الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَإِنْ بِنَفْسِهِ) أَيْ: لَا بِعَيْنٍ كَطُولِ مُكْثٍ وَهُبُوبِ رِيحٍ (انْتَفَى التَّغَيُّرُ) أَيْ: تَغَيُّرُ الْمَاءِ الْكَثِيرِ بِالنَّجَسِ (وَالْمَاءِ) أَيْ: أَوْ انْتَفَى تَغَيُّرُهُ بِالْمَاءِ النَّابِعِ فِيهِ أَوْ الْمَوْضُوعِ فِيهِ وَلَوْ نَجِسًا أَوْ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَكَانَ الْبَاقِي كَثِيرًا يَطْهُرْ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّنَجُّسِ وَهِيَ التَّغَيُّرُ وَلَا يَضُرُّ عَوْدُ تَغَيُّرِهِ إذَا خَلَا عَنْ نَجَسٍ جَامِدٍ (لَا نَحْوِ التُّرَابِ) مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ أَيْ: لَا إنْ انْتَفَى تَغَيُّرُهُ بِتُرَابٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ جِصٍّ وَمِسْكٍ وَمَائِعٍ وَغَيْرِهَا فَلَا (يَطْهُرُ) لِلشَّكِّ فِي انْتِفَاءِ الْعِلَّةِ لِاحْتِمَالِ السَّتْرِ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ صَفَا الْمَاءُ وَلَمْ يَبْقَ تَغَيُّرٌ طَهُرَ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي التُّرَابِ وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ فَقَوْلُهُ " يَطْهُرْ " جَوَابُ الشَّرْطِ كَمَا تَقَرَّرَ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ وَالْعِلَّةُ أَنَّ الْقَلِيلَ لَا يَطْهُرُ بِانْتِفَاءِ تَغَيُّرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَطْهُرُ بِذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ تَغَيُّرُهُ بِمَيِّتٍ لَا يَسِيلُ دَمُهُ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ وَلَمَّا بَيَّنَ تَنَجُّسَ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ بِالنَّجَاسَاتِ عَقَّبَهُ بِبَيَانِهَا فَقَالَ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ (النَّجَاسَاتِ) وَإِزَالَتِهَا
هَذِهِ التَّرْجَمَةُ سَاقِطَةٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ تَبَعًا لِلْحَاوِي وَتَقَدَّمَ تَعْرِيفُ النَّجَاسَةِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا وَالْأَصْلُ فِي الْأَعْيَانِ الطَّهَارَةُ؛ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الِانْتِفَاعُ أَوْ يَكْمُلُ بِالطَّهَارَةِ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَشْيَاءَ ذَكَرَهَا النَّاظِمُ بِمَا يُفِيدُ الْحَصْرَ فِي قَوْلِهِ (أَمَّا النَّجَاسَاتُ فَكُلُّ مُسْكِرِ) كَنَبِيذٍ وَخَمْرٍ وَلَوْ مُسْتَحِيلَةً فِي الْحَبَّاتِ وَمُحْتَرَمَةً قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْغَصْبِ: وَهِيَ مَا عُصِرَ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ وَفِي الرَّهْنِ: مَا عُصِرَ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ وَالْأَوَّلُ أَعَمُّ لِشُمُولِهِ حَالَةَ عَدَمِ الْقَصْدِ، أَمَّا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: عَوْدُ تَغَيُّرِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْعَائِدُ وَصْفَ النَّجَاسَةِ.
(فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّجَاسَاتِ)(قَوْلُهُ: أَوْ يَكْمُلُ إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الِانْتِفَاعِ وَالِامْتِنَانِ قَدْ يَكُونَانِ بِالنَّجَسِ فَتَأَمَّلْ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْفَارِقِيُّ فَالْتَزَمَ تَنَجُّسَ الْبَحْرِ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: لِلشَّكِّ إلَخْ) فِي شَرْحِ م ر وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا اُحْتُمِلَ سَتْرُ التَّغَيُّرِ بِمَا طَرَأَ كَأَنْ زَالَتْ الرَّائِحَةُ بِطَرْحِ الْمِسْكِ أَوْ الطَّعْمُ بِطَرْحِ الْخَلِّ أَوْ اللَّوْنُ بِطَرْحِ الزَّعْفَرَانِ فَلَوْ تَغَيَّرَ رِيحُ مَاءٍ وَطَعْمُهُ بِنَجَسٍ فَأُلْقِيَ زَعْفَرَانٌ أَوْ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ فَأُلْقِيَ مِسْكٌ فَزَالَ تَغَيُّرُهُ طَهُرَ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الزَّعْفَرَانَ لَا يَسْتُرُ الرِّيحَ وَالْمِسْكَ لَا يَسْتُرُ اللَّوْنَ فَعُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ إذَا فُرِضَ انْتِفَاءُ الرِّيحِ وَالطَّعْمِ عَنْ شَيْءٍ قَطْعًا كَعُودٍ مَثَلًا أَوْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ رِيحُ الزَّعْفَرَانِ وَلَا طَعْمُهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ وُضِعَ مِسْكٌ فِي مُتَغَيِّرِ الرِّيحِ فَزَالَ رِيحُهُ وَلَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رَائِحَةُ الْمِسْكِ أَنَّهُ يَطْهُرُ وَلَا بُعْدَ فِيهِ لِعَدَمِ الِاسْتِتَارِ. اهـ. سِبْطُ الطَّبَلَاوِيِّ بِهَامِشِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّجَاسَاتِ وَإِزَالَتِهَا]
(قَوْلُهُ: وَإِزَالَتِهَا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ زَادَ فِي الْمُتَرْجِمِ لَهُ عَلَى التَّرْجَمَةِ وَلَا عَيْبَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ أَوْ الْمُعْظَمِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ تَعْرِيفُ إلَخْ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى إطْلَاقِهَا بِمَعْنَى الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ وَعَرَّفَهَا بَعْضُهُمْ بِنَاءً عَلَى إطْلَاقِهَا عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي يُوصَفُ بِهِ الْمَحَلُّ الَّذِي لَاقَاهُ عَيْنٌ نَجِسَةٌ بِأَنَّهَا صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ أَيْ: تُصَحِّحُ لِمَوْصُوفِهَا الْمَنْعَ مِنْ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ وَعَرَّفَهَا بَعْضُهُمْ بِنَاءً عَلَى الْإِطْلَاقِ الْأَوَّلِ بِمَا حَرُمَ تَنَاوُلُهُ مُطْلَقًا فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ مَعَ سُهُولَةِ تَمْيِيزِهِ وَإِمْكَانِ تَنَاوُلِهِ لَا لِحُرْمَتِهِ أَوْ اسْتِقْذَارِهِ أَوْ إضْرَارِهِ بِعَقْلٍ أَوْ بَدَنٍ وَعَلَيْهِ كَلَامٌ طَوِيلٌ ذُكِرَ فِي مَحَلِّهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي الْأَعْيَانِ الطَّهَارَةُ) أَيْ: الْأَصْلُ الْأَصْلِيُّ وَمِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَيْتَةِ النَّجَاسَةُ؛ لِأَنَّهُ طَارِئٌ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ بِالْمَوْتِ عَارِضَةٌ وَفِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ كَذَا فِي الْإِيعَابِ وَفِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَصْلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحِكْمَةِ وَهِيَ مَنَافِعُ الْعِبَادِ وَكُلُّهَا لَا بُدَّ مِنْ اشْتِمَالِهَا عَلَى مَنْفَعَةٍ وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ. (قَوْلُهُ: بِمَا يُفِيدُ الْحَصْرَ) لِوُجُودِ أَلْ فِي الْمُبْتَدَأِ. (قَوْلُهُ: كَنَبِيذٍ وَخَمْرٍ) لَعَلَّ وَجْهَ تَقْدِيمِهِ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي الِاسْتِدْلَالِ الِاهْتِمَامُ بِالرَّدِّ عَلَى وَجْهٍ شَاذٍّ عِنْدَنَا فِي إبَاحَةِ غَيْرِ الْمُسْكَرِ مِنْهُ كَمَا فِي الْإِيعَابِ اهـ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ) وَمِثْلُهُ النَّوَوِيُّ فِي بَابِ الرَّهْنِ وَقَالَ فِيهِ غَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ هِيَ الْمُعْتَصَرَةُ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَعَمُّ) قَالَ حَجَرٌ وَهُوَ الْمَنْقُولُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَعَمُّ لِشُمُولِهِ إلَخْ) صَرَّحَ بِالِاحْتِرَامِ فِيمَا ذُكِرَ الرَّافِعِيَّ فِي الْغَصْبِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اعْتَصَرَهَا مَنْ لَا قَصْدَ لَهُ كَمَجْنُونٍ فَلَا تُرَاقُ عَلَيْهِ إذَا أَفَاقَ وَهِيَ خَمْرٌ بِخِلَافِ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ؛ لِأَنَّ لَهُ قَصْدًا صَحِيحًا وَوَجْهُ تَرْجِيحِ مَا فِي الْغَصْبِ أَنَّ نَحْوَ الْعِنَبِ قَبْلَ عَصْرِهِ مُحْتَرَمٌ فَلْيَبْقَ عَلَى إبَاحَتِهِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْهَا إلَّا بِقَصْدٍ فَاسِدٍ. وَتَوْجِيهُ الثَّانِي بِأَنَّ الْخَمْرَ لَمَّا حَرُمَتْ كَانَ اتِّخَاذُ عَصِيرِهَا لِتَصِيرَ خَلًّا رُخْصَةً وَالرُّخْصَةُ يُحْتَاجُ فِي تَعَاطِيهَا إلَى النِّيَّةِ فَلِذَا اُشْتُرِطَتْ نِيَّةُ الْخَلِّ عِنْدَ اتِّخَاذِ الْعَصِيرِ لِتَمْتَازَ عَنْ صُورَةِ الْمُحَرَّمِ وَهُوَ عَصْرُهُ بِقَصْدِ الْخَمْرِ فَيُرَدُّ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ رُخْصَةٌ وَلَوْ سُلِّمَ فَالرُّخْصَةُ كَغَيْرِهَا فِي أَنَّهَا إنْ كَانَتْ عِبَادَةً أَوْ نَحْوَهَا افْتَقَرَتْ لِلنِّيَّةِ وَإِلَّا فَلَا. نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ فِيهَا عَدَمُ الصَّارِفِ ثُمَّ الْكَلَامُ فِي خَمْرِ الْمُسْلِمِ أَمَّا الذِّمِّيُّ فَخَمْرُهُ مُحْتَرَمَةٌ وَلَوْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ مَا لَمْ يُظْهِرْهَا وَلَوْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فَالْعِبْرَةُ بِقَصْدِ الِاحْتِرَامِ وَلَوْ
الْخَمْرُ فَتَغْلِيظًا وَزَجْرًا عَنْهَا كَالْكَلْبِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ} [المائدة: 90] خَرَجَتْ الثَّلَاثَةُ الْمَقْرُونَةُ مَعَهَا بِالْإِجْمَاعِ فَبَقِيَتْ هِيَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا دَلَالَةَ ظَاهِرَةٌ فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّ الرِّجْسَ لُغَةً الْقَذَرُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ النَّجَاسَةُ وَلَا مِنْ الْأَمْرِ بِالِاجْتِنَابِ اهـ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ جَارِيَةٌ عَلَى الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ وَالرِّجْسُ فِيهِ هُوَ النَّجَسُ
وَأَمَّا النَّبِيذُ فَقِيَاسًا عَلَى الْخَمْرِ بِجَامِعِ الْإِسْكَارِ بِمَائِعٍ وَخَرَجَ بِالْمُسْكِرِ الْبَنْجُ وَالْحَشِيشَةُ فَإِنَّهُمَا مُخَدِّرَانِ لَا مُسْكِرَانِ كَذَا جَزَمَ بِهِ جَمْعٌ مِنْ شُرَّاحِ الْحَاوِي لَكِنْ قَيَّدَ الْمِنْهَاجُ الْمُسْكِرَ بِالْمَائِعِ قَالَ فِي دَقَائِقِهِ: لِيُخْرِجَ الْبَنْجُ وَالْحَشِيشَةُ الْمُسْكِرَانِ فَإِنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ لَيْسَ بِنَجَسٍ وَصَرَّحَ فِي مَجْمُوعِهِ أَيْضًا بِأَنَّهُمَا مُسْكِرَانِ لَكِنْ اعْتَرَضَهُ النَّشَائِيُّ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ أَنَّ الْمُسْكِرَ شَامِلٌ لِلْمَائِعِ وَالْجَامِدِ: وَتَقْيِيدُ الْمِنْهَاجِ بِالْمَائِعِ لَا وَجْهَ لَهُ فَإِنَّ مَا اُحْتُرِزَ عَنْهُ وَهُوَ النَّبَاتُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ كَالْبَنْجِ وَالْحَشِيشِ خَرَجَ بِقَوْلِهِمْ الْمُسْكِرِ فَإِنَّهُ مُخَدِّرٌ لَا مُسْكِرٌ عُرْفًا قَالَ: وَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْخَمْرَةُ الْمُنْعَقِدَةُ فَإِنَّهَا جَامِدَةٌ وَهِيَ نَجِسَةٌ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ أَيْضًا الْحَشِيشَةَ الْمُذَابَةَ، وَرُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْخَمْرَةَ الْمُنْعَقِدَةَ مَائِعَةٌ فِي الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْحَشِيشَةِ الْمُذَابَةِ (وَالْكَلْبُ) وَلَوْ مُعَلَّمًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ ثُمَّ لِيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْمَاءَ لَوْ لَمْ يَكُنْ نَجِسًا لَمَا أَمَرَ بِإِرَاقَتِهِ لِمَا فِيهَا مِنْ إتْلَافِ الْمَالِ الْمَنْهِيِّ عَنْ إضَاعَتِهِ وَأَنَّ الطَّهَارَةَ إمَّا عَنْ حَدَثٍ أَوْ نَجَسٍ وَلَا حَدَثَ عَلَى الْإِنَاءِ فَتَعَيَّنَتْ طَهَارَةُ النَّجَسِ فَثَبَتَ نَجَاسَةُ فَمِهِ وَهُوَ أَطْيَبُ أَجْزَائِهِ بَلْ هُوَ أَطْيَبُ الْحَيَوَانِ نَكْهَةً لِكَثْرَةِ مَا يَلْهَثُ فَبَقِيَّتُهَا أَوْلَى وَإِرَاقَةُ مَا وَلَغَ فِيهِ وَاجِبَةٌ إنْ أُرِيدَ اسْتِعْمَالُ الْإِنَاءِ وَإِلَّا فَمُسْتَحَبَّةٌ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ إلَّا الْخَمْرَ غَيْرَ الْمُحْتَرَمَةِ فَيَجِبُ إرَاقَتُهَا لِطَلَبِ النَّفْسِ تَنَاوُلَهَا.
(وَالْخِنْزِيرُ) لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْكَلْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَنَى بِحَالٍ وَلِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَى قَتْلِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فِيهِ وَمَنْصُوصٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَلَيْسَ لَنَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ وَاحْتَرَزُوا بِقَوْلِهِمْ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فِيهِ عَنْ الْحَيَّةِ وَسَائِرِ الْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ وَإِنْ كَانَتْ مَنْدُوبًا إلَى قَتْلِهَا لَكِنْ لِضَرَرِهَا وَاسْتَدَلَّ الْمَاوَرْدِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] قَالَ: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِلَحْمِهِ جُمْلَتُهُ مَجَازًا لِدُخُولِ لَحْمِهِ فِي الْمَيْتَةِ وَالْإِضَافَةُ فِيهِ لِلْبَيَانِ كَشَجَرِ أَرَاكٍ وَقَدْ يُقَالُ لَا دَلَالَةَ ظَاهِرَةٌ فِيهِ بِمِثْلِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ النَّوَوِيِّ فِي آيَةِ الْخَمْرِ وَيُجَابُ بِمَا مَرَّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَمَا زَادَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (عِنْدَ الْأَكْثَرِ)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ إلَخْ) إنَّمَا يَتِمُّ هَذَا الْجَوَابُ إنْ سَلِمَ أَنَّ الرِّجْسَ لَا يُطْلَقُ شَرْعًا حَقِيقَةً إلَّا عَلَى النَّجَسِ. (قَوْلُهُ: جَارِيَةٌ عَلَى إلَخْ) لَكِنْ يُضَعِّفُ الْجَرَيَانَ عَلَيْهِ هَاهُنَا قَرِينَتُهَا بِمَا لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ لَا سِيَّمَا وَهُوَ أَكْثَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُ الْمِنْهَاجِ بِالْمَائِعِ) لَعَلَّ النَّوَوِيَّ يَمْنَعُ اشْتِرَاطَ الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ فِي الْإِسْكَارِ. (قَوْلُهُ: الْمُذَابَةَ) إذَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَجَسٍ) وَالتَّعَبُّدُ خِلَافُ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَزَادَ غَيْرُهُ أَوْ تَكْرُمَةٍ أَيْ: وَلَا تَكْرُمَةً لِلْإِنَاءِ. (قَوْلُهُ: لِطَلَبِ النَّفْسِ تَنَاوُلَهَا) هَذَا مَوْجُودٌ فِي الْمُحْتَرَمَةِ فَيُزَادُ لِإِخْرَاجِهَا مِنْ غَيْرِ دَاعٍ لِبَقَائِهَا. (قَوْلُهُ: لَا يُقْتَنَى بِحَالٍ) أَيْ: مَعَ قَبُولِهِ الِاقْتِنَاءَ لِئَلَّا يُنْتَقَضَ بِالْحَشَرَاتِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
كَانَ قَصَدَ الْأَقَلَّ وَلَوْ تَغَيَّرَ الْقَصْدُ تَغَيَّرَ الْحُكْمُ سَوَاءٌ قَبْلَ التَّخَمُّرِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَنْصَابُ) جَمْعُ نُصُبٍ كَعُنُقٍ وَأَعْنَاقٍ مَا نُصِبَ لِيُعْبَدَ وَالْأَزْلَامُ جَمْعُ زَلَمٍ كَسَبَبٍ وَأَسْبَابٍ سِهَامٌ كَانُوا يَتَقَسَّمُونَ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. (قَوْلُهُ: خَرَجَتْ الثَّلَاثَةُ) أَيْ: مِنْ الرِّجْسِ بِمَعْنَى النَّجَسِ إلَى الرِّجْسِ بِمَعْنَى مَا التَّبَاعُدُ عَنْهُ كَالتَّبَاعُدِ مِنْ الرِّجْسِ. (قَوْلُهُ: وَلَا دَلَالَةَ ظَاهِرَةٌ) يُفِيدُ أَنَّ هُنَاكَ دَلَالَةً خَفِيَّةً بِأَنْ يُرَادَ بِالرِّجْسِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَمْرِ لِعَدَمِ الصَّارِفِ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَمَعْنَاهُ الْمَجَازِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ وَهُوَ الْإِجْمَاعُ اهـ.
