الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِلَّا كَفَى وَقِيلَ لَا يَكْفِي كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْعِرَاقِيُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَإِنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ تَضْيِيقٌ لِلرُّخْصَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ إلَّا فِي نَادِرٍ مِنْ النَّاسِ مَعَ عُسْرٍ شَدِيدٍ وَلَيْسَ لِهَذَا الِاشْتِرَاطِ أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ. اهـ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَمِنْ الْآدَابِ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ اللَّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبِي مِنْ النِّفَاقِ وَحَصِّنْ فَرْجِي مِنْ الْفَوَاحِشِ.
(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْحَدَثِ)
الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ غَالِبًا كَمَا هُنَا وَهُوَ الْأَصْغَرُ وَتَقَدَّمَ مَعْنَى الْحَدَثِ لُغَةً وَشَرْعًا وَأَنَّهُ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ يُطْلَقُ عَلَى ثَلَاثَةِ أُمُورٍ وَالْمُرَادُ هُنَا ثَانِيهَا وَهُوَ الْأَسْبَابُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا الْمَنْعُ مِنْ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا (الْحَدَثُ النَّاقِضُ) لِلْوُضُوءِ وَلِبَدَلِهِ بِمَعْنَى انْتِهَائِهِمَا بِهِ أَرْبَعَةٌ كَمَا سَيَأْتِي وَأَمَّا شِفَاءُ دَائِمِ الْحَدَثِ فَنَادِرٌ وَقَدْ ذَكَرُوهُ فِي بَابِهِ وَنَزْعُ الْخُفِّ يُوجِبُ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ فَقَطْ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا الرِّدَّةُ فَلَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ عَلَى الْأَصَحِّ وقَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة: 5] مَخْصُوصٌ بِمَنْ مَاتَ مُرْتَدًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} [البقرة: 217] الْآيَةَ وَنَقْضُ التَّيَمُّمِ بِهَا وَبِغَيْرِهَا ذَكَرَهُ فِي بَابِهِ وَلَا نَقْضَ بِالْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ وَإِلَّا لَمَا اُخْتُصَّ بِهَا كَسَائِرِ النَّوَاقِضِ وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهَا تَنْقُضُ فَضَعِيفٌ؛.
وَلَا بِالْخَارِجِ بِالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَنَحْوِهِمَا لِمَا سَيَأْتِي وَلَا بِأَكْلِ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ» فَمَنْسُوخٌ بِالْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِي أَبِي دَاوُد عَنْ جَابِرٍ «كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ» وَفِي الْقَدِيمِ يَنْقُضُ لَحْمُ الْجَزُورِ وَقَوَّاهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ وَقَالَ إنَّهُ الَّذِي أَعْتَقِدُ رُجْحَانَهُ وَذَكَرَ دَلِيلَهُ قَالَ: وَجَوَابُ الْأَصْحَابِ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ جَابِرٍ
ــ
[حاشية العبادي]
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمَحَلُّهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ فِيمَا لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ، أَمَّا الْقَدْرُ الْمَضْرُورُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَيُعْفَى عَنْهُ إذْ لَوْ كُلِّفَ أَنْ لَا يَنْقُلَ النَّجَاسَةَ فِي مُحَاوَلَةِ رَفْعِهَا أَصْلًا لَكَانَ ذَلِكَ تَكْلِيفَ أَمْرٍ يَتَعَذَّرُ الْوَفَاءُ بِهِ ذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِغَيْرِ الرُّخَصِ فَكَيْفَ بِهَا اهـ
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ هَذَا الِاشْتِرَاطُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْوَضْعُ عَلَى طَاهِرٍ وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ النَّقْلُ الْحَاصِلُ مِنْ عَدَمِ الْإِدَارَةِ اهـ وَكَأَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ النَّقْلُ، النَّقْلُ الضَّرُورِيُّ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي اغْتَفَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْهَامِشِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ لَا مُطْلَقُ النَّقْلِ وَإِلَّا رُبَّمَا نَافَى قَوْلَهُمْ السَّابِقَ لَا إنْ انْتَقَلَ فَلْيُتَأَمَّلْ
(فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْحَدَثِ)(قَوْلُهُ: النَّاقِضِ) خَرَجَ غَيْرُ النَّاقِضِ لِلْوُضُوءِ كَخُرُوجِ الْمَنِيِّ وَتَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالنَّاقِضِ احْتِرَازٌ عَنْ الْحَدَثِ الثَّانِي مَثَلًا؛ بِأَنْ بَالَ ثَانِيًا وَهُوَ تَوَهُّمٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاحْتِرَازَ فَاسِدٌ لِشُمُولِ التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ لِلْحَدَثِ الثَّانِي مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ قَطْعًا أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مُعْتَادِهِ إلَخْ وَمِنْ ثَمَّ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ احْتِرَازًا عَنْ الْخَارِجِ مِنْ دَائِمِ الْحَدَثِ بَعْدَ طَهَارَتِهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ نَاقِضٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ هَذَا التَّعْرِيفُ وَهُوَ حَدَثٌ إلَّا أَنَّهُ اُغْتُفِرَ لِلضَّرُورَةِ فَلَمْ يَنْقُضْ، وَالْوَجْهُ أَنَّ قَوْلَهُ النَّاقِضُ مِنْ الْوُضُوءِ اللَّازِمِ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى انْتِهَائِهِمَا إلَخْ) لَا بِمَعْنَى رَفْعِهِمَا مِنْ أَصْلِهِمَا كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ النَّقْضِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا شِفَاءُ دَائِمِ الْحَدَثِ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ لَك أَنْ تَقُولَ الْمُوجِبُ لِلْوُضُوءِ فِي هَذَا إنَّمَا هُوَ الْحَدَثُ الطَّارِئُ عَلَى الطَّهَارَةِ السَّابِقُ عَلَى الشِّفَاءِ اهـ
أَيْ: فَلَيْسَ الْمُوجِبُ هُوَ نَفْسَ الشِّفَاءِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ طَهَارَتِهِ لَا فِي اثِّنَائِهَا لَمْ تَبْطُلْ طَهَارَتُهُ أَيْ: فَلَا يَرِدُ هَذَا عَلَى الْحَصْرِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلْجَوَابِ بِأَنَّهُ نَادِرٌ وَهَذَا بَحْثٌ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ لَا يُقَالُ الْخَارِجُ بَعْدَ الطَّهَارَةِ لَيْسَ حَدَثًا بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ الصَّلَاةَ بِهِ قَبْلَ الشِّفَاءِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا فَاسِدٌ، بَلْ هُوَ حَدَثٌ قَطْعًا لَكِنَّهُ اُغْتُفِرَ لِلضَّرُورَةِ بِشَرْطِ عَدَمِ الشِّفَاءِ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ وَمَنْ يَرْتَدُّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا مِنْ قَبِيلِ ذِكْرِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ وَهُوَ لَا يُخَصَّصُ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَفْهُومٌ وَإِلَّا كَمَا هُنَا فَإِنَّ يَمُتْ مَعْطُوفٌ عَلَى الشَّرْطِ فَلَهُ حُكْمُهُ فَلَهُ مَفْهُومٌ مُخَصِّصٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ
ــ
[حاشية الشربيني]
نَجَسٌ لَكِنْ لَا يَجِبُ إزَالَتُهُ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَكْفِي) أَيْ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِدَارَةِ يَرْفَعُ جَزْءٌ وَاحِدٌ مِنْ الْحَجَرِ نَجَاسَةَ مَوْضِعَيْنِ مِنْ الْمَحَلِّ فَيَخْتَلِطُ بِالنَّجَاسَةِ الَّتِي عَلَى الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ الْمَحَلِّ نَجَاسَةُ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ الَّتِي عَلَى الْحَجَرِ وَهِيَ كَالْأَجْنَبِيِّ. اهـ.
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْحَدَثِ]
(فَصْلٌ)(قَوْلُهُ: النَّاقِضِ لِلْوُضُوءِ وَلِبَدَلِهِ) أَيْ النَّاقِضِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، أَمَّا الرِّدَّةُ فَيَخْتَصُّ النَّقْضُ بِهَا بِالْبَدَلِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلِذَا ذَكَرَهَا مَعَ مَا يَخْتَصُّ بِالْبَدَلِ فِي بَابِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا شِفَاءُ دَائِمِ الْحَدَثِ إلَخْ) عَدَّهُ مِنْ الْأَحْدَاثِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْأَسْبَابُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا الْمَنْعُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ فِي إيرَادِ انْقِطَاعِ الْحَدَثِ الدَّائِمِ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ مَا ارْتَفَعَ حَدَثُهُ وَإِنَّمَا هُوَ مُبِيحٌ كَالتَّيَمُّمِ اهـ ثُمَّ رَأَيْت ع ش قَالَ عَلَى م ر كَلَامُ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِي الِانْتِقَاضِ بِشِفَاءِ دَائِمِ الْحَدَثِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّهُ بِالْوُضُوءِ ارْتَفَعَ الْمَنْعُ الْخَاصُّ وَهُوَ حُرْمَةُ الْفَرْضِ وَبِشِفَائِهِ يَعُودُ هَذَا الْمَنْعُ فَعُدَّ نَاقِضًا، وَأَمَّا قَوْلُ حَجَرٍ لَمْ يَرْتَفِعْ فَمُرَادُهُ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ فَلَا تَنَافِي. اهـ. وَهُوَ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْنَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا شِفَاءُ دَائِمِ الْحَدَثِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يَرِدُ عَلَى الْحَصْرِ فِي أَرْبَعَةٍ حَاصِلُهُ أَنَّ الْحَصْرَ لِلْكَثِيرِ الْغَالِبِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ عَلَى الْأَصَحِّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ وُضُوءَ دَائِمِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: وَنُقِضَ التَّيَمُّمُ بِهَا) أَيْ سَوَاءٌ طَالَ بِهَا الْفَصْلُ أَوْ لَا عَلَى الْأَصَحِّ خِلَافًا لِابْنِ كَجٍّ (قَوْلُهُ: مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ) أَيْ سَوَاءٌ لَحْمُ الْجَزُورِ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَتْ طَائِفَةٌ يَجِبُ الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْقَدِيمِ يَنْقُضُ لَحْمُ الْجَزُورِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ نِيئًا أَوْ مَطْبُوخًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ دَلِيلَهُ) وَهُوَ حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ قَالَ إنْ
ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ عَامٌّ وَحَدِيثَ الْوُضُوءِ مِنْ لَحْمِ الْجَزُورِ خَاصٌّ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ قَالَ: وَأَقْرَبُ مَا يَسْتَرْوِحُ إلَيْهِ أَيْ: فِيمَا رَجَّحُوهُ قَوْلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَجَمَاهِيرِ الصَّحَابَةِ فَانْحَصَرَتْ الْأَسْبَابُ الْمَذْكُورَةُ عِنْدَهُمْ فِي أَرْبَعَةٍ أَحَدُهَا (أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مُعْتَادِهِ) أَيْ: الْمُتَوَضِّئِ دُبُرًا
ــ
[حاشية العبادي]
نَقَضَتْ الْقَهْقَهَةُ لِمَا اُخْتُصَّ بِهَا أَيْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ) أَقُولُ: كَلًّا وَاَللَّهِ لَا ضَعْفَ بِهِ وَلَا بُطْلَانَ بَلْ هُوَ قَوِيٌّ قَوِيمٌ فَإِنَّ الْحَدِيثَيْنِ لَيْسَا مِنْ بَابِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ جَابِرٍ رضي الله عنه لَمْ يَحْكِهَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَكُونَا مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ بَيَّنَ بِهَا مَا عَرَفَهُ مِنْ حَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ أَمْرُهُ وَذَلِكَ صَرِيحٌ فِي النَّسْخِ الَّذِي قَالَهُ الْأَصْحَابُ فَرَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَنَفَعَنَا بِهِمْ فَتَدَبَّرْ وَلَا يَهُولَنَّكَ مُبَالَغَةُ النَّوَوِيِّ رحمه الله وَنَفَعَنَا بِهِ فِي هَذَا الْمَقَامِ فَإِنَّهَا مُنْدَفِعَةٌ انْدِفَاعًا لَا اشْتِبَاهَ فِيهِ لِلْمُتَأَمِّلِ وَلَا مُعَارِضَ لِلْمُتَمَهِّلِ سم (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ حَدِيثَ تَرْكِ الْوُضُوءِ) أَيْ: الَّذِي هُوَ حَدِيثُ جَابِرٍ
ــ
[حاشية الشربيني]
شِئْت فَتَوَضَّأْ وَإِنْ شِئْت فَلَا تَتَوَضَّأْ قَالَ أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ قَالَ نَعَمْ فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طُرُقٍ وَعَنْ الْبَرَاءِ «سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ فَأَمَرَ بِهِ» قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا حَدِيثَانِ حَدِيثُ جَابِرٍ وَالْبَرَاءِ وَقَالَ إمَامُ الْأَئِمَّةِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ لَمْ نَرَ خِلَافًا بَيْنَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ فِي صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَدِيثَ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَبْلَ هَذَا وَلَا يَرِدُ عَلَى الْقَائِلِ بِالنَّقْضِ بِأَكْلِ لَحْمِ الْجَزُورِ حَدِيثُ جَابِرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَائِلَ يَقُولُ إنَّ الْوُضُوءَ يُنْتَقَضُ بِأَكْلِهِ نِيئًا وَأَصْحَابُنَا يَقُولُونَ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَكْلِهِ مَطْبُوخًا؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ الْمَعْهُودُ. اهـ.
يَعْنِي: أَنَّ هَذَا الْقَائِلَ إذَا قَالَ بِالِانْتِقَاضِ بِأَكْلِهِ نِيئًا كَمَا هُوَ لَفْظُ الْحَدِيثِ الَّذِي بِالْهَامِشِ لَا يَكُونُ لِمِسَاسِ النَّارِ دَخْلٌ حَتَّى يُنْسَخَ بِحَدِيثِ جَابِرٍ بَلْ النَّقْضُ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَحْمُ الْإِبِلِ مَسَّتْهُ النَّارُ أَوْ لَا. اهـ. (قَوْلُهُ: عَامٌّ) أَيْ شَامِلٌ لِلَحْمِ الْجَزُورِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ: خَاصٌّ أَيْ بِلَحْمِ الْجَزُورِ سَوَاءٌ كَانَ نِيئًا أَوْ مَشْوِيًّا (قَوْلُهُ: وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ) أَيْ بَعْدَ حَمْلِ لَحْمِ الْجَزُورِ عَلَى الْمَشْوِيِّ أَوْ الْمَطْبُوخِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فَلَفْظُ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ عَامٌّ لِلَحْمِ الْجَزُورِ وَغَيْرِهِ وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا غَيَّرَتْ النَّارُ مِنْ غَيْرِ لَحْمِ الْجَزُورِ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الْخَاصِّ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ أَوَّلُ الْأَمْرَيْنِ الْمُقَابِلَ لِآخَرِ الْأَمْرَيْنِ هُوَ وُجُوبَ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ مِنْ غَيْرِ لَحْمِ الْجَزُورِ فَالتَّخْصِيصُ صَحِيحٌ مَتِينٌ وَالْعُمُومُ مَوْجُودٌ فِي اللَّفْظِ الْمَرْوِيِّ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه وَلَا يَلْزَمُ فِي الْعَامِّ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَلْ كَمَا يَكُونُ مِنْهُ يَكُونُ حِكَايَةً عَنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا أَطَالَ بِهِ الْمُحَشِّي عَلَى الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ رحمه الله مِمَّا لَا يَنْبَغِي التَّفَوُّهُ بِهِ بَقِيَ أَنَّ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ نَحْوَ قَوْلِ الصَّحَابَةِ «قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ» عَامٌّ؛ لِأَنَّ قَائِلَهُ عَدْلٌ عَارِفٌ بِاللُّغَةِ وَالْمَعْنَى فَلَوْلَا ظُهُورُ عُمُومِ الْحُكْمِ مِمَّا صَدَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْتِ بِلَفْظٍ عَامٍّ كَالْجَارِّ وَرُدَّ؛ بِأَنَّ الْعُمُومَ بِحَسَبِ ظَنِّهِ وَلَا يَلْزَمُنَا اتِّبَاعُهُ فِيهِ فَعَلَى مُقْتَضَى الرَّدِّ مِنْ أَنَّ عَدَمَ الْعُمُومِ الرَّأْيُ فِي الْأُصُولِ يَزْدَادُ مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ قُوَّةً وَرُجْحَانًا وَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ رَدًّا لِهَذَا مِنْ أَنَّ عِبَارَةَ جَابِرٍ رضي الله عنه ظَاهِرَةٌ ظُهُورًا تَامًّا فِي تَرْكِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْوُضُوءَ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ وَمِنْ الْبَعِيدِ جَزْمُهُ بِذَلِكَ بِمُجَرَّدِ ظَنِّهِ. اهـ.
كَلَامٌ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ بَعْدَ كَوْنِ عِبَارَةِ جَابِرٍ رضي الله عنه إمَّا مِنْ الْعَامِّ فَيَجْرِي فِيهَا التَّخْصِيصُ أَوْ الْمُطْلَقِ فَيَجْرِي فِيهَا التَّقْيِيدُ وَلَا مُوجِبَ لِإِلْغَاءِ الْحَدِيثَيْنِ فَإِنَّ النَّسْخَ لَا يَعْدِلُ إلَيْهِ مَتَى أَمْكَنَ التَّخْصِيصُ أَوْ التَّقْيِيدُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْأُصُولِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَا يَسْتَرْوِحُ) إنَّمَا لَمْ يَكُنْ دَلِيلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِجْمَاعٍ حَتَّى يُتْرَكَ لَهُ النَّصُّ إذْ قَدْ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ مِنْ لَحْمِ الْجَزُورِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي مُوسَى وَأَبِي طَلْحَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ الصَّحَابِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي خَيْثَمَةَ وَاخْتَارَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالُوا وَخُصَّتْ الْإِبِلُ بِذَلِكَ لِزِيَادَةِ سَهُوكَةِ لَحْمِهَا كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: قَوْلُ الْخُلَفَاءِ إلَخْ)
أَوْ قُبُلًا (غَيْرُ مَنِيِّهِ) عَيْنًا أَوْ رِيحًا طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا جَافًّا أَوْ رَطْبًا انْفَصَلَ أَوْ عَادَ (وَإِنْ) لَمْ يَكُنْ الْخَارِجُ مُعْتَادًا كَدُودَةٍ وَحَصَاةٍ وَرِيحٍ مِنْ الْقُبُلِ؛ وَمَنِيُّ غَيْرِهِ مِنْ فَرْجِهِ قَالَ تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] الْآيَةَ وَالْغَائِطُ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ مِنْ الْأَرْضِ تُقْضَى فِيهِ الْحَاجَةُ سُمِّيَ بِاسْمِهِ الْخَارِجُ لِلْمُجَاوَرَةِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَأَوْ فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى الْوَاوِ الْحَالِيَّةِ لِيُوَافِقَ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ أَيْ: مِنْ أَنَّ الْمَرَضَ وَالسَّفَرَ لَيْسَا حَدَثَيْنِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الْآيَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ تَقْدِيرُهَا إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ مِنْ النَّوْمِ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا قَالَ وَزَيْدٌ مِنْ الْعَالِمِينَ بِالْقُرْآنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَدَّرَهَا تَوْقِيفًا مَعَ أَنَّ التَّقْدِيرَ فِيهَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّ نَظْمَهَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَرَضَ وَالسَّفَرَ حَدَثَانِ وَلَا قَائِلَ بِهِ.
اهـ وَيُغْنِي عَنْ تَكَلُّفِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ أَنْ يُقَدَّرَ جُنُبًا فِي قَوْلِهِ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «شُكِيَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» وَالْمُرَادُ الْعِلْمُ بِخُرُوجِهِ لَا شَمُّهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَصْرَ النَّاقِضِ فِي الصَّوْتِ وَالرِّيحِ بَلْ نَفْيُ وُجُوبِ الْوُضُوءِ بِالشَّكِّ فِي خُرُوجِ الرِّيحِ وَخَرَجَ بِالْمُعْتَادِ غَيْرُهُ فَلَا نَقْضَ بِالْخَارِجِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا نَقْضَ حَتَّى يَثْبُتَ بِالشَّرْعِ وَلَمْ يَثْبُتْ وَالْقِيَاسُ مُمْتَنِعٌ هُنَا؛ لِأَنَّ عِلَّةَ النَّقْضِ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ وَفِي أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَرَسَا الْمُسْلِمِينَ لَيْلَةً فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَقَامَ أَحَدُهُمَا يُصَلِّي فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ الْكُفَّارِ بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَنَزَعَهُ ثُمَّ رَمَاهُ بِآخَرَ ثُمَّ بِثَالِثٍ ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ وَدِمَاؤُهُ تَجْرِي وَعَلِمَ بِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُنْكِرْهُ» .
وَأَمَّا الدَّمُ فَلَعَلَّ الَّذِي أَصَابَهُ مِنْهُ قَلِيلٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَاءٌ يَغْسِلُهُ بِهِ وَاسْتَثْنَوْا مِنْ غَيْرِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَإِنَّ نَظْمَهَا يَقْتَضِي) كَانَ وَجْهُ الِاقْتِضَاءِ سَوْقَهُمَا مَعَ الْمَجِيءِ مِنْ الْغَائِطِ وَالْمُلَامَسَةِ مَسَاقًا وَاحِدًا وَكَانَ وَجْهُ انْدِفَاعِ هَذَا الِاقْتِضَاءِ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ أَنَّ قَوْلَهُ {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [النساء: 43] إلَخْ يَصِيرُ حِينَئِذٍ مِنْ تَفْصِيلِ أَحْوَالِ الْجُنُبِ وَكَأَنَّهُ قِيلَ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا بِالْمَاءِ فَإِنْ خِفْتُمْ مِنْهُ لِكَوْنِكُمْ مَرْضَى أَوْ لَمْ تَجِدُوهُ لِكَوْنِكُمْ عَلَى سَفَرٍ فَتَيَمَّمُوا (قَوْلُهُ: أَنْ يُقَدَّرَ جُنُبًا) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِلْمَرَضِ حِينَئِذٍ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ وُجُودِ الْمَاءِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ فَإِنْ حُمِلَ الْمَرَضُ عَلَى مَا لَا يَضُرُّ مَعَهُ الْمَاءُ وَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ السَّبَبَ حِينَئِذٍ هُوَ فَقْدُ الْمَاءِ وَالْمَرَضُ لَا دَخْلَ لَهُ فَتَأَمَّلْ سم
(قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ مُمْتَنِعٌ) يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ ارْتِكَابُ الْقِيَاسِ فِي مَوَاضِعَ سَتَأْتِي (قَوْلُهُ: أَصَابَهُ مِنْهُ قَلِيلٌ) قَدْ يُقَالُ أَوْ كَثِيرٌ؛ لِأَنَّهُ دَمُ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَاءٌ يَغْسِلُهُ بِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ مَعَ الدَّمِ الْغَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ إذَا فَقَدَ مَا يَغْسِلُهُ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ نَفْلًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ كَانَتْ نَفْلًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ
ــ
[حاشية الشربيني]
أَيْ إجْمَاعُهُمْ عَلَى تَرْكِ الْوُضُوءِ مِنْ أَكْلِ لَحْمِ الْجَزُورِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى إلَخْ) أَيْ إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ مِنْ النَّوْمِ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا وَلَا وَجْهَ لِقَصْرِ حَالِ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ عَلَى الْجُنُبِ كَمَا صَنَعَهُ الْمُحَشِّي وَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ الْآيَةِ بَيَانَ الْوَاجِبِ فِي حَالِ عَدَمِ الْعُذْرِ أَوْ لَا وَبَيَانَ الْوَاجِبِ فِي حَالِ الْعُذْرِ ثَانِيًا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَنْ يُقَدَّرَ جُنُبًا) فِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَدَمُ بَيَانِ مَا يَجِبُ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنْ النَّوْمِ مَعَ الْمَرَضِ أَوْ السَّفَرِ وَتَقْيِيدُ خَالِي الْمَرَضِ بِفَقْدِ الْمَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ مِنْ لَفْظِ الْحَدِيثِ وَلَوْ ذَكَرَ حَدِيثَ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرَهُ لَا وُضُوءَ إلَّا مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ ثُمَّ قَالَ مَا ذَكَرَهُ لَكَانَ أَوْلَى اهـ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْمُعْتَادِ) أَيْ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ مُمْتَنِعٌ) أَيْ الْقِيَاسُ فِي الْأَنْوَاعِ بِخِلَافِهِ فِي أَفْرَادِ النَّوْعِ لِإِمْكَانِ قِيَاسِ الشَّبَهِ تَأَمَّلْ وَالْأَوْلَى مَا أَجَابَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الْمَوَاضِعَ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْقِيَاسُ عُرِفَ فِيهَا عِلَّةُ الْأَصْلِ كَقِيَاسِ نَحْوِ الْإِغْمَاءِ عَلَى النَّوْمِ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ أَنَّ الْحَدِيثَ أَشْعَرَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ مَظِنَّةُ خُرُوجِ الْخَارِجِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ النَّقْضَ بِخُرُوجِ الْخَارِجِ غَيْرُ مَعْقُولٍ كَمَا يُفِيدُهُ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ عِلَّةَ النَّقْضِ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْأَسَالِيبِ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ لَا يُعَلَّلُ وَقَدْ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ اقْتِضَاءَ الْأَحْدَاثِ الْوُضُوءَ لَيْسَ مِمَّا يُعَلَّلُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا مَجَالَ لِلْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا؛ لِأَنَّ عِلَّةَ النَّقْضِ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ) هِيَ عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ وَهِيَ مُعْتَرَضَةٌ بِأَنَّ مَا سَيَأْتِي مِنْ تَعْلِيلِهَا يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ وَالْحَصْرُ فِيهَا تَعَبُّدِيٌّ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا مَعْقُولَ الْمَعْنَى فَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُقَسْ عَلَيْهَا.
