلُهُ: وَعَلَى صُورَتِهِمَا. يُعْلَمُ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِمَا فِي مَعْنَاهُمَا مَا يُشَارِكُهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ وَلِهَذَا قَالَ: وَقَوْلُنَا أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا أَرَدْنَا بِهِ التَّيَمُّمَ وَالْأَغْسَالَ الْمَسْنُونَةَ وَتَجْدِيدَ الْوُضُوءِ وَالْغَسْلَةَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فِي الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ وَمَسْحَ الْأُذُنِ وَالْمَضْمَضَةَ وَنَحْوَهَا مِنْ نَوَافِلِ الطَّهَارَةِ وَطَهَارَةَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَسَلَسِ الْبَوْلِ اهـ. وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ مِنْ قِسْمِ الْأَفْعَالِ، وَالرَّفْعَ مِنْ قِسْمِهَا فَلَا تُعْرَفُ بِهِ وَبِأَنَّ مَا لَا يَرْفَعُ حَدَثًا وَلَا نَجَسًا لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا يَرْفَعُهُمَا وَبِأَنَّ التَّعْرِيفَ لَا يَشْمَلُ الطَّهَارَةَ بِمَعْنَى الزَّوَالِ، وَوَجْهُ انْدِفَاعِ هَذَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَايَاتِيُّ أَنَّ التَّعْرِيفَ بِاعْتِبَارِ وَضْعٍ لَا يُعْتَرَضُ بِعَدَمِ تَنَاوُلِهِ أَفْرَادِ وَضْعٍ آخَرَ.
(كَالْحَدَثِ الْخَبَثُ) جُمْلَةٌ قَدَّمَ فِيهَا الْخَبَرَ مَعَ أَنَّ رُتْبَتَهُ التَّأْخِيرُ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ أَصْلُ الْقِيَاسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِهَا وَالْخَبَثَ فَرْعُهُ وَلِأَنَّ حُكْمَهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حُكْمِ الْخَبَثِ وَلِأَنَّ فِي تَصْدِيرِ الْكَلَامِ بِالْخَبَثِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لِإِفَادَةِ ذَلِكَ) أَيْ: زَوَالِ الْمَنْعِ وَكَذَا ضَمِيرُ آثَارِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ آثَارِ ذَلِكَ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَنْعِ فِي قَوْلِهِ زَوَالِ الْمَنْعِ إمَّا الْمَانِعُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي هُوَ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ وَإِمَّا الْمَنْعُ نَفْسُهُ لَكِنْ عَلَى الْإِطْلَاقِ إذْ لَوْ أَرَادَ مُطْلَقَ الْمَنْعِ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ لَكَانَ التَّيَمُّمُ مِمَّا يُفِيدُ زَوَالَ الْمَنْعِ لَا بَعْضَ آثَارِهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي لَا جَرَمَ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الرَّفْعَ وَالْإِزَالَةَ الْمَذْكُورَيْنِ فِي تَعْرِيفِ النَّوَوِيِّ الْمَذْكُورِ هُمَا نَفْسُ نَحْوِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَصَبِّ الْمَاءِ عَلَى الثَّوْبِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُ الْآتِي أَرَدْنَا بِهِ التَّيَمُّمَ إلَخْ لَكِنْ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي أَنَّ الْوُضُوءَ مَثَلًا هُوَ نَفْسُ الرَّفْعِ بَلْ الرَّفْعُ يَحْصُلُ بِهِ وَلَيْسَ نَفْسَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ إزَالَةُ نَجَسٍ) أَوْ لِلتَّقْسِيمِ. (قَوْلُهُ: يُعْلَمُ بِهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَعَلَى صُورَتِهِمَا. تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مَا فِي مَعْنَاهُمَا. (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ: مِنْ أَنَّ الطَّهَارَةَ تُطْلَقُ بِمَعْنَى الْفِعْلِ الْمَوْضُوعِ إلَخْ وَمِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَعَلَى صُورَتِهِمَا يُعْلَمُ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَخْ بِرّ. (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ مِنْ قِسْمِ الْأَفْعَالِ) وَجْهُ انْدِفَاعِ هَذَا أَنَّهُ عُلِمَ أَنَّهَا تَكُونُ مِنْ قِسْمِ الْأَفْعَالِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: لَيْسَ فِي مَعْنَى إلَخْ) وَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا فِي مَعْنَاهُمَا مَا عَلَى صُورَتِهِمَا. (قَوْلُهُ: انْدِفَاعِ هَذَا) خَصَّهُ لِخَفَائِهِ. (قَوْلُهُ: وَضْعٍ آخَرَ) قَدْ يُعْرَفُ بِمَا يَعُمُّ الْوَضْعَيْنِ بِأَنَّهَا زَوَالُ الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْحَدَثِ أَوْ النَّجَسِ أَوْ الْفِعْلِ الْمَوْضُوعِ لِإِفَادَةِ ذَلِكَ أَوْ لِإِفَادَةِ بَعْضِ آثَارِهِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
يُقَالُ الشَّرْعِيُّ لِمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ ع ش وَإِذَا اُسْتُعْمِلَتْ بِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ صَحَّ أَنْ تُعَرَّفَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا صَنَعَ م ر فِي شَرْحِ الزَّيْدِ اسْتِنْبَاطًا مِنْ الِاسْتِعْمَالِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ هُنَا إلَخْ) لِأَنَّ التَّكْلِيفَ إنَّمَا هُوَ بِالْأَفْعَالِ. (قَوْلُهُ: فِي مَجْمُوعِهِ) كِتَابٌ لِلنَّوَوِيِّ شَرَحَ بِهِ الْمُهَذَّبَ وَفِي فِقْهِ الشَّافِعِيِّ كِتَابٌ آخَرُ يُسَمَّى بِالْمَجْمُوعِ لِأَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ وَعَلَيْهِ شَرْحٌ يُسَمَّى الِاسْتِقْصَاءُ.
(قَوْلُهُ: مُدْخِلًا فِيهَا الْأَغْسَالَ الْمَسْنُونَةَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَدْخُلُ فِي تَعْرِيفِهَا بِالْفِعْلِ الْمَوْضُوعِ إلَخْ وَكَتَبَ الرَّشِيدِيُّ عَلَى قَوْلِ م ر أَوْ الْفِعْلِ الْمَوْضُوعِ إلَخْ. يَشْمَلُ نَحْوَ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ وَالْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ فَإِنَّ تِلْكَ الْأَفْعَالَ الْمَخْصُوصَةَ مَوْضُوعَةٌ لِإِفَادَةِ مَا ذُكِرَ لَوْ كَانَ ثَمَّ مَنْعٌ وَإِنْ لَمْ تُفِدْهُ بِالْفِعْلِ فِي نَحْوِ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ وَالْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ وَذَلِكَ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَنْعِ فَهُوَ مُوفٍ بِمَا فِي تَعْرِيفِ النَّوَوِيِّ الْآتِي خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ اهـ وَفِي شُمُولِهِ لِمَسْحِ الْأُذُنِ وَمَا بَعْدَهُ نَظَرٌ اهـ ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ الْمَوْضُوعِ لِإِفَادَةِ ذَلِكَ مَا عَدَا النِّيَّةَ بِدَلِيلِ إدْخَالِ رَفْعِ النَّجَسِ فِي التَّعْرِيفِ فَلَا إشْكَالَ فِي كَلَامِ الرَّشِيدِيِّ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى صُورَتِهِمَا) تَفْسِيرٌ لِمَا فِي مَعْنَاهُمَا وَلِذَا عَطَفَهُ بِالْوَاوِ دُونَ مَا قَبْلَهُ عَمِيرَةُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُرِدْ إلَخْ) بَلْ أَرَادَ أَنَّهُ شَبِيهٌ بِهِمَا مِنْ حَيْثُ التَّوَقُّفُ عَلَى نِيَّةِ الْقُرْبَةِ وَالْمَجِيءِ عَلَى الصُّورَةِ وَيَزِيدُ التَّيَمُّمُ وَطَهَارَةُ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالسَّلَسُ بِكَوْنِهَا مُبِيحَةً عَمِيرَةُ. (قَوْلُهُ: الِاعْتِرَاضُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا حَدٌّ لِلتَّطْهِيرِ لَا لِلطَّهَارَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ قِسْمِ الْأَفْعَالِ بَلْ هِيَ مَصْدَرُ طَهُرَ بِمَعْنَى زَالَ الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ زَوَالًا وَلَيْسَتْ مَصْدَرًا لِتَطَهَّرَ وَلَا لِطَهُرَ فَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُهَا بِالرَّفْعِ. (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ وَضْعٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ هَذَا تَعْرِيفٌ لِلطَّهَارَةِ بِاعْتِبَارِ وَضْعِهَا شَرْعًا لِمَعْنَى الرَّفْعِ وَالْإِزَالَةِ وَالْفِعْلِ الَّذِي فِي مَعْنَاهُمَا فَهُمَا حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَبَادُرَ الْمَعْنَى مِنْ اللَّفْظِ عَلَامَةُ الْحَقِيقَةِ فَتَعْرِيفُ النَّوَوِيِّ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْوَضْعِ لَا يُعْتَرَضُ بِعَدَمِ تَنَاوُلِهِ أَفْرَادَ الطَّهَارَةِ بِاعْتِبَارِ وَضْعِهَا لِمَعْنَى الزَّوَالِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ قِسْمِ الْأَفْعَالِ اهـ. قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: لَوْ قَالَ قَائِلٌ يَجُوزُ أَنْ يُلْحَقَ الزَّوَالُ بِالْإِزَالَةِ وَيُجْعَلَ فِي مَعْنَاهَا فَيَكُونَ التَّعْرِيفُ بِاعْتِبَارِ الْوَضْعَيْنِ مَعًا وَشَامِلًا لِأَفْرَادِهِمَا نَظَرًا لِقَوْلِ النَّوَوِيِّ أَوْ فِي مَعْنَاهُمَا لَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ وَحَصَلَ الشُّمُولُ اهـ وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ الزَّوَالَ عَلَى صُورَتِهِمَا مِنْ حَيْثُ التَّوَقُّفُ الْمُتَقَدِّمُ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَالْخَبَثُ فَرْعُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لِأَنَّهُ أَغْلَظُ مِنْ الْحَدَثِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ عَنْ الْحَدَثِ دُونَهُ وَلَوْ وَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِي أَحَدَهُمَا صَرَفَهُ لِلنَّجَسِ فَإِذَا لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِغَيْرِ الْمَاءِ فَالنَّجَاسَةُ الَّتِي هِيَ أَغْلَظُ أَوْلَى. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) أَيْ: بَيْنَ الْأَئِمَّةِ بِخِلَافِ الْخَبَثِ فَكَمَا يُطَهِّرُهُ الْمَاءُ يُطَهِّرُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ نَحْوُ الْخَلِّ وَالْبِطِّيخِ مِمَّا لَا دُهْنِيَّةَ فِيهِ وَفَرَّقُوا بِأَنَّ الْحَدَثَ أَقْوَى لِحُلُولِهِ بَاطِنَ الْأَعْضَاءِ وَظَاهِرَهَا فَلِذَا إذَا كُشِطَ الْجِلْدُ عَنْ الْعُضْوِ لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ وَالنَّجَاسَةُ تَحِلُّ الظَّاهِرَ فَقَطْ
اسْتِهْجَانًا وَالْحَدَثُ لُغَةً: الشَّيْءُ الْحَادِثُ وَشَرْعًا: يُطْلَقُ عَلَى أَمْرٍ اعْتِبَارِيٍّ يَقُومُ بِالْأَعْضَاءِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ وَعَلَى الْأَسْبَابِ الَّتِي يَنْتَهِي بِهَا الطُّهْرُ وَعَلَى الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ذَلِكَ، وَالْمُرَادُ هُنَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْمَاءُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَالْخَبَثُ لُغَةً: مَا يُسْتَقْذَرُ وَشَرْعًا: مُسْتَقْذَرٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ ثُمَّ بَيَّنَ النَّاظِمُ الْحُكْمَ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْقِيَاسِ بِجُمْلَةٍ ثَانِيَةٍ هِيَ قَوْلُهُ (رَافِعٌ كِلَا هَذَيْنِ) أَيْ: الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ (مَاءٌ) وَقَدَّمَ فِيهَا الْخَبَرَ اهْتِمَامًا بِهِ فِي بَيَانِ الْمَطْلُوبِ وَهِيَ بِقَرِينَةِ مَا أَفْهَمَتْهُ صِفَاتُ الْمَاءِ الْآتِيَةُ تُفِيدُ حَصْرَ الرَّافِعِ فِي الْمَاءِ لَا يُقَالُ بَلْ تُفِيدُهُ لِكَوْنِهَا مِنْ بَابِ صَدِيقِي زَيْدٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ إنَّمَا أَفَادَ الْحَصْرَ بِعُمُومِ الْمُبْتَدَأِ وَخُصُوصِ الْخَبَرِ أَوْ تَعْرِيفِهِمَا وَذَلِكَ مُنْتَفٍ هُنَا.
وَيَصِحُّ إعْرَابُ مَا ذُكِرَ جُمْلَةً وَاحِدَةً بِجَعْلِ رَافِعٌ إلَى آخِرِهِ خَبَرَ " الْخَبَثُ " وَكَالْحَدَثِ حَالًا إمَّا مِنْ " الْخَبَثُ " بِنَاءً عَلَى جَوَازِ مَجِيءِ الْحَالِ مِنْ الْمُبْتَدَأِ وَإِمَّا مِنْ الْعَائِدِ إلَيْهِ فِي كِلَا هَذَيْنِ أَيْ: الْخَبَثُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الَّذِي إلَخْ) أَيْ: بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ نَفْسَهُ لَا يُتَصَوَّرُ رَفْعُهُ وَأَمَّا أَثَرُهُ فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ فَهُوَ الْأَوَّلُ أَوْ الْمَنْعُ فَهُوَ الثَّالِثُ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَيَرْفَعُهُ غَيْرُ الْمَاءِ كَالتُّرَابِ لَكِنْ لَوْ أُرِيدَ بِهِ الْمَنْعُ عَلَى الْإِطْلَاقِ صَحَّ إرَادَتُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْمَاءُ وَكَذَا لَوْ أُرِيدَ بِهِ مُطْلَقُ الْمَنْعِ وَأُرِيدَ الْحَصْرُ الْإِضَافِيُّ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْمَائِعَاتِ. (قَوْلُهُ: حَصْرَ الرَّافِعِ فِي الْمَاءِ) فِيهِ بَحْثٌ بَلْ إنَّمَا يُفِيدُ حَصْرَ الرَّافِعِ مِنْ الْمَاءِ فِي الْمَاءِ الْمَوْصُوفِ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ إنَّمَا هُوَ بَعْضُ أَفْرَادِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ قُيُودًا لِلْمَاءِ فَهِيَ إنَّمَا تَخْرُجُ مِنْهُ وَالْمَاءُ لَقَبٌ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَلَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا نَعَمْ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ الصِّفَةِ الثَّالِثَةِ مَنْعُ رَفْعِ غَيْرِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْفَعْ الْمَاءُ لِسَلْبِهِ الْإِطْلَاقَ فَغَيْرُهُ كَذَلِكَ لِذَلِكَ إلَّا أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ الْمَفْهُومِ بَلْ مِنْ بَابِ الْقِيَاسِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْإِسْنَادَ لِبَقِيَّةِ الصِّفَاتِ إذْ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي ذَلِكَ لِمَنْعِ رَفْعِ الْخَارِجِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَسْلُبْ الْإِطْلَاقَ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: الْعَائِدِ إلَيْهِ) أَيْ: الْخَبَثِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ حَالًا مِنْ الْعَائِدِ فِي الْخَبَرِ إلَى الْمُبْتَدَأِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْخَبَرِ، وَتَثْنِيَةُ الْعَائِدِ إلَى الْمُبْتَدَأِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْمُبْتَدَأِ وَهَذَا تَدَافُعٌ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: الْخَبَثِ إلَخْ) هُوَ رَاجِعٌ إلَى الْإِعْرَابِ الْأَوَّلِ لَفْظًا وَمَعْنًى وَإِلَى الثَّانِي مَعْنًى فَقَطْ وَلَعَلَّ تَقْدِيرَهُ لَفْظًا أَيْضًا الْخَبَثُ رَافِعُهُ مَعَ الْحَدَثِ حَالَ كَوْنِهِ مُشَبَّهًا بِالْحَدَثِ مَاءٌ إلَخْ. وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّعَسُّفِ بِرّ قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْإِعْرَابَ الْأَوَّلَ: وَلَا يَأْتِي هُنَا الْإِعْرَابُ الثَّانِي أَيْ: الْجَارِي فِي عِبَارَةِ الْحَاوِي أَنْ يَكُونَ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَالْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ مُخْبَرٌ بِهَا عَنْ الْخَبَثِ وَقَوْلُهُ: كَالْحَدَثِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَوْنُ قَوْلِهِ: رَافِعٌ كِلَا هَذَيْنِ خَبَرًا عَنْ
ــ
[حاشية الشربيني]
فَلِذَا إذَا كُشِطَ الْجِلْدُ زَالَتْ وَلَا يَرِدُ مَا أَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ عَلَى حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ فِي الْحَدَثِ مِنْ أَنَّ نَبِيذَ التَّمْرِ مُطَهِّرٌ لِلْحَدَثِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عِنْدَ إعْوَازِ الْمَاءِ فِي السَّفَرِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ صُورَةٌ جُوِّزَتْ لِلضَّرُورَةِ فَلَا تُنَافِي الْإِجْمَاعَ كَمَا أَنَّ حِلَّ أَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ لَا يُنَافِي إجْمَاعَهُمْ عَلَى حُرْمَتِهَا لَكِنْ يَرِدُ أَنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى يُجَوِّزُ رَفْعَ الْحَدَثِ وَإِزَالَةَ النَّجَسِ بِكُلِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ.
وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَأَمَّا قَوْلُ الْوَسِيطِ طَهَارَةُ الْحَدَثِ مَخْصُوصَةٌ بِالْمَاءِ بِالْإِجْمَاعِ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى إنْ صَحَّ عَنْهُ وَوَافَقَهُ أَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ لَكِنْ لَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِ. (قَوْلُهُ: اسْتِهْجَانًا) هُوَ الْإِتْيَانُ بِالْهُجْنَةِ وَهِيَ مَا يَقْبُحُ مِنْ الْكَلَامِ. (قَوْلُهُ: أَمْرٍ اعْتِبَارِيٍّ يَقُومُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: نَحْنُ نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ بِالْأَعْضَاءِ شَيْءٌ وَلَيْسَ ثَمَّ سِوَى مَنْعٍ شَرْعِيٍّ مِنْ أُمُورٍ مَنَعَهَا الشَّرْعُ وَلَوْ قَدَّرْنَا شَيْئًا لَمْ يُتَصَوَّرْ انْتِقَالُهُ أَيْ: لِأَنَّهُ عَرَضٌ وَالْعَرَضُ لَا يُتَصَوَّرُ انْتِقَالُهُ اهـ. وَسَيَأْتِي جَوَابُ الرَّافِعِيِّ عَنْ الِانْتِقَالِ بِأَعْلَى الْهَامِشِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ الِاعْتِبَارِيَّ هُوَ كَوْنُهُ مَمْنُوعًا مِنْ الصَّلَاةِ فَالْمُرَادُ بِالْقِيَامِ بِالْأَعْضَاءِ اتِّصَافُهَا بِكَوْنِهَا مَمْنُوعَةً وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْضَاءِ جَمِيعُ الْبَدَنِ لَكِنْ رَجَّحَ ع ش أَنَّ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ قَائِمٌ بِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَقَطْ اهـ.
(قَوْلُهُ: حَصْرَ الرَّافِعِ فِي الْمَاءِ لَا حَصْرَ الْمَاءِ) فِي الرَّافِعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: مِنْ بَابِ صَدِيقِي زَيْدٌ) بَابُ ذَلِكَ مَا إذَا عَرَفَ الْمُخَاطَبُ أَنَّ لَك صَدِيقًا لَكِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ فَتُقَدِّمُ مَا عَرَفَهُ وَتَحْكُمُ عَلَيْهِ بِمَا يُعِينُهُ فَيُفِيدُ انْحِصَارَ صَدِيقِك فِيهِ. (قَوْلُهُ: بِعُمُومِ الْمُبْتَدَأِ وَخُصُوصِ الْخَبَرِ) وَلَا نَظَرَ لِتَعْرِيفِهِمَا حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُسْنَدُ إلَيْهِ فَقَطْ مَعْرِفَةً كَفَى نَحْوُ: الْكَرَمُ فِي الْعَرَبِ أَيْ: الْكَرَمُ مَوْصُوفٌ بِكَوْنِهِ فِي الْعَرَبِ أَمَّا عَكْسُهُ فَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَعْرِيفِهِمَا) لَعَلَّ مُرَادَهُ الْإِشَارَةُ إلَى مَذْهَبَيْ السَّعْدِ وَالسَّيِّدِ حَيْثُ ذَهَبَ الْأَوَّلُ إلَى كِفَايَةِ
حَالَ كَوْنِهِ مُشَبَّهًا بِالْحَدَثِ رَافِعُهُمَا مَاءٌ، وَالْحَصْرُ بِحَالِهِ فَلَا يَرْفَعُهُمَا إلَّا الْمَاءُ أَمَّا الْحَدَثُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] وَأَمَّا الْخَبَثُ فَلِلْقِيَاسِ السَّابِقِ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَالَ الْأَعْرَابِيُّ فِي الْمَسْجِدِ «صُبُّوا عَلَيْهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالذَّنُوبُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ الدَّلْوُ الْمُمْتَلِئَةُ مَاءً وَيُقَالُ الَّتِي فِيهَا مَاءٌ قَرِيبٌ مِنْ الْمِلْءِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ فَلَوْ رَفَعَ غَيْرُ الْمَاءِ لَمْ يَجِبْ التَّيَمُّمُ عِنْدَ فَقْدِهِ وَلَا غَسْلُ الْبَوْلِ بِهِ وَاحْتَجَّ لَهُمَا مَعًا أَئِمَّتُنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48] وَبِقَوْلِهِ {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11] ذَكَرَ الْمَاءَ امْتِنَانًا فَلَوْ رَفَعَ غَيْرُهُ فَاتَ الِامْتِنَانُ.
وَأَمَّا خَبَرُ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ مَا كَانَ لِإِحْدَانَا إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ تَحِيضُ فِيهِ فَإِذَا أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ قَالَتْ بِرِيقِهَا فَقَصَعَتْهُ بِظُفْرِهَا أَيْ: أَذْهَبَتْهُ فَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الدَّمِ الْيَسِيرِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَلَمْ تُرِدْ عَائِشَةُ تَطْهِيرَهُ بَلْ إذْهَابَ صُورَتِهِ لِقُبْحِ مَنْظَرِهِ فَيَبْقَى الْمَحَلُّ نَجِسًا كَمَا كَانَ لَكِنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لِقِلَّتِهِ وَلَا حَاجَةَ فِي الْجَوَابِ إلَى كَوْنِ الدَّمِ مَعْفُوًّا عَنْهُ
ــ
[حاشية العبادي]
الْخَبَثِ اهـ.
وَهُوَ مَدْفُوعٌ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْخَبَثَ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ كَالْحَدَثِ يَصِحُّ الْإِخْبَارُ عَنْهُ بِالْخَبَرِ الْمَذْكُورِ. وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي أَعْنِي قَوْلَهُ وَأَمَّا مِنْ الْعَائِدِ إلَيْهِ فَمَحَلُّ نَظَرٍ قَوِيٍّ جِدًّا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَرْفَعُهُمَا إلَّا الْمَاءُ) لَا يَرِدُ عَلَى هَذَا الْحَصْرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَبَثِ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ أَيْضًا بِنَحْوٍ بِلَا اسْتِحَالَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُهُ بِلَا اسْتِحَالَةٍ وَنَحْوِهَا إلَّا الْمَاءُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ بَابُ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ أَوْ الْمُرَادُ الْحَصْرُ الْإِضَافِيُّ أَيْ: لَا يَرْفَعُهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ إلَّا الْمَاءُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إلَّا الْمَاءُ) إنْ أُرِيدَ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُهُ غَيْرُهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ فَقَوْلُهُ: فَلِقَوْلِهِ إلَخْ قَرِيبٌ فِي الْجُمْلَةِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ غَيْرُ الْمَاءِ مِنْ الْمَائِعَاتِ إلَّا أَنَّهُ لَا تَعَرُّضَ فِيهِ إلَى أَنَّ الْمَاءَ رَافِعٌ وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ غَيْرُهُ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْمَاءُ فَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَرُّضَ فِي هَذَا الدَّلِيلِ إلَى أَنَّ الْمَاءَ يَرْفَعُ دُونَ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَالتُّرَابِ مَعَ الْعَجْزِ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَتَكَلَّفَ فَلْيَتَكَلَّفْ. (قَوْلُهُ: الْمُمْتَلِئَةُ مَاءً) فَمِنْ مَاءٍ تَأْكِيدٌ أَوْ لِدَفْعِ التَّجَوُّزِ. (قَوْلُهُ: وَلَا غَسْلُ الْبَوْلِ) أَيْ: عَيْنًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَفَعَ غَيْرُهُ فَاتَ الِامْتِنَانُ) أَقُولُ فِي فَوَاتِهِ نَظَرٌ فَأَيُّ مَانِعٍ مِنْ الِامْتِنَانِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَوْ الْأُمُورِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا خُصُوصًا إذَا كَانَ أَعَمَّ وَأَقْوَى نَفْعًا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي مَوْضِعٍ {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] وَفِي آخَرَ {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: 13] فَامْتَنَّ تَارَةً بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَتَارَةً بِهِمَا وَيُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ: ثَبَتَ الِامْتِنَانُ بِطَهُورِيَّةِ الْمَاءِ فَأَفَادَ أَنَّهُ رَافِعٌ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. (قَوْلُهُ: مَعْفُوٌّ عَنْهُ) قَضِيَّةُ هَذَا الْجَوَابِ الْعَفْوُ عَنْهُ مَعَ مَضْغِهِ بِالرِّيقِ وَاخْتِلَاطِهِ بِهِ مَعَ أَنَّ دَمَ الْحَيْضِ مُخْتَلِطٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَنْفَذٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ إلَخْ) هَذَا يُنَافِي الْجَوَابَ الَّذِي نَقَلَهُ عَنْهُمْ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْعَفْوُ فِيهِ عَلَى مُجَرَّدِ جَوَازِ لُبْسِهِ قَبْلَ تَطَهُّرِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَبِالْجُمْلَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا صَلَّتْ فِيهِ قَبْلَ تَطَهُّرِهِ وَالْمُتَّجَهُ الْأَخْذُ بِظَاهِرِ جَوَابِهِمْ.
ــ
[حاشية الشربيني]
تَعْرِيفِ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمُسْنَدُ نَكِرَةً كَمَا سَلَفَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الْحَصْرِ وَذَهَبَ الثَّانِي إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِ الثَّانِي أَوْ يَكُونُ الِاخْتِصَاصُ مُسْتَفَادًا مِنْ الْمَقَامِ كَمَا فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ ثُمَّ إنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّعْرِيفِ الْمُفِيدِ لِلْحَصْرِ أَنْ يَكُونَ لِلْجِنْسِ سَوَاءٌ بَقِيَ عَلَى أَصْلِهِ أَوْ أُرِيدَ مِنْهُ الِاسْتِغْرَاقُ بِالْقَرِينَةِ بِخِلَافِ الْعَهْدِ؛ لِأَنَّ الْحَصْرَ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا يُعْقَلُ فِيهِ الشُّمُولُ فِي الْجُمْلَةِ.
(قَوْلُهُ: الْمُمْتَلِئَةُ مَاءً) يُطْلَقُ لُغَةً أَيْضًا عَلَى مَا لَا مَاءَ فِيهِ ع ش. (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَفَعَ غَيْرُ الْمَاءِ) أَيْ: حَتَّى التُّرَابُ لَمْ يَجِبْ التَّيَمُّمُ وُجُوبًا مُقَيَّدًا بِفَقْدِهِ بَلْ كَانَ يَكْفِي غَيْرُهُ وَلَوْ التُّرَابُ فُقِدَ أَوْ لَا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُرِدْ) الظَّاهِرُ فَلَمْ تُرِدْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ) أَيْ: مَعَ اخْتِلَاطِهِ بِالرِّيقِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ مُسْتَدِلًّا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَإِنْ ضَعَّفَهُ م ر وَتَبِعَهُ ع ش. (قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ فِي الْجَوَابِ) أَيْ: هَذَا الْجَوَابِ الْمُتَقَدِّمِ بَلْ كَانَ يَكْفِي أَنَّهَا لَمْ تُرِدْ تَطْهِيرَهُ لِلْعَفْوِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: إلَى كَوْنِ الدَّمِ مَعْفُوًّا عَنْهُ) أَيْ: الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ لَكِنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ أَمَّا قَوْلُهُ أَوَّلًا: مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَلَمْ تُرِدْ إلَخْ فَمُحْتَاجٌ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ
إذْ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهَا صَلَّتْ فِي الثَّوْبِ قَبْلَ تَطْهِيرِهِ وَلَا يُقَاسُ بِالْمَاءِ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ اخْتِصَاصَ الطُّهْرِ بِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ تَعَبُّدٌ وَعِنْدَ غَيْرِهِ لِجَمْعِهِ اللَّطَافَةَ وَعَدَمَ التَّرْكِيبِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَرْسُبُ لِلصَّافِي مِنْهُ بِإِغْلَائِهِ ثُفْلٌ بِخِلَافِ الصَّافِي مِنْ غَيْرِهِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: لَا لَوْنَ لَهُ وَمَا يَظْهَرُ فِيهِ لَوْنُ ظَرْفِهِ أَوْ مُقَابِلِهِ؛ لِأَنَّهُ جِسْمٌ شَفَّافٌ وَقَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ: بَلْ لَهُ لَوْنٌ وَيُرَى وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَحْجُبُ عَنْ رُؤْيَةِ مَا وَرَاءَهُ.
وَلَمَّا كَانَ رَفْعُ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ هُوَ الْأَصْلُ فِي الطُّهْرِ اقْتَصَرَ النَّظْمُ كَأَصْلِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَضُرُّ عَدَمُ تَنَاوُلِهِ الطُّهْرَ الْمَسْنُونَ، وَدَخَلَ فِي الْمَاءِ جَمِيعُ أَنْوَاعِهِ بِأَيِّ صِفَةٍ مِنْ أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ وَمُنْحَلٍّ مِنْ ثَلْجٍ أَوْ بَرَدٍ وَمُنْعَقِدٍ مِنْهُ مِلْحٌ أَوْ حَجَرٌ وَكَذَا مُتَصَاعِدٌ مِنْ بُخَارٍ مُرْتَفِعٍ مِنْ غَلَيَانِ الْمَاءِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ اخْتِيَارِ الرُّويَانِيِّ وَصَحَّحَهُ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ حَقِيقَةً وَيَنْقُصُ الْمَاءُ بِقَدْرِهِ لَكِنْ نَازَعَ فِيهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَالُوا إنَّهُ يُسَمَّى بُخَارًا وَرَشْحًا لَا مَاءً عَلَى الْإِطْلَاقِ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَا يُسَمَّى مَاءً كَتُرَابِ التَّيَمُّمِ وَحَجَرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَأَدْوِيَةِ الدِّبَاغِ وَالشَّمْسِ وَالرِّيحِ وَالنَّارِ وَغَيْرِهَا حَتَّى التُّرَابُ فِي غَسَلَاتِ الْكَلْبِ فَإِنَّ الْمُزِيلَ هُوَ الْمَاءُ بِشَرْطِ امْتِزَاجِهِ بِالتُّرَابِ فِي غَسْلَةٍ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَالْمَاءُ الْمُطَهِّرُ هُوَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ وَهُوَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ وَاكْتَفَى النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ عَنْ وَصْفِهِ بِالْإِطْلَاقِ بِأَوْصَافٍ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (طَاهِرٌ) فَلَا يَرْفَعُ النَّجَسُ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ مُطَهِّرًا.