(قَوْلُهُ: الْبَنْجُ) وَالْحَشِيشَةُ مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ تَكْدِيرٌ وَتَغْطِيَةٌ لِلْعَقْلِ فَهُوَ طَاهِرٌ وَإِنْ حَرُمَ تَنَاوُلُهُ لِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَمِنْهُ الدُّخَانُ الْمَشْهُورُ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَفْتَحُ مَجَارِيَ الْبَدَنِ وَيُهَيِّئُهَا لِقَبُولِ الْمَوَادِّ الْمُضِرَّةِ وَلِذَلِكَ يَنْشَأُ عَنْهُ التَّرَهُّلُ وَالتَّنَافِيسُ وَنَحْوُهَا وَرُبَّمَا أَدَّى إلَى الْعَمَى كَمَا هُوَ مَحْسُوسٌ مُشَاهَدٌ وَقَدْ أَخْبَرَ مَنْ يُوثَقُ بِهِ أَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْهُ دَوَرَانُ الرَّأْسِ أَيْضًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا أَعْظَمُ ضَرَرًا مِنْ الْمَكْمُورِ الَّذِي حَرَّمَ الزَّرْكَشِيُّ أَكْلَهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: إمَّا عَنْ حَدَثٍ) أَيْ: أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ كَالْمَوْتِ فَلَا تَرِدُ طَهَارَةُ الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ: وَالْخِنْزِيرُ) وَزْنُهُ فِعْلِيلٌ لِأَصَالَةِ نُونِهِ كَمَا فِي الْإِيعَابِ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَخْ) إنْ لَمْ يَكُنْ عَقُورًا وَإِلَّا وَجَبَ قَتْلُهُ عُبَابٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ) أَيْ: فِي النَّصِّ عَلَى تَحْرِيمِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَنَا دَلِيلٌ) أَيْ: غَيْرُ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: لَا دَلَالَةَ ظَاهِرَةٌ) وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ وَلَيْسَ لَنَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِمِثْلِ مَا تَقَدَّمَ) وَهُوَ أَنَّ الرِّجْسَ لُغَةً الْقَذَرُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ النَّجَاسَةُ وَمَا تَقَدَّمَ هُوَ أَنَّ الرِّجْسَ فِي الشَّرْعِ النَّجَسُ اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ) وَإِشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ رَاجِعٌ لَهُمَا خِلَافًا لِلْعِرَاقِيِّ حَيْثُ أَرْجَعَهُ إلَى الْأَخِيرِ فَقَطْ وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ صَرِيحٌ فِيمَا قَالَهُ الشَّارِحُ حَيْثُ قَالَ: فَرْعٌ قَدَّمْنَا فِي شَعْرِ مَيْتَةِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ خِلَافَ الصَّحِيحِ أَنَّهُ نَجِسٌ وَهَذَا فِيمَا سِوَى الْكَلْبِ
فَعُلِمَ أَنَّ الْأَقَلَّ قَائِلٌ بِطَهَارَتِهِمَا كَالذِّئْبِ وَالْأَسَدِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ قَالَ: وَإِنَّمَا وَجَبَ غَسْلُ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ تَعَبُّدًا (وَمَيْتَةٌ) وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] وَتَحْرِيمُ مَا لَيْسَ بِمُحْتَرَمٍ وَلَا مُسْتَقْذَرٍ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَتِهِ وَالْمَيْتَةُ مَا زَالَتْ حَيَاتُهُ لَا بِذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ (مَعَ الْعِظَامِ وَالشَّعَرْ) لِلْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا تَحِلُّهُ الْحَيَاةُ وَلِأَنَّ الْعَظْمَ جُزْءُ النَّجَسِ، وَالشَّعْرَ جُزْءٌ مُتَّصِلٌ بِالْحَيَوَانِ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ فَكَانَ كَالْأَعْضَاءِ وَكَالْعَظْمِ الظِّلْفُ وَالظُّفْرُ وَالْحَافِرُ وَالْقَرْنُ وَكَالشَّعَرِ الْوَبَرُ وَالصُّوفُ وَالرِّيشُ.
(وَ) مَعَ (الْفَرْعِ) لِكُلٍّ مِنْ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ مَعَ الْآخَرِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ وَتَغْلِيبًا لِلنَّجَاسَةِ وَعَلَّلَهُ فِي الْمُهَذَّبِ بِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ نَجَاسَةٍ فَكَانَ مِثْلَهَا قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَلَا يُنْتَقَضُ بِالدُّودِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْهَا؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ أَنَّهُ خُلِقَ مِنْ نَفْسِهَا وَإِنَّمَا تَوَلَّدَ فِيهَا كَدُودِ الْخَلِّ لَا يُخْلَقُ مِنْ نَفْسِ الْخَلِّ بَلْ يَتَوَلَّدُ فِيهِ. قَالَ: وَلَوْ ارْتَضَعَ جَدْيٌ كَلْبَةً أَوْ خِنْزِيرَةً فَنَبَتَ لَحْمُهُ عَلَى لَبَنِهَا لَمْ يَنْجُسْ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَمَّا كَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَيْتَةَ لَا فَرْعَ لَهَا أَطْلَقَهُ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ.
(قَاعِدَةٌ) الْفَرْعُ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي النَّسَبِ وَالْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَأَشْرَفَهُمَا فِي الدِّينِ وَإِيجَابِ الْبَدَلِ وَتَقْرِيرِ الْجِزْيَةِ وَأَخَفَّهُمَا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَأَخَسَّهُمَا فِي النَّجَاسَةِ وَتَحْرِيمِ الذَّبِيحَةِ وَالْمُنَاكَحَةِ
(لَا) مَيْتَةٌ (مَأْكُولَةٌ) مِنْ سَمَكٍ وَجَرَادٍ وَجَنِينٍ مُذَكَّاةٌ وَصَيْدٍ لَمْ تُدْرَكْ ذَكَاتُهُ وَبَعِيرٍ نَادٍّ مَاتَ بِالسَّهْمِ فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96] وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْبَحْرِ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلَا ضَرَرَ فِيهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: الِاسْتِدْلَال عَلَى نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ بِالْإِجْمَاعِ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ ضَرَرًا. (قَوْلُهُ: تَحِلُّهُ الْحَيَاةُ) وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تَحِلُّ الْعَظْمَ قَوْله تَعَالَى {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78] وَلَا يُقَالُ الْمُرَادُ حَيَاةُ أَصْحَابِهَا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَوَلَّدَ فِيهَا) إنْ أَرَادَ مَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ أَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ عُفُونَاتٍ تَحْصُلُ فَلَكَ أَنْ تَقُولَ: لَا يَتِمُّ إلَّا إنْ سَلِمَ أَنَّ الْعُفُونَاتِ لَيْسَتْ مُتَوَلِّدَةً مِنْ نَفْسِ الْمَيْتَةِ بِرّ قَدْ يُقَالُ: يَكْفِي تَسْلِيمُ عَدَمِ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا مِنْ نَفْسِ الْمَيْتَةِ. (قَوْلُهُ: لَا فَرْعَ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِفَرْعِ الْمَيْتَةِ جَنِينٌ وُجِدَ فِي بَطْنِهَا مَيِّتًا وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِ الْمَيْتَةِ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَطْلَقَهُ النَّاظِمُ) أَيْ: لَمْ يُبَالِ بِإِطْلَاقِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْأُمَّ فِي الرِّقِّ) قَدْ يَشْمَلُ بِإِطْلَاقِهِ الْمَوْطُوءَةَ بِالْمِلْكِ مَعَ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَتْبَعُهَا فِي الرِّقِّ.
ــ
[حاشية الشربيني]
وَالْخِنْزِيرِ وَالْمُتَوَلِّدِ مِنْ أَحَدِهِمَا أَمَّا شُعُورُ هَذِهِ فَقَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ بِنَجَاسَتِهَا وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ: إذَا قُلْنَا بِطَهَارَةِ غَيْرِهَا فَفِيهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا الطَّهَارَةُ وَأَصَحُّهُمَا النَّجَاسَةُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْوَجْهَانِ جَارِيَانِ فِي حَالَتَيْ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمُهَا) خِلَافًا لِلْقَفَّالِ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي قَوْلِهِمْ بِطَهَارَتِهَا لِعَدَمِ الدَّمِ الْمُتَعَفِّنِ إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا مُسْتَقْذَرٍ) أَيْ: عُرْفًا وَإِنْ كَانَ مُسْتَقْذَرًا شَرْعًا اهـ. (قَوْلُهُ: مَعَ الْعِظَامِ) مِنْهَا السِّنُّ خِلَافًا لِلْعِرَاقِيِّ حَيْثُ جَعَلَهُ فِي مَعْنَى الْعَظْمِ وَرَدَّ عَلَيْهِ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ وَرَدَ فِي حَدِيثِ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوهُ لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ» إلَى أَنْ قَالَ «أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ» إلَخْ إطْلَاقُ الْعَظْمِ عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْمَيْتَةُ) فِي عَظْمِهَا وَشَعْرِهَا خِلَافٌ عِنْدَنَا وَهُوَ فِي الْعَظْمِ قَوِيٌّ رَاجِعْ الْإِيعَابَ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: الظِّلْفُ) لِلْبَقَرِ وَالشَّاءِ وَالظَّبْيِ، وَالْحَافِرُ لِلْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَمَا لِلْإِبِلِ خُفٌّ وَالْوَبَرُ لِلْإِبِلِ وَالصُّوفُ لِلْغَنَمِ وَالرِّيشُ لِلطَّيْرِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَعَ الْفَرْعِ) قَالَ م ر إلَّا إنْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ وَلَوْ نِصْفَهُ الْأَعْلَى فَلَهُ جَمِيعُ أَحْكَامِهِ فَلَوْ كَانَ أُنْثَى حَلَّ نِكَاحُهَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ هَذَا فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ آدَمِيٍّ وَكَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَمَّا الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ مُغَلَّظَيْنِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ اتِّفَاقًا لَكِنْ يُعْفَى عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ وَالْقِيَاسُ تَكْلِيفُهُ إنْ كَانَ نَاطِقًا عَاقِلًا وَانْظُرْ هَلْ يَجُوزُ تَسَرِّيهِ إنْ خَافَ الْعَنَتَ كَمَا قَالَ بِهِ حَجَرٌ فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ كَلْبٍ مَثَلًا وَآدَمِيٍّ بِنَاءً عَلَى الْحُكْمِ بِنَجَاسَتِهِ وَمَاذَا يُفْعَلُ إنْ كَانَ أُنْثَى وَخَافَتْ الْعَنَتَ؟ قَالَ ع ش يَجِبُ عَلَيْهَا الصَّبْرُ اهـ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ وَاسْتَدَلَّ م ر عَلَى طَهَارَةِ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ آدَمِيٍّ وَكَلْبٍ بِإِطْلَاقِهِمْ طَهَارَةَ الْآدَمِيِّ وَهَذَا يَشْمَلُ مَا تَوَلَّدَ بَيْنَ كَلْبَيْنِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ نَجَاسَةٍ) إمَّا أَصَالَةً أَوْ لِلتَّرْكِيبِ مِنْ نَجِسٍ وَطَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَكَّبَ مِنْهُمَا نَجِسٌ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَوَلَّدَ) أَيْ: مِنْ بُخَارِهَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْجُسْ عَلَى الْأَصَحِّ) مِثْلُهُ الزَّرْعُ النَّابِتُ فِي النَّجَاسَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: يَتْبَعُ الْأَبَ فِي النَّسَبِ) أَيْ: عِنْدَ وُجُودِ الْأُبُوَّةِ يَتْبَعُ فِيهِ أَمَّا لَوْ وَطِئَ آدَمِيٌّ كَلْبَةً أَوْ غَيْرَهَا فَلَا أُبُوَّةَ وَلَا نَسَبَ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ حِلُّ الْوَطْءِ أَوْ اقْتِرَانُهُ بِشُبْهَةٍ. اهـ. ز ي بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَأَشْرَفَهُمَا فِي الدِّينِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُتَوَلِّدَ بَيْنَ كِتَابِيَّةٍ وَمَجُوسِيٍّ مَثَلًا كِتَابِيٌّ وَلَا يُنَافِيهِ تَحْرِيمُ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَهُمَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ احْتِيَاطًا لِلنِّكَاحِ مَعَ كَوْنِهَا كِتَابِيَّةً فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا كِتَابِيَّةً حِلُّ الْمُنَاكَحَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَإِيجَابِ الْبَدَلِ) أَيْ: فِي مُتَوَلِّدٍ بَيْنَ وَحْشِيٍّ وَأَهْلِيِّ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ أَوْ قُتِلَ فِي الْحَرَمِ وَيَتْبَعُ أَغْلَظَهُمَا جَزَاءً إذَا كَانَا وَحْشِيَّيْنِ. (قَوْلُهُ: وَأَخَسَّهُمَا) أَيْ: إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ م ر وز ي. (قَوْلُهُ: وَأَخَسَّهُمَا فِي النَّجَاسَةِ) لَا يُسَلِّمُهُ م ر وز ي بَلْ قَالَا: إنَّ الْمُتَوَلِّدَ بَيْنَ آدَمِيٍّ وَمُغَلَّظٍ طَاهِرُ الْعَيْنِ اهـ ثُمَّ رَأَيْت ز ي قَالَ: إنَّ الْقَاعِدَةَ أَغْلَبِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَتَحْرِيمِ الذَّبِيحَةِ) وَعَدَمِ جَوَازِ الْأُضْحِيَّةِ بِهِ
(قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِهِ إلَخْ) أَتَى بِهِ لِبَيَانِ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ حِلُّ صَيْدِهِ عَلَى تَذْكِيَةٍ
وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأْكُلُ مَعَهُ الْجَرَادَ» وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ» وَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ بَلْ رَفَعَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ لَكِنْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَلِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَرْسَلْت كَلْبَك وَسَمَّيْت وَأَمْسَكَ وَقَتَلَ فَكُلْ وَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ»
وَفِيهِمَا أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ «أَنَّ بَعِيرًا نَدَّ فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا» عَلَى أَنَّ الْجَنِينَ وَالصَّيْدَ وَالْبَعِيرَ لَيْسَتْ مَيِّتَةً بَلْ جَعَلَ الشَّارِعُ هَذَا ذَكَاتَهَا وَلِهَذَا صَرَّحَ فِي خَبَرِ الْجَنِينِ بِأَنَّهُ مُذَكًّى وَإِنْ لَمْ تُبَاشِرْهُ السِّكِّينُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَا) مَيِّتٌ (بَشَرْ) وَلَوْ كَافِرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] وَقَضِيَّةُ تَكْرِيمِهِمْ أَنْ لَا يُحْكَمَ بِنَجَاسَتِهِمْ بِالْمَوْتِ وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ «لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا» وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نَجِسًا لَمَا أَمَرَ بِغُسْلِهِ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ لَا يُقَالُ وَلَوْ كَانَ طَاهِرًا لَمَا أَمَرَ بِغُسْلِهِ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الطَّاهِرَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ غَسْلُ الطَّاهِرِ مَعْهُودٌ فِي الْحَدَثِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ النَّجَسِ عَلَى أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ تَكْرِيمُهُ وَإِزَالَةُ الْأَوْسَاخِ عَنْهُ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] فَالْمُرَادُ بِهِ نَجَاسَةُ الِاعْتِقَادِ أَوْ اجْتِنَابُهُمْ كَالنَّجَسِ لَا نَجَاسَتُهُ الْأَبَدَانِ وَلِهَذَا «رَبَطَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْأَسِيرَ الْكَافِرَ فِي الْمَسْجِدِ» وَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى طَعَامَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَعَطَفَ النَّاظِمُ عَلَى كُلِّ مُسْكِرٍ قَوْلُهُ (وَفَضْلَةٌ) لِلْحَيَوَانِ (كَمَاءِ قُرْحٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّهَا أَيْ: جُرْحٍ؛ لِأَنَّهُ دَمٌ مُسْتَحِيلٍ (وَدَمِ) وَلَوْ لِسَمَكٍ وَجَرَادٍ وَمُتَحَلِّبًا مِنْ كَبِدٍ وَطِحَالٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145] أَيْ: سَائِلًا وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ «فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَوْلُ الثَّعْلَبِيِّ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَكَثِيرٍ مِنْ التَّابِعِينَ: لَا بَأْسَ بِالدَّمِ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ وَعِظَامِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى طَهَارَتِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَخَرَجَ بِالْمَسْفُوحِ فِي الْآيَةِ الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ وَالتَّصْرِيحُ بِالدَّمِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ.
(وَ) مَاءٍ (نَافِطٍ) لِمَا مَرَّ فِي مَاءِ الْقُرْحِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ فِيهِمَا مَا لَا رِيحَ لَهُ مِنْهُمَا وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ لِتَحَلُّلِهِ بِعِلَّةٍ كَالْقَيْحِ، وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ طَهَارَتَهُ كَالْعَرَقِ " وَنَافِطٍ " اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ نَفِطَ بِكَسْرِ الْفَاءِ نَفَطًا بِفَتْحِهَا وَنَفِيطًا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَمِرَّةٍ) وَهِيَ مَا فِي الْمَرَارَةِ وَجِرَّةٍ وَقَيْءٍ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَبَوْلٍ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: مَا لَا رِيحَ لَهُ) قَالَ الْكَمَالُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ التَّغَيُّرَ كَالْمَجْمُوعِ أَنَّ تَغَيُّرَ اللَّوْنِ كَتَغَيُّرِ الرِّيحِ وَهُوَ الْقِيَاسُ إلَّا أَنَّ الْمُتَعَارَفَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِتَغَيُّرِ الرِّيحِ اهـ. فَلْيُنْظَرْ عَلَى مَا بَحَثَهُ مَا هُوَ اللَّوْنُ الْمُعْتَبَرُ لَهُ حَتَّى يُعْرَفَ تَغَيُّرُهُ؟ . (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا فِي الْمَرَارَةِ) أَمَّا الْمَرَارَةُ نَفْسُهَا فَالْوَجْهُ طَهَارَتُهَا وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) هَلْ يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي أَنَّ مُلَاقَاةَ النَّجَاسَةِ فِي الْبَاطِنِ لَا تُنَجِّسُ إلَّا أَنْ يُخَصَّ بِمَا إذَا كَانَ الْمُتَلَاقِيَانِ بَاطِنَيْنِ وَقَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَيْءَ مُسْتَحِيلٌ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَوْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَغَيُّرٍ لَكِنْ قَدْ لَا يَظْهَرُ وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ إذْ لَوْ كَانَتْ نَجَاسَتُهُ لِمُلَاقَاةِ النَّجَسِ لَمْ يَكُنْ نَجِسَ الْعَيْنِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: أَبِي أَوْفَى) اسْمُهُ عَلْقَمَةُ بْنُ خَالِدٍ. (قَوْلُهُ: أَوَابِدَ) فِي الْقَامُوسِ وَالْأَوَابِدُ الْوُحُوشُ. (قَوْلُهُ: بَشَرٌ) قَالَ زي مِثْلُهُ الْمَلَكُ وَالْجِنُّ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ: كَمَا أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ نَجِسِ الْعَيْنِ لَمْ يُؤْمَرْ بِغَسْلِهِ بِخِلَافِ طَاهِرِ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ عُهِدَ غَسْلُهُ كَالْجُنُبِ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ طَاهِرًا مَا أُمِرَ بِغَسْلِهِ وَلَعَلَّ مُرَادَ الْحَنَفِيَّةِ بِنَجَاسَتِهِ تَنَجُّسُهُ بِالْمَوْتِ إذْ نَجِسُ الْعَيْنِ لَا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ مَعَ أَنَّهُمْ قَائِلُونَ بِطَهَارَتِهِ بِهِ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ قَوْلٌ مَنْصُوصٌ بِنَجَاسَتِهِ وَقِيلَ إنَّهُ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ عَلَى نَجَاسَةِ مَا انْفَصَلَ مِنْ أَجْزَائِهِ شَرْحُ عُبَابٍ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النَّجِسِ) أَيْ: لَمْ يُعْهَدْ غَسْلُهُ لِإِزَالَةِ نَجَاسَتِهِ أَمَّا لَوْ طَرَأَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ كَأَنْ بَالَ كَلْبٌ فِي إنَاءٍ مِنْ عَاجٍ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ بِغَسْلِهِ سَبْعًا مِنْ النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ الشَّارِحُ. اهـ. ع ش مُخَالِفًا لسم. (قَوْلُهُ: نَجَاسَةُ الِاعْتِقَادِ) أَيْ: فَسَادُهُ وَعَدَمُ رِضَا اللَّهِ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ اجْتِنَابُهُمْ كَالنَّجَسِ) أَيْ: وَاجِبٌ كَمَا يَجِبُ اجْتِنَابُ النَّجَسِ. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا رَبَطَ إلَخْ) أَيْ: وَلَا يَجُوزُ إدْخَالُ النَّجَاسَةِ الْمَسْجِدَ بِلَا ضَرُورَةٍ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِسَمَكٍ إلَخْ) فِي الْمَجْمُوعِ فِي دَمِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ وَالْمُتَحَلِّبِ مِنْ نَحْوِ كَبِدٍ خِلَافٌ لِأَصْحَابِنَا اهـ فَقَوْلُهُ: وَلَوْ لِسَمَكٍ إلَخْ لِلرَّدِّ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُرِيدَ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ. (قَوْلُهُ: مَعْفُوٌّ عَنْهُ) أَيْ: إنْ لَمْ يَخْتَلِطْ بِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ مَاءِ الطَّبْخِ. (قَوْلُهُ: الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ) قَالَ ز ي وَالْعَلَقَةُ وَالْمِسْكُ وَلَوْ مِنْ مَيْتَةٍ إنْ تَجَسَّدَ وَانْعَقَدَ وَإِلَّا فَهُوَ نَجَسٌ تَبَعًا لَهَا وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ اهـ وَوَافَقَهُ م ر فِي الِاعْتِمَادِ كَمَا فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ) مُعْتَمَدٌ م ر. (قَوْلُهُ: مَا فِي الْمَرَارَةِ) أَمَّا الْمَرَارَةُ فَطَاهِرَةٌ مُتَنَجِّسَةٌ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ نَجِسَةٌ إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: وَقَيْءٌ) هُوَ الْخَارِجُ بَعْدَ وُصُولِهِ لِلْمَعِدَةِ أَمَّا قَبْلَ
وَغَائِطٍ وَمَذْيٍ وَوَدْيٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَهُ اسْتِحَالَةٌ فِي الْبَاطِن فَكُلُّهَا نَجِسَةٌ بَعْضُهَا بِالنَّصِّ كَالْبَوْلِ بِالْأَمْرِ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ الْمُتَقَدِّمِ أَوَّلَ الطَّهَارَةِ وَكَالْمَذْيِ بِالْأَمْرِ بِغَسْلِ الذَّكَرِ مِنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَبَعْضُهَا بِالْإِجْمَاعِ كَالْوَدْيِ وَالْغَائِطِ وَالْقَيْحِ وَبَعْضُهَا بِالْقِيَاسِ كَالْمِرَّةِ وَأَمَّا «أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ الْعُرَنِيِّينَ بِشُرْبِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ» فَلِلتَّدَاوِي وَهُوَ جَائِزٌ بِالنَّجَاسَاتِ غَيْرِ الْخَمْرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ وَأَمَّا خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ «كَانَتْ الْكِلَابُ تَبُولُ وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ» فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْغَسْلِ مِنْ وُلُوغِ الْكِلَابِ وَبِأَنَّ بَوْلَهَا خَفِيَ مَكَانُهُ فَمَنْ تَيَقَّنَهُ لَزِمَهُ غَسْلُهُ وَبِأَنَّهَا كَانَتْ تَبُولُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِد وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِيهِ.
