المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في بيان أركان التيمم وغيرها] - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ١

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌(بَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ (النَّجَاسَاتِ) وَإِزَالَتِهَا

- ‌[فَرْعَ وَلَغَ الْكَلْب فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَمْ يَنْقُصْ بِوُلُوغِهِ عَنْ قُلَّتَيْنِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا غَسَلَ فَمَهُ الْمُتَنَجِّسَ فَلْيُبَالِغْ فِي الْغَرْغَرَةِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الِاجْتِهَادِ) فِي الْمِيَاهِ

- ‌[فَرْعٌ الْتَبَسَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّيَاتِ بَلَدٍ أَوْ إنَاءِ بَوْلٍ بِأَوَانِي بَلَدٍ]

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي (الِاسْتِنْجَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْحَدَثِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْغُسْلِ) وَمُوجِبِهِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا]

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌[بَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْأَذَانِ) وَالْإِقَامَةُ:

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الِاسْتِقْبَالِ) لِلْكَعْبَةِ وَلِبَدَلِهَا

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (صِفَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌[فَرْعٌ تَطْوِيلُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ]

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ أَتَى المصلي بِسَبْعِ آيَاتٍ مُتَضَمِّنَةٍ لِلْفَاتِحَةِ بَدَلَهَا]

- ‌[فَرْع لِلْإِمَامِ فِي الْجَهْرِيَّةِ أَرْبَعُ سَكَتَاتٍ وَالدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (شُرُوطِ الصَّلَاةِ) وَمَوَانِعِهَا

- ‌[حُكْمَ الْفِعْلِ الَّذِي مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَبَطَلَتْ بِزِيَادَتِهِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (السَّجَدَاتِ) لِلسَّهْوِ، وَالتِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ

- ‌ مَسَائِلَ يَتَعَدَّدُ فِيهَا سُجُودُ السَّهْوِ صُورَةً لَا حَقِيقَةً

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ صَلَاةِ النَّفْلِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ صَلَاةِ (الْجَمَاعَةِ)

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ جَاءَ وَقْتُ الدُّخُولِ وَحَضَرَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ وَرَجُوا زِيَادَةً]

- ‌[بَيَانِ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ الشَّامِلَ لْإِعَادَةِ الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ إذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ صَالِحُونَ لَهَا]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

الفصل: ‌[فصل في بيان أركان التيمم وغيرها]

غَسْلِ مَا أَخَذَتْهُ الْجَبِيرَةُ مِنْ الصَّحِيحِ بِسُقُوطِهَا.

(فَصْلٌ فِي) فِي بَيَانِ (أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ) وَغَيْرِهَا (أَرْكَانُ هَذَا) أَيْ التَّيَمُّمِ خَمْسَةٌ أَحَدُهَا (نَقْلُهُ أَوْ) نَقْلُ (مَنْ أَذِنْ) هُوَ (لَهُ) فِيهِ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ (تُرَابًا) لَهُ غُبَارٌ إلَى عُضْوِ تَيَمُّمِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} [النساء: 43] أَيْ اقْصِدُوهُ بِأَنْ تَنْقُلُوهُ إلَى الْعُضْوِ، وَيَنْبَنِي عَلَى كَوْنِ النَّقْلِ رُكْنًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِعُضْوِهِ تُرَابٌ فَرَدَّدَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَكْفِ كَمَا سَيَأْتِي وَأَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ بَيْنَ نَقْلِهِ وَالْمَسْحِ بَطَلَ وَعَلَيْهِ النَّقْلُ ثَانِيًا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْوُضُوءِ وَفِيمَا لَوْ نَقَلَ مَأْذُونُهُ لِعَدَمِ وُجُوبِ نَقْلِ الْمَاءِ فِي الْأُولَى وَعَدَمِ وُجُودِ الْقَصْدِ الْحَقِيقِيِّ مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ فَصَارَ فِيهَا كَمَا لَوْ اكْتَرَاهُ لِيَحُجَّ عَنْهُ ثُمَّ جَامَعَ فِي زَمَنِ إحْرَامِ الْأَجِيرِ لَا يَفْسُدُ حَجُّهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَيَنْبَغِي بُطْلَانُهُ بِحَدَثِ الْآذِنِ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ بِنَفْسِهِ. اهـ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ بَاشَرَ النَّقْلَ بِنَفْسِهِ فَيَبْطُلُ بِحَدَثِهِ بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَبْطُلْ بِحَدَثِ مَأْذُونِهِ كَمَا فِي جِمَاعِهِ فِي الْحَجِّ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ هُنَا مِنْ الْآذِنِ وَثَمَّةَ مِنْ الْمَأْذُونِ لَهُ وَخَرَجَ بِنَقْلِ مَنْ ذُكِرَ نَقْلُ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ مِنْهُ كَمَسْأَلَةِ الرِّيحِ الْآتِيَةِ وَبِالتُّرَابِ غَيْرُهُ كَالزِّرْنِيخِ وَالنُّورَةِ لِقَوْلِهِ فِي الْآيَةِ {صَعِيدًا} [النساء: 43] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ حَرْثُ الْأَرْضِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا»

ــ

[حاشية العبادي]

لَمْ يَجِبْ غَسْلُ الْمَعْذُورِ بِمَا عَدَا الصَّحِيحَ الَّذِي كَانَ تَحْتَ الْجَبِيرَةِ وَيَكُونُ بَقَاءُ التَّيَمُّمِ بِالنِّسْبَةِ لِمَحَلِّ الْجُرْحِ خَاصَّةً دُونَ مَا حَوْلَهُ مِنْ الصَّحِيحِ وَهَذَا مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ فَإِنَّ التَّيَمُّمَ عَنْ الْجُرْحِ وَالْمَسْحَ بِالْمَاءِ عَنْ الصَّحِيحِ الْمَذْكُورِ وَالْقَوْلَ بِبَقَاءِ طَهَارَتِهِ بَعْدَ الْكَشْفِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّيَمُّمِ عَنْ الْجُرْحِ دُونَ الْمَسْحِ بِالْمَاءِ بِالنَّظَرِ لِلصَّحِيحِ بَلْ يَجِبُ غَسْلُهُ مَحَلُّ نَظَرٍ فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ اغْتِفَارَهُ إنَّمَا كَانَ لِضَرُورَةِ السَّتْرِ قُلْنَا وَاغْتِفَارُ مَسْحِ الْجُرْحِ بِالتُّرَابِ فِيمَا إذَا كَانَ بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ إنَّمَا كَانَ أَيْضًا لِمَكَانِ السَّتْرِ فَحَيْثُ زَالَ يَلْزَمُ أَنْ يُمْسَحَ بِالتُّرَابِ وَبِالْجُمْلَةِ فَإِيجَابُ غَسْلِ الصَّحِيحِ دُونَ الْمَسْحِ بِالتُّرَابِ تَحَكُّمٌ بَحْتٌ أَيْ وَلَوْ أُجِيبَ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ السُّقُوطِ فِي الصَّلَاةِ فِيهَا تَقْصِيرٌ لِعَدَمِ إحْكَامِ الشَّدِّ وَلَا كَذَلِكَ رَفْعُ اللُّصُوقِ عِنْدَ تَوَهُّمِ الْبُرْءِ لِمَكَانِ الْعُذْرِ لَكَانَ جَوَابًا حَسَنًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْمُتَّجَهَ وُجُوبُ إعَادَةِ التَّيَمُّمِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ حَيْثُ كَانَ الْجُرْحُ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ سم.

(قَوْلُهُ: غَسْلِ مَا أَخَذَتْهُ الْجَبِيرَةُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ إذَا لَمْ تَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَحْصُلَ تَرَدُّدٌ وَيَطُولَ زَمَنُهُ أَوْ يَمْضِيَ مَعَهُ رُكْنٌ.

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ)(قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ أَذِنَ هُوَ لَهُ) وَلَوْ أُنْثَى بِلَا مَسٍّ نَاقِضٍ وَكَافِرًا كَمَا شَمَلَهُ إطْلَاقُهُ بَلْ وَغَيْرُ مُمَيِّزٍ إذَا تَأَثَّرَ بِأَمْرِهِ أَوْ إشَارَتِهِ لِنِسْبَةِ الْفِعْلِ حِينَئِذٍ إلَيْهِ بَلْ لَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِفِعْلِ دَابَّةٍ تَأَثَّرَتْ بِإِشَارَتِهِ لِذَلِكَ فَتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ النَّقْلُ ثَانِيًا) أَيْ وَيَكْفِي تَجْدِيدُ النِّيَّةِ عِنْدَ مُمَاسَّةِ التُّرَابِ وَجْهَهُ فِي أَيِّ حَدٍّ كَانَتْ يَدَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَقَلَ مِنْ ذَلِكَ الْحَدِّ ابْتِدَاءً كَفَى وَكَلَامُهُمْ كَالْمُصَرِّحِ بِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْوُضُوءِ) بِأَنْ أَحْدَثَ بَيْنَ أَخْذِ الْمَاءِ وَغَسْلِ وَجْهِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِيمَا لَوْ نَقَلَ مَأْذُونُهُ) بِأَنْ أَحْدَثَ هُوَ بَيْنَ نَقْلِ مَأْذُونِهِ وَالْمَسْحِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إلَخْ) هَذَا فَرْقٌ بِصُورَةِ الْمَسْأَلَةِ.

(قَوْلُهُ: بَاشَرَ النَّقْلَ) فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ النَّقْلِ حَدَثُ الْآذِنِ أَوْ الْمَأْذُونِ بَيْنَ النَّقْلِ وَالْمَسْحِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُكْتَفَى بِوُجُودِ النِّيَّةِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ النَّقْلِ وَعِنْدَ مُمَاسَّةِ التُّرَابِ لِلْوَجْهِ وَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُهَا بَعْدَ الْحَدَثِ قَبْلَ الْمُمَاسَّةِ الْمَذْكُورَةِ لِصِحَّةِ النَّقْلِ وَبَقَائِهِ حَتَّى لَوْ عَزَبَتْ بَعْدَ الْحَدَثِ وَلَمْ تُوجَدْ إلَّا عِنْدَ الْمُمَاسَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَفَى وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَطَلَ النَّقْلُ كَأَنْ نَقَلَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ الْمَسْحِ فَيَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ النِّيَّةِ بَعْدَ الْحَدَثِ قَبْلَ الْمَسْحِ وَلَوْ فِي الْحَدِّ الَّذِي

ــ

[حاشية الشربيني]

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا]

(فَصْلٌ)(قَوْلُهُ غُبَارٌ) فَإِنْ تَيَمَّمَ بِطِينٍ رَطْبٍ أَوْ تُرَابٍ نَدِيٍّ لَا يَعْلَقُ غُبَارُهُ لَمْ يَجُزْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَمْسَحَ بِجُزْءٍ مِنْهُ. اهـ. مَجْمُوعٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ اقْصِدُوهُ) أَيْ: اقْصِدُوا الْمَسْحَ بِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَنْقُلُوهُ) وَحْدَهُ فَالْأَمْرُ بِالْقَصْدِ أَمْرٌ بِالنَّقْلِ لِلْعُضْوِ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ طَرِيقٌ إذْ الْقَصْدُ

ص: 193

فَلَوْ جَازَ التَّيَمُّمُ بِجَمِيعِ الْأَرْضِ لَمَا عَدَلَ عَنْهَا إلَى التُّرَابِ وَطَهَارَةُ التَّيَمُّمِ تَعَبُّدِيَّةٌ فَاخْتَصَّتْ بِمَا وَرَدَ فِي الدَّلِيلِ كَالْوُضُوءِ بِخِلَافِ الدِّبَاغِ فَإِنَّهُ نَزْعُ الْفُضُولِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِأَنْوَاعٍ وَسَوَاءٌ فِي التُّرَابِ الْأَعْفَرُ وَالْأَصْفَرُ وَالْأَسْوَدُ وَالْأَحْمَرُ وَالسَّبِخُ وَهُوَ الَّذِي لَا يَنْبُتُ دُونَ الَّذِي يَعْلُوهُ مِلْحٌ (طَاهِرًا) فَيَمْتَنِعُ التَّيَمُّمُ بِالتُّرَابِ الْمُتَنَجِّسِ كَمَا فِي الْمَاءِ وَلِأَنَّ الطَّيِّبَ فِي الْآيَةِ مُفَسَّرٌ بِالطَّاهِرِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا مَرَّ.

وَلَوْ تَيَمَّمَ بِتُرَابٍ عَلَى ظَهْرِ كَلْبٍ لَمْ يَصِحَّ إنْ عَلِمَ الْتِصَاقَهُ بِرُطُوبَةٍ وَكَذَا بِتُرَابِ الْمَقْبَرَةِ إنْ عَلِمَ نَبْشَهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ: وَلَوْ وَقَعَ الْمَطَرُ عَلَيْهَا لَمْ يَصِحَّ التَّيَمُّمُ بِهَا؛ لِأَنَّ الصَّدِيدَ لَا يُذْهِبُهُ الْمَطَرُ كَمَا لَا يُذْهِبُ التُّرَابَ وَكَذَا كُلُّ مَا اخْتَلَطَ مِنْ الْأَنْجَاسِ بِالتُّرَابِ مِمَّا يَصِيرُ كَالتُّرَابِ وَلَا يُكْرَهُ التَّيَمُّمُ بِتُرَابِ غَيْرِ الْمَنْبُوشَةِ لِطَهَارَتِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مَدْفِنُ النَّجَاسَةِ (مَحْضًا) أَيْ خَالِصًا مِنْ خَلِيطٍ يَلْصَقُ بِالْعُضْوِ كَدَقِيقٍ وَرَمْلٍ نَاعِمٍ يَلْصَقُ لِمَنْعِهِ وُصُولَ التُّرَابِ إلَى الْعُضْوِ لِكَثَافَتِهِ قَلَّ الْخَلِيطُ أَوْ كَثُرَ فَلَا يَكْفِي إلَّا مَحْضُ تُرَابٍ (وَإِنْ) كَانَ (غُبَارَ رَمْلٍ) لَا يَلْصَقُ بِالْعُضْوِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَبَقَاتِ الْأَرْضِ وَالتُّرَابُ جِنْسٌ لَهُ (وَ) إنْ كَانَ نَقْلُهُ التُّرَابَ (بِمَعْكِ نَفْسِهِ) فِيهِ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ فَيَكْفِي التَّيَمُّمُ بِهِ لِتَحَقُّقِ الْقَصْدِ بِهِ إلَى التُّرَابِ (وَ) إنْ كَانَ النَّقْلُ (مِنْ يَدٍ لِلْوَجْهِ أَوْ بِعَكْسِهِ) بِأَنْ نَقَلَ مِنْ الْوَجْهِ لِلْيَدِ كَأَنْ نَفَضَ مَا عَلَى الْوَجْهِ فَسَفَّتْ الرِّيحُ عَلَيْهِ تُرَابًا ثُمَّ نَقَلَهُ لِلْيَدِ فَإِنَّهُ يَكْفِي لِتَحَقُّقِ النَّقْلِ بِذَلِكَ بَلْ لَوْ نَقَلَهُ مِنْ الْعُضْوِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ كَفَى كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ.

(لَا إنْ يُرَدِّدْ مَا سَفَتْ) أَيْ تُرَابًا سَفَّتْهُ (رِيحٌ عَلَى عُضْوِ تَيَمُّمٍ) فَلَا يَكْفِي وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّيَمُّمَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التُّرَابَ وَإِنَّمَا التُّرَابُ أَتَاهُ لَمَّا قَصَدَ الرِّيحَ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَرَزَ لِلْمَطَرِ فِي الطُّهْرِ بِالْمَاءِ فَانْغَسَلَتْ أَعْضَاؤُهُ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِيهِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَصَلَتْ يَدَاهُ إلَيْهِ عِنْدَ الْحَدَثِ أَوْ فِيمَا بَعْدَهُ لِيَتَحَقَّقَ النَّقْلُ حِينَئِذٍ ثُمَّ إذَا جَدَّدَهَا لَا يَضُرُّهُ عُزُوبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْمَسْحِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ كَالْوُضُوءِ) يَقْتَضِي أَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ وَهُوَ أَحَدُ الرَّأْيَيْنِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لَمَا عَدَلَ عَنْهَا) أَيْ: وَاقْتَصَرَ عَلَى وَطَهُورًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَحْصُلُ بِأَنْوَاعٍ) فَلَمْ يَخْتَصَّ بِمَا وَرَدَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: بِالتُّرَابِ الْمُتَنَجِّسِ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ وَقَعَتْ ذَرَّةٌ مِنْ نَجَاسَةٍ فِي صُبْرَةِ تُرَابٍ وَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَحَلُّهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً وَلَهُ أَنْ يَتَحَرَّى وَيَتَيَمَّمَ اهـ وَأَقَرَّهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الْمُزَجَّدُ فِي تَجْرِيدِهِ فِي جَوَازِ التَّحَرِّي نَظَرٌ. اهـ.

أَيْ: لِعَدَمِ التَّعَدُّدِ الْمُشْتَرَطِ فِي الْمُجْتَهَدِ فِيهِ وَأَقُولُ هَلَّا جَازَ الْهُجُومُ عَلَى التَّيَمُّمِ مِنْ الْكَبِيرَةِ بِلَا اجْتِهَادٍ كَمَا لَوْ تَنَجَّسَ بَعْضُ مَكَانِ وَاسِعٍ أَوْ بِسَاطٍ كَبِيرٍ حَيْثُ تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَى بَعْضِهِ بِلَا اجْتِهَادٍ وَقَدْ يَلْتَزِمُ ذَلِكَ وَيُحْمَلُ قَوْلُ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً عَلَى كَبِيرَةٍ نِسْبِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا مَرَّ) أَيْ: أَوَّلَ الْبَابِ. (قَوْلُهُ: لَا يَلْصَقُ) أَيْ: الرَّمَلُ قَدْ يُقَالُ أَوْ يَلْصَقُ إذَا كَانَ مُغْبَرًّا إذْ بِالْتِصَاقِهِ يَنْتَقِلُ الْغُبَارُ الَّذِي عَلَيْهِ إلَى الْعُضْوِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ إلَخْ) بَلْ لَوْ نَقَلَهُ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ الْآخَرِ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى بِهِ صَرَّحَ فِي الْفَتْحِ اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَصْدُ الْمَسْحِ بِهِ وَلَا يَكُونُ إلَّا بِالنَّقْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي التُّرَابِ الْأَعْفَرُ إلَخْ) وَلَوْ مُحْرَقًا مَا لَمْ يَصِرْ رَمَادًا. اهـ. مَجْمُوعٌ. (قَوْلُهُ: دُونَ الَّذِي يَعْلُوهُ مِلْحٌ) قِيلَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ قُوَّةُ الْإِنْبَاتِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ السَّبِخُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يُنْبِتُ قَلِيلًا بِخِلَافِ مَا عَلَاهُ الْمِلْحُ وَهَلْ يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ التُّرَابِ. اهـ. وَعِبَارَةُ زي وَالسَّبِخُ الَّذِي لَا يُنْبِتُ مَا لَمْ يَعُلْهُ مِلْحٌ. اهـ. فَقَوْلُهُ دُونَ الَّذِي إلَخْ أَيْ: مِنْ السَّبِخِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بِالطَّاهِرِ عَلَى الرَّاجِحِ) وَقِيلَ: الْحَلَالُ. (قَوْلُهُ: غَيْرِ الْمَنْبُوشَةِ) أَيْ: الْمُتَيَقَّنِ نَبْشُهَا بِأَنْ تُيُقِّنَ عَدَمُ نَبْشِهَا أَوْ شُكَّ فِيهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِالطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ طَاهِرٌ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. (قَوْلُهُ: يَلْصَقُ) التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا يَلْصَقُ وَمَا لَا يَلْصَقُ اعْتَمَدَهُ م ر وَسم وَعَلَيْهِ حُمِلَ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ الْمُخْتَلِفُ فِي مَوْضِعَيْنِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.

(قَوْلُهُ: قَلَّ إلَخْ) وَقِيلَ وَإِنْ قَلَّ الْخَلِيطُ بِأَنْ لَمْ يَظْهَرْ فِي الرُّؤْيَةِ جَازَ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: لَا يَلْصَقُ) أَيْ بِأَنْ لَا يَمْنَعَ وُصُولَ الْغُبَارِ لِلْعُضْوِ، أَمَّا إذَا لَصِقَ بِأَنْ مَنَعَ ذَلِكَ فَلَا فَالْمَدَارُ عَلَى مَنْعِ وُصُولِ الْغُبَارِ وَعَدَمِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَبَقَاتِ الْأَرْضِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا مَوْجُودٌ فِي الرَّمْلِ إذْ هُوَ مِنْ جِنْسِ التُّرَابِ كَمَا نَقَلَهُ م ر عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَعَدَمُ كِفَايَتِهِ لِعَدَمِ الْغُبَارِ كَمَا فِي ع ش. (قَوْلُهُ: بِمَعْكِ نَفْسِهِ) يُقَالُ مَعَكَ الْأَدِيمَ دَلَكَهُ ع ش. (قَوْلُهُ: أَنْ يَرْدُدَ إلَخْ) أَيْ: بِغَيْرِ انْفِصَالِهِ عَنْ الْعُضْوِ وَعَوْدِهِ وَإِلَّا كَفَى ق ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّيَمُّمَ) أَيْ: قَصَدَ بِوُقُوفِهِ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ التَّيَمُّمَ نَعَمْ إنْ كَثُرَ الْغُبَارُ فِي الْهَوَاءِ فَمَرَّغَ وَجْهَهُ عَلَيْهِ كَفَى لِوُجُودِ الْفِعْلِ هُنَا وَهُوَ نَقْلُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ) عِبَارَةُ م ر لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ مِنْ جِهَتِهِ بِانْتِفَاءِ النَّقْلِ الْمُحَقِّقِ لَهُ.

اهـ. وَإِنَّمَا كَانَ النَّقْلُ مُحَقِّقًا لَهُ لِوُجُوبِ قُرْبِ النِّيَّةِ بِهِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْقَصْدَ لَيْسَ أَمْرًا زَائِدًا عَلَى النَّقْلِ وَالنِّيَّةِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَالَ فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ: بِالتَّأَمُّلِ الصَّادِقِ يَظْهَرُ أَنَّهُ بَعْدَ النَّقْلِ وَنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ الْمُقْتَرِنَةِ بِهِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ زَائِدٌ هُوَ قَصْدٌ بَلْ -

ص: 194

الْغَسْلُ وَاسْمُهُ يُطْلَقُ وَلَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ أَمَّا لَوْ نَقَلَهُ مِنْ الْهَوَاءِ أَوْ أَصَابَ التُّرَابُ كُمَّهُ فَمَسَحَ بِهِ عُضْوَهُ أَوْ مَدّ يَدَهُ فَصَبَّ غَيْرُهُ فِيهَا تُرَابًا فَمَسَحَ بِهِ وَجْهَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَوْلُهُ: عَلَى عُضْوِ تَيَمُّمٍ تَنَازَعَهُ يَرْدُدَ وَسَفَّتْ (وَلَا) إنْ نَقَلَ تُرَابًا (مُسْتَعْمَلَا إنْ) أَيْ بِأَنْ (كَانَ) التُّرَابُ (ذَا انْتِثَارٍ) أَيْ مُنْتَثِرًا مِنْ الْعُضْوِ بَعْدَ إصَابَتِهِ (أَوْ مُلْتَصِقَا) بِهِ فَلَا يَكْفِي كَالْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَأَدَّى بِهِ فَرْضٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْتَثَرَ وَلَمْ يُصِبْ الْعُضْوَ وَالْأَوْلَى فَتْحُ إنْ كَمَا تَقَرَّرَ لِيُوَافِقَ فِي الْمَعْنَى قَوْلَ الْحَاوِي وَلَا مُسْتَعْمَلًا مُلْتَصِقًا وَمُتَنَاثِرًا بِجَعْلِ مَا بَعْدَ مُسْتَعْمَلًا تَفْسِيرًا لَهُ وَلِأَنَّ كَسْرَهَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ يَصْدُقُ بِغَيْرِ الْمُلْتَصِقِ وَالْمُنْتَثِرِ وَيَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (وَ) لَا إنْ نَقَلَ (خَزَفًا دُقَّ وَ) لَا (تُرْبًا مُحْرَقَا) بِحَيْثُ صَارَ رَمَادًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَاوِي (وَ) لَا (تُرْبَ خُشْبِ أَرْضَةٍ) أَخْرَجَتْهُ مِنْهُ فَلَا يَكْفِي التَّيَمُّمُ بِهَا (كَالْكُحْلِ) الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا لَا يُسَمَّى تُرَابًا بِخِلَافِ تُرَابِ الْمَدَرِ وَنَحْوِهِ إذَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرَضَةُ يَكْفِي وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَاطُهُ بِلُعَابِهَا كَمَعْجُونٍ بِمَائِعٍ جَفَّ وَإِنْ تَغَيَّرَ رِيحُهُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي مُتَغَيِّرِ الرِّيحِ.