قَالَ سم عَلَى التُّحْفَةِ إمَّا أَنْ يُقَالَ الْمَعْنَى الَّذِي يُذْكَرُ مُنَاسَبَةٌ وَحِكْمَةٌ لَا عِلَّةٌ وَإِمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَعَدَّى لِنَوْعٍ آخَرَ مَثَلًا كَلَمْسِ الْمَرْأَةِ مَظِنَّةَ الِالْتِذَاذِ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ فَخَرَجَ لَمْسُ الْأَمْرَدِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عِلَّةَ النَّقْضِ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ) قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْحَدَثُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ الْعِلَّةِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عِلَّةَ النَّقْضِ) أَيْ بِالْخُرُوجِ مِنْ هَذَا الْمَخْرَجِ فَلَا يُقَاسُ بِهِ
الْمُعْتَادِ الثَّقْبَ الْآتِي بَيَانُهُ وَأَمَّا مَنِيُّهُ فَلَا نَقْضَ بِهِ كَأَنْ أَمْنَى بِمُجَرَّدِ نَظَرٍ أَوْ احْتِلَامٍ مُمَكِّنًا مَقْعَدَهُ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْأَثَرَيْنِ وَهُوَ الْغُسْلُ بِخُصُوصِهِ فَلَا يُوجِبُ أَدْوَنَهُمَا بِعُمُومِهِ كَزِنَا الْمُحْصَنِ لَمَّا أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْحَدَّيْنِ لِكَوْنِهِ زِنَا الْمُحْصَنِ فَلَا يُوجِبُ أَدْوَنَهُمَا لِكَوْنِهِ زِنًا وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ مَعَ إيجَابِهِمَا الْغُسْلَ؛ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْوُضُوءِ فَلَا يُجَامِعَانِهِ بِخِلَافِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ يَصِحُّ مَعَهُ الْوُضُوءُ فِي صُورَةِ سَلَسِ الْمَنِيِّ فَيُجَامِعُهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ تَعْبِيرَهُ بِمَنِيِّهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالْمَنِيِّ وَنَقَلَ الْجَيْلَوِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْحَاوِي أَنَّ مِنْ فَوَائِدِ عَدَمِ النَّقْضِ بِهِ أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ صَلَّى بِهَذَا التَّيَمُّمِ مَا شَاءَ مِنْ الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّهُ يُصَلِّي بِالْوُضُوءِ وَتَيَمُّمُهُ إنَّمَا هُوَ عَنْ الْجَنَابَةِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَيْضًا صَاحِبُ الْمِصْبَاحِ ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ غَيْرُ مَرَضِيٍّ؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ مَانِعَةٌ وَهُوَ كَمَا قَالَ: (وَ) مِنْ (فَرْجَيْ الْمُشْكِلِ) أَيْ: قُبُلَيْهِ بِخِلَافِ الْخَارِجِ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ لَا يَنْقُضُ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ وَلَوْ خُلِقَ لِلرَّجُلِ ذَكَرَانِ فَبَالَ مِنْهُمَا أَوْ لِلْمَرْأَةِ فَرْجَانِ فَبَالَتْ وَحَاضَتْ مِنْهُمَا انْتَقَضَ الْوُضُوءُ بِالْخَارِجِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ بَالَ أَوْ بَالَتْ وَحَاضَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ اخْتَصَّ الْحُكْمُ بِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْمَسِّ وَلَوْ بَالَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَحَاضَتْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَنِيُّهُ) مِثْلُ الْمَنِيِّ الْوِلَادَةُ بِلَا بَلَلٍ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ، وَأَمَّا خُرُوجُ بَعْضِ الْوَلَدِ مُنْفَصِلًا كَيَدِهِ فَهُوَ نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ فَإِنْ خَرَجَ بَاقِيهِ وَجَبَ الْغُسْلُ حِينَئِذٍ لَكِنْ لَوْ خَرَجَ مُتَقَطِّعًا عَلَى مَرَّاتٍ بِلَا بَلَلٍ وَلَا نِفَاسٍ وَكَانَتْ تَتَوَضَّأُ مِنْ كُلِّ خَارِجٍ وَتُصَلِّي فَإِذَا تَمَّ خُرُوجُهُ وَجَبَ الْغُسْلُ وَهَلْ يَتَبَيَّنُ وُجُوبُ قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِتَمَامِ خُرُوجِهِ وُجُوبُ الْغُسْلِ فَقَدْ وَقَعَتْ الصَّلَوَاتُ السَّابِقَةُ مَعَ الْجَنَابَةِ أَوْ لَا يَتَبَيَّنُ وُجُوبُ قَضَائِهَا؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلْغُسْلِ إنَّمَا يَجِبُ الْغُسْلُ مِنْهُ بِخُرُوجِهِ وَانْقِطَاعِهِ فَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ هُنَا إلَّا بِتَمَامِ الْخُرُوجِ وَالصَّلَوَاتُ السَّابِقَةُ وَقَعَتْ قَبْلَ وُجُوبِ الْغُسْلِ مَعَ صِحَّةِ وُضُوآتِهَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ الْآنَ الثَّانِي فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ أَدْوَنَهُمَا بِعُمُومِهِ) وَهُوَ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ إلَخْ) جَوَابٌ يَقْتَضِي عَلَى الدَّلِيلِ (قَوْلُهُ: صِحَّةَ الْوُضُوءِ) أَيْ: ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالْمَنِيِّ حِينَئِذٍ) لِشُمُولِهِ غَيْرَهُ مَعَ نَقْضِهِ كَمَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ: فَبَالَ مِنْهُمَا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْحَقِيقَةِ مَنُوطٌ بِالْأَصَالَةِ لَا بِالْبَوْلِ حَتَّى لَوْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ وَيَبُولُ بِأَحَدِهِمَا وَيَطَأُ بِالْآخَرِ نَقَضَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا نَقَضَ الْأَصْلِيُّ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ يَبُولُ بِهِمَا وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ النَّقْضِ بِمَسِّ الزَّائِدِ إذَا كَانَ عَلَى سُنَنِ الْأَصْلِيِّ أَنْ يُنْقَضَ بِالْبَوْلِ مِنْهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ وَإِنْ الْتَبَسَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّقْضَ
ــ
[حاشية الشربيني]
غَيْرُهُ أَوْ بِالْخَارِجِ مِنْ هَذَا الْمَخْرَجِ فَلَا يُقَاسُ بِهِ الْخَارِجُ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَنِيُّهُ) خَرَجَ مَنِيُّ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ مُخْتَلِطًا بِمَنِيِّهِ وَمِثْلُ مَنِيِّهِ الْوَلَدُ وَلَوْ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً فَلَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ م ر وَع ش
(قَوْلُهُ: فَلَا نَقْضَ بِهِ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيَشْهَدُ لَهُ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَوْجَبُ إلَخْ) فَإِيجَابُهُ الْأَعْظَمَ يَقْتَضِي إلْغَاءَ جِهَةِ الْأَدْوَنِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ لِلْخُصُوصِ لَا لِلْعُمُومِ. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ رحمه الله؛ لِأَنَّ الْإِنْزَالَ لَا يَسْبِقُ خُرُوجَ الْخَارِجِ بَلْ إذَا أَنْزَلَ حَصَلَ خُرُوجُ الْخَارِجِ وَخُرُوجُ الْمَنِيِّ مَعًا. اهـ. وَخُرُوجُ الْمَنِيِّ أَعْظَمُ الْحَدَثَيْنِ فَيَدْفَعُ حُلُولُهُ حُلُولَ الْأَصْغَرِ مُقْتَرِنًا بِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَوْجَبُ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ مَهْمَا أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْأَثَرَيْنِ بِخُصُوصِهِ لَا يُوجِبُ أَوْهَنَهُمَا بِعُمُومِهِ قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي أَيْ: إنْ كَانَ الْأَوْهَنُ مِنْ جِنْسِ الْأَعْظَمِ حَتَّى لَا يَرِدَ إيجَابُ الْوِقَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ الْقَضَاءَ مَعَ أَنَّهُ أَوْجَبَ الْأَعْظَمَ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْكَفَّارَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْوُضُوءِ) أَيْ إذْ طَرَآ عَلَيْهَا فَلَا يُجَامِعَانِهِ بِخِلَافِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ. اهـ. وَعِبَارَةُ م ر؛ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْوُضُوءِ مُطْلَقًا فَلَا يُجَامِعَانِهِ بِخِلَافِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ يَصِحُّ مَعَهُ الْوُضُوءُ فِي صُورَةِ سَلَسِ الْمَنِيِّ فَيُجَامِعُهُ وَعَلَّلَ حَجَرٌ إيجَابَهُمَا الْوُضُوءَ بِأَنَّ حُكْمَهُمَا أَغْلَظُ وَفِي الْكُلِّ خَفَاءٌ اهـ وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَإِنَّمَا نَقَضَ الْحَيْضَ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِبَقَاءِ الْوُضُوءِ مَعَهُ قَالَ ق ل أَيْ بِخِلَافِهِ فِي الْمَنِيِّ فَلِبَقَائِهِ فَائِدَةٌ فِي سَلَسِهِ بِصِحَّةِ صَلَاتِهِ قَطْعًا أَوْ بِأَنَّهُ يَنْوِي بِوُضُوئِهِ فِيهِ سُنَّةَ الْغُسْلِ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي سَلَسِ الْحَيْضِ إذْ لَا تُصَلِّي الْحَائِضُ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْجَنَابَةَ مَانِعَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا وَحْدَهَا تَقْتَضِي التَّيَمُّمَ لِكُلِّ فَرْضٍ. اهـ. حَجَرٌ أَيْ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يُبِيحُ لِلْجُنُبِ وَلَا لِلْمُحْدِثِ أَكْثَرَ مِنْ فَرْضٍ. اهـ. م ر
(قَوْلُهُ: وَمِنْ فَرْجَيْ الْمُشْكِلِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ الْمُشْكِلُ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ لَهُ فَرْجُ الْأُنْثَى وَذَكَرُ الرَّجُلِ ثَانِيهمَا أَنْ يَكُونَ لَهُ ثُقْبَةٌ وَاحِدَةٌ لَا تُشْبِهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَحُكْمُ هَذَا الثَّانِي كَمَا قَالَ
مِنْ الْآخَرِ فَالْوَجْهُ تَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (أَوْ) مِنْ (ثُقْبٍ
ــ
[حاشية العبادي]
مَنُوطٌ بِهِمَا مَعًا لَا بِأَحَدِهِمَا
اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ ثُقْبٍ) لَوْ تَعَدَّدَ هَذَا الثُّقْبُ وَكَانَ يَخْرُجُ الْخَارِجُ مِنْ كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ الْمُتَعَدِّدِ فَيَنْبَغِي النَّقْضُ بِخُرُوجِ الْخَارِجِ مِنْ كُلٍّ، سَوَاءٌ حَصَلَ انْفِتَاحُهُ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَصْلَيْنِ م ر وَيَجُوزُ لِلْحَلِيلِ الْوَطْءُ فِي هَذَا الثُّقْبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَلِيلَةِ دُبُرٌ؛ لِأَنَّ الْمُمْتَنَعَ هُوَ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ وَهَذَا لَيْسَ دُبُرًا م ر
ــ
[حاشية الشربيني]
الْبَغَوِيّ: إنَّهُ مُشْكِلٌ يُوقَفُ أَمْرُهُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَخْتَارَ لِنَفْسِهِ مَا يَمِيلُ إلَيْهِ طَبْعُهُ مِنْ ذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ فَإِنْ أَمْنَى عَلَى النِّسَاءِ وَمَالَ إلَيْهِنَّ فَهُوَ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ عَكْسَهُ فَامْرَأَةٌ وَلَا دَلَالَةَ فِي بَوْلِ هَذَا، وَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ فَهُوَ الَّذِي فِيهِ التَّفْرِيعُ فَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ، إمَّا رَجُلٌ، وَإِمَّا امْرَأَةٌ وَلَيْسَ قِسْمًا ثَالِثًا وَالطَّرِيقُ إلَى مَعْرِفَةِ ذُكُورَتِهِ أَوْ أُنُوثَتِهِ مِنْ أَوْجُهٍ مِنْهَا الْبَوْلُ فَإِنْ بَالَ بِآلَةِ الرَّجُلِ فَقَطْ فَهُوَ رَجُلٌ وَإِنْ بَالَ بِآلَةِ الْمَرْأَةِ فَقَطْ فَهُوَ امْرَأَةٌ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ، فَإِنْ بَالَ بِهِمَا مَعًا نُظِرَ إنْ اتَّفَقَا فِي الْخُرُوجِ وَالِانْقِطَاعِ وَالْقَدْرِ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا دَلَالَةَ فِي الْبَوْلِ فَهُوَ مُشْكِلٌ إنْ لَمْ تَكُنْ عَلَامَةٌ أُخْرَى ثَانِيهمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا يَنْقَطِعَانِ مَعًا وَتَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا فِي الِابْتِدَاءِ فَهُوَ لِلْمُتَقَدِّمِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الِابْتِدَاءِ وَالِانْقِطَاعِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَزْنًا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُحْكَمُ بِأَكْثَرِهِمَا وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ.
ثَانِيهمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ لَا دَلَالَةَ فِيهِ وَلَوْ زَرَقَ كَهَيْئَةِ الرَّجُلِ أَوْ رَشَّ كَهَيْئَةِ الْمَرْأَةِ فَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ وَلَوْ لَمْ يَبُلْ مِنْ الْفَرْجَيْنِ وَبَالَ مِنْ ثَقْبٍ آخَرَ فَلَا دَلَالَةَ فِي الْبَوْلِ وَمِنْهَا الْمَنِيُّ وَالْحَيْضُ فَإِنْ أَمْنَى بِفَرْجِ الرَّجُلِ فَهُوَ رَجُلٌ وَإِنْ أَمْنَى بِفَرْجِ الْمَرْأَةِ أَوْ حَاضَ بِهِ فَهُوَ امْرَأَةٌ وَشَرْطُهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ أَنْ يَكُونَ فِي زَمَنِ إمْكَانِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَالْحَيْضِ وَأَنْ يَتَكَرَّرَ خُرُوجُهُ بِتَأَكُّدِ الظَّنِّ بِهِ وَلَا يُتَوَهَّمُ كَوْنُهُ اتِّفَاقِيًّا وَلَوْ أَمْنَى بِالْفَرْجَيْنِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا دَلَالَةَ وَأَصَحُّهُمَا إنْ أَمْنَى بِصِفَةِ مَنِيِّ الرَّجُلِ فَرَجُلٌ أَوْ بِصِفَةِ مَنِيِّ النِّسَاءِ فَامْرَأَةٌ وَلَوْ أَمْنَى مِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ بِصِفَةِ مَنِيِّ الرِّجَالِ أَوْ مِنْ فَرْجِ الرِّجَالِ بِصِفَةِ مَنِيِّ النِّسَاءِ أَوْ أَمْنَى مِنْ فَرْجِ الرِّجَالِ بِصِفَةِ مَنِيِّهِمْ وَمِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ بِصِفَةِ مَنِيِّهِنَّ فَلَا دَلَالَةَ وَلَوْ تَعَارَضَ بَوْلٌ وَحَيْضٌ فَبَالَ مِنْ فَرْجِ الرَّجُلِ وَحَاضَ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا دَلَالَةَ لِلتَّعَارُضِ وَالثَّانِي يُقَدَّمُ الْبَوْلُ؛ لِأَنَّهُ دَائِمٌ مُتَكَرِّرٌ وَلَوْ تَعَارَضَ الْمَنِيُّ وَالْحَيْضُ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا أَنَّهُ امْرَأَةٌ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ مُخْتَصٌّ بِالنِّسَاءِ وَالْمَنِيَّ مُشْتَرَكٌ، ثَانِيهمَا أَنَّهُ رَجُلٌ؛ لِأَنَّ الْمَنِيَّ حَقِيقَةٌ وَلَيْسَ دَمُ الْحَيْضِ حَقِيقَةً، ثَالِثُهَا لَا دَلَالَةَ لِلتَّعَارُضِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَمِنْهَا الْوِلَادَةُ وَهِيَ تُفِيدُ الْقَطْعَ بِالْأُنُوثَةِ وَتُقَدَّمُ عَلَى جَمِيعِ الْعَلَامَاتِ الْمُعَارِضَةِ لَهَا؛ لِأَنَّ دَلَالَتَهَا قَطْعِيَّةٌ وَلَوْ كَانَتْ الْوِلَادَةُ لِمُضْغَةٍ قَالَ الْقَوَابِلُ إنَّهَا أَصْلُ آدَمِيٍّ وَلَا يُحْكَمُ بِأَنَّهُ امْرَأَةٌ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْحَمْلُ، وَأَمَّا نَبَاتُ اللِّحْيَةِ وَنُهُودُ الثَّدْيِ فَلَا يَدُلَّانِ عَلَى ذُكُورَةٍ وَلَا أُنُوثَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هُنَا قُلْت: الْحَقُّ عِنْدِي أَنَّهُ إنْ كَثُفَتْ اللِّحْيَةُ وَعَظُمَتْ فَهُوَ رَجُلٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَتَّفِقُ لِلنِّسَاءِ وَإِنْ خَفَّتْ فَمُشْكِلٌ، ثُمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَا دَلَالَةَ لِنُزُولِ اللَّبَنِ مِنْ الثَّدْيِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا لِنَقْصِ أَضْلَاعٍ أَوْ زِيَادَتِهَا عَلَى ذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي التَّشْرِيحِ وَقَدْ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إنِّي لَا أَفْهَمُهُ وَلَا أَرَى فَرْقًا بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَمِنْ الْعَلَامَاتِ مَيْلُهُ إلَى النِّسَاءِ أَوْ الرِّجَالِ فَإِنْ قَالَ: أَشْتَهِي النِّسَاءَ حُكِمَ بِأَنَّهُ رَجُلٌ أَوْ إلَى الرِّجَالِ حُكِمَ بِأَنَّهُ امْرَأَةٌ لِإِجْرَاءِ اللَّهِ الْعَادَةَ بِذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَإِنَّمَا نُرَاجِعُهُ فِي مَيْلِهِ وَشَهْوَتِهِ وَنَقْبَلُ فِي ذَلِكَ قَوْلَهُ إذَا عَجَزْنَا عَنْ الْعَلَامَاتِ السَّابِقَةِ، فَأَمَّا مَعَ وَاحِدَةٍ مِنْهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعَلَامَةَ حِسِّيَّةٌ وَمَيْلُهُ خَفِيٌّ قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِنَّمَا نَقْبَلُ قَوْلَهُ فِي الْمَيْلِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَعَقْلِهِ كَسَائِرِ أَخْبَارِهِ وَفَرَّعَ أَصْحَابُنَا عَلَى إخْبَارِهِ فُرُوعًا أَحَدُهَا أَنَّهُ إنْ بَلَغَ وَفُقِدَتْ الْعَلَامَاتُ وَوُجِدَ الْمَيْلُ لَزِمَهُ أَنْ يُخْبِرَ لِيُحْكَمَ بِهِ وَيُعْمَلَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَخَّرَهُ أَثِمَ وَفَسَقَ الثَّانِي أَنَّ الْإِخْبَارَ إنَّمَا هُوَ بِمَا يَجِدُهُ مِنْ الْمَيْلِ الْجِبِلِّيِّ وَلَا يَجُوزُ الْإِخْبَارُ بِلَا مَيْلٍ بِلَا خِلَافٍ الثَّالِثُ إذَا أَخْبَرَ بِمَيْلِهِ إلَى أَحَدِهِمَا عُمِلَ بِهِ وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ بَلْ يَلْزَمُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ فَلَوْ كَذَّبَهُ الْحِسُّ بِأَنْ يُخْبِرَ أَنَّهُ رَجُلٌ ثُمَّ يَلِدَ بَطَلَ قَوْلُهُ: وَيُحْكَمُ بِأَنَّهُ امْرَأَةٌ وَكَذَا لَوْ ظَهَرَ حَمْلٌ وَتَبَيَّنَّاهُ كَمَا لَوْ حَكَمْنَا بِأَنَّهُ رَجُلٌ بِشَيْءٍ مِنْ الْعَلَامَاتِ ثُمَّ ظَهَرَ حَمْلٌ فَإِنَّا نُبْطِلُ ذَلِكَ وَنَحْكُمُ بِأَنَّهُ امْرَأَةٌ وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِي الْوَسِيطِ يُحْمَلُ عَلَى هَذَا بِتَأْوِيلٍ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَنْعِ قَبُولِ الرُّجُوعِ هُوَ فِيمَا عَلَيْهِ وَيُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَمَّا هُوَ لَهُ قَطْعًا نَبَّهَ عَلَيْهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَأَهْمَلَهُ الْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ، الرَّابِعُ إذَا أَخْبَرَ حُكِمَ بِقَوْلِهِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ سَوَاءٌ مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَشْرٍ إذَا قَالَ بَلَغْت صَدَّقْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ أَعْرَفُ بِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ حَتَّى لَوْ مَاتَ لِلْخُنْثَى قَرِيبٌ فَأَخْبَرَ بِالذُّكُورَةِ وَإِرْثُهُ بِهَا يَزِيدُ قَبْلَ قَوْلِهِ وَحُكِمَ لَهُ بِمُقْتَضَاهُ وَلَوْ قُطِعَ طَرَفُهُ فَأَخْبَرَ بِالذُّكُورَةِ وَجَبَ لَهُ دِيَةُ رَجُلٍ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَوْ أَقَرَّ الْخُنْثَى بَعْدَ الْجَنَابَةِ عَلَى ذَكَرٍ بِأَنَّهُ رَجُلٌ فَظَاهِرُ
يُحَطْ) أَيْ: يَنْزِلُ (عَنْ مِعْدَةٍ مَعْ سَدِّ مُعْتَادٍ) مِنْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ إذْ لَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ مِنْ مَخْرَجٍ يُخْرِجُ مِنْهُ مَا تَدْفَعُهُ الطَّبِيعَةُ فَإِذَا انْسَدَّ بِأَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَلْتَحِمْ أُقِيمَ هَذَا مَقَامَهُ وَمَا قَرَّرْته مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِانْسِدَادِ أَحَدِ الْمَخْرَجَيْنِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ لَكِنْ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ بِاشْتِرَاطِ انْسِدَادِهِمَا وَأَنَّهُ لَوْ انْسَدَّ أَحَدُهُمَا فَالْحُكْمُ لِلْبَاقِي لَا غَيْرُ وَقَدْ تَرَدَّدَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اطِّلَاعِهِ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ فِيهِ؛ ثُمَّ قَالَ: وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ يَكْفِي انْسِدَادُ أَحَدِهِمَا إذَا كَانَ الْخَارِجُ مِنْ الثُّقْبَةِ مُنَاسِبَهُ كَأَنْ انْسَدَّ الْقُبُلُ فَخَرَجَ مِنْهَا بَوْلٌ أَوْ انْسَدَّ الدُّبُرُ فَخَرَجَ مِنْهَا غَائِطٌ لَكِنْ يُشْكِلُ بِمَا إذَا كَانَ الْخَارِجُ لَيْسَ مُعْتَادَ الْوَاحِدِ مِنْهُمَا كَالْقَيْحِ.
اهـ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ النَّقْضُ بِهِ أَيْضًا كَمَا عُرِفَ (فَقَطْ) أَيْ: دُونَ مَا لَا يَحُطُّ عَنْ الْعِدَّةِ وَلَوْ فِيهَا أَوْ فِي جَنْبِهَا مَعَ سَدِّ الْمُعْتَادِ أَوْ انْفِتَاحِهِ أَوْ يَحُطُّ عَنْهَا مَعَ انْفِتَاحِهِ؛ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْخَارِجَ مِنْهُ بِالْقَيْءِ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا تُحِيلُهُ الطَّبِيعَةُ إذْ مَا تُحِيلُهُ تُلْقِيهِ إلَى أَسْفَلَ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ حِينَئِذٍ إلَيْهِ. قَالَ: الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا فِي الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ أَمَّا الْخِلْقِيُّ فَيَنْقُضُ مَعَهُ الْخَارِجُ مِنْ الثَّقْبِ مُطْلَقًا وَالْمُنْسَدُّ حِينَئِذٍ كَعُضْوٍ زَائِدٍ مِنْ الْخُنْثَى لَا وُضُوءَ بِمَسِّهِ وَلَا غُسْلَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَمَا قَرَّرْتُهُ) أَيْ: بِقَوْلِي مِنْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ أَنَّ الْحُكْمَ حِينَئِذٍ لِلْمُنْفَتِحِ مُطْلَقًا حَتَّى يَجِبَ الْوُضُوءُ بِمَسِّهِ وَالْغُسْلُ بِإِيلَاجِهِ وَبِالْإِيلَاجِ فِيهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ بَعِيدٌ اهـ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى فَرْضِ قَوْلِهِ هُنَا وَحَيْثُ أُقِيمَ الثُّقْبُ مَقَامَ الْمُعْتَادِ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُهُ إلَخْ فِي الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ كَمَا فَرَضَهُ فِيهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَذَلِكَ لِدَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّ كَوْنَ الْحُكْمِ لِلْمُنْفَتِحِ مُطْلَقًا غَيْرَ مَذْكُورٍ فِي كَلَامِهِمْ فِي الِانْسِدَادِ الْخِلْقِيِّ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ قَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِيهِ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ كَوْنَ الْحُكْمِ لِلْمُنْفَتِحِ مُطْلَقًا أَوْ لَا لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ فِي الِانْسِدَادِ الْخِلْقِيِّ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِإِيجَابِ الْقِصَاصِ
قَالَ: وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يُقْبَلُ وَهَذَا مُزَيَّفٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِأَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ بَعْدَ الْجِنَايَةِ إذَا كَانَ يَتَضَمَّنُ ثُبُوتَ حَقٍّ لَوْلَاهُ لَمْ يَثْبُتْ مَالًا كَانَ أَوْ قِصَاصًا؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْإِمَامُ ظَاهِرٌ وَالْخِلَافُ فِي إقْرَارِهِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ، أَمَّا قَبْلَهُ فَمَقْبُولٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِلَا خِلَافٍ، الْخَامِسُ قَدْ سَبَقَ أَنَّهُ إنَّمَا يُرْجَعُ إلَى قَوْلِهِ إذَا عَجَزْنَا عَنْ الْعَلَامَاتِ فَلَوْ حَكَمْنَا بِقَوْلِهِ ثُمَّ وُجِدَ بَعْضُ الْعَلَامَاتِ فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ قَوْلُهُ: بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا لَا يُرْجَعُ عَنْهُ إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ الْحِسُّ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِدَلِيلٍ فَلَا يُتْرَكُ بِظَنِّ مِثْلِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ قَاطِعٍ وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ لِنَفْسِهِ أَحَدُهُمَا هَذَا، وَالثَّانِي وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِالْعَلَامَةِ كَمَا لَوْ تَدَاعَى اثْنَانِ طِفْلًا وَلَيْسَ هُنَاكَ قَائِفٌ فَانْتَسَبَ بَعْدَ بُلُوغِهِ إلَى أَحَدِهِمَا ثُمَّ وَجَدْنَا قَائِفًا فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الْقَائِفُ عَلَى إخْبَارِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَذِهِ الْجُمَلَ هُنَا خَوْفًا مِنْ الْفَوَاتِ اقْتِدَاءً بِالْإِمَامِ النَّوَوِيِّ رحمه الله سبحانه وتعالى وَرَضِيَ عَنْهُ وَعَنَّا وَعَنْ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ اهـ وَقَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْوِلَادَةُ إلَخْ قَالَ السُّيُوطِيّ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ: بَعْدَ ذَلِكَ فَلَوْ أَحْبَلَ كُلٌّ مِنْ خُنْثَيَيْنِ الْآخَرَ فَوَلَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُكِمَ بِأُنُوثَةِ كُلٍّ وَنُسِبَ الْوَلَدُ لِلشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ مُتَيَقَّنَةٌ وَالْإِحْبَالُ مَظْنُونٌ اهـ فَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ وَلَدَ الْخُنْثَى ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَأَحْبَلَهَا وَقَدْ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَأَفْتَيْت فِيهَا بِأُنُوثَتِهِ وَأَنَّ الْوَلَدَ وَلَدُ شُبْهَةٍ لِمَا ذُكِرَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: يَحُطُّ عَنْ مَعِدَةٍ) أَيْ انْفَتَحَ تَحْتَ السُّرَّةِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي الدَّقَائِقِ. اهـ. مَحَلِّيٌّ وَفِي الْمَجْمُوعِ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ بِمَا تَحْتَ الْمَعِدَةِ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ وَبِمَا فَوْقَ الْمَعِدَةِ مَا فَوْقَ السُّرَّةِ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ صَرَّحَ بِهَا فِيمَا يَأْتِي. اهـ. (قَوْلُهُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ) بَلْ قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي الْمَجْمُوعِ لَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمُنْفَتِحِ بَيْنَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرَهُ إذْ لَوْ اُشْتُرِطَ اجْتِمَاعُهُمَا لَمْ يَصِحَّ هَذَا الْكَلَامُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ حَيْثُ حَكَمْنَا فِي الْمُنْفَتِحِ بِالِانْتِقَاضِ بِالْخَارِجِ فَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا انْتَقَضَ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا كَدَمٍ أَوْ قَيْحٍ أَوْ حَصَاةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَفِيهِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا الْخُرَاسَانِيُّونَ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَآخَرُونَ مِنْهُمْ أَصَحُّهُمَا الِانْتِقَاضُ وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْعِرَاقِيِّينَ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَاهُ كَالْأَصْلِيِّ وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا فِي الْأَصْلِيِّ بَيْنَ الْمُعْتَادِ وَغَيْرِهِ.
وَخَالَفَ الْبَغَوِيّ الْجَمَاعَةَ فَقَالَ: الْأَصَحُّ لَا يُنْقَضُ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَاهُ كَالْأَصْلِيِّ لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَخْرَجٍ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمُعْتَادُ فَإِذَا خَرَجَ غَيْرُ الْمُعْتَادِ عُدْنَا إلَى الْأَصْلِ وَلَوْ خَرَجَ مِنْهُ الرِّيحُ انْتَقَضَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ وَطَرَدَ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيُّ فِيهِ الْقَوْلَيْنِ اهـ وَمِنْ الْغَرِيبِ عَدَمُ نَقْلِ الشَّيْخِ ذَلِكَ هُنَا عَنْ الْمَجْمُوعِ مَعَ مُحَافَظَتِهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى النَّقْلِ عَنْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِيهَا) أَيْ الْمَعِدَةِ أَيْ السُّرَّةِ أَوْ فِي جَنْبِهَا أَيْ مُحَاذَاتِهَا فَلَهُ حُكْمُ مَا فَوْقَهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْحَلْقِيُّ إلَخْ) أَيْ مَا عَدَا الْفَمَ فَلَا يُنْقَضُ الْخَارِجُ مِنْهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَخْرَجٌ سِوَاهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر وطب خِلَافًا لِحَجَرٍ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَعُضْوٍ زَائِدٍ مِنْ الْخُنْثَى) الَّذِي حُكِمَ بِزِيَادَتِهِ لِاتِّضَاحِهِ وَزَوَالِ إشْكَالِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا غُسْلَ بِإِيلَاجِهِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَهُ انْتَقَلَتْ لِلْمُنْفَتِحِ وَانْظُرْ هَلْ يَمْتَنِعُ حِينَئِذٍ الْوَطْءُ فِيهِ أَيْ الْأَصْلِيِّ الظَّاهِرُ لَا؛ لِأَنَّهُ
بِإِيلَاجِهِ وَالْإِيلَاجِ فِيهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ؛ وَالْمُنْسَدُّ حِينَئِذٍ كَعُضْوٍ زَائِدٍ إلَى آخِرِهِ الْمُنْسَدُّ بِالِالْتِحَامِ وَحَيْثُ أُقِيمَ الثَّقْبُ مَقَامَ الْمُعْتَادِ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُهُ مِنْ إجْزَاءِ الْحَجَرِ وَإِيجَابِ الْوُضُوءِ بِمَسِّهِ وَالْغُسْلِ بِالْإِيلَاجِ بِهِ أَوْ الْإِيلَاجِ فِيهِ وَإِيجَابِ سَتْرِهِ وَتَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَيْهِ فَوْقَ الْعَوْرَةِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ وَلِخُرُوجِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ عَنْ الْقِيَاسِ فَلَا يَتَعَدَّى الْأَصْلِيُّ وَالْمَعِدَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَبِكَسْرِهِمَا وَبِفَتْحِ الْمِيمِ أَوْ كَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ الْعَيْنِ فِيهِمَا وَبِهِمَا يُضْبَطُ كَلَامُ النَّظْمِ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا السُّرَّةُ وَفِي اللُّغَةِ وَالطِّبِّ مُسْتَقَرُّ الطَّعَامِ مِنْ الْمَكَانِ الْمُنْخَسِفِ تَحْتَ الصَّدْرِ إلَى السُّرَّةِ وَقَوْلُهُ: فَقَطْ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَطُّ هَذِهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ بِمَعْنَى انْتَهِ وَكَثِيرًا مَا تُصَدَّرُ بِالْفَاءِ تَزْيِينًا لِلَّفْظِ وَكَأَنَّهُ كَمَا قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ: جَزَاءُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ وَتَقْدِيرُهُ هُنَا إذَا انْقَضَتْ بِالْخَارِجِ مِنْ ثَقْبٍ يَحُطُّ إلَى آخِرِهِ فَقَطْ أَيْ: فَانْتَهِ عَنْ النَّقْضِ بِالْخَارِجِ مِنْ ثَقْبٍ لَيْسَ كَذَلِكَ.