وَلَوْ أَكَلَتْ بَهِيمَةٌ حَبًّا ثُمَّ أَلْقَتْهُ صَحِيحًا بِحَيْثُ لَوْ زُرِعَ نَبَتَ فَطَاهِرُ الْعَيْنِ كَدُودٍ خَرَجَ مِنْ فَرْجٍ وَإِلَّا فَنَجِسَةٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالْمَاءُ السَّائِلُ مِنْ فَمِ النَّائِمِ إنْ كَانَ مِنْ مَعِدَتِهِ كَأَنْ خَرَجَ مُنْتِنًا بِصُفْرَةٍ فَنَجِسٌ أَوْ مِنْ اللَّهَوَاتِ كَأَنْ انْقَطَعَ عِنْدَ طُولِ النَّوْمِ فَطَاهِرٌ وَكَذَا إنْ شَكَّ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ الْعَفْوُ عَمَّنْ عَمَّتْ بَلْوَاهُ بِهِ كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ قَالَ: وَسَأَلْت الْأَطِبَّاءَ عَنْهُ فَأَنْكَرُوا كَوْنَهُ مِنْ الْمَعِدَةِ وَشَمِلَتْ الْفَضْلَةُ فَضْلَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْجُمْهُورِ وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالنَّوَوِيُّ فِي التَّحْقِيقِ وَحَمَلُوا الْأَخْبَارَ الَّتِي يَدُلُّ ظَاهِرُهَا لِلطَّهَارَةِ كَعَدَمِ إنْكَارِهِ صلى الله عليه وسلم شُرْبَ أُمِّ أَيْمَنَ بَوْلَهُ عَلَى التَّدَاوِي لَكِنْ جَزَمَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِطَهَارَتِهَا وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الْعِمْرَانِيُّ عَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ.
وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ وَأَلْقَى اللَّهَ بِهِ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ: وَيَنْبَغِي طَرْدُهُ فِي سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ ثُمَّ عَطَفَ النَّاظِمُ عَلَى مَاءِ قُرْحٍ قَوْلَهُ (لَا بَلْغَمِ) وَهُوَ النَّازِلُ مِنْ الدِّمَاغِ (وَلَا نُخَامَةٍ) وَهِيَ الْخَارِجُ مِنْ الصَّدْرِ دُونَ الْمَعِدَةِ (وَلَا مَا رَشْحَهْ) بِهَاءِ السَّكْتِ عَلَى رَأْيِ مَنْ أَجَازَهَا فِي الْمَاضِي أَيْ: وَلَا مَا غَلَبَ خُرُوجُهُ بِهَيْئَةِ التَّرْشِيحِ كَعَرَقٍ وَلُعَابٍ وَدَمْعٍ فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ إذَا كَانَتْ (مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ) وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَحَيَوَانِهَا وَلِمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَكِبَ فَرَسًا مُعْرَوْرًى وَرَكَضَهُ فَلَمْ يَجْتَنِبْ عَرَقَهُ» وَيُقَاسُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: غَيْرَ الْخَمْرِ) أَيْ: الصِّرْفِ. (قَوْلُهُ: فَمَنْ تَيَقَّنَهُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ نَجَاسَةَ بَعْضِ الْمَسْجِدِ وَاشْتَبَهَ لَا يَجِبُ غَسْلُ شَيْءٍ مِنْهُ إلَّا إنْ عَلِمَ نَجَاسَةَ مَحَلٍّ بِعَيْنِهِ. (قَوْلُهُ: مُنْتِنًا بِصُفْرَةٍ) كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ اللَّهَوَاتِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَّا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا أَيْ: الْمَعِدَةِ أَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ مِنْهَا أَوْ لَا فَإِنَّهُ طَاهِرٌ وَقِيلَ: إنْ كَانَ مُتَغَيِّرًا فَنَجِسٌ وَإِلَّا فَطَاهِرٌ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الطَّاهِرَ قَدْ يَكُونُ مُتَغَيِّرًا وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: كَأَنْ خَرَجَ مُنْتِنًا بِصُفْرَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا تَغَيُّرٌ مَخْصُوصٌ ثُمَّ قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا. يَشْمَلُ مَا كَانَ مِنْ نَحْوِ الصَّدْرِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْخَارِجُ مِنْ الصَّدْرِ) هَلْ الْحُكْمُ بِطَهَارَتِهَا مُخْتَصٌّ بِهَا لِشِدَّةِ الِابْتِلَاءِ فَلَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهَا حَتَّى لَوْ رَجَعَ نَحْوُ الطَّعَامِ مِنْ الصَّدْرِ كَانَ قَيْئًا نَجِسَ الْعَيْنِ أَوْ لَا فَيُحْكَمُ بِطَهَارَةِ مَا رَجَعَ مِنْ الصَّدْرِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَكَلَامٌ لِلنَّاسِ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَهَامِشِهِ فَرَاجِعْهُ.
ــ
[حاشية الشربيني]
وُصُولِهَا وَلَوْ جَاوَزَ الْحُلْقُومَ وَوَصَلَ إلَى الصَّدْرِ فَطَاهِرٌ وَلَوْ كَانَ مَاءً. اهـ. حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَأَيَّدَهُ بِنَقْلِهِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ مَا يُوَافِقُهُ وَمَشَى عَلَيْهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَقَالَ م ر مَتَى جَاوَزَ مَخْرَجَ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَرَجَعَ فَهُوَ قَيْءٌ نَجِسٌ وَالْبَلْغَمُ الْخَارِجُ مِنْ الصَّدْرِ طَاهِرٌ وَلَوْ تَنَاوَلَ نَجَاسَةً وَغُسِلَ حَدُّ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْبَاطِنِ لَا يَنْجَسُ اهـ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ ع ش وَوَجْهُ طَهَارَةِ الْبَلْغَمِ حِينَئِذٍ الِابْتِلَاءُ بِهِ وَلِأَنَّ مُلَاقَاةَ الْبَاطِنِ لِبَاطِنٍ مِثْلِهِ لَا تُؤَثِّرُ وَإِنْ خَرَجَ كَمَا قَالُوهُ فِي الْمَنِيِّ يُلَاقِي الْبَوْلَ وَإِنْ اخْتَلَفَ مَخْرَجُهُمَا قُبَيْلَ رَأْسِ الذَّكَرِ. اهـ. حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ لَكِنَّ النَّجَاسَةَ الطَّارِئَةَ الَّتِي تَنَاوَلَهَا هَلْ يُقَالُ لَهَا بَاطِنٌ؟ حُرِّرَ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الْإِيعَابِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ: النَّجَاسَةُ مَا دَامَتْ فِي الْبَاطِنِ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِحُكْمِ النَّجَاسَةِ فِي إبْطَالِ الصَّلَاةِ وَكَذَا لَا حُكْمَ لَهَا فِي تَنَجُّسِ مَا لَاقَتْهُ وَمَا لَاقَاهَا مِنْ نَجَاسَةٍ هِيَ أَغْلَظُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَذْيٌ) وَالْوَاجِبُ غَسْلُ مَا أَصَابَهُ لَا جَمِيعَ الذَّكَرِ خِلَافًا لِمَالِكٍ اهـ. (قَوْلُهُ: كَالْبَوْلِ) وَلَوْ مِنْ مَأْكُولٍ خِلَافًا لِلْإِصْطَخْرِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا حَيْثُ قَالَ بِطَهَارَةِ بَوْلِ الْمَأْكُولِ وَرَوْثِهِ وَاخْتَارَهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ. اهـ. إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: جَائِزٌ بِالنَّجَاسَاتِ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهَا مَقَامَهَا بِخِلَافِ الْخَمْرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهَا مَقَامَهَا نَعَمْ يَجُوزُ إسَاغَةُ الْغُصَّةِ بِهَا إنْ تَعَيَّنَتْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ بَوْلَ غَيْرِ الْآدَمِيِّ الَّذِي مِنْهُ بَوْلُ الْكَلْبِ مَقِيسٌ عَلَى بَوْلِ الْآدَمِيِّ الْوَارِدِ فِيهِ النَّصُّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لَكِنْ وَرَدَ النَّصُّ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ فِي بَوْلِ الْكَلْبِ وَهُوَ خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ وَالنَّصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقِيَاسِ اهـ. (قَوْلُهُ: خَفِيَ مَكَانُهُ) مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى الْكَوْنِ أَيْ: خَفِيَ وُجُودُهُ وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ وَقَالَ بِهِ سم اهـ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ خَرَجَ مُنْتِنًا بِصُفْرَةٍ فَنَجِسٌ) قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ مَعَ النَّتِنِ وَالصُّفْرَةِ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ مِنْ الْمَعِدَةِ ع ش.
(قَوْلُهُ: الْعَفْوُ) أَيْ: وَإِنْ كَثُرَ لَكِنْ لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ حَيْثُ كَانَ مَسُّهُ بِلَا حَاجَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرِبَ مِنْ إنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ أَوْ أَكَلَ بِمَعْلَقَةٍ وَوَضَعَهَا فِي طَعَامٍ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَنْجَسُ مَا فِي الْإِنَاءِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ النَّجَاسَةِ التَّنَجُّسُ سم ع ش. (قَوْلُهُ: أَجَازَهَا) هُوَ خِلَافُ الْأَصَحِّ. (قَوْلُهُ: مُعْرَوْرَى) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ فَسُكُونٍ اسْمُ مَفْعُولِ اعْرَوْرَيْته فِي الْمِصْبَاحِ اعْرَوْرَى الرَّجُلُ الدَّابَّةَ رَكِبَهَا عُرْيًا أَيْ: بِلَا سَرْجٍ فَالرَّاكِبُ مَعْرُورٌ
بِعَرَقِهِ غَيْرُهُ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مِنْ حَيَوَانٍ نَجِسٍ فَنَجِسَةٌ كَحَيَوَانِهَا، فَقَوْلُهُ: مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ. قَيْدٌ فِي الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ، وَمِنْ الْمُتَرَشِّحِ رُطُوبَةُ الْقُبُلِ وَهِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَذْي وَالْعَرَقِ أَمَّا الرُّطُوبَةُ الْخَارِجَةُ مِنْ الْبَاطِنِ فَنَجِسَةٌ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا قُلْنَا بِطَهَارَةِ ذَكَرِ الْمُجَامِعِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّا لَا نَقْطَعُ بِخُرُوجِهَا وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الْبَيْضِ وَالْوَلَدِ إذَا وَقَعَا فِي مَحَلٍّ طَاهِرٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.
(وَإِنْفَحَهْ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ الْحَاءِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الْبَيْضِ وَالْوَلَدِ) مَحَلُّهُ فِي الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ فِي حَيَاةِ أُمِّهِ أَمَّا الْمُنْفَصِلُ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ فَعَيْنُهُ طَاهِرَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَيَجِبُ غَسْلُهُ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ ع ش أَقُولُ: يُتَأَمَّلُ وُجُوبُ غَسْلِهِ وَيُرَاجَعُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْفَحَةٍ) قَالَ الْإِمَامُ: إذَا قُلْنَا بِطَهَارَتِهَا لَا أَدْرِي أَمَأْكُولَةٌ أَمْ لَا. وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: تُؤْكَلُ بِرّ.
ــ
[حاشية الشربيني]
بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ: رَاكِبُ دَابَّةٍ عُرْيًا وَالدَّابَّةُ مُعْرَوْرًى بِفَتْحِهَا مُنَوَّنَةً أَيْ: مَرْكُوبَةٌ عُرْيًا بِلَا سَرْجٍ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْبَاطِنِ) هُوَ مَا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ هِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ مِمَّا بَيْنَ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَآخِرُ مَا يَصِلُهُ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ الْمُعْتَدِلِ أَيْ: فَهَذِهِ مَحَلُّ الْخِلَافِ، الْأَصَحُّ طَهَارَتُهَا وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ نَجِسٌ قَطْعًا وَمَا قَبْلَهُ طَاهِرٌ قَطْعًا قَالَ ع ش وَإِذَا طَالَ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ وَخَرَجَ عَنْ الِاعْتِدَالِ لَا يَنْجَسُ بِمَا أَصَابَهُ مِنْ الرُّطُوبَةِ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَفُّظِ عَنْهُ اهـ. وَإِنَّمَا لَمْ نَقُلْ هُنَا بِعَدَمِ التَّنَجُّسِ؛ لِأَنَّ مُلَاقَاةَ مَا فِي الْبَاطِنِ لَا يَنْجَسُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إذَا وَقَعَتْ الْمُلَاقَاةُ بَيْنَ بَاطِنَيْنِ وَمَا هُنَا مُلَاقَاةُ شَيْءٍ مِنْ الظَّاهِرِ لِلْبَاطِنِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ التَّنَجُّسَ فَاحْتِيجَ لِلتَّعْلِيلِ بِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَفُّظِ اهـ وَمَا قَالَهُ ق ل مِنْ أَنَّ مَا قَبْلَهُ طَاهِرٌ قَطْعًا نَقَلَهُ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ. (قَوْلُهُ: فَنَجِسَةٌ مُطْلَقًا) لِأَنَّهَا رُطُوبَةٌ جَوْفِيَّةٌ وَهِيَ إذَا خَرَجَتْ إلَى الظَّاهِرِ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّا لَا نَقْطَعُ إلَخْ) قَالَ م ر الرُّطُوبَةُ الطَّاهِرَةُ لَيْسَ لَهَا قُوَّةُ الِانْفِصَالِ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ وَحْدَهَا وَتَنْفَصِلُ عَلَى ذَكَرِ الْمُجَامِعِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا لَا تَنْفَصِلُ أَصْلًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى تَشْبِيهِهِ لَهَا بِالْعَرَقِ فَذَكَرُ الْمُجَامِعِ عَلَيْهِ رُطُوبَةٌ أَزْيَدُ مِنْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّا لَا نَقْطَعُ بِخُرُوجِهَا) وَمَا يَجِدُهُ الْمُجَامِعُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ الرُّطُوبَةِ الطَّاهِرَةِ اهـ وَقَالَ ع ش يُعْفَى عَمَّا يَصِلُهُ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ وَلَوْ طَالَ عَنْ الْمُعْتَادِ. (قَوْلُهُ: بِخُرُوجِهَا) أَيْ: خُرُوجِ الرُّطُوبَةِ النَّجِسَةِ وَهِيَ مَا فَوْقَ مَا يَصِلُهُ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّا لَا نَقْطَعُ بِخُرُوجِهَا) أَيْ: لَا نَقْطَعُ بِخُرُوجِ الرُّطُوبَةِ النَّجِسَةِ وَهِيَ فِيمَا فَوْقَ مَا يَصِلُهُ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْخَارِجَةُ رُطُوبَةَ مَا يَصِلُهُ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ. (قَوْلُهُ: بِخُرُوجِهَا) أَيْ: خُرُوجِ الرُّطُوبَةِ النَّجِسَةِ وَهِيَ مَا فَوْقَ مَا يَصِلُهُ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ. (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ الْبَيْضِ وَالْوَلَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا رُطُوبَةٌ نَجِسَةٌ وَقَيَّدَ م ر وَحَجَرٌ عَدَمَ وُجُوبِ الْغَسْلِ بِمَا إذَا انْفَصَلَ فِي حَيَاةِ أُمِّهِ وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُهُ بِلَا خِلَافٍ. قَالَ حَجَرٌ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ إنَّمَا يُقَالُ إذَا كَانَ مَعَهُ رُطُوبَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِإِيجَابِ غَسْلِهِ ثُمَّ رَأَيْت حَجَرًا قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: إنَّمَا لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ مَعَ الرُّطُوبَةِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ خُرُوجِهَا مِنْ الْبَاطِنِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ اهـ.
وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ وَإِنَّمَا وَجَبَ غَسْلُهُ إذَا انْفَصَلَ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ لِمُلَاقَاتِهِ لِمَا فِي الْبَاطِنِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ مَحْكُومٌ بِنَجَاسَتِهِ وَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ مَا فِي الْبَاطِنِ لَا يَنْجَسُ إنَّمَا هُوَ فِي الْحَيِّ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ حَمَلَ حَيَوَانًا مَذْبُوحًا أَوْ سَمَكًا أَوْ جَرَادًا بَعْدَ الْمَوْتِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا ذَكَرَ هَذَا التَّعْلِيلَ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ عَلَى حَاشِيَةِ الشَّارِحِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ شَرْحِ حَجَرٍ لِلْمِنْهَاجِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي الرُّطُوبَةِ الَّتِي مِنْ الْبَاطِنِ وَأَنَّهُ إذَا انْفَصَلَ مَعَهَا وَأُمُّهُ حَيَّةٌ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ فَيُنَافِي مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا مَحِيصَ إلَّا بِحَمْلِ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَعَهُمَا رُطُوبَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَا يَحْصُلُ بِالْمُلَاقَاةِ فَإِنَّهَا تُنَجِّسُهُ بَعْدَ انْفِصَالِهَا بِخِلَافِ الْقَدْرِ الْحَاصِلِ بِالْمُلَاقَاةِ فَإِنَّهُ مَحْكُومٌ بِعَدَمِ نَجَاسَتِهِ حَيْثُ وَقَعَتْ الْمُلَاقَاةُ فِي الْبَاطِنِ فَلْيُحَرَّرْ.
ثُمَّ رَأَيْت حَجَرًا نَقَلَ فِي الْإِيعَابِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ رُطُوبَةَ بَاطِنِ ذَكَرِ الرَّجُلِ كَرُطُوبَةِ بَاطِنِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ مَا فِي مَنْفَذِ الذَّكَرِ رُطُوبَةٌ لَزِجَةٌ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَا يُمَازِجُهَا مَا يَمُرُّ بِهَا وَأَمْثَالُ هَذِهِ الرُّطُوبَاتِ لَا حُكْمَ لَهَا فِي الْبَاطِنِ، وَبَلَلُ بَاطِنِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ كَثِيرٌ يُمَازِجُ وَقَدْ يَخْرُجُ وَيَكَادُ أَنْ يَكُونَ كَمَذْيِ الرِّجَالِ فَمَنِيُّهَا يَخْرُجُ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الرُّطُوبَةِ بِخِلَافِ مَنِيِّهِ وَمُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ " رُطُوبَةُ فَرْجِ الْمَرْأَةِ نَجِسَةٌ أَوْ لَا " أَنَّ تِلْكَ الرُّطُوبَةَ هَلْ يَثْبُتُ لَهَا حُكْمٌ وَهَلْ تُنَجِّسُ مَا يَخْرُجُ وَهَلْ يُعْتَقَدُ فِي الْخَارِجِ الِامْتِزَاجُ بِهَا اهـ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْصُلُ التَّنَجُّسُ إنْ انْفَصَلَتْ تِلْكَ الرُّطُوبَةُ مَعَ مَا لَاقَاهَا بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْفَحَةٍ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ طَهَارَتِهَا وَإِطْبَاقُ النَّاسِ لَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِ الطَّهَارَةِ بَلْ يَكْفِي فِيهِ الْعَفْوُ عَنْهَا وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ إنَّهَا لَبَنٌ يُخْلَقُ مِنْ
عَلَى الْأَفْصَحِ وَهِيَ لَبَنٌ فِي جَوْفِ السَّخْلَةِ وَنَحْوِهَا فِي جِلْدَةٍ تُسَمَّى إنْفَحَةً أَيْضًا أَيْ: وَلَا إنْفَحَةِ الْمَأْكُولِ فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَى أَكْلِ الْجُبْنِ الْمَعْمُولِ بِهَا وَبَيْعِهِ بِلَا إنْكَارٍ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مِنْ مُذَكَّاةٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ وَأَنْ تُؤْخَذَ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تُطْعَمَ غَيْرَ اللَّبَنِ وَإِلَّا فَهِيَ نَجِسَةٌ عَلَى الْأَصْلِ فِي الْمُسْتَحِيلَاتِ فِي الْبَاطِنِ.
(وَ) لَا (دَرِّ) حَيَوَانٍ مُبَاحٍ أَكْلُهُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: لَبَنِهِ لِمَنِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا بِهِ بِقَوْلِهِ {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ} [النحل: 66] الْآيَةَ وَلِلْإِجْمَاعِ (أَوْ بَيْضِ) حَيَوَانٍ (مُبَاحِ أَكْلُهُ) كَلَبَنِ الْمَأْكُولِ هَذَا إنْ بَانَ مِنْهُ فِي الْحَيَاةِ وَإِلَّا فَالْمُتَصَلِّبُ فَقَطْ (كَلَبَنٍ مِنْ بَشَرٍ) لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِكَرَامَةِ الْآدَمِيِّ أَنْ يَكُونَ مُنْشَؤُهُ نَجِسًا وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النِّسْوَةَ أُمِرْنَ فِي زَمَنٍ بِاجْتِنَابِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ لَبَنَ الْأُنْثَى وَالذَّكَرِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ كَمَا شَمِلَهُ تَعْبِيرُ ابْنِ سُرَاقَةَ وَغَيْرِهِ بِلَبَنِ بَنِي آدَمَ وَتَعْبِيرِ الصَّيْمَرِيِّ بِلَبَنِ الْآدَمِيِّينَ وَالْآدَمِيَّاتِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي ابْنِ الْمَيْتَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ. وَتَعْبِيرُ جَمَاعَةٍ بِالْآدَمِيَّاتِ الْمُوَافِقُ لِلتَّعْلِيلِ السَّابِقِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِنَجَاسَةِ لَبَنِ الذَّكَرِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْمَيْتَةِ وَالْأَوْجَهُ الْأُوَلُ؛ لِأَنَّ الْكَرَامَةَ الثَّابِتَةَ لِلْآدَمِيِّ الْأَصْلُ شُمُولُهَا لِلْكُلِّ وَلِأَنَّهُ أَوْلَى بِالطَّهَارَةِ مِنْ الْمَنِيِّ أَمَّا لَبَنُ وَبَيْضُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ مِمَّا لَيْسَ بِبَشَرٍ فَنَجِسَانِ عَلَى الْأَصْلِ فِي الْمُسْتَحِيلَاتِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لَبَنٌ فِي جَوْفِ السَّخْلَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ جَاوَزَ حَوْلَيْنِ م ر. (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِنْ نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ) أَقُولُ: إنَّ قَوْلَهُ هُنَا: مُبَاحٍ أَكْلُهُ. مُتَعَلِّقٌ بِالْإِنْفَحَةِ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُدَّعَى اسْتِفَادَةُ هَذَا الشَّرْطِ مِنْ هُنَا بِرّ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ يَطْعَمَ غَيْرَ اللَّبَنِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ أَكَلَتْ لَبَنًا نَجِسًا كَلَبَنِ أَتَانٍ أَنْ تَكُونَ الْإِنْفَحَةُ حِينَئِذٍ نَجِسَةً قَالَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ اهـ. (قَوْلُهُ: وَبَيْضِ حَيَوَانٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيَشْمَلُ إطْلَاقُهُ الْبَيْضَ إذَا اسْتَحَالَ دَمًا وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا فِي تَنْقِيحِهِ لَكِنْ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْهُ وَفِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ نَجِسٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ. وَأَمَّا عَلَى غَيْرِهِ فَالْأَوْجَهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَسْتَحِلْ حَيَوَانًا وَالْأَوَّلُ عَلَى خِلَافِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْمُتَصَلِّبُ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: فَإِنْ ذُكِّيَتْ نَحْوُ الدَّجَاجَةِ لَمْ يُشْتَرَطْ تَصَلُّبُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْمُتَصَلِّبُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَكَذَا مِنْ مَيْتَةٍ إنْ تَصَلَّبَ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَوْلَى بِالطَّهَارَةِ مِنْ الْمَنِيِّ) قُلْت: هَذِهِ الْأَوْلَوِيَّةُ يَمْنَعُهَا قَوْلُ النَّوَوِيِّ بِطَهَارَةِ مَنِيٍّ غَيْرِ الْمَأْكُولِ دُونَ لَبَنِهِ لِاسْتِحَالَتِهِ لِغَيْرِ أَصْلِ حَيَوَانٍ كَالْبَوْلِ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ اهـ.
ــ
[حاشية الشربيني]
اللَّبَنِ الَّذِي تَشْرَبُهُ كَتَخَلُّقِ اللَّبَنِ مِنْ الدَّوَابِّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَفْصَحِ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ وَمُقَابِلُهُ إبْدَالُ الْهَمْزَةِ مِيمًا وَكَسْرُ الْفَاءِ مَعَ تَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ كَذَا قِيلَ. (قَوْلُهُ: لَبَنٌ) أَيْ: مُنْعَقِدٌ وَقَالَ آخَرُونَ شَيْءٌ أَصْفَرُ فِي جَوْفِ نَحْوِ سَخْلَةٍ وَفِي حَاشِيَةِ الشَّارِحِ عَلَى الْعِرَاقِيِّ بَعْدَ قَوْلِهِ: عَلَى الْأَفْصَحِ. مُقَابِلُهُ لُغَةٌ ثَانِيَةٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَثَالِثَةٌ بِكَسْرِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْحَاءِ وَيُقَالُ لَهَا: مِنْفَحَةٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: طَاهِرَةٌ لِإِطْبَاقِ النَّاسِ إلَخْ) أَيْ: مَعَ عِلْمِهِمْ بِانْعِقَادِهِ بِهَا فَنَزَلَتْ مِنْ جِهَةِ الْحَاجَةِ مَنْزِلَةَ اللَّبَنِ الَّذِي أُبِيحَ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ كَذَا عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ كَالْإِمَامِ وَإِطْبَاقُ الْأُمَّةِ إجْمَاعٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى ضَلَالَةٍ وَفِيهِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ إنَّمَا هُوَ عَلَى أَكْلِ مَا هِيَ فِيهِ فَغَايَةُ مَا يُفِيدُهُ بَعْدَ عِلْمِنَا بِأَنَّهَا اسْتَحَالَتْ أَنَّهَا مَعْفُوٌّ عَنْهَا فَقَطْ وَلِذَا بَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ نَجَاسَتَهَا وَعَلَّلَهَا بِأَنَّهَا فَضْلَةٌ مُسْتَحِيلَةٌ وَاعْتَمَدَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَنَظَرَ فِي الْقَوْلِ بِالطَّهَارَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ اللَّبَنَ اسْتَحَالَ إلَى صَلَاحٍ لَا إلَى فَسَادٍ اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ إلَخْ) اعْتِذَارٌ عَنْ عَدَمِ ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ هَذَا الشَّرْطَ وَتَرْكِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى إنْفَحَةً إلَّا إذَا أُخِذَتْ مِنْهَا قَبْلَ تَنَاوُلِ غَيْرِ اللَّبَنِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ الْعِرَاقِيِّ: يُغْنِي عَنْ الْإِنْفَحَةِ الْقُرْطُمُ وَنَحْوُهُ لَكِنْ لَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي اشْتِدَادِ الْجُبْنِ وَإِصْلَاحِ طَعْمِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُؤْخَذَ مِنْهَا) وَلَوْ جَاوَزَتْ سَنَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: اللَّبَنِ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِي اللَّبَنِ طَهَارَتُهُ فَلَوْ طَعِمَتْ لَبَنَ مُغَلَّظٍ فَهِيَ طَاهِرَةٌ. اهـ. إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا دَرِّ) وَلَوْ مِنْ ذَكَرٍ. (قَوْلُهُ: بَيْضِ حَيَوَانٍ) وَلَوْ ذَكَرًا. (قَوْلُهُ: مَنْشَؤُهُ) أَيْ: مَا يَتَرَبَّى بِهِ. (قَوْلُهُ: وَالذَّكَرِ الصَّغِيرِ إلَخْ) أَيْ: الصَّغِيرِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَالْكَبِيرِ وَالْمُرَادُ الرَّدُّ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّغِيرَةِ الْأُنْثَى وَلِلرَّجُلِ مُطْلَقًا وَكَذَا الْمَيِّتُ اهـ.
(قَوْلُهُ: الصَّيْمَرِيِّ) هُوَ شَيْخُ الْمَاوَرْدِيِّ مَاتَ قَبْلَ الْأَرْبَعِمِائَةِ كَذَا فِي تَصْحِيحِ الْحَاوِي لِابْنِ الْمُلَقِّنِ. (قَوْلُهُ: جَرَى إلَخْ) فَلَا يُخَصِّصُ التَّعْبِيرُ السَّابِقُ الْعَامَّ. (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: لَعَلَّ هَذَا الْقَوْلَ فِي الذَّكَرِ وَالصَّغِيرَةِ شَاذٌّ لَا تَعْوِيلَ عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: لَا يَجُوزُ لِمَنْ رَأَى حُكْمًا لِطَائِفَةٍ قَلِيلَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنْ يُفْتِيَ بِهِ وَإِنْ بَلَغُوا عَشَرَةً؛ لِأَنَّ كُتُبَ الْأَصْحَابِ مُنْتَشِرَةٌ وَتَصَانِيفَهُمْ كَثِيرَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاجَعَةِ كُلِّهَا أَوْ مُعْظَمِهَا حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِذَلِكَ وَعَدَمُ الْمُخَالَفَةِ. اهـ. إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: وَالصَّغِيرَةِ) أَيْ: الَّتِي لَمْ تَسْتَكْمِلْ تِسْعَ سِنِينَ. (قَوْلُهُ: أَوْلَى بِالطَّهَارَةِ) لِأَنَّهُ اسْتَحَالَ إلَى مُسْتَطِيبٍ شَرْعًا بِخِلَافِ الْمَنِيِّ فَإِنَّهُ اسْتَحَالَ إلَى مُسْتَقْذَرٍ شَرْعًا. (قَوْلُهُ: أَوْلَى بِالطَّهَارَةِ مِنْ الْمَنِيِّ) هَذَا خَاصٌّ بِمَنِيِّ غَيْرِ الصَّغِيرَةِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ اهـ.
(قَوْلُهُ:
وَتَبِعَ كَأَصْلِهِ فِي نَجَاسَةِ بَيْضِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ الرَّافِعِيَّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ طَهَارَتَهُ كَمَنِيِّهِ وَيُفَارِقُ اللَّبَنَ بِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ أَصْلِهِ، وَاللَّبَنُ جُزْءٌ مِنْهُ كَالْيَدِ وَبِهَذَا فَرَّقَ أَئِمَّتُنَا بَيْنَ نَجَاسَةِ إنْفَحَةِ الْمَيْتَةِ وَطَهَارَةِ بَيْضِهَا الْمُتَصَلِّبِ وَفِي حِلِّ أَكْلِهِ كَلَامٌ يَأْتِي فِي بَابِ الْأَيْمَانِ
(وَأَصْلُهُ) أَيْ: الْبَشَرِ مِنْ مَنِيِّهِ وَلَوْ دَمًا وَعَلَقَتِهِ وَمُضْغَتِهِ تَكْرِمَةً لَهُ وَلِأَنَّهَا مَبْدَأُ خَلْقِهِ كَالتُّرَابِ وَفِي مُسْلِمٍ «عَنْ عَائِشَةَ كُنْت أَفْرُكُ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيُصَلِّي فِيهِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنَيْ خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا وَهُوَ يُصَلِّي وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهَا كَانَتْ تَغْسِلُهُ حَمَلُوهُ عَلَى النَّدْبِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ نَجِسٌ كَالْبَوْلِ وَلِخُرُوجِهِ مِنْ مَخْرَجِهِ أَجَابَ عَنْهُ أَئِمَّتُنَا بِأَنَّ الْمَنِيَّ أَصْلُ الْآدَمِيِّ فَهُوَ بِالطِّينِ أَشْبَهُ بِخِلَافِ الْبَوْلِ وَبِأَنَّ اتِّحَادَ مَخْرَجِهِمَا مَمْنُوعٌ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَقَدْ شُقَّ ذَكَرٌ بِالرُّومِ فَوُجِدَ مَخْرَجُهُمَا مُخْتَلِفًا فَلَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَلَوْ سَلِمَ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ نَجَاسَتُهُ؛ لِأَنَّ مُلَاقَاةَ النَّجَاسَةِ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي الظَّاهِرِ لَا فِي الْبَاطِنِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَلَوْ سَلِمَ نَجَاسَتُهُ فَمَعْفُوٌّ عَنْهُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ أَمَّا أَصْلُ غَيْرِ الْبَشَرِ فَنَجِسٌ
ــ
[حاشية العبادي]
وَفُرِّقَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَنِيَّ أَصْلُ الْحَيَوَانِ وَالْحَيَوَانُ طَاهِرٌ فَأَصْلُهُ أَوْلَى وَاللَّبَنُ غِذَاءٌ يَسْتَحِيلُ فَأَشْبَهَ الْبَوْلَ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ نَظَرَ إلَى مُجَرَّدِ شَرَفِ الْمَخْرَجِ بِرّ. وَقَوْلُهُ: أَوْلَى. اُنْظُرْ الْأَوْلَوِيَّةَ مَعَ أَنَّ الْقَائِلَ بِنَجَاسَةِ لَبَنِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ قَائِلٌ بِطَهَارَةِ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ اللَّبَنَ) يُشْكِلُ الْفَرْقُ بِالْمَنِيِّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْبَيْضَ أَقْرَبُ إلَى الْحَيَوَانِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ اللَّبَنَ) يَرِدُ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ مَنِيُّ الْحَيَوَانِ الْمَذْكُورِ بِرّ. (قَوْلُهُ: إنْفَحَةِ الْمَيْتَةِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يُرَادَ بِالْإِنْفَحَةِ هُنَا الْجِلْدَةُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: تَكْرِمَةً لَهُ) اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى طَهَارَةِ الْمَنِيِّ بِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ فَقَالَ إنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبُصَاقِ وَالْمُخَاطِ وَإِنَّمَا يَكْفِيك أَنْ تَمْسَحَهُ بِخِرْقَةٍ أَوْ بِإِذْخِرَةٍ» . (قَوْلُهُ: عَنْ عَائِشَةَ) فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ بَحْثَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَةِ فَضَلَاتِهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْغَالِبَ اخْتِلَاطُ مَنِيِّهِ بِمَنِيِّ حَلَائِلِهِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْفَرْكَ لَا يَدُلُّ عَلَى الطَّهَارَةِ لِجَوَازِ أَنَّهُ نَجَسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَأَنَّهُ قَصَدَ بِالْفَرْكِ تَخْفِيفَ صُورَتِهِ. (وَقَوْلُهُ: وَبِخُرُوجِهِ مِنْ مَخْرَجِهِ) مُجَرَّدُ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ الْعَيْنِ. (قَوْلُهُ: مَخْرَجُهُمَا مُخْتَلِفَانِ) قَدْ يُقَالُ: لَكِنَّهُمَا يَلْتَقِيَانِ فِي رَأْسِ الذَّكَرِ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الظَّاهِرِ) هَلْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الرَّوْضَةِ مِنْ نَجَاسَةِ مَنِيِّ الْمَرْأَةِ إذَا قُلْنَا بِنَجَاسَةِ الرُّطُوبَةِ مَعَ أَنَّ الْمُلَاقَاةَ فِي الْبَاطِنِ. أَوْ يُجَابُ بِتَصْوِيرِ مَا فِي الرَّوْضَةِ عَلَى مَا إذَا حَصَلَتْ مُلَاقَاةٌ بَعْدَ وُصُولِهِمَا إلَى حَدِّ الظَّاهِرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَمَعْفُوٌّ عَنْهُ) يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ حَيْثُ قَالَ: إذَا قُلْنَا: رُطُوبَةُ فَرْجِ الْمَرْأَةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
كَمَنِيِّهِ) أَيْ: كَمَا صَحَّحَ طَهَارَةَ مَنِيِّهِ بِخِلَافِ الرَّافِعِيِّ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا) أَيْ: الْبَيْضُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ أَصْلِهِ حَتَّى يُقَالَ: إنَّهُ جُزْءٌ مُنْفَصِلٌ مِنْ حَيٍّ فَيَكُونُ نَجِسًا كَمَيْتَتِهِ وَقَوْلُهُ: وَاللَّبَنُ جُزْءٌ أَيْ: فَيُقَالُ فِيهِ ذَلِكَ وَفِي الْإِيعَابِ فَرَّقَ فِي التَّنْقِيحِ بَيْنَ مَنِيِّهِ وَلَبَنِهِ بِأَنَّ مَنِيَّهُ أَصْلُ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ فَكَانَ طَاهِرًا بِخِلَافِ لَبَنِهِ فَإِنَّهُ غِذَاءٌ مُسْتَحِيلٌ فَأَشْبَهَ الْبَوْلَ اهـ. أَيْ: وَلَيْسَ لَهُ مِنْ التَّكْرُمَةِ مَا لِلْآدَمِيِّ حَتَّى يُقَالَ: لَا يَلِيقُ بِكَرَامَتِهِ أَنْ يَكُونَ مَنْشَؤُهُ نَجِسًا اهـ. وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ مَا فِي الْحَاشِيَةِ وَارِدٌ عَلَى فَرْقِ الشَّرْحِ وَهُوَ لَمْ يُفَرَّقْ بِمَا فِي التَّنْقِيحِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَفِي حِلِّ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ حِلُّ أَكْلِهِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ فِيهِ. اهـ. إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: وَفِي حِلِّ أَكْلِهِ) أَيْ: أَكْلِ بَيْضِ الْمَيْتَةِ الْمُتَصَلِّبِ فَبَعْدَ الْحُكْمِ بِطَهَارَتِهِ فِي حِلِّ أَكْلِهِ كَلَامٌ هَذَا ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ فَحَرِّرْ.
(قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ إلَخْ) أَتَى بِهَا لِاحْتِمَالِ مَا قَبْلَهَا أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِيهِ بَعْدَ طُهْرِهِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْفَاءِ اهـ. (قَوْلُهُ: حَمَلُوهُ عَلَى النَّدْبِ) فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ يُسَنُّ غَسْلُهُ رَطْبًا وَفَرْكُهُ يَابِسًا لِحَدِيثٍ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَلَا نَظَرَ لِعَدَمِ إجْزَاءِ الْفَرْكِ عِنْدَ الْمُخَالِفِ لِمُعَارَضَتِهِ لِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: كَالْبَوْلِ) لِأَنَّهُ فَضْلَةٌ اسْتَحَالَتْ فِي الْبَاطِنِ مِثْلَ الْبَوْلِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ اسْتَحَالَ لِصَلَاحٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ) وَإِنَّمَا كَانَ شَكًّا؛ لِأَنَّ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ الْجِنْسِ لَا يَدُلُّ عَلَى
إنْ كَانَ مِنْ نَجِسٍ وَإِلَّا فَطَاهِرٌ إلَّا الْمَنِيَّ فَنَجِسٌ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ لِاسْتِحَالَتِهِ فِي الْبَاطِنِ كَالدَّمِ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ طَهَارَتَهُ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ (وَجُزْءِ حَيٍّ كَالْمَشِيمِ) مُرَخَّمُ الْمَشِيمَةِ لِلْوَزْنِ (مُنْفَصِلْ كَمَيْتَةٍ) أَيْ: وَالْجُزْءُ الْمُنْفَصِلُ مِنْ الْحَيِّ كَمَيِّتِ ذَلِكَ الْحَيِّ طَهَارَةً وَنَجَاسَةً لِخَبَرِ «مَا قُطِعَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ فَجُزْءُ الْبَشَرِ وَالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ طَاهِرٌ دُونَ جُزْءِ غَيْرِهَا.
وَالْمَشِيمَةُ وَهِيَ الَّتِي فِيهَا الْوَلَدُ طَاهِرَةٌ مِنْ الْبَشَرِ نَجِسَةٌ مِنْ غَيْرِهِ (لَا شَعَرٍ) مُنْفَصِلٍ (مِمَّا أُكِلْ) أَيْ: مِنْ حَيٍّ مَأْكُولٍ (وَرِيشُهُ) وَصُوفِهِ وَوَبَرِهِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ كَمَيِّتِهَا نَجَاسَةً بَلْ طَاهِرَةٌ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ أَصْوَافِهَا} [النحل: 80] الْآيَةَ وَهِيَ مُخَصِّصَةٌ لِلْخَبْرِ الْمُتَقَدِّمِ، وَاعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الشَّعْرَ إنْ تَنَاوَلَ الرِّيشَ فَذِكْرُهُ مَعَهُ حَشْوٌ وَإِلَّا وَجَبَ ذِكْرُهُ مَعَهُ فِيمَا مَرَّ أَيْضًا وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ لَكِنَّ اتِّصَالَهُ أَقْوَى مِنْ اتِّصَالِ الشَّعْرِ فَعُلِمَ نَجَاسَتُهُ مِنْ نَجَاسَتِهِ بِالْأَوْلَى وَلَا تُعْلَمُ طَهَارَتُهُ مِنْ طَهَارَتِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الرِّيشَ يُغْنِي عَنْ الشَّعْرِ هُنَا كَعَكْسِهِ ثَمَّةَ وَشَعْرُ الْعُضْوِ الْمُبَانِ نَجِسٌ وَقَدْ يُفْهِمُهُ كَلَامُ النَّظْمِ؛ لِأَنَّهُ شَعْرُ الْعُضْوِ وَالْعُضْوُ غَيْرُ مَأْكُولٍ (وَمِسْكُهُ) أَيْ: وَلَا مِسْكِ حَيٍّ مَأْكُولٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْمِسْكُ أَطْيَبُ الطِّيبِ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ وَبِيصَ الْمِسْكِ كَانَ يُرَى مِنْ مَفْرِقِهِ صلى الله عليه وسلم» (وَفَأْرَتُهْ) بِالْهَمْزِ وَتَرَكَهُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ أَيْ: وَلَا فَأْرَةِ الْمِسْكِ لِانْفِصَالِهَا بِالطَّبْعِ كَالْجَنِينِ وَلِئَلَّا يَلْزَمَ نَجَاسَةُ الْمِسْكِ وَهِيَ خُرَاجٌ
ــ
[حاشية العبادي]
نَجِسَةٌ نَجِسَ مِنْهَا بِمُلَاقَاتِهَا كَمَا لَوْ بَالَ الرَّجُلُ وَلَمْ يَغْسِلْ ذَكَرَهُ بِالْمَاءِ فَإِنَّ مَنِيَّهُ نَجِسٌ لِمُلَاقَاةِ الْمَحَلِّ النَّجِسِ اهـ. فَحُكِمَ بِنَجَاسَةِ مَنِيِّهَا مَعَ وُجُودِ عُمُومِ الْبَلْوَى الْمَذْكُورِ كَذَا قَالَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ. وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ لَوْ صَرَّحَ فِيهِ بِعَدَمِ الْعَفْوِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إلَّا الْمَنِيَّ فَنَجِسٌ) اقْتِصَارُهُ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْمَنِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ الرَّافِعِيَّ قَائِلٌ بِطَهَارَةِ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ مِنْ غَيْرِ الْبَشَرِ لَكِنْ يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَصَائِرٌ فِيهِ حَيَاةٌ كَالْمُضَغِ " مِنْ قَوْلِهِ: إنَّ التَّمْثِيلَ بِالْمُضَغِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ الْمَنِيِّ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَنْ قَالَ بِنَجَاسَةِ الْمَنِيِّ قَالَ بِنَجَاسَةِ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ بِرّ. (قَوْلُهُ: كَالْمَشِيمِ) قِيلَ إنَّهُ تَنْظِيرٌ. (قَوْلُهُ: طَاهِرَةٌ مِنْ الْبَشَرِ) كَانَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَشِيمَةَ لِلسَّمَكِ وَالْجَرَادِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ أَيْضًا) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ مَعَ الْعِظَامِ وَالشَّعْرِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفْهِمُهُ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِشَعْرِ الْعُضْوِ الْمَذْكُورِ الشَّعْرُ الْمُنْفَصِلُ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْفَصِلَ عَنْهُ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الشَّعْرِ الْمُنْفَصِلِ عَنْ الْمَأْكُولِ وَمَفْهُومُهُ وَهُوَ الْمُنْفَصِلُ عَنْ غَيْرِ الْمَأْكُولِ لَا يَصْدُقُ عَلَى شَعْرِ الْعُضْوِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ خُرَاجٌ)
ــ
[حاشية الشربيني]
بَاقِيهِ. (قَوْلُهُ: طَهَارَةً وَنَجَاسَةً) وَإِلَّا فَهُوَ مَيْتَةٌ لَا كَمَيْتَةٍ كَمَا فِي الْحَدِيثِ. (قَوْلُهُ: فَجُزْءُ الْبَشَرِ طَهَارَتُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: مُنْفَصِلٍ) فَإِنْ كَانَ مَجْزُوزًا فَلَا خِلَافَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَنْتُوفًا فَطَاهِرٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَمِثْلُ عِلْمِ الِانْفِصَالِ مِمَّا أُكِلَ جَهْلُ كَوْنِ مَا انْفَصَلَ مِنْهُ مَأْكُولًا، وَمِثْلُ عِلْمِ الِانْفِصَالِ مِنْ حَيٍّ جَهْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ كَذَا فِي الْإِيعَابِ وَلَا يَرِدُ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي قِطْعَةِ اللَّحْمِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ ظَاهِرًا يُعَارِضُ الْأَصْلَ ثُمَّ إنَّ كَوْنَ الْأَصْلِ الطَّهَارَةَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي ظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَبِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ أَوْ بَعْدَهُ الْحِلُّ أَوْ الْحُرْمَةُ وَالصَّحِيحُ الْحِلُّ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْحِلِّ الْإِبَاحَةُ الْأَصْلِيَّةُ لَا الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ. اهـ. إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: وَرِيشِهِ) لَوْ كَانَ فِي أَصْلِ الرِّيشِ قِطْعَةُ لَحْمٍ فَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً جِدًّا فَطَاهِرٌ وَإِلَّا فَنَجِسٌ تَبَعًا لَهَا أَوْ دَمٌ فَطَاهِرٌ مُطْلَقًا. اهـ. إيعَابٌ وَفِي ق ل عَلَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ إلَّا شَعْرَ الْمَأْكُولِ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ مَعَ قِطْعَةِ لَحْمٍ تُقْصَدُ وَإِلَّا فَهُوَ نَجِسٌ تَبَعًا لَهَا وَإِنْ لَمْ تُقْصَدْ فَهُوَ طَاهِرٌ دُونَهَا وَتُغْسَلُ أَطْرَافُهُ إنْ كَانَ رُطُوبَةٌ أَوْ دَمٌ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا م ر اهـ وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ م ر مَا يُوَافِقُ حَجَرًا. (قَوْلُهُ: وَصُوفِهِ وَوَبَرِهِ) خَرَجَ الْقَرْنُ وَالظِّلْفُ وَالظُّفْرُ وَالسِّنُّ فَهِيَ نَجِسَةٌ وَإِنْ أُبِينَتْ مِنْ مَأْكُولٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ خِلَافًا لِلْمَحَامِلِيِّ؛ لِأَنَّهَا تُحِسُّ وَتَتَأَلَّمُ وَإِنْ كَانَ مَا طَالَ مِنْ الظُّفْرِ يُقَلَّمُ وَمِنْ الظِّلْفِ يُبْرَدُ بِالْمِبْرَدِ. اهـ. إيعَابٌ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَمِسْكِهِ) هُوَ دَمٌ مُحْتَرِقٌ قَالَهُ ابْنُ نَفِيسٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ مَفْرِقِهِ) جَاءَ فِي الْمَفْرِقِ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ وَالْأَكْثَرُ فِي غَيْرِهِ مِنْ يَفْعُلُ مَضْمُومَ الْعَيْنِ الْفَتْحُ تَخْفِيفًا. اهـ. رَضِيٌّ عَلَى الشَّافِيَةِ. (قَوْلُهُ: لِانْفِصَالِهَا بِالطَّبْعِ) أَيْ:
بِجَانِبِ سُرَّةِ الظَّبْيَةِ كَالسِّلْعَةِ فَتَحْتَكُّ حَتَّى تُلْقِيَهَا. وَقِيلَ: إنَّهَا بِجَوْفِهَا كَالْإِنْفَحَةِ تُلْقِيهَا كَالْبَيْضَةِ
وَذِكْرُ الْمِسْكَ هُنَا تَوْطِئَةً لِفَأْرَتِهِ وَاقْتِرَانِهِ بِهَا وَإِلَّا فَالْأَنْسَبُ ذِكْرُهُ فِي الْفَضَلَاتِ الْمُسْتَثْنَاةِ بَلْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفَأْرَةَ فِي الْجَوْفِ الْأَنْسَبُ ذِكْرُهُمَا مَعًا ثَمَّةَ. أَمَّا إذَا انْفَصَلَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَنَجِسَانِ كَاللَّبَنِ وَفَارَقَا بَيْضَ الْمَيْتَةِ الْمُتَصَلِّبِ بِنُمُوِّهِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِهِمَا وَعُلِمَ مِنْ حَصْرِ النَّجَاسَةِ فِيمَا مَرَّ طَهَارَةُ الْعَنْبَرِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهَا فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ يَنْبُتُ فِي الْبَحْرِ وَيَلْفِظُهُ وَطَهَارَةُ الزَّبَادِ كَمَا صَرَّحَ بِهَا فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ: لِأَنَّهُ إمَّا لَبَنُ سِنَّوْرٍ بَحْرِيٍّ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَوْ عَرَقُ سِنَّوْرٍ بَرِّيٍّ كَمَا سَمِعْته مِنْ ثِقَاةٍ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهَذَا لَكِنَّهُ يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهُ بِمَا يَتَسَاقَطُ مِنْ شَعْرِهِ فَلْيُحْتَرَزْ عَمَّا وُجِدَ فِيهِ مِنْهُ فَإِنَّ الْأَصَحَّ مَنْعُ أَكْلِ السِّنَّوْرِ الْبَرِّيِّ.
(ثُمَّ الَّذِي تَجَدَّدَتْ طَهَارَتُهْ) مِنْ نَجِسِ الْعَيْنِ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهَا (خَمْرٌ) وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ (بِدُونِ الْعَيْنِ) أَيْ: بِلَا مُصَاحَبَةِ عَيْنٍ (قَدْ تَخَلَّلَتْ) أَيْ: الْخَمْرُ لِمَفْهُومِ خَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَتُتَّخَذُ الْخَمْرُ خَلًّا قَالَ لَا» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ: لَا يَحِلُّ خَلٌّ مِنْ خَمْرٍ أُفْسِدَتْ حَتَّى يَبْدَأَ اللَّهُ إفْسَادَهَا وَلِزَوَالِ الشِّدَّةِ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ خَلَّفَتْهَا " وَأُفْسِدَتْ " بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ: خُلِّلَتْ " وَيَبْدَأَ اللَّهُ إفْسَادَهَا " بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ: يَجْعَلَهَا خَلًّا بِلَا عِلَاجِ آدَمِيٍّ (بِدَنِّهَا) أَيْ: الَّذِي تَجَدَّدَتْ طَهَارَتُهُ خَمْرٌ مَعَ دَنِّهَا حَتَّى مَا تَشْرَبُهَا مِنْهُ لِلضَّرُورَةِ وَإِلَّا لَمْ يُوجَدْ خَلٌّ طَاهِرٌ (وَإِنْ غَلَتْ) حَتَّى ارْتَفَعَتْ وَتَنَجَّسَ مَا فَوْقَهَا مِنْ الدَّنِّ ثُمَّ
ــ
[حاشية العبادي]
بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ بِرّ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا انْفَصَلَا إلَخْ) وَلَوْ شُكَّ فِي انْفِصَالِهِمَا فِي الْحَيَاةِ فَالْوَجْهُ الطَّهَارَةُ مُطْلَقًا خِلَافًا لِإِجْرَاءِ الْإِسْنَوِيِّ فِي تَمْهِيدِهِ فِيهِ قَرِيبًا مِنْ تَفْصِيلِ الرَّجْعِيَّةِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْمَوْتِ) أَيْ: بِدُونِ تَذْكِيَةٍ. (قَوْلُهُ: فَنَجِسَانِ) هُوَ فِي الْمِسْكِ الْأَوْجَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ.
ــ
[حاشية الشربيني]
شَأْنُهَا ذَلِكَ فَلَوْ فُصِلَتْ بِفِعْلٍ فَهِيَ طَاهِرَةٌ.
(قَوْلُهُ: بِجَانِبِ سُرَّةِ الظَّبْيَةِ) وَهُنَاكَ نَوْعٌ آخَرُ يُؤْخَذُ مِنْ نَوْعٍ مِنْ الْفِئْرَانِ مِنْ سُرَّتِهِ وَهُوَ الْمِسْكُ التُّرْكِيُّ وَهُوَ نَجِسٌ وَعَلَامَةُ ظَبْيَةِ الْمِسْكِ أَنَّ لَهَا نَابَيْنِ كَبِيرَيْنِ يَخْرُجَانِ مِنْ الْفَكَّيْنِ اهـ شَرْحُ إيعَابٍ. (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ: فِي الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَنْسَبُ ذِكْرُهُ إلَخْ) أَيْ: عِنْدَ قَوْلِهِ لَا بَلْغَمٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا انْفَصَلَا بَعْدَ الْمَوْتِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ " حَيٍّ " وَالْمُرَادُ الْمَوْتُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ وَإِلَّا فَهُوَ طَاهِرٌ كَمَا فِي الْإِيعَابِ. (قَوْلُهُ: بِنُمُوِّهِ) لِتَوَلُّدِ الْفَرْخِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: طَهَارَةُ الْعَنْبَرِ) أَيْ: إجْمَاعًا إنْ قُلْنَا إنَّهُ نَبْتٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي الْأُمِّ: أَخْبَرَنِي بَعْضُهُمْ أَنَّهُ رَكِبَ الْبَحْرَ فَوَجَدَ شَجَرَةً مِثْلَ عُنُقِ الشَّاةِ ثَمَرُهَا الْعَنْبَرُ فَتَرَكْنَاهَا حَتَّى يَكْبُرَ ثُمَّ نَأْخُذَهُ فَهَبَّتْ الرِّيحُ فَأَلْقَتْهُ فِي الْبَحْرِ وَدَوَابُّ الْبَحْرِ تَبْتَلِعُهُ أَوَّلَ مَا يَقَعُ فَإِذَا أَخَذَ الصَّيَّادُ السَّمَكَةَ وَجَدَهُ فِي بَطْنِهَا فَيَظُنُّ أَنَّهُ مِنْهَا وَيَحِلُّ بَيْعُهُ وَالتَّطَيُّبُ بِهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ مُتَجَسِّدٌ غَلِيظٌ لَا يُخَالِطُهُ شَيْءٌ مِمَّا أَصَابَهُ إنَّمَا يُصِيبُ مَا ظَهَرَ مِنْهُ كَمَا يُصِيبُ مَا ظَهَرَ مِنْ الْجِلْدِ فَيُغْسَلُ وَيَطْهُرُ اهـ.
فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنْ اُسْتُخْرِجَ مِنْ بَطْنِ السَّمَكِ مِنْ بَعْدَ مَا تَغَيَّرَ فَهُوَ نَجِسٌ وَإِلَّا فَمُتَنَجِّسٌ يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ؛ لِأَنَّهُ صُلْبٌ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ طَهَارَةَ الْمَأْخُوذِ مِنْ جَوْفِ السَّمَكِ أَوْ نَجَاسَتَهُ. اهـ. إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: الزَّبَادِ) رِيحُهُ كَالْمِسْكِ وَبَيَاضُهُ بَيَاضُ اللَّبَنِ. اهـ. تُحْفَةٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إمَّا لَبَنٌ إلَخْ) فِي الْقَامُوسِ إنَّهُ وَسَخٌ يَجْتَمِعُ عَلَى مَخْرَجِ تِلْكَ الدَّابَّةِ تَحْتَ ذَنَبِهَا وَغَلَّطَ الْفُقَهَاءَ فِيمَا قَالُوا وَهُمْ أَوْثَقُ مِنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: فَلْيُحْتَرَزْ عَمَّا وُجِدَ إلَخْ) أَيْ: إنْ كَثُرَ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ شَعْرِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ وَالْعِبْرَةُ فِي الْقِلَّةِ بِمَا اُسْتُعْمِلَ إنْ كَانَ جَامِدًا وَبِمَا فِي الْإِنَاءِ إنْ كَانَ مَائِعًا اهـ م ر وَحَجَرٌ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: الَّذِي تَجَدَّدَتْ) أَيْ: لَحِقَهُ وَصْفُ الطَّهَارَةِ بَعْدَ تَخَمُّرِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ نَجِسٍ) بِخِلَافِ الْمُتَنَجِّسِ فَإِنَّهُ كَثِيرٌ. (قَوْلُهُ: خَمْرٌ) سَوَاءٌ اُتُّخِذَتْ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ أَوْ غَيْرِهِ فَيَطْهُرُ النَّبِيذُ بِالتَّخَلُّلِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ) غَايَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى الْخُرَاسَانِيِّينَ الْقَائِلِينَ لَا تَطْهُرُ غَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ بِالتَّخَلُّلِ. اهـ. إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: أَتُتَّخَذُ) أَيْ: لَا تُتَّخَذُ بِوَضْعِ شَيْءٍ فِيهَا بِخِلَافِ نَقْلِهَا وَبَعْضُهُمْ م ر حَرَّمَهُ مَعَ طَهَارَتِهَا. (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) وَمِثْلُهُ سِكِّينٌ سُقِيَتْ بِمَاءٍ نَجِسٍ يَطْهُرُ ظَاهِرُهَا وَبَاطِنُهَا بِغَسْلِ ظَاهِرِهَا لِلضَّرُورَةِ بِخِلَافِ الطُّوبِ الْمُحْرَقِ لَا بُدَّ مِنْ تَخَلُّلِ الْمَاءِ فِي بَاطِنِهِ لِإِمْكَانِهِ هُنَا دُونَ ذَاكَ وَلَوْ تَشَرَّبَتْ الْبَاقِلَا مَاءً نَجِسًا طَهُرَ ظَاهِرُهَا بِالْغَسْلِ وَبَاطِنُهَا بِوُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ وَلَا يَجِبُ تَجْفِيفُهُ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْعَصْرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَوْ طُبِخَ كَلَحْمٍ بِنَجِسٍ طَهُرَ بِغَسْلِ ظَاهِرِهِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى إغْلَائِهِ وَلَا لِعَصْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ لَا يَبْعُدُ وُجُوبُ الْعَصْرِ إنْ كَانَ رَطْبًا وَإِلَّا لَمْ نُوجِبْ عَصْرَ الثَّوْبِ الْخَفِيفِ مَمْنُوعٌ. اهـ. شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُوجَدْ إلَخْ) قِيلَ: يَكْفِي فِي الْوُجُودِ الْعَفْوُ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَمَالَ إلَيْهِ
نَزَلَتْ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ أَيْضًا لِلضَّرُورَةِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْقَاضِي وَأَبِي الرَّبِيعِ الْإِيلَاقِيِّ بِالْقَافِ وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ.
وَنَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ ثُمَّ قَالَ: وَعِنْدِي، إنَّهُ نَجَسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ قَالَ: أَمَّا لَوْ ارْتَفَعَتْ بِفِعْلِهِ فَلَا يَطْهُرُ الدَّنُّ إذْ لَا ضَرُورَةَ وَكَذَا الْخَمْرُ لِاتِّصَالِهَا بِالْمُرْتَفِعِ النَّجِسِ نَعَمْ لَوْ غُمِرَ الْمُرْتَفِعُ قَبْلَ جَفَافِهِ بِخَمْرٍ أُخْرَى طَهُرَتْ بِالتَّخَلُّلِ لِوُجُودِهِ فِي الْكُلِّ فَإِنَّ أَجْزَاءَ الدَّنِّ الْمُلَاقِيَةَ لِلْخَلِّ لَا خِلَافَ فِي طَهَارَتِهَا تَبَعًا لَهُ. وَقَوْلُهُ: قَبْلَ جَفَافِهِ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ فِيمَا لَوْ غَمَرَهُ بِهَا بَعْدَ جَفَافِهِ، وَتَعْلِيلُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَالْمُوَافِقُ لِكَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ مُطْلَقًا لِمُصَاحَبَتِهَا عَيْنًا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِهَا وَنَبَّهَ النَّاظِمُ بِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ نُقِلَتْ) أَيْ: مِنْ ظِلٍّ إلَى شَمْسٍ أَوْ عَكْسُهُ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ الْخَالِيَ عَنْ الْعَيْنِ كَالنَّقْلِ الْمَذْكُورِ وَفَتْحِ رَأْسِ الدَّنِّ لَا يُؤَثِّرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي بَقَاءِ نَجَاسَتِهَا تَنَجُّسُهَا بِالْعَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي لَا تَحْرِيمُ التَّخْلِيلِ الدَّالِّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ وَالْأَثَرُ السَّابِقَانِ.
أَمَّا إذَا تَخَلَّلَتْ بِمُصَاحَبَةِ عَيْنٍ وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي التَّخْلِيلِ كَحَصَاةٍ وَمَاءِ فَلَا تَطْهُرُ لِتَنَجُّسِهَا بَعْدَ تَحَلُّلِهَا بِالْعَيْنِ الَّتِي تَنَجَّسَتْ بِهَا وَلَا ضَرُورَةَ بِخِلَافِ الدَّنِّ سَوَاءٌ وَقَعَتْ فِيهَا حَالَ الْخَمْرِيَّةِ أَمْ قَبْلَهَا، وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الْعَنَاقِيدَ وَحَبَّاتِهَا كَأَنْ وُضِعَتْ فِي الدَّنِّ فَتَخَمَّرَتْ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ أَنَّهَا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُوجَدْ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ يَكْفِي فِي الْوُجُودِ الْمَذْكُورِ الْعَفْوُ. (قَوْلُهُ: قَالَ: أَمَّا إلَخْ) هُوَ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ كَمَا رَأَيْته مُصَرِّحًا بِهِ بِرّ. (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَخْ) أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. (قَوْلُهُ: الْخَبَرُ وَالْأَثَرُ السَّابِقَانِ) فِي دَلَالَةِ الْأَثَرِ عَلَى تَحْرِيمِ التَّخْلِيلِ نَظَرٌ نَعَمْ هُوَ ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى نَجَاسَتِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُفِيدٌ لِتَحْرِيمِ تَنَاوُلِهَا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَثَرُ) قُلْت: فِي دَلَالَةِ الْأَثَرِ عَلَى تَحْرِيمِ التَّخْلِيلِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْحِلِّ فِيهِ مُوَجَّهٌ لِلْخَمْرِ، وَالْحُكْمُ إذَا تَعَلَّقَ بِالْأَعْيَانِ صُرِفَ إلَى الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ مِنْهَا وَهُوَ هُنَا التَّنَاوُلُ وَالِانْتِفَاعُ، نَظِيرُ ذَلِكَ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] وَتَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُرْمَةِ التَّنَاوُلِ حُرْمَةُ التَّخْلِيلِ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ إلَخْ) وَهَذَا الشُّمُولُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا سَيَأْتِي عَنْ الْمَجْمُوعِ فِي الْحَبَّاتِ؛ لِأَنَّهَا ظُرُوفٌ كَالدِّنَانِ وَالْعَجَمُ فِي بَاطِنِهَا مُغْتَفَرٌ م ر. (قَوْلُهُ: الْعَنَاقِيدَ وَحَبَّاتِهَا) يَعْنِي فَتَضُرُّ وَالْمُرَادُ بِالْعَنَاقِيدِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الزَّرْكَشِيُّ قَالَ حَجَرٌ: لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَعْنِي الطَّهَارَةَ أَلْيَقُ بِالْقَوَاعِدِ وَبِالسُّهُولَةِ ثُمَّ الَّذِي يَطْهُرُ مِنْ الدَّنِّ هُوَ بَاطِنُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْخَمْرُ مُلَاقِيَةً لَهُ وَقْتَ التَّخَلُّلِ أَوْ لَا بِأَنْ نَزَلَتْ عَنْهُ لَا بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا لَا ظَاهِرِهِ الَّذِي تَنَجَّسَ بِالرَّشْحِ إلَيْهِ مِمَّا فِي بَاطِنِهِ إذْ لَا تَنْجَسُ الْخَمْرُ بِنَجَاسَتِهِ فَلَا ضَرُورَةَ لِلْحُكْمِ بِطَهَارَتِهِ اهـ. إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ: لَوْ ارْتَفَعَتْ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ أُخِذَ مِنْهَا شَيْءٌ وَتَخَلَّلَ الْبَاقِي لَمْ يَطْهُرْ لِاتِّصَالِهِ بِالْجِنْسِ قَالَهُ الزَّنْجَانِيُّ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ وَاعْتَمَدَهُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: بِخَمْرٍ أُخْرَى) الْخَمْرُ مُؤَنَّثَةٌ وَيَجُوزُ تَذْكِيرُهَا بِقِلَّةٍ. (قَوْلُهُ: طَهُرَتْ بِالتَّخَلُّلِ) سَوَاءٌ تَشَرَّبَ مِنْهَا الدَّنُّ بِأَنْ كَانَتْ مِنْ خَزَفٍ أَوْ لَا إيعَابٌ هَذَا حُكْمُ الطَّهَارَةِ بِالتَّخَلُّلِ أَمَّا بِالْغَسْلِ مِنْ النَّجَاسَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ خَمْرًا أَوْ غَيْرَهَا فَقَالَ الْبَغَوِيّ: لَوْ كَانَ الْإِنَاءُ جَدِيدًا وَتَشَرَّبَ بِهَا فَإِنْ جُفِّفَ ثُمَّ صُبَّ فِيهِ الْمَاءُ حَتَّى انْحَلَّتْ أَجْزَاؤُهُ وَخَرَجَتْ النَّجَاسَةُ طَهُرَ ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ وَإِنْ تَحَجَّرَ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّلُهُ الْمَاءُ أَيْ: يَتَرَشَّحُ مِنْهُ طَهُرَ ظَاهِرُهُ فَقَطْ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْأَشْيَاءِ الرَّطْبَةِ اهـ إيعَابٌ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ لَا يَكْفِي غَمْرُهُ بِالْمَاءِ اهـ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّهُ يُسْتَنْبَطُ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ حَجَرٌ وَجَزَمَ م ر فِي تَقْرِيرِهِ بِالْحُرْمَةِ وَاعْتَمَدَهُ وَإِنْ لَمْ تَمْنَعْ التَّطْهِيرَ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الِاسْتِعْجَالُ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا تَحْرِيمُ التَّخْلِيلِ) لِلْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ مَعَ عَدَمِ الْحُرْمَةِ بِأَنْ أَلْقَى الْعَيْنَ فِيهَا رِيحٌ أَوْ نَحْوُهُ فَلَيْسَتْ مُطَّرِدَةً. اهـ. إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: كَحَصَاةٍ) قَالَ الْبَغَوِيّ لَوْ أُلْقِيَ فِي الْخَمْرِ مَا لَا يَتَشَرَّبُ مِنْهُ كَحَجَرٍ صُلْبٍ وَحَدِيدَةٍ فَتَخَلَّلَ يَنْبَغِي أَنْ يَطْهُرَ. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: لِتَنَجُّسِهَا إلَخْ) وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ تَخَلُّلِ الْخَمْرِ تَخَلُّلُ الْأَجْزَاءِ الْخَمْرِيَّةِ الْمُلَاقِيَةِ لِلْمَطْرُوحِ وَحِينَئِذٍ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ الْحُكْمِ بِطَهَارَتِهَا وَإِنْ تَنَجَّسَ الْمَطْرُوحُ بِهَا كَالدَّبَّاغِ يَتَنَجَّسُ بِالْجِلْدِ مَعَ كَوْنِهِ يُطَهِّرُهُ وَحِينَئِذٍ فَالتَّعْوِيلُ عَلَى الْعِلَّةِ الْأُولَى مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْجَامِدَ يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِطَهَارَةِ عَيْنِهِ مَعَ الْحُكْمِ بِتَنَجُّسِهِ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ فَلَا جَامِعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِلْدِ. اهـ. إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهِ الرَّدُّ عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ مِنْ أَنَّ الْعَيْنَ إذَا وُضِعَتْ فِي الْعَصِيرِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَتَخَمَّرَتْ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ) أَيْ: الْعَنَاقِيدُ وَحَبَّاتُهَا. (قَوْلُهُ: قَالَا: لِأَنَّ إلَخْ) عِبَارَتُهُمَا وَلَيْسَ كَالْمُعَالَجَةِ؛ لِأَنَّ إلَخْ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عُولِجَتْ الْخَمْرَةُ بِشَيْءٍ لِتَصِيرَ خَلًّا شَرِبَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمُعَالَجُ بِهِ الْمَاءَ وَهُوَ نَجِسٌ وَلَا ضَرُورَةَ حِينَئِذٍ إلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَةِ مَا تَشَرَّبَهُ كَمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْبَغَوِيّ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ فَيَعُودُ عَلَى الْخَلِّ بِالتَّنْجِيسِ بِخِلَافِ حَبَّاتِ الْعِنَبِ فَإِنَّ مَاءَهَا لَيْسَ بَعْضَ الْخَمْرِ بَلْ شَرِبَتْهُ قَبْلَ الْخَمْرِ وَمِنْهُ مَاءُ الْبِزْرِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى الْحُكْمِ بِطَهَارَتِهِ لَكِنْ بَقِيَ عَلَيْهِمَا مُصَاحَبَةُ الْحَبَّاتِ أَعْنِي الْبِزْرَ فَقَالَ الشَّارِحُ وَهَذَا إلَخْ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَبَّاتِ الْعَنَاقِيدِ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ الْعَنَاقِيدِ وَلَعَلَّهَا مِثْلُهَا
لَا تَضُرُّ قَالَا: لِأَنَّ حَبَّاتِ الْعَنَاقِيدِ تَشْرَبُ الْمَاءَ وَهُوَ طَاهِرٌ وَهَذَا بِنَاءً مِنْهُمَا عَلَى مَا قَالَاهُ مِنْ أَنَّ الْعَيْنَ إذَا وُضِعَتْ فِي الْعَصِيرِ وَبَقِيَتْ حَتَّى تَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ لَا تَضُرُّ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ لَكِنْ مَا قَالَاهُ يُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ لَوْ اسْتَحَالَتْ أَجْوَافُ حَبَّاتِ الْعَنَاقِيدِ خَمْرًا فَفِي صِحَّةِ بَيْعِهَا اعْتِمَادًا عَلَى طَهَارَةِ ظَاهِرِهَا وَتَوَقُّعِ طَهَارَةِ بَاطِنِهَا وَجْهَانِ وَالصَّحِيحُ الْبُطْلَانُ، وَقَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ بِأَنَّ طَهَارَةَ بَاطِنِهَا لَا تَسْتَلْزِمُ تَخَلُّلَهُ مَعَ وُجُودِ الْعَنَاقِيدِ وَالْحَبَّاتِ لِجَوَازِ تَخَلُّلِهِ بَعْدَ عَصْرِهَا
ــ
[حاشية العبادي]