وَخُشْبٌ بِضَمِّ الْخَاءِ وَسُكُونِ الشِّينِ جَمْعُ خَشَبَةٍ بِفَتْحِهِمَا وَأَرْضَةٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ إجْرَاءً لِلْوَصْلِ مَجْرَى الْوَقْفِ وَيَجُوزُ تَنْوِينُهَا مَعَ إسْكَانِ الرَّاءِ (لَا مَا) أَيْ لَا تُرَابًا (شُوِيَ) وَلَمْ يَحْتَرِقْ وَإِنْ اسْوَدَّ (وَلَا تُرَابِ الْأَكْلِ) تَدَاوِيًا وَهُوَ الْإِرْمَنِيُّ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ أَوْ سَفَهًا وَهُوَ الْأَبْيَضُ فَيَكْفِي التَّيَمُّمُ بِهِمَا لِإِطْلَاقِ اسْمِ التُّرَابِ عَلَيْهِمَا، وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّانِي مِنْ زِيَادَتِهِ وَثَانِي الْأَرْكَانِ النِّيَّةُ كَمَا قَالَ (بِنِيَّةِ) أَيْ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ النَّقْلَ مَعَ نِيَّةِ (اسْتِبَاحَةٍ لِمُفْتَقِرْ إلَيْهِ) أَيْ إلَى التَّيَمُّمِ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ نَوَى مُقْتَضَاهُ بِخِلَافِ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُهُ لِبُطْلَانِهِ بِوُجُودِ الْمَاءِ «وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ عَمْرٍو صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِك وَأَنْتَ جُنُبٌ» وَلَا يَكْفِي نِيَّةُ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ وَلَا نِيَّةُ الطَّهَارَةِ وَلَا فَرْضُ الطَّهَارَةِ وَلَا فَرْضُ التَّيَمُّمِ وَلَا التَّيَمُّمُ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إنَّمَا يُؤْتَى بِهِ ضَرُورَةً فَلَا يُجْعَلُ مَقْصِدًا وَلِهَذَا لَا يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُهُ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنَّمَا تَكْفِي النِّيَّةُ (أَنْ تُقْرَنْ بِهِ) أَيْ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُصِبْ الْعُضْوَ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُ مَا أَصَابَ مَا أَصَابَهُ الْعُضْوُ كَالطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالطَّبَقَةِ الْأُولَى الْمُمَاسَّةِ لِلْعُضْوِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْمَجْمُوعِ صَرَّحَ بِذَلِكَ فَقَالَ الثَّالِثَةُ أَيْ: مِنْ صُوَرِ الْمُسْتَعْمَلِ أَنْ يَتَسَاقَطَ عَنْ الْعُضْوِ وَلَمْ يَكُنْ لَصِقَ بِهِ وَلَامَسَهُ بَلْ لَاقَى مَا لَصِقَ بِالْعُضْوِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَعْمَلٍ كَالْبَاقِي عَلَى الْأَرْضِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَقِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ قَالَ وَلَا مَعْنَى لِهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ إلَخْ) فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ بِمَعْنَى رَفْعِ الْمَنْعِ عَنْ فَرْضٍ وَنَوَافِلَ فَقَطْ صَحَّ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ بِهَذَا الْمَعْنَى فَشَرْطُ عَدِمُ الصِّحَّةِ مَا إذَا أَطْلَقَ أَوْ أَرَادَ رَفْعَ الْمَنْعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ م ر ح ج. (قَوْلُهُ: وَلَا التَّيَمُّمُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ تَيَمَّمَ نَدْبًا كَأَنْ تَيَمَّمَ لِلْجُمُعَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِالتَّأَمُّلِ يَظْهَرُ أَنَّ الْقَصْدَ لَيْسَ أَمْرًا زَائِدًا عَلَى النَّقْلِ وَالنِّيَّةِ الْمُقْتَرِنَةِ بِهِ وَعَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِي صُورَةِ السَّفْيِ لِعَدَمِ النَّقْلِ فَإِنْ قِيلَ الْمُرَادُ بِالْقَصْدِ قَصْدُ حُصُولِ التُّرَابِ وَهُوَ غَيْرُهُمَا قُلْنَا: هَذَا لَا يَجِبُ حُصُولُهُ مَعَهُمَا بَلْ مَتَى وُجِدَ نَقْلٌ مُقْتَرِنٌ بِنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ كَفَى وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَصْدُ حُصُولِ التُّرَابِ. اهـ.

وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّ النَّقْلَ هُوَ التَّحْوِيلُ وَالْقَصْدَ هُوَ قَصْدُ الْمَسْحِ بِهِ وَالنِّيَّةَ هِيَ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ. (قَوْلُهُ مُنْتَثِرًا مِنْ الْعُضْوِ) أَيْ مَعَ انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، أَمَّا لَوْ تَنَاثَرَ مِنْ الْمَمْسُوحَةِ إلَى الْمَاسِحَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ مَعَ بَقَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فَلَيْسَ بِمُسْتَعْمَلٍ بَلْ لَهُ الْمَسْحُ بِهِ بَلْ نَقَلَ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ عَنْ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ سَقَطَ إلَى الْأَرْضِ مَعَ بَقَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فَلَهُ إعَادَتُهُ وَالْمَسْحُ بِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُلْتَصِقًا بِهِ) أَيْ: بِالْعُضْوِ الْمَسْمُوحِ أَوْ الْمَاسِحِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمَسْحِ، أَمَّا قَبْلَهُ فَغَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ الْعُضْوِ وَإِنَّمَا صَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجْرِي بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ التُّرَابِ فَاغْتُفِرَ فِيهِ ذَلِكَ لِلْمَشَقَّةِ اُنْظُرْ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) إذْ لَا فَرْدَ لِلْمُسْتَعْمَلِ فِي الْحَدَثِ غَيْرَ هَذَيْنِ. (قَوْلُهُ: الْمَدَرِ) هُوَ التُّرَابُ الَّذِي يُصِيبُهُ الْمَاءُ فَيَجِفُّ وَيَصْلُبُ فَيَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ إذَا دُقَّ. (قَوْلُهُ: صَلَّيْت بِإِصْحَابِك إلَخْ) قَدْ يُقَال إنَّ التَّيَمُّمَ لِلْبَرْدِ يَجِبُ مَعَهُ الْقَضَاءُ فَهُوَ كَعَدَمِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ أُخَرُ «كَأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمُتَيَمِّمَ بِالْغُسْلِ حِينَ وَجَدَ الْمَاءَ» وَحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ» . اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْضُ التَّيَمُّمِ وَلَا التَّيَمُّمُ) أَيْ إنْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى الصَّلَاةِ فَإِنْ نَوَى التَّيَمُّمَ لِلصَّلَاةِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَبْقَ مَقْصِدًا. اهـ. م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا قَصَدَ الْبَدَلِيَّةَ لَا عَنْ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ ق ل عَنْ م ر وَحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: لَا يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُهُ) وَيُتَصَوَّرُ تَجْدِيدُهُ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ وَالْجَرِيحِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ يَتَيَمَّمُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ إذَا صَلَّى بِهِ فَرْضًا ثُمَّ أَرَادَ نَافِلَةً، وَفِي حَقِّ مَنْ لَا يَتَيَمَّمُ إلَّا مَعَ عَدَمِ الْمَاءِ إذَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى فَرْضًا وَلَمْ يُفَارِقْ مَوْضِعَهُ وَقُلْنَا: لَا يَجِبُ الطَّلَبُ ثَانِيًا. اهـ. مَجْمُوعٌ.

(قَوْلُهُ: لَا يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُهُ) فَلَوْ كَانَ مَعَهُ غُسْلٌ اُسْتُحِبَّ تَجْدِيدُ الْغُسْلِ فَقَطْ ق ل. (قَوْلُهُ: لَا يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُهُ) لَكِنْ إذَا جَدَّدَهُ صَحَّ وَاخْتَارَ الشَّاشِيُّ

ص: 195

بِالنَّقْلِ أَيْ أَوَّلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْأَرْكَانِ.

(وَتَسْتَمِرْ) ذِكْرًا مِنْ النَّقْلِ (لِلْمَسْحِ) أَيْ إلَى مَسْحِ شَيْءٍ مِنْ الْوَجْهِ حَتَّى لَوْ غَرَبَتْ قَبْلَ الْمَسْحِ لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ وَإِنْ كَانَ رُكْنًا غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ (وَالْإِطْلَاقِ) فِي النِّيَّةِ كَنِيَّةِ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ أَوْ نِيَّةِ الْفَرْضِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِظُهْرٍ أَوْ عَصْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَالْإِبْهَامِ) فِيهَا كَنِيَّةِ إحْدَى الْفَائِتَتَيْنِ أَوْ الْمَنْذُورَتَيْنِ أَوْ الْمَكْتُوبَةِ وَالْمَنْذُورَةِ (صَحَّ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا فَيَصِحُّ تَيَمُّمُهُ فِيهِمَا إذْ لَا يُحْتَاجُ فِي الطَّهَارَةِ إلَى تَعْيِينِ الْحَدَثِ الْمَنْوِيِّ رَفْعُهُ فَكَذَا مَا يَنْوِي اسْتِبَاحَتَهُ (لَا إنْ يُعَيِّنْ) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (مُخْطِئًا) فِي التَّعْيِينِ كَأَنْ عَيَّنَ الظُّهْرَ وَقْتَ الْعَصْرِ خَطَأً أَوْ فَائِتَةً ظُهْرًا ظَنَّهَا عَلَيْهِ فَبَانَ أَنَّهَا عَصْرٌ أَوْ لَا فَائِتَةَ فَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الِاسْتِبَاحَةِ وَاجِبَةٌ فِي التَّيَمُّمِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ التَّعْيِينُ فَإِذَا عَيَّنَ وَأَخْطَأَ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ وَالْمَيِّتِ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مِثْلِهِ فِي الْوُضُوءِ لِعَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ فِيهِ؛ وَلِأَنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَيَسْتَبِيحُ مَا شَاءَ وَالتَّيَمُّمُ يُبِيحُ وَلَا يَرْفَعُ فَنِيَّتُهُ صَادَفَتْ اسْتِبَاحَةَ مَا لَا يُسْتَبَاحُ.

وَلَوْ تَيَمَّمَ لِلْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَبَانَ أَنَّهُ الْأَكْبَرُ أَوْ عَكْسُهُ صَحَّ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُمَا وَاحِدٌ وَلِأَنَّ الْجُنُبَ وَالْمُحْدِثَ يَنْوِيَانِ بِتَيَمُّمِهِمَا اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ فَلَا فَرْقَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَعْيِينُهَا فِي نِيَّتِهَا فَإِذَا نَوَى الظُّهْرَ فَقَدْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ وَأَقَرَّهُ (وَ) ثَالِثُهَا (إنْ مَسَحْ وَجْهًا) أَيْ مَسْحُهُ الْوَجْهَ حَتَّى مُسْتَرْسِلِ اللِّحْيَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ يَدِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43](خَلَا الْمَنْبِتِ) لِلشَّعْرِ وَإِنْ خَفَّ أَوْ نَدَرَ فَلَا يَجِبُ مَسْحُهُ بَلْ وَلَا يُنْدَبُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَلَوْ أَخَّرَ هَذَا عَنْ مَسْحِ الْيَدَيْنِ كَانَ أَوْلَى (وَ) رَابِعُهَا إنْ مَسَحَ (الْيَدَيْنِ بِمِرْفَقٍ) أَيْ مَسْحِهِ الْيَدَيْنِ مَعَ مِرْفَقَيْهِمَا لِآيَةِ التَّيَمُّمِ وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ مَسَحَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ» قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَذَا الْخَبَرُ هُوَ الَّذِي مَنَعَنَا أَنْ نَأْخُذَ بِرِوَايَةِ عَمَّارٍ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْكَفَّيْنِ قَوْلٌ قَدِيمٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا عِنْدَ الْأَصْحَابِ هُوَ الْقَوِيُّ فِي الدَّلِيلِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ ثُمَّ قَالَ قَالَ الْخَطَّابِيِّ الِاقْتِصَارُ

ــ

[حاشية العبادي]

عِنْدَ تَعَذُّرِ غَسْلِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجْزِيهِ نِيَّةُ التَّيَمُّمِ بَدَلَ الْغَسْلِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ أَوَّلِهِ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي اقْتِرَانُهَا بِمَا بَعْدَ أَوَّلِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ نَقْلٌ مِنْ الْآنَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِأَوَّلِهِ مُطْلَقَ مَا قَبْلَ وُصُولِ التُّرَابِ لِلْعُضْوِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ عَزَبَتْ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِاسْتِحْضَارِهَا عِنْدَهُمَا وَإِنْ عَزَبَتْ بَيْنَهُمَا وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِكَلَامٍ لِأَبِي خَلَفٍ الطَّبَرِيِّ. اهـ. وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَشَمَلَ الِاكْتِفَاءَ بِهَا عِنْدَهُمَا مَا لَوْ نَقَلَ مَأْذُونُهُ وَأَحْدَثَ أَحَدُهُمَا بَيْنَ النَّقْلِ وَالْمَسْحِ فَيَكْفِي وُجُودُهَا عِنْدَهُمَا وَإِنْ عَزَبَتْ بَيْنَهُمَا لِصِحَّةِ النَّقْلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَقَلَ بِنَفْسِهِ وَأَحْدَثَ بَعْدَ النَّقْلِ لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ قَبْلَ الْمَسْحِ لِيَحْصُلَ النَّقْلُ لِبُطْلَانِ النَّقْلِ الْأَوَّلِ بِالْحَدَثِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَيَمَّمَ لِلْحَدَثِ الْأَصْغَرِ) أَيْ بِأَنْ نَوَى الِاسْتِبَاحَةَ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ الرَّابِعَةُ لَوْ تَيَمَّمَ عَنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ غَالِطًا ظَانًّا أَنَّ حَدَثَهُ الْأَصْغَرُ فَكَانَ جُنُبًا أَوْ عَكْسَهُ صَحَّ تَيَمُّمُهُ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا وَاحْتَجَّ الْمُزَنِيّ وَالْأَصْحَابُ بِأَنَّ مُقْتَضَاهُمَا وَاحِدٌ فَلَا أَثَرَ لِلْغَلَطِ وَأَنْكَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ هَذَا فِي كِتَابِ الْفُرُوقِ وَقَالَ هَذِهِ الْعِلَّةُ مُنْتَقَضَةٌ بِمَنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ يَظُنُّهَا الظُّهْرَ فَقَضَاهَا.

ثُمَّ بَانَ أَنَّهَا الْعَصْرُ فَلَا يَجْزِيهِ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَاهَا وَاحِدًا.

قَالَ: وَالْعِلَّةُ الصَّحِيحَةُ أَنَّ الْجُنُبَ يَنْوِي بِتَيَمُّمِهِ مَا يَنْوِيهِ الْمُحْدِثُ وَهُوَ اسْتِبَاحَةُ الصَّلَاةِ فَلَا فَرْقَ وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَيَجِبُ تَعْيِينُهَا فَإِذَا نَوَى الظُّهْرَ فَقَدْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ وَالْمُتَيَمِّمُ نَوَى مَا عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ أَنْكَرُوا عَلَى الْمُزَنِيّ هَذِهِ الْعِلَّةَ وَقَالُوا الصَّوَابُ التَّعْلِيلُ بِنَحْوِ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَهَذَا الْإِنْكَارُ عَلَى الْمُزَنِيّ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ كَلَامَهُ صَحِيحٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ ظَاهِرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي نِيَّتِهَا) أَيْ: فِي الْإِحْرَامِ بِهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ يَجِبُ تَعْيِينُهَا فَيَكُونُ الْفَرْضُ الْفَرْقَ بَيْنَ اغْتِفَارِ الْغَلَطِ فِي نِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ مِنْ الْأَصْغَرِ إلَى الْأَكْبَرِ أَوْ عَكْسِهِ وَبَيْنَ عَدَمِ اغْتِفَارِ الْغَلَطِ فِي الْإِحْرَامِ بِالصَّلَاةِ، وَأَمَّا حَمْلُ نِيَّتِهَا عَلَى نِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ لَهَا فَيَكُونُ إشَارَةً إلَى مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ لَا أَنْ يُعَيِّنَ مُخْطِئًا فَيُنَافِيهِ قَوْلُهُ: يَجِبُ تَعْيِينُهَا وَالتَّكَلُّفُ فِي تَأْوِيلِهِ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الْمَجْمُوعِ وَسَطَّرْتهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

اسْتِحْبَابَهُ. اهـ. مَجْمُوعٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ أَوَّلَهُ) كَذَا فِي الْمَحَلِّيِّ وَحَجَرٍ أَيْضًا وَإِنَّمَا قَيَّدُوا بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلِيَصِحَّ ذِكْرُ الِاسْتِمْرَارِ إذْ النَّقْلُ شَامِلٌ لِمَا قُبَيْلَ مَسْحِ الْوَجْهِ وَالِاسْتِمْرَارِ فِيهِ مَعَ تَصْرِيحِ أَصْحَابِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ بِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ أَوَّلَهُ) فَلَا تَجِبُ فِي النَّقْلِ لِلْيَدَيْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ عَزَبَتْ إلَخْ) نَقَلَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَحَكَى الرَّافِعِيُّ وَجْهًا غَرِيبًا أَنَّهُ يُجْزِئُهُ اقْتِرَانُهَا بِالنَّقْلِ وَالْمَسْحِ مَعَ عُزُوبِهَا بَيْنَهُمَا. اهـ. فَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مِنْ أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ الْمُقَارَنَةُ بِالنَّقْلِ وَالْمَسْحُ مَعَ الْغُزُوبِ بَيْنَهُمَا اُكْتُفِيَ بِهَا بِلَا خِلَافٍ غَلَطٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا عَيَّنَ وَأَخْطَأَ) ؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَحَّ إلَخْ) تَكَلَّمَ جَمَاعَةٌ فِيهِ، فَالنَّظَرُ الْمَجْمُوعُ لَكِنَّ الشَّافِعِيَّ أَثْبَتُ. اهـ. (قَوْلُهُ: الْقَوِيُّ فِي الدَّلِيلِ) ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ عَمَّارٍ أَصَحُّ مِنْ الْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ. (قَوْلُهُ: إلَى ظَاهِرِ السُّنَّةِ) وَهُوَ مَا فِي حَدِيثِ

ص: 196

عَلَى الْكَفَّيْنِ أَصَحُّ رِوَايَةً وَوُجُوبُ مَسْحِ الذِّرَاعَيْنِ أَشْبَهُ بِالْأُصُولِ وَأَصَحُّ فِي الْقِيَاسِ.

(وَ) خَامِسُهَا إنْ (رَتَّبَ الْمَسْحَيْنِ) أَيْ تَرْتِيبُهُ مَسْحَيْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ وَإِنْ كَانَ حَدَثُهُ أَكْبَرَ بِخِلَافِ الْغُسْلِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْبَدَنَ فِيهِ وَاحِدٌ فَهُوَ كَعُضْوٍ فِي الْوُضُوءِ وَأَمَّا الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ فِي التَّيَمُّمِ فَمُخْتَلِفَانِ وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّ التَّمَعُّكَ يَجِبُ فِيهِ التَّرْتِيبُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ تَعْمِيمُ الْبَدَنِ لَا يَجِبُ فِي حَالَةٍ حَتَّى يَكُونَ كَالْغُسْلِ وَأَمَّا ظَاهِرُ خَبَرِ عَمَّارٍ فَوَاقِعَةُ حَالٍ يَتَطَرَّقُ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ وَخَرَجَ بِالْمَسْحَيْنِ النَّقْلَانِ فَلَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا إذْ الْمَسْحُ أَصْلٌ وَالنَّقْلُ وَسِيلَةٌ فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى التُّرَابِ وَمَسَحَ بِإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ وَبِالْأُخْرَى يَدَهُ الْأُخْرَى جَازَ.

(تَنْبِيهٌ) جَعَلَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ كَالْوَجِيزِ الْأَرْكَانَ سَبْعَةً الْمَذْكُورَاتِ وَالتُّرَابَ وَالْقَصْدَ إلَيْهِ وَجَعَلَ فِي الْمِنْهَاجِ الْقَصْدَ شَرْطًا وَقَالَ الرَّافِعِيُّ حَذَفَهُمَا جَمَاعَةٌ وَهُوَ أَوْلَى إذْ لَوْ حَسُنَ عَدُّ التُّرَابِ رُكْنًا لَحَسُنَ عَدُّ الْمَاءِ رُكْنًا فِي الطُّهْرِ بِهِ، وَأَمَّا الْقَصْدُ فَدَاخِلٌ فِي النَّقْلِ الْوَاجِبِ قَرْنُ النِّيَّةِ بِهِ.

(وَسُنَّ) لِلْمُتَيَمِّمِ (ضَرْبَتَانِ) بِلَا نَقْصٍ وَلَا زِيَادَةٍ لِوُرُودِهِمَا فِي الْأَخْبَارِ الْمَحْمُولَةِ عَلَى النَّدْبِ لِخَبَرِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ وُجُوبُ ضَرْبَتَيْنِ وَإِنْ أَمْكَنَ بِضَرْبَةٍ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا لِخَبَرِ الْحَاكِمِ «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «تَيَمَّمَ بِضَرْبَتَيْنِ مَسَحَ بِإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ وَبِالْأُخْرَى ذِرَاعَيْهِ» لَكِنَّ الْأَوَّلَ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَالثَّانِيَ فِيهِ رَاوٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَعَ هَذَا صَحَّحَ وُجُوبَ الضَّرْبَتَيْنِ كَمَا تَقَرَّرَ وَقَالَ: إنَّهُ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَجَابَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ خَبَرِ عَمَّارٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ صُورَةِ الضَّرْبِ لِلتَّعْلِيمِ لَا بَيَانُ جَمِيعِ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّيَمُّمُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يَحْفَى ضَعْفُهُ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الِاسْتِيعَابُ بِضَرْبَتَيْنِ وَجَبَتْ الزِّيَادَةُ وَلَا يَتَعَيَّنُ الضَّرْبُ بَلْ لَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى تُرَابٍ فَعَلِقَ

ــ

[حاشية العبادي]

بِالْهَامِشِ فَانْظُرْهَا. .

ــ

[حاشية الشربيني]

الْبُخَارِيِّ «فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ» إلَخْ فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْيَدِ الْكَفُّ كَمَا فِي قَوْلِهِ فَضَرَبَ بِيَدِهِ وَحَمْلُهَا عَلَى الذِّرَاعَيْنِ مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ مَقْبُولٌ إلَّا أَنَّهُ رَوَاهُ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْعَبْدِيُّ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ. اهـ. مَجْمُوعٌ بِاخْتِصَارٍ كَثِيرٍ.

