المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب) كيفية (صلاة المسافر) - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ١

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌(بَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ (النَّجَاسَاتِ) وَإِزَالَتِهَا

- ‌[فَرْعَ وَلَغَ الْكَلْب فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَمْ يَنْقُصْ بِوُلُوغِهِ عَنْ قُلَّتَيْنِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا غَسَلَ فَمَهُ الْمُتَنَجِّسَ فَلْيُبَالِغْ فِي الْغَرْغَرَةِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الِاجْتِهَادِ) فِي الْمِيَاهِ

- ‌[فَرْعٌ الْتَبَسَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّيَاتِ بَلَدٍ أَوْ إنَاءِ بَوْلٍ بِأَوَانِي بَلَدٍ]

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي (الِاسْتِنْجَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْحَدَثِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْغُسْلِ) وَمُوجِبِهِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا]

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌[بَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْأَذَانِ) وَالْإِقَامَةُ:

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الِاسْتِقْبَالِ) لِلْكَعْبَةِ وَلِبَدَلِهَا

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (صِفَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌[فَرْعٌ تَطْوِيلُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ]

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ أَتَى المصلي بِسَبْعِ آيَاتٍ مُتَضَمِّنَةٍ لِلْفَاتِحَةِ بَدَلَهَا]

- ‌[فَرْع لِلْإِمَامِ فِي الْجَهْرِيَّةِ أَرْبَعُ سَكَتَاتٍ وَالدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (شُرُوطِ الصَّلَاةِ) وَمَوَانِعِهَا

- ‌[حُكْمَ الْفِعْلِ الَّذِي مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَبَطَلَتْ بِزِيَادَتِهِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (السَّجَدَاتِ) لِلسَّهْوِ، وَالتِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ

- ‌ مَسَائِلَ يَتَعَدَّدُ فِيهَا سُجُودُ السَّهْوِ صُورَةً لَا حَقِيقَةً

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ صَلَاةِ النَّفْلِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ صَلَاةِ (الْجَمَاعَةِ)

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ جَاءَ وَقْتُ الدُّخُولِ وَحَضَرَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ وَرَجُوا زِيَادَةً]

- ‌[بَيَانِ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ الشَّامِلَ لْإِعَادَةِ الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ إذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ صَالِحُونَ لَهَا]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

الفصل: ‌(باب) كيفية (صلاة المسافر)

الْحَاوِي: وَيَلْحَقُ مُسْرِعًا

(وَ) أَنْ (يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ الْإِمَامُ) خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَلِيَنَالَ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامِ الْإِمَامَةُ لَا تُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْمَأْمُومِ، وَإِذَا نَوَاهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ حُسِبَ لَهُ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ مِنْ حِينِ نَوَى، وَلَا تَنْعَطِفُ نِيَّتُهُ عَلَى مَا سَبَقَ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، (وَإِنْ يُجَمِّعْ) أَيْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ إمَامًا (فَعَلَى الْوُجُوبِ) نِيَّتُهُ لِتَأَكُّدِ شَأْنِ الْجُمُعَةِ بِاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِي صِحَّتِهَا

(وَكَبَّرَ الْمَسْبُوقُ لِلْمَحْسُوبِ) أَيْ لِانْتِقَالِهِ الْمَحْسُوبِ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْإِمَامِ كَانْتِقَالِهِ لِلرُّكُوعِ إذَا أَدْرَكَهُ فِيهِ، (وَلِانْتِقَالِهِ مَعَ الْإِمَامِ) ، وَإِنْ لَمْ يُحْسَبْ لَهُ كَأَنْ أَدْرَكَهُ فِي الِاعْتِدَالِ وَانْتَقَلَ مَعَهُ لِلسُّجُودِ فَيُوَافِقُهُ فِي التَّكْبِيرِ، كَمَا يُوَافِقُهُ فِي التَّشَهُّدِ وَالتَّسْبِيحَاتِ، وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ غَيْرُ الْمَحْسُوبِ إذَا لَمْ يَنْتَقِلْ مَعَ الْإِمَامِ كَأَنْ أَدْرَكَهُ فِي السُّجُودِ أَوْ الرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ الْخُسُوفِ، فَلَا يُكَبِّرُ لِلِانْتِقَالِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتَابِعْهُ فِيهِ، وَلَا هُوَ مَحْسُوبٌ لَهُ

وَقَوْلُهُ (نَدْبًا) مُتَعَلِّقٌ بِكَبَّرَ (وَأَيْضًا) كَبَّرَ نَدْبًا لِانْتِقَالِهِ (عَقِبَ السَّلَامِ) أَيْ سَلَامِ الْإِمَامِ، (إنْ كَانَ ذَاكَ لِلْجُلُوسِ مَوْضِعَهْ) أَيْ إنْ كَانَ عَقِبَ السَّلَامِ مَوْضِعَ جُلُوسِهِ، لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا، كَمَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي ثَالِثَةِ الرُّبَاعِيَّةِ أَوْ ثَانِيَةِ الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَكْبِيرِهِ، لَوْ انْفَرَدَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْضِعَ جُلُوسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ تَكْبِيرِهِ، وَلَا مُتَابَعَةَ (كَحِلِّ مُكْثِهِ) أَيْ كَمَا يَحِلُّ مُكْثُهُ عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ، إنْ كَانَ مَوْضِعَ جُلُوسِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَحِلُّ وَتُبْطِلُ صَلَاتَهُ إنْ طَوَّلَهُ عَمْدًا وَيُسَنُّ أَنْ يَمْكُثَ حَتَّى يُسَلِّمَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ، فَإِنَّهَا مِنْ الصَّلَاةِ بِمَعْنَى أَنَّهَا مِنْ لَوَاحِقِهَا لَا نَفْسِهَا، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْجُمُعَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَقُومَ عَقِبَ الْأُولَى، فَإِنْ قَامَ قَبْلَ تَمَامِهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ

(وَمَا يُدْرِكْ) أَيْ الْمَسْبُوقُ (مَعَهْ) أَيْ مَعَ الْإِمَامِ (كَانَ) الْمُدْرَكُ (لِهَذَا) أَيْ لِلْمَسْبُوقِ (أَوَّلَ الصَّلَاةِ)، وَمَا يَأْتِي بَعْدَ سَلَامِهِ آخِرَ صَلَاتِهِ يُعِيدُ فِيهِ الْقُنُوتَ وَسُجُودَ السَّهْوِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ:«مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» وَتَمَامُ الشَّيْءِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ أَوَّلِهِ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ:«صَلِّ مَا أَدْرَكْت وَاقْضِ مَا سَبَقَك» فَالْقَضَاءُ فِيهِ بِمَعْنَى الْأَدَاءِ لِبَقَاءِ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ، وَأَيْضًا رُوَاةُ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ وَأَحْفَظُ كَمَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ حَتَّى قَالَ أَبُو دَاوُد: إنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ انْفَرَدَ بِهَا ابْنُ عُيَيْنَةَ

(وَ) مَعَ ذَلِكَ (نَدَبُوا السُّورَةَ أَوْ آيَاتِ فِي الْآخَرِينَ) بِالْمَدِّ وَكَسْرِ الْخَاءِ، أَيْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ (بَعْدَ الِانْقِطَاعِ) أَيْ انْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ (لِمُدْرِكٍ) مَعَ الْإِمَامِ (رَكْعَتَيْ الرُّبَاعِيّ) ، لِأَنَّ إمَامَهُ لَمْ يَقْرَأْهَا فِيهِمَا وَفَاتَهُ فَضْلُهَا فَيَتَدَارَكْهَا فِي الْبَاقِيَتَيْنِ، كَسُورَةِ الْجُمُعَةِ الْمَتْرُوكَةِ فِي أُولَى الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ يَقْرَؤُهَا مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَرَأَهَا فِي الْأُولَيَيْنِ لِسُرْعَةِ قِرَاءَتِهِ وَبُطْءِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ، لَمْ يَقْرَأْهَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ

(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

شُرِعَتْ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ تَعَبِ السَّفَرِ، وَهِيَ نَوْعَانِ: الْقَصْرُ وَالْجَمْعُ، وَذَكَرَ فِيهِ الْجَمْعُ بِالْمَطَرِ لِلْمُقِيمِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَجْهُهُ شُمُولُ الْوَاحِدِ وَالْأَكْثَرِ

(قَوْلُهُ حُسِبَ لَهُ إلَخْ) يُفِيدُ عَدَمَ كَرَاهَتِهَا فِي الْأَثْنَاءِ بِخِلَافِ نِيَّةِ الِائْتِمَامِ فِي الْأَثْنَاءِ (قَوْلُهُ وَإِنْ يَجْمَعْ فَعَلَى الْوُجُوبِ) وَكَمَا فِي الْمُعَادَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي مَبْحَثِ الْإِعَادَةِ، وَكَذَا إذَا نَذَرَ صَلَاةً فِي جَمَاعَةٍ وَأَمَّ فِيهَا، وَكَذَا إذَا أَمَّ فِي الْجَمْعِ بِالْمَطَرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ لَيْسَ مَحَلُّ تَكْبِيرِهِ بَعْدَ جُلُوسٍ، وَإِلَّا فَالتَّكْبِيرُ مَطْلُوبٌ لِلْقَائِمِ عَنْ أَيِّ رَكْعَةٍ إلَى مَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ كَمَا يَحِلُّ مُكْثُهُ) أَيْ الْمَسْبُوقِ (قَوْلُهُ قَبْلَ تَمَامِهَا عَمْدًا) أَيْ أَوْ نَسِيَانَا أَوْ جَهْلًا لَمْ يُعْتَدَّ بِقِيَامِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(بَابُ كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

الْإِمَامُ لِحَقِيقَةِ السُّجُودِ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا، «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَاجِدًا، ثُمَّ نَقَعَ سُجُودًا» ، وَاسْتَثْنَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مَا إذَا عُلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ إلَى هَذَا الْحَدِّ لَرَفَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ سُجُودِهِ اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ

(قَوْلُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ) فَإِنَّهُ قِيلَ: بِأَنَّ نِيَّتَهُ الْإِمَامَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ شَاذٌّ مُنْكَرٌ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ

(قَوْلُهُ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ طَوَّلَهُ عَمْدًا) أَيْ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ اهـ م ر. (قَوْلُهُ فَإِنْ قَامَ قَبْلَ إلَخْ) فِي الْإِيعَابِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ تَمَامُ وَاجِبِهِ أَيْ مِنْ الْقِيَامِ عَلَى تَمَامِ وَاجِبِ الْإِمَامِ مِنْ السَّلَامِ، فَهَلْ لَا يَضُرُّ شُرُوعُ الْمَأْمُومِ فِيهِ قَبْلَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي السَّلَامِ: أَوْ يَضُرُّ لِمَا فِيهِ مِنْ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ؟ اهـ شَيْخُنَا ذ

(قَوْلُهُ لِمُدْرِكِ رَكْعَتَيْ الرُّبَاعِيِّ) قَالَ شَيْخُنَا ذ: رحمه الله إنْ أَدْرَكَ الْمَأْمُومُ الْفَاتِحَةَ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ السُّورَةِ لَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْفَاتِحَةِ، وَقَدْ أَدْرَكَهَا، بَلْ يَقْرَأْهَا قَضَاءً فِي أَخِيرَتَيْهِ، فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ السُّورَةِ لِنَحْوِ بُطْءِ قِرَاءَةِ إمَامِهِ قَرَأَهَا أَدَاءً فِيمَا أَدْرَكَهُ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ صَلَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا فِيمَا أَدْرَكَهُ، وَلَوْ نِسْيَانًا لَمْ يَقْضِهَا جَزْمًا لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ مَا أَمْكَنَهُ أَوْ بِعَدَمِ التَّحَفُّظِ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ الْفَاتِحَةَ بِأَنْ سَقَطَتْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا تَبِعَتْهَا السُّورَةُ فِي السُّقُوطِ، فَلَا تُقْضَى جَزْمًا اهـ بِاخْتِصَارٍ

[بَابُ كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]

(بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

ص: 452

وَأَهَمُّهُمَا الْقَصْرُ، وَلِهَذَا بَدَأَ النَّاظِمُ كَغَيْرِهِ بِهِ فَقَالَ:(رُخِّصَ قَصْرُ) ذَاتِ (أَرْبَعٍ فَرْضٍ) مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ إلَى رَكْعَتَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [النساء: 101] الْآيَةَ «قَالَ: يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ قُلْت لِعُمَرَ: إنَّمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: 101] وَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ فَقَالَ: عَجِبْت مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلَوْ أَتَمَّ جَازَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ، فَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَصَرْتَ وَأَتْمَمْتُ وَأَفْطَرْتَ وَصُمْتُ قَالَ: أَحْسَنْتِ يَا عَائِشَةُ» ، وَأَمَّا خَبَرُ «فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ» أَيْ فِي السَّفَرِ فَمَعْنَاهُ لِمَنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِمَا جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ

(خَلَا فَوْتِ) أَيْ فَائِتِ (الْحُضُورِ) فَلَا يَقْصُرُ فِي السَّفَرِ كَالْحَضَرِ وَلِاسْتِقْرَارِ الْأَرْبَعِ فِي ذِمَّتِهِ، وَيُفَارِقُ فَائِتَ الصِّحَّةِ حَيْثُ يَقْضِي فِي الْمَرَضِ مِنْ قُعُودٍ؛ لِأَنَّهُ حَالَةُ ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ السَّفَرِ، وَلِهَذَا يَقْعُدُ لِطُرُوِّ الْمَرَضِ وَلَا يَقْصُرُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْحَضَرِ بِطُرُوِّ السَّفَرِ، (وَ) خَلَا (الَّذِي شَكَّ) فِي أَنَّهُ فَاتَ حَضَرًا أَوْ سَفَرًا فَلَا يَقْصُرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِتْمَامُ، بِخِلَافِ فَائِتِ السَّفَرِ يَقْصُرُ فِيهِ سَوَاءٌ قَضَاهُ فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ أَمْ فِي أُخْرَى، وَخَرَجَ بِذَاتِ الْأَرْبَعِ الْمَغْرِبُ وَالصُّبْحُ فَلَا يُقْصَرَانِ إجْمَاعًا، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «فُرِضَتْ الصَّلَاةُ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً» فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ رَكْعَةٌ مَعَ الْإِمَامِ وَيَنْفَرِدُ بِالْأُخْرَى وَبِالْفَرْضِ النَّفَلُ، وَمِثْلُهُ النَّذْرُ (وَلَا تَقُلْ) كَمَا قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي: إنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ: لَا فَائِتِ الْحَضَرِ أَنَّهُ (أَجَازَ قَصْرَ فَوْتِ) أَيْ فَائِتِ (السَّفَرِ فِي حَضَرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِهِ

(وَهْوَ خِلَافُ الْأَظْهَرِ إذْ قَوْلُهُ) : أَيْ لَا تَقُلْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا بَعْدُ (قَاصِدَ سَيْرٍ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ فِي حَضَرٍ لَا يَقْصُرُ) مُطْلَقًا، لِانْتِفَاءِ الْمُرَخِّصِ عِنْدَ الْفِعْلِ

ثُمَّ ثَنَّى بِالْجَمْعِ فَقَالَ: (وَجَمْعُهُ) أَيْ الْمُصَلِّي (الْعَصْرَيْنِ) تَثْنِيَةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ تَغْلِيبًا، وَغُلِّبَتْ الْعَصْرُ لِخِفَّةِ لَفْظِهَا وَشَرَفِهَا (فِي وَقْتَيْهِمَا) أَيْ تَقْدِيمًا وَقْتَ الظُّهْرِ وَتَأْخِيرًا وَقْتَ الْعَصْرِ (مُرَخَّصٌ) فِيهِ (كَالْحُكْمِ فِي تِلْوَيْهِمَا) أَيْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ أَيْ فِي أَنَّهُمَا يُجْمَعَانِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا

رَوَى أَنَسٌ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتْ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ ثُمَّ رَكِبَ» وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بَعْدَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، وَيَقُولُ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ

وَرَوَى مُعَاذٌ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إذَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَأَهَمُّهَا إلَخْ) قَدْ يُوَجَّهُ أَهَمِّيَّةُ الْقَصْرِ بِأَنَّهُ أَثْبَتُ بِدَلِيلِ جَوَازِهِ أَوْ وُجُوبِهِ عِنْدَ مَنْ مَنَعَ الْجَمْعَ

(قَوْلُهُ خَلَا فَوْتٍ إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنْ يَكُونَ كَفَائِتِ الْحُضُورِ فَائِتُ سَفَرٍ يُمْنَعُ فِيهِ الْقَصْرُ، كَسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ وَسَفَرِ نَحْوِ الْهَائِمِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ فَائِتِ السَّفَرِ) يَقِينًا (قَوْلُهُ إذْ قَوْلُهُ قَاصِدُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَا تَقُلْ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ فَرْضٍ) أَيْ، وَلَوْ بِحَسْبِ الْأَصْلِ فَشَمِلَ صَلَاةَ الصَّبِيِّ وَصَلَاةَ فَاقِدِ الطُّهُورَيْنِ وَالْمُعَادَةَ وُجُوبًا لِغَيْرِ إفْسَادٍ، وَإِنْ كَانَ أَتَمَّ أَصْلَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَصَلَاةِ فَاقِدِ الطُّهُورَيْنِ وَالْمُتَيَمِّمِ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ إذَا وُجِدَ الْمَاءُ، وَشَمِلَ الْمُعَادَةَ نَدْبًا لَكِنْ إنْ قَصَرَ أَصْلَهَا كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا، كَمَا لَوْ شَرَعَ فِيهَا تَامَّةً ثُمَّ أَفْسَدَهَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. وَقَوْلُهُ كَمَا لَوْ شَرَعَ إلَخْ مِثَالٌ لِلْمُعَادَةِ لِإِفْسَادٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَمْثِيلِهِ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَنْوِ قَصْرَ أَصْلِهَا، فَإِنْ نَوَاهُ وَأَفْسَدَهَا قَصَرَ الْمُعَادَةَ اهـ مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ قَصَرْت وَأَتْمَمْت وَأَفْطَرْت وَصُمْت) يَجُوزُ ضَمُّ التَّاءِ الْأُولَى وَفَتْحُ الثَّانِيَةِ فِيهِمَا وَعَكْسُهُ، فَيَكُونُ السَّفَرُ وَقَعَ فِيهِ الْأَمْرَانِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا سَأَلْت مَرَّتَيْنِ كُلَّ مَرَّةٍ عَنْ حَالَةٍ، وَأَنَّهَا سَأَلْت مَرَّةً وَاحِدَةً عَنْ إحْدَاهُمَا فَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيمَا سَأَلْت عَنْهُ مِنْ الْحَالَتَيْنِ لِوُقُوعِهِمَا إنْ كَانَ هُنَاكَ رِوَايَاتٌ، كَذَا فِي الرَّشِيدِيِّ تَأَمَّلْهُ. وَالظَّاهِرُ تَرْكُ قَوْلِهِ وَأَنَّهَا إلَخْ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ خَلَا فَوْتِ الْحُضُورِ) وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُؤَادَّةً يَقِينًا، وَلَوْ مَجَازًا بِأَنْ شَرَعَ فِيهَا بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي السَّفَرِ وَأَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ اهـ ق ل عَنْ م ر. أَوْ فَائِتَةِ سَفَرٍ بِأَنْ أَدْرَكَ بَعْدَ السَّفَرِ زَمَنًا يَسَعُهَا كُلَّهَا أَوْ يَسَعُ رَكْعَةً مِنْهَا، وَأَخْرَجَهَا عَنْ وَقْتِهَا فَيَجُوزُ قَصْرُهَا لِكَوْنِهَا فَائِتَةَ سَفَرٍ كَمَا قَالَهُ م ر خِلَافًا لِلْخَطِيبِ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّهَا عِنْدَهُ فَائِتَةُ حَضَرٍ اهـ ق ل أَيْضًا، وَقَوْلُهُ: أَوْ يَسَعُ رَكْعَةً لَيْسَ بِقَيْدٍ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ مَانِعٌ وَهُوَ مُسَافِرٌ فَزَالَ، وَقَدْ بَقِيَ قَدْرُ تَكْبِيرَةٍ جَازَ قَصْرُهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ فَائِتَةُ سَفَرٍ كَمَا فِي الشَّيْخِ عَوَضٍ عَلَى خ ط تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ إذْ قَوْلُهُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ رُخِّصَ قَصْرُ الْفَرْضِ الرُّبَاعِيِّ لَا فَائِتِ الْحَضَرِ وَالْمَشْكُوكِ فِيهِ، وَجَمْعُ الْعَصْرَيْنِ فِي وَقْتِهِمَا وَالْمَغْرِبَيْنِ كَذَلِكَ إذَا عَبَرَ السُّورَ وَالْعُمْرَانَ وَالْحِلَّةَ وَعَرْضَ الْوَادِي، وَهَبَطَ وَصَعِدَ، وَلَوْ أَخَّرَ الْوَقْتَ إنْ بَقِيَ قَدْرُ

ص: 453

ارْتَحَلَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْعِشَاءِ، وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ عَجَّلَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا مَعَ الْمَغْرِبِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَالسَّفَرُ فِيهَا مَحْمُولٌ عَلَى الطَّوِيلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إخْرَاجُ عِبَادَةٍ عَنْ وَقْتِهَا فَاخْتُصَّ بِالطَّوِيلِ كَالْفِطْرِ، وَالْأَفْضَلُ لِلسَّائِرِ وَقْتَ الْأُولَى تَأْخِيرُهَا إلَى الثَّانِيَةِ وَلِلنَّازِلِ وَقْتَ الْأُولَى تَقْدِيمُ الثَّانِيَةِ إلَيْهَا لِلْأَخْبَارِ الْمَذْكُورَةِ، وَسَكَتُوا عَمَّا إذَا كَانَ سَائِرًا فِيهِمَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ رِعَايَةً لِفَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرِينَ عَكْسُهُ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ، وَلِانْتِفَاءِ سُهُولَةِ جَمْعِ التَّقْدِيمِ مَعَ الْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ، وَخَرَجَ بِالْعَصْرَيْنِ وَتِلْوَيْهِمَا الصُّبْحُ مَعَ غَيْرِهَا وَالْعَصْرُ مَعَ الْمَغْرِبِ فَلَا يُجْمَعَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ، وَيَجُوزُ جَمْعُ الْجُمُعَةِ وَالْعَصْرِ بِالسَّفَرِ تَقْدِيمًا كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ

وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْجَمْعِ تَقْدِيمًا جَمْعُ الْمُتَحَيِّرَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِهَا، وَإِنَّمَا يَقْصُرُ وَيَجْمَعُ (بَعْدَ عُبُورِ السُّورِ) أَيْ مُجَاوَزَتِهِ إنْ سَافَرَ مِنْ بَلَدٍ لَهُ سُورٌ، وَإِنْ كَانَ دَاخِلَهُ مَزَارِعُ وَخَرَابٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْدُودٌ مِنْ الْبَلَدِ بِخِلَافِ الْعُمْرَانِ الَّذِي وَرَاءَ السُّورِ لَا يُعْتَبَرُ عُبُورُهُ وَإِنْ لَاصَقَهُ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مِنْ الْبَلَدِ، وَلِهَذَا يُقَال: مَدْرَسَةُ كَذَا خَارِجَ الْبَلَدِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ: الْأَشْبَهُ اعْتِبَارُ عُبُورِهِ وَإِطْلَاقُ النَّوَوِيِّ فِي الصَّوْمِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ اعْتِبَارَ عُبُورِ الْعُمْرَانِ حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا نَوَى لَيْلًا ثُمَّ سَافَرَ فَلَهُ الْفِطْرُ، إنْ فَارَقَ الْعُمْرَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَإِلَّا فَلَا يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا سَافَرَ مِنْ بَلَدٍ لَا سُورَ لَهَا لِيُوَافِقَ مَا هُنَا، وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ لَمْ يَأْتِ لِلْعِبَادَةِ بِبَدَلٍ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَ) بَعْدَ عُبُورِ (الْعُمْرَانِ) إنْ سَافَرَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ لِلسَّائِرِ إلَخْ) مَعَ نُزُولِهِ وَقْتَ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَلِلنَّازِلِ وَقْتَ الْأُولَى) مَعَ سَيْرِهِ وَقْتَ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَسَكَتُوا عَمَّا إذَا إلَخْ) وَكَذَا عَمَّا إذَا كَانَ نَازِلًا فِيهِمَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الشَّارِحُ لَا هُنَا وَلَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنُّزُولِ فِيهِمَا مَا يَشْمَلُ الْوُقُوفَ عَنْ السَّيْرِ قَدْرَ مَا يَسَعُ الصَّلَاتَيْنِ. (قَوْلُهُ سَائِرًا فِيهِمَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ فِيمَا إذَا كَانَ سَائِرًا فِيهِمَا أَوْ نَازِلًا فِيهِمَا أَنَّ الْأَفْضَلَ جَمْعُ التَّأْخِيرِ، لِلِاتِّفَاقِ عَلَى جَوَازِهِ، وَلِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلْأُولَى فِي غَيْرِ الْعُذْرِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ م ر

(قَوْلُهُ رِعَايَةً لِفَضِيلَةِ الْوَقْتِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ لِفَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَوَجْهُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ أَنَّ الْوَقْتَيْنِ كَوَقْتٍ وَاحِدٍ فِي السَّفَرِ، فَفِعْلُ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ الْأُولَى بِمَنْزِلَةِ فِعْلِ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ ثُمَّ إنْ قِيلَ: مُرَاعَاةُ فَضِيلَةِ الْوَقْتِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى يُعَارِضُهُ أَنَّ فِي التَّأْخِيرِ مُرَاعَاةَ فَضِيلَةِ الْوَقْتِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ رِعَايَةً لِفَضِيلَةِ الْوَقْتِ) أَيْ وَمُسَارَعَةً لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ وَلِانْتِفَاءِ سُهُولَةِ إلَخْ) كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ جَمْعُ التَّقْدِيمِ أَفْضَلَ إذَا كَانَ نَازِلًا وَقْتَ الْأُولَى لِسُهُولَتِهِ، وَقَدْ انْتَفَتْ السُّهُولَةُ إذَا كَانَ سَائِرًا فِي الْوَقْتَيْنِ

(قَوْلُهُ جَمْعُ الْمُتَحَيِّرَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهَا فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ وَكُلُّ مَنْ لَمْ تَسْقُطْ صَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ، وَلَوْ حَذَفَ بِالتَّيَمُّمِ كَانَ أَوْلَى اهـ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّ الْمُتَحَيِّرَةَ إنَّمَا اُسْتُثْنِيَتْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ صِحَّةِ صَلَاتِهَا، وَالصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْمُلْحَقَاتِ تَحَقَّقْنَا صِحَّتَهَا وَلَا يَضُرُّ لُزُومُ قَضَائِهَا

(قَوْلُهُ بِبَدَلٍ) أَيْ فِي الْحَالِ

ــ

[حاشية الشربيني]

رَكْعَةٍ قَاصِدُ سَيْرِ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا ذَهَابًا إلَخْ

(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ جَمْعُ الْجُمُعَةِ إلَخْ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ إلَّا جُمُعَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ كَانَ التَّعَدُّدُ لِحَاجَةٍ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ لَا تُغْنِيهِ عَنْ ظُهْرِهِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ جَمْعُ التَّقْدِيمِ أَيْ جَمْعُ الْعَصْرِ مَعَ الْجُمُعَةِ أَوْ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ جَمْعِ التَّقْدِيمِ ظَنُّ صِحَّةِ الْأُولَى وَهُوَ مُنْتَفٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ بَاطِلَةً، وَعَلَى فَرْضِ صِحَّتِهَا يَلْزَمُ الْفَصْلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْرِ بِالظُّهْرِ فَيَفُوتُ الْوَلَاءُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ بِهَامِشِ اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ تَقْدِيمًا) وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ فِعْلَهَا إلَّا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ الْأَصْلِيِّ اهـ م ر. وَاعْتَمَدَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ جَمْعُ الْمُتَحَيِّرَةِ) مِثْلُهَا فَاقِدُ الطُّهُورَيْنِ وَكُلُّ مَنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَة قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَاعْتَمَدَهُ م ر قَالَ:؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَلَا تُجْزِئُهُ وَفِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ تَقْدِيمٌ لَهَا عَنْ وَقْتِهَا بِلَا ضَرُورَةٍ، وَفِي التَّأْخِيرِ تَوَقُّعُ زَوَالِ الْمَانِعِ اهـ سم اهـ بُجَيْرِمِيٌّ وَخَرَجَ بِجَمْعِ التَّقْدِيمِ جَمْعُ التَّأْخِيرِ فَيَجُوزُ لِمَنْ ذُكِرَ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَمْعِ التَّقْدِيمِ ظَنُّ صِحَّةِ الْأُولَى وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ، بِخِلَافِ التَّأْخِيرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ وَأَنْ لَا يَكُونَ التَّقْدِيمُ بِلَا ضَرُورَةٍ مَعَ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي غَيْرِهَا فِي التَّأْخِيرِ اهـ ع ش. بِزِيَادَةٍ لَكِنْ خَالَفَهُ الْمُحَشِّي وَمِثْلُهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ بَعْدَ عُبُورِ السُّورِ) وَيَلْحَقُ بِهِ تَحْوِيطُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ عَلَيْهَا بِالتُّرَابِ، فَيُعْتَبَرُ مُجَاوَزَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ سُورٌ، وَإِلَّا فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ اهـ مَرْصَفِيٌّ، وَلَوْ وُجِدَ التَّحْوِيطُ بِالتُّرَابِ وَالْخَنْدَقِ فَالْخَنْدَقُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ اهـ. سُلْطَانٌ اهـ. مَرْصَفِيٌّ. (قَوْلُهُ بَعْدَ عُبُورِ السُّورِ) وَلَوْ مُتَهَدِّمًا إنْ بَقِيَتْ لَهُ بَقِيَّةٌ، وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ. (قَوْلُهُ إنْ سَافَرَ مِنْ بَلَدٍ) الْبَلَدُ وَالْبَلْدَةُ كُلُّ قِطْعَةٍ مِنْ الْأَرْضِ مُتَحَيِّزَةٍ عَامِرَةٍ أَوْ غَامِرَةٍ، كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَالْمُسْتَحِيزُ الْمُسْتَحْوِزُ أَيْ الْجَامِعُ، وَفِي الصِّحَاحِ وَالْمِصْبَاحِ قِطْعَةُ أَرْضٍ عَامِرَةٍ أَوْ خَالِيَةٍ، وَفِي غَيْرِهِمَا قِطْعَةُ أَرْضٍ مُخْتَطَّةٍ

(قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ إلَخْ) هَذَا فَرْقٌ لَا أَثَرَ لَهُ؛ لِأَنَّ مَدَارَ الْبَابَيْنِ عَلَى وُجُودِ السَّفَرِ بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِحُصُولِهِ فِيمَا لَهُ سُورٌ بِمُجَاوَزَتِهِ، فَالتَّوَقُّفُ حِينَئِذٍ عَلَى مُجَاوَزَةِ مَا وَرَاءَهُ مِنْ الْعُمْرَانِ لَا مَعْنَى لَهُ. (قَوْلُهُ عُبُورِ الْعُمْرَانِ) حَتَّى لَا يَبْقَى بَيْتٌ مُتَّصِلٌ وَلَا مُنْفَصِلٌ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ عُبُورِ الْعُمْرَانِ) أَيْ خُرُوجِهِ مِنْهُ إنْ سَافَرَ مِنْ دَاخِلِهِ وَخُرُوجِهِ مِنْ مُحَاذَاتِهِ إذَا سَافَرَ فِي جَانِبِهِ، وَسَيْرُ السَّفِينَةِ فِي الْبَحْرِ كَذَلِكَ فَيُشْتَرَطُ خُرُوجُ السَّفِينَةِ مِنْ مُحَاذَاةِ الْعُمْرَانِ لِمَنْ سَافَرَ فِي طُولِ الْبَحْرِ، وَجَرْيُهَا أَوْ جَرْيُ الزَّوْرَقِ إلَيْهَا آخِرَ مَرَّةٍ لِمَنْ سَافَرَ فِي

