المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل في) بيان (الغسل) وموجبه - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ١

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌(بَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ (النَّجَاسَاتِ) وَإِزَالَتِهَا

- ‌[فَرْعَ وَلَغَ الْكَلْب فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَمْ يَنْقُصْ بِوُلُوغِهِ عَنْ قُلَّتَيْنِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا غَسَلَ فَمَهُ الْمُتَنَجِّسَ فَلْيُبَالِغْ فِي الْغَرْغَرَةِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الِاجْتِهَادِ) فِي الْمِيَاهِ

- ‌[فَرْعٌ الْتَبَسَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّيَاتِ بَلَدٍ أَوْ إنَاءِ بَوْلٍ بِأَوَانِي بَلَدٍ]

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي (الِاسْتِنْجَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْحَدَثِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْغُسْلِ) وَمُوجِبِهِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا]

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌[بَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْأَذَانِ) وَالْإِقَامَةُ:

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الِاسْتِقْبَالِ) لِلْكَعْبَةِ وَلِبَدَلِهَا

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (صِفَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌[فَرْعٌ تَطْوِيلُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ]

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ أَتَى المصلي بِسَبْعِ آيَاتٍ مُتَضَمِّنَةٍ لِلْفَاتِحَةِ بَدَلَهَا]

- ‌[فَرْع لِلْإِمَامِ فِي الْجَهْرِيَّةِ أَرْبَعُ سَكَتَاتٍ وَالدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (شُرُوطِ الصَّلَاةِ) وَمَوَانِعِهَا

- ‌[حُكْمَ الْفِعْلِ الَّذِي مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَبَطَلَتْ بِزِيَادَتِهِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (السَّجَدَاتِ) لِلسَّهْوِ، وَالتِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ

- ‌ مَسَائِلَ يَتَعَدَّدُ فِيهَا سُجُودُ السَّهْوِ صُورَةً لَا حَقِيقَةً

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ صَلَاةِ النَّفْلِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ صَلَاةِ (الْجَمَاعَةِ)

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ جَاءَ وَقْتُ الدُّخُولِ وَحَضَرَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ وَرَجُوا زِيَادَةً]

- ‌[بَيَانِ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ الشَّامِلَ لْإِعَادَةِ الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ إذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ صَالِحُونَ لَهَا]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

الفصل: ‌(فصل في) بيان (الغسل) وموجبه

بِدِينَارٍ إذَا يَطَأْ) فِي أَوَّلِ الدَّمِ (وَنِصْفٍ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ دِينَارٍ إذَا يَطَأُ (فِي آخِرِ ذَا) أَيْ: الدَّمِ لِخَبَرِ «إذَا وَاقَعَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ وَهِيَ حَائِضٌ إنْ كَانَ دَمًا أَحْمَرَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ وَإِنْ كَانَ أَصْفَرَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِنِصْفِ دِينَارٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ؛ وَقِيسَ بِالْحَيْضِ النِّفَاسُ؛ وَكَالْوَطْءِ فِي آخِرِ الدَّمِ الْوَطْءُ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ إلَى الطُّهْرِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ لِلْأَذَى فَلَا يَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ كَالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ وَيُصْرَفُ ذَلِكَ لِوَاحِدٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُتَحَيِّرَةِ أَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَا كَفَّارَةَ بِوَطْئِهَا وَإِنْ حَرُمَ وَشَمِلَ تَعْبِيرُهُمْ تَارَةً بِأَوَّلِ الدَّمِ وَآخِرِهِ وَتَارَةً بِإِقْبَالِ الدَّمِ وَإِدْبَارِهِ الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ فَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ الْمُرَادُ بِإِقْبَالِ الدَّمِ زَمَنُ قُوَّتِهِ وَاشْتِدَادِهِ وَبِإِدْبَارِهِ ضَعْفُهُ وَقُرْبُ انْقِطَاعِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَكَذَا الْخَبَرُ السَّابِقُ.

(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْغُسْلِ) وَمُوجِبِهِ

الْغَسْلُ بِالْفَتْحِ مَصْدَرُ غَسَلَ الشَّيْءَ غَسْلًا وَبِمَعْنَى الِاغْتِسَالِ كَقَوْلِك غَسْلُ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ وَبِالضَّمِّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَاءِ الَّذِي يُغْتَسَلُ بِهِ فَفِيهِ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ لُغَتَانِ: الْفَتْحُ وَهُوَ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ لُغَةً؛ وَالضَّمُّ وَهُوَ مَا يَسْتَعْمِلُهُ الْفُقَهَاءُ أَوْ أَكْثَرُهُمْ قَالَ النَّوَوِيُّ وَقَدْ جَمَعَ شَيْخُنَا ابْنُ مَالِكٍ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ ثُمَّ سَأَلْته عَنْهُ أَيْضًا فَقَالَ: إذَا أُرِيدَ بِهِ الِاغْتِسَالُ فَالْمُخْتَارُ ضَمُّهُ وَحَيْثُ ضُمَّ جَازَ ضَمُّ ثَانِيهِ تَبَعًا لِأَوَّلِهِ وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَاسْمٌ لِمَا يُغْتَسَلُ بِهِ مِنْ سِدْرٍ وَنَحْوِهِ وَهُوَ بِالْمَعْنَيَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لُغَةً: سَيَلَانُ الْمَاءِ عَلَى الشَّيْءِ؛ وَشَرْعًا: سَيَلَانُهُ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ كَمَا قَالَ: (الْغُسْلُ) أَيْ الْمَعْهُودُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ (غَسْلُ كُلِّ ظَاهِرِ الْبَدَنْ) حَتَّى ظُفُرٍ وَصِمَاخٍ وَشِقٍّ وَمَا ظَهَرَ مِنْ ثَيِّبٍ قَعَدَتْ لِحَاجَتِهَا وَكَذَا مَا تَحْتَ قُلْفَةٍ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحِقَّةُ الْإِزَالَةِ وَلِهَذَا لَوْ أَزَالَهَا إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْهَا (وَ) كُلُّ (شَعَرٍ) وَإِنْ كَثُفَ بِظَاهِرِ الْبَدَنِ (وَمَنْبِتٍ) بَيْنَ الشَّعْرِ «لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم» كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِعْلُهُ مُبَيِّنٌ لِلتَّطْهِيرِ

ــ

[حاشية العبادي]

الْمَوْطُوءَةِ (تَنْبِيهٌ) لَوْ تَكَرَّرَ الْوَطْءُ هَلْ يُسَنُّ تَكْرَارُ الْكَفَّارَةِ مُطْلَقًا أَوْ إذَا لَمْ يُكَفِّرْ عَنْ الْأَوَّلِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ بِدِينَارٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَابْنِ الْأُسْتَاذِ وَيُجْزِي قَدْرُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ وَفِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ وَقِيمَتُهَا يَوْمئِذٍ دِينَارٌ وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي الْعِتْقُ مَعَ التَّصَدُّقِ» ح ج ش ع (قَوْلُهُ: فِي أَوَّلِ الدَّمِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ كَتَارِكِ فَرْضِ الْجُمُعَةِ عُدْوَانًا اهـ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّصَدُّقَ بِنِصْفِ دِينَارٍ لَا يُسَنُّ لِتَارِكِ الْجُمُعَةِ أَيْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ يُسَنُّ لِمَنْ تَرَكَهَا بِلَا عُذْرٍ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِهِ لِحَدِيثٍ فِيهِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ مُضْطَرِبٌ مُنْقَطِعٌ وَقَوْلُ الْحَاكِمِ إنَّهُ صَحِيحٌ مِنْ تَسَاهُلِهِ وَرُوِيَ بِدِرْهَمٍ أَوْ نِصْفِهِ وَصَاعِ حِنْطَةٍ أَوْ نِصْفِهِ وَمُدٍّ أَوْ نِصْفِهِ وَاتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِ ذَلِكَ كُلِّهِ اهـ مُلَخِّصُهُ ح ج ش ع (قَوْلُهُ: وَنِصْفٍ إلَخْ) وَإِلَّا وُجِّهَ أَنَّ الْمُعْسِرَ إذَا أَيْسَرَ بَعْدُ يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: فِي آخِرِ ذَا) وَهُوَ مَا بَعْدَ ضَعْفِهِ إلَى الطُّهْرِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالْوَطْءُ بَيْنَ الِانْقِطَاعِ وَالْغُسْلِ كَالْوَطْءِ فِي آخِرِ الدَّمِ كَمَا فِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ فَيُنْدَبُ فِيهِ التَّصَدُّقُ بِنِصْفِ دِينَارٍ بَقِيَ الْوَسَطُ هَلْ يُلْحَقُ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالْآخِرِ؟ سَيَأْتِي مَا فِيهِ بِهَامِشِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ إلَخْ) وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ بَعْضِهِمْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمَا إذَا وَطِئَ فِي وَسَطِهِ وَالْقِيَاسُ التَّصَدُّقُ بِثُلُثَيْ دِينَارٍ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ إذْ لَا وَاسِطَةَ؛ لِأَنَّ الْقُوَّةَ مُمْتَدٌّ إلَى أَنْ يَأْخُذَ فِي النَّقْصِ فَيَدْخُلَ زَمَنُ الضَّعْفِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ أَيْضًا قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِتَوَسُّطِ الدَّمِ وَقَدْ يَكُونُ لَهَا ثَلَاثَةُ دِمَاءٍ مُرَتَّبَةٍ فِي الْقُوَّةِ فَمَاذَا يَكُونُ حُكْمُ الْأَوْسَطِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ اهـ وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ الْأَوْسَطَ إنْ كَانَ قَبْلَ أَخْذِ الدَّمِ فِي النَّقْصِ كَانَ قَوِيًّا وَإِلَّا كَانَ ضَعِيفًا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ إنَّهُ قَوِيٌّ مُطْلَقًا نَظَرًا لِمَا بَعْدَهُ دُونَ مَا قَبْلَهُ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ ح ج ش ع

(قَوْلُهُ: جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) مِنْ أَنَّ زَمَنَ قُوَّةِ الدَّمِ هُوَ أَوَّلُهُ وَزَمَنَ مَنْ ضَعَّفَهُ هُوَ آخِرُهُ فَيَكُونُ مُرَادُهُ فِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ لَا الْقَوِيُّ وَالضَّعِيفُ فَلَا يُخَالِفُ مَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ أَوَّلًا

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْغُسْلِ وَمُوجِبِهِ]

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْغُسْلِ)(قَوْلُهُ: وَبِمَعْنَى الِاغْتِسَالِ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاغْتِسَالِ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ وَيُنَاسِبُ ذَلِكَ تَنْظِيرُهُ بِقَوْلِهِ كَقَوْلِك غُسْلُ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ؛ لِأَنَّ مُتَعَلَّقَ الْأَحْكَامِ هُوَ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ لِكَوْنِهِ وُجُودِيًّا لَا الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ؛ لِأَنَّهُ عَدَمِيٌّ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ بَيَّنَ أَنَّهُ يُطْلَقُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَبِمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ (قَوْلُهُ: وَبِمَعْنَى الِاغْتِسَالِ) أَيْ: فَيَخْتَصُّ بِغُسْلِ الْآدَمِيِّ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ أَعَمُّ بِرّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَسْتَعْمِلُهُ الْفُقَهَاءُ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فِي غُسْلِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فِيمَا يَظْهَرُ بِرّ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا سَيَلَانُهُ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ فِي الشَّرْعِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ سَيَلَانُ الْمَاءِ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ وَهُوَ مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ بِرّ وَقَدْ يُقَالُ الْمُنَاسِبُ لِلْمَعْنَى الْأَوَّلِ هُوَ الْإِسَالَةُ دُونَ السَّيَلَانِ (قَوْلُهُ: عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ خُرُوجُ نَحْوِ الثَّوْبِ بِالنِّسْبَةِ لِكِلَا الْمَعْنَيَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ لَهُ اصْطِلَاحًا بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ إطْلَاقَانِ خَاصٌّ فَيَتَقَيَّدُ بِالْبَدَنِ وَعَامٌّ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ قَرِيبٌ جِدًّا (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَعْهُودُ) فَأَلْ لِلْعَهْدِ (قَوْلُهُ غُسْلُ كُلِّ إلَخْ) هَذَا أَخَصُّ مِنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَاخْتَلَفَا (قَوْلُهُ وَكَذَا مَا تَحْتَ قُلْفَةٍ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَبَاطِنُ قُلْفَةٍ وَمَا تَحْتَهَا (قَوْلُهُ: وَكُلُّ شَعْرٍ) حَتَّى دَاخِلَهُ (قَوْلُهُ: وَمَنْبِتٍ)

ــ

[حاشية الشربيني]

(فَصْلٌ فِي الْغُسْلِ)(قَوْلُهُ: وَبِمَعْنَى الِاغْتِسَالِ) فَيَكُونُ اسْمَ مَصْدَرِ اغْتَسَلَ. اهـ. حَجَرٌ وَقَالَ سم إنَّهُ اسْمٌ لِلْحَاصِلِ بِمَصْدَرِ غَسَلَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَيَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ وَالْحَاصِلُ بِهِ سَيَلَانُ الْمَاءِ عَلَى الشَّيْءِ وَالسَّيَلَانُ

ص: 153

الْمَأْمُورِ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] وَإِنَّمَا وَجَبَ غَسْلُ الْكَثِيفِ وَمَنْبَتِهِ هُنَا دُونَ الْوُضُوءِ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ هُنَا وَكَثْرَتِهَا فِي الْوُضُوءِ لِتَكَرُّرِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ الْعَيْنِ وَالْفَمِ وَالْأَنْفِ وَلَا شَعْرٍ نَبَتَ فِيهَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ وَلَا يَجِبُ نَقْضُ الضَّفَائِرِ إلَّا أَنْ لَا يَصِلَ الْمَاءُ إلَى بَاطِنِهَا.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: كَأَصْلِهَا وَيُسَامَحُ بِبَاطِنِ الْعُقَدِ الَّتِي عَلَى الشَّعَرَاتِ عَلَى الْأَصَحِّ وَنَبَّهَ النَّاظِمُ عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ فِي الْغُسْلِ وَقَرَنَهَا بِأَوَّلِهِ وَبَيَانِ كَيْفِيَّتِهَا بِقَوْلِهِ (وَقَدْ قَرَنْ بِأَوَّلٍ نِيَّةَ رَفْعِ الْحَدَثِ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَنْ جَنَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ) نِيَّةِ رَفْعِ (الْجَنَابَةِ أَوْ التَّطَمُّثِ) أَيْ: الْحَيْضِ أَيْ: رَفْعِ حُكْمِ ذَلِكَ أَمَّا الِاكْتِفَاءُ بِغَيْرِ الْأُولَى فَلِتَعَرُّضِهِ لِلْمَقْصُودِ وَأَمَّا بِالْأَوْلَى فَلِاسْتِلْزَامِ رَفْعِ الْمُطْلَقِ رَفْعَ الْمُقَيَّدِ؛ وَلِأَنَّهَا تَنْصَرِفُ إلَى حَدَثِهِ فَلَوْ نَوَى الْحَدَثَ الْأَكْبَرَ كَانَ تَأْكِيدًا وَهُوَ أَفْضَلُ وَلَوْ نَوَى جَنَابَةَ الْجِمَاعِ وَجَنَابَتَهُ بِاحْتِلَامٍ أَوْ عَكْسِهِ أَوْ الْجَنَابَةَ وَحَدَثُهُ الْحَيْضُ أَوْ عَكْسُهُ صَحَّ مَعَ الْغَلَطِ دُونَ الْعَمْدِ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْوُضُوءِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا تَرْتَفِعُ النِّفَاسُ بِنِيَّةِ الْحَيْضِ وَعَكْسِهِ مَعَ الْعَمْدِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْكِفَايَةِ فِي الْأُولَى لَكِنَّ مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ إيجَابُ الْغُسْلِ مِنْ النِّفَاسِ بِكَوْنِهِ دَمَ حَيْضٍ مُجْتَمِعٍ ارْتِفَاعُهُ فِيهَا؛ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الْعِمَادِ فِيهَا لِذَلِكَ وَفِي الثَّانِيَةِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْحَيْضَ يُسَمَّى نِفَاسًا قَالَ: فَيَصِحُّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنِيَّةِ الْآخَرِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِاسْمَيْنِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالنِّيَّةِ مَعَ التَّسْمِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ إلَّا عِنْدَ إفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ بَدَنِهِ أَجْزَأَهُ وَلَا يُثَابُ عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ التَّسْمِيَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا مَرَّ مِثْلُهُ فِي الْوُضُوءِ قَالَ: وَإِذَا اغْتَسَلَ مِنْ إنَاءٍ كَإِبْرِيقٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ غَسْلِ مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَغْفُلُ عَنْهُ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى الْمَسِّ فَيُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ أَوْ إلَى كُلْفَةٍ فِي لَفِّ خِرْقَةٍ عَلَى يَدِهِ (أَوْ) نِيَّةِ (اسْتِبَاحَةِ الَّذِي يَفْتَقِرُ لَهُ) أَيْ: لِلْغُسْلِ (كَوَطْءِ) أَيْ: كَحِلِّ وَطْءِ (ذَاتِ حَيْضٍ تَطْهُرُ) مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَا يَفْتَقِرُ لَهُ وَإِنْ نُدِبَ لَهُ الْغُسْلُ كَعُبُورِ مَسْجِدٍ وَأَذَانٍ وَالتَّمْثِيلُ بِمَا قَالَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(أَوْ) نِيَّةِ (الْأَدَا لِلْغُسْلِ) كَنَظِيرِهَا فِي الضَّوْءِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا الرَّافِعِيُّ لَكِنَّ الْغُسْلَ كَالْوُضُوءِ فِي هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ نِيَّةَ أَدَاءِ الْوُضُوءِ وَقِيَاسُهُ الِاكْتِفَاءُ بِنِيَّةِ