(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ عَمَّارٍ إلَخْ) وَهُوَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «إنَّمَا كَانَ يَكْفِيك هَكَذَا فَضَرَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَفَّيْهِ الْأَرْضَ فَنَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ» . اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَ بِضَرْبِهِ بِخِرْقَةٍ) ؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْخِرْقَةِ عَلَى التُّرَابِ وَرَفْعَهَا يُعَدُّ نَقْلَةً وَاحِدَةً وَمَسْحُ الْوَجْهِ بِبَعْضِهَا، ثُمَّ مَسْحُ الْيَدَيْنِ بِالْبَعْضِ الْآخَرِ لَا يُصَيِّرُ ذَلِكَ نَقْلَتَيْنِ نَعَمْ إنْ مَرَغَ وَجْهَهُ بِبَعْضٍ مِنْهَا نَاوِيًا نِيَّةً أُخْرَى ثُمَّ مَرَّغَ يَدَيْهِ بِالْجُزْءِ الْآخَرِ كَفَى؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تَنْقُصُ عَنْ الْأَرْضِ وَكَذَا لَوْ رَفَعَ بَعْدَ ضَرْبِ الْخِرْقَةِ بِالْأَرْضِ أَحَدَ طَرَفَيْهَا إلَى وَجْهِهِ مَعَ نِيَّةٍ جَدِيدَةٍ مُقَارِنَةٍ لِذَلِكَ الرَّفْعِ ثُمَّ رَفَعَ الطَّرَفَ الْآخَرَ وَمَسَحَ بِهِ يَدَيْهِ لِمَا ذُكِرَ بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى النِّيَّةِ الْأُولَى كَذَا نَقَلَهُ سم عَنْ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَنْهَجِ وَرَدَّهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ بِأَنَّ النَّقْلَ الَّذِي تَقْتَرِنُ بِهِ النِّيَّةُ وَإِنْ كَثُرَ يُعَدُّ نَقْلَةً وَاحِدَةً، وَالنِّيَّةُ الثَّانِيَةُ لَا تُلْغِي النِّيَّةَ الْأُولَى فَالْبَعْضُ الَّذِي قَصَدَ بِهِ مَسْحَ الْيَدَيْنِ بَقِيَّةُ النَّقْلَةِ الْأُولَى لَا نَقْلَةٌ أُخْرَى. اهـ. وَنَقَلَ سم أَيْضًا عَنْ م ر أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ الْخِرْقَةَ دَفْعَةً، ثُمَّ مَسَحَ بِبَعْضِهَا وَجْهَهُ، ثُمَّ نَوَى نَقْلَ الْبَعْضِ الْآخَرِ وَمَسَحَ بِهِ الْيَدَيْنِ كَفَى؛ لِأَنَّ نِيَّةَ النَّقْلِ تَعَدَّدَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْوِهِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ فِي الْأُولَى وَتَجْدِيدِهَا فِي الثَّانِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَالثَّانِي فِيهِ رَاوٍ إلَخْ) قَدْ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِاسْمِهِ وَتَرَكَ الشَّارِحُ التَّصْرِيحَ بِهِ اكْتِفَاءً بِتَنْبِيهِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ احْتِيَاطًا لِدِينِهِ رضي الله عنه. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْغَرَضَ بَيَانُ مَا يَكْفِيهِ بِتَمَامِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الِاسْتِيعَابُ إلَخْ) فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ لَمْ يَمَسَّهُ غُبَارٌ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ وَلَوْ كَانَ مَا بَقِيَ لَمْ يُدْرِكْهُ الطَّرَفُ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ قَالَ الْإِمَامُ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَمَا أَظُنُّ ذَلِكَ الْغُبَارَ يَنْبَسِطُ عَلَى السَّاعِدَيْنِ ظَهْرًا وَبَطْنًا ثُمَّ عَلَى ظُهُورَ الْكَفَّيْنِ فَلَا يَتَّجِهُ إلَّا الْمَصِيرُ إلَى الْقَدِيمِ وَهُوَ الِاكْتِفَاءُ بِمَسْحِ الْكَفَّيْنِ أَوْ نَقُولُ إنَّ الْوَاجِبَ إثَارَةُ الْغُبَارِ، ثُمَّ نَكْتَفِي بِإِيصَالِ جِرْمِ الْيَدِ مَسْحًا إلَى السَّاعِدَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَكْلِيفِ بَسْطِ التُّرَابِ فِي عَيْنِهِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ يَجِبُ إيصَالُ التُّرَابِ إلَى جَمِيعِ مَحَلِّ التَّيَمُّمِ يَقِينًا فَإِنْ شَكَّ وَجَبَ إيصَالُ التُّرَابِ إلَى مَوْضِعِ الشَّكِّ حَتَّى يَتَيَقَّنَ انْبِسَاطَ التُّرَابِ عَلَى جَمِيعِ الْمَحَلِّ وَنَحْنُ نَقْطَعُ بِأَنَّ هَذَا يُنَافِي الِاقْتِصَارَ عَلَى ضَرْبَةٍ

ص: 197

بِهَا غُبَارٌ كَفَى كَمَا فِي التَّمَعُّكِ وَأَخْذِ التُّرَابَ مِنْ الْهَوَاءِ وَيُسَنُّ فِي مَسْحِ الْوَجْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِأَعْلَاهُ كَالْوُضُوءِ وَفِي الْيَدَيْنِ أَنْ يَضَعَ أَصَابِعَ الْيُسْرَى سِوَى الْإِبْهَامِ عَلَى ظُهُورِ أَصَابِعِ الْيُمْنَى سِوَى الْإِبْهَامِ بِحَيْثُ لَا تَخْرُجُ أَنَامِلُ الْيُمْنَى عَنْ مُسَبِّحَةِ الْيُسْرَى وَيُمِرَّهَا عَلَى ظَهْرِ الْكَفِّ الْيُمْنَى فَإِذَا بَلَغَ الْكُوعَ ضَمَّ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ إلَى حَرْفِ الذِّرَاعِ وَيُمِرَّهَا إلَى الْمِرْفَقِ ثُمَّ يُدِيرَ بَطْنَ كَفِّهِ إلَى بَطْنِ الذِّرَاعِ وَيُمِرَّهَا عَلَيْهِ رَافِعًا إبْهَامَهُ فَإِذَا بَلَغَ الْكُوعَ أَمَرَّ إبْهَامَ الْيُسْرَى عَلَى إبْهَامِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَفْعَلَ بِالْيُسْرَى كَذَلِكَ ثُمَّ يَمْسَحَ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ بِالْأُخْرَى نَدْبًا لَا وُجُوبًا لِتَأَدِّي فَرْضِهِمَا بِضَرْبِهِمَا بَعْدَ مَسْحِ الْوَجْهِ وَإِنَّمَا جَازَ مَسْحُ الذِّرَاعَيْنِ بِتُرَابِهِمَا لِعَدَمِ انْفِصَالِهِ وَلِلْحَاجَةِ إذْ لَا يُمْكِنُ مَسْحُ الذِّرَاعِ بِكَفِّهَا فَصَارَ كَنَقْلِ الْمَاءِ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَبَّهَ فِيهِ تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ عَلَى أَنَّ الْكَيْفِيَّةَ الْمَذْكُورَةَ فِي مَسْحِ الْيَدَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا خَبَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِنَقْلِ الْمَاءِ تَقَاذُفَهُ الَّذِي يَغْلِبُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ حَيْثُ قَالَ: وَإِنَّمَا ثَبَتَ لِلْمُتَنَاثِرِ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ إذَا انْفَصَلَ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَعْرَضَ الْمُتَيَمِّمُ عَنْهُ لِعُسْرِ إيصَالِهِ إلَى الْعُضْوِ فَيُعْذَرُ فِي رَفْعِ الْيَدِ وَرَدِّهَا كَمَا فِي رَدِّ الْمُتَقَاذَفِ الَّذِي يَغْلِبُ فِي الْمَاءِ.

(وَ) سُنَّ (التَّفْرِيجُ) لِلْأَصَابِعِ (مَعْ كُلٍّ) مِنْ الضَّرْبَتَيْنِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِزِيَادَةِ إثَارَةِ الْغُبَارِ بِاخْتِلَافِ مَوَاقِعِ الْأَصَابِعِ إذَا تَفَرَّقَتْ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلْيَسْتَغْنِ بِالْوَاصِلِ عَنْ الْمَسْحِ بِمَا عَلَى الْكَفِّ وَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ وَيُنْدَبُ تَفْرِيقُ أَصَابِعِهِ أَوَّلًا أَيْ أَوَّلَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جَازَ مَسْحُ الذِّرَاعَيْنِ بِتُرَابِهِمَا) أَيْ الرَّاحَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ انْفِصَالِهِ) قَدْ يُقَالُ الِانْفِصَالُ مِنْ أَحَدِ الْعُضْوَيْنِ لِلْآخَرِ لَازِمٌ. (قَوْلُهُ: فَصَارَ كَنَقْلِ الْمَاءِ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ) كَيْفَ وَهُوَ إلَى عُضْوٍ آخَرَ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي رَدِّ الْمُتَقَاذَفِ) إذْ الْمُتَقَاذَفُ إذَا فَارَقَ الْعُضْوَ فَرَدَّهُ إلَيْهِ كَانَ مُغْتَفَرًا.

(قَوْلُهُ: بِالْوَاصِلِ) أَيْ إلَى مَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَهُوَ وَقَوْلُهُ: عَنْ الْمَسْحِ مُتَعَلِّقَانِ بِقَوْلِهِ فَلْيَسْتَغْنِ وَقَوْلُهُ: بِمَا عَلَى الْكَفِّ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْحِ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَاحِدَةً لِلْيَدَيْنِ فَاَلَّذِي يَجِبُ اعْتِقَادُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ اسْتِيعَابُ الْمَحَلِّ بِالْمَسْحِ بِالْيَدِ الْمُغَبَّرَةِ مِنْ غَيْرِ رَبْطِ الْفِكْرِ بِانْبِسَاطِ الْغُبَارِ. اهـ.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ ظَاهِرٌ اهـ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَإِلَّا فَالِاسْتِيعَابُ بِالضَّرْبَتَيْنِ مُمْكِنٌ دَائِمًا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ أَنْ يَبْدَأَ بِأَعْلَاهُ) وَلَوْ نَقَلَ التُّرَابَ بِيَدَيْهِ وَوَضَعَهُمَا عَلَى وَجْهِهِ دُونَ أَنْ يَمْسَحَ وَعَمَّ الْغُبَارُ وَجْهَهُ كَفَى عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيُّ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَمْسَحَهُ بِهِمَا. اهـ. مَجْمُوعٌ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْيَدَيْنِ أَنْ يَضَعَ إلَخْ) أَيْ يُسَنُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمُرَادُهُ أَنَّ السُّنَّةَ لَا يَزِيدُ عَلَى ضَرْبَتَيْنِ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ فَكَانَتْ سُنَّةً لِكَوْنِهَا مُحَصِّلَةً لِسُنَّةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى ضَرْبَةٍ مَعَ الِاسْتِيعَابِ اهـ وَبِهِ يَنْدَفِعُ التَّنَافِي بَيْنَ السُّنِّيَّةِ وَبَيْنَ عَدَمِ ثُبُوتِ خَبَرٍ فِيهَا الَّذِي نَقَلَهُ فِيمَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَقَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْهُ شَيْئًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّ مَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ الْمَنْدُوبُ مَنْدُوبٌ كَمَا أَنَّ مَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ وَاجِبٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جَازَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إذَا سَقَطَ فَرْضُ الرَّاحَتَيْنِ صَارَ التُّرَابُ الَّذِي عَلَيْهِمَا مُسْتَعْمَلًا فَكَيْفَ يَجُوزُ مَسْحُ الذِّرَاعَيْنِ بِهِ وَلَا يَجُوزُ نَقْلُ الْمَاءِ الَّذِي غُسِلَتْ بِهِ إحْدَى الْيَدَيْنِ إلَى الْأُخْرَى وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْيَدَيْنِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ وَلِهَذَا جَازَ تَقْدِيمُ الْيَسَارِ عَلَى الْيَمِينِ وَلَا يَصِيرُ التُّرَابُ مُسْتَعْمَلًا إلَّا بِانْفِصَالِهِ وَالْمَاءُ يَنْفَصِلُ عَنْ الْيَدِ الْمَغْسُولَةِ فَيَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا وَلِلْحَاجَةِ إلَخْ مَا ذَكَرَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: بَعْدَ مَا ذَكَرَ وَنَقَلَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَجْهًا أَنَّهُ يَجُوزُ نَقْلُ الْمَاءِ مِنْ يَدٍ إلَى أُخْرَى لِأَنَّهُمَا كَيَدٍ. فَعَلَى هَذَا يَسْقُطُ السُّؤَالُ وَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ اعْتَمَدَهُ م ر فِيمَا سَبَقَ فِي الْوُضُوءِ وَنَقَلْنَاهُ هُنَاكَ وَقَوْلُهُ: إلَّا بِانْفِصَالِهِ أَيْ: عَنْ الْيَدِ الْمَاسِحَةِ فَهُوَ لِعَدَمِ انْفِصَالِهِ عَنْهَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ بَعْدَ الْغُسْلِ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ وَلَوْ فَوْقَ الْعُضْوِ لِانْفِصَالِهِ بِطَبْعِهِ فَلِعَدَمِ انْفِصَالِ التُّرَابِ كَانَ بِانْتِقَالِهِ مِنْ يَدٍ إلَى يَدٍ غَيْرَ مُسْتَعْمَلٍ؛ لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ تَنْزِيلًا إلَى بَعْضِهِ الْآخَرِ بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ لِانْفِصَالِهِ إذَا انْتَقَلَ إلَى الْيَدِ الْأُخْرَى يَكُونُ انْتِقَالًا لِمَا لَا يَغْلِبُ إلَيْهِ التَّقَاذُفُ مِنْ الْعُضْوِ الْوَاحِدِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ اغْتَفَرُوا نَقْلَ التُّرَابِ مِنْ إحْدَى الْيَدَيْنِ إلَى الْأُخْرَى بِخِلَافِ الْوُضُوءِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ: الْفَرْقُ أَنَّ الْيَدَيْنِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ فَلَا يُحْكَمُ بِالِاسْتِعْمَالِ إلَّا بِالِانْفِصَالِ وَالْمَاءُ مُنْفَصِلٌ بِخِلَافِ التُّرَابِ. اهـ.

وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَصَارَ إلَخْ) مُرَتَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلِلْحَاجَةِ لَا عَلَى مَا قَبْلَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَثْبُتُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الْمُتَنَاثِرَ مُسْتَعْمَلٌ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ إذَا انْفَصَلَ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَعْرَضَ الْمُتَيَمِّمُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ فِي إيصَالِ التُّرَابِ إلَى الْأَعْضَاءِ عُسْرًا فَيُعْذَرُ فِي رَفْعِ الْيَدِ وَرَدِّهَا كَمَا يُعْذَرُ فِي التَّقَاذُفِ الَّذِي يَغْلِبُ فِي الْمَاءِ وَلَا يُحْكَمُ بِاسْتِعْمَالِ الْمُتَقَاذَفِ. اهـ. وَهِيَ عِبَارَةٌ سَلِيمَةٌ لَا يَرِدُ عَلَيْهَا مَا يَرِدُ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ كَمَا فِي رَدِّ الْمُتَقَاذَفِ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنَّ رَدَّ الْمُتَقَاذَفِ مُغْتَفَرٌ وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ اغْتِفَارُ مَا ارْتَدَّ بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَعْرَضَ الْمُتَيَمِّمُ عَنْهُ)

ص: 198

كُلِّ ضَرْبَةٍ لَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى التَّفْرِيجِ فِي الْأُولَى عَدَمُ صِحَّةِ تَيَمُّمِهِ لِمَنْعِ الْغُبَارِ الْحَاصِلِ فِيهَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ وُصُولَ الْغُبَارِ وَفِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّفْرِيجِ فِي الْأُولَى أَجْزَأَهُ لِعَدَمِ وُجُوبِ تَرْتِيبِ النَّقْلِ كَمَا مَرَّ فَحُصُولُ التُّرَابِ الثَّانِي إنْ لَمْ يَزِدْ الْأَوَّلَ قُوَّةً لَمْ يُنْقِصْهُ وَأَيْضًا الْغُبَارُ عَلَى الْمَحَلِّ لَا يَمْنَعُ الْمَسْحَ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ غَشِيَهُ غُبَارُ السَّفَرِ لَا يُكَلَّفُ نَفْضَهُ لِلتَّيَمُّمِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَوْلُ الْبَغَوِيّ يُكَلَّفُ نَفْضَ التُّرَابِ مَحْمُولٌ عَلَى تُرَابٍ يَمْنَعُ وُصُولَ التُّرَابِ إلَى الْمَحَلِّ ثُمَّ إنْ لَمْ يُفَرِّجْ فِي الثَّانِيَةِ لَزِمَهُ تَخْلِيلُ الْأَصَابِعِ لِإِلْغَاءِ الْوَاصِلِ قَبْلَ مَسْحِ الْوَجْهِ وَإِلَّا سُنَّ احْتِيَاطًا.

(وَفِي الثِّنْتَيْنِ) أَيْ الضَّرْبَتَيْنِ (خَاتَمًا نَزَعْ بِالنَّدْبِ) أَيْ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ لِيَكُونَ الْمَسْحُ بِجَمِيعِ الْيَدِ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ (قُلْتُ: عِنْدَهُمْ صَوَابُهُ فِي ضَرْبَةٍ ثَانِيَةٍ إيجَابُهُ) أَيْ نَزْعُ الْخَاتَمِ لِيَصِلَ التُّرَابُ إلَى مَحَلِّهِ وَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِيجَابُ النَّزْعِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْمَسْحِ لَا عِنْدَ الضَّرْبِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ

(وَسُنَّةٌ تَخْفِيفُهُ) أَيْ التُّرَابِ مِنْ كَفَّيْهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا إنْ كَانَ كَثِيرًا بِالنَّفْضِ أَوْ النَّفْخِ بِحَيْثُ يَبْقَى قَدْرُ الْحَاجَةِ لِخَبَرِ عَمَّارٍ وَغَيْرِهِ وَلِئَلَّا تَتَشَوَّهَ بِهِ الْخِلْقَةُ وَمِنْ هُنَا عُلِمَ أَنَّهُ يُسَنُّ عَدَمُ تَكْرَارِ الْمَسْحِ أَمَّا مَسْحُ التُّرَابِ مِنْ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ فَالْأَحَبُّ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ.

(وَ) سُنَّ (الْبَسْمَلَهْ وَبَدْءُ يُمْنَى) عَلَى يُسْرَى

(وَالْوِلَا) بَيْنَ الْمَسْحَتَيْنِ كَالْوُضُوءِ فِي الثَّلَاثَةِ وَيُقَدَّرُ التُّرَابُ مَاءً فِي الْوِلَاءِ وَمِنْ سُنَنِهِ إمْرَارُ التُّرَابِ عَلَى الْعُضْوِ تَطْوِيلًا لِلتَّحْجِيلِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَأَنْ لَا يَرْفَعَ يَدَهُ عَنْ الْعُضْوِ حَتَّى يُتِمَّ مَسْحَهُ وَتَوَجُّهُ الْقِبْلَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَيَنْبَغِي سَنُّ الشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَهُ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ. اهـ. وَالْقِيَاسُ سَنُّ إطَالَةِ الْغُرَّةِ.

(وَأَبْطَلَهْ) أَيْ التَّيَمُّمَ مَعَ مَا يُبْطِلُ الْوُضُوءَ (رِدَّتُهُ) أَيْ الْمُتَيَمِّمِ؛ لِأَنَّهُ لِلِاسْتِبَاحَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ مَعَ الرِّدَّةِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ.

(وَ) أَبْطَلَهُ إذَا كَانَ لِفَقْدِ الْمَاءِ (قَبْلَ مَا فِيهَا شَرَعْ) أَيْ قَبْلَ شُرُوعِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى أَجْزَأَهُ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ النَّقْلُ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ التَّخْلِيلِ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ قَرِيبًا لِيَكُونَ مَسْحُ الْيَدِ بَعْدَ مَسْحِ الْوَجْهِ بِرّ. (قَوْلُهُ: فَحُصُولُ التُّرَابِ الثَّانِي إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ التُّرَابُ الْأَوَّلُ خَفِيفًا لَمْ يَمْنَعْ وُصُولَ الثَّانِي إلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّخْلِيلِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّخْلِيلِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي وَإِلَّا سُنَّ احْتِيَاطًا إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ التُّرَابُ الْأَوَّلُ خَفِيفًا وَإِلَّا لَزِمَ التَّخْلِيلُ. (قَوْلُهُ لِإِلْغَاءِ الْوُصُولِ) مِنْ حَيْثُ تَحْصِيلُ الْمَسْحِ لَا مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ النَّقْلِ كَمَا سَلَفَ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا سُنَّ احْتِيَاطًا) فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ: لِيَصِلَ التُّرَابُ إلَى مَحَلِّهِ) وَنَبَّهَ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ إيصَالُ التُّرَابِ إلَى مَا تَحْتَهُ لَا نَزْعُهُ جُمْلَةً وَيُوَافِقُهُ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ إيجَابَ النَّزْعِ هُنَا وَعَدَمَهُ فِي الْوُضُوءِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَلَوْ اتَّسَعَ الْخَاتَمُ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُ وُصُولَ الْغُبَارِ لِمَا تَحْتَهُ لَا يَجِبُ النَّزْعُ هُنَا وَلَوْ ضَاقَ بِحَيْثُ مَنَعَ وُصُولَ الْمَاءِ لِمَا تَحْتَهُ وَجَبَ النَّزْعُ هُنَاكَ أَيْ أَوْ تَحْرِيكٌ يَحْصُلُ بِهِ وُصُولُ الْمَاءِ تَحْتَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّةٌ تَخْفِيفُهُ) قَالَ النَّاشِرِيُّ أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ تَطْوِيلُ الْغُرَّةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ التُّرَابِ) شَامِلٌ لِتُرَابِ الْوَجْهِ وَتُرَابِ الْيَدَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ الْبَسْمَلَةُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ جُنُبًا وَنَحْوَهُ.

(قَوْلُهُ وَأَبْطَلَهُ رِدَّتُهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ وَيَبْطُلُ بِرِدَّةٍ تَيَمُّمٌ وَوُضُوءُ نَحْوِ مُسْتَحَاضَةٍ وَنِيَّةُ وُضُوءٍ لَا وُضُوءٌ وَغُسْلٌ. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَنِيَّةُ وُضُوءٍ أَيْ وَغُسْلٍ وَلَوْ وَقَعَتْ الرِّدَّةُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ التَّيَمُّمُ الْمُتَعَدِّدُ أَوْ الْمُتَّحِدُ فَيُحْتَمَلُ بُطْلَانُ التَّيَمُّمِ فَقَطْ وَعَلَيْهِ فَإِذَا أَسْلَمَ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمَضْمُومُ إلَى الْوُضُوءِ مُتَعَدِّدًا كَمَا لَوْ صَلَّى فَرْضًا بِالْوُضُوءِ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ التَّيَمُّمُ، ثُمَّ أَرَادَ آخَرَ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ تَيَمُّمًا وَاحِدًا وَإِنْ تَعَدَّدَ التَّيَمُّمُ فِي الْوُضُوءِ وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ بُطْلَانُ طَهَارَةِ مَا بَعْدَ الْوُضُوءِ الْمُتَيَمَّمِ عَنْهُ أَيْضًا وَيُفَارِقُ الْمَسْأَلَةَ الْمَقِيسَ عَلَيْهَا بِبُطْلَانِ التَّيَمُّمِ هُنَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ لَمْ يَبْطُلْ لَكِنَّهُ ضَعُفَ عَنْ أَدَاءِ فَرْضٍ آخَرَ.

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمُرَادُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ أَنْ يَمَسَّ الْعُضْوَ الَّذِي أَخَذَ لَهُ وَبِعَدَمِ الْإِعْرَاضِ أَنْ لَا يَمَسَّهُ كَذَا نُقِلَ عَنْ م ر لَكِنْ لَوْ مَسَّ الْعُضْوَ وَانْتَقَلَ مِنْ الْمَمْسُوحَةِ إلَى الْمَاسِحَةِ مَعَ بَقَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لَا يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا فَلْيُفَسَّرْ الْإِعْرَاضُ بِأَنْ يَتَنَاثَرَ مِنْ الْمَاسِحِ إلَى غَيْرِ الْمَمْسُوحِ بَعْدَ الْمَسْحِ أَوْ مِنْ الْمَمْسُوحِ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ أَجْزَأَهُ لِعَدَمِ وُجُوبِ تَرْتِيبِ النَّقْلِ) يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْإِنْسَانَ لَوْ ضَرَبَ بِخِرْقَةٍ ضَرْبَةً وَاحِدَةً وَمَسَحَ بِهَا الْوَجْهَ، ثُمَّ الْيَدَيْنِ مَا عَدَا أُصْبُعًا أَوْ أُنْمُلَةً مَثَلًا، ثُمَّ ضَرَبَ الْأُخْرَى وَمَسَحَ الْأُصْبُعَ أَوْ الْأُنْمُلَةَ يَكُونُ كَافِيًا وَلَا مَانِعَ مِنْ الْتِزَامِهِ. اهـ. سم عَنْ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ) أَيْ الْفَرْضِ وَرَوَاتِبِهِ.

(قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَرْفَعَ يَدَهُ إلَخْ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ اسْتِعْمَالُ التُّرَابِ مَا بَقِيَ بِأَحَدِ الْعُضْوَيْنِ الْمَاسِحِ أَوْ الْمَمْسُوحِ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَبْطَلَهُ إذَا كَانَ إلَخْ) مَحَلُّ بُطْلَانِهِ بِالتَّوَهُّمِ إنْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ زَمَنٌ لَوْ سَعَى فِيهِ إلَى ذَلِكَ الْمَاءِ لَأَمْكَنَهُ التَّطَهُّرُ بِهِ وَإِيقَاعُ الصَّلَاةِ فِيهِ بِتَمَامِهَا اهـ. حَجَرٌ وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ م ر أَيْضًا ع ش وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ فِي حَدِّ الْغَوْثِ لِوُجُوبِ الطَّلَبِ مِنْهُ بِالتَّوَهُّمِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَوَهَّمَهُ فَوْقَهُ إذْ لَا يَجِبُ الطَّلَبُ مِنْهُ إلَّا عِنْدَ الْعِلْمِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ مَا فِيهَا شَرَعَ)، أَمَّا لَوْ شَرَعَ فِيهَا وَتَوَهَّمَهُ بِرَاجِحِيَّةٍ أَوْ مَرْجُوحِيَّةٍ أَوْ مُسَاوَاةٍ سَوَاءٌ وُجِدَ مَانِعٌ مُقَارِنٌ أَوْ مُتَأَخِّرٌ أَوْ لَا مَانِعَ أَصْلًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ الصَّلَاةُ تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ أَوْ لَا فَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ فِي هَذِهِ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ. اهـ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ مَا فِيهَا إلَخْ) سَوَاءٌ تَوَهَّمَهُ

ص: 199

فِي الصَّلَاةِ بِأَنْ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (تَوَهُّمُ) وُجُودِ (الْمَاءِ) وَإِنْ زَالَ سَرِيعًا لِوُجُوبِ الطَّلَبِ حِينَئِذٍ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْمَقْصُودِ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَوَهَّمَهُ فِي أَثْنَاءِ التَّيَمُّمِ بِخِلَافِ تَوَهُّمِهِ السُّتْرَةَ لِعَدَمِ وُجُوبِ طَلَبِهَا وَفُهِمَ مِنْ التَّوَهُّمِ مَا فَوْقَهُ بِالْأَوْلَى فَإِنْ قُلْت: هَلَّا كَانَ وُجُودُ الْمَاءِ كَوُجُودِ الْمُكَفِّرِ الرَّقَبَةَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّوْمِ وَكَحَيْضِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ فَرَاغِهَا مِنْ الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ قُلْت: أُجِيبَ بِأَنَّ الصَّوْمَ وَالْأَشْهُرَ مَقْصُودَانِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ أَمَّا بَعْدَ شُرُوعِهِ فِيهَا فَلَا بُطْلَانَ بِتَوَهُّمٍ أَوْ شَكٍّ أَوْ ظَنٍّ وَسَيَأْتِي حُكْمُ التَّيَقُّنِ وَإِنَّمَا يُبْطِلُهُ تَوَهُّمُ الْمَاءِ أَوْ نَحْوِهِ إذَا كَانَ (بِلَا شَيْءٍ مَنَعْ) مِنْ اسْتِعْمَالِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ مَانِعٌ مِنْهُ كَعَطَشٍ وَسَبُعٍ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَسَمَاعِهِ مَنْ يَقُولُ أَوْدَعَنِي فُلَانٌ مَاءً وَهُوَ يَعْلَمُ غَيْبَتَهُ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ وَتَوَهُّمُ الْمَاءِ يَحْصُلُ بِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (نَحْوَ طُلُوعِ الرَّكْبِ أَوْ آلٍ) أَوْقَعَ (فِي تَخْيِيلِهِ) أَيْ ظَنِّ الْمُتَيَمِّمِ (مَاءً) وَالْآلُ السَّرَابُ أَوْ مَا يُوجَدُ أَوَّلَ النَّهَارِ قَالَهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ مَا يُرَى أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ كَأَنَّهُ يَرْفَعُ الشُّخُوصَ وَلَيْسَ هُوَ السَّرَابَ وَكُلٌّ صَحِيحٌ هُنَا (وَإِنْ لَمْ يَكْفِ) أَيْ الْمَاءُ الْمُتَوَهَّمُ أَوْ نَحْوُهُ لِلطُّهْرِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ تَيَمُّمَهُ لِوُجُودِ اسْتِعْمَالِ النَّاقِضِ كَمَا مَرَّ وَأَثْبَتَ يَاءَ يَكْفِي عَلَى لُغَةٍ.

(وَ) أَبْطَلَهُ (نَفْيُ مَانِعٍ) مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ كَأَنْ وُجِدَ الْمَاءُ أَوْ حَصَلَ الشِّفَاءُ لِانْتِفَاءِ الْمُبِيحِ (وَلَوْ) كَانَ نَفْيُ الْمَانِعِ (فِي بَعْضِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا فَإِنَّهُ يُبْطِلُهُ (إنْ كَانَ وَاجِبًا قَضَاءُ فَرْضِهَا) كَصَلَاةِ الْمُتَيَمِّمِ حَضَرًا لِفَقْدِ الْمَاءِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي اسْتِمْرَارِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا لَا يَجِبُ قَضَاءُ فَرْضِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَفْرُغْ إلَخْ) قَدْ حُمِلَ تَوَهُّمُهُ مَعَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ التَّكْبِيرَةِ وَهُوَ قَرِيبٌ تَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِنْ التَّوَهُّمِ إلَخْ) هَذَا بِنَاءٌ عَلَى حَمْلِ التَّوَهُّمِ عَلَى الْمَعْنَى الْأُصُولِيِّ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْحُصُولُ فِي الْوَهْمِ بِمَعْنَى الذِّهْنِ فَيَشْمَلُ الْجَمِيعَ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ) أَيْ: الَّتِي هِيَ وَالصَّوْمُ فِي الْكَفَّارَةِ نَظِيرُ التَّيَمُّمِ. (قَوْلُهُ: أَوْ آلَ أَوْقَعَ) أَيْ: أَوْقَعَتْ رُؤْيَتُهُ. (قَوْلُهُ أَيْ: ظَنِّ الْمُتَيَمِّمَ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يُوَافِقُ حَمْلَهُ التَّوَهُّمَ عَلَى الْمَعْنَى الْأُصُولِيِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَفُهِمَ مِنْ التَّوَهُّمِ إلَخْ وَأَيْضًا فَالْحُكْمُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالظَّنِّ وَقَدْ يُوقَعُ الْأَوَّلُ وَهْمًا وَشَكًّا أُصُولِيَّيْنِ هَذَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ بِالتَّخْيِيلِ الْخَيَالَ مَجَازًا فَتَظْهَرُ الظَّرْفِيَّةُ. (قَوْلُهُ: السَّرَابُ) وَهُوَ مَا يُرَى نِصْفَ النَّهَارِ كَأَنَّهُ مَاءٌ. (قَوْله بِخِلَافِ مَا لَا يَجِبُ قَضَاءُ فَرْضِهِ) هَذَا أَيْضًا مَفْهُومُ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ سَلِمَ إلَخْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

بِرَاجِحِيَّةٍ أَوْ مَرْجُوحِيَّةٍ أَوْ مُسَاوَاةٍ وَمِثْلُ التَّوَهُّمِ التَّيَقُّنُ وَعَلَى كُلٍّ وُجِدَ مَانِعٌ مُتَأَخِّرٌ أَوْ لَا مَانِعَ أَصْلًا وَعَلَى كُلٍّ سَقَطَتْ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ أَوْ لَا فَهَذِهِ سِتَّةَ عَشَرَ يَبْطُلُ فِيهَا التَّيَمُّمُ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَوَهُّمِهِ السُّتْرَةَ) أَيْ: فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ بِالصَّلَاةِ مَعَ تَوَهُّمِهَا بِخِلَافِهِ عِنْدَ تَوَهُّمِ الْمَاءِ هَذَا هُوَ اللَّائِقُ هُنَا إذْ لَيْسَ الْكَلَامُ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِيهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُجُوبِ طَلَبِهَا) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ وُجْدَانِهَا بِالطَّلَبِ لِلضِّنَةِ بِهَا م ر. (قَوْلُهُ: فَلَا بُطْلَانَ بِتَوَهُّمٍ أَوْ شَكٍّ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَتَرَدَّدْ فِي بُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ وَمَضَى رُكْنٌ أَوْ طَالَ الزَّمَنُ كَمَا سَبَقَ فِيمَنْ سَقَطَتْ جَبِيرَتُهُ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ تَوَهُّمُ الْمَاءِ بِلَا شَيْءٍ مُنِعَ) الْحَاصِلُ أَنَّ التَّوَهُّمَ إمَّا بِرَاجِحِيَّةٍ أَوْ مَرْجُوحِيَّةٍ أَوْ مُسَاوَاةٍ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ عُلِمَ بِالْأَوْلَى وَعَلَى كُلٍّ إمَّا بِلَا مَانِعٍ أَصْلًا أَوْ بِمَانِعٍ مُتَأَخِّرٍ أَوْ مُقَارِنٍ فَهَذِهِ اثْنَا عَشَرَ وَعَلَى كُلٍّ، إمَّا أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الصَّلَاةِ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ أَوْ الْفَقْدُ أَوْ يَسْتَوِي الْأَمْرَانِ فَهَذِهِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَعَلَى كُلٍّ، إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا فَالْجُمْلَةُ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ وَالصَّوَابُ أَنْ تُجْعَلَ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ فَقَطْ؛ لِأَنَّ اسْتِوَاءَ الْأَمْرَيْنِ كَغَلَبَةِ الْفَقْدِ فِي الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: بِلَا شَيْءٍ مُنِعَ) أَيْ مُقَارِنٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ مَانِعٌ) أَيْ: مُقَارِنٌ سَوَاءٌ تُوُهِّمَ بِرَاجِحِيَّةٍ أَوْ مَرْجُوحِيَّةٍ أَوْ مُسَاوَاةٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَحَلُّ لَوْ فُعِلَتْ فِيهِ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ تَسْقُطُ أَوْ لَا تَسْقُطُ فَهَذِهِ سِتَّةٌ لَا يَبْطُلُ فِيهَا التَّيَمُّمُ تُضَمُّ لِلثَّمَانِيَةَ عَشَرَ الْمُتَقَدِّمَةِ تَكُونُ الْجُمْلَةُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَبَقِيَ مَا إذَا تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَعَ وُجُودِ الْمَانِعِ الْمُقَارِنِ سَوَاءٌ سَقَطَتْ بِالتَّيَمُّمِ أَوْ لَا فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ سِتَّةً وَعِشْرِينَ.

(قَوْلُهُ: وَأَبْطَلَهُ نَفْيُ مَانِعٍ إلَخْ) لَوْ تَيَمَّمَ لِعِلَّةٍ فِي وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَرَأْسِهِ بِأَنْ عَمَّتْهَا وَلِفَقْدِ الْمَاءِ فِي رِجْلَيْهِ تَيَمُّمًا وَاحِدًا، ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ بَطَلَ بِالنِّسْبَةِ لِرِجْلَيْهِ فَقَطْ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الشَّارِعِ لِلشَّوْبَرِيِّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَنَفْيُ مَانِعٍ) أَيْ مُقَارِنٍ فَيَصْدُقُ بِصُورَتَيْنِ انْتِفَاءُ الْمَانِعِ أَصْلًا وَوُجُودُهُ مُتَأَخِّرًا وَمَفْهُومُهُ وُجُودُ مَانِعٍ مُقَارِنٍ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ سَقَطَتْ أَوْ لَا فَفِي صُورَتَيْ الْمَفْهُومِ وَصُورَتَيْ السُّقُوطِ مِنْ الْمَنْطُوقِ لَا يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ تُضَمُّ لِلسِّتَّةِ وَالْعِشْرِينَ السَّابِقَةِ تَكُونُ الْجُمْلَةُ ثَلَاثِينَ لَا يَبْطُلُ فِيهَا التَّيَمُّمُ وَبَقِيَ صُورَتَا عَدَمِ السُّقُوطِ مِنْ الْمَنْطُوقِ تُضَمُّ لِلسِّتَّةَ عَشَرَ السَّابِقَةِ تَكُونُ الْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَبْطُلُ فِيهَا التَّيَمُّمُ وَذَلِكَ جُمْلَةُ الثَّمَانِيَةِ وَالْأَرْبَعِينَ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَصَلَ الشِّفَاءُ) أَيْ: وَكَانَ هُنَاكَ جَبِيرَةٌ وُضِعَتْ عَلَى حَدَثٍ أَوْ عَلَى طُهْرٍ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ أَوْ أَخَذَتْ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ حَتَّى يَجِبَ قَضَاءُ فَرْضِهَا الَّذِي هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ بِرّ فِي حَوَاشِيهِ لِهَذَا الشَّرْحِ. اهـ. (قَوْلُهُ: قَضَاءُ فَرْضِهَا) أَيْ تِلْكَ الْحَالَةَ سَوَاءٌ كَانَ مَا فِيهَا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا كَمَا إذَا كَانَ الْمُتَيَمِّمُ مُقِيمًا أَوْ دَامِيَ الْجُرْحِ أَوْ سَاتِرَهُ بِلَا طُهْرٍ. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي وَفِي الْمَجْمُوعِ بَدَلَ قَوْلِهِ إنْ كَانَ وَاجِبًا قَضَى فَرْضَهَا إنْ كَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ

ص: 200

كَصَلَاةِ الْمُتَيَمِّمِ سَفَرًا لِفَقْدِ الْمَاءِ لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ لِتَلَبُّسِهِ بِالْمَقْصُودِ بِلَا مَانِعٍ مِنْ اسْتِمْرَارِهِ فِيهِ كَوُجُودِ الْمُكَفِّرِ الرَّقَبَةَ فِي الصَّوْمِ؛ وَلِأَنَّ وُجُودَ الْمَاءِ لَيْسَ حَدَثًا لَكِنَّهُ مَانِعٌ مِنْ ابْتِدَاءِ التَّيَمُّمِ وَلَيْسَ كَالْمُصَلِّي بِالْخُفِّ فَيَتَخَرَّقُ فِيهَا إذْ لَا يَجُوزُ افْتِتَاحُهَا مِنْ التَّخَرُّقِ بِحَالٍ وَلِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ تَعَهُّدِهِ بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ فِيهِمَا وَلَا كَالْمُعْتَدَّةِ بِالْأَشْهُرِ فَتَحِيضُ فِيهَا لِقُدْرَتِهَا عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْبَدَلِ بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ وَكَلَامُهُ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى الْمَانِعُ فِي أَثْنَاءِ تَكْبِيرَةِ التَّحَرُّمِ مِنْ صَلَاةٍ يَسْقُطُ فَرْضُهَا بِالتَّيَمُّمِ لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَالَ قَضَاءُ فَرْضِهَا وَلَمْ يَقُلْ قَضَاؤُهَا لِيَشْمَلَ الْحُكْمُ بِالْبُطْلَانِ هُنَا وَبِعَدَمِهِ فِيمَا سَيَأْتِي الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ وَمَثَّلَ لِمَا يَجِبُ قَضَاءُ فَرْضِهِ بِقَوْلِهِ (مِثْلُ مُسَافِرٍ رَأَى) أَيْ عَلِمَ (فِيهَا) أَيْ صَلَاتِهِ (مَا) وَلَا مَانِعَ (ثُمَّ أَقَامَ) فِيهَا كَأَنْ وَصَلَتْ سَفِينَتُهُ إلَى وَطَنِهِ (أَوْ نَوَى) الْقَاصِرُ (الْإِتْمَامَا) فَإِنَّهُ يُبْطِلُ تَيَمُّمَهُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْإِقَامَةِ فِي الْأُولَى وَلِحُدُوثِ مَا لَمْ يَسْتَبِحْهُ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ كَافْتِتَاحِ صَلَاةٍ أُخْرَى لِافْتِقَارِهِ إلَى قَصْدٍ جَدِيدٍ وَأَفَادَ تَعْبِيرُهُ بِثُمَّ أَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَتْ الرُّؤْيَةُ عَنْ الْإِقَامَةِ أَوْ نِيَّةِ الْإِتْمَامِ أَوْ قَارَنَتْهَا لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ وَالتَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِمَا فِي التَّأَخُّرِ وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ وَلَوْ نَوَى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْبَدَلِ) اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّيَمُّمِ مَعَ أَنَّ وُجْدَانَ الْمَاءِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْبَدَلِ وَهُوَ التَّيَمُّمُ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ فَلَا بُدَّ مِنْ رِعَايَةِ شَيْءٍ آخَرَ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْبَدَلِ) هُوَ مُنْتَقَضٌ بِالْقُدْرَةِ عَلَى الرَّقَبَةِ فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ بِرّ. (قَوْلُهُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْإِقَامَةِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ رُؤْيَةَ الْمَاءِ مُؤَثِّرَةٌ وَلَوْ بَعْدَ الْوُصُولِ فَلَا يَصِحُّ التَّفْصِيلُ بِرّ وَقَدْ يُلَاحَظُ مَعَ التَّغْلِيبِ الْمَذْكُورِ أَمْرٌ آخَرُ فَيَصِحُّ التَّفْصِيلُ وَكَلَامُهُ كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ تَصْوِيرِ الْأُولَى بِالْقَاصِرِ وَفِي أَنَّ الْإِقَامَةَ فِيهَا لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ أَوْ لَا فَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ أَقَامَ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ، ثُمَّ رَأَى الْمَاءَ لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ وَلَا يَجِبُ قَضَاءُ صَلَاتِهِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ بِكَوْنِ ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ عَدَمُ الْمَاءِ وَإِنْ انْتَهَتْ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ هَذَا وَلَكِنَّهُ فِي الرَّوْضِ صَوَّرَ الْأُولَى أَيْضًا بِالْقَاصِرِ.

وَقَالَ فِي شَرْحِهِ إنَّهُ يَنْدَفِعُ بِهَذَا التَّصْوِيرِ مَا قِيلَ إنَّ مَا ذُكِرَ فِيهَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ إنْ تَيَمَّمَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ أَوْ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ عَدَمُهُ فَلَا وَإِنْ نَوَاهَا فَلَا تَأْثِيرَ لِنِيَّتِهَا اهـ وَعَلَى مَا هُنَا فَيُجَابُ بِاخْتِيَارِ الشِّقِّ الثَّانِي وَمُنِعَ قَوْلُهُ: فَلَا تَأْثِيرَ لِنِيَّتِهَا بَلْ نِيَّتُهَا بَعْدَ الرُّؤْيَةِ بِمَنْزِلَةِ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ تَغْلِيبُهَا لَهَا أَعْنِي لِلْإِقَامَةِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ التَّغْلِيبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ الرُّؤْيَةِ عَلَى الْإِقَامَةِ وَتَأَخُّرِهَا عَنْهَا بَلْ إنْ شَمَلَتْ الْعِبَارَةُ الرُّؤْيَةَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ كَانَتْ غَلَبَةُ الْوُجُودِ كَافِيَةً فِي التَّأْثِيرِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ نِيَّةُ إقَامَةٍ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَارَنَتْهَا) الْمُعْتَمَدُ الْبُطْلَانُ فِي الْمُقَارَنَةِ م ر.

(قَوْلُهُ: لَا تُبْطِلُ تَيَمُّمَهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ وَالتَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِمَا إلَخْ) اقْتَضَى صَرِيحُ هَذَا أَنَّ الشَّخْصَ إذَا كَانَ مُسَافِرًا، ثُمَّ وَصَلَتْ سَفِينَتُهُ إلَى وَطَنِهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ رَأَى الْمَاءَ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْوُصُولَ إلَى الْوَطَنِ قَبْلَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ يُوجِبُ قَضَاءَ فَرْضِهَا تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْإِقَامَةِ وَقَدْ سَلَفَ فِي الْمَتْنِ أَنَّ مَا يَجِبُ قَضَاءُ فَرْضِهِ يَبْطُلُ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ فَالصَّوَابُ أَنْ تُشْرَحَ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ الْأُولَى بِمَا فِي

ــ

[حاشية الشربيني]

الْإِعَادَةُ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. ثُمَّ قَالَ. (فَرْعٌ) إذَا تَيَمَّمَ لِلْمَرَضِ فَبَرِئَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ لِعَدَمِ الْمَاءِ فَوَجَدَهُ فِي أَثْنَائِهَا. (قَوْلُهُ: كَصَلَاةِ الْمُتَيَمِّمِ سَفَرًا) أَيْ: لَمْ يَرَ فِيهَا الْمَاءَ مَعَ إقَامَتِهِ كَمَا سِيَاتِي. (قَوْلُهُ: حَضَرًا) ظَرْفٌ لِلصَّلَاةِ لَا لِلتَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَوْضِعُ الصَّلَاةِ لَا مَوْضِعُ التَّيَمُّمِ حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ بِمَوْضِعٍ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ وَصَلَّى بِمَوْضِعٍ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ فَلَا قَضَاءَ وَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ انْعَكَسَ الْحُكْمُ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَلَوْ كَانَ وَقْتُ الْإِحْرَامِ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ وَبَلَغَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مَا يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ أَوْ بِالْعَكْسِ فَالْعِبْرَةُ بِالتَّحَرُّمِ. اهـ. سم عَنْ م ر. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ قَدْ يُفْهِمُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ بَعْضَ التَّكْبِيرَةِ جُزْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَوْ انْتَفَى الْمَانِعُ فِي أَثْنَاءِ إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَا إذَا قَارَنَ التَّمَامَ؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ بِهِ وَقَدْ قَارَنَهُ الْمَانِعُ. اهـ. ح ل وَع ش. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالرَّافِعِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِحَاشِيَةِ الْمَجْمُوعِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: مَثَّلَ لِمَا يَجِبُ قَضَاءُ فَرْضِهِ) إنَّمَا كَانَ الْمِثَالُ الْأَوَّلُ مِثَالًا لِمَا يَجِبُ قَضَاءُ فَرْضِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَأَى الْمَاءَ فِي صَلَاتِهِ، ثُمَّ أَقَامَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَهُوَ حَاضِرٌ، ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ كَمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْمُهَذَّبِ فَبَطَلَ مَا قِيلَ إنَّهُ نَظِيرٌ لَا مِثَالٌ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: رَأَى فِيهَا مَاءً إلَخْ) ؛ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْمَاءِ تُضْعِفُ التَّيَمُّمَ فَإِذَا انْضَمَّ إلَى الْإِقَامَةِ الرُّؤْيَةُ أَبْطَلَتْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَقَامَ) عِبَارَةُ الْمُهَذَّبِ وَإِنْ رَأَى الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ، ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ وَصَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ الْحَضَرُ وَالسَّفَرُ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَبَ أَنْ يَغْلِبَ حُكْمُ الْحَضَرِ فَيَصِيرَ كَأَنَّهُ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَهُوَ حَاضِرٌ، ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ. اهـ.

ص: 201

إتْمَامَهَا ثُمَّ رَآهُ فَلَا يَبْطُلُ وَكَذَا لَوْ اتَّصَلَتْ سَفِينَتُهُ بِوَطَنِهِ أَوْ نَوَى مَقْصُورَةً ثُمَّ نَوَى إقَامَةً وَلَمْ يَرَ مَاءً فِي الْأَصْلِ فَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَرَ مَاءً أَيْ حَالَةَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ ثُمَّ رَآهُ بَعْدُ لِيُوَافِقَ مَا فِي الشَّامِلِ وَالْبَحْرِ فَإِنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُمَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنَّ كَلَامَهُ فِيهِ آخِرًا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ فِيهَا أَصْلًا وَالْحُكْمُ صَحِيحٌ كَمَا لَا يَخْفَى.

(أَوْ سَلَّمَ) مِنْ صَلَاتِهِ (الشَّخْصُ) الْمُتَيَمِّمُ (الَّذِي لَا يُلْزَمُ قَضَاءَ فَرْضِهَا) بِأَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ (وَلَيْسَ يَعْلَمُ فَوَاتَهُ) أَيْ الْمَاءَ بِأَنْ عَلِمَ بَقَاءَهُ عِنْدَ سَلَامِهِ أَوْ فَاتَ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِفَوَاتِهِ فَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ عِنْدَ سَلَامِهِ لِوُجُودِ الْمَاءِ حَتَّى حَكَى الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ لِعَوْدِ حُكْمِ الْحَدَثِ بِالْأُولَى كَمَا لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَهَا وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ فَنَسِيَهُ وَسَلَّمَ لَا يَسْجُدُ وَإِنْ قَرُبَ الْفَصْلُ، ثُمَّ قَالَ: وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا بَأْسَ بِتَسْلِيمِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَتِمَّةِ الصَّلَاةِ وَقَطَعَ فِي حِلْيَتِهِ بِمَا قَالَهُ وَالِدُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ.

وَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِأَنْ يُسَلِّمَ الثَّانِيَةَ أَمَّا إذَا عَلِمَ فَوَاتَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْفَرَاغِ فَاقِدٌ لِلْمَاءِ وَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الرَّافِعِيِّ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ بُطْلَانُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ وَكَانَ مُقْتَضَاهُ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا لَكِنْ خَالَفْنَاهُ لِحُرْمَتِهَا (وَحَيْثُ لَيْسَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ) بِوُجُودِ الْمَاءِ فِيهَا (كَانَ الْخُرُوجَ) مِنْهَا لِيُصَلِّيَهَا بِالطُّهْرِ بِالْمَاءِ (أَفْضَلُ) مِنْ إتْمَامِهَا وَإِنْ كَانَتْ فَرْضًا كَوُجُودِ الْمُكَفِّرِ الرَّقَبَةَ فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ وَلِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَ إتْمَامَهَا وَهَذَا إذَا لَمْ يَضِقْ وَقْتُهَا وَإِلَّا حَرُمَ الْخُرُوجُ مِنْهَا اتِّفَاقًا كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ وَقَالَ إنَّهُ مُتَعَيِّنٌ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا يُخَالِفُهُ لَكِنْ جَعَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ضَعِيفًا وَكَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلُهُ يُوَافِقُهُ قَالَ الشَّاشِيُّ وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدُوا أَفْضَلِيَّةَ الْخُرُوجِ مِنْهَا بِقَلْبِهَا نَفْلًا وَالتَّسْلِيمِ مِنْ رَكْعَتَيْنِ كَمَا قَيَّدُوهَا بِهِ فِيمَا لَوْ قَدَرَ الْمُنْفَرِدُ فِي صَلَاتِهِ عَلَى جَمَاعَةٍ؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَ رَزِيَّةِ الْمَاءِ فِي النَّفْلِ كَهُوَ فِي الْفَرْضِ.