ص: 454

مِنْ بَلَدٍ لَا سُورَ لَهُ، أَوْ لَهُ سُورٌ فِي بَعْضِهِ وَلَمْ يَكُنْ صَوْبَ مَقْصِدِهِ، وَإِنْ تَخَلَّلَ الْعُمْرَانَ خَرَابٌ أَوْ نَهْرٌ أَوْ مَيْدَانٌ لِيُفَارِقَ مَوْضِعَ الْإِقَامَةِ، وَلَوْ خَرِبَ طَرَفُ الْبَلَدِ وَبَقَايَا الْحِيطَانِ قَائِمَةٌ وَلَا عِمَارَةَ بَعْدَهُ، فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْوَجِيزِ: مَا فِي التَّهْذِيبِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عُبُورُهُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّصِّ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: يُشْتَرَطُ لِعَدِّهِ مِنْ الْبَلَدِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْمُرَادُ بِالسُّورِ السُّورُ الْمُخْتَصُّ بِالْبَلَدِ، وَإِنْ تَعَدَّدَ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ دُونَ السُّورِ الْجَامِعِ لِبِلَادٍ مُتَفَرِّقَةٍ، كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لَا) عُبُورِ (سُورِ بُلْدَانٍ) ، وَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَالْعُمْرَانِ كَانَ أَوْلَى وَكَأَنَّهُ رَاعَى الِاخْتِصَارَ، (وَلَا) عُبُورِ (الْبُسْتَانِ) وَالْمَزَارِعِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْبَلَدِ، وَلَوْ مَحُوطَةً؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُتَّخَذْ لِلْإِقَامَةِ نَعَمْ إنْ كَانَ بِهَا فِيمَا لَا سُورَ لَهُ دُورٌ أَوْ قُصُورٌ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ، وَإِنْ تَخَلَّلَ الْعُمْرَانُ إلَخْ) وَأَمَّا غَيْرُ الْمُتَخَلِّلِ فَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ أَخِيرَ وَقْتِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَالَ: الْعِرَاقِيُّونَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

عَرْضِهِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ سَافَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي طُولِهِ فَلِمَنْ فِي السَّفِينَةِ بَعْدَ جَرْيِ الزَّوْرَقِ آخِرَ مَرَّةٍ أَنْ يَتَرَخَّصَ، وَإِنْ كَانَتْ وَاقِفَةً اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ مِنْ بَلَدٍ لَا سُورَ لَهُ) مَعَ قَوْلِهِ لِيُفَارِقَ مَوْضِعَ الْإِقَامَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْبَلَدَ اسْمٌ لِلْبِنَاءِ، وَمَا تَخَلَّلَهُ مِنْ الْخَرَابِ (قَوْلُهُ لَا سُورَ لَهُ) وَلَا مَا لَحِقَ بِهِ مِنْ التَّحْوِيطِ كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ وَإِنْ تَخَلَّلَ الْعُمْرَانَ خَرَابٌ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: لِأَنَّهُ مَعْدُودٌ مِنْ الْبَلَدِ وَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِهِ هُنَا لِيُفَارِقَ مَوْضِعَ الْإِقَامَةِ الْمُفِيدَ أَنَّ الْخَرَابَ مِنْهُ، وَكُلُّ ذَلِكَ يُفِيدُ دُخُولَهُ فِي مُسَمَّى الْبَلَدِ، وَلِذَا عَلَّلَ الشِّهَابُ حَجَرٌ شُمُولَ اسْمِ الْحِلَّةِ لِلْمَرَافِقِ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهَا وَإِنْ اتَّسَقَتْ مَعْدُودَةٌ مِنْ مَوَاضِعِ إقَامَتِهِمْ اهـ. وَعَلَّلَ ح ل دُخُولَهَا أَيْ الْمَرَافِقِ فِي الْحِلَّةِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهَا مِنْ مُسَمَّاهَا

(قَوْلُهُ وَإِنْ تَخَلَّلَ إلَخْ) فِي الْإِيعَابِ كَأَنْ كَانَ أَحَدُهَا فِي وَسَطِ الْبَلَدِ فَاصِلًا بَيْنَ جَانِبَيْهِ فَيُشْتَرَطُ فِيمَنْ أَنْشَأَ السَّفَرَ مِنْ أَحَدِهِمَا مُفَارَقَةُ الْعُمْرَانِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ بِلَا خِلَافٍ اهـ. مِنْ الْحَوَاشِي الْمَدَنِيَّةِ. (قَوْلُهُ أَيْضًا وَإِنْ تَخَلَّلَ الْعُمْرَانَ خَرَابٌ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَالْخَرَابُ الَّذِي يَتَخَلَّلُ الْعِمَارَاتِ مَعْدُودٌ مِنْ الْبَلَدِ كَالنَّهْرِ بَيْنَ جَانِبَيْهَا اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَإِنْ تَخَلَّلَ الْعُمْرَانَ خَرَابٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أُصُولُ أَبْنِيَةٍ اهـ حَجَرٌ؛ لِأَنَّهُ هُنَا مُتَخَلِّلٌ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ لِيُفَارِقَ مَوْضِعَ الْإِقَامَةِ) جَعْلُ الْخَرَابِ الْمُتَخَلِّلِ مِنْ مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ الَّذِي هُوَ الْبَلَدُ صَرِيحٌ فِي دُخُولِهِ فِي مُسَمَّى الْبَلَدِ اهـ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَالرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ طَرَفُ الْبَلَدِ) قُيِّدَ بِهِ لِيَكُونَ غَيْرَ مُتَخَلِّلٍ (قَوْلُهُ وَبَقَايَا الْحِيطَانِ قَائِمَةٌ) قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ قَائِمَةً لَمْ يُشْتَرَطْ مُجَاوَزَتُهُ بِلَا خِلَافٍ، وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَتْ قَائِمَةً وَاِتَّخَذُوهُ مَزَارِعَ أَوْ هَجَرُوهُ بِالتَّحْوِيطِ عَلَى الْعَامِرِ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ اهـ. ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ عَدَمِ اشْتِرَاطِ مُجَاوَزَةِ مَا لَمْ يَكُنْ بِهِ بَقَايَا الْحِيطَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْبَلَدِ إلَّا جِهَةٌ وَاحِدَةٌ، أَمَّا إذَا كَانَ لَهَا جِهَتَانِ وَخَرِبَ طَرَفُ أَحَدِهِمَا لَكِنَّ مُقَابِلَهُ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى عَامِرٌ، فَلَا بُدَّ لِلْمُسَافِرِ مِنْ دَاخِلِ الْبَلَدِ مِنْ طُولٍ مِنْ مُجَاوَزَةِ تَمَامِ الْعُمْرَانِ مِنْ الْجِهَةِ الْمُقَابِلَةِ، وَأَمَّا إذَا سَافَرَ فِي عَرْضِ الْبَلَدِ فَلَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ مِنْ مُحَاذَاةِ الْعَامِرِ، وَلَوْ كَانَ سَائِرًا فِي ذَلِكَ الْخَرَابِ، سَوَاءٌ كَانَ لَهَا جِهَةٌ أَوْ جِهَتَانِ، فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) صَوَّرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَهْجُرُوهُ بِالتَّحْوِيطِ عَلَى الْعَامِرِ دُونَهُ وَلَا اتَّخَذَ مَزَارِعَ، وَنَفَى ابْنُ النَّقِيبِ الْخِلَافَ فِي الْمَهْجُورِ وَالْمُتَّخَذِ مَزَارِعَ اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ وَلَا عُبُورِ الْبُسْتَانِ إلَخْ) وَلَنَا وَجْهٌ شَاذٌّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ وَالْمَزَارِعِ الْمُضَافَةِ إلَى الْبَلَدِ مُطْلَقًا أَيْ مَحُوطَةً أَوْ لَا؟ وَأَمَّا الْقَرْيَةُ فَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ وَلَا الْمَزَارِعِ الْمَحُوطَةِ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَشَذَّ الْغَزَالِيُّ فَقَالَ: بِاشْتِرَاطِ مُجَاوَزَةِ الْمَحُوطَةِ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْمَزَارِعِ الْمَحُوطَةِ وَلَا الْبَسَاتِينِ غَيْرِ الْمَحُوطَةِ، وَيُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ الْمَحُوطَةِ انْتَهَى. وَالْمِصْرُ مَا كَانَ فِيهِ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ وَشَرْطِيٌّ وَسُوقٌ، وَالْبَلَدُ مَا خَلَا عَنْ بَعْضِ ذَلِكَ، وَالْقَرْيَةُ مَا خَلَا عَنْ الْجَمِيعِ

(قَوْلُهُ الْمُتَّصِلَةِ) دَخَلَتْ الْمُنْفَصِلَةُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَمْ تُتَّخَذْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُتَّخَذْ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ بِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْمَزَارِعِ وَالْبَسَاتِينِ وَلَوْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالْبَلَدِ وَفِيهَا دُورٌ يَسْكُنُهَا مُلَّاكُهَا، وَلَوْ أَحْيَانَا أَيْ فِي بَعْضِ فُصُولِ السَّنَةِ اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَتُهَا، هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ وَأَطْلَقَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ مُجَاوَزَتِهَا، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدَ نَقْلِهِ الْأَوَّلِ عَنْ الرَّافِعِيِّ: وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْجُمْهُورُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجْعَلُهَا مِنْ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِهَا) أَيْ الْمُتَّصِلَةِ اهـ ح ل فَالِاسْتِدْرَاكُ خَاصٌّ

ص: 455

تُسْكَنُ فِي بَعْضِ الْفُصُولِ فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ: اشْتِرَاطُ عُبُورِهَا.

وَأَطْلَقَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ عَدَمَ اشْتِرَاطِهِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الرَّافِعِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْجُمْهُورُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عُبُورُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجْعَلُهَا مِنْ الْبَلَدِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَبِهِ الْفَتْوَى قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَالْقَرْيَتَانِ إنْ اتَّصَلَتَا اُشْتُرِطَ عُبُورُهُمَا، وَإِلَّا فَلَا (وَبَعْدَ) عُبُورِ (حِلَّةٍ) إنْ سَافَرَ مِنْ خِيَامٍ، وَضَابِطُهَا: أَنْ يَجْتَمِعَ أَهْلُهَا لِلسَّمَرِ فِي نَادٍ وَاحِدٍ وَيَسْتَعِيرَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَإِنْ تَفَرَّقَتْ مَنَازِلُهُمْ وَمِنْهَا مَرَافِقُهَا كَمَطْرَحِ رَمَادٍ وَمَلْعَبِ صِبْيَانٍ وَنَادٍ وَعَطَنٍ وَمَاءٍ وَمُحْتَطَبٍ، إلَّا أَنْ يَتَّسِعَا بِحَيْثُ لَا يَخْتَصَّانِ بِالنَّازِلِينَ، وَالْحِلَّتَانِ كَقَرْيَتَيْنِ، وَيُشْتَرَطُ فِي سَفَرِ الْبَحْرِ الْمُتَّصِلِ سَاحِلُهُ بِالْبَلَدِ جَرْيُ السَّفِينَةِ أَوْ الزَّوْرَقِ إلَيْهَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ فَفِي الْمَجْمُوعِ إذَا صَارَ خَارِجَ الْبَلَدِ تَرَخَّصَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ) أَيْ مَا لَمْ يُهْجَرْ بِالتَّحْوِيطِ عَلَى الْعَامِرِ دُونَهُ أَوْ يُزْرَعْ أَوْ يَنْدَرِسْ كَمَا بَيَّنَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَإِنْ انْفَصَلْنَا، وَلَوْ يَسِيرًا فَبِمُجَاوَزَةِ قَرْيَتِهِ (قَوْلُهُ وَضَابِطُهَا) أَيْ الْحِلَّةِ (قَوْلُهُ وَمَاءٍ وَمُحْتَطَبٍ) لَوْ انْفَصِلَا عَنْ بَقِيَّةِ الْمَرَافِقِ انْفِصَالًا لَهُ وَقْعٌ أَوْ بَعُدَا عَنْهَا مَعَ الِاخْتِصَاصِ، فَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ إنْ فَحَشَ بَعْدَهُمَا لَمْ يُعْتَبَرَا وَإِلَّا اُعْتُبِرَا مَعَ مَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحِلَّةِ م ر

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَّسِعَا) أَيْ الْمَاءُ وَالْمُحْتَطَبُ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِالِاتِّصَالِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ تُسْكَنُ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَسْكُونَةً اهـ ح ل. (قَوْلُهُ فِي بَعْضِ الْفُصُولِ) أَوْ كُلِّهَا عَلَى الظَّاهِرِ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ شَيْخُنَا، كَذَا فِي حَوَاشِي الشَّيْخِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَلَى التُّحْفَةِ وَفِي الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ، وَعَنْ ع ش أَنَّهَا إذَا كَانَتْ تُسْكَنُ فِي كُلِّ الْفُصُولِ فَلَهَا مَعَ مَا قَبْلَهَا حُكْمُ الْقَرْيَتَيْنِ الْمُرَتَّبُ عَلَى الِاتِّصَالِ أَوْ الِانْفِصَالِ. (قَوْلُهُ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) وَإِنْ كَانَتْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَسْكُونَةً، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْبَلَدِ قَالَ ح ل: ظَاهِرُهُ وَإِنْ سُكِنَتْ فِي كُلِّ السَّنَةِ فَالتَّعْلِيلُ بِأَنَّهَا لَا تُتَّخَذُ لِلْإِقَامَةِ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ، وَعِبَارَةُ الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ وَمُجَاوَزَةُ الْبَلَدِ أَيْ عُمْرَانِهَا، وَلَا عِبْرَةَ بِمَزَارِعِهَا، وَلَا بِبَسَاتِينِهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا قُصُورٌ تُسْكَنُ فِي بَعْضِ فُصُولِ السَّنَةِ أَوْ كُلِّهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ تِلْكَ الْمَسَاكِنَ لَا تُعْتَبَرُ مَعَ الْبَلَدِ قَرْيَةٌ أُخْرَى حَتَّى يَجْرِيَ فِيهَا حُكْمُ الْقَرْيَتَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَزْرَعَةَ لَمْ تَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهَا مَزْرَعَةً لِتِلْكَ الْبَلْدَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجْعَلُهَا مِنْ الْبَلَدِ) يُفِيدُ أَنَّ مَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْبَلَدِ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْخَرَابَ الْمُتَخَلِّلَ مِنْ الْبَلَدِ، وَمِثْلُهُ الْمَيْدَانُ وَالنَّهْرُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا (قَوْلُهُ إنْ اتَّصَلَتَا) أَيْ وَلَا سُورَ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا كَفَى مُجَاوَزَةُ سُورِ قَرْيَتِهِ الْمُخْتَصِّ بِهَا فِي صَوْبِ مَقْصِدِهِ اهـ شَيْخُنَا اهـ. مَرْصَفِيٌّ، وَهُوَ فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ أَيْضًا إنْ اتَّصَلَتَا) ، وَلَوْ بَعْدَ أَنْ كَانَتَا مُنْفَصِلَتَيْنِ، كَذَا فِي الْحَوَاشِي الْمَدَنِيَّةِ، وَالْمَدَارُ فِي الِاتِّصَالِ وَالِانْفِصَالِ عَلَى الْعُرْفِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ إنْ اتَّصَلَتَا) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الِاتِّصَالِ وَالِانْفِصَالِ بِالْعُرْفِ، وَمِثْلُ الْقَرْيَتَيْنِ الْقُرَى اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ أَنْ يَجْتَمِعَ أَهْلُهَا إلَخْ) ، وَإِلَّا فَكَالْبِلَادِ اهـ شَرْقَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا مَرَافِقُهَا) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْهَا اهـ شَرْقَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا مَرَافِقُهَا) لَمْ يَعْتَبِرُوا مِثْلَهُ فِي الْقَرْيَةِ؛ لِأَنَّ لَهَا ضَابِطًا وَهُوَ مُفَارَقَةُ السُّورِ أَوْ الْعُمْرَانِ أَوْ الْخَنْدَقِ اهـ ز ي. (قَوْلُهُ وَمِنْهَا مَرَافِقُهَا) لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْبَلَدِ وَالْقَرْيَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا فِيهِمَا وَمِنْهَا أَيْ الْمَرَافِقِ الْمَقَابِرُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْله وَمِنْهَا مَرَافِقُهَا) أَرَادَ بِهَذَا دَفْعَ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ تَرَكَ فِي الْحِلَّةِ ذِكْرَ الْمَرَافِقِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرَافِقَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ دَاخِلَةٌ فِي اسْمِ الْحِلَّةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّ، لَكِنَّهُ نَظَرَ فِي دُخُولِهَا تَحْتَ اسْمِ الْحِلَّةِ (قَوْلُهُ كَقَرْيَتَيْنِ) فَيُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْمُتَقَارِبَتَيْنِ دُونَ الْمُتَبَاعِدَتَيْنِ

(قَوْلُهُ الْمُتَّصِلِ سَاحِلُهُ بِالْبَلَدِ) أَيْ حَقِيقَةً عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْبَغَوِيّ وَصَاحِبِ الْحَاوِي فَمَتَى انْفَصَلَ السَّاحِلُ عَنْهَا، وَلَوْ يَسِيرًا قَصَرَ بِمُجَرَّدِ مُجَاوَزَةِ السُّورِ أَوْ الْعُمْرَانِ، لَكِنَّ الَّذِي يُتَّجَهُ الضَّبْطُ هُنَا بِمِثْلِ مَا تَقَرَّرَ قَرِيبًا اهـ. شَرْحُ الْعُبَابِ وَذَكَرَ فِيهِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ: خَرَجَ بِاتِّصَالِ السَّاحِلِ بِالْبَلَدِ أَيْ بِعُمْرَانِهِ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَضَاءٌ فَيَتَرَخَّصُ بِمُجَرَّدِ مُفَارَقَةِ الْعُمْرَانِ اهـ. مِنْ الْحَوَاشِي الْمَدَنِيَّةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْكَلَامَ عَامٌّ لِمَا لَهُ سُورٌ وَيَأْبَاهُ الشَّارِحُ الْآتِي فَتَأَمَّلْهُ

(قَوْلُهُ جَرْيُ السَّفِينَةِ إلَخْ) قَالَ ق ل: يُشْتَرَطُ خُرُوجُ السَّفِينَةِ مِنْ مُحَاذَاةِ الْعُمْرَانِ لِمَنْ سَافَرَ فِي طُولِ الْبَحْرِ، وَجَرْيُهَا أَوْ جَرْيُ الزَّوْرَقِ إلَيْهَا آخِرَ مَرَّةٍ لِمَنْ سَافَرَ فِي عَرْضِهِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ سَافَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي طُولِهِ فَلِمَنْ فِي السَّفِينَةِ بَعْدَ جَرْيِ الزَّوْرَقِ آخِرَ مَرَّةٍ أَنْ يَتَرَخَّصَ، وَإِنْ كَانَتْ وَاقِفَةً اهـ. وَقَوْلُهُ فِي طُولِ الْبَحْرِ كَالْمُسَافِرِ مِنْ مِصْرَ إلَى جِهَةِ الصَّعِيدِ، وَقَوْله فِي عَرْضِهِ كَالْمُسَافِرِ مِنْهَا

ص: 456

وَإِنْ كَانَ ظَهْرُهُ مُلْصَقًا بِالسُّورِ.

وَظَاهِرٌ أَنَّ آخِرَ عُمْرَانِ مَا لَا سُورَ لَهُ كَالسُّورِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: سَيْرُ الْبَحْرِ يُخَالِفُ سَيْرَ الْبَرِّ أَوْ يَمْنَعُ أَنَّ آخِرَ الْعُمْرَانِ كَالسُّورِ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ عَلَى مَا لَا سُورَ لَهُ، (وَ) بَعْدَ عُبُورِ (عَرْضِ الْوَادِي) إنْ سَافَرَ مِنْهُ (لَا) عُبُورِ (الطُّولِ) إنْ سَافَرَ مِنْهُ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ (وَ) بَعْدَ (الْإِهْبَاطِ) مِنْ الرَّبْوَةِ، إنْ سَافَرَ مِنْهَا (وَ) بَعْدَ (الْإِصْعَادِ) مِنْ الْوَهْدَةِ، إنْ سَافَرَ مِنْهَا (قُلْت) هَذَا إذَا لَمْ يَفْرُطْ اتِّسَاعُ الْوَادِي وَالرَّبْوَةِ وَالْوَهْدَةِ، (فَإِنْ كَانَ اتِّسَاعُهَا فَرَطْ فَغَيْرُ قَدْرِ الْعُرْفِ) مِنْهَا، (لَيْسَ يُشْتَرَطْ) عُبُورُهُ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ عُبُورُ قَدْرِ الْعُرْفِ وَهُوَ مَا يُعَدُّ مِنْ مَنْزِلِهِ أَوْ مِنْ حِلَّةٍ هُوَ مِنْهَا كَمَا لَوْ سَافَرَ فِي طُولِ الْوَادِي.

وَقَوْلُهُ فَرَطَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا لَكِنْ لَمْ أَرَهُ، بَلْ الْمَعْرُوفُ أَفْرَطَ يُقَالُ: أَفْرَطَ فِي الْأَمْرِ أَيْ جَاوَزَ فِيهِ الْحَدَّ، وَالِاسْمُ مِنْهُ الْفَرْطُ بِالتَّسْكِينِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَأَنْ يَكُونَ اسْمًا حُرِّكَ رَاؤُهُ لِلْوَزْنِ وَوُقِفَ عَلَيْهِ بِلُغَةِ رَبِيعَة، إنْ جُعِلَ خَبَرًا لِكَانَ، وَإِنْ جُعِلَ اسْمَهَا وَمَا قَبْلَهُ خَبَرَهَا، فَالْوَقْفُ عَلَيْهِ بِلُغَةِ الْجُمْهُورِ

(وَلَوْ) عَبَرَ مَا ذُكِرَ

(أَخِيرَ وَقْتِ فَرْضِهِ وَقَدْ بَقِيَ) مِنْهُ (بِقَدْرِ) وَقْتِ (رَكْعَةٍ) ، فَإِنَّهُ يَقْصُرُ وَيَجْمَعُ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَقِيَ مِنْهُ دُونَ ذَلِكَ لِمَا مَرَّ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ أَدَاءٌ وَفِي الثَّانِي قَضَاءٌ، لَكِنَّ تَأْخِيرَهَا إلَى هَذَا الْوَقْتِ حَرَامٌ، فَقَدْ يُقَالُ: هَلَّا مُنِعَ التَّرَخُّصُ، وَجَوَابُهُ: أَنَّ الرُّخْصَةَ لَمْ يُوجِبْهَا التَّأْخِيرُ فَكَانَ كَالْمَعْصِيَةِ فِي السَّفَرِ لَا بِالسَّفَرِ، فَمَا دَامَ الْوَقْتُ يَصْلُحُ لِلْأَدَاءِ، فَهُوَ يَصْلُحُ لِلتَّرَخُّصِ

وَهَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَنُصَّ فِيمَنْ أَدْرَكْت مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ قَدْرَ الْفَرْضِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: سَيْرُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر وَلَا فَرْقَ عَلَى هَذَا بَيْنَ مَا لَهُ سُورٌ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ إنْ سَافَرَ هِنْهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ مُفَارَقَةِ عَرْضِ الْوَادِي إذَا اعْتَدَلَ إذَا كَانَتْ الْبُيُوتُ فِي جَمِيعِ عَرْضِهِ، فَإِنْ كَانَتْ فِي بَعْضِهِ فَبِأَنْ يُفَارِقَهَا نَقَلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ أَصْحَابِنَا اهـ، فَإِنْ قُلْتَ: لَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِ اعْتِبَارِ مُفَارَقَةِ عَرْضِ الْوَادِي إذَا اعْتَدَلَ وَعَمَّتْهُ الْبُيُوتُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَحِلَّةٍ؛ لِأَنَّ الْبُيُوتَ فِي عَرْضِ الْوَادِي مِنْ جُمْلَةِ الْحِلَّةِ وَمِنْ أَفْرَادِهَا قُلْتُ: فَائِدَتُهُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِمُفَارَقَةِ بَعْضِ مَا فِي الْعَرْضِ الْمُعْتَدِلِ كَمَا فِي الْمُتَّسِعِ الْآتِي، وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَ مُجَاوَزَةِ عَرْضِ الْمُعْتَدِلِ مُجَاوَزَةُ مَرَافِقِ مَا فِيهِ الْخَارِجَةُ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ سَافَرَ فِي طُولِ الْوَادِي) أَيْ وَزَادَ مَا فِيهِ عَلَى قَدْرِ الْعُرْفِ الْمَذْكُورِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ جَمِيعِ مَا فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ اسْمًا إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَعْنَى مُفْرِطًا

(قَوْلُهُ، وَلَوْ أَخِيرَ وَقْتِ فَرْضِهِ وَقَدْ بَقِيَ إلَخْ) كَالصَّرِيحِ فِي جَوَازِ الْقَصْرِ حِينَئِذٍ وَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا وَيُدْرِكْ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ فَائِتَةُ سَفَرٍ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ فَتْوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ رحمه الله أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي جَوَازِهِ مِنْ الشُّرُوعِ وَإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ فِي الْوَقْتِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَتَأَتَّى فِي الْجَمْعِ لَا تَأْخِيرًا بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ، أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّأْخِيرِ فِي وَقْتٍ يَسَعُ الْأُولَى وَلَا تَقْدِيمًا؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ لَا يَسَعُ الْجَمِيعَ فَالْوَجْهُ خِلَافُهُ هَذَا، وَقَدْ يَمْنَعُ تَوَقُّفُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي يَسَعُ الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ وَيَجْمَعُ)

ــ

[حاشية الشربيني]

إلَى الْجِيزَةِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ ظَهْرُهُ) فَالْمُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ مِمَّا لَهُ سُورٌ يَكْفِيهِ فِي التَّرَخُّصِ مُجَاوَزَةُ السُّوَر قَالَهُ ز ي مُخَالِفًا لِمَا مَرَّ اهـ. ق ل وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِتَقْيِيدِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: الْمُتَّصِلِ سَاحِلُهُ بِالْبَلَدِ (قَوْلُهُ سَيْرُ الْبَحْرِ يُخَالِفُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّ الْمُسَافِرَ فِيهِ مُسَافِرًا إلَّا بَعْدَ رُكُوبِ السَّفِينَةِ أَوْ الزَّوْرَقِ، بِخِلَافِهِ فِي الْبَرِّ فَإِنَّهُ بِمُجَرَّدِ مُجَاوَزَةِ الْعُمْرَانِ، وَإِنْ أَلْصَقَ ظَهْرَهُ بِهِ يُعَدُّ مُسَافِرًا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ شَرْحُ م ر. وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا لَهُ سُورٌ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْمُحَشِّي وَخَالَفَ فِيهِ ز ي كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ أَوْ يَمْنَعُ إلَخْ) تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَبَعْدَ عُبُورِ عَرْضِ الْوَادِي إنْ سَافَرَ مِنْهُ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى الْحِلَّةِ كَمَا يَقْتَضِيهِ عَطْفُهُ عَلَى عُبُورِهَا فَيُعْتَبَرُ عُبُورُ الْعَرْضِ إنْ اعْتَدَلَ، وَلَوْ كَانَتْ الْحِلَّةُ بِبَعْضِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الرَّبْوَةِ وَالْوَهْدَةِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ، هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِسِيَاقِ الْكَلَامِ هُنَا وَفِي الْمَنْهَجِ وَإِنْ نَقَلَ سم عَنْ م ر تَضْعِيفَهُ. (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَفْرُطْ) بِأَنْ اعْتَدَلَتْ وَالْمُرَادُ بِالْمُعْتَدِلِ مَا يُعَدُّ عُرْفًا مِنْ مَنْزِلِهِ أَوْ مِنْ حِلَّةٍ هُوَ مِنْهَا اهـ زي. (قَوْلُهُ قَدْرِ الْعُرْفِ) هُوَ مَا يُعَدُّ مِنْ مَنْزِلِهِ أَوْ مِنْ حِلَّةٍ هُوَ فِيهَا كَمَا لَوْ سَافَرَ فِي طُولِ الْوَادِي كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر ثُمَّ رَأَيْتُ مَا فِي الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ جُعِلَ اسْمُهَا) يَلْزَمُ تَنْكِيرُ الِاسْمِ وَتَعْرِيفُ الْخَبَرِ وَأَظُنُّهُ مُمْتَنِعًا أَوْ ضَعِيفًا رَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ وَيَجْمَعُ) شَامِلٌ لِجَمْعِ التَّأْخِيرِ وَلَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ الشَّارِحِ أَنْ تَقَعَ نِيَّةُ جَمْعِ التَّأْخِيرِ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْأُولَى مَا يَسَعُ جَمِيعَهَا، بَلْ يَكْفِي مَا يَسَعُ رَكْعَةً مِنْهَا وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِلْجَمْعِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ إلَّا نِيَّةُ التَّأْخِيرِ لِلْجَمْعِ فِي وَقْتِ الْأُولَى مَا بَقِيَ قَدْرُ رَكْعَةٍ، هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا

ص: 457

ثُمَّ حَاضَتْ عَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ، فَقِيلَ: قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا اللُّزُومُ فِيهِمَا بِإِدْرَاكِ أَوَّلِهِ، فَيُتِمُّ الْمُسَافِرُ وَتَقْضِي الْحَائِضُ، إذْ بِهِ الْوُجُوبُ، وَثَانِيهِمَا الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِقْرَارَ بِآخِرِهِ، وَالْأَظْهَرُ تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ

وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَيْضَ مَانِعٌ، فَإِذَا طَرَأَ انْحَصَرَ وَقْتُ الْإِمْكَانِ فِي حَقِّهَا فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ، فَكَأَنَّهَا أَدْرَكَتْ كُلَّ الْوَقْتِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ أَثَّرَ لَأَفْضَى إلَى إسْقَاطِ الْفَرْضِ مَعَ إدْرَاكِ وَقْتِ الْوُجُوبِ، بِخِلَافِ السَّفَرِ فِيهِمَا وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ نِيَّةِ السَّفَرِ، لِتَعْلِيقِ الْقَصْرِ فِي الْآيَةِ بِالضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ، وَيُخَالِفُ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ كَالْقِنْيَةِ فِي مَالِ التِّجَارَةِ وَالتَّرَخُّصِ الْمَذْكُورِ، (لِمَنْ قَصَدْ سَيْرًا رَآهُ) الْإِمَامُ (الشَّافِعِيُّ) رضي الله عنه (قَابَا) أَيْ قَدْرَ (سِتَّةَ عَشْرَ) ، بِسُكُونِ الشَّيْنِ (فَرْسَخًا) يَقِينًا أَوْ ظَنًّا، وَلَوْ بِاجْتِهَادٍ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ كَانَا يُصَلِّيَانِ رَكْعَتَيْنِ، وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا، إذْ كُلُّ بَرِيدٍ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ

وَكُلُّ فَرْسَخٍ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ، فَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هَاشِمِيَّةً نِسْبَةً لِبَنِي هَاشِمٍ وَقْتَ خِلَافَتِهِمْ لَا هَاشِمٍ نَفْسِهِ، كَمَا وَقَعَ

ــ

[حاشية العبادي]

شَامِلٌ لِلتَّأْخِيرِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْجَمْعُ فِي وَقْتِ الْأُولَى مَعَ بَقَاءِ مَا يَسَعُ جَمِيعَهَا مِنْهُ عَلَى مَا يَأْتِي، وَلِلتَّقْدِيمِ مَعَ عَدَمِ تَأَتِّي فِعْلِ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِ الْأُولَى، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلْجَمْعَيْنِ لَكِنَّهُ فِي الْأَوَّلِ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْأُولَى رَكْعَةٌ وَفِي الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ جَمْعَ التَّقْدِيمِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَأَتِّي فِعْلِ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِ الْأُولَى، وَلَا يُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنْ يَنْوِيَ قَبْلَ السَّفَرِ فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ النِّيَّةَ قَبْلَ السَّفَرِ لَا أَثَرَ لَهَا

(قَوْلُهُ بِإِدْرَاكِ أَوَّلِهِ) هُوَ مَا قَبْلَ طُرُوُّ السَّفَرِ وَالْحَيْضِ (قَوْلُهُ وَيُخَالِفُ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: كَذَا قَرَّرَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِبَعْضِ الْمَرَاوِزَةِ، وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي نِيَّةِ الْإِقَامَةِ الْمُكْثُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي، فَالْمَسْأَلَتَانِ كَمَا قَالَ الْجُمْهُورُ مُسْتَوِيَتَانِ فِي أَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لَا يَكْفِي فَلَا حَاجَةَ لِفَارِقٍ، وَقَدْ يُقَالُ: يُحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا وُجِدَتْ النِّيَّتَانِ مَعَ الْمُكْثِ، إذَا أَثَّرَتْ حِينَئِذٍ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ دُونَ نِيَّةِ السَّفَرِ لَا يُقَالُ: الْمُكْثُ كَافٍ فِي قَطْعِ السَّفَرِ بِلَا نِيَّةِ إقَامَةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ كُلِّيًّا، وَأَنَّ الْمُكْثَ إنَّمَا يَقْطَعُ السَّفَرَ إذَا بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ كَامِلَةٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

عَنْ الْأَصْحَابِ وَفِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ عَنْهُمْ، وَتُشْتَرَطُ هَذِهِ النِّيَّةُ فِي وَقْتِ الْأُولَى بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا أَوْ أَكْثَرُ، فَإِنْ ضَاقَ وَقْتُهَا بِحَيْثُ لَا يَسَعُهَا عَصَى وَصَارَتْ قَضَاءً وَجَزَمَ الْبَارِزِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْأَوَّلِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ قَصْرِ صَلَاةِ مَنْ سَافَرَ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً، وَلَا يَضُرُّ فِيهِ تَحْرِيمُ تَأْخِيرِهَا بِحَيْثُ يَخْرُجُ جَزْءٌ مِنْهَا عَنْ وَقْتِهَا، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ عَلَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ بِأَنْ يُقَالَ: مَعْنَى مَا يَسَعُهَا أَيْ يَسَعُ أَدَاءَهَا ثُمَّ نَاقَضَ ذَلِكَ ثُمَّ دَفَعَ وَوَافَقَهُ فِي جَمِيعِ مَا قَالَهُ حَجَرٌ وَصَاحِبُ الْحَضْرَمِيَّةِ

، وَخَالَفَهُمْ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ جَوَازِ الْقَصْرِ لِمَنْ سَافَرَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً وَبَيْنَ مَا هُنَا بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَّ كَوْنُهَا مُؤَدَّاةً، وَالْمُعْتَبَرُ هُنَا أَنْ تُمَيِّزَ النِّيَّةُ هَذَا التَّأْخِيرَ عَنْ التَّأْخِيرِ تَعَدِّيًا، وَلَا يَحْصُلُ إلَّا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ عَصَى وَصَارَتْ قَضَاءً، لِأَنَّهَا فُعِلَتْ خَارِجَ وَقْتِهَا الْأَصْلِيِّ، وَقَدْ انْتَفَى شَرْطُ التَّبَعِيَّةِ فِي الْوَقْتِ وَاسْتَدَلَّ بِمَا يَطُولُ وَشَامِلٌ لِجَمْعِ التَّقْدِيمِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ لِعَدَمِ تَأَتِّي فِعْلِ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِ الْأُولَى، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ جَمْعُ التَّقْدِيمِ عَلَى تَأَتِّي فِعْلِ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا وَقَعَ مِنْ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِ الْأُولَى شَيْءٌ كَأَنْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْأُولَى مَا يَسَعُهَا وَدُونَ رَكْعَةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ، وَوَافَقَ م ر عَلَى جَوَازِهِ حِينَئِذٍ، فَالْوَجْهُ حَمْلُ مَا فِي الشَّارِحِ عَلَى جَمْعِ التَّأْخِيرِ بِنَاءً عَلَى طَرِيقَتِهِ اهـ. وَقَوْلُنَا: وَافَقَ م ر عَلَى جَوَازِهِ فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ بُطْلَانَ الْجَمْعِ وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ بَقَاءُ وَقْتِ الْأُولَى إلَى تَمَامِ الثَّانِيَةِ، كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَمِثْلُهُ الشَّيْخُ سُلْطَانٌ وَاعْتَمَدَهُ ح ف اهـ بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّيَّ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ نَقَلَ عَنْ الرُّويَانِيِّ تَعْلِيلَ صِحَّةِ جَمْعِ التَّقْدِيمِ فِيمَا إذَا بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْأُولَى مَا يَسَعُهَا مَعَ دُونِ رَكْعَةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ، بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ وَقْتَ الْأُولَى يَمْتَدُّ حَالَةَ الْعُذْرِ إلَى تَمَامِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ، وَحِينَئِذٍ فَفِعْلُ الثَّانِيَةِ كُلِّهَا فِي وَقْتِهَا يُقَالُ: إنَّهُ فِي وَقْتِ الْأُولَى، وَفَائِدَةُ هَذَا الْجَمْعِ إنَّمَا تَظْهَرُ فِيمَا إذَا وَقَعَ فِي الْأُولَى شَيْءٌ، وَلَوْ دُونَ رَكْعَةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ وَقْفَةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ فَقِيلَ قَوْلَانِ) أَيْ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْهُمَا قَوْلَانِ: قَوْلٌ صَرِيحٌ وَقَوْلٌ مُخْرِجٌ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْهُمَا مِنْ نَظِيرَتِهَا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ بِإِدْرَاكِ أَوَّلِهِ) أَيْ إدْرَاكِهِ قَبْلَ طُرُوُّ السَّفَرِ وَالْحَيْضِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ أَدَاءُ الصَّلَاةِ تَامَّةً مَعَ عَدَمِ إدْرَاكِهَا صَلَاةَ سَفَرٍ تَامَّةٍ، فَلَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَدْرَكَ مِقْدَارَهَا حَضَرًا وَسَفَرًا مَعَ جَوَازِ الْقَصْرِ تَدَبَّرْ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ مَحَلَّ النَّصِّ إدْرَاكُ مَا دُونَهَا تَامَّةً سَوَاءٌ الزَّائِدُ عَلَى رَكْعَةٍ وَالرَّكْعَةُ، تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ) أَيْ تَثْبِيتُ كُلٍّ فِي مَكَانِهِ لَا يَتَعَدَّاهُ إلَى غَيْرِهِ بِالتَّخْرِيجِ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ ظَنًّا) أَيْ بِقَرِينَةٍ قَوِيَّةٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ شَكَّ اجْتَهَدَ اهـ. ع ش عَلَى م ر فَالظَّنُّ بِالِاجْتِهَادِ عَلَى هَذَا أَدْوَنُ مِنْهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بِلَا اجْتِهَادٍ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ، وَلَوْ بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ اجْتِهَادِ الْمُتَرَخِّصِ اهـ. شَيْخُنَا اهـ. مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ لِبَنِي هَاشِمٍ) أَيْ بَنِي الْعَبَّاسِ لِتَقْدِيرِهِمْ لَهَا

ص: 458

لِلرَّافِعِيِّ وَالْمِيلُ أَرْبَعَةُ آلَافِ خُطْوَةٍ وَالْخُطْوَةُ ثَلَاثَةُ أَقْدَامٍ، فَهُوَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ قَدَمٍ، وَبِالذِّرَاعِ سِتَّةُ آلَافٍ، وَالذِّرَاعُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا مُعْتَرِضَاتٍ، وَالْأُصْبُعُ سِتُّ شُعَيْرَاتٍ مُعْتَدِلَاتٍ مُعْتَرِضَاتٍ

وَالشُّعَيْرَةُ سِتُّ شَعَرَاتٍ مِنْ شَعْرِ الْبِرْذَوْنِ، فَمَسَافَةُ الْقَصْرِ بِالْبُرُدِ أَرْبَعَةٌ، وَبِالْفَرَاسِخِ سِتَّةَ عَشَرَةَ وَبِالْأَمْيَالِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ، وَبِالْأَقْدَامِ خَمْسُمِائَةِ أَلْفٍ وَسِتَّةٌ وَسَبْعُونَ أَلْفًا، وَبِالْأَذْرُعِ مِائَتَا أَلْفٍ وَثَمَانِيَةٌ وَثَمَانُونَ أَلْفًا، وَبِالْأَصَابِعِ سِتَّةُ آلَافِ أَلْفٍ وَتِسْعُمِائَةِ أَلْفٍ وَاثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، وَبِالشُّعَيْرَاتِ أَحَدٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَأَرْبَعُمِائَةِ أَلْفٍ وَاثْنَانِ وَسَبْعُونَ أَلْفًا، وَبِالشَّعَرَاتِ مِائَتَا أَلْفِ أَلْفٍ وَثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَثَمَانُمِائَةِ أَلْفٍ وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ أَلْفًا، وَبِالزَّمَنِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مَعَ الْمُعْتَادِ مِنْ النُّزُولِ وَالِاسْتِرَاحَةِ وَالْأَكْلِ وَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، فَذَلِكَ مَرْحَلَتَانِ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ وَدَبِيبِ الْأَقْدَامِ.

وَضَبْطُهَا بِذَلِكَ تَحْدِيدٌ لِثُبُوتِ تَقْدِيرِهَا بِالْأَمْيَالِ عَنْ الصَّحَابَةِ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْرَ وَالْجَمْعَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، فَيُحْتَاطُ فِيهِ بِتَحَقُّقِ تَقْدِيرِ الْمَسَافَةِ، بِخِلَافِ تَقْدِيرِ الْقُلَّتَيْنِ وَتَقْدِيرِ مَسَافَةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، وَسَوَاءٌ سَافَرَ فِي الْبَرِّ أَمْ فِي الْبَحْرِ، فَلَوْ قَطَعَهَا فِي سَاعَةٍ قَصَرَ، وَلَوْ شَكَّ فِيهَا اجْتَهَدَ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْكَافِرَ فَيَتَرَخَّصُ إذَا أَسْلَمَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يَتَرَخَّصُ، وَإِنْ بَقِيَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ

وَيُعْتَبَرُ لِجَوَازِ التَّرَخُّصِ أَنْ يَرْبِطَ الْمُسَافِرُ قَصْدَهُ بِمَقْصِدٍ مَعْلُومٍ، فَلَا تَرَخُّصَ لِلْهَائِمِ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ وَإِنْ سَلَكَ طَرِيقًا وَلَا لِرَاكِبِ التَّعَاسِيفِ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ وَلَا يَسْلُكُ طَرِيقًا سَوَاءٌ طَالَ سَفَرُهُمَا أَمْ لَا، وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ أَنَّ الْهَائِمَ عَاصٍ أَيْ؛ لِأَنَّ إتْعَابَ النَّفْسِ بِالسَّفَرِ بِلَا غَرَضٍ حَرَامٌ كَمَا سَيَأْتِي،

وَمِثْلُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ فَلَا تَرَخُّصَ لِلْهَائِمِ) وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ بَعْضَ أَفْرَادِهِ حَرَامٌ فَلِذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ هُنَا وَبَعْضُهُمْ ثَمَّ فَمَا وَهَمَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ عَاصٍ بِسَفَرِهِ مُطْلَقًا مَمْنُوعٌ، وَمِمَّا يَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ الْآتِي أَوْ قَصَدَ مَرْحَلَتَيْنِ قَصَرَ فِيهِمَا حَجّ، (قَوْلُهُ فَلَا تَرَخُّصَ لِلْهَائِمِ) نَعَمْ إنْ قَصَدَ سَيْرَ مَرْحَلَتَيْنِ فَأَكْثَرَ قَصَرَ أَيْ بِشَرْطِهِ الْمَعْلُومِ مِمَّا يَأْتِي. (قَوْلُهُ أَنَّ الْهَائِمَ عَاصٍ) قِيَاسُ ذَلِكَ امْتِنَاعُ تَرَخُّصِهِ، وَإِنْ قَصَدَ سَيْرًا عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ كَكُلِّ عَاصٍ بِسَفَرِهِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْهَائِمَ عَاصٍ فَلَا يَتَرَخَّصُ) ؛ لِأَنَّهُ عَاصٍ بِالسَّفَرِ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَقْتَ خِلَافَتِهِمْ اهـ. وَخَرَجَ بِالْهَاشِمِيَّةِ الْأُمَوِيَّةُ وَهِيَ الْمَنْسُوبَةُ لِبَنِي أُمَيَّةَ لِتَقْدِيرِهِمْ لِلْمَسَافَةِ قَبْلَ بَنِي هَاشِمٍ، فَالْمَسَافَةُ عِنْدَهُمْ أَرْبَعُونَ مِيلًا، إذْ كُلُّ خَمْسَةٍ مِنْهَا قَدْرُ سِتَّةٍ هَاشِمِيَّةٍ (قَوْلُهُ خُطْوَةٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ اهـ. وَالْمُرَادُ خُطْوَةُ الْبَعِيرِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ قَدَمٍ) وَالْقَدَمُ نِصْفُ ذِرَاعٍ اهـ حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَبِالذِّرَاعِ) هُوَ دُونَ ذِرَاعِ النَّجَّارِ وَالْهَاشِمِيِّ ع ش وَانْظُرْ

(قَوْلُهُ وَالْهَاشِمِيُّ) وَلَعَلَّهُ وَفَرَّقَ الْهَاشِمِيُّ (قَوْلُهُ سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ) هَذَا يُنَافِي مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ أَنَّهُ أَلْفُ بَاعٍ وَالْبَاعُ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مَجْمُوعُهُ عَلَى هَذَا أَرْبَعَةَ آلَافِ ذِرَاعٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ ذِرَاعَ النَّجَّارِ فَيَكُونُ ذِرَاعُ النَّجَّارِ ذِرَاعًا وَنِصْفًا بِهَذَا الذِّرَاعِ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ لِحَجَرٍ فِي بَابِ الْقُلَّتَيْنِ أَنَّ فِي ذِرَاعِ النَّجَّارِ اخْتِلَافًا قِيلَ: ذِرَاعٌ وَرُبْعٌ وَقِيلَ: ذِرَاعٌ وَنِصْفٌ وَفِي التُّحْفَةِ فِي ذَلِكَ الْبَابِ قَالَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ: ذِرَاعُ الْعَمَلِ أَيْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي عُرْفِ الْبُنَاةِ وَالنَّجَّارِينَ كَمَا فِي الْحَوَاشِي الْمَدَنِيَّةِ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ ذِرَاعٌ وَثُلُثٌ مِنْ ذِرَاعِ الْحَدِيدِ الْمُسْتَعْمَلِ بِمِصْرَ، وَذَلِكَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ قِيرَاطًا وَذِرَاعُ الْيَدِ الَّذِي حَرَّرْنَاهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ قِيرَاطًا اهـ. فَيَكُونُ ذِرَاعُ الْحَدِيدِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ قِيرَاطًا وَلَعَلَّهُ هُوَ الَّذِي ذُكِرَ فِي تَحْدِيدِ الْمَسَافَةِ، وَالْقِيرَاطُ هُوَ الْأُصْبُعُ (قَوْلُهُ الْبِرْذَوْنِ) قَالَ فِي الْمَغْرِبِ هُوَ الْفَرَسُ التُّرْكِيُّ وَفِي الْحَوَاشِي الْمَدَنِيَّةِ هُوَ الْفَرَسُ الَّذِي أَبَوَاهُ عَجَمِيَّانِ اهـ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ الْبَغْلِ فَلْيُحَرَّرْ

(قَوْلُهُ مَعَ الْمُعْتَادِ إلَخْ) أَيْ مَعَ حُصُولِ ذَلِكَ الْمُعْتَادِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَضَبَطُوهُ بِنَحْوِ سَاعَةٍ وَنِصْفٍ فَتَكُونُ مَسَافَةُ السَّيْرِ نَحْوَ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ سَاعَةً وَنِصْفٍ. (قَوْلُهُ الْأَثْقَالِ) أَيْ الْإِبِلِ الْمُثْقَلَةِ (قَوْلُهُ وَدَبِيبِ الْأَقْدَامِ) فِي الْقَامُوسِ دَبَّ يَدِبُّ دَبِيبًا مَشَى عَلَى هَيِّنَتِهِ. (قَوْلُهُ وَضَبْطُهَا بِذَلِكَ تَحْدِيدٌ) وَإِنْ كَفَى فِي حُصُولِ ذَلِكَ الْمَحْدُودِ الظَّنُّ (قَوْلُهُ بِتَحَقُّقِ تَقْدِيرِ إلَخْ) أَيْ بِعِلْمِ مِقْدَارِهَا يَقِينًا، وَإِنْ كَفَى فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ الظَّنُّ تَدَبَّرْ. ثُمَّ رَأَيْتُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ قَالَ: اعْتِبَارُ التَّحَقُّقِ يُشْكِلُ عَلَيْهِ الِاكْتِفَاءُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِالِاجْتِهَادِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ شَأْنَ الرُّخَصِ (قَوْلُهُ بِمَقْصِدِ مَعْلُومٍ) فِي ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى قَصْدِ قَطْعِ مَرْحَلَتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَحَلُّ مَعْلُومًا أَوْ لَا، فِي جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ لَا، (قَوْلُهُ وَإِنْ سَلَكَ طَرِيقًا) أَيْ سَلَكَ طَرِيقًا مَسْلُوكًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ إتْعَابَ النَّفْسِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ قَطْعَ مَرْحَلَتَيْنِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ جَازَ الْقَصْرُ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ الْمُحَشِّي عَلَى الْمَنْهَجِ، بَلْ نُقِلَ عَنْ الطَّبَلَاوِيِّ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ قَطْعَ مَرْحَلَتَيْنِ بِلَا غَرَضٍ صَحِيحٍ، وَلَيْسَ فِي سَفَرِهِ إتْعَابٌ لَهُ فَلَهُ الْقَصْرُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ م ر الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ فِي نَفْسِهِ إتْعَابٌ بِلَا غَرَضٍ اهـ. لَكِنْ نَقَلَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْهُ أَنَّ الْهَائِمَ إذَا قَصَدَ قَطْعَ مَرْحَلَتَيْنِ يَقْصُرُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُتْعِبَ نَفْسَهُ أَوْ دَابَّتَهُ بِلَا غَرَضٍ

وَهُوَ

ص: 459

رَاكِبُ التَّعَاسِيفِ، بَلْ أَوْلَى وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّظْمِ أَنَّهُ لَا قَصْرَ لِمَنْ قَصَدَ سَيْرَ دُونِ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا، أَوْ شَكَّ فِي بُلُوغِ سَفَرِهِ لَهَا كَالْعَبْدِ وَالزَّوْجَةِ وَالْجُنْدِيِّ إذَا تَبِعُوا مَتْبُوعَهُمْ وَلَمْ يَعْرِفُوا مَقْصِدَهُ، فَلَوْ نَوَوْا مَسَافَةَ الْقَصْرِ قَصَرَ الْجُنْدِيُّ دُونَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَحْتَ قَهْرِ الْأَمِيرِ بِخِلَافِهِمَا، فَنِيَّتُهُمَا كَالْعَدَمِ ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَلَا يُنَافِيهِ فِي الْجُنْدِيِّ قَوْلُهُمَا: لَوْ نَوَى الْعَبْدُ أَوْ الزَّوْجَةُ أَوْ الْجَيْشُ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَلَمْ يَنْوِ مَتْبُوعُهُ فَالْأَقْوَى أَنَّ لَهُمْ الْقَصْرَ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ حَجْرِ الْأَمِيرِ عَلَى الْآحَادِ عَدَمُهُ عَلَى الْجَيْشِ، لِعِظَمِ الْفَسَادِ بِمُخَالَفَةِ الْجَيْشِ دُونَ الْجُنْدِيِّ، ثُمَّ مَحَلُّ عَدَمِ جَوَازِ قَصْرِهِمْ إذَا لَمْ يَقْطَعُوا مَسَافَةَ الْقَصْرِ، وَإِلَّا فَلَهُمْ الْقَصْرُ كَمَا فِي الْأَسِيرِ حَيْثُ جَهِلَ الْمَقْصِدَ

ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنَّهُ صَرَّحَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَنَّ طَالِبَ الْغَرِيمِ أَوْ الْآبِقِ أَوْ غَيْرِهِمَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَحَلَّهُ لَا يَقْصُرُ، وَإِنْ طَالَ سَفَرُهُ، وَكَذَا الْمُنْتَجِعُ، وَهُوَ مَنْ يَطْلُبُ الْكَلَأَ وَنِيَّتُهُ الْإِقَامَةُ إذَا وَجَدَهُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَسَافَةَ هُنَا مَعْلُومَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، إذْ الْمَتْبُوعُ يَعْلَمُهَا بِخِلَافِهَا ثَمَّةَ، وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ الْمَسَافَةُ (ذَهَابَا) ، فَلَوْ قَصَدَ مَكَانًا عَلَى مَرْحَلَةٍ بِعَزْمِ الْإِيَابِ مِنْ غَيْرِ إقَامَةٍ، فَلَا تَرَخُّصَ لَهُ وَإِنْ نَالَهُ مَشَقَّةُ السَّفَرِ مَرْحَلَتَيْنِ، لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ: أَنَقْصُرُ الصَّلَاةَ إلَى عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: لَا وَلَكِنْ إلَى عُسْفَانَ وَإِلَى جُدَّةَ وَإِلَى الطَّائِفِ وَرُوِيَ عَنْهُ لَا تَقْصُرُوا فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْ مَكَّةَ إلَى عُسْفَانَ وَإِلَى الطَّائِفِ فَقَدَّرَهُ بِالذَّهَابِ وَحْدَهُ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى سَفَرًا طَوِيلًا وَالْغَالِبُ فِي الرُّخَصِ الِاتِّبَاعُ

(لَا مَنْ إلَيْهِ مِنْ قَصِيرٍ عَدَلَا وَمَا لَهُ مِنْ غَرَضٍ) بِزِيَادَةِ مِنْ الثَّانِيَةِ، يَعْنِي لَا مَنْ عَدَلَ مِنْ طَرِيقٍ قَصِيرٍ إلَى طَوِيلٍ وَلَا غَرَضَ لَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ أَوْ شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ بِاسْتِوَاءِ دَلِيلِ قَوْلِهِ السَّابِقِ اجْتَهَدَ (قَوْلُهُ لِعِظَمِ الْفَسَادِ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُنْدِيِّ الْوَاحِدِ وَالْأَكْثَرِ مِنْهُ، وَأَنَّ الضَّابِطَ مَا لَا يَعْظُمُ الْفَسَادُ بِمُخَالَفَتِهِ فَلَوْ نَوَى كُلٌّ مِنْ الْجَيْشِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ مُرَتَّبًا، فَهَلْ يُعْتَدُّ بِنِيَّةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ إلَى مَا لَا يَعْظُمُ الْفَسَادُ بِمُخَالَفَتِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ أَوْ مَعًا، فَهَلْ يَكْفِي نِيَّةُ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ؟ فِيهِ نَظَرٌ

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُمْ الْقَصْرُ) أَيْ، وَإِنْ امْتَنَعَ قَصْرُ مَتْبُوعِهِمْ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْمَانِعِ فِي حَقِّهِ لِقَصْدِهِ الْمَعْصِيَةَ بِالسَّفَرِ وُجُودُهُ فِي حَقِّ تَابِعِهِ م ر. (قَوْلُهُ فَلَهُمْ الْقَصْرُ) وَيَنْبَغِي جَوَازُ قَصْرِ مَا فَاتَ قَبْلَ قَطْعِ الْمَسَافَةِ ثُمَّ رَأَيْت م ر ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ حَيْثُ جَهِلَ إلَخْ) وَفِي الرَّوْضِ فَلَوْ عَلِمَ الْأَسِيرُ أَنَّ سَفَرَهُ طَوِيلٌ وَنَوَى الْهَرَبَ إنْ وَجَدَ فُرْصَةً لَمْ يَقْصُرْ قَبْلَ مَرْحَلَتَيْنِ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَمَّا بَعْدَهُمَا فَيَقْصُرُ ثُمَّ قَالَ: وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ إذَا عَلِمَا أَنَّ السَّفَرَ طَوِيلٌ، وَنَوَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا مَتَى تَخَلَّصَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِفِرَاقٍ رَجَعَتْ، وَالْعَبْدُ أَنَّهُ مَتَى عَتَقَ رَجَعَ فَلَا يَتَرَخَّصَانِ قَبْلَ مَرْحَلَتَيْنِ إلَخْ، وَذَكَرَ نِزَاعًا فِي كُلِّ ذَلِكَ، فَإِنْ قُلْتَ: فَهَلْ لَهُمْ قَصْرُ مَا فَاتَ قَبْلَ مَرْحَلَتَيْنِ فِي السَّفَرِ؟ قُلْتُ يَنْبَغِي نَعَمْ لَا يُقَالُ: لَمْ يَكُونُوا جَازِمِينَ بِسَيْرِ الْمَرْحَلَتَيْنِ لِنِيَّتِهِمْ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَوْ أَثَّرَ ذَلِكَ لَا لِمَنْعٍ بَعْدَ الْمَرْحَلَتَيْنِ وَاحْتَاجُوا فِي الْقَصْرِ بَعْدَهُمَا إلَى قَصْدٍ جَدِيدٍ وَلَمْ يَشْتَرِطُوا ذَلِكَ

(قَوْلُهُ، وَإِنْ طَالَ سَفَرُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى سَفَرٍ طَوِيلٍ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْقَاهُ إلَّا بَعْدَ مَرْحَلَتَيْنِ قَصَرَ فِيهِمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا فِيمَا زَادَ عَلَيْهِمَا لَكِنَّ ظَاهِرَ الرَّوْضَةِ اسْتِمْرَارُ التَّرَخُّصِ، وَلَوْ فِيمَا زَادَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ م ر

(قَوْلُهُ مِنْ قَصِيرٍ عَدَلَا)

ــ

[حاشية الشربيني]

يُفِيدُ مَا نَقَلَهُ عَنْ طب تَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت زي وع ش قَالَا: لَا بُدَّ مِنْ الْغَرَضِ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلْقَصْرِ، وَعَلَى هَذَا فَلِلْهَائِمِ فَرْدٌ لَا يَكُونُ سَفَرُهُ حَرَامًا وَلَا يَصِحُّ قَصْرُهُ، وَهُوَ مَنْ لَا غَرَضَ لَهُ مَعَ عَدَمِ إتْعَابِ نَفْسِهِ وَدَابَّتِهِ وَيَكُونُ تَعْلِيلُ الشَّارِحِ لِمَا نَقَلَهُ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ قَاصِرًا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ التَّعَاسِيفِ) أَيْ الطُّرُقِ الْمَائِلَةِ الَّتِي يَضِلُّ سَالِكُهَا مِنْ تَعَسُّفِ مَالٍ، أَوْ عَسَّفَهُ تَعْسِيفًا أَتْعَبَهُ اهـ تُحْفَةٌ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْرِفُوا مَقْصِدَهُ) فَلَوْ عَرَفُوهُ قَصَرُوا قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَوْ نَوَى الْمَوْلَى أَوْ الزَّوْجُ الْإِقَامَةَ لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُهَا لِلْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ، بَلْ لَهُمَا التَّرَخُّصُ، كَذَا فِي الْمَحَلِّيِّ عَنْهُ قَالَ ق ل: وَإِنْ عَلِمَا بِنِيَّةِ الْمَتْبُوعِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَخَالَفَ الْعَلَّامَةَ ابْنَ قَاسِمٍ فِي الْعِلْمِ، بَلْ قَالَ: الْوَجْهُ أَيْضًا أَنْ يَلْزَمَهُمْ إعَادَةُ مَا قَصَرُوهُ مِنْ وَقْتِ نِيَّةِ مَتْبُوعِهِمْ الْإِقَامَةَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِهِ

(قَوْلُهُ قَصَرَ الْجُنْدِيُّ) مَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِالشُّجَاعَةِ أَوْ يَخْتَلُّ النِّظَامُ بِعَوْدِهِ اهـ شَيْخُنَا قُوَيْسَنِيٌّ، كَذَا بِخَطِّ وَالِدِي بِهَامِشِ الْمَنْهَجِ وَفِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ الْمَدَارُ عَلَى مَا يَخْتَلُّ بِهِ النِّظَامُ لَوْ خَالَفَ، وَمَا لَا يَخْتَلُّ وَذِكْرُ الْوَاحِدِ وَالْجَيْشِ مِثَالٌ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَحْتَ قَهْرِ الْأَمِيرِ) الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ تَحْتَ قَهْرِ الْأَمِيرِ اخْتِلَالُ نِظَامِهِ بِعَدَمِ إرْهَابِ الْعَدُوِّ وَسُقُوطِ هَيْبَتِهِ عِنْده، وَبِكَوْنِهِ لَيْسَ تَحْتَ قَهْرِهِ ضِدُّ ذَلِكَ وَمُخَالَفَةُ الْآحَادِ لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ بِخِلَافِ الْجَيْشِ، وَحِينَئِذٍ لَا نَظَرَ لِلْإِثْبَاتِ فِي الدِّيوَانِ وَعَدَمِهِ، هَكَذَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَحَلِّيِّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ تَحْتَ قَهْرِ الْأَمِيرِ سُقُوطُ حُرْمَةِ الْأَمِيرِ فِي نَفْسِهِ أَوْ عِنْدَ جَيْشِهِ، وَبِكَوْنِهِ لَيْسَ تَحْتَ قَهْرِهِ ضِدُّ ذَلِكَ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِمُخَالَفَةِ الْمُثْبَتِ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لَهُ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ فِي الْمَنْهَجِ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا ز ي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ يَخْتَلُّ بِهِ النِّظَامُ، فَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُثْبِتِ وَلَا نِيَّةُ الْجَيْشِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْجَيْشُ مُتَطَوِّعًا فِيمَا يَظْهَرُ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مُخَالَفَتِهِ مِنْ اخْتِلَالِ النِّظَامِ اهـ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَهُمْ) وَلَوْ كَانَ الْبَاقِي دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ م ر سم (قَوْلُهُ وَإِنْ طَالَ سَفَرُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: إنَّ شَرْطَ الْقَصْرِ أَنْ يَعْزِمَ عَلَى قَطْعِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ اهـ. فَالْعَزْمُ لَازِمٌ إمَّا مِنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ تَابِعًا أَوْ مِنْ مَتْبُوعِهِ إنْ كَانَ