(وَ) وَثَانِيهَا (أَنْ يَزُولَ الْعَقْلُ) بِجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ غَيْرِهَا لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بْنِ السَّكَنِ فِي صِحَاحِهِ «الْعَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ»
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ وَحَيْثُ أُقِيمَ الثُّقْبُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَصْرِيحًا بِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِنَفْيِ كَوْنِ الْحُكْمِ لِلْمُنْفَتِحِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُسْتَشْكَلُ قَوْلُهُ: وَإِيجَابُ سَتْرِهِ وَتَحْرِيمُ النَّظَرِ إلَيْهِ فَوْقَ الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ إقَامَتِهِ مَقَامَ الْمُعْتَادِ كَوْنُهُ تَحْتَ الْمَعِدَةِ فَلَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْعَوْرَةِ، وَأَمَّا إقَامَتُهُ مَقَامَهُ إذَا كَانَ فَوْقَ الْمَعِدَةِ فَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَالتَّفْرِيعُ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِهِ فِيهِ مَا فِيهِ كَمَا لَا يَخْفَى سم
(فَرْعٌ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي الِانْسِدَادِ الْخِلْقِيِّ أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُتَفَتِّحِ جَمِيعُ أَحْكَامِ الْأَصْلِيِّ فَلَوْ انْفَتَحَ لِأُنْثَى رَقِيقَةٍ أَوْ لِذَكَرٍ فَوْقَ الْمَعِدَةِ فَهَلْ يَجِبُ سَتْرُهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: لَا وُضُوءَ بِمَسِّهِ) خَالَفَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ فَصَحَّحَ الِانْتِقَاضَ بِمَسِّهِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الذَّكَرِ وَقَضِيَّتُهُ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ مِنْ وُجُوبِ الْغُسْلِ بِإِيلَاجِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) خُولِفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَحَيْثُ أُقِيمَ الثُّقْبُ مَقَامَ الْمُعْتَادِ إلَى قَوْلِهِ فَلَا يَتَعَدَّى الْأَصْلِيُّ هَذَا فِي الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ كَمَا فَرَضَهُ فِيهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ، أَمَّا الْأَصْلِيُّ فَأَحْكَامُهُ بَاقِيَةٌ ثُمَّ ذَكَرَ الِانْسِدَادَ الْخِلْقِيَّ وَذَكَرَ فِيهِ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: فَوْقَ الْعَوْرَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِيجَابٍ وَتَحْرِيمٍ
ــ
[حاشية الشربيني]
اسْتِمْتَاعٌ بِبَعْضِ بَدَنِ زَوْجَتِهِ غَيْرِ الدُّبُرِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ إلَخْ) خَالَفَهُ حَجَرٌ فَقَالَ سَوَاءٌ كَانَ انْسِدَادُهُ بِالْتِحَامٍ أَوْ لَا خِلَافًا لِشَيْخِنَا. اهـ. وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ قَرِيبًا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ أُقِيمَ إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي إقَامَةِ الثَّقْبِ الْعَارِضِ مَقَامَ الْمُعْتَادِ الْأَصْلِيِّ سَوَاءٌ كَانَ فَوْقَ الْمَعِدَةِ أَوْ تَحْتَهَا وَسَوَاءٌ مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ أَوْ انْسِدَادِهِ فِي الِانْتِقَاضِ بِالْخَارِجِ مِنْهُ فَإِنَّ فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ قَوْلًا أَوْ وَجْهًا بِالِانْتِقَاضِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ أُقِيمَ إلَخْ) أَيْ فِي الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُهُ) فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْوَطْءُ فِيهِ وَاسْتَشْكَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَنَظَرَ فِيهِ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَمِثْلُهُ فِي النَّقْضِ وَجَوَازِ الْوَطْءِ الْمُنْفَتِحِ مَعَ الِانْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ الْخِلْقِيِّ وَلَا غُسْلَ بِالْوَطْءِ فِيهِمَا كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ فَرَاجِعْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ إلَخْ) أَيْ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ النَّفْيِ فِي الْمَجْمُوعِ عَدَمَ النَّقْضِ بِالنَّوْمِ بِهِ مُتَمَكِّنًا قَالَ حَجَرٌ وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِلْأَمْنِ حِينَئِذٍ مِنْ خُرُوجِ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ. اهـ.
سم (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُهُ إلَخْ) بَلْ الْحُكْمُ حِينَئِذٍ لِلثَّقْبِ الْأَصْلِيِّ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: مِنْ أَجْزَاءِ الْحَجَرِ إلَخْ)، أَمَّا عَدَمُ النَّقْضِ بِالنَّوْمِ مُمَكِّنًا لَهُ فَثَابِتٌ لَهُ حَجَرٌ وَم ر (قَوْلُهُ: وَإِيجَابُ سَتْرِهِ وَتَحْرِيمُ إلَخْ) نَقَلَ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَنْ م ر أَنَّهُ اعْتَمَدَ الْإِيجَابَ وَالتَّحْرِيمَ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ يُسَمَّى فَرْجًا. اهـ. لَكِنَّ النَّوَوِيَّ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لَا يَجِبُ السَّتْرُ وَلَا يَحْرُمُ النَّظَرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّ الْعَوْرَةِ اهـ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ) عَلَى الْأَصْلِ فِي كُلِّ مَا كَانَ عَلَى وَزْنِ فِعْلٍ كَعِلْمٍ وَثَانِيهِ حَرْفٌ حَلْقِيٌّ نَحْوُ فَخِذٍ فَلَهُمْ فِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ فَتْحُ الْأَوَّلِ وَكَسْرُ الثَّانِي عَلَى الْأَصْلِ فَإِنْ شِئْت أَسْكَنْت الثَّانِيَ وَأَقْرَرْت الْأَوَّلَ عَلَى فَتْحِهِ وَإِنْ شِئْت أَسْكَنْت وَنَقَلْت الْكَسْرَةَ إلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ شِئْت أَتْبَعْت الْكَسْرَ الْكَسْرَ وَكَذَلِكَ الْفِعْلُ نَحْوُ ضَحِكَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَدَبِ لِلْبَغْدَادِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَادَ؛ لِأَنَّهُ الْأَسْفَلُ الَّذِي تُلْقِي الطَّبِيعَةُ مَا تُحِيلُهُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَثِيرًا إلَخْ) أَيْ فِي غَيْرِ مِثْلِ مَا هُنَا مِمَّا وَقَعَ فِيهِ جَزَاءُ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ طَلَبِيٌّ يَجِبُ فِيهِ الْقَرْنُ بِالْفَاءِ
(قَوْلُهُ: بِجُنُونٍ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُمَكِّنًا فِي غَيْرِ النَّوْمِ نَقَلَ ذَلِكَ فِي الْإِغْمَاءِ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ الْمَذْكُورَةُ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَا فَرْقَ فِي النَّقْضِ بَيْنَ النَّائِمِ مُمَكِّنًا مَقْعَدَهُ وَغَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ. اهـ. وَعَلَّلَهُ فِي الْمُهَذَّبِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ النَّائِمَ إذَا كُلِّمَ تَكَلَّمَ وَإِذَا نُبِّهَ تَنَبَّهَ فَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ الْخَارِجُ وَهُوَ جَالِسٌ أَحَسَّ بِهِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَوْمٍ) وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُ عِنْدَنَا حَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ وَحَكَى عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَجَمَاعَةٍ أَنَّ النَّوْمَ لَا يَنْقُضُ بِحَالٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الشِّيعَةِ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: أَوْ نَوْمٍ) أَيْ بِلَا تَمْكِينٍ وَلَوْ كَانَ مَسْدُودَ الْمَخْرَجِ لِانْتِقَالِ الْحُكْمِ
وَغَيْرُ النَّوْمِ مِمَّا ذُكِرَ أَبْلَغُ مِنْهُ فِي الذُّهُولِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ الدُّبُرِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ الْخَبَرُ إذْ السَّهُ الدُّبُرُ وَوِكَاؤُهُ حِفَاظُهُ عَنْ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يَشْعُرُ بِهِ وَالْعَيْنَانِ كِنَايَةٌ عَنْ الْيَقِظَةِ وَلَا يَضُرُّ فِي النَّقْضِ بِزَوَالِ الْعَقْلِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ كَوْنُ الْأَصْلِ عَدَمَ خُرُوجِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جُعِلَ مَظِنَّةً لِخُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِ شُعُورٍ بِهِ أُقِيمَ مَقَامَ الْيَقِينِ كَمَا أُقِيمَتْ الشَّهَادَةُ الْمُفِيدَةُ لِلظَّنِّ مَقَامَ الْيَقِينِ فِي شَغْلِ الذِّمَّةِ وَالْعَقْلُ غَرِيزَةٌ يَتْبَعُهَا الْعِلْمُ بِالضَّرُورِيَّاتِ عِنْدَ سَلَامَةِ الْآلَاتِ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ آدَابِ الْبَحْثِ وَخَرَجَ بِزَوَالِهِ النُّعَاسُ وَحَدِيثُ النَّفْسِ وَأَوَائِلُ نَشْوَةِ السُّكْرِ فَلَا نَقْضَ بِهَا فَفِي مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما «قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ فَقُمْت إلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ فَجَعَلَنِي فِي شِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَكُنْتُ إذَا أَغْفَيْت يَأْخُذُ بِشَحْمَةِ أُذُنِي فَصَلَّى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً» وَمِنْ عَلَامَاتِ النَّوْمِ الرُّؤْيَةُ وَمِنْ عَلَامَاتِ النُّعَاسِ سَمَاعُ كَلَامِ الْحَاضِرِينَ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ فَلَوْ شَكَّ هَلْ نَامَ أَوْ نَعَسَ؟ وَقَدْ وَجَدَ أَحَدَهُمَا أَوْ خَطَرَ بِبَالِهِ شَيْءٌ فَشَكَّ هَلْ كَانَ رُؤْيَا أَوْ حَدِيثَ نَفْسٍ؟ لَمْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلَوْ تَيَقَّنَ الرُّؤْيَا وَشَكَّ فِي النَّوْمِ انْتَقَضَ (لَا) زَوَالُهُ (لِلْمُفْضِي فِي نَوْمِهِ بِمَقْعَدٍ)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَالْعَقْلُ غَرِيزَةٌ إلَخْ) الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَقْلِ هُنَا هَذَا الْمَعْنَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هَذَا الْمَعْنَى لَا يَزُولُ بِنَحْوِ الْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ وَالنَّوْمِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا التَّمْيِيزُ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ كَلَامِهِ هُنَا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِزَوَالِهِ زَوَالُ أَثَرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَعَسَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا) يَسْبِقُ إلَى الذِّهْنِ أَنَّ ضَمِيرَ التَّثْنِيَةِ فِي قَوْلِهِ أَحَدُهُمَا رَاجِعٌ لِلرُّؤْيَةِ وَسَمَاعِ كَلَامِ الْحَاضِرِينَ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ عَلَامَاتِ النَّوْمِ الرُّؤْيَةُ إلَخْ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ مِنْ أَفْرَادِهِ حِينَئِذٍ أَنْ تُوجَدَ الرُّؤْيَةُ وَيَشُكَّ هَلْ نَامَ أَوْ نَعَسَ؟ وَحَاصِلُ هَذَا إنْ تَيَقَّنَ الرُّؤْيَا وَشَكَّ فِي النَّوْمِ وَقَدْ صَرَّحَ بِالنَّقْضِ فِي هَذَا بِقَوْلِهِ وَلَوْ تَحَقَّقَ الرُّؤْيَا وَشَكَّ فِي النَّوْمِ انْتَقَضَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى النَّوْمِ وَالنُّعَاسِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ شَكَّ هَلْ نَامَ أَوْ نَعَسَ؟ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ الْكَلَامِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ مَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَوْمٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ نُعَاسٌ فَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ لِلشَّكِّ فِي النَّوْمِ وَلَا نَقْضَ بِهِ مَعَ الشَّكِّ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَيَقَّنَ الرُّؤْيَا وَشَكَّ فِي النَّوْمِ) أَيْ: بِلَا تَمْكِينٍ انْتَقَضَ؛ لِأَنَّ الرُّؤْيَا لَا تَكُونُ إلَّا بِنَوْمٍ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْبُوَيْطِيِّ ثُمَّ قَالَ فِيهِ وَلَوْ تَيَقَّنَ النَّوْمَ وَشَكَّ هَلْ كَانَ مُتَمَكِّنًا أَوْ لَا؟ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ قَالَ: وَقَوْلُ الْبَغَوِيّ لَوْ تَيَقَّنَ رُؤْيَا وَلَا تَذَكَّرَ نَوْمًا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى النَّوْمِ مُمَكِّنًا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ مُؤَوَّلٌ أَوْ ضَعِيفٌ
اهـ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ النَّصِّ أَنَّ الرُّؤْيَا فِي تِلْكَ اعْتَضَدَتْ بِأَحَدِ طَرَفَيْ الشَّكِّ
ــ
[حاشية الشربيني]
لِلنَّوْمِ فَصَارَ نَاقِضًا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ تَيَقَّنَ عَدَمَ خُرُوجِ شَيْءٍ بِخَبَرِ مَعْصُومٍ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: كَمَا أُقِيمَتْ الشَّهَادَةُ إلَخْ) قَدْ أَقَامَ الشَّارِعُ إخْبَارَ الْعَدْلِ مَقَامَ الْيَقِينِ وَقَدْ اعْتَمَدَ زي أَنَّهُ إذَا أَخْبَرَهُ بِمَسِّ امْرَأَةٍ لَهُ أَوْ خُرُوجِ رِيحٍ مِنْهُ فَلَا نَقْضَ خِلَافًا لِشَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ وَفَصَّلَ س ل فَقَالَ يُنْقَضُ بِالْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ إنَّمَا يُعْمَلُ بِهِ فِي فِعْلِ غَيْرِهِ لَا فِي فِعْلِ نَفْسِهِ. اهـ. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ النُّعَاسُ يَغْشَى الرَّأْسَ فَتَسْكُنُ بِهِ الْقُوَى الدِّمَاغِيَّةُ فَيَبْدُو فُتُورٌ فِي الْحَوَاسِّ وَمِنْ عَلَامَاتِهِ أَنْ يَسْمَعَ كَلَامَ مَنْ عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ مَعْنَاهُ فَإِذَا تَمَّ انْغِمَارُ الْقُوَّةِ الْبَاصِرَةِ فَهَذَا أَوَّلُ النَّوْمِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ الْفَرْقُ بَيْنَ النَّوْمِ وَالنُّعَاسِ أَنَّ النَّوْمَ فِيهِ غَلَبَةٌ عَلَى الْعَقْلِ وَسُقُوطُ حَاسَّةِ الْبَصَرِ وَغَيْرِهَا وَالنُّعَاسُ لَا يَغْلِبُ عَلَى الْعَقْلِ وَإِنَّمَا تَفْتُرُ فِيهِ الْحَوَاسُّ بِغَيْرِ سُقُوطٍ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ (قَوْلُهُ: وَحَدِيثُ النَّفْسِ) هُوَ مَا يَجْرِي فِي النَّفْسِ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ (قَوْله وَلَوْ تَيَقَّنَ الرُّؤْيَا وَشَكَّ فِي النَّوْمِ انْتَقَضَ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَمَكِّنًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ تَفْرِيعًا عَلَى نَصِّهِ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ أَنَّ الرُّؤْيَا مِنْ عَلَامَاتِ النَّوْمِ وَقَدْ نَقَلَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْمَسْأَلَةَ بِعَيْنِهَا عَنْ نَصِّ الْأُمِّ ثُمَّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: لَوْ تَيَقَّنَ النَّوْمَ وَشَكَّ هَلْ كَانَ مُمَكِّنًا أَمْ لَا؟ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَآخَرُونَ، وَأَمَّا قَوْلُ الْبَغَوِيّ لَوْ تَيَقَّنَ رُؤْيَا وَلَا يَذْكُرُ نَوْمًا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى النَّوْمِ قَاعِدًا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ فَهُوَ مُتَأَوَّلٌ أَوْ ضَعِيفٌ. اهـ.
وَكَتَبَ الْأَذْرَعِيُّ بِهَامِشِ نُسْخَتِهِ مِنْ الْمَجْمُوعِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْبَغَوِيّ غَيْرُ مَسْأَلَةِ صَاحِبِ الْبَيَانِ بَلْ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي نَقَلَهَا أَوَّلًا عَنْ النَّصِّ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يُحْمَلُ عَلَى النَّوْمِ قَاعِدًا صَحِيحٌ إذْ كَيْفَ يُحْمَلُ عَلَى النَّوْمِ قَاعِدًا وَهُوَ لَا يَذْكُرُ النَّوْمَ وَمَسْأَلَةُ صَاحِبِ الْبَيَانِ الثَّانِيَةُ فِيمَنْ نَامَ قَاعِدًا وَشَكَّ فِي التَّمَكُّنِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا لِلْمُفْضِي إلَخْ) لَكِنْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَالْأَصْحَابُ: يُسْتَحَبُّ لِلنَّائِمِ مُتَمَكِّنًا أَنْ يَتَوَضَّأَ لِاحْتِمَالِ خُرُوجِ حَدَثٍ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا لِلْمُفْضِي) سَوَاءٌ اتَّكَأَ أَوْ لَمْ يَتَّكِئْ شَرْحُ الْحَاوِي (قَوْلُهُ: فِي نَوْمِهِ)
أَيْ: أَلْيَيْهِ (لِلْأَرْضِ) أَوْ نَحْوِهَا وَلَوْ مُسْتَنِدًا إلَى مَا لَوْ زَالَ لَسَقَطَ فَلَا يُنْقَضُ الْوُضُوءُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنَامُونَ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ وَحُمِلَ عَلَى نَوْمِ الْمُمَكِّنِ مَقْعَدِهِ جَمْعًا بَيْنَ الْإِخْبَارِ وَلَا مِنْهُ حِينَئِذٍ خُرُوجُ الْخَارِجِ وَلَا عِبْرَةَ بِاحْتِمَالِ خُرُوجِ رِيحٍ مِنْ الْقُبُلِ لِنُدْرَتِهِ وَلَوْ نَامَ مُتَمَكِّنًا فَزَالَتْ أَلْيَاهُ أَوْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الِانْتِبَاهِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ لَمْ يَدْرِ أَيَّهمَا أَسْبَقُ فَلَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَلَا تَمْكِينَ لِمَنْ نَامَ عَلَى قَفَاهُ مُلْصِقًا مَقْعَدَهُ بِمَقَرِّهِ وَلَوْ مُسْتَقِرًّا وَكَذَا مَنْ نَامَ مُحْتَبِيًا وَهُوَ هَزِيلٌ بِحَيْثُ لَا يَنْطَبِقُ أَلْيَاهُ عَلَى الْأَرْضِ عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الرُّويَانِيِّ.
وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْحَقُّ لَكِنْ نَقَلَ فِيهِ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ خِلَافًا وَاخْتَارَ أَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّحْقِيقِ وَلَوْ شَكَّ هَلْ نَامَ مُتَمَكِّنًا أَمْ لَا؟ فَلَا نَقْضَ
(وَ) ثَالِثُهَا (إنْ تَلَاقَى جِلْدُ أُنْثَى وَذَكَرْ) مِنْ الْبَشَرِ وَلَوْ خَصِيًّا وَعِنِّينًا وَمَمْسُوحًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] أَيْ: لَمَسْتُمْ كَمَا قُرِئَ بِهِ لَا جَامَعْتُمْ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَاللَّمْسُ الْجَسُّ بِالْيَدِ وَبِغَيْرِهَا وَالْمَعْنَى فِي النَّقْضِ بِهِ أَنَّهُ مَظِنَّةُ التَّلَذُّذِ الْمُثِيرِ لِلشَّهْوَةِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ اللَّامِسُ وَالْمَلْمُوسُ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّعْبِيرُ بِالتَّلَاقِي لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي لَذَّةِ
ــ
[حاشية العبادي]
الْمُوَافِقِ لَهَا بِخِلَافِهَا فِي هَذِهِ أَوْ أَنَّهُ فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ أَنَّ مُرَادَهُ بِعَدَمِ التَّذَكُّرِ أَنَّهُ شَكَّ أَنَّهُ نَامَ مُتَمَكِّنًا أَمْ لَا وَهُوَ مَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي أَلْغَازِهِ اهـ قُلْت: وَيُؤَيِّدُ مَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ ذِكْرَهُ مَسْأَلَةَ الْبَغَوِيّ وَالرَّدَّ عَلَيْهِ فِيهَا عَقِبَ قَوْلِهِ وَشَكَّ هَلْ نَامَ مُتَمَكِّنًا أَمْ لَا؟ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ هَذَا الصَّنِيعَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ وَجْهَ الرَّدِّ عَلَى الْبَغَوِيّ حُكْمَهُ بِالْوُضُوءِ مَعَ احْتِمَالِ التَّمَكُّنِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَعْنِي أَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْ احْتِمَالِ التَّمَكُّنِ مَعَ قِيَامِهِ قَوْلُهُ: وَلَا يُحْمَلُ إلَخْ وَحِينَئِذٍ فَمَسْأَلَةُ النَّصِّ تُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ انْتِفَاءَ التَّمَكُّنِ حَالَ الرُّؤْيَا وَلَا إشْكَالَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ تَحَقُّقُ الرُّؤْيَا مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ النَّوْمِ مَعَ أَنَّهَا مِنْ عَلَامَاتِهِ كَمَا مَرَّ وَيُجَابُ بِأَنَّ عَلَامَةَ الشَّيْءِ ظَنِّيَّةٌ لَا تَسْتَلْزِمُ وُجُودَهُ وَلَوْ سُلِّمَ اسْتِلْزَامُهَا لَهُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّيْءِ الْعِلْمُ بِهِ اهـ قُلْت: يَرُدُّ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّ قَوْلَهُمْ؛ لِأَنَّ الرُّؤْيَا لَا تَكُونُ إلَّا بِنَوْمٍ يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ الْعَلَامَةَ قَطْعِيَّةٌ إذْ حَصْرُهَا فِي النَّوْمِ يَقْتَضِي عَدَمَ انْفِكَاكِهَا عَنْهُ فَلَا تَكُونُ إلَّا قَطْعِيَّةً وَإِلَّا لَانْفَكَّتْ عَنْهُ فَلَمْ يَصِحَّ حَصْرُهَا فِيهِ، وَيَرُدُّ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي أَنَّا سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّيْءِ الْعِلْمُ بِهِ لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْ الْعِلْمِ بِوُجُودِ الْمَلْزُومِ كَالرُّؤْيَا الَّتِي فُرِضَ الْعِلْمُ بِوُجُودِهَا هُنَا الْعِلْمُ بِوُجُودِ لَازِمِهِ كَالنَّوْمِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ لَطِيفٌ فَإِنْ أَرَادَ بِالشَّيْءِ فِي قَوْلِهِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّيْءِ الْعَلَامَةُ لَمْ يُوَافِقْ سِيَاقُهُ وَلَا فَرْضُهُ تَحَقُّقَ الرُّؤْيَا فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: مِنْ الْبَشَرِ) يُخْرِجُ
ــ
[حاشية الشربيني]
تَقْيِيدُهُ بِالنَّوْمِ يُفِيدُ أَنَّ الْإِفْضَاءَ فِي غَيْرِهِ غَيْرُ نَافِعٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُسْتَنِدًا إلَخْ) غَايَةٌ لِلتَّعْمِيمِ إذْ لَا خِلَافَ كَمَا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِمَقَرِّهِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ أَلْصَقَهَا بِغَيْرِ الْمَقَرِّ كَسَارِيَةٍ بَيْنَ رِجْلَيْهِ بِحَيْثُ حَصَلَ التَّمَكُّنُ لَا يُنْتَقَضُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُسْتَقِرًّا) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ، فَلَوْ اسْتَشْفَرَ وَتَلَجَّمَ بِشَيْءٍ فَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الِانْتِقَاضُ أَيْضًا وَانْظُرْ لَوْ أَلْصَقَ مَقْعَدَتَهُ بِسَارِيَةٍ مَثَلًا بِحَيْثُ وُجِدَ التَّمَكُّنُ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الِانْتِقَاضِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ فِي حِكَايَةِ الْأَقْوَالِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا نَامَ مُمَكِّنًا مَقْعَدَهُ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ نَحْوَهَا لَمْ يُنْتَقَضْ وَإِلَّا انْتَقَضَ عَلَى أَيِّ هَيْئَةٍ كَانَ. اهـ. لَكِنَّ كَلَامَ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالصَّرِيحِ فِي الِانْتِقَاضِ بِالنَّوْمِ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ مُطْلَقًا اعْتِبَارًا بِوُجُودِ الْمَظِنَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالِاسْتِشْفَارِ يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ إلَخْ) ضَعِيفٌ وَحَمَلَهُ الْمَحَلِّيُّ عَلَى هَزِيلٍ لَيْسَ بَيْنَ بَعْضِ مَقْعَدِهِ وَمَقَرِّهِ تَجَافٍ وَالْأَوَّلُ عَلَى خِلَافِهِ لَكِنَّ هَذَا الْحَمْلَ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي عِبَارَةِ الْمَجْمُوعِ وَنَصُّهَا وَلَوْ نَامَ مُحْتَبِيًا فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا: لَا يُنْتَقَضُ، وَالثَّانِي: يُنْتَقَضُ، وَالثَّالِثُ: إنْ كَانَ نَحِيفَ الْبَدَنِ بِحَيْثُ لَا تَنْطَبِقُ أَلْيَاهُ عَلَى الْأَرْضِ انْتَقَضَ وَإِلَّا فَلَا وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: جِلْدُ أُنْثَى) لَا يَشْمَلُ الْعَظْمَ وَقَالَ م ر عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِهِ إنَّهُ يُنْقَضُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا عَدَا السِّنَّ بِأَنْ وَضَحَ عَظْمُ أُنْثَى وَلَمَسَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْبَشَرِ) قَالَ بِالتَّقْيِيدِ بَعْضُهُمْ وَاعْتَمَدَ م ر النَّقْضَ بِأُنْثَى الْجِنِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: جِلْدُ أُنْثَى وَذَكَرٌ) وَلَوْ مَعَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْمَذْهَبِ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَصِيًّا وَعِنِّينًا) لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ إلَخْ) وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُ الْمَلْمُوسِ، وَوَجْهٌ أَنَّ لَمْسَ الْعُضْوِ الْأَشَلِّ أَوْ الزَّائِدِ لَا يَنْقُضُ، وَوَجْهٌ لِابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الشَّهْوَةُ فِي الِانْتِقَاضِ قَالَ الْحَنَّاطِيُّ وَحُكِيَ هَذَا عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَوَجْهٌ حَكَاهُ
اللَّمْسِ كَالْمُشْتَرَكِينَ فِي لَذَّةِ الْجِمَاعِ سَوَاءٌ كَانَ التَّلَاقِي عَمْدًا أَمْ سَهْوًا بِشَهْوَةٍ أَوْ بِدُونِهَا بِعُضْوٍ سَلِيمٍ أَوْ أَشَلَّ أَصْلِيٍّ أَوْ زَائِدٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ غَيْرِهَا بِخِلَافِ النَّقْضِ بِمَسِّ الْفَرْجِ يَخْتَصُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْمَسَّ إنَّمَا يُثِيرُ الشَّهْوَةَ بِبَطْنِ الْكَفِّ بِخِلَافِ اللَّمْسِ يُثِيرُهَا بِهِ وَبِغَيْرِهِ وَفِي مَعْنَى الْجِلْدِ اللَّحْمُ كَلَحْمِ الْأَسْنَانِ وَخَرَجَ بِهِ الْحَائِلُ وَلَوْ رَقِيقًا وَالشَّعْرُ وَالسِّنُّ وَالظُّفُرُ فَلَا نَقْضَ بِهَا إذْ لَا يُلْتَذُّ بِلَمْسِهَا بَلْ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا وَبِأُنْثَى وَذُكِرَ الذَّكَرَانِ وَالْأُنْثَيَانِ وَالْخُنْثَيَانِ وَالْخُنْثَى وَالذَّكَرُ أَوْ الْأُنْثَى وَلَوْ بِشَهْوَةٍ لِانْتِفَاءِ مَظِنَّتِهَا وَلِاحْتِمَالِ التَّوَافُقِ فِي صُوَرِ الْخُنْثَى (لَا) إنْ تَلَاقَى جِلْدُ أُنْثَى وَذَكَرُ (مَحْرَمٍ) لَهَا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ فَلَا يَنْقُضُ لِانْتِفَاءِ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ بَيْنَهُمَا.
(حَيًّا وَمَيْتًا) حَالَانِ مِنْ أُنْثَى وَذَكَرٍ وَلَوْ قَالَ: وَلَوْ حَيًّا وَمَيِّتًا كَانَ أَوْلَى؛ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إنْ تَلَاقَى جِلْدُهُمَا وَكَانَا حَيَّيْنِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُمَا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَيًّا وَالْآخَرُ مَيِّتًا انْتَقَضَ وُضُوءُ الْحَيِّ دُونَ الْمَيِّتِ كَمَا يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ بِوَطْئِهِ لَهُ دُونَهُ؛ وَلِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ دُونَهُ (بِكِبَرْ) أَيْ مَعَ كِبَرِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِأَنْ بَلَغَا حَدَّ الشَّهْوَةِ عُرْفًا وَإِنْ انْتَفَتْ لِهَرَمٍ وَنَحْوِهِ اكْتِفَاءً بِمَظِنَّتِهَا وَلِقَبُولِ الْمَحَلِّ فِي الْجُمْلَةِ؛ وَلِأَنَّ لِكُلِّ سَاقِطَةٍ لَاقِطَةً بِخِلَافِ التَّلَاقِي مَعَ الصِّغَرِ لَا يَنْقُضُ لِانْتِفَاءِ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ (لَا) إنْ تَلَاقَى (الْعُضْوُ) أَيْ: عُضْوُ أَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ (بَعْدَ الْفَصْلِ) فَلَا يَنْقُضُ لِانْتِفَاءِ الْمَظِنَّةِ؛ وَلِأَنَّ لَامِسَهُ لَمْ يَلْمِسْ امْرَأَةً (لَا كَالذَّكَرِ) الْمُنْفَصِلِ فَيُنْتَقَضُ وُضُوءُ مَاسِّهِ؛ لِأَنَّهُ مَسَّ ذَكَرًا وَالشَّرْعُ وَرَدَ بِلَمْسِ الْمَرْأَةِ وَمَسِّ الذَّكَرِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ إدْخَالِ الْكَافِ عَلَيْهِ أَنَّ حُكْمَهُ يَجْرِي فِي بَعْضِهِ الْمُنْفَصِلِ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَفِي قُبُلِ الْمَرْأَةِ وَالدُّبُرِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ بَقِيَ اسْمُهُمَا بَعْدَ فَصْلِهِمَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَنُوطٌ بِالِاسْمِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ مَسَّ مِنْ ذَكَرِ الصَّغِيرِ مَا يُقْطَعُ فِي الْخِتَانِ انْتَقَضَ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الذَّكَرِ مَا لَمْ يُقْطَعْ فَإِنْ مَسَّهُ بَعْدَ الْقَطْعِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ الذَّكَرِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُهُ وَهَذَا مُقَيِّدٌ لِإِطْلَاقِ التَّهْذِيبِ السَّابِقِ.