(وَيَمْنَعُ) مَنْ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِوُجُودِ الْمَاءِ فِيهَا

ــ

[حاشية العبادي]

الْإِرْشَادِ وَشُرُوحِهِ مِنْ أَنَّ صُورَتَهَا مُسَافِرٌ قَاصِرٌ رَأَى فِيهَا مَاءً فِي مَحَلٍّ يَسْقُطُ فَرْضُهَا بِالتَّيَمُّمِ، ثُمَّ أَقَامَ أَيْ: نَوَى الْإِقَامَةَ فِيهِ فَإِنَّ تَيَمُّمَهُ يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ إنْشَاءُ زِيَادَةٍ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَأَخَّرَتْ رُؤْيَةُ الْمَاءِ عَنْ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ فَلَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْمَحَلَّ يَغْلِبُ فِيهِ عَدَمُ الْمَاءِ فَلَا تَضُرُّ فِيهِ رُؤْيَةُ الْمَاءِ بَعْدَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِيهِ لِعَدَمِ إنْشَاءِ الزِّيَادَةِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: مِثْلُ مُسَافِرٍ إلَخْ تَنْظِيرٌ لَا تَمْثِيلٌ لِمَا يَجِبُ قَضَاءُ فَرْضِهِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَمُوَافَقَةً لِلْإِرْشَادِ وَشُرُوحِهِ هُنَا وَلَكِنْ جَمِيعُ مَا قُلْتُهُ مُفَرَّعٌ عَلَى لُزُومِ الْقَضَاءِ فِي مَسْأَلَةِ الْوُصُولِ إلَى الْوَطَنِ وَلِشَيْخِنَا أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ نَظَرًا إلَى عَقْدِهَا فِي السَّفَرِ كَمَا لَوْ وَصَلَ إلَى وَطَنِهِ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ جَامِعًا جَمْعَ تَقْدِيمٍ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا صَوْنًا عَنْ إبْطَالِهَا فَهَذَا نَظِيرُ شَاهِدٍ لِشَيْخِنَا فَلْيُتَأَمَّلْ.

فَإِنْ قُلْت: السَّفِينَةُ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ فَهَذَا يَقْتَضِي الْقَضَاءَ قُلْت: قَدْ يَكُونُ تَعَذُّرُ الْوُصُولِ إلَيْهِ لِحَيْلُولَةِ السَّبُعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ أَيْ: أَوْ خَوْفِ السُّقُوطِ لَوْ اسْتَقَى أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحُوا فِيهَا بِعَدَمِ الْقَضَاءِ وَذَلِكَ شَامِلٌ لِلسَّفَرِ وَالْحَضَرِ فِيهَا يَظْهَرُ بُرُلُّسِيٌّ لَكِنَّ قَوْلَهُ يُوجِبُ قَضَاءَ فَرْضِهَا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ رَأَى الْمَاءَ فِي صَلَاةٍ يَجِبُ قَضَاءُ فَرْضِهَا.

(قَوْلُهُ: أَيْ حَالَةَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ) لَوْ قَالَ قَبْلَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ لَطَابَقَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا تَضُرُّ الرُّؤْيَةُ حَالَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ بِرّ.

مِنْ لَمْ تُبْطِل صَلَاته بِوُجُودِ الْمَاء فِيهَا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَرُمَ الْخُرُوجُ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ لَكِنْ جَعَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) قِيلَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَبِتَأَمُّلِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُضَعِّفْهُ إلَّا مِنْ حَيْثُ إنَّ مُقْتَضَاهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَقَدْ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: وَإِنْ رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاةِ الْحَضَرِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ وَصَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ بِوُجُودِ الْمَاءِ وَقَدْ وُجِدَ فَوَجَبَ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالْإِعَادَةِ وَهَذَا الْكَلَامُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْبُطْلَانَ لِذَاتِ الْإِقَامَةِ لَا لِلْإِتْمَامِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ أَقَامَ) التَّعْبِيرُ بِالْإِقَامَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَكَذَا السَّفَرُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ عَلَى الْمُقِيمِ لَيْسَ لِعِلَّةِ الْإِقَامَةِ بَلْ؛ لِأَنَّ فَقْدَ الْمَاءِ فِي مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ نَادِرٌ وَكَذَا عَدَمُ الْإِعَادَةِ فِي السَّفَرِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ مُسَافِرًا بَلْ؛ لِأَنَّ فَقْدَ الْمَاءِ فِي السَّفَرِ يَعُمُّ حَتَّى لَوْ أَقَامَ فِي مَفَازَةٍ أَوْ مَوْضِعٍ يَعْدَمُ فِيهِ الْمَاءَ غَالِبًا وَطَالَتْ إقَامَتُهُ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ فَلَا إعَادَةَ وَلَوْ دَخَلَ الْمُسَافِرُ فِي طَرِيقِهِ قَرْيَةً وَعَدِمَ الْمَاءَ تَيَمَّمَ وَأَعَادَ وَإِنْ كَانَ حُكْمُ السَّفَرِ بَاقِيًا عَلَيْهِ لِنُدُورِ الْعَدَمِ. اهـ. هَذَا هُوَ الضَّابِطُ الْأَصْلِيُّ وَأَشَارَ إلَيْهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَآخَرُونَ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ هُنَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ سَلَّمَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْحَاوِي أَوْ إذَا سَلَّمَ غَيْرَ عَالِمٍ إلَخْ قَالَ شَارِحُهُ: إنَّمَا قَالَ أَوْ إذَا سَلَّمَ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى إنْ وَجَبَ قَضَاءُ فَرْضِهَا وَلِبَيَانِ زَمَانِ الْبُطْلَانِ وَيُمْكِنُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ هَكَذَا وَإِنْ لَمْ يَجِبْ قَضَاءُ فَرْضِهَا تَبْطُلُ زَمَانَ تَسْلِيمِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِفَوَاتِهِ. اهـ.

فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِثَالًا لِمَا يَجِبُ قَضَاءُ فَرْضِهِ بَلْ بَيَانٌ لِحَالِ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بِدُونِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ كَانَ الْخُرُوجُ الْأَفْضَلَ) أَيْ: مَا لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى فَضِيلَةٍ لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَيْهَا الثَّانِيَةُ وَإِلَّا كَانَ الْبَقَاءُ فِيهَا أَفْضَلَ م ر. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَضِقْ وَقْتُهَا) أَيْ: عَمَّا يَسَعُهَا كَامِلَةً حَجَرٌ وَنَقَلَ سم عَنْ م ر أَنَّهُ مَالَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ ضِيقُ الْوَقْتِ عَنْ وُقُوعِهَا أَدَاءً وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِعِبَارَةِ النَّاشِرِيِّ قَالَ ع ش: وَهُوَ ظَاهِرُ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لَكِنْ هَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بِالتَّجْوِيزِ مِنْ اشْتِرَاطِ إدْرَاكِهَا بِتَمَامِهَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ وُجُودُ الْمَاءِ هُنَا وَجَوَازُهُ هُنَاكَ فَتَدَبَّرْ وَرَأَيْت بِخَطِّ سِبْطِ الطَّبَلَاوِيِّ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ إفْتَاءِ م ر خِلَافَ مَا نَقَلَهُ سم. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدُوا إلَخْ) يُفِيدُ جَوَازَ قَلْبِهَا نَفْلًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَا قَالَهُ حَجَرٌ مِنْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّهُ كَافْتِتَاحِ صَلَاةٍ أُخْرَى بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ مَدْفُوعٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِزِيَادَةٍ عَلَى قَدْرِ مَا نَوَاهُ وَإِنَّمَا غَيَّرَ صِفَتَهُ بِالنِّيَّةِ. اهـ. سم عَنْ م ر. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ إلَخْ) فَإِنَّهُ لَوْ كَانَتْ صَلَاتُهُ هَذِهِ نَفْلًا سُنَّ قَطْعُهَا أَيْضًا. اهـ.

(قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ إلَخْ)

ص: 202

(الزَّائِدَ فَوْقَ الْمُنْعَقِدْ) مِنْ رَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ فَلَا يُتِمُّ الْقَاصِرُ وَلَا يَزِيدُ الْمُتَنَفِّلُ عَلَى مَا نَوَاهُ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ كَافْتِتَاحِ صَلَاةٍ بَعْدَ وُجُودِ الْمَاءِ.

(وَ) لَوْ عَقَدَ نَفْلًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَدٍ (عَنْ) بِمَعْنَى عَلَى (رَكْعَتَيْنِ لَا يَزِدْ) ؛ لِأَنَّهُ الْأَحَبُّ فِي النَّفْلِ فَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا كَافْتِتَاحِ صَلَاةٍ بَعْدَ وُجُودِ الْمَاءِ نَعَمْ إنْ وَجَدَهُ فِي ثَالِثَةٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيُّ يُتِمُّهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذِكْرَهَا مِثَالٌ فَمَا فَوْقَهَا كَذَلِكَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَغَيْرِهَا وَبُرْءُ الْمُعْتَلِّ فِي صَلَاتِهِ كَرُؤْيَةِ الْمَاءِ فِيهَا وَكَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلُهُ يَشْمَلُهُ بِأَنْ يُقَرَّرَ هَكَذَا وَحَيْثُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِقُدْرَةِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ بِأَنْ بَرِئَ أَوْ وَجَدَ الْمَاءَ فِيهَا فَالْأَفْضَلُ الْخُرُوجُ وَيَجِبُ حَمْلُهُ فِي الْبُرْءِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ سَاتِرٌ أَوْ كَانَ وَلَمْ يَسْقُطْ عَنْ عُضْوِهِ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ قُبَيْلَ الْفَصْلِ وَلَوْ رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ قِرَاءَةٍ قَدْ تَيَمَّمَ لَهَا بَطَلَ تَيَمُّمُهُ بِالرُّؤْيَةِ سَوَاءٌ نَوَى قِرَاءَةَ قَدْرٍ مَعْلُومٍ أَمْ لَا لِعَدَمِ ارْتِبَاطِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَقَوْلُ النَّظْمِ وَمُطْلَقًا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(وَيَجْمَعُ) الْمُتَيَمِّمُ (الْفَرْضَ) الْوَاحِدَ وَمَا يَشَاءُ مِنْ النَّوَافِلِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا يَجْمَعُ فَرْضَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] إلَى قَوْلِهِ {فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] فَاقْتَضَى وُجُوبَ الطُّهْرِ لِكُلِّ صَلَاةٍ خَرَجَ الْوُضُوءُ بِالسُّنَّةِ فَبَقِيَ التَّيَمُّمُ عَلَى مُقْتَضَاهُ وَلِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ وَلِأَنَّهُ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا وَإِنَّمَا جَمَعَ بِهِ نَوَافِلَ؛ لِأَنَّهَا تَكْثُرُ فَتَشْتَدُّ الْمَشَقَّةُ بِإِعَادَةِ التَّيَمُّمِ لَهَا فَخُفِّفَ أَمْرُهَا كَمَا خُفِّفَ بِتَرْكِ الْقِيَامِ فِيهَا مَعَ الْقُدْرَةِ بِتَرْكِ الْقِبْلَةِ فِي السَّفَرِ وَلِأَنَّهَا وَإِنْ تَعَدَّدَتْ فِي حُكْمِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ لَهُ إذَا أَحْرَمَ بِرَكْعَةٍ يَجْعَلُهَا مِائَةً وَبِالْعَكْسِ، (وَلَوْ) كَانَ الْمُتَيَمِّمُ (صَغِيرَا) فَإِنَّهُ يَجْمَعُ فَرْضًا وَنَوَافِلَ لَا فَرْضَيْنِ؛ لِأَنَّ مَا يُؤَدِّيهِ كَالْفَرْضِ فِي النِّيَّةِ وَغَيْرِهَا نَعَمْ لَوْ تَيَمَّمَ لِلْفَرْضِ ثُمَّ بَلَغَ لَمْ يُصَلِّ بِهِ الْفَرْضَ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ نَفْلٌ صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ (صَلَاةً) كَانَ الْفَرْضُ (أَوْ طَوَافًا) أَصْلِيًّا كَانَ (أَوْ مَنْذُورًا) أَوْ تَعَلُّمَ ذِي حَدَثٍ أَكْبَرَ فَرْضًا عَيْنِيًّا كَالْفَاتِحَةِ (وَلَوْ لِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَا يُرِيدُ فِعْلَهُ مِنْ الْفُرُوضِ (نَوَى التَّيَمُّمَا) كَأَنْ تَيَمَّمَ لِإِحْدَى فَائِتَتَيْنِ عَلَى التَّعْيِينِ وَصَلَّى بِهِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِعَدَمِ

ــ

[حاشية العبادي]

جَوَازُ قَطْعِ الْفَرْضِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْمُتَيَمِّمِ وَغَيْرِهِ قَبْلَ ضِيقِ الْوَقْتِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْإِسْعَادِ أَشَارَ لِذَلِكَ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ. فَلْيُتَأَمَّلْ عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَأَصْلُهَا.

(قَوْلُهُ: كَرُؤْيَةِ الْمَاءِ فِيهَا) أَيْ: فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ كَانَتْ مِمَّا تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ وَإِلَّا كَأَنْ تَيَمَّمَ وَقَدْ وَضَعَ الْجَبِيرَةَ عَلَى حَدَثٍ فَيَبْطُلُ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ حَمْلُهُ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا بَرِئَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا سَاتِرَ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَا تَيَمُّمُهُ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ بُطْلَانِهِمَا أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ سَاتِرٌ سَوَاءٌ سَقَطَ أَوْ لَا، أَمَّا إذَا لَمْ يَسْقُطُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا إذَا سَقَطَ فَلِأَنَّ مُجَرَّدَ سُقُوطِهِ مَعَ الْبُرْءِ لَا زِيَادَةَ لَهُ فِي الْمَعْنَى عَلَى الْبُرْءِ مَعَ انْتِفَاءِ السَّاتِرِ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْقُطْ كَانَتْ الطَّهَارَةُ الَّتِي هِيَ الْمَسْحُ مَحْفُوظَةً بِبَقَاءِ مَحَلِّهَا وَهُوَ السَّاتِرُ بِخِلَافِ مَا إذَا سَقَطَ فَإِنَّ الطَّهَارَةَ تَخْتَلُّ بِسُقُوطِ مَحَلِّهَا وَذَلِكَ يَقْتَضِي زَوَالَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الْبُرُلُّسِيَّ اعْتَرَضَ بِمَا يَنْدَفِعُ بِهَذَا الْجَوَابِ فَإِنَّهُ قَالَ قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ وَلَمْ يَسْقُطْ عَنْ عُضْوِهِ أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا سَقَطَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ كَمَا سَلَفَ لَكِنَّ الشَّارِحَ اعْتَمَدَ هُنَاكَ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ كَوْنَ الصَّحِيحِ الَّذِي بَرَزَ بِسُقُوطِ الْجَبِيرَةِ صَارَ وَاجِبَ الْغَسْلِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ تَقْتَضِي بُطْلَانَ الصَّلَاةِ فِيمَا إذَا عَلِمَ بِالْبُرْءِ وَلَمْ يُسْقِطْ الْجَبِيرَةُ فَإِنَّهُ حَيْثُ حَصَلَ الْبُرْءُ كَانَ إيجَابُ غَسْلِ الصَّحِيحِ عِنْدَ السُّقُوطِ دُونَ عَدَمِهِ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَسْقُطْ) أَيْ أَوْ سَقَطَ وَلَمْ تَكُنْ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ الصَّحِيحِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ ارْتِبَاطِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ إذَا رَآهُ فِي أَثْنَاءِ جُمْلَةٍ يَرْتَبِطُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ كَمُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَجْمَعُ فَرْضَيْنِ) . (فَرْعٌ) تَيَمَّمَ لِلْفَرْضِ وَأَحْرَمَ بِهِ بَطَلَ ثُمَّ أَوْ أَبْطَلَهُ فَالْوَجْهُ جَوَازُ إعَادَةِ ذَلِكَ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ بِهِ الْفَرْضَ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ شُرَّاحِ الْحَاوِي. (قَوْلُهُ: أَصْلِيًّا كَانَ) أَيْ الْفَرْضُ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَلُّمَ ذِي حَدَثٍ أَكْبَرَ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ خِلَافَهُ وَأَنَّ لَهُ جَمْعَ التَّعَلُّمِ الْمَذْكُورِ مَعَ الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

كَلَامُهُ يُفِيدُ جَرَيَانَ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي الْبُطْلَانِ وَعَدَمِهِ فِي النَّفْلِ وَهُوَ كَذَلِكَ ح ل.

(قَوْلُهُ: يَرَى الْمُتَيَمِّمُ إلَخْ) فَاَلَّذِي يُوجِبُ الْقَضَاءَ فِيهِ كَأَنْ تَكُونَ الْجَبِيرَةُ وُضِعَتْ عَلَى حَدَثٍ أَوْ عَلَى طُهْرٍ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ إلَخْ. اهـ. بُرُلُّسِيٌّ وَعِبَارَةُ م ر وَشِفَاءُ الْمَرِيضِ مِنْ مَرَضِهِ فِي الصَّلَاةِ كَوُجْدَانِ الْمَاءِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَارِّ. اهـ. أَيْ: فَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ لَمْ تَبْطُلْ وَإِلَّا بَطَلَتْ ع ش وَمِثْلُهُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ وَلَمْ يَسْقُطْ) أَيْ: وَوُضِعَ عَلَى طُهْرٍ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَلَمْ يَأْخُذْ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ حَتَّى لَا يَجِبَ الْقَضَاءُ. (قَوْلُهُ: لِارْتِبَاطِ إلَخْ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ رَآهُ فِي أَثْنَاءِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ أَتَمَّهَا إذْ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا. (قَوْلُهُ: قَالَهُ الرُّويَانِيُّ) ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ فِي وَسَطِ الْآيَةِ لَزِمَهُ قَطْعُهَا. اهـ. مَجْمُوعٌ.

(قَوْلُهُ: الْفَرْضَ الْوَاحِدَ وَمَا شَاءَ إلَخْ) شَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ تَيَمَّمَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ أَوْ يَسْتَوِي الْأَمْرَانِ وَصَلَّى الْفَرْضَ، ثُمَّ انْتَقَلَ لِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ وَأَرَادَ قَضَاءَهُ فَيَقْضِيهِ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْفَرْضَ الثَّانِيَةُ فَيَكُونُ قَدْ جَمَعَ بِهِ فَرْضًا وَنَفْلًا وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْمَشَايِخُ. (قَوْلُهُ: لَا فَرْضَيْنِ) وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَدَاوُد وَآخَرِينَ أَنَّهُ يُصَلِّي بِهِ فَرَائِضَ إلَى أَنْ يُحْدِثَ وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ أَئِمَّتِنَا كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَلَغَ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ بَلَغَ فِي أَثْنَائِهَا فَيُتِمُّهَا بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ. اهـ. حَجَرٌ وَم ر ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْذُورًا) أَيْ: مِنْ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ، أَمَّا غَيْرُهُمَا

ص: 203

اعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فِي النِّيَّةِ كَمَا مَرَّ (وَ) لَوْ تَيَمَّمَ لِغَيْرِهِ (قَبْلَ وَقْتِهْ) كَأَنْ تَيَمَّمَ ضَحْوَةً لِفَائِتَةٍ فَلَمْ يُصَلِّهَا حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الظُّهْرِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا بِهِ لِمَا مَرَّ وَلِأَنَّهُ صَحَّ لِمَا قَصَدَهُ وَهُوَ فَرْضٌ فَجَازَ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِ كَمَا فِي إحْدَى الْفَائِتَتَيْنِ (وَ) لَوْ تَيَمَّمَ (لِفَرْضَيْنِ) كَفَائِتَتَيْنِ أَوْ مَنْذُورَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِوَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ مَنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ فَرْضَيْنِ فَقَدْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ فَرْضٍ (وَمَا يَشَاءُ نَفْلًا) عَطْفٌ عَلَى الْفَرْضَ أَيْ يَجْمَعُ فَرْضًا وَمَا يَشَاءُ مِنْ النَّوَافِلِ وَمِنْهَا الصَّلَاةُ الْمُعَادَةُ وَلَوْ نَذَرَ إتْمَامَ كُلِّ صَلَاةٍ دَخَلَ فِيهَا فَلَهُ جَمْعُهَا مَعَ فَرْضٍ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهَا نَفْلٌ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِ النَّظْمِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ نَفْلٌ وَالْفَرْضُ إنَّمَا هُوَ إتْمَامُهَا كَمَا فِي حَجِّ النَّفْلِ.

(وَصَلَاةَ فَاقِدِ رُوحٍ) أَيْ وَيَجْمَعُ فَرْضًا وَصَلَاةَ مَيِّتٍ (وَإِنْ تَعَيَّنَتْ) عَلَيْهِ؛ بِأَنْ لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهَا كَالنَّفْلِ فِي جَوَازِ التَّرْكِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ الْقِيَامُ فِيهَا مَعَ الْقُدْرَةِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ قِوَامُهَا لِعَدَمِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِيهَا فَتَرْكُهُ يَمْحَقُ صُورَتَهَا وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ مِنْ زِيَادَتِهِ (بِوَاحِدِ) أَيْ يَجْمَعُ مَا ذُكِرَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ كَمَا تَقَرَّرَ وَيَجُوزُ تَكَرُّرُ تَمْكِينِ الْحَائِضِ مِنْ الْوَطْءِ وَجَمْعُهُ مَعَ فَرْضٍ آخَرَ بِتَيَمُّمٍ وَآخَرَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَهَذَا لَا يَرِدُ عَلَى النَّظْمِ وَأَصْلِهِ لِتَقْيِيدِهِمَا الْفَرْضَ بِالصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَلَوْ صَلَّى بِتَيَمُّمٍ فَرِيضَةً عَلَى وَجْهٍ يَجِبُ إعَادَتُهَا كَمَرْبُوطٍ عَلَى خَشَبَةٍ ثُمَّ أَعَادَهَا بِهِ جَازَ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ (أَمَّا مَنْ الْإِحْدَاثُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ (مِنْهُ مُسْتَمِرْ إذَا توضا) لِلنَّفْلِ أَوْ لِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ (أَوْ تَيَمَّمْ مَنْ عُذِرْ لِلنَّفْلِ أَوْ لِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ فَهْوَ بِغَيْرِ النَّفْلِ) أَيْ بِالْفَرْضِ (لَيْسَ يَأْتِي) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ وَالنَّفَلُ تَابِعٌ فَلَا يُجْعَلُ مَتْبُوعًا وَمُطْلَقُ الصَّلَاةِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّفْلِ كَمَا فِي التَّحْرِيمِ فَلَا يَأْتِي إلَّا بِهِ وَبِنَحْوِهِ كَمَسِّ مُصْحَفٍ وَسُجُودِ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ وَقِرَاءَةِ جُنُبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَمُكْثِهِ بِالْمَسْجِدِ وَحِلِّ وَطْءٍ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا؛ لِأَنَّ النَّفَلَ آكَدُ مِنْهَا لِافْتِقَارِهِ إلَى طُهْرٍ إجْمَاعًا وَهِيَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَكَذَا صَلَاةُ مَيِّتٍ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ وَلَوْ نَوَى مَسَّ مُصْحَفٍ أَوْ سُجُودَ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ أَوْ جُنُبٌ اعْتِكَافًا أَوْ قِرَاءَةً أَوْ مُنَقَّطَةُ دَمٍ حِلَّ وَطْءٍ فَلَهُ مَا نَوَى دُونَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ وَلَوْ نَوَى صَلَاةَ مَيِّتٍ فَكَنَفَلٍ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّوَوِيُّ.

أَمَّا إذَا تَوَضَّأَ أَوْ تَيَمَّمَ مَنْ ذُكِرَ لِلْفَرْضِ أَوْ لَهُ وَلِلنَّفْلِ فَيَأْتِي بِهِمَا اسْتِتْبَاعًا لِلنَّفْلِ فِي الْأُولَى وَعَمَلًا بِمَا نَوَاهُ فِي الثَّانِيَةِ وَقَوْلُ الْحَاوِي وَإِنْ تَيَمَّمَ أَوْ تَوَضَّأَ دَائِمُ الْحَدَثِ قَدْ يُوهِمُ تَنَازُعَ الْفِعْلَيْنِ فِي الْفَاعِلِ فَأَزَالَ النَّاظِمُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مَنْ عُذِرَ ثُمَّ قَدْ يَجُوزُ جَمْعُ فَرْضَيْنِ فَأَكْثَرَ صُورَةً بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي قَوْلِهِ (مَنْ يَنْسَ بَعْضَ خَمْسِهِ) الْمَكْتُوبَاتِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُ (تَيَمَّمَا عَدَدَ مَنْسِيٍّ) فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الْفَرْضُ وَمَا عَدَاهُ وَسِيلَةٌ لَهُ وَحِينَئِذٍ (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا تَخَالُفَ عُلِمَ أَنَّهُ الْمَنْسِيُّ) بِأَنَّ

ــ

[حاشية العبادي]

لَا يَفْعَلُ الْفَرْضَ الْعَيْنِيَّ بِالتَّيَمُّمِ لِهَذَا كَمَا اعْتَمَدَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ مِنْ أَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ لَهَا حُكْمُ الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ نَظَرًا؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ رَكْعَتَيْنِ عَلَى قَوْلٍ حَتَّى لَا يَجْمَعَهَا مَعَ فَرْضٍ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ فَحَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ لَهَا جَازَ أَنْ يُؤَدِّيَ بِهَذَا التَّيَمُّمِ فَرْضًا. (قَوْلُهُ كَأَنْ تَيَمَّمَ صَحْوَةً لِفَائِتَةٍ إلَخْ) أَوْ لِطَوَافٍ عَيْنِيٍّ فَصَلَّى بِهِ الْفَرْضَ عَلَى الْأَوْجَهِ ح ج.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِوَاحِدَةٍ إلَخْ) شَامِلٌ لِمَا إذَا تَعَمَّدَ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ فَرْضَانِ وَلَمَّا إذَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ أَحَدِ الْفَرْضَيْنِ كَأَنْ تَيَمَّمَ وَقْتَ الظُّهْرِ لَهُ وَلِلْعَصْرِ.