(مَا اُسْتُعْمِلَا مَا قَلَّ) أَيْ: لَمْ يُسْتَعْمَلْ مَا دَامَ قَلِيلًا (فِي فَرْضٍ) مِنْ رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ بِأَنْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ كَفَضْلِ مَاءِ الْحَائِضِ أَوْ اُسْتُعْمِلَ لَا فِي فَرْضٍ كَالْمُسْتَعْمَلِ فِي تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ وَفِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ أَمَّا الْمُسْتَعْمَلُ فِي فَرْضٍ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْقَ نَجَسًا وَلَمْ يَحْتَرِزْ السَّلَفُ عَنْهُ فَلَا يَرْفَعُ؛ لِأَنَّ السَّلَفَ لَمْ يَجْمَعُوهُ فِي أَسْفَارِهِمْ لِاسْتِعْمَالِهِ ثَانِيًا مَعَ احْتِيَاجِهِمْ إلَيْهِ وَعَدَمِ اسْتِقْذَارِهِ فِي الطَّهَارَةِ بَلْ عَدَلُوا إلَى التَّيَمُّمِ وَلِتَأَدِّي الْفَرْضِ بِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِي فَرْضٍ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِانْتِقَالِ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَبِتَطْهِيرِهِ زَالَ الْمَنْعُ فَيَنْتَقِلُ إلَى الْمَاءِ كَمَا أَنَّ الْغُسَالَةَ لَمَّا أَثَّرَتْ فِي الْمَحَلِّ تَأَثَّرَتْ فَإِنْ قُلْت: طَهُورٌ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ بِوَزْنِ فَعُولٍ فَيَقْتَضِي تَكْرَارَ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ قُلْت: فَعُولٌ يَأْتِي اسْمًا لِلْآلَةِ كَسَحُورٍ لِمَا يُتَسَحَّرُ بِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ طَهُورٌ كَذَلِكَ وَلَوْ سَلِمَ اقْتِضَاؤُهُ التَّكَرُّرَ فَالْمُرَادُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: مِنْ رَفْعِ حَدَثٍ) إنْ أَرَادَ بِهِ مُطْلَقَ الْمَنْعِ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا وَرَدَ عَلَيْهِ طَهَارَةُ دَائِمِ الْحَدَثِ. (قَوْلُهُ: أَوْ خَبَثٍ) يَنْبَغِي أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا بِرّ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُسْتَعْمَلُ فِي فَرْضٍ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ آنِفًا مِنْ رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ أَنْ يَكُونَا مَعًا مَرَدُّهُ بِالْفَرْضِ هُنَا قُلْت: لَكِنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ قَرِيبًا كَمَا أَنَّ الْغُسَالَةَ إلَخْ. يَعْنِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالْفَرْضِ هُنَا مَا عَدَا رَفْعَ الْخَبَثِ مِنْهُ وَإِلَّا لَزِمَ عَلَيْهِ قِيَاسُ الشَّيْءِ عَلَى بَعْضِ أَقْسَامِهِ وَبَعْدَ أَنْ تَعْلَمَ ذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ ضَيْعَ الشَّارِحِ هُنَا لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي بِرّ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجْمَعُوهُ) قَدْ يُقَالُ: عَدَمُ الْجَمْعِ وَاقِعَةُ حَالٍ احْتَمَلَتْ أَنَّهُ لِمَزِيدِ مَشَقَّتِهِ إلَّا أَنْ يُسْتَبْعَدَ إطْبَاقُ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ مَعَ مَزِيدِ احْتِيَاجِهِمْ وَتَحَمُّلِهِمْ الْمَشَاقِّ.
ــ
[حاشية الشربيني]
دَلِيلٌ لِعَدَمِ إرَادَةِ التَّطْهِيرِ.
(قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ إلَخْ) وَإِنْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الَّتِي تَحِيضُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: اللَّطَافَةَ) أَيْ: عَدَمَ حَجْبِهِ لِمَا وَرَاءَهُ. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ) دَلِيلٌ لِعَدَمِ التَّرْكِيبِ؛ لِأَنَّ الثُّفْلَ أَجْزَاءٌ تَنْفَصِلُ بِوَاسِطَةِ النَّارِ، وَالْبَسِيطُ لَا جُزْءَ لَهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جِسْمٌ شَفَّافٌ) أَيْ: وَالشَّفَّافُ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الضَّوْءُ وَاللَّوْنُ مَشْرُوطٌ عِنْدَهُمْ بِالضَّوْءِ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) وَمَنَعَ أَنَّ الضَّوْءَ شَرْطٌ لِلَّوْنِ وَقَالَ إنَّهُ شَرْطٌ لِإِبْصَارِهِ لَا لِوُجُودِهِ فِي الظُّلْمَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَضُرُّ إلَخْ) لِأَنَّهُ لِنُكْتَةِ الْأَصَالَةِ فَقَطْ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ. (قَوْلُهُ: عَدَمُ تَنَاوُلِهِ الطُّهْرَ) أَيْ: حَتَّى يُفِيدَ حَصْرَ الرَّافِعِ لَهُ فِي الْمَاءِ. (قَوْلُهُ: وَمُنْحَلٍّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعِرَاقِيِّ وَمَا يَنْحَلُّ إلَيْهِ الْبَرَدُ وَالثَّلْجُ.
(قَوْلُهُ: وَمُنْعَقِدٍ إلَخْ) عِبَارَتُهُ أَيْضًا وَمَا يَنْعَقِدُ مِنْهُ الْمِلْحُ. (قَوْلُهُ: ثَلْجٍ) هُوَ مَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ جَامِدًا كَالْقُطْنِ وَمِثْلُهُ الْجَمَدُ وَالصَّقِيعُ وَالْبَرَدُ حَبُّ الْغَمَامِ وَفَرَّقَ ابْنُ النَّفِيسِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ جُمُودَهَا إنْ كَانَ بَعْدَ صَيْرُورَةِ مَا تَجَمَّدَ مَاءً وَهُوَ مِنْ السَّحَابِ فَالْبَرَدُ وَإِلَّا فَالْجَمَدُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ تِلْكَ الصَّيْرُورَةِ فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا مُجْتَمِعًا مَحْسُوسَ النُّزُولِ فَالثَّلْجُ وَإِلَّا فَالصَّقِيعُ. (قَوْلُهُ: وَمُنْعَقِدٍ مِنْهُ مِلْحٌ إلَخْ) أَيْ: قَبْلَ انْعِقَادِ الْمِلْحِ وَالْحَجَرِ مِنْهُ أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يُسَمَّى مَاءً مُطْلَقًا نَعَمْ إنْ كَانَ فِيهِ رُطُوبَةٌ فَهِيَ مَاءٌ يَصِحُّ مَسْحُ الرَّأْسِ وَالْخُفِّ بِهِ كَمَا فِي الْعُبَابِ وَالْإِيعَابِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا مُتَصَاعِدٌ إلَخْ) فَصَلَهُ لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِيهِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَضُمُّ إلَيْهِ مَا يَنْعَقِدُ مِنْهُ الْمِلْحُ لِجَوْهَرِهِ إلَّا لِسُبُوخَةِ الْأَرْضِ لِقَوْلِ الصُّعْلُوكِيِّ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ؛ لِأَنَّهُ جِنْسٌ آخَرُ غَيْرُ الْمَاءِ كَالنَّفْطِ وَالْقَارِ بِخِلَافِ مَا يَنْعَقِدُ مِنْهُ لِسُبُوخَةِ الْأَرْضِ فَإِنَّ انْعِقَادَهُ بِوَاسِطَتِهَا لَا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ جَوْهَرِهِ فِي ذَاتِهِ بِخِلَافِ انْعِقَادِهِ بِذَاتِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمْ يُعْتَدَّ بِخِلَافِ الصُّعْلُوكِيِّ لِشِدَّةِ ضَعْفِهِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ بُخَارٍ) مِنْ بَيَانِيَّةٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ: يُسَمَّى بُخَارًا. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهِ) أَيْ: خَرَجَ عَنْهُ أَوْ خَرَجَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُسَمَّى مَاءً كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَقَبٌ
قَوْلُهُ: مَا اُسْتُعْمِلَ) هَذَا هُوَ الْجَدِيدُ وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ طَهُورٌ سَوَاءٌ اُسْتُعْمِلَ فِي حَدَثٍ أَوْ
ثُبُوتُ ذَلِكَ لِجِنْسِ الْمَاءِ وَفِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَمُرُّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُطَهِّرُ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ وَخَرَجَ بِمَا قَلَّ مَا كَثُرَ ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً بِأَنْ جُمِعَ حَتَّى كَثُرَ وَإِنْ قَلَّ بَعْدُ بِتَفْرِيقِهِ.
وَوَجْهُ إخْرَاجِ مَا كَثُرَ انْتِهَاءً أَنَّ مَا قَلَّ ظَرْفٌ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا اُسْتُعْمِلَ وَهُوَ الِاشْتِرَاطُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: اُشْتُرِطَ فِي زَمَنِ قِلَّتِهِ عَدَمُ اسْتِعْمَالِهِ لَا فِي زَمَنِ كَثْرَتِهِ، أَوْ ظَرْفٌ لَاسْتُعْمِلَ وَالْمُرَادُ مَا اُسْتُعْمِلَ قَلِيلًا وَاسْتَمَرَّتْ قِلَّتُهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ بِمَاءٍ خَالِصٍ يَكْثُرُ طُهْرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَادَتْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَوَجْهُ إخْرَاجِ مَا كَثُرَ انْتِهَاءً) أَقُولُ: لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ فُرِّقَ هَذَا بَعْدَ كَثْرَتِهِ كَذَا كَتَبَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ أَقُولُ: وَهَذَا يَرِدُ أَيْضًا عَلَى إخْرَاجِ مَا كَثُرَ ابْتِدَاءً فَإِنْ قِيلَ هَذَا لَمْ يَتَّصِفْ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمُؤَثِّرِ قُلْنَا لَوْ أَرَادَ الْمُؤَثِّرَ لَمْ يَحْتَجْ لِلتَّقْيِيدِ بِزَمَنٍ قُلْته فَلْيُتَأَمَّلْ.
ــ
[حاشية الشربيني]
خَبَثٍ كَذَا فِي التُّحْفَةِ وَحَوَاشِيهَا الْيَمَنِيَّةِ وَقَوْلُهُ: وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ طَهُورٌ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: ذَهَبَ إلَيْهِ طَوَائِفُ وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمَا وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُد وَابْنِ الْمُنْذِرِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ: فِي فَرْضٍ) أَيْ: لِتَحْصِيلِهِ إذْ الْفَرْضُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ مِنْ رَفْعِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَرْضٍ) أَيْ: أَصَالَةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ مِنْ رَفْعِ إلَخْ فَلَوْ نَذَرَ الْغُسْلَ الْمَنْدُوبَ أَوْ تَجْدِيدَ الْوُضُوءِ لَمْ يَكُنْ مَاؤُهُمَا مُسْتَعْمَلًا؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَارِضٌ كَذَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا قِيلَ: إنَّ قَوْلَهُمْ يَسْلُكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ خَاصٌّ بِنَذْرِ اللَّجَاجِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ) قَيَّدَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ وِفَاقٍ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ قِيلَ: إنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِيهِمَا كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُسْتَعْمَلِ فِي نَفْلِ الطَّهَارَةِ كَالْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ غَيْرُ طَهُورٍ فِي الْجَدِيدِ لَكِنَّهُ وَجْهٌ ضَعِيفٌ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا وَجْهَ حِينَئِذٍ لِذِكْرِ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ فَوَجْهُ التَّقْيِيدِ أَنَّهُ قَصَدَ إيرَادَ مِثَالٍ لِمَا لَيْسَ عِبَادَةً أَصْلًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) حَالٌ وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ عَاطِفَةً أَيْ: إنْ كَانَ نَجَسًا وَإِنْ إلَخْ دَلِيلٌ لِطَهَارَتِهِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِنَجَاسَتِهِ كَأَبِي حَنِيفَةَ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْقَ نَجَسًا) ظَاهِرٌ فِي الْمُسْتَعْمَلِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ فَيَلْزَمُ أَنْ يُقَالَ فِي رَفْعِ النَّجَسِ: إنَّهُ لَمْ يَلْقَ نَجَسًا مُؤَثِّرًا فِيهِ بِأَنْ كَانَ وَارِدًا بِشَرْطِهِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّلَفَ) أَيْ: الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم وَإِنَّمَا لَمْ يَجْمَعُوا مَاءَ الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لِاخْتِلَاطِهِ غَالِبًا بِمَاءِ الْأُولَى فَكَانَ الْجَمْعُ مَظِنَّةَ الْمَحْذُورِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: وَيُعَبَّرُ عَنْهُ إلَخْ) فَهُمَا عِبَارَتَانِ مُتَسَاوِيَتَانِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالِاسْتِعْمَالِ فِي فَرْضِ الْأُولَى لِشُمُولِهِ طُهْرَ السَّلَفِ وَتُرَابَ التَّيَمُّمِ بِخِلَافِ انْتِقَالِ الْمَنْعِ فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُهُمَا لِعَدَمِ انْتِقَالِ الْمَنْعِ إلَيْهِمَا فَإِنَّ عَدَمَ الِانْتِقَالِ مَمْنُوعٌ بَلْ انْتَقَلَ وَإِنْ كَانَ الْحَدَثُ بِمَعْنَى الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ لَمْ يَرْتَفِعْ كَذَا فِي الْإِيعَابِ وَفِي قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ إلَخْ نَظَرٌ تَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: بِانْتِقَالِ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ) يَزِيدُ دَفْعُ مَا أَوْرَدَهُ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّ الْمَاءَ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ الْحَدَثُ وَحَاصِلُ الدَّفْعِ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّ الْحَدَثَ لَيْسَ شَيْئًا مُحَقَّقًا يُفْرَضُ انْتِقَالُهُ إلَى الْمَاءِ لَكِنَّ الْمَعْنَى أَنَّ بِالِاسْتِعْمَالِ يَرْتَفِعُ مَنْعٌ كَانَ فِي الْبَدَنِ وَهُوَ كَوْنُهُ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَيَحْدُثُ مَنْعٌ فِي الْمَاءِ لَمْ يَكُنْ وَهُوَ عَدَمُ اسْتِعْمَالِهِ مَرَّةً أُخْرَى فَعَبَّرَ عَنْ ارْتِفَاعِ مَنْعٍ وَحُدُوثِ مَنْعٍ بِالِانْتِقَالِ تَوَسُّعًا، وَعِبَارَةُ أَدَاءِ الْفَرْضِ أَوْضَحُ وَأَوْلَى اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ الْغُسَالَةَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَالْمُرَادُ بِتَأَدِّي الْغَرَضِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ رَفْعُ الْحَدَثِ أَوْ رَفْعُ حُكْمِهِ كَمَا فِي صَاحِبِ الضَّرُورَةِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَأَثُّرَ الْمَاءِ كَمَا فِي غُسَالَةِ النَّجَاسَةِ اهـ. فَكَلَامُهُ فِي بَيَانِ وَجْهِ الِاسْتِعْمَالِ عِنْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ فَقَطْ لَكِنَّ الشَّارِحَ عَمَّمَ فَلَا بُدَّ مِنْ جَوَابِ ع ش الْمَسْطُورِ بِهَامِشِ الْحَاشِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَيَقْتَضِي تَكَرُّرَ الطَّهَارَةِ) فِيهِ أَنَّ الطَّهَارَةَ فِي طَاهِرِ الَّذِي هَذَا مُبَالَغَةٌ فِيهِ وَصْفٌ لَازِمٌ لَا مُتَعَدٍّ وَالْمَقْصُودُ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ بِمَعْنَى مُطَهِّرٍ بِدَلِيلِ جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا إلَخْ. فَإِنَّ الطَّهُورَ فِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِمَعْنَى الْمُطَهِّرِ لَمْ يَسْتَقِمْ لِفَوَاتِ مَا اخْتَصَّتْ بِهِ الْأُمَّةُ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ مَعَ زِيَادَةٍ وَفِي الرَّشِيدِيِّ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِتَكَرُّرِ الطَّهَارَةِ مَعْنًى حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ يُطَهِّرُ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: يَأْتِي اسْمًا إلَخْ) كَمَا أَنَّهُ يَكُونُ لِلْمُبَالَغَةِ وَهِيَ أَنْ يَدُلَّ عَلَى زِيَادَةٍ فِي مَعْنَى فَاعِلٍ مَعَ مُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي التَّعَدِّي كَضَرُوبٍ أَوْ اللُّزُومِ كَصَبُورٍ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَحَلِّ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَبِهَا عَبَّرَ فِي الْمَنْهَجِ لِكِفَايَةِ كُلٍّ فِي الْجَوَابِ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْأَدِلَّةِ) الْمُرَادُ بِالْأَدِلَّةِ الْعِلَّتَانِ السَّابِقَتَانِ وَالْآيَةُ فَإِنَّ الْعِلَّتَيْنِ تَقْتَضِيَانِ عَدَمَ التَّكْرَارِ بِخِلَافِ الْآيَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ إلَخْ) رَدٌّ لِمَا أُورِدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ مَا قَلَّ ظَرْفٌ لَاسْتُعْمِلَ أَيْ: مَا اُسْتُعْمِلَ زَمَنَ قِلَّتِهِ وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا جُمِعَ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ حَالَ قِلَّتِهِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ. (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ فِي زَمَنِ قِلَّتِهِ) فِيهِ أَنَّ الِاشْتِرَاطَ إنَّمَا هُوَ الْآنَ لَا فِي زَمَنِ الْقِلَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ اشْتِرَاطُهُ الْآنَ يُؤَثِّرُ اشْتِرَاطَهُ زَمَنَ قِلَّتِهِ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ زَمَنَ الْقِلَّةِ لِيُفِيدَ أَنَّ الضَّارَّ اسْتِعْمَالُهُ وَهُوَ قَلِيلٌ فَمَآلُ الْجَوَابَيْنِ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّ الثَّانِيَ
الطَّاهِرِيَّةُ بِالْكَثْرَةِ فَالطَّهُورِيَّةُ أَوْلَى. وَأُورِدَ عَلَى ضَابِطِ الْمُسْتَعْمَلِ مَا غُسِلَ بِهِ الرِّجْلَانِ بَعْدَ مَسْحِ الْخُفِّ وَمَا غُسِلَ بِهِ الْوَجْهُ قَبْلَ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ وَمَا غُسِلَ بِهِ الْخَبَثُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ فَإِنَّهَا لَا تَرْفَعُ مَعَ أَنَّهَا لَمْ تُسْتَعْمَلْ فِي فَرْضٍ. وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِمَنْعِ عَدَمِ رَفْعِهِ؛ لِأَنَّ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ لَمْ يُؤَثِّرْ شَيْئًا وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْبَغَوِيِّ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي فَرْضٍ وَهُوَ رَفْعُ الْحَدَثِ الْمُسْتَفَادُ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ فَرِيضَةٍ وَعَنْ الثَّالِثِ بِأَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي فَرْضٍ أَصَالَةً وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَثِمَ تَارِكُهُ أَمْ لَا عِبَادَةً كَانَ أَوْ غَيْرَهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي مِثَالَيْنِ بِقَوْلِهِ (كَمَاءِ الْغُسْلِ مِنْ الْكِتَابِيَّةِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَمَا غُسِلَ بِهِ الْوَجْهُ) مِنْ صُوَرِهِ أَنْ لَا يَجِبَ غَسْلُهُ لِعِلَّةٍ بِهِ فَيَتَيَمَّمَ ثُمَّ يَتَكَلَّفَ غَسْلَهُ فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ بَعْدَ مَسْحِ الْخُفِّ وَغَسْلِ الْوَجْهِ قَبْلَ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ مَسْحَ الْخُفِّ يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَلَمْ يُفِدْ غَسْلُهُمَا شَيْئًا بَعْدَهُ، وَالتَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَأَفَادَ غَسْلَ الْوَجْهِ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: كَمَاءِ الْغُسْلِ مِنْ الْكِتَابِيَّةِ) حَاصِلُ كَلَامِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِ جَامِعِ الْمُخْتَصَرَاتِ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ مَتْنِهِ كَوْنُ الْكَافِرَةِ كِتَابِيَّةً إذْ لَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ غَيْرُهَا وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ فَإِنْ لَمْ تَنْوِ فَالْمَاءُ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ وَأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَكُونُ غُسْلُ الْكَافِرَةِ لَهُ فَرْضًا أَيْ: رَافِعًا لِلْمَنْعِ مِنْ وَطْئِهِ وَإِنْ كُلِّفَ بِالْفُرُوعِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَأَنَّ طَهَارَةَ الْكَافِرِ عَنْ حَدَثٍ غَيْرُ صَحِيحَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا صَحَّ غُسْلُ الْكَافِرَةِ لِمُسْلِمٍ لِضَرُورَةِ حَقِّهِ اهـ. وَفِي نُكَتِ النَّاشِرِيِّ عَلَى الْحَاوِي الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الزَّوْجِ فِي غُسْلِ زَوْجَتِهِ الْمَجْنُونَةِ وَالْمُسْلِمَةِ الْمُمْتَنِعَةِ بِرّ. (قَوْلُهُ: كَمَاءِ الْغُسْلِ) هُوَ مِثَالٌ لِمَفْهُومِ الْمَتْنِ وَكَأَنَّهُ الْحَامِلُ لِلشَّارِحِ عَلَى قَوْلِهِ الْآتِي أَيْ: كَغُسْلِ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَكَوُضُوءِ الطِّفْلِ وَنَحْنُ نَقُولُ: تَقْدِيرُهُ وَكَمَاءِ وُضُوءٍ بِرّ. (قَوْلُهُ: كَمَاءِ الْغُسْلِ) مِثَالُ الْمَنْفِيِّ مِنْ الْكِتَابِيَّةِ قَيَّدَ بِهَا لِقَوْلِهِ لِمُسْلِمٍ. (قَوْلُهُ: لِمُسْلِمٍ) لَوْ كَانَ الزَّوْجُ صَبِيًّا فَاغْتَسَلَتْ زَوْجَتُهُ لِتَحِلَّ لَهُ صَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا وَإِنْ لَمْ يَفْتَقِدْ هُوَ تَوَقُّفَ الْحِلِّ عَلَى الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ قَبْلَ الْغُسْلِ مُمْتَنِعٌ شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ هُوَ فَالْغُسْلُ أَزَالَ الِامْتِنَاعَ الشَّرْعِيَّ وَهَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ فَلَا يُغْتَرُّ بِمَنْ ذَكَرَ خِلَافَهُ.
(قَوْلُهُ: لِقَصْدِ حِلِّهَا لِمُسْلِمٍ) وَكَذَا لِكَافِرٍ بَلْ لَوْ لَمْ يَكُنْ
ــ
[حاشية الشربيني]
صَرِيحٌ وَهَذَا بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ.
(قَوْلُهُ: وَأُورِدَ إلَخْ) وَأَمَّا مَا تَوَضَّأَ بِهِ الْحَنَفِيُّ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ عَنْهُ الِاعْتِرَاضَ مِنْ الْمُخَالِفِ كَذَا عُلِّلَ م ر وَفِيهِ أَنَّ الْعَقْدَ بِلَا وَلِيٍّ دَفَعَ عَنْهُ أَيْضًا الِاعْتِرَاضَ مِنْهُ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ وَقَلَّدَ الشَّافِعِيَّ لَا يَحْتَاجُ لِمُحَلِّلٍ وَلَا يَثْبُتُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ مَحْرَمِيَّةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّ زَوْجَتِهِ وَبِنْتِهَا وَلَا حُرْمَتُهُمَا إلَّا إنْ وَطِئَ فَتَثْبُتُ الْحُرْمَةُ دُونَ الْمَحْرَمِيَّةِ وَقِيلَ إنَّ مَاءَهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ وَقِيلَ إنْ نَوَى فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ مَعَ زِيَادَةٍ ثُمَّ رَأَيْت فِيهِ مَا يَدْفَعُ الْإِيرَادَ السَّابِقَ وَهُوَ أَنَّهُ رُوعِيَ اعْتِقَادُ الْحَنَفِيِّ هُنَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُهِدَ حُصُولُ الِاسْتِعْمَالِ بِلَا نِيَّةٍ كَمَا فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَاعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْمُصَحِّحَ لِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ أَنَّ مَنْعَ الِاقْتِدَاءِ بِهِ نَاقَضَ نَفْسَهُ، وَالْإِلْزَامُ الِاقْتِدَاءُ بِمَنْ يَعْلَمُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمُصَحَّحِ هُنَاكَ وَأُجِيبَ بِالْتِزَامِ الشِّقِّ الثَّانِي وَأَنَّ مَا سَيَأْتِي مِنْ تَصْحِيحِ اعْتِبَارِ عَقِيدَةِ الْمُقْتَدِي إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ دُونَ الْقَلْبِيَّةِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَإِنْ بَسْمَلَ وَنَوَى فِي الْفَرْضِ لِاعْتِقَادِهِ نَفْلِيَّةَ ذَلِكَ اهـ.
وَهَذَا الْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ مُهِمٌّ كَثُرَ السُّؤَالُ عَنْهُ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ. (قَوْلُهُ: غُسِلَ بِهِ الرِّجْلَانِ) أَيْ: دَاخِلَ الْخُفِّ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ شَيْئًا) فِيهِ أَنَّهُ يُفِيدُ زِيَادَةً عَلَى مُدَّةِ الْخُفِّ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا سم وَلَعَلَّهُ مُسْتَنَدُ احْتِمَالِ الْبَغَوِيّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْغَسْلَ حِينَئِذٍ لَمْ يَرْفَعْ الْحَدَثَ لِكَوْنِهِ مُرْتَفِعًا بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّ مَسْحَ الْخُفِّ رَافِعٌ وَالْمُرْتَفَعُ لَا يُرْفَعُ. وَأَجَابَ ق ل بِأَنَّ الْمُدَّةَ بَاقِيَةٌ بِالْمَسْحِ وَهُوَ بَاقٍ وَفِي الْكُلِّ نَظَرٌ وَاقْتَصَرَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ فِي حَوَاشِي الْمَحَلِّيِّ بَعْدَ نَقْلِ قَوْلِ الشَّارِحِ هُنَا وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ قُلْت: وَهَذَا الْجَوَابُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ رَفْعُهُ مُقَيَّدٌ بِمُدَّةٍ وَالْغَسْلَ رَفْعُهُ مُطْلَقٌ اهـ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا الْغَسْلَ لَمْ يُغَيِّرْ الْمُدَّةَ بِأَنْ يُجْعَلَ ابْتِدَاؤُهَا مِنْهُ بَلْ ابْتِدَاؤُهَا مَا زَالَ مِنْ أَوَّلِ حَدَثٍ بَعْدَ الطُّهْرِ الْأَوَّلِ فَمَا زَالَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ بَاقِيَةً لَا يُحْكَمُ بِأَنَّهُ رَفَعَ شَيْئًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَائِلَ بِعَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ لَا يَقُولُ بِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ بِهِ زِيَادَةً عَلَى مُدَّةِ الْخُفِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَصَرِيحُ كَلَامِ ق ل الْمُتَقَدِّمِ إذْ مُقْتَضَى بَقَاءِ الْمُدَّةِ مُقَيَّدٌ بِالْمَسْحِ، وَبَقَاءُ الْمَسْحِ أَنَّ الْمُدَّةَ لَوْ مَضَتْ وَهُوَ بِطُهْرِ هَذَا الْغَسْلِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بِهِ فَلْيُحَرَّرْ.
ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَصَّرَ فِي دَفْعِ الْمُنَافِي بِأَنْ فَرَغَتْ مُدَّةٌ يَجِفُّ فِيهَا بَطَلَتْ قَالَ م ر لِتَقْصِيرِهِ مَعَ احْتِيَاجِهِ إلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ أَوْ الْوُضُوءِ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ حَتَّى لَوْ غَسَلَ فِي الْخُفِّ رِجْلَيْهِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ لَمْ يُوَثِّرْ إذْ مَسْحُ الْخُفِّ يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَلَا تَأْثِيرَ لِلْغَسْلِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَا فَلِلَّهِ دَرُّ الشَّارِحِ وَعَجِيبٌ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ وَتَبِعَهُ ابْنُ سم مَعَ النَّصِّ عَلَى الْمَسْأَلَةِ بَلْ مَعَ نَقْلِ ابْنِ سم نَفْسِهِ ذَلِكَ النَّصَّ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَاعْتِرَاضِهِ بِهِ عَلَى شَيْخِهِ عَمِيرَةَ وَجَلَّ مَنْ لَا يَسْهُو.
