المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل في) بيان (الاستقبال) للكعبة ولبدلها - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ١

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌(بَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ (النَّجَاسَاتِ) وَإِزَالَتِهَا

- ‌[فَرْعَ وَلَغَ الْكَلْب فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَمْ يَنْقُصْ بِوُلُوغِهِ عَنْ قُلَّتَيْنِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا غَسَلَ فَمَهُ الْمُتَنَجِّسَ فَلْيُبَالِغْ فِي الْغَرْغَرَةِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الِاجْتِهَادِ) فِي الْمِيَاهِ

- ‌[فَرْعٌ الْتَبَسَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّيَاتِ بَلَدٍ أَوْ إنَاءِ بَوْلٍ بِأَوَانِي بَلَدٍ]

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي (الِاسْتِنْجَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْحَدَثِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْغُسْلِ) وَمُوجِبِهِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا]

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌[بَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْأَذَانِ) وَالْإِقَامَةُ:

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الِاسْتِقْبَالِ) لِلْكَعْبَةِ وَلِبَدَلِهَا

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (صِفَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌[فَرْعٌ تَطْوِيلُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ]

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ أَتَى المصلي بِسَبْعِ آيَاتٍ مُتَضَمِّنَةٍ لِلْفَاتِحَةِ بَدَلَهَا]

- ‌[فَرْع لِلْإِمَامِ فِي الْجَهْرِيَّةِ أَرْبَعُ سَكَتَاتٍ وَالدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (شُرُوطِ الصَّلَاةِ) وَمَوَانِعِهَا

- ‌[حُكْمَ الْفِعْلِ الَّذِي مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَبَطَلَتْ بِزِيَادَتِهِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (السَّجَدَاتِ) لِلسَّهْوِ، وَالتِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ

- ‌ مَسَائِلَ يَتَعَدَّدُ فِيهَا سُجُودُ السَّهْوِ صُورَةً لَا حَقِيقَةً

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ صَلَاةِ النَّفْلِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ صَلَاةِ (الْجَمَاعَةِ)

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ جَاءَ وَقْتُ الدُّخُولِ وَحَضَرَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ وَرَجُوا زِيَادَةً]

- ‌[بَيَانِ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ الشَّامِلَ لْإِعَادَةِ الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ إذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ صَالِحُونَ لَهَا]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

الفصل: ‌(فصل في) بيان (الاستقبال) للكعبة ولبدلها

حَالَةَ كَوْنِهَا جَمَاعَةً.

(وَلَا تُخَطِّئْ) أَنْتَ (رَافِعَهْ) عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ، وَيَجُوزُ رَفْعُ أَحَدِهِمَا عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَوْ عَكْسُهُ وَنَصْبُ الْآخَرَ عَلَى الْإِغْرَاءِ فِي الْخَبَرِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الْحَالِيَّةِ فِي الثَّانِي وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَالْمَنْذُورَةِ وَنَفْلٌ لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً كَالضُّحَى فَلَا يُسَنُّ لَهَا ذَلِكَ كَمَا لَا يُسَنُّ لَهَا الْأَذَانُ (وَالْكُرْهُ فِي ذَيْنِ) أَيْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (لِشَخْصٍ يُجْنِبُ أَشَدُّ) مِنْهُ فِيهِمَا لِلْمُحْدِثِ؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ أَغْلَظُ وَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ لَهُمَا الَّتِي اشْتَرَكَا فِيهَا تَرْكُهُمَا الطَّهَارَةَ وَاحْتِيَاجُهُمَا إلَى الِانْصِرَافِ فَيَجِيءُ مُرِيدُ الصَّلَاةِ، فَلَا يَجِدُ أَحَدًا فَيَنْصَرِفُ (لَكِنْ) الْكُرْهَ (فِي الْمُقِيمِ) مِنْهُمَا (أَصْعَبُ) أَيْ أَشَدُّ مِنْهُ فِي الْمُؤَذِّنِ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ تَعْقُبُهَا الصَّلَاةُ فَإِنْ انْتَظَرَهُ الْقَوْمُ لِيَتَطَهَّرَ شَقَّ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا سَاءَتْ بِهِ الظُّنُونُ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ بِالتَّقْرِيرِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْكُرْهَ فِي الْإِقَامَةِ لِلْمُحْدِثِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي الْأَذَانِ لِلْجُنُبِ

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيُتَّجَهُ مُسَاوَاتُهُمَا وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ أَغْلَظُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَيَكُونُ الْكُرْهُ مَعَهُمَا أَشَدَّ مِنْهُ مَعَهَا.

(فُرُوعٌ) مِنْ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ يُسَنُّ كَوْنُ الْأَذَانِ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ وَأَنْ لَا يُكْتَفَى فِي الْمَسَاجِدِ الْمُتَقَارِبَةِ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ، بَلْ يُؤَذَّنُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَيُكْرَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ بَعْدَ الْأَذَانِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّي، إلَّا لِعُذْرٍ وَلَوْ زَادَ فِي أَذَانِهِ عَدَدًا أَوْ ذِكْرًا صَحَّ أَذَانُهُ إذَا لَمْ يُورِثْ لَبْسًا وَلَوْ أَذَّنَ بِالْعَجَمِيَّةِ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ صَحَّ وَإِلَّا، فَلَا إنْ أَذَّنَ لِغَيْرِهِ فَإِنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ صَحَّ

(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الِاسْتِقْبَالِ) لِلْكَعْبَةِ وَلِبَدَلِهَا

، الْأَصْلُ فِي اشْتِرَاطِ اسْتِقْبَالِهَا قَوْله تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] أَيْ جِهَتَهُ وَالِاسْتِقْبَالُ لَا يَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ وَخَبَرُ «إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغْ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَكَبِّرْ» وَخَبَرُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ قِبَلَ الْكَعْبَةِ وَقَالَ هَذِهِ الْقِبْلَةُ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا «فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ» وَهُوَ الْمُرَادُ بِقُبُلِهَا وَهُوَ بِضَمِّ الْقَافِ وَالْبَاءِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا، وَأَمَّا خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» فَمُحَوَّلٌ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ) فِي كَوْنِ جَامِعَةٌ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ إلَّا أَنْ يُعْتَنَى بِهِ كَإِضْمَارِهِ مُقَدَّمًا عَلَيْهَا وَنَحْوِهِ بِرّ (قَوْلُهُ، وَهُوَ لَا يُحْسِنُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ

(بَابٌ فِي بَيَانِ الِاسْتِقْبَالِ)(قَوْلُهُ أَيْ جِهَتَهُ) لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ لَا يُوَافِقُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ مِنْ اشْتِرَاطِ اسْتِقْبَالِ الْعَيْنِ وَعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْجِهَةِ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا بَيَانُ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَأَمَّا تَعَيُّنُ الْعَيْنِ فَمَسْأَلَةٌ أُخْرَى لَهَا طَرِيقٌ آخَرُ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ الْجِهَةَ الْمُفَسَّرَةُ بِهَا الشَّطْرُ فِي الْآيَةِ غَيْرُ الْعَيْنِ فَقَدْ قَالَ جَدُّ شَيْخِنَا الشَّرِيفُ عِيسَى فِي تَأْلِيفِهِ فِي وُجُوبِ إصَابَةِ عَيْنِ الْقِبْلَةِ مَا نَصُّهُ، بَلْ التَّحْقِيقُ أَنَّ إطْلَاقَ الْجِهَةِ فِي مُقَابَلَةِ الْعَيْنِ إنَّمَا هُوَ اصْطِلَاحُ طَائِفَةٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَأَمَّا بِحَسَبِ أَصْلِ اللُّغَةِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ انْحَرَفَ عَنْ مُقَابِلِهِ شَيْءٌ فَهُوَ لَيْسَ مُتَوَجِّهًا نَحْوَهُ وَلَا إلَى جِهَتِهِ بِحَسَبِ حَقِيقَةِ اللُّغَةِ وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَيْهَا بِمُسَامَحَةٍ أَوْ اصْطِلَاحٍ فَالشَّافِعِيُّ لَاحَظَ حَقِيقَةَ اللُّغَةِ وَحَكَمَ بِالْآيَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ إصَابَةُ الْعَيْنِ، وَمَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُعَدُّ عُرْفًا أَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ إلَى عَيْنِ الْكَعْبَةِ كَمَا حَقَّقَهُ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

رَفْعُ أَحَدِهِمَا) أَرَادَ بِهِ الْمَفْهُومَ الْعَامَّ الشَّامِلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْأَحَدِ بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ رَاجِعٌ لَهُ بِاعْتِبَارِ الثَّانِي عَلَى طَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ الْحَاشِيَةِ عَلَى أَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا قُلْنَا: الْمُسَوِّغُ الْفَائِدَةُ وَلَا حَاجَةَ إلَى غَيْرِهَا مَعَ وُجُودِهَا كَمَا مَالَ إلَيْهِ الرَّضِيُّ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الدَّهَّانِ وَاسْتَحْسَنَهُ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ مَعَ زِيَادَةٍ

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاسْتِقْبَالِ لِلْكَعْبَةِ وَلِبَدَلِهَا]

(فَصْلٌ فِي الِاسْتِقْبَالِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ (فَرْعٌ) إذَا انْحَرَفَ الْمُصَلِّي عَلَى الْأَرْضِ عَنْ الْقِبْلَةِ نَظَرَ إنْ اسْتَدْبَرَهَا أَوْ تَحَوَّلَ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ فَعَلَهُ نَاسِيًا وَعَادَ إلَى الِاسْتِقْبَالِ عَلَى قُرْبٍ لَمْ تَبْطُلْ وَإِنْ عَادَ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ بَطَلَتْ عَلَى الْأَصَحِّ كَكَلَامِ النَّاسِي وَإِنْ أَمَالَهُ غَيْرُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ قَهْرًا فَعَادَ إلَى الِاسْتِقْبَالِ بَعْدَ الطُّولِ بَطَلَتْ وَكَذَا عَلَى الْقُرْبِ عَلَى الْأَصَحِّ لِنُدُورِهِ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكَلَامِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ عَلَى الصَّحِيحِ لِنُدُورِهِ اهـ وَفِي ظَنِّي أَنَّ ق ل عَلَى الْجَلَالِ اعْتَمَدَ عَدَمَ الْبُطْلَانِ فِيمَا إذَا أَمَالَهُ غَيْرُهُ وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ بِخِلَافِ مَا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى الِانْحِرَافِ فَانْحَرَفَ هُوَ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِقْبَالُ لَا يَجِبُ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ سِيَاقَ الْآيَةِ فِي الصَّلَاةِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ شَيْخِهِ (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إلَخْ) أَتَى بِهِ لِيَتَبَيَّنَ الْمُرَادُ مِنْ الْآيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ عَامٌّ فَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ الْكُلِّ وَإِرَادَةِ الْجُزْءِ. اهـ. ز ي بِزِيَادَةٍ فَقَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ تَصْرِيحٌ بِالْمُرَادِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ بِضَمِّ إلَخْ) اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ فِي الرِّوَايَةِ، وَإِلَّا فَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ: كَسْرُ

ص: 277

عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ دَانَاهُمْ وَسُمِّيَتْ قِبْلَةً؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يُقَابِلُهَا، وَكَعْبَةً لِارْتِفَاعِهَا وَقِيلَ لِاسْتِدَارَتِهَا وَارْتِفَاعِهَا

(مُشْتَرَطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ مِنْ فَرْضٍ وَمِنْ نَافِلَةٍ) عَلَى الْقَادِرِ دُونَ الْعَاجِزِ كَمَرْبُوطٍ وَمَرِيضٍ يَجِدُ مَنْ يُوَجِّهُهُ (إذَا أَمِنْ) نَفْسًا وَغَيْرَهَا (تَوَجُّهُ الْكَعْبَةِ أَوْ) تَوَجُّهُ (عَرْصَتِهَا) إنْ انْهَدَمَتْ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ لِلْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ، وَهَذَا (لِخَارِجٍ عَنْ جَوْفِهَا) أَيْ الْكَعْبَةِ أَوْ عَرْصَتِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّوَجُّهُ بِكُلِّ بَدَنِهِ إنْ بَعُدَتْ عَنْهُ (وَ) تَوَجُّهُ (سَمْتِهَا) أَيْ طَرِيقِهَا وَالْمُرَادُ الْكَعْبَةُ أَوْ عَرْصَتُهَا (بِكُلِّهِ) أَيْ كُلِّ بَدَنِهِ (إنْ قَرُبَتْ) مِنْهُ، وَهَذَا لِلْخَارِجِ عَنْهَا أَيْضًا كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ إنْ قَرُبَتْ فَإِنْ أَخَّرَ عَنْ هَذَا قَوْلَهُ لِخَارِجٍ عَنْ جَوْفِهَا كَانَ أَحْسَنَ، وَإِنَّمَا ذِكْرُ سَمْتِهَا الْمُرَادُ بِهِ مَا قُلْنَا لِيُقَيَّدَهُ بِمَا بَعْدَهُ وَاكْتَفَى بِتَوَجُّهِ الْعَرْصَةِ لِحُصُولِ الِاسْتِقْبَالِ بِهِ فَالْمُصَلِّي إلَيْهَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ مُشْتَرَطٌ إلَخْ) قَالَ النَّاشِرِيُّ: وَلَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُصَلِّي إلَى الْقِبْلَةِ قَاعِدًا وَإِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ قَائِمًا وَجَبَ أَنْ يُصَلَّى إلَى الْقِبْلَةِ مَعَ الْقُعُودِ لِأَنَّ فَرْضَ الْقِبْلَةِ آكَدُ مِنْ فَرْضِ الْقِيَامِ لِأَنَّ فَرْضَ الْقِيَامِ يَسْقُطُ فِي النَّافِلَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بِخِلَافِ فَرْضِ الِاسْتِقْبَالِ اهـ كَلَامُ النَّاشِرِيِّ وَعَلَى مَا قَالَهُ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ؟ لَا يَبْعُدُ نَعَمْ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ: فَرْضَ الْقِبْلَةِ إلَخْ قَضِيَّةُ هَذَا الدَّلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إذَا صَلَّى قَائِمًا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ لِعَدَمِ حِفْظِهِ لَهَا وَعَدَمِ وُجُودِ مَا يَقْرَؤُهَا نَظَرَا فِيهِ وَعَدَمِ وُجُودِ مَنْ يُلَقِّنُهَا وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا أَتَى بِهَا بِقِرَاءَتِهَا نَظَرَ فِي أَصْلِ جِدَارٍ كُتِبَتْ عَلَيْهِ لَا يُشَاهِدُ كِتَابَتَهَا عَلَيْهِ إلَّا الْجَالِسُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْفَاتِحَةِ آكَدُ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَيْضًا فِي النَّفْلِ مَعَ الْقُدْرَةِ بِخِلَافِ الْقِيَامِ وَلَيْسَ بَعِيدًا، وَلَوْ كَانَ لَوْ صَلَّى قَائِمًا عَجَزَ عَنْ الْفَاتِحَةِ دُونَ بَدَلِهَا كَقُرْآنٍ وَذِكْرٍ لِكِتَابَةِ بَدَلِهَا دُونَهَا فِيمَا لَا يُشَاهِدُهُ إلَّا الْقَائِمُ وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا قَدَرَ عَلَيْهَا لِكِتَابَتِهَا فِيمَا لَا يُشَاهِدُهُ إلَّا الْقَاعِدُ فَهَلْ يُصَلِّي جَالِسًا مُحَافَظَةً عَلَيْهَا مَا أَمْكَنَ أَوْ قَائِمًا مُحَافَظَةً عَلَى الْقِيَامِ وَاكْتَفَى بِبَدَلِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوَّلُ لَيْسَ بَعِيدًا وَانْظُرْ إذَا كَانَ لَوْ صَلَّى قَائِمًا قَدَرَ عَلَى الذِّكْرِ أَوْ قَاعِدًا فَعَلَى الْقُرْآنِ (تَنْبِيهٌ) إذَا قُلْنَا بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ النَّاشِرِيِّ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ جَالِسًا أَنْ يَقُومَ لِيَرْكَعَ مِنْ قِيَامٍ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ عَنْ الْقِيَامِ وَاجِبٌ عَلَى الْقَادِرِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ؟ الْمُتَّجَهُ الْوُجُوبُ (قَوْلُهُ دُونَ الْعَاجِزِ) صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الِاشْتِرَاكِ فِي حَقِّ الْعَاجِزِ وَمِمَّا يُقْطَعُ بِهِ صِحَّةُ صَلَاتِهِ، وَلَوْ كَانَ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا مَا أَمْكَنَ اتِّصَافُهَا بِالصِّحَّةِ بِدُونِهَا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ بِدُونِ شَرْطِهِ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا وَاسْتَدَلَّ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ فَاسِدٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الْقَضَاءِ اشْتِرَاطُهَا بِهِ، وَإِلَّا لَمَا صَحَّتْ بِدُونِهِ مَعَ الْقَطْعِ بِصِحَّتِهَا بِدُونِهِ (قَوْلُهُ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ إنْ إلَخْ) إذْ لَا يُتَصَوَّرُ التَّقْيِيدُ بِالْقُرْبِ مِنْهَا لِمَنْ هُوَ فِيهَا (قَوْلُهُ: لِيُقَيِّدَهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: التَّقْيِيدُ بِمَا ذُكِرَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذِكْرِ مَا ذَكَرَ إذْ لَوْ قَالَ وَبِكُلِّ بَدَنِهِ إلَخْ أَفَادَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَالْمُصَلِّي إلَيْهَا) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ كَالْمُصَلِّي عَلَى إلَخْ

(قَوْلُهُ وَالِاسْتِقْبَالُ) أَيْ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْقَافِ وَفَتْحُ الْبَاءِ كَمَا فِي آيَةِ {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ} [البقرة: 177] اهـ مَرْصَفِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ دَانَاهُمْ) أَيْ قَرُبَ مِنْهُمْ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ بِحَيْثُ يُعَدُّ عَلَى سَمْتِهِمْ ع ش (قَوْلُهُ لِارْتِفَاعِهَا وَقِيلَ) عِبَارَةُ حَجَرٍ سُمِّي الْبَيْتُ كَعْبَةً أَخْذًا مِنْ كَعَّبْته رَبَّعْته وَالْكَعْبَةُ كُلُّ بَيْتٍ مُرَبَّعٍ كَذَا فِي الْقَامُوسِ، وَهَذَا أَوْضَحُ مِنْ جَعْلِ سَبَبِ التَّسْمِيَةِ اسْتِدَارَتَهَا، إلَّا أَنْ يُرِيدَ قَائِلُهُ بِالِاسْتِدَارَةِ التَّرْبِيعَ مَجَازًا اهـ. بخ وَكَتَبَ شَيْخُنَا ذ رحمه الله عَلَى حَاشِيَةِ الشَّرْقَاوِيِّ: قَوْلُهُ أَوْ لِاسْتِدَارَتِهَا الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهَا مُرَبَّعَةٌ وَإِنَّمَا هُوَ تَعْلِيلٌ لِتَسْمِيَةِ الْكَعْبِ كَعْبًا، فَعِلَّةُ التَّسْمِيَةِ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ مُتَعَدِّدَةُ الِارْتِفَاعِ وَالتَّرْبِيعِ وَهُمَا مَوْجُودَانِ فِي الْكَعْبَةِ، وَالِاسْتِدَارَةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الْكَعْبِ الْمَشْهُورِ أَفَادَهُ حَجَرٌ بِزِيَادَةٍ

(قَوْلُهُ عَلَى الْقَادِرِ) فَالِاسْتِقْبَالُ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَادِرِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْعَاجِزِ شَرْطٌ لِإِجْزَائِهَا فَتَصِحُّ بِدُونِهِ لَكِنْ يَجِبُ الْقَضَاءُ كَمَا سَيَأْتِي اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ أَوْ عَرْصَتَهَا لِخَارِجٍ) فَمَنْ وَقَفَ خَارِجَ الْعَرْصَةِ أَوْ عَلَى جَبَلٍ أَجْزَأَهُ التَّوَجُّهُ بِغَيْرِ شَاخِصٍ إلَى عَرْصَتِهَا، بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ بَعْضُ صَدْرِهِ عَنْهَا لَوْ كَانَتْ مَبْنِيَّةً اهـ. سم عَنْ الرَّوْضِ وَالْعُبَابِ، وَلَوْ انْهَدَمَ بَعْضُهَا وَبَقِيَ الْآخَرُ فَالظَّاهِرُ إجْزَاءُ اسْتِقْبَالِ الْمُنْهَدِمِ كَمَا لَوْ ارْتَفَعَ عَلَى نَحْوِ أَبِي قُبَيْسٍ وَاسْتَقْبَلَ هَوَاءَهَا مَعَ إمْكَانِ الِانْخِفَاضِ بِحَيْثُ يَسْتَقْبِلُ نَفْسَهَا. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ أَيْ كُلِّ بَدَنِهِ) أَيْ عَرْضِ مُقَدَّمِ بَدَنِهِ، فَلَا يَضُرُّ خُرُوجُ يَدِهِ عَنْهَا خِلَافًا لِلْقُونَوِيِّ حَيْثُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: كُلِّ بَدَنِهِ اهـ شَيْخُنَا ذَهَبِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ كُلِّ بَدَنِهِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْبَدَنِ مَعَ أَنَّ خُرُوجَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ عَنْ الْقِبْلَةِ فِي حَقِّ الْقَادِرِ لَا يَضُرُّ إلَّا كَمَا فِي الْبُجَيْرِمِيِّ

(قَوْلُهُ لِحُصُولِ الِاسْتِقْبَالِ بِهِ) ؛ لِأَنَّ هَوَاءَ الْبَيْتِ لِلْخَارِجِ مِنْهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَتَهُ بِدَلِيلِ الْمُصَلِّي عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ اهـ زي (قَوْلُهُ، وَهُوَ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْبُعْدِ إلَخْ) عِبَارَةُ عب وَالشَّرْحِ لِحَجَرٍ أَيْ عِنْدَ الْبُعْدِ بِشَرْطِ إصَابَةِ الْجِهَةِ أَمَّا مَنْ بِالْمَسْجِدِ فَشَرْطُهُ الْعَيْنُ قَطْعًا، وَلَيْسَ مُرَادُهُمْ بِهَا نَفْسَ الْجِدَارِ، بَلْ أَمْرٌ اصْطِلَاحِيٌّ، وَهُوَ الْمُسَامَتَةُ الْعُرْفِيَّةُ لِلْعَيْنِ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَالْمَعْنَى بِالْجِهَةِ النَّاحِيَةُ الَّتِي فِيهَا الْكَعْبَةُ مِنْ جِهَةِ مَشْرِقٍ أَوْ مَغْرِبٍ أَوْ شَمَالٍ أَوْ يَمِينٍ، لَا جُمْلَةُ تِلْكَ الْجِهَةِ بَلْ إنْ عَلِمَهَا

ص: 278

كَالْمُصَلِّي عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ، وَالْكَعْبَةُ تَحْتَهُ.