(قَوْلُهُ وَلَا غَرَضَ لَهُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ لَهُ

ص: 460

غَيْرُ الرُّخْصَةِ، فَلَا يَتَرَخَّصُ لِتَطْوِيلِهِ الطَّرِيقَ بِلَا غَرَضٍ، كَمَا لَوْ تَرَدَّدَ فِي طَرِيقِهِ حَتَّى بَلَغَ مَرْحَلَتَيْنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَدَلَ إلَيْهِ لِغَرَضٍ غَيْرِ الرُّخْصَةِ كَأَمْنٍ وَسُهُولَةٍ وَزِيَارَةٍ وَتَنَزُّهٍ، وَتَرَدَّدَ الْجُوَيْنِيُّ فِي التَّنَزُّهِ، وَلَيْسَ مُجَرَّدُ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ غَرَضًا صَحِيحًا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ وَأَقَرَّاهُ (مَا حُلِّلَا) أَيْ مَا دَامَ السَّيْرُ حَلَالًا وَلَوْ مَكْرُوهًا، أَمَّا الْمُحَرَّمُ كَسَفَرِ عَبْدٍ آبِقٍ وَزَوْجَةٍ نَاشِزَةٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ، فَلَا يُتَرَخَّصُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي، فَالْعَاصِي بِسَفَرِهِ لَا يَتَرَخَّصُ بِخِلَافِ الْعَاصِي فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَمْنُوعًا مِنْهُ، بَلْ مِنْ الْمَعْصِيَةِ فِيهِ، وَلَوْ أَنْشَأَهُ مُبَاحًا ثُمَّ جَعَلَهُ مَعْصِيَةً، لَمْ يَتَرَخَّصْ أَوْ أَنْشَأَهُ مَعْصِيَةً ثُمَّ تَابَ فَابْتِدَاءُ سَفَرِهِ مِنْ حِينِ التَّوْبَةِ وَمِنْ الْمَعْصِيَةِ أَنْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ أَوْ دَابَّتَهُ بِالرَّكْضِ بِلَا غَرَضٍ، (حَتَّى إلَى الْمَوْطِنِ) أَيْ تَرَخَّصَ إذَا عَبَرَ مَا مَرَّ حَتَّى (عَادَ) إلَى وَطَنِهِ، بِأَنْ بَلَغَ مَا شُرِطَ عُبُورُهُ فِي الِابْتِدَاءِ

ــ

[حاشية العبادي]

خَرَجَ الْعُدُولُ مِنْ طَوِيلٍ لَا طُولٍ (قَوْلُهُ غَيْرُ الرُّخْصَةِ) أَوْ لَا غَرَضَ لَهُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ لِغَرَضٍ) غَيْرِ الرُّخْصَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ لِغَيْرِ غَرَضِ الرُّخْصَةِ)، وَإِنْ قَصَدَ مَعَ ذَلِكَ اسْتِبَاحَةَ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ وَتَنَزُّهٍ) وَفِرَارٍ مِنْ الْمَكْسِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مُجَرَّدُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْوَجْهُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّنَزُّهَ هُنَا لَيْسَ هُوَ الْحَامِلَ عَلَى السَّفَرِ، بَلْ الْحَامِلُ عَلَيْهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَسَفَرِ التِّجَارَةِ وَلَكِنَّهُ سَلَكَ أَبْعَدَ الطَّرِيقَيْنِ لِلتَّنَزُّهِ فِيهِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ فِيمَا يَأْتِي، فَإِنَّهُ الْحَامِلُ عَلَى السَّفَرِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْحَامِلَ عَلَيْهِ كَانَ كَالتَّنَزُّهِ هُنَا، أَوْ كَانَ التَّنَزُّهُ هُوَ الْحَامِلُ عَلَيْهِ كَانَ كَمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ فِي تِلْكَ

(قَوْلُهُ أَمَّا الْمُحَرَّمُ إلَخْ) يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ قَصَدَ مَعْصِيَةً وَغَيْرَهَا بِسَفَرِهِ إذْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مُحَرَّمًا. (قَوْلُهُ لَمْ يَتَرَخَّصْ) فَإِنْ تَابَ تَرَخَّصَ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ، وَلَيْسَ بَعِيدًا إنْ كَانَ الْبَاقِي مَعَ مَا قَبْلَ جَعْلِهِ مَعْصِيَةً يَبْلُغُ مَرْحَلَتَيْنِ، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْبَاقِي مَعَ مَا قَبْلُ مَرْحَلَتَيْنِ

(قَوْلُهُ مَا شُرِطَ عُبُورُهُ)

ــ

[حاشية الشربيني]

غَرَضٌ، وَلَوْ مَعَ الرُّخْصَةِ (قَوْلُهُ وَتَنَزُّهٍ) أَيْ وَالْحَامِلُ عَلَى أَصْلِ السَّفَرِ غَرَضٌ صَحِيحٌ غَيْرُهُ، وَهُوَ إنَّمَا حُمِلَ عَلَى الْعُدُولِ وَمِثْلُهُ رُؤْيَةُ الْبِلَادِ، أَمَّا لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا هُوَ الْحَامِلُ عَلَى أَصْلِ السَّفَرِ فَيَمْتَنِعُ الْقَصْرُ هَذَا مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. م ر فِي الشَّرْحِ ثُمَّ قَالَ: هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ التَّنَزُّهُ لِإِزَالَةِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ غَرَضٌ صَحِيحٌ دَاخِلٌ فِيمَا مَرَّ قَالَ ع ش: وَلَوْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِذَلِكَ طَبِيبٌ (قَوْلُهُ حَتَّى إلَى الْمَوْطِنِ عَادَ إلَخْ) قَالَ الْمَدَنِيُّ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْحَضْرَمِيَّةِ: ظَهَرَ لِي فِي ضَبْطِ أَطْرَافِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَقُولَ: إنَّ السَّفَرَ يَنْقَطِعُ بَعْدَ اسْتِجْمَاعِ شُرُوطِهِ بِأَحَدِ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: الْأَوَّلُ بِوُصُولِهِ إلَى مَبْدَأِ سَفَرِهِ مِنْ سُورٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْهُ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَرْجِعَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ إلَى وَطَنِهِ وَقَيَّدَهُ فِي التُّحْفَةِ بِالْمُسْتَقِلِّ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِذَلِكَ فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهِ، قُلْتُ: بَلْ قَالَ ع ش: وَلَوْ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا، الثَّانِيَةُ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ فَيَنْقَطِعَ بِذَلِكَ أَيْضًا لَكِنْ بِشَرْطِ قَصْدِ إقَامَةٍ مُطْلَقَةٍ أَوْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ كَوَامِلَ، الثَّانِي انْقِطَاعُهُ بِمُجَرَّدِ شُرُوعِهِ فِي الرُّجُوعِ إلَى مَا سَافَرَ مِنْهُ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا رُجُوعُهُ إلَى وَطَنِهِ مِنْ دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، الثَّانِيَةُ إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ مِنْ دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ بِزِيَادَةِ شَرْطٍ، وَهُوَ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ السَّابِقَةِ

الثَّالِثُ بِمُجَرَّدِ نِيَّةِ الرُّجُوعِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ: إحْدَاهُمَا إلَى وَطَنِهِ، وَلَوْ مِنْ سَفَرٍ طَوِيلٍ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِلًّا مَاكِثًا، الثَّانِيَةُ إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ فَيَنْقَطِعُ بِزِيَادَةِ شَرْطٍ وَهُوَ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ السَّابِقَةِ فِيمَا نَوَى الرُّجُوعَ إلَيْهِ، فَإِنْ سَافَرَ مِنْ مَحَلٍّ بِنِيَّتِهِ فَسَفَرٌ جَدِيدٌ، وَالتَّرَدُّدُ فِي الرُّجُوعِ كَالْجَزْمِ بِهِ، الرَّابِعُ انْقِطَاعُهُ بِنِيَّةِ إقَامَةِ الْمُدَّةِ السَّابِقَةِ بِمَوْضِعٍ غَيْرِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ، وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَنْوِيَ الْإِقَامَةَ الْمُؤَثِّرَةَ بِمَوْضِعٍ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ فَيَنْقَطِعُ سَفَرُهُ بِوُصُولِهِ إلَيْهِ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِلًّا، الثَّانِيَةُ نِيَّتُهَا بِمَوْضِعٍ عِنْدَ أَوْ بَعْدَ وُصُولِهِ إلَيْهِ فَيَنْقَطِعُ بِزِيَادَةِ شَرْطٍ، وَهُوَ كَوْنُهُ مَاكِثًا عِنْدَ النِّيَّةِ، الْخَامِسُ انْقِطَاعُهُ بِالْإِقَامَةِ دُونَ غَيْرِهَا وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ: إحْدَاهُمَا انْقِطَاعُهُ بِنِيَّةِ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ كَوَامِلَ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ، ثَانِيهِمَا انْقِطَاعُهُ بِإِقَامَةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا صِحَاحًا، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا تَوَقَّعَ قَضَاءَ وَطَرِهِ قَبْلَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ كَوَامِلَ، ثُمَّ تَوَقَّعَ ذَلِكَ قَبْلَ مُضِيِّهَا، وَهَكَذَا إلَى أَنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ انْقِضَاءَ السَّفَرِ بِوَاحِدٍ مِنْ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَسْأَلَتَانِ فَهِيَ عَشْرُ مَسَائِلَ، وَكُلُّ ثَانِيَةٍ مِنْ مَسْأَلَتَيْنِ تَزِيدُ عَلَى أُولَاهُمَا بِشَرْطٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ ضَبَطَهُ كَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ

رضي الله عنه وَفِي الثَّانِيَةِ مِنْ مَسْأَلَةِ الِانْقِطَاعِ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِي الرُّجُوعِ، وَالثَّانِيَةِ مِنْ الَّتِي بَعْدَهَا نَظَرٌ، فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ جَعَلَ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي سَيُقِيمُ فِيهِ بَعْدَ قَاطِعَةٍ الْآنَ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا لِانْضِمَامِ الرُّجُوعِ أَوْ نِيَّتِهِ فَحَرِّرْهُ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي التُّحْفَةِ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرٍ قَصِيرٍ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِيمَا رَجَعَ إلَيْهِ انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِمُجَرَّدِ رُجُوعِهِ. سَوَاءٌ كَانَ لِوَطَنِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ حَتَّى إلَى الْمَوْطِنِ عَادَ) مِثْلُهُ بُلُوغُهُ مَقْصِدَهُ فَيَنْقَطِعُ سَفَرُهُ بِبُلُوغِهِ مَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ لَوْ ابْتَدَأَ السَّفَرَ مِنْ الْمَقْصِدِ اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ حَيْثُ قَالَ: وَيَنْتَهِي سَفَرُهُ بِبُلُوغِهِ مَبْدَأَ سَفَرِهِ مِنْ وَطَنِهِ، وَإِنْ كَانَ مَارًّا بِهِ فِي سَفَرِهِ لَا بَلَدَ مَقْصِدِهِ وَلَا بَلَدًا لَهُ فِيهَا أَهْلٌ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ بِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَاهَا يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِذَلِكَ اهـ. وَكَتَبَ الْمُحَشِّي عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ السَّفَرَ إلَخْ مَا يُوَافِقُ الرَّوْضَ وَشَرْحَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَنْتَهِي بِبُلُوغِ مَبْدَأِ سَفَرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِلًّا وَقَيَّدَهُ حَجَرٌ فِي التُّحْفَةِ بِالِاسْتِقْلَالِ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِهِ م ر فِي شَرْحِهِ، بَلْ قَالَ: ع ش، وَلَوْ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا (قَوْلُهُ حَتَّى عَادَ)

ص: 461

وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَسْكَنُهُ

(أَوْ بَدَا رُجُوعَهُ إلَيْهِ) أَيْ أَوْ ابْتَدَأَ فِي رُجُوعِهِ إلَى وَطَنِهِ، وَلَوْ لِحَاجَةٍ كَطَهَارَةٍ أَوْ أَخْذِ شَيْءٍ نَسِيَهُ (مَا لَمْ يَبْعُدَا) فِي سَيْرِهِ عَنْ وَطَنِهِ، بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ تَغْلِيبًا لِلْإِقَامَةِ، فَلَا يَتَرَخَّصُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الرُّجُوعِ مَا لَمْ يُفَارِقْ وَطَنَهُ ثَانِيًا، أَمَّا إذَا ابْتَدَأَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ إلَى وَطَنِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ قَبْلَ بُلُوغِهَا إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ، فَإِنَّهُ يَتَرَخَّصُ فِي طَرِيقِهِ، وَكَذَا فِيمَا عَادَ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ وَطَنَهُ، سَوَاءٌ كَانَ لَهُ بِهِ إقَامَةٌ أَمْ لَا، لِانْتِفَائِهَا وَلَا وَطَنَ فَكَانَ كَسَائِرِ الْمَنَازِلِ (كَأَنْ بَدَا لَهُ) وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ مَاكِثٌ (الرُّجُوعُ) عَنْ مَقْصِدِهِ إلَى وَطَنِهِ، وَلَوْ لِغَيْرِ الْإِقَامَةِ أَوْ لَمْ يَبْتَدِئْ فِي الرُّجُوعِ، فَلَا يَتَرَخَّصُ مَا دَامَ هُنَاكَ، فَإِذَا ارْتَحَلَ فَهُوَ سَفَرٌ جَدِيدٌ

فَيُعْتَبَرُ فِيهِ شُرُوطُهُ سَوَاءٌ تَوَجَّهَ إلَى وَطَنِهِ أَمْ إلَى مَقْصِدِهِ الْأَوَّلِ أَمْ إلَى غَيْرِهِمَا، وَعِبَارَتُهُ دُونَ عِبَارَةِ الْحَاوِي تَقْتَضِي تَقْيِيدَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَبْعُدْ عَنْ وَطَنِهِ، حَتَّى إنَّهُ إذَا بَعُدَ عَنْهُ وَبَدَا لَهُ الرُّجُوعُ يَتَرَخَّصُ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ، وَعَلَيْهِ جَرْيُ الشَّارِحِ وَابْنُ الْمُقْرِي لَكِنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ صَرِيحٌ فِي خِلَافِ ذَلِكَ

ــ

[حاشية العبادي]

كَالسُّورِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ كَمَا اقْتَضَاهُ هَذَا الْكَلَامُ (قَوْلُهُ أَيْ أَوْ ابْتَدَأَ فِي رُجُوعِهِ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِهِ نَصْبُ رُجُوعِهِ. (قَوْلُهُ فِي رُجُوعِهِ إلَى وَطَنِهِ) أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ (قَوْلُهُ إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ لِلْإِقَامَةِ فِيهِ فَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَيُحْتَمَلُ اسْتِوَاؤُهُمَا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ لِانْتِفَائِهَا) أَيْ الْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ مَاكِثٌ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ مَاكِثٌ مَا لَوْ نَوَى وَهُوَ سَائِرٌ، وَيَبْقَى مَا لَوْ نَوَى غَيْرَ مَاكِثٍ وَلَا سَائِرٍ لِجِهَةِ الْمَقْصِدِ، بِأَنْ كَانَ سَائِرًا إلَى جِهَةِ الْمَقْصِدِ فَالْتَفَتَ سَائِرًا لِجِهَةِ الْوَطَنِ فَلْيُتَأَمَّلْ حُكْمُهُ، وَلَعَلَّ الِاحْتِرَازَ بِمَاكِثٍ عَنْ الْأَوَّلِ فَقَطْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ السَّفَرَ إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ شَامِلٌ لِمَا إذَا رَجَعَ فَوْرًا مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ مَاكِثٌ) بَلَغَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ أَوْ لَا، بِدَلِيلِ مَا إذَا ارْتَحَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ إلَى وَطَنِهِ) أَيْ أَوْ إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ لِلْإِقَامَةِ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ الْمُسْطَرَةُ بِالْهَامِشِ، وَيَشْمَلُهُ عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ، وَلَوْ لِغَيْرِ الْإِقَامَةِ) شَامِلٌ لِلْحَاجَةِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ تَوَجَّهَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ بَعْدَ قَصْدِ الرُّجُوعِ إلَى وَطَنِهِ أَيْ أَوْ إلَى غَيْرِهِ لِلْإِقَامَةِ، لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَيْهِ أَوْ لَا

(قَوْلُهُ دُونَ عِبَارَةِ الْحَاوِي) يُتَأَمَّلُ مَعَ مَا فِي الْهَامِشِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ صَرِيحٌ فِي خِلَافِ ذَلِكَ) جَزَمَ فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ بِقَضِيَّةِ ذَلِكَ فَقَالَ: وَيَنْتَهِي سَفَرُهُ أَيْضًا بِنِيَّةِ رُجُوعِهِ مَاكِثًا، وَلَوْ مِنْ طَوِيلٍ لَا إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ لِحَاجَةٍ ثُمَّ قَالَ: وَكَنِيَّةُ الرُّجُوعِ التَّرَدُّدُ فِيهِ

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ يُخَالِفُ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَيْ وَقَدْ كَانَ وَصَلَ مَقْصِدَهُ (قَوْلُهُ عَادَ) أَيْ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ) أَمَّا لَوْ عَادَ إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، فَلَا يَنْتَهِي بِالْعَوْدِ إلَيْهِ، إلَّا إنْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِهِ قَبْلُ مُطْلَقًا أَوْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ كَوَامِلَ، وَهُوَ مَاكِثٌ

(قَوْلُهُ أَوْ بِدَارِ رُجُوعِهِ) أَيْ شَرَعَ فِيهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ الْآتِي: كَأَنْ بَدَا لَهُ فَلَيْسَ مَعْنَاهُ الشُّرُوعَ، بَلْ الْعَزْمَ عَلَى الرُّجُوعِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ أَوْ بِدَارِ رُجُوعِهِ) قَبْلَ وُصُولِهِ مَقْصِدَهُ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ، وَإِلَّا لَزِمَ تَدَاخُلُ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا ابْتَدَأَهُ) وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ مَقْصِدَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَ بُلُوغِهَا إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَنْوِ إقَامَةً بِهِ قَاطِعَةً، وَإِلَّا انْقَطَعَ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِي هَذِهِ تَدَبَّرْ اهـ. مَدَنِيٌّ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمَنْهَجِ أَنَّ الِانْقِطَاعَ مَدَارُهُ عَلَى عَدَمِ الْحَاجَةِ بِأَنْ رَجَعَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ فَلْيُرَاجَعْ فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ ضَمَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ إلَى بَدْءِ الرُّجُوعِ أَوْ نِيَّةِ الرُّجُوعِ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ بِهِ إقَامَةٌ إلَخْ) فَإِنَّ مَحَلَّ الْإِقَامَةِ أَحَطُّ مَرْتَبَةً عَنْ الْوَطَنِ اهـ شَرْحُ الْحَاوِي. (قَوْلُهُ إلَى وَطَنِهِ بِخِلَافِهِ إلَى غَيْرِهِ) فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ سَفَرُهُ إلَّا إنْ نَوَى إقَامَةً قَاطِعَةً فِيمَا نَوَى الرُّجُوعَ إلَيْهِ اهـ. مَدَنِيٌّ أَوْ نَوَى الرُّجُوعَ لَهُ لَا لِحَاجَةٍ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ، وَلَوْ لِغَيْرِ الْإِقَامَةِ) بِأَنْ كَانَ لِحَاجَةٍ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ دُونَ عِبَارَةِ الْحَاوِي) عِبَارَتُهُ حَتَّى رَجَعَ إلَى الْوَطَنِ أَوْ بَدَا الرُّجُوعُ إلَيْهِ قَرِيبًا أَوْ بَدَا لَهُ أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ، إلَّا أَنْ يَرْجِعَ الْقَيْدُ الْمُتَوَسِّطُ لِطَرَفَيْهِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ لِلْمُقَيَّدِ بِالْحَالِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ تَقْتَضِي تَقْيِيدَهُ) فَيَكُونُ كَالرُّجُوعِ بِالْفِعْلِ وَعَلَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ هُنَا قَطَعَ السَّفَرَ بِالنِّيَّةِ، وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ مَاكِثٌ لِيَعُودَ بِخِلَافِ الرُّجُوعِ بِلَا نِيَّةٍ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ تَقْتَضِي إلَخْ) حَيْثُ جَعَلَهُ نَظِيرًا لِمَا قَبْلَهُ، أَمَّا عِبَارَةُ الْحَاوِي فَلَا تَقْتَضِيهِ، وَإِنْ أَفْهَمَتْهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: حَتَّى رَجَعَ

ص: 462

؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ السَّفَرَ لِيَعُودَ إلَى وَطَنِهِ، وَحُكْمُ الْوَطَنِ يُخَالِفُ حُكْمَ غَيْرِهِ، وَلِهَذَا لَوْ سَافَرَ مِنْ بَلَدٍ إلَى أُخْرَى، وَوَطَنُهُ فِي طَرِيقِهِ فَدَخَلَهُ وَلَوْ لِحَاجَةٍ انْقَطَعَ سَفَرُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ دَخَلَ غَيْرَ وَطَنِهِ، وَبَدَا مِنْ قَوْلِك: بَدَا لَهُ فِي الشَّيْءِ بَدَاءً بِالْمَدِّ أَيْ نَشَأَ لَهُ فِيهِ رَأْيٌ. قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَكَبُدُوِّ الرُّجُوعِ التَّرَدُّدُ فِيهِ، نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ

(أَوْ نَوَى) وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ، وَلَوْ بِمَكَانٍ لَا يَصْلُحُ لِلْإِقَامَةِ (إقَامَةً) بِمَوْضِعٍ، إمَّا مُطْلَقًا أَوْ (أَرْبَعَةً) مِنْ الْأَيَّامِ بِلَيَالِيِهَا (صَحَّتْ سِوَى يَوْمِ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ) ، فَلَا يَتَرَخَّصُ بَعْدَ وُصُولِهِ الْمَوْضِعَ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ، وَلَوْ نَوَى مَاكِثٌ مُسْتَقِلٌّ بِمَوْضِعٍ وَصَلَ إلَيْهِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِالنِّيَّةِ، كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى إقَامَةَ مَا دُونِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَوْ أَقَامَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ بِلَا نِيَّةٍ انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِتَمَامِهَا

وَأَصْلُ ذَلِكَ خَبَرًا: «يَمْكُثُ الْمُهَاجِرُ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا» وَكَانَ يَحْرُمُ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ الْإِقَامَةُ بِمَكَّةَ مَعَ

ــ

[حاشية العبادي]

فَإِنَّهُ أَوَّلًا لَمَّا قَالَ الرَّوْضُ: فَارَقَ الْبُنْيَانَ ثُمَّ رَجَعَ مِنْ قُرْبٍ لِحَاجَةٍ أَوْ نَوَاهُ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ مَاكِثٌ، فَإِنْ كَانَتْ وَطَنَهُ صَارَ مُقِيمًا وَإِلَّا تَرَخَّصَ، وَإِنْ دَخَلَهَا إلَخْ قَالَ عَقِبَ ذَلِكَ: أَمَّا إذَا رَجَعَ أَوْ نَوَى الرُّجُوعَ مِنْ بَعِيدٍ لِحَاجَةٍ فَيَتَرَخَّصُ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ سَفَرُهُ اهـ، فَإِطْلَاقُ هَذَا بَعْدَ تَفْصِيلِ الرَّوْضِ فِيمَا قَبْلَهُ بَيْنَ الْوَطَنِ وَغَيْرِهِ، يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ هُنَا فِي التَّرَخُّصِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَا رَجَعَ أَوْ نَوَى الرُّجُوعَ إلَيْهِ وَطَنَهُ، وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَهُ، وَثَانِيًا لَمَّا قَالَ الرَّوْضُ: نَوَى ذُو السَّفَرِ الطَّوِيلِ الرُّجُوعَ، وَذُو السَّفَرِ الْقَصِيرِ الزِّيَادَةَ فِي الْمَسَافَةِ، لَيْسَ لَهُمَا حَتَّى يَكُونَ مِنْ حِينِ نَوَيَا إلَى مَقْصِدِهِمَا مَسَافَةَ الْقَصْرِ، وَيُفَارِقَا مَكَانَهُمَا قَالَ: لَا يَتَرَخَّصُ الْأَوَّلُ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ كَمَا جَزَمُوا بِهِ، لَكِنَّ مَفْهُومَ كَلَامِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّهُ يَقْصُرُ وَهُوَ خِلَافُ الْمَنْقُولِ

وَصُورَةُ الْأُولَى أَنْ يَنْوِيَ الرُّجُوعَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، أَمَّا لَهَا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ تَقَدَّمَ إلَخْ فَإِطْلَاقُهُ هُنَا كَالرَّوْضِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْقُولَ مَنْعُ التَّرَخُّصِ، سَوَاءٌ كَانَ مَا نَوَى الرُّجُوعَ إلَيْهِ وَطَنَهُ أَوْ غَيْرَهُ، فَلْيُتَأَمَّلْ. نَعَمْ لَا تَخَالُفَ بَيْنَ كَلَامَيْ شَرْحِ الرَّوْضِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُقَيَّدٌ بِالرُّجُوعِ لِحَاجَةٍ، وَالثَّانِيَ بِالرُّجُوعِ لِغَيْرِهَا

(قَوْلُهُ صَرِيحٌ فِي خِلَافِ ذَلِكَ) قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِهِ لِلْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ وَمَنْ قَصَدَ سَفَرًا طَوِيلًا فَسَارَ ثُمَّ نَوَى رُجُوعًا، انْقَطَعَ سَفَرُهُ فَلَا يَقْصُرُ، فَإِنْ سَارَ إلَى مَقْصِدِهِ الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ فَسَفَرٌ جَدِيدٌ، فَإِنْ كَانَ مَرْحَلَتَيْنِ قَصَرَ وَإِلَّا فَلَا اهـ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَقَدْ عَلَّلَ الْأَصْحَابُ انْقِطَاعَ التَّرَخُّصِ فِي مَسْأَلَةِ الْمِنْهَاجِ الْمَذْكُورَةِ بِزَوَالِ قَصْدِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ الْمُبِيحِ لِلْقَصْرِ، وَقَوْلُهُمْ: ثُمَّ نَوَى رُجُوعًا، شَامِلٌ لِلرُّجُوعِ مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ شَامِلٌ لِلرُّجُوعِ لِمَحَلِّ الْإِقَامَةِ إلَخْ أَنْ يُصَوَّرَ قَوْلُهُ السَّابِقَ أَوْ قَبْلَ بُلُوغِهَا إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ، بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْغَيْرُ مَحَلَّ إقَامَتِهِ، وَإِلَّا انْقَطَعَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ لِمَحَلِّ الْإِقَامَةِ مِنْ الْبَعِيدِ، فَمِنْ غَيْرِهِ أَوْلَى فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ خِلَافِ ذَلِكَ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ السَّفَرَ إلَخْ) بِهَذَا يُفَرِّقُ بَيْنَ هَذَا وَالْمُتَبَادَرِ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَنْ بَلَغَ الْقَصْدَ وَقَصَدَ الْعَوْدَ إلَى وَطَنِهِ بِلَا إقَامَةٍ أَوْ نِيَّةِ إقَامَةٍ فِيهِ مُؤَثِّرَةٍ، جَازَ لَهُ الْقَصْرُ فِيهِ وَفِي عَوْدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ السَّفَرَ فَفُرِّقَ بَيْنَ قَطْعِ السَّفَرِ وَقَصْدِ الرُّجُوعِ بَعْدَ انْتِهَائِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ

وَمِمَّا يُصَرِّحُ فِي كَلَامِهِمْ بِالْمُتَبَادَرِ الْمَذْكُورِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي، وَلَوْ نَوَى أَنَّهُ إذَا وَصَلَ مَقْصِدَهُ أَقَامَ فِيهِ يَوْمًا إلَخْ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَبَدَا) أَيْ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ فُسِّرَ الْأَوَّلُ بِابْتِدَاءٍ (قَوْلُهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ هَذَا فَقَدْ جَعَلَهُ شَامِلًا لِمَا إذَا نَوَى إقَامَةَ الْأَرْبَعَةِ قَبْلَ وُصُولِهِ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ، وَلِمَا إذَا نَوَاهَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ فِي الْأَخِيرَةِ) سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهِيَ وَلَوْ نَوَى مَاكِثًا إلَخْ

ــ

[حاشية الشربيني]

إلَى الْوَطَنِ أَوْ بَدَا الرُّجُوعُ إلَيْهِ قَرِيبًا أَوْ بَدَا لَهُ، فَإِنَّ ضَمِيرَ لَهُ يَعُودُ إلَى الْمُقَيَّدِ بِالْحَالِ ظَاهِرًا، وَيُمْكِنُ عَوْدُهُ لَهُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْقَيْدِ فَلَا يُنَافِي مَا هُنَا مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ قَوْلِهِ: مَفْهُومُ كَلَامِ الْحَاوِي أَنَّهُ يَقْصُرُ وَهُوَ خِلَافُ الْمَنْقُولِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ قَطَعَ السَّفَرَ) يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ الْمَقْصِدَ وَقَصَدَ الرُّجُوعَ لِوَطَنِهِ قَصَرَ هُنَاكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ السَّفَرَ. (قَوْلُهُ وَحُكْمِ الْوَطَنِ إلَخْ) فَيَنْقَطِعُ السَّفَرُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ إلَيْهِ وَلَوْ لِحَاجَةٍ، بِخِلَافِ نِيَّةِ الرُّجُوعِ لِغَيْرِهِ لِحَاجَةٍ. (قَوْلُهُ يُخَالِفُ حُكْمَ غَيْرِهِ) ، وَلَوْ كَانَ أَقَامَ بِهَذَا الْغَيْرِ مُدَّةً عَلَى الْمُرَجَّحِ فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ أَوْ أَرْبَعَةً) بِخِلَافِ مَا دُونَهَا فَيَتَرَخَّصُ فِيهِ، وَانْظُرْ لَوْ أُلْحِقَ الدُّونُ بِدُونٍ وَهَكَذَا، هَلْ يَتَرَخَّصُ فِيهِ؟ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُسَافِرِ حَقِيقَةً فَيَتَرَخَّصُ إذَا نَوَى الدُّونَ، وَالْمُسَافِرِ حُكْمًا فَلَا تُؤَثِّرُ نِيَّتُهُ؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى اسْتِفْرَاغِ الْعُمُرِ قَصْرًا اهـ. مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَا يَتَرَخَّصُ بَعْدَ وُصُولِهِ) أَيْ فَيَنْتَهِي سَفَرُهُ فِي هَذِهِ بِالْوُصُولِ وَفِي الَّتِي بَعْدَهَا بِالنِّيَّةِ وَمِثْلُهُ مَا إذَا قَارَنَتْ النِّيَّةُ الْوُصُولَ