(قَوْلُهُ: أَثِمَ تَارِكُهُ أَمْ لَا) أَدْخَلَ
قَصْدَ الْحِلِّ) بِنَصْبِ قَصْدَ مَفْعُولًا لَهُ أَيْ: كَغُسْلِ الْكِتَابِيَّةِ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ لِقَصْدِ حِلِّهَا (لِمُسْلِمٍ) أَيْ: لِوَطْءِ مُسْلِمٍ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِغُسْلِهَا فَيَجِبُ، وَمِثْلُهَا الْمَجْنُونَةُ إذَا غَسَّلَهَا حَلِيلُهَا مِمَّا ذُكِرَ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ
(وَكَوُضُوءِ الطِّفْلِ) الْمُمَيِّزِ وَلَوْ لِنَافِلَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ الْوُضُوءُ لِصَلَاتِهِ وَكَغُسْلِ الْمَيِّتِ وَغَسْلِ الرَّأْسِ بَدَلَ الْمَسْحِ وَوُضُوءِ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ نِيَّتِهِ كَالْحَنَفِيِّ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ. وَتَعْبِيرُهُ بِالْكِتَابِيَّةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْكَافِرَةِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ الْكَافِرَاتِ إلَّا الْكِتَابِيَّةُ لَكِنَّهُ وَافَقَهُ فِي فَصْلِ الْغُسْلِ فَعَبَّرَ بِالْكَافِرَةِ (لِغَيْرِ ذَاكَ وَلَهُ بِالْفَصْلِ) اللَّامُ لِلتَّبْيِينِ أَوْ لِلتَّعْدِيَةِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا تَتَعَلَّقُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية العبادي]
لَهَا حَلِيلٌ وَاغْتَسَلَتْ بِقَصْدِ الْحِلِّ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ بَلْ بُحِثَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ اغْتَسَلَتْ لِحِلِّ وَطْءِ الزِّنَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَطْءٌ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ زِنًا يَحْرُمُ لِجِهَتَيْنِ جِهَةِ الزِّنَا وَجِهَةِ حَدَثِ الْحَيْضِ م ر. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ) تَبِعَ صَاحِبَ الْمُهِمَّاتِ فِي نِسْبَةِ ذَلِكَ لِلرَّافِعِيِّ وَقَدْ اعْتَرَضَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْخَادِمِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَذْكُرْهُ. (قَوْلُهُ: الْمُمَيِّزِ) يَنْبَغِي وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ إذَا وَضَّأَهُ وَلِيُّهُ لِلطَّوَافِ. (قَوْلُهُ: وَكَوُضُوءِ الطِّفْلِ) لَوْ عَبَّرَ بِالطَّهَارَةِ كَانَ أَعَمَّ كَمَا قَالَهُ النَّاشِرِيُّ. (قَوْلُهُ: وَغَسْلِ الرَّأْسِ) وَنَحْوُهُ الْجَبِيرَةُ. (قَوْلُهُ: إلَّا الْكِتَابِيَّةُ) هَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمِ وَإِلَّا فَالْمَجُوسِيُّ مَثَلًا يَصِحُّ أَنْ يَنْكِحَ الْمَجُوسِيَّةَ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِيهِ فِي مَحَلِّهِ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَجُوسِيَّةَ لَوْ اغْتَسَلَتْ لِقَصْدِ حِلِّ حَلِيلِهَا الْمَجُوسِيِّ كَانَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بَلْ قِيَاسُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى فِيمَنْ اغْتَسَلَتْ لِحِلِّ وَطْءِ الزِّنَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَطْءٌ أَنَّ اغْتِسَالَ الْمَجُوسِيَّةِ لِحِلِّ وَطْءِ غَيْرِ الْمَجُوسِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَطْءٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
وُضُوءَ الصَّبِيِّ وَقَوْلُهُ: عِبَادَةً إلَخْ أَدْخَلَ غُسْلَ الْكِتَابِيَّةِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: كَغَسْلِ الظَّاهِرِ) أَيْ: كَمَاءِ غُسْلٍ إلَخْ إلَّا أَنَّهُ قَصَدَ بَيَانَ الْمُعَلَّلِ وَهُوَ الْغُسْلُ اهـ. ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ قَوْلَهُ كَمَاءِ الْغُسْلِ تَمْثِيلًا لِلْفَرْضِ لَا لِلْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ حَيْثُ قَالَ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي مِثَالَيْنِ فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ بِالتَّمْثِيلِ هُوَ الْغُسْلُ لَا الْمَاءُ إذْ لَا وَجْهَ لِإِيرَادِ الْمِثَالِ لِلْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ لِبَدَاهَتِهِ إنَّمَا الْمُحْتَاجُ لِلتَّمْثِيلِ هُوَ الْفَرْضُ حَيْثُ اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهِ أَهُوَ الْعِبَادَةُ أَوْ مَا يَعُمُّهَا وَغَيْرُهَا فَلِلَّهِ دَرُّ الشَّارِحِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا لِلشَّيْخِ عَمِيرَةَ. (قَوْلُهُ: لِمُسْلِمٍ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ خ ط وَاعْتَمَدَ م ر أَنَّ قَصْدَ الْحِلِّ كَافٍ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: لِوَطْءِ زَوْجٍ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى فِي الْحِلِّ أَنْ يَقُولَ لِقَصْدِ حِلِّ وَطْئِهَا لِمُسْلِمٍ زَوْجٍ إلَخْ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِغُسْلِهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَاءَ غُسْلِهَا مِنْ الْجَنَابَةِ لَيْسَ مُسْتَعْمَلًا وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: الْمُمَيِّزِ) لَعَلَّهُ قَيَّدَ لِمَحَلِّ الْوِفَاقِ أَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَقِيلَ لَا يَجِبُ وُضُوءُهُ لِلطَّوَافِ فَلَا يَكُونُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ اهـ. (قَوْلُهُ: وَغَسْلِ الرَّأْسِ) أَيْ: دُفْعَةً وَاحِدَةً وَإِلَّا فَالْمُسْتَعْمَلُ هُوَ مَا حَصَلَ بِهِ الْوَاجِبُ فَقَطْ وَإِنَّمَا كَانَ الْكُلُّ مُسْتَعْمَلًا لِحُصُولِ الْوَاجِبِ بِالْكُلِّ كَغَمْسِ الْجُنُبِ يَدَهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَلِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاجِبِ إذَا كَانَ فِي ضِمْنِ مَا يُؤَدَّى بِهِ الْوَاجِبُ يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْوَاجِبِ عَلَى تَنَاقُضٍ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَوُضُوءِ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ إلَخْ) وَكَذَا الْمَاءُ الَّذِي أَزَالَ بِهِ مَا يَعْتَقِدُ نَجَاسَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَجِسًا عِنْدَنَا كَمَا فِي الْإِيعَابِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْوِ) كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ أَيْ: حَكَى تَصْحِيحَهُ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ ثُمَّ قَالَ فِي بَابِ التَّحَرِّي أَيْ: الِاجْتِهَادِ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ: إذَا تَوَضَّأَ حَنَفِيٌّ وَاقْتَدَى بِهِ شَافِعِيٌّ فَالْحَنَفِيُّ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَالشَّافِعِيُّ يَعْتَقِدُهَا فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُهَا فَلَا تَصِحُّ طَهَارَتُهُ. وَالثَّانِي يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ؛ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مُؤَاخَذٌ بِمُوجَبِ اعْتِقَادِهِ. وَالثَّالِثُ إنْ نَوَى صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَلَا وَالْمُخْتَارُ وَجْهٌ رَابِعٌ وَهُوَ أَنَّهُ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْحَنَفِيِّ وَنَحْوِهِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ إخْلَالُهُ بِمَا نَشْتَرِطُهُ وَنُوجِبُهُ وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ جَارِيَةٌ فِي صَلَاةِ الشَّافِعِيِّ خَلْفَ حَنَفِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَرَاهُ الشَّافِعِيُّ وَيَرَاهُ ذَلِكَ الْمُصَلِّي بِأَنْ أَبْدَلَ الْفَاتِحَةَ أَوْ لَمْ يَطْمَئِنَّ أَوْ مَسَّ فَرْجًا أَوْ امْرَأَةً اهـ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَنَفِيَّ إذَا تَزَوَّجَ بِلَا وَلِيٍّ ثُمَّ مَسَّ أُمَّ زَوْجَتِهِ وَصَلَّى لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الشَّافِعِيِّ بِهِ لِاعْتِقَادِهِ فَسَادَ هَذَا الْعَقْدِ وَقَدْ صَرَّحَ بِفَسَادِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَالنَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَصَاحِبُ الرَّوْضِ وَالرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَفِي ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ بِهَذَا الْعَقْدِ وَجْهَانِ وَكَذَا فِي ثُبُوتِهَا لِوَطْءِ الشُّبْهَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ فِي هَذَا الْعَقْدِ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ وَجَدَ شَافِعِيٌّ وَحَنَفِيٌّ نَبِيذَ تَمْرٍ وَلَمْ يَجِدَا مَاءً فَتَوَضَّأَ بِهِ الْحَنَفِيُّ وَتَيَمَّمَ الشَّافِعِيُّ وَاقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَصَلَاةُ الْمَأْمُومِ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَرَى بُطْلَانَ صَلَاةِ صَاحِبِهِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوْجُهَ الثَّلَاثَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ جَارِيَةٌ فِيمَا إذَا اقْتَدَى حَنَفِيٌّ أَخَلَّ بِشَيْءٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِشَافِعِيٍّ وَرَبَطَ الشَّافِعِيُّ صَلَاتَهُ بِصَلَاةِ ذَلِكَ الْحَنَفِيِّ فَقَطْ مَعَ عِلْمِهِ الْمُفْسِدَ فَتَجْرِي فِي صَلَاةِ الشَّافِعِيِّ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: لِلتَّبْيِينِ) لَامُ التَّبْيِينِ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهَا مَا يُبَيِّنُ الْمَفْعُولَ الْمُلْتَبِسَ بِالْفَاعِلِ وَتَعَلُّقَهَا بِمَذْكُورٍ وَهِيَ الْوَاقِعَةُ بَعْدَ مَا يُفْهِمُ حُبًّا أَوْ بُغْضًا مِنْ فِعْلِ تَعَجُّبٍ أَوْ اسْمِ تَفْضِيلٍ كَمَا أَحَبَّنِي أَوْ أَبْغَضَنِي لِزَيْدٍ وَأَنَا أَحَبُّ أَوْ أَبْغَضُ لَهُ. وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ مَا تُبَيِّنُ فَاعِلِيَّةً غَيْرَ مُلْتَبِسَةٍ بِمَفْعُولِيَّةٍ أَوْ عَكْسَهُ وَتَعَلُّقَهَا بِمَحْذُوفٍ كَذَا فِي الْمُغْنِي وَمَا هُنَا مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى كُلٍّ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهَا سَوَاءٌ كَانَتْ لِلتَّبْيِينِ أَوْ التَّعْدِيَةِ لَيْسَ مُتَعَلِّقُهَا مَذْكُورًا بَلْ مَدْلُولٌ عَلَيْهِ لِلْكَلَامِ وَهُوَ الِاشْتِرَاطُ فِي الْأَوَّلِ وَعَدَمُ الرَّفْعِ فِي الثَّانِي وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ تَتَعَلَّقُ بِهَذَا أَوْ هَذَا كَمَا وَهِمَ فَاعْتَرَضَ بِأَنَّهَا عَلَى
كَلَامُهُ أَيْ: اشْتِرَاطِ عَدَمِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي فَرْضٍ ثَابِتٍ لِغَيْرِ ذَلِكَ الْفَرْضِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ وَلِذَلِكَ الْفَرْضِ إذَا انْفَصَلَ عَنْهُ أَوْ مَا اُسْتُعْمِلَ فِي فَرْضٍ فَإِنَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ لَا يَكُونُ رَافِعًا لِغَيْرِهِ وَلَا لَهُ إذَا انْفَصَلَ عَنْهُ، وَتَفْصِيلُهُ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي فَرْضٍ لَا يَرْفَعُ غَيْرَهُ سَوَاءً انْفَصَلَ عَنْ مَحَلِّهِ كَمِنْ يَدٍ إلَى أُخْرَى أَمْ لَا كَأَنْ انْغَمَسَ جُنُبٌ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ ثُمَّ نَوَى فَانْغَمَسَ فِيهِ آخَرُ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ الْجُنُبُ الْمُنْغَمِسُ بَعْدَ نِيَّتِهِ وَقَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَاءِ لَا يَرْفَعُ الْمَاءُ حَدَثَهُ الثَّانِيَ لِرَفْعِهِ حَدَثَهُ الْأَوَّلَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى عَدَمِ الْحُكْمِ بِاسْتِعْمَالِهِ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ وَعَلَيْهِ شُرَّاحُ الْحَاوِي.
وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَئِمَّةِ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ خِلَافُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْخُوَارِزْمِيُّ وَأَمَّا الْبَحْثُ فَجَوَابُهُ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ صُورَةَ الِاسْتِعْمَالِ بَاقِيَةٌ إلَى الِانْفِصَالِ، وَالْمَاءُ فِي حَالِ اسْتِعْمَالِهِ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ خَبَثٌ بِمَحَلَّيْنِ فَمَرَّ الْمَاءُ بِأَعْلَاهُمَا ثُمَّ بِأَسْفَلِهِمَا طَهُرَا مَعًا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ. وَفِي الْمَجْمُوعِ لَوْ نَزَلَ الْمَاءُ مِنْ الْجُنُبِ إلَى مَحَلِّ الْخَبَثِ وَقُلْنَا: مُسْتَعْمَلُ الْحَدَثِ لَا يُزِيلُ الْخَبَثَ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَفِي طُهْرِهِ وَجْهَانِ اهـ. وَنَقَلَهُمَا مَعَ تَصْحِيحِ الطُّهْرِ الْبَغَوِيّ عَنْ الْقَاضِي وَصَحَّحَ مِنْ عِنْدِهِ مُقَابِلَهُ وَمَا صَحَّحَهُ الْقَاضِي أَوْجَهُ.
وَأَمَّا بَاقِي الْفَرْضِ فَيَرْفَعُهُ الْمَاءُ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ كَمَا لَوْ غَمَسَ جُنُبٌ بَعْضَهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَنَوَى ثُمَّ انْغَمَسَ لِلْحَاجَةِ إلَى رَفْعِ حَدَثِ الْبَاقِي وَعَسِرَ إفْرَادُ كُلِّ جُزْءٍ بِمَاءٍ جَدِيدٍ بِخِلَافِ مَا إذَا صَبَّ مِنْهُ عَلَى الْبَاقِي بِالِاغْتِرَافِ بِيَدِهِ أَوْ بِإِنَاءٍ لَا يَرْفَعُهُ بِلَا خِلَافٍ لِانْفِصَالِهِ.
ــ
[حاشية العبادي]
كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: اشْتِرَاطَ إلَخْ) كَأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ بِرّ. (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ ذَلِكَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ ثَابِتٍ. (قَوْلُهُ: لِغَيْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ رَافِعًا. (قَوْلُهُ: فَانْغَمَسَ فِيهِ آخَرُ) يَنْبَغِي فِيمَا لَوْ نَزَلَ جُنُبٌ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَنَوَى ثُمَّ نَزَلَ فِيهِ آخَرُ وَنَوَى أَنْ لَا يَرْتَفِعَ حَدَثُ الثَّانِي وَيَرْتَفِعَ حَدَثُ الْأَوَّلِ وَلَهُ تَطْهِيرُ بَقِيَّةِ بَدَنِهِ بِالِانْغِمَاسِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ طَهُورٌ لِعَدَمِ انْفِصَالِهِ وَعَدَمِ تَأْثِيرِهِ بِنُزُولِ الثَّانِي فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ شَيْئًا مِنْ حَدَثِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَأَمَّا بَاقِي الْفَرْضِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ بِهِ خَبَثٌ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُنُبًا وَعَلَيْهِ لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْبَدَنَ حِينَئِذٍ يُعَدُّ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ لِاتِّحَادِ جِنْسِ الْمُوجِبِ وَعَدَمِ اخْتِصَاصِ تَطْهِيرِهِ بِعُضْوٍ مُعَيَّنٍ فَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ نَزَلَ الْمَاءُ مِنْ مَحَلٍّ مِنْ الْجُنُبِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ مِنْهُ بَعْدَ تَطْهِيرِ مَا بَيْنَهُمَا عَنْ الْجَنَابَةِ طَهُرَ الْمَحَلُّ الثَّانِي عَنْ الْجَنَابَةِ كَالْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِأَسْفَلِهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَرَأَ الْأَسْفَلُ بَعْدَ الْمُرُورِ بِالْأَعْلَى م ر. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِأَسْفَلِهِمَا) بِسَيَلَانٍ مِنْ غَيْرِ انْفِصَالٍ أَوْ مَعَهُ حَيْثُ يَغْلِبُ التَّقَاذُفُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بَاقِي الْفَرْضِ) كَأَنَّهُ مُقَابِلُ قَوْلِهِ أَوَّلًا لَا يَكُونُ رَافِعًا لِغَيْرِهِ وَلَا لَهُ إذَا انْفَصَلَ عَنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَأَقْرَبُ مِنْهُ أَنَّهُ مُقَابِلُ قَوْلِهِ: إنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي فَرْضٍ لَا يَرْفَعُ غَيْرَهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: صَبَّ مِنْهُ عَلَى الْبَاقِي) يَخْرُجُ بِالصَّبِّ فِي صُورَةِ الِاغْتِرَافِ بِالْيَدِ مَا لَوْ أَدْخَلَهَا
ــ
[حاشية الشربيني]
التَّعَلُّقِ بِلَا يَكُونُ رَافِعًا لَيْسَتْ لِلتَّبْيِينِ بَلْ لِلتَّعْدِيَةِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: اشْتِرَاطُ) بَيَانٌ لِلْمُتَعَلِّقِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَفِي الْأَوَّلِ هُوَ الِاشْتِرَاطُ وَفِي الثَّانِي هُوَ رَافِعًا اهـ. (قَوْلُهُ: إلَى أُخْرَى) خَرَجَ انْفِصَالُهُ إلَى مَا يُسَنُّ غَسْلُهُ كَالسَّاعِدِ فَلَا يَصِيرُ بِهِ مُسْتَعْمَلًا عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ: الْجُنُبُ الْمُنْغَمِسُ) مِثْلُهُ الْمُحْدِثُ حَدَثًا أَصْغَرَ إذَا تَوَضَّأَ بِالِانْغِمَاسِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَهُوَ قَرِيبٌ. اهـ.؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِيهِ تَقْدِيرِيٌّ لَا حِسِّيٌّ فَكَانَتْ أَعْضَاءُ وُضُوئِهِ بِمَنْزِلَةِ بَدَنِ الْجُنُبِ. (قَوْلُهُ: لِرَفْعِ حَدَثِهِ الْأَوَّلِ) أَيْ: وَإِنَّمَا قَالُوا لَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا مَا دَامَ عَلَى الْعُضْوِ لِلْحَاجَةِ إلَى رَفْعِ بَاقِيهِ فَمَتَى رَفَعَ الْحَدَثَ فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ وَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ اهـ. (قَوْلُهُ: الْخُوَارِزْمِيَّ) نِسْبَةٌ لِخُوَارِزْمَ بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ مَعْنَى خُوَارِزْمَ هَيِّنٌ حَرْبُهَا؛ لِأَنَّهَا فِي سَهْلَةٍ لَا جَبَلَ بِهَا. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْبَحْثُ) أَيْ: قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَاهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: أَنَّ صُورَةَ إلَخْ فَلَا يُحْكَمُ بِعَدَمِ الرَّفْعِ إلَّا بَعْدَ الِانْفِصَالِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالِاسْتِعْمَالِ اهـ.
(قَوْلُهُ: إلَى الِانْفِصَالِ) أَيْ: بِكُلِّيَّتِهِ. (قَوْلُهُ: فَجَوَابُهُ إلَخْ) أَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ صُورَتُهُ مُسْتَمِرَّةٌ إلَى انْفِصَالِ الْمَاءِ فَيَلْحَقُ مَا بَعْدَ زَوَالِ الْحَدَثِ فِيهِ بِمَا قَبْلَهُ تَبَعًا كَالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: صُورَةَ الِاسْتِعْمَالِ) يُفِيدُ أَنَّ حَقِيقَةَ الِاسْتِعْمَالِ انْقَضَتْ بِرَفْعِ الْحَدَثِ وَالْبَاقِي صُورَتُهُ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ) أَيْ: الْمُغْتَسِلِ سَوَاءٌ كَانَ جُنُبًا أَوْ لَا سم. (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَجْمُوعِ لَوْ نَزَلَ الْمَاءُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ وَلَوْ صَبَّ الْجُنُبُ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ وَكَانَ عَلَى ظَهْرِهِ نَجَاسَةٌ فَنَزَلَ عَلَيْهَا فَأَزَالَهَا فَإِنْ قُلْنَا الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْحَدَثِ يَصْلُحُ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ طَهُرَ الْمَحَلُّ عَنْ النَّجَاسَةِ وَهَلْ يَطْهُرُ عَنْ الْجَنَابَةِ؟ قَالَ الرُّويَانِيُّ: فِيهِ الْوَجْهَانِ وَإِنْ قُلْنَا الْمُسْتَعْمَلُ لِلْحَدَثِ لَا يَصْلُحُ لِلنَّجَسِ قَالَ الرُّويَانِيُّ: فَفِي طَهَارَتِهِ عَنْ النَّجَسِ هُنَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَطْهُرُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَائِمٌ عَلَى الْمَحَلِّ وَإِنَّمَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِالِانْفِصَالِ وَالثَّانِي لَا يَطْهُرُ؛ لِأَنَّا لَا نَجْعَلُ الْمَاءَ فِي حَالِ تَرَدُّدِهِ عَلَى الْعُضْوِ مُسْتَعْمَلًا لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ فِي الطَّهَارَةِ الْوَاحِدَةِ وَهَذِهِ طَهَارَةٌ أُخْرَى فَعَلَى هَذَا يَجِبُ تَطْهِيرُ هَذَا الْمَحَلِّ عَنْ النَّجَاسَةِ، وَهَلْ يَكْفِيهِ الْغَسْلَةُ الْوَاحِدَةُ فِيهِ عَنْ النَّجَسِ وَالْجَنَابَةِ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ اهـ.
(قَوْله وَقُلْنَا مُسْتَعْمَلُ الْحَدَثِ إلَخْ) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ لَا جَنَابَةَ بِهِ وَلَوْ جَرَى الْمَاءُ عَلَى الِاتِّصَالِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ) لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَلَا يُزِيلُ النَّجَسَ كَالْمَاءِ النَّجِسِ اهـ مَجْمُوعٌ. (قَوْلُهُ: أَوْجَهُ) لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِمْ: بَدَنُ الْجُنُبِ كَعُضْوٍ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ الِاسْتِعْمَالُ فِي الْحَدَثِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ غَسْلِ الْبَدَنِ كُلِّهِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بَاقِي الْفَرْضِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ: لَا يَرْفَعُ غَيْرَ الْمُلَاقِي أَوَّلًا كَذَا فِي التَّحْقِيقِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا صَبَّ مِنْهُ عَلَى الْبَاقِي بِالِاغْتِرَافِ بِيَدِهِ إلَخْ) هَذَا حُكْمُ مَا صَبَّ
ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ غَرَفَ غُرْفَةً بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ فِي الْوُضُوءِ بِلَا نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ فَغَسَلَ بِهَا سَاعِدَهُ بَعْدَ انْفِصَالِهَا عَنْ كَفِّهِ لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لَكِنَّ كَلَامَ الْجُوَيْنِيِّ فِي التَّبْصِرَةِ يَقْتَضِي ذَلِكَ
ــ
[حاشية العبادي]
فِي الْمَاءِ قَبْلَ تَطْهِيرِهَا ثُمَّ أَخْرَجَهَا وَأَسَالَ مَا خَرَجَ عَلَيْهَا مِنْ الْمَاءِ عَلَى مَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بَدَنِهِ مِنْ غَيْرِ انْفِصَالٍ عَنْهَا وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ، وَيُؤَيِّدُهُ التَّقْيِيدُ فِي الْقَضِيَّةِ الْآتِيَةِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ انْفِصَالِهَا عَنْ كَفِّهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَاءَ الْمُغْتَرَفَ مِنْهُ هُنَاكَ قَبْلَ الِاغْتِرَافِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ وَلَمْ يَرْفَعْ شَيْئًا بِخِلَافِهِ هُنَا وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ هُنَا وَرَفْعَهُ لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُهُ بَعْدُ لِعَدَمِ انْفِصَالِهِ وَإِلَّا لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُ الْيَدِ بِغَمْسِهَا فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَصَلَ الْمَاءُ إلَى كَعْبَيْهِ مَثَلًا ثُمَّ رَفَعَ قَدَمَهُ مِنْ الْمَاءِ وَقَلَبَهُ فَسَالَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ إلَى سَاقِهِ فَإِنَّهُ يُطَهِّرُهُ، كَمَا لَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِيهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَدَمِهِ وَيَدِهِ إذَا غَمَسَهَا فِي الْمَاءِ ثُمَّ رَفَعَهَا وَأَسَالَ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْمَاءِ إلَى ذِرَاعَيْهِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَإِنْ نَوَى جُنُبَانِ مَعًا بَعْدَ تَمَامِ الِانْغِمَاسِ فِيهِ أَيْ: فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ طُهْرًا أَوْ مُرَتَّبًا فَالْأَوَّلُ أَوْ مَعًا فِي أَثْنَائِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ عَنْ بَاقِيهِمَا اهـ.
(قَوْلُهُ: بِلَا نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِرَافِ تَمْنَعُ الِاسْتِعْمَالَ فَلَوْ نَوَى الِاغْتِرَافَ وَرَفْعَ الْحَدَثِ فَالْمُتَّجَهُ حُصُولُ الِاسْتِعْمَالِ لِوُجُودِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَنِيَّةِ الِاغْتِرَافِ لَا يُنَافِيهَا؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْيَدِ فِي الْمَاءِ يَصْلُحُ لِرَفْعِ حَدَثِهَا وَالِاغْتِرَافِ لِغَيْرِهَا مَثَلًا مَعًا وَلَوْ سَلِمَ فَيَتَعَارَضَانِ وَيَتَسَاقَطَانِ وَكَأَنْ لَا نِيَّةَ مُطْلَقًا وَذَلِكَ يَقْتَضِي الِاسْتِعْمَالَ وَلَوْ اغْتَرَفَ بِإِنَاءٍ فِي يَدِهِ فَاتَّصَلَتْ فَإِنْ قَصَدَ الِاغْتِرَافَ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَمَلْءِ هَذَا الْإِنَاءِ مِنْ الْمَاءِ فَلَا اسْتِعْمَالَ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مُطْلَقًا فَهَلْ يَنْدَفِعُ الِاسْتِعْمَالُ؛ لِأَنَّ الْإِنَاءَ قَرِينَةٌ عَلَى الِاغْتِرَافِ دُونَ رَفْعِ الْحَدَثِ كَمَا لَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ بَعْدَ غَسْلَةِ الْوَجْهِ الْأُولَى مَنْ اعْتَادَ التَّثْلِيثَ حَيْثُ لَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا لِقَرِينَةِ اعْتِيَادِ التَّثْلِيثِ أَوْ يَصِيرُ؟ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَادَةَ تُوجِبُ عَدَمَ دُخُولِ وَقْتِ غَسْلِ الْيَدِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْيَدَ دَخَلَتْ فِي وَقْتِ غَسْلِهَا. فِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ الثَّانِي م ر وَلَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ فِي التَّثْلِيثِ بِأَنْ كَانَ تَارَةً يُثَلِّثُ وَأُخْرَى لَا يُثَلِّثُ وَاسْتَوَيَا فَهَلْ يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ الِاغْتِرَافِ بَعْدَ غَسْلَةِ الْوَجْهِ الْأُولَى؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ عِنْدَ أَوَّلِ مُمَاسَّةٍ لِمَاءٍ فَإِنْ تَأَخَّرَتْ فَلَا أَثَرَ لَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَنْ ذَكَرَ خِلَافَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ انْفِصَالِهَا) لَعَلَّهُ بِلَا تَقَاذُفٍ بِغَلَبٍ أَمَّا لَوْ انْفَصَلَ مِنْ كَفِّهِ لِسَاعِدِهِ بِالتَّقَاذُفِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ حَدَثَ السَّاعِدِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
عَلَيْهِ بِيَدِهِ وَأَمَّا يَدُهُ فَإِنْ أَدْخَلَهَا نَاوِيًا الِاغْتِرَافَ دُونَ رَفْعِ حَدَثِهَا صَارَ الْمَاءُ الْمُنْفَصِلُ مَعَهَا مُسْتَعْمَلًا بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ مَعَهَا فَلَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهَا بِهِ وَإِنْ أَدْخَلَهَا نَاوِيًا رَفْعَ حَدَثِهَا فَلَا رَيْبَ فِي ارْتِفَاعِ حَدَثِهَا بِمُجَرَّدِ الْغَمْسِ وَيَكُونُ الْمَاءُ الْمُنْفَصِلُ مَعَهَا غَيْرَ مَحْكُومٍ لَهُ بِالِاسْتِعْمَالِ؛ لِأَنَّ اتِّصَالَهُ بِالْيَدِ اتِّصَالٌ بِبَعْضِ الْمُنْغَمِسِ نَظَرًا إلَى أَنَّ جَمِيعَ الْبَدَنِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ وَحِينَئِذٍ يُتَّجَهُ رَفْعُ حَدَثِ سَاعِدِهَا بِهِ إذَا جَرَى إلَيْهِ الْمَاءُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ غَرَفَ إلَخْ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَكَانَ قَدْ رَفَضَ نِيَّتَهُ ثُمَّ نَوَى رَفْعَ حَدَثِهَا بَعْدَ إخْرَاجِهَا بِمَا فِيهَا مِنْ الْمَاءِ فَإِذَا انْفَصَلَ ذَلِكَ الْمَاءُ الَّذِي اغْتَرَفَهُ بِيَدِهِ عَنْهَا بِأَنْ وَضَعَهُ فِي يَدِهِ الْأُخْرَى أَوْ فِي إنَاءٍ ثُمَّ غَسَلَ بِهِ سَاعِدَهُ بَعْدَ الِانْفِصَالِ فَإِنَّهُ لَا يَرْفَعُ حَدَثَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ انْفَصَلَ مِنْ يَدِهِ إلَى سَاعِدِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي م ر وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ وَالسَّاعِدَ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ اهـ. بَقِيَ مَا لَوْ أَخَذَ الْمَاءَ بِيَدَيْهِ مَعًا بِلَا نِيَّةِ اغْتِرَافٍ مِنْ مَاءِ قَلِيلٍ أَوْ إبْرِيقٍ أَوْ حَنَفِيَّةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَغْسِلَ بِمَا فِيهِمَا بَاقِيَ إحْدَاهُمَا وَلَا بَاقِيَهُمَا لِرَفْعِ الْمَاءِ حَدَثَ الْكَفَّيْنِ فَمَتَى غَسَلَ بَاقِيَ إحْدَاهُمَا فَقَدْ انْفَصَلَ مَا غَسَلَ بِهِ عَنْ الْأُخْرَى وَذَلِكَ يُصَيِّرُهُ مُسْتَعْمَلًا. أَمَّا لَوْ نَوَى الِاغْتِرَافَ بِأَنْ يَقْصِدَ أَنَّ الْيُسْرَى مُعِينَةٌ لِلْيُمْنَى فِي أَخْذِ الْمَاءِ فَلَهُ أَنْ يَغْسِلَ بِمَا فِي كَفِّ الْيُمْنَى بَاقِيَهَا اهـ. قَوْلُنَا: وَذَلِكَ يُصَيِّرُهُ مُسْتَعْمَلًا خَالَفَ فِيهِ م ر مُعَلِّلًا بِأَنَّ الْيَدَيْنِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ وَنَظَرَ فِيهِ ع ش اهـ وَهَذَا الَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر حَكَاهُ فِي التَّحْقِيقِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ حَيْثُ قَالَ: وَلَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا مَا دَامَ يَتَرَدَّدُ عَلَى الْعُضْوِ فَإِنْ فَارَقَهُ صَارَ وَيُقَالُ لَا مِنْ يَدٍ إلَى يَدٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِلَا نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ) الِاغْتِرَافُ عِبَارَةٌ عَنْ جَعْلِ الْيَدِ آلَةً لِنَقْلِ الْمَاءِ عِنْدَ مُلَاقَاةِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهَا لَهُ وَنِيَّتُهُ قَصْدُ نَقْلِ الْمَاءِ مِنْ الْإِنَاءِ وَالْغَسْلِ بِهِ خَارِجَهُ لَا بِقَصْدِ غَسْلِهَا دَاخِلَهُ. وَفِي وُجُوبِهَا لِعَدَمِ الِاسْتِعْمَالِ خِلَافٌ فَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى وُجُوبِهَا وَقِيلَ لَا تَجِبُ وَلَا يُسْتَعْمَلُ الْمَاءُ بِدُونِهَا لِقَرِينَةِ الِاغْتِرَافِ فَبَعْدَ غَسْلِ يَدَيْهِ وَانْتَصَرَ لَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ كَذَا فِي الْإِيعَابِ شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ وَفِي التَّحْقِيقِ لِلْإِمَامِ النَّوَوِيِّ وَلَوْ أَدْخَلَ مُتَوَضِّئٌ يَدَهُ بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ فِي دُونِ قُلَّتَيْنِ بِنِيَّةِ اغْتِرَافٍ لَمْ يَصِرْ أَيْ: مُسْتَعْمَلًا أَوْ طَهَارَةٍ صَارَ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ اهـ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ كَلَامَ الْجُوَيْنِيِّ فِي التَّبْصِرَةِ إلَخْ) التَّبْصِرَةُ اسْمُ كِتَابٍ لَهُ وَيُسَمَّى أَيْضًا الْكِفَايَةَ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ بَنَاهُ عَلَى فَرْعٍ قَالَهُ الْخُضَرِيُّ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ غَمَسَ جُنُبٌ بَعْضَهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَنَوَى
وَلَوْ بِدُونِ انْفِصَالِ الْغُرْفَةِ حَتَّى قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمِنْ كَلَامِهَا يُسْتَفَادُ أَنَّ انْفِصَالَ الْعُضْوِ مَعَ الْمَاءِ يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِاسْتِعْمَالِهِ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِالْعُضْوِ اهـ. وَمَا قِيلَ: إنَّ مَا فِي التَّبْصِرَةِ ضَعِيفٌ بِخِلَافِ مَا فِي الْمَجْمُوعِ صَحِيحٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا فِيهَا عَلَى مَا إذَا انْفَصَلَ الْمَاءُ عَنْ الْكَفِّ كَمَا قَرَرْنَاهُ وَلَوْ انْفَصَلَ مَاءُ الْجُنُبِ مِنْ عُضْوٍ إلَى آخَرَ فَوَجْهَانِ الْأَصَحُّ عِنْدَ صَاحِبَيْ الْحَاوِي وَالْبَحْرِ مَنْعُ اسْتِعْمَالِهِ وَرَجَّحَ الْخُرَاسَانِيُّونَ خِلَافَهُ حَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَرَجَّحَ فِي تَحْقِيقِهِ الثَّانِيَ.
وَوَهِمَ مَنْ قَالَ إنَّهُ رَجَّحَ فِيهِ الْأَوَّلَ وَعِبَارَتُهُ فِيهِ: وَلَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا مَا دَامَ يَتَرَدَّدُ عَلَى الْعُضْوِ فَإِنْ فَارَقَهُ صَارَ مُسْتَعْمَلًا، وَبَدَنُ جُنُبٍ كَعُضْوِ مُحْدِثٍ.
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَإِنْ نَوَى جُنُبَانِ مَعًا بَعْدَ تَمَامِ الِانْغِمَاسِ فِيهِ أَيْ: فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ طُهْرًا أَوْ مُرَتَّبًا فَالْأَوَّلُ وَيَصِيرُ الْمَاءُ فِي الْمَعِيَّةِ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ كُلٍّ بِالنِّسْبَةِ لِلْآخَرِ حَتَّى لَوْ عَرَضَ لَهُمَا حَدَثٌ آخَرُ وَهُمَا مُنْغَمِسَانِ وَنَوَيَا لَمْ يَرْتَفِعْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَقَوْلُهُ: أَوْ مُرَتَّبًا فَالْأَوَّلُ أَيْ: وَلَهُ تَتْمِيمُ الِانْغِمَاسِ إذَا كَانَتْ النِّيَّةُ قَبْلَ تَمَامِهِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ كَالْعَدَمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْتَفِعْ شَيْءٌ مِنْ حَدَثِهِ. (قَوْلُهُ: فَوَجْهَانِ الْأَصَحُّ إلَخْ) لَا يُقَالُ ثُبُوتُ الْخِلَافِ هُنَا يُنَافِيهِ نَفْيُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَجْمُوعِ السَّابِقَةِ فِي الشَّرْحِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الِانْفِصَالِ وَهُنَاكَ فِي الْفَصْلِ بِرّ. (قَوْلُهُ: رَجَّحَ فِيهِ الْأَوَّلَ) بَرْهَنَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ عَلَى تَصْوِيبِ هَذَا.
ــ
[حاشية الشربيني]
ارْتَفَعَ حَدَثُ الْمُنْغَمِسِ وَصَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاقِي.
(قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) اعْتَمَدَ الْإِسْنَوِيُّ هَذَا الْمُسْتَفَادَ مِنْ التَّبْصِرَةِ مَعَ تَفَرُّعِهِ عَلَى فَرْعِ الْخُضَرِيِّ وَقَدْ نَقَلَ هُوَ رُجُوعَ الْخُضَرِيِّ عَنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: حَتَّى قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ) وَمِنْ كَلَامِهَا يُسْتَفَادُ إلَخْ عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ بَعْدَ نَقْلِ هَذَا الْفَرْعِ عَنْ التَّبْصِرَةِ وَاعْتِمَادِهِ لَهُ نَصُّهَا: قَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْهُ أَنَّ انْفِصَالَ الْعُضْوِ مَعَ الْمَاءِ يَقْتَضِي الْحُكْمَ عَلَى الْمَاءِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مُتَّصِلًا بِهِ فَتَفَطَّنْ لِهَذِهِ الصُّورَةِ فَإِنَّهَا مُقَيِّدَةٌ لِإِطْلَاقِ الْأَصْحَابِ انْتَهَى. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ فَجَعَلَ مَقَالَةَ الْإِسْنَوِيِّ غَايَةً مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِسْنَوِيَّ جَعَلَ ذَلِكَ الْمُسْتَفَادَ تَقْيِيدًا لِإِطْلَاقِ الْأَصْحَابِ مُعْتَمَدًا لَهُ اهـ وَمُرَادُهُ بِإِطْلَاقِ الْأَصْحَابِ إطْلَاقُهُمْ أَنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْعُضْوِ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ فَيُقَيَّدُ بِأَنْ لَا يَنْفَصِلَ الْعُضْوُ مَعَ الْمَاءِ عَنْ الْمَاءِ الْقَلِيلِ.
(قَوْلُهُ: أَنَّ انْفِصَالَ الْعُضْوِ مِنْ الْمَاءِ) أَيْ: مِنْ الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ فِي حِكَايَةِ عِبَارَةِ التَّبْصِرَةِ لَوْ غَرَفَ بِيَدِهِ غُرْفَةً مِنْ مَاءٍ قَلِيلٍ بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ فِي الْوُضُوءِ بِلَا نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ فَغَسَلَ بِهَا سَاعِدَهُ لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مُسْتَعْمَلًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِدُونِ انْفِصَالِ الْغُرْفَةِ) أَيْ: إلَى إنَاءٍ أَوْ يَدٍ أُخْرَى مَثَلًا اهـ بِأَنْ بَقِيَتْ فِي كَفِّهِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَوْ بِدُونِ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ السَّابِقِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ عَلَى بَحْثِهِ لَيْسَ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ لِبَاقِي الْفَرْضِ بِخِلَافِ مَا هُنَا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْمَلَ إلَخْ) فَلَا يَجِيءُ هَذَا الِاقْتِضَاءُ وَلَا قَوْلُ صَاحِبِ الْمُهِمَّاتِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ انْفَصَلَ إلَخْ) أَيْ: فَارَقَ الْبَدَنَ كُلَّهُ ثُمَّ عَادَ إلَى عُضْوٍ آخَرَ وَلِذَا قَالَ حَجَرٌ فِي الْإِيعَابِ: إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ يُصَوَّرُ بِمَا إذَا نَزَلَ الْمَاءُ مِنْ وَجْهِهِ إلَى صَدْرِهِ وَقَطَعَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْأَعْضَاءِ أَمَّا إذَا انْتَقَلَ مِنْ عُضْوٍ إلَى عُضْوٍ عَلَى الِاتِّصَالِ الْمَحْسُوسِ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ كَمَا لَوْ انْتَقَلَ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ فِي الْوُضُوءِ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ ثُمَّ أَفَادَ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ هُوَ مَا لَوْ انْفَصَلَ إلَى مَا لَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّقَاذُفُ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ قَطْعًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّ الْبَدَنَ لَيْسَ مُسَطَّحًا بَسِيطًا لِتَفَاوُتِ الْأَعْضَاءِ فِي الْخِلْقَةِ فَيَقَعُ فِي جَرَيَانِ الْمَاءِ بَعْضُ التَّقَاذُفِ لَا مَحَالَةَ اهـ.
وَمِنْهُ يُؤْخَذُ ضَابِطُ مَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّقَاذُفُ وَمَا لَا يَغْلِبُ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ ثُمَّ قَالَ فِيهِ أَيْضًا وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ مَا فِي الرَّوْضِ وَالْبَحْرِ وَالْحَاوِي مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى انْفِصَالِ مَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّقَاذُفُ، وَعَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ يُحْمَلُ عَلَى مَا لَمْ يَغْلِبْ فِيهِ ذَلِكَ اهـ. أَيْ: وَحِينَئِذٍ لَا خِلَافَ وَلَا تَرْجِيحَ اهـ لَكِنَّ النَّوَوِيَّ أَدْرَى بِذَلِكَ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ: نَبَّهَ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ عَلَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَنْفَصِلَ الْمَاءُ عَنْ الْبَدَنِ بِالْكُلِّيَّةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ: بِأَنْ يَخْرُجَ عَنْ الْبَدَنِ وَيَخْرِقَ الْهَوَاءَ ثُمَّ يَرْجِعَ إلَيْهِ كَأَنْ يَنْفَصِلَ عَنْ رَأْسِهِ وَيَتَقَاطَرَ عَلَى فَخِذِهِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا قَطْعًا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ اهـ.
(قَوْلُهُ: يُزِيلُهُ) لِأَنَّ لِلْمَاءِ حُكْمَيْنِ: رَفْعُ الْحَدَثِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ فَإِذَا رَفَعَ الْحَدَثَ بَقِيَ إزَالَةُ النَّجَسِ. (قَوْلُهُ: الْحَاوِي) لِلْإِمَامِ الْمَاوَرْدِيِّ قَوْلُهُ: وَالْبَحْرِ لِلرُّويَانِيِّ. (قَوْلُهُ: الْخُرَاسَانِيُّونَ) أَيْ: مُعْظَمُهُمْ وَبَعْضُهُمْ قَطَعَ بِهِ عَمِيرَةُ عَنْ النَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: حَكَاهُ النَّوَوِيُّ) أَيْ: هَذَا الْخِلَافَ. (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ فِي تَحْقِيقِهِ الثَّانِيَ) قَالَهُ صَاحِبُ الْمُهِمَّاتِ وَتَبِعَهُ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَالشَّارِحُ هُنَا. (قَوْلُهُ: مَنْ قَالَ إلَخْ) يَعْنِي بِهِ الْبُلْقِينِيَّ وَالزَّرْكَشِيَّ وَغَيْرَهُمَا فَقَدْ نُسِبُوا إلَى تَصْحِيحِ التَّحْقِيقِ الْأَوَّلِ عَمِيرَةُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَارَقَهُ صَارَ) أَيْ: إنْ فَارَقَهُ بِأَنْ خَرَقَ الْهَوَاءَ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا قَطْعًا كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَبَدَنُ جُنُبٍ كَعُضْوِ مُحْدِثٍ) أَيْ: إنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَيْهِ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا فَإِنْ فَارَقَهُ بِأَنْ انْفَصَلَ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ
وَقِيلَ: لَا يَضُرُّ انْفِصَالُهُ إلَى بَاقِي بَدَنِهِ اهـ نَعَمْ مَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّقَاذُفُ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا لِلْعُذْرِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي التَّيَمُّمِ.
وَعَطَفَ النَّاظِمُ عَلَى مَا اُسْتُعْمِلَ قَوْلَهُ (وَلَمْ يُغَيَّرْ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ بِحَيْثُ يَحْدُثُ اسْمُهُ) أَيْ: اسْمٌ لَهُ بِالتَّغَيُّرِ (وَلَوْ) كَانَ التَّغَيُّرُ (بِتَقْدِيرِ) خَلِيطٍ (مُخَالِفٍ) لِلْمَاءِ فِي أَحَدِ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ بِأَنْ خَالَطَهُ مَا يُوَافِقُهُ فِيهَا
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُغَيَّرْ) أَيْ: لَمْ يُغَيَّرْ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ أَوْ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ تُفِيدُ عُمُومَ النَّفْيِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِتَقْدِيرِ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ بِتَقْدِيرِ الْخَلِيطِ الْمُوَافِقِ خَلِيطًا مُخَالِفًا وَسَطًا.
ــ
[حاشية الشربيني]
كَأَنْ انْفَصَلَ مِنْ رَأْسِهِ وَتَقَاطَرَ عَلَى فَخِذِهِ صَارَ مُسْتَعْمَلًا وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَا يَغْلِبُ إلَيْهِ التَّقَاذُفُ وَإِلَّا فَهُوَ عَفْوٌ قَطْعًا، نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ وَنَقَلَ كُلَّ ذَلِكَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَضُرُّ انْفِصَالُهُ) أَيْ: لَا يَضُرُّ انْفِصَالُهُ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ ثُمَّ عَوْدُهُ إلَيْهِ فِيمَا لَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّقَاذُفُ وَكَانَ لَا عَنْ قَصْدٍ. قَالَ الْإِمَامُ: وَأَمَّا التَّقَاذُفُ النَّادِرُ فَإِنْ كَانَ عَنْ قَصْدٍ فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ وَإِنْ اتَّفَقَ بِلَا قَصْدٍ لَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يُعْفَى عَنْهُ فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ كَانَ يَقَعُ مِثْلُ هَذَا لِلْأَوَّلِينَ وَلَمْ يَقَعْ عَنْهُ بَحْثٌ مِنْ سَائِلٍ اهـ. هَذَا وَاعْتَرَضَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَلَى الشَّارِحِ وَقَالَ: إنَّ الَّذِي فِي التَّحْقِيقِ تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ: وَبَدَنُ جُنُبٍ كَعُضْوِ مُحْدِثٍ. وَقِيلَ: لَا وَيَضُرُّ انْفِصَالُهُ إلَى بَاقِي بَدَنِهِ فَقَوْلُهُ: وَيَضُرُّ انْفِصَالُهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْوَجْهِ الثَّانِي. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطُ الْوَاوِ مِنْ وَيَضُرُّ وَهِيَ الْوَاقِعَةُ لِلْإِسْنَوِيِّ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَالْكَلَامُ عَلَيْهَا غَيْرُ مُنْتَظِمٍ لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ اتِّحَادِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَبَدَنُ جُنُبٍ كَعُضْوِ مُحْدِثٍ. أَنَّ الِانْفِصَالَ مِنْ بَعْضِهِ إلَى بَعْضٍ لَا يَضُرُّ كَمَا لَا يَضُرُّ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ اهـ. وَقَدْ عَرَفْت تَوْجِيهَ كَلَامِ الشَّارِحِ وَأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَاءَ فَارَقَ الْبَدَنَ بِالْمَرَّةِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّقَاذُفُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَحِينَئِذٍ فَحَاصِلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَاءَ إذَا فَارَقَ بَدَنَ الْجُنُبِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ فِيمَا لَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّقَاذُفُ صَارَ مُسْتَعْمَلًا كَمَاءِ الْعُضْوِ الْوَاحِدِ. وَحَاصِلُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا تَضُرُّ هَذِهِ الْمُفَارَقَةُ فِي بَدَنِ الْجُنُبِ لِمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ وَلِأَنَّ الِانْتِقَالَ فِي الْغُسْلِ كُلِّهِ غَالِبٌ فَفُرِّقَ بَيْنَ عُضْوِ الْوُضُوءِ وَبَدَنِ الْجُنُبِ فِي الِانْتِقَالِ إلَى مَا لَا يَغْلِبُ إلَيْهِ التَّقَاذُفُ وَبِهِ تُعْلَمُ دِقَّةُ نَظَرِ الشَّارِحِ وَأَنَّ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ تَبَعًا لِحَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مِنْ التَّحَامُلِ بِمَكَانٍ وَالْعَجَبُ مِنْ نَقْلِهِ تَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ بِالِانْفِصَالِ إلَى مَا لَا يَغْلِبُ إلَيْهِ التَّقَاذُفُ مَعَ حُكْمِهِ بِاتِّحَادِ الْوَجْهَيْنِ وَمِنْ جَعْلِهِ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَبَدَنُ جُنُبٍ إلَخْ مَا ذَكَرَهُ مَعَ مُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ: وَقِيلَ لَا يَضُرُّ. الْمُقْتَضِيَةِ لَأَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَعُضْوِ الْمُحْدِثِ فِي ضَرَرِ الِانْتِقَالِ اهـ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ مَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّقَاذُفُ إلَخْ) ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا لَا يَتَأَتَّى الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْجَوَاهِرِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ وَقَدْ مَرَّ وَقَالَ حَجَرٌ فِي الْإِيعَابِ: يُتَّجَهُ ضَبْطُهُ بِمَا يَغْلِبُ فِيهِ الِانْتِقَالُ عَلَى الِاتِّصَالِ مَعَ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ وَالْمِزَاجِ وَالزَّمَنِ كَالْمُنْتَقِلِ إلَى مَوْضِعِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَهُمَا مَوْضِعُ طَهَارَتِهِ تِلْكَ اسْتِحْبَابًا فَهُوَ مَحَلُّهَا فَلَمْ يُعَدَّ مُنْفَصِلًا حُكْمًا بِخِلَافِ الْمُجَاوِرِ لِمَحَلِّهِمَا فَإِنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَ تِلْكَ الطَّهَارَةِ لَا وُجُوبًا وَلَا اسْتِحْبَابًا فَيَكُونُ مُنْفَصِلًا حُكْمًا فَثَبَتَ لَهُ الِاسْتِعْمَالُ وَإِنْ انْتَقَلَ عَلَى الِاتِّصَالِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُغَيَّرْ لَوْنُهُ) أَيْ: الْكُلُّ أَمَّا إذَا تَغَيَّرَ لَوْنُ بَعْضِهِ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ فَلَا يَضُرُّ اسْتِعْمَالُ مَا لَا تَغَيُّرَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ قُلَّتَيْنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَغَيَّرَ بَعْضُهُ بِالنَّجَاسَةِ ظَاهِرٌ. اهـ. إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَحْدُثُ اسْمُهُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ رحمه الله: كَانَ اسْمُ الْمَاءِ عَرِيًّا عَنْ الْإِضَافَاتِ غَيْرَ مَوْضُوعٍ لِلْحَقِيقَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْمَاءِ وَمَاءِ الزَّعْفَرَانِ مَثَلًا بَلْ لِمَا لَا يَتَفَاحَشُ تَغَيُّرُ صِفَاتِهِ الْأَصْلِيَّةِ اهـ.
لَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ التَّفَاحُشُ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ مَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّقَاذُفُ إلَخْ) ضَبَطَهُ حَجَرٌ بِمَا يَجْرِي إلَيْهِ الْمَاءُ عَلَى الِاتِّصَالِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْإِمَامِ اهـ. (قَوْلُهُ: يَحْدُثُ اسْمُهُ) بِأَنْ يُسَمَّى بِاسْمٍ آخَرَ أَوْ يُضَمَّ لِاسْمِهِ قَيْدٌ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَيْ: اسْمٌ لَهُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ لَيْسَ الْمُرَادُ اسْمَهُ السَّابِقَ. (قَوْلُهُ: بِتَقْدِيرِ) وَقِيلَ لَا يُقَدَّرُ بَلْ إنْ غَلَبَ الْمَاءُ فَطَهُورٌ أَوْ الْمُخَالِطُ فَلَا لَكِنَّهُ خَاصٌّ بِالطَّاهِرِ. (قَوْلُهُ: فِي أَحَدِ الْأَوْصَافِ) إشَارَةٌ إلَى كَيْفِيَّةِ التَّقْدِيرِ وَهُوَ أَنَّا نَفْرِضُ مُغَيِّرًا لِلَّوْنِ مَثَلًا فَإِنْ حُكِمَ بِتَغْيِيرٍ حُكِمَ بِسَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ وَإِلَّا فُرِضَ مُغَيِّرُ الطَّعْمِ وَهَكَذَا وَلَا حَاجَةَ إلَى فَرْضِ الثَّلَاثَةِ مَعًا.
(قَوْلُهُ: مَا يُوَافِقُهُ فِيهَا) يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا وَافَقَ فِي بَعْضِهَا وَخَالَفَ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ لَا تَقْدِيرَ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ مِنْ الْبَعِيدِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ مِلْحٌ جَبَلِيٌّ مَثَلًا بَاقِي الطَّعْمِ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ بِطَعْمِهِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ إلَّا هُوَ، فِي الْوَاقِعِ أَنَّا نَفْرِضُ لَهُ لَوْنًا أَوْ رِيحًا مُخَالِفًا إذْ لَيْسَ لَهُ وَصْفٌ مَفْقُودٌ مِنْ شَأْنِهِ الْوُجُودُ حَتَّى نُقَدِّرَ بَدَلَهُ ثُمَّ إنَّ تَقْدِيرَ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ بَدَلٌ عَنْ الْمَفْقُودِ الَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِهِ الْوُجُودُ
كَمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ أَوْ مَاءِ شَجَرٍ أَوْ عَرَقٍ؛ لِأَنَّهُ لِمُوَافَقَتِهِ لَا يُغَيَّرُ فَاعْتُبِرَ بِغَيْرِهِ كَالْحُكُومَةِ (وَسَطْ) فِي الصِّفَاتِ كَلَوْنِ الْعَصِيرِ وَطَعْمِ الرُّمَّانِ وَرِيحِ اللَّاذَنِ فَلَا يُقَدَّرُ بِالْأَشَدِّ كَلَوْنِ الْحِبْرِ وَطَعْمِ الْخَلِّ وَرِيحِ الْمِسْكِ بِخِلَافِ الْخَبَثِ كَمَا سَيَأْتِي لِغِلَظِهِ.
وَاعْتَبَرَ الرُّويَانِيُّ الْأَشْبَهَ بِالْخَلِيطِ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ صِفَةَ الْخَلِيطِ الْمَفْقُودَةِ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ فِي الْمُسْتَعْمَلِ (بِمَا لَهُ عَنْهُ غِنًى بِهِ اخْتَلَطَ) أَيْ: وَلَمْ يُغَيَّرْ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ بِمَا اخْتَلَطَ بِهِ وَلَهُ عَنْهُ غِنًى وَذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَوْ تَغَيَّرَ لَا بِأَحَدِ الْأَوْصَافِ فِي الثَّلَاثَةِ كَالْمُسَخَّنِ وَالْمُبَرَّدِ أَوْ بِأَحَدِهَا لَا بِمَا اخْتَلَطَ بِهِ كَالْمُتَغَيِّرِ بِمَا قَرُبَ مِنْهُ أَوْ بِطُولِ الْمُكْثِ أَوْ بِمُجَاوِرٍ كَعُودٍ وَلَوْ مُطَيَّبًا وَدُهْنٍ وَكَافُورٍ صُلْبٍ وَقَطِرَانٍ لَمْ يَخْتَلِطْ بِالْمَاءِ أَوْ بِمَا اخْتَلَطَ بِهِ وَلَا غِنًى لِلْمَاءِ عَنْهُ كَالْمُتَغَيِّرِ بِطِينٍ أَوْ طُحْلُبٍ مُتَفَتِّتٍ أَوْ نُورَةٍ أَوْ زِرْنِيخٍ بِمَقَرِّ الْمَاءِ أَوْ مَمَرِّهِ أَوْ لَهُ عَنْهُ غِنًى وَلَمْ يَحْدُثْ لَهُ اسْمٌ كَالْمُتَغَيِّرِ يَسِيرًا بِدَقِيقٍ أَوْ نَحْوِهِ فَكُلٌّ مِنْهَا يَرْفَعُ؛ لِأَنَّ الْمُتَغَيِّرَ بِمَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِهِ كَالْمُجَاوِرِ يُشْبِهُ الْمُتَغَيِّرَ بِجِيفَةٍ بِقُرْبِهِ، وَالْمُتَغَيِّرُ بِطِينٍ وَنَحْوِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَسَطٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْوَسَطُ تَقْرِيبًا وَإِلَّا فَإِثْبَاتُ الْوَسَطِ حَقِيقَةً فِي الْأَمْثِلَةِ مُشْكِلٌ. (قَوْلُهُ: صِفَةَ الْخَلِيطِ) مِثَالُهُ أَنْ يُفْرَضَ مَاءُ وَرْدٍ لَهُ رَائِحَةٌ إذَا كَانَ الْمُخْتَلِطُ مَاءَ وَرْدٍ لَا رَائِحَةَ لَهُ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ بِرّ. (قَوْلُهُ: مُتَفَتِّتٍ) وَأَمَّا غَيْرُ الْمُفَتَّتِ فَمُجَاوِرٌ.
ــ
[حاشية الشربيني]
كَالرِّيحِ فِي الْمَاوَرْدِ الْمُنْقَطِعِ الرَّائِحَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَصْفٍ يَدُلُّ عَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الْمَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَأْنِهِ وُجُودُهُ فِيهِ كَاللَّوْنِ فِي مَاءِ الْوَرْدِ الْمُنْقَطِعِ الرَّائِحَةِ إذْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفُقِدَ حَتَّى يُقَدَّرَ. وَوَجْهُ تَقْدِيرِ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ الْأَمْرَ إذَا آلَ إلَى التَّقْدِيرِ سُلِكَ فِيهِ الِاحْتِيَاطُ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: كَلَوْنِ الْعَصِيرِ) أَيْ: الْأَسْوَدِ أَوْ الْأَحْمَرِ مَثَلًا لَا الْأَبْيَضِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّا نَفْرِضُهُ مُخَالِفًا لِلْمَاءِ فِي اللَّوْنِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ وَلَوْ وَافَقَهُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَبَقِيَ فِيهِ الصِّفَتَانِ مَثَلًا كَمَاءِ وَرْدٍ مُنْقَطِعِ الرَّائِحَةِ لَهُ لَوْنٌ وَطَعْمٌ مُخَالِفٌ لِلَوْنِ الْمَاءِ وَطَعْمِهِ هَلْ تُعْرَضُ الْأَوْصَافُ الثَّلَاثَةُ أَوْ يُخْتَصُّ بِفَرْضِ مُغَيِّرِ الرِّيحِ الَّذِي هُوَ أَشْبَهُ بِالْخَلِيطِ.
ذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ شَيْخُنَا وَإِلَى الثَّانِي الرُّويَانِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الصِّفَتَيْنِ الْمَوْجُودَتَيْنِ بِأَنْفُسِهِمَا لَمَّا لَمْ تُغَيَّرَا فَلَا مَعْنَى لِفَرْضِهِمَا. اهـ. ح ل لَكِنَّ قَوْلَ الرَّشِيدِيِّ: إنَّ تَقْدِيرَ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ بَدَلٌ عَنْ الْمَفْقُودِ الَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِهِ الْوُجُودُ لَا أَنَّ كُلَّ وَصْفٍ يَدُلُّ عَنْ نَظِيرِهِ، يُرَجِّحُ مَا قَالَهُ شَيْخُهُ م ر فَتَدَبَّرْ. ثُمَّ إنَّ هَذَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَ الرَّشِيدِيِّ سَابِقًا أَنَّهُ إذَا وَافَقَ فِي الْبَعْضِ وَخَالَفَ فِي الْآخَرِ لَا تَقْدِيرَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ مَا وَافَقَ فِيهِ أَصْلِيًّا لَهُ كَالْمِلْحِ الَّذِي ذَكَرَهُ إذْ لَيْسَ لَهُ إلَّا الطَّعْمُ فِي الْوَاقِعِ بِخِلَافِ مَاءِ الْوَرْدِ الْمُنْقَطِعِ الرَّائِحَةِ وَلَهُ لَوْنٌ وَطَعْمٌ مُخَالِفٌ فَإِنَّ انْقِطَاعَ رَائِحَتِهِ لَيْسَ أَصْلِيًّا لَهُ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: صِفَةَ) فَلَا يُقَدَّرُ عِنْدَهُ إلَّا صِفَةٌ وَاحِدَةٌ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا لَا يُمْكِنُ) لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ فِي الصِّفَاتِ لَكِنَّهُ يُفْرَضُ مُخَالِفًا م ر. (قَوْلُهُ: الْمَفْقُودَةَ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَوْجُودَ لَا يُقَدَّرُ اهـ. (قَوْلُهُ: كَالْمُتَغَيِّرِ) أَيْ: كَتَغَيُّرِ الْمُتَغَيِّرِ وَكَذَا مَا يَأْتِي عَمِيرَةُ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمُجَاوِرٍ) أَيْ: طَاهِرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يَرِدُ النَّجِسُ. اهـ. بَكْرِيٌّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمُجَاوِرٍ) وَلَوْ غَيْرَ الطَّعْمِ أَوْ اللَّوْنِ أَوْ الرِّيحِ أَوْ الثَّلَاثَةِ كَغَيْرِهِ مِمَّا لَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ وَقِيلَ فِي الْمُجَاوِرِ خَاصَّةً إنْ غَيَّرَ الطَّعْمَ أَوْ اللَّوْنَ ظَهَرَ أَنَّهُ مُخَالِطٌ قَالَ النَّوَوِيُّ: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَالْمُتَغَيِّرِ) أَيْ: وَلَوْ كَثِيرًا. (قَوْلُهُ: أَوْ لَهُ عَنْهُ غِنًى) وَلَمْ يَحْدُثْ قَيْدٌ هُنَا بِعَدَمِ الْحُدُوثِ دُونَ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْحُدُوثَ لَا يَكُونُ إلَّا فِيمَا لَهُ عَنْهُ غِنًى إذْ مَا لَا غِنَى عَنْهُ لَا يَحْدُثُ بِهِ الِاسْمُ كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ وَغَيْرِهِ وَهَذِهِ نُكْتَةُ التَّقْيِيدِ فِي الْمَتْنِ أَيْضًا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَالْمُتَغَيِّرَ بِطِينٍ وَنَحْوِهِ) يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ. اعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ مَعَ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ هَكَذَا فَالتَّغَيُّرُ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ مُخَالِطِ طَاهِرٍ كَزَعْفَرَانٍ تَغَيُّرًا يَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ لِكَثْرَتِهِ غَيْرُ طَهُورٍ وَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرٌ لَا يَمْنَعُ الِاسْمَ لِقِلَّتِهِ وَلَا تَغَيُّرٌ بِمُكْثٍ وَطِينٍ وَطُحْلُبٍ وَمَا فِي مَقَرِّهِ وَمَمَرِّهِ لِتَعَذُّرِ صَوْنِ الْمَاءِ عَنْهُ فَلَا يَمْنَعُ التَّغَيُّرُ بِهِ إطْلَاقَ الِاسْمِ عَلَيْهِ وَإِنْ أَشْبَهَ التَّغَيُّرُ بِهِ فِي الصُّورَةِ التَّغَيُّرَ الْكَثِيرَ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ اهـ وَكَانَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: فَلَا يَمْنَعُ إلَخْ. دَفْعَ اعْتِرَاضِ الزَّرْكَشِيّ كَالْإِسْنَوِيِّ قَوْلَ أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي التَّغَيُّرِ بِالْمُجَاوِرِ تَغَيُّرًا كَثِيرًا أَنَّهُ لَا يَسْلُبُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ بِأَنَّ التَّغَيُّرَ الْكَثِيرَ هُوَ الْمُزِيلُ لِلِاسْمِ وَأَجَابَ فِي الْإِيعَابِ بِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ السَّلْبِ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَسْلُبُهُ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يَبْقَى فِيهِ لَفْظُ مَا مُضَافًا إلَى ذَلِكَ الْمُغَيِّرِ كَالْكَافُورِ وَحَيْثُ كَانَ لَفْظُ الْمَاءِ مَوْجُودًا مَعَ التَّغَيُّرِ بِالْمُجَاوِرِ صَحَّ عِنْدَ أَهْلِ اللِّسَانِ إطْلَاقُ اسْمِ الْمَاءِ عَلَيْهِ عَرِيًّا عَنْ تِلْكَ الْإِضَافَةِ، أَمَّا إذَا سَلَبَهُ الْإِطْلَاقَ بِالْكُلِّيَّةِ بِأَنْ صَارَ لَا يُسَمَّى مَاءً وَلَا يُضَافُ فِيهِ لَفْظُ مَاءٍ إلَى ذَلِكَ الْمُغَيَّرِ بَلْ انْسَلَخَ عَنْهُ ذَلِكَ بِسَائِرِ الِاعْتِبَارَاتِ وَحَدَثَ لَهُ اسْمٌ يَخْتَصُّ بِهِ فَإِنَّ التَّغَيُّرَ يَضُرُّ فَإِنْ قُلْت حَيْثُ أُطْلِقَ اسْمُ الْمَاءِ عَلَيْهِ امْتَنَعَ أَنْ يُسَمَّى كَثِيرًا وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ وَإِنْ كَثُرَ قُلْت: أَرَادَ الْكَثِيرَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَوَامِّ دُونَ أَهْلِ اللِّسَانِ
يَشُقَّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَالْبَاقِي يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَاءِ أَمَّا الْمُتَغَيِّرُ بِمَا اخْتَلَطَ بِهِ وَلَهُ عَنْهُ غِنًى كَمَنِيٍّ وَكَافُورٍ رَخْوٍ وَقَطِرَانٍ يَخْتَلِطُ بِالْمَاءِ تَغَيُّرًا حَدَثَ بِهِ اسْمٌ فَلَا يَرْفَعُ لِعَدَمِ إطْلَاقِ الِاسْمِ عَلَيْهِ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً أَوْ وَكَّلَ فِي شِرَائِهِ فَشَرِبَ ذَلِكَ أَوْ اشْتَرَاهُ لَهُ وَكِيلُهُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَمْ يَقَعْ الشِّرَاءُ لَهُ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ مَا قَلَّ أَنَّ التَّغَيُّرَ بِمُسْتَعْمَلٍ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْكَثِيرِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِاسْتِثْنَائِهِ هُنَا وَإِذَا لَمْ يُؤَثِّرْ التَّغَيُّرُ بِالْخَلِيطِ جَازَ اسْتِعْمَالُ الْجَمِيعِ لِاسْتِهْلَاكِهِ وَبَقَاءِ الِاسْمِ وَعَلَيْهِ يَلْزَمُ تَكْمِيلُ النَّاقِصِ عَنْ الطُّهْرِ بِالْمُسْتَهْلَكِ إلَّا أَنْ يُجَاوِزَ ثَمَنُهُ ثَمَنَ الْمَاءِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ وَالْخَلِيطُ مَا لَا يَتَمَيَّزُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ وَقِيلَ: مَا لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ بِخِلَافِ الْمُجَاوِرِ فِيهِمَا وَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ الْعُرْفُ.