ــ
[حاشية العبادي]
الْجِنَّ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: حَالَانِ مِنْ أُنْثَى وَذَكَرٍ) يُمْكِنُ جَعْلُهُمَا حَالَيْنِ مِنْ كُلٍّ مِنْ أُنْثَى وَذَكَرٍ فَيَنْدَفِعُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إلَخْ لَكِنْ تَشْمَلُ الْعِبَارَةُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَيِّتًا وَلَا مَعْنَى هُنَا لِلنَّقْضِ)(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ إدْخَالِ إلَخْ) كَانَ وَجْهُ الْأَخْذِ أَنَّ إدْخَالَ الْكَافِ يَقْتَضِي بَقَاءَ شَيْءٍ آخَرَ وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ كُلِّ الذَّكَرِ إلَّا بَعْضُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: يَجْرِي فِي بَعْضِهِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِقَدْرِ الْحَشَفَةِ فِيمَا يَظْهَرُ بِرّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَنُوطٌ بِالِاسْمِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا نَقْضَ بِبَعْضِ الْحَشَفَةِ (قَوْلُهُ: لِإِطْلَاقِ التَّهْذِيبِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إطْلَاقُ التَّهْذِيبِ لَا يَتَنَاوَلُ ذَكَرَ الصَّغِيرِ بَلْ لَا يَتَنَاوَلُ ذَكَرَ الذَّكَرِ مُطْلَقًا لِاقْتِصَارِهِ عَلَى قُبُلِ الْمَرْأَةِ وَالدُّبُرِ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى تَقْيِيدُهُ بِذَلِكَ الْمَفْرُوضِ فِي ذَكَرِ الصَّغِيرِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذَا مِنْ حَيْثُ مَا أَفْهَمَهُ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْفُورَانِيُّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَآخَرُونَ أَنَّ اللَّمْسَ لَا يَنْقُضُ إلَّا إذَا وَقَعَ قَصْدًا، وَأَمَّا تَخْصِيصُ النَّقْضِ بِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَلَيْسَ وَجْهًا لَنَا بَلْ مَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ إلَّا اللَّمْسُ بِالْيَدِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ اللَّامِسُ وَالْمَلْمُوسُ) ؛ لِأَنَّهُ نَقَضَ طُهْرَ اللَّامِسِ فَنَقَضَ طُهْرَ الْمَلْمُوسِ كَالْجِمَاعِ. اهـ.
وَاللَّامِسُ هُوَ مَا وَقَعَتْ مِنْهُ الْحَرَكَةُ فَلَوْ الْتَقَتْ بَشَرَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ بِحَرَكَةٍ مِنْهُمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَامِسٌ وَلَيْسَ فِيهِمَا مَلْمُوسٌ ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ وَقِيلَ: إنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَزَالُ مَلْمُوسَةً وَلَا تَكُونُ لَامِسَةً وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْفَاعِلَةَ بَلْ يَكُونُ فِيهَا الْقَوْلَانِ فِي الْمَلْمُوسِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: الذَّكَرَانِ) وَلَوْ كَانَ فِيهِمَا أَمْرُدُ حَسَنُ الصُّورَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ وَجْهٌ أَنَّهُ يَنْقُضُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَرْأَةِ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: لَا مَحْرَمَ) لَيْسَ مِنْ الْمَحْرَمِ أُمُّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةِ الطَّرِيقِ وَبِنْتُهَا وَلَوْ قَلَّدَ الْوَاطِئُ الْقَائِلَ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ لَمْ يُقَلِّدْ لِفَسَادِ النِّكَاحِ عِنْدَهُ كَمَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَالرَّوْضَةِ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ لَمْ يُقَلِّدْ لِذَلِكَ الْمُقَلِّدِ بَعْدَ لَمْسِ أُمِّ زَوْجَتِهِ مَثَلًا وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ وَقَوْلُ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَخَالَفَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ اهـ (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى إلَخْ) أَيْ مَعْنَى وَلَوْ حَيًّا وَمَيِّتًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ بَلَغَا حَدَّ الشَّهْوَةِ عُرْفًا) وَلَوْ لَمْ يَبْلُغَا سَبْعَ سِنِينَ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ؛ لِأَنَّ هَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الصَّغِيرَاتِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. قَوْلُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْتَفَتْ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بِكِبَرٍ أَيْ وَإِنْ انْتَفَتْ شَهْوَتُهُمَا أَوْ شَهْوَةُ أَحَدِهِمَا لِهَرَمٍ وَنَحْوِهِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ إدْخَالَ الْكَافِ يَقْتَضِي بَقَاءَ شَيْءٍ آخَرَ وَبَعْضُ الذَّكَرِ وَقُبُلُ الْمَرْأَةِ وَالدُّبُرُ كَالذَّكَرِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي بَعْضِهِ الْمُنْفَصِلِ) أَيْ إنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَعْضُ ذَكَرٍ. اهـ. حَجَرٌ فَكَانَ يَنْبَغِي التَّقْيِيدُ فِيهِ أَيْضًا. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت مَا ذَكَرَهُ قَرِيبًا اهـ (قَوْلُهُ: فِي قُبُلِ الْمَرْأَةِ) وَمِنْهُ مَا يُقْطَعُ فِي خِتَانِهَا عِنْدَ اتِّصَالِهِ م ر. اهـ. أَمَّا بَعْدَ انْفِصَالِهِ فَلَا
(وَ) رَابِعُهَا (مَسُّ فَرْجِ بَشَرٍ) صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا سَلِيمًا كَانَ الْفَرْجُ أَوْ أَشَلَّ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا عَلَى مَا مَرَّ لِخَبَرِ «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَفِي رِوَايَةٍ «مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «ذَكَرًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ؛ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «إذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إلَى فَرْجِهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سِتْرٌ وَلَا حِجَابٌ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَمَسُّ فَرْجِ غَيْرِهِ أَفْحَشُ مِنْ مَسِّ فَرْجِهِ لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ غَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّهُ أَشْهَى لَهُ وَشَمِلَ الْفَرْجُ الدُّبُرَ وَصَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (كَالدُّبُرِ) وَالْمُرَادُ بِهِ وَبِقُبُلِ الْمَرْأَةِ مُلْتَقَى الْمَنْفَذِ فَلَا نَقْضَ بِمَسِّ غَيْرِهِ؛ وَغَيْرُ الذَّكَرِ كَالْأُنْثَيَيْنِ وَبَاطِنِ الْأَلْيَيْنِ وَالْعَانَةِ وَأَمَّا خَبَرُ «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ أَوْ أُنْثَيَيْهِ أَوْ رُفْغَيْهِ أَيْ: أَصْلَيْ فَخِذَيْهِ فَلْيَتَوَضَّأْ» فَقِيلَ: مَوْضُوعٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَوْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى النَّدْبِ وَخَرَجَ بِالْبَشَرِ غَيْرُهُ فَلَا يَنْقُضُ مَسُّ فَرْجِ بَهِيمَةٍ إذْ لَا حُرْمَةَ لَهَا فِي وُجُوبِ سَتْرِهِ وَتَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَيْهِ وَلَا تَعَبُّدَ عَلَيْهَا (أَوْ) مَسَّ (مَوْضِعِ الْجَبِّ) لِلْفَرْجِ أَيْ: قَطْعِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْفَرْجِ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ نَبَتَ مَوْضِعَهُ جِلْدَةٌ فَمَسُّهَا كَمَسِّهِ بِلَا جِلْدَةٍ (بِبَطْنِ الْكَفِّ) وَلَوْ شَلَّاءَ؛ لِأَنَّ التَّلَذُّذَ إنَّمَا يَكُونُ بِهِ وَلِخَبَرِ الْإِفْضَاءِ بِالْيَدِ السَّابِقِ إذْ الْإِفْضَاءُ بِهَا لُغَةً: الْمَسُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ فَيَتَقَيَّدُ بِهِ إطْلَاقُ الْمَسِّ فِي بَقِيَّةِ الْأَخْبَارِ وَاعْتَرَضَ الْقُونَوِيُّ بِأَنَّ الْمَسَّ وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا إلَّا أَنَّهُ هُنَا عَامٌّ؛ لِأَنَّهُ صِلَةُ الْمَوْصُولِ الَّذِي هُوَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ وَالْإِفْضَاءُ فَرْدٌ مِنْ الْعَامِّ وَإِفْرَادُ فَرْدٍ مِنْ الْعَامِّ لَا يُخَصِّصُ عَلَى الصَّحِيحِ. قَالَ: وَالْأَقْرَبُ ادِّعَاءُ تَخْصِيصِ عُمُومِ الْمَسِّ بِمَفْهُومِ خَبَرِ الْإِفْضَاءِ؛ وَبَطْنُ الْكَفِّ الرَّاحَةُ وَبُطُونُ الْأَصَابِعِ وَضَبْطُ الرَّافِعِيِّ لَهُ بِأَنَّهُ الْمُنْطَبِقُ عِنْدَ وَضْعِ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ
ــ
[حاشية العبادي]
مِنْ أَنَّ مَا لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ لَا أَثَرَ لَهُ مُقَيِّدٌ لِإِطْلَاقِهِ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إلَخْ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَتَأَيَّدَ فِيمَا بَحَثَهُ بِمَفْهُومِ النَّقْلِ أَوْ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذَا مُقَيِّدٌ لِمَا أَفْهَمَهُ إطْلَاقُ التَّهْذِيبِ مِنْ أَنَّ بَعْضَ ذَكَرِ الذَّكَرِ كَكُلِّهِ فَتَأَمَّلْهُ
(قَوْلُهُ: مَسُّ فَرْجِ بَشَرٍ) يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِالْمَسِّ مَعْنَى الِانْمِسَاسِ حَتَّى يَحْصُلَ النَّقْضُ وَإِنْ وَقَعَ الْفَرْجُ عَلَى بَطْنِ الْكَفِّ اتِّفَاقًا مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ وَلَا قَصْدٍ مِنْ ذِي الْكَفِّ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَمَسُّ فَرْجِ غَيْرِهِ أَفْحَشُ) بَلْ يَشْمَلُهُ رِوَايَةُ ذَكَرًا (قَوْلُهُ: مُلْتَقَى الْمَنْفَذِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُلْتَقَى لَهُ ظَاهِرٌ وَهُوَ الْمُشَاهَدُ مِنْهُ وَبَاطِنٌ وَهُوَ الْمُنْطَبِقُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ فَهَلْ النَّقْضُ بِالْمَسِّ يَعُمُّ الْأَمْرَيْنِ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْأَوَّلِ وَعَلَى الِاخْتِصَاصِ فَهَلْ مِنْ الْأَوَّلِ مَا يَظْهَرُ بِالِاسْتِرْخَاءِ الْوَاجِبِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ فِي ذَلِكَ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: كَمَسِّهِ) أَيْ كَمَسِّ مَوْضِعِهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
نَقْضَ بِمَسِّهِ وَلَا بِمَسِّ مَحَلِّهِ نَقَلَهُ رَشِيدِيٌّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ للمر. اهـ. ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ هَذِهِ الْكِتَابَةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُنْفَصِلِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: صَغِيرٌ) وَلَوْ ابْنَ يَوْمٍ وَفِي وَجْهٍ لَا يَنْقُضُ ذَكَرُ الصَّغِيرِ وَفِي وَجْهٍ لَا يَنْقُضُ مَسُّ فَرْجِ غَيْرِهِ إلَّا بِشَهْوَةٍ وَفِي وَجْهٍ لَا يَنْقُضُ ذَكَرُ الْمَيِّتِ وَفِي وَجْهٍ لَا نَقْضَ بِمَسِّ الْأَشَلِّ وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ لَا يَنْقُضُ الْمَسُّ نَاسِيًا كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: مُلْتَقَى الْمَنْفَذِ) هَذِهِ عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ فِي تَعْرِيفِ الدُّبُرِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مُلْتَقَى الْمَنْفَذِ) قَالَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ الْمُرَادُ بِقُبُلِ الْمَرْأَةِ الشَّفْرَانِ عَلَى الْمَنْفَذِ مِنْ أَوَّلِهِمَا إلَى آخِرِهِمَا أَيْ بَطْنًا وَظَهْرًا لَا مَا هُوَ عَلَى الْمَنْفَذُ مِنْهُمَا كَمَا وَهِمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ وَلَدُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ الْمُرَادُ بِمُلْتَقَى الشَّفْرَيْنِ طَرَفُ الْأَسْكَتَيْنِ الْمُنْضَمَّتَيْنِ عَلَى الْمَنْفَذِ وَلَا يُشْتَرَطُ مَسُّهُمَا بَلْ مَسُّهُمَا أَوْ مَسُّ أَحَدَيْهِمَا مِنْ بَاطِنِهَا أَوْ ظَاهِرِهَا بِخِلَافِ مَوْضِعِ خِتَانِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى فَرْجًا. اهـ.
ع ش والإسكتان نَاحِيَتَا الْفَرْجِ وَالشَّفْرَانِ طَرَفَاهُمَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ ع ش أَيْضًا وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ مُلْتَقَى شَفْرَيْ الْمَرْأَةِ وَظَاهِرُهَا كَغَيْرِهَا أَنَّ النَّاقِضَ هُوَ الْقَدْرُ الْمُمَاسُّ مِنْ كُلٍّ مِنْ الشَّفْرَيْنِ لِلْآخَرِ عِنْدَ الِانْطِبَاقِ فَقَطْ وَبِهَامِشِ حَاشِيَةِ الشَّرْحِ بِخَطِّ عَالِمٍ مَا نَصُّهُ الْمُتَعَمِّدُ النَّظَرَ لِمَا يَلْتَقِي وَهُوَ تَمَاسُّ أَحَدِ الْحَرْفَيْنِ مَعَ الْآخَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَالنَّاقِضُ مِنْ قُبُلِ الْآدَمِيِّ مُلْتَقَى شَفْرَيْهِ الْمُحِيطَيْنِ بِالْمَنْفَذِ إحَاطَةَ الشَّفَتَيْنِ بِالْفَمِ دُونَ مَا عَدَا ذَلِكَ اهـ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا بِالْهَامِشِ الْمَذْكُورِ. اهـ. وَعِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَالْمُرَادُ بِحَلْقَةِ الدُّبُرِ مُلْتَقَى الْمَنْفَذِ دُونَ مَا وَرَاءَهُ قَالَ ع ش مُقْتَضَى تَقْيِيدِهِ بِالْمُلْتَقَى عَدَمُ النَّقْضِ بِمَا يَظْهَرُ عِنْدَ الِاسْتِرْخَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُلْتَقَى بَلْ زَائِدٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلُّ الِالْتِقَاءِ اهـ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُلْتَقَى هُوَ مَحَلُّ الِالْتِقَاءِ فَقَطْ قَالَ ع ش أَيْضًا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ وَالْحَقُّ أَنَّ الْعِبَارَةَ مُحْتَمِلَةٌ فَيُرْجَعُ لِمَا فِي شَارِحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: رُفْغَيْهِ) الرُّفْغُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ وَبِالْغَيْنِ أَصْلُ الْفَخِذِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَلَّاءَ) رَدٌّ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: إذْ الْإِفْضَاءُ بِهَا إلَخْ)، أَمَّا الْإِفْضَاءُ الْمُطْلَقُ فَلَيْسَ مَعْنَاهُ الْمَسُّ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ بِالْيَدِ بَلْ مُبَاشَرَةُ الشَّيْءِ وَمُلَاقَاتُهُ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ وَيُقَالُ أَفْضَى إلَى امْرَأَتِهِ جَامَعَهَا وَإِلَى الشَّيْءِ وَصَلَ إلَيْهِ ع ش (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَ الْقُونَوِيُّ إلَخْ) رُدَّ بِأَنَّ مَنْ مَسَّ إمَّا مُطْلَقٌ أَوْ عَامٌّ أَوْ مُجْمَلٌ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ وَهُوَ إذَا أَفْضَى إلَخْ مُقَيِّدٌ لِلْمَسِّ أَوْ مُخَصِّصٌ لَهُ أَوْ مُبَيِّنٌ لِإِجْمَالِهِ نَقَلَهُ ع ش عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْكَبِيرِ وَلَا أَرَى لَهُ وَجْهًا إذْ هُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْقُونَوِيِّ فَإِنَّ اعْتِرَاضَهُ إنَّمَا هُوَ عَلَى أَنَّ التَّخْصِيصَ بِالْمَسِّ بِبَطْنِ الْكَفِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ إيرَادِ الشَّارِحِ التَّعْلِيلَ وَالِاعْتِرَاضَ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا) أَيْ فِي نَفْسِهِ إذْ هُوَ لِلْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ هُنَا عَامٌّ) رُدَّ بِأَنَّ الْعُمُومَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ حَيْثُ
عَلَى الْأُخْرَى مَعَ تَحَامُلٍ يَسِيرٍ فِيهِ قُصُورٌ بِالنَّظَرِ إلَى بَطْنِ الْإِبْهَامِ وَقَيَّدَ بِالْيَسِيرِ لِيَدْخُلَ فِيهِ الْمُنْحَرِفُ الَّذِي يَلِي الْكَفَّ وَخَرَجَ بِبَطْنِ الْكَفِّ ظَهْرُهَا وَحَرْفُهَا وَرُءُوسُ الْأَصَابِعِ وَمَا بَيْنَهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ سَمْتِ الْكَفِّ.
(أَوْ) بِبَطْنِ (عَامِلِ كَفَّيْنِ) دُونَ غَيْرِ الْعَامِلَةِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَصَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ النَّقْضَ بِغَيْرِ الْعَامِلَةِ أَيْضًا وَعَزَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ ثُمَّ نَقَلَ الْأَوَّلَ عَنْ الْبَغَوِيّ فَقَطْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَيُؤَيِّدُ مَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ ذَكَرَانِ أَحَدُهُمَا عَامِلٌ فَمَسَّ الْآخَرَ لَمْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ وَجَمَعَ ابْنُ الْعِمَادِ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ. فَقَالَ: كَلَامُ الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْكَفَّانِ عَلَى مِعْصَمَيْنِ وَكَلَامُ التَّحْقِيقِ فِيمَا إذَا كَانَتَا عَلَى مِعْصَمٍ وَاحِدٍ فَتَنْقُضُ الزَّائِدَةُ سَوَاءٌ عَمِلَتْ أَمْ لَا كَالْإِصْبَعِ الزَّائِدِ لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهَا بِمَا إذَا كَانَتْ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيَّةِ كَنَظِيرِهِ فِي الْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ وَعَطْفُ النَّاظِمِ بِأَوْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَوْلَى مِنْ عَطْفِ الْحَاوِي بِالْوَاوِ وَإِنْ تَبِعَهُ فِي الْعَطْفِ بِهَا فِي قَوْلِهِ (وَ) بِبَطْنٍ (أَيٍّ:) مِنْ الْكَفَّيْنِ (كَانَ لَوْ تَوَافَقَا) عَمَلًا أَوْ عَدَمُهُ (كَذَكَرَيْ مَمْسُوسِ) فَيُنْقَضُ مَسُّ كُلٍّ مِنْهُمَا إنْ اتَّفَقَا عَمَلًا أَوْ عَدَمَهُ وَمَسُّ الْعَامِلِ فَقَطْ إنْ اخْتَلَفَا نَعَمْ إنْ كَانَا عَلَى سَنَنٍ وَاحِدٍ نَقَضَ غَيْرُ الْعَامِلِ أَيْضًا كَالْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ كَمَا نَقَلَ عَنْ عَمْدٍ الْفُورَانِيُّ وَالْكَفُّ مُؤَنَّثَةٌ وَحُكِيَ تَذْكِيرُهَا وَعَلَيْهِ مَشَى النَّظْمُ وَأَصْلُهُ فِي قَوْلِهِمَا وَأَيْ: كَانَ لَوْ تَوَافَقَا وَالنَّظْمُ وَحْدَهُ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَامِلُ كَفَّيْنِ وَزَادَ عَلَى الْحَاوِي التَّصْرِيحَ بِقَوْلِهِ (وَلَا نَرَى الْمَمْسُوسَ كَالْمَلْمُوسِ) فِي نَقْضِ وُضُوئِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالْمَسِّ وَالْمَمْسُوسُ لَمْ يَمَسَّ وَوَرَدَ بِالْمُلَامَسَةِ وَهِيَ تَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ إلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ.
(وَبَطْنِ إصْبَعٍ سِوَى أَصْلِيَّهْ) إذَا كَانَتْ (عَلَى اسْتِوَاء الْأَصَابِعِ الْبَقِيَّهْ) أَيْ: عَلَى سَنَنِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى سَنَنِهَا وَقَصَرَ اسْتِوَاء لِلْوَزْنِ. هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمَمْسُوسُ وَاضِحًا فَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَاسُّ لَهُ وَاضِحًا أَوْ مُشْكِلًا وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَفْصِيلٌ أَخَذَ فِي بَيَانِهِ فَقَالَ: عَطْفًا عَلَى
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: بِالنَّظَرِ إلَى بَطْنِ الْإِبْهَامِ) إذْ لَا يَنْطَبِقُ عِنْدَ الْوَضْعِ وَالتَّحَامُلِ الْمَذْكُورَيْنِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِبَطْنِ الْكَفِّ إلَخْ) مِنْ جُمْلَةِ مَا يَخْرُجُ أَنْ يَمَسَّ بِذَكَرِهِ دُبُرَ غَيْرِهِ فَلَا نَقْضَ بِذَلِكَ خِلَافًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ بِرّ (قَوْلُهُ: عَامِلُ كَفَّيْنِ إلَخْ) قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الذَّكَرَيْنِ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْمُخْتَلِفَيْنِ عَلَى الْمُسَامَتَةِ فَإِنْ تَسَامَتَا نُقِضَا وَإِنْ كَانَا عَلَى مِعْصَمَيْنِ وَإِلَّا نُقِضَ الْعَامِلُ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَا عَلَى مِعْصَمٍ وَاحِدٍ هُوَ مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَإِذَا نَقَضْنَا بِغَيْرِ الْعَامِلِ الْمُسَامِتِ وَجَاوَزَ فِي الطُّولِ أَصَابِعَ الْعَامِلِ فَهَلْ يَنْقُضُ الْقَدْرُ الْمُجَاوِزُ أَيْضًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَخَرَّجَ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِهِ فِي الْوُضُوءِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَوَرَدَ بِالْمُلَامَسَةِ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قُرِئَ لَمَسْتُمْ كَمَا تَقَدَّمَ إذْ لَا يَجِبُ تَسَاوِي الْقِرَاءَتَيْنِ فِي تَمَامِ الْمَعْنَى بَلْ لَا مَانِعَ مِنْ زِيَادَةِ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى بَلْ الْحَقُّ أَنَّهُمَا قَدْ يَخْتَلِفَانِ فِي أَصْلِ الْمَعْنَى كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَتَبِّعِ وَمِنْهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ فِي وَأَرْجُلَكُمْ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْأَشْخَاصُ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِيهِمَا مِنْ حَيْثُ الْأَوْصَافُ وَالْعَمَلُ فِيهَا مِنْ بَابِ الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ سَتْرٌ وَلَا حِجَابٌ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَيْ وَالضَّرَرُ إنَّمَا هُوَ فِي ذِكْرِ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ لَا فِي التَّقْيِيدِ بِوَصْفٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: الْمُنْحَرِفُ) أَيْ عَنْ الِاسْتِوَاءِ الَّذِي فِي رُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ بَعْدَ حِكَايَةِ وَجْهَيْنِ فِي النَّقْضِ بِرُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَبِمَا بَيْنَهَا وَبِحَرْفِهَا وَبِحَرْفِ الْكَفِّ نَصُّهَا ثُمَّ الْوَجْهَانِ فِي مَوْضِعِ الِاسْتِوَاءِ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ، أَمَّا الْمُنْحَرِفُ الَّذِي يَلِي الْكَفَّ فَإِنَّهُ مِنْ الْكَفِّ فَيَنْقُضُ وَجْهًا وَاحِدًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَحَرْفُهَا) أَيْ الْكَفِّ وَهُوَ جَوَانِبُ الرَّاحَةِ وَمَا بَيْنَهَا هُوَ مَا يَسْتَتِرُ مِنْ جَوَانِبِهَا عِنْدَ ضَمِّهَا وَأَرَادَ بِالْحَرْفِ مَا يَعُمُّ جَانِبَ السَّبَّابَةِ وَالْخِنْصَرِ وَجَانِبَيْ الْإِبْهَامِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَامِلُ كَفَّيْنِ) فَلَوْ كَانَتَا عَامِلَتَيْنِ نَقَضَ الْمَسُّ بِكُلٍّ مِنْهُمَا. اهـ. مَجْمُوعٌ قَالَ م ر وَكَذَا إنْ كَانَتَا غَيْرَ عَامِلَتَيْنِ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي قَرِيبًا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَعَزَاهُ) أَيْ النَّقْضَ بِكُلٍّ أَيْ قَالَ إنَّ الْجُمْهُورَ أَطْلَقُوا الِانْتِقَاضَ بِالْكَفِّ الزَّائِدَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُنْتَقَضْ) أَيْ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي الْمَذْهَبُ إنَّهُ يُنْتَقَضُ أَيْضًا بِغَيْرِ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى ذَكَرًا كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيَّةِ) بِأَنْ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لَهَا فِي الصُّورَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ وَاقِفَةً كَالْعَمُودِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: كَنَظِيرِهِ فِي الْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَشَمِلَ الْأَصَابِعُ الْأَصْلِيَّ مِنْهَا وَالزَّائِدَ وَالْمُسَامِتَ وَغَيْرَهُ وَمَا فِي دَاخِلِ الْكَفِّ أَوْ فِي ظَهْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ شَيْخِنَا. اهـ. وَمُرَادُهُ شَيْخُهُ الزِّيَادِيُّ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي شَرْحِ م ر مِنْ اشْتِرَاطِ الْمُسَامَتَةِ وَكَوْنِهَا لَيْسَتْ بِظَهْرِ الْكَفِّ وَإِلَّا فَلَا نَقْضَ بِهَا وَمَا فِي شَرْحِ م ر هُوَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيِّ وَالرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ مَا فِي الْمُصَنِّفِ الْآتِي. اهـ.
(قَوْلُهُ: التَّصْرِيحَ) إنَّمَا عَبَّرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْ عِبَارَةِ الْحَاوِي حَيْثُ قَالَ وَمَسُّ فَرْجٍ فَاعْتُبِرَ فِعْلُ الْمَاسِّ وَلَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ التَّفَاعُلِ كَمَا فِي الْمَسِّ. اهـ. عِرَاقِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا نَرَى الْمَمْسُوسَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَأَكْثَرُ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ فِيهِ قَوْلَانِ كَالْمَلْمُوسِ وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ هُنَاكَ بِالْمُلَامَسَةِ وَهِيَ تَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ إلَّا مَا خَرَجَ لِدَلِيلٍ وَهُنَا وَرَدَ بِلَفْظِ الْمَسِّ وَالْمَمْسُوسُ لَمْ يَمَسَّ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: تَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ) فَالْمَلْمُوسُ أَيْضًا لَامِسٌ وَلَوْ مَجَازًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْمَمْسُوسُ وَاضِحًا) سَوَاءٌ كَانَ الْمَاسُّ وَاضِحًا أَوْ مُشْكِلًا. اهـ. عِرَاقِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا إلَخْ)
مَسِّ الْفَرْجِ (وَمَسُّ وَاضِحٍ مِنْ الْمُشْكِلِ) حَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْ النَّقْضِ كَمَحْرَمِيَّةِ (مَا لَهُ) أَيْ: لِلْوَاضِحِ مِنْ الْفَرْجِ بِأَنْ مَسَّ مِنْهُ الرَّجُلُ دُبُرَهُ أَوْ ذَكَرَهُ أَوْ الْمَرْأَةُ دُبُرَهُ أَوْ قُبُلَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِثْلَهُ فَقَدْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ بِمَسِّ فَرْجِهِ وَإِلَّا فَبِلَمْسِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَسَّ مِنْهُ غَيْرَ مَا لَهُ فَلَا نَقْضَ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ أَمَّا إذَا كَانَ ثَمَّ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا نَقْضَ
ــ
[حاشية العبادي]
بِالنَّصْبِ وَالْجَرِّ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ الْجَرِّ عَلَى مَسْحِ الْخُفِّ (قَوْلُهُ: وَمَسٌّ وَاضِحٌ إلَخْ) النَّقْضُ فِي ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْمَاسِّ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمَاسَّ إمَّا مَاسٌّ أَوْ لَامِسٌ فَسَبَبُ النَّقْضِ مُحَقَّقٌ فِي حَقِّهِ، وَأَمَّا الْمَمْسُوسُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَمْسُوسٌ غَيْرُ مَلْمُوسٍ وَالْمَمْسُوسُ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَلَا نَقْضَ بِالشَّكِّ فَتَأَمَّلْهُ
(قَوْلُهُ: كَمَحْرَمِيَّةٍ) أَيْ: وَكَصِغَرٍ وَهُوَ مِثَالٌ لِلْمَانِعِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَالَ ق ل ضَابِطُهُ أَنَّهُ مَتَى مَسَّ الْآلَتَيْنِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ وَاضِحٍ أَوْ مُشْكِلٍ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَإِنْ مَسَّ أَحَدَهُمَا فَإِنْ احْتَمَلَ عَدَمَ النَّقْضِ فِي وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ فَرْضِهِ فَلَا نَقْضَ؛ لِأَنَّ يَقِينَ الطَّهَارَةِ لَا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ. اهـ.