(قَوْلُهُ مَاكِثٌ مُسْتَقِلٌّ) أَفَادَ أَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ حَالَ السَّيْرِ لَا عِبْرَةَ بِهَا إنْ كَانَ الْمَنْوِيُّ الْإِقَامَةُ فِيهِ هُوَ مَكَانُ السَّيْرِ لِمُنَافَاةِ السَّيْرِ حِينَئِذٍ الْإِقَامَةَ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ أَمَامَهُ فَتُعْتَبَرُ حَتَّى إذَا وَصَلَ إلَيْهِ انْقَطَعَ سَفَرُهُ لِعَدَمِ تِلْكَ الْمُنَافَاةِ اهـ. سم بِإِيضَاحٍ. (قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) أَيْ زَادَ مَنْ نَوَى إقَامَتَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ بِأَنْ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إلَّا شَيْئًا غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ كَذَا قَالَهُ ع ش دَافِعًا بِهِ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ إقَامَةُ الزَّائِدِ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَدُونُ الْأَرْبَعَةِ غَيْرُ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ، وَمِثْلُهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ لَيْلَةَ يَوْمِ الْخُرُوجِ زَائِدَةٌ عَلَى الثَّلَاثِ، فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَأَصْلُ ذَلِكَ) لَمْ يَقُلْ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ دَلِيلَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ إنَّمَا هُوَ الْقِيَاسُ عَلَى مَا فِي الْخَبَرَيْنِ، وَكَذَا مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ اهـ. (قَوْلُهُ وَكَانَ إلَخْ) هُوَ الْخَبَرُ

ص: 463

الْكُفَّارِ، كَمَا رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ فَالتَّرْخِيصُ فِي الثَّلَاثِ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ حُكْمِ السَّفَرِ، بِخِلَافِ الْأَرْبَعَةِ، وَمَنَعَ عُمَرُ أَهْلَ الذِّمَّةِ الْإِقَامَةَ فِي الْحِجَازِ، ثُمَّ أَذِنَ لِلتَّاجِرِ مِنْهُمْ أَنْ يُقِيمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، رَوَاهُ مَالِكٌ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَفِي مَعْنَى الثَّلَاثَةِ مَا فَوْقَهَا وَدُونَ الْأَرْبَعَةِ، وَأُلْحِقَ بِإِقَامَةِ الْأَرْبَعَةِ نِيَّةُ إقَامَتِهَا مَعَ وُصُولِهِ إلَى مَا نَوَى الْإِقَامَةَ فِيهِ، أَمَّا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ فِي الْأَخِيرَةِ، وَهُوَ سَائِرٌ فَلَا يُؤَثِّرُ لِوُجُودِ السَّفَرِ، وَكَذَا لَوْ نَوَاهَا فِيهَا وَفِيمَا قَبْلَهَا غَيْرُ الْمُسْتَقْبِلِ، وَلَوْ مَاكِثًا كَعَبْدٍ وَزَوْجَةٍ وَجَيْشٍ دُونَ مَتْبُوعِهِمْ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا لَمْ يُحْسَبْ يَوْمَا الدُّخُولُ وَالْخُرُوجُ؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ الْحَطَّ وَفِي الثَّانِي الرَّحِيلَ، وَهُمَا مِنْ أَشْغَالِ السَّفَرِ

وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ سِوَى إلَى آخِرِهِ إيضَاحٌ لَصَحَّتْ (أَوْ) نَوَى إقَامَةً بِمَوْضِعٍ (لِمَا لَمْ يَتَنَجَّزْ دُونَ مَا تَقَدَّمَا) أَيْ لِأَمْرٍ لَا يُتَنَجَّزُ دُونَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ، فَلَا يَتَرَخَّصُ بَعْدَ وُصُولِهِ الْمَوْضِعَ، كَمَا عُرِفَ مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ، وَمَا نُقِلَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْقَصْرِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ. (أَوْ هُوَ ذُو تَوَقُّعٍ وَمَا انْقَضَى إلَّا وَضِعْفُ تِسْعَةٍ صَحَّتْ مَضَى) بِزِيَادَتِهِ، صَحَّتْ إيضَاحًا أَيْ أَوْ نَوَى إقَامَةً بِمَوْضِعٍ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ يَتَوَقَّعُهَا كُلَّ لَحْظَةٍ، وَمَتَى حَصَلَتْ ارْتَحَلَ ثُمَّ وَصَلَ إلَى الْمَوْضِعِ، فَلَا يَتَرَخَّصُ بَعْدَ مُضِيِّ ضِعْفِ تِسْعَةِ أَيَّامٍ، وَهُوَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا صِحَاحٌ

وَيَتَرَخَّصُ قَبْلَ مُضِيِّهَا، فَإِنَّهَا الْمُدَّةُ الَّتِي قَصَرَ فِيهَا صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ بِحَرْبِ هَوَازِنَ فِي إقَامَتِهِ مُنْتَظِرًا انْجِلَاءَ الْحَرْبِ، كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إلَّا أَنَّ فِي سَنَدِهِ مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ لَكِنَّ الشَّافِعِيَّ رَجَّحَهُ عَلَى خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ «تِسْعَةَ عَشَرَ» وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ فِيهِ رِوَايَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْبُخَارِيُّ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَهَا ابْنُ الصَّلَاحِ وَالسُّبْكِيُّ وَلِابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةٌ أُخْرَى سَبْعَةَ عَشَرَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ رَاوِيَ تِسْعَةَ عَشَرَ عَدَّ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ، وَرَاوِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ لَمْ يَعُدَّهُمَا، وَرَاوِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَدَّ أَحَدَهُمَا، وَهَذَا الْجَمْعُ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِمْ يَقْصُرُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَرُوِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَهِيَ ضَعِيفَةٌ وَعِشْرُونَ، وَهِيَ مُرْسَلَةٌ وَمُسْنَدَةٌ، فَهِيَ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِسْنَادَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِرْسَالِ قَالَ: وَلَوْ حَبَسَهُ الرِّيحُ فِي الْبَحْرِ بِمَوْضِعٍ فَكَالْإِقَامَةِ فِي الْبَرِّ لِتَنَجُّزِ حَاجَةٍ، فَلَوْ فَارَقَ الْمَوْضِعَ ثُمَّ رَدَّهُ الرِّيحُ إلَيْهِ فَأَقَامَ فِيهِ، فَهِيَ إقَامَةٌ جَدِيدَةٌ لَا تُضَمُّ إلَى الْأُولَى (أَوْ قَدْ نَوَى) بَعْدَ عُبُورِ مَا مَرَّ (انْصِرَافَهُ) مِنْ سَفَرِهِ، (إذَا وَجَدْ عَبْدًا وَخَصْمًا) هَرَبَا وَلَمْ يَعْرِفْ مَحَلَّهُمَا

وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا عَبَّرَ بِهَا الْحَاوِي (أَوْ) نَوَى بَعْدَ الْعُبُورِ أَنْ (يُقِيمَ فِي بَلَدْ بِقُرْبِهِ) أَيْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، فَلَا يَتَرَخَّصُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (إنْ وَجَدَ الْمُسْتَعْبَدَا) فِي الْأُولَى (أَوْ الْغَرِيمَ) فِي الثَّانِيَةِ (وَأَقَامَ الْبَلَدَا) أَيْ فِيهِ فِي الثَّالِثَةِ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ أَوْ هُوَ إلَخْ) يَنْبَغِي عَطْفُهُ عَلَى لَمْ يَتَنَجَّزْ أَيْ أَوْ لِمَا هُوَ ذُو تَوَقُّعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِمْ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَهَا مَا عَدَا رِوَايَتَيْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسَبْعَةَ عَشَرَ، بِأَنَّ رَاوِيَ عِشْرِينَ عَدَّ الْيَوْمَيْنِ وَرَاوِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لَمْ يُعِدَّهُمَا وَرَاوِيَ تِسْعَةٍ عَدَّ أَحَدَهُمَا، وَبِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ، يُجَابُ عَنْ تَقْدِيمِهِمْ رِوَايَةَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَلَى رِوَايَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ بِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ مِنْ الشَّوَاهِدِ الْجَائِزَةِ وَغَيْرِهَا اهـ، فَإِنْ قُلْتَ: هَلَّا أَجَابَ عَنْ التَّقْدِيمِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ ذِكْرَ الْقَلِيلِ لَا يَنْفِي الْكَثِيرَ، قُلْتُ كَأَنَّهُ لِأَنَّهُ إذَا أَجَابَ بِذَلِكَ اقْتَضَى تَقْدِيمَ رِوَايَةِ عِشْرِينَ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ رِوَايَتَيْ سَبْعَةَ عَشَرَ وَخَمْسَةَ عَشَرَ بِأَنَّهُ بِحَسْبِ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ الرَّاوِي وَأَدْرَكَهُ. (قَوْلُهُ بَعْدَ عُبُورِ مَا مَرَّ) إشَارَةً إلَى تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِانْعِقَادِ السَّفَرِ وَالشُّرُوعِ فِيهِ قَبْلَ النِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الثَّانِي (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَى الثَّلَاثَةِ مَا فَوْقَهَا) هَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّلَاثِ فِي الْحَدِيثِ غَيْرُ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ، وَفَرْضُ إقَامَةِ زِيَادَةٍ عَلَى الثَّلَاثِ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُ الرَّابِعَ، وَيَكُونُ الثَّلَاثُ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ غَيْرَ مَعْقُولٍ اهـ. عَمِيرَةُ اهـ سم، وَقَدْ يُقَالُ: لَيْلَةُ الرَّابِعِ الَّذِي هُوَ يَوْمُ الْخُرُوجِ زِيَادَةٌ

(قَوْلُهُ مَا فَوْقَهَا وَدُونَ الْأَرْبَعَةِ) قَالَ: فِي الرَّوْضَةِ: وَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ: إنْ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صَارَ مُقِيمًا، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ نِيَّةَ دُونِ الْأَرْبَعَةِ لَا تَقْطَعُ السَّفَرَ، وَإِنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ كَثِيرُونَ، وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ مَتَى نَوَى إقَامَةَ زِيَادَةٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ صَارَ مُقِيمًا وَهَذَا الَّذِي قَالَاهُ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ زِيَادَةٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ، بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُ الْأَرْبَعَةَ اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُلَاحَظَ فِيمَا إذَا نَوَى الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ دُونَ الْأَرْبَعَةِ، وَإِلَّا صَارَ مُقِيمًا لِمَا قَالَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ يَتَوَقَّعُهَا كُلَّ لَحْظَةٍ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْحَضْرَمِيَّةِ: أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ اهـ. قَالَ الْمَدَنِيُّ: بِأَنْ تَوَقَّعَ قَضَاءَهَا قَبْلَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ كَوَامِلَ ثُمَّ قَبْلَ مُضِيِّهَا تَوَقَّعَ ذَلِكَ وَهَكَذَا اهـ. أَمَّا إذَا تَوَقَّعَ قَضَاءَهَا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ كَوَامِلَ، فَلَا قَصْرَ لَهُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ اهـ

(قَوْلُهُ وَيَتَرَخَّصُ بِالْقَصْرِ) وَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الرُّخَصِ عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ، إلَّا سُقُوطُ الْفَرْضِ بِالتَّيَمُّمِ وَتَوَجُّهُ الْقِبْلَةِ فِي النَّافِلَةِ لِمَا عُلِمَ فِي بَابَيْهِمَا اهـ سم عَنْ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. وَفِي التُّحْفَةِ وَلَا يُسْتَثْنَى سُقُوطُ الْفَرْضِ بِالتَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ مَدَارَهُ عَلَى غَلَبَةِ الْمَاءِ وَفَقْدِهِ وَلَا صَلَاةُ النَّافِلَةِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِالسَّيْرِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا (قَوْلُهُ يُقِيمَ) أَيْ إقَامَةً قَاطِعَةً وَإِلَّا فَسَفَرٌ وَاحِدٌ اهـ رَوْضَةٌ. (قَوْلُهُ وَأَقَامَ الْبَلَدَ) أَيْ وَصَلَ إلَيْهَا كَمَا فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ سَابِقًا: أَوْ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ إلَخْ أَنَّ

ص: 464

الْوِجْدَانِ وَالْإِقَامَةِ فَيَتَرَخَّصُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الرُّخْصَةِ قَدْ انْعَقَدَ فَيَسْتَمِرُّ حُكْمُهُ حَتَّى يُوجَدَ مَا غَيَّرَ النِّيَّةَ إلَيْهِ، أَمَّا لَوْ نَوَى ذَلِكَ قَبْلَ الْعُبُورِ، فَلَا يَتَرَخَّصُ لِتَغْيِيرِ النِّيَّةِ قَبْلَ انْعِقَادِ السَّبَبِ، وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ وَأَقَامَ بِمَوْضِعٍ بِنِيَّةِ انْتِظَارِ رُفْقَةٍ عَلَى أَنَّهُمْ إنْ خَرَجُوا سَارَ مَعَهُمْ، وَإِلَّا رَجَعَ لَمْ يُتَرَخَّصْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالسَّفَرِ، فَإِنْ قَالَ: أَنْتَظِرُهُمْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجُوا سِرْت، فَلَهُ الْقَصْرُ، وَلَوْ نَوَى أَنَّهُ إذَا وَصَلَ مَقْصِدَهُ أَقَامَ فِيهِ يَوْمًا، فَإِنْ لَقِيَ فِيهِ فُلَانًا قَامَ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، وَإِلَّا رَجَعَ فَلَهُ الْقَصْرُ إلَى مَقْصِدِهِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَلْقَهُ فَلَهُ الْقَصْرُ حَتَّى يَرْجِعَ، وَإِلَّا أَتَمَّ مِنْ حِينِ لَقِيَهُ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ، وَلَوْ نَوَى بَعْدَ لُقِيِّهِ أَنْ لَا يُقِيمَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَلَا قَصْرَ لَهُ حَتَّى يُسَافِرَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُقِيمًا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ

(وَاشْتَرَطُوا لَأَنْ يَصِحَّ مَا قَصَرْ) أَيْ لِصِحَّةِ قَصْرِهِ (عِلْمَ الْجَوَازِ) لَهُ مِنْ مُرِيدِهِ، فَلَوْ جَهِلَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ عَابِثٌ فِي اعْتِقَادِهِ غَيْرُ مُصَلٍّ، (وَ) اشْتَرَطُوا (الدَّوَامَ لِلسَّفَرْ) فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ، فَلَوْ أَقَامَ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ شَرَعَ فِيهَا مُقِيمًا ثُمَّ سَارَتْ السَّفِينَةُ أَتَمَّ تَغْلِيبًا لِلْحَضَرِ، وَاسْتُشْكِلَتْ الثَّانِيَةُ، بِأَنَّهُ إنْ نَوَى الْقَصْرَ لَمْ تَنْعَقِدْ وَإِلَّا انْعَقَدَتْ تَامَّةً، وَأَجَابَ عَنْهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ صُورَتَهَا أَنْ يُطْلِقَ النِّيَّةَ فَيَجِبَ الْإِتْمَامُ لِعِلَّتَيْنِ: فَقْدِ نِيَّةِ الْقَصْرِ وَاجْتِمَاعِ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَبَيَّنُوا أَنَّ اجْتِمَاعَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فِي الْعِبَادَةِ يُوجِبُ تَغْلِيبَ حُكْمِ الْحَضَرِ

وَيُسْتَدَلُّ بِهِ حِينَئِذٍ عَلَى مَا لَوْ مَسَحَ الْخُفَّ حَضَرًا ثُمَّ سَافَرَ فَيُتِمُّ مَسْحَ مُقِيمٍ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ (وَ) اشْتَرَطُوا دَوَامَ (نِيَّةٍ جَازِمَةٍ لِلْقَاصِرِ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ حَتَّى الْآخِرِ) أَيْ إلَى آخِرِهَا، فَلَوْ نَوَى الْإِتْمَامَ أَوْ لَمْ يَنْوِ قَصْرًا وَلَا إتْمَامًا أَوْ تَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ يَقْصُرُ أَوْ يُتِمُّ، وَلَوْ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ لِأَنَّهُ الْمَنْوِيُّ فِي الْأُولَى، وَالْأَصْلُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ تَجِبُ نِيَّةُ الْقَصْرِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ كَوْنُهَا فِي الِابْتِدَاءِ كَأَصْلِ النِّيَّةِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ دَوَامُ تَذَكُّرِهَا مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ إلَى آخِرِهَا عَلَى مَا فَهِمَهُ النَّاظِمُ

وَاعْتَرَضَهُ حَيْثُ قَالَ: (قُلْتُ: كَذَا مَفْهُومُهُ) أَيْ الْحَاوِي (وَالْأَصْوَبُ أَنَّ دَوَامَ ذِكْرِهَا) بِضَمِّ الذَّالِ وَكَسْرِهَا أَيْ تَذَكُّرِهَا (لَا يَجِبُ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ انْفِكَاكٌ عَمَّا خَالَفَ فِي كُلِّ الصَّلَاةِ) أَيْ الِانْفِكَاكُ فِي كُلِّ الصَّلَاةِ عَمَّا يُخَالِفُ (الْجَزْمَا) بِنِيَّةِ الْقَصْرِ، وَهُوَ الْجَزْمُ بِنِيَّةِ الْإِتْمَامِ أَوْ الشَّكِّ فِي أَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ أَوْ الْإِتْمَامَ، أَوْ التَّرَدُّدُ فِي أَنَّهُ يَقْطَعُ نِيَّةَ الْقَصْرِ أَوْ لَا، وَإِنْ تَذَكَّرَ حَالًا فِي الشَّكِّ بِخِلَافِ الشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ إذَا تَذَكَّرَ حَالًا لَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ مَا نَادَى هُنَا مَحْسُوبٌ لِبَقَاءِ أَصْلِ النِّيَّةِ، فَتَأَدَّى جَزْءٌ عَلَى التَّمَامِ فَلَزِمَ بِهِ الْإِتْمَامُ تَغْلِيبًا لِلْأَصْلِ، بِخِلَافِهِ ثَمَّةَ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ، لَكِنَّهُ عُفِيَ عَنْهُ لِقِلَّتِهِ (أَوْ عُلِّقَتْ) عَطْفٌ عَلَى الدَّوَامِ أَيْ اشْتَرَطُوا دَوَامَ نِيَّةٍ جَازِمَةٍ لِلْقَصْرِ أَوْ تَعْلِيقَهَا (بِنِيَّةِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُمَا إلَخْ) وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ إلَخْ قَدْ يُشْعِرُ بِتَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِالتَّرَدُّدِ فِي خُرُوجِهِمْ، فَلَوْ كَانَ جَازِمًا بِخُرُوجِهِمْ لَكِنَّهُ بِحَسْبِ نَفْسِ الْأَمْرِ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَخْرُجُوا رَجَعَ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ الْقَصْرَ لِجَزْمِهِ بِالسُّنِّيَّةِ، وَعَلَيْهِ لَوْ تَرَكُوا الْخُرُوجَ لِعَارِضٍ طَرَأَ لَهُمْ، فَهَلْ يَقْضِي مَا قَصَرَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ مِنْ حِينِ لَقِيَهُ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ قَبْلَ مُضِيِّ الْيَوْمِ

(قَوْلُهُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ) إشَارَةٌ إلَى رُجُوعِ قَوْلِهِ الْآتِي مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ إلَخْ إلَى هَذَا أَيْضًا. (قَوْلُهُ انْعَقَدَتْ تَامَّةً) فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا إتْمَامَ بَلْ هِيَ بَاطِلَةٌ، وَعَلَى الثَّانِي لَيْسَ الْإِتْمَامُ لِعَدَمِ السَّفَرِ بَلْ لِفَقْدِ نِيَّةِ الْقَصْرِ. (قَوْلُهُ وَيُسْتَدَلُّ بِهِ حِينَئِذٍ) أَيْ بَعْدَ إثْبَاتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَاشْتَرَطُوا دَوَامَ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا تَقْدِيرٌ مَعْنًى، وَإِلَّا فَاللَّائِقُ عَطْفُ نِيَّةٍ جَازِمَةٍ عَلَى السَّفَرِ فِي السَّفَرِ. (قَوْلُهُ لِلْقَاصِرِ) بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ قَاصِرٌ أَيْ نِيَّتُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَاصِرٌ أَيْ نِيَّةُ الْقَصْرِ. (قَوْلُهُ كَأَصْلِ النِّيَّةِ) قَضِيَّتُهُ اعْتِبَارُ مُقَارَنَتِهَا لِجَمِيعِ التَّكْبِيرَةِ عَلَى مَا فَهِمَهُ النَّاظِمُ أَيْ وَلَيْسَ مَا فَهِمَهُ مُتَعَيِّنًا لِإِمْكَانِ حَمْلِ الدَّوَامِ عَلَى الدَّوَامِ الْحُكْمِيِّ بِرّ

(قَوْلُهُ قُلْتُ: كَذَا) لَعَلَّ الْأَصَحَّ زِيَادَةُ الْكَافِ أَيْ قُلْتُ: ذَا أَيْ وُجُوبُ دَوَامِ تَذَكُّرِهَا مَفْهُومُهُ أَيْ مَفْهُومٌ مِنْ عِبَارَتِهِ، وَفِي أَصَالَتِهَا عُسْرٌ فِي الْمَعْنَى لِدَلَالَتِهَا عَلَى مُشَبَّهٍ وَمُشَبَّهٍ بِهِ مَعَ عُسْرِ تَحَقُّقٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ حُسْبَانِ نَحْوِ الْقِرَاءَةِ مَعَهُ (قَوْلُهُ أَوْ عُلِّقَتْ) يُمْكِنُ تَقْدِيرُ إنْ أَيْ، وَإِنْ عُلِّقَتْ. (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى الدَّوَامِ) فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْلَى قِرَاءَةُ نِيَّةٍ بِالنَّصْبِ،

ــ

[حاشية الشربيني]

ذَاكَ كَانَ مُسَافِرًا سَائِرًا، وَهَذَا عَبْرَ السُّوَرِ فَقَطْ، فَلَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَهُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ سَبَبَ الرُّخْصَةِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ نَوَى بَعْدَ الْعُبُورِ قَبْلَ هَذِهِ النِّيَّةِ قَطْعَ مَرْحَلَتَيْنِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ النَّوَوِيُّ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ جَاهِلًا بِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ سَيْرَ السَّفِينَةِ، وَبِأَنَّ مُرَادَهُمْ مَا إذَا أَطْلَقَ فِي نِيَّتِهِ فَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ لِعِلَّتَيْنِ: فَقْدِ نِيَّةِ الْقَصْرِ وَتَغْلِيبِ الْحَضَرِ وَيُسْتَدَلُّ بِهِ حِينَئِذٍ فِي نَظِيرِهِ مِنْ مَسْحِ الْخُفِّ عَلَى أَنَّهُ يَمْسَحُ مَسْحَ مُقِيمٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ: بِأَنَّهُ يَمْسَحُ مَسْحَ مُسَافِرٍ مَعَ مُوَافَقَتِهِ لَنَا عَلَى مَا هُنَا (قَوْلُهُ نِيَّةٍ جَازِمَةٍ) أَيْ مُقَارِنَةٍ لِلتَّكْبِيرِ كَأَصْلِ النِّيَّةِ حُكْمًا وَخِلَافًا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ اهـ ق ل. (قَوْلُهُ عَلَى مَا فَهِمَهُ) عِبَارَةُ الْحَاوِي وَشَرْطُ الْقَصْرِ الْعِلْمُ بِجَوَازِهِ وَدَوَامُ السَّفَرِ وَجَزْمُ نِيَّتِهِ أَوْ تَعْلِيقُهُ بِنِيَّةِ الْإِمَامِ اهـ. فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ أَنَّ جَزْمَ نِيَّتِهِ عَطْفٌ عَلَى السَّفَرِ، أَيْ يُشْتَرَطُ دَوَامُ جَزْمِ نِيَّتِهِ أَوْ تَعْلِيقُهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ لِجَوَازِ أَنْ يَعْطِفَ، وَجَزَمَ عَلَى دَوَامِ السَّفَرِ أَيْ يُشْتَرَطُ جَزْمُ نِيَّتِهِ أَوْ التَّعْلِيقُ عَلَى نِيَّةِ الْإِمَامِ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَى مَا فَهِمَهُ إلَى ذَلِكَ اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ بِضَمِّ الذَّالِ وَكَسْرِهَا) هُوَ قَوْلٌ فِي اللُّغَةِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَلَا يَجِبُ اسْتِدَامَةُ ذِكْرِهَا، لَكِنْ يُشْتَرَطُ الِانْفِكَاكُ عَمَّا يُخَالِفُ الْجَزْمَ

ص: 465

الْإِمَامِ) الَّذِي عَلِمَهُ أَوْ ظَنَّهُ الْمَأْمُومُ مُسَافِرًا، وَلَمْ يَعْلَمْ بِنِيَّتِهِ فَقَالَ: إنْ قَصَرَ قَصَرْت وَإِلَّا أَتْمَمْت، إذْ الْحُكْمُ مُعَلَّقٌ بِهِ، وَإِنْ جُزِمَ

وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ وَلَمَّا أَغْنَى عَنْ الْجَزْمِ، جَعَلَ الشَّرْطَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ، وَشَرْطُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي: أَنْ يَظْهَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَصْرِ، فَلَوْ فَسَدَتْ صَلَاةُ إمَامِهِ وَاسْتَمَرَّ التَّرَدُّدُ، لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ

(أَمَّا الَّذِي اقْتَدَى) وَلَوْ لَحْظَةً (بِذِي إتْمَامِ) أَيْ بِمُتِمٍّ مُسَافِرٍ أَوْ مُقِيمٍ فَيُتِمُّ لِخَبَرِ أَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ سُئِلَ: مَا بَالُ الْمُسَافِرِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ إذَا انْفَرَدَ وَأَرْبَعًا إذَا ائْتَمَّ بِمُقِيمٍ؟ ، فَقَالَ: تِلْكَ السُّنَّةُ، (وَلَوْ جَرَى اقْتِدَاؤُهُ فِي صُبْحِ أَوْ جُمُعَةٍ) فَيُتِمُّ لِتَمَامِ الصَّلَاةِ فِي نَفْسِهَا (هَذَا عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ثَانِيهَا: لَهُ الْقَصْرُ لِتَوَافُقِ الْعَدَدِ وَثَالِثُهَا: إنْ كَانَ الْإِمَامُ مُقِيمًا أَتَمَّ، وَإِلَّا فَلَا، وَذِكْرُ الْخِلَافِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ (أَوْ) اقْتَدَى (بِإِمَامٍ قَاصِرٍ) فَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَاسْتَخْلَفَا مُتَمِّمًا) فَيُتِمُّ لِاقْتِدَائِهِ بِمُتِمٍّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ سَهْوُهُ (كَالْأَصْلِ فَرْعَهُ اقْتَفَى) أَيْ كَمَا يُتِمُّ الْأَصْلُ إذَا عَادَ وَتَبِعَ فَرْعُهُ بِأَنْ اقْتَدَى بِهِ لِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَقْتَدِ بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْمَامُ (أَوْ مَنْ) أَيْ أَوْ اقْتَدَى بِمَنْ (يَشُكُّ أَمُسَافِرٌ هُوَ) أَمْ مُقِيمٌ، فَيُتِمُّ، وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ مُسَافِرٌ قَاصِرٌ؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ مُتَرَدِّدًا فِيمَا يَسْهُلُ كَشْفُهُ لِظُهُورِ شِعَارِ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ، (لَا) إنْ اقْتَدَى بِمَنْ عَلِمَهُ أَوْ ظَنَّهُ مُسَافِرًا وَشَكَّ (هَلْ نَوَى الْإِتْمَامَ أَوْ قَصَرًا) ، وَظَهَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَصْرِ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ الْآتِي، فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُسَافِرِ الْقَصْرُ، وَهَذِهِ قَدْ تُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ عُلِّقَتْ بِنِيَّةِ الْإِمَامِ (سِوَى) شَكِّهِ فِي نِيَّةِ قَصْرِ إمَامِهِ (عِنْدَ قِيَامٍ ثَالِثٍ) لِإِمَامِهِ فَيُتِمُّ، وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ سَاهٍ بِقِيَامِهِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْمُحْتَمَلَيْنِ لُزُومُ الْإِتْمَامِ فَيَلْزَمُ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ نَفْسِهِ.