وَتَفْرِقَتُهُ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ فِيمَا ذُكِرَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْبُعْدِ إصَابَةُ جِهَةِ الْكَعْبَةِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ صَلَاةِ الصَّفِّ الطَّوِيلِ، وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ إصَابَةِ عَيْنِهَا كَمَا فِي الْقُرْبِ فَالتَّوَجُّهُ بِكُلِّ الْبَدَنِ شَرْطٌ فِي الْحَالَيْنِ لَكِنَّهُ فِي الْقُرْبِ يَقِينًا وَفِي الْبُعْدِ ظَنًّا وَأُجِيبَ

ــ

[حاشية العبادي]

لِلْعَيْنِ وَلَوْ بِحَسَبِ الِاسْمِ وَالْعُرْفِ دُونَ الْحَقِيقَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ عَنْ تَحْقِيقِ الْإِمَامِ فِي النِّهَايَةِ، وَلَيْسَ عَنْهُ مَحِيصٌ لِلْقَطْعِ بِصِحَّةِ صَلَاةِ الصَّفِّ الْمُمْتَدِّ مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا وَجَبَ أَنْ يَقْصِدَهَا عَلَى الِاسْتِوَاءِ وَالِانْحِرَافِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ جَازَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ مَا شَاءَ مِنْهَا اهـ. وَتَبِعَهُ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَانْظُرْ هَلْ هَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي الْجِهَةِ؟ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى قَوْلِ الْجِهَةِ لَا يَعْتَبِرُ مُحَاذَاةَ الْكَعْبَةِ بِبَعْضِ الْبَدَنِ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِكُلِّهِ، الْمُفِيدُ اعْتِبَارَ الْبَعْضِ عِنْدَ الْبُعْدِ وَفِي الْقِطْعَةِ عَلَى الْحَاوِي أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ عِنْدَ الْبُعْدِ يَكْفِيهِ مُجَرَّدُ التَّوَجُّهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَدَنُ مُسَامِتًا ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشِ نُسْخَةٍ مِنْ الشَّارِحِ عَنْ شَيْخِنَا الذَّهَبِيِّ رحمه الله قَوْلَهُ: مَبْنِيَّةٌ عَلَى ضَعِيفٍ فِي الْبِنَاءِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ مُنَاقَشَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ التَّوَجُّهَ إلَى الْعَيْنِ فَهَذَا لَيْسَ شَرْطًا بِنَاءً عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْجِهَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ التَّوَجُّهَ إلَى الْجِهَةِ فَهُوَ مُتَوَجِّهٌ بِكُلِّ بَدَنِهِ، فَتَرَتُّبُ التَّوَجُّهِ فِي حَالَةِ الْبُعْدِ بِبَعْضِ الْبَدَنِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ غَيْرُ ظَاهِرٍ.

وَأَمَّا تَرَتُّبُ التَّوَجُّهِ بِالْكُلِّ عِنْدَ الْقُرْبِ عَلَى ذَلِكَ فَظَاهِرٌ. اهـ. - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ إصَابَةِ عَيْنِهَا) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: لَيْسَ مُرَادُهُمْ بِهَا نَفْسَ الْجِدَارِ، بَلْ أَمْرٌ اصْطِلَاحِيٌّ، وَهُوَ الْمُسَامَتَةُ الْعُرْفِيَّةُ لِلْعَيْنِ اهـ. لَكِنَّ مُجَرَّدَ تِلْكَ الْمُسَامَتَةِ إنَّمَا تَكْفِي حَالَةَ الْبُعْدِ، وَعِبَارَةُ حَجَرٍ فِي الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَلَوْ خَرَجَ بَعْضُ الصَّفِّ الْقَرِيبِ عَنْ مُحَاذَاتِهَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ الْخَارِجِينَ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُسْتَقْبِلِينَ لَهَا، أَوْ خَرَجَ بَعْضُ الصَّفِّ الْبَعِيدِ الَّذِي فِي أُخْرَيَاتِ الْمَسْجِدِ، لَوْ قَرُبُوا عَنْ السَّمْتِ صَحَّتْ صَلَاةُ الْخَارِجِ عَنْهَا مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمُجَازَاةِ لَا تَخْتَلِفُ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ حُكْمُ الْإِطْلَاقِ لَا حَقِيقَةُ الْمُسَامَتَةِ فَمَتَى أُطْلِقَ عَلَيْهَا اسْمُ الِاسْتِقْبَالِ عِنْدَ الْبُعْدِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ لَوْ قَرُبَ خَرَجَ عَنْ السَّمْتِ، إذْ يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ مُحَاذِيًا لَهَا اهـ. كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا، وَقَوْلُ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي لَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْخَارِجِ عَنْ السَّمْتِ قَطْعًا لَا يُنَافِي كَلَامَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ فِي الْمُسَامَتِ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ وَلَكِنَّهُ لَوْ قَرُبَ خَرَجَ عَنْ السَّمْتِ، وَعَدَمُ الْبُطْلَانِ حِينَئِذٍ وَاضِحٌ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْمُحَاذَاةِ الْعُرْفُ وَكَلَامُهُمَا فِيمَا إذَا خَرَجَ عَنْ السَّمْتِ عُرْفًا، وَالْقَطْعُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِ وَاضِحٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ السَّمْتِ عُرْفًا الْخُرُوجُ عَنْهُ حَقِيقَةً وَلَا عَكْسَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَانْدَفَعَ رَدُّ الزَّرْكَشِيّ عَلَى الْإِمَامِ اهـ

(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ فِي الْقُرْبِ يَقِينًا) أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ فِي الْقُرْبِ لَا بُدَّ مِنْ مُحَاذَاةِ الْعَيْنِ، وَفِي الْبُعْدِ تَكْفِي الْمُسَامَتَةُ الْعُرْفِيَّةُ لَا حَقِيقَةُ الْيَقِينِ وَالظَّنِّ، إذْ مَنْ فِي طَرَفِ الصَّفِّ الطَّوِيلِ خَارِجٌ عَنْ الْعَيْنِ يَقِينًا اهـ. (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ إلَخْ) لَا دَخْلَ لَهُ فِيمَا الْكَلَامُ فِيهِ إلَّا إنْ حُمِلَ عَلَى الْمُحَاذَاةِ حَقِيقَةً أَوْ عُرْفًا (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ إلَخْ) أُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُخْطِئَ فِيهِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَرَدَّهُ الْفَارِقِيُّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ بُطْلَانُ صَلَاةِ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَانِبِ إمَامِهِ أَكْثَرُ مِنْ سَمْتِ الْكَعْبَةِ لِخُرُوجِهِ أَوْ خُرُوجِ إمَامِهِ عَنْ سَمْتِهَا وَأَقَرَّهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمُسَامَتَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَلَا يَنْفَعُ فِيهِ مَا أَجَابَ بِهِ م ر مِنْ أَنَّ اللَّازِمَ خُرُوجُ أَحَدِهِمَا عَنْ السَّمْتِ لَا بِعَيْنِهِ فَالْمُبْطِلُ مِنْهُمْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُبْطِلَ مُعَيَّنٌ، وَإِنَّمَا الْإِبْهَامُ فِيمَنْ حَصَلَ لَهُ الْمُبْطِلُ فِي صَلَاتِهِ مِنْهُمَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ أَنَّ ذَاكَ فِي كُلِّ اسْتِقْبَالٍ عَلَى حِدَتِهِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُصِيبٌ وَأَنَّهُ مُخْطِئٌ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ الْخَطَأُ فِي حَالَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَأَمَّا هُنَا فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَهُمَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْمُعَيَّنَةِ خَارِجٌ عَنْ سَمْتِ الْكَعْبَةِ وَلَا بُدَّ فَلَمْ تَصِحَّ الْقُدْرَةُ فَالْحَاصِلُ أَنَّا مَتَى اعْتَبَرْنَا الْمُسَامَتَةَ الْحَقِيقِيَّةَ فَإِلْزَامُ الْفَارِقِيِّ لَا مَحِيدَ عَنْهُ فَالْمُتَعَيَّنُ الِاكْتِفَاءُ بِالْمُسَامَتَةِ الْعُرْفِيَّةِ الَّتِي قَالَ بِهَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَسَيُعَوِّلُ الشَّارِحُ عَلَيْهَا. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر.

وَكَتَبَ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ رحمه الله عَلَى حَاشِيَةِ التَّحْرِيرِ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ انْحِرَافُ طَرَفَيْ الصَّفِّ الْمُمْتَدِّ مِنْ الْجَنُوبِ إلَى الشِّمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي حَالَةِ الْبُعْدِ عَلَى الْمُسَامَتَةِ الْعُرْفِيَّةِ كَمَا قَالَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ انْحِرَافٌ كَمَا قَالَهُ سم عَلَى حَجَرٍ مِنْ الْجَنُوبِ إلَى الشِّمَالِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ قِبْلَتُهُ جِهَةُ الْمَشْرِقِ كَمِصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ أَمَّا مَنْ قِبْلَتُهُ جِهَةُ الْجَنُوبِ أَوْ الشَّمَالِ فَيُقَالُ فِيهِ امْتَدَّ صَفٌّ مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ وَلَا بُدَّ عَلَى كُلٍّ مِنْ تَقْدِيرٍ أَيْ امْتَدَّ مِنْ مُحَاذَاةِ الْمَشْرِقِ إلَى مُحَاذَاةِ الْجَنُوبِ إلَى

ص: 279

عَنْ صَلَاةِ الصَّيْفِ الطَّوِيلِ بِأَنَّهُ مَعَ طُولِ الْمَسَافَةِ تَظْهَرُ الْمُسَامَتَةُ وَالِاسْتِقْبَالُ كَمَا فِي غَرَضِ الرُّمَاةِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إذَا أَمِنَ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَسَتَأْتِي فِي بَابِهَا وَصَلَاةُ مَنْ خَافَ مِنْ نُزُولِهِ عَنْ رَاحِلَتِهِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَكَذَا انْقِطَاعُهُ عَنْ الرُّفْقَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ هُنَا وَصَرَّحُوا بِهِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ التَّيَمُّمِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِهِ ضَابِطُ مَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ وَمَا لَا يَجِبُ

(وَ) يُشْتَرَطُ تَوَجُّهُ (شَاخِصِ مِنْ جُزْئِهَا) كَبَقِيَّةِ جِدَارٍ وَشَجَرَةٍ نَابِتَةٍ (قَدْرَ ذِرَاعٍ نَاقِصٍ ثُلْثًا) أَيْ قَدْرَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ، وَهَذَا (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الْخَارِجِ بِأَنْ كَانَ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ عَرْصَتِهَا أَوْ عَلَى السَّطْحِ وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُ بَدَنِهِ عَنْ مُحَاذَاةِ الشَّاخِصِ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ بِبَعْضِهِ جُزْءًا وَبِبَاقِيهِ هَوَاءَ الْكَعْبَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الشَّاخِصُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ، فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الشَّاخِصَ سُتْرَةُ الْمُصَلِّي فَاعْتُبِرَ فِيهِ قَدْرُهَا.

وَقَدْ «سُئِلَ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا فَقَالَ كَمُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ الْإِمَامُ وَكَأَنَّهُمْ رَاعَوْا فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ أَنْ يُسَامِتَ فِي سُجُودِهِ بِمُعْظَمِ بَدَنِهِ الشَّاخِصَ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْفَرْضُ وَالنَّفَلُ وَدَخَلَ فِي الشَّاخِصِ مِنْ جُزْئِهَا الْعَصَا الْمُثَبَّتَةُ وَالْمُسَمَّرَةُ وَتُرَابُ الْعَرْصَةِ إذَا جُمِعَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنْ أَجْزَائِهَا بِخِلَافِ هَوَائِهَا وَشَاخِصٍ لَيْسَ مِنْهَا كَحَشِيشٍ نَابِتٍ فِيهَا وَعَصًا مَغْرُوزَةٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِهَوَائِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُتَوَجِّهًا إلَيْهَا بِخِلَافِ الْمُصَلِّي خَارِجَهَا وَلَوْ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ وَلَا بِالْعَصَا الْمَغْرُوزَةِ مَعَ عَدِّ الْأَوْتَادِ الْمَغْرُوزَةِ مِنْ الدَّارِ بِدَلِيلِ دُخُولِهَا فِي بَيْعِ

ــ

[حاشية العبادي]

مِنْ غَيْرِ انْحِرَافٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَصَلَاةُ مَنْ خَافَ إلَخْ) أَيْ مَعَ الْإِعَادَةِ ح ج (قَوْلُهُ وَبِبَاقِيهِ هُوَ إلَخْ)، بَلْ قِيلَ: إنَّهُ لَوْ خَرَجَ عَنْ هَوَائِهَا ضَرَّ

(قَوْلُهُ وَدَخَلَ إلَخْ) ، وَلَوْ أَثْبَتَ خَشَبَةً بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ مَثَلًا مُرْتَفِعَةً بِحَيْثُ يُحَاذِيهَا الْقَائِمُ بِصَدْرِهِ وَلَا يُحَاذِيهَا غَيْرُهُ كَالْجَالِسِ وَالسَّاجِدِ صَحَّتْ الصَّلَاةُ إلَيْهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَالْوَجْهُ وِفَاقًا لِوَلَدِهِ حَمْلُهُ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَهُوَ حَمْلٌ ظَاهِرٌ، بَلْ مُتَعَيِّنٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ كَحَشِيشٍ)

ــ

[حاشية الشربيني]

مُحَاذَاةِ الشَّمَالِ وَلَمْ يَصِلْ إلَى تِلْكَ الْجِهَاتِ؛ لِأَنَّ مَنْ وَصَلَ إلَيْهَا صَارَ مِنْ أَهْلِهَا فَيَنْحَرِفُ ضَرُورَةً أَنَّ قِبْلَتَهُمْ كَذَلِكَ وَلَا يَسَعُ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ أَنْ يَقُولَ غَيْرَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا كَلَامُهُ فِيمَا لَوْ طَالَ صَفٌّ بِقُرْبِ مَكَّةَ مَعَ الْبُعْدِ عَنْ الْكَعْبَةِ وَزَادَ طُولُهُ عَنْ مُسَامَتَتِهَا فَعَلَى اعْتِبَارِ الْمُسَامَتَةِ الْحَقِيقِيَّةِ يَجِبُ انْحِرَافُ مَنْ خَرَجَ عَنْهَا وَعَلَى الثَّانِي لَا يَجِبُ لِوُجُودِ الْمُسَامَتَةِ الْعُرْفِيَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ عَنْ صَلَاةِ الصَّفِّ) أَيْ مَعَ الْبُعْدِ أَمَّا مَعَ الْقُرْبِ فَصَلَاةُ الْخَارِجِ عَنْ السَّمْتِ بَاطِلَةٌ حَجَرٌ (قَوْلُهُ تَظْهَرُ الْمُسَامَتَةُ) أَيْ بِحَيْثُ يُطْلَقُ حِينَئِذٍ لَفْظُ الْمُسَامَتَةِ عُرْفًا وَعَلَيْهَا الْمَدَارُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْمُحَاذَاةِ لِعَدَمِ تَفَاوُتِهَا بِالْبُعْدِ وَالْقُرْبِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ شِدَّةُ الْخَوْفِ) خَرَجَ مُجَرَّدُ الْخَوْفِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ (قَوْلُهُ شِدَّةُ الْخَوْفِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَ بِأَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ وَخَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ فَيَحْرُمُ وَيَتَوَجَّهُ لِلْخُرُوجِ وَيُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ وَيُعِيدُ لِنُدْرَتِهِ. اهـ. سم عَنْ م ر (قَوْلُهُ شَاخِصٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْحَاوِي وَجُزْئِهَا الشَّاخِصِ. اهـ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا شَاخِصٍ) وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ إصَابَةُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ، وَهِيَ حَاصِلَةٌ مَعَ الْبُعْدِ بِخِلَافِ سُتْرَةِ الْمُصَلِّي؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا مَنْعُ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا حَقَّ لَهُ مَعَ الْبُعْدِ، وَبِخِلَافِ سُتْرَةِ قَاضِي الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا سَتْرُهُ عَنْ الْكَعْبَةِ وَلَا يَكُونُ مَعَ الْبُعْدِ اهـ. م ر بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ) فِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُ بَدَنِهِ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ خَارِجَ الْكَعْبَةِ وَخَرَجَ بَعْضُ بَدَنِهِ عَنْ مُحَاذَاةِ الْكَعْبَةِ كَأَنْ جَعَلَ أَحَدَ شِقَّيْهِ مُتَوَجِّهًا إلَى أَحَدِ جَانِبَيْ رُكْنِ الْكَعْبَةِ وَالشِّقَّ الْآخَرَ مُتَوَجِّهًا لِلْهَوَاءِ خَارِجَ الْكَعْبَةِ بِأَنْ لَمْ يَنْحَرِفْ إلَى جِهَةِ رُكْنِهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ م ر وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَبِبَاقِيهِ هُوَ الْكَعْبَةَ) عِبَارَةُ ز ي؛ لِأَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ بِبَعْضِهِ جُزْءًا وَبِبَاقِيهِ هَوَاءَهَا، لَكِنْ تَبَعًا اهـ. وَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِلَّا فَتَوَجُّهُ هَوَائِهَا وَحْدَهُ، وَهُوَ فِيهَا غَيْرُ نَافِعٍ اهـ. وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ دَاخِلَهَا قُبَالَةَ الْبَابِ مَفْتُوحًا بِحَيْثُ يَكُونُ مُسْتَقْبِلًا بِبَعْضِ بَدَنِهِ جُزْءًا مِنْهَا وَبِالْبَاقِي هَوَاءَهَا صَحَّ ع ش (قَوْلُهُ كَمُؤَخِّرَةِ الرِّجْلِ) بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ وَهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا خَاءٌ مُعْجَمَةٌ مَكْسُورَةٌ أَوْ مَفْتُوحَةٌ مُخَفَّفَةٌ فِيهِمَا وَيُقَالُ: مُؤَخِّرَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْخَاءِ الْمَفْتُوحَةِ أَوْ الْمَكْسُورَةِ، وَقَدْ تُبْدَلُ الْهَمْزَةُ وَاوًا أَوْ يُقَالُ آخِرَةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمَدِّ مَعَ كَسْرِ الْخَاءِ، وَهِيَ الْحَقِيبَةُ الْمَحْشُوَّةُ الَّتِي يَسْتَنِدُ إلَيْهَا الرَّاكِبُ خَلْفَهُ اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ ثُلُثَا الذِّرَاعِ لَا يُسَامِتُهُ بِمُعْظَمِ بَدَنِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُسَامَتَةَ بِمُعْظَمِ الْبَدَنِ تُعْتَبَرُ حَالَ السُّجُودِ، فَلَا يَكْفِي الْأَقَلُّ لِعَدَمِ ذَلِكَ عِنْدَهُ. اهـ. شَيْخُنَا ذ رحمه الله (قَوْلُهُ وَدَخَلَ فِي الشَّاخِصِ إلَخْ) دَخَلَ فِيهِ أَيْضًا بَابُهَا إذَا تَوَجَّهَ إلَيْهِ، وَهُوَ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَمَّرًا لَكِنَّهُ يُعَدُّ مِنْهَا عُرْفًا قَالَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ كَحَشِيشٍ) ، وَلَوْ أَخْضَرَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّجَرَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ حَيْثُ اكْتَفَى بِهَا، وَلَوْ جَافَّةً أَنَّ الْعُرْفَ يُعِدُّ الشَّجَرَةَ كَالْجُزْءِ، وَلَوْ جَافَّةً بِخِلَافِ النَّبَاتِ لَا يُعِدُّهُ كَالْجُزْءِ وَلَوْ أَخْضَرَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ كَوْنُهُ يُعَدُّ جُزْءًا أَوْ كَالْجُزْءِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ أَوْ لَا يُعَدُّ اهـ. شَيْخُنَا ذ

(قَوْلُهُ: الْمَغْرُوزَةِ)

ص: 280

الدَّارِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِغَرْزِ الْأَوْتَادِ لِلْمَصْلَحَةِ فَتُعَدُّ مِنْ الدَّارِ لِذَلِكَ، وَالْعِبْرَةُ فِي التَّوَجُّهِ بِالصَّدْرِ لَا بِالْوَجْهِ (يَقِينًا) إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِمُعَايَنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَمُقِيمٍ بِمَكَّةَ يَعْرِفُ الْكَعْبَةَ بِأَمَارَاتٍ تُفِيدُهُ الْيَقِينَ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ إلَى خَبَرٍ أَوْ اجْتِهَادٍ كَالْقَادِرِ عَلَى الْعَمَلِ بِالنَّصِّ.

وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْحَاضِرُ بِمَكَّةَ إذَا حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ حَائِلٌ أَصْلِيٌّ أَوْ طَارِئٌ فَلَهُ الِاجْتِهَادُ لِلْمَشَقَّةِ فِي تَكْلِيفِهِ الْمُعَايَنَةَ ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا فِي النِّهَايَةِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ لَوْ بَنَى حَائِلًا مَنَعَ الْمُشَاهَدَةَ بِلَا حَاجَةٍ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ بِالِاجْتِهَادِ لِتَفْرِيطِهِ وَلَا يَكْفِي تَوَجُّهُ الْحَجَرِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ مِنْ الْكَعْبَةِ مَظْنُونٌ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ لَا خِلَافَ أَنَّ بَعْضَهُ مِنْ الْبَيْتِ فَلِمَ لَا يَصِحُّ تَوَجُّهُ مَا اُتُّفِقَ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ وَيَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْبَيْتَ لَوْ أُعِيدَ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَوَجُّهُ الْمَتْرُوكِ مِنْهُ؟ انْتَهَى وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ كَوْنَ بَعْضِ الْحَجَرِ مِنْ الْبَيْتِ مَظْنُونٌ لَا مَقْطُوعٌ فَإِنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ بِالْآحَادِ وَهُوَ لَا يَكْفِي فِي مِثْلِ ذَلِكَ (ثُمَّا) أَيْ ثُمَّ إنْ عَجَزَ عَنْ الْيَقِينِ فَالتَّوَجُّهُ

ــ

[حاشية العبادي]

بِخِلَافِ شَجَرَةٍ نَابِتَةٍ فِيهَا وَهَلْ، وَلَوْ جَافَّةً؟ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِيهَا (قَوْلُهُ إنْ قَدَرَ) أَيْ بِلَا مَشَقَّةٍ (قَوْلُهُ فَلَهُ الِاجْتِهَادُ لِلْمَشَقَّةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ لِلْأَعْمَى وَمَنْ فِي ظُلْمَةٍ إذَا كَانَا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَشَقَّ عَلَيْهِمَا الْيَقِينُ بِنَحْوِ لَمْسِ الْكَعْبَةِ لِنَحْوِ كَثْرَةِ الصُّفُوفِ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ ثُمَّ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ عَجَزَ عَنْ الْيَقِينِ) بِلَا مَشَقَّةٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِخِلَافِ الْمَدْقُوقَةِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ اهـ (قَوْلُهُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ إلَخْ) بِخِلَافِ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ فَإِنَّ الْعَادَةَ قَلْعُهَا، فَلَا تَدْخُلُ وَإِنْ كَفَتْ هُنَا لِزِيَادَةِ ثُبُوتِهَا الْمُصَيِّرِ لَهَا كَالْجُزْءِ. اهـ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَالْعِبْرَةُ فِي التَّوَجُّهِ إلَخْ) أَيْ التَّوَجُّهِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ، وَهُوَ تَوَجُّهُ الْقَادِرِ، فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُ قَدْ يَجِبُ بِالْوَجْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَلْقِي؛ لِأَنَّ تِلْكَ حَالَةُ عَجْزٍ وَسَيَأْتِي لَهَا حُكْمٌ يَخُصُّهَا اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهَا كَإِخْبَارِ عَدَدِ التَّوَاتُرِ) أَوْ فِعْلِهِمْ فِي حَقِّ بَصِيرٍ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ فَلَهُ الِاجْتِهَادُ) أَيْ إنْ فَقَدَ الْمُخْبِرَ عَنْ عِلْمٍ اهـ (قَوْلُهُ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ وَلَا بِخَبَرِ الثِّقَةِ أَيْضًا لِإِمْكَانِ الْعِلْمِ بِالنَّفْسِ اهـ. مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ عَجَزَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الذَّهَبِيُّ رحمه الله فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى الْمَنْهَجِ حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ حَائِلٌ بِحَقٍّ وَجَبَ عِلْمُهَا بِنَفْسِهِ إمَّا بِمُشَاهَدَةٍ أَوْ لَمْسٍ أَوْ إخْبَارِ عَدَدِ تَوَاتُرٍ فَإِنْ كَانَ حَائِلٌ كَذَلِكَ، وَمِنْهُ الِازْدِحَامُ فِي نَحْوِ أَعْمَى جَازَ الْأَخْذُ بِخَبَرِ الْعَدْلِ، وَلَوْ فِي الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يُشَاهِدُ الْكَعْبَةَ أَوْ الْمِحْرَابَ الْمُعْتَمَدَ أَوْ الْقُطْبَ أَوْ أَنَّهُ رَأَى الْجَمَّ الْغَفِيرَ صَلَّوْا هَكَذَا وَإِنْ تَعَارَضَتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ وَثَبَتَ كَذَلِكَ، فَرُؤْيَةُ الْقُطْبِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى رُؤْيَةِ الْجَمِّ لِاحْتِمَالِ هُجُومِهِمْ أَوْ تَحَيُّرِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ عِلْمٍ اجْتَهَدَ.

فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الِاجْتِهَادِ قَلَّدَ مُجْتَهِدًا ثِقَةً عَارِفًا كَالْمَلَّاحِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أَوْ تَحَيَّرَ فَكَمَا إذَا تَحَيَّرَ الْمُجْتَهِدُ فَيُصَلِّي عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ كَيْفَ شَاءَ وَيُعِيدُ، وَمِثْلُ مَا قِيلَ فِي الْكَعْبَةِ يُقَالُ فِيمَا ثَبَتَ، وَلَوْ آحَادًا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى إلَيْهِ أَوْ أَقَرَّهُ، وَلَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَا يُقِرُّ عَلَى خَطَأٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ الْمُعْتَمَدَةِ بِأَنْ نَشَأَ بِهَا قُرُونٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَسَلِمَتْ مِنْ طَعْنِ عَارِفٍ، نَعَمْ يَجُوزُ فِيهَا، وَلَوْ مِحْرَابَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَالْكُوفَةِ وَالشَّامِ وَجَامِعِ مِصْرَ الْعَتِيقِ الِاجْتِهَادُ انْحِرَافًا لَا جِهَةً؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُنْصَبْ إلَّا عَنْ اجْتِهَادٍ، وَهُوَ لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ إلَّا فِي الْجِهَةِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْقِبَلَ الثَّلَاثَةَ مُرَتَّبَةٌ وَأَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْحَائِلِ فِي كُلٍّ مِنْهَا يَتَعَيَّنُ الْعِلْمُ بِالنَّفْسِ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الْعِلْمُ بِالْمُتَأَخِّرِ رُتْبَةً عَنْ الْمُتَقَدِّمِ، نَعَمْ لَوْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ أَنَّ الْكَعْبَةَ جِهَةٌ، كَذَا وَقَدْ رَأَى هُوَ الْمِحْرَابَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَيُقَدَّمُ خَبَرُهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَيُقَدَّمُ بَيْتُ الْإِبْرَةِ عَنْ الِاجْتِهَادِ بِغَيْرِهِ وَيُؤْخَذُ بِخَبَرِ الثِّقَةِ الْعَارِفِ فِي الِانْحِرَافِ وَإِنْ خَالَفَ الْمِحْرَابَ حَيْثُ كَانَ أَعْرَفَ مِنْ وَاضِعِهِ وَبَيِّنَ الْمُسْتَنَدِ اهـ.

وَقَوْلُهُ أَوْ الْقُطْبُ أَيْ، وَهُوَ أَيْ الْمُخْبَرُ بِفَتْحِ الْبَاءِ عَالِمٌ بِكَيْفِيَّةِ دَلَالَتِهِ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ فِي مِصْرَ خَلْفَ أُذُنِهِ الْيُسْرَى وَفِي نَحْوِ الْعِرَاقِ خَلْفَ الْيَمِينِ، وَفِي الْيَمَنِ قُبَالَتَهُ مِمَّا يَلِي جَانِبَهُ الْأَيْسَرَ وَفِي الشَّامِ وَرَاءَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهَا فَهُوَ فِي حَقِّهِ مِنْ آلَةِ الِاجْتِهَادِ، وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَمَنْ جَعَلَهُ مُفِيدًا لِلْيَقِينِ، وَقَوْلُهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَهُ عِلْمُهَا بِرُؤْيَةٍ أَوْ مَسٍّ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا يَأْخُذُ بِقَوْلِ الثِّقَةِ فِيهَا كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: الْمِحْرَابُ هَكَذَا وَإِنْ كَانَ يَأْخُذُ بِقَوْلِهِ فِي الْكَعْبَةِ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: هَذِهِ الْكَعْبَةُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَخْذِ بِقَوْلِهِ فِيهَا وَبَيْنَ اعْتِمَادِ الْمِحْرَابِ الْمُعْتَمَدِ، حَيْثُ كَانَ اعْتِمَادُهُ لَهُ بِوَاسِطَةِ الْمَسِّ أَوْ الْمُشَاهَدَةِ لَا بِوَاسِطَةِ إخْبَارِ الثِّقَةِ عَنْهُ فَإِخْبَارُ الثِّقَةِ إنْ كَانَ عَنْ الْكَعْبَةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مُشَاهَدَةِ الْمَحَارِيبِ الْمُعْتَمَدَةِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ عَنْ الْمِحْرَابِ فَهُوَ بَعْدَهَا هَذَا هُوَ تَحْرِيرُ الْمَقَامِ وَقَرَّرَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِدَرْسِ الْمَنْهَجِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِهِمْ اهـ.

مِنْ تَقْرِيرِ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ رحمه الله بِهَامِشِ الشَّرْقَاوِيِّ وَإِنَّمَا تَخَيَّرَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً مَعَ خَبَرِ الثِّقَةِ بِخِلَافِ الْمَحَارِيبِ لِمُقَاوَمَةِ قُوَّةِ

ص: 281

(بِقَوْلِ عَدْلٍ) فِي الرِّوَايَةِ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً صَرِيحًا كَانَ كَخَبَرِهِ عَنْ عِيَانٍ أَوْ دَلَالَةً كَالْمَحَارِيبِ الْآتِي ذِكْرُهَا وَلَا يَجْتَهِدُ كَمَا فِي الْوَقْتِ وَخَرَجَ بِالْعَدْلِ غَيْرُهُ كَالْفَاسِقِ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَلَوْ مُمَيِّزًا.

(ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ عَدْلٍ يُخْبِرُهُ فَالتَّوَجُّهُ (لَا لِلْأَعْمَى) أَيْ لِلْبَصِيرِ (بِالِاجْتِهَادِ) بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ وَأَضْعَفُهَا الرِّيَاحُ لِاخْتِلَافِهَا وَأَقْوَاهَا الْقُطْبُ قَالَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ أَوْ دَلَالَةٍ) اُنْظُرْ لَوْ تَعَارَضَ الصَّرِيحُ وَالدَّلَالَةُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ تَعَارَضَ الصَّرِيحَانِ (قَوْلُهُ وَلَا يَجْتَهِدُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِأَنَّ وُجُودَ مَنْ يُخْبِرُهُ يَمْنَعُ جَوَازَ الِاجْتِهَادِ، وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ وُجُوبُ السُّؤَالِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ أَنَّ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ حَائِلٌ لَهُ الِاجْتِهَادُ لِأَنَّ السُّؤَالَ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ بِخِلَافِ الطُّلُوعِ، نَعَمْ إنْ فُرِضَ أَنَّ عَلَيْهِ فِي السُّؤَالِ مَشَقَّةً لِبُعْدِ الْمَكَانِ أَوْ نَحْوِهِ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِمَا كَمَا فِي تِلْكَ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمُشَاهَدَةِ لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خَبَرَ الثِّقَةِ وَأَنَّهُ قَضِيَّةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَبِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ رحمه الله تَعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ الْبُجَيْرِمِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهَا مِنْ تَخْلِيطٍ كَثِيرٍ فَتَأَمَّلْ. فَعُلِمَ أَنَّهُ يُقَدِّمُ عِلْمَ الْكَعْبَةِ بِنَفْسِهِ ثُمَّ بِخَبَرِ الْعَدْلِ عَنْهَا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ قَدَّمَ عِلْمَ مَا ثَبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى إلَيْهِ بِنَفْسِهِ ثُمَّ بِخَبَرِ عَدْلٍ فَإِنْ عَجَزَ قَدَّمَ عِلْمَ الْمِحْرَابِ الْمُعْتَمَدِ بِنَفْسِهِ ثُمَّ بِخَبَرِ عَدْلٍ وَالْمُرَادُ بِالْمِحْرَابِ الْمُعْتَمَدِ مَا صَلَّى إلَيْهِ جَمَاعَاتٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ الطَّعْنُ فِيهِ، وَهَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِالْقُرُونِ كَمَا فِي الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِتَرَتُّبِ الْمَحَارِيبِ الثَّلَاثَةِ أَيْ الْكَعْبَةِ ثُمَّ مَا ثَبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى إلَيْهِ ثُمَّ الْمِحْرَابِ الْمُعْتَمَدِ الْقَلْيُوبِيُّ عَلَى الْجَلَالِ وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّ مَا ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى إلَيْهِ كَالْكَعْبَةِ أَيْ فَهُوَ فِي الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى وَمِثْلُهُ فِي الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ حَيْثُ قَالَ: وَمِحْرَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ وَكُلُّ مَوْضِعٍ ثَبَتَ صَلَاتُهُ فِيهِ أَيْ تَوَاتُرًا يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْكَعْبَةِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِيهَا وَيُمْكِنُ إرْجَاعُ ذَلِكَ لِمَا قَالَهُ شَيْخُنَا بِأَنْ يُقَالَ: إنَّهُ كَهِيَ فِيمَا قِيلَ فِيهَا لَا فِي مَرْتَبَتِهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ بِقَوْلِ عَدْلٍ) لَمْ يَقُلْ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَخْبَرَ لِيُفِيدَ أَنَّ وُجُودَهُ مَانِعٌ وَإِنْ لَمْ يُخْبِرْ فَيَجِبُ سُؤَالُهُ حَيْثُ لَا مَشَقَّةَ، وَكَانَ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ وَيَمْتَنِعُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْمُخْبَرِ عَنْ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ مَعَ إمْكَانِ سَمَاعِ نَفْسِ الْمُخْبِرِ مَعَ السُّهُولَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ امْتِنَاعِ الْأَخْذِ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ مَعَ إمْكَانِ الْمُعَايَنَةِ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ بِقَوْلِ عَدْلٍ) وَلَا يَجِبُ تَكْرِيرُ سُؤَالِهِ حَيْثُ لَمْ يَعْرِضْ مُوجِبُ شَكٍّ. اهـ. ع ش وَفِي مَعْنَى خَبَرِ الْمُخْبِرِ بَيْتُ الْإِبْرَةِ كَمَا فِي الشَّرْحِ فَيُقَدَّمُ عَلَى الِاجْتِهَادِ وَعَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ يُؤَخَّرُ عَنْ الِاجْتِهَادِ وَإِنْ عُمِلَ بِهِ (قَوْلُهُ بِقَوْلِ عَدْلٍ) أَيْ مَعْرُوفٍ بِالْعَدَالَةِ، وَلَوْ ظَاهِرًا، وَلَوْ أَخْبَرَ مَعَ الْبُعْدِ كَرَامَةً ع ش (قَوْلُهُ كَخَبَرِهِ عَنْ عِيَانٍ) أَيْ عَنْ الْكَعْبَةِ أَوْ مِحْرَابِهِ صلى الله عليه وسلم فَقَطْ ق ل فَهَذَا مَحَلُّ التَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ أَوْ دَلَالَةً كَالْمَحَارِيبِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ عَنْ الْكَعْبَةِ وَالْمَحَارِيبِ أَيْ مُشَاهَدَتِهَا سَوَاءٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَيُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا، أَمَّا خَبَرُهُ عَنْ الْمِحْرَابِ فَهُوَ مُؤَخَّرٌ عَنْ مُشَاهَدَةِ الْمِحْرَابِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ كَمَا فِي الْوَقْتِ) أَيْ إذَا أُخْبِرَ بِالْفِعْلِ وَإِنْ امْتَنَعَ الِاجْتِهَادُ هُنَا عِنْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ خَبَرِهِ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ اهـ. (قَوْلُهُ كَالْفَاسِقِ) وَإِنْ صَدَّقَهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر وَخَالَفَهُ فِيهِ ز ي ق ل (قَوْلُهُ كَالْفَاسِقِ) نَعَمْ إخْبَارُهُ آلَةٌ فِي الِاجْتِهَادِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِالِاجْتِهَادِ) بِأَنْ كَانَ عَارِفًا بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ بِالْفِعْلِ أَوْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ مُطْلَقًا عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ أَوْ بِشَرْطِ السَّفَرِ عَلَى الْمُخْتَارِ فِي الرَّوْضَةِ اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَسَيَأْتِي كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ الْحِفْنِيُّ وَشَيْخِ شَيْخِنَا الْقُوَيْسِنِيِّ أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ سَوَاءٌ السَّفَرُ وَالْحَضَرُ، وَأَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ مَنْ تَسْهُلُ مُرَاجَعَتُهُ يَمْتَنِعُ التَّقْلِيدُ عَلَى أَحَدٍ وَعِنْدَ وُجُودِهِ يَجُوزُ التَّقْلِيدُ لِغَيْرِهِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِفَرْضِ الْعَيْنِ هُوَ الْحَالَةُ الْأُولَى وَبِفَرْضِ الْكِفَايَةِ هُوَ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ فَعُلِمَ أَنَّهُ مَتَى كَانَ عَالِمًا بِأَدِلَّةِ الِاجْتِهَادِ بِالْفِعْلِ لَا يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ لِقُدْرَتِهِ بِالْفِعْلِ وَكَذَا إذَا أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ عِنْدَ عَدَمِ مَنْ تَسْهُلُ مُرَاجَعَتُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْكَنَهُ مَعَ وُجُودِ مَنْ تَسْهُلُ مُرَاجَعَتُهُ، فَلَا يَجِبُ التَّعَلُّمُ وَيَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَأَضْعَفُهَا الرِّيَاحُ) وَأُصُولُهَا أَرْبَعٌ الشَّمَالُ وَيُقَالُ لَهُ: الْبَحْرِيَّةُ، وَمَبْدَؤُهَا مِنْ الْقُطْبِ فَلَهَا حُكْمُهُ، وَيُقَاسُ غَيْرُهَا بِمَا يُنَاسِبُهَا وَيُقَابِلُهَا الْجَنُوبُ وَيُقَالُ لَهَا الْقِبْلِيَّةُ لِكَوْنِهَا إلَى جِهَةِ قِبْلَةِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ وَمَبْدَؤُهَا مِنْ نُقْطَةِ الْجَنُوبِ وَالصَّبَا وَيُقَالُ لَهَا الشَّرْقِيَّةُ وَمَبْدَؤُهَا مِنْ نُقْطَةِ الْمَشْرِقِ وَيُقَابِلُهَا الدُّبُورُ وَيُقَالُ لَهَا الْغَرْبِيَّةُ وَمَبْدَؤُهَا مِنْ نُقْطَةِ الْمَغْرِبِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَالِاسْتِدْلَالُ بِمَا عَدَا الشَّمَالِ عَلَى الْقِبْلَةِ مَنْشَؤُهُ الشَّمَالُ كَمَا قَالَ بِمَا يُنَاسِبُهَا (قَوْلُهُ وَأَقْوَاهَا الْقُطْبُ) أَيْ الشَّمَالِيُّ بِتَثْلِيثِ الْقَافِ. اهـ. ع ش عَنْ حَجَرٍ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَأَقْوَاهَا الْقُطْبُ) أَيْ أَقْوَى أَدِلَّةِ الِاجْتِهَادِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخْبَرُ بِفَتْحِ الْبَاءِ عَالِمًا بِكَيْفِيَّةِ دَلَالَتِهِ، وَإِلَّا كَانَ فِي مَعْنَى الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ يَمْتَنِعُ مَعَهُ الِاجْتِهَادُ (قَوْلُهُ وَأَقْوَاهَا الْقُطْبُ) وَكَيْفِيَّةُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ فِي جَمِيعِ الْأَقْطَارِ أَنْ تَتَوَجَّهَ إلَيْهِ وَتَجْعَلَهُ بَيْنَ عَيْنَيْك ثُمَّ تَلْفِتُ قَدَمَكَ الْأَيْمَنَ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى أَنْ لَا تَقْدِرَ عَلَى أَنْ تَلْفِتَهُ مَعَ اعْتِمَادِك عَلَى الْأَيْسَرِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَلْفِتُ قَدَمَكَ الْأَيْسَرَ وَتَضَعَهُ بِجَانِبِ الْأَيْمَنِ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ

ص: 282

الشَّيْخَانِ وَهُوَ نَجْمٌ صَغِيرٌ فِي بَنَاتِ نَعْشِ الصُّغْرَى بَيْنَ الْجُدَيِّ وَالْفَرْقَدَيْنِ وَكَأَنَّهُمَا سَمَّيَاهُ نَجْمًا لِمُجَاوَرَتِهِ لَهُ وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ لَيْسَ نَجْمًا، بَلْ نُقْطَةٌ تَدُورُ عَلَيْهَا هَذِهِ الْكَوَاكِبُ بِقُرْبِ النَّجْمِ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَقَالِيمِ فَفِي الْعِرَاقِ يَجْعَلُهُ الْمُصَلِّي خَلْفَ أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَفِي مِصْرَ خَلْفَ الْيُسْرَى وَفِي الْيَمَنِ قُبَالَتَهُ مِمَّا يَلِي جَانِبَهُ الْأَيْسَرَ وَفِي الشَّامِ وَرَاءَهُ أَمَّا الْأَعْمَى، فَلَا يَجْتَهِدُ؛ لِأَنَّ أَدِلَّةَ الْقِبْلَةِ بَصَرِيَّةٌ وَهُوَ فَاقِدٌ لِلْبَصَرِ فَيَخْتَصُّ الِاجْتِهَادُ فِيهَا بِالْبَصِيرِ (أَيْ لِكُلِّ فَرْضِ) مِنْ الصَّلَوَاتِ وَلَوْ مَنْذُورًا أَدَاءً أَوْ قَضَاءً وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْ مَكَانَهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ سَعْيًا فِي إصَابَةِ الْحَقِّ لِتَأَكُّدِ الظَّنِّ عِنْدَ الْمُوَافَقَةِ وَقُوَّةِ الثَّانِي عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا عَنْ أَمَارَةٍ أَقْوَى وَالْأَقْوَى أَقْرَبُ إلَى الْيَقِينِ وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ.

وَمِثْلُهُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ وَفَارَقَتْ الْقِبْلَةُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ فِي الْمَاءِ قَبْلَ الْحَدَثِ وَفِي الثَّوْبِ بِبِنَائِهَا فِي الْأَصْلِ عَلَى الْيَقِينِ وَاخْتِلَافِهَا بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ بِخِلَافِ الطَّهَارَةِ وَالسِّتْرِ (فَرْعٌ) لَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِاجْتِهَادٍ فَعَمِيَ فِيهَا أَتَمَّهَا وَلَا إعَادَةَ فَإِنْ دَارَ أَوْ أَدَارَهُ غَيْرُهُ عَنْ تِلْكَ الْجِهَةِ اسْتَأْنَفَ بِاجْتِهَادِ غَيْرِهِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ وُجُوبُ إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ لِلْفَرْضِ الْوَاحِدِ إذَا فَسَدَ

(لَا فِي مَحَارِيبِ) النَّبِيِّ (شَفِيعِ) يَوْمِ (الْعَرْضِ) أَيْ لَا اجْتِهَادَ فِيهَا

ــ

[حاشية العبادي]

الزَّرْكَشِيُّ اهـ (قَوْلُهُ لِكُلِّ فَرْضٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَمَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ لِكُلِّ فَرْضٍ يَلْزَمُ الْأَعْمَى إعَادَةُ التَّقْلِيدِ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ اهـ (قَوْلُهُ: مِنْ الصَّلَوَاتِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ مُوَالَاةِ الْفُرُوضِ

(قَوْلُهُ لَا فِي مَحَارِيبِ شَفِيعِ الْعَرْضِ) أَيْ عَلَى اللَّهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا وَقَعَ إجْمَاعٌ عَلَيْهِ أَوْ تَوَاتُرٌ بِصَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ غَيْرُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْقِبْلَةَ لَا تَثْبُتُ بِظَنٍّ وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِخَبَرِ عَدْلٍ. اهـ. قُلْت هَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ الْوَجْهُ الْمُتَعَيِّنُ؛ لِأَنَّ مِحْرَابَهُ عليه السلام بِمَنْزِلَةِ الْكَعْبَةِ وَالْمُخْبَرُ عَنْهُ عَنْ عِلْمٍ بِمَنْزِلَةِ الْمُخْبَرِ عَنْهَا كَذَلِكَ فَكَمَا امْتَنَعَ الِاجْتِهَادُ مُطْلَقًا مَعَ خَبَرِ الْمُخْبَرِ عَنْهَا فَكَذَا

ــ

[حاشية الشربيني]