(قَوْلُهُ: جَازَ عَلَى الْمَذْهَبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَإِنَّمَا جَمَعَهُمَا بِالتَّيَمُّمِ لِلْأُولَى مَعَ وُقُوعِهَا نَفْلًا؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ وَقَعَتْ نَفْلًا فَالْإِتْيَانُ بِهَا فَرْضٌ فَإِنْ قُلْت فَكَيْفَ جَمَعَهُمَا مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرْضٌ قُلْت: هَذَا كَالْمَنْسِيَّةِ مِنْ خَمْسٍ يَجُوزُ جَمْعُهَا بِتَيَمُّمٍ وَإِنْ كَانَتْ فُرُوضًا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ بِالذَّاتِ وَاحِدَةٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمُطْلَقُ الصَّلَاةِ إلَخْ) . (فَرْعٌ) لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إلَى طُهْرٍ وَأَطْلَقَ فَلَمْ يُلَاحِظْ صَلَاةً وَلَا غَيْرَهَا فَهَلْ يَسْتَبِيحُ النَّفَلَ كَمَا لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ أَوْ لَا لِشُمُولِ الْمُفْتَقِرِ إلَى الطُّهْرِ نَحْوِ مَسِّ الْمُصْحَفِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ وَهُوَ نَحْوُ مَسِّ الْمُصْحَفِ كَمَا حَمَلَ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ عَلَى أَقَلِّ دَرَجَاتِ النَّفْلِ وَلَمْ يُشْكِلْ الْفَرْضُ فِيهِ نَظَرٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

كَمَنْذُورِ الْقِرَاءَةِ وَالِاعْتِكَافِ فَلَهُ جَمْعُ فُرُوضٍ مِنْهُ بِتَيَمُّمٍ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ) ؛ لِأَنَّهَا عَلَى الْكِفَايَةِ وَفَارَقَتْهَا خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ مَعَ أَنَّهَا عَلَى الْكِفَايَةِ؛ لِأَنَّهَا قَائِمَةٌ مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهٍ يَجِبُ إلَخْ) شَامِلٌ لِمَا إذَا صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ، ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ فَقِيَاسُ مَا هُنَا أَنَّهُ يُصَلِّي بِهِ تِلْكَ الصَّلَاةَ ثَانِيًا فِيهِ وَقَدْ نُقِلَ أَنَّ الشَّيْخَ الْقُوَيْسِنِيَّ أَفْتَى بِهِ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ، ثُمَّ رَأَيْت فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا نَصُّهُ وَلَهُ جَمْعُ جُمُعَةٍ وَظُهْرٍ مُعَادَةٍ وُجُوبًا وَلَهُ جَمْعُ صَلَاةٍ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ مَعَهَا بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ. اهـ. رحمه الله، ثُمَّ رَأَيْته فِي ع ش أَيْضًا. (قَوْلُهُ: إذَا تَوَضَّأَ لِلنَّفْلِ أَوْ لِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ) الْحَاصِلُ أَنَّ هُنَا ثَلَاثَةَ مَرَاتِبَ الْأُولَى فَرْضُ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَلَوْ بِالنَّذْرِ فِيهِمَا الثَّانِيَةُ نَفْلُهُمَا وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ الثَّالِثَةُ مَا عَدَا ذَلِكَ كَقِرَاءَةٍ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ وَاعْتِكَافٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ وَحَمْلِهِ وَمُكْثٍ بِمَسْجِدٍ وَتَمْكِينِ حَلِيلٍ وَإِنْ تَعَيَّنَ ذَلِكَ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ بِنَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَهُ فِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ اسْتِبَاحَتُهَا وَمَا دُونَهَا وَلَوْ مُتَكَرِّرًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ لَكِنْ فِي فَتَاوَى حَجَرٍ أَنَّ الْقِرَاءَةَ الْمُتَعَيِّنَةَ فِي مَرْتَبَةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ. (قَوْلُهُ: بَعْضَ خَمْسِهِ) وَلَوْ نَسِيَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مِنْ

ص: 204

صَلَاةً وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ وَعَلِمَ تَوَافُقَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ (فَلْيُصَلِّ خَمْسًا) أَيْ الْمَكْتُوبَاتِ الْخَمْسَ (بِكُلٍّ) أَيْ بِكُلِّ تَيَمُّمٍ لِيَبْرَأَ بِيَقِينٍ (وَلِفَقْدِ الْجَهْلِ) يَعْنِي وَلِلْعِلْمِ بِتَخَالُفِ الْمَنْسِيِّ (صَلَّى) كُلَّ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ بِتَيَمُّمٍ وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ الْقَاصِّ أَوْ صَلَّى (بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ التَّيَمُّمَاتِ (عَدَدْ غَيْرِ الَّذِي يَنْسَى وَزَائِدًا أَحَدْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ عَدَدَ غَيْرِ الْمَنْسِيِّ وَوَاحِدًا زَائِدًا (وَلَا يَجِي) فِي صَلَوَاتِهِ بِكُلِّ تَيَمُّمٍ (بِمُبْتَدَأَةٍ) مِنْهَا (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ ذَلِكَ التَّيَمُّمِ فَفِي مُخْتَلِفَتَيْنِ يَتَيَمَّمُ مَرَّتَيْنِ وَيُصَلِّي بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ؛ لِأَنَّهَا عَدَدُ غَيْرِ الْمَنْسِيِّ بِزِيَادَةِ وَاحِدٍ فَيُصَلِّي بِالْأَوَّلِ الصُّبْحَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ مَثَلًا يَبْدَأُ بِمَا شَاءَ مِنْهَا وَبِالثَّانِي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فَيَبْرَأُ بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّ الْمَنْسِيَّتَيْنِ إمَّا الصُّبْحُ وَالْعِشَاءُ أَوْ إحْدَاهُمَا مَعَ إحْدَى الثَّلَاثِ الْأُخَرِ أَوْ ثِنْتَانِ مِنْ الثَّلَاثِ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ صَلَّى كُلًّا مِنْهُمَا بِتَيَمُّمٍ وَفِي ثَلَاثِ صَلَوَاتٍ يَتَيَمَّمُ ثَلَاثَ تَيَمُّمَاتٍ وَيُصَلِّي بِكُلٍّ مِنْهَا ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهَا عَدَدُ غَيْرِ الْمَنْسِيِّ بِزِيَادَةِ وَاحِدٍ وَقِيسَ عَلَى ذَلِكَ. أَمَّا إذَا جَاءَ بِالْمُبْتَدَأَةِ كَأَنْ صَلَّى بِالثَّانِي فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ الصُّبْحَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ فَلَا يَبْرَأُ بِيَقِينٍ لِجَوَازِ كَوْنِ الْمَنْسِيَّتَيْنِ الْمَغْرِبَ وَوَاحِدَةً غَيْرَ الْعِشَاءِ فَبِالتَّيَمُّمِ الْأَوَّلِ تَصِحُّ تِلْكَ الْوَاحِدَةُ دُونَ الْمَغْرِبِ وَبِالثَّانِي لَمْ يُصَلِّ الْمَغْرِبَ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ الْحَدَّادِ وَهِيَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَبِالثَّانِي الظُّهْرَ) أَيْ: سَوَاءٌ ابْتَدَأَ بِهَا أَوْ بِغَيْرِهَا رَتَّبَ أَمْ لَا بِرّ.

ــ

[حاشية الشربيني]

يَوْمَيْنِ وَشَكَّ هَلْ فِيهَا مُتَّفِقَتَانِ لَزِمَهُ صَلَاةُ يَوْمَيْنِ وَكَذَا لَوْ نَسِيَ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ صَلَاةُ يَوْمَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ الثَّلَاثَةُ مَثَلًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَزِمَهُ صَلَوَاتُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَذَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا م ر عَنْ إفْتَاءِ الْقَفَّالِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الثَّلَاثِ مِنْ ثَلَاثِ تَيَمُّمَاتٍ وَفِي الْأَرْبَعِ مِنْ أَرْبَعٍ وَهَكَذَا فَانْظُرْ كَيْفِيَّةَ فِعْلِ صَلَاةِ الْيَوْمَيْنِ بِهَا فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ يُصَلِّي الْخَمْسَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَوْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَهَكَذَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ بَعْضَ خَمْسِهِ) لَعَلَّ الْخَمْسَ لِلْغَالِبِ وَإِلَّا فَلَوْ لَزِمَهُ عَشْرُ صَلَوَاتِ نَذْرٍ أَوْ نَسِيَ وَاحِدَةً فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَانْظُرْ نِسْيَانَ ثِنْتَيْنِ مِنْ هَذِهِ وَيَظْهَرُ أَنَّهَا كَالْمُتَّفِقَتَيْنِ كَذَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ وَيَحْتَاجُ لِتَأَمُّلٍ. (قَوْلُهُ: عَدَدَ مَنْسِيٍّ) دُخُولُ التَّيَمُّمِ الْوَاحِدُ فِي هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُسَمَّى عَدَدًا. (قَوْلُهُ: تَوَافُقَهُ) كَمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُمَا إمَّا ظَهْرَانِ أَوْ عَصْرَانِ أَوْ مَغْرِبَانِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِيهِ) أَيْ: أَخَذَ بِالْأَحْوَطِ م ر. (قَوْلُهُ: فَلْيُصَلِّ خَمْسًا بِكُلٍّ) وَلَا يَكْفِيهِ الطَّرِيقَةُ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِهِ صَلَّى بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَدَدَ غَيْرِ الَّذِي يَنْسَى لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَنْسِيَّتَانِ صُبْحَيْنِ أَوْ عِشَاءَيْنِ وَهُوَ إنَّمَا فَعَلَ وَاحِدًا مِنْهُمَا. اهـ. ع ش ثُمَّ رَأَيْته بَعْدَ قَوْلِهِ بِكُلِّ تَيَمُّمٍ أَيْ: مِنْ التَّيَمُّمَاتِ الْكَائِنَةِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ سَوَاءٌ كَانَ التَّيَمُّمُ وَاحِدًا كَمَا فِي صُورَةِ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ أَوْ أَكْثَرَ كَمَا فِي غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: وَلِلْعِلْمِ بِتَخَالُفِ الْمَنْسِيِّ إلَخْ) سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ يَوْمٍ أَوْ مِنْ يَوْمَيْنِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَلِلْعِلْمِ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ إمَّا ظُهْرٌ وَعَصْرٌ أَوْ مَغْرِبٌ وَعِشَاءٌ أَوْ ظُهْرٌ وَعِشَاءٌ. (قَوْلُهُ: كُلَّ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ) وَلَوْ صَلَّى بِكُلِّ تَيَمُّمٍ الْخَمْسَ خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ أَيْضًا شَرْحُ الْحَاوِي لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَلَى شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ الظَّاهِرُ أَنَّ فِعْلَهُ لِلْأُولَى بِالتَّيَمُّمِ الثَّانِي حَرَامٌ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ وَجْهًا شَاذًّا أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ مَرَّتَيْنِ وَيُصَلِّي بِكُلِّ تَيَمُّمٍ الْخَمْسَ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ هُوَ قَدْ صَلَّى الصُّبْحَ أَوَّلًا بِتَيَمُّمٍ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَتِهَا.

(قَوْلُهُ: كُلَّ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى عَدَمَ إدْخَالِ هَذَا فِي حِلِّ الْمَتْنِ إذْ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ تَيَمَّمَا عَدَدَ مَنْسِيٍّ. (قَوْلُهُ: بِكُلِّ تَيَمُّمٍ) أَيْ: قَبْلَهُ صَلَوَاتٌ بِتَيَمُّمٍ. (قَوْلُهُ: وَفِي ثَلَاثِ إلَخْ) وَيُصَلِّي فِي نِسْيَانِ الْأَرْبَعِ ثَمَانِيَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَيُصَلِّي بِكُلٍّ مِنْهَا ثَلَاثًا) فَيُصَلِّي بِالْأَوَّلِ الصُّبْحَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَبِالثَّانِي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَبِالثَّالِثِ الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ لَهُ أَنْ يُرَتِّبَهَا عَلَى غَيْرِ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ إذَا وَفَّى بِالشَّرْطِ السَّابِقِ فَإِنْ أَخَلَّ بِهِ بِأَنْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ الْأَوَّلِ الْعَصْرَ، ثُمَّ الظُّهْرَ، ثُمَّ الصُّبْحَ وَبِالثَّانِي الْمَغْرِبَ ثُمَّ الْعَصْرَ، ثُمَّ الظُّهْرَ وَبِالثَّالِثِ الْعِشَاءَ ثُمَّ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ الْعَصْرَ لَمْ يُجْزِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الَّتِي عَلَيْهِ الصُّبْحُ وَالْعِشَاءُ وَثَالِثَتُهُمَا الظُّهْرُ أَوْ الْعَصْرُ فَيَحْصُلُ بِالتَّيَمُّمِ الْأَوَّلِ الظُّهْرُ أَوْ الْعَصْرُ وَبِالثَّالِثِ الْعِشَاءُ وَيَبْقَى الصُّبْحُ عَلَيْهِ فَيَحْتَاجُ إلَى تَيَمُّمٍ رَابِعٍ يُصَلِّيهَا بِهِ. اهـ. مَجْمُوعٌ وَاحْتِيَاجُهُ إلَى تَيَمُّمٍ رَابِعٍ هُنَا ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُصَلِّ الْمَغْرِبَ) وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا بِالتَّيَمُّمِ الثَّانِي. اهـ. مَجْمُوعٌ. (قَوْلُهُ: طَرِيقَةُ ابْنِ الْحَدَّادِ) وَضَابِطُهَا أَنْ يَضْرِبَ عَدَدَ الْمَنْسِيِّ فِي عَدَدِ الْمَنْسِيِّ مِنْهُ ثُمَّ يَزِيدَ الْمَنْسِيَّ عَلَى مَا حَصَلَ مِنْ الضَّرْبِ وَيَحْفَظَ مَبْلَغَ الْمُجْتَمِعِ، ثُمَّ يَضْرِبَ الْمَنْسِيَّ فِي نَفْسِهِ فَمَا بَلَغَ نَزَعْتَهُ مِنْ الْجُمْلَةِ الْمَحْفُوظَةِ فَمَا بَقِيَ فَهُوَ عَدَدُ مَا يُصَلِّي وَأَمَّا عَدَدُ التَّيَمُّمِ فَبِقَدْرِ

ص: 205

الْمَشْهُورَةُ الْمُسْتَحْسَنَةُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَلِهَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا النَّاظِمُ وَأَصْلُهُ وَهِيَ لَا تَكْفِي فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ تَخَالُفَ الْمَنْسِيِّ الْمُتَعَدِّدِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ مَا لَمْ يَأْتِ بِهِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَتَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ حُكْمُ مَا إذَا تَذَكَّرَ الْمَنْسِيَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَالْمُتَيَمِّمِ فِيمَا ذُكِرَ دَائِمُ الْحَدَثِ.

(فَرْعٌ) لَوْ تَيَقَّنَ تَرْكَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا طَوَافُ فَرْضٍ أَوْ صَلَاةُ فَرْضٍ لَزِمَهُ الطَّوَافُ وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَيَكْفِيهِ لَهُمَا تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

(وَلْيَقْضِ مَنْ صَلَاتُهُ مُخْتَلَّهْ) بِتَرْكِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ سَوَاءٌ كَانَ الِاخْتِلَالُ لِلتَّيَمُّمِ أَمْ لِغَيْرِهِ (بِدُونِ عُذْرٍ عَمَّ) أَيْ كَثُرَ وُقُوعُهُ وَإِنْ لَمْ يَدُمْ فَلَا قَضَاءَ بِهِ لِلْحَرَجِ فِيهِ وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ (مِثْلِ مَرَضِ) يَمْنَعُ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ أَوْ رُكْنًا فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ مَنَعَ تَوَجُّهَهُ الْقِبْلَةَ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِنُدْرَةِ فَقْدِ مَنْ يُوَجِّهُهُ إلَيْهَا (أَوْ) مِثْلُ (سَفَرٍ) وَلَوْ قَصِيرًا تَيَمَّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ فِيهِ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَهُ وَلَوْ فِي الْوَقْتِ لِعُمُومِ فَقْدِهِ فِي السَّفَرِ وَلِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ «أَنَّ رَجُلَيْنِ تَيَمَّمَا فِي سَفَرٍ وَصَلَّيَا ثُمَّ وَجَدَا الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا بِالْوُضُوءِ دُونَ الْآخَرِ ثُمَّ ذَكَرَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِلَّذِي أَعَادَ لَك الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ وَلِلْآخَرِ أَصَبْت السُّنَّةَ وَأَجْزَأَتْك صَلَاتُك»

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْوَقْتِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ أَصْحَابِنَا بَلْ لَا تُنْدَبُ لَهُ الْإِعَادَةُ إذْ لَا فَضْلَ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا بِالتَّيَمُّمِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَك الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ) قَضِيَّتُهُ اسْتِحْبَابُ الْإِعَادَةِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالُوهُ فِيمَنْ ظَنَّ الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلَهُ وَبِالْوُضُوءِ آخِرَهُ فَهُوَ النِّهَايَةُ فِي إحْرَازِ الْفَضِيلَةِ إلَّا أَنَّ هَذَا الَّذِي قَالُوهُ مَحَلُّهُ إذَا تَيَمَّمَ وَهُوَ يَرْجُو الْمَاءَ بَعْدُ كَمَا قَالَهُ الْمَحَلِّيُّ وَغَيْرُهُ وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي الْخَبَرِ عَلَى أَنَّ الَّذِي أَعَادَ كَانَ كَذَلِكَ فَإِنْ قُلْت: يُشْكِلُ عَلَى الْحَمْلِ أَنَّ مَا فِي الْخَبَرِ وَاقِعَةُ حَالٍ فِيهَا قَوْلٌ وَمِثْلُهَا يَعُمُّهَا الِاحْتِمَالُ قُلْت: هِيَ لَا تَزِيدُ عَلَى الْعَامِّ اللَّفْظِيِّ وَهُوَ يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ لَكِنْ يَحْتَاجُ لِبَيَانِ الْمُخَصِّصِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَوْ عُذْرٍ دَامَ) وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَأَمَّا النَّادِرُ فَمِنْهُ مَا يَدُومُ كَالِاسْتِحَاضَةِ وَسَلَسِ الْبَوْلِ وَالْجُرْحِ السَّائِلِ وَالرِّيحِ أَيْ اسْتِمْرَارِهِ وَكَالْعَامِّ وَإِنْ زَالَ سَرِيعًا. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ ذَلِكَ بَدَلٌ أَمْ لَا. اهـ. وَالْأَمْثِلَةُ الْمَذْكُورَةُ مِمَّا لَا بَدَلَ مَعَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ زَوَالُ النَّجَاسَةِ فِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ مُنْتَفٍ بِلَا بَدَلٍ وَزَوَالُ الْحَدَثِ فِي الْأَخِيرِ مُنْتَفٍ بِلَا بَدَلٍ وَلَمْ يُمَثِّلْ لِمَا مَعَهُ بَدَلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ فَإِنْ لَمْ يَدُمْ وَلَا بَدَلَ مَعَهُ فَقَدْ يَجِبُ الْقَضَاءُ كَصَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فَيَلْزَمُهُ فِعْلُهَا قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُنْدَبُ لَهُ التَّيَمُّمُ عَلَى نَحْوِ الصَّخْرِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ يُجَوِّزُهُ، ثُمَّ يَقْضِي بِالْمَاءِ أَوْ التَّيَمُّمِ إنْ سَقَطَ فَرْضُهُ بِهِ وَمَنْ فَوَّتَ صَلَاةً عَمْدًا وَفَقَدَ الطَّهُورَيْنِ حَرُمَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا حِينَئِذٍ لِلتَّسَلْسُلِ وَمَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ كَثِيرَةٌ وَخَافَ مِنْ غَسْلِهَا مُبِيحَ تَيَمُّمٍ فَسَيَأْتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَكَمَنْ حُبِسَ عَلَى نَجَاسَةٍ فَيُصَلِّي حَتْمًا وَيَخْفِضُ رَأْسَهُ لِلسُّجُودِ إلَى حَيْثُ لَوْ زَادَ أَصَابَهَا وَلَيْسَ لِلثَّلَاثَةِ أَنْ يَتَنَفَّلُوا وَكَالْغَرِيقِ وَالْمَطْلُوبِ يُومِيَانِ وَكَمَرِيضٍ فَقَدَ مَنْ يُوَجِّهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ.

وَقَدْ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ كَالْعَارِي لِفَقْدِ السُّتْرَةِ وَلَوْ فِي الْحَضَرِ وَيَلْزَمُهُ الْقِيَامُ وَإِتْمَامُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ وَلَا يَتَنَفَّلُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ بَدَلٌ فَقَدْ يَلْزَمُ الْقَضَاءُ كَمُتَيَمِّمٍ لِبَرْدٍ أَوْ لِفَقْدِ الْمَاءِ أَوْ مَا يُذِيبُ بِهِ ثَلْجًا وَنَحْوَهُ فِي دَارِ الْإِقَامَةِ وَلَوْ مُسَافِرًا فِيهِمَا لَا الْمُقِيمِ بِمَفَازَةٍ يَغْلِبُ فِيهَا عَدَمُ الْمَاءِ وَإِنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ وَصَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ وَقَدْ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ كَوَاضِعِ جَبِيرَةٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَنْسِيِّ وَشَرْطُ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بِالْعَدَدِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَتْرُكَ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ مَا بَدَأَ بِهِ فِي الْمَرَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا. اهـ. مَجْمُوعٌ. (قَوْلُهُ الْمُسْتَحْسَنَةُ) لِقِلَّةِ التَّيَمُّمِ فِيهَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ إلَخْ) وَهُوَ عَدَمُ لُزُومِ الْإِعَادَةِ عَلَى الرَّاجِحِ عِنْدَ النَّوَوِيِّ وَالرُّويَانِيِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ نَقْضُ وُضُوئِهِ بِالْمَسِّ بِخِلَافِ مَا هُنَا. اهـ. حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: وَلْيَقْضِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْعُذْرَ إمَّا عَامٌّ وَهُوَ مَا يَغْلِبُ وُقُوعُهُ، وَإِمَّا نَادِرٌ وَهُوَ، إمَّا دَائِمٌ

ص: 206

(أَوْ) عُذْرٍ (دَامَ) غَالِبًا وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ فَلَا قَضَاءَ بِهِ لِمَا مَرَّ وَمَثَّلَ لَهُ الْحَاوِي بِالْجُنُونِ وَالِاسْتِحَاضَةِ فَاعْتَرَضَ النَّاظِمُ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ: مَا اُرْتُضِيَ إذْ قَالَ) أَيْ الْحَاوِي وَإِذْ مَصْدَرِيَّةٌ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} [مريم: 16] وَلَوْ ذَكَرَ بَدَلَهَا أَنْ الْمَصْدَرِيَّةَ كَانَ أَوْلَى أَيْ مَا ارْتَضَى.