وَيُخَالِفُ مَا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ الْإِمَامِ ابْتِدَاءً حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهَا وَلَا أَمَارَةَ تُشْعِرُ بِالْإِتْمَامِ، وَهُنَا الْقِيَامُ مُشْعِرٌ بِهِ، فَإِنْ عُلِمَ كَوْنُهُ سَاهِيًا بِالْقِيَامِ كَكَوْنِهِ حَنَفِيًّا يَرَى وُجُوبَ الْقَصْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ

ــ

[حاشية العبادي]

وَعَطْفُ عُلِّقَتْ عَلَى جَازِمَةٍ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا قُلْتُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَنِيَّةً عَطْفًا عَلَى عِلْمَ الْجَوَازِ فَلَا يَكُونُ فِي خَبَرِ الدَّوَامِ، وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ النَّاظِمِ رَأْسًا لَا يُقَالُ: لَا نُسَلِّمُ انْدِفَاعَهُ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ حَتَّى الْآخِرِ بِمَعْنَى الدَّوَامِ فَاعْتِبَارُ الدَّوَامِ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: قَوْلُهُ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ حَتَّى الْآخِرِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِنَاءً عَلَى مَا فَهَّمَهُ عَطْفُ نِيَّةٍ جَازِمَةٍ عَلَى السَّفَرِ حَتَّى يَكُونَ فِي حَيِّزِ الدَّوَامِ، وَهُوَ مَدْفُوعٌ كَمَا تَبَيَّنَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ أَمْكَنَ تَعَلُّقُ هَذَا بِقَوْلِهِ جَازِمَةٍ، احْتِرَازٌ مِنْ عَمَّا لَوْ عَرَضَ مَا يُنَافِيهَا مِنْ شَكٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَهَذَا يَقْتَضِي اعْتِبَارَ الدَّوَامِ الْحُكْمِيِّ دُونَ الذِّكْرِيِّ فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَإِنْ قِيلَ: يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْحَاوِي أَيْضًا بِتَسْلِيمِ كَوْنِ النِّيَّةِ فِي حَيِّزِ الدَّوَامِ لِعَطْفِهَا عَلَى مَعْمُولِ الدَّوَامِ لَكِنَّ الْمُرَادَ الدَّوَامُ الْحُكْمِيُّ، قُلْتُ هُوَ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ الْحُكْمِيَّ شَرْطٌ فِي كُلِّ نِيَّةٍ فَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ هَذَا الْمَحَلِّ بِالذِّكْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ عَلَى الدَّوَامِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِهِ بِقَوْلِهِ نِيَّةٍ جَازِمَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ تَعْلِيقَهَا) عَطْفٌ عَلَى دَوَامَ (قَوْلُهُ فَقَالَ: إنْ قَصَرَ) أَيْ قَالَ بِقَلْبِهِ بِأَنْ قَصَدَ ذَلِكَ أَوْ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ (قَوْلُهُ جَعَلَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ) الْجَزْمِ وَالتَّعْلِيقِ وَهَذَا إنَّمَا يُنَاسِبُ عَطْفَهُ عُلِّقَتْ عَلَى جَازِمَةٍ، بِخِلَافِ عَطْفِهِ لَهُ عَلَى الدَّوَامِ فَتَأَمَّلْهُ سم

(قَوْلُهُ فَقَالَ: تِلْكَ السُّنَّةُ) يُتَأَمَّلُ مُطَابَقَةُ هَذَا الْجَوَابِ لِلسُّؤَالِ (قَوْلُهُ وَاسْتَخْلَفَ مُتَمِّمًا) أَيْ وَلَمْ يَقْطَعْ هُوَ الْقُدْوَةَ قَبْلَ الِاسْتِخْلَافِ (قَوْلُهُ أَوْ مَنْ يَشُكُّ) أَيْ يَتَرَدَّدُ بِاسْتِوَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا إنْ اقْتَدَى إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ التَّعْلِيقِ السَّابِقَةَ مُفَرَّعَةٌ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِرّ

(قَوْلُهُ أَوْ قَصَرَ) أَوْ نَوَى هُوَ الْقَصْرَ (قَوْلُهُ قَدْ تُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ تَعْلِيقًا فِي الْمَعْنَى، وَكَانَ وَجْهُ التَّعْبِيرِ بِقَدْ أَنَّهُ لَا تَعْلِيقَ هُنَا فِي الظَّاهِرِ وَالصُّورَةِ وَقَدْ يُقَالُ: هِيَ مَعْلُومَةٌ بِالْأَوْلَى لِلْجَزْمِ بِهَا هُنَا فَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِأَنَّهَا تُعْلَمُ مِنْهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: وَجْهُ الِاحْتِمَالِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَدْ أَنَّ الْجَزْمَ لَا يُنَاسِبُ مَعَ الشَّكِّ فِي نِيَّةِ الْإِمَامِ، فَقَدْ يَدَّعِي عَدَمَ الصِّحَّةِ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ الْإِمَامِ) أَيْ شَكَّ هَلْ نَوَى الْقَصْرَ أَوْ الْإِتْمَامَ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ وَإِنْ جَزَمَ) أَيْ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ، فَإِنَّهُ يَقْصُرُ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ (قَوْلُهُ أَنْ يَظْهَرَ إلَخْ)، وَإِلَّا أَتَمَّ (قَوْلُهُ أَنْ يَظْهَرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَلَوْ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ أَوْ أَفْسَدَهَا ثُمَّ قَالَ: كُنْت نَوَيْت الْقَصْرَ فَلِلْمَأْمُومِ الْقَصْرُ وَإِنْ قَالَ: كُنْت نَوَيْت الْإِتْمَامَ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، وَإِنْ انْصَرَفَ وَلَمْ يَظْهَرْ لِلْمَأْمُومِ مَا نَوَاهُ فَالْأَصَحُّ لُزُومُ الْإِتْمَامِ

(قَوْلُهُ أَمَّا الَّذِي اقْتَدَى إلَخْ) حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ هُنَا أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْمَأْمُومُ عَالِمًا بِأَنَّ إمَامَهُ مُقِيمٌ أَوْ مُسَافِرٌ مُتِمٌّ، وَنَوَى الْقَصْرَ خَلْفَهُ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْمُومُ مُسَافِرًا أَوْ مُقِيمًا، لِتَلَاعُبِهِ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا مُسَافِرَيْنِ وَالْإِمَامُ مُتِمٌّ وَجَهِلَ الْمَأْمُومُ فَنَوَى الْقَصْرَ، صَحَّتْ قُدْوَتُهُ وَلَغَتْ نِيَّةُ الْقَصْرِ وَأَتَمَّ لِعَدَمِ تَلَاعُبِهِ مَعَ كَوْنِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْقَصْرِ، كَذَا فِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ ح ف مُخَالِفًا لِمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْمَأْمُومُ مُسَافِرًا صَحَّتْ نِيَّةُ الْقَصْرِ خَلْفَ الْمُتِمِّ، وَلَوْ عَلِمَهُ مُقِيمًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْقَصْرِ فَلَمْ يَضُرَّهُ نِيَّةُ الْقَصْرِ كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ ثُمَّ نَوَى الْإِتْمَامَ أَوْ صَارَ مُقِيمًا اهـ. لَكِنَّ الْفَرْقَ ظَاهِرٌ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ أَيْضًا أَمَّا الَّذِي اقْتَدَى) يَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا نَوَى الْقَصْرَ فِي ابْتِدَاءِ صَلَاتِهِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ اقْتَدَى فِي أَثْنَائِهَا بِمَنْ ظَنَّ إتْمَامَهُ، فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِهَذَا الِاقْتِدَاءِ وَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ جَارِيًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ السَّابِقِ. (قَوْلُهُ فَيُتِمُّ) ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْمُتِمِّ اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي (قَوْلُهُ وَاسْتَخْلَفَ مُتَمِّمًا) مِنْ الْمُقْتَدِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِصَلَاةِ الْمَأْمُومِينَ عَلَى مَا مَرَّ، وَإِلَّا فَإِنْ نَوَوْا الِاقْتِدَاءَ بِهِ لَزِمَهُمْ الْإِتْمَامُ، وَإِلَّا فَلَا اهـ. ق ل

(قَوْلُهُ قَدْ تُعْلَمُ إلَخْ) أَيْ مِنْ تَوْجِيهِهِمَا بِقَوْلِهِ:

ص: 466

الْإِتْمَامُ، بَلْ يُفَارِقْ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِتَوَجُّهِ السُّجُودِ عَلَيْهِمَا بِقِيَامِ الْإِمَامِ سَاهِيًا أَوْ يَنْتَظِرُ حَتَّى يَعُودَ، وَلَهُ أَنْ يُتِمَّ مُنْفَرِدًا (وَإِنْ فَسَدْ) أَيْ يُتِمُّ الْمَأْمُومُ فِيمَا ذُكِرَ، وَإِنْ فَسَدَتْ (إحْدَى صَلَاتَيْ ذَا وَذَا) أَيْ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ لِتَعَيُّنِ الْإِتْمَامِ عَلَيْهِ، فَلَا تُقْصَرُ بَعْدَهُ كَفَائِتَةِ الْحَضَرِ (أَوْ) اقْتَدَى (بِأَحَدْ) أَيْ بِوَاحِدٍ مُسَافِرٍ، (وَفَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَمَا ظَهَرْ) لِلْمَأْمُومِ (مَاذَا نَوَاهُ) الْإِمَامُ؟ (أَأَتَمَّ أَمْ قَصَرْ؟ ،) فَيُتِمُّ لِلشَّكِّ فِي عَدَدِ مَا يَلْزَمُهُ، فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ كَأَنْ اسْتَأْنَفَ الْإِمَامُ صَلَاتَهُ رَكْعَتَيْنِ، فَلَهُ الْقَصْرُ (أَوْ بَانَ لِلْمَأْمُومِ ضِدُّ الْقَصْرِ) أَيْ الْإِتْمَامُ (مِنْ الْإِمَامِ) الْمُسَافِرِ (ثُمَّ) بَانَ لَهُ (ضِدُّ الطُّهْرِ) أَيْ حَدَثُهُ فَيُتِمُّ، كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ عَلِمَهُ مُتِمًّا ثُمَّ بَانَ حَدَثُهُ، فَلَوْ بَانَ كَوْنُهُ مُحْدِثًا مُتِمًّا أَوْ بَانَا مَعًا، لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْمَامُ؛ لِأَنَّهُ لَا قُدْوَةَ فِي الْحَقِيقَةِ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ ظَنَّهُ مُسَافِرًا ثُمَّ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ بِحَدَثٍ ثُمَّ بَانَ كَوْنُهُ مُتِمًّا، حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ بَانَ حَدَثُهُ أَوَّلًا

وَتَعْبِيرُهُ بِضِدِّ الْقَصْرِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِمُقِيمٍ لِتَنَاوُلِهِ الْمُسَافِرَ الْمُتِمَّ (أَوْ شَكَّ) الْمُصَلِّي (فِي وُصُولِهِ مَا كَانَ أَمْ) أَيْ قَصَدَ (أَوْ) شَكَّ (هَلْ نَوَى إقَامَةً أَمْ لَا؟) فَيُتِمُّ لِشَكِّهِ فِي سَبَبِ الرُّخْصَةِ، وَالْأَصْلُ: الْإِتْمَامُ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي بَقَاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ فَقَوْلُهُ: (أَتَمْ) جَوَابُ أَمَّا كَمَا تَقَرَّرَ، وَلَوْ قَالَ فَيُتِمُّ كَانَ أَوْلَى، (وَإِنْ نَوَى فِي كُلِّ صُورَةٍ خَلَتْ) أَيْ مَضَتْ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ (قَصْرًا)، فَإِنَّهُ يُتِمُّ لِانْقِطَاعِ حُكْمِ الرُّخْصَةِ فَرَجَعَ إلَى الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ وَالْإِتْمَامُ مُنْدَرِجٌ فِي نِيَّةِ الْقَصْرِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: نَوَيْت الْقَصْرَ مَا لَمْ يَعْرِضْ مُوجِبُ الْإِتْمَامِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُقِيمِ يَنْوِي الْقَصْرَ كَمَا قَالَ (وَلَكِنْ لِلْمُقِيمِ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقَصْرِ (لَا الْمُقْتَدِي بِذِي إقَامَةٍ دَرَى إحْدَاثَهُ مِنْ قَبْلُ) أَيْ عَلِمَ قَبْلَ اقْتِدَائِهِ بِهِ حَدَثَهُ (أَوْ تَذَكَّرَا مِنْ نَفْسِهِ الْإِحْدَاثَ) ، فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ (أَوْ فِيهَا) أَيْ الصَّلَاةِ، (شَرَعْ) بِنِيَّةِ الْقَصْرِ (وَهُوَ مُقِيمٌ مُحْدِثٌ) ثُمَّ سَافَرَ فِي الْوَقْتِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ أَوْ اقْتَدَى بِأَحَدٍ) نَاوِيًا الْقَصْرَ (قَوْلُهُ فَلَهُ الْقَصْرُ) وَلَعَلَّ هَذَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ فَقِيهًا، وَإِلَّا فَقَدْ يُظَنُّ جَوَازُ الْقَصْرِ بَعْدَ فَسَادِ الْإِتْمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا قُدْوَةَ فِي الْحَقِيقَةِ لَك أَنْ تَقُولَ: هَذَا مَوْجُودٌ أَيْضًا فِيمَا لَوْ بَانَتْ الْإِقَامَةُ أَوَّلًا ثُمَّ بَانَ الْحَدَثُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُقْتَضَى فِي تِلْكَ الْإِتْمَامِ وُجُودُ الْقُدْوَةِ ظَاهِرًا بَعْدَ انْكِشَافِ الْإِقَامَةِ قَبْلَ انْكِشَافِ الْحَدَثِ بِرّ. (قَوْلُهُ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ ثَمَّ قُدْوَةً فِي الْحَقِيقَةِ لِطُرُوِّ الْحَدَثِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا قُدْوَةَ إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفُ الْمُحْدِثِ جَمَاعَةٌ

(قَوْلُهُ ثُمَّ بَانَ كَوْنُهُ مُتِمًّا حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ كَمَا مَرَّ) أَقُولُ: فِي قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ نَظَرٌ، إذْ لَمْ يَمُرَّ هَذَا بِخُصُوصِهِ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَفَادَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بِأَحَدٍ، وَفَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَمَا ظَهَرَ مَاذَا نَوَاهُ أَأَتَمَّ أَمْ قَصَرَ؟ فَإِنَّ هَذَا مُصَوَّرٌ بِالِاقْتِدَاءِ بِمُسَافِرٍ وَبِطَرَيَانِ فَسَادِ صَلَاتِهِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْفَسَادِ بِطَرَيَانِ الْحَدَثِ وَتَقَدُّمِ ظُهُورِ مَا نَوَاهُ مِنْ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ، وَإِذَا لَزِمَ الْإِتْمَامُ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِ مَا نَوَاهُ فَمَعَ ظُهُورِ الْإِتْمَامِ أَوْلَى، وَحِينَئِذٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الشَّارِحَ تَسَمَّحَ فِي قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ، وَمُرَادُهُ بِهِ أَنَّ ذَلِكَ يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) فِي أَيِّ مَحَلٍّ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَانَ حَدَثُهُ) الْأَحْسَنُ وُجِدَ حَدَثُهُ أَوَّلًا بِرّ. (قَوْلُهُ مَا كَانَ أَمَّ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُرِيدُ الْإِقَامَةَ بِهِ بِرّ (قَوْلُهُ أَوْ شَكَّ هَلْ إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَوْ فَقَدْ الطُّهُورَيْنِ فَشَرَعَ فِيهَا بِنِيَّةِ الْإِتْمَامِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الطَّهَارَةِ، قَصَرَ لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ لَيْسَ بِحَقِيقَةِ صَلَاةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَذَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ مَا قَالُوهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ شَرْعِيَّةٍ بَلْ تُشْبِهُهَا، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ اهـ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ قُلْنَا بِمَا قَالَ الْمُتَوَلِّي وَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّهَا صَلَاةٌ شَرْعِيَّةٌ، فَمِثْلُ فَاقِدِ الطُّهُورَيْنِ فِيمَا ذَكَرَهُ كُلُّ مَنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ م ر

(قَوْلُهُ كَانَ أَوْلَى) قَدْ يُقَالُ: الْأَوْلَوِيَّةُ لَا تُنَاسِبُ وُجُوبَ الْفَاءِ فِي جَوَابِ أَمَّا، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْفَاءَ يَجُوزُ حَذْفُهَا مِنْ جَوَابِهَا مَعَ الْقَوْلِ وَيُمْكِنُ هُنَا تَقْدِيرُ الْقَوْلِ أَيْ فَيُقَالُ: فِيهِ أَتَمَّ أَيْ وُجُوبًا، أَوْ يُجَابُ بِأَنَّ أَوْلَى تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى أَحَقَّ بِمَعْنَى مُسْتَحِقٍّ دُونَ غَيْرِهِ، يُقَالُ: زَيْدٌ أَحَقُّ بِمَالِهِ أَيْ مُسْتَحِقٌّ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ، أَوْ يُجَابُ بِجَوَازِ ذَلِكَ لِضَرُورَةِ النَّظْمِ لَكِنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَجْوَزُ، فَهُوَ أَرْجَحُ

(قَوْلُهُ دَرَا إحْدَاثَهُ إلَخْ) فِي الرَّوْضَةِ ثُمَّ الْمُقْتَدِي تَارَةً يَعْلَمُ حَالَ إقَامَةِ وَتَارَةً يَجْهَلُهَا، فَإِنْ عَلِمَ نَظَرَ إنْ عَلِمَهُ مُقِيمًا أَوْ ظَنَّهُ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، فَلَوْ اقْتَدَى بِهِ وَنَوَى الْقَصْرَ انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَغَتْ نِيَّةُ الْقَصْرِ، بِخِلَافِ الْمُقِيمِ يَنْوِي الْقَصْرَ لَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَالْمُسَافِرُ مِنْ أَهْلِهِ فَلَمْ تَضُرَّهُ نِيَّةُ الْقَصْرِ، كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ ثُمَّ نَوَى الْإِتْمَامَ أَوْ صَارَ مُقِيمًا اهـ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَتَى عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ إمَامَهُ مُقِيمٌ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، وَلَوْ اقْتَدَى بِهِ وَنَوَى الْقَصْرَ انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَغَتْ نِيَّةُ الْقَصْرِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ اهـ

وَاسْتَشْكَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ مُتَلَاعَبٌ قَالَ: فَالْقِيَاسُ عَدَمُ انْعِقَادِهَا وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ أَجَابَ بِمَا يُرَاجَعُ، نَعَمْ نُقِلَ أَنَّ شَيْخَنَا الشَّيْخَ الرَّمْلِيَّ أَفْتَى بِعَدَمِ الِانْعِقَادِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ لِتَلَاعُبِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ عَلِمَ قَبْلَ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ نَسِيَهُ عِنْدَ اقْتِدَائِهِ كَمَا أَطْلَقَهُ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ لِعَدَمِ انْعِقَادِ صَلَاتِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

إذْ الْحُكْمُ مُعَلَّقٌ بِهِ وَإِنْ جَزَمَ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُتِمَّ مُنْفَرِدًا) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الْإِتْمَامَ أَتَمَّ مُنْفَرِدًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْإِمَامِ فِي سَهْوِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ لَهُ كَالْمَسْبُوقِ إذَا أَدْرَكَ مِنْ آخِرِ الصَّلَاةِ رَكْعَةً فَقَامَ الْإِمَامُ سَهْوًا إلَى رَكْعَةٍ زَائِدَةٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ فِي تَدَارُكِ مَا عَلَيْهِ اهـ مِنْ الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ: إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: كَيْفَ يَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَنْوِهِ وَيُعْتَدُّ بِهِ اهـ. (قَوْلُهُ لَا الْمُقْتَدِي) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ أَتَمَّ أَيْ فَلَا يُتِمُّ هَذَا، وَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَاطِلَةً سَوَاءٌ تَذَكَّرَ حَدَثَهُ أَوْ نَسِيَهُ، (قَوْلُهُ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِمَّا

ص: 467

فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ (كَيْفَ وَقَعْ) ذَلِكَ، أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ مُقِيمٌ مُحْدِثٌ أَمْ لَا، تَقَدَّمَ عِلْمُهُ بِالْإِقَامَةِ عَلَى عِلْمِهِ بِالْحَدَثِ أَمْ لَا،؛ لِأَنَّ شُرُوعَهُ لَغْوٌ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ شَرَعَ فِيهَا مُقِيمًا ثُمَّ فَسَدَتْ حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ،

وَظَاهِرٌ أَنَّهُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ لَا حَاجَةَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ مُقِيمٍ وَمُحْدِثٍ

(وَ) رُخِّصَ (جَمْعُ تَقْدِيمٍ) لِلْعَصْرَيْنِ وَتِلْوَيْهِمَا (بِعُذْرِ الْمَطَرِ،) وَلَوْ ضَعِيفًا، إنْ كَانَ بِحَيْثُ يَبُلُّ ثِيَابَهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ:«صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا» . زَادَ مُسْلِمٌ «مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ» قَالَ الشَّافِعِيُّ كَمَالِكٍ أَرَى ذَلِكَ فِي الْمَطَرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهَذَا التَّأْوِيلُ مَرْدُودٌ بِرِوَايَةٍ فِي مُسْلِمٍ: «مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ.» قَالَ: وَأَجَابَ الْبَيْهَقِيُّ: بِأَنَّ الْأُولَى رِوَايَةُ الْجُمْهُورِ فَهِيَ أَوْلَى. قَالَ يَعْنِي الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ الْجَمْعَ بِالْمَطَرِ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ التَّأْوِيلَ وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ: وَلَا مَطَرٍ كَثِيرٍ أَوْ لَا مَطَرٍ مُسْتَدَامٍ، فَلَعَلَّهُ انْقَطَعَ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ

وَيَجُوزُ جَمْعُ الْجُمُعَةِ وَالْعَصْرِ بِالْمَطَرِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَخَرَجَ بِجَمْعِ التَّقْدِيمِ جَمْعُ التَّأْخِيرِ فَلَا يَجُوزُ بِالْمَطَرِ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ لَيْسَتْ إلَيْهِ بِخِلَافِ السَّفَرِ، (لَا) بِعُذْرِ (بَرَدٍ وَالثَّلْجِ عَنْ ذَوْبٍ عَرِيّ) كُلٌّ مِنْهُمَا، فَلَا جَمْعَ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا، إذْ لَا تَأَذِّي بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْرَيَا عَنْ الذَّوْبِ لِتَضَمُّنِهِمَا الْقَدْرَ الْمُبِيحَ، وَكَالْمَطَرِ الشَّفَّانُ بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَفَاءٍ مُشَدَّدَةٍ وَنُونٍ، وَهُوَ رِيحٌ بَارِدَةٌ فِيهَا نَدَاوَةٌ وَإِنَّمَا يُرَخَّصُ الْجَمْعُ بِالْمَطَرِ وَنَحْوِهِ (لِمَنْ يُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ مُحْدِثٌ أَمْ لَا) أَيْ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ لَمْ يَعْلَمْ عِنْدَ الشُّرُوعِ أَوْ فِي الصَّلَاةِ لَا مُطْلَقًا، وَإِلَّا لَمْ تُتَصَوَّرْ الْمَسْأَلَةُ (قَوْلُهُ بَيْنَ مُقِيمٍ وَمُحْدِثٍ) أَيْ فَيَكْفِي أَحَدُهُمَا بِرّ

(قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ) قَدْ يَقُلْ أَيْ حَاجَةٍ لِقَوْلِهِ وَلَا سَفَرٍ مَعَ أَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ فِي الْمَدِينَةِ لَيْسَ فِي سَفَرٍ، وَلَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي سَفَرٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ أَنْ يُرَادَ بِالْمَدِينَةِ مَا يَشْمَلُ نَوَاحِيَهَا وَمَا حَوَالَيْهَا، فَإِنَّ السَّفَرَ يُتَصَوَّرُ فِي ذَلِكَ أَوْ عَنْ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ صَلَّى بِالْمَدِينَةِ صَلَّى بَعْدَ تَحَوُّلِهِ لِلْمَدِينَةِ، وَهَذَا يَصْدُقُ مَعَ كَوْنِهِ فِي السَّفَرِ. (قَوْلُهُ فَلَا جَمْعَ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ إنْ كَانَ الثَّلْجُ قِطَعًا كِبَارًا جَازَ الْجَمْعُ كَمَا فِي الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ، وَفِي مَعْنَاهُ الْبَرَدُ وَبِهِ صُرِّحَ فِي الذَّخَائِرِ

(قَوْلُهُ عَنْ ذَوْبٍ عَرِيَ) يَنْبَغِي أَنَّ الْجُمْلَةَ حَالٌ مِنْ الْبَرَدِ وَالثَّلْجِ (قَوْلُهُ فِي جَمَاعَةٍ) يُؤْخَذُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ أَنَّ الْإِمَامَ الْمُرِيدَ لِلْجَمْعِ يَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ، لَكِنْ لَا يَبْعُدُ أَنَّهَا كَنِيَّةِ الْجَمْعِ حَتَّى يُكْتَفَى بِهَا فِي أَثْنَاءِ الْأُولَى فَلْيُتَأَمَّلْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ لِلْإِمَامِ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ مُطْلَقًا كَمَا لَا يُشْتَرَطُ تَأَذِّيه بِالْمَطَرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي جَوَابِ الشَّارِحِ وَالْجَامِعُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْجَمَاعَةِ وَالتَّأَذِّي بِالْمَطَرِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْجَمْعِ فَكَمَا سَقَطَ الثَّانِي عَنْ الْإِمَامِ فَلْيَسْقُطْ الْأَوَّلُ أَيْضًا، وَقَدْ يُفَرَّقُ فَلْيُتَأَمَّلْ

وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِي الْأُولَى مُطْلَقًا لَا مِنْ الْإِمَامِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا فِي وَقْتِهَا غَيْرُ مُتَوَقِّفَةٍ صِحَّتُهَا عَلَى جَمَاعَةٍ وَلَا جَمْعٍ، وَاشْتِرَاطُ الْجَمَاعَةِ فِي أَوَّلِ الثَّانِيَةِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ لَا يُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ إلَخْ) هَلْ تُشْتَرَطُ الْجَمَاعَةُ فِي جَمْعِ الصَّلَاتَيْنِ فَتَمْتَنِعُ الْمُفَارَقَةُ فِي الْبَعْضِ، أَوْ تَكْفِي عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ فَارَقَ فِيمَا عَدَاهُ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الْوَجْهَ هُوَ الثَّانِي لِحُصُولِ الْجَمَاعَةِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاتَيْنِ، وَإِنْ فَاتَتْ فَضِيلَتُهَا بِالْمُفَارَقَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَاشْتِرَاطُ وُجُودِهَا أَيْضًا عِنْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْأُولَى كَمَا فِي الْمَطَرِ غَيْرُ مُتَّجَهٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُشْتُرِطَ ذَلِكَ لِيَتَّصِلَ آخِرُ الْأُولَى بِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ مَقْرُونًا بِالْعُذْرِ

وَالِاتِّصَالُ هُنَا مَقْرُونًا بِكَوْنِ الصَّلَاةِ جَمَاعَةً حَاصِلٌ مَعَ الْمُفَارَقَةِ عِنْدَ تَحَلُّلِ الْأُولَى، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بِاعْتِبَارِ امْتِدَادِ الْمَطَرِ بَيْنَهُمَا وَلَا يُتَصَوَّرُ امْتِدَادُ الْجَمَاعَةِ بَيْنَهُمَا فَإِنْ قُلْتَ: يَنْبَغِي أَنَّ نِيَّةَ الْجَمَاعَةِ كَنِيَّةِ الْجَمْعِ فَيَكْفِي فِي الْأَثْنَاءِ قُلْتُ قَضِيَّتُهُ الِاكْتِفَاءِ بِهَا مَعَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْأُولَى وَهُوَ مِنْ أَبْعَدِ الْبَعِيدِ: فَإِنْ قُلْت هَلْ يُحْتَمَلُ اشْتِرَاطُ رَكْعَةٍ؟ قُلْت هُوَ مُحْتَمَلٌ (قَوْلُهُ فِي جَمَاعَةٍ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ وَيُفَارِقُ الْإِبْرَادَ حَيْثُ يَجُوزُ لِلْمُنْفَرِدِ بِأَنَّ فِي هَذَا إخْلَاءَ الْوَقْتِ رَأْسًا عَنْ الصَّلَاةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

تَقَدَّمَ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُقِيمٌ مُحْدِثٌ، بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا أَوْ عَلِمَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَبِهِ يَظْهَرُ الِاحْتِيَاجُ لِلْجَمْعِ بَيْنَ مُقِيمٍ وَمُحْدِثٍ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْجَمْعِ) ، بَلْ أَحَدُهُمَا كَافٍ، أَمَّا الْحَدَثُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْإِقَامَةُ فَلِأَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الشَّرْحُ

(قَوْلُهُ وَهَذَا التَّأْوِيلُ مَرْدُودٌ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: هُوَ تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى «مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ» وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَمْعِ بِعُذْرِ الْمَرَضِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْأَعْذَارِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالْقَاضِي حُسَيْنٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَاخْتَارَهُ الْخَطَّابِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ الْمُخْتَارُ فِي تَأْوِيلِهِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ إلَى جَوَازِ الْجَمْعِ فِي الْحَضَرِ لِلْحَاجَةِ لِمَنْ لَا يَتَّخِذُهُ عَادَةً، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ وَأَشْهَبَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيِّ عَنْ الْقَفَّالِ وَالشَّاشِيِّ الْكَبِيرِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ حِين سُئِلَ أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ فَلَمْ يُعَلِّلْهُ بِمَرَضٍ وَلَا غَيْرِهِ اهـ. وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْجَمْعِ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ فَلْيُحَرَّرْ

(قَوْلُهُ فِي جَمَاعَةٍ) وَإِنْ كُرِهَتْ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ فَضْلِهَا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى وُجُودِ صُورَتِهَا لِانْدِفَاعِ الْإِثْمِ وَالْقِتَالِ بِهِ شَرْحُ الْعُبَابِ. وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالْجَمَاعَةِ عِنْدَ انْعِقَادِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ انْفَرَدُوا قَبْلَ تَمَامِ رَكْعَتِهَا الْأُولَى، وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامِ الْجَمَاعَةَ، وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ وَلَا صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ إنْ عَلِمُوا، وَلَوْ تَبَاطَأَ عَنْهُ الْمَأْمُومُونَ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؟ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ

ص: 468

إذَا جَاءَ مَسْجِدًا يَنْأَى) أَيْ يَبْعُدُ عَنْ مَحَلِّهِ (بِهِ) أَيْ بِالْمَطَرِ، (نَالَ أَذَى) فِي طَرِيقِهِ يَبُلُّ ثِيَابَهُ بِخِلَافِ مَنْ لَا يُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ أَوْ يُصَلِّي فِيهَا بِبَيْتِهِ أَوْ بِمَسْجِدٍ قَرِيبٍ أَوْ كَانَ يَمْشِي فِي كِنٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَذَّى بِذَلِكَ، وَأَمَّا جَمْعُهُ صلى الله عليه وسلم بِالْمَطَرِ مَعَ أَنَّ بُيُوتَ أَزْوَاجِهِ كَانَتْ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ فَأَجَابُوا عَنْهُ: بِأَنَّ بُيُوتَهُنَّ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً، وَأَكْثَرُهَا كَانَ بَعِيدًا فَلَعَلَّهُ حِينَ جَمَعَ لَمْ يَكُنْ بِالْقَرِيبِ، وَيُجَابُ أَيْضًا: بِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ بِالْمَأْمُومِينَ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِالْمَطَرِ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَلِمَنْ خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ قَبْلَ وُجُودِ الْمَطَرِ فَاتَّفَقَ وُجُودُهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يَجْمَعَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجْمَعْ لَاحْتَاجَ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ أَيْضًا فِي جَمَاعَةٍ، وَفِيهِ مَشَقَّةٌ فِي رُجُوعِهِ إلَى بَيْتِهِ ثُمَّ عَوْدِهِ أَوْ فِي إقَامَتِهِ فِي الْمَسْجِدِ انْتَهَى

وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ أَنَّهُ لَا جَمْعَ بِمَرَضٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ وَحْلٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ وَلِخَبَرِ الْمَوَاقِيتِ فَلَا يُخَالِفُ إلَّا بِصَرِيحٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَجَوَّزَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا كَالْخَطَّابِيِّ وَالْقَاضِي وَالرُّويَانِيِّ بِالْمَرَضِ وَالْوَحْلِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهُوَ قَوِيٌّ جِدًّا وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ» ، وَاخْتَارَ هَذَا فِي الرَّوْضَةِ لَكِنَّهُ فَرَضَهُ فِي الْمَرَضِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ بِأَنَّ لِلْإِمَامِ إلَخْ) وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى الْإِمَامِ الرَّاتِبِ م ر (قَوْلُهُ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ) أَيْ أَوْ إلَى الْعِشَاءِ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لَهُ إلَخْ) فِي دَلَالَتِهِ عَلَى خُصُوصِ

ــ

[حاشية الشربيني]

يُحْرِمُوا، وَقَدْ بَقِيَ قَبْلَ الرُّكُوعِ مَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ، لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ الْبَقَاءُ إلَى الرُّكُوعِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّ الشَّرْطَ وُقُوعُ الرَّكْعَةِ الْأُولَى جَمَاعَةً وَحِينَئِذٍ فَيَكْفِي فِيهَا إدْرَاكُهُمْ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُمْ وَلَا صَلَاتُهُ كَمَا قَالَهُ م ر فِي بَابِ الْجُمُعَةِ، وَفَرَّقَ بَعْضُ مَشَايِخِ مَشَايِخِنَا بِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَمَّا لَمْ تَصِحَّ إلَّا جَمَاعَةٌ سُومِحَ فِيهَا بِكَوْنِهِ يَكْفِي الْمَأْمُومِينَ إدْرَاكُ زَمَنٍ يَسَعُ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ، بِخِلَافِ الْمَجْمُوعَةِ بِالْمَطَرِ لَمَّا كَانَتْ تَصِحُّ فُرَادَى أَيْضًا ضُيِّقَ فِيهَا بِإِدْرَاكِ الزَّمَنِ الَّذِي يَسَعُ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ، وَأَيْضًا هِيَ مَفْعُولَةٌ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا فَزِيدَ فِي التَّضْيِيقِ اهـ. ق ل ع ش، وَقَدْ يُقَالُ: أَيُّ دَاعٍ لِاعْتِبَارِ إدْرَاكِ زَمَنٍ يَسَعُ الْفَاتِحَةَ مَعَ عَدَمِ اشْتِرَاطِ بَقَاءِ الْقُدْوَةِ إلَى الرُّكُوعِ وَالِاكْتِفَاءِ بِجُزْءٍ فِي الْجَمَاعَةِ؟ اهـ. وَهُوَ اعْتِرَاضٌ صَحِيحٌ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَاكْتَفَى شَيْخُنَا م ر بِالْجَمَاعَةِ حَالَ الْإِحْرَامِ بِالثَّانِيَةِ اهـ وَفِي ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ، وَلَوْ تَبَاطَأَ الْمَأْمُومُونَ عَنْ الْإِمَامِ اُعْتُبِرَ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ إحْرَامُهُمْ فِي زَمَنٍ يَسَعُ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رُكُوعِهِ اهـ. وَبِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ الْمُعَادَةُ لَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِ زَمَنٍ يَسَعُ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ الرُّكُوعِ