هُنَا الْعُرُوقُ الَّتِي تَنْبُتُ عَلَيْهَا الْحَبَّاتُ وَبِالْحَبَّاتِ هُنَا الْعَجَمُ بِالتَّحْرِيكِ الَّذِي فِي جَوْفِ الْحَبَّاتِ وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدُ: مَعَ وُجُودِ الْعَنَاقِيدِ وَالْحَبَّاتِ، وَقَوْلُهُ: لَا حَبَّ فِي جَوْفِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْحَبَّاتِ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ حَبَّاتِ الْعَنَاقِيدِ، وَقَوْلُهُ: لَوْ اسْتَحَالَتْ أَجْوَافُ حَبَّاتِ الْعَنَاقِيدِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا احْتَوَى عَلَى الْعَجَمِ الْمَذْكُورِ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا بِنَاءً مِنْهُمَا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ: لَك أَنْ تَقُولَ تَعْلِيلُهُمَا بِمَا سَلَفَ يُشْعِرُ بِعَدَمِ إرَادَتِهِمَا هَذَا الْبِنَاءَ اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَتَوَقُّعِ طَهَارَةِ بَاطِنِهَا) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ الْبُطْلَانُ) هَلَّا فُرِّقَتْ الصَّفْقَةُ إذَا كَانَ لِجِلْدِهَا قِيمَةٌ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ) الْمُتَّجَهُ خِلَافُ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: وَهَذَا بِنَاءً مِنْهُمَا عَلَى مَا قَالَاهُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُمَا صَرِيحَةٌ فِي خِلَافِ ذَلِكَ وَهِيَ لَوْ أَدْخَلَ الْعِنَبَ مَعَ الْعَنَاقِيدِ فِي الدَّنِّ وَصَارَ خَلًّا حَلَّ وَلَيْسَ كَالْمُعَالَجَةِ فَقَوْلُهُمَا وَلَيْسَ كَالْمُعَالَجَةِ أَيْ: بِالْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ بَنَيَاهُ عَلَى ذَلِكَ لَقَالَا كَالْمُعَالَجَةِ فَلَمَّا قَالَا لَيْسَ كَالْمُعَالَجَةِ دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ الْمُعَالَجَةِ بِالْعَيْنِ لِلضَّرُورَةِ لِعُسْرِ تَنْقِيَةِ الْعَصِيرِ مِنْ الْعَنَاقِيدِ كَمَا مَرَّ الْجَزْمُ بِهِ عَنْ الْإِمَامِ الْقَائِلِ بِأَنَّ مُصَاحَبَةَ الْعَيْنِ تَضُرُّ. اهـ. إيعَابٌ لِحَجَرٍ قَالَ: وَالْعُسْرُ هُنَا قَائِمٌ مَقَامَ الضَّرُورَةِ فِي الدَّنِّ اهـ أَقُولُ: إنَّ قَوْلَ الشَّيْخِ الشَّارِحِ رحمه الله: وَهَذَا بِنَاءً. إشَارَةٌ لِقَوْلِهِمَا: لِأَنَّ حَبَّاتِ الْعَنَاقِيدِ تَشْرَبُ الْمَاءَ وَهُوَ طَاهِرٌ وَلَا شَكَّ فِي صَرَاحَتِهِ فِي الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ إذْ لَوْ كَانَ عَدَمُ الضَّرَرِ لِلضَّرُورَةِ لَمَا كَانَ لِشُرْبِهَا الْمَاءَ وَهُوَ طَاهِرٌ مَدْخَلٌ، تَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ هَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ الْعِنَبَ مَعَ الْعَنَاقِيدِ فِي الدَّنِّ وَصَارَ خَلًّا يَكُونُ حَلَالًا وَلَيْسَ كَالْمُعَالَجَةِ؛ لِأَنَّ حَبَّاتِ الْعُنْقُودِ شَرِبَتْ الْمَاءَ وَهُوَ طَاهِرٌ وَفِي. فَتَاوَى الْبَغَوِيّ عَنْ الْقَاضِي إذَا أَلْقَى ثَوْبًا فِي خَمْرٍ وَتَرَكَهُ فِيهِ حَتَّى صَارَ الْخَمْرُ خَلًّا لَا يَطْهُرُ؛ لِأَنَّ مَا شَرِبَهُ الثَّوْبُ لَا يَطْهُرُ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ بِخِلَافِ أَجْزَاءِ الدَّنِّ اهـ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَاهُ مِنْ أَنَّ الْعَيْنَ إلَخْ) أَيْ: عَيْنٌ تَتَخَمَّرُ وَتَتَخَلَّلُ وُضِعَتْ فِي عَصِيرٍ فَتَخَمَّرَتْ وَتَخَلَّلَتْ وَإِنَّمَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ هُنَا وَفِي الْبِزْرِ الدَّاخِلِ فِي الْحَبَّاتِ وَالْعَنَاقِيدِ كِلَاهُمَا صَاحِبُ الْمَاءِ الدَّاخِلِ فِي الْحَبَّاتِ وَهُوَ الْعَصِيرُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا قَالَاهُ سِوَى كَوْنِ مَا قَالَاهُ فِيهِ وَضْعُ عَيْنٍ مَعَ الْعَصِيرِ وَهُنَا لَا وَضْعَ فِي الْبِزْرِ بَلْ هُوَ خِلْقِيٌّ دَاخِلَ الْعَصِيرِ. أَمَّا الْعَنَاقِيدُ فَقَدْ يُقَالُ فِيهَا الْوَضْعُ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَاهُ) نَقَلَ غَيْرُهُ عَنْ الْبَغَوِيّ مُوَافَقَةَ الْجُمْهُورِ فِي أَنَّهَا تَضُرُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ ثُمَّ رَأَيْت الْغَزَالِيَّ قَالَ: إنَّ التَّنْقِيَةَ مِنْ الْحَبَّاتِ وَالْعَنَاقِيدِ لَمْ يُوجِبْهَا أَحَدٌ وَهَذَا صَرِيحٌ وَاضِحٌ فِي الْمَسْأَلَةِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ وَإِنْ أَفْهَمَ قَوْلُ السُّبْكِيّ: لَيْسَ لَنَا خَلٌّ مُتَّفَقٌ عَلَى طَهَارَتِهِ إلَّا إذَا صُفِّيَ مِنْ عَنَاقِيدِهِ قَبْلَ التَّخَمُّرِ بِحَيْثُ يَبْقَى مَائِعًا خَالِصًا. أَنَّ فِي ذَلِكَ خِلَافًا. اهـ. إيعَابٌ لِحَجَرٍ لَكِنْ اعْتَمَدَ م ر مَا قَالَهُ الشَّارِحُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ) قَالَ م ر: إنَّهُ يَضُرُّ الْعَنَاقِيدَ وَالْحَبَّاتِ إذَا تَخَمَّرَتْ فِي الدَّنِّ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ بِخِلَافِ مَا إذَا تَخَمَّرَ مَاءٌ فِي أَجْوَافِ الْحَبَّاتِ ثُمَّ تَخَلَّلَ يَطْهُرُ؛ لِأَنَّهَا كَالظُّرُوفِ لِمَا فِي جَوْفِهَا اهـ. وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُخَالِفُهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَتَطْهُرُ خَمْرٌ إنْ تَخَلَّلَتْ وَلَوْ بِتَشَمُّسٍ لَا إنْ تَخَلَّلَتْ مَعَ وُجُودِ عَيْنٍ فِيهَا كَحَصَاةٍ وَحَبَّةِ عِنَبٍ تَخَمَّرَ جَوْفُهَا اهـ. وَلَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ الْأُولَى تَخَمَّرَتْ فِي الدَّنِّ بِأَنْ خَرَجَ مَا فِي جَوْفِهَا وَالثَّانِيَةَ تَخَمَّرَتْ فِي نَفْسِ الْحَبَّةِ بِأَنْ لَمْ يَخْرُجْ اهـ إذَا عَرَفْت هَذَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّمْلِيَّ حَمَلَ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُهُ مِنْ أَنَّ أَجْوَافَ الْحَبَّاتِ تَخَلَّلَتْ فِيهَا بِدُونِ وَضْعٍ فِي الدَّنِّ وَحِينَئِذٍ يُغْتَفَرُ وُجُودُ الْبِزْرِ فِي الْأَجْوَفِ لِضَرُورَةِ جَعْلِ الْحَبَّاتِ ظُرُوفًا لِمَا فِي بَاطِنِهَا وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مُوَافِقًا لِلْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمَا فِيمَا إذَا وُضِعَتْ حَبَّاتُ الْعِنَبِ فِي الدَّنِّ وَلَا ضَرُورَةَ حِينَئِذٍ لِإِبْقَاءِ الْبِزْرِ مَعَ مَا فِي الْأَجْوَافِ وَهَذَا الْمَحْمَلُ لِكَلَامِ الْمَجْمُوعِ هُوَ الظَّاهِرُ بِخِلَافِ الْمَحْمَلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ: إنَّ الْعَيْنَ قَبْلَ التَّخَمُّرِ كَهِيَ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ) أَيْ: مُوَافَقَةُ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ الْمَذْكُورِ لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَوَجْهُ الْمَنْعِ تَأْوِيلُ عِبَارَةِ الْمَجْمُوعِ بِمَا ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ طَهَارَةَ بَاطِنِهَا) أَيْ: مَا فِيهَا مِنْ الْمَاءِ وَالْمُرَادُ بِطَهَارَةِ بَاطِنِهَا الْمَذْكُورَةُ بِقَوْلِهِ: وَتَوَقُّعِ طَهَارَةِ بَاطِنِهَا. (قَوْلُهُ: وَالْحَبَّاتِ) الْمُرَادُ بِهَا هُنَا وَفِي قَوْلِهِ: لَا حَبَّ فِي جَوْفِهِ. وَقَوْلِهِ: سَابِقًا وَحَبَّاتِهَا. الْبِزْرُ الَّذِي فِي دَاخِلِ حَبَّاتِ الْعِنَبِ، وَحَبَّاتُ الْعِنَبِ هِيَ الْمُرَادَةُ بِقَوْلِ النَّوَوِيِّ لَوْ اسْتَحَالَتْ أَجْوَافُ حَبَّاتِ الْعَنَاقِيدِ وَبِقَوْلِ الشَّارِحِ قَبْلُ قَالَا: لِأَنَّ حَبَّاتِ الْعَنَاقِيدِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ تَخَلُّلِهِ إلَخْ) تَرَكَ الْعَنَاقِيدَ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ فِي اسْتِحَالَةِ أَجْوَافِ الْحَبَّاتِ لَا الْعَنَاقِيدِ مَعَ سُهُولَةِ انْفِصَالِ الْعَنَاقِيدِ عَنْهَا بِخِلَافِ الْبِزْرِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِجَوَازِ تَخَلُّلِهِ بَعْدَ عَصْرِهَا) أَيْ: وَنَزْعِ الْبِزْرِ مِنْهَا وَحِينَئِذٍ تَكُونُ طَاهِرَةً وَهَذِهِ
أَوْ حَمْلِهِ عَلَى عِنَبٍ لَا حَبَّ فِي جَوْفِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: وَلَوْ نُقِلَتْ مِنْ دَنٍّ إلَى آخَرَ طَهُرَتْ بِالتَّخَلُّلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُخْرِجَتْ مِنْهُ ثُمَّ صُبَّ فِيهِ عَصِيرٌ فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ لَا يَطْهُرُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّاظِمِ كَغَيْرِهِ أَنَّهَا تَطْهُرُ بِالتَّخَلُّلِ إذَا نُزِعَتْ الْعَيْنُ مِنْهَا قَبْلَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ الْمَنْزُوعَةُ قَبْلَهُ نَجِسَةً كَعَظْمِ مَيْتَةٍ لَمْ تَطْهُرْ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَالْخَمْرُ حَقِيقَةُ الْمُسْكِرِ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْأَشْرِبَةِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ النَّبِيذَ وَهُوَ الْمُسْكِرُ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ كَالزَّبِيبِ لَا يَطْهُرُ بِالتَّخَلُّلِ لِوُجُودِ الْمَاءِ فِيهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ ضَرُورَتِهِ
(وَ) ثَانِيهَا نَجَسٌ (صَائِرٌ فِيهِ حَيَاةٌ) بِأَنْ صَارَ حَيَوَانًا طَاهِرًا كَالدَّمِ الَّذِي اسْتَحَالَتْ إلَيْهِ الْبَيْضَةُ ثُمَّ صَارَ حَيَوَانًا؛ لِأَنَّ لِلْحَيَاةِ أَثَرًا بَيِّنًا فِي دَفْعِ النَّجَاسَةِ وَلِهَذَا تَطْرَأُ بِزَوَالِهَا وَهَذَا الْمِثَالُ مَعَ مَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (كَالْمُضَغْ) أَيْ: مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ مَبْنِيٍّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ الْقَوْلُ بِنَجَاسَةِ الْمَنِيِّ الَّذِي هُوَ أَصْلُ ذَلِكَ.
(وَ) ثَالِثُهَا (الْجِلْدُ) مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ غَيْرِهِ (إنْ يَنْجُسْ بِمَوْتٍ وَانْدَبَغْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ) اعْتَمَدَهُ م ر
(قَوْلُهُ: الَّذِي اسْتَحَالَتْ إلَيْهِ الْبَيْضَةُ) اعْلَمْ أَنَّ الدَّمَ الَّذِي فِي جَوْفِ الْبَيْضَةِ قَدْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ هُنَا فِي تَنْقِيحِهِ طَهَارَتَهُ وَصَحَّحَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْهُ وَفِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ نَجَاسَتَهُ وَحَاوَلَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الْجَمْعَ بِأَنَّ الْقَوْلَ بِالنَّجَاسَةِ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ مَنِيِّ غَيْرِ الْآدَمِيِّ، أَوْ مَحَلُّهُ إذَا فَسَدَ الدَّمُ الَّذِي فِي الْبَيْضَةِ وَامْتَنَعَ مَجِيءُ الْحَيَوَانِ مِنْهُ اهـ. بِمَعْنَاهُ بِرّ. (قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ أَصْلُ ذَلِكَ) لَعَلَّ فِي الْحُكْمِ بِأَصَالَةِ الْمَنِيِّ فِي الْأَوَّلِ تَسَمُّحًا إذْ لَا مَنِيَّ فِيهِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
هِيَ الطَّهَارَةُ الْمُتَوَقَّعَةُ، وَتَوْجِيهُ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ أَنَّ الظَّاهِرَ طَاهِرٌ وَهُوَ وَقْتَ الْبَيْعِ أَصْلٌ وَالْبَاطِنُ تَابِعٌ لَهُ فَاغْتُفِرَ قَبُولُهُ لِلطَّهَارَةِ بِالتَّوَقُّعِ وَمَا قَالَهُ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ هَذَا مُرَادَ الْمَجْمُوعِ لَجَرَى الْقَوْلُ الضَّعِيفُ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ فِي نَفْسِ الْخَمْرِ أَيْ: الْخَالِي عَنْ الْجِلْدِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ حِينَئِذٍ طَاهِرٌ يَكُونُ أَصْلًا نَعَمْ التَّأْوِيلُ خِلَافُ الظَّاهِرِ اهـ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ عَصْرِهَا) أَيْ: وَإِخْرَاجِ الْبِزْرِ. (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّاظِمِ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّهَا تَخَلَّلَتْ بِلَا مُصَاحَبَةِ عَيْنٍ. (قَوْلُهُ: إذَا نُزِعَتْ) أَيْ: وَلَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهَا شَيْءٌ إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَطْهُرْ) لِأَنَّ النَّجَاسَةَ تَقْبَلُ التَّنَجُّسَ. (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ خِلَافَهُ) بَلْ لَوْ وُضِعَ عَلَى الْعِنَبِ مَاءٌ لِإِخْرَاجِ مَا بَقِيَ فِيهِ طَهُرَ بِالتَّخَلُّلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ طُرِحَ عَصِيرٌ عَلَى خَلٍّ فَغَلَبَهُ الْعَصِيرُ وَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ لِعَدَمِ ضَرُورَةِ وَضْعِ الْعَصِيرِ عَلَى الْخَلِّ. اهـ. إيعَابٌ وم ر وَلَوْ وُضِعَ الْمَاءُ اسْتِعْجَالًا لِلتَّخَلُّلِ أَوْ تَكْثِيرًا لِلْخَلِّ ضَرَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. إيعَابٌ
(قَوْلُهُ: حَيَوَانًا طَاهِرًا) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ صَيْرُورَتِهِ كَلْبًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ فَرْعَ أَحَدِهِمَا كَمُضْغَةٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: كَالدَّمِ الَّذِي اسْتَحَالَتْ إلَيْهِ الْبَيْضَةُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ هَذَا الدَّمَ طَاهِرٌ كَمَا مَرَّ وَكَذَا الْمُضْغَةُ وَالْعَلَقَةُ كَمَا مَرَّ أَيْضًا اهـ. (قَوْلُهُ: الَّذِي اسْتَحَالَتْ إلَيْهِ الْبَيْضَةُ) مَا فِي جَوْفِ الْبَيْضِ مِنْ الدَّمِ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ هُنَا طَهَارَتَهُ فِي تَنْقِيحِهِ وَفِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْهُ وَفِي، الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ نَجَاسَتُهُ وَحَاوَلَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الْجَمْعَ بِأَنَّ الْقَوْلَ بِالنَّجَاسَةِ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ مَنِيِّ غَيْرِ الْآدَمِيِّ أَوْ مَحَلُّهُ إذَا جَمَدَ الدَّمُ الَّذِي فِي الْبَيْضَةِ وَامْتَنَعَ مَجِيءُ الْحَيَوَانِ مِنْهُ وَكَذَا الْبَيْضُ الَّذِي يَحْصُلُ مِنْ الْحَيَوَانِ بِلَا كَبْسِ ذَكَرٍ إذَا صَارَ دَمًا فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلتَّخَلُّقِ. اهـ. سم عَنْ بِرّ وَحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا الْمِثَالُ إلَخْ) فَالْأَوْلَى عَدَمُ زِيَادَةِ قِسْمٍ ثَالِثٍ لِطَهَارَةِ الِاسْتِحَالَةِ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ مِنْ التَّخَمُّرِ وَالِانْدِبَاغِ وَلِأَنَّ الِاسْتِحَالَةَ حَقِيقَةً إذَا بَقِيَ الشَّيْءُ بِحَالِهِ وَتَغَيَّرَتْ صِفَتُهُ وَلَا يُوجَدُ فِي غَيْرِ التَّخَلُّلِ وَالدَّبْغِ كَمَا قَالَهُ النَّشَّاشُ. اهـ. إيعَابٌ وَقَدْ ذَكَرُوا صُوَرًا كَثِيرَةً لِهَذَا الْقِسْمِ كُلُّهَا لَا تَخْلُوَا عَنْ شَيْءٍ اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا الْمِثَالُ) أَيْ: الَّذِي مَثَّلَ بِهِ الشَّارِحُ وَهُوَ الدَّمُ الَّذِي اسْتَحَالَتْ إلَيْهِ الْبَيْضَةُ. (قَوْلُهُ: كَالْمُضَغِ) قَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ الْعِرَاقِيِّ أَيْ: كَمُضْغَةِ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: كَالْمُضَغِ) أَيْ: تَطْهُرُ بِاسْتِحَالَتِهَا حَيَوَانًا كَمَا قَالَ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ وَيَطْهُرُ كُلُّ نَجِسٍ بِاسْتِحَالَتِهِ حَيَوَانًا. (قَوْلُهُ: كَالْمُضَغِ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّ الرَّافِعِيَّ لَمَّا جَعَلَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ الْعَلَقَةَ وَالْمُضْغَةَ وَدَمَ الْبَيْضَةِ إذَا صَارَتْ حَيَوَانًا أَشَارَ إلَى بِنَاءِ ذَلِكَ عَلَى ضَعِيفٍ فَقَالَ: إذَا نَجَّسْنَاهَا اهـ. وَأَمَّا إذَا قُلْنَا بِطَهَارَتِهَا؛ لِأَنَّهَا قَرُبَتْ مِنْ الْحَيَوَانِ عَنْ الْمَنِيِّ فَلَا تَكُونُ مِنْهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ مِنْهُ عِنْدَهُ مَنِيُّ غَيْرِ الْآدَمِيِّ إذَا اسْتَحَالَ مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً لِحُكْمِهِ بِطَهَارَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا أَقْرَبُ مِنْ الْمَنِيِّ لِلْحَيَوَانِيَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْقَوْلُ بِنَجَاسَةِ الْمَنِيِّ) لَوْ قَالَ وَهُوَ الْقَوْلُ بِنَجَاسَتِهَا كَانَ أَوْلَى إذْ لَيْسَ كُلُّ مَنْ قَالَ بِنَجَاسَةِ الْمَنِيِّ قَائِلًا بِنَجَاسَةِ الْمُضَغِ فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ قَالَ بِنَجَاسَتِهِ وَبِطَهَارَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا أَقْرَبُ مِنْهُ لِلْحَيَوَانِيَّةِ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يُنَافِي الْبِنَاءَ عَلَى الضَّعِيفِ وَلِذَا قُلْنَا: إنَّهُ أَوْلَى لَا صَوَابٌ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: أَنْ يَنْجَسَ بِمَوْتٍ) أَيْ: حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا لَوْ سُلِخَ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَيْتَةِ؛ لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ مِنْ حَيٍّ كَمَيِّتِهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَانْدَبَغَ) وَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ بَعْدَ الدَّبْغِ إلَّا إذَا كَانَ جِلْدَ مُذَكَّاةٍ وَلَوْ
بِنَزْعِ فَضْلَاتٍ) مِنْهُ كَدَمٍ وَلَحْمٍ بِحِرِّيفٍ طَاهِرٍ أَوْ نَجِسٍ كَقَرَظٍ وَذَرْقِ طَيْرٍ بِحَيْثُ لَوْ نُقِعَ الْجِلْدُ فِي مَاءٍ لَمْ يُعَدَّ النَّتِنُ فَيَطْهُرُ ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ» وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي شَاةٍ مَيِّتَةٍ لَوْ أَخَذْتُمْ إهَابَهَا قَالُوا إنَّهَا مَيْتَةٌ فَقَالَ يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ» وَالْإِهَابُ الْجِلْدُ مَا لَمْ يُدْبَغْ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَوَى أَبُو دَاوُد أَيْضًا بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَمْتِعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إذَا دُبِغَتْ» وَخَرَجَ بِالْجِلْدِ الشَّعْرُ لِعَدَمِ تَأَثُّرِهِ بِالدَّبْغِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ فَيَطْهُرُ تَبَعًا وَاسْتَشْكَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ مَا لَا يَتَأَثَّرُ بِالدَّبْغِ كَيْفَ يَطْهُرُ قَلِيلُهُ قَالَ: وَلَا مُخَلِّصَ إلَّا بِأَنْ يُقَالَ: لَا يَطْهُرُ وَإِنَّمَا يُعْطَى حُكْمَ الطَّاهِرِ انْتَهَى.