(لَا وَرَقٍ) أَيْ: لَا إنْ تَغَيَّرَ بِوَرَقِ شَجَرٍ مُتَفَتِّتٍ (مُنْتَثِرٍ) وَلَوْ رَبِيعِيًّا أَوْ بَعِيدًا عَنْ الْمَاءِ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَقَطْرَانٍ يَخْتَلِطُ) عُلِمَ مِنْ هَذَا مَعَ مَا سَبَقَ أَنَّ الْقَطْرَانَ نَوْعَانِ نَوْعٌ مُجَاوِرٌ، وَنَوْعٌ مُخَالِطٌ وَظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ تَغَيَّرَ كَثِيرًا بِشَيْءٍ مِنْهُ شُكَّ أَنَّهُ مُجَاوِرٌ أَوْ مُخَالِطٌ أَنَّ الْأَصْلَ الطَّهُورِيَّةُ إذْ لَا تُسْلَبُ بِالشَّكِّ وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ طَهُورِيَّةُ مَاءِ الْقِرَبِ الْمُتَغَيِّرِ كَثِيرًا بِالْقَطْرَانِ الْمَوْضُوعِ فِيهَا عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مُخَالِطٌ وَإِنْ لَمْ تُلَاحِظْ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُتَغَيِّرِ بِمَا فِي الْمَقَرِّ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً أَوْ وَكَّلَ فِي شِرَائِهِ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا الْقِيَاسِ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ التَّوْكِيلِ لَوْ اشْتَرَى لَهُ وَكِيلُهُ مَاءً مُتَغَيِّرًا بِمَا لَا يُؤَثِّرُ وَلَوْ تَغَيُّرًا كَثِيرًا وَقَعَ الشِّرَاءُ لَهُ. وَهَلْ يَتَخَيَّرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْخِيَارُ حَيْثُ اخْتَلَفَ الْغَرَضُ م ر. (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يُغَيَّرْ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ بِتَقْدِيرِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَا وَرَقٍ) . (فَرْعٌ) لَوْ وُضِعَ مِنْ الْمُتَغَيِّرِ بِخَلِيطٍ تَغَيُّرًا لَا يُؤَثِّرُ عَلَى مَاءٍ آخَرَ غَيْرِ مُتَغَيِّرٍ فَغَيَّرَهُ تَغَيُّرًا كَثِيرًا فَهَلْ يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ؟ اُخْتُلِفَ فِيهِ وَأَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِسَلْبِ طَهُورِيَّتِهِ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ صُبَّ مَاءٌ وَقَعَ فِيهِ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ حَيْثُ لَمْ يَنْجَسْ عَلَى غَيْرِهِ لَمْ يَنْجَسْ مَعَ أَنَّ إلْقَاءَ الْمَيْتَةِ يُنَجِّسُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ إلْقَاءَ الْمَيْتَةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا يُنَجِّسُ إذَا كَانَ قَصْدًا وَهُوَ هُنَا تَبَعٌ لِإِلْقَاءِ الْمَاءِ بِخِلَافِ الْخَلِيطِ فَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ وَإِنْ وَقَعَ بِنَفْسِهِ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
ــ
[حاشية الشربيني]
فَأَطْلَقَا الْكَثِيرَ عَلَى خِلَافِ الْمُرَادِ بِهِ فِي الْمُخَالَطِ اهـ. وَقَوْلُهُ: قُلْت إلَخْ. هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ الْجَوَابُ عَنْ أَصْلِ الْإِيرَادِ كَمَا صَنَعَ الْإِمَامُ الْمَحَلِّيُّ وَأَمَّا قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ. فَغَيْرُ ظَاهِرٍ عِنْدَ لُزُومِ تِلْكَ الْإِضَافَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا نَقَلْنَاهُ سَابِقًا عَنْ الرَّشِيدِيِّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْبَاقِي يُطْلَقُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّغَيُّرَ فِيمَا قَبْلَهُ مَانِعٌ مِنْ الْإِطْلَاقِ وَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ مَنْ جَعَلَهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ لَكِنَّ الرَّافِعِيَّ وَالْإِمَامَ لَا يَرَوْنَ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ الْإِطْلَاقِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَجَوَابُهُ فِي الْقَوْلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ قَوْلَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: إنَّ التَّغَيُّرَ حِسِّيًّا أَوْ تَقْدِيرِيًّا) وَقَوْلُهُ: بِمُسْتَعْمَلٍ أَيْ: مَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ بِخِلَافِ التُّرَابِ الْمُسْتَعْمَلِ إنْ طُرِحَ اهـ. لَكِنْ اعْتَمَدَ م ر أَنَّ التُّرَابَ لَا يَضُرُّ وَلَوْ مُسْتَعْمَلًا؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ بِهِ مُجَرَّدٌ كَدَوْرَةٍ لَا تَمْنَعُ إطْلَاقَ الِاسْمِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: يَلْزَمُ تَكْمِيلُ النَّاقِصِ عَنْ الطُّهْرِ) عِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِي لِطَهَارَتِهِ وَأَمْكَنَ خَلْطُهُ بِمَا لَا يَضُرُّ بِحَيْثُ يَكْفِي لِطَهَارَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ إلَخْ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ تَقْيِيدُ لُزُومِ التَّكْمِيلِ بِقَوْلِهِ بِحَيْثُ يَكْفِي لِطَهَارَتِهِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ إذْ يَجِبُ اسْتِعْمَالُ النَّاقِصِ فَمَا يَكْفِي لِلْوَجْهِ وَلَوْ مَزَجَهُ بِمَائِعٍ لَا يَسْلُبُ الْإِطْلَاقَ لَكَفَى الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ يَجِبُ مَزْجُهُ بِشَرْطِهِ اهـ. لَكِنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى مُرَادِ الْإِسْنَوِيِّ تَدَبَّرْ. ثُمَّ إنَّ فِي صِحَّةِ الطَّهَارَةِ وَالْعِبَادَةِ بِمَا ذُكِرَ خِلَافًا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَاءُ الَّذِي يَكْفِي طَهَارَتَيْنِ إلَّا عُضْوًا فَكَمَّلَهُ وَتَطَهَّرَ مَرَّتَيْنِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ بِالْوُضُوءَيْنِ قَطْعًا لِعَدَمِ تَيَقُّنِ اسْتِعْمَالِ الْمَائِعِ فِي طَهَارَةٍ مُعَيَّنَةٍ هُنَا دُونَ مَا مَرَّ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ: مَا لَا يَتَمَيَّزُ إلَخْ) اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ لِمَا يَرِدُ عَلَى الثَّانِي مِنْ الْوَرَقِ الْمُتَفَتِّتِ وَالتُّرَابِ فَإِنَّ فَصْلَهُمَا مُمْكِنٌ بَعْدَ رُسُوبِهِمَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ إمْكَانِ الْفَصْلِ حَالَ كَوْنِهِ مُخَالِطًا. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَقَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ الْعِرَاقِيِّ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّ التُّرَابَ مُخَالِطٌ وَكَذَا كَلَامُ الشَّارِحِ حَيْثُ اسْتَثْنَاهُ مِنْ الْمُخَالِطِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَايَاتِيُّ تَرْجِيحُ تَعْرِيفِ الْمُخَالِطِ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ إلَخْ اهـ. وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ النَّظَرِ لِمَا احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ وَإِلَّا فَلَا تَرْجِيحَ وَيُمْكِنُ إرْجَاعُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إلَخْ) وَقِيلَ: الْمَرْجِعُ الْعُرْفُ وَاسْتُحْسِنَ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ تَغَيَّرَ) عَطْفٌ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى عَلَى مَجْرُورِ الْبَاءِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَبِيعِيًّا) غَيَّا بِهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى رُطُوبَةٍ تَنْفَصِلُ فِي
بِخِلَافِ الْمَنْثُورِ وَإِنْ نُثِرَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ خَلِيطٌ مُسْتَغْنًى عَنْهُ أَمَّا غَيْرُ الْمُتَفَتِّتِ فَمُجَاوِرٌ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَالتَّغَيُّرُ بِالثِّمَارِ السَّاقِطَةِ يُؤَثِّرُ لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهَا غَالِبًا وَصَرَّحَ كَأَصْلِهِ بِحُكْمِ الْوَرَقِ وَإِنْ شَمِلَهُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ عَنْهُ غِنًى لِلْخِلَافِ فِيهِ كَعَادَتِهِمَا فِي مِثْلِهِ غَالِبًا (وَ) لَا (مِلْحِ مَاءٍ) لِانْعِقَادِهِ مِنْ الْمَاءِ كَالْجَمَدِ بِخِلَافِ الْمِلْحِ الْجَبَلِيِّ أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ بِمَقَرِّ الْمَاءِ أَوْ مَمَرِّهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.
(وَلَا تُرْبٍ) بِضَمِّ التَّاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ لُغَةً فِي التُّرَابِ لِمُوَافَقَتِهِ الْمَاءَ فِي الطَّهُورِيَّةِ وَلِأَنَّ تَغَيُّرَهُ بِهِ مُجَرَّدٌ كَدَوْرَةٍ وَهِيَ لَا تَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ نَعَمْ إنْ تَغَيَّرَ حَتَّى صَارَ لَا يُسَمَّى إلَّا طِينًا رَطْبًا سَلَبَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَكَلَامُهُمْ شَامِلٌ لِلتُّرَابِ الْمُسْتَعْمَلِ حَتَّى لَا يُؤَثِّرَ وَهُوَ قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ وَقَضِيَّةُ الْأُولَى أَنَّهُ يُؤَثِّرُ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ.
(وَلَوْ) كَانَ التَّغَيُّرُ (بِطَرْحِ) لِلْمِلْحِ الْمَائِيِّ وَالتُّرَابِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ لِمَا مَرَّ وَبِهِ فَارَقَا طَرْحَ الْوَرَقِ وَعِبَارَتُهُ أَقْرَبُ إلَى عَدَمِ إيهَامِ تَخْصِيصِ الطَّرْحِ بِالتُّرَابِ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي: وَتُرَابٌ وَإِنْ طُرِحَ وَمِلْحُ مَاءٍ وَإِنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُؤَثِّرْ طَرْحُ التُّرَابِ الَّذِي لَمْ يَنْعَقِدْ مِنْ الْمَاءِ فَطَرْحُ الْمُنْعَقِدِ مِنْهُ بِالْأَوْلَى
(وَ) مَاءٌ (مُتَشَمِّسٌ) وَلَوْ بِنَفْسِهِ (بِقُطْرِ) بِضَمِّ الْقَافِ أَيْ: بِنَاحِيَةِ (الْحَرِّ) الشَّدِيدِ بِخِلَافِ الْمُعْتَدِلَةِ وَالْبَارِدَةِ (فِي) إنَاءٍ (مُنْطَبِعٍ) أَيْ: مُطْرَقٍ كَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَالْبِرَكِ وَالْحِيَاضِ وَإِنَاءِ الْخَزَفِ وَالْحَجَرِ (يُكْرَهُ) اسْتِعْمَالُهُ شَرْعًا فِي الْبَدَنِ طَهَارَةً وَغَيْرَهَا لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَائِشَةَ وَقَدْ سَخَّنَتْ مَاءً بِالشَّمْسِ يَا حُمَيْرَاءُ لَا تَفْعَلِي هَذَا فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ»
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَنْثُورِ) أَيْ: إذَا تَفَتَّتَ بِحَيْثُ خَالَطَ. (قَوْلُهُ: بِالثِّمَارِ) أَيْ: حَيْثُ تَفَتَّتَ بِحَيْثُ صَارَتْ مُخَالِطَةً. (قَوْلُهُ: السَّاقِطَةِ) فَالْمَنْثُورَةُ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: غَالِبًا) فَهِيَ خَلِيطٌ مُسْتَغْنًى عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُمْ شَامِلٌ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْيِيدُ التَّأْثِيرِ بِقِلَّةِ الْمَاءِ
(قَوْلُهُ: يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ) قَالَ النَّاشِرِيُّ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ بَاقِيَةٌ وَلَوْ بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ أَيَّدَاهُمَا صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ فِي شَرْحِهِ لِلْمُهَذَّبِ أَحَدُهُمَا: لَا تَزُولُ؛ لِأَنَّهُ كُرِهَ لِكَوْنِهِ مُشَمَّسًا وَهُوَ لَا يَزُولُ بِالْكَثْرَةِ. وَالثَّانِي: يَزُولُ بِهَا كَمَا يَزُولُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ اهـ.
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمَاءِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلِلْخِلَافِ فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إلَخْ) مُحْتَرَزُ مَا زَادَهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مُتَفَتِّتٌ اهـ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِعِلْمِهِ مِمَّا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ اتِّصَالِ الِاسْتِثْنَاءِ إذْ لَا يَكُونُ مُخَالِطًا إلَّا حِينَئِذٍ اهـ. (قَوْلُهُ: بِالثِّمَارِ السَّاقِطَةِ) أَيْ: بِسَبَبِ مَا انْحَلَّ مِنْهَا اهـ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَالثَّمَرُ إنْ غَيَّرَ وَهُوَ بِحَالِهِ فَمُجَاوِرٌ وَإِنْ انْحَلَّ مِنْهُ شَيْءٌ فَمُخَالِطٌ اهـ. فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا انْحَلَّ مِنْهَا شَيْءٌ وَمِثْلُ الثِّمَارِ بَاقِي الْحُبُوبِ كَمَا فِي الْعُبَابِ أَيْضًا اهـ. (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهَا غَالِبًا) قَالَ ع ش حَتَّى لَوْ تَعَذَّرَ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا ضَرَّ نَظَرًا لِلْغَالِبِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِلْخِلَافِ فِيهِ) عِبَارَةُ التَّحْقِيقِ: وَالْمُتَغَيِّرُ بِوَرَقِ شَجَرٍ تَنَاثَرَ لَا يَضُرُّ وَقِيلَ يَضُرُّ وَقِيلَ يَضُرُّ رَبِيعِيٌّ لَا خَرِيفِيٌّ وَقِيلَ يَضُرُّ مُتَفَتِّتٌ.
(قَوْلُهُ: لِانْعِقَادِهِ إلَخْ) لَوْ انْعَقَدَ مِنْ مَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ وَغَيَّرَ كَثِيرًا ضَرَّ وَالْعِبْرَةُ فِي تَغْيِيرِهِ بِصِفَةِ كَوْنِهِ مِلْحًا نَظَرًا لِمَا هُوَ عَلَيْهِ الْآنَ ع ش. (قَوْلُهُ: أَقْرَبُ إلَى عَدَمِ إيهَامِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَوْجُودَ فِي عِبَارَةِ الْحَاوِي إيهَامٌ لَا قُصُورٌ خِلَافًا لِمَا فِي الْعِرَاقِيِّ. (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ دَفْعُهُ) أَيْ: الْإِيهَامِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِنَفْسِهِ) دُفِعَ لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ مُطَاوِعُ شَمْسٍ وَلِلرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ الْمُشْتَرِطِ قَصْدَ التَّشْمِيسِ. (قَوْلُهُ: بِقُطْرِ الْحَرِّ) أَنَاطَ الْحُكْمَ بِالْقُطْرِ لِلْغَلَبَةِ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ بِالْقُطْرِ الْحَارِّ بَلَدٌ بَارِدٌ كَالطَّائِفِ بِالْحِجَازِ لَمْ يُكْرَهْ أَوْ عَكْسُهُ كَحَوْرَانَ بِالشَّامِ كُرِهَ. (قَوْلُهُ: الشَّدِيدِ) الْمُرَادُ بِالشِّدَّةِ أَنْ يَكُونَ فِي الشَّمْسِ قُوَّةٌ تَفْصِلُ أَجْزَاءً مِنْ الْمُنْطَبِعِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ جَوْهَرَ الْمُنْطَبِعَاتِ مُرَكَّبٌ مِنْ الزِّئْبَقِ وَالْكِبْرِيتِ وَمِنْ شَأْنِ الشَّمْسِ تَصْعِيدُ الزِّئْبَقِ فَإِذَا كَانَتْ قُوَّةُ الشَّمْسِ بِحَيْثُ لَا تَعْجَزُ عَنْ تَصْعِيدِ قَدْرٍ يُعْتَدُّ بِهِ وَلَا تَقْوَى عَلَى تَحْلِيلِ مَا تُصَعِّدُهُ خَالَطَ الْمُتَصَعِّدُ الْمَاءَ فَإِذَا لَاقَى الْبَشَرَةَ غَاصَ فِي الْمَسَامِّ وَأَضْعَفَ الْقُوَى الْغَاذِيَّةَ لِمَا فِي الزِّئْبَقِ مِنْ السُّمِّيَّةِ فَلَا تَقْوَى عَلَى إتْمَامِ الْغِذَاءِ فَيَحْدُثُ الْبَرَصُ وَأَمَّا الذَّهَبُ فَشِدَّةُ امْتِزَاجِهِ تَمْنَعُ الشَّمْسَ مِنْ تَصْعِيدِ شَيْءٍ مِنْهُ. اهـ. عَمِيرَةُ عَنْ ابْنِ نَفِيسٍ مِنْ حُذَّاقِ الْأَطِبَّاءِ قَالَ: وَمِثْلُ الذَّهَبِ الْفِضَّةُ. (قَوْلُهُ: الشَّدِيدِ) الْمُرَادُ بِالشِّدَّةِ مَا فِي الْهَامِشِ الْمُقَابِلِ لَا الْإِفْرَاطُ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِ الْقُطْرِ حَارًّا قَالَ ابْنُ نَفِيسٍ: اشْتِرَاطُ شِدَّةِ قُوَّةِ الشَّمْسِ وَجْهٌ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِهِ هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الطِّبُّ أَيْ: لِأَنَّ الشَّمْسَ إذَا كَانَتْ شَدِيدَةً تَقْوَى عَلَى تَحْلِيلِ الْمُتَصَعِّدِ فَلَا يَحْصُلُ الضَّرَرُ. اهـ. إيعَابٌ مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: مُنْطَبِعٍ) أَيْ: شَأْنُهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَنْطَبِعْ بِالْفِعْلِ. اهـ. حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ: مَعَ حَرَارَتِهِ فَإِنْ زَالَتْ فَلَا كَرَاهَةَ م ر. (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ شَرْعًا) فَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَإِنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ رَاجِعَةً لِلْعَبْدِ كَحُرْمَةِ الْإِلْقَاءِ بِالْأَيْدِي إلَى التَّهْلُكَةِ وَقِيلَ: إرْشَادِيَّةٌ فَلَا ثَوَابَ عَلَى الِامْتِثَالِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ الْوَارِدَ حِينَئِذٍ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ طَلَبَ الْكَفِّ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مِنْهُ الْإِرْشَادُ إلَى الْكَفِّ لِمَصْلَحَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ فَلَا يَكُونُ طَلَبُ الْكَفِّ ثَابِتًا فَلَا ثَوَابَ عَلَى التَّرْكِ كَالنَّهْيِ فِي قَوْلِهِ {لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] وَالْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ سبحانه وتعالى {وَأَشْهِدُوا} [البقرة: 282] وَالتَّعْبِيرُ بِالْكَرَاهَةِ عَنْ ذَلِكَ فِيهِ ضَرْبٌ مِنْ الْمُسَامَحَةِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ: حُمَيْرَاءُ) بِالْمَدِّ
وَلِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الِاغْتِسَالَ بِالْمَاءِ الْمُشَمَّسِ وَقَالَ إنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّمْسَ بِحِدَّتِهَا تَفْصِلُ مِنْ الْمُنْطَبِعِ زُهُومَةً تَعْلُو الْمَاءَ فَإِذَا لَاقَتْ الْبَدَنَ خِيفَ عَلَيْهِ الْبَرَصُ بِخِلَافِ الْمُسَخَّنِ بِالنَّارِ كَمَا سَيَأْتِي لِذَهَابِ الزُّهُومَةِ بِهَا وَالْعِلَّةُ تَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَ الْمَاءِ مِنْ الْمَائِعَاتِ كَالْمَاءِ وَبِهِ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ.
وَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي طَعَامٍ كُرِهَ إنْ كَانَ مَائِعًا وَإِلَّا فَلَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ الْمُشَمَّسُ كَالسُّمِّ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ مَظْنُونٌ بِخِلَافِ السُّمِّ قَالَ وَيَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ عِنْدَ فَقْدِ غَيْرِهِ أَيْ: إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ مَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ أَوْلَى مِنْ دَفْعِ مَفْسَدَةِ الْمَكْرُوهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي الْأَبْرَصِ لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ وَفِي الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَرَمُ كَمَا فِي الْحَيَاةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَغَيْرُ الْآدَمِيِّ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ إنْ كَانَ الْبَرَصُ يُدْرِكُهُ كَالْخَيْلِ أَوْ يَتَعَلَّقُ بِالْآدَمِيِّ مِنْهُ ضَرَرٌ اُتُّجِهَتْ الْكَرَاهَةُ وَإِلَّا فَلَا. وَكَلَامُ النَّظْمِ شَامِلٌ لِبَاقِي الْحَرَارَةِ وَزَائِلِهَا وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي رَوْضَتِهِ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ فِي زَائِلِهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمُنْطَبِعِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ لِصَفَائِهِمَا كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ عَنْ بَعْضِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ كَرَاهَةِ الْمُتَشَمِّسِ هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ جَمَاعَاتٍ وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ لَكِنْ اخْتَارَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا عَدَمَهَا وَصَحَّحَهُ فِي التَّنْقِيحِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِلدَّلِيلِ وَلِنَصِّ الْأُمِّ حَيْثُ قَالَ فِيهَا لَا أَكْرَهَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ الطِّبِّ أَيْ: بِأَنْ قَالَ أَهْلُهُ إنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ قَالَ: وَأَمَّا الْخَبَرُ فَضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ وَكَذَا الْأَثَرُ فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى تَضْعِيفِهِ وَجَرَّحُوهُ إلَّا الشَّافِعِيَّ فَوَثَّقَهُ فَحَصَلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُتَشَمِّسَ لَا أَصْلَ لِكَرَاهَتِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ الْأَطِبَّاءِ فِيهِ شَيْءٌ اهـ وَقَدَّمَ تَجْرِيحَهُمْ عَلَى تَوْثِيقِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ الَّتِي مَهَّدَهَا الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ تَقْدِيمِ الْجَرْحِ عَلَى التَّعْدِيلِ
(وَالسُّخْنُ الْوَفِيّ) أَيْ: التَّامُّ فِي
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: الْمُسَخَّنِ بِالنَّارِ إلَخْ) وَلَوْ سُخِّنَ بِالنَّارِ بَعْدَ تَسْخِينِهِ بِالشَّمْسِ لَمْ تَزُلْ الْكَرَاهَةُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُشَمَّسَ فِي طَعَامٍ مَائِعٍ كُرِهَ م ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ضَرَرَهُ مَظْنُونٌ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ نَادِرٌ وَهِيَ أَحْسَنُ بِرّ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ فَقْدِ غَيْرِهِ) إذَا فُقِدَ غَيْرُهُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَأَرَادَ الْمُبَادَرَةَ بِالصَّلَاةِ هَلْ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ مُطْلَقًا أَوْ إنْ رُجِيَ غَيْرُهُ إنْ أَخَّرَ أَوَّلًا مُطْلَقًا أَوْ يُكْرَهُ إنْ رُجِيَ غَيْرُهُ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ أَوْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَلَوْ عَدِمَ غَيْرَهُ اسْتَعْمَلَهُ وَلَمْ يَتَيَمَّمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنْ تَيَقَّنَ غَيْرَهُ وَلَوْ آخِرَ الْوَقْتِ وَمِنْهُ إنْ تَيَقَّنَ بُرُودَتِهِ آخِرَ الْوَقْتِ فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ، أَوْ ظَنَّهُ فَالتَّعْجِيلُ أَفْضَلُ. (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ تَجْرِيحَهُمْ إلَخْ) أَجَابَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ.
ــ
[حاشية الشربيني]
وَالتَّصْغِيرِ قَالَ م ر حَدِيثٌ ضَعِيفٌ قَالَ ع ش قِيلَ وَكَذَا كُلُّ حَدِيثٍ فِيهِ يَا حُمَيْرَاءُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ عُمَرَ) أَيْ: بِوَاسِطَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى ضَعَّفَهُ الْمُحَدِّثُونَ لَكِنْ وَثَّقَهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسَخَّنِ بِالنَّارِ) أَيْ: الْبَارِدِ الْمُسَخَّنِ بِالنَّارِ وَلَوْ كَانَ مُشَمَّسًا وَبَرَدَ م ر وع ش. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ السُّمِّيَّةَ تُسْتَهْلَكُ فِي الْجَامِدِ م ر. (قَوْلُهُ: لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ) فَلَا يُقَالُ إنَّمَا كُرِهَ لِخَوْفِ الْبَرَصِ وَهُوَ مَوْجُودٌ اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَيِّتِ) اسْتَقَرَّ ب ع ش فِيهِ الْحُرْمَةُ لِلْإِزْرَاءِ بِهِ وَقَالَ حَجَرٌ فِي الْإِيعَابِ لَا كَرَاهَةَ إلَّا مِنْ جِهَةِ مُبَاشَرَةِ الْغَاسِلِ اهـ. (قَوْلُهُ: عَدَمَ الْكَرَاهَةِ) لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ السُّمِّيَّةَ إنَّمَا تَغُوصُ فِي الْبَدَنِ إذَا تَفَتَّحَتْ مَسَامُّهُ بِوَاسِطَةِ الْحَرَارَةِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِثُبُوتِ كَرَاهَةِ الْمُشَمَّسِ اهـ. (قَوْلُهُ: الْمُوَافِقُ لِلدَّلِيلِ) أَيْ: دَلِيلِ إبَاحَةِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ حَيْثُ لَمْ يُقَيَّدْ بِعَدَمِ التَّشْمِيسِ. (قَوْلُهُ: لَا كَرَاهَةَ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ أَيْ: إنَّمَا أَكْرَهُهُ شَرْعًا حَيْثُ يَقْتَضِي الطِّبُّ مَحْذُورًا فِيهِ اهـ. أَيْ: لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَنَاوَلَهُ قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ الطِّبِّ) قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ الْأَطِبَّاءِ فِيهِ شَيْءٌ فَيُوَافِقَ مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْإِقْلِيدِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا كَرَاهَةَ وَلَا مِنْ جِهَةِ الطِّبِّ وَكَذَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَبُو الطَّيِّبِ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَصَاحِبُ الْبَحْرِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ عَنْ الْأَطِبَّاءِ شَيْءٌ إنْ أَرَادَ الْمُتَقَدِّمِينَ فَكَذَلِكَ لَكِنْ لَا يُفِيدُ وَإِنْ أَرَادَ مُطْلَقًا فَفِيهِ أَنَّهُ ثَبَتَ عَنْ ابْنِ نَفِيسٍ وَالْإِمَامِ عَلَاءِ الدِّينِ فِي شَرْحِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ وَهُوَ عُمْدَةٌ فِي ذَلِكَ لِجَلَالَتِهِ فِيهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْأَثَرُ إلَخْ) نُوزِعَ فِي تَضْعِيفِهِ بِأَنَّ الدَّارَقُطْنِيّ قَدْ رَوَاهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ صَحِيحٍ كَمَا قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ وَفِي حَصْرِهِ تَوْثِيقِ إبْرَاهِيمَ فِي الشَّافِعِيِّ بِأَنَّ غَيْرَ الشَّافِعِيِّ قَدْ وَثَّقَهُ أَيْضًا كَابْنِ جُرَيْجٍ وَابْنِ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: بَلْ لَوْ لَمْ يُوَثِّقْهُ إلَّا الشَّافِعِيُّ لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْنَا وَلَا يَضُرُّ الشَّافِعِيَّ وَمَنْ تَبِعَهُ تَضْعِيفُ غَيْرِهِ إيَّاهُ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيّ.
السُّخُونَةِ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ لِمَنْعِهِ الْإِسْبَاغَ نَعَمْ إنْ فَقَدَ غَيْرَهُ وَضَاقَ الْوَقْتُ وَجَبَ أَوْ خَافَ مِنْهُ ضَرَرًا حَرُمَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَمِثْلُهُ الْبَارِدُ الْوَفِيُّ وَتَرَكَهُ اكْتِفَاءً كَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ الْحَرَّ أَيْ: وَالْبَرْدَ وَخَرَجَ بِالْوَفِيِّ الْمُعْتَدِلُ وَلَوْ مُسَخَّنًا بِالْخَبَثِ فَلَا يُكْرَهُ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَشَمِّسِ وَمَاءٍ بِنَارِ الْحِجْرِ إلَّا بِئْرَ النَّاقَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ يُمْنَعُ مِنْهُ وَفِي فَتَاوِيهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَفِي مَجْمُوعِهِ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ إلَّا لِضَرُورَةٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ النَّاسَ النَّازِلِينَ عَلَى الْحِجْرِ أَرْضِ ثَمُودَ بِأَنْ يُهْرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا وَيَعْلِفُوا الْإِبِلَ الْعَجِينَ وَأَنْ يَسْتَقُوا مِنْ بِئْرِ النَّاقَةِ» وَمِثْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ كُلُّ مَاءٍ مَغْضُوبٍ عَلَيْهِ كَمَاءِ دِيَارِ قَوْمِ لُوطٍ لِخَسْفِهَا وَمَاءِ دِيَارِ بَابِلَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد أَنَّهَا أَرْضٌ مَلْعُونَةٌ وَمَاءِ بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ الَّتِي وُضِعَ فِيهَا السِّحْرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَسْخِ مَائِهَا حَتَّى صَارَ كَنُقَاعَةِ الْحِنَّاءِ وَمَاءِ بِئْرِ بَرَهُوتَ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ «شَرُّ بِئْرٍ فِي الْأَرْضِ بَرَهُوتُ» وَلَا يُكْرَهُ الْمُتَغَيِّرُ بِمَا لَا غِنًى لِلْمَاءِ عَنْهُ وَلَا مَاءُ زَمْزَمَ فِي الْحَدَثِ وَأَمَّا فِي الْخَبَثِ فَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ: لَهُ حُرْمَةٌ تَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ فَقِيلَ: حُرْمَةٌ وَالظَّاهِرُ أَدَبًا فَقَدْ عَبَّرَ الرُّويَانِيُّ فِي حِلْيَتِهِ بِالْكَرَاهَةِ مَقْرُونَةً وَبِكَرَاهَةِ الْمُتَشَمِّسِ وَالصَّيْمَرِيُّ بِخِلَافِ الْأُولَى وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ أَزَالَ بِهِ الدَّمَ الَّذِي حَصَلَ بِرَجْمِ قُرَيْشٍ لَهُ وَحَمْلُهُ عَلَى فَقْدِ غَيْرِهِ خِلَافُ الظَّاهِرِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَلَا يُكْرَهُ فَضْلُ مَاءِ الْحَائِضِ وَالنَّهْيُ عَنْ الِاغْتِسَالِ بِفَضْلِ وُضُوئِهَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَهُ الْحَافِظُ ابْنُ مَنْدَهْ وَالْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ وَارِدَةٌ بِالْإِبَاحَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ سَيْحُونَ وَجَيْحُونَ وَالنِّيلِ وَالْفُرَاتِ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: لِمَنْعِهِ الْإِسْبَاغَ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَنْ شَأْنُهُ ذَلِكَ فَهُوَ مَظِنَّةُ الْإِخْلَالِ بِالطَّهَارَةِ وَإِلَّا فَلَوْ مَنَعَهُ بِالْفِعْلِ لَمْ تَصِحَّ الطَّهَارَةُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ لِمَنْعِهِ كَمَالُ الْإِسْبَاغِ وَالِاحْتِيَاطُ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ) أَيْ: مَا لَمْ يُظَنَّ ضَرَرُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: لِمَنْعِهِ الْإِسْبَاغَ) عَلَّلَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِخَوْفِ الضَّرَرِ وَمُقْتَضَاهُ الْكَرَاهَةُ فِي الْبَدَنِ مُطْلَقًا فَلْيُنْظَرْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ خَافَ مِنْهُ ضَرَرًا) أَيْ: ظَنَّهُ وَلَوْ بِمَعْرِفَةِ نَفْسِهِ إنْ كَانَتْ عَنْ طِبٍّ لَا عَنْ تَجْرِبَةٍ كَمَا قَالَهُ ع ش فِي الْمُشَمَّسِ اهـ. (قَوْلُهُ: حَرُمَ) وَوَجَبَ التَّيَمُّمُ وَإِنْ أَمْكَنَ تَبْرِيدُهُ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ أَنْ لَا يَكُونَ مَقْدُورًا ع ش. (قَوْلُهُ: الْبَارِدُ الْوَفِيُّ) وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ فِي الْحَدِيثِ مَحْمُولٌ عَلَى بَرْدٍ لَا يَمْنَعُ الْإِسْبَاغَ أَوْ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ) وَشَذَّ بَعْضُهُمْ فَحَكَمَ بِنَجَاسَتِهِ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: أَرْضِ) بَدَلٌ مِنْ الْحِجْرِ. (قَوْلُهُ: كَمَاءِ دِيَارِ قَوْمِ لُوطٍ) هُوَ بِرْكَةٌ عَظِيمَةٌ فِي مَوْضِعِ دِيَارِهِمْ الَّتِي خُسِفَتْ بِقُرْبِ الْقُدْسِ يَخْرُجُ مِنْهَا الْجَمَدُ. اهـ. شَرْحُ عُبَابٍ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: بَابِلَ) هُوَ مَوْضِعٌ بِالْعِرَاقِ يُنْسَبُ إلَيْهِ السِّحْرُ. (قَوْلُهُ: بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ) هَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ ذَرْوَانَ كَمَرْوَانَ وَكَانَ الْأَصْلُ ذِي أَرْوَانَ فَسُهِّلَتْ الْهَمْزَةُ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ فَصَارَ ذَرْوَانَ كَذَا فِي الرَّشِيدِيِّ وَلَعَلَّ فِيهِ حَذْفًا لِلِاحْتِيَاجِ لِأَعْمَالٍ أُخَرَ وَهِيَ بِئْرُ بَنِي زُرَيْقٍ اهـ. (قَوْلُهُ: بَرَهُوتَ) بِالْفَتْحِ وَالسُّكُونِ بِئْرٌ بِحَضْرَمَوْتَ بِأَرْضِ الْيَمَنِ يُقَالُ إنَّ فِيهَا أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَفِي تَاجِ الْقَامُوسِ بَرَهُوتُ بِفَتْحَتَيْنِ فَضَمٍّ أَوْ بِزِنَةِ عُصْفُورٍ وَادٍ مَعْرُوفٌ أَوْ بِئْرٌ عَمِيقَةٌ بِحَضْرَمَوْتِ الْيَمَنِ لَا يُسْتَطَاعُ النُّزُولُ إلَى قَعْرِهَا وَهِيَ مَقَرُّ أَرْوَاحِ الْكُفَّارِ كَمَا حَقَّقَهُ ابْنُ ظَهِيرَةَ فِي تَارِيخِ مَكَّةَ وَتَاؤُهُ عَلَى الْأَوَّلِ زَائِدَةٌ وَعَلَى الثَّانِي أَصْلِيَّةٌ وَتَحَصَّلَ إلَى هُنَا كَمَا فِي م ر أَنَّ الْمِيَاهَ الْمَكْرُوهَةَ ثَمَانِيَةٌ. (قَوْلُهُ: الْمُتَغَيِّرُ بِمَا لَا غِنَى لِلْمَاءِ عَنْهُ) مِثْلُهُ الْمُتَغَيِّرُ بِطُولِ الْمُكْثِ م ر وَفِي الْإِيعَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يُكْرَهُ مِنْهَا مَا فِيهِ خِلَافٌ لِلْخُرُوجِ مِنْهُ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَضْعُفْ مُدْرَكُ الْخِلَافِ جِدًّا وَإِلَّا فَلَا نَظَرَ إلَيْهِ كَالْمُتَغَيِّرِ بِطُولِ الْمُكْثِ فَإِنَّ ابْنَ الْمُنْذِرِ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ كَرَاهَتِهِ وَشَذَّ ابْنُ سِيرِينَ فَكَرِهَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَقِيلَ: حُرْمَةً) أَيْ: قِيلَ إنَّ الْمَنْعَ عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيمِ وَقَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَدَبًا أَيْ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَنْعَ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ فَيَكُونُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ خِلَافَ الْأَدَبِ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْأَوْلَى. فَقَوْلُهُ: حُرْمَةً وَأَدَبًا مَنْصُوبٌ عَلَى النِّيَابَةِ عَنْ الْمَصْدَرِ أَيْ: مَنْعَ حُرْمَةٍ أَوْ مَنْعَ أَدَبٍ أَوْ التَّمْيِيزِ أَيْ: مِنْ جِهَةِ التَّحْرِيمِ أَوْ الْأَدَبِ. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَدَبًا) فِي الْمَجْمُوعِ السُّنَّةُ وَالْأَدَبُ يَشْتَرِكَانِ فِي النَّدْبِيَّةِ لَكِنَّ السُّنَّةَ تَتَأَكَّدُ اهـ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ عَبَّرَ الرُّويَانِيُّ) أَيْ: فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُهُ الْأَوَّلُ وَعِبَارَتُهُ يُكْرَهُ لِحُرْمَتِهِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْكَرَاهَةِ خِلَافُ الْأَوْلَى إذْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ فَلَا يُنَافِي عُمُومَ تَعْبِيرِهِ فِي الزَّوَائِدِ بِعَدَمِ كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِهِ وَفِي الِاسْتِقْصَاءِ الْمَذْهَبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَفِي الْقُوتِ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: سَيْحُونَ) هُوَ نَهْرُ الْهِنْدِ وَجَيْحُونَ نَهْرُ بَلَخٍ وَالْفُرَاتُ نَهْرُ الْعِرَاقِ وَمِثْلُهُ الدِّجْلَةُ كَذَا فِي الْإِيعَابِ اهـ.