وَأَمَّا الْجَمْعُ بِالْمَطَرِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقَعَ أَوَّلُ جَزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ جَمَاعَةً وَفِي الْجُمُعَةِ لَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِهِمْ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ وَقِيلَ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمُعَادَةِ وَالْجُمُعَةِ اهـ. شَيْخُنَا أَيْ الْقُوَيْسِنِيُّ وَحَاصِلُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَجْمُوعَةِ بِالْمَطَرِ وَالْمُعَادَةِ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ: أَنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى فِي الْجُمُعَةِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ جَمَاعَةً وَرَكْعَةُ الْإِمَامِ لَا تَكُونُ بِتَمَامِهَا جَمَاعَةً، إلَّا إنْ أَدْرَكَ الْمَأْمُومُونَ قَبْلَ رَفْعِهِ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ حَتَّى إنَّهُ بِذَلِكَ يَتَحَقَّقُ أَنَّ رَكْعَتَهُ مِنْ أَوَّلِهَا جَمَاعَةٌ أَيْ أَنَّ زَمَنَ الْفَاتِحَةِ كَانَ جَمَاعَةً بِالنِّسْبَةِ لَهُ، إذْ بِإِدْرَاكِهِمْ هَذَا الزَّمَنَ كَأَنَّهُمْ أَدْرَكُوا قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ مَعَهُ مَعَ إدْرَاكِهِمْ رُكُوعَهُ، وَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ جُمُعَتِهِ وَجُمُعَتِهِمْ مِنْ قِرَاءَتِهِمْ الْفَاتِحَةَ فِيمَا أَدْرَكُوهُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَالتُّحْفَةِ وع ش

وَأَمَّا الْمَجْمُوعَةُ بِالْمَطَرِ وَالْمُعَادَةُ فَالشَّرْطُ الْجَمَاعَةُ فِي أَوَّلِهَا فَقَطْ فِي الْأُولَى وَفِي جَمِيعِهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَلَيْسَ الْمَلْحَظُ هُنَا رَكْعَةً فِي جَمَاعَةٍ، بَلْ وُجُودُ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِلْجُمَعِ وَالْإِعَادَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِعَادَةَ لِجَمِيعِ الصَّلَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي كُلِّهَا، بِخِلَافِ الْمَجْمُوعَةِ بِالْمَطَرِ يَكْفِي الْجَمَاعَةُ فِي جَزْءٍ، وَلَوْ يَسِيرًا مِنْ أَوَّلِهَا؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي سَبَبًا لِلْجَمْعِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ بَلْ صَرِيحُ كَلَامِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِيمَا أَدْرَكُوهُ جَمَاعَةً، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ فِي صِحَّةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَنْ يُحْرِمُوا خَلْفَهُ وَالْبَاقِي يَسَعُ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَإِنْ فَارَقُوهُ قَبْلَ مُضِيِّ قَدْرِ الْفَاتِحَةِ اهـ

(قَوْلُهُ مَسْجِدًا) لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ مِثْلُهُ غَيْرُهُ مِنْ الْأَمْكِنَةِ الْمَقْصُودَةِ لِلْجَمَاعَةِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ نَالَ أَذًى) أَيْ لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا أَيْ بِالنَّظَرِ لِغَالِبِ النَّاسِ، وَإِنْ احْتَمَلَهُ هُوَ اهـ. (قَوْلُهُ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ إلَخْ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ رَاتِبًا أَوْ تَتَعَطَّلُ الْجَمَاعَةُ إنْ لَمْ تَجْمَعْ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ بِالْمَأْمُومِينَ) أَيْ الَّذِينَ يَتَأَذَّوْنَ بِالْمَطَرِ دُونَ الْمُجَاوِرِينَ بِالْمَسْجِدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ اهـ. شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ. (قَوْلُهُ أَنْ يَجْمَعَ) أَيْ جَمَاعَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ إلَّا بِصَرِيحٍ) أَيْ لَا مُخَالِفَ لَهُ أَقْوَى مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فَإِنَّ رِوَايَةَ وَلَا سَفَرَ رِوَايَةُ الْجُمْهُورِ كَمَا سَبَقَ اهـ

(قَوْلُهُ وَجَوَّزَهُ إلَخْ) أَيْ بِشُرُوطِ جَمْعِ التَّقْدِيمِ إنْ

ص: 469

قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَقَدْ ظَفِرْت بِنَقْلِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي مُخْتَصَرٍ لِلْمُزَنِيِّ سَمَّاهُ " نِهَايَةَ الِاخْتِصَارِ " مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَعَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَإِنَّمَا لَمْ يُلْحِقُوا الْوَحْلَ بِالْمَطَرِ كَمَا فِي عُذْرِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ تَارِكَهُمَا يَأْتِي بِبَدَلِهِمَا، وَالْجَامِعُ يَتْرُكُ الْوَقْتَ بِلَا بَدَلٍ وَلِأَنَّ الْعُذْرَ فِيهِمَا لَيْسَ مَخْصُوصًا، بَلْ كُلُّ مَا يَلْحَقُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ وَالْوَحْلُ مِنْهُ وَعُذْرُ الْجَمْعِ مَضْبُوطٌ بِمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَلَمْ تَجِئْ بِالْوَحْلِ

(وَشَرْطُهُ) أَيْ جَمْعِ التَّقْدِيمِ بِعُذْرِ السَّفَرِ أَوْ الْمَطَرِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا (نِيَّتُهُ) أَيْ الْجَمْعِ (فِي) الصَّلَاةِ (الْأَوَّلَهْ) تَمْيِيزًا لِلتَّقْدِيمِ الْمَشْرُوعِ عَنْ التَّقْدِيمِ سَهْوًا أَوْ عَبَثًا، سَوَاءٌ نَوَاهُ عِنْدَ التَّحَرُّمِ أَمْ التَّحَلُّلِ أَمْ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ ضَمُّ الثَّانِيَةِ لِلْأُولَى فَيَكْفِي سَبْقُ النِّيَّةِ حَالَ الْجَمْعِ وَيُفَارِقُ الْقَصْرَ، بِأَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَتْ لَتَأَدَّى جَزْءٌ عَلَى التَّمَامِ فَيَمْتَنِعُ الْقَصْرُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ نَوَى الْجَمْعَ ثُمَّ نَوَى تَرْكَهُ ثُمَّ نَوَاهُ فِي الْأُولَى جَازَ وَفِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمُتَوَلِّي لَوْ شَرَعَ فِي الظُّهْرِ فِي الْبَلَدِ فَسَارَتْ السَّفِينَةُ فَنَوَى الْجَمْعَ، فَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ النِّيَّةُ مَعَ التَّحَرُّمِ صَحَّ لِوُجُودِ السَّفَرِ وَقْتَهَا وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ دَوَامِ الْعُذْرِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حُدُوثِ الْمَطَرِ فِي أَثْنَاءِ الْأُولَى حَيْثُ لَا يُجْمَعُ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ بِأَنَّ السَّفَرَ بِاخْتِيَارِهِ فَنُزِّلَ اخْتِيَارُهُ لَهُ فِي ذَلِكَ مَنْزِلَتَهُ، بِخِلَافِ الْمَطَرِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ اخْتَارَهُ فَالْوَجْهُ امْتِنَاعُ الْجَمْعِ

وَالْأُولَى لُغَةٌ قَلِيلَةٌ جَرَتْ عَلَى الْأَلْسِنَةِ وَالْكَثِيرُ الْأَوْلَى كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، (وَهَكَذَا التَّرْتِيبُ) وَهُوَ ثَانِي الشُّرُوطِ بِأَنْ يُقَدِّمَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمَأْثُورُ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ:«صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ؛ وَلِأَنَّ الْوَقْتَ لَهَا وَالثَّانِيَةُ تَبَعٌ فَلَوْ صَلَّى الثَّانِيَةَ قَبْلَ

ــ

[حاشية العبادي]

الْمَطْلُوبِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَجِئْ بِالْوَحْلِ) قَدْ يُقَالُ: هَلَّا أُلْحِقَ بِالْقِيَاسِ فَإِنْ قِيلَ: رُخْصَةٌ قُلْنَا: وَتَرْكُ الْجَمَاعَةِ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّذِي فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ حَاصِلُهُ جَوَازُ الْقِيَاسِ فِي الرُّخَصِ، وَمِنْهُ قِيَاسُ كُلِّ جَامِدٍ طَاهِرٍ قَالِعٍ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ فِي جَوَازِ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ عَلَى الْحَجَرِ الْوَارِدِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ فِي الْجَمْعِ وُقُوعَ الثَّانِيَةِ أَدَاءً بِأَنْ يُدْرِكَ رَكْعَةً مِنْهَا فِي الْوَقْتِ، ثُمَّ رَأَيْتُ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ وَوَلَدِهِ الْجَلَالِ مَا كَتَبَهُ بِهَامِشِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ وَلَدُهُ مُخَالِفًا لَهُ جَوَازُ الْجَمْعِ وَلَوْ نَوَى الْجَمْعَ فِي، وَإِنْ بَقِيَ مَا لَا يَسَعُ رَكْعَةً فَلْيُرَاجَعْ مَا أَوْرَدْنَاهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ نَوَى الْجَمْعَ إلَخْ) الْأَوْلَى ثُمَّ نَوَى تَرْكَهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهَا ثُمَّ أَرَادَهُ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ. وَالْوَجْهُ الْجَوَازُ كَمَا لَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ تَحَلُّلِهَا ثُمَّ أَسْلَمَ فَوْرًا فَلَهُ الْجَمْعُ

(قَوْلُهُ ثُمَّ نَوَاهُ فِي الْأُولَى لَا بَعْدَهَا) ، وَلَوْ قَبْلَ إحْرَامِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ امْتِنَاعُ الْجَمْعِ) الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ م ر، وَقَدْ يُجْعَلُ الْفَرْقُ أَنَّ مِنْ شَأْنِ السَّفَرِ أَنْ يَكُونَ بِالِاخْتِيَارِ فَيَدْخُلُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بِالِاخْتِيَارِ

ــ

[حاشية الشربيني]

جَمَعَ تَقْدِيمًا وَالتَّأْخِيرِ إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَإِنْ ثَبَتَ لِلشَّافِعَيَّ نَصٌّ بِالْمَنْعِ كَانَ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ بَعْدَ نَقْلِهِ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَنَقْلِهِ عَنْهُ أَنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ مَا نَصُّهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ جَوَازُ عَمَلِ الشَّخْصِ بِهِ لِنَفْسِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْمَرَضِ حَالَ الْإِحْرَامِ بِهِمَا وَعِنْدَ سَلَامَتِهِ مِنْ الْأُولَى وَبَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْمَطَرِ اهـ. وَوَقَعَ لِلْعَنَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُ هَذَا الْقَوْلِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى مُقَدِّمَةِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْقَوْلِ الضَّعِيفِ لِلْإِمَامِ، لِأَنَّهُ بِالْقَوِيِّ رَجَعَ عَنْهُ بِخِلَافِ أَوْجُهِ الْأَصْحَابِ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الضَّعِيفِ مِنْهَا، إنْ لَمْ يَتَّحِدْ الْقَائِلُ فَرَاجِعْهُ

وَضَابِطُ الْمَرَضِ الْمُبِيحِ لِذَلِكَ هُوَ أَنْ يَشُقَّ مَعَهُ فِعْلُ كُلِّ فَرْضٍ فِي وَقْتِهِ كَمَشَقَّةِ الْمَشْيِ فِي الْمَطَرِ، بِحَيْثُ تَبَتُّلُ ثِيَابُهُ، كَذَا فِي التُّحْفَةِ عَنْ جَمْعٍ مُتَأَخِّرِينَ اهـ. (قَوْلُهُ يَأْتِي بِبَدَلِهِمَا) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلِ، وَكَذَا فِي الثَّانِي لِأَنَّ الصَّلَاةَ فُرَادَى مَعَ الْعُذْرِ تَقُومُ مَقَامَهَا جَمَاعَةً تَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ) وَيُزَادُ خَامِسٌ، وَهُوَ بَقَاءُ وَقْتِ الْأُولَى إلَى تَمَامِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، كَمَا فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ وَزَادَ ق ل تَبَيُّنَ صِحَّةِ الْأُولَى وَتَيَقُّنَ نِيَّةِ الْجَمْعِ تَدَبَّرْ. وَقَوْلُهُ تَبَيُّنَ صِحَّةِ الْأُولَى، وَلِذَا مَنَعَتْ الْمُتَحَيِّرَةُ مِنْهُ اهـ. مَدَنِيٌّ أَيْ بِخِلَافِ جَمْعِ التَّأْخِيرِ فَيَجُوزُ لَهَا، وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ طَاهِرَةً وَقْتَ الْأُولَى اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَمْعَيْنِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ ظَنُّ صِحَّةِ الْأُولَى لِتَبَعِيَّةِ الثَّانِيَةِ لَهَا بِخِلَافِ التَّأْخِيرِ، فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ظَنُّ صِحَّةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَصِحُّ فِيهِ بِلَا جَمْعٍ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ فَيَكْفِي سَبْقُ النِّيَّةِ) أَيْ سَبْقُهَا ذَلِكَ فِي الْأُولَى، إذْ لَا يَتَأَتَّى ضَمُّ الثَّانِيَةِ لِلْأُولَى إلَّا إذَا نَوَى وَهُوَ فِيهَا فَلَا يُقَالُ: إنَّ

ص: 470

الْأُولَى لَمْ تَصِحَّ، أَوْ الْأُولَى قَبْلَ الثَّانِيَةِ بَانَ فَسَادُهَا فَسَدَتْ الثَّانِيَةُ أَيْضًا لِعَدَمِ التَّرْتِيبِ، (وَ) ثَالِثُهَا (الْوِلَاءُ) بَيْنَهُمَا (لَهْ) أَيْ لِلْجَمْعِ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ يَجْعَلُهُمَا كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، فَوَجَبَ الْوَلَاءُ كَرَكَعَاتِ الصَّلَاةِ؛ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «لَمَّا جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِنَمِرَةَ وَالَى بَيْنَهُمَا وَتَرَكَ الرَّوَاتِبَ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ بَيْنَهُمَا.» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلَوْلَا اشْتِرَاطُ الْوَلَاءِ لَمَا تَرَكَ الرَّوَاتِبَ، وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهُ تَرَكَهَا لِكَوْنِهِ سُنَّةً لَا شَرْطًا

(وَإِنْ أَقَامَ وَلَهَا تَيَمَّمَا أَوْ بَعْدَ أَنْ يَطْلُبَ دُونَ الطُّولِ مَا) أَيْ وَإِنْ أَقَامَ لِلثَّانِيَةِ أَوْ تَيَمَّمَ لَهَا أَوْ صَلَّاهَا بَعْدَ أَنْ طَلَبَ الْمَاءَ، وَلَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ عُرْفًا فَالْوَلَاءُ حَاصِلٌ، أَمَّا الْإِقَامَةُ فَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ، وَأَمَّا التَّيَمُّمُ وَالطَّلَبُ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي فَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَصْلٌ يَسِيرٌ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ كَالْإِقَامَةِ، بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ شَرْطٌ دُونَهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا طَالَ الْفَصْلُ وَلَوْ بِعُذْرٍ كَسَهْوٍ وَإِغْمَاءٍ

(وَ) رَابِعُهَا (أَنْ يَدُومَ الْعُذْرُ حَتَّى كَبَّرَا) لِلتَّحَرُّمِ (لِلثَّانِ) أَيْ لِلْفَرْضِ الثَّانِي لِيُقَارِنَ الْجَمْعُ الْعُذْرَ، فَلَوْ أَقَامَ فِي الْأُولَى أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهَا وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِيَةِ فَلَا جَمْعَ لِزَوَالِ الْعُذْرِ مَعَ إمْكَانِ اسْتِدَامَتِهِ قَبْلَ الْجَمْعِ، (لَا إنْ كَانَ عُذْرٌ) أَيْ عُذْرُ الْجَمْعِ (مَطَرَا فَلْيَكْفِ) فِيهِ (أَنْ يُوجَدَ عِنْدَ الْأَوَّلِ) أَيْ التَّحَرُّمِ (مِنْ ذِي وَمِنْ ذِي) أَيْ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ (وَلَدَا تَحَلُّلِ أَوَّلَةٍ) أَيْ وَعِنْدَ تَحَلُّلِ الْأُولَى وَزَادَ إيضَاحًا لِذَلِكَ قَوْلُهُ (وَلَيْسَ وِجْدَانُ الْمَطَرْ فِي الْوَسْطِ) بِسُكُونِ السِّينِ (أَيْ أَثْنَاءِ الْأُولَى مُعْتَبَرْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ، لِمَا مَرَّ أَنَّ اسْتِدَامَةَ الْمَطَرِ لَيْسَتْ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ وُجُودُهُ عِنْدَ التَّحَرُّمَيْنِ لِيُقَارِنَ الْجَمْعُ الْعُذْرَ كَمَا مَرَّ، وَعِنْدَ تَحَلُّلِ الْأُولَى لِيَتَحَقَّقَ اتِّصَالُ آخِرِهَا بِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ مَقْرُونًا بِالْعُذْرِ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ كُلٍّ مِنْ عُذْرَيْ السَّفَرِ وَالْمَطَرِ بَعْدَ التَّحَرُّمِ لِلثَّانِيَةِ، فَلَا تَبْطُلُ بِزَوَالِهِمَا فِي أَثْنَائِهَا صِيَانَةً لَهَا عَنْ الْبُطْلَانِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ، بِخِلَافِ الْقَصْرِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْإِتْمَامِ لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ مَا مَضَى مِنْ الصَّلَاةِ

(وَبَعْضُ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلَهْ أَنْ يَتَذَكَّرْ) بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ (أَنَّهُ قَدْ أَهْمَلَهْ يُعِدْهُمَا) الْأُولَى: لِتَرْكِ الرُّكْنِ وَتَعَذُّرِ التَّدَارُكِ لِطُولِ الْفَصْلِ، وَالثَّانِيَةُ: لِفَقْدِ التَّرْتِيبِ (بِالْجَمْعِ) أَيْ مَعَ جَمْعِهَا إنْ شَاءَ تَقْدِيمًا أَوْ تَأْخِيرًا لِوُجُودِ الْمُرَخَّصِ (أَوْ) يَتَذَكَّرَ أَنَّهُ أَهْمَلَهُ (مِمَّا تَلِي) الْأُولَى أَيْ مِنْ الثَّانِيَةِ (يُعِيدُهَا فِي وَقْتِهَا الْمُؤَصِّلِي) لَهَا بِيَاءِ الْإِشْبَاعِ، (إنْ طَالَ فَصْلٌ) مِنْ وَقْتِ السَّلَامِ مِنْهَا إلَى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ أَيْ لِلْجَمْعِ) الْمُوَالَاةُ بِالْجَمْعِ كَالْمُوَالَاةِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهُ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا الْمَنْعِ بِأَنَّ الْأَصْلَ مَنْعُ إخْرَاجِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا وَفِعْلُهَا فِي غَيْرِهِ فَحَيْثُ وَرَدَ، اقْتَصَرَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَرَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ مَا) مَعْمُولُ يَطْلُبُ (قَوْلُهُ أَقَامَ لِلثَّانِيَةِ) أَيْ فَالضَّمِيرُ لِلثَّانِيَةِ لِظُهُورِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِيُقَارِنَ الْجَمْعَ) فِي إثْبَاتِهِ الْوُجُودَ عِنْدَ تَحَرُّمِ الْأُولَى نَظَرٌ

(قَوْلُهُ بِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَيُؤْخَذُ مِنْهُ اعْتِبَارُ امْتِدَادِهِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ) أَوْ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ، وَقَدْ طَالَ الْفَصْلُ بَعْدَ سَلَامِ الْأُولَى وَالتَّذَكُّرِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فَيَلْغُو مَا أَتَى بِهِ مِنْ الثَّانِيَةِ، وَيَبْنِي عَلَى الْأُولَى أَيْ وَلَهُ الْجَمْعُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ لِطُولِ الْفَصْلِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَرَ الْفَصْلَ بِأَنْ أَسْرَعَ بِالثَّانِيَةِ تَدَارَكَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ وَالثَّانِيَةُ لِفَقْدِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالثَّانِيَةُ لِبُطْلَانِ فَرْضِيَّتِهَا بِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا مِنْ ابْتِدَائِهِ بِالْأَوَّلِ، اهـ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى انْقِلَابِهَا نَفْلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ سم

ــ

[حاشية الشربيني]

سَبْقَهَا حَالَةَ الْجَمْعِ صَادِقٌ بِمَا بَيْنَهُمَا تَدَبَّرْ. ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ الشِّهَابِ عَمِيرَةَ (قَوْلُهُ وَالْوَلَاءُ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ هَلْ طَالَ الْفَصْلُ؟ امْتَنَعَ الْجَمْعُ؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ لَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ سم عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَطُلْ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ اجْتَمَعَ كُلُّ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ، وَإِلَّا فَالْيَسِيرُ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ بِأَنْ سَكَتَ مِقْدَارَ رَكْعَتَيْنِ فَأَقَلَّ لَا يَضُرُّ ق ل.

(قَوْلُهُ لِيُقَارِنَ الْجَمْعَ الْعُذْرُ) أَيْ الْعُذْرُ الْجَاعِلُ لِلصَّلَاتَيْنِ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَقْتُهَا هُوَ وَقْتُ الْعُذْرِ فَتَأَمَّلْ. حَتَّى يَظْهَرَ وَجْهُ إنْتَاجِهِ لِوُجُودِهِ عِنْدَ تَحَرُّمِ الْأُولَى

(قَوْلُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ)، كَذَا فِي الْمَحَلِّيِّ أَيْضًا قَالَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ مَا نَصُّهُ: كَذَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ فَلَوْ عُلِمَ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ تَرْكَ رُكْنٍ مِنْ الْأُولَى، فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ فَهُوَ كَمَا بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَإِلَّا بَنَى عَلَى الْأُولَى وَبَطَلَ إحْرَامُهُ بِالثَّانِيَةِ، وَبَعْدَ الْبِنَاءِ يَأْتِي بِهَا اهـ. (قَوْلُهُ لِطُولِ الْفَصْلِ) قَالَ ق ل: إنَّهُ لَا يُعِيدُهَا جَامِعًا، وَإِنْ قَصَرَ الْفَصْلُ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الصَّلَاةِ بَيْنَهُمَا مُضِرٌّ مُطْلَقًا فَلَوْ قَالَ: لِفِعْلِ الثَّانِيَةِ كَانَ أَوْلَى اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِبُطْلَانِهِمَا (قَوْلُهُ أَوْ يَتَذَكَّرَ أَنَّهُ أَهْمَلَهُ إلَخْ)

ص: 471

التَّذَكُّرِ، أَمَّا إعَادَتُهَا فَلِتَرْكِ الرُّكْنِ وَتَعَذُّرِ التَّدَارُكِ، وَأَمَّا إعَادَتُهَا فِي وَقْتِهَا فَلِامْتِنَاعِ الْجَمْعِ لِفَقْدِ الْوَلَاءِ بِتَخَلُّلِ الْبَاطِلَةِ، فَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ تَدَارَكَ وَصَحَّتْ الصَّلَاتَانِ جَمِيعًا

وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْجَوَابُ وَالشَّرْطُ مُضَارِعَيْنِ يَجُوزُ رَفْعُ الْجَوَابِ بِضَعْفٍ، وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُ النَّاظِمُ فِي يُعِيدُهَا، وَيَجُوزُ تَقْدِيرُ الشَّرْطِ هُنَا مَاضِيًا، فَيَجُوزُ الرَّفْعُ بِلَا ضَعْفٍ (وَيُعِيدُ كُلًّا) مِنْهُمَا (فِي وَقْتِهَا مَنْ لَا دَرَى الْمَحَلَّا) أَيْ مَحَلَّ الْمَتْرُوكِ، أَمَّا إعَادَتُهُمَا فَلِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمَتْرُوكِ مِنْ الْأُولَى، وَأَمَّا إعَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي وَقْتِهَا وَالْمُرَادُ امْتِنَاعُ جَمْعِهِمَا تَقْدِيمًا فَلِفَقْدِ الْوَلَاءِ، لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمَتْرُوكِ مِنْ الثَّانِيَةِ، فَيَطُولُ الْفَصْلُ بِهَا وَبِالْأُولَى الْمُعَادَةِ بَعْدَهَا فَأَخَذْنَا بِالْأَسْوَأِ فِي الطَّرَفَيْنِ

(وَإِنْ يُؤَخِّرْهَا) أَيْ الْأُولَى لِيَجْمَعَهَا مَعَ الثَّانِيَةِ بِعُذْرِ السَّفَرِ (اشْتَرَطْنَا) ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي. أَحَدُهَا: (النِّيَّهْ) لِلْجَمْعِ (وَقْتَ صَلَاةٍ هِيَ أَوَّلِيَّهْ) نِسْبَةً لِلْأُولَى أَيْ وَقْتَ الْأُولَى (مَا دَامَ يَبْقَى) مِنْ وَقْتِهَا (قَدْرُ رَكْعَةٍ) ، إذْ لَوْ أَخَّرَ بِغَيْرِ نِيَّةِ الْجَمْعِ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ أَوْ ضَاقَ عَنْ رَكْعَةٍ عَصَى وَصَارَتْ قَضَاءً، وَهَذَا مُقْتَضَى مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ عَنْهُمْ، وَتُشْتَرَطُ هَذِهِ النِّيَّةُ فِي وَقْتِ الْأُولَى بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْ وَقْتِهَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَتَعَذَّرَ التَّدَارُكُ) بِطُولِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ) أَيْ وَلَمْ يُوجَدْ مُنَافٍ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي نَظَائِرِهِ (قَوْلُهُ وَيُعِيدُ كُلًّا إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ قَصُرَ الْفَصْلُ بَيْنَ السَّلَامِ مِنْ الْأُولَى وَالتَّذَكُّرِ فَيَأْتِيَ بِالرُّكْنِ لِتَتِمَّ الْأُولَى، لِأَنَّهُ يَجْعَلُ الْمَتْرُوكَ مِنْهُمَا احْتِيَاطًا ثُمَّ يَأْتِي بِالثَّانِيَةِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ، وَقَدْ حَصَلَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) هَذَا بَالِغٌ فِي رَدِّهِ شَيْخَنَا الشِّهَابَ الْبُرُلُّسِيَّ بِمَا بَالَغَ فِي اعْتِرَاضِهِ الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ فِي فَتَاوِيهِ، بِمَا بَيَّنْت رَدَّ جَمِيعِ مَا أَطْنَبَ بِهِ فِي هَامِشِهَا

(قَوْلُهُ نِسْبَةً لِلْأَوَّلِ) لَعَلَّهُ مِنْ نِسْبَةِ الْجُزْئِيِّ إلَى كُلِّيِّهِ (قَوْلُهُ وَفِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) اعْتَمَدَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَحُمِلَ عَلَيْهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا حَيْثُ قَالَ: عَقِبَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَيَجِبُ كَوْنُ التَّأْخِيرِ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ مَا نَصُّهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ بِزَمَنٍ لَوْ اُبْتُدِئَتْ فِيهِ كَانَتْ أَدَاءً، نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْهُمْ بِزَمَنٍ يَسَعُهَا أَوْ أَكْثَرَ وَهُوَ مُبَيِّنٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَدَاءِ فِي الرَّوْضَةِ الْأَدَاءُ الْحَقِيقِيُّ، بِأَنْ يُؤْتَى بِجَمِيعِ الصَّلَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا اهـ وَرُدَّ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ هَذَا الْحَمْلُ بِأَنَّهُ يُنَافِيهِ. قَوْلُهُ أَنَّهَا صَارَتْ قَضَاءً أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا أُرِيدَ الْأَدَاءُ الْحَقِيقِيُّ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ تَرْكِهِ النِّيَّةُ فِي زَمَنٍ يَسَعُ الْأَدَاءَ الْحَقِيقِيَّ أَنْ تَكُونَ قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْرُكُهَا فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ ثُمَّ يَأْتِي بِهَا وَقَدْ بَقِيَ مَا يَسَعُ رَكْعَةً، فَتَكُونُ أَدَاءً فَقَوْلُهُ أَنَّهَا تَصِيرُ قَضَاءً إنَّمَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يُرَدَّ الْأَدَاءُ الْحَقِيقِيُّ، وَأَقُولُ: هَذَا الرَّدُّ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ النِّيَّةَ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ وَاسْتَمَرَّ تَارِكًا لَهَا إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ صَارَتْ قَضَاءً، وَعِبَارَةُ الْإِيضَاحِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ سم، هَذَا وَقَدْ أَفَادَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ مَا فِي الْمَجْمُوعِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ

وَإِذَا قُلْنَا بِهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ أَيْضًا مَا يَسَعُ قَدْرَ الطَّهَارَةِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ اشْتِرَاطَ كَوْنِ التَّأْخِيرِ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ؟ بِقَوْلِهِمْ: وَذَلِكَ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ التَّأْخِيرِ الْمُحَرَّمِ، فَإِنَّ التَّأْخِيرَ قَدْرَ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ دُونَ طَهَارَتِهَا تَأْخِيرٌ مُحَرَّمٌ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا، فَلَا يُفِيدُ الشَّارِحُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوَّلًا بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ، وَيُمْنَعُ الْأَخْذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَقِيَ قَدْرُ الصَّلَاةِ فَقَطْ فَالتَّأْخِيرُ الْآنَ بِلَا نِيَّةٍ حَرَامٌ، فَالنِّيَّةُ تُمَيِّزُ التَّأْخِيرَ الْجَائِزَ عَنْ الْمُحَرَّمِ وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ سَبْقُ حُرْمَةِ التَّأْخِيرِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْزِمْ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ عَلَى فِعْلِهَا فِيهِ وَلَا عَلَى التَّأْخِيرِ لِيَجْمَعَهَا مَعَ الثَّانِيَةِ، عَصَى بِهَذَا التَّأْخِيرِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ نَوَى التَّأْخِيرَ لِلْجَمْعِ وَقَدْ بَقِيَ مَا يَسَعُهَا مَعَ الطَّهَارَةِ صَحَّتْ هَذِهِ النِّيَّةُ بِلَا إشْكَالٍ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَهَا الْعِصْيَانُ بِالتَّأْخِيرِ أَوْ يُعْتَبَرُ إنْ كَانَتْ الطَّهَارَةُ طَهَارَةَ ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ طَهَارَةِ الرَّفَاهِيَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ الثَّانِيَةِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ وَقْتِ السَّلَامِ مِنْهَا، فَلَوْ تَذَكَّرَ فِيهَا تَدَارَكَهُ وَبَنَى بِلَا تَفْصِيلٍ اهـ عَمِيرَةُ وَكُلُّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا فَعَلَهُ قَبْلَ التَّذَكُّرِ لَا يُحْسَبُ، وَلَهُ وَجْهٌ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ هَذِهِ، لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى إحْرَامٍ لَاغٍ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ فِيهَا: بِحُسْبَانِ مِثْلِ الْمَتْرُوكِ، وَالْمُعْتَبَرُ طُولُ الْفَصْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّلَامِ لَا بَيْنَ التَّذَكُّرِ وَالسَّلَامِ، وَأَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا وَجْهَ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ امْتِنَاعُ جَمْعِهِمَا تَقْدِيمًا) بِخِلَافِ جَمْعِ التَّأْخِيرِ، فَإِنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْهُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الشَّكِّ أَنْ يُصَيِّرَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يُفْعَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ وَلِأَنَّهُ عَلَى احْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ الْأُولَى وَاضِحٌ، وَكَذَا عَلَى احْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ إعَادَتُهَا، وَالْمُعَادَةُ اللَّازِمَةُ لَهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ لِتُفْعَلَ مَعَهَا فِي وَقْتِهَا، وَكَوْنُهُ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ لَا يُسَمَّى جَمْعًا حِينَئِذٍ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ هَذَا الِاحْتِمَالِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَسَقَطَ مَا لِلشَّيْخِ عَمِيرَةَ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ جَعْلُ الْمُعَادَةِ خَارِجَ وَقْتِهَا، مَعَ أَنَّ شَرْطَ الْمُعَادَةِ وُقُوعُهَا فِي الْوَقْتِ اهـ. ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ، وَقَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَحَقُّقِ هَذَا الِاحْتِمَالِ أَيْ وَفِعْلُهَا إنَّمَا هُوَ عَلَى احْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ الْأُولَى، وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَكُونُ إعَادَةً وَكَانَ الْأَوْلَى الِاكْتِفَاءَ بِهَذَا الْقَدْرِ وَعَدَمُ التَّعَرُّضِ لِكَوْنِهَا مُعَادَةً، إذْ لَوْ كَانَتْ مُعَادَةً لَلَزِمَ فِعْلُهَا جَمَاعَةً، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ تَأَمَّلْ هَذَا. وَاعْتَمَدَ جَوَازَ الْجَمْعِ تَأْخِيرًا زي وم ر وَاعْتَمَدَ عَدَمَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَالْبُرُلُّسِيُّ اهـ. ق ل