وَلَوْ أَوْلَجَ الْخُنْثَى ذَكَرَهُ فِي دُبُرِ رَجُلٍ وَنَزَعَهُ لَزِمَهُمَا الْوُضُوءُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَجُلًا لَزِمَهُمَا الْغُسْلُ وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً فَقَدْ لَمَسَتْ رَجُلًا وَخَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ شَيْءٌ فَغَسْلُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَاجِبٌ وَالزِّيَادَةُ مَشْكُوكٌ فِيهَا وَالتَّرْتِيبُ فِي الْوُضُوءِ وَاجِبٌ لِتَصِحَّ طَهَارَتُهُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ وَهُوَ غَلَطٌ وَلَوْ أَنَّ خُنْثَيَيْنِ أَوْلَجَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي فَرْجِ صَاحِبِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ الْفَرْجَيْنِ وَلَوْ أَوْلَجَ كُلٌّ فِي دُبُرِ صَاحِبِهِ لَزِمَهُمَا الْوُضُوءُ بِالْإِخْرَاجِ وَلَا غُسْلَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا امْرَأَتَانِ وَلَوْ أَوْلَجَ أَحَدُهُمَا فِي فَرْجِ صَاحِبِهِ وَالْآخَرُ فِي دُبُرِ الْأَوَّلِ لَزِمَهُمَا الْوُضُوءُ بِالْإِخْرَاجِ وَلَا غُسْلَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا امْرَأَتَانِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ وَكَتَبَ الْأَذْرَعِيُّ بِخَطِّهِ عَلَى الْأَخِيرَةِ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمَوْلَجَ فِي فَرْجِهِ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا رَجُلَانِ إلَّا إذَا قُلْنَا الْمُنْفَتِحُ تَحْتَ الْمَعِدَةِ مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ يَنْقُضُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَسُّ وَاضِحٍ مِنْ الْمُشْكِلِ إلَخْ) قَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمَجْمُوعِ نُبْذَةً مِنْ أَحْكَامِ الْخُنْثَى فَلْنَذْكُرْهَا تَبَرُّكًا بِهِ قَالَ إذَا تَوَضَّأَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ أَوْ اغْتَسَلَ أَوْ تَيَمَّمَ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ بِسَبَبِ إيلَاجٍ وَمُلَامَسَةٍ فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ حَكَمْنَا بِانْتِقَاضِ طَهَارَتِهِ صَارَ الْمَاءُ وَالتُّرَابُ مُسْتَعْمَلًا وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَمْ يُحْكَمْ بِانْتِقَاضِهَا لِلِاحْتِمَالِ فَفِي مَصِيرِهِ مُسْتَعْمَلًا الْوَجْهَانِ فِي الْمُسْتَعْمَلِ فِي نَقْلِ الطَّهَارَةِ وَفِي خِتَانِهِ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ لَا يُخْتَنُ وَحُكْمُ لِحْيَتِهِ الْكَثِيفَةِ كَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ فِي الْوُضُوءِ لَا فِي اسْتِحْبَابِ حَلْقِهَا وَلَوْ خَرَجَ شَيْءٌ مِنْ فَرْجَيْهِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقِيلَ لَا يُنْقَضُ قَطْعًا وَقِيلَ يُنْقَضُ قَطْعًا وَقِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ وَلَوْ لَمَسَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ لَمَسَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجِبْ الْوُضُوءُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ وَإِنْ مَسَّ ذَكَرَ نَفْسِهِ أَوْ فَرْجَهُ أَوْ فَرْجَ خُنْثَى آخَرَ أَوْ ذَكَرَهُ لَمْ يُنْتَقَضْ.
وَكَذَا لَوْ مَسَّ فَرْجَهُ رَجُلٌ أَوْ ذَكَرَهُ امْرَأَةٌ وَلَوْ مَسَّ إنْسَانٌ ذَكَرًا مَقْطُوعًا وَشَكَّ هَلْ هُوَ ذَكَرُ خُنْثَى أَوْ رَجُلٍ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي ذَكَرِ الرَّجُلِ الْمَقْطُوعِ لِنُدُورِ الْخُنْثَى وَلَا يُجْزِئُهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ فِي قُبُلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ أَوْلَجَ فِي فَرْجٍ أَوْ أَوْلَجَ رَجُلٌ فِي قُبُلِهِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمُ الْوَطْءِ فَلَوْ أَوْلَجَ فِي امْرَأَةٍ وَأَوْلَجَ فِي قُبُلِهِ رَجُلٌ وَجَبَ الْغُسْلُ عَلَى الْخُنْثَى وَيَبْطُلُ صَوْمُهُ وَحَجُّهُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي الصَّوْمِ إنْ قُلْنَا لَا تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إخْرَاجُهَا قَالَ الْبَغَوِيّ وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا نُوجِبُ الْغُسْلَ عَلَى الْخُنْثَى لَا نُبْطِلُ صَوْمَهُ وَلَا حَجَّهُ وَلَا نُوجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي أَوْلَجَ فِيهَا عِدَّةً وَلَا مَهْرَ لَهَا وَإِذَا أَمْنَى مِنْ فَرْجَيْهِ لَزِمَهُ الْغُسْلُ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا قِيلَ: يَجِبُ، وَقِيلَ: وَجْهَانِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَوْ أَمْنَى مِنْ الذَّكَرِ وَحَاضَ مِنْ الْفَرَجِ وَحَكَمْنَا بِبُلُوغِهِ وَإِشْكَالِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَرْكُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ لِهَذَا الدَّمِ لِجَوَازِ أَنَّهُ رَجُلٌ وَلَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ وَلَا يَقْرَأُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ اغْتَسَلَ لِجَوَازِ كَوْنِهِ امْرَأَةً وَلَوْ أَمْنَى مِنْ الذَّكَرِ اغْتَسَلَ وَلَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ وَلَا يَقْرَأُ حَتَّى يَغْتَسِلَ هَكَذَا نَقَلَ الْبَغَوِيّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ ثُمَّ قَالَ: وَالْقِيَاسُ عَدَمُ وُجُوبِ الْغُسْلِ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ وَلَا يُمْنَعُ الْمُصْحَفَ وَالْقُرْآنَ كَمَا لَا يَتْرُكُ الصَّلَاةَ لِذَلِكَ الدَّمِ فَإِنْ أَمْنَى مَعَهُ وَجَبَ قُلْت: وَقَطَعَ الْقَاضِي أَبُو الْفُتُوحِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ الدَّمِ مِنْ الْفَرْجَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ وَهَذَا دَمُ فَسَادٍ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ مِنْ الْفَرْجَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ دَمَ فَسَادٍ وَبَوْلُ الْخُنْثَى الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا كَالْأُنْثَى فَلَا يَكْفِي نَضْحُهُ وَلَهُ حُكْمُ الْمَرْأَةِ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَلَوْ صَلَّى مَكْشُوفَ الرَّأْسِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ هَكَذَا أَطْلَقَهُ الْبَغَوِيّ وَكَثِيرُونَ.
وَقَالَ أَبُو الْفُتُوحِ يَجِبُ عَلَيْهِ سَتْرُ جَمِيعِ عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ فَإِنْ كَشَفَ بَعْضَهَا مِمَّا سِوَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ أُمِرَ بِسِتْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَصَلَّى كَذَلِكَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ لِلشَّكِّ وَذَكَرَ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ وَجْهَيْنِ وَلَا يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ كَالْمَرْأَةِ وَلَا يُجَافِي مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ فِي السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ وَإِذَا نَابَهُ شَيْءٌ فِي الصَّلَاةِ صَفَّقَ وَلَا يَؤُمُّ رَجُلًا وَلَا خُنْثَى فَإِنْ أَمَّ نِسَاءً وَقَفَ قُدَّامَهُنَّ وَلَا حُجَّةَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ بَانَ رَجُلًا وَأَمْكَنَهُ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ لَزِمَهُ السَّعْيُ إلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَزِمَهُ إعَادَةُ الظُّهْرِ وَلَوْ صَلَّى بِهِمْ الْجُمُعَةَ أَوْ خَطَبَ أَوْ كَمُلَ بِهِ الْعَدَدُ لَزِمَهُمْ الْإِعَادَةُ وَلَوْ بَانَ رَجُلًا عَلَى الصَّحِيحِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ لُبْسُ الْحَرِيرِ
إلَّا فِي مَسِّ الدُّبُرِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ وَاضِحًا مِمَّا مَرَّ لَا بَأْسَ بِالتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ (وَمَسُّ مُشْكِلٍ كِلَيْهِمَا) أَيْ: كِلَا الْفَرْجَيْنِ؛ إمَّا (مِنْ نَفْسِهِ وَ) إمَّا مِنْ (مُشْكِلٍ) آخَرَ (وَ) إمَّا مِنْ (اثْنَيْنِ) أَيْ: مُشْكِلَيْنِ وَلَا مَانِعَ مِنْ النَّقْضِ فِي الثَّالِثَةِ فَيُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَسَّ فِي الْأُولَيَيْنِ وَمَسَّ أَوْ لَمَسَ فِي الثَّالِثَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَسَّ أَحَدَهُمَا فَقَطْ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ.
(وَأَنْ يَمَسَّ) الْمُشْكِلُ (أَحَدَ الْفَرْجَيْنِ) مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ مُشْكِلٍ آخَرَ (وَالصُّبْحَ) مَثَلًا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ) أَيْ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهُ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا مِنْ مُشْكِلٍ آخَرَ) وَظَاهِرٌ أَنَّ النَّقْضَ فِي هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا خَاصٌّ بِالْمَاسِّ (قَوْلُهُ: وَلَا مَانِعَ مِنْ النَّقْضِ فِي الثَّالِثَةِ) بِخِلَافِ الْأُولَيَيْنِ لِتَعَيُّنِ الْمَسِّ فِيهِمَا وَلَا أَثَرَ لِلْمَانِعِ مَعَهُ، أَمَّا إذَا كَانَ فِيهَا مَانِعٌ مِنْهُ فَلَا نَقْضَ وَلَا حَاجَةَ هُنَا إلَى اسْتِثْنَاءِ مَسِّ الدُّبُرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرْجَيْنِ الْقُبُلَانِ إذْ لَا حَاجَةَ إلَى إرَادَةِ الدُّبُرِ فِيهِمَا؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُرَادًا فِيهِمَا كَانَ الْمَسُّ لَازِمًا فِي الثَّالِثَةِ وَقَدْ رَدَّدُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّمْسِ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَسَّرَ قَوْلَهُ أَوْ فَرْجَيْنِ مُشْكِلَيْنِ بِقَوْلِهِ أَيْ: آلَةُ الرِّجَالِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَآلَةُ النِّسَاءِ مِنْ الْآخَرِ اهـ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ) أَيْ: مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهُ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ مُشْكِلٍ آخَرَ) لَمْ يَقُلْ أَوْ مِنْ مُشْكِلَيْنِ، مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ مَسَّهُمَا مِنْ مُشْكِلَيْنِ يُوجِبُ النَّقْضَ مَكَانَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُهُ. قَوْلُهُ ثُمَّ مَسَّ تِلْوَهُ إذْ فَرْجُ وَاحِدٍ لَا يُعَدُّ تَالِيًا لِفَرْجِ آخَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَدَّ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ: وَلَا مَانِعَ إلَخْ)
ــ
[حاشية الشربيني]
؛ لِأَنَّهُ أُبِيحَ لِلنِّسَاءِ لِلتَّزْيِينِ لِلرِّجَالِ وَإِذَا مَاتَ غَسَّلَهُ قَرِيبُهُ الْمَحْرَمُ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَأَصَحُّ الْأَوْجُهِ يُغَسِّلُهُ الْأَجَانِبُ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لِلضَّرُورَةِ وَاسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ فِي الصِّغَرِ وَإِذَا مَاتَ مُحْرِمًا كَفَى كَشْفُ وَجْهِهِ أَوْ رَأْسِهِ وَالْأَوْلَى كَشْفُهُمَا احْتِيَاطًا وَيَقِفُ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عِنْدَ عَجِيزَتِهِ كَالْمَرْأَةِ وَلَوْ حَضَرَ جَنَائِزَ قَدَّمَ الْإِمَامُ الرَّجُلَ، ثُمَّ الصَّبِيَّ، ثُمَّ الْخُنْثَى، ثُمَّ الْمَرْأَةَ.
وَلَوْ صَلَّى الْخُنْثَى عَلَى الْمَيِّتِ فَلَهُ حُكْمُ الْمَرْأَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَيَتَوَلَّى حَمْلَ الْمَيِّتِ وَدَفْنَهُ الرِّجَالُ فَإِنْ فُقِدُوا فَالْخَنَاثَى ثُمَّ النِّسَاءُ وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا فِي الزَّكَاةِ أُنْثَى لَمْ تَجُزْ الْخُنْثَى وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا الذَّكَرَ أَجْزَأَ الْخُنْثَى عَلَى الصَّحِيحِ وَلَا يُبَاحُ لَهُ حُلِيُّ النِّسَاءِ وَلَا حُلِيُّ الرِّجَالِ لِلشَّكِّ فِي إبَاحَتِهِ وَلَوْ كَانَ صَائِمًا فَبَاشَرَ بِشَهْوَةٍ فَأَمْنَى بِأَحَدِ فَرْجَيْهِ أَوْ رَأَى الدَّمَ يَوْمًا وَلَيْلَةً لَمْ يُفْطِرْ وَإِنْ اجْتَمَعَا أَفْطَرَ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ بِخُرُوجِ الدَّمِ مِنْ فَرْجِهِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يَخَافَ تَلْوِيثَهُ وَلَوْ أُولِجَ فِي دُبُرِهِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ مَحْرَمٌ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ كَأَخِيهِ وَأَخَوَاتِهِ يَحُجُّونَ مَعَهُ وَلَا أَثَرَ لِنِسْوَةٍ ثِقَاتٍ أَجْنَبِيَّاتٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهِنَّ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَإِذَا أَحْرَمَ فَسَتَرَ رَأْسَهُ أَوْ وَجْهَهُ فَلَا فِدْيَةَ فَإِنْ سَتَرَهُمَا وَجَبَتْ وَإِنْ لَبِسَ الْمَخِيطَ وَسَتَرَ وَجْهَهُ وَجَبَتْ وَإِنْ لَبِسَهُ وَسَتَرَ رَأْسَهُ فَلَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ وَلَا يَرْمُلُ وَلَا يَضْطَبِعُ وَلَا يَحْلِقُ بَلْ يُقَصِّرُ وَيَمْشِي فِي كُلِّ الْمَسْعَى وَلَا يَسْعَى كَالْمَرْأَةِ.
وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الطَّوَافُ لَيْلًا كَالْمَرْأَةِ فَإِنْ طَافَ نَهَارًا طَافَ مُتَبَاعِدًا عَنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَلَهُ حُكْمُ الْمَرْأَةِ فِي الذَّبْحِ فَالرَّجُلُ أَوْلَى مِنْهُ وَلَوْ أَوْلَجَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي فِي زَمَنِ الْخِيَارِ أَوْ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ فِي فَرْجِ الْخُنْثَى فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْوَطْءِ فِي الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الْأُنُوثَةَ بَعْدَهُ تَعَلَّقَ بِالْوَطْءِ السَّابِقِ الْحُكْمُ وَإِذَا وَكَّلَ فِي قَبُولِ نِكَاحٍ أَوْ طَلَاقٍ فَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْمَرْأَةِ لِلشَّكِّ فِي أَهْلِيَّتِهِ.
قَالَ الْإِمَامُ الْأَذْرَعِيُّ بِهَامِشِ نُسْخَتِهِ مِنْ الْمَجْمُوعِ صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ السُّلَمِيُّ مِنْ أَئِمَّتِنَا بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَفِي تَوْكِيلِهِ فِي الطَّلَاقِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى تَوْكِيلِ الْمَرْأَةِ فِيهِ اهـ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ أَوْلَجَ فِيهِ غَاصِبٌ قَهْرًا فَلَا مَهْرَ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْبَنِينَ وَلَا عَلَى الْبَنَاتِ وَيَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ عَلَيْهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ وَيَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ وَيُسَنُّ لِمَنْ وَهَبَ لِأَوْلَادِهِ أَنْ يَجْعَلَهُ كَابْنٍ فَلَا يُفَضِّلُهُ عَلَيْهِ وَجْهًا وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ يُفَضِّلُ الِابْنَ عَلَى الْبِنْتِ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ أَحَدِ رَقِيقَيْهِ دَخَلَ فِيهِ الْخُنْثَى عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ اشْتَرَى خُنْثَى قَدْ وَضَحَ فَوَجَدَهُ يَبُولُ بِفَرْجَيْهِ فَهُوَ عَيْبٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِاسْتِرْخَاءِ الْمَثَانَةِ وَإِنْ كَانَ يَبُولُ بِفَرْجِ الرِّجَالِ فَقَطْ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ وَيُورِثُ الْيَقِينَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ وَيُوقَفُ مَا يُشَكُّ فِيهِ.
وَلَوْ قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ إنْ كُنْت ذَكَرًا فَأَنْت حُرٌّ قَالَ الْبَغَوِيّ إنْ اخْتَارَ الذُّكُورَةَ عَتَقَ أَوْ الْأُنُوثَةَ فَلَا وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ فَكَسْبُهُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ رِقُّهُ وَيَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ النَّظَرُ إلَيْهِ إذَا كَانَ فِي سِنٍّ يَحْرُمُ النَّظَرُ فِيهِ إلَى الْوَاضِحِ وَلَا تَثْبُتُ لَهُ وِلَايَةُ النِّكَاحِ وَلَا يَنْعَقِدُ بِشَهَادَتِهِ وَلَا بِعِبَارَتِهِ وَلَوْ ثَارَ لَهُ لِينٌ لَمْ تَثْبُتْ بِهِ أُنُوثَتُهُ فَلَوْ رَضَعَ مِنْهُ صَغِيرٌ يُوقَفُ فِي التَّحْرِيمِ فَإِنْ بَانَ أُنْثَى حَرُمَ لَبَنُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا حَضَانَتُهُ وَكَفَالَتُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْبِنْتِ الْبِكْرِ حَتَّى يَجِيءَ فِي جَوَازِ اسْتِقْلَالِهِ وَانْفِرَادِهِ عَنْ الْأَبَوَيْنِ وَجْهَانِ وَدِيَتُهُ دِيَةُ امْرَأَةٍ فَإِنْ ادَّعَى وَارِثُهُ أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا صُدِّقَ الْجَانِي بِيَمِينِهِ وَلَا يَتَحَمَّلُ الدِّيَةَ مَعَ الْعَاقِلَةِ وَلَا يُقْتَلُ فِي قِتَالِ الْحَرْبِيِّينَ إلَّا إنْ قَاتَلَ كَالْمَرْأَةِ وَإِذَا أَسَرْنَاهُ لَمْ يُقْتَلْ إلَّا إذَا اخْتَارَ الذُّكُورَةَ وَلَا يُسْهَمُ لَهُ فِي الْفَيْءِ وَيَرْضَخُ لَهُ كَالْمَرْأَةِ وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ جِزْيَةٌ فَإِنْ اخْتَارَ الذُّكُورَةَ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ أُخِذَ مِنْهُ جِزْيَةُ مَا مَضَى وَلَا يَكُونُ إمَامًا وَلَا قَاضِيًا وَلَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِ إلَّا مَا يَثْبُتُ بِامْرَأَةٍ وَشَهَادَةُ خُنْثَيَيْنِ كَرَجُلٍ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَسُّ وَاضِحٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ حَيْثُ لَا يَرْتَفِعُ الطُّهْرُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يُسَنُّ الْوُضُوءُ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: أَيْ كِلَا الْفَرْجَيْنِ) أَيْ آلَةُ النِّسَاءِ وَآلَةُ الرِّجَالِ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ لِيَتِمَّ الْحُكْمُ فِي الثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ: أَحَدَ الْفَرْجَيْنِ) أَيْ الْمُخْتَلِفَيْنِ فَلَوْ مَسَّ مَا لِلرِّجَالِ أَوْ مَا لِلنِّسَاءٍ مِنْ الْمُشْكِلَيْنِ لَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ
(صَلَّى ثُمَّ مَسَّ تِلْوَهُ) أَيْ: الْفَرْجَ الْآخَرَ (وَالظُّهْرَ) مَثَلًا (صَلَّى) فَهُوَ (إنْ يُعِدْ وُضُوءَهُ بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الْمَسَّيْنِ (فَلَا يُعِدْ) وَاحِدَةً مِنْ الصَّلَاتَيْنِ وَإِنْ وَقَعَتْ إحْدَاهُمَا مَعَ الْحَدَثِ قَطْعًا؛ لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ مُفْرَدَةٌ بِحُكْمِهَا وَقَدْ بَنَى كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى ظَنٍّ صَحِيحٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ صَلَّى صَلَاتَيْنِ لِجِهَتَيْنِ بِاجْتِهَادَيْنِ وَفَارَقَ مَا لَوْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ صَلَاتَيْنِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُمَا بِأَنَّ ذِمَّتَهُ ثَمَّةَ اشْتَغَلَتْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ فِعْلِهَا وَهُنَا فَعَلَهَا قَطْعًا مُعْتَمِدًا أَصْلًا صَحِيحًا وَالْمُرَادُ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ تَوَضَّأَ عَنْ حَدَثٍ آخَرَ أَوْ عَنْ الْمَسِّ احْتِيَاطًا وَلَمْ يَنْجَلِ الْحَالُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ.
(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُعِدْ الْوُضُوءَ (فَلْيُعِدْ) وُجُوبًا (الظُّهْرَ الَّتِي قَدْ صَلَّى) ؛ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ عِنْدَهَا قَطْعًا بِخِلَافِ الصُّبْحِ إذْ لَمْ يُعَارِضْهَا شَيْءٌ وَقَدْ يُقَالُ رُجُوعُ ضَمِيرِ بَيْنَهُمَا لِلْمَسَّيْنِ كَمَا تَقَرَّرَ يُشْكِلُ بِهِ قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلْيُعِدْ الظُّهْرَ إذَا أَعَادَ الْوُضُوءَ بَيْنَ مَسِّ التِّلْوِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُعِدْهُ بَيْنَ الْمَسَّيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إعَادَةُ الظُّهْرِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهَا فِيمَا تَقَرَّرَ فَفِي هَذَا أَوْلَى؛ وَبِأَنَّ النَّفْيَ فِي قَوْلِهِ وَأَلَّا يُوَجَّهَ إلَى الْمُقَيَّدِ لَا إلَى الْقَيْدِ كَمَا تَقَرَّرَ وَالْمُرَادُ بِإِعَادَةِ الظُّهْرِ مَا يَشْمَلُ الْقَضَاءَ.
(وَأَنْ يَمَسَّ مُشْكِلٌ مِنْ مُشْكِلِ) آخَرَ وَلَا مَانِعَ مِنْ النَّقْضِ (فَرْجًا وَ) مَسَّ (هَذَا ذَكَرًا لِلْأَوَّلِ أَوْ) ذَكَرَ (نَفْسِهِ يُنْقَضْ) أَيْ الْوُضُوءُ (لِشَخْصٍ) مِنْهُمَا (مُبْهَمًا) ؛ لِأَنَّهُمَا إنْ كَانَا رَجُلَيْنِ فَقَدْ انْتَقَضَ لِمَاسِّ الذَّكَرِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ فَلِمَاسِّ الْفَرْجِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَلِكِلَيْهِمَا بِاللَّمْسِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ الْحَدَثُ فِيهِمَا (وَ) لِهَذَا (صَحَّحُوا صَلَاةَ كُلٍّ مِنْهُمَا) وَفَائِدَةُ الِانْتِقَاضِ لِأَحَدِهِمَا مُبْهَمًا أَنَّهُ إذَا اقْتَدَتْ امْرَأَةٌ بِأَحَدِهِمَا فِي صَلَاةٍ لَا تَقْتَدِي بِالْآخَرِ.
(وَارْفَعْ يَقِينَ حَدَثٍ) أَيْ: حُكْمَ يَقِينِهِ السَّابِقِ بِظَنِّ الطُّهْرِ عَلَى كَلَامٍ يَأْتِي فِيهِ (لَا) حُكْمَ يَقِينِ (ضِدِّهِ) وَهُوَ الطُّهْرُ فَلَا تَرْفَعْهُ بِظَنِّ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الطُّهْرِ الظَّنُّ لِصِحَّتِهِ بِمَا ظَنَّ طَهُورِيَّتَهُ وَفِي الْحَدَثِ الْيَقِينُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ
ــ
[حاشية العبادي]
فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَلِفُ بِنَحْوِ الْمَحْرَمِيَّةِ فَتَأَمَّلْهُ تَعْرِفْهُ (قَوْلُهُ: انْتَقَضَ لِمَاسِّ الذَّكَرِ) مَسُّ الذَّكَرِ نَاقِضٌ مَعَ نَحْوِ الْمَحْرَمِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَلِمَاسِّ الْفَرْجِ) مَسُّ الْفَرْجِ نَاقِضٌ مَعَ نَحْوِ الْمَحْرَمِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَلِكِلَيْهِمَا) وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ نَحْوُ الْمَحْرَمِيَّةِ مَعَ كَوْنِ الْفَرْضِ مَسَّ الذَّكَرِ وَالْفَرْجِ فَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَا مَانِعَ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا صَحَّحُوا إلَخْ) وَسَكَتَ عَنْ اقْتِدَاءِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَيُتَّجَهُ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا إمَّا مُحْدِثٌ أَوْ إمَامُهُ مُحْدِثٌ وَعَلَى كُلٍّ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ
(قَوْلُهُ: أَيْ: حُكْمَ يَقِينِهِ إلَخْ) إذْ لَا يَقِينَ فِي الْحَالِ لِمُنَافَاتِهِ مُطْلَقَ الِاحْتِمَالِ فَضْلًا عَنْ الظَّنِّ وَقَوْلُهُ: السَّابِقُ صِفَةُ
ــ
[حاشية الشربيني]
اهـ.
شَرْحُ الْحَاوِي (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْمَسَّيْنِ) يَشْمَلُ حِينَئِذٍ مَا لَوْ أَعَادَ الْوُضُوءَ بَيْنَ مَسِّ الْأَوَّلِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ لِلظُّهْرِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ الْعِرَاقِيِّ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ إلَخْ) رَدٌّ عَلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِلُزُومِ إعَادَتِهِمَا قِيَاسًا عَلَى مَا ذُكِرَ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ تَجِبُ إعَادَتُهُمَا كَمَنْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاتَيْنِ لَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَهُمَا وَالْفَرْقُ هُوَ مَا ذُكِرَ بِعَيْنِهِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْجَلِ الْحَالُ) وَإِلَّا وَجَبَ إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ بِوُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ إنْ تَبَيَّنَ الْحَدَثُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ) لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ هَذَا بِإِعَادَتِهِ لِلصَّلَاتَيْنِ كَأَنَّهُ لِيُنَبِّهَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَقَدْ أَرْجَعَهُ الْعِرَاقِيُّ لِلصَّلَاتَيْنِ وَأَرْجَعَهُ صَاحِبُ الْحَاوِي لِلْمَسِّ الثَّانِي وَالصَّلَاةِ، ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ بَيْنَ الْمَسَّيْنِ وَقِيلَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَقِيلَ بَيْنَ الْمَسِّ وَالصَّلَاةِ وَيَرِدُ عَلَيْهِمْ مَا إذَا مَسَّ أَحَدُهُمَا وَتَوَضَّأَ احْتِيَاطًا ثُمَّ مَسَّ الْآخَرُ وَصَلَّى فَإِنَّهُ يُعِيدُ الطُّهْرَ مَعَ وُجُودِ الْوُضُوءِ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَيْسَ بِوُضُوءٍ، بَلْ تَجْدِيدٌ اهـ وَقَوْلُهُ: بَيْنَ الْمَسِّ وَالصَّلَاةِ أَيْ صَلَاةِ الصُّبْحِ كَمَا مَرَّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا مَانِعَ مِنْ النَّقْضِ) هَكَذَا قَيَّدَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ ذِكْرِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْخُنْثَى وَبَيْنَ مَنْ مَسَّهُ مَحْرَمِيَّةٌ أَوْ غَيْرُهَا مِمَّا يَمْنَعُ نَقْضَ الْوُضُوءِ بِاللَّمْسِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَخْفَ حُكْمُهُ بِتَقْدِيرِ أَحْوَالِهِ اهـ وَحُكْمُهُ الِانْتِقَاضُ فِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ؛ لِأَنَّهُ إذَا فُرِضَ أَنَّ الْمَاسَّ مِنْهُمَا لِآلَةِ النِّسَاءِ هُوَ الْمَرْأَةُ وَالْمَمْسُوسُ الرَّجُلُ لَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ لَهُمَا إلَّا بِاللَّمْسِ لِكَوْنِ الْمَمْسُوسِ زَائِدًا وَحَيْثُ كَانَ النَّقْضُ بِاللَّمْسِ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ الْمَانِعِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا صَحَّحُوا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يُضِيفَ الْحَدَثَ لِلْآخَرِ وَطُهْرُهُ مُتَيَقَّنٌ لَا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَارْفَعْ يَقِينَ حَدَثٍ)، أَمَّا الْيَقِينُ السَّابِقُ نَفْسُهُ فَلَا يَرْتَفِعُ (قَوْلُهُ: أَيْ حُكْمُ يَقِينِهِ السَّابِقِ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقِينَ الْآنَ إذْ لَا يُجَامِعُهُ الظَّنُّ وَالشَّكُّ. اهـ. (قَوْلُهُ: السَّابِقِ)، أَمَّا الْآنَ فَلَا يَقِينَ لِوُجُودِ الظَّنِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى كَلَامٍ يَأْتِي فِيهِ) وَهُوَ قَوْلُهُ: اسْتَثْنَى مِنْ الْمَشْكُوكِ ظَنَّ إلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَاوِيَ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ اسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ إذَا تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ أَخَذَ بِالْيَقِينِ مَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّكُّ ظَنًّا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّكَّ يَشْمَلُهُ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالظَّنِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَا تَرْفَعْهُ بِظَنِّ الْحَدَثِ) وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يُرْفَعُ بِالنَّوْمِ بِلَا تَمْكِينٍ لِظَنِّ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ أَقَامَ هَذَا الظَّنَّ مَقَامَ الْيَقِينِ. اهـ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الطُّهْرِ الظَّنُّ) رَاجِعٌ لِرَفْعِ يَقِينِ الْحَدَثِ وَهُوَ تَعْلِيلٌ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ وَقَوْلُهُ: وَفِي الْحَدَثِ الْيَقِينُ رَاجِعٌ لِعَدَمِ رَفْعِ ضِدِّهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِصِحَّتِهِ بِمَا ظَنَّ إلَخْ) لِعُسْرِ الْيَقِينِ كُلَّ وَقْتٍ. اهـ. (قَوْلُهُ:
الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» فَقَوْلُهُ: (بِالظَّنِّ) صِلَةُ ارْفَعْ كَمَا تَقَرَّرَ (لَا شَكٍّ) يَعْنِي لَا تَرْفَعْ يَقِينَ الْحَدَثِ وَلَا يَقِينَ الطُّهْرِ بِالشَّكِّ اسْتِصْحَابًا لِلْيَقِينِ وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ؛ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الشَّكَّ يَرْفَعُ يَقِينَ الطُّهْرِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ لَا تَرْفَعْ يَقِينَ الْحَدَثِ لَا ضِدَّهُ بِالشَّكِّ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادَهُ بَلْ مُرَادُهُ مَا قَدَّمْتُهُ بِقَرِينَةِ مَا ذَكَرَهُ قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ يَقِينَ الطُّهْرِ لَا يُرْفَعُ بِظَنِّ الْحَدَثِ فَبِشَكِّهِ أَوْلَى.