مُتَوَجِّهًا لِلْكَعْبَةِ اهـ مِنْ بَعْضِ الْهَوَامِشِ فَحَرِّرْهُ

(قَوْلُهُ وَهُوَ نَجْمٌ) وَيُسَمَّى الْجُدَيَّ بِالتَّصْغِيرِ، وَالْقُطْبَ لِقُرْبِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُمَا سَمَّيَاهُ إلَخْ) الْأَوْلَى وَكَأَنَّهُمَا سَمَّيَاهُ الْقُطْبَ لِقُرْبِهِ أَيْ ذَلِكَ النَّجْمِ مِنْهُ أَيْ الْقُطْبِ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الْآتِيَةَ إنَّمَا هِيَ لِلنَّجْمِ لَا لِلْقُطْبِ وَقَدْ صَنَعَ ق ل مِثْلَ مَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ فَلَا يَجْتَهِدُ) فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ مَسُّ الْكَعْبَةِ أَوْ الْمِحْرَابِ الْمُعْتَمَدِ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ وَفِي فَتَاوَى م ر أَنَّهُ يَكْفِي مَسُّ بَعْضِ الْمُصَلِّينَ عِنْدَ عَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ مَسِّ الْقِبْلَةِ وَمَشَقَّةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَدِلَّةَ الْقِبْلَةِ بَصَرِيَّةٌ) أَيْ مُعْظَمُهَا بَصَرِيٌّ كَالْقُطْبِ وَالْقَمَرَيْنِ، وَأَمَّا الرِّيحُ فَضَعِيفَةٌ كَمَا مَرَّ، وَالِاشْتِبَاهُ عَلَيْهِ فِيهَا أَكْثَرُ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ لِكُلِّ فَرْضٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَذْكُرْ دَلِيلَ الِاجْتِهَادِ عِنْدَ حُضُورِ الْفَرْضِ الثَّانِي إلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى اجْتِهَادٍ كَذَا فِي الْمَحَلِّيِّ وَظَاهِرُ هَذَا جَوَازُ الْغَرَضِ الْأَوَّلِ وَإِنْ نَسِيَ فِيهِ الدَّلِيلَ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهِ كَأَنْ أَخَّرَهُ، وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ وَهُوَ الَّذِي مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا أَيْ الزِّيَادِيُّ آخِرًا وَاعْتَمَدَهُ وَفَارَقَ الْمُعَادَةَ لِفَسَادِ الْأُولَى بِأَنَّهَا فَرْضٌ ثَانٍ صُورَةً، وَمَعْنَى تَذَكُّرِ الدَّلِيلِ الْأَوَّلِ أَنْ لَا يَنْسَى مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ فِي الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ، كَالشَّمْسِ أَوْ الْقُطْبِ وَقِيلَ أَنْ لَا يَنْسَى الْجِهَةَ الَّتِي صَلَّى إلَيْهَا أَوَّلًا اهـ. ق ل وَالثَّانِي ضَعِيفٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْ مَكَانَهُ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْمُوَافَقَةِ) أَيْ مُوَافَقَةِ الِاجْتِهَادِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ إلَخْ) أَيْ فَيُصَلِّيهِ بِاجْتِهَادِهِ لِلْفَرْضِ فَإِنْ أَرَادَ صَلَاتَهُ ابْتِدَاءً وَجَبَ الِاجْتِهَادُ لَهُ، وَمِثْلُهُ الْمُعَادَةُ عَلَى مُعْتَمَدِ م ر وَلَوْ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْفَرْضِ وَجَبَ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ عَلَى مُعْتَمَدِ م ر وزي فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ خِلَافًا لِمَنْ نَقَلَ عَنْهُ خِلَافَهُ وَقَيَّدَهُ الْبُجَيْرِمِيُّ بِمَا إذَا تَرَاخَى فِعْلُ الثَّانِيَةِ عَنْ الِاجْتِهَادِ اهـ. وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يَنْسَى الدَّلِيلَ الْأَوَّلَ اهـ

(قَوْلُهُ وَفَارَقَتْ الْقِبْلَةُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ وَجَبَ الِاجْتِهَادُ ثَانِيًا وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْ مَكَانَهُ فَإِنَّهُ كَانَ الْمُنَاسِبُ لِهَذَا وُجُوبَ الِاجْتِهَادِ فِي الْمَاءِ لِصَلَاةٍ أُخْرَى قَبْلَ الْحَدَثِ اهـ. (قَوْلُهُ لِبِنَائِهَا إلَخْ) الْمَجْمُوعُ: عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا يَرُدُّ عَلَى الثَّانِي مَا إذَا لَمْ يُفَارِقْ مَكَانَهُ اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ وُجُوبُ إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ إلَخْ) قَيَّدُوا ذَلِكَ بِمَا إذَا نَسِيَ الدَّلِيلَ الْأَوَّلَ، وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي فِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ لِصَيْرُورَتِهِ الْآنَ أَعْمَى مَعَ انْحِرَافِهِ عَنْ تِلْكَ الْجِهَةِ، وَانْظُرْ لَوْ أَفْسَدَهَا ثُمَّ عَمِيَ مَعَ عَدَمِ انْحِرَافِهِ وَذِكْرِهِ الدَّلِيلَ فَهَلْ يُصَلِّي لِوُقُوعِ اجْتِهَادِهِ الْأَوَّلِ صَحِيحًا كَمَا هُوَ؟ قَضِيَّةُ التَّصْوِيرِ بِدَوَرَانِهِ أَوْ إدَارَةِ غَيْرِهِ أَوْ لَا لِعَدَمِ كَوْنِهِ الْآنَ أَهْلًا وَيَكُونُ قَوْلُهُ: دَارَ إلَخْ لَيْسَ بِقَيْدٍ اهـ حَرِّرْهُ. ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بِالِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِهَادٍ لِلصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ

(قَوْلُهُ لَا فِي مَحَارِيبِ شَفِيعِ الْعَرْضِ) أَيْ إنْ ضَبَطَ مَا اسْتَقْبَلَهُ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى لَوْ عُلِمَتْ صَلَاتُهُ فِي مَكَان وَضَبَطَ مَوْقِفَهُ عليه الصلاة والسلام -

ص: 283

(جِهَةً) كَانَ (أَوْ يَسْرَةً أَوْ يَمِينَا) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَا يُقِرُّ عَلَى خَطَأٍ فَلَوْ تَخَيَّلَ حَاذِقٌ فِيهَا يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً فَبَاطِلٌ وَمَحَارِيبُهُ كُلُّ مَا ثَبَتَ صَلَاتُهُ فِيهِ، إذْ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ مَحَارِيبُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَا بِمِحْرَابٍ لِمُسْلِمِينَا) أَيْ لَا يَجْتَهِدُ فِيهِ (فِي جِهَةٍ) إذَا سَلِمَ مِنْ الطَّعْنِ وَكَانَ فِي بَلَدٍ أَوْ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ أَوْ صَغِيرَةٍ نَشَأَ بِهَا قُرُونٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي طَرِيقٍ يَسْلُكُهُ الْمُسْلِمُونَ كَثِيرًا بِحَيْثُ لَا يُقِرُّونَ عَلَى الْخَطَإِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنَصَّبْ إلَّا بِحَضْرَةِ جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِسَمْتِ الْكَوَاكِبِ وَالْأَدِلَّةِ فَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى الْخَبَرِ، فَلَا يَعْتَمِدُ عَلَامَةَ تَجْرِبَةٍ شَكَّ هَلْ بَنَاهَا الْمُسْلِمُونَ أَوْ الْكُفَّارُ وَلَا بِطَرِيقٍ يَنْدُرُ الْمُرُورُ بِهَا أَوْ يَسْتَوِي مُرُورُ الْفَرِيقَيْنِ بِهِمَا وَخَرَجَ بِالْجِهَةِ الْيَمْنَةُ وَالْيَسْرَةُ؛ لِأَنَّ

ــ

[حاشية العبادي]

خَبَرِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ إثْبَاتِ الِاسْتِقْبَالِ بِهِ، وَهُوَ يَثْبُتُ بِهِ كَمَا فِي خَبَرِ الْعَدْلِ وَالِاجْتِهَادِ، وَقَدْ بَسَطْت ذَلِكَ فِي هَامِشِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ

سم (قَوْلُهُ الْمُسْلِمُونَ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ مِنْهُمْ إذْ غَيْرُهُمْ لَا اعْتِبَارَ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ أَوْ يَسْتَوِي مُرُورُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. اهـ. وَهُوَ صَادِقٌ بِكَثْرَةِ مُرُورِ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ كَثُرَ مُرُورُ الْفَرِيقَيْنِ مَعَ الِاسْتِوَاءِ وَقَوْلُهُ السَّابِقُ يَسْلُكُهُ الْمُسْلِمُونَ كَثِيرًا صَادِقٌ مَعَ سُلُوكِ غَيْرِهِمْ أَيْضًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا فَيَحْتَاجُ لِحَمْلِ أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَهَلْ الْأَوْجَهُ حَمْلُ هَذَا عَلَى ذَاكَ فَيُقَيَّدُ هَذَا بِمَا إذَا لَمْ يَكْثُرْ مُرُورُ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ؟ (قَوْلُهُ أَوْ يَسْتَوِي إلَخْ) كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ الِاعْتِمَادِ هُنَا وَإِنْ كَثُرَ مُرُورُ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُوَجَّهَ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْجِهَةِ الْيَمْنَةُ وَالْيَسْرَةُ) سَوَاءٌ الْكُوفَةُ وَالْبَصْرَةُ وَالشَّامُ وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ وَغَيْرُهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَنَصْبُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم لِقِبْلَةِ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عَنْ اجْتِهَادٍ، وَاجْتِهَادُهُمْ لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ بِأَنَّ هَذِهِ الْجِهَةَ هِيَ عَيْنُ الْكَعْبَةِ مِنْ غَيْرِ انْحِرَافٍ أَلْبَتَّةَ بِخِلَافِ مَا صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقِبْلَةُ جَامِعِ مِصْرَ الْعَتِيقِ كَقِبْلَةِ الْكُوفَةِ فِيمَا مَرَّ قَالَهُ السُّبْكِيُّ لِنَصْبِ الصَّحَابَةِ لَهُ أَيْضًا قَالَ لَكِنَّ مِحْرَابَهُ الْقِبْلِيَّ تَقَدَّمَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فَحَصَلَ بِسَبَبِهِ خَلَلٌ يَسِيرٌ كَذَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشِّهَابِ، وَهُوَ حَقٌّ لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَبِقَوْلِهِ إنَّمَا هُوَ عَنْ اجْتِهَادٍ إلَخْ يُعْلِمُ سُقُوطَ الِاحْتِجَاجِ عَلَى امْتِنَاعِ الِاجْتِهَادِ فِي الْمَحَارِيبِ الَّتِي نَصَبَتْهَا الصَّحَابَةُ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً بِأَنَّ الَّذِينَ نَصَبُوهَا عَدَدُ التَّوَاتُرِ وَالتَّوَاتُرُ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِيهِ وَلَمْ يَضْبِطْ مَا اسْتَقْبَلَهُ فِيهِ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا مِنْ الِاجْتِهَادِ، بَلْ يَجِبُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ لَا فِي مَحَارِيبِ شَفِيعِ إلَخْ) ، وَلَوْ ثَبَتَتْ آحَادًا اهـ. شَيْخُنَا ز ي وَمَعْنَاهُ كَمَا نُقِلَ عَنْهُ بِهَامِشِ الشَّارِحِ أَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى إلَى تِلْكَ الْمَحَارِيبِ بِالتَّوَاتُرِ ثُمَّ أَخْبَرَ عَدْلٌ بِذَلِكَ الْمِحْرَابِ الَّذِي ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى إلَيْهِ، فَلَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ جِهَةً وَلَا يَسْرَةً وَلَا يَمْنَةً؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْكَعْبَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا ثَبَتَ صَلَاتُهُ إلَيْهِ بِالْآحَادِ فَإِنَّهُ كَالْمِحْرَابِ يَجْتَهِدُ يَمِينًا وَشِمَالًا فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَا بِمِحْرَابٍ لِمُسْلِمِينَا فِي جِهَةٍ) خَرَّجَ الْيَمْنَةَ وَالْيَسْرَةَ فَيَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِيهِمَا فَإِنْ اجْتَهَدْ بِالْفِعْلِ وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى شَيْءٍ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً فِي خَبَرِ الْعَدْلِ عَنْ الْكَعْبَةِ أَوْ مِحْرَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي ثَبَتَتْ صَلَاتُهُ إلَيْهِ تَوَاتُرًا فَإِنْ أَخْبَرَ عَنْ مِحْرَابٍ آخَرَ مِنْ الْمَحَارِيبِ الْمُعْتَمَدَةِ فَالظَّاهِرُ جَوَازُ الِاجْتِهَادِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً بِالْأَوْلَى مِنْ الْمِحْرَابِ.

(قَوْلُهُ إذَا سَلِمَ مِنْ الطَّعْنِ) فَمَتَى طَعَنَ فِيهَا وَاحِدٌ وَذَكَرَ لَهُ مُسْتَنَدًا أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمِيقَاتِ أَخْرَجَهُ عَنْ رُتْبَةِ الْيَقِينِ الَّذِي لَا يُجْتَهَدُ مَعَهُ، بَلْ يَجِبُ الِاجْتِهَادُ حِينَئِذٍ فَلَوْ صَلَّى بِدُونِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ. اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ عَنْ فَتَاوَى السُّيُوطِيّ وَفِي ع ش لَوْ مَكَثَ جَمَاعَةٌ يُصَلُّونَ فِي قَرْيَةٍ إلَى مِحْرَابٍ بِهَا مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ مَرَّ بِهِمْ شَخْصٌ وَأَخْبَرَهُمْ بِأَنَّ فِي الْقِبْلَةِ انْحِرَافًا وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ إنْ تَيَقَّنُوا الْخَطَأَ، وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ تَطَاوُلِ الْأَيَّامِ مَعَ كَثْرَةِ الطَّارِقِينَ أَنَّهُ عَلَى الصَّوَابِ وَأَنَّ الْمُخْبِرَ هُوَ الْمُخْطِئُ، وَإِنْ تَرَجَّحَ بِدَلِيلٍ غَيْرِ قَطْعِيٍّ كَإِخْبَارِ مَنْ يُوثَقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ عَمِلُوا بِالثَّانِي وَلَا إعَادَةَ لِمَا صَلَّوْهُ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ اهـ (قَوْلُهُ إذَا سَلِمَ مِنْ الطَّعْنِ وَكَانَ فِي بَلَدٍ إلَخْ) وَيَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ قَبْلَ الْإِقْدَامِ الْبَحْثُ عَنْ جِهَةِ وُجُودِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، فَإِذَا صَلَّى قَبْلَهُ بِدُونِ اجْتِهَادٍ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ. اهـ. سم عَنْ فَتَاوَى السُّيُوطِيّ قَالَ ع ش وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي مَحَلٍّ لَمْ يَكْثُرْ طَارِقُوهُ وَاحْتُمِلَ الطَّعْنُ فِيهِ، وَإِلَّا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ وَقَوْلُهُ فِي مَحَلٍّ لَمْ يَكْثُرْ لَا مَعْنَى لَهُ، إذْ الْكَلَامُ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ نَعَمْ لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ نَظَرَ لِلِاحْتِمَالِ.

(قَوْلُهُ إذَا سَلِمَ مِنْ الطَّعْنِ) أَيْ مِنْ خَبِيرٍ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مُبَيِّنًا لِلْمُسْتَنَدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ جَازَ الِاجْتِهَادُ فِيهِ اهـ. شَيْخُنَا ذَهَبِيٌّ رحمه الله بِهَامِشِ الشَّارِحِ وَفِي سم عَلَى حَجَرٍ أَنَّهُ يَجِبُ حِينَئِذٍ اهـ. (قَوْلُهُ إذَا سَلِمَ إلَخْ) وَإِلَّا جَازَ الِاجْتِهَادُ جِهَةً شَيْخُنَا ذ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَجِبُ (قَوْلُهُ قُرُونٌ) أَيْ جَمَاعَاتٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ صَلَّوْا إلَى هَذَا الْمِحْرَابِ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ طَعَنَ فِيهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ ثَلَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَلَا نِصْفَهَا اهـ. رَشِيدِيٌّ عَنْ فَتَاوَى السُّيُوطِيّ رحمه الله (قَوْلُهُ بِحَيْثُ إلَخْ) بَيَانٌ لِضَابِطِ الْكَثْرَةِ فَضَابِطُهَا جَمْعٌ لَا يُقِرُّ عَلَى الْخَطَأِ اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ فَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى الْخَبَرِ) أَيْ فِي الْجِهَةِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ الْمِحْرَابُ مُقَدَّمًا عَلَى خَبَرِ الثِّقَةِ.

(قَوْلُهُ فَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى الْخَبَرِ) أَيْ جَرَى مَجْرَى الْخَبَرِ فِي الْجِهَةِ، فَلَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ مَعَ الْمَحَارِيبِ فِيهَا وَلَا يُعْمَلُ بِهِ إنْ أَدَّى إلَى خِلَافِهَا، بِخِلَافِهِ فِي الْيَمْنَةِ وَالْيَسْرَةِ فَيَجُوزُ فَإِنْ أَدَّى إلَى خِلَافِهَا وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ وَإِنْ اقْتَضَى سِيَاقُ الْمُصَنِّفِ الْوُجُوبَ وَبِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ اهـ

(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْجِهَةِ الْيَمْنَةُ إلَخْ) مِثْلُ الْمِحْرَابِ فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً بَيْتُ الْإِبْرَةِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَخَرَجَ بِالْجِهَةِ الْيَمْنَةُ إلَخْ) أَيْ فَيَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِيهَا يَمْنَةً وَيَسْرَةً وَلَا يَجِبُ

ص: 284

الْخَطَأَ فِيهَا مَعَ اسْتِمْرَارِ الْخَلْقِ الْكَثِيرِ وَاتِّفَاقِهِمْ مُمْتَنِعٌ بِخِلَافِهِ فِيهِمَا

. (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ الِاجْتِهَادِ فَالتَّوَجُّهُ (بِأَنْ يُقَلِّدَا عَدْلًا عَلِيمًا بِالدَّلِيلِ) لِلْقِبْلَةِ (ذَا هُدَى) أَيْ اهْتِدَاءٍ (لِلْعَجْزِ) أَيْ عِنْدَ عَجْزِهِ (عَنْ تَعَلُّمٍ) لِأَدِلَّتِهَا بِأَنْ يَكُونَ أَعْمَى الْبَصَرِ أَوْ الْبَصِيرَةِ كَالْعَامِّيِّ يُقَلِّدُ فِي الْأَحْكَامِ فَإِنْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ مُجْتَهِدَانِ قَلَّدَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَالْأَوْلَى تَقْلِيدُ الْأَوْثَقِ وَالْأَعْلَمِ عِنْدَهُ، وَأَوْجَبَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ ثُمَّ قَالَ: وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى التَّخْيِيرِ وَلَوْ زَالَ عَجْزُهُ فِي الصَّلَاةِ بِالتَّقْلِيدِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَا يَعْتَمِدُهُ مِنْ مِحْرَابٍ أَوْ نَجْمٍ أَوْ خَبَرِ ثِقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَتَمَّ صَلَاتَهُ وَلَا إعَادَةَ وَإِلَّا بَطَلَتْ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَمَّا الْقَادِرُ فَلَا يُقَلِّدُ لِمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ ذَا هُدًى تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ وَحَذَفَ مِنْ كَلَامِ الْحَاوِي مُكَلَّفًا اكْتِفَاءً بِعَدْلًا كَمَا اكْتَفَيَا بِهِ فِي قَبُولِ الْخَبَرِ وَقَوْلُهُ (قَدْ فُرِضَا) أَيْ تَعَلُّمُ الْأَدِلَّةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ فَرْضُ عَيْنٍ كَتَعَلُّمِ الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَأَرْكَانِهَا، وَعِنْدَ النَّوَوِيِّ فَرْضُ عَيْنٍ فِي السَّفَرِ لِعُمُومِ حَاجَةِ الْمُسَافِرِ وَكَثْرَةِ الِاشْتِبَاهِ عَلَيْهِ، وَفَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْحَضَرِ، إذْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ السَّلَفُ بَعْدَهُ أَلْزَمُوا آحَادَ النَّاسِ تَعَلُّمَ الْأَدِلَّةِ بِخِلَافِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَأَرْكَانِهَا؛ لِأَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى الْقِبْلَةِ سَهْلٌ غَالِبًا وَحَمَلَ السُّبْكِيُّ كَلَامَ النَّوَوِيِّ عَلَى سَفَرٍ يَقِلُّ فِيهِ

ــ

[حاشية العبادي]

يُفِيدُ الْيَقِينَ، وَهُوَ غَفْلَةٌ عَنْ أَنَّ شَرْطَ التَّوَاتُرِ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَصْلِ عَنْ مَحْسُوسٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ مُجْتَهِدَانِ قَلَّدَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا إلَخْ) لَمْ يَذْكُرُوا نَظِيرَ ذَلِكَ فِي اشْتِبَاهِ الْوَقْتِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْقِيَاسُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِيهِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَقْتِ وَالْقِبْلَةِ لَا بَدَلَ لَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَا يَعْتَمِدُهُ) أَيْ، وَقَدْ دَلَّ ذَلِكَ الَّذِي يَعْتَمِدُهُ عَلَى صَوَابِ الْجِهَةِ الَّتِي هُوَ إلَيْهَا وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ (فَرْعٌ) لَوْ أَحْرَمَ أَعْمَى أَيْ أَعْمَى الْبَصَرِ أَوْ الْبَصِيرَةِ مُقَلِّدًا أَيْ فِي الْقِبْلَةِ وَأَبْصَرَ فِيهَا أَيْ أَوْ عَرَفَ الْجَاهِلُ الْأَدِلَّةَ وَعَلِمَ أَيْ عَلَى الْفَوْرِ صَوَابَ جِهَتِهِ أَيْ بِرُؤْيَةِ مِحْرَابٍ أَوْ نَجْمٍ يَعْرِفُهَا بِهِ أَتَمَّهَا وَلَمْ يُعِدْ أَوْ خَطَأَهَا أَيْ خَطَأَ جِهَتَهُ أَوْ شَكَّ فِي أَنَّهَا صَوَابٌ أَوْ خَطَأٌ بَطَلَتْ أَيْ صَلَاتُهُ وَإِنْ ظَنَّ صَوَابَ غَيْرِهَا انْحَرَفَ إلَيْهَا وَبَنَى، اهـ وَذَلِكَ حَاصِلُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالْكِفَايَةِ كَمَا قِيلَ وَأَقُولُ: قِيَاسُ قَوْلِهِ وَإِنْ ظَنَّ صَوَابَ غَيْرِهَا إلَخْ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ صَوَابَهَا هِيَ بِالِاجْتِهَادِ اسْتَمَرَّ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ فَقَوْلُهُ السَّابِقُ وَعَلِمَ صَوَابَ جِهَتِهِ إلَخْ لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ ظَنُّ صَوَابِهَا بِالِاجْتِهَادِ كَذَلِكَ بَلْ الصِّحَّةُ هُنَا أَوْلَى مِنْهَا إذَا ظَنَّ صَوَابَ غَيْرِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَهَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ غَيْرِهَا لِشُمُولِهِ كُلَّ مَا يَصِحُّ الِاعْتِمَادُ فِي الِاجْتِهَادِ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَتْ لَا يُنَافِي ذَلِكَ كَتَضَمُّنِهِ نَفْيَ صَوَابِ الْجِهَةِ بِالِاجْتِهَادِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ وَفَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْحَضَرِ) أَيْ فَلَهُ التَّقْلِيدُ وَلَا

ــ

[حاشية الشربيني]

خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ عَلَى الصَّوَابِ. اهـ. حَجَرٌ فَالْمِحْرَابُ فِي الْيَمْنَةِ وَالْيَسْرَةِ فِي مَرْتَبَةِ الِاجْتِهَادِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاجْتِهَادِ فَتَدَبَّرْ. وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ: أَنَّ الْمِحْرَابَ فِي الْجِهَةِ كَالْإِجْمَاعِ وَهُوَ تَحَرُّمُ مُخَالَفَتِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْزِمَ حِينَئِذٍ بِكَوْنِهِ خَبَرًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجِهَةِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْيَمْنَةِ وَالْيَسْرَةِ فَكَأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ رُتْبَةً مُتَوَسِّطَةً بَيْنَ الْخَبَرِ وَالتَّقْلِيدِ حَيْثُ جَوَّزُوا الِاجْتِهَادَ فِيهِ وَلَمْ يُوجِبُوهُ، إذْ لَوْ كَانَ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ مُنِعَ الِاجْتِهَادُ أَوْ مِنْ بَابِ التَّقْلِيدِ وَجَبَ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْجِهَةِ الْيَمْنَةُ وَالْيَسْرَةُ) اعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ الِاجْتِهَادِ يَجُوزُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً فِي الْمَحَارِيبِ الْمُعْتَمَدَةِ يُفِيدُ أَنَّ خَبَرَ الثِّقَةِ أَقْوَى مِنْهَا، إذْ يَمْتَنِعُ مَعَهُ الِاجْتِهَادُ مُطْلَقًا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّيْخُ الْبَرَّاوِيُّ لَكِنْ يَلْزَمُهُ أَنَّ خَبَرَهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَحَارِيبِ، وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ إنْ كَانَ خَبَرُهُ عَنْ الْكَعْبَةِ تَخَيَّرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُؤْيَتِهِ هُوَ الْمِحْرَابُ وَإِنْ كَانَ عَنْ الْمِحْرَابِ فَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ رُتْبَةِ الْمِحْرَابِ فَاَلَّذِي تَحَصَّلَ أَنَّهُ إنْ أَخْبَرَ عَنْ الْكَعْبَةِ لَا يَجْتَهِدُ مَعَ خَبَرِهِ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً، وَهُوَ حِينَئِذٍ أَعْلَى مِنْ الْمِحْرَابِ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَتَقَدَّمَ وَجْهُ التَّخْيِيرِ وَإِنْ أَخْبَرَ عَنْ الْمِحْرَابِ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا مَرَّ وَيَجُوزُ الِاجْتِهَادُ مَعَهُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً بِالْأَوْلَى مِنْ الْمِحْرَابِ الَّذِي أُخْبِرَ عَنْهُ وَإِنَّمَا جَازَ الِاجْتِهَادُ فِي الْمَحَارِيبِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً دُونَ خَبَرِ الثِّقَةِ؛ لِأَنَّ خَبَرَهُ يُفِيدُ الظَّنَّ بِإِصَابَةِ الْعَيْنِ، وَالْمَحَارِيبُ تُفِيدُ تَعَيُّنَ الْجِهَةِ دُونَ الْيَمْنَةِ وَالْيَسْرَةِ اهـ. مَرْصَفِيٌّ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى التَّخْيِيرِ) أَيْ هُنَا وَفِي الْوَقْتِ بِخِلَافِهِ فِي الْمِيَاهِ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِقَوْلِ أَحَدِهِمَا لِوُجُودِ الْبَدَلِ هُنَاكَ وَهُوَ التَّيَمُّمُ بَعْدَ الْإِرَاقَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَا يَعْتَمِدُهُ إلَخْ) أَيْ وَأَفَادَ عِلْمًا بِصَوَابِ جِهَتِهِ عَنْ قُرْبٍ أَوْ ظَنًّا بِخَطَئِهَا وَصَوَابِيَّةِ غَيْرِهَا وَانْحَرَفَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَا يَعْتَمِدُهُ أَوْ كَانَ وَلَمْ يُفِدْهُ شَيْئًا أَوْ أَفَادَهُ عِلْمًا بِخَطَأِ جِهَةٍ أَوْ ظَنًّا لَا عَنْ قُرْبٍ فَحَاصِلُ الصُّوَرِ: سِتَّةٌ، تَصِحُّ فِي ثِنْتَيْنِ وَتَبْطُلُ فِي أَرْبَعٍ اهـ. بِهَامِشٍ صَحِيحٍ

(قَوْلُهُ كَمَا اكْتَفَيَا) أَيْ الْحَاوِي وَالْمُصَنِّفُ اهـ (قَوْلُهُ فَرْضُ عَيْنٍ) أَيْ عَلَى مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلتَّعَلُّمِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَرْضُ عَيْنٍ) ضَابِطُ كَوْنِهِ فَرْضَ عَيْنٍ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ أَنْ لَا يُوجَدَ مَنْ تَسْهُلُ مُرَاجَعَتُهُ قَبْلَ ضِيقِ الْوَقْتِ، وَلَوْ وَاحِدًا بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَصْلًا أَوْ وُجِدَ وَلَمْ تَسْهُلْ مُرَاجَعَتُهُ أَوْ سَهُلَتْ لَكِنْ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ، وَضَابِطُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ مَا يُقَابِلُهُ اهـ. طَبَلَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَحَمْلُ السُّبْكِيّ إلَخْ) الَّذِي تَحَرَّرْ بِالدَّرْسِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ فَرْضَ عَيْنٍ إثْمُ الْجَمِيعِ بِتَرْكِهِ وَعَدَمِ جَوَازِ التَّقْلِيدِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ عِنْدَ قِلَّةِ الْعَارِفِينَ مَعَ سُقُوطِهِ بِتَعَلُّمِ مَنْ يَسْهُلُ عَلَى مُرِيدِ الصَّلَاةِ، سُؤَالُهُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ نَظِيرُ الْقَوْلِ الضَّعِيفِ: أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ الْمُخَاطَبُ بِهِ الْجَمِيعُ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ التَّعَلُّمُ، بَلْ لِغَيْرِ الْعَارِفِ تَقْلِيدُ الْعَارِفِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِحَضَرٍ وَلَا سَفَرٍ، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى قِلَّةِ الْعَارِفِينَ وَكَثْرَتِهِمْ وَقَيَّدُوا بِالسَّفَرِ وَالْحَضَرِ لِأَنَّ الْغَالِبَ الْقِلَّةُ فِي الْأَوَّلِ وَالْكَثْرَةُ فِي الثَّانِي فَيَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ تَأَدَّى بِهَؤُلَاءِ الْعَارِفِينَ

ص: 285

الْعَارِفُونَ بِأَدِلَّتِهَا دُونَ مَا يَكْثُرُونَ فِيهِ كَرَكْبِ الْحَاجِّ فَهُوَ كَالْحَضَرِ فَإِنْ قُلْنَا لَيْسَ بِفَرْضِ عَيْنٍ صَلَّى بِالتَّقْلِيدِ وَلَا يَقْضِي كَالْأَعْمَى أَوْ فَرْضُ عَيْنٍ لَمْ يَجُزْ التَّقْلِيدُ فَإِنْ قَلَّدَ قَضَى لِتَقْصِيرِهِ، وَالتَّقْلِيدُ قَبُولُ قَوْلِ الْغَيْرِ الْمُسْتَنِدِ إلَى الِاجْتِهَادِ فَلَوْ أَخْبَرَهُ بِمَحَلِّ الْقُطْبِ مِنْهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِدَلَالَتِهِ أَوْ قَالَ رَأَيْت الْخَلْقَ الْكَثِيرَ يُصَلُّونَ إلَى هُنَا فَالْأَخْذُ بِمُقْتَضَاهُ قَبُولُ خَبَرٍ لَا تَقْلِيدٌ (وَ) التَّوَجُّهُ (كَيْفَ كَانَ) ثَابِتٌ (لِسِوَاهُ) أَيْ سِوَى مَنْ ذَكَرَ

ــ

[حاشية العبادي]

يَلْزَمُهُ التَّعَلُّمُ أَمَّا الْعَارِفُ بِهَا وَلَكِنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ لِغَيْمٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ، بَلْ يُصَلِّي وَيَقْضِي فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ يَلْتَبِسُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ وَأَقُولُ: أَمَّا قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ التَّعَلُّمُ فَلَا إشْكَالَ فِي صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ فَائِدَةُ عَدَمِ التَّعْيِينِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِلْعَجْزِ عَنْ تَعَلُّمٍ مَحَلُّ التَّقْيِيدِ بِهِ إذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ قَدْ فُرِضَا صِفَةً لِتَعَلُّمٍ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ الْعَجْزُ إذَا تَعَيَّنَ التَّعَلُّمُ فَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَمْ يُعْتَبَرْ، بَلْ لَهُ التَّقْلِيدُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّعَلُّمِ وَأَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِيَ وَلَا يُقَلِّدُ الْأَخِيرَانِ إلَخْ مَحَلُّهُ فِي الْأَوَّلِ مِنْهَا إنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ عِلْمُ التَّعَلُّمِ بِأَنْ أَرَادَ سَفَرًا يَقِلُّ فِيهِ الْعَارِفُونَ، وَإِلَّا فَلَهُ التَّقْلِيدُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَمَّا الْعَارِفُ إلَخْ فَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: وَالْعَالِمُ بِهَا وَلَكِنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ

سم (قَوْلُهُ صَلَّى بِالتَّقْلِيدِ إلَخْ) وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَاصِلَ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْعَالِمَ بِالْفِعْلِ بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ وَإِنْ كَانَ التَّعَلُّمُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَغَيْرَ الْعَالِمِ بِالْفِعْلِ إنْ كَانَ التَّعَلُّمُ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّهِ جَازَ لَهُ التَّقْلِيدُ بِلَا قَضَاءٍ وَإِنْ كَانَ فَرْضَ عَيْنٍ فِي حَقِّهِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعَلُّمُ وَامْتَنَعَ التَّقْلِيدُ فَإِنْ قَلَّدَ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَلَا يُقَلِّدُ الْأَخِيرَانِ مَحَلُّهُ فِي أَوَّلِهِمَا حَيْثُ كَانَ التَّعَلُّمُ فِي حَقِّهِ فَرْضَ عَيْنٍ وَإِلَّا فَلَهُ التَّقْلِيدُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَلَوْ قَدَرَ عَلَى التَّعَلُّمِ لَهَا وَقُلْنَا: إنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّقْلِيدُ فَإِنْ قَلَّدَ قَضَى

ــ

[حاشية الشربيني]

فَأَنْتَ إذَا تَأَمَّلْتَ تَجِدُهُ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ لَكِنَّهُ عِنْدَ الْقِلَّةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ لَمْ يَتَأَدَّ، وَعِنْدَ الْكَثْرَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ تَأَدَّى بِالْعَارِفِينَ الَّذِينَ يَسْهُلُ سُؤَالُهُمْ عَلَى كُلِّ مُرِيدٍ لِلصَّلَاةِ اهـ.

شَيْخُنَا قُوَيْسَنِيٌ وَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ جِدًّا قَلَّ أَنْ يُوجَدَ لَهُ نَظِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ اهـ مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ، وَهُوَ بِعَيْنِهِ مَنْقُولٌ عَنْ الْأُسْتَاذِ الْحِفْنِيُّ وَقَوْلُهُ: بَلْ الْمَدَارُ إلَخْ صَرَّحَ بِهِ حَجَرٌ وَعَلَى هَذَا التَّحْقِيقُ فَمَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ قُلْنَا لَيْسَ بِفَرْضِ عَيْنٍ أَيْ بِأَنْ كَثُرَ الْعَارِفُونَ، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا: فَرْضَ عَيْنٍ أَيْ بِأَنْ أَثِمَ الْجَمِيعُ بِالتَّرْكِ وَإِنْ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَفِي الشِّهَابِ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ تَعْلِيلُ كَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي الْحَضَرِ بِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ نَادِرَةٌ، وَكَوْنَهُ فَرْضَ عَيْنٍ فِي السَّفَرِ بِكَثْرَةِ الِاشْتِبَاهِ فِيهِ، وَهُوَ لَا يُخَالِفُ هَذَا التَّحْقِيقَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا نَصُّهُ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ مِحْرَابٌ مُعْتَمَدٌ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ فِي طَرِيقِهِ أَوْ مَقْصِدِهِ أَوْ وُجِدَ عَارِفٌ، وَلَوْ وَاحِدًا فِي بَلَدٍ كَبِيرٍ أَوْ رَكْبٍ وَإِنْ كَبُرَ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ، وَإِلَّا فَفَرْضُ عَيْنٍ. اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ كَلَامِ السُّبْكِيّ فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ عِنْدَ كَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْعَارِفِ تَقْلِيدُ الْعَارِفِ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَيَجْتَهِدَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَقْلِيدُ مُجْتَهِدٍ لِمِثْلِهِ، إذْ لَا يُقَالُ لِلشَّخْصِ مُجْتَهِدٌ إلَّا عِنْدَ مَعْرِفَتِهِ بِأَدِلَّةِ الِاجْتِهَادِ اهـ.

حِفْنِيٌّ وَفِي هَذَا نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى التَّعَلُّمِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْحَضَرِ يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ فِي الْقِبْلَةِ، وَهُوَ بَعِيدٌ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ التَّعَلُّمِ مِنْ الْعَارِفِ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ مَعَ شَرْحِ م ر فَإِنْ فَقَدَ مَا ذُكِرَ أَيْ الْمُخْبِرَ عَنْ عِلْمٍ وَأَمْكَنَهُ الِاجْتِهَادُ بِأَنْ كَانَ بَصِيرًا يَعْرِفُ أَدِلَّةَ الْقِبْلَةِ حَرُمَ التَّقْلِيدُ قَالَهُ ع ش قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ بَصِيرًا مِثْلُهُ فِي الْمَحَلِّيِّ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ لَا يَعْرِفُ أَدِلَّتَهَا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ وَيُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الِاجْتِهَادِ وَتَعَلُّمِ الْأَدِلَّةِ كَأَعْمَى قَلَّدَ ثِقَةً عَارِفًا وَإِنْ قَدَرَ فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ التَّعَلُّمِ وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْرِفَةِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ حَاصِلَةً بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ عَمِيرَةَ عَلَى قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ مَعَ الْمِنْهَاجِ فَإِنْ فَقَدَ أَيْ الْمُخْبِرَ عَنْ عِلْمٍ وَأَمْكَنَ الِاجْتِهَادُ بِأَنْ كَانَ عَارِفًا بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ حَرُمَ التَّقْلِيدُ، كَتَبَ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ عَارِفًا بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ أَيْ أَوْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ مُطْلَقًا عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ أَوْ بِشَرْطِ السَّفَرِ عَلَى الْمُخْتَارِ فِي الرَّوْضَةِ اهـ.

وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ يَجِبُ التَّعَلُّمُ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ تَسْهُلُ مُرَاجَعَتُهُ سَوَاءٌ السَّفَرُ وَالْحَضَرُ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ، وَلَوْ مَعَ إمْكَانِهِ وَيَجُوزُ التَّقْلِيدُ فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ الْحِفْنِيُّ تَدَبَّرْ. ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ السُّهُولَةُ عَلَى جَمِيعِ الْمَوْجُودِينَ فِي الْبَلْدَةِ أَوْ الْقَافِلَةِ فَلَوْ سَهُلَ عَلَى بَعْضِهِمْ لِقُرْبِهِ مِمَّنْ يَعْلَمُ الْأَدِلَّةَ وَصَعُبَ عَلَى غَيْرِهِ امْتَنَعَ التَّقْلِيدُ، وَلَوْ لِمَنْ سَهُلَ عَلَيْهِ هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ وَإِنْ قُلْنَا فَرْضُ عَيْنٍ إلَخْ) كَيْفَ يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ مَعَ اكْتِفَائِهِمْ بِتَعَلُّمِ مَنْ يَسْهُلُ

ص: 286

وَهُوَ الْعَاجِزُ عَنْ تَعَلُّمِ الْأَدِلَّةِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ وَالْقَادِرُ عَلَى تَعَلُّمِهَا وَلَمْ يَتَعَلَّمْهَا وَالْعَالِمُ بِهَا لَكِنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ أَوْ تَعَارَضَتْ عِنْدَهُ فَيُصَلُّونَ عَلَى حَسَبِ حَالِهِمْ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَلَا يُقَلِّدُ الْأَخِيرَانِ لِقُدْرَةِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا عَلَى تَعَلُّمِهَا وَالثَّانِي عَلَى الِاجْتِهَادِ، وَالْعَارِضُ قَدْ يَزُولُ عَنْ قُرْبٍ (وَقَضَى) كُلٌّ مِنْهُمْ صَلَاتَهُ لِلنُّدُورِ أَوْ لِلتَّقْصِيرِ

ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ التَّوَجُّهِ لِلْقِبْلَةِ صَلَاةَ النَّفْلِ فِي السَّفَرِ بِقَوْلِهِ (وَصَوْبُ حِلِّ سَفَرٍ لِقَصْدِ) بِزِيَادَةِ حِلِّ أَيْ وَصَوْبُ سَفَرِ حَلَالٍ إلَى مَقْصِدٍ (عَيَّنَهُ) الْمَاشِي أَوْ الرَّاكِبُ فِي سَفَرِهِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ طَرِيقَهُ بَدَلٌ عَنْ الْكَعْبَةِ فِي النَّفْلِ كَمَا سَيَأْتِي «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ» أَيْ فِي جِهَةِ مَقْصِدِهِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا «غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ» وَأُلْحِقَ الْمَاشِي بِالرَّاكِبِ سَوَاءٌ كَانَ السَّفَرُ (فِي الْقُرْبِ أَوْ فِي الْبُعْدِ) وَهُوَ سَفَرُ الْقَصْرِ، وَذَلِكَ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ وَعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، وَالسَّفَرُ الْقَرِيبُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ: مِثْلُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى ضَيْعَةٍ مَسِيرَتُهَا مِيلٌ أَوْ نَحْوُهُ وَالْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ: أَنْ يَخْرُجَ إلَى مَكَان لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ الْجُمُعَةُ لِعَدَمِ سَمَاعِهِ النِّدَاءَ (مَاشٍ وَرَاكِبٍ) فَاعِلُ عَيَّنَهُ وَالْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ الْحَضَرُ وَسَفَرُ الْمَعْصِيَةِ وَمَنْ لَا قَصْدَ لَهُ مُعَيَّنٌ كَالْهَائِمِ وَعَبَّرَ " بِصَوْبُ لِيُنَبِّهَ " عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ سُلُوكُ نَفْسِ الطَّرِيقِ

ــ

[حاشية العبادي]

لِتَقْصِيرِهِ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ جَازَ لَهُ التَّقْلِيدُ كَالْأَعْمَى اهـ (قَوْلُهُ، وَهُوَ) أَيْ السَّوِيُّ (قَوْلُهُ: وَالْقَادِرُ عَلَى تَعَلُّمِهَا إلَخْ) قَيَّدَ هَذَيْنِ فِي الْعُبَابِ بِضِيقِ الْوَقْتِ فَقَالَ: فَإِنْ تَحَيَّرَ لَمْ يُقَلِّدْ مُجْتَهِدًا، وَلَوْ أَعْرَفَ مِنْهُ كَالْقَادِرِ عَلَى التَّعَلُّمِ بَلْ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ صَلَّى كَيْفَ شَاءَ وَأَعَادَ. اهـ وَقَالَ فِي الْأَعْمَى وَنَحْوِهِ فَأَبْصَرَ وَيَعْتَمِدُ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ فِي ظُلْمَةِ الْمِحْرَابِ بِالْمَسِّ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ قَبْلَ الْعَمَى فَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ فَطِنَانِ قَلَّدَ بَصِيرًا فَإِنْ فَقَدَهُ صَبَرَ فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الصَّلَاةِ صَلَّاهَا كَيْفَ شَاءَ وَأَعَادَ إذَا قَدَرَ. اهـ. وَقِيَاسُ اعْتِبَارِ الضِّيقِ فِي الْقَادِرِ الْمُتَحَيِّرِ اعْتِبَارُهُ فِي الْعَاجِزِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ (قَوْلُهُ: فَيُصَلُّونَ عَلَى حَسَبِ حَالِهِمْ) أَيْ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ لَا عِنْدَ اتِّسَاعِهِ أَيْضًا، بَلْ يَجِبُ الصَّبْرُ مَا دَامَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ فِي الْأَخِيرَةِ، وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ وَاعْتَرَضَ الْمَجْمُوعُ وَالتَّنْقِيحُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ لَا الْحُكْمُ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ، وَإِنَّمَا جَازَ التَّيَمُّمُ أَوَّلَ الْوَقْتِ لِتَحَقُّقِ عَجْزِهِ ثَمَّ مِنْ غَيْرِ نَسَبِهِ لِتَقْصِيرٍ أَلْبَتَّةَ بِخِلَافِ هَذَا ح ج ش ع

(قَوْلُهُ لِقَصْدِ مَقْصِدٍ) أَوْ ذِي قَصْدٍ (قَوْلُهُ فِي الْقُرْبِ) أَيْ مَعَهُ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى أَوْ) قَالَ فِي الْمُغْنِي: إنَّ كَوْنَ الْوَاوِ بِمَعْنَى أَوْ لَا يُعْرَفُ

ــ

[حاشية الشربيني]

سُؤَالُهُ وَفَرْضُ الْعَيْنِ مُخَاطَبٌ بِهِ كُلُّ مُكَلَّفٍ عَيْنًا؟ وَقَدْ عَلِمْتَ جَوَابَهُ مِمَّا سَبَقَ فَتَذَكَّرْ

(قَوْلُهُ فَيُصَلُّونَ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ م ر سم

(قَوْلُهُ: صَوْبُ حِلِّ سَفَرٍ إلَخْ) وَالْوَاجِبُ هُنَا الِاسْتِقْبَالُ بِالْوَجْهِ، إذْ هُوَ الْمُعْتَبَرُ هُنَا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا ذ رحمه الله وَعِبَارَةُ الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ وَمَتَى اسْتَقْبَلَ جِهَتَهُ فَالْعِبْرَةُ بِوَجْهِهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَصَوْبُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ الِاسْتِقْبَالُ وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ فِي هَوْدَجٍ وَنَحْوِهِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ عَمِيرَةُ

(قَوْلُهُ وَصَوْبُ حِلِّ سَفَرٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِصَوْبِ الْمَقْصِدِ جِهَتُهُ، فَلَا يَضُرُّ الِانْحِرَافُ عَنْ الْعَيْنِ، وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ وَكَذَا عَنْ الْجِهَةِ لِانْعِطَافِ الطَّرِيقِ أَوْ لِنَحْوِ زَحْمَةٍ أَوْ غُبَارٍ، وَكَذَا إذَا غَلَبَتْهُ الدَّابَّةُ أَوْ انْحَرَفَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا إنْ عَادَ عَنْ قُرْبٍ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إلَّا فِي النِّسْيَانِ عِنْدَ حَجَرٍ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ " مَا أَبْطَلَ عَمْدُهُ " يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ عَنْ قُرْبٍ أَوْ انْحَرَفَ عَامِدًا عَالِمًا فِي غَيْرِ مَا مَرَّ مِنْ نَحْوِ الزَّحْمَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ حَرَّفَهُ غَيْرُهُ قَهْرًا وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ لِنُدْرَةِ الْإِكْرَاهِ فِي ذَلِكَ، وَكَذَا تَبْطُلُ إذَا انْحَرَفَتْ لِغَفْلَتِهِ عَنْهَا وَإِنْ عَادَ عَنْ قُرْبٍ كَمَا اسْتَوْجَهَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِنِسْبَتِهِ لِلتَّقْصِيرِ اهـ. شَيْخُنَا ذ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ فِي غَيْرِ سَفَرٍ أَنَّهُ إذَا أَحْرَفَهُ غَيْرُهُ قَهْرًا وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ لَا بُطْلَانَ، فَفَرْقٌ بَيْنَ أَنْ يُكْرِهَهُ عَلَى أَنْ يَنْحَرِفَ بِنَفْسِهِ فَتَبْطُلُ لِنُدْرَتِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُحَرِّفَهُ الْغَيْرُ قَهْرًا، فَلَا تَبْطُلُ لِعَدَمِ نُدْرَتِهِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِتَصْحِيحِ الرَّوْضَةِ وَلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ اهـ. (قَوْلُهُ حِلِّ سَفَرٍ) ، وَلَوْ مَكْرُوهًا وَعَلَى دَابَّةٍ مَغْصُوبَةٍ لِعَدَمِ عِصْيَانِهِ بِنَفْسِ السَّفَرِ شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ إلَى مَقْصِدِ عَيْنِهِ) ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَقْصِدُ وَطَنَهُ، فَإِذَا عَنَّ لَهُ الْعَوْدُ إلَى وَطَنِهِ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ انْحَرَفَ إلَيْهِ فَوْرًا وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ وَعَلَى قِيَاسِهِ إذَا عَنَّ لَهُ مَقْصِدٌ آخَرُ فَرَاجِعْهُ اهـ. شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ طَرِيقَهُ) ، بَلْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَحَلًّا مُعَيَّنًا، بَلْ الْوَاجِبُ قَصْدُ قَطْعِ مَسَافَةٍ يَجُوزُ فِيهَا التَّرَخُّصُ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ مُسَافِرًا عُرْفًا عَلَى الرَّاجِحِ اهـ. شَيْخُنَا ذ لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَقْصِدَ جِهَةً مُعَيَّنَةً كَجِهَةِ الصَّعِيدِ مَثَلًا بِدُونِ قَصْدِ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى صَوْبِ مَقْصِدِهِ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ طَرِيقَهُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَيَّنَهُ (قَوْلُهُ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ إلَخْ) أَيْ فِي أَيِّ نَاحِيَةٍ لَكِنْ فِي جِهَةِ مَقْصِدِهِ فَالْوَاجِبُ جِهَةُ الْمَقْصِدِ لَا عَيْنُهُ اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ إلَخْ) زَادَهَا لِتَنَاوُلِ الْأُولَى الْمَكْتُوبَةَ عَلَى الرَّاحِلَةِ اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ) زَادَهَا لِتَنَاوُلِ مَا قَبْلَهَا الْمَكْتُوبَةَ عَلَى الْأَرْضِ إلَى جِهَةِ مَقْصِدِهِ اهـ.

عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ وَالْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ إلَخْ) لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنَّ الْبَغَوِيّ وَالْقَاضِيَ اعْتَبَرَا الْحِكْمَةَ، وَهِيَ مُفَارَقَةُ حُكْمِ الْمُقِيمِينَ فِي الْبَلَدِ، وَغَيْرُهُمَا اعْتَبَرَ الْمَظِنَّةَ، وَهِيَ الْمَيْلُ وَنَحْوُهُ فَإِنَّهُ مَظِنَّةٌ لِعَدَمِ سَمَاعِ النِّدَاءِ اهـ. م ر عَنْ الْمُنَاوِيِّ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ الْحَضَرُ) وَجَوَّزَ الْإِصْطَخْرِيُّ فِعْلَ النَّافِلَةِ لِلْحَاضِرِ الْمُتَرَدِّدِ فِي حَوَائِجِهِ اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَاخْتَارَ الْقَفَّالُ الْجَوَازَ بِشَرْطِ الِاسْتِقْبَالِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ اهـ. رَوْضَةٌ (قَوْلُهُ: لِيُنَبِّهَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ ذَلِكَ فَالشَّرْطُ سُلُوكُ صَوْبِ الطَّرِيقِ لَا سُلُوكُهَا نَفْسِهَا اهـ. (قَوْلُهُ لَا يَتَعَيَّنُ إلَخْ) عِبَارَةُ

ص: 287

فَقَدْ يَعْدِلُ عَنْهُ لِنَحْوِ زَحْمَةٍ وَدَفْعِ غُبَارٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَى السَّفَرِ كَغَيْرِهِ فِيمَا ذُكِرَ لَكِنْ قَدْ يُخْرِجُهُ قَوْلُهُ عَيَّنَهُ بِخِلَافِ قَوْلِ الْحَاوِي مُعَيَّنٌ

(خَلَا الْمُصَلِّي فِي نَحْوِ فُلْكٍ) أَيْ سَفِينَةٍ فَلَيْسَ صَوْبُ سَفَرِهِ بَدَلًا عَنْ الْكَعْبَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

فِي اللُّغَةِ

(قَوْلُهُ خَلَا الْمُصَلِّي) فِي نَحْوِ ذَلِكَ، عِبَارَةُ الرَّوْضِ إلَّا رَاكِبَ سَفِينَةٍ أَوْ هَوْدَجٍ فَعَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ، وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِقْبَالُ رُبَّانِ السَّفِينَةِ (فَرْعٌ) لَوْ رَكِبَ سَرْجًا وَنَحْوَهُ أَيْ مِمَّا لَا يَسْهُلُ مَعَهُ الِاسْتِقْبَالُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَإِتْمَامِ الْأَرْكَانِ لَزِمَهُ الِاسْتِقْبَالُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَقَطْ إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ سَهْلَةً غَيْرَ مَقْطُورَةٍ أَوْ يَسْتَطِيعُ الِانْحِرَافَ بِنَفْسِهِ. اهـ. وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا تَحَصَّلَ مِنْ صَنِيعِ الْمِنْهَاجِ وَالْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَإِتْمَامِ الْأَرْكَانِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا إلَّا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِمَا مَعًا وَإِلَّا بِأَنْ قَدَرَ عَلَى التَّوَجُّهِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ دُونَ إتْمَامِ شَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ أَوْ عَلَى إتْمَامِ الْأَرْكَانِ أَوْ بَعْضِهَا دُونَ التَّوَجُّهِ مُطْلَقًا أَوْ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْعُبَابِ مَعَ شَرْحِهِ لِحَجَرٍ عَنْ الْمَجْمُوعِ لَا يُشْتَرَطُ سُلُوكُ نَفْسِ الطَّرِيقِ، بَلْ الشَّرْطُ جِهَةُ الْمَقْصِدِ الْمَعْلُومِ، فَلَوْ لَمْ يَسِرْ إلَيْهِ فِي طَرِيقٍ مُعَيَّنٍ فَلَهُ التَّنَفُّلُ إلَى جِهَتِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَا يَضُرُّ خُرُوجُهَا أَيْ الدَّابَّةِ، وَلَوْ بِفِعْلِ رَاكِبِهَا وَلَا خُرُوجُ الْمَاشِي فِي مَعَاطِفِ الطَّرِيقِ الَّتِي لِمَقْصِدِهِ وَجِهَاتِهِ وَإِنْ طَالَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَقْصِدِهِ وَمُوَصِّلٌ إلَيْهِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَسَوَاءٌ طَالَ هَذَا التَّحْرِيفُ وَكَثُرَ أَمْ لَا، لِمَا ذَكَرْنَاهُ. اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا خَرَجَ عَنْ جِهَةِ مَقْصِدِهِ لِضَرُورَةِ الطَّرِيقِ لَا يَضُرُّ فَلَوْ سَلَكَ غَيْرَ طَرِيقِ الْمَقْصِدِ وَكَانَ فِي بَعْضِ سِيَرِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ جِهَةُ مَقْصِدِهِ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الذَّهَبِيِّ رحمه الله مَا يُفِيدُ وُجُوبَ تَوَجُّهِهِ بِوَجْهِهِ مَعَ الْمَشْيِ قَهْقَرِيًّا أَوْ الرُّكُوبِ مَقْلُوبًا وَهَلْ يُقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ سُلُوكُهُ لِحَاجَةٍ؟ أَمَّا إذَا كَانَ لَهَا، فَلَا يَجِبُ الْمَشْيُ قَهْقَرِيًّا وَالرُّكُوبُ مَقْلُوبًا، فَلْيُحَرَّرْ. وَظَاهِرُ عِبَارَاتِهِمْ تُخَالِفُ هَذَا التَّقْيِيدَ اهـ. (قَوْلُهُ، فَقَدْ يَعْدِلُ إلَخْ)، وَلَوْ كَانَ لِمَقْصِدِهِ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الِاسْتِقْبَالُ مُطْلَقًا، وَالْآخَرُ يَتَأَتَّى فِيهِ فَهَلْ لَهُ التَّنَفُّلُ فِي الْأَوَّلِ مَعَ تَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ مُطْلَقًا أَوْ عَلَى التَّفْصِيلِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْقَصْرِ؟ احْتِمَالَانِ قَالَ م ر وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَفَارَقَ نَظِيرَهُ مِنْ الْقَصْرِ بِأَنَّ النَّفَلَ وَسَّعَ فِيهِ لِكَثْرَتِهِ اهـ. وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُ الطَّرِيقَيْنِ بِحَيْثُ لَا يُسَمَّى قَطْعُهُ سَفَرًا جَوَازَ التَّنَفُّلِ فِي الْآخَرِ لِلْمَاشِي وَغَيْرِهِ مَعَ تَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ وَنَحْوِهِ اهـ سم عَلَى التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ خَلًّا الْمُصَلِّي فِي نَحْوِ فُلْكٍ) أَيْ مِمَّا يَسْهُلُ فِيهِ

ص: 288

؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ التَّوَجُّهِ إلَيْهَا، وَعِبَارَةُ الْحَاوِي لَا فِي سَفِينَةٍ وَهَوْدَجٍ فَحَذَفَ مِنْهَا النَّاظِمُ الْهَوْدَجَ وَأَتَى بَدَلَهُ بِلَفْظَةِ نَحْوِ الشَّامِلَةِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَيُسْتَثْنَى مَلَّاحُ السَّفِينَةِ الَّذِي يُسَيِّرُهَا فَصَوْبُ سَفَرِهِ بَدَلٌ؛ لِأَنَّ تَكْلِيفَهُ التَّوَجُّهَ يَقْطَعُهُ عَنْ النَّفْلِ أَوْ عَمَلِهِ صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ صَحَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ (بَدَلٌ) خَبَرُ صَوْبُ كَمَا تَقَرَّرَ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى مَنْعِ الْعُدُولِ عَنْ صَوْبِ مَقْصِدِهِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ لِتَجْتَمِعَ هِمَّتُهُ وَلَا يَتَوَزَّعُ فِكْرُهُ وَنَظَرُهُ (فِي النَّفْلِ) دُونَ الْفَرْضِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَتَرْغِيبًا فِي تَكْثِيرِهِ سَوَاءٌ فِيهِ الرَّاتِبُ وَغَيْرُهُ حَتَّى صَلَاةِ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَيُشْتَرَطُ دَوَامُ سَفَرِهِ وَسَيْرِهِ فَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ فِي نَافِلَةٍ أَوْ بَلَغَ فِيهَا مَنْزِلَهُ أَوْ مَقْصِدَهُ أَتَمَّهَا لِلْقِبْلَةِ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ الدَّابَّةِ إنْ أَمْكَنَ، وَهِيَ وَاقِفَةٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: فَلَوْ تَغَيَّرَ قَصْدُهُ لِجِهَةٍ أُخْرَى فَلِيَسْتَقْبِلهَا فِي الْحَالِ وَيَبْنِي وَلَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ مَقْلُوبًا وَجَعَلَ وَجْهَهُ لِلْقِبْلَةِ صَحَّتْ؛ لِأَنَّهَا إذَا صَحَّتْ بِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَلَهَا أَوْلَى وَلَوْ وَقَفَ لِاسْتِرَاحَةٍ أَوْ انْتِظَارِ رَفِيقٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لَزِمَهُ التَّوَجُّهُ فَإِنْ سَارَ لِسَيْرِ الْقَافِلَةِ جَازَ أَنْ يُتِمَّهَا إلَى جِهَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

لَمْ يَجِبْ الْإِتْمَامُ مُطْلَقًا وَلَا التَّوَجُّهُ إلَّا فِي التَّحَرُّمِ إنْ سَهُلَ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ تَكْلِيفَهُ التَّوَجُّهُ) إلَّا فِي التَّحَرُّمِ إنْ سَهُلَ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَفَ) أَيْ الرَّاكِبُ بِدَلِيلِ السِّيَاقِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ التَّوَجُّهُ) وَلَهُ أَنْ يُتِمَّهَا بِالْإِيمَاءِ كَمَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَمَا دَامَ وَاقِفًا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ دُونَ إتْمَامِ الْأَرْكَانِ حَجَرٌ هَذَا مَخْصُوصٌ بِالرَّاكِبِ، فَالْمَاشِي إذَا وَقَفَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ بِالْأَوْلَى كَمَا يَأْتِي فِيهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

التَّوَجُّهُ وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ فَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِ التَّوَجُّهُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَالْإِتْيَانُ بِجَمِيعِ وَاجِبَاتِهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا لَمْ يَتَنَفَّلْ هَذَا ظَاهِرُ صَنِيعِهِ، وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَالرَّوْضِ وَكَشْفِ النِّقَابِ وَقَالَ م ر وزي وَالْحَوَاشِي: إنْ سَهُلَ عَلَيْهِ التَّوَجُّهُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا مَخْصُوصًا، وَهُوَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَتَنَفَّلْ بِدُونِهِ وَفِي الْمَنْهَجِ وَالْمِنْهَاجِ أَنَّهُ إنْ سَهُلَ عَلَيْهِ التَّوَجُّهُ الْمَذْكُورُ وَالْإِتْمَامُ الْمَذْكُورُ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا تَنَفَّلَ كَرَاكِبِ الْقَتَبِ، فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى التَّوَجُّهِ فِي تَحَرُّمِهِ إنْ سَهُلَ، وَخَرَجَ بِنَحْوِ الْفُلْكِ الرَّاكِبُ عَلَى نَحْوِ قَتَبٍ مِمَّا لَا يَسْهُلُ فِيهِ الِاسْتِقْبَالُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَلَا إتْمَامُ الْأَرْكَانِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الِاسْتِقْبَالُ فِي تَحَرُّمِهِ إنْ سَهُلَ فِي غَيْرِهِ وَإِنْ سَهُلَ. اهـ. شَيْخُنَا ذ وَمَا نُقِلَ عَنْ الرَّوْضِ وَأَصْلِهِ وَكَشْفِ النِّقَابِ نُقِلَ عَنْ تَقْرِيرِ الْعَزِيزِيِّ وَفِي الْحَاوِي أَمَّا رَاكِبُ السَّفِينَةِ، فَلَا يَجُوزُ تَنَفُّلُهُ فِيهَا إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ الْمَوْضِعُ وَاسِعًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ ضَيِّقًا لَا يُمْكِنُهُ فِيهِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ التَّوَجُّهِ كَالْمَلَّاحِ، وَمَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا عَنْ م ر وز ي وَالْحَوَاشِي كَتَبَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. وَهُوَ صَرِيحُ مَجْمُوعِ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ فَرَاجِعْهُمَا إنْ شِئْت، وَقَوْلُهُ: وَالْإِتْيَانُ بِجَمِيعِ وَاجِبَاتِهَا، فَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي رَاكِبِ نَحْوِ الْهَوْدَجِ أَنْ تَكُونَ الدَّابَّةُ وَاقِفَةً أَوْ زِمَامُهَا بِيَدِ مُمَيِّزٍ غَيْرِهِ وَلَا يَكْفِي كَوْنُهَا مَقْطُورَةً عَلَى مَا رَجَّحُوهُ، وَذَلِكَ لِئَلَّا يُنْسَبَ السَّيْرُ لِلرَّاكِبِ، فَلَا يَكُونُ مُسْتَقِرًّا مَعَ وُجُوبِ الِاسْتِقْرَارِ، وَلَيْسَ كَرَاكِبِ السَّفِينَةِ فَإِنَّ حَرَكَتَهَا سَوَاءٌ كَانَتْ سَائِرَةً أَوْ مَرْبُوطَةً بِجَانِبِ الْبَرِّ لَيْسَتْ مَنْسُوبَةً لِلرَّاكِبِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَصِرْ رَاكِبُ الْهَوْدَجِ كَرَاكِبِ الْقَتَبِ عَلَى مَا عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَإِلَّا، فَلَا اشْتِرَاطَ فَتَصِحُّ الصَّلَاةُ وَلَوْ كَانَتْ سَائِرَةً وَالزِّمَامُ بِيَدِ الرَّاكِبِ أَوْ عَلَى غَارِبِهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِقْرَارَ حِينَئِذٍ لَيْسَ بِشَرْطٍ. اهـ. شَيْخُنَا ذ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَفَعَنَا بِهِ

(قَوْلُهُ فِي النَّفْلِ) ، وَلَوْ نَذَرَ إتْمَامَهُ وَأَفْسَدَهُ وَأَرَادَ قَضَاءَهُ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ أَوَّلِهِ إنَّمَا هُوَ لِلتَّوَصُّلِ لِلْوَاجِبِ لَا بِالنَّذْرِ، وَكَذَا مَا نَذَرَ فِعْلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ فَمَحَلُّ السُّلُوكِ بِالْمَنْذُورِ مَسْلَكُ وَاجِبِ الشَّرْعِ مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ فِي نَذْرِهِ بِمَا لَا يَتَأَتَّى فِي وَاجِبِ الشَّرْعِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَشَرْحِ الْعُبَابِ فِي بَعْضِهِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَلَوْ نَذَرَ إتْمَامَهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ مَعَ الْقُعُودِ وَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ لَوْ فَسَدَ وَقَوْلُ شَيْخِنَا عَنْ وَالِدِهِ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ عَلَى الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِعْلُهُمَا عَلَيْهَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ يُنَافِي النَّذْرَ اهـ. فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ فِي النَّفْلِ) ، وَلَوْ نَذَرَ إتْمَامَهُ اهـ. شَيْخُنَا ذ وَمَالَ إلَيْهِ ع ش (قَوْلُهُ لِجِهَةٍ أُخْرَى) مِنْهَا وَطَنُهُ إذَا عَنَّ لَهُ الرُّجُوعُ اهـ. شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ، وَلَوْ وَقَفَ لِاسْتِرَاحَةٍ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا رحمه الله وَإِذَا وَقَفَ الْمَاشِي أَوْ الرَّاكِبُ أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ لِغَيْرِ نَحْوِ اسْتِرَاحَةٍ مِمَّا يَقِلُّ زَمَنُهُ بِحَيْثُ لَا يَقْطَعُ تَوَاصُلَ السَّيْرِ عُرْفًا أَتَمَّهَا، وَهُوَ وَاقِفٌ مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ وَيَلْزَمُ الْمَاشِيَ إتْمَامُ الْأَرْكَانِ لِسُهُولَتِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّاكِبِ وَلَا يُكَلَّفُ النُّزُولَ اهـ. وَهُوَ فِي التُّحْفَةِ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الشَّرْحِ بِمَا لَوْ وَقَفَ طَوِيلًا كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ أَنْ يُتِمَّهَا إلَخْ) أَيْ بِدُونِ إتْمَامِ الْأَرْكَانِ كَالْوَاقِفِ، بَلْ أَوْلَى

ص: 289

سَيْرِهِ لِتَضَرُّرِهِ بِتَخَلُّفِهِ عَنْ الْقَافِلَةِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرِيدُ لِلسَّيْرِ لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّهَا لِلْقِبْلَةِ، بَلْ إنْ كَانَ قَدْ نَزَلَ فِي أَثْنَائِهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ قَبْلَ رُكُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْوُقُوفِ لَزِمَهُ التَّوَجُّهُ كَالنَّازِلِ إذَا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ إلَى الْقِبْلَةِ ثُمَّ رَكِبَ سَائِرًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُتِمَّهَا لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ اهـ

وَيَنْبَغِي حَمْلُ قَوْلِهِ ثُمَّ رَكِبَ عَلَى ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَ بِقَرِينَةِ كَلَامٍ ذَكَرَهُ قَبْلُ اهـ. وَبِقَرِينَةِ قَوْلِ التَّحْقِيقِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُتِمَّهَا رَاكِبًا (لَا فِي تَحَرُّمٍ) أَيْ صَوْبُ سَفَرِهِ بَدَلٌ فِي جَمِيعِ النَّفْلِ لَا فِي التَّحَرُّمِ بِهِ (بِلَا أَنْ شَوَّشَا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ بِغَيْرِ تَشْوِيشٍ بِأَنْ سَهُلَ عَلَيْهِ التَّوَجُّهُ كَأَنْ يَكُونَ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا وَزِمَامُ الدَّابَّةِ بِيَدِهِ وَأَمْكَنَ تَوْجِيهُهَا لِلْقِبْلَةِ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا سَافَرَ فَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ اسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ وَجَّهَهُ رِكَابُهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَلِيَكُونَ ابْتِدَاءُ صَلَاتِهِ عَلَى صِفَةِ الْكَمَالِ كَمَا فِي اشْتِرَاطِ اقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِأَوَّلِ الْعِبَادَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَسِرَ بِأَنْ تَكُونَ مَقْطُورَةً أَوْ صَعْبَةً لَا يَلْزَمُهُ التَّوَجُّهُ فِي التَّحَرُّمِ أَيْضًا لِلْمَشَقَّةِ وَاخْتِلَالِ أَمْرِ السَّيْرِ عَلَيْهِ (وَلَا) فِي (رُكُوعِ وَسُجُودِ مَنْ مَشَى) ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُمَا كَمَا قَالَ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّهَا إلَخْ) قُوَّةُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ هُنَا إتْمَامُ الْأَرْكَانِ وَأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ السَّيْرَ لَكِنْ عَبَّرَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ مُخْتَارًا لَهُ بِلَا ضَرُورَةَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسِيرَ حَتَّى تَنْتَهِيَ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ بِالْوُقُوفِ لَزِمَهُ فَرْضُ التَّوَجُّهِ. اهـ فَصَرَّحَ بِامْتِنَاعِ السَّيْرِ وَلَمْ يُفْصِحْ عَنْ حُكْمِ إتْمَامِ الْأَرْكَانِ، وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ امْتِنَاعِ السَّيْرِ وُجُوبُ إتْمَامِهَا، وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ وَقَفَ لِاسْتِرَاحَةٍ إلَخْ عَدَمُ الْوُجُوبِ، بَلْ قَدْ يُقَالُ هَذَا مِنْ أَفْرَادِ ذَاكَ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ، بَلْ إنْ كَانَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَوْ نَزَلَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّهَا لِلْقِبْلَةِ قَبْلَ رُكُوبِهِ، وَلَوْ نَزَلَ وَبَنَى أَوْ ابْتَدَأَهَا لِلْقِبْلَةِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّكُوبَ وَالسَّيْرَ فَلْيُتِمَّهَا وَيُسَلِّمْ مِنْهَا ثُمَّ يَرْكَبْ فَإِنْ رَكِبَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إلَى الرُّكُوبِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ إلَّا الْمُسْتَثْنَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ مُرَادُ النَّوَوِيِّ اهـ وَقَوْلُهُ: لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّهَا لِلْقِبْلَةِ قَبْلَ رُكُوبِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَيْضًا إتْمَامُ الْأَرْكَانِ وَأَنَّ هَذَا كُلَّهُ مَا لَمْ يُرِدْ السَّيْرَ، وَإِلَّا فَفِيهِ مَا فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ سَارَ سَيْرَ الرُّفْقَةِ إلَخْ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ، وَلَوْ نَزَلَ وَبَنَى إلَى قَوْلِهِ فَلْيُتِمَّهَا وَيُسَلِّمْ مِنْهَا ثُمَّ يَرْكَبْ فَإِنْ رَكِبَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ امْتِنَاعُ الرُّكُوبِ وَالسَّيْرِ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ فَلَوْ نَزَلَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ لِلْقِبْلَةِ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ وَالسَّيْرُ قَبْلَ السَّلَامِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَّا إنْ اضْطَرَّ لِلرُّكُوبِ اهـ وَحِينَئِذٍ فَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مَا لَوْ وَقَفَ لِنَحْوِ اسْتِرَاحَةٍ أَوْ انْتِظَارِ رَفِيقٍ حَيْثُ جَازَ لَهُ السَّيْرُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَفَصَّلَ فِيهِ وَبَيَّنَ مَا لَوْ نَزَلَ حَيْثُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ السَّيْرُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا ذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ امْتِنَاعِ السَّيْرِ عَلَى امْتِنَاعِ السَّيْرِ لِغَيْرِ سَيْرِ الْقَافِلَةِ فَيَسْتَوِيَانِ، أَوْ يُفَرَّقَ بَيْنَ النُّزُولِ وَاسْتِمْرَارِ الرُّكُوبِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ ذَلِكَ) أَيْ أَنْ يُتِمَّهَا لِلْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: وَاخْتِلَالِ أَمْرِ السَّيْرِ عَلَيْهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِيمَا إذَا كَانَتْ سَهْلَةً أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ فِي غَيْرِ التَّحَرُّمِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَتْ

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ. (قَوْلُهُ لِتَضَرُّرِهِ) وَيَكْفِي فِيهِ حُصُولُ الْوَحْشَةِ لَهُ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرِيدُ إلَخْ) أَيْ بِلَا ضَرُورَةٍ اهـ. شَرْقَاوِيٌّ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّهَا إلَخْ) ، وَإِلَّا بَطَلَتْ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ إنْ لَزِمَ عَلَى رُكُوبِهِ أَفْعَالٌ مُبْطِلَةٌ، وَإِلَّا فَلَا وَيَفْصِلُ بَيْنَ سَيْرِهِ مُخْتَارًا وَسَيْرِهِ لِسَيْرِ الْقَافِلَةِ اهـ. شَرْقَاوِيٌّ وَدَمْهُوجِيٌّ قَالَ شَيْخُنَا ذ وَيُؤْخَذُ مِنْ م ر اهـ (قَوْلُهُ أَيْضًا لَزِمَهُ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ هُوَ الْمُرِيدُ لِلسَّيْرِ عَمِيرَةُ وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِقْبَالِ، وَأَمَّا إتْمَامُ الْأَرْكَانِ إذَا كَانَ نَازِلًا فَوَاجِبٌ فَإِنْ لَزِمَ اخْتِلَالُهُ بِالرُّكُوبِ فَصَلَ بَيْنَ سَيْرِهِ مُخْتَارًا وَسَيْرِهِ لِسَيْرِ الْقَافِلَةِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُحَشِّي (قَوْلُهُ لَا فِي تَحَرُّمٍ بِلَا أَنْ شُوِّشَا) قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الذَّهَبِيُّ رحمه الله الْمَاشِي يَلْزَمُهُ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ فِي تَحَرُّمِهِ لَا عِنْدَ نِيَّةِ الزِّيَادَةِ وَفِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَجُلُوسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ مَعَ الِاسْتِقْرَارِ فِي التَّحَرُّمِ لِقِصَرِ زَمَنِهِ، وَفِي السُّجُودِ حَيْثُ لَا عُذْرَ بِخِلَافِ الرُّكُوعِ فَلَهُ الْمَشْيُ فِيهِ مُسْتَقْبَلًا، وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَلَهُ الْمَشْيُ فِيهِ مُسْتَقْبِلًا زَحْفًا أَوْ حَبْوًا لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِمَا قِيَامًا فَإِنْ كَانَ عُذْرٌ كَوَحْلِ الطَّرِيقِ فَلَهُ الْمَشْيُ مُسْتَقْبَلًا مُومِيًا فِي السُّجُودِ وَقَائِمًا فِي الْجُلُوسِ، فَالِاسْتِقْبَالُ فِي هَذِهِ الْأَرْكَانِ لَازِمٌ يَمْتَنِعُ التَّنَفُّلُ بِدُونِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ سم أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِمْ وَكَذَا الِاسْتِقْرَارُ فِي التَّحَرُّمِ كَمَا عَلِمْت بِخِلَافِ غَيْرِهِ عَلَى مَا مَرَّ، أَمَّا الْقِيَامُ وَالِاعْتِدَالُ وَالتَّشَهُّدُ وَالسَّلَامُ فَلَهُ فِيهَا الْمَشْيُ صَوْبُ مَقْصِدِهِ وَإِنْ سَهُلَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِقْرَارُ اهـ رحمه الله فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَأَنْ يَكُونَ مَاشِيًا بَيَانُ الْحَالِ عَدَمُ التَّشْوِيشِ يَعْنِي أَنَّ الْمَشْيَ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّشْوِيشُ أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ وَقَعَ تَشْوِيشٌ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الِاسْتِقْبَالِ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا فِي رُكُوعٍ) مِثْلُهُ الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا) أَيْ مَاكِثًا لِسُهُولَتِهِ عَلَيْهِ فَيَسْهُلُ حِينَئِذٍ الِاسْتِقْبَالُ كَذَا فِي شَرْحِ م ر، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ إتْمَامٍ كَالرُّكُوعِ مَاكِثًا لَكِنْ اسْتَظْهَرَ حَجَرٌ جَوَازَ الْمَشْيِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ زَحْفًا لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ قِيَامًا وَقَاسَ عَلَيْهِ ع ش وَالشَّرْقَاوِيُّ جَوَازَ

ص: 290

(وَلَازِمٌ إتْمَامُ ذَيْنِ مَاشِيَا) لِسُهُولَتِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّاكِبِ يَكْفِيهِ الْإِيمَاءُ بِهِمَا لِتَعَذُّرِ الْإِتْمَامِ أَوْ تَعَسُّرِهِ، وَالنُّزُولُ لَهُمَا أَعْسَرُ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ لِلْمَاشِي الْمَشْيَ حَالَ قِيَامِهِ وَتَشَهُّدِهِ وَاعْتِدَالِهِ وَجُلُوسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَسَلَامِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ جُلُوسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لِقِصَرِ زَمَنِهِ يَمْتَنِعُ الْقِيَامُ فِيهِ وَلَا يَتَضَرَّرُ بِتَخَلُّفِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ (وَبِانْحِرَافٍ) مِنْ الْمُصَلِّي عَنْ صَوْبِ سَفَرِهِ (لَا إلَيْهَا) أَيْ الْكَعْبَةِ (نَاسِيَا) لِلصَّلَاةِ (أَوْ خَطَأً) بِأَنْ ظَنَّ مَا انْحَرَفَ إلَيْهِ طَرِيقَهُ (أَوْ لِجِمَاحِهَا) أَيْ الدَّابَّةِ أَيْ غَلَبَتِهَا (سَجَدْ سَهْوًا) أَيْ لِلسَّهْوِ (عَلَى الْأَصَحِّ إنْ قَلَّ الْأَمَدْ) أَيْ زَمَنَ الِانْحِرَافِ؛ لِأَنَّ عَمْدَهُ مُبْطِلٌ وَبِهَذَا جَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْجِمَاحِ وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فِي النِّسْيَانِ وَنَقَلَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ فِيهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي لَا يَسْجُدُ لِغَلَبَةِ ذَلِكَ وَبِهِ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي وَالْعِمْرَانِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَنَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْهُ وَعَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَيْضًا الشَّيْخَانِ فِي النِّسْيَانِ وَصَحَّحَهُ فِيهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَسَكَتَا عَنْ ذَلِكَ فِي الْخَطَأِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ يَسْجُدُ فِي النِّسْيَانِ وَالْخَطَأِ دُونَ الْجِمَاحِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي هُوَ اللَّائِقُ بِالرُّخْصَةِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِقَاعِدَةِ مَا أَبْطَلَ عَمْدُهُ يُسْجَدُ لِسَهْوِهِ، وَكَالِانْحِرَافِ الِاسْتِدْبَارُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى أَوْ يُقَالُ هُوَ شَامِلٌ لَهُ فَالتَّعْبِيرُ بِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالِاسْتِدْبَارِ

(وَإِنْ يَطُلْ) أَيْ الْأَمَدُ فِي انْحِرَافِهِ فِي الثَّلَاثَةِ (أَوْ مُكْرَهًا يَسْتَدْبِرْ) أَوْ يَنْحَرِفْ (أَوْ يَعْدُ) الْمَاشِي فِي صَلَاتِهِ (أَوْ يُعْدِ) الرَّاكِبُ فِيهَا دَابَّتَهُ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْأَمَدُ (وَلَمَّا) أَيْ وَالْحَالَةُ أَنَّهُ لَمْ (يُعْذَرْ) فِي الْعَدِّ وَالْإِعْدَاءِ (تَبْطُلْ صَلَاتُهُ) لِعَدَمِ احْتِمَالِ الصَّلَاةِ الْفَصْلَ الطَّوِيلَ، وَنُدْرَةِ الْإِكْرَاهِ وَوُجُوبِ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي لَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا أَمَّا إذَا عَدَّ أَوْ أَعْدَى لِعُذْرٍ، فَلَا بَأْسَ بِهِ وَكَذَا لَوْ ضَرَبَ الدَّابَّةَ أَوْ حَرَّكَ رِجْلَهُ لِتَسِيرَ وَلَوْ انْحَرَفَتْ بِنَفْسِهَا بِلَا جِمَاحٍ وَهُوَ غَافِلٌ عَنْهَا ذَاكِرٌ لِلصَّلَاةِ فَفِي الْوَسِيطِ إنْ قَصُرَ الزَّمَنُ لَمْ تَبْطُلْ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ مِنْهُمَا بُطْلَانُهَا وَيُرْجَعُ فِي طُولِ الزَّمَنِ وَقِصَرِهِ إلَى الْعُرْفِ

وَخَرَجَ

ــ

[حاشية العبادي]

وَاقِفَةً

قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ بَعِيدٌ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ مَهْمَا دَامَ وَاقِفًا لَا يُصَلِّي إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ إلَخْ. اهـ (قَوْلُهُ مَاشِيًا) فَإِذَا وَقَفَ لَزِمَهُ إتْمَامُهَا بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ وَالرَّافِعِيُّ) اعْتَمَدَهُ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَشْيِ رَاكِعًا، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا ذ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ: وَالْأَشْهَرُ أَنَّ الْمَاشِيَ يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ وَيَسْتَقْبِلُ فِيهِمَا وَفِي إحْرَامِهِ وَلَا يَمْشِي إلَّا فِي قِيَامِهِ وَتَشَهُّدِهِ، قَالَ الْمَحَلِّيُّ أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَشْيُ إلَّا فِيهِمَا اهـ

وَقَوْلُهُ: وَلَا يَمْشِي عَطْفٌ عَلَى يُتِمُّ فَفِيهِ الْأَظْهَرُ وَمُقَابِلُهُ تَخْصِيصُ الْمَشْيِ بِالْقِيَامِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَيَمْشِي جَوَازًا فِي الْقِيَامِ وَالتَّشَهُّدِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّاكِبِ) أَيْ عَلَى مَا لَا يَسْهُلُ إتْمَامُ الْأَرْكَانِ عَلَيْهِ أَيْ مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَا يَلْزَمُهُ وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْقَتَبِ مَثَلًا وَلَا الْمُبَالَغَةُ فِي الِانْحِنَاءِ وَإِنْ سَهُلَ، إنَّمَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ السُّجُودُ أَخْفَضَ إلَّا إنْ أَتَى بِأَكْمَلِ رُكُوعِ الْقَاعِدِ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ الزِّيَادَةِ وَلَا يُكَلَّفُ أَنْ يَقْتَصِرَ فِي الرُّكُوعِ عَلَى أَقَلِّهِ وَيَجْعَلَ الزَّائِدَ لِلسُّجُودِ اهـ. شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ الْإِتْمَامِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ أَنَّ لِلْمَاشِي إلَخْ) لِطُولِهِ وَسُهُولَةِ الْمَشْيِ فِيهِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ حَالَ قِيَامِهِ) أَيْ وَلَوْ بِلَا تَوَجُّهٍ لِلْقِبْلَةِ إلَّا حَالَ التَّحَرُّمِ لِقِصَرِهِ (قَوْلُهُ وَتَشَهُّدِهِ) أَيْ يَمْشِي فِيهِ قَائِمًا لِطُولِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ اهـ. (قَوْلُهُ وَاعْتِدَالِهِ) لِسُهُولَةِ الْمَشْيِ فِيهِ وَإِنْ قَصُرَ (قَوْلُهُ: عَنْ صَوْبِ سَفَرِهِ) أَيْ جِهَتِهِ أَمَّا الِانْحِرَافُ عَنْ الْعَيْنِ، فَلَا يَضُرُّ مَعَ الْعِلْمِ وَالْعَمْدِ وَإِنْ طَالَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ نَاسِيًا إلَخْ) أَمَّا لَوْ انْحَرَفَ عَمْدًا لِانْعِطَافِ الطَّرِيقِ أَوْ نَحْوِ زَحْمَةٍ أَوْ غُبَارٍ، فَلَا يَضُرُّ وَلَا سُجُودَ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَيْضًا إلَخْ) أَيْ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ: مَا أَبْطَلَ عَمْدُهُ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ وَاعْتَمَدَهُ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ أَوْ مُكْرَهًا إلَخْ) بِأَنْ أَكْرَهَهُ غَيْرُهُ عَلَى الِانْحِرَافِ أَوْ حَرَّفَهُ قَهْرًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَوَافَقَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ هُنَا لَكِنَّهُ خَالَفَ فِي الثَّانِي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ سَيَأْتِي اهـ (قَوْلُهُ لِعُذْرٍ) وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالسَّفَرِ كَالْعَدْوِ خَلْفَ صَيْدٍ. اهـ. شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ) وَيَسْجُدْ لِلسَّهْوِ اهـ. كَذَا بِهَامِشٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ فَفِي الْوَسِيطِ إلَخْ) اسْتَوْجَهَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الْبُطْلَانَ وَإِنْ عَادَ عَنْ قُرْبٍ، كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ أَنَّ عِبَارَةَ شَرْحِ الرَّوْضِ هَكَذَا، وَلَوْ انْحَرَفَتْ بِنَفْسِهَا بِغَيْرِ جِمَاحٍ، وَهُوَ غَافِلٌ عَنْهَا ذَاكِرًا لِلصَّلَاةِ فَفِي الْوَسِيطِ إنْ قَصُرَ الزَّمَانُ لَمْ تَبْطُلْ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. اهـ. وَأَوْجَهُهُمَا الْبُطْلَانُ اهـ. وَهِيَ كَعِبَارَتِهِ هُنَا فَالِاسْتِيجَاهُ عِنْدَ الطُّولِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ) إنَّمَا جَرَى الْخِلَافُ هُنَا دُونَ مَا إذَا انْحَرَفَ نَاسِيًا أَوْ خَطَأً أَوْ لِجِمَاحِهَا لِوُجُودِ الْفِعْلِ مِنْهُ هُنَاكَ، وَتَقْصِيرُهُ فِي عَدَمِ الضَّبْطِ مَعَ الطُّولِ اهـ

ثُمَّ رَأَيْت فِي

ص: 291

بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ لَا إلَيْهَا مَا لَوْ انْحَرَفَ إلَيْهَا، فَلَا بُطْلَانَ وَلَا سُجُودَ لِلسَّهْوِ بِحَالٍ (كَوَاطِئِ النَّجَسْ) فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ لِمُلَاقَاةِ النَّجَسِ بَدَنَهُ أَوْ مَحْمُولَهُ (لَا) إنْ وَطِئَهُ (عِنْدَمَا يَكْثُرُ) فِي الطَّرِيقِ وَكَانَ يَابِسًا وَلَمْ يَجِدْ عَنْهُ مَعْدَلًا (أَوْ أَوْطَا) عَلَيْهِ وَلَوْ رَطْبًا الرَّاكِبُ (الْفَرَسْ) فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ تَكْلِيفَ الْمَاشِي التَّحَفُّظَ يُشَوِّشُ عَلَيْهِ غَرَضَ السَّيْرِ، وَمَوْطِئُ الْفَرَسِ لَمْ يُلَاقِ بَدَنَ الرَّاكِبِ وَلَا مَحْمُولَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَطِئَهُ الْفَرَسُ بِنَفْسِهِ أَوْ بَالَ وَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُولَى احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ، وَحَاصِلُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالتَّحْقِيقِ الْبُطْلَانُ فِي الْعَمْدِ، وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ وَلَا يُكَلَّفُ مَاشٍ الِاحْتِيَاطَ فِي التَّصَوُّنِ فَإِنْ تَعَمَّدَهَا بَطَلَتْ وَفِيهَا إذَا كَانَتْ يَابِسَةً لَا مَعْدَلَ عَنْهَا احْتِمَالٌ، وَالتَّقْيِيدُ فِيهِ بِتَعَمُّدِهِ لَهَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ جَهْلِهِ بِهَا فَيُعْذَرُ فِي وَطْئِهَا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ لِلْجَهْلِ مَعَ كَوْنِهِ يُفَارِقُهَا حَالًا فَكَانَ كَمَا لَوْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ فَنَحَّاهَا حَالًا، وَالْكَلَامُ فِي نَجَسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ، فَلَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ أَنَّ ذَرْقَ الطُّيُورِ لَا يَضُرُّ إذَا عَمَّ بِهِ الْبَلْوَى، وَحَذَفَ هَمْزَةَ أَوْطَا لِلْوَزْنِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ غَيْرُ النَّفْلِ فِي مَعْنَى النَّفْلِ وَكَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ فَقَالَ

. (وَلَا يُصَلَّى) عَلَى دَابَّةٍ (الْفَرْضُ وَالْمَنْذُورُ) أَدَاءً أَوْ قَضَاءً (وَلَا جِنَازَةٌ وَذِي) أَيْ وَالدَّابَّةُ (تَسِيرُ) وَإِنْ أَمْكَنَهُ إتْمَامُ الْأَرْكَانِ عَلَيْهَا كَأَنْ يَكُونَ فِي هَوْدَجٍ أَوْ سَرِيرٍ أَوْ نَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ سَيْرَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ بِدَلِيلِ جَوَازِ الطَّوَافِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ السَّفِينَةِ الْجَارِيَةِ وَإِنْ نَزَلَهَا مُقِيمٌ لِلتَّفَرُّجِ؛ لِأَنَّهَا بِمَثَابَةِ الدَّارِ فِي الْبِرِّ وَلِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَى رُكُوبِهَا وَتَعَذُّرِ الْخُرُوجِ إلَى السَّاحِلِ لِكُلِّ فَرْضٍ، وَمِثْلُهَا الْأُرْجُوحَةُ الْمُعَلَّقَةُ بِالْحِبَالِ، وَالسَّرِيرُ الَّذِي تَحْمِلُهُ رِجَالٌ وَإِنْ مَشَوْا بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَفَرَّقَ الْمُتَوَلِّي فِي مَسْأَلَةِ السَّرِيرِ بَيْنَ الدَّابَّةِ وَالرِّجَالِ بِأَنَّ الدَّابَّةَ لَا تَكَادُ تَثْبُتُ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَا تُرَاعَى الْجِهَةُ بِخِلَافِ الرِّجَالِ قَالَ حَتَّى لَوْ كَانَ لِلدَّابَّةِ مَنْ يَلْزَمُ لِجَامَهَا وَيُسَيِّرُهَا بِحَيْثُ لَا تَخْتَلِفُ الْجِهَةُ جَازَ ذَلِكَ انْتَهَى وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ صَلَّى فَرْضًا فِي سَفِينَةٍ تَرْكُ الْقِيَامِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ كَدَوَرَانِ رَأْسٍ وَنَحْوِهِ كَمَا سَيَأْتِي فَإِنْ حَوَّلَتْهَا الرِّيحُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَمَّدَهَا بَطَلَتْ) اعْتَمَدَ الْبُطْلَانَ فِي الرَّوْضِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ فِي وَطْئِهَا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ لَا إنْ وَطِئَهَا الْمَاشِي نَاسِيًا، وَهِيَ رَطْبَةٌ لَا يُعْفَى عَمَّا يَعْلَقُ بِهِ مِنْهَا اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ: بِخِلَافِ الْيَابِسَةِ إلَى أَنْ قَالَ وَبِخِلَافِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا كَذَرْقِ طُيُورٍ عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى. اهـ. وَهَذَا الصَّنِيعُ صَرِيحٌ فِي الْعَفْوِ عَنْ نَحْوِ ذَرْقِ الطُّيُورِ مَعَ رُطُوبَتِهَا لَكِنْ خُولِفَ م ر

(قَوْلُهُ وَلَا يُصَلِّي الْفَرْضَ وَالْمَنْذُورَ إلَخْ) لَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ الِانْقِطَاعَ عَنْ الرُّفْقَةِ صَلَّى عَلَيْهَا كَيْفَ أَمْكَنَ وَيُعِيدُ كَمَا سَلَفَ أَوَّلَ الْبَابِ

بِرّ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ جَوَازِ الطَّوَافِ عَلَيْهَا) فِيهِ أَنَّ جَوَازَ الطَّوَافِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِسْبَةِ السَّيْرِ إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ مَنْ يَلْزَمُ لِجَامَهَا) يَنْبَغِي وَلَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا بِحَيْثُ لَا تَخْتَلِفُ الْجِهَةُ، وَقَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّاكِبَ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ يُسَيِّرُ الدَّابَّةَ بِحَيْثُ لَا تَخْتَلِفُ الْجِهَةُ جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

الرَّوْضَةِ حِكَايَةَ خِلَافٍ فِيمَا سَبَقَ أَيْضًا كَمَا هُنَا قَالَ: الْبُطْلَانُ عِنْدَ الطُّولِ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا فِي الْجِمَاحِ فَعَلَى الصَّحِيحِ اهـ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَجِدْ عَنْهُ مَعْدِلًا) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ جِهَةٌ خَالِيَةٌ عَنْهُ رَأْسًا يَسْهُلُ الْمُرُورُ بِهَا، وَإِلَّا فَيَبْعُدُ الْبُطْلَانُ الْآتِي مَعَ الْعَمْدِ إنْ لَمْ يَجِدْ مَعْدِلًا عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى الْمَشْيُ فِي غَيْرِهِ اهـ. وَيَدُلُّ لِهَذَا قَوْلُهُ عَنْ التَّحْقِيقِ وَلَا يُكَلَّفُ مَاشٍ الِاحْتِيَاطَ فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ وُجُودِ مَا خَلَا عَنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ لَا مَعْدِلَ عَنْهَا) تَقَدَّمَ الْمُرَادُ بِهِ اهـ (قَوْلُهُ: إذَا عَمَّ بِهِ الْبَلْوَى) الْمُرَادُ بِعُمُومِ الْبَلْوَى كَثْرَةُ وُقُوعِهِ فِي الْمَحَلِّ بِحَيْثُ يَشُقُّ تَحَرِّي الْمَحَلِّ الطَّاهِرِ مِنْهُ، وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ الرُّطُوبَةِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَعَدَمُ تَعَمُّدِ الْمَشْيِ عَلَيْهَا اهـ. م ر وع ش فَلَوْ لَمْ يَشُقَّ بِأَنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ جِهَةٌ خَالِيَةٌ مِنْهُ رَأْسًا وَجَبَ تَحَرِّيهَا فَإِذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ بَعْدَ تَبَيُّنِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الشُّرُوطِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَهَذَا هُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ ع ش وَشَيْخُنَا فِيمَا سَيَأْتِي فِي مَوْقِفِ الْمُصَلِّي وَذَكَرَ الشَّيْخُ الشَّرْقَاوِيُّ هُنَاكَ أَنَّ شَرْطَ عَدَمِ الرُّطُوبَةِ إنْ لَمْ يَجِدْ مَعْدِلًا عَنْهُ وَلَا طَرِيقًا غَيْرَهُ كَالْمَمْشَاةِ فِي مَطْهَرَةِ الْمَسْجِدِ، وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ مَعَ الرُّطُوبَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ قَالَ: ع ش وَهُوَ قَرِيبٌ لِلْمَشَقَّةِ فَلَوْ فُرِضَ هُنَا أَنَّ مَا بِالطَّرِيقِ رَطْبٌ لَا مَعْدِلَ عَنْهُ فَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَنْذُورَ) مَا لَمْ يَنْذُرْ فِعْلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ سَيْرَهَا إلَخْ) أَيْ وَالْوَاجِبُ فِي الْفَرْضِ الِاسْتِقْرَارُ (قَوْلُهُ تَسِيرُ) خَرَجَ بِالسَّيْرِ مُجَرَّدُ تَحَرُّكِهَا فَإِنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ رَشِيدِيٌّ لَكِنْ يُبْعِدُهُ الْوَثْبَةُ الْفَاحِشَةُ إذَا كَانَتْ وَاقِفَةً وَقَدْ أَطْلَقَ م ر احْتِمَالَ الْبُطْلَانِ بِهَا اهـ. (قَوْلُهُ وَالسَّرِيرُ الَّذِي يَحْمِلُهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ السَّرِيرَ مَنْسُوبٌ لِحَامِلِهِ دُونَ رَاكِبِهِ وَلِهَذَا اُحْتِيجَ فِي وُقُوعِ الطَّوَافِ لِلْمَحْمُولِ إلَى قَرِينَةٍ تَصْرِفُهُ عَنْ الْحَامِلِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ. م ر عَنْ بَعْضِهِمْ اهـ. (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ الْمُتَوَلِّي) أَيْ بِغَيْرِ الْفَرْقِ الْمَعْلُومِ مِمَّا تَقَدَّمَ وَهُوَ نِسْبَةُ السَّيْرِ إلَيْهِ وَعَدَمُهَا، وَأَخَّرَ هَذَا الْفَرْقَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ سَيَّرَهَا بِنَفْسِهِ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ إلَخْ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ جَوَّزَ الْقُعُودَ فِيهَا بِلَا عُذْرٍ كَذَا بِهَامِشٍ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ كَدَوَرَانِ رَأْسٍ) وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ لِعَجْزِهِ عَنْ الْقِيَامِ ع ش عَلَى م ر

ص: 292

فَتَحَوَّلَ وَجْهُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ وَجَبَ رَدُّهُ إلَيْهَا وَيَبْنِي.