ــ

[حاشية العبادي]

ظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْجِلْدُ الَّذِي بَيْنَ الشَّعْرِ لَا الْمَنْبِتُ بِالْفِعْلِ إذْ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ بَلْ لَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ لِاشْتِغَالِهِ بِالنَّابِتِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَشَعْرٌ نَبَتَ فِيهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ جَاوَزَهَا لَكِنْ يُتَّجَهُ وُجُوبُ غَسْلِ مَا صَارَ فِي حَدِّ الْوَجْهِ مِنْهُ م ر

(قَوْلُهُ: وَشَعْرٌ نَبَتَ فِيهَا) وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي شَعْرٍ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْعَيْنِ وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُ الْخَارِجِ حِينَئِذٍ ش ع (قَوْلُهُ: وَيُتَسَامَحُ بِبَاطِنٍ إلَخْ) لَوْ تَعَقَّدَتْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ يُتَّجَهُ عَدَمُ الْمُسَامَحَةِ م ر (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَرَنَ إلَخْ)(فَرْعٌ) لَوْ قَرَنَ نِيَّةَ نَحْو الْجَنَابَةِ بِغَسْلِ الْكَفَّيْنِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا الْمَاءَ الْقَلِيلَ أَجْزَأَتْ النِّيَّةُ وَهَلْ تَجِبُ إعَادَةُ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ كَمَا لَوْ نَوَى الْوُضُوءَ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ مَعَ انْغِسَالِ بَعْضِ الشَّفَةِ حَيْثُ تُجْزِي النِّيَّةُ وَيَجِبُ إعَادَةُ الْمُنْغَسِلِ مِنْ الشَّفَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ هُنَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْغَسْلِ هُنَا وَهُوَ الْكَفَّانِ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِالْفِعْلِ وَهُوَ بَاطِنُ الْفَمِ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَمَا انْغَسَلَ مِنْ الشَّفَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ لَمْ يُقْصَدْ بِالْفِعْلِ فَتَأَمَّلْهُ لِتَعْلَمَ بِهِ انْدِفَاعَ بَحْثِ بَعْضِهِمْ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ هُنَا أَيْضًا سم.

(قَوْلُهُ: أَيْ رُفِعَ حُكْمُ ذَلِكَ) إنْ أَرَادَ بِالْجَنَابَةِ وَالتَّطَمُّثِ الْأَمْرَ الِاعْتِبَارِيَّ فَلَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّأْوِيلِ أَوْ السَّبَبَيْنِ اُحْتِيجَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّهَا تَنْصَرِفُ) قَدْ يُخَالِفُ هَذَا التَّعْلِيلُ مَا قَبْلَهُ لِاقْتِضَاءِ هَذَا انْصِرَافَ النِّيَّةِ ابْتِدَاءً إلَى حَدَثِهِ وَمَا قَبْلَهُ انْصِرَافُهَا ابْتِدَاءً إلَى الْمُطْلَقِ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ: مَعَ الْعَمْدِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: يُسَمَّى نِفَاسًا) قَدْ يُقَالُ النِّيَّةُ مَعْنًى قَلْبِيٌّ فَلَا أَثَرَ؛ لَأَنْ يُسَمَّى نِفَاسًا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَفْظِيٌّ وَالنِّيَّةُ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ أَنَّهُ نَوَى مَا يُسَمَّى نِفَاسًا (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ كُلُّ إلَخْ) وَالْكَلَامُ عِنْدَ إطْلَاقِ النِّيَّةِ، أَمَّا لَوْ قَصَدَتْ الْحَائِضُ رَفْعَ حَدَثِ النِّفَاسِ بِمَعْنَى الدَّمِ الْخَارِجِ عَقِبَ الْوِلَادَةِ أَوْ النُّفَسَاءُ رَفْعَ حَدَثِ الْحَيْضِ بِمَعْنَى الدَّمِ الْمَخْصُوصِ الْمَعْرُوفِ فَلَا وَجْهَ إلَّا عَدَمُ الصِّحَّةِ لِتَلَاعُبِهَا وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّ الْفَرْضَ تَعَمُّدُهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ اجْتِمَاعُ تَعَمُّدِهِ مَعَ عَدَمِ قَصْدِ الْمَعْنَى الْمَخْصُوصِ بِأَنْ تَنْوِيَ الْحَائِضُ مَثَلًا رَفْعَ مَا يُسَمَّى نِفَاسًا مَعَ عِلْمِهَا بِعَدَمِ وِلَادَتِهَا وَعَدَمِ خُرُوجِ دَمٍ مِنْهَا عَقِبَ الْوِلَادَةِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالنِّيَّةِ) أَيْ: وَلَا بُدَّ مِنْهَا أَيْضًا عِنْدَ أَوَّلِ جَزْءٍ وَلَوْ بِاسْتِصْحَابِهَا ذِكْرًا (قَوْلُهُ: الَّذِي يَفْتَقِرُ) يَشْمَلُ اسْتِبَاحَةَ مَسِّ الْمُصْحَفِ (قَوْلُهُ: كَوَطْءِ) قَيَّدَ الْخُوَارِزْمِيَّ الْوَطْءَ بِالْحَلَالِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ فِي الْوُضُوءِ وَفِضِّيَّتُهُ أَنَّ نِيَّةَ الْحَرَامِ لَا تَكْفِي وَنَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ قِيلَ وَكَانَ وَجْهُ النَّظَرِ انْفِكَاكَ الْجِهَةِ فَإِنَّ نِيَّةَ الْحَرَامِ تُفِيدُ رَفْعَ الْحُرْمَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ وَطْئًا فِي حَيْضٍ وَإِنْ بَقِيَتْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَبِهِ يَنْدَفِعُ قِيَاسُ هَذَا عَلَى نِيَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ اهـ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ بِمَعْنَى الْإِسَالَةِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي وَهُوَ الِاغْتِسَالُ يُجَامِعُهُ فِي التَّحَقُّقِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مَفْهُومًا تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقُلْ إلَخْ) لِانْصِرَافِهِ إلَى مَا عَلَيْهِ وَانْصِرَافِ مُطْلَقِهِ لِلْأَصْغَرِ إنَّمَا هُوَ فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ لَا النَّاوِي حَجَرٌ (قَوْلُهُ: فَلِاسْتِلْزَامِ إلَخْ) قَطَعَ النَّظَرَ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ عَنْ الْقَرِينَةِ وَنَظَرَ إلَيْهَا فِيمَا بَعْدَهُ اهـ (قَوْلُهُ: كَعُبُورِ مَسْجِدٍ) وَغُسْلِ جُمُعَةٍ لَكِنْ يَحْصُلُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْوَاجِبُ. اهـ. عِرَاقِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نِيَّةِ الْأَدَاءِ) قَدْ مَرَّ فِي الْوُضُوءِ وَجْهُ كِفَايَةِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْأَدَاءَ يَكُونُ فِي النَّوَافِلِ وَقَدْ تَوَقَّفْت الْآنَ فِي دُخُولِ الْأَدَاءِ مُقَابِلَ الْقَضَاءِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا ذَلِكَ بَلْ فِعْلُ مَا طُلِبَ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ يُشْعِرُ بِطَلَبِهِ وَلِذَلِكَ كَفَى فَحَرِّرْ

(قَوْلُهُ: فِي الْكَلَامِ عَلَى اغْتِسَالِ الْمُحْدِثِ إلَخْ)

ص: 154

الْغُسْلِ كَمَا فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى اغْتِسَالِ الْمُحْدِثِ بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ أَوْ الْغُسْلِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهَا وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ فَارِقًا بِأَنَّ الْوُضُوءَ لَا يُقَالُ لِغَيْرِ الْعِبَادَةِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّاظِمِ بِالْأَوْلَى الِاكْتِفَاءَ بِنِيَّةِ فَرْضِ الْغُسْلِ وَنِيَّةِ الْغُسْلِ الْمَفْرُوضِ وَنِيَّةِ أَدَاءِ فَرْضِ الْغُسْلِ وَلِكَوْنِ الْغُسْلِ كَالْوُضُوءِ فِي النِّيَّةِ كَمَا تَقَرَّرَ قَالَ: (قُلْتُ وَالْغِنَا بِالذِّكْرِ) أَيْ: بِذِكْرِ الْحَاوِي كَيْفِيَّتَهَا وَفُرُوعَهَا (فِي الْوُضُوءِ كَانَ أَحْسَنَا) مِنْ إعَادَتِهِ هُنَا لِكَوْنِهِ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ لِتَنَاوُلِهِ مَا لَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ (لَكِنَّهُ) قَدْ يُقَالُ (أَعَادَهُ هُنَا عَلَى قَصْدِ الْوُضُوحِ) لَا التَّقْيِيدِ (فَلْيُعِدْ) هُنَا (مَا فُصِّلَا) هُنَاكَ وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْغُسْلُ (بِشَرْطِ رَفْعِ خَبَثٍ) عَنْ بَدَنِهِ إنْ كَانَ كَمَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فَلَا يَكْفِي لَهُمَا غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا فِي الْخَبَثِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْحَدَثِ (وَاعْتَرَضُوا عَلَيْهِ) أَيْ: الْحَاوِي كَالرَّافِعِيِّ بِأَنَّ مُقْتَضَى الطُّهْرَيْنِ وَاحِدٌ فَيَكْفِي لَهُمَا غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا فِي الْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ وَالْمَاءُ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْعُضْوِ لَا يُحْكَمُ بِاسْتِعْمَالِهِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَصَوَّرَهَا فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ بِالْخَبَثِ الْحُكْمِيِّ وَأَطْلَقَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ وَهُوَ أَوْجَهُ فَتَكْفِي الْغَسْلَةُ لَهُمَا إذَا زَالَ الْخَبَثُ بِهَا وَإِنْ كَانَ عَيْنِيًّا.

(وَ) بِشَرْطِ (الْإِسْلَامِ أَيْضًا) فَلَا يَصِحُّ الْغُسْلُ مِنْ الْكَافِرِ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ (كَالْوُضُو) فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ زَوَالُ الْخَبَثِ وَالْإِسْلَامُ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْأَوَّلِ (لَا فِي اغْتِسَالِ ذَاتِ كُفْرٍ) يَعْنِي كِتَابِيَّةً كَمَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْكِتَابِ (عَنْ دَمِ) حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ (لِمُسْلِمٍ) أَيْ: لِحِلِّ وَطْءِ مُسْلِمٍ مِنْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِسْلَامُ لِلضَّرُورَةِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ اشْتِرَاطَ النِّيَّةِ فِي حَقِّهَا وَحَقِّ مَجْنُونَةٍ غَسَّلَهَا حَلِيلُهَا مِنْ حَيْضٍ لِحِلِّ وَطْئِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي التَّحْقِيقِ لَكِنَّهُ حَكَى فِي الْمَجْمُوعِ فِي أَثْنَاءِ بَابِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَجْهَيْنِ فِي الذِّمِّيَّةِ وَأَنَّ أَقْيَسَهُمَا عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ لِلضَّرُورَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي أَوَائِلِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي الْمَجْنُونَةِ وَالنَّاوِي فِيهَا عَلَى الْأَوَّلِ مُغَسِّلُهَا كَمَا فِي

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ كَانَ أَحْسَنَا) أَيْ: لَوْ ذَكَرَهُمَا فِي الْوُضُوءِ بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ عَلَى مَا قَرَّرَهُ فِيهِ كَأَنْ يَقُولَ وَيَجْرِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْغُسْلِ كَانَ أَحْسَنَ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ ذَكَرَهَا فِي الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَاقِعِ فَإِنَّهُ يَتَعَرَّضُ لِذَلِكَ هُنَاكَ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ أَعَادَهُ هُنَا وَقَوْلُهُ: أَعَادَهُ هُنَا وَقَوْلُهُ: فَلْيُعِدْ إلَخْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ كَيْفِيَّةَ نِيَّةِ الْغُسْلِ تُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ كَيْفِيَّةِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْوُضُوءِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَأَيْضًا عِلْمُ مَا هُنَا مِمَّا تَقَدَّمَ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَتَكْفِي الْغَسْلَةُ إلَخْ) شَرْطُ طَهَارَةِ الْمَحَلِّ عَنْ الْحَدَثِ طَهَارَتُهُ عَنْ النَّجَسِ حَتَّى إنَّ الْمُغَلَّظَ لَا يَطْهُرُ مَحَلُّهُ عَنْ الْحَدَثِ إلَّا بَعْدَ تَسْبِيعِهِ مَعَ التَّعْفِيرِ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِتَطْهِيرِ الْمَحَلِّ عَنْ الْحَدَثِ الِاسْتِبَاحَةُ وَلَا اسْتِبَاحَةَ مَعَ بَقَاءِ النَّجَسِ وَيُفَارِقُ حُصُولَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ بِنِيَّتِهِ وَحْدَهُ مَعَ بَقَاءِ الْحَدَثِ مَعَ أَنَّهُ مَانِعٌ أَيْضًا كَالنَّجَسِ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ التَّنْظِيفُ وَالتَّنْظِيفُ يُجَامِعُ الْحَدَثَ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَيْ فِي الْكَلَامِ عَلَى اغْتِسَالِ الْمُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ ثُمَّ أَجْنَبَ هَلْ يَكْفِيهِ الْغُسْلُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ الْوُضُوءِ؟ حَيْثُ قَالَ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَكْفِيهِ إفَاضَةُ الْمَاءِ عَلَى الْبَدَنِ وَيُصَلِّي بِهِ بِلَا وُضُوءٍ إلَى أَنْ قَالَ وَالرَّابِعُ مِنْ الْأَقْوَالِ يَكْفِيهِ غَسْلُ جَمِيعِ الْبَدَنِ بِلَا وُضُوءٍ بِشَرْطِ أَنْ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى نِيَّةِ الْغُسْلِ لَزِمَهُ الْوُضُوءُ أَيْضًا. اهـ. فَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنْ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى نِيَّةِ الْغُسْلِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لَكِنَّ تَأْوِيلَهُ قَرِيبٌ تَدَبَّرْ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهَذَا الْمَوْضِعِ؛ لِأَنَّ النَّوَوِيَّ نَقَلَ فِي بَابِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْجُنُبُ الْغُسْلَ لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَادَةً وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا. اهـ. (قَوْلُهُ: فَارَقَا إلَخْ) فَانْدَفَعَ الْقِيَاسُ السَّابِقُ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَارَقَا) بِأَنَّ الْوُضُوءَ وَوُضُوءَ الْمُحْدِثِ لَا يَكُونُ إلَّا وَاجِبًا فَلَا يَرِدُ الْوُضُوءُ الْمُجَدَّدُ. اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ إعَادَتِهِ) أَيْ الْكَلَامِ عَلَى النِّيَّةِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ خُصُوصِهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: عَلَى قَصْدِ الْوُضُوحِ) لَا التَّقْيِيدِ فَبِقَصْدِ الْوُضُوحِ يَنْدَفِعُ الْأَخْصَرِيَّةُ وَبِعَدَمِ التَّقْيِيدِ يَنْدَفِعُ كَوْنُهُ أَعَمَّ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَاءَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْخَبَثَ بِلَا خِلَافٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْمَاءُ إلَخْ) رَدٌّ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ إلَخْ وَحُجَّةُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا إلَخْ إنَّمَا هُوَ فِي الطَّهَارَةِ الْوَاحِدَةِ وَهَذِهِ طَهَارَةٌ أُخْرَى وَحُجَّةُ الثَّانِي أَنَّ مُقْتَضَى الطُّهْرَيْنِ وَاحِدٌ كَمَا فِي الشَّارِحِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لِحِلِّ وَطْءِ مُسْلِمٍ مِنْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ) قَيَّدَ بِذَلِكَ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَوْجًا أَوْ سَيِّدًا أَوْ كَانَ كَافِرًا وَجَبَ إعَادَةُ الْغُسْلِ وَجْهًا وَاحِدًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ كَذَا بِخَطِّ الْأَذْرَعِيِّ بِهَامِشِ الْمَجْمُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّ أَقْيَسَهُمَا عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ) هَذَا أَيْضًا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ فِي أَوَائِلِهِ) قَالَ احْتَجَّ مَنْ لَمْ يُوجِبْ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ بِأَنَّ الذِّمِّيَّةَ الَّتِي انْقَطَعَ حَيْضُهَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ وَطْؤُهَا بِالْإِجْمَاعِ إذَا اغْتَسَلَتْ وَلَوْ وَجَبَتْ النِّيَّةُ لَمْ تَحِلَّ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِحَّ مِنْهَا وَالْجَوَابُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ طَهَارَتُهَا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ لَهَا