وَزَادَ قَوْلَهُ (طَرَا مِنْ بَعْدِهِ) أَيْ: بَعْدَ يَقِينِ الْحَدَثِ أَوْ ضِدِّهِ إيضَاحًا وَتَكْمِلَةً وَسَكَّنَ هَمْزَ طَرَا مَعَ الْإِبْدَالِ وَدُونَهُ إجْرَاءً لِلْوَصْلِ مَجْرَى الْوَقْفِ (وَإِنْ تُيُقِّنَا) أَيْ: الطُّهْرَ وَضِدَّهُ بِأَنْ وُجِدَا مِنْهُ بَعْدَ الْفَجْرِ مَثَلًا (وَشُكَّ مِنْهُمَا فِي سَابِقٍ فَضِدُّ مَا قَبْلَهُمَا) يَأْخُذُ بِهِ إنْ تَذَكَّرَ فَإِنْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَهُمَا مُحْدِثًا فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ سَوَاءٌ اعْتَادَ تَجْدِيدَ الْوُضُوءِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطُّهْرَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ؛ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَإِنْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَهُمَا مُتَطَهِّرًا فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ بِخِلَافِ مِنْ لَا يَعْتَادُهُ كَمَا قَالَ: (لَا ضِدُّ طُهْرٍ لِلَّذِي مَا اعْتَادَ أَنْ يُجَدِّدَ) الْوُضُوءَ فَلَا يَأْخُذُ بِهِ بَلْ بِالطُّهْرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَأَخُّرُ طُهْرِهِ عَنْ حَدَثِهِ بِخِلَافِ مَنْ اعْتَادَهُ. قَالَ السُّبْكِيُّ أَوْ لَيْسَ لَهُ عَادَةٌ مُطَّرِدَةٌ وَمَا قَالَهُ دَاخِلٌ فِيمَا قَالُوهُ لِصِدْقِ الْعَادَةِ بِالْمُطَّرِدَةِ وَغَيْرِهَا وَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَهُمَا مُتَطَهِّرًا وَمُحْدِثًا أُخِذَ بِمَا قَبْلَ الْأَوَّلَيْنِ عَكْسُ
ــ
[حاشية العبادي]
يَقِينِهِ (قَوْلُهُ: بِقَرِينَةِ مَا ذَكَرَهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْتَفِعْ يَقِينُ الطُّهْرِ بِظَنِّ الْحَدَثِ فَلَأَنْ لَا يَرْتَفِعَ بِالشَّكِّ أَوْلَى (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطُّهْرَ إلَخْ) وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ أَيْضًا تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ لِقُوَّةِ جَانِبِ الطُّهْرِ بِتَحَقُّقِ رَفْعِهِ الْحَدَثَ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ إلَخْ) وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ أَيْضًا تَيَقَّنَ الطُّهْرَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِذَلِكَ عَارَضَهُ إذْ الظَّاهِرُ وُقُوعُ إحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى بِمُقْتَضَى الْعَادَةِ بِخِلَافِ الْعَمَلِ بِيَقِينِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَأْخُذُ بِهِ) أَيْ: عِنْدَ الطُّهْرِ (قَوْلُهُ أَخَذَ بِمَا قَبْلَ الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ بِمِثْلِ بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
لَا شَكَّ) الْمُرَادُ بِالشَّكِّ هُنَا التَّرَدُّدُ عَلَى السَّوَاءِ وَهُوَ اصْطِلَاحُ الْأُصُولِ، أَمَّا الْفُقَهَاءُ فَيُطْلِقُونَهُ عَلَى مُطْلَقِ التَّرَدُّدِ وَلَوْ مَعَ رُجْحَانٍ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِ الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي وَعَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي اُسْتُثْنِيَ مِنْ الْمَشْكُوكِ ظَنٌّ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا تَرْفَعَ يَقِينَ الْحَدَثِ إلَخْ) قَيَّدَ بِالْحَدَثِ وَالطُّهْرِ؛ لِأَنَّ الْيَقِينَ مُطْلَقًا قَدْ يُرْفَعُ بِالشَّكِّ كَمَا إذَا شَكَّ فِي انْقِضَاءِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَكَمَا إذَا شَكَّ فِي انْقِضَاءِ الْمَسْحِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِالِانْقِضَاءِ وَكَمَا إذَا شَكَّ الْمُسَافِرُ أَنَّ مَا وَصَلَ إلَيْهِ وَظَنَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَرَخَّصُ وَكَمَا إذَا شَكَّ هَلْ نَوَى الْإِقَامَةَ فَإِنَّهُ لَا يَتَرَخَّصُ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ بِتَوَهُّمِ الْمَاءِ بِلَا مَانِعٍ وَقَدْ يُقَالُ التَّيَمُّمُ لَيْسَ طَهَارَةً حَقِيقِيَّةً. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي.
(قَوْلُهُ: اسْتِصْحَابًا لِلْيَقِينِ) أَيْ عَمَلًا بِظَنِّ اسْتِصْحَابِ الْيَقِينِ وَإِنَّمَا لَمْ يُسْتَصْحَبْ الْيَقِينُ فِي رَفْعِ يَقِينِ الْحَدَثِ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ لِوُجُودِ الْمُعْتَبَرِ فِي الطُّهْرِ وَهُوَ الظَّنُّ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: كَأَصْلِهِ) عِبَارَتُهُ وَيَقِينُ الْحَدَثِ لَا الطُّهْرِ يُرْفَعُ بِالظَّنِّ لَا بِالشَّكِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَيَقَّنَّا وَشَكَّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَتَذَكَّرَ أَنَّهُ قَبْلَهُمَا مُحْدِثٌ أَوْ مُتَطَهِّرٌ وَعَلَى كُلٍّ يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ أَوْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعٌ أَوْ يَذْكُرُ أَنَّهُ قَبْلَهُمَا مُحْدِثٌ وَمُتَطَهِّرٌ وَهُوَ فِي الْمَعْنَى رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَهُ أَوْ لَا يَتَذَكَّرُ شَيْئًا سَوَاءٌ اعْتِمَادُ التَّجْدِيدِ أَوْ لَا فَالْمَسَائِلُ سِتٌّ بِإِرْجَاعِ مَا تَقَدَّمَ لِمَا قَبْلَهُ فَإِنْ اُعْتُبِرَ مُسْتَقِلًّا فَثَمَانِيَةٌ لِاعْتِبَارِ التَّجْدِيدِ وَعَدَمِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَضِدُّ مَا قَبْلَهُمَا) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ جَعَلَهَا ابْنُ الْقَاصّ مُسْتَثْنَاةً مِنْ أَنَّ الْيَقِينَ لَا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ وَرَدَّهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْأَخْذَ بِمَا ذُكِرَ يَأْتِي عَلَى الْيَقِينِ لَا عَلَى الشَّكِّ اهـ وَتَأَمَّلْهُ فِي الْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ اعْتَادَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا طَهَارَةَ يُجَدِّدُهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطُّهْرَ) ؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ أَنَّ الْحَدَثَ قَبْلَهُمَا وَرَدَ عَلَيْهِ طَهَارَةٌ فَأَزَالَتْهُ وَهُوَ يَشُكُّ هَلْ ارْتَفَعَتْ هَذِهِ الطَّهَارَةُ بِحَدَثٍ بَعْدَهَا أَمْ لَا؟ وَلَا يُزَالُ يَقِينُ الطَّهَارَةِ بِالشَّكِّ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ) ؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ أَنَّ الطَّهَارَةَ قَبْلَهُمَا وَرَدَ عَلَيْهَا حَدَثٌ فَأَزَالَهَا وَهُوَ يَشُكُّ هَلْ ارْتَفَعَ هَذَا الْحَدَثُ بِطَهَارَةٍ بَعْدَهُ أَمْ لَا؟ فَلَا يُزَالُ يَقِينُ الْحَدَثِ بِالشَّكِّ. اهـ. مُهَذَّبٌ
(قَوْلُهُ: مَا اعْتَادَ أَنْ يُجَدِّدَ) هَلْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا صَلَّى بِالطَّهَارَةِ السَّابِقَةِ صَلَاةً حَتَّى يَتَحَقَّقَ شَرْطُ التَّجْدِيدِ فَيَصِحَّ الْحَمْلُ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُقَيَّدُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَادَةٍ لَهُ يَنْتَفِي بِهَا ارْتِفَاعُ الْحَدَثِ الظَّاهِرِ الثَّانِي وَرَأَيْت لِبَعْضٍ اسْتِظْهَارَ الْأَوَّلِ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِصِدْقِ الْعَادَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَثْبُتُ هُنَا بِمَرَّةٍ كَغَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. اهـ.
ثُمَّ رَأَيْت م ر فِي شَرْحِهِ قَالَ وَتَثْبُتُ عَادَةُ التَّجْدِيدِ وَلَوْ بِمَرَّةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إنْ كَانَ قَبْلَهُمَا مُتَطَهِّرًا وَمُحْدِثًا) أَيْ وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْ اللَّاحِقِ أَوْ هَذِهِ حَالٌ ثَانِيَةٌ وَالثَّالِثَةُ عَدَمُ التَّذَكُّرِ وَسَيَأْتِي وَأَحْوَالُ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَخْذًا بِمَا قَبْلَ الْأَوَّلَيْنِ إلَخْ) عِبَارَةُ ع ش بَقِيَ مَا لَوْ عَلِمَ قَبْلَهُمَا وَطَهُرَ أَوْ جَهِلَ أَسْبَقَهُمَا فَيُنْظَرُ مَا قَبْلَهُمَا فَإِنْ تَذَكَّرَ طُهْرًا فَقَطْ أَوْ حَدَثًا كَذَلِكَ أَخَذَ بِمِثْلِهِ أَوْ ضِدِّهِ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ فَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا فِيهِ أَيْضًا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا أَخَذَ بِضِدِّ مَا قَبْلَهُمَا إنْ ذَكَرَ أَحَدَهُمَا فِيهِ وَهَكَذَا يَأْخُذُ فِي الْوِتْرِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الِاشْتِبَاهُ بِضِدِّهِ إذَا ذَكَرَهُ فِي الْوِتْرِ وَيَأْخُذُ فِي الشَّفْعِ الَّذِي فِيهِ الِاشْتِبَاهُ بِمِثْلِ الْفَرْدِ الَّذِي قَبْلَهُ مَعَ اعْتِبَارِ عَادَةِ تَجْدِيدِهِ وَعَدَمِهَا فَإِذَا تَيَقَّنَهُمَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَهُ وَقَبْلَ الْعِشَاءِ وَعَلِمَ أَنَّهُ قَبْلَ
مَا مَرَّ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ: وَهُمَا فِي الْمَعْنَى سَوَاءٌ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْوَقْتُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الِاشْتِبَاهُ وِتْرًا أَخَذَ بِالضِّدِّ أَوْ شَفْعًا فَبِالْمِثْلِ بَعْدَ اعْتِبَارِ اعْتِيَادِ التَّجْدِيدِ وَعَدَمِهِ وَقَدْ (اسْتَثْنَى) أَيْ: الْحَاوِي فِيمَا مَرَّ كَالرَّافِعِيِّ (مِنْ الْمَشْكُوكِ) بِمَعْنَى الشَّكِّ الْمَعْنِيُّ بِهِ هُنَا وَفِي غَالِبِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ التَّرَدُّدُ بِاسْتِوَاءٍ أَوْ رُجْحَانٍ (ظَنْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ فَجَعَلَ الشَّكَّ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا يَرْفَعُ الْيَقِينَ إلَّا ظَنُّ الطُّهْرِ فَيَرْفَعُ يَقِينَ الْحَدَثِ (قُلْتُ وَقَدْ) أَيْ: حَقِيقٌ (يَسْتَشْكِلُ الْمُعْتَرِضُ هَذَا) بِأَنَّ الْأَصْحَابَ سَوَّوْا بَيْنَ الشَّكِّ وَالظَّنِّ هُنَا كَمَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَلَمْ أَرَ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لِغَيْرِهِ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْمَاءَ الْمَظْنُونَ طَهَارَتُهُ بِالِاجْتِهَادِ مَثَلًا يَرْفَعُ يَقِينَ الْحَدَثِ.
وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ قَوْلِ النَّظْمِ اسْتَثْنَى إلَى آخِرِهِ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ تَيَقَّنَّا أَوْ تَأْخِيرَهُ عَنْ قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ) مَا قَبْلَهُمَا (فَالْوُضُو) وَاجِبٌ لِتَعَارُضِ الِاحْتِمَالَيْنِ بِلَا مُرَجِّحٍ وَلَا سَبِيلَ إلَى الصَّلَاةِ مَعَ التَّرَدُّدِ الْمَحْضِ فِي الطُّهْرِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا مُخْتَصٌّ بِمَنْ يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ فَإِنَّ غَيْرَهُ يَأْخُذُ بِالطُّهْرِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ فَلَا أَثَرَ لِتَذَكُّرِهِ ثُمَّ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ التَّذَكُّرِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَهُمَا فِي الْمَعْنَى سَوَاءٌ) يَعْنِي أَنَّ الْمِثْلَ الْمَأْخُوذَ فِي الشَّفْعِ هُوَ الْمَأْخُوذُ فِي الْوَتْرِ بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا قَبْلَ وَقْتَيْ الِاشْتِبَاهِ مَثَلًا مُحْدِثًا كَانَ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ أَوَّلُ وَقْتَيْ الِاشْتِبَاهِ مُتَطَهِّرًا وَإِذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي مُتَطَهِّرًا كَانَ فِي الْوَقْتِ الثَّالِثِ مُحْدِثًا إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ فَإِنْ لَمْ يَعْتَدْهُ كَانَ مُتَطَهِّرًا فَالْحَدَثُ الَّذِي حُكِمَ بِهِ فِي الْوَقْتِ الثَّالِثِ ضِدٌّ لِمَا حُكِمَ بِهِ فِي الثَّانِي وَمِثْلٌ لِمَا فِي الْأَوَّلِ فَالْأَخْذُ فِي الثَّالِثِ بِمِثْلِ مَا فِي الْأَوَّلِ أَخْذٌ بِضِدِّ مَا فِي الثَّانِي فَالْأَخْذُ بِالْمِثْلِ فِي الشَّفْعِ وَبِالضِّدِّ فِي الْوَتْرِ سَوَاءٌ لِاتِّحَادِ الْمَأْخُوذِ فِيهِمَا وَلِتَضَمُّنِ الْأَخْذِ فِي الشَّفْعِ بِالْمِثْلِ اعْتِبَارَ الْأَخْذِ بِالضِّدِّ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِالنَّظَرِ لِمَا قَبْلَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ
سم (قَوْلُهُ بِهَذَا الْمَعْنَى) أَيْ: التَّرَدُّدِ بِاسْتِوَاءٍ أَوْ رُجْحَانٍ (قَوْلُهُ: أَيْ حَقِيقٌ) فَلَيْسَتْ لِلتَّقْلِيلِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمَغْرِبِ مُحْدِثٌ أَخَذَ فِي الْوِتْرِ وَهُوَ مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ إذْ هُوَ أَوَّلُ أَوْقَاتِ الِاشْتِبَاهِ بِضِدِّ الْحَدَثِ فَيَكُونُ فِيهِ مُتَطَهِّرًا وَفِي الشَّفْعِ وَهُوَ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ ثَانِيهَا بِمِثْلِهِ فَيَكُونُ فِيهِ مُحْدِثًا إنْ اعْتَادَ تَجْدِيدًا وَحِينَئِذٍ يَكُونُ فِيمَا بَعْدَ الْفَجْرِ مُتَطَهِّرًا فَإِنْ لَمْ يَعْتَدْهُ كَانَ مُتَطَهِّرًا فِيمَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَفِيمَا بَعْدَهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَبْلَ الْمَغْرِبِ كَانَ مُتَطَهِّرًا أَخَذَ فِي الْوِتْرِ وَهُوَ مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ بِضِدِّهِ فَيَكُونُ مُحْدِثًا إنْ اعْتَادَ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ فِيمَا قَبْلَ الْفَجْرِ مُتَطَهِّرًا وَفِيمَا بَعْدَهُ مُحْدِثًا فَإِنْ لَمْ يَعْتَدْ كَانَ قَبْلَ الْعِشَاءِ مُتَطَهِّرًا وَكَذَا قَبْلَ الْفَجْرِ.
وَكَذَا بَعْدَهُ إذْ الظَّاهِرُ تَأَخُّرُ طُهْرِهِ عَنْ حَدَثِهِ فِي الْجَمِيعِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَخْذَ بِالضِّدِّ تَارَةً وَبِالْمِثْلِ أُخْرَى إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا عَلِمَ الْحَدَثَ دُونَ مَا إذَا عَلِمَ الطُّهْرَ وَهُوَ لَا يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِالْمِثْلِ فِي الْمَرَاتِبِ كُلِّهَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ وَبِهِ يَتَّضِحُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: عَكْسُ مَا مَرَّ) هَذَا خَاصٌّ بِمَنْ كَانَ قَبْلَ الْأَوَّلَيْنِ مُحْدِثًا مُطْلَقًا أَوْ مُتَطَهِّرًا وَهُوَ يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ، أَمَّا الْمُتَطَهِّرُ الَّذِي لَا يَعْتَادُهُ فَإِنَّمَا يَأْخُذُ بِالْمِثْلِ وَلَا عَكْسَ فِيهِ (قَوْلُهُ: إلَّا ظَنَّ الطُّهْرِ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ إلَّا فِي طَرَفِ الطَّهَارَةِ فَإِنَّهُ لَوْ ظَنَّهَا بَعْدَ تَيَقُّنِ الْحَدَثِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهَا. اهـ. قَالَ الْإِمَامُ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا غَرِيبٌ بَعِيدٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ حَقِيقٌ) ؛ لِأَنَّهُ تُحُقِّقَ قَوْلَ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَمْ أَرَ هَذَا لِغَيْرِ الرَّافِعِيِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَصْحَابَ سَوَّوْا إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ هُنَا قَالَ أَصْحَابُنَا وَسَوَاءٌ فِي الشَّكِّ اسْتَوَى الِاحْتِمَالَانِ عِنْدَهُ أَوْ رَجَحَ أَحَدُهُمَا فَالْحُكْمُ سَوَاءٌ وَقَدْ قَدَّمْت بَيَانَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي بَابِ الشَّكِّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ. اهـ. وَقَالَ هُنَاكَ اعْلَمْ أَنَّ مُرَادَ الْفُقَهَاءِ بِالشَّكِّ فِي الْمَاءِ وَالْحَدَثِ وَالنَّجَاسَةِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهَا هُوَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ وُجُودِ الشَّيْءِ وَعَدَمِهِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّرَفَانِ فِي التَّرَدُّدِ سَوَاءً أَوْ أَحَدُهُمَا رَاجِحًا فَهَذَا مَعْنَاهُ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ، وَأَمَّا أَصْحَابُ الْأُصُولِ فَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فَقَالُوا التَّرَدُّدُ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ إنْ كَانَ عَلَى السَّوَاءِ فَهُوَ الشَّكُّ وَإِلَّا فَالرَّاجِحُ ظَنٌّ، وَالْمَرْجُوحُ وَهْمٌ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِبَارَةُ م ر وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ هُنَا وَفِي مُعْظَمِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ قَالَ ع ش أَشَارَ بِقَوْلِهِ مُعْظَمِ إلَى أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فِي أَبْوَابٍ مِنْهَا بَابُ الْإِيلَاءِ وَحَيَاةِ الْحَيَوَانِ الْمُسْتَقِرَّةِ وَالْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ وَالْأَكْلِ مِنْ أَمْوَالِ الْغَيْرِ وَرُكُوبِ الْبَحْرِ لِلْحَاجِّ وَالْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ. اهـ. وَلْيُنْظَرْ مُرَادُهُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّرْحَ احْتَرَزَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ هُنَا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ النَّوَوِيِّ فِي الْمَجْمُوعِ إذَا تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ هَلْ تَطَهَّرَ أَمْ لَا؟ فَيَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِذَا تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ بَنَى عَلَى يَقِينِ الطَّهَارَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَسَوَاءٌ فِي الشَّكِّ اسْتَوَى الِاحْتِمَالَانِ عِنْدَهُ أَوْ رَجَحَ أَحَدُهُمَا. اهـ. وَكَتَبَ الْأَذْرَعِيُّ بِخَطِّهِ عَلَى قَوْلِهِ وَسَوَاءٌ إلَخْ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ إلَّا فِي طَرَفِ الطَّهَارَةِ فَإِنَّهُ لَوْ ظَنَّهَا بَعْدَ تَيَقُّنِ الْحَدَثِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهَا وَهَذَا غَرِيبٌ بَعِيدٌ. اهـ. وَأَنْتَ تَرَى هَذَا الْكَلَامَ لَا يَقْبَلُ هَذَا التَّأْوِيلَ الَّذِي نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ بَعْضِهِمْ. اهـ.
وَفِي ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ إنْ كَانَ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَدْ يُعْمَلُ بِظَنِّ الطُّهْرِ فَقَدْ يَسْلَمُ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْتَدِ التَّجْدِيدَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِالطُّهْرِ حَيْثُ لَمْ يَتَذَكَّرْ مَا قَبْلَ حَدَثِهِ وَطُهْرِهِ الْوَاقِعَيْنِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ دَائِمًا فَمَمْنُوعٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ غَيْرَهُ يَأْخُذُ بِالطُّهْرِ مُطْلَقًا) ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَهُمَا مُحْدِثًا فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ كَمَا سَبَقَ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَهُمَا مُتَطَهِّرًا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِالطُّهْرِ
وَعَدَمِهِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي مِنْهَاجِهِ وَتَحْقِيقِهِ وَصَحَّحَ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَالْوَسِيطِ وُجُوبَ الْوُضُوءِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ بَطَلَ يَقِينًا وَمَا بَعْدَهُ مُتَعَارِضٌ وَلَا بُدَّ مِنْ طُهْرٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَظْنُونٍ وَاخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ: فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ الصَّحِيحُ عِنْدَ جَمَاعَاتٍ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا؛ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ لِذَهَابِ الْأَكْثَرِينَ إلَيْهِ.
(وَيَمْنَعُ) أَيْ: الْحَدَثُ الْمُحْدِثَ الْبَالِغَ وَغَيْرَهُ (الصَّلَاةَ) إجْمَاعًا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» وَمِنْهَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَفِي مَعْنَاهَا خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَأَمَّا سُجُودُ عَوَامِّ الْفُقَرَاءِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ فَحَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ بِالطُّهْرِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَيُخْشَى أَنْ يَكُونَ كُفْرًا وقَوْله تَعَالَى {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} [يوسف: 100] مَنْسُوخٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ (كَالتَّطَوُّفِ) أَيْ: كَمَا يَمْنَعُ الْحَدَثُ الطَّوَافَ (بِالْبَيْتِ)«؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ لَهُ وَقَالَ: لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِخَبَرِ «الطَّوَافُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إلَّا بِخَيْرٍ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (وَ) يَمْنَعُ (الْبَالِغَ) وَلَوْ كَافِرًا (حَمْلَ الْمُصْحَفِ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ مَسِّهِ الْمَمْنُوعِ مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي.
(وَ) حَمْلَ (لَوْحِهِ) أَيْ: الْمُصْحَفِ بِمَعْنَى الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُ أُثْبِتَ فِيهِ لِلتَّعَلُّمِ مِنْهُ كَالْمُصْحَفِ (وَ) يَمْنَعُ (قَلْبَهُ) أَيْ: الْبَالِغَ (أَوْرَاقَهْ) أَيْ الْمُصْحَفِ بِعُودٍ أَوْ نَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْحَمْلِ لِانْتِقَالِ الْوَرَقِ بِفِعْلِ الْقَالِبِ مِنْ جَانِبٍ إلَى آخَرَ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ حِلَّهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَمْلٍ وَلَا فِي مَعْنَاهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ إنَّهُ إنْ كَانَتْ الْوَرَقَةُ قَائِمَةً فَمَيَّلَهَا بِالْعُودِ أَوْ وَضَعَ طَرَفَهُ عَلَيْهَا لَمْ يَحْرُمْ وَإِلَّا حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ حَامِلٌ وَيُنَزَّلُ الْكَلَامَانِ عَلَى هَذَا وَلَوْ لَفَّ كُمَّهُ عَلَى يَدِهِ وَقَلَّبَ بِهِ حَرُمَ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِهِ وَلَهُ حُكْمُ أَجْزَائِهِ فِي مَنْعِ السُّجُودِ عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْعُودِ وَنَحْوِهِ قَالَ الْإِمَامُ؛ وَلِأَنَّ الْقَلْبَ يَقَعُ بِالْيَدِ بِالْكُمِّ (وَ) يَمْنَعُ (مَسَّهُ) أَيْ: مَسَّ كُلٍّ مِنْ الْمُصْحَفِ وَاللَّوْحِ وَلَوْ لِلْبَيَاضِ الْمُتَخَلِّلِ وَالْحَوَاشِي وَبِغَيْرِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَيْ: الْحَدَثُ) أَيْ: الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ لَا الْمَنْعُ وَإِلَّا كَانَ الْمَعْنَى وَيَمْنَعُ الْمَنْعُ لَكِنْ يُسْتَثْنَى دَائِمُ الْحَدَثِ وَالْمُتَيَمِّمُ وَكَذَا فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) أَيْ: فِي الْجُمْلَةِ إنْ أُرِيدَ بِالْحَدَثِ الْمَعْهُودُ بِخِلَافِ إذَا أُرِيدَ بِهِ الْجِنْسُ (قَوْلُهُ: مَنْسُوخٌ إلَخْ) قَدْ يُغْنِي عَنْ الْجَوَابِ عَنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ شَرْعَنَا (قَوْلُهُ: الْمَنْطِقَ) أَيْ: النُّطْقَ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْقُرْآنِ) فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ (قَوْلُهُ: وَيُنَزَّلُ الْكَلَامَانِ إلَخْ) هُوَ ظَاهِرٌ لَكِنْ يَطْرُقُهُ أَنَّ إمَالَتَهَا بِالْعَوْدِ إذَا كَانَتْ وَاقِفَةً تُسَمَّى إمَالَةً لَا قَلْبًا
بِرّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِهِ إلَخْ) مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ قَدْ يُؤْخَذُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَلَبَ بِكُمِّهِ الْمَلْفُوفِ الزَّائِدِ عَنْ يَدِهِ لَا بِيَدِهِ مِنْ وَرَاءِ كُمِّهِ وَإِلَّا فَالْقَلْبُ حِينَئِذٍ بِيَدِهِ بِحَائِلٍ وَهِيَ جُزْؤُهُ حَقِيقَةً لَا فِي حُكْمِ جُزْئِهِ لَكِنْ قَدْ يُخَالِفُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ: إذْ قَدْ يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ الْقَلْبُ بِالْيَدِ مِنْ وَرَاءِ كُمِّهِ (قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ مَسُّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَمَسُّ مُصْحَفٍ وَوَرَقِهِ وَجِلْدِهِ وَظَرْفٍ مَنْسُوبٍ وَلَوْ مِنْ وَرَاءِ ثَوْبِهِ أَوْ فَقْدِ الطَّهُورَيْنِ كَحَمْلِهِ لَا فِي أَمْتِعَةٍ اهـ
ــ
[حاشية الشربيني]
فَقَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ أَيْ فِي بَيَانِ حُكْمِ الشِّقَّيْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَتَحْقِيقِهِ) تَصْحِيحُهُ فِيهِ بِتَقْدِيمِهِ ثُمَّ قَالَ وَقِيلَ يَجِبُ الْوُضُوءُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ بَطَلَ يَقِينًا) هَذَا خَاصٌّ بِالْمُتَطَهِّرِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَقَوْلُهُ: وَمَا بَعْدَهُ إلَخْ عَامٌّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَا بَعْدَهُ مُتَعَارِضٌ) لَا تَعَارُضَ مَعَ تَيَقُّنِ الطَّهَارَةِ الَّذِي لَا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَتَوَضَّئُوا) أَيْ فَيَقْبَلُ الصَّلَاةَ الْوَاقِعَةَ بَعْدَهُ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ» . اهـ. (قَوْلُهُ: فَحَرَامٌ إلَخْ) سَوَاءٌ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ أَوْ لَا مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: الطَّوَافُ) سَوَاءٌ كَانَ فِي نُسُكٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ الْبَالِغُ إلَخْ)، أَمَّا غَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَمْ يَجُزْ لِوَلِيِّهِ تَمْكِينُهُ مِنْ الْمُصْحَفِ لِئَلَّا يَنْتَهِكَهُ وَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا فَفِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا جَوَازُ تَمْكِينِهِ مِنْ اللَّوْحِ وَالْمُصْحَفِ فِي الْمَكْتَبِ وَغَيْرِهِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: حَمْلَ الْمُصْحَفِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدَ نَقْلِ التَّحْرِيمِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَعَنْ الْحَكَمِ وَحَمَّادِ بْنِ سُلَيْمَانَ شَيْخِ أَبِي حَنِيفَةَ وَدَاوُد تَجْوِيزَ مَسِّهِ وَحَمْلِهِ. اهـ. وَطَرِيقَتُهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ النَّقْلُ أَنْ يَقُولَ وَعَنْ فُلَانٍ كَذَا وَلَا يَجْزِمْ بِهِ كَمَا نَبَّهَ هُوَ عَلَى ذَلِكَ فِي أَوَائِلِهِ. اهـ. وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ حَكَى ابْنُ الصَّلَاحِ وَجْهًا غَرِيبًا بِعَدَمِ حُرْمَةِ مَسِّ الْمُصْحَفِ مُطْلَقًا وَحَكَى فِي التَّتِمَّةِ وَجْهًا عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا مَسُّ الْكِتَابَةِ فَقَطْ لَا الْهَامِشِ وَلَا مَا بَيْنَ السُّطُورِ. اهـ. وَهَذَا الْأَخِيرُ فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: حَمْلَ الْمُصْحَفِ) وَلَوْ بِعَلَّاقَتِهِ وَحَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمُتَوَلِّي وَجْهًا أَنَّهُ يَجُوزُ حَمْلُهُ بِعَلَّاقَتِهِ وَهُوَ شَاذٌّ فِي الْمَذْهَبِ وَضَعِيفٌ. اهـ. مَجْمُوعٌ وَخَرَجَ بِالْمُصْحَفِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ فَيُكْرَهُ مَسُّهُمَا وَلَوْ لَمْ يُبَدَّلَا عَلَى الْأَصَحِّ لِنَسْخِهِمَا. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: لَفَّ كُمَّهُ عَلَى يَدِهِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَلْفُوفًا عَلَيْهَا فَفِيهِ خِلَافٌ فَيَحِلُّ عِنْدَ الشَّيْخِ الْخَطِيبِ وَيَحْرُمُ عِنْدَ م ر، أَمَّا إذَا لَفَّ غَيْرَ كُمِّهِ مِمَّا لَيْسَ مَلْبُوسًا لَهُ وَقَلَّبَ بِهِ لَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّهُ كَالْعُودِ. اهـ. ق ل وَقَوْلُهُ: لَمْ يَحْرُمْ يُنَزَّلُ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ أَوْ يَكُونُ جَارِيًا عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ النَّوَوِيِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ حُكْمُ أَجْزَائِهِ) يُفِيدُ حُرْمَةَ الْمَسِّ بِهِ وَهُوَ مُفَادُ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ وَشَذَّ الدَّارِمِيُّ
أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] بِمَعْنَى الْمُتَطَهِّرِينَ وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ كَقَوْلِهِ {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: 233] عَلَى قِرَاءَةِ الرَّفْعِ وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى أَصْلِهِ لَزِمَ الْخُلْفُ فِي كَلَامِهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُتَطَهِّرِ يَمَسُّهُ فَإِنْ قُلْت: بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى أَصْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالْقُرْآنِ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ؛ وَبِالْمُطَهَّرُون الْمَلَائِكَةُ سَلَّمْنَا أَنَّهُ بِمَعْنَى النَّهْيِ لَكِنَّهُ مُتَوَجَّهٌ لِلْمَلَائِكَةِ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرْنَا قُلْنَا: الْوَصْفُ بِالتَّنْزِيلِ عَقِبَ الْآيَةِ ظَاهِرٌ فِي الْمُصْحَفِ الَّذِي عِنْدَنَا وَالنَّهْيُ لَا يُمْكِنُ تَوَجُّهُهُ لِلْمَلَائِكَةِ؛ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ مُطَهَّرُونَ فَلَا يَصْدُقُ فِيهِمْ النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ (وَ) يَمْنَعُ مَسَّ (الْجِلْدِ) أَيْ: جِلْدِ الْمُصْحَفِ الْمُتَّصِلِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ؛ وَلِهَذَا يَتْبَعُهُ فِي الْبَيْعِ فَإِنْ انْفَصَلَ عَنْهُ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَيَانِ حِلُّ مَسِّهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ فِي مَطَالِعِ الدَّقَائِقِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حُرْمَةِ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ بِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ أَفْحَشُ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ عُصَارَةِ الْمُخْتَصَرِ لِلْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يَحْرُمُ مَسُّهُ أَيْضًا وَلَمْ يَنْقُلْ مَا يُخَالِفُهُ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ إبْقَاءً لِحُرْمَتِهِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ جُعِلَ ذَلِكَ جِلْدُ كِتَابٍ لَمْ يَحْرُمْ مَسُّهُ قَطْعًا.