وَفَارَقَ مَا لَوْ حَوَّلَهُ إنْسَانٌ عَنْهَا فِي الْبِرِّ قَهْرًا بِغَلَبَةِ تَحَوُّلِ السَّفِينَةِ وَنُدْرَةِ هَذَا، وَأَلْحَقُوا بِالْفَرْضِ الْمَنْذُورَ لِسُلُوكِهِمْ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ، وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ لِكَوْنِهَا فَرْضًا؛ وَلِأَنَّ رُكْنَهَا الْأَعْظَمَ الْقِيَامُ، وَفِعْلُهَا عَلَى الدَّابَّةِ السَّائِرَةِ يَمْحُو صُورَتَهُ فَإِنْ فُرِضَ إتْمَامُهُ عَلَيْهَا فَكَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْقُونَوِيُّ وَابْنُ الْمُقْرِي وَغَيْرُهُمَا؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ فِي النَّفْلِ إنَّمَا كَانَتْ لِكَثْرَتِهِ وَتَكَرُّرِهِ وَهَذِهِ نَادِرَةٌ وَقَالَ الْإِمَامُ بِالْجَوَازِ حِينَئِذٍ وَرَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ إلَيْهِ أَقْرَبُ أَمَّا الدَّابَّةُ الْوَاقِفَةُ فَتَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا إنْ أَمْكَنَهُ إتْمَامُ الْأَرْكَانِ تَنْزِيلًا لَهَا مَنْزِلَةَ عِدْلٍ أَوْ مَتَاعٍ عَلَى الْأَرْضِ (لَكِنْ لِشُكْرٍ وَتِلَاوَةٍ سَجَدْ) عَلَيْهَا، وَهِيَ سَائِرَةٌ وَلَوْ بِالْإِيمَاءِ بِشَرْطِهِ كَسَائِرِ النَّوَافِلِ وَفَارَقَا صَلَاةَ الْجِنَازَةِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ رُكْنَهُمَا الْأَعْظَمَ وَهُوَ تَمْكِينُ الْجَبْهَةِ فِي السُّجُودِ بِأَنَّهَا تَنْدُرُ، فَلَا يَشُقُّ التَّكْلِيفُ بِالنُّزُولِ فِيهَا وَهُمَا يَكْثُرَانِ فَيَشُقُّ وَبِأَنَّ احْتِرَامَ الْمَيِّتِ يَقْتَضِي ذَلِكَ.

وَلَوْ اجْتَهَدَ فِي الْقِبْلَةِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ الْخَطَأُ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا أَوْ فِيهَا فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَلَمْ يَذْكُرْهُ النَّاظِمُ فَحُكْمُهُ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ إنْ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ اعْتَمَدَ الْجِهَةَ الَّتِي يَعْلَمُهَا أَوْ يَظُنُّهَا بَعْدَهُ وَإِنْ ظَنَّهُ وَظَنَّ صَوَابَ جِهَةٍ أُخْرَى اعْتَمَدَ أَوْضَحَ الدَّلِيلَيْنِ عِنْدَهُ فَإِنْ تَسَاوَيَا تَخَيَّرَ، زَادَ الْبَغَوِيّ ثُمَّ يُعِيدُ لِتَرَدُّدِهِ حَالَةَ الشُّرُوعِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ يُصَلِّي بَعْدَمَا فِيهَا) أَيْ الْقِبْلَةِ (اجْتَهَدْ ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا (تَيَقَّنَ الْخُطَا مُعَيَّنَا) سَوَاءٌ عَلِمَ مَعَهُ جِهَةَ الصَّوَابِ أَمْ لَا (وَلَوْ يَسَارًا كَانَ) الْخَطَأُ (أَوْ تَيَمُّنَا) كَمَا يَكُونُ جِهَةً (أَوْ مُخْبِرَ الْمُقَلِّدِ الْخُطَا دَرَا) أَيْ أَوْ عَلِمَ الْخَطَأَ مُخْبِرُ الْمُقَلِّدِ وَأَعْلَمَهُ بِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ (يُعِدْ) صَلَاتَهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ أَمْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ لَهُ يَقِينُ الْخَطَإِ فِيمَا يَأْمَنُ مِثْلَهُ فِي الْإِعَادَةِ كَالْحَاكِمِ يُحْكَمُ بِاجْتِهَادِهِ ثُمَّ يَجِدُ النَّصَّ بِخِلَافِهِ وَاحْتَرَزُوا بِقَوْلِهِمْ فِيمَا يَأْمَنُ مِثْلَهُ فِي الْإِعَادَةِ عَنْ الْأَكْلِ فِي الصَّوْمِ نِسْيَانًا وَالْخَطَأِ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ فَتَحَوَّلَ وَجْهُهُ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ ثُمَّ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ إلَخْ) لَا يُقَالُ إذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ الصَّوَابَ مَعَهُ لَمْ يَأْمَنْ الْخَطَأَ فِي الْإِيمَاءِ لِأَنَّا نَقُولُ إذَا لَمْ يَأْمَنْ الْخَطَأَ حَالَ الِاشْتِبَاهِ فَيُمْكِنُهُ الصَّبْرُ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى بُقْعَةٍ يَسْتَيْقِنُ فِيهَا الصَّوَابَ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحَجِيجِ وَالْأَكْلِ فِي الصَّوْمِ الْآتِيَيْنِ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

(قَوْلُهُ فِي الْبَرِّ) احْتِرَازٌ عَنْ تَحْوِيلِ مَلَّاحِ السَّفِينَةِ لَهُ بِتَحْوِيلِهَا، وَإِلَّا فَلَوْ حَوَّلَهُ إنْسَانٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ ضَرَّ اهـ. (قَوْلُهُ إتْمَامَهُ) أَيْ الْقِيَامِ وَقَوْلُهُ فَكَذَلِكَ أَيْ لَا تَصِحُّ حَيْثُ كَانَتْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَالدَّابَّةُ سَائِرَةٌ أَمَّا إذَا كَانَتْ لَهَا، وَهِيَ وَاقِفَةٌ، فَلَا وَجْهَ لِعَدَمِ الصِّحَّةِ وَقَالَ حَجَرٌ الْمُعْتَمَدُ حِينَئِذٍ الصِّحَّةُ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ فَكَذَلِكَ أَيْ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى الدَّابَّةِ السَّائِرَةِ الْمَنْسُوبِ سَيْرُهَا إلَيْهِ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ اجْتَهَدَ فِي الْقِبْلَةِ ثُمَّ ظَهَرَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ تَغَيُّرَ اجْتِهَادِ الْمُصَلِّي لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا وَكُلٌّ مِنْهَا أَحْوَالُهُ ثَلَاثَةٌ: تَيَقُّنُ الْخَطَإِ، وَتَيَقُّنُ الصَّوَابِ تَيَقُّنَ الْخَطَأِ، وَظَنُّ الصَّوَابِ ظَنَّ الْخَطَأِ وَالصَّوَابِ. فَالْحَاصِلُ تِسْعَةٌ فَإِنْ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ وَالصَّوَابَ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَمِلَ بِالثَّانِي وَكَذَا إنْ ظَنَّ الصَّوَابَ أَوْ ظَنَّ الْخَطَأَ وَظَنَّ الصَّوَابَ وَكَانَ الثَّانِي أَرْجَحَ فَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا وَأَعَادَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا بَعْدَ الصَّلَاةِ لَكِنْ يُعِيدُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ دُونَ الْأَخِيرَتَيْنِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ التَّغَيُّرُ فِي الصَّلَاةِ فَيَسْتَأْنِفُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ وَيَعْمَلُ بِالثَّانِي إنْ كَانَ أَرْجَحَ وَظَهَرَ الصَّوَابُ مُقَارِنًا لِظُهُورِ الْخَطَإِ فَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا عَمِلَ بِالْأَوَّلِ أَيْ اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ فَظَهَرَ أَنَّ تَيَقُّنَ الْخَطَإِ يُجَامِعُ تَيَقُّنَ الصَّوَابِ، وَظَنَّ الصَّوَابِ وَإِنْ ظَنَّ الْخَطَأَ يُجَامِعُ ظَنَّ الصَّوَابِ وَلَا يُجَامِعُ تَيَقُّنَ الصَّوَابِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ أَفْرَادَ الْخَطَإِ كَثِيرَةٌ، فَإِذَا تَيَقَّنَ فَرْدًا مِنْهَا خَطَأً لَا يَلْزَمُ أَنَّ غَيْرَهُ صَوَابٌ يَقِينًا، بَلْ تَارَةً يَتَيَقَّنُ الصَّوَابَ وَتَارَةً يَظُنُّهُ بِخِلَافِ الصَّوَابِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا فَرْدٌ وَاحِدٌ فَمَتَى تَيَقَّنَ الصَّوَابَ فِي فَرْدٍ تَيَقَّنَ أَنَّ كُلَّ مَا عَدَاهُ خَطَأٌ. اهـ. تَقْرِيرُ الشَّيْخِ عَوَضٍ عَلَى الْخَطِيبِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ظَنَّهُ وَظَنَّ إلَخْ) سَمَّى الْأَوَّلَ ظَنًّا بِاعْتِبَارِ الْحَالِ قَبْلَ الظَّنِّ الثَّانِي، وَإِلَّا فَهُوَ بَعْدَ الثَّانِي وَهْمٌ (قَوْلُهُ اعْتَمَدَ أَوْضَحَ الدَّلِيلَيْنِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ عَلَيْهِ مُجْتَهِدَانِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْلِيدُ غَيْرِ الْأَعْلَمِ أَنَّ الظَّنَّ الْمُسْتَنِدَ لِفِعْلِ النَّفْسِ أَقْوَى مِنْ الْمُسْتَنِدِ لِلْغَيْرِ اهـ. حَجَرٌ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَسَاوَيَا) أَيْ الدَّلِيلَانِ وَلَعَلَّ تَسْمِيَةَ كُلٍّ ظَنًّا نَظَرًا لِحَالِهِ فِي نَفْسِهِ أَوْ بِالنَّظَرِ لِبَاقِي الْجِهَاتِ الَّذِي لَمْ يُظَنُّ فِيهِ شَيْءٌ، وَإِلَّا فَهُوَ مُتَرَدِّدٌ. اهـ. تَدَبَّرْ. ثُمَّ يُعِيدُ اعْتَمَدَهُ م ر سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ مَعَهُ جِهَةَ الصَّوَابِ أَمْ لَا) أَيْ وَلَا يَقْضِي بَعْدُ إلَّا إنْ عَلِمَ الصَّوَابَ أَوْ ظَنَّهُ إنْ كَانَ خَارِجَ الْوَقْتِ

ص: 293

حَيْثُ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مِثْلَهُ فِيهَا وَخَرَجَ بِتَيَقُّنِ الْخَطَإِ ظَنُّهُ، فَلَا إعَادَةَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَرْجَحَ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ وَبِمُعَيَّنًا الْخَطَأُ مُبْهَمًا حَتَّى لَوْ صَلَّى أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ بِالِاجْتِهَادِ، فَلَا إعَادَةَ وَإِنْ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِي ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا أُدِّيَ بِاجْتِهَادٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهِ الْخَطَأُ.

وَالْمُرَادُ بِالتَّيَقُّنِ مَا يَمْتَنِعُ مَعَهُ الِاجْتِهَادُ فَيَدْخُلُ فِيهِ خَبَرُ الْعَدْلِ عَنْ عِيَانٍ وَإِنْ كَانَ ظُهُورُ الْخَطَأِ فِيهَا فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ

(وَالِاجْتِهَادُ إنْ تَغَيَّرَا) فِي صَلَاتِهِ بِاجْتِهَادٍ آخَرَ أَوْضَحَ مِنْهُ دَلِيلًا (أَوْ بِالْخَطَا أَخْبَرَهُ) أَيْ الْمُقَلِّدُ (مَنْ) هُوَ (أَفْضَلُ) عِنْدَهُ (مِنْ الَّذِي قَلَّدَ) هـ (فَالتَّحَوُّلُ) لِلْجِهَةِ الْأُخْرَى وَاجِبٌ إنْ اقْتَرَنَ ظُهُورُ الصَّوَابِ بِظُهُورِ الْخَطَأِ، فَلَا يَسْتَأْنِفُ لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَعَلَيْهِ لَوْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ بِالِاجْتِهَادِ، فَلَا إعَادَةَ كَالصَّلَوَاتِ وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ ظُهُورُ الصَّوَابِ بِظُهُورِ الْخَطَأِ وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الصَّوَابِ عَلَى الْقُرْبِ لِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ إلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ مَحْسُوبَةٍ وَخَرَجَ بِتَغَيُّرِهِ بِاجْتِهَادٍ آخَرَ تَغَيُّرُهُ بِيَقِينٍ فَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَبِقَوْلِهِ أَفْضَلُ مِنْ مُقَلِّدِهِ مَا إذَا كَانَ دُونَهُ أَوْ مِثْلَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، فَلَا يَتَحَوَّلُ وَقَوْلُهُ أَخْبَرَهُ أَيْ عَنْ اجْتِهَادٍ.

فَلَوْ أَخْبَرَهُ عَنْ عِيَانٍ وَجَبَ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ مُقَلِّدُهُ أَرْجَحَ فَيَسْتَأْنِفُ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لِأَعْمَى أَنْتَ مُصَلٍّ إلَى الشَّمْسِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ قِبْلَتَهُ لِغَيْرِهَا فَإِنْ قُلْت تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ عَلَيْهِ ابْتِدَاءُ مُجْتَهِدٍ إنْ جَازَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِهِ غَيْرِ الْأَفْضَلِ فَهَلَّا كَانَ دَوَامًا كَذَلِكَ قُلْت هُنَا الْتَزَمَ جِهَةً بِدُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ إلَيْهَا، فَلَا يَتَحَوَّلُ عَنْهَا إلَى أُخْرَى، إلَّا بِأَرْجَحَ بِخِلَافِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّصَّ فِي تِلْكَ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْأَفْضَلِ أَيْضًا أَمَّا إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ أَيْ عَنْ اجْتِهَادٍ) أَيْ وَإِنْ قَطَعَ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَلَوْ قَالَ مُجْتَهِدٌ لِلْمُقَلِّدِ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ: أَخْطَأَ بِك فُلَانٌ، وَهُوَ أَعْرَفُ عِنْدَهُ أَوْ قَالَ لَهُ أَنْتَ عَلَى الْخَطَإِ قَطْعًا تَحَوَّلَ إنْ بَانَ الصَّوَابُ مُقَارِنًا، وَإِلَّا بَطَلَتْ اهـ فَعُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ قَطْعِ الْمُجْتَهِدِ وَإِخْبَارِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ وَأَنَّهُ يَتَحَوَّلُ فِي الْأَوَّلِ وَيَسْتَأْنِفُ فِي الثَّانِي، وَقَوْلُهُ أَوْ قَالَ لَهُ: أَنْتَ عَلَى الْخَطَأِ قَطْعًا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَعْرَفَ عِنْدَهُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ أَيْضًا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ قُطِعَ بِأَنَّ الصَّوَابَ مَا ذَكَرَهُ وَلَمْ يَكُنْ الثَّانِي أَعْلَمَ لَمْ يُؤَثِّرْ

(قَوْلُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ) ذَكَرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ فَيَسْتَأْنِفُ) مِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ الْإِخْبَارَ عَنْ عِلْمٍ مَانِعٌ مِنْ الْعَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ وَيَبْطُلُ بِمَا مَضَى مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إلَّا بَعْدَ الشُّرُوعِ بِالِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت) تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ لِلْعَجْزِ عَنْ تَعَلُّمٍ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) هُوَ جَوَابٌ حَسَنٌ لَكِنَّ قَضِيَّتَهُ عَدَمُ التَّحَوُّلِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَفْضَلَ بِرّ (قَوْلُهُ فَلَا يَتَحَوَّلُ عَنْهَا إلَى أُخْرَى إلَّا بِأَرْجَحَ) أَقُولُ: إنْ كَانَ حَاصِلُهُ أَنَّ الِالْتِزَامَ أَوْجَبَ التَّحَوُّلَ بِالْأَرْجَحِ وَعَدَمَ الِالْتِزَامِ لَا يُوجِبُهُ، وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّ الْعُدُولَ عَنْ الشَّيْءِ قَبْلَ الْتِزَامِهِ أَسْهَلُ مِنْهُ بَعْدَهُ فَإِذَا جَازَ الْبَقَاءُ مَعَ عَدَمِ الِالْتِزَامِ فَمَعَ الِالْتِزَامِ أَجْوَزُ، فَلَا وَجْهَ لِجَوَازِ الْبَقَاءِ مَعَ عَدَمِ الِالْتِزَامِ وَمَنْعِهِ مَعَ الِالْتِزَامِ وَإِنْ كَانَ حَاصِلُهُ أَنَّهُ مَعَ الِالْتِزَامِ لَا يَجِبُ التَّحَوُّلُ عِنْدَ عَدَمِ كَوْنِ الثَّانِي أَوْضَحَ لِلِالْتِزَامِ فَهَذَا لَيْسَ مَحَلَّ الْإِشْكَالِ إنَّمَا مَحَلُّهُ وُجُوبُ التَّحَوُّلِ مَعَ الْأَوْضَحِ فِيهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

أَمَّا فِيهِ فَيَزِيدُ أَنَّهُ إنْ تَحَيَّرَ أَوْ عَجَزَ صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَيُعِيدُ كَمَا سَبَقَ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ فِيمَا يَأْمَنُ مِثْلَهُ) أَيْ فِي جِهَةٍ يَأْمَنُ، وَهِيَ الْجِهَةُ الَّتِي تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِيهَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ إلَيْهَا اهـ. قُوَيْسَنِيٌ وَهُوَ الْمُتَعَيِّنُ خِلَافَ مَا فِي الْحَاشِيَةِ لِمَا سَطَّرْنَاهُ بِهَامِشِهَا اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَرْجَحَ) لَكِنْ يَجِبُ اعْتِمَادُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْآتِي وَلَا إعَادَةَ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ع ش خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ سم عَنْ م ر (قَوْلُهُ أَوْضَحُ مِنْهُ دَلِيلًا) قَيَّدَ بِهِ لِمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَجَبَ الْبَقَاءُ عَلَى جِهَتِهِ اهـ. (قَوْلُهُ فَالتَّحَوُّلُ لِلْجِهَةِ الْأُخْرَى وَاجِبٌ) أَمَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فَلِبُطْلَانِ الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ مِنْ حِينَئِذٍ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ كَتَغَيُّرِ الِاجْتِهَادِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ إنْ اقْتَرَنَ إلَخْ) بِأَنْ لَمْ يَمْضِ مَا يَسَعُ رُكْنًا اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ يَكُونُ الدَّلِيلُ أَوْضَحَ مِنْ دَلِيلِ مَا قَبْلَهَا كَمَا قَيَّدَ بِهِ أَوَّلًا، وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ إلَخْ) بِأَنْ مَضَى مَا يَسَعُ رُكْنًا اهـ. (قَوْلُهُ قُلْت هُنَا الْتَزَمَ إلَخْ) أَيْ وَالْتِزَامُهُ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ اجْتِهَادِهِ فَإِذَا طَرَأَ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ أَبْطَلَهُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الِالْتِزَامِ فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الِاجْتِهَادِ حَتَّى يَبْطُلَ، وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيلِ الرَّوْضَةِ بِأَنَّهُ كَتَغَيُّرِ الِاجْتِهَادِ وَإِنَّمَا أَبْطَلَ الثَّانِي الْأَوَّلَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا الْتَزَمَ الْأَوَّلَ وَكَانَ الثَّانِي أَفْضَلَ كَانَ كَأَنَّهُ الْتَزَمَهُ فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ الْأَفْضَلُ مَوْجُودًا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَعَمِلَ بِقَوْلِ مَنْ دُونَهُ، فَقَدْ بَقِيَ الْأَفْضَلُ فِي دَوَامِ الصَّلَاةِ فَلِمَ لَمْ يَجِبْ الْأَخْذُ بِهِ؟ قُلْت؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُخَيَّرًا فِيهِ قَبْلُ، وَلَوْ وَجَبَ بَعْدُ لَوَجَبَ قَبْلُ بِالْأَوْلَى وَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ بَدَلَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَحَوَّلُ إلَخْ) فَوَجَبَ التَّحَوُّلُ بِالْأَرْجَحِ إلَّا أَنَّهُ أَرَادَ اسْتِيفَاءَ حُكْمِ الْمُخْبَرِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) أَجَابَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ بِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ دَعْوَى أَحَدِ الْمُجْتَهِدَيْنِ الْخَطَأَ عَلَى الْآخَرِ وَلَا دَعْوَى خَطَأٍ قَبْلَ الْخِلَافِ مُطْلَقًا اهـ.

وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا قَبْلَ الصَّلَاةِ خَطَأَ الْآخَرِ يَأْخُذُ بِهِ وُجُوبًا وَبِهِ قَالَ سم قِيَاسًا عَلَى الدَّوَامِ مُخَالِفًا لِمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ م ر وَشَرْحُ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ حِينَئِذٍ وَعَلَّلَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وُجُوبَ التَّحَوُّلِ بِقَوْلِ

ص: 294