ص: 155

الْمَجْمُوعِ وَذَكَرَ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ حُكْمَ الذِّمِّيَّةِ مَعَ أَنَّهُ عُلِمَ أَوَّلَ الْكِتَابِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضَيْنِ وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (ثُمَّ لْتُعِدْ) بِإِسْكَانِ اللَّازِمِ بِشَرْطٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ تُسْلِمْ) أَيْ: ثُمَّ يَجِبُ عَلَى الْكِتَابِيَّةِ إذَا أَسْلَمَتْ إعَادَةُ الْغُسْلِ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ غُسْلِ الْكَافِرِ وَإِنَّمَا صَحَّ مِنْهَا فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ لَا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ فَأَدَّاهَا؛ ثُمَّ أَسْلَمَ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا. وَفَرَّقَ الْإِمَامُ بِأَنَّ مَصْرِفَهَا يَتَعَلَّقُ بِالْآدَمِيِّ فَيُشْبِهُ الدَّيْنَ بِخِلَافِ الْغُسْلِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ امْتَنَعَتْ الْمُسْلِمَةُ مِنْ غُسْلِ الْحَيْضِ فَأَوْصَلَ زَوْجُهَا الْمَاءَ إلَيْهَا قَهْرًا حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا وَيَلْزَمُهَا إعَادَتُهُ وَكَذَا الْمَجْنُونَةُ الَّتِي غَسَّلَهَا إذَا أَفَاقَتْ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ وُجُوبُ الْغُسْلِ عَلَى مَنْ أَجْنَبَ ثُمَّ أَسْلَمَ وَإِنْ اغْتَسَلَ فِي الْكُفْرِ كَالْوُضُوءِ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنفال: 38] الْآيَةَ وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «الْإِسْلَامُ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ» فَالْمُرَادُ بِهِمَا غُفْرَانُ الذُّنُوبِ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْ الذِّمِّيِّ مَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ أَوْ قَوَدٍ بِإِسْلَامِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَفَارَقَ ذَلِكَ عَدَمَ إيجَابِ قَضَاءِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِأَنَّ إيجَابَ الْغُسْلِ عَلَيْهِ لَيْسَ مُؤَاخَذَةً بِالْوَاقِعِ فِي الْكُفْرِ بَلْ بِالْحَاصِلِ فِي الْإِسْلَامِ وَهُوَ كَوْنُهُ جُنُبًا إذَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ بِالْإِسْلَامِ بِخِلَافِهِمَا وَبِأَنَّهُمَا يَكْثُرَانِ فَيَشُقُّ قَضَاؤُهُمَا وَيُنَفَّرُ عَنْ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ فَإِنَّهُ وَاحِدٌ وَإِنْ كَثُرَتْ الْجَنَابَةُ.

(وَسُنَّ) لِلْغُسْلِ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ (رَفْعُ قَذَرٍ غَيْرِ خَبَثْ) كَمَنِيٍّ وَبُصَاقٍ قَبْلَ الْغُسْلِ اسْتِظْهَارًا؛ أَمَّا الْخَبَثُ فَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ (كَذَا) سُنَّ (وُضُوءُهُ) أَيْ: مَنْ عَلَيْهِ غُسْلٌ (وَلَوْ بِلَا حَدَثْ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنَا بِالتَّطَهُّرِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْوُضُوءِ وَلِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ «كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِأُمِّ سَلَمَةَ يَكْفِيك أَنْ تُفِيضِي عَلَيْك الْمَاءَ» «وَقَوْلِهِ لِأَبِي ذَرٍّ فَإِذَا وَجَدْت الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَك» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ وَسَوَاءٌ قَدَّمَ الْوُضُوءَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ أَمْ أَخَّرَهُ أَمْ فَعَلَهُ فِي أَثْنَاءِ الْغُسْلِ فَهُوَ مُحَصِّلٌ لِلسُّنَّةِ؛ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُهُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا حَاجَةَ إلَى إفْرَادِهِ بِنِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ أَوْ كَانَ وَقُلْنَا بِانْدِرَاجِهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ لَمْ يَكُنْ عِبَادَةً مُسْتَقِلَّةً بَلْ مِنْ كَمَالِ الْغُسْلِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ الْغُسْلِ كَمَا تَكْفِي فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ نِيَّةُ الْوُضُوءِ وَبِهِ صَرَّحَ أَبُو خَلَفٍ الطَّبَرِيُّ شَارِحُ الْمِفْتَاحِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ.

وَلَا يُنَافِي ارْتِفَاعَ الْجَنَابَةِ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضَيْنِ) وَأَيْضًا عُلِمَ مَا هُنَا مِمَّا تَقَدَّمَ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: إذَا أَسْلَمَتْ إلَخْ) فَلَا تَجِبُ إعَادَتُهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ إلَّا إنْ حَاضَتْ مَرَّةً أُخْرَى وَانْقَطَعَ الدَّمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَبِمُجَرَّدِ إسْلَامِهَا يَبْطُلُ غُسْلُهَا وَيَمْتَنِعُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَحَّ لِضَرُورَةٍ زَالَتْ بِالْإِسْلَامِ م ر (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ) أَيْ: مَا دَامَ الْكُفْرُ (قَوْلُهُ: قَهْرًا حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا) أَيْ: مَا دَامَتْ مُمْتَنِعَةً مُطْلَقًا

(قَوْلُهُ: رَفْعُ قَذَرٍ إلَخْ) يُتَّجَهُ سَنُّ رَفْعِ هَذَا الْقَدْرِ أَيْضًا لِلْوُضُوءِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِالِاسْتِظْهَارِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ وَإِنَّمَا يُنَافِيهِ لَوْ قَالَ عَلَى الْوُضُوءِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ فَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ) فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ بِشَرْطِ رَفْعِ خَبَثٍ (قَوْلُهُ: كَذَا سُنَّ إلَخْ) وَأَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِحُصُولِ سُنَّةِ الْغُسْلِ بِالْوُضُوءِ وَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَهُ قَبْلَ الْغُسْلِ وَبِحُصُولِ سُنَّةِ الْوُضُوءِ بِغَسْلِ الْكَفَّيْنِ وَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَهُ قَبْلَ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: نِيَّةُ الْغُسْلِ) أَيْ نِيَّةٌ مِنْ نِيَّاتِهِ الْمُعْتَبَرَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَنْ تُصَلِّيَ بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ إذَا أَسْلَمَتْ هَذَا نَصُّ الشَّافِعِيِّ رحمه الله وَإِنَّمَا تَصِحُّ فِي حَقِّ الزَّوْجِ لِلْوَطْءِ لِلضَّرُورَةِ. اهـ.

وَهَذَا الْكَلَامُ لَا جَزْمَ فِيهِ بِعَدَمِ وُجُوبِ النِّيَّةِ بَلْ هُوَ إنْ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا وَاجِبَةٌ لَكِنْ لَا تَصِحُّ فِي حَقِّ اللَّهِ. (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ الْغَرَضَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَاكَ الْحُكْمُ بِاسْتِعْمَالِ مَاءِ ذَلِكَ الْغُسْلِ بِخِلَافِهِ هُنَا. اهـ. (قَوْلُهُ: كَالْوُضُوءِ) أَيْ إذَا تَوَضَّأَ وَهُوَ كَافِرٌ فَلَا يُصَلِّي بِهِ إذَا أَسْلَمَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ كَالْغُسْلِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِانْدِرَاجِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّا إذَا قُلْنَا بِانْدِرَاجِهِ فَلَا حَاجَةَ لِتَقْدِيمِهِ إلَّا كَمَالُ الْغُسْلِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِانْدِرَاجِهِ) ؛ لِأَنَّهُمَا طَهَارَتَانِ فَتَدَاخَلَتَا كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) قَالَ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ: اعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ بِهَذَا الْوُضُوءِ مِنْ النِّيَّةِ الَّتِي قَالَهَا النَّوَوِيُّ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ النَّشَائِيُّ. اهـ.

وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ اسْتِقْلَالُهُ دُونَهُمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ الْغُسْلِ) فَيَنْوِي الْغُسْلَ ابْتِدَاءً ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِلَا اسْتِئْنَافِ نِيَّةٍ لِلْوُضُوءِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُهَذَّبِ فَيَنْوِي الْغُسْلَ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَصَرِيحُ قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ الشَّهْرَزُورِيِّ يَتَوَضَّأُ بِنِيَّةِ الْغُسْلِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمُحَشِّي (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي إلَخْ) رَدٌّ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّ نِيَّةَ الْغُسْلِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُتَقَدِّمَةً لِيَكُونَ الْوُضُوءُ مِنْ سُنَنِ الْغُسْلِ وَإِذَا كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً ارْتَفَعَتْ الْجَنَابَةُ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَيَكُونُ غُسْلًا لَا وُضُوءًا بِخِلَافِ الْمَضْمَضَةِ فَإِنَّ مَحَلَّهَا غَيْرُ مَحَلِّ الْوَاجِبِ فَالصَّوَابُ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ يَنْوِي عِنْدَ التَّجَرُّدِ سُنَّةَ الْغُسْلِ وَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ خُرُوجًا مِنْ

ص: 156

فِيمَا إذَا قَدَّمَهُ عَلَى الْغُسْلِ حُصُولُ صُورَةِ الْوُضُوءِ؛ وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ كَابْنِ الصَّلَاحِ تَفْصِيلًا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ: نَوَى بِهْ) بِإِسْكَانِ الْهَاءِ إجْرَاءً لِلْوَصْلِ مَجْرَى الْوَقْفِ أَيْ بِالْوُضُوءِ (سُنَّةَ الْغُسْلِ الْعَرِيّ) أَيْ: الْخَالِي (عَنْ) حَدَثٍ (أَصْغَر) بِصَرْفِهِ لِلْوَزْنِ (وَ) نَوَى بِهِ إنْ كَانَ (مَعَهُ) أَصْغَرُ الرَّفْعَ (لِلْأَصْغَرِ) أَيْ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ قَالَ النَّشَائِيُّ وَلَعَلَّ مُرَادَ الرَّافِعِيِّ بِمَا قَالَهُ الْإِشَارَةُ إلَى مَا صَحَّحَهُ فِي بَابِ الْوُضُوءِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ نِيَّتِهِ مَعَ نِيَّةِ الْغُسْلِ لَا نَفْيُ الِاسْتِحْبَابِ وَقَوْلُ النَّاظِمِ الْعَرِيِّ يَجُوزُ جَرُّهُ صِفَةً لِلْغُسْلِ وَرَفْعُهُ فَاعِلًا لِنَوَى أَيْ: نَوَى الْجُنُبُ الْخَالِي عَمَّا ذُكِرَ سُنَّةَ الْغُسْلِ (وَ) سُنَّ (لِمَكَانِ الِالْتِوَا) مِنْ الْبَدَنِ (كَالْأُذْنِ تَعَهُّدٌ) اسْتِظْهَارًا فَيَأْخُذُ كَفًّا مِنْ الْمَاءِ وَيَضَعُ الْأُذُنَ بِرِفْقٍ عَلَيْهِ لِيَصِلَ إلَى مَعَاطِفِهَا (وَكَغُضُونِ الْبَطْنِ) عَطْفٌ عَلَى كَالْأُذُنِ وَالْبَطِنِ بِكَسْرِ الطَّاءِ عَظِيمُ الْبَطْنِ وَيَجُوزُ تَسْكِينُهَا مَعَ ذَالِ الْأُذُنِ بِدُخُولِ الْقَطْعِ وَسُنَّ تَخْلِيلُ أُصُولِ الشَّعْرِ بِالْمَاءِ وَيُمْكِنُ إدْرَاجُهُ فِي مَكَانِ الِالْتِوَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ وَالتَّمْثِيلُ بِالْأُذُنِ وَغُضُونِ الْبَطْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) سُنَّ (الصَّاعُ) مِنْ الْمَاءِ أَيْ: الْغُسْلُ بِهِ لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ بِالْمَدِّ وَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ ثَمَّةَ وَزِنَتُهُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ؛ وَقَوْلُهُ: (بِالتَّقْرِيبِ) مِنْ زِيَادَتِهِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ مَا دُونَ الصَّاعِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: قُلْت نَوَى بِهِ سُنَّةَ الْغُسْلِ الْعَرِيِّ عَنْ أَصْغَرَ) الْوَجْهُ إجْزَاءُ نِيَّةِ الْوُضُوءِ هُنَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا صَالِحَةٌ لِكُلٍّ مِنْ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ وَظَاهِرٌ أَنَّهَا تُجْزِي فِي الْقِسْمِ الثَّانِي أَيْضًا وَهِيَ مَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْغَرُ فَهِيَ مُجْزِئَةٌ فِي الْقِسْمَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَبْعُدُ أَنَّ نِيَّةَ رَفْعِ الْحَدَثِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي أَكْمَلُ مِنْهَا لِلتَّصْرِيحِ بِالْمَقْصُودِ فِيهَا بِخِلَافِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: سُنَّةَ الْغُسْلِ) أَيْ: أَوْ نَحْوَ الْوُضُوءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ النِّيَّةَ صَالِحَةٌ لِلْوُضُوءِ عَنْ حَدَثٍ وَغَيْرِهِ م ر (قَوْلُهُ: وَمَعَهُ لِلْأَصْغَرِ) قَدْ سَلَفَ عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْوُضُوءِ عَنْ الْغُسْلِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ يَنْوِي الْأَصْغَرَ إذَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ النِّيَّةُ مُجْزِئَةً فِي حَالِ تَأْخِيرِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَنْدَرِجُ عَلَى الْمَذْهَبِ فَيَكُونُ مُتَلَاعِبًا فِي نِيَّةِ رَفْعِ الْأَصْغَرِ بَعْدَ ذَلِكَ