قَوْلُهُ: (كَالْجُنُونِ إذْ هَذَا الْمَثَلْ عَنْ صِحَّةٍ وَعَنْ وُجُوبٍ) لِلصَّلَاةِ (مُعْتَزَلْ) أَيْ مُنَحًّى إذْ لَا صَلَاةَ عَلَى الْمَجْنُونِ فَلَا يَحْسُنُ عَدُّ هَذَا مِنْ الْأَعْذَارِ الَّتِي لَا تُسْقِطُ إلَّا الْقَضَاءَ (وَإِنَّمَا تَمْثِيلُهُ) الصَّحِيحُ (بِسَلِسِ بَوْلٍ وَبِاسْتِحَاضَةٍ وَلْيُقَسْ) بِهِمَا نَحْوَهُمَا كَسَلَسِ مَذْيٍ أَوْ وَدْيٍ أَوْ غَائِطٍ وَجُرْحٍ سَائِلٍ وَرُعَافٍ دَائِمٍ (أَوْ) عُذْرٍ اشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ (كَقِتَالٍ وَفِرَارٍ) حَصَلَ بِهِمَا اسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ أَوْ فِعْلٌ كَثِيرٌ أَوْ تَلَطُّخٌ بِدَمٍ فَلَا قَضَاءَ بِهِمَا رُخْصَةً مِنْهُ تَعَالَى فِي الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] وَقِيَاسًا عَلَيْهِ فِي الثَّانِي هَذَا إذَا (حَلَّا) كَقِتَالِ الْكُفَّارِ وَالْبُغَاةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَالْفِرَارِ مِنْ ظَالِمٍ أَوْ سَبُعٍ أَوْ كُفَّارٍ زَادُوا عَلَى ضَعْفِنَا أَوْ مُقْتَصٍّ يُرْجَى عَفْوُهُ، أَمَّا إذَا حَرُمَا فَيَجِبُ الْقَضَاءُ وَزَادَ كَافَ كَقِتَالٍ لِيَدْخُلَ مَا فِي مَعْنَاهُ كَدَفْعِ مَنْ قَصَدَ نَفْسًا أَوْ حَرِيمًا أَوْ مَالًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقِتَالِ وَالْفِرَارِ لَيْسَ بِعُذْرٍ عَامٍّ وَلَا دَائِمٍ وَأَخَذَ بِهِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي فَجَعَلَهُ مُسْتَثْنًى مِنْ حُكْمِ الْعُذْرِ الَّذِي لَا يَعُمُّ وَلَا يَدُومُ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّ الْقِتَالَ عُذْرٌ عَامٌّ وَمِثْلُهُ الْفِرَارُ بَلْ أَوْلَى وَقَالَ فِيهَا فَلَوْ زَالَ مَا يَدُومُ بِسُرْعَةٍ أَوْ دَامَ غَيْرُهُ اُعْتُبِرَ الْجِنْسُ

ــ

[حاشية العبادي]

التَّيَمُّمِ عَلَى طُهْرٍ فَإِنْ كَانَتْ فِي مَحَلِّهِ أَعَادَ مُطْلَقًا. اهـ. (قَوْلُهُ: دَامَ) أَيْ: إنْ وَقَعَ دَامَ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ) بِأَنْ نَدَرَ وُقُوعُهُ. (قَوْلُهُ: وَعَنْ وُجُوبِ مُعْتَزَلٍ) أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا قَدْ تَجِبُ عَلَيْهِ كَأَنْ يَتَّصِلَ جُنُونُهُ بِرِدَّتِهِ أَوْ شُرْبِ مُسْكِرٍ تَعَدَّى بِهِ وَهَذَا كَافٍ فِي التَّمْثِيلِ وَبِأَنَّهُ إنَّمَا مَثَّلَ بِالْجُنُونِ لِيُقَاسَ عَلَيْهِ الْعُذْرُ الدَّائِمُ لَا لِلْحُكْمِ فِي نَفْسِهِ وَذَلِكَ مُعْتَادٌ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) يَعْنِي: الْقِتَالَ.

(قَوْلُهُ: وَقِيَاسًا عَلَيْهِ فِي الثَّانِي) يَعْنِي: الْفِرَارَ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَلَا قَضَاءَ فِي الْعَامِّ وَالدَّائِمِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ وَهُوَ، إمَّا قِتَالٌ أَوْ فِرَارٌ مُبَاحٌ فَلَا قَضَاءَ أَيْضًا أَوْ غَيْرُهُمَا فَيَجِبُ وَالْعَامُّ كَالْمَرَضِ أَوْ السَّفَرِ وَالنَّادِرُ الدَّائِمُ كَسَلَسِ الْبَوْلِ وَغَيْرُ الدَّائِمِ كَفَقْدِ الطَّهُورَيْنِ. وَجَعْلُ الْقِتَالِ وَالْفِرَارِ مِنْ النَّادِرِ غَيْرِ الدَّائِمِ رَأْيٌ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ كَوْنِهِمَا مِنْ الْعَامِّ. اهـ. زي عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُمَا فَيَجِبُ فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا فَصَّلَهُ الْمُحَشِّي عَنْ الْعُبَابِ. اهـ. إلَّا أَنْ يُجْعَلَ فَقْدُ السُّتْرَةِ مِنْ النَّادِرِ الَّذِي إذَا وَقَعَ دَامَ وَوَضْعُ الْجَبِيرَةِ عَلَى الطُّهْرِ مِنْ الْعُذْرِ الْعَامِّ كَمَا قَالَهُ ح ف فِي الْأَوَّلِ وَالنَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الثَّانِي كَمَا سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ: أَوْ دَامَ) عَطْفٌ عَلَى عَمَّ أَيْ: أَوْ لَمْ يَعُمَّ بَلْ نَدَرَ وَلَكِنْ دَامَ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ وَأَمَّا النَّادِرُ فَقِسْمَانِ: قِسْمٌ يَدُومُ غَالِبًا، وَقِسْمٌ لَا يَدُومُ فَالْأَوَّلُ كَالْمُسْتَحَاضَةِ وَمَنْ بِهِ جُرْحٌ سَائِلٌ أَوْ رُعَافٌ دَائِمٌ أَوْ اسْتَرْخَتْ مُقْعَدَتُهُ فَدَامَ خُرُوجُ الْحَدَثِ وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ فَكُلُّهُمْ يُصَلُّونَ مِنْ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ وَلَا يُعِيدُونَ لِلْمَشَقَّةِ وَالضَّرُورَةِ، وَأَمَّا الَّذِي لَا يَدُومُ غَالِبًا فَنَوْعَانِ: نَوْعٌ يَأْتِي مَعَهُ بِبَدَلٍ لِلْخَلَلِ، وَنَوْعٌ لَا يَأْتِي فَمِنْ الثَّانِي مَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا وَالْمَرِيضُ وَالزَّمِنُ وَنَحْوُهُمَا مِمَّنْ لَا يَخَافُ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لَكِنْ لَا يَجِدُ مَنْ يُوَضِّئُهُ وَمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّحَوُّلِ إلَى الْقِبْلَةِ وَالْأَعْمَى وَغَيْرُهُ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْقِبْلَةِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُعَرِّفُهُ إيَّاهَا وَمَنْ عَلَى بَدَنِهِ وَجُرْحِهِ نَجَاسَةٌ لَا يُعْفَى عَنْهَا وَلَا يَقْدِرُ عَلَى إزَالَتِهَا وَالْمَرْبُوطُ عَلَى خَشَبَةٍ وَمَنْ شُدَّ وِثَاقُهُ وَالْغَرِيقُ وَمَنْ حُوِّلَ عَنْ الْقِبْلَةِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الصَّلَاةِ إلَى غَيْرِهَا أَوْ عَلَى تَرْكِ الْقِيَامِ فَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ عَلَى حَسَبِ الْحَالِ وَالْإِعَادَةُ لِنُدُورِ هَذِهِ الْأَعْذَارِ، وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ مَا يَأْتِي مَعَهُ بِبَدَلٍ فَفِيهِ صُوَرٌ مِنْهَا مَنْ تَيَمَّمَ فِي الْحَضَرِ لِعَدَمِ الْمَاءِ أَوْ لِشِدَّةِ الْبَرْدِ فِي الْحَضَرِ أَوْ السَّفَرِ أَوْ لِنِسْيَانِ الْمَاءِ فِي رَحْلِهِ فِي السَّفَرِ أَوْ تَيَمَّمَ مَعَ الْجَبِيرَةِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ عَلَى جَمِيعِهِمْ.

وَمِنْهَا الْمُتَيَمِّمُ مَعَ الْجَبِيرَةِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى طُهْرٍ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ جَعَلَ مَسْأَلَةَ الْجَبِيرَةِ مِنْ الْعُذْرِ الْعَامِّ وَهُوَ حَسَنٌ وَنَقَلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلًا أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ تَفْتَقِرُ إلَى الْقَضَاءِ لَا يَجِبُ فِعْلُهَا فِي الْوَقْتِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَوْلًا بِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ وَجَبَتْ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خَلَلٍ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهَا وَبِهِ قَالَ الْمُزَنِيّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى وَظِيفَةَ الْوَقْتِ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ بَلْ ثَبَتَ خِلَافُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. مَجْمُوعٌ، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ مَا حَكَمْنَا مِنْ الْأَعْذَارِ بِأَنَّهُ عَامٌّ وَأَسْقَطْنَا الْفَرْضَ بِهِ فَلَوْ اتَّفَقَ زَوَالُهُ بِسُرْعَةٍ فَهُوَ كَالدَّائِمِ الْمُتَمَادِي نَظَرًا إلَى جِنْسِهِ وَمَا حَكَمْنَا بِأَنَّهُ لَا يَدُومُ فَاتَّفَقَ دَوَامُهُ لَمْ يُلْحَقْ بِالدَّائِمِ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا يَنْقَطِعُ عَنْ قُرْبٍ إلْحَاقًا بِمَا يَشِذُّ مِنْ الْجِنْسَيْنِ بِجِنْسِهِ اهـ وَقَوْلُهُ وَمَنْ حُوِّلَ عَنْ الْقِبْلَةِ أَيْ: فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ وَإِلَّا فَلَا فَلَوْ حُوِّلَ فِي بَعْضِهَا بِأَنْ أَحْرَفَهُ غَيْرُهُ، ثُمَّ عَادَ فَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ) الْمُرَادُ مِنْ الْعَامِّ كَثِيرُ الْوُقُوعِ. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي. (قَوْلُهُ فَجَعَلَهُ مُسْتَثْنًى إلَخْ) فَإِنَّ الْعُذْرَ الْمَذْكُورَ حُكْمُهُ الْقَضَاءُ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ كَهَذَا وَفَقْدُ السُّتْرَةِ فَعَدَمُ الْقَضَاءِ فِيهِ أَقَلُّ وَهَذَا فِيمَا لَا بَدَلَ فِيهِ، أَمَّا مَا فِيهِ بَدَلٌ

ص: 207

إلْحَاقًا لِشَاذِّهِ بِهِ (مَثَّلَهُ) أَيْ مَثَّلَ الْحَاوِي مَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ لِلْخَلَلِ بِدُونِ مَا ذُكِرَ (بِأَنْ) يُصَلِّيَ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ ثُمَّ (يَبِينَ) لَهُ (أَنْ لَا خَوْفَ) لِوُجُودِ خَنْدَقٍ حَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ أَوْ لِكَوْنِ الْمَرْئِيِّ غَيْرَ عَدُوٍّ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ عَلِمُوهُ امْتَنَعَ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ لَا يَدُومُ وَلِتَبَيُّنِ خَطَأِ ظَنِّهِ كَمَا فِي الطُّهْرِ وَكَبَيَانِ ذَلِكَ الشَّكِّ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.

(وَ) بِصَلَاةِ (دَامِي الْجُرْحِ) وَلَوْ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مُتَلَبِّسًا (بِالْكَثِيرِ) مِنْ الدَّمِ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَلِخَوْفِ التَّلَفِ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ غَسْلِهِ؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ لَا يَدُومُ بِخِلَافِ الْقَلِيلِ لَا يَضُرُّ لِلْعَفْوِ عَنْهُ نَعَمْ إنْ كَانَ عَلَى مَحَلِّ التَّيَمُّمِ وَهُوَ كَثِيفٌ ضَرَّ لِمَنْعِهِ وُصُولَ الْمُطَهِّرِ إلَيْهِ لَا لِنَجَاسَتِهِ وَلَفْظَةُ الْكَثِيرِ زَادَهَا كَمَا زَادَهَا النَّوَوِيُّ فِي مِنْهَاجِهِ وَقَالَ فِي دَقَائِقِهِ لَا بُدَّ مِنْهَا لَكِنْ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْجُرْحَ كَالْبَثْرَةِ وَقَضِيَّتُهُ الْعَفْوُ عَنْ الْكَثِيرِ، وَالْأَوَّلُ قَالَ الشَّارِحُ فِي تَحْرِيرِهِ: إنَّهُ أَصَحُّ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ ثَمَّةَ.

(وَ) بِصَلَاةِ (سَاتِرِ الْعُضْوِ) بِجَبِيرَةٍ وَنَحْوِهَا (بِلَا تَطْهِيرٍ) لَهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ نَزْعُ السَّاتِرِ لِفَوَاتِ شَرْطِ الْوَضْعِ عَلَى الطُّهْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَتَرَهُ عَلَى طُهْرٍ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَمَا فِي مَاسِحِ الْخُفِّ بَلْ أَوْلَى لِلضَّرُورَةِ هُنَا إلَّا إذَا كَانَ السَّاتِرُ عَلَى مَحَلِّ التَّيَمُّمِ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ لِنُقْصَانِ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ جَمِيعًا جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمْعٍ ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّ إطْلَاقَ الْجُمْهُورِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَخَرَجَ بِسَاتِرِ الْعُضْوِ مَا لَمْ يَسْتُرْهُ وَغَسَلَ الصَّحِيحَ وَتَيَمَّمَ عَنْ الْجَرِيحِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إذْ التَّيَمُّمُ الْمُجَرَّدُ لِلْمَرَضِ لَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ.

(وَلْيَقْضِ) أَيْضًا (مَرْبُوطٌ) بِخَشَبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: كَمَا فِي الطُّهْرِ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي بَابِ الْخَوْفِ كَمَا لَوْ أَخْطَئُوا أَوْ شَكُّوا فِي الطَّهَارَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ بِالْكَثِيرِ مِنْ الدَّمِ) هَذَا عَلَى مُرَادِ الرَّافِعِيِّ وَأَمَّا عَلَى طَرِيقِ النَّوَوِيِّ فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الِانْتِقَالِ أَوْ الْإِخْرَاجِ عَمْدًا لِغَيْرِ حَاجَةٍ بِرّ.

(قَوْلُهُ بِلَا تَطْهِيرٍ لَهُ) قَدْ يُوهِمُ قَوْلُهُ: لَهُ أَنَّهُ يَكْفِي تَطْهِيرُ الْعُضْوِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ طُهْرٍ كَامِلٍ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ ضَمِيرُ لَهُ لِسَاتِرِ الْعُضْوِ الَّذِي هُوَ الشَّخْصُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي مَاسِحِ الْخُفِّ) وَمِنْهُ يُؤْخَذُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي إسْقَاطِ الْقَضَاءِ مِنْ الْوَضْعِ عَلَى طُهْرٍ كَامِلٍ فَتَرْجِيحُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ اشْتِرَاطَ طُهْرِ مَحَلِّ الْجُرْحِ فَقَطْ فِيهِ نَظَرٌ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَتَيَمَّمَ عَنْ الْجُرْحِ فَلَا قَضَاءَ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْجُرْحُ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ أَوْ كَانَ فِيهِ وَمَسَحَهُ بِالتُّرَابِ، أَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ وَتَعَذَّرَ مَسْحُهُ بِالتُّرَابِ لِنَحْوِ تَضَرُّرِهِ بِهِ فَالْوَجْهُ الْقَضَاءُ لِنَقْصِ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

فَالْغَالِبُ فِيهِ عَدَمُ الْقَضَاءِ وَالْقَضَاءُ فِيهِ أَقَلُّ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى وَقَدْ ذَكَرَ الْمُحَشِّي الْقِسْمَيْنِ. اهـ. وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَا فِي اسْتِثْنَاءِ فَقْدِ السُّتْرَةِ مِمَّا ذُكِرَ. اهـ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ لَا يَدُومُ) لَا بُدَّ مِنْ ضَمِّ شَيْءٍ إلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ التَّعْلِيلُ وَإِلَّا فَفَقْدُ السُّتْرَةِ كَذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ إنَّ الِاطِّلَاعَ عَلَى الْوَاقِعِ لَيْسَ بِعَزِيزٍ كَعِزَّةِ السُّتْرَةِ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَنْ ح ف أَنَّ فَقْدَ سَاتِرِ الْعَوْرَةِ مِنْ النَّادِرِ الَّذِي إذَا وَقَعَ دَامَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلْنَاهُ سَابِقًا عَنْ الْمَجْمُوعِ حَيْثُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي فَقْدُ السَّاتِرِ وَإِنْ خَالَفَ مَا فِي الْحَاشِيَةِ عَنْ الْعُبَابِ.

(قَوْلُهُ: لِفَقْدِ الْمَاءِ) كَأَنْ تَوَضَّأَ بِمَا مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً غَيْرَهُ يَغْسِلُ بِهِ دَمَ جُرْحِهِ وَلَا حَاجَةَ لِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُتَيَمِّمًا لِعُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ الْمِنْهَاجِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي دَقَائِقِهِ لَا بُدَّ مِنْهَا) هَذَا يَمْنَعُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى مَا جَاوَزَ مَحَلَّهُ أَوْ حَصَلَ بِفِعْلِهِ إذْ هُمَا يَحْصُلَانِ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَلِذَا قَالَ الْمَحَلِّيُّ إنَّهُ جَرَى هُنَا عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ. اهـ. لَكِنَّهُ يُشْكِلُ حِينَئِذٍ صِحَّةَ التَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِهِ وَقَدْ شَمَلَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ التَّيَمُّمُ مَعَهُ حِينَئِذٍ كَمَا قَالَهُ حَجَرٌ وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ طَرَأَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَبِصَلَاةِ سَاتِرِ الْعُضْوِ إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَجَبَ الْقَضَاءُ وُضِعَتْ عَلَى طُهْرٍ أَوْ لَا أَخَذَتْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا أَوْ لَا أَوْ فِي غَيْرِهَا وَأَخَذَتْ مِنْ الصَّحِيحِ زَائِدًا عَلَى الِاسْتِمْسَاكِ وَجَبَ الْقَضَاءُ وُضِعَتْ عَلَى طُهْرٍ أَوْ لَا وَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ نَزْعُهَا وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَلَمْ تَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ إلَّا قَدْرَ الِاسْتِمْسَاكِ وَوُضِعَتْ عَلَى طُهْرٍ فَلَا وَكَذَا إنْ لَمْ تَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا وَكَانَتْ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وُضِعَتْ عَلَى حَدَثٍ أَوْ طُهْرٍ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: بِلَا تَطْهِيرٍ) قَالَ حَجَرٌ فِي التُّحْفَةِ الْمُرَادُ بِالطُّهْرِ الْوَاجِبِ وَضْعُهَا عَلَيْهِ لِيُسْقِطَ الْقَضَاءُ الطُّهْرَ الْكَامِلَ كَالْخُفِّ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ صَرِيحَةٌ فِيهِ وَهِيَ تَجِبُ عَلَيْهِ الطَّهَارَةُ لِوَضْعِ الْجَبِيرَةِ عَلَى عُضْوِهِ وَهُوَ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه بِقَوْلِهِ وَلَا يَضَعُهَا إلَّا عَلَى وُضُوءٍ اهـ وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ بِالْخُفِّ أُمُورٌ الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَمَالِ طَهَارَةِ الْوُضُوءِ إنْ وَضَعَهَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَعْضَائِهِ وَكَلَامُ ابْنِ الْأُسْتَاذِ صَرِيحٌ فِي هَذَا الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ وَضَعَهَا عَلَى طَهَارَةِ التَّيَمُّمِ لِفَقْدِ الْمَاءِ لَا يَكْفِيهِ كَمَا لَا يَلْبَسُ الْخُفَّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ الثَّالِثُ أَنَّهُ لَوْ وَضَعَهَا عَلَى غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ اُشْتُرِطَ طُهْرُهُ مِنْ الْحَدَثَيْنِ أَيْضًا وَفِيهِ بُعْدٌ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَرْتَضِهِ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ رَجَّحَ الِاكْتِفَاءَ بِطَهَارَةِ مَحَلِّهَا فَلَوْ وَضَعَهَا الْمُحْدِثُ عَلَى غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَلَا جَنَابَةَ، ثُمَّ أَجْنَبَ مَسَحَ وَلَا قَضَاءَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى طَهَارَةِ الْغُسْلِ وَهِيَ لَا تُنْتَقَضُ إلَّا بِالْجَنَابَةِ فَهِيَ الْآنَ كَامِلَةٌ. اهـ. وَاعْتَمَدَ م ر فِي الشَّرْحِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الطُّهْرِ الْكَامِلِ وَهُوَ مَا يُبِيحُ الصَّلَاةَ كَالْخُفِّ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ. اهـ. وَمِثْلُهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: بِلَا تَطْهِيرٍ) لَوْ وَضَعَ اللَّصُوقَ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَهُوَ مُحْدِثٌ حَدَثًا أَصْغَرَ، ثُمَّ أَجْنَبَ فَهُوَ وَضْعٌ عَلَى طُهْرٍ بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ

ص: 208

صَلَّى مُومِيًا مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ لَا يَدُومُ.

(وَ) لْيَقْضِ (مَنْ قَدْ عَدِمَا مَاءً وَتُرْبًا) وَصَلَّى الْفَرْضَ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا صَلَّاهُ مَعَ أَنَّهُ مُحْدِثٌ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَلِاسْتِطَاعَةِ فِعْلِهَا كَفَاقِدِ السُّتْرَةِ وَإِنَّمَا يَقْضِيهِ إذَا قَدَرَ عَلَى مَاءٍ أَوْ عَلَى تُرَابٍ بِمَحَلٍّ يَسْقُطُ فِيهِ الْفَرْضُ بِالتَّيَمُّمِ بِخِلَافِ مَا لَا يَسْقُطُ فِيهِ كَالْحَضَرِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَلَا يُعْرَفُ مَنْ يُبَاحُ لَهُ فَرْضٌ دُونَ نَفْلٍ إلَّا مَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ أَوْ السُّتْرَةَ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ عَجَزَ عَنْ إزَالَتِهَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ.

(وَ) لْيَقْضِ (مُقِيمٌ يَمَّمَا) نَفْسَهُ (لِفَقْدِ مَا) وَصَلَّى إذْ فَقْدُهُ فِي الْإِقَامَةِ نَادِرٌ لَا يَدُومُ. وَخَرَجَ بِفَقْدِهِ الْمَزِيدَ عَلَى الْحَاوِي مَا لَوْ تَيَمَّمَ لِجُرْحٍ أَوْ نَحْوِهِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَقَدْ عُرِفَ مِمَّا مَرَّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي الْإِقَامَةِ وَعَدَمِهِ فِي السَّفَرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ فِي الْقَضَاءِ بِغَلَبَةِ الْمَاءِ فِي مَحَلِّ التَّيَمُّمِ وَفِي عَدَمِهِ بِنُدْرَتِهِ فِيهِ فَلَوْ أَقَامَ بِمَفَازَةٍ وَطَالَتْ إقَامَتُهُ وَصَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ فَلَا قَضَاءَ وَلَوْ دَخَلَ الْمُسَافِرُ فِي طَرِيقِهِ قَرْيَةً وَعَدِمَ الْمَاءَ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

(وَ) لْيَقْضِ (ذُو تَيَمُّمٍ عَصَى بِسَفَرٍ) كَعَبْدٍ آبِقٍ وَامْرَأَةٍ نَاشِزَةٍ وَمُسَافِرٍ لِقَطْعِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ) فَلَوْ أَخْرَجَهَا عَنْ وَقْتِهَا امْتَنَعَ فِعْلُهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ السُّتْرَةِ) نَظَرَ فِيهِ فِي الْخَادِمِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ تَسْقُطُ لِلْفَرْضِ بِخِلَافِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فَكَيْفَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ فِعْلُ النَّوَافِلِ؟ وَكَيْفَ يُقَاسُ عَلَيْهِ؟ بَلْ إلْحَاقُهُ بِدَائِمِ الْحَدَثِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَسْقُطُ فَرْضُهُ بِالصَّلَاةِ مَعَ وُجُودِ الْمُنَافِي يُبَاحُ لَهُ النَّفَلُ أَوْلَى مِنْ إلْحَاقِهِ بِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ قَوْلِ الرَّوْضِ وَهَؤُلَاءِ أَيْ: مَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا وَمَنْ عَلَى يَدَيْهِ نَجَاسَةٌ يَخَافُ مِنْ غَسْلِهَا وَمَنْ حُبِسَ عَلَيْهَا يُصَلُّونَ الْفَرِيضَةَ فَقَطْ مَا نَصُّهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ كَالنَّفْلِ فِي أَنَّهَا تُؤَدَّى مَعَ مَكْتُوبَةٍ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ قِيَاسُهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ يُصَلُّونَهَا وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ فِي فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَنَقَلَهُ فِي بَابِهَا عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَفَّالِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ السُّتْرَةِ) الْوَجْهُ أَنَّ هَذَا يَتَنَفَّلُ.