(قَوْلُهُ النِّيَّةُ لِلْجَمْعِ) وَلَا يَكْفِي نِيَّةُ التَّأْخِيرِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ جَمْعٍ بِخِلَافِ نِيَّةِ صَلَاةِ الظُّهْرِ مَثَلًا رَكْعَتَيْنِ حَيْثُ كَفَتْ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ تَرَخُّصًا، إذْ نِيَّةُ صَلَاةِ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ لَا تَكُونُ إلَّا

ص: 472

قَدْرٌ يَسَعُهَا أَوْ أَكْثَرُ، فَإِنْ ضَاقَ بِحَيْثُ لَا يَسَعُهَا عَصَى وَصَارَتْ قَضَاءً، وَجَزَمَ الْبَارِزِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْأَوَّلِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةَ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ قَصْرِ صَلَاةِ مَنْ سَافَرَ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً وَلَا يَضُرُّ فِيهِ تَحْرِيمُ تَأْخِيرِهَا بِحَيْثُ يَخْرُجُ جَزْءٌ مِنْهَا عَنْ وَقْتِهَا

(وَ) ثَانِيهَا: نِيَّةُ الْجَمْعِ (فِي أَوَّلَةٍ) لِتَرْتَبِطَ بِالثَّانِيَةِ كَمَا فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ (قُلْتُ وَذَا فِي) الْقَوْلِ (الْأَضْعَفِ) ، إذْ الْأَصَحُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِهَا كَالتَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ هُنَا تَقَدَّمَتْ نِيَّةُ الْجَمْعِ فِي وَقْتِ الْأُولَى فَاكْتُفِيَ بِهَا بِخِلَافِ نِيَّةِ التَّقْدِيمِ، وَأَيْضًا الْوَقْتُ هُنَا لِلثَّانِيَةِ وَالْأُولَى تَبَعٌ لَهَا بِخِلَافِهِ ثَمَّةَ، وَلِهَذَا لَمْ يَجِبْ التَّرْتِيبُ، وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ فَلِأَنَّ الْأُولَى شَبِيهَةٌ بِالْفَائِتَةِ لِخُرُوجِ وَقْتِهَا، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ:«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الْمَغْرِبَ بِمُزْدَلِفَةَ ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ أُقِيمَتْ الْعِشَاءُ فَصَلَّاهَا» (وَ) ثَالِثُهَا: (أَنْ يَدُومَ عُذْرُهُ وَهْوَ السَّفَرْ إلَى تَمَامِ الِاثْنَتَيْنِ) ، فَلَوْ أَقَامَ قَبْلَ فَرَاغِهِمَا صَارَتْ الْأُولَى قَضَاءً؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلثَّانِيَةِ فِي الْأَدَاءِ لِلْعُذْرِ، وَقَدْ زَالَ قَبْلَ تَمَامِهَا وَفِي الْمَجْمُوعِ إذَا أَقَامَ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأُولَى أَدَاءً بِلَا خِلَافٍ

وَمَا بَحَثَهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَالُوهُ مِنْ حُكْمٍ وَتَعْلِيلٍ قَالَ السُّبْكِيُّ وَتَعْلِيلُهُمْ مُنْطَبِقٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْأُولَى فَلَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

لِإِمْكَانِ تَقْدِيمِهَا، فِيهِ نَظَرٌ

وَالْقَلْبُ الْآنَ لِاعْتِبَارِ مَا يَسَعُ الطَّهَارَةَ مُطْلَقًا أَمْيَلُ، وَأَمَّا إسْنَادُ الْمَنْعِ الْمَذْكُورِ لِمَا ذُكِرَ فَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ قَدْرٌ يَسَعُهَا) هَلْ الْمُرَادُ يَسَعُهَا مَقْصُورَةً أَوْ تَامَّةً؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ عَازِمًا عَلَى الْقَصْرِ اُعْتُبِرَ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ الْإِتْمَامُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلَا يَتَخَرَّجُ هَذَا عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِيمَنْ أَدْرَكَ قَدْرَ الصَّلَاةِ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ ثُمَّ حَصَلَ لَهُ مَانِعٌ كَالْجُنُونِ لِاحْتِيَاطِهِمْ لِلْوُجُوبِ، ثُمَّ مَا لَمْ يَحْتَاطُوا هُنَا بِدَلِيلِ الْوُجُوبِ ثُمَّ بِإِدْرَاكِ قَدْرِ تَكْبِيرَةٍ مِنْ آخِرِ الْوَقْتِ. وَعَدَمُ الِاكْتِفَاءِ هُنَا بِالنِّيَّةِ إذَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ تَكْبِيرَةٍ بَلْ أَوْ قَدْرُ رَكْعَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِذَا قُلْنَا: بِالِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ فَنَوَى وَقَدْ بَقِيَ مَا يَسَعُهَا مَقْصُورَةً لِكَوْنِهِ عَزَمَ عَلَى الْقَصْرِ ثُمَّ لَمَّا دَخَلَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ اخْتَارَ الْإِتْمَامَ، فَهَلْ يُؤَثِّرُ حَتَّى تَصِيرَ الْأُولَى قَضَاءً؟ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالثَّانِي غَيْرُ بَعِيدٍ بَلْ هُوَ الْوَجْهُ

(قُلْتُ: لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَّ كَوْنُهَا مُؤَدَّاةً، وَهُنَا أَنْ تُمَيِّزَ النِّيَّةُ هَذَا التَّأْخِيرَ عَنْ التَّأْخِيرِ تَعَدِّيًا، وَلَا يَحْصُلُ إلَّا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ

(قَوْلُهُ قُلْت وَذَا) يَجُوزُ رُجُوعُ هَذَا أَيْضًا إلَى قَوْلِهِ مَا دَامَ يَبْقَى قَدْرُ رَكْعَةٍ، فَيُفِيدُ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى قَدْرُ جَمِيعِ الصَّلَاةِ م ر. (قَوْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ إلَخْ) قَدْ يُسْتَشْكَلُ الِاسْتِدْلَال بِهِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ إنَاخَةِ الْبَعِيرِ لَا تَمْنَعُ الْوَلَاءَ لِقِصَرِ زَمَنِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَاخَةُ جَمِيعِ مَنْ كَانَ مَعَهُ عليه السلام أَبْعِرَتُهُمْ لَا تَحْصُلُ عَادَةً إلَّا عَلَى

ــ

[حاشية الشربيني]

قَصْرًا اهـ ع ش. (قَوْلُهُ فَإِنْ ضَاقَ إلَخْ) وَلَوْ نَوَى وَالْوَقْتُ بَاقٍ لَكِنْ لَمَّا دَخَلَ الْوَقْتُ عَرَضَ مَانِعٌ مِنْ الْجَمْعِ كَإِقَامَةٍ صَارَتْ الْأُولَى قَضَاءً، وَلَا إثْمَ سم عَلَى التُّحْفَةِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ أَقَامَ مُخْتَارًا بِلَا حَاجَةٍ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ إلَخْ) لَكِنْ حَيْثُ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْمَقَالَتَيْنِ لِلْأَصْحَابِ وَجَبَ حَمْلُ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ، كَمَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ ل م ر لمر. (قَوْلُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهَا) لَكِنْ تُسَنُّ كَاللَّتَيْنِ بَعْدَهَا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ الْوَقْتُ هُنَا لِلثَّانِيَةِ إلَخْ) فَلَمْ يُحْتَجْ لِشَيْءٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا اُعْتُبِرَتْ ثَمَّ لِتَحَقُّقِ التَّبَعِيَّةِ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّةِ الْوَقْتِ لِلثَّانِيَةِ شَرْحُ م ر

(قَوْلُ شَبِيهَةٌ بِالْفَائِتَةِ) وَلَا تَجِبُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الْفَائِتَةِ وَغَيْرِهَا، كَذَا فِي التَّعْلِيقَةِ (قَوْلُهُ صَارَتْ الْأُولَى قَضَاءً) الْمُرَادُ بِالْأُولَى الظُّهْرُ أَوْ الْمَغْرِبُ، سَوَاءٌ قَدَّمَ كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبَةِ الْوَقْتِ، أَمْ أَخَّرَهُ عَنْهَا، فَالْمُرَادُ بِالْأُولَى الْمُؤَخَّرَةُ عَنْ وَقْتِهَا الَّذِي هُوَ أَوَّلٌ بِالنِّسْبَةِ لِوَقْتِ الثَّانِيَةِ، وَهَذِهِ الْأُولَى هِيَ التَّابِعَةُ سَوَاءٌ فُعِلَتْ قَبْلَ صَاحِبَةِ الْوَقْتِ أَمْ بَعْدَهَا، فَفِيهِ صُورَتَانِ وَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا خِلَافًا اهـ. كَذَا فِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ وَالْأَوْلَى أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ أَوَّلًا أَوْ الْعَصْرَ، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يُقِيمَ فِي الْمَفْعُولَةِ أَوَّلًا أَوْ فِي الْمَفْعُولَةِ ثَانِيًا، فَالْمَجْمُوعُ خَالَفَ فِي اثْنَتَيْنِ وَهُمَا مَا إذَا أَقَامَ فِي أَثْنَاءِ الْمَفْعُولَةِ ثَانِيًا، كَانَتْ صَاحِبَةَ الْوَقْتِ أَوْ لَا، وَالسُّبْكِيُّ خَالَفَ فِي وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا أَقَامَ فِي أَثْنَاءِ التَّابِعَةِ بَعْدَ فِعْلِ الْمَتْبُوعَةِ سَفَرًا، وَانْظُرْ هَلْ جَرَى خِلَافٌ فِيمَا لَوْ أَقَامَ أَثْنَاءَ الظُّهْرِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى الْعَصْرِ مَثَلًا؟ اهـ. مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ صَارَتْ الْأُولَى قَضَاءً) وَلَا إثْمَ فِيهَا وَلَا تُقْصَرُ لَوْ تَبَيَّنَ فِيهَا مُفْسِدٌ وَأَعَادَهَا؛ لِأَنَّهَا فَائِتَةُ حَضَرٍ، وَكَذَا إذَا فَعَلَهَا مَقْصُورَةً أَوَّلًا فَيُعِيدُهَا تَامَّةً؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا فَائِتَةُ حَضَرٍ وَإِنْ وُجِدَ السَّفَرُ فِي جَمِيعِ وَقْتِهَا وَجَمِيعِ فِعْلِهَا بِأَنْ فَعَلَهَا أَوَّلًا اهـ. شَرْحُ الْعُبَابِ

(قَوْلُهُ وَفِي الْمَجْمُوعِ) ضَعِيفٌ م ر (قَوْلُهُ وَفِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى قَوْلٍ يُخَالِفُ الْمَتْنَ، وَوَجْهُ مُخَالَفَتِهِ أَنَّ مُقْتَضَى الْمَتْنِ أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ الْإِقَامَةُ فِي إحْدَاهُمَا صَارَتْ الْمُؤَخَّرَةُ قَضَاءً، وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ فِي أَثْنَاءِ الْمَتْبُوعَةِ لَا تَصِيرُ التَّابِعَةُ قَضَاءً، بَلْ أَدَاءً وَلَا يَتَعَيَّنُ فِي مُخَالَفَتِهِ حَمْلُ الثَّانِيَةِ عَلَى الْمَفْعُولَةِ ثَانِيًا، بَلْ يُوَافِقُهُ السُّبْكِيُّ فِي صُورَةٍ تَأَمَّلْ اهـ مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ م ر (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) أَيْ مُخَالِفًا لِلْمُصَنِّفِ وَالْمَجْمُوعِ إنْ كَانَ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ عَامًّا، بِأَنْ كَانَ مُرَادُهُ بِالْأُولَى الْمَفْعُولَةَ أَوَّلًا، سَوَاءٌ كَانَتْ صَاحِبَةَ الْوَقْتِ أَوْ لَا، وَفِيهِ إشَارَةٌ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمَجْمُوعِ فِي نَفْيِ الْخِلَافِ اهـ، كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَتَعْلِيلُهُمْ) أَيْ بِقَوْلِهِمْ: لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلثَّانِيَةِ فِي الْأَدَاءِ إلَخْ إذْ مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى الَّتِي هِيَ التَّابِعَةُ مُؤَدَّاةً فِي صُورَةِ الْعَكْسِ. (قَوْلُهُ مُنْطَبِقٌ عَلَى تَقْدِيمِ إلَخْ) أَيْ أَوْ الثَّانِيَةِ وَأَقَامَ فِيهَا

ص: 473

عَكَسَ وَأَقَامَ فِي أَثْنَاءِ الظُّهْرِ فَقَدْ وُجِدَ الْعُذْرُ فِي جَمِيعِ الْمَتْبُوعَةِ وَأَوَّلِ التَّابِعَةِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ أَنَّهَا أَدَاءٌ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْلِيلُهُمْ، وَأَجْرَى صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ الْكَلَامَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَقَالَ: وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ بِدَوَامِ السَّفَرِ إلَى عَقْدِ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يُكْتَفَ بِهِ فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ، بَلْ شُرِطَ دَوَامُهُ إلَى تَمَامِهِمَا؛ لِأَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ لَيْسَ وَقْتَ الْعَصْرِ إلَّا فِي السَّفَرِ، وَقَدْ وُجِدَ عِنْدَ عَقْدِ الثَّانِيَةِ فَيَحْصُلُ الْجَمْعُ، وَأَمَّا وَقْتُ الْعَصْرِ فَيَجُوزُ فِيهِ الظُّهْرُ بِعُذْرِ السَّفَرِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَنْصَرِفُ فِيهِ الظُّهْرُ إلَى السَّفَرِ، إلَّا إذَا وُجِدَ السَّفَرُ فِيهِمَا، وَإِلَّا جَازَ أَنْ يَنْصَرِفَ إلَيْهِ لِوُقُوعِ بَعْضِهَا فِيهِ، وَأَنْ يَنْصَرِفَ إلَى غَيْرِهِ لِوُقُوعِ بَعْضِهَا فِي غَيْرِهِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ

(وَالْأَبَرْ) أَيْ الْأَفْضَلُ (أَنْ يُؤْثِرَ) الْمُسَافِرُ (الْقَصْرَ عَلَى الْإِتْمَامِ فِي سَفَرِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ يُوجِبُ الْقَصْرَ حِينَئِذٍ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَيُخَالِفُ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ وَإِنْ مَنَعَهُ أَهْلُ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ مُحَقِّقِي الْعُلَمَاءِ لَا يُقِيمُونَ لِمَذْهَبِهِمْ وَزْنًا قَالَهُ الْإِمَامُ وَلِبَقَاءِ شَغْلِ الذِّمَّةِ إذَا أَفْطَرَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمَلَّاحُ الَّذِي يُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ وَمَعَهُ أَهْلُهُ وَأَوْلَادُهُ، وَمَنْ لَا وَطَنَ لَهُ وَعَادَتُهُ السَّيْرُ أَبَدًا فَالْأَفْضَلُ لَهُمَا الْإِتْمَامُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، أَمَّا سَفَرُ دُونَ الثَّلَاثَةِ فَالْإِتْمَامُ فِيهِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، بَلْ يُكْرَهُ الْقَصْرُ كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ، إلَّا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فَالْقَصْرُ أَفْضَلُ، وَكَذَا فِي حَقِّ مَنْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ كَرَاهَةَ الْقَصْرِ، بَلْ يُكْرَهُ لَهُ الْإِتْمَامُ إلَى أَنْ تَزُولَ الْكَرَاهَةُ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي سَائِرِ الرُّخَصِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَتَرْكُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ بِلَا خِلَافٍ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ يَمْنَعُهُ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَلِأَنَّ فِيهِ إخْلَاءَ وَقْتِ الْعِبَادَةِ عَنْهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَنْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ كَرَاهَةَ الْجَمْعِ كَمَا عُلِمَ، وَالْحَاجُّ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ؛ لِأَنَّهُ أَرْفَقُ لَهُ فِي الدُّعَاءِ فِي الْأَوَّلِ وَفِي السَّيْرِ فِي الثَّانِي، وَمَنْ إذَا جَمَعَ صَلَّى جَمَاعَةً أَوْ خَلَا عَنْ حَدَثِهِ الدَّائِمِ أَوْ كَشَفَ عَوْرَتَهُ

(وَسُنَّتَيْ ظُهْرٍ وَعَصْرٍ قَدَّمَا) أَيْ الْجَامِعُ نَدْبًا (عَلَيْهِمَا) بِأَنْ يُصَلِّيَ سُنَّةَ الظُّهْرِ ثُمَّ سُنَّةَ الْعَصْرِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، (وَسُنَّتَيْ تِلْوَيْهِمَا) أَيْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ (أَخَّرَ) وُجُوبًا بِأَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَيْنِ ثُمَّ سُنَّةَ الْمَغْرِبِ ثُمَّ سُنَّةَ الْعِشَاءِ، وَتَبِعَ الْحَاوِي فِيمَا تَقَرَّرَ فِي سُنَّتَيْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ الرَّافِعِيَّ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

التَّرْتِيبِ فِي زَمَنٍ طَوِيلٍ، فَهُوَ الظَّاهِرُ فَيُكْتَفَى بِهِ فِي الظَّنِّيَّاتِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ إلَخْ) الْأَظْهَرُ فِي الْفَرْقِ أَنَّا لَوْ لَمْ نَكْتَفِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ بِدَوَامِ السَّفَرِ إلَى عَقْدِ الثَّانِيَةِ، لَزِمَ بُطْلَانُهَا إذَا انْقَطَعَ السَّفَرُ قَبْلَ تَمَامِهَا فَاكْتَفَيْنَا بِمَا ذُكِرَ صَوْنًا لَهَا عَنْ الْإِبْطَالِ، وَلَا كَذَلِكَ فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ لَا يُقَالُ: لَا نُسَلِّمُ لُزُومَ الْبُطْلَانِ بَلْ تَنْقَلِبُ نَفْلًا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ تَحَقُّقِ ذَلِكَ يَكْفِي فِي الْفَرْقِ بُطْلَانُ الْفَرْضِيَّةِ

(قَوْلُهُ إلَّا فِي السَّفَرِ) فِيهِ أَنَّهُ وَقْتٌ لَهُ أَيْضًا فِي الْمَطَرِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْمَطَرِ، أَوْ بِأَنَّ الْمُرَادَ فِي السَّفَرِ وَنَحْوِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: إلَّا فِي حَالَةِ الْعُذْرِ (قَوْلُهُ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ) قِيلَ: بَلْ قَدْ يَجِبُ فِي إدْرَاكِ عَرَفَةَ أَوْ أَسِيرٍ

(قَوْلُهُ وَقَدَّمَ الظُّهْرَ) بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَّرَهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ وَأَجْرَى صَاحِبُ إلَخْ) مُعْتَمَدُ م ر. (قَوْلُهُ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ) هُوَ الطَّاوُوسِيُّ لَهُ حَاشِيَةٌ عَلَى الْحَاوِي سَمَّاهَا التَّعْلِيقَةَ

(قَوْلُهُ إلَّا فِي السَّفَرِ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمَطَرِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْفَرْقُ بَيْنَ اشْتِرَاطِ دَوَامِ السَّفَرِ فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ دُونَ جَمْعِ التَّقْدِيمِ، وَلَا دَخْلَ فِي ذَلِكَ لِلْمَطَرِ اهـ.

(قَوْلُهُ لِوُقُوعِ بَعْضِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ سَوَاءٌ التَّابِعَةُ أَوْ الْمَتْبُوعَةُ؛ لِأَنَّ الْمَتْبُوعَةَ لَيْسَتْ مَتْبُوعَةً إلَّا إذَا وَقَعَ كُلُّهَا فِي السَّفَرِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ فِي سَفَرِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ) قَالَ فِي الْحَوَاشِي الْمَدَنِيَّةِ: رَأَيْتُ فِي الْأَعْلَامِ لِلْقُطْبِ الْحَنَفِيِّ أَنَّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ عِنْدَهُمْ ثَلَاثُ مَرَاحِلَ تُقْطَعُ كُلُّ مَرْحَلَةٍ فِي أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ مِنْ أَقْصَرِ الْأَيَّامِ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ، وَعَلَيْهِ فَالثَّلَاثَةُ عِنْدَهُمْ لَا تُجَاوِزُ الِاثْنَيْنِ عِنْدَنَا، وَالْوَاقِعُ أَنَّ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، فَنَقْلُ أَئِمَّتِنَا عَلَى بَعْضِ الْأَقْوَالِ عِنْدَهُمْ اهـ. (قَوْلُهُ مَنْ يُوجِبُ الْقَصْرَ) هَلْ يُوجِبُ نِيَّةَ الْقَصْرِ حِينَئِذٍ؟ اُنْظُرْهُ. (قَوْلُهُ وَيُخَالِفُ الصَّوْمَ إلَخْ) حَيْثُ كَانَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ الْمَلَّاحُ إلَخْ) وَإِنَّمَا كَانَ الْإِتْمَامُ لَهُ أَفْضَلَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَحْمَدَ الْقَائِلِ بِمَنْعِ الْقَصْرِ لَهُ، وَمِثْلُهُ الثَّانِي وَقُدِّمَ عَلَى خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ لِاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ

(قَوْلُهُ وَمَعَهُ أَهْلُهُ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فَهُوَ مِثْلُ مَنْ لَهُ، وَالْمُحْتَرَزُ عَنْهُ مَنْ لَهُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مَعَهُ ع ش. (قَوْلُهُ فَالْإِتْمَامُ فِيهِ أَفْضَلُ) أَيْ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا الْمُوجِبِ لِلْإِتْمَامِ م ر. (قَوْلُهُ بَلْ يُكْرَهُ إلَخْ) حَمَلَ م ر الْكَرَاهَةَ فِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ عَلَى غَيْرِ الشَّدِيدَةِ فَهِيَ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأُولَى

(قَوْلُهُ كَرَاهَةَ الْقَصْرِ) أَيْ عَدَمَ رَغْبَتِهِ فِيهِ لِشَكٍّ فِي دَلِيلِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ غَيْرَ الْمُجْتَهِدِ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ يَمْنَعُهُ) وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ: إنَّ الْخِلَافَ لَا يُرَاعَى إنْ خَالَفَ سُنَّةً صَحِيحَةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّ تَأْوِيلَهُمْ لَهَا فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ لَهُ نَوْعُ تَمَاسُكٍ، وَطَعْنَهُمْ فِي صِحَّتِهَا فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ مُحْتَمَلٌ مَعَ اعْتِضَادِهِمْ بِالْأَصْلِ فَرُوعِيَ اهـ. شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ إخْلَاءَ وَقْتِ الْعِبَادَةِ عَنْهَا) أَيْ وَقْتِهَا الْأَصْلِيِّ، وَإِنْ كَانَ الْعُذْرُ صَيَّرَ الْوَقْتَيْنِ وَاحِدًا (قَوْلُهُ الْحَاجُّ بِعَرَفَةَ) فَإِنَّهُ يَجْمَعُ تَقْدِيمًا كَمَا يُسْتَثْنَى مِنْ النَّازِلِ وَقْتَ الْأُولَى الْحَاجُّ بِمُزْدَلِفَةَ، فَإِنَّهُ يَجْمَعُ تَأْخِيرًا فِيهَا اهـ بج. (قَوْلُهُ أَوْ خَلَا عَنْ حَدَثِهِ الدَّائِمِ إلَخْ) أَيْ فِي وَقْتِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فَيَجْمَعُ تَقْدِيمًا أَوْ تَأْخِيرًا يَكُونُ حِينَئِذٍ أَفْضَلَ لَا وَاجِبًا، بِخِلَافِ الْقَصْرِ فَإِنَّهُ لَوْ خَلَا عَنْ ذَلِكَ مِقْدَارَ رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ

ص: 474

النَّوَوِيُّ لِمَا فِيهِ مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ قَبْلَ وَقْتِهَا قَالَ: وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ يُقَدِّمُ سُنَّةَ الظُّهْرِ الَّتِي قَبْلَهَا ثُمَّ الظُّهْرِ ثُمَّ الْعَصْرِ ثُمَّ سُنَّةَ الظُّهْرِ الَّتِي بَعْدَهَا ثُمَّ سُنَّةَ الْعَصْرِ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ ذَا) أَيْ مَا قَالَهُ الْحَاوِي إنَّمَا يَصِحُّ (عَلَى تَفْصِيلِ) بَيْنَ سُنَّتَيْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَسُنَّتَيْ تِلْوَيْهِمَا (تَرَكْتُهُ خَوْفًا مِنْ التَّطْوِيلِ) وَبَيَانُهُ أَنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَدَّمَ سُنَّةَ الظُّهْرِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَلَهُ تَأْخِيرُهَا سَوَاءٌ جَمَعَ تَقْدِيمًا أَمْ تَأْخِيرًا، وَتَوْسِيطُهَا إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا سَوَاءٌ قَدَّمَ الظُّهْرَ أَمْ الْعَصْرَ وَأَخَّرَ سُنَّتَهَا الَّتِي بَعْدَهَا، وَلَهُ تَوْسِيطُهَا إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا وَقَدَّمَ الظُّهْرَ وَأَخَّرَ عَنْهُمَا سُنَّةَ الْعَصْرِ، وَلَهُ تَوْسِيطُهَا وَتَقْدِيمُهَا إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا، سَوَاءٌ قَدَّمَ الظُّهْرَ أَمْ الْعَصْرَ، وَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ أَخَّرَ سُنَّتَيْهِمَا، وَلَهُ تَوْسِيطُ سُنَّةِ الْمَغْرِبِ إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا وَقَدَّمَ الْمَغْرِبَ وَتَوْسِيطُ سُنَّةِ الْعِشَاءِ إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا وَقَدَّمَ الْعِشَاءَ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مَمْنُوعٌ وَعَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ سُنَّةً مُقَدَّمَةً، فَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ فِيهَا مِمَّا تَقَرَّرَ فِي جَمْعَيْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، هَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ التَّرْتِيبَ وَالْوَلَاءَ شَرْطَانِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ دُونَ جَمْعِ التَّأْخِيرِ، وَالْأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُ سُنَّةِ الظُّهْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ الْمُقَدَّمَةِ وَتَأْخِيرُ مَا سِوَاهَا عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ.

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ) أَقُولُ: مِنْ تِلْكَ التَّقَادِيرِ أَنْ يَجْمَعَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ تَأْخِيرًا وَيُقَدِّمَ الْعَصْرَ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَوْلَى بِهِ الْآنَ تَقْدِيمُ سُنَّةِ الْعَصْرِ فَيَرِدُ ذَلِكَ عَلَى عِبَارَتِهِ، وَكَذَا تَرِدُ سُنَّةُ الْعِشَاءِ الْمُتَقَدِّمَةُ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ تَأْخِيرًا وَقَدَّمَ الْعِشَاءَ بُرُلُّسِيٌّ

ــ

[حاشية الشربيني]

كَانَ وَاجِبًا، وَالْفَرْقُ لُزُومُ إخْرَاجِ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ عَنْ وَقْتِهَا الْحَقِيقِيِّ فِي الْجَمْعِ، بِخِلَافِ الْقَصْرِ قَالَهُ سم وَلِلِاتِّفَاقِ عَلَى الْقَصْرِ بِخِلَافِ الْجَمْعِ قَالَهُ ع ش

(قَوْلُهُ قَدَّمَ إلَخْ) الضَّابِطُ لِذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ بُعْدِيَّةِ الْأُولَى عَلَى الْأُولَى مُطْلَقًا، وَلَا سُنَّةُ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى إنْ جَمَعَ تَقْدِيمًا، وَلَا الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِشَيْءٍ مُطْلَقًا إنْ جَمَعَ تَقْدِيمًا، وَمَا عَدَا ذَلِكَ جَائِزٌ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ قَدَّمَ سُنَّةَ الظُّهْرِ) أَيْ اسْتِحْبَابًا وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَيْ جَوَازًا (قَوْلُهُ أَخَّرَ سُنَّتَيْهِمَا) أَيْ وُجُوبًا فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ لِئَلَّا يَبْطُلَ الْوَلَاءُ، وَلَوْ بِفِعْلِ رَكْعَتَيْنِ مِنْهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذَا، وَقَدْ مَرَّ عَنْ ق ل. (قَوْلُهُ مَمْنُوعٌ) إمَّا لَبُطْلَان الْوَلَاءِ أَوْ؛ لِأَنَّ الرَّاتِبَةَ الْمُؤَخَّرَةَ عَنْ الْغَرَضِ لَا تُقَدَّمُ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى إلَخْ) أَيْ لِيَحْصُلَ الْوَلَاءُ الْمَنْدُوبُ اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي. (قَوْلُهُ بِضَمِّ الْمِيمِ) هُوَ الْأَفْصَحُ وَهُوَ لُغَةُ الْحِجَازِ، وَالْفَتْحُ لُغَةُ تَمِيمٍ، وَالْإِسْكَانُ لُغَةُ عُقَيْلٍ، وَهُوَ بِالسُّكُونِ اسْمٌ لِأَيَّامِ الْأُسْبُوعِ الَّتِي أَوَّلُهَا السَّبْتُ، فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَبَيْنَهَا، بَلْ وَبَيْنَ الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ آخِرَ الْأُسْبُوعِ اهـ. ع ش بِزِيَادَةٍ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ بِالسُّكُونِ إلَخْ أَيْ، وَأَمَّا اللُّغَاتُ الْأَرْبَعُ فَفِي اسْمِ الْيَوْمِ.

ص: 475