اهـ وَرَدَّهُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ النَّوَوِيِّ أَنْ يَنْوِيَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ سُنَّةَ الْغُسْلِ لَا رَفْعَ الْحَدَثِ بِرّ (قَوْلُهُ: أَيْ رَفْعَ الْحَدَثِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَإِنْ أَخَّرَ الْوُضُوءَ إلَى بَعْدِ الْغُسْلِ مَعَ أَنَّ حَدَثَهُ الْأَصْغَرَ قَدْ ارْتَفَعَ تَبَعًا لِلْأَكْبَرِ وَقَدْ يَلْتَزِمُ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَصِحُّ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ أَنْ لَا حَدَثَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُغْتَفَرَ ذَلِكَ عِنْدَ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: لَا نَفْيُ الِاسْتِحْبَابِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ هَذَا أَيْ: فَتَكُونُ النِّيَّةُ مُسْتَحَبَّةً عِنْدَهُمَا لَا وَاجِبَةً أَقُولُ: قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ النَّوَوِيَّ قَائِلٌ بِحُصُولِ سُنَّةِ الْغُسْلِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْوُضُوءَ وَفِيهِ نَظَرٌ بِرّ (قَوْلُهُ: وَسُنَّ التَّرْتِيبُ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ ثُمَّ بَيَّنَ تَرْتِيبَ الْغُسْلِ بِقَوْلِهِ فَيَبْدَأُ بَعْدَ الْوُضُوءِ بِأَعْضَائِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لِشَرَفِهَا ثُمَّ بِالرَّأْسِ إلَخْ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْخِلَافِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ ثُمَّ ظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ جَارٍ وَلَوْ أَخَّرَ الْوُضُوءَ عَنْ الْغُسْلِ فَيَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ وَإِنْ كَانَ يَعْتَقِدُ ارْتِفَاعَهُ بِالِانْدِرَاجِ مُرَاعَاةَ الْخِلَافِ فَتَكُونُ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْ الْمُخَالِفَ مُجَوِّزَةً لِنِيَّةِ نَحْوِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْمُرْتَفِعِ فِي اعْتِقَادِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَى حَمْلِهِ عَلَى تَقْلِيدِ ذَلِكَ الْقَائِلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَلَّدَ صَارَ مِنْ أَتْبَاعِهِ فِي هَذَا وَلَيْسَ مِنْ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ فِي شَيْءٍ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ لَكِنْ نَقَلَ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَنْ م ر أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْلِيدِ وَيُبْعِدُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ جَمِيعُ مَسَائِلِ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ كَذَلِكَ وَهُوَ بَعِيدٌ اهـ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ قَالَ وَيَنْوِي بِوُضُوئِهِ إنْ تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ حَدَثٍ سُنَّةَ الْغُسْلِ وَإِلَّا فَرَفْعَ الْحَدَثِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَنَوَى بِهِ سُنَّةَ الْغُسْلِ الْعَرِيِّ) قَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ الْعِرَاقِيِّ الصَّوَابُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْوُضُوءِ بِلَا نِيَّةٍ وَلَا يُغْتَرَّ بِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ خِلَافِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ لَيْسَ عَنْ حَدَثٍ وَلَا عَنْ تَجْدِيدٍ، بَلْ هُوَ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الْغُسْلِ فَانْدَرَجَ فِي نِيَّتِهِ كَمَا يَنْدَرِجُ فِيهَا السُّنَنُ وَكَمَا تَنْدَرِجُ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَالسِّوَاكُ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: الْعَرِيِّ) أَيْ إنْ عَرِيَ الْغُسْلُ فَالْعَرِيُّ صِفَةٌ لَهُ فِي ذَاتِهِ لَا فِي عِبَارَةِ النَّاوِي اهـ (قَوْلُهُ: وَنَوَى بِهِ إنْ كَانَ مَعَهُ أَصْغَرُ إلَخْ) لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَا يَنْوِي بِهِ سُنَّةَ الْغُسْلِ وَحْدَهَا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَنْوِي بِهِ حِينَئِذٍ سُنَّةَ الْغُسْلِ أَيْضًا لِتَحْصِيلِ سُنَّةِ الْغُسْلِ فَحَرِّرْ.

(قَوْلُهُ: خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ) أَيْ خِلَافِ مَنْ لَا يَقُولُ بِالِانْدِرَاجِ (قَوْلُهُ: قَالَ النَّشَائِيُّ إلَخْ) أَيْ فَالرَّافِعِيُّ يَقُولُ بِحُصُولِ سُنَّةِ الْغُسْلِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَإِلَّا لَمْ يَطْلُبْ الْوُضُوءَ مَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ وَاعْتَمَدَ م ر خِلَافُهُ كَمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ التَّقْيِيدِ بِمُعْتَدِلِ الْخِلْقَةِ، أَمَّا غَيْرُهُ فَيُعْتَبَرُ بِجَسَدِهِ عليه الصلاة والسلام م ر (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ) لَا كَمَا قِيلَ إنَّهُ هُنَا ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ:

ص: 157

كَافٍ فَفِي مُسْلِمٍ «عَنْ عَائِشَةَ كُنْت أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ يَسَعُ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ» (وَ) سُنَّ (التَّرْتِيبُ) لِلسُّنَنِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنْ يَبْتَدِئَ بِإِزَالَةِ الْقَذَرِ؛ ثُمَّ الْوُضُوءِ؛ ثُمَّ التَّعَهُّدِ وَالدَّلْكِ وَالتَّخْلِيلِ؛ ثُمَّ إفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا؛ ثُمَّ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ كَذَلِكَ مُبْتَدِئًا بِالْأَيْمَنِ وَالْأَعْلَى مِنْ ذَلِكَ تَأَسِّيًا بِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَخَّرْت إفَاضَةَ الْمَاءِ عَمَّا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الْإِسْرَافِ فِيهِ وَأَقْرَبُ إلَى الثِّقَةِ بِوُصُولِهِ (وَسُنَّ لِلْحَوَائِضِ) وَالنَّفْسِ وَلَوْ أَبْكَارًا أَوْ خَلِيَّاتٍ (التَّطْيِيبُ) لِلْقُبُلِ بَعْدَ الْغُسْلِ بِأَنْ تَجْعَلَ الْمِسْكَ مَثَلًا عَلَى قُطْنَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَتُدْخِلَهَا فِيهِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ تَطْيِيبًا لِلْمَحَلِّ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ شَكَلٍ وَصَوَابُهُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ سَأَلْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ غُسْلِ الْمَحِيضِ فَقَالَ: تَأْخُذُ إحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطْهُرُ بِهَا» وَالْفِرْصَةُ قِطْعَةُ صُوفٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ نَحْوِهِ وَالتَّطَهُّرُ الْأَوَّلُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: إنَّهُ التَّطَهُّرُ مِنْ النَّجَسِ وَمَا مَسَّهَا مِنْ الدَّمِ وَالنَّوَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ الْوُضُوءُ كَمَا جَاءَ فِي صِفَةِ غُسْلِهِ صلى الله عليه وسلم.

وَالْمِسْكُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ؛ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَطِيبًا؛ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؛ فَالْمَاءُ كَافٍ كَذَا عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَالْمَاءُ كَافٍ وَكِلَا التَّعْبِيرَيْنِ صَحِيحٌ لَكِنَّ الثَّانِيَ أَحْسَنُ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ: وَمُرَادُ الْمُعَبِّرِينَ بِالْأَوَّلِ أَنَّ هَذِهِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ يُكْرَهُ تَرْكُهَا بِلَا عُذْرٍ فَإِذَا عَدِمَتْ الطِّيبَ فَلَا كَرَاهَةَ

ــ

[حاشية العبادي]

تُغْسَلُ فِي الْوُضُوءِ ثُمَّ بَعْدَهُ مَرَّةً أُخْرَى وَأَنَّ الرَّأْسَ تُغْسَلُ مَرَّةً أُخْرَى ثَالِثَةً بَعْدَ ذَلِكَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا تُمْسَحُ فِي الْوُضُوءِ وَلَا تُغْسَلُ فَهِيَ تُمْسَحُ فِي الْوُضُوءِ ثُمَّ تُغْسَلُ مَعَ أَعْضَائِهِ ثُمَّ تُغْسَلُ أَيْضًا هَذَا مُقْتَضَى هَذَا الْكَلَامِ.

(قَوْلُهُ: التَّعَهُّدِ وَالتَّدَلُّكِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَيَتَعَهَّدُ مَا ذُكِرَ ثُمَّ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَيُدَلِّكُهُ ثَلَاثًا ثُمَّ بَاقِيَ جَسَدِهِ كَذَلِكَ بِأَنْ يَغْسِلَ وَيُدَلِّكَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ الْمُقَدَّمَ ثُمَّ الْمُؤَخَّرَ ثُمَّ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ مَرَّةً ثَانِيَةً ثُمَّ ثَالِثَةً كَذَلِكَ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْمُتَّجَهَ إلْحَاقُهُ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ حَتَّى لَا يَنْتَقِلَ إلَى الْمُؤَخَّرِ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُقَدَّمِ رُدَّ لِسُهُولَةِ مَا ذُكِرَ هُنَا عَلَى الْحَيِّ بِخِلَافِهِ فِي الْمَيِّتِ لِمَا يَلْزَمُ فِيهِ مِنْ تَكْرِيرِ تَقْلِيبٍ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيْسَرِ

اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ بَاقِيَ جَسَدِهِ إلَخْ قَدْ لَا يَشْمَلُ لِحْيَتَهُ وَوَجْهَهُ وَعُنُقَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ الْمُقَدَّمَ إلَخْ فَهَلَّا قَالُوا ثُمَّ يَغْسِلَ رَأْسَهُ وَيُدَلِّكَ ثَلَاثًا ثُمَّ لِحْيَتَهُ وَوَجْهَهُ وَعُنُقَهُ ثُمَّ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ غَسْلَ رَأْسِهِ يُفْضِي إلَى غَسْلِ الْمَذْكُورَاتِ لِاتِّصَالِهَا بِهَا وَقُرْبِهَا مِنْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ وَإِنَّ قَوْلَهُ لِمَا يَلْزَمُ فِيهِ مِنْ تَكْرِيرِ تَقْلِيبِ الْمَيِّتِ إلَخْ وَجْهُهُ أَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يُحْتَاجُ لِتَحْرِيفِهِ لِغَسْلِ مُؤَخَّرِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ تَحْرِيفِهِ لِغَسْلِ مُقَدَّمِ الْأَيْسَرِ وَاعْلَمْ أَيْضًا عِبَارَةَ شَرْحِ الرَّوْضِ تَقْتَضِي تَقَدُّمَ دَلْكِ رَأْسِهِ عَلَى غَسْلِ بَاقِي جَسَدِهِ وَعِبَارَةُ هَذَا الشَّرْحِ غَيْرُ وَاضِحَةٍ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: الْآتِي فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتُدَلِّكُ يُوَافِقُ شَرْحَ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَأَخَّرَتْ إفَاضَةَ الْمَاءِ عَمَّا قَبْلَهَا) أَيْ: الَّذِي مِنْهُ التَّخْلِيلُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الثَّانِيَ أَحْسَنُ) يُحْتَمَلُ أَنَّ وَجْهَ الْأَحْسَنِيَّةِ إيهَامُ الْأَوَّلِ عَدَمَ كِفَايَةِ الْمَاءِ عَنْ الْحَدَثِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَفِيهِ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ تَرْكُهَا بِلَا عُذْرٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَبِهَذَا بَطَلَ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ لَيْسَتْ صَحِيحَةً وَمَعْنَاهَا فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَالْمَاءُ كَافٍ عَنْ الْحَدَثِ مَعَ الْخُلُوِّ عَنْ سُنَّةِ الِاتِّبَاعِ وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ كَافٍ عَنْ السُّنَّةِ

اهـ (قَوْلُهُ: فَإِذَا عَدِمَتْ الطِّيبَ فَلَا كَرَاهَةَ لِلْعُذْرِ) اقْتَضَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَنَّ عَجْزَهَا الْمَذْكُورَ غَايَةُ إفَادَتِهِ نَفْيُ الْعَتَبِ وَالْكَرَاهَةِ لَا حُصُولُ ثَوَابِ -

ــ

[حاشية الشربيني]

النُّفَسُ) بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْفَاءِ كَصُرَدٍ أَوْ ضَمِّهَا كَكُتُبٍ جَمْعُ نُفَسَاءَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْغُسْلِ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِلْحَدِيثِ الْآتِي وَرَأْيِ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ: إنَّهُ قَبْلَ الْغُسْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ أَنَّهُ أَسْرَعُ لِلْعُلُوقِ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: بِنْتَ شَكَلٍ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَالْكَافِ وَقِيلَ بِإِسْكَانِ الْكَافِ مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: وَصَوَابُهُ إلَخْ) نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ بِقَوْلِهِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إلَخْ وَلَمْ يَذْكُرْ تَصْوِيبًا قَالَ وَهِيَ خَطِيبَةُ النِّسَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِرْصَةً) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الْقِطْعَةُ وَفِي الزَّنْكَلُونِيِّ عَلَى التَّنْبِيهِ الْفِرْصَةُ بِكَسْرِ الْفَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ وَالضَّمُّ. اهـ. مَجْمُوعٌ، ثُمَّ قَالَ أَيْ قِطْعَةُ صُوفٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ نَحْوِهِمَا مُطَيَّبَةٌ بِالْمِسْكِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَالْمَاءُ كَافٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَفْعُ الْحَدَثِ وَالطِّيبُ وَمَا بَعْدَهُ تَكْمِيلٌ

(قَوْلُهُ: كَذَا عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ كَفَى أَيْ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ اهـ وَقَالَ غَيْرُهُ كَفَى فِي إزَالَةِ اللَّوْمِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى تَرْكِ هَذِهِ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ لَا أَنَّهُ كَافٍ فِي حُصُولِهَا. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: فَإِذَا عَدِمْت الطِّيبَ) لَمْ يَقُلْ فَإِذَا عَدِمْت الطِّينَ بِالنُّونِ؛ لِأَنَّ الْمُهَذَّبَ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمَجْمُوعِ لَمْ يَذْكُرْ الطِّينَ

ص: 158

لِلْعُذْرِ وَتُسْتَثْنَى الْمُحِدَّةُ فَلَا تُطَيِّبُ الْمَحَلَّ إلَّا بِقَلِيلِ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ لِقَطْعِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْعِدَدِ؛ وَيُحْتَمَلُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ كَغَيْرِهِ إلْحَاقُ الْمُحْرِمَةِ بِهَا بَلْ أَوْلَى لِجَوَازِ اسْتِدَامَتِهَا الطِّيبَ بِخِلَافِ الْمُحِدَّةِ وَيُحْتَمَلُ مَنْعُهَا مِنْ الطِّيبِ مُطْلَقًا لِقِصَرِ زَمَنِ الْإِحْرَامِ غَالِبًا وَهُوَ الْأَوْجَهُ

(وَإِنْ نَوَى) الْجُنُبُ (الْإِجْنَابَ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى الْجَنَابَةِ أَيْ رَفْعَهَا وَحْدَهَا يَوْمَ جُمُعَةٍ أَوْ عِيدٍ حَصَلَ الْمَنْوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ أَوْ الْعِيدِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ غَيْرِهِ التَّنْظِيفُ وَقَدْ حَصَلَ وَالْقَوِيُّ يَسْتَتْبِعُ الضَّعِيفَ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَنَقَلَ فِي الصَّغِيرِ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَجَمَاعَةٍ وَجَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ بِارْتِفَاعِ الْجَنَابَةِ فَقَطْ وَصَحَّحَهُ فِي غَيْرِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ فَلَمْ تَنْدَرِجْ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ مَعَ فَرْضِهِ وَفَارَقَ مَا لَوْ نَوَى بِصَلَاتِهِ الْفَرْضَ دُونَ التَّحِيَّةِ حَيْثُ تَحْصُلُ التَّحِيَّةُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّةَ إشْغَالُ الْبُقْعَةِ وَقَدْ حَصَلَ وَلَيْسَ الْقَصْدُ هُنَا النَّظَافَةَ فَقَطْ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ (أَوْ) نَوَى الْإِجْنَابَ (وَالْعِيدَا أَوْ جُمُعَةً) حَصَلَا عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ وَلَا يَضُرُّ التَّشْرِيكُ بِخِلَافِ نَحْوِ الظُّهْرِ مَعَ سُنَّتِهِ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الطِّهَارَاتِ عَلَى التَّدَاخُلِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا صَحَّ فِي التَّحِيَّةِ مَعَ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا حَاصِلَةٌ وَإِنْ لَمْ تُنْوَ كَمَا مَرَّ