(فَرْعٌ) أَتَى بِثَوْبٍ فِيهِ دَمٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَغَمَسَهُ بِذَلِكَ الدَّمِ فِي نَحْوِ مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ إنَّ وُجُودَهُ فِي الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ فِيهَا وَلَا كَذَلِكَ
وَإِنْ وَرَدَ أَنَّهَا مِنْ الْجَنَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهَا تَضْيِيقٌ
(وَبِوُصُولِ نَجَسٍ إنْ قَلَّا كَغَيْرِهِ فَلْيَتَنَجَّسْ) أَيْ: وَإِنْ قَلَّ الْمَاءُ بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ قُلَّتَيْنِ وَلَوْ جَارِيًا تَنَجَّسَ بِوُصُولِ النَّجَسِ إلَيْهِ وَلَوْ جَامِدًا وَبِلَا قَصْدٍ كَغَيْرِ الْمَاءِ مِنْ الْمَائِعِ وَإِنْ كَثُرَ وَمِنْ الْجَامِدِ بِتَوَسُّطِ رُطُوبَةٍ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: فِي الِاسْتِنْجَاءِ لَوْثٌ أَمَّا الْمَاءُ فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» نَهَاهُ عَنْ الْغَمْسِ خَشْيَةَ النَّجَاسَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا إذَا خَفِيَتْ لَا تُغَيِّرُ الْمَاءَ فَلَوْلَا أَنَّهَا تُنَجِّسُهُ بِوُصُولِهَا لَمْ يَنْهَهُ وَلِمَفْهُومِ خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ وَالْحَاكِمُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ كَمَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ لَمْ يُنَجَّسْ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: وَبِوُصُولِ نَجَسٍ إلَخْ) يَجُوزُ زِيَادَةُ الْفَاءِ مِنْ " فَلْيَتَنَجَّسْ " وَتَعْلِيقُ قَوْلِهِ: بِوُصُولِ. بِهِ وَالتَّقْدِيرُ وَلْيَتَنَجَّسْ بِوُصُولِ نَجَسٍ إنْ قَلَّ هُوَ كَغَيْرِهِ مُطْلَقًا وَيَجُوزُ كَوْنُ الْفَاءِ جَوَابَ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ وَكَوْنُ بِوُصُولِ إلَخْ فِي حَيِّزِ الْجَزَاءِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَأَمَّا بِوُصُولِ نَجَسٍ إنْ قَلَّ كَغَيْرِهِ فَلْيَتَنَجَّسْ. أَيْ: وَمَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ فَلْيَتَنَجَّسْ بِوُصُولِ نَجَسٍ إنْ قَلَّ كَغَيْرِهِ، وَنَظِيرُهُ {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 3] أَيْ: وَأَمَّا رَبُّك فَكَبِّرْ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ قَوْلُهُ: إنْ قَلَّ فِي مَحَلِّ الْحَالِ فَلِذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى جَوَابِ هَذَا وَالْأَقْرَبُ وَالْأَحْسَنُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ: فَلْيَتَنَجَّسْ: جَوَابُ: إنْ قَلَّ. وَبِوُصُولِ مُتَعَلِّقُ يَتَنَجَّسْ. وَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ قَلَّ الْمَاءُ فَيَتَنَجَّسْ بِوُصُولِ نَجَسٍ كَغَيْرِهِ وَإِنْ كَثُرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[حاشية الشربيني]
فِي الْمَاءِ لِسُهُولَةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ فِيهِ فَلَمْ يُعْفَ عَنْ مُلَاقَاتِهِ لَهُ اهـ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ غَيْرُ مَا يُعْفَى عَنْهُ هُنَا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَرَدَ أَنَّهَا مِنْ الْجَنَّةِ) فِي الْإِيعَابِ فِي وَسِيطِ الْوَاحِدِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ الْجَنَّةِ خَمْسَةَ أَنْهَارٍ سَيْحُونَ وَهُوَ نَهْرُ الْهِنْدِ وَجَيْحُونَ وَهُوَ نَهْرُ بَلْخٍ وَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتَ وَهُمَا نَهَرَا الْعِرَاقِ وَالنِّيلَ وَهُوَ نَهْرُ مِصْرَ أَنْزَلَهَا اللَّهُ مِنْ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ مِنْ عُيُونِ الْجَنَّةِ مِنْ أَسْفَلِ دَرَجَاتِهَا عَلَى جَنَاحَيْ جِبْرِيلَ اسْتَوْدَعَهَا الْجِبَالَ وَأَجْرَاهَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ فِيهَا مَنَافِعَ لِلنَّاسِ فِي أَصْنَافِ مَعَايِشِهِمْ فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ} [المؤمنون: 18] فَإِذَا كَانَ عِنْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَرْسَلَ اللَّهُ جِبْرِيلَ فَيَرْفَعُ مِنْ الْأَرْضِ الْقُرْآنَ وَالْعِلْمَ كُلَّهُ وَالْحَجَرَ الْأَسْوَدَ مِنْ رُكْنِ الْبَيْتِ وَمَقَامَ إبْرَاهِيمِ وَتَابُوتَ مُوسَى بِمَا فِيهِ وَهَذِهِ الْأَنْهَارَ الْخَمْسَةَ فَيَرْفَعُ كُلَّ ذَلِكَ إلَى السَّمَاءِ فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} [المؤمنون: 18] فَإِذَا رُفِعَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِنْ الْأَرْضِ فَقَدَ أَهْلُهَا خَيْرَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا» وَمَا وَرَدَ أَنَّهُ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ وَهُمَا غَيْرُ سَيْحُونَ وَجَيْحُونَ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ خِلَافًا لِلْقَاضِي عِيَاضٍ.
وَجَيْحَانُ نَهْرُ الْمِصِّيصَةِ بِوَزْنِ سَفِينَةٍ وَسَيْحَانُ نَهْرُ آذِنَةَ مَوْضِعَانِ بِبِلَادِ الْأَرْمَنِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فَعُلِمَ أَنَّ الْكُلَّ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ الْوَارِدَ فِي الْحَدِيثِ سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ لَا سَيْحُونُ وَجَيْحُونَ وَمَعْنَى كَوْنِهَا مِنْ الْجَنَّةِ أَنَّ لَهَا مَادَّةً مِنْ الْجَنَّةِ إذْ هِيَ مَوْجُودَةٌ الْآنَ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ كَذَا فِي الْإِيعَابِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: وَبِوُصُولِ نَجَسٍ) خَرَجَ بِهِ وُصُولُ الْمَاءِ لِلنَّجَسِ بِأَنْ كَانَ وَارِدًا فَإِنَّهُ لَا يَنْجَسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ أَيْضًا وَبِوُصُولِ نَجَسٍ إنْ قَلَّا) وَقِيلَ لَا يَنْجَسُ كَثِيرُ الْمَاءِ وَلَا قَلِيلُهُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَالرُّويَانِيُّ فِي كِتَابَيْهِ الْبَحْرِ وَالْحِلْيَةِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: هُوَ اخْتِيَارِيٌّ وَاخْتِيَارُ جَمَاعَةٍ رَأَيْتُهُمْ بِخُرَاسَانَ وَالْعِرَاقِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدَ حِكَايَةِ الْمَذَاهِبِ فِي مِقْدَارِ الْمَاءِ الَّذِي لَا يَنْجَسُ هَذَا الْمَذْهَبُ أَصَحُّ الْمَذَاهِبِ بَعْدَ مَذْهَبِنَا اهـ.
(قَوْلُهُ: إنْ قَلَّا) أَيْ: يَقِينًا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ أَقَلِيلٌ أَمْ كَثِيرٌ فَالْأَصْلُ الطَّهَارَةُ عَلَى مَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ وَاعْتَمَدَهُ م ر وَحَجَرٌ سَوَاءٌ شَكَّ فِيهِ ابْتِدَاءً أَوْ كَانَ قَلِيلًا وَكُوثِرَ وَشَكَّ هَلْ بَلَغَ قُلَّتَيْنِ أَمْ لَا، وَالْحُكْمُ بِالتَّنَجُّسِ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ لِلْقَلِيلِ بِدُونِ تَغَيُّرٍ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا كَابْنِ الْمُنْذِرِ وَالْغَزَالِيِّ وَالرُّويَانِيِّ وَنَقَلَهُ عَنْ رُوَاةٍ بِالْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ مِنْ الْأَصْحَابِ تَوَقُّفَ نَجَاسَتِهِ عَلَى التَّغَيُّرِ كَالْكَثِيرِ أَخْذًا بِحَدِيثِ بِئْرِ بُضَاعَةَ الصَّحِيحِ وَبِخَبَرِ «خَلَقَ اللَّهُ الْمَاءَ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إلَّا مَا غَيَّرَ طَعْمَهُ أَوْ لَوْنَهُ أَوْ رِيحَهُ» كَذَا فِي الْإِيعَابِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: كَغَيْرِ الْمَاءِ) فِي الْمَجْمُوعِ بِلَا خِلَافٍ وَنُقِلَ عَنْ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ الْعَشْمَاوِيِّ أَنَّهُ قِيلَ لَا يَنْجَسُ إلَّا مَا لَاقَى النَّجَاسَةَ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. (قَوْلُهُ: بِقَرِينَةِ إلَخْ) وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخَلَّ بِهِ.
(قَوْلُهُ: فِي الِاسْتِنْجَاءِ لَوْثٌ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ: وَاحْتِمْ لِمَا لَوَّثَ إنْ بِالْمَاءِ قَلَعَ أَيْ: الْمُسْتَنْجِي. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَاءُ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى ثَلَاثِ دَعَاوَى تَضَمَّنَهَا الْمُصَنِّفُ: تَنَجُّسُ الْقَلِيلِ مِنْ الْمَاءِ وَكَوْنُهُ بِالْمُلَاقَاةِ وَكَوْنُ غَيْرِ الْمَاءِ كَالْمَاءِ. (قَوْلُهُ: نَهَاهُ إلَخْ) هُوَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ فَلَوْ غَمَسَ يَدَهُ لَمْ يَفْسُدْ الْمَاءُ وَحُكِيَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ تَنَجُّسُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا وَمِثْلُهُ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ إنْ قَامَ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ، وَتَنْزِيهٍ إنْ قَامَ مِنْ نَوْمِ النَّهَارِ اعْتِمَادًا عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ. اهـ. عُبَابٌ.
(قَوْلُهُ: إذَا خَفِيَتْ) أَيْ: كَاَلَّتِي بِيَدِ الْمُسْتَيْقِظِ إذْ لَوْ ظَهَرَتْ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يُقَالَ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ اهـ. (قَوْلُهُ: لَا تُغَيِّرُ الْمَاءَ) أَيْ: حَتَّى تَحْكُمَ بِأَنَّ تَنَجُّسَهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ. (قَوْلُهُ: قُلَّتَيْنِ) أَيْ: كُلِّهِمَا مِنْ مَحْضِ الْمَاءِ فَلَوْ وَقَعَ فِي مَاءٍ يَنْقُصُ عَنْ قُلَّتَيْنِ مَائِعٌ يُوَافِقُهُ فَبَلَغَهُمَا بِهِ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ فَرْضًا لَوْ قَدَّرَ مُخَالِفًا تَنَجَّسَ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ وَلَا يَدْفَعُ أَيْضًا الِاسْتِعْمَالَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ جَازَ الطُّهْرُ بِالْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ رَفْعٌ وَذَاكَ
فَمَعْنَى لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا لَمْ يَقْبَلْهُ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ حَمْلِ الْمَعْنَى نَحْوَ فُلَانٌ لَا يَحْمِلُ الضَّيْمَ أَيْ: لَا يَقْبَلُهُ وَلَا يَلْتَزِمُهُ وَلَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ قَالَ تَعَالَى {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} [الجمعة: 5] أَيْ: لَمْ يَقْبَلُوا أَحْكَامَهَا وَلَمْ يَلْتَزِمُوهَا بِخِلَافِ حَمْلِ الْجِسْمِ نَحْوَ فُلَانٌ لَا يَحْمِلُ الْحَجَرَ أَيْ: لَا يُطِيقُهُ لِثِقَلِهِ وَلَوْ حُمِلَ الْخَبَرُ عَلَى هَذَا لَمْ يَبْقَ لِلتَّقْيِيدِ بِالْقُلَّتَيْنِ فَائِدَةٌ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمَاءِ فَبِالْأَوْلَى وَفَارَقَ كَثِيرُ الْمَاءِ كَثِيرَ غَيْرِهِ بِأَنَّ كَثِيرَهُ قَوِيٌّ وَيَشَقُّ حِفْظُهُ مِنْ النَّجَسِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَإِنْ كَثُرَ.
(إلَّا مَيْتًا بِلَا سَيْلِ دَمٍ) لَهُ عِنْدَ شَقِّ جُزْءٍ مِنْهُ فِي الْحَيَاةِ كَذُبَابٍ وَنَحْلٍ وَنَمْلٍ وَخُنْفُسَاءَ وَبَقٍّ وَعَقْرَبٍ وَقَمْلٍ وَبُرْغُوثٍ وَوَزَغٍ فَلَا يُنَجِّسُ مَا وَقَعَ فِيهِ بِوُصُولِهِ إلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ إذَا (لَمْ يُنْبَذْ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ: لَمْ يُلْقَ فِيهِ ذَلِكَ الْمَيِّتُ بِأَنْ وَقَعَ فِيهِ بِنَفْسِهِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الْآخَرِ شِفَاءً» زَادَ أَبُو دَاوُد «وَأَنَّهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الَّذِي فِيهِ الدَّاءُ وَقَدْ يُفْضِي غَمْسُهُ إلَى مَوْتِهِ» فَلَوْ نَجِسٌ لَمَا أَمَرَ بِهِ وَقِيسَ بِالذُّبَابِ غَيْرُهُ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ فَإِنْ نُبِذَ فِيهِ نَجَّسَهُ بِوُصُولِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ نَعَمْ لَوْ أُخْرِجَ مِمَّا نَشْؤُهُ فِيهِ وَأُلْقِيَ فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ عَادَ الْقَوْلَانِ أَيْ: فِي الْحَيَوَانِ الْأَجْنَبِيِّ كَالذُّبَابِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: بِالْقُلَّتَيْنِ) لَا فَائِدَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ ثَابِتٌ لِمَا دُونَهُمَا وَقَدْ يُقَالُ لَهُ فَائِدَةٌ وَهُوَ الِاهْتِمَامُ بِالتَّنْصِيصِ عَلَى حُكْمِ الْقُلَّتَيْنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اخْتِصَاصُ الْحُكْمِ بِمَا دُونَهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نُبِذَ فِيهِ) وَلَوْ بِنَبْذِ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَبَهِيمَةٍ م ر. (قَوْلُهُ: مِمَّا نَشْؤُهُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَبِالْهَمْزِ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَأُلْقِيَ فِيهِ) أَيْ: بَعْدَ الْمَوْتِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْآتِي وَيُجَابُ إلَخْ بِرّ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي غَيْرِهِ) أَيْ: مِنْ جِنْسِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ.
بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
دَفْعٌ وَالدَّفْعُ أَقْوَى غَالِبًا حَجَرٌ وَالْمُرَادُ بِالنَّقْصِ عَنْ قُلَّتَيْنِ النَّقْصُ بِالْقَدْرِ الزَّائِدِ عَلَى مَا يُغْتَفَرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: فَمَعْنَى لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا لَمْ يَقْبَلْهُ إلَخْ) أَيْ: كَمَا قَالَ الْمُخَالِفُ لَمْ يُطِقْ حَمْلَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ جَعَلُوا ضَابِطَ مَا يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ حُرِّكَ طَرَفُهُ لَمْ يَتَحَرَّكْ الطَّرَفُ الْآخَرُ وَاعْتَرَضَهُ أَئِمَّتُنَا بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْحَدِّ الْوَارِدِ عَنْ الشَّارِعِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا ضَابِطَ لَهُ لِاخْتِلَافِهِ بِضِيقِ مَوْضِعِ الْمَاءِ وَسِعَتِهِ فَإِنَّ الْمَاءَ يَكُونُ عَمِيقًا مَعَ ضِيقِ مَكَانِهِ وَقَلِيلًا مُنْبَسِطًا لِقُرْبِ قَرَارِهِ وَقَدْ ذَكَرَ لِي بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُمْ يَلْتَزِمُونَ قَضِيَّةَ هَذَا الْإِيرَادِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ حَمْلِ الْمَعْنَى) أَيْ: بِاتِّفَاقٍ مِنَّا وَمِنْ الْمُخَالِفِ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْخَبَثِ خُصُوصَ الْحِسِّيِّ فَالْمُرَادُ وَصْفُ النَّجَاسَةِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ حَمْلِ الْجِسْمِ) أَيْ: فَلَيْسَ هُوَ الْمُرَادُ هُنَا بِأَنْ يَكُونَ مُسْتَعْمَلًا فِي حَمْلِ الْمَعْنَى مَجَازًا أَيْ: لَا يُطِيقُ النَّجَاسَةَ بَلْ يَتَنَجَّسُ بِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: بِلَا سَيْلِ دَمٍ) لَوْ شَكَّ هَلْ الْمَيْتَةُ مِمَّا يَسِيلُ دَمُهُ اُتُّجِهَ الْعَفْوُ وسم. (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَجِّسُ مَا وَقَعَ) بِوُصُولِهِ فِيهِ بَلْ بِتَغَيُّرِهِ وَلَوْ قَلِيلًا وَقِيلَ لَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ مُطْلَقًا وَإِنْ قُلْنَا بِنَجَاسَةِ مَيْتَتِهَا فَالْمَاءُ الْمُتَغَيِّرُ بِهَا طَاهِرٌ فَقَطْ وَقِيلَ طَهُورٌ أَيْضًا. اهـ. عُبَابٌ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَإِنْ نُبِذَ فِيهِ نَجَّسَهُ جَزْمًا فَإِنَّ ظَاهِرَهُ الْجَزْمُ فِيمَا بَعْدَ الِاسْتِدْرَاكِ. (قَوْلُهُ: لَوْ أُخْرِجَ) أَيْ: مَيِّتًا اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي غَيْرِهِ إلَخْ) لِأَنَّ النَّاشِئَ مِنْ شَيْءٍ صَارَ كَالْجُزْءِ مِنْهُ فِي الْأَكْلِ وَغَيْرِهِ فَلَمْ يَضُرَّ طَرْحُهُ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ وَلَا فِي غَيْرِهِ كَذَا وَجْهُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ تَدَبَّرْهُ. (قَوْلُهُ: فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ) عِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّرْحُ فِي حَاشِيَةِ الْعِرَاقِيِّ فَلَوْ أُخْرِجَ مِنْهُ وَطُرِحَ فِي غَيْرِهِ أَوْ رُدَّ إلَيْهِ عَادَ الْقَوْلَانِ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا: فَإِنْ أُخْرِجَ هَذَا الْحَيَوَانُ مِمَّا مَاتَ فِيهِ وَأُلْقِيَ فِي مَائِعٍ غَيْرِهِ أَوْ رُدَّ إلَيْهِ فَهَلْ يَنْجُسُ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي الْحَيَوَانِ الْأَجْنَبِيِّ أَيْ: الَّذِي وَقَعَ بِنَفْسِهِ اهـ فَحَمَلَ عِبَارَةَ أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ مَعَ شَرْحِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ هَكَذَا وَيُسْتَثْنَى مَيْتَةٌ لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ فَلَا تُنَجِّسُ مَائِعًا بِمَوْتِهَا فِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا إلَّا أَنْ تُغَيِّرَهُ بِكَثْرَتِهَا وَالثَّانِي تُنَجِّسُهُ كَغَيْرِهَا.
وَلَوْ مَاتَتْ فِيمَا نَشَأَتْ مِنْهُ كَالْعَلَقِ وَدُودِ الْخَلِّ لَمْ تُنَجِّسْهُ جَزْمًا وَلَوْ طُرِحَتْ فِي الْمَائِعِ بَعْدَ مَوْتِهَا نَجَّسَتْهُ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَالَ فِي الْكَبِيرِ فِيمَا فِي الْمَاءِ لَوْ طُرِحَ فِيهِ مِنْ خَارِجٍ عَادَ الْخِلَافُ أَيْ: بِمَوْتِهِ فِيهِ اهـ فَنَعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ أَصْلَ الْخِلَافِ فِيمَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ بِنَفْسِهِ حَيًّا وَمَاتَ فِيهِ اهـ وَأَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا نَشْؤُهُ مِنْهُ إذَا طُرِحَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا طُرِحَ حَيًّا بِحَمْلِ عِبَارَةِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ الْمَحْمُولِ عَلَى الطَّرْحِ حَيًّا بِقَرِينَةِ جَزْمِهِ فِي الصَّغِيرِ بِالتَّنَجُّسِ مَعَ إطْلَاقِهِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ مَا نَشَأَ مِنْهُ وَإِنَّمَا حَمَلَ الشَّارِحُ عَلَى التَّصْوِيرِ بِالْإِلْقَاءِ مَيِّتًا عِبَارَةَ الْمَجْمُوعِ لَكِنَّ الْأَوْفَقَ بِأَصْلِ الْخِلَافِ هُوَ الْإِلْقَاءُ حَيًّا ثُمَّ يَمُوتُ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الَّذِي يُتَّجَهُ تَقْيِيدُ الْقَوْلَيْنِ بِمَا إذَا أَعَادَهُ إلَيْهِ حَيًّا فَمَاتَ فِيهِ فَإِنْ أَعَادَهُ مَيِّتًا نَجَّسَ قَطْعًا وَلَيْسَ كَمَا زُعِمَ مِنْ الْقَطْعِ بَلْ الْخِلَافُ جَارٍ وَإِنْ أَعَادَهُ مَيِّتًا فَنَقُولُ: إنَّ فِي طَرْحِ مَا يُعْفَى عَنْهُ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فَالْأَكْثَرُ أَنَّهُ يَضُرُّ مُطْلَقًا وَجَمْعٌ مِنْهُمْ الْبُلْقِينِيُّ وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ تَنْقِيحِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَضُرُّ فِيمَا نَشْؤُهُ مِنْهُ وَيَضُرُّ فِي غَيْرِهِ وَمُعْتَمَدُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا إنْ طُرِحَتْ حَيَّةً لَمْ يَضُرَّ مُطْلَقًا
إذَا وَقَعَ بِنَفْسِهِ، وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْعَفْوِ وَرَجَّحَ الزَّرْكَشِيُّ خِلَافَهُ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ الصَّوَابُ فِيمَا إذَا أُلْقِيَ فِي غَيْرِهِ وَيُتَّجَهُ تَرْجِيحُهُ أَيْضًا فِيمَا إذَا أُلْقِيَ فِيهِ فَاعْتُمِدَ ذَلِكَ اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ تَصْوِيرُ الْبَغَوِيّ ذَلِكَ بِمَا إذَا أُلْقِيَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ بَلْ صَوَّرَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ بِمَا إذَا وَقَعَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أُلْقِيَ فِيهِ كَذَلِكَ ضَرَّ وَالْأَوْجَهُ تَصْوِيرُهُ بِمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَيُجَابُ عَنْ التَّعْبِيرِ بِعَوْدِ الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ فَلَوْ شَكَكْنَا فِي سَيْلِ دَمِهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: فَيُمْتَحَنُ بِجِنْسِهِ فَيُجْرَحُ لِلْحَاجَةِ وَلَوْ كَانَ مِمَّا يَسِيلُ دَمَهُ لَكِنْ لَا دَمَ فِيهِ أَوْ فِيهِ دَمٌ لَا يَسِيلُ لِصِغَرِهِ فَلَهُ حُكْمُ مَا يَسِيلُ دَمُهُ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَعُلِمَ مِنْ عَدَمِ التَّنْجِيسِ بِوُصُولِ مَا لَا يَسِيلُ دَمُهُ أَنَّهُ لَوْ غَيَّرَ مَا هُوَ فِيهِ نَجَّسَهُ لِنُدْرَتِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَشَقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَفِي تَعَلُّقِ مَيِّتًا بِإِلَّا تَضْمِينٌ وَهُوَ أَنْ لَا يَظْهَرَ مَعْنَى الْبَيْتِ لَا بِآخَرَ وَهُوَ عَيْبٌ فِي الشِّعْرِ خِلَافًا لِلْأَخْفَشِ وَقِسْ عَلَيْهِ نَظِيرَهُ
. (قُلْتُ: وَ) إلَّا (غَيْرَ بَشَرٍ) مِنْ الْحَيَوَانِ كَطَيْرٍ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: الزَّرْكَشِيُّ خِلَافَهُ) أَيْ: الْعَفْوِ اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: إنَّهُ) أَيْ: خِلَافَ الْعَفْوِ الصَّوَابُ إلَخْ اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: وَيُتَّجَهُ تَرْجِيحُهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ: خِلَافَ الْعَفْوِ. (قَوْلُهُ: الْبَغَوِيّ ذَلِكَ) أَيْ: مَحَلَّ عَوْدِ الْقَوْلَيْنِ بِرّ. (قَوْلُهُ: فِيهِ كَذَلِكَ) أَيْ: حَيًّا بِرّ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ تَصْوِيرُهُ) أَيْ: مَحَلِّ عَوْدِ الْقَوْلَيْنِ فَيَكُونُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أُلْقِيَ فِيهِ مَيِّتًا ضَرَّ جَزْمًا بِرّ. (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ إلَخْ) الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَيُجَابُ بِمَعْنَى أَوْ. (قَوْلُهُ: عَنْ التَّعْبِيرِ) الظَّاهِرِ فِي اتِّحَادِ التَّرْجِيحِ. (قَوْلُهُ: فَيُجْرَحُ لِلْحَاجَةِ) فِيهِ إنْ جُرِحَ بَعْضُ الْأَفْرَادِ لَا يُفِيدُ لِجَوَازِ مُخَالَفَتِهِ لِجِنْسِهِ لِعَارِضٍ، وَجَرْحُ الْكُلِّ لَا يُمْكِنُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: جَرْحُ الْبَعْضِ إذَا كَثُرَ يَحْصُلُ بِهِ الظَّنُّ وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ التَّنْجِيسُ بِالشَّكِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الظَّاهِرُ مِنْ وُجُودِ الدَّمِ فِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ أَنَّ الْجِنْسَ كَذَلِكَ. وَمُخَالَفَةُ بَعْضِ الْأَفْرَادِ لِلْجِنْسِ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَالْغَالِبِ.
(قَوْلُهُ: فَيُجْرَحُ لِلْحَاجَةِ) قَضِيَّتُهُ جَوَازُ الْجَرْحِ. (قَوْلُهُ: فَيُجْرَحُ لِلْحَاجَةِ) يُتَّجَهُ أَنَّ لَهُ الْإِعْرَاضَ عَنْ ذَلِكَ وَالْعَمَلَ بِالطَّهَارَةِ حَيْثُ اُحْتُمِلَ أَنَّهُ مِمَّا لَا يَسِيلُ دَمُهُ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ هِيَ الْأَصْلُ وَلَا تَنَجُّسَ بِالشَّكِّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مِمَّا يَسِيلُ إلَخْ) وَبِالْعَكْسِ فَلَوْ كَانَ مِمَّا لَا يَسِيلُ دَمُهُ لَكِنْ عَرَضَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ كَالْبَقِّ وَالْبَرَاغِيثِ فَلَهُ حُكْمُ مَا لَا يَسِيلُ دَمُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ قَوْلِهِ كَغَيْرِهِ السَّابِقِ وَبَقٍّ وَبُرْغُوثٍ
(قَوْلُهُ: مِنْ الْحَيَوَانِ) شَامِلٌ لِنَحْوِ الْحِمَارِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
وَإِنْ طُرِحَتْ مَيِّتَةً ضَرَّ مُطْلَقًا وَأَنَّ وُقُوعَهَا بِنَفْسِهَا لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا وَفِيمَا لَا يَضُرُّ يُقَيَّدُ بِعَدَمِ التَّغَيُّرِ، وَالصَّبِيُّ وَالْبَهِيمَةُ كَغَيْرِهِمَا بِخِلَافِ الرِّيحِ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أُخْرِجَ إلَخْ) أَمَّا إذَا مَاتَ فِيهِ بِلَا إخْرَاجٍ فَلَا يَضُرُّ جَزْمًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فَغَلَّظَ الْإِسْنَوِيُّ فِي نَقْلِهِ الْخِلَافَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْمَجْمُوعِ) كَلَامُهُ يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْعَفْوِ عَنْ الْمَيْتَةِ الْمُلْقَاةِ فِيمَا نَشَأَتْ مِنْهُ وَاعْتَمَدَهُ طب سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ: كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ فِي الْمُهِمَّاتِ. (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ: التَّصْوِيبُ وَالتَّرْجِيحُ اهـ. (قَوْلُهُ: تَصْوِيرُ الْبَغَوِيّ) أَيْ: فِي الْمُهَذَّبِ قَوْلُهُ: تَصْوِيرُ الْبَغَوِيّ ذَلِكَ أَيْ: الْإِخْرَاجَ مِمَّا نَشْؤُهُ مِنْهُ وَالْإِلْقَاءَ فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا أُلْقِيَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ) يُنَافِيهِ عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ أُخْرِجَ هَذَا الْحَيَوَانُ مِمَّا مَاتَ فِيهِ وَأُلْقِيَ إلَخْ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي إلْقَائِهِ مَيِّتًا عَلَى أَنَّ طَرْحَ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ حَيًّا لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا نَشْؤُهُ مِنْهُ أَوْ لَا كَذَا فِي الْإِيعَابِ وَإِنَّمَا يُرَدُّ لَوْ كَانَ تَصْوِيرُ الْكَلَامِ الرَّوْضَةَ وَالْمَجْمُوعَ وَلَك أَنْ تَقُولَ هُوَ تَصْوِيرٌ لِمَحَلِّ الْقَوْلَيْنِ، وَعِبَارَةُ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيبِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّرْحِ لِلْعِرَاقِيِّ وَلَوْ مَاتَ حَيَوَانٌ فِي طَعَامٍ نَشْؤُهُ مِنْهُ مِثْلُ دُودِ الْخَلِّ يَمُوتُ فِيهِ فَلَا يُنَجِّسُهُ فَإِنْ أُخْرِجَ ثُمَّ رُدَّ إلَيْهِ فَمَاتَ فِيهِ أَوْ طُرِحَ فِي مَائِعٍ آخَرَ فَمَاتَ فِيهِ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ اهـ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا التَّصْوِيرَ يُؤَيِّدُ تَرْجِيحَ خِلَافِ الْعَفْوِ فِيمَا فُرِضَ فِيهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَهُوَ إلْقَاءُ الْمَيِّتِ وَالشَّارِحُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مُصَرِّحٌ بِمُخَالَفَةِ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ لِتَصْوِيرِ كَلَامِ الْبَغَوِيّ فَتَعَيَّنَ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ لَا مَا فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ. (قَوْلُهُ: بَلْ صَوَّرَهُ إلَخْ) أَيْ: صَوَّرَ مَحَلَّ الْقَوْلَيْنِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ بِمَا إذَا وَقَعَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ لَا بِمَا إذَا أُلْقِيَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ: قَضِيَّةُ التَّصْوِيرِ بِمَا إذَا وَقَعَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ أَنَّهُ إذَا أُلْقِيَ فِيهِ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ ضَرَّ جَزْمًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلِذَا قَالَ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُجَابُ عَنْ التَّعْبِيرِ) أَيْ: تَعْبِيرِ الشَّيْخَيْنِ بِعَوْدِ الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّ مُرَادَهُمَا عَوْدُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْحَيَوَانِ الْأَجْنَبِيِّ إذَا وَقَعَ بِنَفْسِهِ إلَّا أَنَّ الرَّاجِحَ هُنَا عَدَمُ الْعَفْوِ عَلَى خِلَافِ الرَّاجِحِ هُنَاكَ
(قَوْلُهُ: قُلْت وَإِلَّا غَيْرَ بَشَرٍ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَاءَ لَا يَتَنَجَّسُ حَيْثُ قَالَ فَلْيَتَنَجَّسْ إلَّا مَيْتَةً وَإِلَّا غَيْرَ بَشَرٍ لَكِنْ قَالَ ابْنُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ: التَّحْقِيقُ أَنَّ مَا عَدَا مَيْتَةَ مَا لَا دَمَ لَهُ سَائِلٌ وَالنَّجَسَ الَّذِي لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ الْحُكْمُ بِالتَّنَجُّسِ وَلَكِنْ يُعْفَى عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَمَّا الْمَيْتَةُ الْمَذْكُورَةُ وَمَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ فَلَا يُنَجِّسَانِ الْمَائِعَ اهـ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ حَجَرٍ أَنَّ مَعْنَى الْعَفْوِ عَنْ الشَّعْرِ النَّجِسِ وَالدُّخَانِ النَّجِسِ عَدَمُ التَّأْثِيرِ فَلَعَلَّ هَذَا خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ.