(وَ) مَسُّ (الْعِلَاقَهْ) الْمَزِيدَةِ عَلَى الْحَاوِي (وَالظَّرْفِ) مِنْ خَرِيطَةٍ وَصُنْدُوقٍ مُعَدَّيْنِ لِلْمُصْحَفِ وَهُوَ فِيهِمَا إلْحَاقًا لِلثَّلَاثَةِ بِالْجِلْدِ وَإِنْ لَمْ تَتْبَعْ الْمُصْحَفَ فِي بَيْعِهِ وَخَرَجَ بِالْبَالِغِ الصَّبِيُّ فَلَا يُمْنَعُ مِمَّا ذُكِرَ لِحَاجَةِ تَعَلُّمِهِ؛ وَمَشَقَّةِ اسْتِمْرَارِهِ مُتَطَهِّرًا؛ وَمَحَلُّهُ فِي الْمُمَيِّزِ؛ أَمَّا غَيْرُهُ فَعَلَى وَلِيِّهِ وَمُعَلِّمِهِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ لِئَلَّا يَنْتَهِكَ حُرْمَتَهُ وَصَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ مَنْعِ الْمُمَيِّزِ بَيْنَ الْمُحْدِثِ وَالْجُنُبِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُهِمَّاتِ فَقَالَ: وَلَمْ أَجِدْ تَصْرِيحًا فِي تَمْكِينِهِ مِنْ ذَلِكَ حَالَ جَنَابَتِهِ؛ وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهَا نَادِرَةٌ وَحُكْمُهَا أَغْلَظُ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ (لَا)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ) وَتَمَحُّضُ النَّهْيِ يَلْزَمُهُ وُقُوعُ الطَّلَبِ صِفَةً وَهُوَ مُمْتَنِعٌ لَا فَتْحُ السِّينِ، بَلْ هِيَ مَضْمُومَةٌ مَعَ النَّهْيِ أَيْضًا كَمَا نُقِلَ عَنْ سِيبَوَيْهِ ش ع وَقَدْ يُمْنَعُ اللُّزُومُ بِإِمْكَانِ الِاسْتِئْنَافِ (قَوْلُهُ سَلَّمْنَا أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ: إنَّهُ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرْنَا) أَيْ: إنَّ الْمُرَادَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ (قَوْلُهُ: قُلْنَا الْوَصْفُ إلَخْ) جَوَابٌ وَالْمُرَادُ بِالْقُرْآنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالنَّهْيُ إلَخْ) جَوَابٌ لَكِنَّهُ مُتَوَجَّهٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يُمْكِنُ تَوَجُّهُهُ لِلْمَلَائِكَةِ إلَخْ) لَا يُقَالُ يُمْكِنُ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ تَوَجُّهُ النَّفْيِ لِلْأَعَمِّ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَحِينَئِذٍ يَصْدُقُ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فَالنَّفْيُ بِاعْتِبَارِ غَيْرِ الْمَلَائِكَةِ وَالْإِثْبَاتُ بِاعْتِبَارِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْمُطَهَّرُونَ بِالذَّاتِ طَهَارَةً لَا تَزُولُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا فَائِدَةَ فِي مَنْعِ غَيْرِ الْمَلَائِكَةِ مَعَ عَدَمِ إمْكَانِهِ مَسَّهُمْ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ) الْمُفَادَانِ بِالْحَصْرِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إلَخْ) وَالْمُتَّجَهُ عَلَى هَذَا صِحَّةُ بَيْعِهِ لِلْكَافِرِ مَعَ الْحُرْمَةِ، أَمَّا صِحَّتُهُ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ مُصْحَفًا وَلَا قُرْآنًا وَلَا جَزْءَ قُرْآنٍ حَقِيقَةً، وَأَمَّا الْحُرْمَةُ فَلِتَعْرِيضِهِ لِمَسِّ الْكَافِرِ إيَّاهُ مَعَ الْحَدَثِ وَهُوَ لَهُ حُكْمُ الْمُصْحَفِ فِي حُرْمَةِ الْمَسِّ م ر (قَوْلُهُ: إنَّهُ الْأَصَحُّ) م ر (قَوْلُهُ: وَالْعَلَّاقَةِ) يَنْبَغِي أَنَّ عَلَّاقَةَ اللَّوْحِ كَعَلَّاقَةِ الْمُصْحَفِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُمْنَعُ مِمَّا ذُكِرَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُمْنَعُ صَبِيٌّ أَيْ: لَا يَجِبُ مَنْعُهُ لِيُوَافِقَ قَوْلَ الْأَصْلِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ وَالْمُعَلِّمِ مَنْعُ الصَّبِيِّ إلَخْ فَيُفِيدُ جَوَازَ مَنْعِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ يُنْدَبُ مَنْعُهُ اهـ
(قَوْلُهُ: لِحَاجَةِ تَعَلُّمِهِ) وَقَوْلُ ابْنِ الْعِمَادِ وَقَضِيَّةُ هَذَا حُرْمَةُ مَسِّهِ لِلتَّبَرُّكِ وَهُوَ بَاطِلٌ بَلْ لَا فَرْقَ كَمَا اقْتَضَاهُ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ مِنْ حَمْلِهِ لِلدِّرَاسَةِ وَالتَّبَرُّكِ وَنَقْلِهِ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان مَرْدُودٌ نَقْلًا وَتَوْجِيهًا نَعَمْ الظَّاهِرُ أَنَّ حَمْلَهُ مِنْ الْمَكْتَبِ أَوْ إلَيْهِ إذَا احْتَاجَ إلَى أَخْذِهِ مَعَهُ لِخَوْفِ سَرِقَةٍ أَوْ إرَادَةِ قِرَاءَةٍ فِيهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِلتَّعَلُّمِ حِينَئِذٍ جَائِزٌ ش ع (قَوْلُهُ: لِحَاجَةِ تَعَلُّمِهِ) وَإِنْ قَصَدَ مَعَ التَّعَلُّمِ التَّبَرُّكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ فِي الْمُمَيِّزِ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ إرَادَةُ التَّمْيِيزِ الشَّرْعِيِّ وَلَوْ أُرِيدَ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَتَأَتَّى انْتِفَاعُهُ بِهِ وَيُؤْمَنُ انْتِهَاكُهُ لَهُ وَلَوْ نَحْوَ ابْنِ أَرْبَعِ سِنِينَ لَمْ يَبْعُدْ، ثُمَّ رَأَيْت مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُهُ إلَخْ) نَعَمْ يَتَّجِهُ حِلُّ تَمْكِينِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ مِنْهُ لِحَاجَةِ تَعَلُّمِهِ إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ نَحْوِ الْوَلِيِّ لِلْأَمْنِ مِنْ أَنْ يَنْتَهِكَهُ حِينَئِذٍ ج ش ع
ــ
[حاشية الشربيني]
عَنْ الْأَصْحَابِ فَقَالَ إنْ مَسَّهُ بِخِرْقَةٍ أَوْ بِكُمِّهِ فَوَجْهَانِ وَإِنْ مَسَّهُ بِعُودٍ جَازَ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْمُتَطَهِّرِينَ) رَدُّ مَا قِيلَ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ غَيْرَ الْمَلَائِكَةِ لَقَالَ الْمُتَطَهِّرِينَ، وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ يُقَالُ فِي الْمُتَوَضِّئِ مُطَهَّرٌ وَمُتَطَهِّرٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ خَبَرٌ إلَخْ) رَدٌّ لِمَا قِيلَ: إنَّ الْمُرَادَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ وَلِذَا قَالَ يَمَسُّهُ بِضَمِّ السِّينِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْإِخْبَارُ عَنْ الْمَلَائِكَةِ وَلَوْ كَانَ الْمُصْحَفَ لَقَالَ يَمَسَّهُ بِفَتْحِ السِّينِ عَلَى النَّهْيِ، وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ اهـ وَقَوْلُهُ: لَقَالَ يَمَسَّهُ بِفَتْحِ السِّينِ فِيهِ أَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ سِيبَوَيْهِ الضَّمُّ مَعَ النَّهْيِ وَأَجَازَ غَيْرُهُ الْفَتْحَ قِيَاسًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ فِي الْمُصْحَفِ) فَلَا يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ صَحِيحٍ صَرِيحٍ مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: وَمَسُّ الْجِلْدِ) وَكَذَا حَمْلُهُ مُتَّصِلًا وَمُنْفَصِلًا مَا دَامَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ فَإِنْ انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَوْ جُعِلَ جِلْدًا لِغَيْرِهِ وَإِنْ بَقِيَتْ جَازَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَمَسَّ الْعَلَّاقَةِ إلَخْ) وَإِنْ طَالَتْ مَا لَمْ تَفْرِطْ فِي الطُّولِ وَإِلَّا جَازَ مَسُّ الزَّائِدِ ق ل (قَوْلُهُ: مِنْ خَرِيطَةٍ وَصُنْدُوقٍ) أَيْ إنْ عُدَّا لَهُ وَكَانَا لَائِقَيْنِ بِهِ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ وَإِنْ عُدَّا لَهُ ق ل وَنَقَلَ زي عَنْ م ر حُرْمَةَ مَسِّ الْكُرْسِيِّ وَنَقَلَ عَنْهُ سم عَدَمَهَا قَالَ ق ل وَلِي بِهِ أُسْوَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَحْرُمُ مَسُّ الْمُحَاذِي لَهُ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ وَلَعَلَّهُ
مَسَّ كُتُبِ (فِقْهٍ) وَنَحْوِهِ كَحَدِيثٍ وَقِرَاءَاتٍ (وَنَقْدَيْنِ) وَثَوْبٍ وَحَائِطٍ وَطَعَامٍ فِيهَا قُرْآنٌ؛ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ دُونَهُ نَعَمْ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ: يُكْرَهُ مَسُّهَا. قَالَ النَّوَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِالنَّقْدَيْنِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالدَّرَاهِمِ (وَلَا) مَسُّ (تَفْسِيرِهِ) أَيْ: الْقُرْآنِ وَإِنْ تَمَيَّزَتْ أَلْفَاظُهُ لِمَا مَرَّ آنِفًا وَكَلَامُهُ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي الْحِلَّ إذْ كَانَ الْقُرْآنُ أَكْثَرَ مِنْ التَّفْسِيرِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ لَكِنْ؛ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَوَّلِ إنَّهُ مُنْكَرٌ بَلْ الصَّوَابُ الْقَطْعُ بِالتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ مُصْحَفًا فَفِي مَعْنَاهُ وَبِهَذَا صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ؛ وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَهُوَ قِيَاسُ اسْتِوَاءِ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ قَوْلَ التَّحْقِيقِ وَالْأَصَحُّ حِلُّ حَمْلِهِ فِي تَفْسِيرٍ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ الْقُرْآنِ يَقْتَضِي الْقَطْعَ بِالتَّحْرِيمِ فِيهِ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَإِذَا لَمْ يَحْرُمْ مَسُّهُ كُرِهَ (وَالْكَتْبَ عَنْ مَسٍّ خَلَا) أَيْ: وَلَا يَمْنَعُ الْحَدَثُ كَتْبَ الْقُرْآنِ إذَا خَلَا الْمَكْتُوبُ عَنْ مَسٍّ وَحَمْلٍ وَقَوْلُهُ عَنْ مَسٍّ خَلَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: (وَ) لَا يَمْنَعُ (الْحَمْلَ) لِلْمُصْحَفِ (فِي الْمَتَاعِ) إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُصْحَفُ مَقْصُودًا بِالْحَمْلِ لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ بِتَعْظِيمِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَقْصُودًا بِالْحَمْلِ وَلَوْ مَعَ الْمَتَاعِ (أَوْ آيَاتِ قِرَاءَةً نُسِخْنَ) بِنَصَبِ قِرَاءَةٍ بِالتَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ أَيْ: وَلَا يَمْنَعُ حَمْلَ آيَاتٍ مِنْ الْقُرْآنِ نُسِخَتْ قِرَاءَتُهَا أَيْ: تِلَاوَتُهَا سَوَاءٌ نُسِخَتْ حُكْمًا أَيْضًا أَمْ لَا. بِخِلَافِ مَا إذَا نُسِخَتْ حُكْمًا فَقَطْ فَإِنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى الْمَنْعِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُغْنِي عَمَّا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) لَا يَمْنَعُ حَمْلَ (التَّوْرَاةِ) وَالْإِنْجِيلِ وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّهَا مُبَدَّلَةٌ مَنْسُوخَةٌ.
قَالَ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ ظَنَّ أَنَّ فِيهَا غَيْرَ مُبَدَّلٍ كُرِهَ مَسُّهُ قَالَ: فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ خَافَ عَلَى الْمُصْحَفِ مِنْ غَرَقٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ نَجَسٍ أَوْ كَافِرٍ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ التَّطَهُّرِ وَجَبَ أَخْذُهُ صِيَانَةً لَهُ وَتَحْرُمُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ بِنَجِسٍ وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُتَطَهِّرِ نَجَاسَةٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهَا فَمَسَّ الْمُصْحَفَ بِمَوْضِعِهَا حَرُمَ أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَا. قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَكِنَّهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلَا مَسُّ تَفْسِيرِهِ) حَيْثُ جَازَ مَسُّ التَّفْسِيرِ فَأَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْحَمْلِ بِالْجُمْلَةِ فَيَجُوزُ حَمْلُهُ إذَا كَانَ جُمْلَةُ التَّفْسِيرِ أَكْثَرَ وَفِي الْمَسِّ بِالْمَوْضِعِ الْمَمْسُوسِ فَيَحْرُمُ مَسُّ آيَةٍ فِي وَرَقَةٍ تَفْسِيرُهَا أَكْثَرُ وَمَسُّ تَفْسِيرٍ فِي وَرَقَةٍ قُرْآنُهَا أَكْثَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَأَفْتَى فِيمَا لَوْ جُمِعَ مُصْحَفٌ مَعَ كِتَابٍ فِي جِلْدٍ وَاحِدٍ بِأَنَّ حُكْمَ حَمْلِهِ حُكْمُ حَمْلِ الْمُصْحَفِ مَعَ الْمَتَاعِ، وَأَمَّا مَسُّهُ فَالْعِبْرَةُ بِجِهَةِ الْمُصْحَفِ فَيَحْرُمُ لَمْسُ جَانِبِ الْجِلْدِ الَّذِي فِي جِهَةِ الْمُصْحَفِ وَيَجُوزُ مَسُّ جَانِبِ الْجِلْدِ الَّذِي فِي جِهَةِ الْكِتَابِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ جُعِلَ بَيْنَ كِتَابَيْنِ وَجَعَلَ لِلثَّلَاثَةِ جِلْدًا وَاحِدًا جَوَازُ مَسِّ جِهَتَيْ الْجِلْدِ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى، وَأَمَّا الْأَسْفَلُ فَيَحْرُمُ مَسُّ مَا يُحَاذِي مِنْهُ الْمُصْحَفَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَمَيَّزَتْ أَلْفَاظُهُ إلَخْ) فِي هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ مَسِّ آيَاتِ الْقُرْآنِ إذْ لَوْ اخْتَصَّ الْجَوَازُ بِمَسِّ كَلِمَاتِ التَّفْسِيرِ لَكَانَ الْأَنْسَبَ فِي الْمُبَالَغَةِ، وَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ أَلْفَاظُهُ فَتَأَمَّلْهُ فَفِيهِ دِقَّةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُمْنَعُ الْحَمْلُ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنَّ الْمُرَادَ حَمْلٌ لَا مَسَّ مَعَهُ لِلْمُصْحَفِ وَلَوْ بِحَيْلُولَةِ الْمَتَاعِ، أَمَّا حَمْلٌ فِيهِ ذَلِكَ فَلَا وَجْهَ إلَّا تَحْرِيمُهُ إذْ حُرْمَةُ الْمَسِّ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَعَ حَائِلٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُصْحَفُ مَقْصُودًا) يَدْخُلُ فِيهِ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ الْحِلُّ فِيمَا إذَا حَمَلَ حَامِلَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ
اهـ وَفِي إطْلَاقِهِ وَقْفَةٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ حِينَئِذٍ ش ع وَيُتَّجَهُ جَوَازُ حَمْلِ الْحَامِلِ وَإِنْ قَصَدَ الْمُصْحَفَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ حَامِلًا لَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِقَصْدِ مَا لَا يَصْلُحُ قَصْدُهُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْمَتَاعِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ الْحِلَّ فِيمَا إذَا قَصَدَهُمَا اهـ (قَوْلُهُ: وَجَبَ أَخْذُهُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ خَافَ ضَيَاعَهُ لَا يَجِبُ
ــ
[حاشية الشربيني]
لِأَنَّهُ مَاسٌّ لِلْمُصْحَفِ بِحَائِلٍ. اهـ. ق ل أَيْضًا.
وَخَرَجَ بِكُرْسِيِّ الْمُصْحَفِ كُرْسِيُّ الْقَارِئِ فَلَا يَحْرُمُ مَسُّهُ نَعَمْ الدَّفَّتَانِ الْمُنْطَبِقَتَانِ عَلَى الْمُصْحَفِ يَحْرُمُ مَسُّهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الصُّنْدُوقِ الْمُتَقَدِّمِ. اهـ. ق ل أَيْضًا (فَرْعٌ) يَجُوزُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَلَهَا حُكْمُ الْمُصْحَفِ فِي الْمَسِّ وَالْحَمْلِ دُونَ قِرَاءَتِهِ وَيَحْرُمُ جَعْلُ أَوْرَاقِهِ وِقَايَةً لِغَيْرِهِ نَعَمْ لَا يَحْرُمُ الْوِقَايَةُ بِوَرَقَةٍ مَكْتُوبٍ فِيهَا نَحْوُ الْبَسْمَلَةِ ق ل وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ امْتِهَانَهُ أَوْ أَنَّهُ يُصِيبُهَا الْوَسَخُ لَا مَا فِيهَا وَإِلَّا حَرُمَ بَلْ قَدْ يَكْفُرُ سم عَلَى التُّحْفَةِ. اهـ. قَوْلُهُ: (قَوْلُهُ: كَحَدِيثٍ) وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَمَسَّ الْحَدِيثَ إلَّا مُتَطَهِّرًا. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: وَحَائِطٍ) وَيُكْرَهُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ عَلَيْهَا. اهـ. قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ مَسُّ مَوْضِعٍ مِنْ الْحَائِطِ وَلَوْ الْمَكْتُوبَ وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِ حَجَرٍ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَمَّا لَمْ يُقْصَدْ هُنَا لِمَا وُضِعَ لَهُ مِنْ الدِّرَاسَةِ وَالْحِفْظِ لَمْ تَجْرِ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ وَلِذَا حَلَّ أَكْلُ طَعَامٍ وَهَدْمُ جِدَارٍ نُقِشَ عَلَيْهِمَا. اهـ. لَكِنْ فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ لَوْ كُتِبَ الْقُرْآنُ عَلَى نَحْوِ عَمُودٍ مِمَّا لَا بُعْدَ لِلْكِتَابَةِ عُرْفًا لَا يَحْرُمُ إلَّا مَسُّ الْأَحْرُفِ وَحَرِيمُهَا عُرْفًا. اهـ. فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كُتِبَ لِلدِّرَاسَةِ. اهـ. ثُمَّ تَأَمَّلْته فَوَجَدْته إنَّمَا كَتَبَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَمَا كُتِبَ لِدَرْسِ قُرْآنٍ اهـ عَلَيْهِ فَمَا كُتِبَ لِلدِّرَاسَةِ يَحْرُمُ مَسُّ مَوْضِعِهِ وَحَرِيمِهِ عُرْفًا وَلَوْ كَانَ عَلَى جِدَارٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَمَيَّزَتْ أَلْفَاظُهُ) رَدٌّ عَلَى قَوْلٍ يَقُولُ إنْ تَمَيَّزَتْ أَلْفَاظُ الْقُرْآنِ بِحُمْرَةٍ أَوْ نَحْوِهَا حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا اهـ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي الْقَطْعَ إلَخْ) مَشَى عَلَيْهِ م ر وَمَعَ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الْكَثْرَةِ مُتَيَقَّنَةً فَلَوْ شَكَّ فِيهَا حَرُمَ. اهـ. مَعَ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْمَتَاعِ) خَالَفَهُ م ر لَكِنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ الْمَجْمُوعِ يُسَاعِدُ الشَّارِحَ. اهـ.
مَكْرُوهٌ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ بِغَيْرِهِ كَغَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ النَّجَاسَةِ لَا يَتَعَدَّى مَحَلَّهَا بِخِلَافِ الْحَدَثِ وَيَحْرُمُ تَوَسُّدُ مُصْحَفٍ وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الْعِلْمِ قَالَ الْقَاضِي: إلَّا أَنْ يَخَافَ سَرِقَتَهُ؛ وَالصَّوَابُ مَنْعُهُ فِي الْمُصْحَفِ؛ وَإِنْ خَافَ سَرِقَتَهُ وَيَحْرُمُ حَمْلُهُ إلَى بَلَدِ كُفْرٍ إنْ خِيفَ وُقُوعُهُ فِي أَيْدِيهمْ وَيَجُوزُ كَتْبُ آيَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا إلَيْهِمْ فِي أَثْنَاءِ كِتَابٍ وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيمُهُ لِلْكَافِرِ الْمُعَانِدِ وَيُمْنَعُ تَعَلُّمَهُ فِي الْأَصَحِّ وَغَيْرُ الْمُعَانِدِ إنْ لَمْ يُرْجَ إسْلَامُهُ لَمْ يَجُزْ تَعْلِيمُهُ وَإِلَّا جَازَ فِي الْأَصَحِّ. .
اهـ.
كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَمَا مُنِعَ مِنْهُ الْمُحْدِثُ تُمْنَعُ مِنْهُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ مَعَ زِيَادَةٍ كَمَا قَالَ: (لِلْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) أَيْ لِأَجْلِهِمَا (زِدْ إنْ تَقْصِدْ قِرَاءَةً) أَيْ: زِدْ الْقِرَاءَةَ أَيْ الْمَنْعَ مِنْهَا وَإِنْ قُلْت إنْ قَصَدَ بِهَا الْحَائِضَ أَوْ النُّفَسَاءَ وَلَوْ كَافِرَةً لِلْإِخْلَالِ بِالتَّعْظِيمِ فَإِنْ لَمْ تَقْصِدْهَا بِأَنْ قَصَدَتْ غَيْرَهَا أَوْ لَمْ تَقْصِدْ شَيْئًا فَلَا مَنْعَ لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قُرْآنًا بِالْقَصْدِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ جَازَ فِيمَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ وَمَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِيهِ لَكِنَّ أَمْثِلَتَهُمْ تُشْعِرُ بِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ كَبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؛ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ وَسُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ؛ وَأَنَّ مَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِي الْقُرْآنِ كَسُورَةِ الْإِخْلَاصِ وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ تُمْنَعُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ تُقْصَدْ بِهِ الْقِرَاءَةُ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو طَاهِرٍ وَالْإِمَامُ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُمْ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ: وَلَا بَأْسَ بِهِ. اهـ وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي إجْرَاءُ هَذَا فِي الْفَتْحِ عَلَى الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُمْ احْتَاطُوا فِي الْمَوْضِعَيْنِ لِلْعِبَادَةِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا إجْرَاءُ الْقِرَاءَةِ عَلَى قَلْبِهَا وَلَوْ بِنَظَرِهَا فِي الْمُصْحَفِ أَوْ تَحْرِيكِ لِسَانِهَا وَهَمْسِهَا بِحَيْثُ لَا تَسْمَعُ نَفْسَهَا بِخِلَافِ إشَارَةِ الْخَرْسَاءِ (وَ) زِدْ لِذَلِكَ أَيْضًا (مُكْثَهَا) أَيْ: مَنْعَهَا مِنْهُ (فِي الْمَسْجِدِ) وَلَوْ مُتَرَدِّدَةً فِيهِ كَالْجُنُبِ بَلْ أَوْلَى بِخِلَافِ الْعُبُورِ لَا تُمْنَعُ مِنْهُ كَالْجُنُبِ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا نَقَلَهَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ النَّصِّ؛ وَأَمَّا
ــ
[حاشية العبادي]
أَخْذُهُ لَكِنْ يَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ تَوَسُّدُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَنْبَغِي جَوَازُ تَوَسُّدِهِ بَلْ وُجُوبُهُ بِهِ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ مِنْ تَلَفٍ أَوْ تَنَجُّسٍ أَوْ كَافِرٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ بِهَا الْحَائِضَ) وَلَوْ مَعَ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَخْ) يُحْتَمَلُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْقُرْآنِ إلَّا بِالْقَصْدِ لَا أَنَّ حَقِيقَةَ الْقُرْآنِ تَنْتَفِي عِنْدَ عَدَمِ الْقَصْدِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ
(قَوْلُهُ: كَمَا حَكَاهُ عَنْهُمْ الزَّرْكَشِيُّ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: هُوَ ضَعِيفٌ يَظْهَرُ لَك ضَعْفُهُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ بِرّ (قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِهِ) يَظْهَرُ لَك ضَعْفُهُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ بِرّ (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي إجْرَاءُ هَذَا) أَيْ: التَّفْصِيلِ الَّذِي قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَمَنْ مَعَهُ (قَوْلُهُ: لِلْعِبَادَةِ) أَيْ: الصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا تَسْمَعُ نَفْسَهَا) كَذَا فِي الْخَادِمِ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا فَكَلَّمَهُ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ نَفْسَهُ لَمْ يَحْنَثْ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِاخْتِلَافِ مُدْرَكِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ
اهـ وَهُوَ نَظَرٌ صَحِيحٌ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ بِرّ (قَوْلُهُ: فِي الْمَسْجِدِ) وَلَوْ مُشَاعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: إنْ خِيفَ وُقُوعُهُ فِي أَيْدِيهمْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ يُمْنَعُ الْكَافِرُ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ اهـ سَوَاءٌ رُجِيَ إسْلَامُهُ أَوْ لَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَتِهِ حَيْثُ أَطْلَقَ هُنَا وَفَصَّلَ فِي جَوَازِ التَّعْلِيمِ وَالتَّعَلُّمِ عَقِبَهُ. اهـ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ سَابِقًا فِي قَوْلِهِ وَلَوْ كَافِرًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْتَ) وَلَوْ حَرْفًا وَاحِدًا حَجَرٌ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ وَفِيهِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ وَلَوْ حَرْفًا وَاحِدًا وَاخْتَارَ ابْنُ الْمُنْذِرِ مَذْهَبَ دَاوُد أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ قِرَاءَةُ كُلِّ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ دَلِيلَ الْمَنْعِ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ وَكَانَ قَدْ كَبِرَ وَأُنْكِرَ مِنْ حَدِيثِهِ وَعَقْلِهِ بَعْضُ النَّكِرَةِ لَكِنَّ الشَّافِعِيَّ أَثْبَتَ الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ جِمَاعِ الطَّهُورِ وَقَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُ الْحَدِيثِ يُثْبِتُونَهُ. اهـ. مَجْمُوعٌ قَالَ م ر الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَهُ مُتَابَعَاتٌ تَجْبُرُ ضَعْفَهُ بَلْ حَسَّنَهُ الْمُنْذِرِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قُرْآنًا) أَيْ حِينَ الْجَنَابَةِ، أَمَّا بِدُونِهَا فَهُوَ قُرْآنٌ أَيْ لَهُ حُكْمُهُ وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِيمَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَخْ) كَانَ مُرَادُهُ بِهِ أَذْكَارَ الْقُرْآنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِهِ) عِبَارَةُ م ر وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِيهِ وَبَيْنَ مَا يُوجَدُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْفَتْحَ عَلَى الْإِمَامِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَصْدِ الْقُرْآنِ وَلَوْ لِمَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِي الْقُرْآنِ. اهـ. قَالَ ع ش وَوَجْهُ التَّأْيِيدِ أَنَّ عَدَمَ تَفْصِيلِهِمْ فِي الْفَتْحِ بَيْنَ مَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِي الْقُرْآنِ وَبَيْنَ مَا يُوجَدُ فِيهِ غَيْرُهُ دَلِيلٌ عَلَى قَبُولِهِ الصَّرْفَ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا وَحَيْثُ قَبِلَهُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ لِانْتِفَاءِ الْقُرْآنِيَّةِ عَنْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: إجْرَاءُ هَذَا إلَخْ) بِأَنْ يُقَالَ لَا يَجِبُ فِي الْفَتْحِ عَلَيْهِ قَصْدُ الْقُرْآنِ إلَّا فِيمَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ، أَمَّا مَا لَا يُوجَدُ إلَّا فِيهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِلْقَصْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ لِغَيْرِ الْقُرْآنِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَسْجِدِ) وَلَوْ مُشَاعًا فَهُوَ كَالْمَسْجِدِ فِي حُرْمَةِ الْمُكْثِ وَنَدْبِ التَّحِيَّةِ دُونَ الِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّ الْمَاكِثَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ خَرَجَ بَعْضُهُ عَنْ الْمَسْجِدِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ سم وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الْمُشَاعِ مَسْجِدًا إلَّا إذَا أَمْكَنَتْ قِسْمَةُ الْأَرْضِ أَجْزَاءً وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ ع ش وَفِي حَجَرٍ عَنْ السُّبْكِيّ إذَا رَأَيْنَا مَسْجِدًا أَيْ صُورَةَ مَسْجِدٍ يُصَلَّى فِيهِ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ وَلَا عَلِمْنَا لَهُ وَاقِفًا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ اسْتِمْرَارَهُ عَلَى حُكْمِ الْمَسَاجِدِ دَلِيلٌ عَلَى وَقْفِهِ كَدَلَالَةِ الْيَدِ عَلَى الْمِلْكِ لَكِنْ
حُرْمَتُهُ عِنْدَ خَوْفِ التَّلْوِيثِ فَلَيْسَ لِخُصُوصِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ بَلْ لِصِيَانَةِ الْمَسْجِدِ عَنْ التَّلْوِيثِ بِالنَّجَسِ وَلِهَذَا يَحْرُمُ أَيْضًا عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ وَسَلِسِ الْبَوْلِ وَنَحْوِهِ وَمَنْ بِهِ جِرَاحَةٌ نَضَّاخَةٌ عِنْدَ خَوْفِ التَّلْوِيثِ وَخَرَجَ بِالْمَسْجِدِ غَيْرُهُ كَمُصَلَّى الْعِيدِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ فَلَا تُمْنَعُ مِنْ الْمُكْثِ فِيهِ.