(أَوْ) نَوَى (ذَيْنِ) أَيْ: الْعِيدَ وَالْجُمُعَةَ (أَوْ فَرِيدًا مِنْ ذَيْنِ) حَصَلَا عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ فِي الْأُولَى وَبِنَاءً عَلَى تَدَاخُلِ الطِّهَارَاتِ فِي الثَّانِيَةِ لَا سِيَّمَا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ فَجَوَابُ الشَّرْطِ قَوْلُهُ: (يَحْصُلَا) أَيْ: الْغُسْلَانِ الْمَنْوِيَّانِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ؛ وَالْمَنْوِيُّ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فِي بَعْضِهَا وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ لَا يَحْصُلُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ وَالضَّعِيفُ لَا يَسْتَتْبِعُ الْقَوِيَّ وَأَنَّهُ لَوْ نَوَاهُ مَعَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ حَصَلَتْ الثَّلَاثَةُ وَأَنَّهُ لَوْ نَوَاهُ دُونَهُمَا حَصَلَتْ الثَّلَاثَةُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ (وَإِنْ نَوَى) الْجُنُبُ (غَلَطْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ رَفْعَ حَدَثٍ (أَصْغَرَ

ــ

[حاشية العبادي]

السُّنَّةِ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَابْنُ الْمُقْرِي أَنَّ الْمَاءَ كَافٍ فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ عَنْ الْعَجْزِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَإِنْ أُرِيدَ تَحْصِيلُ سُنَّةِ تَطْهِيرِ هَذَا الْمَحَلِّ فِي الْجُمْلَةِ فَوَاضِحٌ أَوْ تَطْهِيرِهِ بِنَحْوِ الْمِسْكِ فَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ

(قَوْلُهُ: دُونَ التَّحِيَّةِ) أَيْ: لَمْ يَنْوِ التَّحِيَّةَ لَا أَنَّهُ صَرَفَ صَلَاتَهُ عَنْهَا وَإِلَّا انْصَرَفَتْ (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى ذَيْنِ) هَلَّا عَطَفَهُ عَلَى الْعِيدِ وَصَوَّرَهُ بِأَنْ يَنْوِيَ الْإِجْنَابَ وَذَيْنِ وَلَعَلَّ الْمَانِعَ عِنْدَهُ لُزُومُ التَّكْرَارِ بِقَوْلِهِ أَوْ فَرِيدًا مِنْ ذَيْنِ سم (قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ) قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ أَعَمُّ مِنْ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ وَأَنَّ التَّدَاخُلَ لَا يَخْتَصُّ بِالْجِنْسِ الْوَاحِدِ مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ اخْتِصَاصُهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَا سِيَّمَا الْجِنْسُ الْوَاحِدُ كَمَا فِي مُدَّعَانَا وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَصْحِيحِ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ) الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ أَوْ ذَيْنِ أَوْ فَرِيدًا مِنْ ذَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ نَوَاهُ دُونَهُمَا إلَخْ) وَهَذِهِ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ الْأُولَى أَعْنِي قَوْلَهُ وَإِنْ نَوَى الْإِجْنَابَ؛ لِأَنَّ صُورَةَ تِلْكَ أَنَّهُ نَوَى الْإِجْنَابَ وَقَدْ طَلَبَ مِنْهُ أَحَدَهُمَا فَقَطْ بِدَلِيلٍ، أَوْ جُمُعَةٍ وَالتَّثْنِيَةُ فِي يَجْعَلَا وَصُورَةُ هَذِهِ أَنَّهُ نَوَى الْإِجْنَابَ وَقَدْ طُلِبَا مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: رَفْعَ حَدَثٍ) فِي هَذَا التَّقْدِيرِ مُنَاقَشَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ جَعَلَ حِينَئِذٍ قَوْلَهُ أَصْغَرَ تَابِعًا لِرَفْعٍ لَمْ يَصِحَّ إذْ لَيْسَ الْمَوْصُوفُ بِالْأَصْغَرِ الرَّفْعَ بَلْ الْحَدَثَ أَوْ الْحَدَثَ اقْتَضَى ذَلِكَ جَرَّ أَصْغَرَ مَعَ أَنَّهُ فِي

ــ

[حاشية الشربيني]

وَإِنَّمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ الشَّارِحُ) أَيْ الْعِرَاقِيُّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُحِدَّةِ) فَيَجِبُ عَلَيْهَا غَسْلُ الطِّيبِ إذَا تَطَيَّبَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا بَعْدُ

(قَوْلُهُ: حَصَلَ الْمَنْوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ أَوْ الْعِيدِ) أُخِذَ هَذَا مِنْ جَعْلِ قَوْلِهِ حَصَلَا جَوَابًا لِهَذَا أَيْضًا وَقَالَ أَوْ الْعِيدُ؛ لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي. اهـ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) فَلَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِارْتِفَاعِ الْجَنَابَةِ فَقَطْ) فَلَهُ فِعْلُ غَيْرِهَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: تَحْصُلُ) فَلَيْسَ لَهُ فِعْلُهَا بَعْدَ الْفَرْضِ. اهـ. (قَوْلُهُ: إشْغَالُ) كَأَنَّهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ وَالْفَصِيحُ شَغْلٌ (قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ) فَإِنَّهُ أَشَدُّ فِي التَّدَاخُلِ مِنْ الْجِنْسَيْنِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى وَحْدَةِ الطَّهَارَةِ وَالْجِنْسِيَّةِ بِخِلَافِ الْجِنْسَيْنِ فَإِنَّ فِيهِمَا الْجِهَةَ الْأُولَى فَقَطْ وَالْكَلَامُ كُلُّهُ جَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ الَّتِي سَلَكَهَا الْمُصَنِّفُ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً عِنْدَ الشَّارِحِ إذْ لَا يَشْرَحُهُ عَلَى غَيْرِ طَرِيقَتِهِ فَلَا يَرِدُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: فَجَوَابُ الشَّرْطِ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ حَصَلَ الْمَنْوِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى آخِرِ الشَّرْحِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ نَوَاهُ مَعَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ حَصَلَتْ) وَجْهُ إفْهَامِ هَذَا قِيَاسُهُ عَلَى نِيَّتِهِ مَعَ أَحَدِهِمَا إذْ لَا فَرْقَ كَمَا أَنَّ وَجْهَ إفْهَامِ مَا بَعْدَهُ قِيَاسُهُ عَلَى نِيَّتِهِ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ أَحَدِهِمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ) أَيْ هَذَا الْإِفْهَامُ إنَّمَا يَسْلَمُ مُقْتَضَاهُ عَلَى قَوْمِهِ. اهـ.

ص: 159

لَمْ يُرْفَعْ) أَيْ: الْإِجْنَابُ (عَنْ الرَّأْسِ فَقَطْ مِنْ بَيْنِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ) أَيْ: ارْتَفَعَ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ سِوَى الرَّأْسِ وَعَلَّلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (عُلِّلَا) أَيْ: عَدَمُ ارْتِفَاعِهِ عَنْ الرَّأْسِ (بِأَنَّ غَسْلَ الرَّأْسِ كَانَ بَدَلَا) عَنْ مَسْحِهِ الَّذِي هُوَ فَرْضُهُ فِي الْأَصْغَرِ وَهُوَ إنَّمَا نَوَى الْمَسْحَ وَالْمَسْحُ لَا يُغْنِي عَنْ الْغُسْلِ وَأَمَّا ارْتِفَاعُهُ عَنْ بَقِيَّةِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَلِأَنَّ غُسْلَهَا وَاجِبٌ فِي الْحَدَثَيْنِ وَقَدْ غَسَلَهَا بِنِيَّتِهِ وَأَمَّا عَدَمُ ارْتِفَاعِهِ عَنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ وَخَرَجَ بِالْغَلَطِ الْعَمْدُ

ــ

[حاشية العبادي]

الْمَتْنِ مَنْصُوبٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَجُوزَ التَّخَالُفُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْمَزْجِ كَمَا هُوَ طَرِيقَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ نُخْبَتِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُرْفَعْ إلَخْ) أَقُولُ إنْ كَانَ الْفَرْضُ أَنْ لَا أَصْغَرَ عَلَيْهِ فَمَا تَقَرَّرَ وَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ أَعَمَّ فَهُوَ مُشْكِلٌ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْغَرُ؛ لِأَنَّهُ إذَا نَوَاهُ فَقَدْ نَوَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فَالْقِيَاسُ ارْتِفَاعُهُ فَقَطْ دُونَ شَيْءٍ مِنْ الْجَنَابَةِ سَوَاءً نَوَاهُ عَمْدًا أَمْ غَلَطًا بَلْ لَا يَتَحَقَّقُ غَلَطٌ حِينَئِذٍ كَمَا لَا يَتَحَقَّقُ تَلَاعُبٌ بِدُونِ قَصْدِ التَّلَاعُبِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى شَيْئًا مُعَيَّنًا هُوَ عَلَيْهِ فَيَرْتَفِعُ إذْ لَا مَانِعَ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ نِيَّةُ مَا هُوَ عَلَيْهِ لِمُجَرَّدِهَا تَلَاعُبًا وَلَا أَنْ تَكُونَ غَلَطًا إلَّا بِمَعْنَى سَبْقِ لِسَانِهِ إلَى غَيْرِ مَا أَرَادَ أَنْ يَنْطِقَ بِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَادَ مِنْ الْغَلَطِ هُنَا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُرَادَ إذْ مُجَرَّدُ سَبْقِ اللِّسَانِ لَا أَثَرَ لَهُ وَالِاعْتِبَارُ بِمَا فِي الْقَلْبِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ هُنَا اعْتِقَادُهُ أَنَّ مَا عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي نَوَاهُ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْوَاقِعِ وَلَا تَرْتَفِعُ الْجَنَابَةُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْأَصْغَرِ الْمُطَابَقَةُ لِلْوَاقِعِ لَا تَصْلُحُ لِلْجَنَابَةِ وَلَا تَتَضَمَّنُهُ بَلْ تُصْرَفُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ قَصْدَ أَحَدِ الْحَدَثَيْنِ الْمَوْجُودَيْنِ بِخُصُوصِهِ صَارِفٌ عَنْ قَصْدِ الْآخَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ

اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ تَعْمِيمَ جَمِيعِ الْبَدَنِ بِالْمَاءِ لَمَّا كَانَ مَوْضُوعًا لِنَحْوِ الْجَنَابَةِ وَكَانَتْ الْجَنَابَةُ حَاصِلَةً فِي الْوَاقِعِ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ ذَكَرَهَا لَمْ يَقْصِدْ بِالتَّعْمِيمِ إلَّا هِيَ عُدَّ قَصْدُ الْأَصْغَرِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ غَلَطًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْغَلَطِ هُنَا مُجَرَّدَ نِيَّةِ غَيْرِ مَا حَقُّهُ وَشَأْنُهُ أَنْ يَنْوِيَهُ بِذَلِكَ الْفِعْلِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْغَلَطِ أَنْ يَظُنَّ أَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا مَا نَوَاهُ وَإِنْ تَوَهَّمَ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ الْعِبَارَاتِ بَلْ يَصْدُقُ مَعَ الْغَفْلَةِ مُطْلَقًا عَنْ غَيْرِ الْمَنْوِيِّ مِمَّا عَلَيْهِ بَقِيَ مَا لَوْ تَوَضَّأَ نَاوِيًا الْأَصْغَرَ فَهَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَتَرْتَفِعُ جَنَابَتُهُ عَمَّا عَدَا الرَّأْسَ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ لَا؟ بَلْ يَرْتَفِعُ الْأَصْغَرُ فَقَطْ فِيهِ نَظَرٌ سم (قَوْلُهُ: عَنْ الرَّأْسِ) وَيَرْتَفِعُ عَنْهَا الْأَصْغَرُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ يَقُومُ مَقَامَ الْمَسْحِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى شُمُولِ الْمَسْأَلَةِ لِمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ أَصْغَرُ وَحِينَئِذٍ تُشْكِلُ الْمَسْأَلَةُ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ أَصْغَرُ وَحِينَئِذٍ تُشْكِلُ الْمَسْأَلَةُ كَمَا بَسَطْنَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: أَيْ ارْتَفَعَ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ) وَفِي ارْتِفَاعِهِ عَمَّا غُسِلَ مِنْ مَوْضِعِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ تَرَدُّدٌ وَاعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ ارْتِفَاعِهِ عَمَّا عَدَا أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ لَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ بِارْتِفَاعِهِ إذَا نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ غَلَطًا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ ارْتَفَعَ عَمَّا شَمِلَتْهُ النِّيَّةُ وَالنِّيَّةُ هُنَا لَمْ تَشْمَلْ غَيْرَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مَا لَا يَتِمُّ غُسْلُهُ إلَّا بِهِ (قَوْلُهُ: عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ) حَتَّى بَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ كَمَا بَيَّنَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر وَيَخْرُجُ مَوْضِعُ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ (قَوْلُهُ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ) فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ غَسْلِهَا بِنِيَّةٍ جَدِيدَةٍ مُعْتَبَرَةٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لَمْ يَرْفَعْ) أَيْ الْإِجْنَابَ، أَمَّا الْأَصْغَرُ فَيَرْفَعُ عَنْ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْمَسْحَ حَيْثُ نَوَى رَفْعَ الْأَصْغَرِ وَالْغُسْلُ يَقُومُ مَقَامَهُ كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْفَعْ عَنْ الرَّأْسِ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ يَرْفَعُ عَنْهَا. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْفَعْ عَنْ الرَّأْسِ فَقَطْ) أَيْ لَمْ يَرْفَعْ الْأَكْبَرَ عَنْ الرَّأْسِ، وَأَمَّا الْأَصْغَرُ فَقِيلَ لَا يَرْفَعُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ وَاجِبَهُ الْمَسْحُ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ اغْتَسَلَ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: بِأَنْ غَسَلَ الرَّأْسَ إلَخْ وَنَقَلَ م ر عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ عَنْهَا الْأَصْغَرُ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ يَكْفِي عَنْ الْمَسْحِ وَعَلَى كُلٍّ يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ إنْ أَرَادَ غَسْلَ بَاقِي الْأَعْضَاءِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: أَيْ ارْتَفَعَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ لَا يَرْتَفِعُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْجَنَابَةِ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ غَسَلَهَا بِنِيَّتِهِ) أَيْ الْغُسْلِ

ص: 160

فَلَا يَرْتَفِعُ مَعَهُ شَيْءٌ لِتَلَاعُبِهِ.

(وَمُوجِبُ الْغُسْلِ) سِتَّةٌ أَحَدُهَا (نِفَاسٌ طَلَعَا) أَيْ: خَرَجَ مِنْ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ مُجْتَمِعٌ وَزَادَ طَلَعَا تَكْمِلَةً وَإِيضَاحًا (وَ) ثَانِيهَا (حَيْضُهَا) لِآيَةِ {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] أَيْ: الْحَيْضِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ؛ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي» (قُلْتُ: بِأَنْ يَنْقَطِعَا) أَيْ: مُوجِبُ الْغُسْلِ خُرُوجُ النِّفَاسِ أَوْ الْحَيْضِ مَعَ انْقِطَاعِهِ أَيْ: وَمَعَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ أَوْ نَحْوِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ وَصَحَّحَ فِيهِ وَفِي الْمَجْمُوعِ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْجَنَابَةِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْمُوجِبَ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ الِانْقِطَاعُ وَحْدَهُ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي بَابِ الْوُضُوءِ (وَ) ثَالِثُهَا (الْمَوْتُ أَيْضًا) أَيْ: مَوْتُ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ.