وَعَلَى الْأَوَّلِ الظَّاهِرِ عَدَمُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ مَعَ حَمْلِ الْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ بِمَا ذُكِرَ وَفِي التُّحْفَةُ تَنْبِيهٌ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ أَنَّهَا لَا تُنَجِّسُ مُلَاقِيَهَا، وَفِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ: إنَّ الْمَعْفُوَّاتِ ثَمَّ تُنَجِّسُ لَكِنْ
وَفَأْرٍ فَلَا يُنَجِّسُ مَا وَقَعَ فِيهِ (لِلْمَنْفَذِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَبِالْمُعْجَمَةِ أَيْ: لِأَجْلِ مَا عَلَى مَنْفَذِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ بِخِلَافِ الْبَشَرِ وَلَوْ مُسْتَجْمِرًا وَإِلَّا الْيَسِيرَ عُرْفًا مِنْ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَمِنْ الشَّعْرِ النَّجِسِ وَكَذَا نَجِسٌ لَا يُدْرِكُهُ طَرْفٌ كَرَشَاشِ بَوْلٍ أَوْ خَمْرٍ لَا يُشَاهَدُ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ خِلَافَهُ وَلَوْ رَأَى قَوِيُّ النَّظَرِ مَا لَا يَرَاهُ غَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ الْعَفْوُ كَمَا فِي سَمَاعِ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ وَقَوْلُ النَّظْمِ وَغَيْرَ بَشَرٍ عَطَفَ عَلَى مَيِّتًا وَمِثْلُهُ يُسَمَّى بِالْعَطْفِ التَّلْقِينِيِّ كَعَطْفِ وَمَنْ كَفَرَ عَلَى مَنْ آمَنَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ} [البقرة: 126] الْآيَةَ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِلْحَاوِي قُلَّ: وَغَيْرَ بَشَرٍ (وَإِنْ بِمَاءٍ) طَاهِرٍ أَوْ نَجِسٍ (خَالِصٍ) مِنْ خَلِيطٍ (يَكْثُرُ) أَيْ: الْمَاءُ الْمُتَنَجِّسُ بِالْوُصُولِ بِأَنْ يَبْلُغَ قُلَّتَيْنِ (طَهَرْ) لِخَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ وَلِانْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّنَجُّسِ بِالْوُصُولِ وَهِيَ الْقِلَّةُ، وَلَا يَضُرُّ تَفْرِيقُهُ بَعْدَمَا لَمْ يَبْقَ نَجَسٌ جَامِدٌ فِيمَا قَلَّ فَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ بِمَاءٍ خَالِصٍ بِأَنْ لَمْ يَكْثُرْ أَوْ كَثُرَ بِغَيْرِ مَاءٍ أَوْ بِمَاءٍ غَيْرِ خَالِصٍ لَمْ يَطْهُرْ بَلْ لَوْ كُوثِرَ الطَّهُورُ بِمَاءِ وَرْدٍ أَوْ نَحْوِهِ وَاسْتُهْلِكَ فِيهِ تَنَجَّسَ بِوُصُولِ نَجِسٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ قُلَّتَيْنِ مِنْ الْمَاءِ، وَإِبَاحَةُ اسْتِعْمَالِ الْجَمِيعِ لِاسْتِهْلَاكِ الْخَلِيطِ لَا لِأَنَّهُ صَارَ مَاءً وَالْعِبْرَةُ فِي الْكَثْرَةِ بِالضَّمِّ لَا بِالْخَلْطِ حَتَّى لَوْ ضُمَّ الصَّافِي وَالْكَدِرُ طَهُرَا وَإِنْ لَمْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لِلْمَنْفَذِ) أَخْرَجَ مَا عَلَى غَيْرِ الْمَنْفَذِ كَالرِّجْلِ وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: لِلْمَنْفَذِ. أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: لِلْمَنْفَذِ) لَا يَبْعُدُ أَنَّ مِنْقَارَ الطَّيْرِ كَالْمَنْفَذِ بَلْ يُمْكِنُ أَنَّ رِجْلَ الْحَيَوَانِ كَذَلِكَ م ر. (قَوْلُهُ: مَنْفَذِهِ) مِنْ النَّجَاسَةِ غَيْرِ الْأَجْنَبِيَّةِ الطَّارِئَةِ. (قَوْلُهُ: كَنَظِيرِهِ إلَخْ) قَدْ يُفَرَّقُ بِقِلَّتِهِ هُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَاءٍ غَيْرِ خَالِصٍ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَمْ تَحْصُلْ الْكَثْرَةُ بِمَحْضِ الْمَاءِ بِأَنْ لَمْ تَحْصُلْ إلَّا بِمَجْمُوعِ الْمَاءِ وَمَا خَالَطَهُ أَمَّا لَوْ حَصَلَتْ بِمَحْضِ الْمَاءِ لَكِنْ خَالَطَهُ غَيْرُهُ فَإِنْ أَثَّرَتْ الْمُخَالَطَةُ لَمْ يَطْهُرْ وَإِلَّا طَهُرَ. (قَوْلُهُ: وَاسْتُهْلِكَ فِيهِ تَنَجَّسَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُؤْخَذُ مِنْ الْحُكْمِ بِتَنَجُّسِهِ أَنَّهُ لَوْ انْغَمَسَ فِيهِ جُنُبٌ صَارَ مُسْتَعْمَلًا؛ لِأَنَّهُ كَمَا لَا يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ لَا يَدْفَعُ الِاسْتِعْمَالَ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ اهـ. (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ ضُمَّ الصَّافِي وَالْكَدِرُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَكِنْ إنْ انْضَمَّا بِفَتْحِ حَاجِزٍ اُعْتُبِرَ اتِّسَاعُهُ وَمُكْثُهُ زَمَنًا يَزُولُ فِيهِ التَّغَيُّرُ لَوْ كَانَ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ الْآتِيَةِ اهـ.
ــ
[حاشية الشربيني]
لَا تَبْطُلُ بِهَا الصَّلَاةُ مَثَلًا وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ الْفَرْقُ فَإِنَّ الضَّرُورَةَ أَوْ الْحَاجَةَ الْمُوجِبَةَ لِلْعَفْوِ مَوْجُودَةٌ فِي الْكُلِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: عَلَى بُعْدِ أَنَّ أَصْلَ الضَّرُورَةِ هُنَا آكَدُ اهـ قَالَ فِي الْإِيعَابِ: النَّجَسُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: مَا لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الْمَاءِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَا عَدَا مَا يَأْتِي. وَمَا يُعْفَى عَنْهُ فِيهِمَا وَهُوَ مَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ وَنَحْوُهُ. وَمَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ فَقَطْ وَهُوَ قَلِيلُ الدَّمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّوْبَ يَعْسُرُ صَوْنُهُ وَغَسْلُهُ كُلَّ يَوْمٍ يُبْلِيهِ بِخِلَافِ الْمَاءِ يَسْهُلُ صَوْنُهُ وَيَطْهُرُ بِغَيْرِ الْغَسْلِ. وَأَثَرُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ يُعْفَى عَنْهُ فِي الْبَدَنِ إذَا انْتَشَرَ بِعَرَقٍ وَلَمْ يُجَاوِزْ نَحْوَ الصَّفْحَةِ أَوْ جَاوَزَهُ وَوَصَلَ لِلثَّوْبِ عَلَى تَنَاقُضٍ فِيهِ وَلَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الْمَاءِ عَكْسُ مَنْفَذِ الْحَيَوَانِ يُعْفَى عَنْهُ فِي الْمَاءِ دُونَ حَمْلِهِ فِي الصَّلَاةِ. ثُمَّ مَعْنَى الْعَفْوِ عَنْ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ عَيْنًا نَجِسَةً لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مُلَاقَاتِهِ لِمَحَلِّ نَجَاسَةِ ذَلِكَ شَرْعًا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَثْنَاةٍ وَإِنَّمَا يَشْمَلُهَا الْعَفْوُ لِغَرَضِ صِحَّةِ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ وَالصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَجِّسُ مَا وَقَعَ فِيهِ) سَوَاءٌ الْمَاءُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ وَاعْتَمَدَ ز ي التَّقْيِيدَ بِالْمَاءِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا الْيَسِيرَ عُرْفًا إلَخْ) وَقِيلَ يُعْفَى عَنْ الْكَثِيرِ وَقِيلَ إنَّهُ طَاهِرٌ شَرْحُ عُبَابٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ دُخَانِ النَّجَاسَةِ) وَكَذَا دُخَانُ الْمُتَنَجِّسِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ وَفِي الرَّوْضَةِ: إنَّهُ طَاهِرٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ الشَّعْرِ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الرَّاكِبِ وَالْقَصَّاصِ أَمَّا هُمَا فَيُعْفَى عَنْ الْكَثِيرِ اهـ م ر. (قَوْلُهُ: نَجَسٌ لَا يُدْرِكُهُ طَرْفٌ) لَوْ شَكَّ هَلْ يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ أَوْ لَا اُتُّجِهَ الْعَفْوُ م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: نَجَسٌ لَا يُدْرِكُهُ طَرْفٌ) لَوْ كَانَ بِمَوَاضِعَ وَلَوْ اجْتَمَعَ لَرُئِيَ اعْتَمَدَ م ر الْعَفْوَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَجْمُوعُ يَسِيرًا عُرْفًا سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: يُسَمَّى الْعَطْفُ التَّلْقِينِيُّ) قِيلَ إنَّهُ مِنْ عَطْفِ كَلَامِ مُتَكَلِّمٍ عَلَى كَلَامِ مُتَكَلِّمٍ آخَرَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْمُلَقِّنَ بِالْكَسْرِ يَقُولُ لِلْمُتَكَلِّمِ قُلْ كَذَا عَاطِفًا لَهُ عَلَى كَلَامِك الْأَوَّلِ فَلَيْسَ مَعْطُوفًا فِي الْكَلَامِ الْمُلَقَّنِ أَصْلًا بَلْ هُوَ فِي كَلَامِهِ فِي مَحَلِّ نَصْبِ مَقُولِ الْقَوْلِ بِمَعْنَى التَّكَلُّمِ إنْ كَانَ جُمْلَةً وَبِمَعْنَى التَّلَفُّظِ إنْ كَانَ مُفْرَدًا تَدَبَّرْ. ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ أَحْمَدَ بْنَ سُلَيْمَانَ ذَكَرَ حَاصِلَ ذَلِكَ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى عَبْدِ الْحَكِيمِ عَلَى الْقَاضِي اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِمَاءٍ خَالِصٍ يَكْثُرُ طَهُرَ) أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ تَغَيَّرَ وَلَوْ تَقْدِيرًا اهـ. (قَوْلُهُ: الضَّمِّ) أَيْ: يَكْفِي الضَّمُّ وَإِنْ لَمْ يَمْتَزِجْ اهـ.
يَخْتَلِطَا
(وَلَوْ) كَانَ الْمَاءُ الْمُتَنَجِّسُ أَوْ الطَّاهِرُ (بِظَرْفٍ وَاسِعِ الرَّأْسِ) بِحَيْثُ يَتَحَرَّكُ مَا فِيهِ بِتَحَرُّكِ الْمَاءِ الْآخَرِ تَحَرُّكًا عَنِيفًا (وَقَرْ) فَإِنَّهُ يَطْهُرُ الْمُتَنَجِّسُ لِمَا مَرَّ، وَقَرَّ مِنْ الْقَرَارِ عَطْفٌ عَلَى وَاسِعِ الرَّأْسِ كَعَطْفِ " أَثَرْنَ عَلَى الْعَادِيَاتِ أَوْ حَالٌ وَأَصْلُهُ قَرَرَ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ أَيْ: وَقَرَّ الظَّرْفُ فِي الْمَاءِ زَمَنًا يَنْتَفِي فِيهِ التَّغَيُّرُ لَوْ كَانَ إذْ الِاتِّصَالُ الْمُفِيدُ لِتَقَوِّي أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ بِحَيْثُ يُعَدُّ جُزْءًا مِنْهُ إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ ضَيِّقِ الرَّأْسِ وَإِنْ قَرَّ وَوَاسِعِهِ إذَا لَمْ يَقِرَّ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ مَكَثَ الضَّيِّقُ وَفِيهِ مَاءٌ مُتَغَيِّرٌ حَتَّى انْتَفَى تَغَيُّرُهُ لَمْ يَطْهُرْ وَوَجْهُهُ عَدَمُ تَرَادِّ الْمَاءِ وَانْعِطَافِ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِزَوَالِ الْعِلَّةِ مَعَ وُجُودِ الِاتِّصَالِ صُورَةً وَلَوْ كَانَ الظَّرْفُ غَيْرَ مُمْتَلِئٍ فَمَا دَامَ يَدْخُلُهُ الْمَاءُ فَلَا اتِّصَالَ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْمَاءِ الْقَلِيلِ بَيَّنَ الْكَثِيرَ بِقَوْلِهِ (وَإِنَّمَا تَنْجِيسُ ذِي اتِّصَالِ) أَيْ: مَاءٍ مُتَّصِلٍ بَلَغَ خَمْسَمِائَةِ رَطْلٍ بِتَغَيُّرِ النَّجَاسَةِ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَمَثَّلَ لِلْمُتَّصِلِ بِقَوْلِهِ (كَجِرْيَةٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ ثُمَّ وَصَفَهُ بِقَوْلِهِ (قَارَبَ فِي الْأَرْطَالِ) الْبَغْدَادِيَّةِ الْآتِي بَيَانُهَا فِي الزَّكَاةِ (خَمْسُمِئ) تَرْخِيمُ مِائَةٍ كَمَا قَالَ بِهِ الْأَخْفَشُ فِي قَوْلِ مُزَرَّدٍ
وَمَا زَوَّدُونِي غَيْرَ سَحْقِ عِمَامَةٍ
…
وَخَمْسِمِئٍ مِنْهَا قَسِيٌّ وَزَائِفُ
وَعَنْ يُونُسَ أَنَّهُ جَمْعٌ كَتَمْرَةٍ وَتَمْرٍ، وَرَدَّهُ الْجَوْهَرِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَقَالَ مِئًى كَمِعًى كَمَا قَالُوا فِي جَمْعِ لِثَةٍ لِثًى وَثُبَةٍ ثُبًى (تَفْسِيرُ قُلَّتَيْنِ) بِالرَّفْعِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَبِالنَّصْبِ بِأَعْنِي وَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ تَقْرِيبًا بَيَانَ النَّقْصِ الْمُغْتَفَرِ بِقَوْلِهِ (فَلْيُلْغَ نَقْصُ الرِّطْلِ وَالرِّطْلَيْنِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي رَوْضَتِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: تَحَرُّكًا عَنِيفًا) هَلْ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ يَتَحَرَّكُ أَوْ بِقَوْلِهِ تَحَرُّكِ الْآخَرِ وَيُتَّجَهُ اعْتِبَارُهُ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: زَمَنًا يَنْتَفِي فِيهِ التَّغَيُّرُ إلَخْ) هُوَ إشَارَةٌ إلَى ضَابِطِ الْقَرَارِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّغَيُّرَ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا بِالْفِعْلِ اُشْتُرِطَ زَوَالُهُ كَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ اشْتِرَاطِ الْمُكْثِ هُنَا وَعَدَمِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ ظَرْفٌ حَيْثُ اُكْتُفِيَ بِانْضِمَامِ الْمَاءَيْنِ فَقَطْ كَمَا مَرَّ قُلْت: أُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ الْفَارِقَ وُجُودُ الْحَائِلِ هُنَا بِرّ
(قَوْلُهُ: قَارَبَ) أَيْ: ذُو الِاتِّصَالِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: كَعَطْفِ أَثَرْنَ) أَيْ: فِي أَنَّهُ عَطْفُ فِعْلٍ عَلَى اسْمٍ شَبِيهٍ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَالٌ) أَيْ: بِتَقْدِيرِ قَدْ. (قَوْلُهُ: بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ) أَيْ: مِنْ بَابَيْ ضَرَبَ وَعَلِمَ اهـ. (قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ) أَوْ التَّغَيُّرُ الْمَوْجُودُ اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ ضِيقِ الرَّأْسِ إلَخْ) لِعَدَمِ تَقَوِّي أَحَدِ الْمَاءَيْنِ بِالْآخَرِ وَبَقَاءِ قِلَّتِهِ وَلَا نَظَرَ لِاتِّصَالِهِ صُورَةً؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا يَعُدُّونَهُ اتِّصَالًا حَقِيقِيًّا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ لَا يَحْصُلُ بِهِ اتِّصَالٌ يُفِيدُ تَقَوِّي أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ. اهـ. إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) هُوَ احْتِمَالٌ لِلزَّرْكَشِيِّ تَبَعًا لِابْنِ الْأُسْتَاذِ لَكِنَّهُ مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ. اهـ. إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الْعِلَّةِ) أَيْ: التَّفْسِيرِ وَقَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ إلَخْ دَفْعٌ لِمَا يُفِيدُهُ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْقَلِيلَ يَطْهُرُ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَمَا دَامَ إلَخْ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَسَاوِي الْمَاءِ وَالْمُكْثِ بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: تَرْخِيمُ مِائَةٍ) فِي الرَّوْضِ أَصْلُ مِائَةٍ مِئْيَةٍ كَسِدْرَةٍ حُذِفَ لَامُهَا فَلَزِمَهَا التَّاءُ عِوَضًا مِنْهَا كَمَا فِي عِزَةٍ وَثُبَةٍ وَلَا مُهَايَأَةَ لِمَا حَكَى الْأَخْفَشُ رَأَيْت مِئْيًا بِمَعْنَى مِائَةٍ وَإِنَّمَا يُكْتَبُ مِائَةٌ بِالْأَلِفِ بَعْدَ الْمِيمِ حَتَّى لَا يَشْتَبِهَ بِصُورَةٍ مِنْهُ خَطًّا فَإِذَا جُمِعَ أَوْ ثُنِّيَ حُذِفَ الْأَلِفُ وَفِي الْقَامُوسِ مَأَيْت الْقَوْمَ جَعَلْتهمْ مِائَةً فَالشَّاعِرُ لَمَّا أَرَادَ التَّرْخِيمَ رَدَّهَا لِأَصْلِهَا وَسَكَّنَ الْيَاءَ لِلْوَقْفِ وَفَتَحَ الْهَمْزَةَ تَخْفِيفًا.
(قَوْلُهُ: سَحْقَ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ الْبَالِي وَقَوْلُهُ: خَمْسِمِئْيٍ هَكَذَا بِوَزْنِ سِدْرٍ جَمْعُ سِدْرَةٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مِئِي بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ وَيَاءٍ سَاكِنَةٍ وَقَدْ نَقَلَهُ الرَّضِيُّ كَذَلِكَ فِي قَوْلِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ
حَيْدَةٌ خَالِي وَلَقِيطٌ وَعَلِيٌّ
…
وَحَاتِمُ الطَّائِيُّ وَهَّابُ الْمِئِي
ثُمَّ قَالَ: حُكِيَ عَنْ يُونُسَ أَنَّهُ مَطْرُوحُ الْهَاءِ كَتَمْرَةٍ وَتَمْرٍ وَلَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ إذْ الْقِيَاسُ حِينَئِذٍ مِئًى كَمِعًى إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّرْحِ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ قِيلَ أَصْلُهُ مُأَيٌّ كَكُلَيْبٍ، كُسِرَ الْفَاءُ كَمَا قِيلَ فِي شَعِيرٍ وَرَغِيفٍ لِكَوْنِ الْعَيْنِ حَرْفَ حَلْقٍ ثُمَّ خُفِّفَ لِأَجْلِ الْقَافِيَةِ وَمُأَيٌّ كَكُلَيْبٍ غَيْرُ مَسْمُوعٍ فَفِي هَذَا الْقَوْلِ نَظَرٌ اهـ فَإِنْ كَانَ مِئِي تَرْخِيمَ مِئْيَةٍ كَسِدْرَةٍ فَيُقَالُ: حُرِّكَتْ الْهَمْزَةُ بِالْكَسْرِ لِمُنَاسَبَةِ الْيَاءِ أَوْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَإِنْ كَانَ تَرْخِيمُ مِائَةٍ كَعِدَةٍ فَيُقَالُ: إنَّ هَذِهِ الْحَرَكَةَ هِيَ حَرَكَةُ الْيَاءِ الْمَحْذُوفَةِ عَلَى لُغَةِ مَنْ لَا يَنْتَظِرُ وَإِنْ كَانَ مِئًى جَمْعًا أَصْلُهُ مِئْيٌ كَسِدْرٍ فَلَا تَرْخِيمَ وَإِنَّمَا كُسِرَتْ الْهَمْزَةُ اتِّبَاعًا لِلْمِيمِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَعَنْ يُونُسَ أَنَّهُ جَمْعٌ) أَيْ: جَمْعُ مِئْيَةٍ كَسِدْرَةِ وَسِدْرٍ فَالْهَاءُ مَطْرُوحَةٌ مِنْهُ كَمَا طُرِحَتْ فِي سِدْرٍ جَمْعِ سِدْرَةٍ وَلَا تَرْخِيمَ حِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: كَتَمْرَةٍ وَتَمْرٍ مِثَالٌ لِمَا سَقَطَ فِيهِ هَاءُ الْمُفْرَدِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ أَنَّهُ بِتِلْكَ الزِّنَةِ بَلْ هُوَ بِزِنَةِ سِدْرٍ جَمْعِ سِدْرَةٍ. (قَوْلُهُ: سَحْقِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ الْبَالِي وَقَوْلُهُ: قَسِيٌّ كَأَمِيرٍ وَقَوْلُهُ: وَزَائِفُ. ضَرْبٌ مِنْ الزُّيُوفِ فِيهِ صَلَابَةٌ وَالزَّائِفُ كَالزَّيْفِ الدِّرْهَمُ الْمَغْشُوشُ. (قَوْلُهُ: لَقَالَ مِئًى كَمِعًى) أَيْ: لِأَنَّ الْيَاءَ تَحَرَّكَتْ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا أَلِفًا وَتُحْذَفُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. (قَوْلُهُ: قَدْرٍ لَا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتٌ) كَأَنْ نَأْخُذَ إنَاءَيْنِ فِي وَاحِدٍ قُلَّتَانِ وَفِي الْآخَرِ دُونَهُمَا ثُمَّ تَضَعَ فِي أَحَدِهِمَا قَدْرًا مِنْ الْمُغَيِّرِ وَتَضَعَ فِي الْآخَرِ قَدْرَهُ
لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي تَحْقِيقِهِ مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ نَقْصُ قَدْرٍ لَا يَظْهَرُ بِنَقْصِهِ تَفَاوُتٌ فِي التَّغَيُّرِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُغَيَّرَةِ.
فَإِنْ قُلْت: الْقَوْلُ بِالْأَوَّلِ فِيهِ رُجُوعٌ لِلتَّحْدِيدِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْغَزَالِيُّ قُلْت: أَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ بِأَنَّ هَذَا تَحْدِيدٌ غَيْرُ التَّحْدِيدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَقَوْلُ النَّظْمِ تَفْسِيرٌ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ (غَيَّرَتْ) أَيْ: النَّجَاسَةُ وَلَوْ جَامِدَةً وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ (أَيْ: مَعْ وُصُولِهَا) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: وَإِنَّمَا تَنْجِيسُ مَاءٍ مُتَّصِلٍ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ بَلَغَ خَمْسَمِائَةِ رِطْلٍ تَقْرِيبًا كَجِرْيَةٍ بِأَنْ غَيَّرَتْ النَّجَاسَةُ الْمُتَّصِلَةُ بِهِ (أَحَدْ أَوْصَافِهِ) وَإِنْ كَانَ التَّغَيُّرُ يَسِيرًا لِلْإِجْمَاعِ الْمُخَصِّصِ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَقَالَ: إنَّهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ «الْمَاءُ طَهُورٌ وَلَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» كَمَا خَصَّصَهُ مَفْهُومُ خَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ وَدَلِيلُ أَنَّهُمَا خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي خَبَرِهِمَا «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ بِقُلَالِ هَجَرَ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ» ثُمَّ رُوِيَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْت قُلَالَ هَجَرَ فَإِذَا الْقُلَّةُ مِنْهَا تَسَعُ قِرْبَتَيْنِ أَوْ قِرْبَتَيْنِ وَشَيْئًا أَيْ: مِنْ قِرَبِ الْحِجَازِ فَاحْتَاطَ الشَّافِعِيُّ فَحَسَبَ الشَّيْءَ نِصْفًا إذْ لَوْ كَانَ فَوْقَهُ لَقَالَ تَسَعُ ثَلَاثَ قِرَبٍ إلَّا شَيْئًا عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فَتَكُونُ الْقُلَّتَانِ خَمْسَ قِرَبٍ.
قَالَ الْأَصْحَابُ وَقِيلَ: الشَّافِعِيُّ وَالْغَالِبُ أَنَّ الْقِرْبَةَ لَا تَزِيدُ عَلَى مِائَةِ رِطْلٍ بِالْبَغْدَادِيِّ فَالْمَجْمُوعُ بِهِ خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ وَبِالدِّمَشْقِيِّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي رِطْلِ بَغْدَادَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثُ رِطْلٍ وَعَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ مِائَةٌ وَسَبْعَةُ أَرْطَالٍ وَسُبْعُ رِطْلٍ وَبِالْمِصْرِيِّ
ــ
[حاشية العبادي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الشربيني]
فَإِنْ تَفَاوَتَ التَّغَيُّرُ وَإِلَّا فَضَعْهُ فِي نَاقِصَتَيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَهَكَذَا حَتَّى يَتَفَاوَتَ التَّغَيُّرُ فَلَا يَضُرُّ نَقْصُ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَيَكْفِي التَّغَيُّرُ بِأَحَدِ الْأَوْصَافِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ تَغَيُّرٌ بِغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: الْمُخْتَلَفِ فِيهِ) الَّذِي قِيلَ فِيهِ بِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ بَلْ يُغْتَفَرُ النَّقْصُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ اعْتِبَارَ الْوُصُولِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْحَاوِي حَيْثُ قَالَ: وَتَنَجُّسُهُ كَغَيْرِهِ بِوُصُولِ نَجَسٍ فَإِنَّ ضَمِيرَ " تَنَجُّسُهُ " رَاجِعٌ لِلْمَاءِ مُطْلَقًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ ثُمَّ لَمَّا اعْتَبَرَ فِي الْكَثِيرِ خَاصَّةً مَعَ الْوُصُولِ أَمْرًا آخَرَ وَهُوَ التَّغَيُّرُ تَعَيَّنَ إرَادَةُ الْقَلِيلِ لِلتَّنَجُّسِ بِالْوُصُولِ وَحْدَهُ فَصَارَ الْوُصُولُ مُتَعَرِّضًا لَهُ فِي الْكَثِيرِ أَيْضًا وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي التَّعْلِيقَةِ اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الشَّرْحِ عَلَى الْعِرَاقِيِّ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي تَحْقِيقِهِ إلَخْ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَدْ اخْتَبَرَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ ذَلِكَ فَوَجَدُوا أَنَّ التَّفَاوُتَ يَظْهَرُ إذَا زَادَ النَّقْصُ عَلَى الرِّطْلَيْنِ فَحَكَمُوا بِهِ فَلَا يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ مِنْ التَّحْدِيدِ اهـ وَبِهِ يَنْدَفِعُ الْخِلَافُ وَإِلَّا يُرَادُ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: مَفْهُومُ إلَخْ) أَيْ: لَا الْمَنْطُوقُ؛ لِأَنَّهُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ فَلَا يُخَصِّصُهُ. (قَوْلُهُ: مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ) عَنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزِّنْجِيِّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ اهـ. (قَوْلُهُ: بِقِلَالِ هَجَرَ) لَمْ تَثْبُتْ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَكِنْ ثَبَتَتْ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَصْحَابُ) أَيْ: لَمَّا بَعُدُوا عَنْ الْحِجَازِ وَغَابَتْ عَنْهُمْ تِلْكَ الْقِرَبُ وَجَهِلَ الْعَوَّامُ مِقْدَارَهَا اُضْطُرُّوا لِتَقْدِيرِهَا بِالْأَرْطَالِ، وَكَوْنُ ذَلِكَ مِنْ الْأَصْحَابِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ وَشَذَّ أَبُو إِسْحَاقَ فَحَكَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: وَبِالدِّمَشْقِيِّ) هُوَ عِنْدَ النَّوَوِيِّ وَالرَّافِعِيِّ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) أَيْ: مِنْ أَنَّ رِطْلَ بَغْدَادَ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا وَقَوْلُهُ: وَعَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ أَيْ: مِنْ أَنَّهُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ.
(قَوْلُهُ: مِائَةٌ وَثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثُ رِطْلٍ) لِأَنَّك إذَا ضَرَبْت الْمِائَةَ وَالثَّمَانِيَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثٍ فِي سِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ حَصَلَ مِنْ ضَرْبِ الْمِائَةِ سِتُّونَ أَلْفًا وَمِنْ ضَرْبِ الثَّمَانِيَةِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَمِنْ ضَرْبِ الثُّلُثِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَمَجْمُوعُهَا خَمْسَةٌ وَسِتُّونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ إلَخْ) لِأَنَّ الْقُلَّتَيْنِ عِنْدَهُ تَبْلُغَانِ أَرْبَعَةً وَسِتِّينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةَ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَالْمُتَحَصِّلُ مِنْ قِسْمَتِهَا عَلَى السِّتِّمِائَةِ مِائَةُ رِطْلٍ وَسَبْعَةُ أَرْطَالٍ وَسُبْعُ رِطْلٍ؛ لِأَنَّك إذَا ضَرَبْت الْمِائَةَ رِطْلٍ وَالسَّبْعَةَ أَرْطَالٍ وَسُبْعَ الرِّطْلِ فِي السِّتِّمِائَةِ يَحْصُلُ مِنْ ضَرْبِ الْمِائَةِ سِتُّونَ أَلْفًا وَمِنْ ضَرْبِ السَّبْعَةِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ وَمِنْ ضَرْبِ السُّبْعِ خَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَمَجْمُوعُهَا أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ أَلْفًا وَمِائَتَا دِرْهَمٍ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ اهـ. (قَوْلُهُ: وَبِالْمِصْرِيِّ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ رِطْلَ مِصْرَ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُتَحَصِّلَ مِنْ قِسْمَةِ الْخَمْسَةِ وَالسِّتِّينَ أَلْفُ دِرْهَمٍ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ عَلَى الْمِائَةِ وَالْأَرْبَعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ أَرْبَعُمِائَةِ رِطْلٍ وَوَاحِدٌ وَخَمْسُونَ رِطْلًا وَثُلُثُ رِطْلٍ وَثُلُثَا أُوقِيَّةٍ.
بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّك إذَا ضَرَبْت الْأَرْبَعَمِائَةِ وَمَا بَعْدَهَا فِي الْمِائَةِ
عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ أَرْبَعُمِائَةٍ وَوَاحِدٌ وَخَمْسُونَ رِطْلًا وَثُلُثُ رِطْلٍ وَثُلُثَا أُوقِيَّةٍ لَا أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ أُوقِيَّةٍ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ وَعَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ أَرْبَعُمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ رِطْلًا وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ رِطْلٍ، وَبِالْأَمْنَانِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ مَنًّا وَبِالْمِسَاحَةِ فِي الْمَوْضِعِ الْمُرَبَّعِ ذِرَاعٌ وَرُبْعٌ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا وَفِي الْمُدَوَّرِ كَالْبِئْرِ ذِرَاعَانِ طُولًا وَذِرَاعٌ عَرْضًا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عَنْ الْمُهَنْدِسِينَ فِي الْمُرَبَّعِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْعِجْلِيّ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُمَا فِي الْمُدَوَّرِ
ــ
[حاشية العبادي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الشربيني]
وَالْأَرْبَعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ يَحْصُلُ مِنْ ضَرْبِ الْأَرْبَعِمِائَةِ فِي مِائَةٍ أَرْبَعُونَ أَلْفًا وَمِنْ ضَرْبِهَا فِي أَرْبَعِينَ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا وَمِنْ ضَرْبِهَا فِي الْأَرْبَعَةِ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةٍ وَمَجْمُوعُهَا سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ أَلْفًا وَسِتُّمِائَةٍ، وَتَحَصَّلَ مِنْ ضَرْبِ الْخَمْسِينَ رِطْلًا فِي مِائَةِ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ آلَافٍ، وَمِنْ ضَرْبِهَا فِي الْأَرْبَعِينَ أَلْفَا دِرْهَمٍ وَمِنْ ضَرْبِهَا فِي الْأَرْبَعَةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَمَجْمُوعُهَا سَبْعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ، وَتَحَصَّلَ مِنْ ضَرْبِ الْوَاحِدِ فِي مِائَةِ دِرْهَمٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَمِنْ ضَرْبِهِ فِي الْأَرْبَعِينَ أَرْبَعُونَ وَمِنْ ضَرْبِهِ فِي الْأَرْبَعَةِ أَرْبَعَةٌ وَمَجْمُوعُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَثُلُثُ الرِّطْلِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَثُلُثَا الْأُوقِيَّةِ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ وَمَجْمُوعُهُمَا سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ كُلِّهِ خَمْسَةٌ وَسِتُّونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ أَرْبَعُمِائَةٍ إلَخْ) لِأَنَّ الْمُتَحَصِّلَ مِنْ قِسْمَةِ الْأَرْبَعَةِ وَالسِّتِّينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةٍ وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةِ أَسْبَاعٍ دِرْهَمٍ عِنْدَ النَّوَوِيِّ عَلَى الْمِائَةِ وَأَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ أَرْبَعُمِائَةِ رِطْلٍ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ رِطْلًا وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ؛ لِأَنَّك إذَا ضَرَبْت الْأَرْبَعَمِائَةِ وَمَا بَعْدَهَا فِي مِائَةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ تَحَصَّلَ مِنْ ضَرْبِ الْأَرْبَعِمِائَةِ فِي مِائَةٍ أَرْبَعُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَمِنْ ضَرْبِهَا فِي الْأَرْبَعِينَ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا وَمِنْ ضَرْبِهَا فِي الْأَرْبَعَةِ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةٍ وَمَجْمُوعُهَا سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ أَلْفًا وَسِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَتَحَصَّلَ مِنْ ضَرْبِ الْأَرْبَعِينَ رِطْلًا فِي مِائَةِ دِرْهَمٍ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَمِنْ ضَرْبِهَا فِي الْأَرْبَعِينَ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةٍ وَمِنْ ضَرْبِهَا فِي الْأَرْبَعَةِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ دِرْهَمًا وَمَجْمُوعُهَا خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَسَبْعُمِائَةٍ وَسِتُّونَ دِرْهَمًا وَتَحَصَّلَ مِنْ ضَرْبِ السِّتَّةِ أَرْطَالٍ فِي مِائَةِ دِرْهَمٍ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَمِنْ ضَرْبِهَا فِي الْأَرْبَعِينَ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَمِنْ ضَرْبِهَا فِي الْأَرْبَعَةِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَمَجْمُوعُهَا ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ الْمِائَةِ وَأَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ أَحَدٌ وَسِتُّونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ فَإِنْ جَرَيْنَا عَلَى أَنَّ رِطْلَ مِصْرَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ دِرْهَمٍ كَانَ مِقْدَارُهُمَا كَمَا فِي الْإِيعَابِ عَلَى تَصْحِيحِ النَّوَوِيِّ أَرْبَعَمِائَةِ رِطْلٍ وَإِحْدَى وَأَرْبَعِينَ رِطْلًا وَسِتَّةَ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ رِطْلٍ وَخَمْسَةَ أَسْبَاعِ جُزْءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ رِطْلٍ وَأَرْبَعَةَ أَسْبَاعِ سُبْعِ جُزْءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ رِطْلٍ وَعَلَى تَصْحِيحِ الرَّافِعِيِّ أَرْبَعُمِائَةِ رِطْلٍ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ رِطْلًا وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ.
هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي تَحْرِيرِ ذَلِكَ فَاعْتَمِدْهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِمَّا يُخَالِفُهُ. قَالَ فِي الْإِيعَابِ أَيْضًا: وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مِقْدَارَيْ الْقُلَّتَيْنِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ سَبْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُبْعَا دِرْهَمٍ حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ مَا نَقَصَهُ كُلُّ رِطْلٍ عِنْدَ النَّوَوِيِّ وَهُوَ دِرْهَمٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ فِي مِقْدَارِ الْقُلَّتَيْنِ أَعْنِي خَمْسَمِائَةِ رِطْلٍ فَإِذَا أَسْقَطْت النَّاتِجَ مِنْ الْخَمْسَةِ وَالسِّتِّينَ أَلْفًا كَانَ مِقْدَارُهُمَا دَرَاهِمَ عِنْدَ النَّوَوِيِّ مَا مَرَّ وَأَنَّ ثُلُثَيْ الْأُوقِيَّةِ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ، وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْأُوقِيَّةِ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ دِرْهَمٍ قَالَ ع ش وَمِقْدَارُ الْقُلَّتَيْنِ بِالْمَقْدِسِيِّ ثَمَانُونَ رِطْلًا وَثُلُثُ رِطْلٍ وَرُبْعُ أُوقِيَّةٍ وَدِرْهَمَانِ وَثُلُثُ دِرْهَمٍ وَثُلُثُ سُبْعِ دِرْهَمٍ. (قَوْلُهُ: وَبِالْأَمْنَانِ) الْمَنُّ صَغِيرٌ وَكَبِيرٌ وَالصَّغِيرُ مِنْهُ رِطْلَانِ تَقْرِيبًا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَبِالْمِسَاحَةِ إلَخْ) سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مُرَجَّحُ النَّوَوِيِّ وَمُرَجَّحُ الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَهُمَا فِي مِقْدَارِ الْقُلَّتَيْنِ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَنِصْفُ رِطْلٍ وَنِصْفُ تُسْعِ رِطْلٍ وَهُوَ يَسِيرٌ حَجَرٌ وَيَلْزَمُهُ أَنَّ الرَّافِعِيَّ يَغْتَفِرُ هَذَا الْمِقْدَارَ. (قَوْلُهُ: وَبِالْمِسَاحَةِ) أَيْ: عَلَى مُخْتَارِ النَّوَوِيِّ فِي رِطْلِ بَغْدَادَ وَالْأَعَمِّ إذْ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَرْطَالٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَهُوَ يَسِيرٌ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: ذِرَاعٌ وَرُبْعٌ) أَيْ: خَمْسَةُ أَذْرُعٍ قَصِيرَةٍ ثُمَّ يُضْرَبُ خَمْسَةٌ فِي خَمْسَةٍ لَا ذِرَاعٌ وَرُبْعٌ فِي ذِرَاعٍ وَرُبْعٍ لِفَسَادِهِ.
(قَوْلُهُ: ذِرَاعَانِ طُولًا إلَخْ) الْمُرَادُ فِي الْمُدَوَّرِ بِالطُّولِ الْعُمْقُ وَبِالْعَرْضِ مَا بَيْنَ حَائِطَيْ الْبِئْرِ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ وَالْمُرَادُ بِالذِّرَاعِ فِي الْمُرَبَّعِ ذِرَاعُ الْآدَمِيِّ وَهُوَ شِبْرَانِ تَقْرِيبًا وَالْمُرَادُ بِالذِّرَاعِ فِي طُولِ
وَالْمُرَادُ بِالذِّرَاعِ فِي الْمُرَبَّعِ ذِرَاعُ الْآدَمِيِّ الْمَذْكُورِ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ وَبِالطُّولِ فِي الْمُدَوَّرِ الْعُمْقُ وَبِالْعَرْضِ فِيهِ مَا بَيْنَ حَائِطَيْ الْبِئْرِ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ وَأَمَّا كَوْنُ التَّقْدِيرِ بِمَا ذُكِرَ تَقْرِيبًا فَلِأَنَّ رَدَّ الْقُلَّةِ إلَى الْقِرَبِ وَحَمْلَ الشَّيْءِ عَلَى النِّصْفِ، وَالْقِرْبَةُ عَلَى مِائَةِ رِطْلٍ تَقْرِيبٌ لَا تَحْدِيدٌ، وَخَصَّ النَّظْمُ كَأَصْلِهِ التَّمْثِيلَ بِالْجَارِي لِغُمُوضِ الِاتِّصَالِ فِيهِ دُونَ الرَّاكِدِ وَالْجَارِي مَا انْدَفَعَ فِي صَبَبٍ أَوْ مُسْتَوٍ مِنْ الْأَرْضِ فَلَوْ كَانَ أَمَامَهُ ارْتِفَاعٌ فَكَالرَّاكِدِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَقَرَأَهُمَا. وَأَمَّا الْجِرْيَةُ فَقَالَ فِيهِ عَنْ الْأَصْحَابِ هِيَ الدُّفْعَةُ بَيْنَ حَافَّتَيْ النَّهْرِ عَرْضًا وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَرْتَفِعُ وَيَنْخَفِضُ مِنْ الْمَاءِ عِنْدَ تَمَوُّجِهِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي هِيَ الْقَدْرُ الْمُقَابِلُ لِحَافَّتَيْ النَّجَاسَةِ إلَى حَافَّتَيْ النَّهْرِ وَبَيَّنَهُ قُطْبُ الدِّينِ الرَّازِيّ بِأَنْ يُفْرَضَ خَطَّانِ مُسْتَقِيمَانِ مِنْ حَافَّتَيْ النَّجَاسَةِ وَيَخْرُجَانِ إلَى حَافَّتَيْ النَّهْرِ فَمَا بَيْنَ الْخَطَّيْنِ هُوَ الْجِرْيَةُ قَالَ وَهُوَ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ لِاخْتِلَافِهَا بِحَسَبِ غِلَظِ النَّجَاسَةِ وَدِقَّتِهَا وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ تَعُودَ الطَّهَارَةُ لَوْ زِيدَتْ النَّجَاسَةُ.
وَمَا قَالَهُ مِنْ اللُّزُومِ لَا مَحْذُورَ فِيهِ فَإِنَّ الْمَاءَ إذَا زَادَ بِزِيَادَةِ النَّجَاسَةِ حَتَّى بَلَغَ قُلَّتَيْنِ عَادَتْ طَهَارَتُهُ وَهِيَ فِي نَفْسِهَا مُنْفَصِلَةٌ عَمَّا أَمَامَهَا وَمَا خَلْفَهَا مِنْ الْجِرْيَاتِ حُكْمًا وَإِنْ اتَّصَلَتْ بِهِمَا حِسًّا إذْ كُلُّ جِرْيَةٍ طَالِبَةٌ لِمَا أَمَامَهَا هَارِبَةٌ عَمَّا خَلْفَهَا قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: ذِرَاعُ الْآدَمِيِّ الْمَذْكُورُ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ شِبْرَانِ تَقْرِيبًا ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ خِلَافُ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا فِي الْمُدَوَّرِ فَالْمُرَادُ فِي الطُّولِ ذِرَاعُ النَّجَّار الَّذِي هُوَ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ ذِرَاعٌ وَرُبْعٌ تَقْرِيبًا ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ ذَلِكَ أَيْ: وَأَمَّا فِي الْعَرْضِ فَالْمُرَادُ ذِرَاعُ الْآدَمِيِّ الْمَذْكُورُ. (قَوْلُهُ: بِزِيَادَةِ النَّجَاسَةِ) صَارَتْ الْجِرْيَةُ تَبْلُغُ حَتَّى صَارَتْ الْجِرْيَةُ تَبْلُغُ قُلَّتَيْنِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ النَّجَاسَةِ تُوجِبُ زِيَادَةَ الْجِرْيَةِ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمُدَوَّرِ ذِرَاعُ التُّجَّارِ الَّذِي هُوَ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ ذِرَاعٌ وَرُبْعٌ تَقْرِيبًا إذْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالذِّرَاعِ فِي طُولِهِ وَطُولِ الْمُرَبَّعِ وَاحِدًا لَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الطُّولُ ذِرَاعَيْنِ وَنِصْفًا تَقْرِيبًا إذَا كَانَ الْعَرْضُ ذِرَاعًا وَوَجْهُهُ أَنْ يُبْسَطَ كُلٌّ مِنْ الْعَرْضِ وَمُحِيطِهِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَمْثَالِهِ وَسُبْعٌ، وَالطُّولُ أَرْبَاعًا لِوُجُودِ مَخْرَجِهَا فِي مِقْدَارِ الْقُلَّتَيْنِ فِي الْمُرَبَّعِ ثُمَّ يُضْرَبُ نِصْفُ الْعَرْضِ وَهُوَ اثْنَانِ فِي نِصْفِ الْمُحِيطِ وَهُوَ سِتَّةٌ وَسُبْعَانِ تَبْلُغُ اثْنَيْ عَشَرَ وَأَرْبَعَةَ أَسْبَاعٍ وَهُوَ بَسْطُ الْمُسَطَّحِ فَتُضْرَبُ فِي بَسْطِ الطُّولِ وَهُوَ عَشَرَةٌ تَبْلُغُ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ رُبْعًا تَبْلُغُ مِقْدَارَ مُسَطَّحِ الْقُلَّتَيْنِ فِي الْمُرَبَّعِ وَهُوَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ رُبْعًا مَعَ زِيَادَةِ خَمْسَةِ أَسْبَاعِ رُبْعٍ وَبِهَا حَصَلَ التَّقْرِيبُ فَلَوْ كَانَ الذِّرَاعُ فِي طُولِ الْمُدَوَّرِ وَالْمُرَبَّعِ وَاحِدًا، وَطُولُ الْمُدَوَّرِ ذِرَاعَيْنِ لَكَانَ الْحَاصِلُ مِائَةَ رُبْعٍ وَأَرْبَعَةَ أَسْبَاعِ رُبْعٍ وَهِيَ أَنَقْصُ مِنْ مِقْدَارِ مُسَطَّحِ الْقُلَّتَيْنِ بِخَمْسٍ تَقْرِيبًا. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ لِلشَّارِحِ وَقَوْلُهُ: تَبْلُغُ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ رُبْعًا؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْ ضَرْبِ الِاثْنَيْ عَشَرَ فِي عَشَرَةٍ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَمِنْ ضَرْبِ الْأَرْبَعَةِ أَسْبَاعٍ فِي عَشَرَةٍ أَرْبَعُونَ سُبْعًا وَذَلِكَ بِخَمْسَةٍ صَحِيحَةٍ وَخَمْسَةِ أَسْبَاعٍ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الذِّرَاعَ يَسَعُ أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ فَيَخُصُّ الْخَمْسَةَ أَسْبَاعٍ رِطْلَانِ وَسِتَّةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ وَبَقِيَ الْمُثَلَّثُ وَيَلْزَمُ فِيهِ حَتَّى يَسَعَ قُلَّتَيْنِ أَنْ يَكُونَ كُلُّ بُعْدٍ مِنْ أَبْعَادِهِ الثَّلَاثَةِ ذِرَاعًا وَنِصْفًا وَعُمْقُهُ ذِرَاعَيْنِ كُلٌّ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّك إذَا بَسَطْت الْجَمِيعَ أَذْرُعًا قَصِيرَةً صَارَ كُلُّ بُعْدٍ سِتَّةَ أَذْرُعٍ وَالْعُمْقُ ثَمَانِيَةٌ ثُمَّ تَضْرِبُ بُعْدًا مِنْهَا فِي بُعْدِ آخَرَ تَبْلُغُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ السِّتَّةُ اثْنَانِ وَعُشْرُهَا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ ثُمَّ تَضْرِبُ الثُّلُثَ وَالْعُشْرَ فِي ثَمَانِيَةِ الْعُمْقِ تَبْلُغُ مِائَةً وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ ذِرَاعٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ عُدِمَ الطُّولُ أَوْ الْعَرْضُ أَوْ الْعُمْقُ مِنْ أَحَدِ هَذِهِ الْأَشْكَالِ زِيدَ فِي الْبَاقِي بِقَدْرِ مَا فَاتَ مِنْ الْمَعْدُومِ بِطَرِيقِ الْحِسَابِ إذْ لَا مَزِيَّةَ لِفَرْضِ الْمَاءِ عَلَى طُولِهِ وَعُمْقِهِ فَجَازَ أَنْ يُعْتَبَرَ مِقْدَارُ الْقُلَّتَيْنِ مِنْ أَحَدِ هَذِهِ الْجِهَاتِ قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ اهـ إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ: ذِرَاعُ الْآدَمِيِّ) هُوَ شِبْرَانِ تَقْرِيبًا وَيَنْقُصُ عَنْ الذِّرَاعِ الْمِصْرِيِّ الْمَعْرُوفِ نَحْوَ ثُمْنِهِ ق ل. (قَوْلُهُ: وَبِالطُّولِ فِي الْمُدَوَّرِ) لَمَّا كَانَ الطُّولُ إنَّمَا يُقَالُ لِأَطْوَلِ الِامْتِدَادَيْنِ وَالْعَرْضُ بِخِلَافِهِ وَلَيْسَ فِي الْمُدَوَّرِ شَيْءٌ مِنْهُمَا بَيَّنَ الْمُرَادَ بِهِمَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ حَائِطَيْ الْبِئْرِ) فَأَيُّ نُقْطَةٍ فَرَضْت الْقِيَاسَ مِنْهَا فَصَلْت بَيْنَهَا وَبَيْنَ مُوَازِيهَا حَقِيقَةً بِنَحْوِ خَيْطٍ وَيَكُونُ ذِرَاعًا اهـ. (قَوْلُهُ: تَقْرِيبٌ لَا تَحْدِيدٌ) وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا التَّقْرِيبِ اغْتِفَارُ رِطْلٍ أَوْ رِطْلَيْنِ فَلَيْسَ اغْتِفَارُهُمَا هُوَ التَّقْرِيبُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: ارْتِفَاعٌ) أَيْ: يَصُدُّهُ عَنْ السَّيْرِ فَكَالرَّاكِدِ فَيُعْتَبَرُ كُلُّهُ مَاءً وَاحِدًا وَجَرْيُهُ مَعَ ذَلِكَ مُتَبَاطِئٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: دُونَ الرَّاكِدِ) لَوْ وَقَعَ فِي الرَّاكِدِ الْكَثِيرِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ جَازَ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ فِي الْجَدِيدِ الِاغْتِرَافُ مِنْ جَانِبِهَا بِدُونِ تَبَاعُدٍ وَقِيلَ يَجِبُ التَّبَاعُدُ بِقُلَّتَيْنِ. اهـ. عَمِيرَةُ. (قَوْلُهُ: الدُّفْعَةُ) بِالضَّمِّ وَبِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ مِنْ الدَّفْعِ وَلَيْسَتْ مُرَادَةً هُنَا. (قَوْلُهُ: عَرْضًا) تَمْيِيزٌ لِلنَّهْرِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ تَمَوُّجِهِ) أَيْ: تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا. اهـ. حَجَرٌ أَيْ: إذَا لَمْ يَظْهَرْ تَمَوُّجٌ إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: حَافَتَيْ النَّجَاسَةِ) الْحَافَةُ بِالتَّخْفِيفِ الْجَانِبُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) أَحْسَنُ مِنْهُ قَوْلُ الرَّوْضِ
بِهَا حُكْمًا لَتَنَجَّسَ الْمَاءُ فِي الْكُوزِ إذَا انْصَبَّ عَلَى الْأَرْضِ وَوَرَدَ عَلَيْهِ نَجَسٌ فَلَوْ وَقَعَ فِيهَا نَجَسٌ فَكَمَا لَوْ وَقَعَ فِي رَاكِدٍ حَتَّى لَوْ كَانَتْ قَلِيلَةً تَنَجَّسَتْ بِوُصُولِهِ إلَيْهَا وَإِنْ بَلَغَتْ مَعَ مَا أَمَامَهَا وَمَا خَلْفَهَا قُلَّتَيْنِ لِتَفَاصُلِ أَجْزَاءِ الْجَارِي فَلَا يَتَقَوَّى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ بِخِلَافِ الرَّاكِدِ وَالْجِرْيَةِ إذَا بَلَغَ كُلٌّ مِنْهُمَا قُلَّتَيْنِ وَلَوْ وَقَعَ فِيهَا وَهِيَ قَلِيلَةٌ نَجَسٌ جَامِدٌ فَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِجَرَيَانِهَا تَنَجَّسَتْ دُونَ مَا أَمَامَهَا وَمَا خَلْفَهَا أَوْ وَاقِفًا أَوْ جَرْيُهَا أَسْرَعَ فَمَحَلُّهُ وَمَا أَمَامَهُ مِمَّا مَرَّ عَلَيْهِ نَجِسٌ وَإِنْ طَالَ امْتِدَادُهُ إلَّا أَنْ يَتَرَادَّ أَوْ يَجْتَمِعَ فِي حُفَرِهِ وَعَلَيْهِ يُقَالُ: مَاءٌ هُوَ أَلْفُ قُلَّةٍ تَنَجَّسَ بِلَا تَغَيُّرٍ وَالْجِرْيَةُ الَّتِي تَعْقُبُ جِرْيَةَ النَّجِسِ الْجَارِي تَغْسِلُ الْمَحَلَّ وَلَهَا حُكْمُ الْغُسَالَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ مِنْ كَلْبٍ فَلَا بُدَّ مِنْ سَبْعِ جِرْيَاتٍ وَيُعْرَفُ كَوْنُ الْجِرْيَةِ قُلَّتَيْنِ بِأَنْ تُمْسَحَا وَيُجْعَلَ الْحَاصِلُ مِيزَانًا ثُمَّ يُؤْخَذَ قَدْرُ عُمْقِ الْجِرْيَةِ وَيُضْرَبَ فِي قَدْرِ طُولِهَا ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي قَدْرِ عَرْضِهَا بَعْدَ بَسْطِ الْأَقْدَارِ مِنْ مَخْرَجِ الرُّبْعِ لِوُجُودِهِ فِي مِقْدَارِ الْقُلَّتَيْنِ فِي الْمُرَبَّعِ فَمَسْحُ الْقُلَّتَيْنِ بِأَنْ تَضْرِبَ ذِرَاعًا وَرُبْعًا طُولًا فِي مِثْلِهِمَا عَرْضًا فِي مِثْلِهِمَا عُمْقًا يَحْصُلُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَهِيَ الْمِيزَانُ.
فَلَوْ كَانَ عُمْقُ الْجِرْيَةِ ذِرَاعًا وَنِصْفًا وَطُولُهَا كَذَلِكَ فَأَبْسِطْ كُلًّا مِنْهُمَا أَرْبَاعًا يَكُنْ سِتَّةً وَاضْرِبْ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ يَحْصُلْ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ اضْرِبْهَا فِي قَدْرِ عَرْضِهَا بَعْدَ بَسْطِهِ أَرْبَاعًا فَإِنْ كَانَ ذِرَاعًا فَالْحَاصِلُ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَالْجِرْيَةُ قُلَّتَانِ وَأَكْثَرُ وَإِنْ كَانَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ ذِرَاعٍ فَالْحَاصِلُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ فَلَيْسَتْ الْجِرْيَةُ قُلَّتَيْنِ وَخَرَجَ بِقَوْلِ النَّظْمِ " مَعَ وُصُولِهَا " تَغَيُّرُ الْمَاءِ بِرِيحِ جِيفَةٍ بِقُرْبِهِ فَلَا يَضُرُّ وَبِأَحَدِ أَوْصَافِهِ تَغَيُّرُ أَحَدِ أَوْصَافِ بَعْضِهِ فَلَا يَنْجَسُ إلَّا الْمُتَغَيِّرُ وَكَذَا غَيْرُهُ وَإِنْ قَلَّ بِخِلَافِ مَا إذَا كَثُرَ لِبُعْدِ تَنَجُّسِ الْبَحْرِ بِجَانِبِهِ وَلَا فَرْقَ فِي النَّجَسِ الْمُغَيِّرِ لِلْمَاءِ بَيْنَ الْمُخَالِفِ لَهُ فِي صِفَاتِهِ وَالْمُوَافِقِ لَهُ فِيهَا كَبَوْلٍ بِلَا رِيحٍ لَكِنْ (مَا وَافَقَ) الْمَاءَ (افْرِضْهُ أَشَدْ) كَلَوْنِ الْحِبْرِ وَطَعْمِ الْخَلِّ وَرِيحِ الْمِسْكِ تَغْلِيظًا كَمَا مَرَّ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْكَثِيرَ لَا يَنْجَسُ بِلَا تَغَيُّرٍ لِخَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْجَمِيعِ إذَا اُسْتُهْلِكَتْ النَّجَاسَةُ الْمَائِعَةُ فِيهِ وَلَا يَجِبُ تَبْقِيَةُ قَدْرِهَا.
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: مِنْ سَبْعِ جِرْيَاتٍ) أَيْ: مَعَ التَّتْرِيبِ مَا لَمْ تَكُنْ أَرْضٌ تُرَابِيَّةٌ.
ــ
[حاشية الشربيني]
هِيَ قَدْرُ النَّجَاسَةِ فِي عَرْضِ النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ: وَوَرَدَ عَلَيْهِ نَجَسٌ) لَمْ يَقُلْ وَوَرَدَ عَلَى نَجَسٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَرَدَ عَلَى نَجَسٍ لَا يَلْزَمُ تَنَجُّسُهُ وَلَوْ قُلْنَا بِالِاتِّصَالِ؛ لِأَنَّ الْوَارِدَ لَهُ قُوَّةٌ فَكَانَ لَهُ حُكْمُ الْغُسَالَةِ لَا أَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِالْوُرُودِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَالْجِرْيَةُ إذَا بَلَغَ إلَخْ) هَذَا الْحُكْمُ خَاصٌّ بِالْمَاءِ دُونَ الْمَائِعِ فَلَوْ وَقَعَتْ نَجَاسَةٌ فِي مَائِعٍ جَارٍ نَجَّسَتْهُ جَمِيعَهُ وَقَالَ بِرّ وطب لَا تُنَجِّسُ إلَّا الْجِرْيَةَ فَقَطْ وَلَوْ انْصَبَّ مَائِعٌ مِنْ إبْرِيقٍ مَثَلًا عَلَى نَجَاسَةٍ لَمْ يَنْجَسْ إلَّا مُلَاقِيهَا؛ لِأَنَّ الِانْصِبَابَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَمْنَعُ مِنْ الِاتِّصَالِ عُرْفًا. اهـ. حَجَرٌ وَنَقَلَهُ فِي الْإِيعَابِ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ عَنْ شَيْءٍ لَا يُضَافُ إلَيْهِ وَإِنْ تَوَاصَلَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ وَاقِفًا) أَيْ: النَّجَسُ وَقَوْلُهُ: أَوْ جَرْيُهَا أَيْ: الْجِرْيَةُ أَسْرَعُ بِأَنْ تَمُرَّ عَلَيْهِ فَتَكُونَ أَمَامَهُ. (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) أَيْ: النَّجَسُ فَإِنَّهُ بَعْدَ الْمُرُورِ عَلَيْهِ يَكُونُ أَمَامَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ طَالَ) لِانْفِصَالِ كُلِّ جِرْيَةٍ عَنْ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ يَجْتَمِعَ) يُفِيدُ أَنَّ مُجَرَّدَ الِاجْتِمَاعِ كَافٍ فِي الطَّهَارَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مُجَرَّدَ الضَّمِّ يَحْصُلُ بِهِ الْقُوَّةُ وَاتِّحَادُ الْمَاءَيْنِ عِنْدَ اتِّحَادِ الظَّرْفِ كَمَا هُنَا وَغَلَّطَ بَعْضُهُمْ فَقَيَّدَ بِالتَّرَادِّ بَعْدَ الِاجْتِمَاعِ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ قَصَدَ الرَّدَّ عَلَيْهِ بِذِكْرِ الِاجْتِمَاعِ بَعْدَ التَّرَادِّ. اهـ. إيعَابٌ مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا حُكْمُ الْغُسَالَةِ) أَيْ: قَبْلَ وُرُودِهَا عَلَى الْمَحَلِّ الثَّانِي الَّذِي انْتَقَلَتْ إلَيْهِ جِرْيَةُ النَّجَاسَةِ أَمَّا بَعْدَ وُرُودِهَا عَلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَهِيَ مُتَنَجِّسَةٌ؛ لِأَنَّهَا مَاءٌ قَلِيلٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي إزَالَةِ نَجَاسَةِ الْمَحَلِّ الْأَوَّلِ فَلَا يُطَهِّرُ الْمَحَلَّ الثَّانِيَ إلَّا مَا وَرَاءَهَا وَهَكَذَا الِاعْتِبَارُ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْإِيعَابِ وَبَحَثَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ عَلَى الْجِرْيَةِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَالتَّنَجُّسِ مَا دَامَتْ جَارِيَةً خَلْفَ جِرْيَةِ النَّجَاسَةِ حَتَّى تَنْفَصِلَ وَلَا يُقَالُ يُحْكَمُ بِانْفِصَالِهَا بِمُجَرَّدِ مُزَايَلَتِهَا لِلْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْعُضْوِ الْوَاحِدِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَزَعْمُهُ أَنَّ الْأَرْضَ بِمَنْزِلَةِ الْعُضْوِ الْوَاحِدِ مَمْنُوعٌ كَيْفَ وَالْجِرْيَاتُ الْمُتَتَابِعَةُ عَلَى الْأَرْضِ هُنَا مُتَفَاضِلَةٌ حُكْمًا كَمَا مَرَّ وَيَلْزَمُ مِنْ تَفَاصُلِهَا كَذَلِكَ تَغَايُرُ أَحْكَامِهَا وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِتَغَايُرِهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَحَلِّهَا أَيْضًا وَحِينَئِذٍ فَالْوَجْهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ مِنْ الْحُكْمِ عَلَى الْجِرْيَةِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَالتَّنَجُّسِ بِمُجَرَّدِ مُزَايَلَتِهَا لِلْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ. اهـ. إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ تُمْسَحَا) قَالَ فِي الْإِيعَابِ: الْمِسَاحَةُ تَقْدِيرُ الْمَبْسُوطَاتِ بِسَطْحٍ مُرَبَّعٍ مَجْعُولٍ مِقْدَارًا مَعْلُومًا يُقَدَّرُ بِهِ وَهِيَ أَيْ: السُّطُوحُ كَالْكَيْلِ لِلْمَكِيلِ وَالْوَزْنِ لِلْمَوْزُونِ وَالذَّرْعِ لِلْمَذْرُوعِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِبُعْدِ تَنَجُّسِ الْبَحْرِ إلَخْ) قَدْ أَغْرَبَ