(كَمُسْلِمٍ أَجْنَبَ) فَزِدْ لِجَنَابَتِهِ الْمَنْعَ مِنْ الْقِرَاءَةِ بِقَصْدِهَا عَلَى مَا تَقَرَّرَ وَمِنْ مُكْثِهِ بِالْمَسْجِدِ؛ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ وَلَا الْحَائِضُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ» وَهُوَ ضَعِيفٌ لَكِنْ لَهُ مُتَابَعَاتٌ تَجْبُرُ ضَعْفَهُ؛ وَشَمِلَ ذَلِكَ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ؛ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ وَيَنْتَقِلُ إلَى الذِّكْرِ كَالْعَاجِزِ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ حِلَّ قِرَاءَتِهَا بَلْ وُجُوبُهَا؛ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَيْهَا؛ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ} [النساء: 43] الْآيَةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: أَيْ: لَا تَقْرَبُوا مَوْضِعَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا عُبُورُ سَبِيلٍ بَلْ فِي مَوْضِعِهَا وَهُوَ الْمَسْجِدُ وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ} [الحج: 40] وَخَرَجَ بِالْمُكْثِ الْعُبُورُ فَجَائِزٌ لِلْآيَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا قُرْبَةَ فِيهِ وَفِي الْمُكْثِ قُرْبَةُ الِاعْتِكَافِ وَمَعَ جَوَازِهِ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَعْبُرَ إلَّا لِحَاجَةٍ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ثُمَّ نَقَلَ كَرَاهَتَهُ بِلَا حَاجَةٍ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالرَّافِعِيِّ وَبِهَا جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لَهُمَا؛ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ؛ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْجَهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَلَا تُمْنَعُ مِنْ الْمُكْثِ فِيهِ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَإِنْ خَافَتْ تَلْوِيثَ نَحْوِ مَدْرَسَةٍ أَيْ وَمُصَلَّى عِيدٍ وَرِبَاطٍ لَمْ يُكْرَهْ أَيْ: عُبُورُهَا قِيلَ أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْحَيْضُ وَإِنْ حَرُمَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ تَنْجِيسُ الْوَقْفِ أَوْ مِلْكُ الْغَيْرِ اهـ (قَوْلُهُ: كَمُسْلِمٍ أَجْنَبَ) أَيْ: مُكَلَّفٍ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ الْجُنُبِ فَيَجُوزُ تَمْكِينُهُ مِنْ الْمُكْثِ فِيهِ وَمِنْ الْقِرَاءَةِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ فَتَاوَى النَّوَوِيِّ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ لَهُ فَتَاوَى أُخْرَى غَيْرَ مَشْهُورَةٍ فَلَا أَثَرَ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فِي الْمَشْهُورِ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ ع ش اهـ وَقَدْ يُقَالُ هَلَّا لَزِمَ الْوَلِيَّ مَنْعُهُ كَسَائِرِ الْمَعَاصِي نَعَمْ يُتَّجَهُ جَوَازُ تَمْكِينِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ لِلتَّعَلُّمِ وَفِي نُكَتِ النَّاشِرِيِّ مَسْأَلَةٌ تُلْقَى مُعَايَاةً فَيُقَالُ رَجُلٌ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِنَوْعٍ مِنْ الذِّكْرِ وَالْقُرْآنِ لِكَوْنِهِ مُحْدِثًا حَدَثًا أَصْغَرَ وَصُورَتُهُ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ اشْتِرَاطُ الطَّهَارَةِ فِيهَا وَقَلَّ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَقَدْ تَفَطَّنَ لَهُ الْجُرْجَانِيُّ فَعَدَّهُ هُنَا فِي كِتَابِ بُلْغَةِ الْمُسَافِرِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ
اهـ وَظَاهِرٌ أَنَّ حُرْمَةَ الذِّكْرِ وَالْقُرْآنِ مَعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ لَيْسَ لِكَوْنِ ذَلِكَ ذِكْرًا وَقُرْآنًا (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ) أَيْ: الْجُنُبَ إلَخْ عِبَارَةُ الْعُبَابِ نَعَمْ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فَقَطْ حَتْمًا فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَيْهَا أَيْ: لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ اللَّازِمَةِ عَلَيْهَا وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مِثْلَهَا فِي ذَلِكَ قِرَاءَةُ آيَةِ الْخُطْبَةِ وَقِرَاءَةُ سُورَةٍ مَنْذُورَةٍ بِأَنْ نَذَرَهَا فِي وَقْتٍ فَفَقَدَ الطَّهُورَيْنِ وَهُوَ قَرِيبٌ وَيُحْتَمَلُ فِي الثَّانِيَةِ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ قَدْ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ جَائِزِ الشَّرْعِ، فَإِنْ قُلْت: يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُ التَّحْقِيقِ لَوْ حُبِسَ بِمَكَانٍ نَجِسٍ حَرُمَ عَلَيْهِ السُّجُودُ بِوَضْعِ الْجَبْهَةِ عَلَيْهِ فَلِمَ أَوْجَبْتُمْ عَلَيْهِ الْفَاتِحَةَ وَحَرَّمْتُمْ عَلَيْهِ السُّجُودَ قُلْت؛ لِأَنَّ مُنَافَاةَ النَّجِسِ لِلصَّلَاةِ أَفْحَشُ مِنْ مُنَافَاةِ الْحَدَثِ لَهَا بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ صَلَّى مَعَ الْخَبَثِ يَقْضِي مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَنْ صَلَّى مَعَ الْحَدَثِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ قِرَاءَةُ مَا زَادَ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَوَطْءُ الْحَائِضِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي التَّيَمُّمِ وَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ بِهِ إلَيْهِ حِينَئِذٍ ج ش ع وَقَوْلُهُ: وَوَطْءُ الْحَائِضِ يُتَأَمَّلُ هَذَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ الْحَائِضَ إذَا انْقَطَعَ دَمُهَا وَفَقَدَتْ الطَّهُورَيْنِ امْتَنَعَ وَطْؤُهَا
(تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُمْ فِي الْفَرْضِ فَقَطْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَتَنَفَّلُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ فِي الْفَرْضِ لِلسَّهْوِ وَلَا لِلتِّلَاوَةِ بِأَنْ لَمْ يُحْسِنْ الْفَاتِحَةَ فَقَرَأَ بَدَلَهَا قُرْآنًا فِيهِ آيَةُ سَجْدَةٍ م ر (قَوْلُهُ: حَلَّ قِرَاءَتُهَا) دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا مِنْ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: قُرْبَةُ الِاعْتِكَافِ) أَيْ: وَالْجُنُبُ لَا يَصْلُحُ لَهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ إلَخْ)
ــ
[حاشية الشربيني]
فِي شَرْحِ م ر لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ الْمَسْجِدِيَّةِ وَلَوْ بِالِاسْتِفَاضَةِ فَحَرِّرْ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ) أَيْ لَهَا دُونَ الْجُنُبِ. اهـ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ: نَضَّاخَةً) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ع ش عَنْ الْمُخْتَارِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ مُكْثِهِ) وَلَا يَحْرُمُ الْغُسْلُ فِيهِ وَإِنْ دَخَلَ لَهُ بِلَا مُكْثٍ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ مُكْثِهِ بِالْمَسْجِدِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمُزَنِيّ وَدَاوُد وَابْنُ الْمُنْذِرِ يَجُوزُ الْمُكْثُ لِلْجُنُبِ فِي الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا أَيْ تَوَضَّأَ أَوْ لَا وَقَالَ أَحْمَدُ إنْ تَوَضَّأَ وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا وَبِأَنَّ الْكَافِرَ يَجُوزُ مُكْثُهُ فَالْمُسْلِمُ أَوْلَى. اهـ. بِلَفْظِهِ وَقَوْلُهُ: يَجُوزُ مُكْثُهُ لَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ بِلَا يُمْنَعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ جَوَازُ الْمُكْثِ لِلْمُسْلِمِ لَا عَدَمُ الْمَنْعِ فَمَذْهَبُهُمْ أَيْضًا جَوَازُ مُكْثِ الْكَافِرِ وَهُوَ خِلَافُ الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ وَإِنْ حَرُمَ (قَوْلُهُ: الْعُبُورُ) بِخِلَافِ التَّرَدُّدِ إلَّا إنْ طَرَأَ لَهُ بَعْدَ الْعُبُورِ قَصْدُ الرُّجُوعِ لِغَرَضٍ اهـ (قَوْلُهُ: إنْ وُجِدَ غَيْرُ تُرَابِ الْمَسْجِدِ) خَالَفَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَقَالَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ وَلَوْ بِتُرَابِ الْمَسْجِدِ الدَّاخِلِ فِي وَقْفِهِ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ. اهـ. وَأَظُنُّهُ سَهْوًا مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَقَعُ وَاجِبًا وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ:
وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ؛ ثُمَّ مَحَلُّ مَنْعِ الْمُكْثِ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ؛ أَمَّا عِنْدَهَا فَلَا مَنْعَ كَمَا لَوْ احْتَلَمَ فِيهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْخُرُوجُ لِخَوْفٍ أَوْ غَلْقِ بَابٍ أَوْ نَحْوِهِ وَيَجِبُ التَّيَمُّمُ إنْ وَجَدَ غَيْرَ تُرَابِ الْمَسْجِدِ كَمَا ذَكَرَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْقَفَّالُ وَالرُّويَانِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ أَصْلِهَا وَلْيَتَيَمَّمْ فَاللَّامُ الْأَمْرِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَيَحْسُنُ أَنْ يَتَيَمَّمَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ حَسَنٌ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ: إنَّ قَوْلَهُ يَحْسُنُ مُصَحَّفٌ عَنْ يَجِبُ أَمَّا تُرَابُ الْمَسْجِدِ وَهُوَ الدَّاخِلُ فِي وَقْفِهِ لَا الْمُجْتَمِعُ مِنْ رِيحٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يَتَيَمَّمُ بِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا تُرَابًا مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ؛ وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ؛ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْقِرَاءَةِ بِشَرْطٍ قَدَّمْتُهُ وَلَا مِنْ الْمُكْثِ بِالْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ كَالْحَرْبِيِّ لَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الضَّمَانَ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ إذَا أَتْلَفَا. نَعَمْ لَيْسَ لِلْكَافِرِ وَلَوْ غَيْرَ
ــ
[حاشية العبادي]
فِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَا مَرَّ فِي الْحَائِضِ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَحَلُّ مَنْعِ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ مَنْ أَجْنَبَ فَتَيَمَّمَ عَنْ الْجَنَابَةِ ثُمَّ أَحْدَثَ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالطَّوَافُ دُونَ الْقِرَاءَةِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فَهَذَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ كَذَا فِي نُكَتِ النَّاشِرِيِّ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُكْثَ كَالْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ) أَيْ الْجُنُبُ هُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ مَنْعِهِ مَعَ الْجَنَابَةِ وَيُتَّجَهُ أَنْ يَأْثَمَ بِكُلٍّ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالْمُكْثِ وَإِنْ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ لَكِنْ قَدْ يُوجَدُ فِي عِبَارَاتِهِمْ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِثْمِ وَيُوَافِقُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ بِشَرْطِهِ إلَّا أَنْ يُخَصَّ بِغَيْرِ الْجُنُبِ وَقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى عَدَمِ الْإِثْمِ بِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام تَكَرَّرَ مِنْهُ إدْخَالُ الْكُفَّارِ الْمَسْجِدَ وَلَوْلَا عَدَمُ الْإِثْمِ لَمَا وَقَعَ ذَلِكَ إذْ لَا يُقَرُّ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَلَا يَأْذَنُ فِيهَا وَبِأَنَّا نُجَوِّزُ لِلْمُسْلِمِ الْإِذْنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ أَثِمُوا لَمَا جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إقْرَارٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ جَوَازَ الْإِقْرَارِ عَلَى الْمَعَاصِي الَّتِي لَا يَعْتَقِدُونَهَا وَالْإِذْنُ فِيهَا يَتَضَمَّنُهَا لِلْمَصْلَحَةِ وَالْحَاجَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ إفْتَاءَ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ بِتَحْرِيمِ إطْعَامِهِمْ وَبَيْعِهِمْ الطَّعَامَ فِي رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ يُخَالِفُ ذَلِكَ
سم (فَرْعٌ) يَجُوزُ لِلْحَائِضِ الذِّمِّيَّةِ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَمْنِ التَّلْوِيثِ لِحَاجَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَاللِّعَانِ م ر (قَوْلُهُ: وَلَا يُمْنَعُ) لَا يَبْعُدُ أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَجِبُ الْمَنْعُ فِيمَا ذُكِرَ لَكِنْ يَجُوزُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ حَاجَةٌ كَإِسْلَامٍ إلَى، وَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ مُسْلِمٌ) فِيهِ أُمُورٌ مِنْهَا أَنَّهُمْ اشْتَرَطُوا الْحَاجَةَ دُونَ الضَّرُورَةِ فَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ دُخُولِ الْكَافِرِ لِتَطْبِيبِ مُسْلِمٍ مَثَلًا مَعَ تَأَتِّي التَّطْبِيبِ بِمُسْلِمٍ أَوْ لِلْمُحَاكَمَةِ عِنْدَ قَاضٍ بِالْمَسْجِدِ مَعَ إمْكَانِ الْمُحَاكَمَةِ عِنْدَ آخَرَ بِغَيْرِهِ وَمِنْهَا هَلْ يُشْتَرَطُ بُلُوغُ الْمُسْلِمِ الْآذِنِ أَوْ يَكْفِي تَمْيِيزُهُ فِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ اشْتِرَاطُ الْبُلُوغِ لِإِلْغَاءِ عِبَارَةِ الصَّبِيِّ وَلِهَذَا لَمْ يَصِحَّ تَأْمِينُهُ فَإِنْ قُلْت: قَدْ اعْتَدُّوا بِإِذْنِ الصَّبِيِّ فِي دُخُولِ دَارٍ وَإِيصَالِ هَدِيَّةٍ قُلْت: قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَدَّ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمَالِكِ الْآذِنِ وَالْمُهْدِي الْمُرْسِلُ وَمَالِكُ الْمَسْجِدِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَمْ يَنُبْ الصَّبِيُّ فِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ تُعْلَمُ نِيَابَتُهُ إيَّاهُ وَمِنْهَا هَلْ يُشْتَرَطُ عَدَالَةُ الْمُسْلِمِ الْآذِنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ
وَيُتَّجَهُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ فَيَصِحُّ إذْنُ الْفَاسِقِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْمَسْجِدِ كَالْعَدْلِ وَمِنْهَا لَوْ أَخْبَرَ الصَّبِيُّ الْكَافِرُ أَنَّ مُسْلِمًا بَالِغًا أَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ اعْتِمَادُهُ إذَا كَانَ مَأْمُونًا كَمَا فِي الْإِذْنِ فِي دُخُولِ الدَّارِ وَإِيصَالِ الْهَدِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: كَالْإِسْلَامِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ أَنْ يَدْخُلَ لِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ وَأَنَّهُ لَوْ جَهِلَ كَيْفِيَّةَ الْإِسْلَامِ فَدَخَلَ لِيَتَعَلَّمَ كَيْفِيَّتَهُ مِنْ عَالِمٍ بِالْمَسْجِدِ لِيَأْتِيَ بِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِلْإِذْنِ كَمَا لَوْ دَخَلَ لِمُحَاكَمَةٍ أَوْ اسْتِفْتَاءٍ فَلْيُتَأَمَّلْ
ــ
[حاشية الشربيني]
غَيْرُ تُرَابِ الْمَسْجِدِ) وَلَوْ مَشْكُوكًا فِي كَوْنِهِ تُرَابَهُ وَهَذَا الشَّرْطُ شَرْطٌ لِلْحِلِّ فَلَوْ تَيَمَّمَ بِتُرَابِهِ صَحَّ عِنْدَ م ر وَحَجَرٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَإِسْلَامِ فَرْعٍ) إذَا أَرَادَ الْكَافِرُ الْإِسْلَامَ فَلْيُبَادِرْ بِهِ وَلَا يُؤَخِّرْهُ لِلِاغْتِسَالِ وَيَحْرُمُ تَحْرِيمًا شَدِيدًا تَأْخِيرُهُ لَهُ وَإِذَا اسْتَشَارَ مُسْلِمًا فِي ذَلِكَ حَرُمَ عَلَى الْمُسْتَشَارِ تَحْرِيمًا شَدِيدًا أَنْ يَقُولَ لَهُ أَخِّرْهُ لِلِاغْتِسَالِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ حَثُّهُ عَلَى الْمُبَادَرَةِ وَلَوْ طَلَبَ كَافِرٌ مِنْهُ يُلَقِّنُهُ الْإِسْلَامَ فَلَمْ يَفْعَلْ أَوْ أَخَّرَ عَرْضَ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ بِلَا عُذْرٍ فَقَدْ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً عَظِيمَةً وَلَا يَكْفُرُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ رَدًّا عَلَى صَاحِبِ التَّتِمَّةِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يَكْفُرُ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَرْضَ بِالْكُفْرِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْقِرَاءَةِ إلَخْ) التَّعْبِيرُ بِلَا يُمْنَعُ يُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي جَوَازِ التَّمْكِينِ، أَمَّا الْإِثْمُ فَنَصُّوا عَلَى أَنَّهُ آثِمٌ وَفِي الْمَجْمُوعِ حَيْثُ ذَكَرَ دَلِيلَ مُجَوِّزِ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ لِلْجُنُبِ قَالَ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْمُشْرِكَ يَمْكُثُ فِي الْمَسْجِدِ فَالْجُنُبُ أَوْلَى، وَأَجَابَ بِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ فَلَا يُكَلَّفُ بِهَا. اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي تَكْلِيفِهِ وَعَدَمِهِ لَا فِي إثْمِهِ وَهَذَا مِنْ بَابِ أَنَّ الْإِنْكَارَ يُرَاعَى فِيهِ عَقِيدَةُ الْفَاعِلِ. اهـ.، وَأَمَّا رَبْطُهُ صلى الله عليه وسلم الْكَافِرَ بِالْمَسْجِدِ فَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ
لِمَصْلَحَةِ
إسْلَامِهِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: مِنْ الْقِرَاءَةِ) بِخِلَافِ مَسِّ
جُنُبٍ دُخُولُ الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ حَاجَةٌ كَإِسْلَامٍ وَسَمَاعِ قُرْآنٍ لَا كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي دُخُولِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ خُصُومَةٌ وَقَدْ قَعَدَ الْحَاكِمُ فِيهِ لِلْحُكْمِ (وَ) زِدْ لِلْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ دُونَ الْجَنَابَةِ (التَّلَذُّذَا) أَيْ: مُنِعَ الرَّجُلُ مِنْهُ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ بِلَا حَائِلٍ (مِنْ سُرَّةٍ لِرُكْبَةٍ) لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ لِآيَةِ {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَمَّا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ: مَا فَوْقَ الْإِزَارِ» .
وَخَصَّ بِمَفْهُومِهِ عُمُومَ خَبَرِ مُسْلِمٍ «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ» ؛ وَلِأَنَّ التَّلَذُّذَ بِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ يَدْعُو إلَى الْجِمَاعِ فَحَرُمَ؛ لِأَنَّ مَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ؛ أَمَّا التَّلَذُّذُ بِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِلَا حَائِلٍ أَوْ بِمَا بَيْنَهُمَا بِحَائِلٍ بِغَيْرِ وَطْءٍ فِي الْفَرْجِ فَجَائِزٌ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ عَائِشَةَ كَانَتْ إحْدَانَا إذَا كَانَتْ حَائِضًا؛ فَأَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَاشِرَهَا أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ ثُمَّ يُبَاشِرَهَا» وَاخْتَارَ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ غَيْرُ الْوَطْءِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ يَجْعَلُهُ مُخَصِّصًا لِمَفْهُومِ خَبَرِ أَبِي دَاوُد (وَدَامَ ذَا) أَيْ مُنِعَ مَا مَرَّ لِلْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجَنَابَةِ (إلَى اغْتِسَالٍ أَوْ بَدِيلٍ) عَنْهُ (بِالثَّرَى) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ: بِالتُّرَابِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الِاغْتِسَالِ أَمَّا فِي غَيْرِ التَّلَذُّذِ فَلِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ لِلْحَدَثِ وَهُوَ بَاقٍ إلَى الطُّهْرِ؛ وَأَمَّا فِيهِ فَلِآيَةِ {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] فَلَوْ لَمْ تَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا فَالْمَنْعُ بَاقٍ بِحَالِهِ؛ وَأَمَّا جَوَازُ الصَّلَاةِ لَهَا بَلْ وُجُوبُهَا كَمَا سَيَأْتِي فَلِحُرْمَةِ الْوَقْتِ فَلَوْ رَأَتْ الْمَاءَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ حَرُمَ التَّلَذُّذُ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ النَّزْعُ بِرُؤْيَتِهَا لَهُ فِي أَثْنَائِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ؛ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ النَّزْعُ بِرُؤْيَتِهِ لِبَقَاءِ طُهْرِهَا لَكِنْ فِيهِ فِي طَبَقَاتِ الْعَبَّادِيُّ وَجْهَانِ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِالْوُجُوبِ (وَ) زِدْ لِلْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَيْضًا (الصَّوْمَ) لِلْإِجْمَاعِ عَلَى مَنْعِهِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ وَيَجِبُ قَضَاؤُهُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ «كُنَّا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ» ؛ وَلِأَنَّهَا تَكْثُرُ فَيَشُقُّ قَضَاؤُهَا بِخِلَافِهِ (وَ) زِدْ لَهُمَا أَيْضًا (الطَّلَاقَ) أَيْ: مَنْعَ الزَّوْجِ مِنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ: فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْرَعْنَ فِيهِ فِي الْعِدَّةِ وَبَقِيَّةُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَا تُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ وَدَامَ الْمَنْعُ مِنْ الصَّوْمِ وَالطَّلَاقِ.
(حَتَّى تَطْهُرَا) أَيْ: الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ أَيْ: يَنْقَطِعَ دَمُهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الصَّوْمِ لِلْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَمِنْ الطَّلَاقِ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بِالِانْقِطَاعِ؛ وَبَقَاءُ الْغُسْلِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَالْجَنَابَةِ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا الْغُسْلُ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ بِنِيَّةِ التَّعَبُّدِ إلَّا أَغْسَالَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهَا وَذَكَرَ بَدَلَ الْغُسْلِ وَمَنْعُ الطَّلَاقِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ هُنَا وَفِي نُسْخَةٍ إلَى اغْتِسَالٍ أَوْ بَدِيلٍ عَنْهُ وَالصَّوْمَ حَتَّى طُهْرِهَا امْنَعَنْهُ. فَزِيَادَةُ الْمَنْعِ سَاقِطَةٌ.
(وَانْدُبْ) لِلْوَاطِئِ الْعَامِدِ الْمُخْتَارِ الْعَالِمِ بِالتَّحْرِيمِ وَالْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ (تَصَدُّقًا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ حَاجَةٌ) فَلَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِ أَحَدٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَعَدَ إلَخْ) وَكَقُعُودِ الْحَاكِمِ قُعُودُ نَحْوِ الْمُفْتِي (قَوْلُهُ: مِنْ سُرَّةٍ لِرُكْبَةٍ)(فَرْعٌ) خُلِقَتْ السُّرَّةُ فِي مَحَلٍّ أَعْلَى مِنْ مَحَلِّهَا الْغَالِبِ كَصَدْرِهِ أَوْ الرُّكْبَةُ أَسْفَلَ مِنْ مَحَلِّهَا الْغَالِبِ فَالْوَجْهُ اعْتِبَارُهُمَا دُونَ مَحَلِّهِمَا الْغَالِبِ فَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِمَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ زَادَ مَا بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ وَلَوْ لَمْ يُخْلَقْ لَهُ سُرَّةٌ أَوْ رُكْبَةٌ قُدِّرَا لَهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ م ر (قَوْلُهُ: مَا فَوْقَ الْإِزَارِ) يُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ بِمَا فَوْقَهُ مَا عَدَاهُ حَتَّى يَشْمَلَ مَا تَحْتَ الرُّكْبَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: بِجَعْلِهِ مُخَصَّصًا إلَخْ) إيضَاحُهُ أَنَّ مَفْهُومَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ فِيهِ عُمُومٌ مِنْ حَيْثُ شُمُولُ الْوَطْءِ وَغَيْرِهِ وَخُصُوصٌ مِنْ حَيْثُ اخْتِصَاصُهُ بِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ وَكَذَا الْحَدِيثُ الثَّانِي مَنْطُوقُهُ عَامٌّ فِيمَا تَحْتَ الْإِزَارِ وَفَوْقَهُ وَخَاصٌّ مِنْ حَيْثُ اخْتِصَاصُ الْإِبَاحَةِ بِمَا عَدَا الْوَطْءَ فَإِذَا جَعَلْت خُصُوصَ كُلٍّ قَاضِيًا عَلَى عُمُومِ الْآخَرِ أَنْتَجَ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ خَاصَّةً هَكَذَا ظَهَرَ لِي فِي إيضَاحِ هَذَا الْمَحَلِّ فَلْيُتَأَمَّلْ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ وَقَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ تَخْصِيصَ عُمُومِ الْحَدِيثِ الثَّانِي بِخُصُوصِ الْأَوَّلِ بِجَعْلِ مَعْنَاهُ إبَاحَةَ مَا عَدَا الْوَطْءَ مُقَيَّدَةٌ بِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ عَلَى هَذَا عُمُومُ تِلْكَ الْإِبَاحَةِ وَقَدْ يُقَالُ خُصُوصُ حَدِيثِ مُسْلِمٍ وَهُوَ تَحْرِيمُ الْوَطْءِ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَفْهُومِ حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَهُوَ تَحْرِيمُ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ مَذْكُورٌ بِحُكْمِهِ فَلَا يُخَصِّصُهُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ (قَوْلُهُ فَزِيَادَةُ الْمَنْعِ) أَيْ: مِنْ الطَّلَاقِ
(قَوْلُهُ: وَانْدُبْ لِلْوَاطِئِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَاطِئُ زَوْجًا أَمْ غَيْرَهُ اهـ وَقَوْلُهُ أَمْ غَيْرَهُ يَشْمَلُ الْأَجْنَبِيَّ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ قَالَ فِي الْعُبَابِ كَالْجَوَاهِرِ دُونَ الْمَرْأَةِ أَيْ:
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمُصْحَفِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالْمَسْجِدِ ظَاهِرٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: التَّلَذُّذُ) أَيْ بِغَيْرِ النَّظَرِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ ق ل ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ أَجَازَهُ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ قَالَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ مَنْعُ الرَّجُلِ إلَخْ)، أَمَّا الْحَائِضُ فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تَسْتَمْتِعَ بِمَا بَيْنَ سُرَّةِ الرَّجُلِ وَرُكْبَتَيْهِ بِغَيْرِ مَسِّهِ بِمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) مَا عَدَا النَّظَرَ بِشَهْوَةٍ (قَوْلُهُ: بِجَعْلِهِ مُخَصِّصًا إلَخْ) رُدَّ بِأَنَّهُ ذِكْرُ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ فَلَا يُخَصِّصْهُ وَفِيهِ أَنَّ جِهَةَ الْخُصُوصِ فِيهِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ وَلَيْسَ ذَلِكَ ذِكْرَ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ فَتَأَمَّلْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بَدِيلٍ عَنْهُ) أَيْ طَهُرَ بَدَلُهُ بِالتُّرَابِ. اهـ.