(وَ) رَابِعُهَا (مَغِيبُ الْقَدْرِ مِنْ كَمَرَّةٍ) أَيْ: حَشَفَةٍ وَأَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِهِ هَذَا قَوْلُ أَصْلِهِ وَغَيْبَةُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا أَيْ: مِنْ مَقْطُوعِهَا وَلَوْ بِلَا قَصْدٍ وَإِنْ كَانَ الذَّكَرُ أَشَلَّ؛ أَوْ غَيْرَ مُنْتَشِرٍ؛ أَوْ مُبَانًا؛ أَوْ مَلْفُوفًا عَلَيْهِ خِرْقَةٌ؛ وَلَوْ غَلِيظَةً ذَكَرَ آدَمِيٍّ؛ أَوْ غَيْرِهِ حَيٍّ؛ أَوْ مَيِّتٍ؛ صَغِيرٍ؛ أَوْ كَبِيرٍ كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِبَعْضِ ذَلِكَ (فِي الْفَرْجِ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُشْتَهَاةٍ (حَتَّى الدُّبُرِ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَإِسْكَانِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ» وَذِكْرُ الْخِتَانِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ بِدَلِيلِ إيجَابِ الْغُسْلِ بِإِيلَاجِ ذَكَرٍ لَا حَشَفَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ جِمَاعٌ فِي فَرْجٍ فَكَانَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ؛ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ انْضِمَامَهُمَا لِعَدَمِ إيجَابِهِ الْغُسْلَ بِالْإِجْمَاعِ بَلْ تَحَاذِيهِمَا يُقَالُ الْتَقَى الْفَارِسَانِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: مُغَيَّبٌ إلَخْ) (فَرْعٌ) حَيْثُ بَقِيَ مُسَمًّى الذَّكَرِ بَعْدَ قَطْعِهِ حَصَلَ الْإِجْنَابُ بِإِدْخَالِ حَشَفَتِهِ أَوْ قَدْرِهَا، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالْحَشَفَةِ وَحْدَهَا حَتَّى لَوْ قُطِعَتْ فَقَطْ لَمْ يُؤَثِّرْ إدْخَالُهَا م ر قَالَ فِي الرَّوْضِ وَمَنْ أَوْلَجَ أَحَدَ ذَكَرَيْهِ أَجْنَبَ إنْ كَانَ يَبُولُ بِهِ وَلَا أَثَرَ لِلْآخَرِ فِي نَقْضِ الطَّهَارَةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ نَعَمْ إنْ كَانَا عَلَى سَنَنٍ وَاحِدٍ أَجْنَبَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ وَكَذَا إنْ كَانَ يَبُولُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ لَا يَبُولُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكَانَ الِانْسِدَادُ عَارِضًا اهـ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ هَذَا التَّفْصِيلُ فِي حَشَفَتَيْنِ لِذَكَرٍ وَاحِدٍ نَعَمْ قَوْلُهُ وَكَانَ الِانْسِدَادُ عَارِضًا خَالَفَهُ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ فَقَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ سَوَاءٌ كَانَ الِانْسِدَادُ عَارِضًا أَمْ لَا خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ كَمَا مَرَّ فِي الْحَدَثِ مَعَ بَيَانِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْعَمَلِ دُونَ الْبَوْلِ وَمَنْ ذَكَرَهُ فَإِنَّمَا أَرَادَ الْجَرْيَ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْعَمَلِ

اهـ وَذَكَرَ فِي بَابِ الْحَدَثِ أَنَّ الْجِمَاعَ يَدُلُّ عَلَى أَصَالَتِهِ فَقَالَ وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ أَنَّ الْجِمَاعَ دَلِيلٌ عَلَى أَصَالَتِهِ هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ فَنَقْلُ بَعْضِهِمْ عَنْ التَّحْقِيقِ خِلَافَهُ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مُجَرَّدِ جِمَاعٍ مِنْ غَيْرِ حَرَكَةٍ إذْ عَدَمُهَا دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ أَصَالَتِهِ اهـ فَمَنْ اعْتَمَدَ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ هُنَاكَ يَعْتَمِدُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَأَحْسَنُ إلَخْ) وَجْهُ الْأَحْسَنِيَّةِ أَنَّهُ إنْ جَعَلَ قَوْلَهُ مِنْ كَمَرَةٍ بَيَانًا لِلْقَدْرِ أَخْرَجَ قَدْرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا أَوْ لِلتَّبْعِيضِ كَانَ الْمَعْنَى الْقَدْرَ الَّذِي هُوَ بَعْضُ الْحَشَفَةِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهَا لَا يَكْفِي أَوْ لِلِابْتِدَاءِ أَيْ: الْقَدْرِ الْمُبْدَى مِنْهَا أَيْ: قَدْرُهَا خَرَجَتْ هِيَ مِنْ نَفْسِهَا سم (قَوْلُهُ: قَوْلُ أَصْلِهِ إلَخْ) حَيْثُ أَفَادَ اعْتِبَارَ كُلٍّ مِنْ الْحَشَفَةِ وَقَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ لَا تُفِيدُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ مُبَانًا) لَوْ أُبِينَتْ الْحَشَفَةُ فَقَطْ فَهَلْ يُؤَثِّرُ إدْخَالُهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُؤَثِّرَ إنْ سُمِّيَتْ حَشَفَةَ ذَكَرٍ (قَوْلُهُ: فِي الْفَرْجِ) قِيلَ وَظَاهِرٌ مِمَّا يَأْتِي فِي خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِدُخُولِهَا فِيمَا يَجِبُ غَسْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ غَيْبَتِهَا جَمِيعًا فِيمَا

ــ

[حاشية الشربيني]

الْوَاجِبِ.

(قَوْلُهُ: أَبِي حُبَيْشٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ وَاسْمُهُ قَيْسُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: الْحَيْضَةُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا فَالْكَسْرُ اسْمٌ لِحَالَةِ الْحَيْضِ وَالْفَتْحُ بِمَعْنَى الْمَرَّةِ مِنْ الْحَيْضِ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ هُنَا وَالْفَتْحُ أَقْوَى. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) وَفَائِدَةُ هَذَا أَنَّا إذَا قُلْنَا بِالْقَدِيمِ إنَّ الْحَائِضَ يَجُوزُ لَهَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ لَوْ كَانَتْ جُنُبًا أَيْضًا فَاغْتَسَلَتْ عَنْ الْجَنَابَةِ اسْتَبَاحَتْ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْآنَ غُسْلُ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِالِانْقِطَاعِ وَتَقَدَّمَ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَلَعَلَّ وَجْهَ جَوَازِ الْقِرَاءَةِ لَهَا دُونَ الْجُنُبِ طُولُ مُدَّتِهَا.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ امْتِنَاعُ الطَّهَارَةِ حَتَّى تَمْضِيَ مُدَّةٌ مَعْلُومَةٌ بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ وَالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ لَكِنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي النِّفَاسِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ لَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ) وَحَدِيثُ إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ مَنْسُوخٌ كَمَا نَقَلَهُ

ص: 161

إذَا تَحَاذَيَا وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّا وَذَلِكَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ إذْ الْخِتَانُ مَحَلُّ الْقَطْعِ فِي الْخِتَانِ وَخِتَانُ الْمَرْأَةِ فَوْقَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَمَخْرَجُ الْبَوْلِ فَوْقَ مَدْخَلِ الذَّكَرِ.

(وَلَوْ) كَانَ الْكَمَرَةُ أَوْ قَدْرُهَا أَوْ الْفَرْجُ (مِنْ الْمَيِّتِ وَالْبَهِيمَةِ) كَأَنْ أَدْخَلَ رَجُلٌ ذَكَرَهُ فِي فَرْجِ أَحَدِهِمَا أَوْ ذَكَرَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي فَرْجِهِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ لِمَا مَرَّ وَأَفْهَمَ إطْلَاقُ مَغِيبِ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ إلَّا الْبَهِيمَةَ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَالْمَيِّتُ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَا يُعَادُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ مَغِيبِ مَا ذُكِرَ (غَسْلُ الْمَيِّتِ) لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ وَإِنَّمَا وَجَبَ غُسْلُهُ بِالْمَوْتِ تَنْظِيفًا وَإِكْرَامًا وَلَا يَجِبُ بِوَطْءِ الْمَيِّتَةِ حَدٌّ لِخُرُوجِهَا عَنْ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَا مَهْرَ كَمَا لَا يَجِبُ بِقِطَعِ يَدِهَا دِيَةٌ نَعَمْ تَفْسُدُ بِهِ الْعِبَادَاتُ وَتَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ فِي الصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَعَهُ الْإِنْزَالُ وَتَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَأَمَّا خَبَرُهُ «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَعْجَلْت أَوْ أَقْحَطْتَ أَيْ: جَامَعْت وَلَمْ تُنْزِلْ فَلَا غُسْلَ عَلَيْك وَعَلَيْك الْوُضُوءُ» وَنَحْوُهُمَا فَمَنْسُوخَةٌ كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ: وَأَجَابَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ؛ بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِالِاحْتِلَامِ إلَّا أَنْ يُنْزِلَ.

وَخَامِسُهَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (كَذَا خُرُوجُ وَلَدٍ) وَلَوْ جَافًّا؛ لِأَنَّهُ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ بَلَلٍ وَإِنْ خَفِيَ وَتُفْطِرُ بِهِ الْمَرْأَةُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَأَنْكَرَهُ الرُّويَانِيُّ لِغَلَبَةِ الْوِلَادَةِ كَالِاحْتِلَامِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَا قَالَهُ ضَعِيفٌ تَعْلِيلًا لِانْتِقَاضِهِ بِالْحَيْضِ قَوِيٌّ مَعْنًى لِلتَّعْلِيلِ بِأَنَّ الْوَلَدَ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ (وَ) سَادِسُهَا خُرُوجُ (أَصْلِهِ) أَيْ: أَصْلِ الْوَلَدِ مِنْ مَنِيٍّ؛ أَوْ عَلَقَةٍ؛ أَوْ مُضْغَةٍ؛ أَمَّا فِي غَيْرِ الْمَنِيِّ فَلِمَا مَرَّ فِي الْوَلَدِ؛ وَأَمَّا فِيهِ فَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ قَالَ: نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ» وَلِخَبَرِ «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» أَيْ: إنَّمَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِالْمَاءِ مِنْ إنْزَالِ الْمَاءِ الدَّافِقِ وَهُوَ الْمَنِيُّ وَالِاحْتِجَاجُ بِهَذَا لَا يُنَافِي نَسْخَهُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ النَّسْخَ فِي الْحَصْرِ فَقَطْ.

وَالْمُرَادُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْبِكْرِ بُرُوزُهُ عَنْ الْفَرْجِ إلَى الظَّاهِرِ وَفِي حَقِّ الثَّيِّبِ وُصُولُهُ إلَى مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ

ــ

[حاشية العبادي]

بَعْدَهُ مِنْ الْبَاطِنِ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ) هَذِهِ الْعِلَّةُ يَرِدُ عَلَيْهَا خُرُوجُ بَعْضِ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ وَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِهِ وَلِهَذَا لَمَّا عَلَّلَ الْإِسْنَوِيُّ بِقَوْلِهِ وَ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ بِخُرُوجِ الْمَاءِ الَّذِي يُخْلَقُ مِنْهُ الْوَلَدُ فَبِخُرُوجِ الْوَلَدِ أَوْلَى قَالَ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تُنْتَقَضُ بِخُرُوجِ بَعْضِ الْوَلَدِ اهـ نَعَمْ يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِخُرُوجِ بَعْضِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ وَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْبَلَلَ الْخَارِجَ مَعَهُ دَمُ فَسَادٍ لَا اعْتِبَارَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَتُفْطِرُ بِهِ الْمَرْأَةُ عَلَى الْأَصَحِّ) فِي التَّحْقِيقِ قَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مَظِنَّةُ خُرُوجِ الدَّمِ الْمُفْطِرِ وَهُوَ النِّفَاسُ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ النِّفَاسَ إنَّمَا هُوَ الدَّمُ الْخَارِجُ عَقِبَ الْوِلَادَةِ لَا مَعَهَا فَيَلْزَمُ أَنَّهُ لَوْ قَارَنَ الْغُرُوبَ آخِرُ الْوِلَادَةِ صَحَّ الصَّوْمُ مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) قَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مَظِنَّةُ خُرُوجِ الدَّمِ فَأُقِيمَتْ الْمَظِنَّةُ مَقَامَ الْمَئِنَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَقَةٌ أَوْ مُضْغَةٌ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَعَلَقَةٌ وَمُضْغَةٌ قَالَ الْقَوَابِلُ هُمَا أَصْلُ آدَمِيٍّ اهـ وَتَبِعَ فِي هَذَا التَّقْيِيدِ الْخَادِمَ لَكِنَّهُ خَصَّهُ بِمَا إذَا لَمْ تَرَ دَمًا وَلَا بَلَلًا.

(قَوْلُهُ بُرُوزُهُ عَنْ الْفَرْجِ إلَى الظَّاهِرِ) فِي الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ وَمَنْ أَحَسَّ بِنُزُولِ مَنِيِّهِ فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِأَحْمَدَ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي صَلَاةٍ كَمَّلَهَا وَإِنْ حَكَمْنَا بِبُلُوغِهِ بِذَلِكَ أَوْ قُطِعَ وَهُوَ فِيهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ وَكَانَ رُخْصَةً فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي قَرِيبًا. اهـ. (قَوْلُهُ: إذْ الْخِتَانُ مَحَلُّ الْقَطْعِ فِي الْخِتَانِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهُوَ مَا دُونَ حُزَّةِ الْحَشَفَةِ، وَأَمَّا خِتَانُ الْمَرْأَةِ فَاعْلَمْ أَنَّ مَدْخَلَ الذَّكَرِ هُوَ مَخْرَجُ الْحَيْضِ وَالْوَلَدِ وَالْمَنِيِّ وَفَوْقَ مَدْخَلِ الذَّكَرِ ثَقْبٌ مِثْلُ إحْلِيلِ الرَّجُلِ هُوَ مَخْرَجُ الْبَوْلِ وَبَيْنَ هَذَا الثَّقْبِ وَمَدْخَلِ الذَّكَرِ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ وَفَوْقَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ مِثْلُ وَرَقَةٍ بَيْنَ الشَّفْرَيْنِ وَالشَّفْرَيْنِ يُحِيطَانِ بِالْجَمِيعِ فَتِلْكَ الْجِلْدَةُ الرَّقِيقَةُ يُقْطَعُ مِنْهَا فِي الْخِتَانِ وَهِيَ خِتَانُ الْمَرْأَةِ فَحَصَلَ أَنَّ خِتَانَ الْمَرْأَةِ مُسْتَعْلٍ وَتَحْتَهُ مَخْرَجُ الْبَوْلِ وَتَحْتَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ مَدْخَلُ الذَّكَرِ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَخْرَجُ الْحَيْضِ الَّذِي هُوَ مَخْرَجُ الْوَلَدِ وَمَدْخَلُ الذَّكَرِ هُوَ خَرْقٌ لَطِيفٌ فَإِذَا اُفْتُضَّتْ الْبِكْرُ اتَّسَعَ ذَلِكَ الْخَرْقُ فَصَارَتْ ثَيِّبًا قَالَ أَصْحَابُنَا فَالْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ أَنْ تَغِيبَ الْحَشَفَةُ فِي الْفَرْجِ فَإِذَا غَابَتْ فَقَدْ حَاذَى خِتَانُهُ خِتَانَهَا وَالْمُحَاذَاةُ هِيَ الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَادُ مِنْهُ إلَخْ) بَلْ لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ لَا يَجِبُ غُسْلُهُ عَنْهُ بِأَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ الْجَنَابَةِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ انْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَقْحَطْتَ) رُوِيَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: لَا يَخْلُو عَنْ بَلَلٍ) أَيْ عَقِبَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِغَلَبَةِ الْوِلَادَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا مَغْلُوبَةٌ مَقْهُورَةٌ بِالْوِلَادَةِ كَالِاحْتِلَامِ (قَوْلُهُ: لِلتَّعْلِيلِ إلَخْ) أَيْ وَهَذَا التَّعْلِيلُ هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْأَصْحَابُ وَعَوَّلُوا عَلَيْهِ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: لَا يَسْتَحِي) رُوِيَ بِيَاءَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ وَبِيَاءٍ وَاحِدَةٍ وَحَذْفِ الْأُخْرَى. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ) أَيْ رَأَتْ الْجِمَاعَ فِي النَّوْمِ فَيَحْدُثُ مَعَهُ الْإِنْزَالُ غَالِبًا وَأَصْلُهُ الْحُلْمُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ مَا يَرَاهُ النَّائِمُ مُطْلَقًا ثُمَّ غَلَبَ فِي هَذَا. اهـ.

مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: وَالْبِكْرِ إلَخْ)

ص: 162

خُرُوجِهِ مِنْ الْمُعْتَادِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ لَكِنْ جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ بِأَنَّ لِلْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ الْمُعْتَادِ حُكْمَ الْمُنْفَتِحِ فِي بَابِ الْحَدَثِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالصُّلْبُ هُنَا كَالْمَعِدَةِ هُنَاكَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ خُلِقَ لِلرَّجُلِ ذَكَرَانِ أَوْ لِلْمَرْأَةِ فَرْجَانِ فَحُكْمُهُ يُعْرَفُ مِمَّا قَدَّمْتُهُ فِي الْحَدَثِ وَعُلِمَ مِنْ حَصْرِ الْحَاوِي الْمُوجِبِ فِي الْمَذْكُورَاتِ أَنَّ مَا سِوَاهَا لَيْسَ مُوجِبًا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ النَّاظِمُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (لَيْسَ سِوَاهَا) مِنْ جُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ وَاسْتِدْخَالِ مَنِيٍّ وَمَغِيبِ بَعْضِ حَشَفَةٍ وَغَيْرِهَا (مُوجِبًا لِغَسْلِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ حَتَّى يَثْبُتَ مَا يُخَالِفُهُ؛ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْحَصْرِ فِي الْمَذْكُورَاتِ بِتَنَجُّسِ جَمِيعِ الْبَدَنِ أَوْ بَعْضِهِ مَعَ الِاشْتِبَاهِ وَأُجِيبَ عَنْهُ؛ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ بَلْ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ حَتَّى لَوْ فُرِضَ كَشْطُ جِلْدِهِ حَصَلَ الْغَرَضُ وَبِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْغُسْلِ عَنْ الْأَحْدَاثِ فَإِنْ أُرِيدَ الْغُسْلُ عَنْهَا وَعَنْ النَّجَاسَةِ وَجَبَ عَدُّ ذَلِكَ كَمَا صَنَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمَا.

وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الْمَوْتَ حَدَثٌ كَالْبَقِيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَبَعْدَ غُسْلِ وَطْئِهَا) أَيْ: غُسْلِهَا مِنْ الْوَطْءِ فِي قُبُلِهَا (إنْ لَفَظَتْ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ أَخْرَجَتْ (مَاءً) أَيْ: مَنِيًّا (تُعِيدُ) غُسْلَهَا (حَيْثُ شَهْوَةً) لَهَا (قَضَتْ) بِذَلِكَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ اخْتِلَاطُ مَنِيِّهَا بِمَنِيِّهِ؛ فَإِذَا خَرَجَ الْمُخْتَلِطُ فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا مَنِيُّهَا وَالشَّرْعُ قَدْ يُقِيمُ الظَّنَّ مَقَامَ الْيَقِينِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ وَمِنْ هُنَا عُلِمَ أَنَّ الْمَنِيَّ الْمُوجِبَ لِلْغُسْلِ مَنِيُّ

ــ

[حاشية العبادي]

وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمُتَّصِلِ شَيْءٌ كَمَا قَالَهُ الْبَارِزِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَإِنْ أَحَسَّ بِهِ فِي الذَّكَرِ فَعَصَبَهُ بِخِرْقَةٍ مَثَلًا وَاغْتَسَلَ قَالَ الْبَغَوِيّ صَحَّ غُسْلُهُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ حَلَّ الْخِرْقَةَ لَنَزَلَ الْمَنِيُّ وَمُقْتَضَاهُ وُجُوبُ الْغُسْلِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لَكِنْ يَدْفَعُهُ تَعْبِيرُ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرِهِ عَنْ الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْصِبْهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ خَرَجَ بَعْضُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ قَضِيَّتُهُ مَا ذُكِرَ فَلَا نَظَرَ فِيهِ فَإِنْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ يَكُونُ ضَعِيفًا بَلْ شَاذًّا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُوَافِقُ قَاعِدَةَ أَحْمَدَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ اهـ.

(قَوْلُهُ: مِنْ الْمُعْتَادِ وَغَيْرِهِ) شَرْطُهُ فِي غَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحْكِمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَحْكِمْ بِأَنْ خَرَجَ لِمَرَضٍ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ اهـ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ، أَمَّا مَا لَمْ يَسْتَحْكِمْ كَأَنْ خَرَجَ لِمَرَضٍ أَوْ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ فَلَا غُسْلَ بِهِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ اهـ وَقَدْ صَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ بِمَا يُوَافِقُهُ فِي الدَّمِ فَإِنَّهُ اسْتَشْكَلَ هَذَا بِقَوْلِ الْمَجْمُوعِ أَيْضًا لَوْ خَرَجَ الْمَنِيُّ دَمًا عَبِيطًا لَزِمَهُ الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ ثُمَّ حَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا خَرَجَ مِنْ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ: كَالْمَعِدَةِ هُنَاكَ) كَذَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ نَفْسِ الصُّلْبِ يُوجِبُ الْغُسْلَ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالصُّلْبُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِلرَّجُلِ، أَمَّا الْمَرْأَةُ فَمَا بَيْنَ تَرَائِبِهَا وَهِيَ عِظَامُ الصَّدْرِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خُلِقَ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَمَنْ أَوْلَجَ أَحَدَ ذَكَرَيْهِ أَجْنَبَ إنْ كَانَ يَبُولُ بِهِ وَحْدَهُ وَلَا أَثَرَ لِلْآخَرِ فِي نَقْضِ الطَّهَارَةِ نَعَمْ إنْ كَانَا عَلَى سَنَنٍ وَاحِدٍ أَجْنَبَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ.

وَكَذَا إنْ كَانَ يَبُولُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ لَا يَبُولُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكَانَ الِانْسِدَادُ عَارِضًا اهـ قِيلَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ إيلَاجَ أَحَدِهِمَا كَمَسِّهِ فَحَيْثُ أَوْجَبَ مَسُّهُ الْوُضُوءَ أَوْجَبَ إيلَاجُهُ الْغُسْلَ وَحَيْثُ لَا فَلَا اهـ وَفِي الْعُبَابِ وَمَنْ لَهُ قُبُلَانِ فَأَمْنَى مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَكَمَا مَرَّ فِي الْحَدَثِ اهـ أَيْ فَيُفْصَلُ بَيْنَ الْعَامِلِ وَغَيْرِهِ وَفِي غَيْرِهِ بَيْنَ مَا عَلَى سَنَنِ الْأَصْلِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُ شَرْحِ الرَّوْضِ السَّابِقِ وَكَانَ الِانْسِدَادُ عَارِضًا عِبَارَةُ بَعْضِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ الِانْسِدَادُ عَارِضًا أَمْ لَا خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ كَمَا مَرَّ فِي الْحَدِيثِ اهـ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ هَذَا) أَيْ: حَيْثُ قِيلَ فِيهِ وَبِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْغُسْلِ عَنْ الْأَحْدَاثِ

ــ

[حاشية الشربيني]

؛ لِأَنَّ دَاخِلَ فَرْجِهَا فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ وَلِذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا غَسْلُهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَالْغُسْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ الْمُعْتَادِ) أَيْ مَا عَدَا الْمَنَافِذَ الْأَصْلِيَّةَ. اهـ. شَيْخُنَا ذ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الِانْسِدَادُ أَصْلِيًّا فَحَرِّرْهُ (قَوْلُهُ: وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) قَالَ بَعْدَ تَصْوِيبِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْمَنِيِّ الْمُسْتَحْكِمِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَحْكِمْ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ. اهـ. قَالَ شَيْخُنَا ذ رحمه الله الِاسْتِحْكَامُ إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي غَيْرِ الْمُعْتَادِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ انْسِدَادُ الْمُعْتَادِ أَصْلِيًّا وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ الِاسْتِحْكَامُ؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ قِيَاسُ مَا هُنَا عَلَى النَّوَاقِضِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ فَلْيَكُنْ الرَّاجِحُ جَعْلَ الْمُنْفَتِحِ فِي الِانْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ كَالْمُعْتَادِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاسْتِحْكَامُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالصُّلْبُ هُنَا كَالْمَعِدَةِ) أَيْ إذَا خَرَجَ مِنْهُ بِغَيْرِ انْكِسَارٍ كَأَنْ انْفَتَحَ فِيهِ ثُقْبَةٌ وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحْكِمٍ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا تَغَيُّرَ بِعِبَارَةِ الْمَجْمُوعِ حَيْثُ حَكَى الْخِلَافَ أَوَّلًا فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ فِيمَا إذَا انْكَسَرَ صُلْبُهُ فَخَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ؛ لِأَنَّهُ صَوَّبَ بَعْدَ ذَلِكَ التَّفْصِيلِ، فِيمَا إذَا خَرَجَ مِنْ ثُقْبَةٍ فِي الصُّلْبِ بَيْنَ مَا إذَا نَقَضْنَا بِالْخَارِجِ مِنْهَا وَمَا إذَا لَمْ نَنْقُضْ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَالْمَعِدَةِ هُنَاكَ) صَوَابُهُ كَتَحْتِ الْمَعِدَةِ هُنَاكَ؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ مِنْ نَفْسِ الصُّلْبِ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ بِخِلَافِ الْخَارِجِ مِنْ نَفْسِ الْمَعِدَةِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ فِي الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الصُّلْبَ مَعْدِنُ الْمَنِيِّ هُنَا وَمِثْلُهُ تَرَائِبُ الْمَرْأَةِ بِخِلَافِ نَفْسِ الْمَعِدَةِ؛ لِأَنَّ مَا تُحِيلُهُ تُلْقِيهِ إلَى أَسْفَلَ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَعَ إيضَاحٍ.

(قَوْلُهُ: وَالشَّرْعُ إلَخْ) رَدٌّ لِقَوْلِ الْمُهِمَّاتِ لَا يُرْفَعُ يَقِينُ الطَّهَارَةِ بِظَنِّ الْحَدَثِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ هُنَا) أَيْ قَوْلِهِ حَيْثُ شَهْوَةٌ قَضَتْ. اهـ. (قَوْلُهُ:

ص: 163

الْإِنْسَانِ نَفْسِهِ وَالْمُرَادُ الْخَارِجُ أَوَّلَ مَرَّةٍ حَتَّى لَوْ اسْتَدْخَلَ مَنِيَّ نَفْسِهِ ثُمَّ خَرَجَ لَا يَجِبُ بِهِ الْغُسْلُ أَمَّا إذَا لَمْ تَقْضِ شَهْوَتُهَا لِصِغَرٍ أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا يَلْزَمُهَا الْإِعَادَةُ إذْ لَا يُظَنُّ خُرُوجُ مَنِيِّهَا مَعَ مَنِيِّهِ وَفِي نُسْخَةٍ فَلَا تُعِيدُ طِفْلَةٌ وَرَاقِدَةٌ أَوْ أُكْرِهَتْ وَمِنْ شِفَاءِ فَاقِدِهِ؛ وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِالْمَفْهُومِ مَعَ زِيَادَةِ مَسْأَلَةِ فَاقِدَةِ الشِّفَاءِ مِنْ الْمَنِيِّ بِأَنْ يَكُونَ بِهَا سَلَسُهُ فَلَا يَلْزَمُهَا إعَادَةُ الْغُسْلِ كَالرَّجُلِ الَّذِي بِهِ ذَلِكَ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ وُجُوبَ الْغُسْلِ عَلَيْهِمَا لِكُلِّ صَلَاةٍ.

(وَمِنْ خَوَاصِّ الْمَاءِ) بِزِيَادَةِ مِنْ عَلَى الْحَاوِي؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ مِنْ خَوَاصِّهِ رِيحُهُ جَافًّا وَقَدْ ذَكَرَ مِنْهَا ثَلَاثًا إحْدَاهَا (أَنْ يَخْرُجَ مَعْ تَلَذُّذٍ) بِخُرُوجِهِ ثُمَّ يَعْقُبَهُ فُتُورٌ (وَ) ثَانِيَتُهَا أَنْ يَخْرُجَ (بِانْدِفَاقٍ فِي دُفَعٍ) جَمْعُ دُفْعَةٍ قَالَ تَعَالَى: {مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: 6](وَ) ثَالِثَتُهَا أَنْ يَخْرُجَ مَعَ (رِيحِ طَلْعٍ وَالْعَجِينِ) مَا دَامَ (رَطْبًا) فَإِذَا جَفَّ فَرِيحُهُ كَرِيحِ بَيَاضِ الْبَيْضِ؛ وَرَطْبًا مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَكُلٌّ مِنْ الثَّلَاثِ كَافٍ فِي كَوْنِهِ مَنِيًّا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْهَا.

وَلَا عِبْرَةَ فِي مَنِيِّ الرَّجُلِ بِكَوْنِهِ أَبْيَضَ ثَخِينًا وَلَا مَنِيِّ الْمَرْأَةِ بِكَوْنِهِ أَصْفَرَ رَقِيقًا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ صِفَاتِهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ خَوَاصِّهِ لِوُجُودِ الرِّقَّةِ فِي الْمَذْيِ وَهُوَ مَاءٌ رَقِيقٌ لَزِجٌ يَخْرُجُ عِنْدَ الشَّهْوَةِ لَا بِهَا وَقَدْ لَا يُحَسُّ بِخُرُوجِهِ وَالثِّخَنُ فِي الْوَدْيِ وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ كَدِرٌ ثَخِينٌ لَا رِيحَ لَهُ يَخْرُجُ عَقِبَ الْبَوْلِ إذَا اسْتَمْسَكَتْ الطَّبِيعَةُ وَعِنْدَ حَمْلِ شَيْءٍ ثَقِيلٍ وَلَا يَضُرُّ فَقْدُهَا فَقَدْ يَحْمَرُّ مَنِيُّ الرَّجُلِ لِكَثْرَةِ الْجِمَاعِ وَرُبَّمَا خَرَجَ دَمًا عَبِيطًا أَوْ يَرِقُّ وَيَصْفَرُّ لِمَرَضٍ وَيَبْيَضُّ مَنِيُّ الْمَرْأَةِ لِفَضْلِ قُوَّتِهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ اشْتِرَاكُ الْخَوَاصِّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُونَ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لَا يُعْرَفُ مَنِيُّ الْمَرْأَةِ إلَّا بِالتَّلَذُّذِ وَأَنْكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ التَّدَفُّقَ فِي مَنِيِّهَا وَاقْتَصَرَ عَلَى التَّلَذُّذِ وَالرِّيحِ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْحَقُّ.

(وَيَأْخُذُ الشَّخْصُ بِمَا أَحَبَّا) مِنْ الْحَدَثَيْنِ الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ (عِنْدَ احْتِمَالِ الْحَدَثَيْنِ) كَأَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْمَنِيُّ بِالْمَذْيِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَرَاقِدَةٌ أَوْ أُكْرِهَتْ) هَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ تَقْضِي الرَّاقِدَةُ أَوْ الْمُكْرَهَةُ شَهْوَتَهَا فَالْمَدَارُ عَلَى قَضَاءِ الشَّهْوَةِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَعْقُبُهُ فُتُورٌ) لَا يَتَأَتَّى فِي الْمَرْأَةِ

(قَوْلُهُ وَيَأْخُذُ الشَّخْصُ بِمَا أَحَبَّ إلَخْ) لَوْ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا وَعَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ بِأَنْ تَوَضَّأَ عِنْدَ اخْتِيَارِ كَوْنِهِ مَذْيًا أَوْ اغْتَسَلَ عِنْدَ اخْتِيَارِ كَوْنِهِ مَنِيًّا ثُمَّ بَانَ أَنَّ الْوَاقِعَ كَمَا اخْتَارَهُ بِطَرِيقٍ صَحِيحٍ كَإِخْبَارِ مَعْصُومٍ فَهَلْ يُجْزِيهِ مَا أَتَى بِهِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْإِتْيَانِ بِالْخَمْسِ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْهُنَّ ثُمَّ بَانَ لَهُ الْحَالُ أَمْ لَا كَمَا فِي وُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ إذَا بَانَ الْحَالُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَيْنِ؛ فَإِنَّ مَا أَتَى بِهِ وَاجِبٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْبَدَلِ فَلَيْسَ مُتَبَرِّعًا بِهِ بِخِلَافِ وُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ وَيَأْخُذُ الشَّخْصُ بِمَا أَحَبَّ عِنْدَ احْتِمَالِ الْحَدَثَيْنِ فِيهِ أُمُورٌ مِنْهَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ اخْتِيَارُ صَاحِبِ الْمَجْمُوعِ الْعَمَلَ بِمُقْتَضَى الْحَدَثَيْنِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ غُسْلُ مَا أَصَابَ ثَوْبَهُ وَبَيَّنَّا فِي الْحَاشِيَةِ السُّفْلَى عَنْ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ كَوْنَهُ مَذْيًا وَجَبَ غَسْلُ مَا أَصَابَ بَدَنَهُ أَوْ ثَوْبَهُ وَمَا ذُكِرَ عَنْ اخْتِيَارِ الْمَجْمُوعِ يُتَّجَهُ مِثْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ إذَا أَرَادَ الِاحْتِيَاطَ وَعَمِلَ بِمُقْتَضَى الْحَدَثَيْنِ فَلَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ مَا أَصَابَ بَدَنَهُ أَوْ ثَوْبَهُ مِنْهُ فَيَتَحَصَّلُ أَنَّهُ إذَا عَمِلَ بِأَحَدِهِمَا وَاخْتَارَ كَوْنَهُ مَذْيًا وَجَبَ غَسْلُ مَا أَصَابَ بَدَنَهُ أَوْ ثَوْبَهُ مِنْهُ وَإِنْ عَمِلَ بِمُقْتَضَاهُمَا جَمِيعًا لَمْ يَجِبْ غَسْلُ مَا أَصَابَهُ وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ الْعَمَلَ بِمُقْتَضَاهُمَا يُضْعِفُ احْتِمَالَ نَجَاسَةِ الْخَارِجِ وَأَيْضًا عَلَى الْمَذْهَبِ فَالْعَمَلُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَى كَوْنِهِ مَنِيًّا وَهُوَ لَوْ اخْتَارَ كَوْنَهُ مَنِيًّا لَمْ يَلْزَمْهُ غَسْلُ مَا أَصَابَهُ وَعَلَى الَّذِي تَحَصَّلَ فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ اخْتَارَ كَوْنَهُ مَنِيًّا وَاغْتَسَلَ وَصَلَّى ثُمَّ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى

ــ

[حاشية الشربيني]

وَمِنْ شِفَاءِ فَاقِدَةٍ) أَيْ وَمَنْ هِيَ فَاقِدَةُ شِفَاءٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْعَجِينِ) أَيْ عَجِينِ الْحِنْطَةِ وَالذُّرَةِ. اهـ. ذ (قَوْلُهُ: بَيَاضِ الْبَيْضِ) أَيْ الرَّطْبِ. اهـ. ذ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ إلَخْ) أَيْ لَيْسَتْ مُخْتَصَّةً بِهِ بَلْ تُوجَدُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِالتَّلَذُّذِ) أَيْ وَفُتُورِ شَهْوَتِهَا عَقِبَهُ. اهـ. مُحَشِّي

(قَوْلُهُ: عِنْدَ احْتِمَالِ الْحَدَثَيْنِ) بِأَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْخَوَاصُّ السَّابِقَةُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَغْتَسِلُ) وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَنِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَغْسِلُ مَا أَصَابَهُ) ؛ لِأَنَّهُ إمَّا جُنُبٌ أَوْ حَامِلٌ لِنَجَاسَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا مُعَارِضَ لَهُ) أَيْ لِهَذَا الْأَصْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: قِيلَ بِذَلِكَ هُنَا أَيْضًا) أَيْ يَلْزَمُهُ

ص: 164

فَيَجْعَلُهُ مَنِيًّا وَيَغْتَسِلُ أَوْ مَذْيًا وَيَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ مَا أَصَابَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَتَى بِمُقْتَضَى أَحَدِهِمَا بَرِئَ مِنْهُ يَقِينًا وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْ الْآخَرِ وَلَا مُعَارِضَ لَهُ بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ صَلَاتَيْنِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ فِعْلُهُمَا لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِهِمَا جَمِيعًا وَالْأَصْلُ بَقَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَفَارَقَ مَا هُنَا مَا سَيَأْتِي فِي الزَّكَاةِ مِنْ وُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ بِتَزْكِيَةِ الْأَكْثَرِ ذَهَبًا وَفِضَّةً فِي الْإِنَاءِ الْمُخْتَلِطِ بِأَنَّ الْيَقِينَ ثَمَّةَ مُمْكِنٌ بِسَبْكِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا عَلَى أَنَّهُ قِيلَ بِذَلِكَ هُنَا أَيْضًا وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ رُجْحَانُهُ لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِطُهْرٍ وَلَا يَسْتَبِيحُ الصَّلَاةَ إلَّا بِطُهْرٍ مُتَيَقَّنٍ أَوْ مَظْنُونٍ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ

ــ

[حاشية العبادي]

فَاخْتَارَ كَوْنَهُ مَذْيًا كَفَاهُ الْوُضُوءُ وَلَمْ يَجِبْ غَسْلُ مَا أَصَابَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَمِنْهَا لَوْ أَصَابَ مَا خَرَجَ مِنْهُ غَيْرَهُ فَالْوَجْهُ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بِالنِّسْبَةِ لَهُ الطَّهَارَةُ وَلَمْ يَتَرَدَّدْ الْخَارِجُ فِي حَقِّهِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا يُوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا وَمِنْهَا أَنَّهُ لَوْ اخْتَارَ كَوْنَهُ مَنِيًّا وَاغْتَسَلَ فَهَلْ يُحْكَمُ عَلَى الْمَاءِ بِالِاسْتِعْمَالِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اخْتِيَارِهِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ اخْتَارَ بَعْدَ الْغَسْلِ أَنَّهُ مَذْيٌ وَتَوَضَّأَ فَهَلْ يَنْقَطِعُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ عَنْ مَاءِ الْغُسْلِ وَيَتَّجِهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ صَلَّى بِغُسْلِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِ كَوْنِهِ مَذْيًا لَمْ يَنْقَطِعْ لِاسْتِقْرَارِهِ بِالتَّعْوِيلِ عَلَيْهِ وَإِلَّا انْقَطَعَ؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَى الْحَدَثَيْنِ فَصَارَ الِاسْتِعْمَالُ مَشْكُوكًا فِيهِ وَمِنْهَا أَنَّهُ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ اخْتَارَ كَوْنَهُ مَنِيًّا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ إذْ لَا نُحَرِّمُ بِالشَّكِّ فَقَدْ يُشْكِلُ بِإِيجَابِ غَسْلِ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ إذَا اخْتَارَ كَوْنَهُ مَذْيًا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ، بِأَنَّ نَجَاسَةَ الْمَذْيِ صِفَةٌ قَائِمَةٌ وَتَحْرِيمَ الْمُكْثِ لَيْسَ صِفَةً قَائِمَةً بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ فَكَانَ الْأَوَّلُ أَلْزَمَ وَأَقْوَى فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ: أَحَبَّا) وَلَوْ بِالتَّشَهِّي حَتَّى لَوْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ كَانَ لَهُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ وَالْأَخْذُ بِالْآخَرِ م ر (قَوْلُهُ: فَيَجْعَلُهُ مَنِيًّا إلَخْ) قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَمَهْمَا اخْتَارَهُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ سَائِرُ أَحْكَامِهِ اهـ وَقَضِيَّتُهُ تَحْرِيمُ نَحْوِ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا اخْتَارَ كَوْنَهُ مَنِيًّا لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِعَدَمِ تَحْرِيمِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَا نُحَرِّمُ بِالشَّكِّ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ كَوْنَهُ مَذْيًا وَمَسَّ بِهِ شَيْئًا خَارِجًا لَا يُنَجِّسُهُ؛ لِأَنَّا لَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ وَقَضِيَّةُ مَا قَالَهُ أَبُو زُرْعَةَ التَّنْجِيسُ وَيُؤَيِّدُ عَدَمَ التَّنْجِيسِ أَوْ يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ الْآتِي بِنَاءً عَلَى اخْتِيَارِهِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ مَا أَصَابَ ثَوْبَهُ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: فَيَغْتَسِلُ) وَلَوْ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا فَلَهُ قَبْلَ فِعْلِهِ الرُّجُوعُ إلَى اخْتِيَارِ الْآخَرِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ، وَأَمَّا بَعْدَ فِعْلِهِ لِمُقْتَضَاهُ فَالرُّجُوعُ إلَى اخْتِيَارِ الْآخَرِ عَمَلٌ بِمُوجِبِهِمَا وَلَا إشْكَالَ فِيهِ بِالنَّظَرِ لِلْمُسْتَقْبَلِ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِمَا مَضَى فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لَهُ وَأَنْ يُحْكَمَ بِالِاعْتِدَادِ بِنَحْوِ صَلَاتِهِ الْمَاضِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ

ــ

[حاشية الشربيني]

مُقْتَضَى الْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ جَمِيعًا (قَوْلُهُ: أَوْ مَظْنُونٍ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَوْ مُسْتَصْحَبٌ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ اسْتِصْحَابَ الطَّهَارَةِ حَاصِلٌ عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ. اهـ.

أَيْ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا (قَوْلُهُ:

ص: 165

إلَّا بِفِعْلِ مُقْتَضَى الْحَدَثَيْنِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ مَا أَصَابَ ثَوْبَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِأَحَدِهِمَا؛ وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بِهِ وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ أَتَى بِهِ إلَّا إذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا.

وَمِنْ صُوَرِ ذَلِكَ لَوْ أَوْلَجَ مُشْكِلٌ فِي دُبُرِ رَجُلٍ وَلَا مَانِعَ مِنْ النَّقْضِ فَهُمَا جُنُبَانِ أَوْ مُحْدِثَانِ نَعَمْ يَتَعَيَّنُ حَدَثُ الرَّجُلِ بِالنَّزْعِ مِنْ دُبُرِهِ (وَمَتَى دُبْرًا) بِسُكُونِ الْبَاءِ (مِنْ الْمُشْكِلِ وَاضِحٌ أَتَى) أَيْ: وَمَتَى وَطِئَ وَاضِحٌ دُبْرَ مُشْكِلٍ (أَجْنَبَ كُلٌّ) مِنْهُمَا لِتَحَقُّقِ الْفَاعِلِيَّةِ وَالْمَفْعُولِيَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتَى قُبُلَهُ لَا جَنَابَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ وَلَا حَدَثَ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ (وَ) مَتَى أَتَى وَاضِحٌ (بِخُنْثَى) مُشْكِلٍ (فِي الْحِرِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَأَصْلُهُ الْحَرَحُ أَيْ: الْفَرْجُ (وَهْوَ) أَيْ: الْخُنْثَى أَتَى (بِفَرْجِ امْرَأَةٍ أَوْ دُبُرِ) مَنْ كَانَ غَيْرَ الْوَاضِحِ (أَجْنَبَ مُشْكِلٌ) ؛ لِأَنَّهُ جَامَعَ أَوْ جُومِعَ (فَقَطْ) أَيْ: دُونَ الْوَاضِحِ وَمَنْ أَتَاهُ الْخُنْثَى لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ نَعَمْ الثَّانِي يَحْدُثُ بِالنَّزْعِ.

وَبَاءُ بِخُنْثَى وَبِفَرْجٍ زَائِدَةٌ وَيَجُوزُ جَعْلُهَا بِمَعْنَى فِي وَفِي الْحِرِ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ بِخُنْثَى وَقَوْلُهُ: أَوْ دُبُرٍ أَعَمُّ وَأَخَصُّ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي أَوْ دُبُرِهَا لَكِنَّهُ يَشْمَلُ دُبُرَ الْوَاضِحِ مَعَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إلَّا بِفِعْلِ مُقْتَضَى الْحَدَثَيْنِ) يَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ فِعْلُ مُقْتَضَى الْحَدَثَيْنِ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى الْغُسْلِ لِانْدِرَاجِ ارْتِفَاعِ الْأَصْغَرِ فِيهِ فَلَا يُحْتَرَزُ إلَّا عَنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْوُضُوءِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا يُتَّجَهُ الِانْدِرَاجُ عِنْدَ تَحَقُّقِ سَبَبِ الْغُسْلِ وَقَدْ يُدْفَعُ هَذَا بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ هُنَا لِعَدَمِ التَّحَقُّقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ سَبَبُ الْغُسْلِ فِي الْوَاقِعِ كَانَ نِيَّتُهُ فِي مَعْنَى الْغَلَطِ فَيَرْتَفِعُ الْأَصْغَرُ بِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ مَا أَصَابَ ثَوْبَهُ) يُتَّجَهُ أَنْ يَجْرِي هَذَا عَلَى الصَّحِيحِ إذَا اخْتَارَ كَوْنَهُ مَذْيًا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَوْ يُعَيِّنُهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ غَسْلُ مَا أَصَابَ ثَوْبَهُ عَلَى الصَّحِيحِ إذَا اخْتَارَ كَوْنَهُ مَذْيًا وَجَبَ غَسْلُهُ عَلَى هَذَا الْمُخْتَارِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ مُقْتَضَى الْحَدَثَيْنِ وَقَدْ وَجَبَ عَلَى هَذَا الْمُخْتَارِ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُمَا فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ حَسَنٌ دَقِيقٌ وَصَرِيحُ قَوْلِهِمْ السَّابِقِ أَوْ مَذْيًا يَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ مَا أَصَابَهُ أَنَّ بَقِيَّةَ بَدَنِهِ لَيْسَتْ كَالثَّوْبِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِمَا أَصَابَهُ مَا أَصَابَهُ فِي الْمُخْرَجِ فَقَطْ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى سم (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ مَا أَصَابَ ثَوْبَهُ) هَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ وَاخْتَارَ كَوْنَهُ مَذْيًا فَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ آخِرَ فُرُوضِ الْوُضُوءِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْوُضُوءَ وَجَبَ التَّرْتِيبُ فِيهِ وَغَسْلُ مَا أَصَابَهُ وَقِيلَ لَا يَجِبَانِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ

اهـ وَعِبَارَةُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ: الْأَصَحِّ وَهُوَ التَّخْيِيرُ إذَا تَوَضَّأَ وَجَبَ أَنْ يَغْسِلَ مَا أَصَابَهُ ذَلِكَ الْبَلَلُ مِنْ بَدَنِهِ وَالثَّوْبِ الَّذِي يَسْتَصْحِبُهُ إلَخْ اهـ (قَوْلُهُ: ثَوْبَهُ) يَنْبَغِي أَنَّ بَقِيَّةَ بَدَنِهِ كَثَوْبِهِ نَظَرًا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَتَعَيَّنُ إلَخْ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ مَعَ تَعَيُّنِ حَدَثِهِ يَتَخَيَّرُ فَإِنْ جَعَلَهُ أَكْبَرَ اجْتَمَعَا وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَتَخَيَّرُ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ التَّخْيِيرِ أَنَّهُ يَكْفِي الْغُسْلُ عَنْ الْجَنَابَةِ مَعَ الصَّرْفِ عَنْ الْأَصْغَرِ وَذَلِكَ لَا يَكْفِي هُنَا لِوُجُودِ الْأَصْغَرِ قَطْعًا بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْوُضُوءِ كَفَى لِلشَّكِّ فِي الْجَنَابَةِ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْغُسْلِ وَلَمْ يَصْرِفْهُ عَنْ الْأَصْغَرِ كَفَى أَيْضًا لِارْتِفَاعِ الْأَصْغَرِ ضِمْنًا وَإِنْ صُرِفَ عَنْهُ لَمْ يَكْفِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ جَمْعًا مِنْ الشُّيُوخِ الْتَزَمُوا ارْتِفَاعَ الْأَصْغَرِ بِالْغُسْلِ مَعَ الصَّرْفِ عَنْهُ وَأَنَّ الصَّرْفَ لَغْوٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّا إنَّمَا أَوْجَبْنَا الْوُضُوءَ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَذْيٌ وَلَا يَحْصُلُ الِاحْتِيَاطُ إلَّا بِغَسْلِ الثَّوْبِ فَإِنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْوُضُوءِ إذًا. اهـ. أَيْ: فَمُرَاعَاةُ الِاحْتِيَاطِ تَسْتَلْزِمُ مَا ذُكِرَ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْأَصْلَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ الطَّهَارَةُ وَلَمْ يَتَرَدَّدْ الْخَارِجُ فِي حَقِّهِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا يُوجِبُ فِيهِ شَيْئًا بِخِلَافِ الشَّخْصِ وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ إلَخْ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ) وَقَدْ فَعَلَ مَا يُوَافِقُ احْتِمَالَ الطَّهَارَةِ وَهُوَ الْغُسْلُ فَعَلَى احْتِمَالِ أَنَّهُ مَنِيٌّ لَا مَانِعَ مِنْ صَلَاتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا جَرَيْنَا عَلَى مُخْتَارِ الْمُصَنِّفِ وَاخْتَارَ أَنَّهُ مَذْيٌ وَلَمْ يَغْسِلْ مَا أَصَابَ بَدَنَهُ أَوْ ثَوْبَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ جُنُبًا لَمْ يَغْتَسِلْ وَإِنْ كَانَ بِهِ نَجَاسَةٌ لَمْ يَصِحَّ

ص: 166