(قَوْلُهُ: وَمُقِيمٌ يَمَّمَا إلَخْ) هَذَا بِعُمُومِهِ يَشْمَلُ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ. (قَوْلُهُ: فَيُكَلَّفُ الشَّخْصُ التَّوَجُّهَ إلَى الْقَبْرِ) لِيُعِيدَ الصَّلَاةَ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى عَلَيْهِ بِالتَّيَمُّمِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِلْمَشَقَّةِ نَعَمْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ ابْنِ خَيْرَانَ أَنَّ الْمُقِيمَ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ عَلَى الْمَيِّتِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ يُمِّمَ الْمَيِّتُ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ وُجِدَ الْمَاءُ وَجَبَ غُسْلُهُ؛ لِأَنَّهُ خَاتِمَةُ أَمْرِهِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَلَكِنْ نَازَعَ فِيهِ فِي الْخَادِمِ وَحَمَلَهُ عَلَى الْحَصْرِ كَذَا كَتَبَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ بِخَطِّهِ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَ ابْنُ خَيْرَانَ د بَلْ تُبَاحُ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِالتَّيَمُّمِ بَلْ لَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فِعْلُهَا عَلَيْهِ قَبْلَ دَفْنِهِ لِحُرْمَتِهِ وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فِي بَابِ الْجَنَائِزِ مَنْ لَا يُسْقِطُ تَيَمُّمُهُ الْفَرْضَ وَفَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ إنْ تَعَيَّنَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا صَلَّى قَبْلَ الدَّفْنِ، ثُمَّ أَعَادَ إذَا وَجَدَ الطُّهْرَ اهـ لَكِنَّهُ نَاقَضَ نَفْسَهُ فِي فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ حَيْثُ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَجُوزُ إقْدَامُهُ عَلَى فِعْلِهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا مُتَّسَعٌ وَلَا يَفُوتُ بِالدَّفْنِ. (قَوْلُهُ: بِغَلَبَةِ الْمَاءِ) ، ثُمَّ قَوْلُهُ: بِنُدْرَتِهِ تَعَارَضَ مَفْهُومَاهُمَا فِي الْكَثِيرِ غَيْرِ الْغَالِبِ وَقَضِيَّةُ عِبَارَةِ التَّحْقِيقِ أَنَّهُ كَالْغَالِبِ حَيْثُ قَالَ: قَالَ الْأَصْحَابُ: ضَابِطُ الْإِعَادَةِ لِفَقْدِ الْمَاءِ إنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ يَنْدُرُ فِيهِ الْعَدَمُ أَعَادَ وَإِلَّا فَلَا اهـ وَقَوْلُهُ: فِي مَحَلِّ التَّيَمُّمِ الَّذِي أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَحَلِّ الصَّلَاةِ دُونَ مَحَلِّ التَّيَمُّمِ. (قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّ التَّيَمُّمِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ. ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْمَنْهَجِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَصَلَّى الْفَرْضَ) وَلَوْ وَجَدَ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ فِعْلِ الصَّلَاةِ التُّرَابَ بِمَحَلٍّ لَا تَسْقُطُ فِيهِ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ وَجَبَ فِعْلُهَا م ر بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْوَقْتِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَصَلَّى الْفَرْضَ) وَلَا يُصَلِّي إلَّا عِنْدَ يَأْسِهِ مِنْهُمَا وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَهِيَ صَلَاةٌ حَقِيقَةً يُبْطِلُهَا مَا يُبْطِلُ غَيْرَهَا وَيَحْرُمُ قَطْعُهَا بِلَا عُذْرٍ وَتَبْطُلُ بِتَوَهُّمِ الْمَاءِ أَوْ التُّرَابِ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ طَلَبُهُمَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَسْقُطُ بِهِ فِيهِ الْقَضَاءُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وسم عَلَى الْمَنْهَجِ حَيْثُ نَقَلَ عَنْ م ر الْبُطْلَانَ مُطْلَقًا لِكَمَالِ نُقْصَانِهَا بِانْتِفَاءِ الطَّهَارَةِ مُطْلَقًا وَأَنَّهُ قَالَ: الْآنَ يُوجَدُ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ. (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ الْفَائِتَةَ وَلِمَ هُوَ كَذَلِكَ. اهـ. عَمِيرَةُ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ دُونَ نَفْلٍ) أَيْ: لَيْسَ مِنْ الْفَرْضِ بِخِلَافِ مَا هُوَ مِنْهُ كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ إلَّا نَحْوَ السُّورَةِ لِلْجُنُبِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَصْدُ الْقِرَاءَةِ فِي الْفَاتِحَةِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ وَدَخَلَ فِي قَوْلِنَا لَيْسَ مِنْ الْفَرْضِ مَا نُدِبَ فِيهِ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَلَوْ فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ وَسُجُودِ السَّهْوِ إلَّا تَبَعًا لِإِمَامِهِ فِيهِمَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لَكِنْ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ. اهـ. ق ل وَع ش.

. (قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّ التَّيَمُّمِ) الْمُعْتَمَدُ اعْتِبَارُ وَقْتِ التَّحْرِيمِ بِالصَّلَاةِ بِأَنْ يَغْلِبَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَدَمُ الْمَاءِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ الصَّلَاةَ فِيهِ وَفِيمَا حَوْلَهُ إلَى حَدٍّ يَجِبُ تَحْصِيلُ الْمَاءِ مِنْهُ فَإِنْ غَلَبَ وُجُودُهُ فِيهِ وَجَبَ طَلَبُهُ وَلَوْ مِنْ حَدِّ الْبُعْدِ مَا لَمْ يُعَدَّ مُسَافِرًا هَذَا مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ لِلْمُحَشِّي اعْتِمَادُهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: عَصَى بِسَفَرِهِ) أَيْ وَإِنْ غَلَبَ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ، ثُمَّ إنْ كَانَ التَّيَمُّمُ لِلْفَقْدِ صَحَّ قَبْلَ التَّوْبَةِ وَوَجَبَ الْقَضَاءُ وَإِنْ كَانَ لِنَجْوِ مَرَضٍ أَوْ عَطَشٍ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ إلَّا بَعْدَ التَّوْبَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَوَافَقَ عَلَيْهِ م ر وَطب وَحَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ يَقْضِي سَوَاءٌ تَيَمَّمَ لِلْفَقْدِ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا صِحَّةُ التَّيَمُّمِ قَبْلَ التَّوْبَةِ فَعَلَى التَّفْصِيلِ قَالَ ق ل: عَلَى الْجَلَالِ وَمِثْلُ الْمَرَضِ حَيْلُولَةُ نَحْوِ سَبُعٍ أَوْ خَوْفُ رَاكِبِ

ص: 209

طَرِيقٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ رُخْصَةٌ فَلَا تُنَاطُ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَصَى فِي سَفَرٍ لَمْ يَعْصِ بِهِ كَأَنْ زَنَى أَوْ سَرَقَ فِيهِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَخِّصَ غَيْرُ مَا بِهِ الْمَعْصِيَةُ وَشَمَلَ كَلَامُهُ الْمُتَيَمِّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَالْمُتَيَمِّمَ لِمَرَضٍ أَوْ عَطَشٍ أَوْ نَحْوِهِ وَالْحُكْمُ صَحِيحٌ بَلْ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُ الْمَرِيضِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى التَّوْبَةِ وَوَاجِدٌ لِلْمَاءِ حِينَئِذٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ مَسْحِ الْخُفِّ.

(وَ) لْيَقْضِ (مَنْ لِبَرْدٍ رُخِّصَا) لَهُ فِي التَّيَمُّمِ وَلَوْ فِي سَفَرٍ؛ لِأَنَّ الْبَرْدَ وَإِنْ لَمْ يَنْدُرْ فَالْعَجْزُ عَمَّا يُسَخَّنُ بِهِ الْمَاءُ أَوْ يُتَدَفَّأُ بِهِ نَادِرٌ لَا يَدُومُ، وَأَمَّا «عَدَمُ أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ بِالْقَضَاءِ» فِي خَبَرِهِ السَّابِقِ فَلَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ. وَلِجَوَازِ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِهِ أَوْ أَنَّهُ كَانَ قَدْ قَضَى.

(وَ) لْيَقْضِ (ذُو تَيَمُّمٍ عَلَى نِسْيَانِ مَا) أَيْ بِسَبَبِ نِسْيَانِهِ أَوْ نِسْيَانِ (ثَمَنِ الْمَاءِ) أَوْ آلَةِ الِاسْتِقَاءِ فِي رَحْلِهِ حَيْثُ صَلَّى ثُمَّ تَبَيَّنَ الْحَالُ لِتَقْصِيرِهِ فِي الْبَحْثِ، وَلِأَنَّهُ تَيَمَّمَ وَاجِدًا لِلْمَاءِ، وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ فَلَا يَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَأَمَّا خَبَرُ ابْنِ مَاجَهْ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» فَقَدْ خُصَّ مِنْهُ غَرَامَاتُ الْمُتْلَفَاتِ وَصَلَاةُ الْمُحْدِثِ نَاسِيًا وَغَيْرُ ذَلِكَ فَيُخَصُّ مِنْهُ نِسْيَانُ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ فِي رَحْلِهِ قِيَاسًا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ثُمَّ قَالَ: فَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ وَنَعْتَمِدُهُ وَأَمَّا قَوْلُ أَصْحَابِنَا الْمُرَادُ مِنْ الْخَبَرِ رَفْعُ الْإِثْمِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ غَرَامَاتِ الْمُتْلَفَاتِ نَاسِيًا وَالْقَتْلِ خَطَأً فَضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِي رَفْعِ الْإِثْمِ إذْ أَكْلُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْغَلَبَةِ وَغَيْرِهَا بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ دُونَ مَحَلِّ الصَّلَاةِ وَالْأَقْرَبُ الْعَكْسُ وَعَلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ أَيْضًا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْإِحْرَامِ دُونَ مَا عَدَاهُ.

ذُو تَيَمُّم عَصَى بِسَفَرِ كَعَبْدِ آبِق وَامْرَأَة نَاشِزَة وَمُسَافِر لَقِطْعَ طَرِيق. (قَوْلُهُ: وَوَاجِدٌ لِلْمَاءِ حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ تَيَمُّمِهِ لَوْ فَعَلَهُ لَا حِينَ النَّوْبَةِ فَتَأَمَّلْهُ بِرّ.

ولِيَقْضِ مِنْ لِبُرْدِ رَخَّصَا لَهُ فِي التَّيَمُّم. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْقَضَاءَ عَلَى التَّرَاخِي إلَخْ.

(قَوْلُهُ: عَلَى نِسْيَانِ مَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ أَوْ نَسِيَ مَاءً أَوْ ثَمَنَهُ بِقُرْبٍ. اهـ. فَأَخْرَجَ مَا لَوْ نَسِيَهُمَا فِي حَدِّ الْبُعْدِ فَلَا قَضَاءَ وَشَمَلَ مَا لَوْ كَانَا فِي غَيْرِ رَحْلِهِ خِلَافُ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ بِرَحْلِهِ وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ أَنْ لَا يَرْجِعَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي رَاحِلَتِهِ لِمَسْأَلَةِ النِّسْيَانِ أَيْضًا خِلَافًا لِقَوْلِ الشَّارِحِ فَقَوْلُهُ: فِي رَاحِلَتِهِ إلَخْ وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِضْلَالِ أَيْضًا حَتَّى إذَا كَانَ رَحْلُهُ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ أَوْ ثَمَنُهُ فِي حَدِّ الْبُعْدِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ وَلَا شَكَّ فِيهِ فِيمَا إذَا كَانَ الَّذِي فِي رَحْلِهِ الْمَاءُ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ السَّعْيِ إلَيْهِ وَحُصُولِهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَجَدَ ذَلِكَ فِيهِ) كَذَا قَيَّدَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي إذَا لَمْ يَجِدْهُ أَصْلًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَقَيَّدَهُ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا بِمَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ وُجُودُهُ لَكِنْ الْتَبَسَ عَلَيْهِ وَضَاقَ الْوَقْتُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ بَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى الطَّلَبِ إلَى أَنْ يَجِدَهُ كَالِازْدِحَامِ عَلَى الْبِئْرِ اهـ وَقَوْلُهُ: كَالِازْدِحَامِ إلَخْ لَا يُوَافِقُ قَوْلَهُ إنَّهُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّرَ فِي الْبِئْرِ أَنَّهُ لَا يَنْتَظِرُ النَّوْبَةَ إذَا لَمْ يُحْتَمَلْ إلَّا خَارِجَ الْوَقْتِ كَمَا تَقَدَّمَ.

ــ

[حاشية الشربيني]

السَّفِينَةِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْبَحْرِ. اهـ. وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ تَأَخُّرُ نَوْبَتِهِ فِي بِئْرٍ تَنَاوَبُوهُ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ زي إنَّمَا يَصِحُّ تَيَمُّمُ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ لِلْفَقْدِ الْحِسِّيِّ بِخِلَافِهِ لِلْفَقْدِ الشَّرْعِيِّ كَالْمَرَضِ فَإِنَّ التَّأَخُّرَ مِنْ الْمَانِعِ الْحِسِّيِّ وَفِي سم عَلَى التُّحْفَةِ عَنْ م ر مَا يُفِيدُ عَدَمَ الْقَضَاءِ فِي الْمَانِعِ الْحِسِّيِّ فَانْظُرْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: بَلْ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُ الْمَرِيضِ) فِيهِ أَنَّ سَبَبَ التَّيَمُّمِ الْمَرَضُ لَا السَّفَرُ الَّذِي عَصَى بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ السَّفَرَ سَبَبٌ لِلْمَرَضِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا زي أَيْ شَأْنُهُ الْمَرَضُ فَهُوَ سَبَبٌ لِلسَّبَبِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا عَدَمُ أَمْرِهِ إلَخْ) وَأَمَّا أَصْحَابُهُ الَّذِينَ اقْتَدُوا بِهِ فَيُحْتَمَلُ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِمْ الْحُكْمَ أَوْ جَهْلُهُمْ بِحَالِهِ وَقْتَ الْقُدْوَةِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ تَبَيَّنَ لَهُمْ حَدَثُ الْإِمَامِ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقَضَاءِ وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِمْ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِلْبَرْدِ لَا يَخْفَى بِخِلَافِ الْحَدَثِ ع ش وَقَوْلُهُ: أَوْ جَهْلُهُمْ إلَخْ يُنَاسِبُ مَا فِي الْمُهَذَّبِ مِنْ رِوَايَةِ «فَأَشْفَقْت إنْ اغْتَسَلْت أَنْ أَهْلَكَ فَتَيَمَّمْت وَصَلَّيْت بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» لَكِنْ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فَذَكَرُوا بِوَاوٍ فَلَعَلَّ الذَّاكِرَ غَيْرُ الْأَصْحَابِ.

(قَوْلُهُ: وَلْيَقْضِ ذُو تَيَمُّمٍ إلَخْ) ظَاهِرُ التَّعْبِيرِ بِالْقَضَاءِ أَنَّ الْأُولَى صَحِيحَةٌ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمُهَذَّبِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ حَيْثُ قَالَ هُنَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَكَذَا عَبَّرَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ بِالْإِعَادَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى هُنَا التَّعْبِيرَ بِهَا. اهـ. وَلَا يَصِحُّ هُنَا الْقَضَاءُ الْأُصُولِيُّ؛ لِأَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَلَوْ فِي الْوَقْتِ اهـ.

ص: 210

النَّاسِي فِي الصَّوْمِ وَكَلَامُهُ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ.

(وَ) لْيَقْضِ (مَنْ تَيَمَّمَا وَقَدْ أَضَلَّ ذَيْنِ) أَيْ الْمَاءَ وَثَمَنَهُ وَكَذَا الْآلَةُ (فِي رَاحِلَتِهْ) يَعْنِي فِي رَحْلِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي ثُمَّ وَجَدَ ذَلِكَ فِيهِ وَإِنْ أَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ لَا يَدُومُ فَقَوْلُهُ: فِي رَاحِلَتِهِ تَنَازَعَهُ نِسْيَانُ وَأَضَلَّ.

(لَا إنْ) تَيَمَّمَ وَقَدْ (أُضِلَّتْ) رَاحِلَتُهُ الَّتِي مَعَهَا الْمَاءُ أَوْ ثَمَنُهُ أَوْ الْآلَةُ (فِي رِحَالِ رُفْقَتِهْ) وَأَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ غُصِبَ رَحْلُهُ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ وَحِيلَ بَيْنَهُمَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ مُخَيَّمَ الرُّفْقَةِ أَوْسَعُ مِنْ مُخَيَّمِهِ فَلَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مُخَيَّمَهُ إذَا اتَّسَعَ كَمَا فِي مُخَيَّمِ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ يَكُونُ كَمُخَيَّمِ الرُّفْقَةِ فَإِنْ لَمْ يُمْعِنْ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ إضْلَالُ الْمَاءِ وَثَمَنِهِ لَا إضْلَالُ الرَّاحِلَةِ بِهِمَا فَفِي تَعْبِيرِهِ بِأُضِلَّتْ تَسَامُحٌ، وَالرِّحَالُ جَمْعُ رَحْلٍ وَهُوَ لُغَةٌ يُقَالُ لِمَنْزِلِ الرَّجُلِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ وَبَرٍ وَلِمَتَاعِهِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ هُنَا.

(وَلَا) يَقْضِي (لِمُدْرَجٍ) أَيْ لِإِدْرَاجِ الْمَاءِ وَثَمَنِهِ أَوْ الْآلَةِ (بِرَحْلِهِ وَلَمْ يَشْعُرْ) بِهِ إلَّا بَعْدَ صَلَاتِهِ بِالتَّيَمُّمِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ عِلْمُهُ بِذَلِكَ بِخِلَافِهِ فِي النِّسْيَانِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ كَذَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ وَقَيَّدَهُ الْبَغَوِيّ بِمَا إذَا طَلَبَهُ فِي رَحْلِهِ فَأُدْرِجَ فِيهِ الْمَاءُ عِنْدَ طَلَبِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ فِيهِ لِعِلْمِهِ أَنْ لَا مَاءَ فِيهِ وَلَمْ يَعْلَمْ وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى الْأَصَحِّ لِتَقْصِيرِهِ وَكَالْإِدْرَاجِ الْمَذْكُورِ تَبَيُّنُ بِئْرٍ بِقُرْبِهِ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَيْ لِإِدْرَاجِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُدْرَجًا اسْمُ مَفْعُولٍ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي النِّسْيَانِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَلَوْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ مَعَ النِّسْيَانِ وَوُجُودِ الْمَاءِ وَالْمَاءُ يَكْفِي لِوُضُوءِ وَاحِدٍ فَهَلْ يَقْضِي الْجَمِيعَ؟ أَوْ الصَّلَاةَ الْأُولَى أَوْ الْأَخِيرَةَ؟ يَجِيءُ فِيهِ مَا يَجِيءُ فِي الْهِبَةِ قَالَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ اهـ. وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْهِبَةِ مَا مَرَّ مِنْ هِبَةِ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَقْضِي صَلَاةً وَاحِدَةً وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَالْفَرْقُ أَنَّ ثَمَّ فَوَّتَ الْمَاءَ قَبْلَ مَجِيءِ وَقْتِ غَيْرِ تِلْكَ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَقْضِ مَا سِوَاهَا وَأَمَّا هُنَا فَالْمَاءُ مَوْجُودٌ مَعَهُ عِنْدَ كُلٍّ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ يَقْضِي الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى جَمِيعَ تِلْكَ الصَّلَوَاتِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكْفِ إلَّا وَاحِدَةً وَلَوْ وَرِثَ مَاءً وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَمْ تَلْزَمْ إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ بِالتَّيَمُّمِ كَمَا بَحَثَهُ الْغَزِّيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

كَمَا لَوْ أُدْرِجَ بِرَحْلِهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ رَأَى شَيْئًا ظَنَّهُ حَائِلًا فَبَانَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَعَكْسُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ ح ج ش ع. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ كَذَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ وَقَيَّدَهُ الْبَغَوِيّ إلَخْ) وَظَاهِرُهُ اعْتِمَادُ التَّقَيُّدِ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِقَوْلِهِمْ لَوْ عَلِمَ عَدَمَ الْمَاءِ بِمَحَلٍّ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَبُهُ لِعِلْمِهِ بَعْدَ مَسِّهِ مَعَ نِسْبَتِهِ إلَى تَقْصِيرٍ فَالْوَجْهُ مَا أَطْلَقُوهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي الْبِئْرِ الَّتِي لَمْ يَعْلَمْ بِهَا وَلَيْسَتْ ظَاهِرَةً إذْ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ فِي هَذِهِ أَنَّهُ لَوْ نَزَلَ بِمَحَلٍّ يَعْلَمُ أَنْ لَا مَاءَ فِيهِ فَلَمْ يُفَتِّشْهُ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى، ثُمَّ بَانَ فِيهِ بِئْرٌ خَفِيَّةُ الْآثَارِ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فَكَذَا فِي مَسْأَلَتِنَا ح ج وَقِيَاسُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا مَاءَ فِي رَحْلِهِ فَلَمْ يُفَتِّشْهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَإِنْ بَانَ أَنَّ فِيهِ مَاءً أُدْرِجَ فِيهِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى عَنْ الْغَزِّيِّ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ طَلَبِهِ) أَيْ: أَوْ بَعْدَهُ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ لِتَقْصِيرِهِ) فِيهِ نَظَرٌ مَعَ قَوْلِهِ بِعِلْمِهِ إلَخْ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا عِلْمَ حَقِيقَةً. (قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِ) لَا يُقَالُ هَذَا مُنَافٍ لِقَوْلِهِ بِعِلْمِهِ أَنْ لَا مَاءَ فِيهِ إذْ تَرْكُ الطَّلَبِ مَعَ الْعِلْمِ لَا تَقْصِيرَ فِيهِ وَلِذَا قَالُوا إنَّهُ لَا طَلَبَ مَعَ تَيَقُّنِ الْعَدَمِ؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ هُنَا عِلْمٌ حَقِيقَةً أَيْ: يَقِينٌ بِالْعَدَمِ فِي الْحَالِ وَإِلَّا لَمْ يُتَصَوَّرْ الْوُجُودُ بَلْ غَايَةُ مَا هُنَا اسْتِصْحَابُ الْعِلْمِ السَّابِقِ وَغَايَتُهُ ظَنٌّ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَعْلَمْ بِهَا) أَيْ وَقَدْ طَلَبَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ الطَّلَبُ لَا بُدَّ مِنْهُ لَا يُقَالُ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَ الطَّلَبِ أَنْ لَا يَعْلَمَ بِهَا؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ بِمُسْتَوٍ مِنْ الْأَرْضِ كَفَاهُ أَنْ يَنْظُرَ حَوَالَيْهِ وَتَصَوُّرُ خَفَائِهَا حِينَئِذٍ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا عَلَامَةٌ لَا تُعْلَمُ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ حَوَالَيْهِ لِهَذَا -

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: مَنْ تَيَمَّمَا) أَيْ: بَعْدَ طَلَبِهِ مِنْ رَاحِلَتِهِ وَعَدَمِ وُجْدَانِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ) أَيْ طَلَبَهُ حَتَّى غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْفَقْدُ كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ فِي الطَّلَبِ مُطْلَقًا أَيْ: حَتَّى فِي غَيْرِ مَا هُنَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ بِهَامِشِ الْمَجْمُوعِ وَم ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ وَجَدَهُ) قَيَّدَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ وَالتَّحْقِيقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى وُقُوعِ الصَّلَاةِ مَعَ وُجُودِهِ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ الْمَنْقُولُ فِي الْحَاشِيَةِ. (قَوْلُهُ: تَنَازَعَهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ صَوَّرُوا الْمَسْأَلَتَيْنِ هَكَذَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.

(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) بَقِيَ عَكْسُهُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الِاتِّسَاعِ وَعَدَمِهِ وَانْظُرْ ع ش. (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ إلَخْ) هَذَا الْمُرَادُ هُوَ صَرِيحُ الْحَاوِي. اهـ. (قَوْلُهُ: تَسَامُحٌ) لَكِنَّ الْأَصْحَابَ ذَكَرُوا الْمَسْأَلَةَ كَمَا ذَكَرَهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ الْبَغَوِيّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ فَعَلَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا طَلَبَهُ إلَخْ) أَيْ: طَلَبَهُ فِي رَحْلِهِ فَلَمْ يَجِدْهُ فَذَهَبَ لِلطَّلَبِ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ فَأُدْرِجَ فِيهِ فِي غَيْبَتِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ فِيهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا صِفَةُ الطَّلَبِ أَنْ يُفَتِّشَ أَوَّلًا فِي رَحْلِهِ، ثُمَّ يَنْظُرَ إلَخْ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. (قَوْلُهُ: فَأُدْرِجَ فِيهِ) عِبَارَةُ م ر وَأُدْرِجَ بِوَاوِ الْحَالِ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ وَكَانَ قَدْ أُدْرِجَ وَإِحْدَاهُمَا مُتَعَيِّنَةٌ لِعَدَمِ الطَّلَبِ حَالَ وُجُودِ الْمَاءِ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَكَالْإِدْرَاجِ الْمَذْكُورِ) هَلْ يَأْتِي فِيهِ تَقْيِيدُ الْبَغَوِيّ فِي الْإِدْرَاجِ ظَاهِرُ التَّشْبِيهِ نَعَمْ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّيَ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ الطَّلَبِ. اهـ.

(قَوْلُهُ:

ص: 211