وَقَدْ يُوَجَّهُ كَلَامُ النَّوَوِيِّ بِأَنَّهُ يَطْهُرُ تَبَعًا لِلْمَشَقَّةِ وَإِنْ لَمْ يَتَأَثَّرْ بِالدَّبْغِ كَمَا يَطْهُرُ دَنُّ الْخَمْرِ تَبَعًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَخَلُّلٌ وَخَرَجَ بِتَنَجُّسِهِ بِالْمَوْتِ جِلْدُ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَطْهُرُ بِالدَّبْغِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ تَعَرُّضُهَا لِلْعُفُونَةِ وَالْحَيَاةُ أَبْلَغُ فِي دَفْعِهَا فَإِذَا لَمْ تُفِدْ الطَّهَارَةُ فَالدَّبْغُ أَوْلَى، وَبِنَزْعِ فَضَلَاتِهِ تَجْمِيدُهُ وَتَمْلِيحُهُ وَتَشْمِيسُهُ وَنَحْوُهَا وَلَا يَجِبُ مَاءٌ فِي أَثْنَاءِ الدَّبْغِ؛ لِأَنَّهُ إحَالَةٌ كَالتَّخْلِيلِ لَا إزَالَةٌ وَلِهَذَا جَازَ بِالنَّجِسِ الْمُحَصِّلِ لِذَلِكَ كَمَا مَرَّ. وَأَمَّا خَبَرُ «يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ» فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ أَوْ عَلَى الطَّهَارَةِ الْمُطْلَقَةِ وَلَا فِعْلَ فَلَوْ وَقَعَ الْجِلْدُ فِي مَدْبَغَةٍ فَانْدَبَغَ طَهُرَ لِحُصُولِ الْغَرَضِ. وَعُلِمَ مِنْ الْحَصْرِ فِي الثَّلَاثَةِ أَنَّ غَيْرَهَا لَا يَطْهُرُ كَالنَّجَسِ يَصِيرُ مِلْحًا بِوُقُوعِهِ فِي مَمْلَحَةٍ أَوْ رَمَادًا أَوْ دُخَانًا بِالنَّارِ وَلَا يَرِدُ عَلَى الْحَصْرِ طَهَارَةُ الْمَنِيِّ وَاللَّبَنِ وَالْمِسْكِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ مَا دَامَ فِي الْجَوْفِ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِخَارِجٍ
(وَ) الْجِلْدُ (بَعْدَ الدَّبْغِ كَجَامِدٍ يَنْجُسُ غَسْلًا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ) لَعَلَّهُ لِلْإِبَاحَةِ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْجِلْدِ الشَّعْرُ) لَوْ بِيعَ الْجِلْدُ قَالَ الْقُونَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ فِي شَرْحِهِ لِلْحَاوِي: فَإِنْ جَوَّزْنَا بَيْعَهُ وَلَمْ يَطْهُرْ الشَّعْرُ فَقَالَ قَبْلَ إزَالَةِ شَعْرِهِ: بِعْتُكَهُ بِلَا شَعْرٍ صَحَّ أَوْ بِهِ صَحَّ فِيهِ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ مَاءٌ فِي أَثْنَاءِ الدَّبْغِ) هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ مَوْضِعَ الْوَجْهَيْنِ إذَا كَانَتْ رُطُوبَةُ الْجِلْدِ بَاقِيَةً أَمَّا لَوْ جَفَّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمَاءِ لِيَصِلَ الدَّوَاءُ بِهِ إلَى سَائِرِ أَجْزَائِهِ اهـ. وَعَبَّرَ فِي التَّنْبِيهِ بِقَوْلِهِ: فَلَا بُدَّ مِنْ تَلْيِينِهِ وَلَمْ يَقُلْ بِالْمَاءِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ أَوْلَى وَهُوَ كَمَا قَالَ. (قَوْلُهُ: أَوْ دُخَانًا بِالنَّارِ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدُّخَانَ أَجْزَاءٌ مِنْ النَّجِسِ وَفِيهِ خِلَافٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَصْلَهَا إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ الدَّمُ لَا يُحْكَمُ إلَخْ يُقَالُ عَلَيْهِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْتَثْنِيَ الْمُضْغَةَ؛ لِأَنَّهَا مَا دَامَتْ فِي الْجَوْفِ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِالنَّجَاسَةِ بِرّ. (قَوْلُهُ: لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ) فِيهِ نَظَرٌ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْغَائِطَ غَيْرُ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ فِي الْجَوْفِ بِالنَّجَاسَةِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ النَّجَاسَاتِ تُوصَفُ وَهِيَ فِي الْبَاطِنِ بِالنَّجَاسَةِ إلَّا أَنَّ مُلَاقَاتَهَا فِي الْبَاطِنِ لَا تُؤَثِّرُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
ــ
[حاشية الشربيني]
انْتَقَلَ لِطَبْعِ الثِّيَابِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَأْكُولًا قَبْلَ الدَّبْغِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الثِّيَابِ ع ش. (قَوْلُهُ: لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ النَّتِنُ) وَمَا عَدَاهُ مِنْ الْفَسَادِ إنْ عَادَ لِفَسَادِ الدَّبْغِ بِقَوْلِ خَبِيرَيْنِ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا م ر. (قَوْلُهُ: لَوْ أَخَذْتُمْ) شَرْطِيَّةٌ جَوَابُهَا مَحْذُوفٌ أَوْ لِلتَّمَنِّي. (قَوْلُهُ: وَالْقَرَظُ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ الدَّبْغُ إحَالَةٌ يَحْصُلُ بِمَا تَحْصُلُ بِهِ الْإِحَالَةُ فَلَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى تَعَيُّنِهِ بِخِلَافِ التُّرَابِ فِي وُلُوغِ الْكَلْبِ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ هُنَاكَ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَقَدْ دَخَلَهَا التَّعَبُّدُ فَاخْتَصَّتْ بِالتُّرَابِ. اهـ. إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: الشَّعْرُ) اخْتَارَ السُّبْكِيُّ طَهَارَتَهُ قَالَ: وَهُوَ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ لِخَبَرٍ فِي مُسْلِمٍ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: لَا يَنْجَسُ بِالْمَوْتِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَهُ جَمْعٌ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رضي الله عنه رَجَعَ عَنْ تَنَجُّسِ شَعْرِ الْمَيْتَةِ وَصُوفِهَا وَهُوَ الْأَوْفَقُ بِالنَّاسِ فَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِلُبْسِ جُلُودِ السِّنْجَابِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَا يُذَكَّى. اهـ. إيعَابٌ لِحَجَرٍ أَيْ: وَالْأَصْلُ فِي الْجِلْدِ عَدَمُ التَّذْكِيَةِ كَاللَّحْمِ بِخِلَافِ الشَّعْرِ رَاجِعْ التُّحْفَةَ وَغَيْرَهَا. (قَوْلُهُ: الشَّعْرُ) فِي الْمَجْمُوعِ صَحَّحَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ طَهَارَتَهُ بِالدَّبْغِ وَمِثْلُهُ الرُّويَانِيُّ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا يَطْهُرُ دَنُّ الْخَمْرِ) فَرَّقَ م ر بِأَنَّ طَهَارَةَ الدَّنِّ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ إذْ لَوْ لَمْ نَحْكُمْ بِهَا لَمْ يُوجَدْ خَلٌّ طَاهِرٌ أَيْ: وَأَدِلَّةُ طَهَارَتِهِ بِالتَّخَلُّلِ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ يَطْهُرُ؛ لِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ بِخِلَافِ الْجِلْدِ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لَا مِنْ جِهَةِ الشَّعْرِ اهـ. (قَوْلُهُ: جِلْدُ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ) خَالَفَ دَاوُد فَقَالَ: يَطْهُرُ بِالدَّبْغِ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَوْلُهُ: لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ لِعَدَمِ صِدْقِ الْحَدِّ أَعْنِي " مُسْتَقْذَرٍ إلَخْ " عَلَيْهِ إذْ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ مَا دَامَ كَذَلِكَ فَانْدَفَعَ مَا ل سم هُنَا اهـ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِخَارِجٍ) فَيَكُونُ الْحُكْمُ بِالنَّجَاسَةِ عَلَيْهِ لِخُرُوجِهِ
(قَوْلُهُ: وَالْجِلْدُ بَعْدَ الدَّبْغِ إلَخْ) .
(فَرْعٌ) فِي مَذْهَبِ الْعُلَمَاءِ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ هِيَ سَبْعَةُ مَذَاهِبَ أَحَدُهَا: لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ شَيْءٌ. ثَانِيهَا: يَطْهُرُ بِهِ جِلْدُ مَأْكُولِ اللَّحْمِ دُونَ غَيْرِهِ. ثَالِثُهَا: يَطْهُرُ بِهِ جُلُودُ الْمَيْتَةِ إلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ. رَابِعُهَا: يَطْهُرُ بِهِ الْجَمِيعُ إلَّا جِلْدَ الْخِنْزِيرِ. خَامِسُهَا: يَطْهُرُ الْجَمِيعُ وَالْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ إلَّا أَنَّهُ يَطْهُرُ ظَاهِرُهُ دُونَ بَاطِنِهِ فَيُسْتَعْمَلُ فِي الْيَابِسِ دُونَ الرَّطْبِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ لَا فِيهِ. سَادِسُهَا: يَظْهَرُ بِالدِّبَاغِ جَمِيعُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. سَابِعُهَا: يُنْتَفَعُ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ بِلَا دِبَاغٍ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فِي الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ. حُكِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ وَأَطَالَ فِي بَيَانِ أَصْحَابِ
يَبْغِي) أَيْ: كَجَامِدٍ آخَرَ تَنَجَّسَ بِنَجَاسَةٍ مُتَوَسِّطَةٍ وَهِيَ مَا لَيْسَتْ مُغَلَّظَةً وَهِيَ نَجَاسَةُ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ وَلَا مُخَفَّفَةً وَهِيَ نَجَاسَةُ بَوْلِ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَطْعَمْ غَيْرَ اللَّبَنِ فِي أَنَّهُ يَطْلُبُ غَسْلًا يَعْنِي فِي أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُ لِتَنَجُّسِهِ بِالدَّابِغِ النَّجِسِ أَوْ الْمُتَنَجِّسِ بِمُلَاقَاتِهِ، وَخَرَجَ بِالْجَامِدِ الْمَائِعُ الْمُتَنَجِّسُ وَلَوْ مَاءً أَوْ دُهْنًا فَلَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ فَقَالَ إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَأَرِيقُوهُ» فَلَوْ أَمْكَنَ تَطْهِيرُهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ ذَلِكَ لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: بِنَجَاسَةٍ مُتَوَسِّطَةٍ) إنَّمَا قَيَّدَ بِالْمُتَوَسِّطَةِ لِقَوْلِهِ: يُبْغَى غَسْلًا. فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي فِي الْمُخَفَّفَةِ وَإِنَّمَا أَخْرَجَ الْمُخَفَّفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَشْبِيهُ الْجِلْدِ بِهِ إذَا تَنَجَّسَ هُوَ بِالْمُخَفَّفَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ النَّجَاسَةَ الْمُتَوَسِّطَةَ وَلَوْ فُرِضَ عُرُوضُ الْمُخَفَّفَةِ لَهُ أَيْضًا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ النَّجَاسَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ اللَّازِمَةِ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ: الْمُتَوَسِّطَةُ مَا لَيْسَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ: الْمُغَلَّظَةُ نَجَاسَةُ الْكَلْبِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ: الْمُخَفَّفَةُ نَجَاسَةُ بَوْلٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَيْ: كَجَامِدٍ إلَخْ) أَقُولُ: حَقُّ تَقْرِيرِ الْمَتْنِ أَنْ يُقَالَ: أَيْ: كَجَامِدٍ آخَرَ تَنَجَّسَ بِنَجَاسَةٍ غَيْرِ مُخَفَّفَةٍ فِي أَنَّهُ يَطْلُبُ غَسْلًا فَقَطْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَجَاسَةٌ مُغَلَّظَةٌ وَفِي أَنَّهُ يَطْلُبُ غَسْلًا يُمْزَجُ بِتُرَابٍ طَاهِرٍ إلَخْ. وَلَا يَتَأَتَّى تَشْبِيهُهُ بِجَامِدٍ تَنَجَّسَ بِمُخَفَّفَةِ؛ لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ لَا تَكُونُ مُخَفَّفَةً حَتَّى لَوْ لَاقَتْهُ نَجَاسَةٌ مُخَفَّفَةٌ صَارَتْ مُتَوَسِّطَةً لِتَأَثُّرِهَا بِنَجَاسَةِ الْغَيْرِ الْمُخَفَّفَةِ. (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُ إلَخْ) فِي الْعُبَابِ كَغَيْرِهِ وَمَنْ تَلَطَّخَ بِنَجَاسَةٍ عَبَثًا لَزِمَهُ غَسْلُهُ فَوْرًا وَإِلَّا فَلِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا اهـ. وَقَوْلُهُ: وَمَنْ تَلَطَّخَ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ مُكَلَّفٌ فِي بَدَنِهِ وَقَوْلُهُ: لَزِمَهُ غَسْلُهُ فَوْرًا قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَيَجِبُ الْفَوْرُ أَيْضًا عَلَى مَنْ تَعَدَّى بِتَنْجِيسِ ثَوْبِ غَيْرِهِ وَفِيمَا لَوْ خَرَجَتْ نَجَاسَةٌ مِنْ الْمَيِّتِ لِوُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ بِدَفْنِهِ وَفِيمَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَفِيمَا إذَا رَأَى نَجَاسَةً فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَرِدُ عَلَى الْأَصَحِّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَوْرِيَّةَ هُنَا لِأَمْرٍ خَارِجٍ لَا مِنْ حَيْثُ التَّنْجِيسُ اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَفَارَقَ الْعَاصِيَ بِالْجَنَابَةِ فَإِنَّ الَّذِي يُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْغَسْلُ فَوْرًا بِأَنَّهُ لَيْسَ مُتَلَبِّسًا بِمَا عَصَى بِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَمَرَّ فِيمَنْ خَضَّبَ بِحِنَّاءٍ نَجِسٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حَلْقُ الشَّعْرِ أَيْ: وَإِنْ عَصَى بِتَنْجِيسِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُثْلَةِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِيمَنْ أَزَالَ جِرْمَ نَجَاسَةٍ عَلَى بَدَنِهِ بِحَجَرٍ نَجِسٍ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِقَصْدِ تَخْفِيفِ جِرْمِهَا حَتَّى يَسْهُلَ إزَالَتُهُ أَوْ يَكْفِيَهُ الْقَلِيلُ مِنْ الْمَاءِ جَازَ أَوْ عَبَثًا لَمْ يَجُزْ لِتَعَدِّيهِ حِينَئِذٍ بِمُلَاقَاةِ الْمَوْضِعِ الْمُتَنَجِّسِ مِنْ الْحَجَرِ لِبَدَنِهِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ إطْلَاقَ الْأَكْثَرِينَ مَنْعَ الْإِثْمِ بِذَلِكَ مَمْنُوعٌ بَلْ كَلَامُهُمْ صَرِيحٌ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ.
(تَنْبِيهٌ) فِي الْجَوَاهِرِ يَجُوزُ وَطْءُ الزَّوْجَةِ فِي ثُقْبَةٍ مُنْفَتِحَةٍ تَحْتَ مَعِدَتِهَا مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ وَانْسِدَادِهِ وَاسْتَشْكَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ التَّضَمُّخَ بِالْغَائِطِ أَشَدُّ مِنْهُ بِالدَّمِ وَلِذَا عُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ دُونَ يَسِيرِ الْغَائِطِ وَحَرُمَ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ اهـ. وَهُوَ كَمَا قَالَ وَقَوْلُهُ: وَمَرَّ فِيمَنْ خَضَّبَ بِحِنَّاءِ نَجِسٍ إلَخْ أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ إذَا بَقِيَ اللَّوْنُ، وَنَصُّ عِبَارَتِهِ فِيمَا مَرَّ مَا نَصُّهُ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ وَلَوْ صَبَغَ يَدَهُ بِصِبْغٍ نَجِسٍ أَوْ خَضَّبَ يَدَهُ أَوْ شَعْرَهُ بِحِنَّاءٍ نَجِسٍ بِأَنْ خُلِطَ بِبَوْلٍ أَوْ خَمْرٍ أَوْ دَمٍ وَغَسَلَهُ فَزَالَتْ الْعَيْنُ وَبَقِيَ اللَّوْنُ فَهُوَ طَاهِرٌ. هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ ثُمَّ ذَكَرَ مُقَابِلَ الصَّحِيحِ أَقْوَالًا مُتَعَدِّدَةً ثُمَّ قَالَ: قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي: فَإِنْ قُلْنَا لَا يَطْهُرُ فَإِنْ كَانَ الْخِضَابُ عَلَى شَعْرٍ كَاللِّحْيَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ حَلْقُهُ إلَخْ اهـ. وَقَوْلُهُ أَوَّلَ الْكَلَامِ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ وَهُوَ مُكَلَّفٌ فِي بَدَنِهِ يَخْرُجُ ثَوْبُهُ وَلَا يُنَافِيهِ حُرْمَةُ تَضَمُّخِ الثَّوْبِ بِالنَّجَاسَةِ أَيْضًا كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ وَقَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُثْلَةِ لَا يَتَأَتَّى فِي نَحْوِ شَعْرِ سَاقِهِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ) كَأَنَّ وَجْهَهُ فِي الْمَاءِ وَإِنْ طَهُرَ قَلِيلُهُ بِالْمُكَاثَرَةِ وَكَثِيرُهُ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ أَنَّ ذَلِكَ إحَالَةٌ لَا إزَالَةٌ فَلَا يُعَدُّ تَطْهِيرًا وَفِي الْخَادِمِ لَوْ عُجِنَ عَجِينٌ بِمَاءٍ نَجِسٍ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ يَنْفُذُ فِيهِ طَهُرَ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْفُذُ فَالطَّرِيقُ أَنْ يُخْلَطَ بِالْمَاءِ حَتَّى يَصِيرَ رَقِيقًا ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ خَبَزَهُ فَطَرِيقُ طُهْرِهِ النَّقْعُ أَيْضًا حَتَّى يَنْفُذَ فِيهِ الْمَاءُ اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمَذَاهِبِ وَاسْتِدْلَالِهِمْ وَرَدَّهُ فَلْيُرَاجِعْهُ مَنْ أَرَادَهُ.
(فَرْعٌ) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَطْهُرُ جِلْدُ مَا لَا يُؤْكَلُ بِذَبْحِهِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي طَهَارَةِ لَحْمِهِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ. (قَوْلُهُ: الْجِلْدُ) قَدَّرَهُ إشَارَةً إلَى أَنَّ كَجَامِدٍ خَبَرُ مَحْذُوفٍ. (قَوْلُهُ: آخَرَ) وَإِلَّا فَهُوَ جَامِدٌ تَنَجَّسَ. (قَوْلُهُ: مُتَوَسِّطَةٍ) أُخِذَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ غَسْلًا يُبْغَى مَعَ تَقْيِيدِ السَّبْعِ بِالْكَلْبِ فَإِنَّ الْمُخَفَّفَةَ لَا تُبْغَى غَسْلًا وَهُوَ مَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ السَّيَلَانِ بَلْ يَكْفِي غَمْرُهَا بِالْمَاءِ بِلَا سَيَلَانٍ، وَالْمُغَلَّظَةَ تُبْغَى سَبْعًا اهـ. (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ يَطْلُبُ) مُتَعَلِّقٌ بِمَعْنَى الْكَافِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاءً) أَظُنُّهُ لِلرَّدِّ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ دُهْنًا) رَدٌّ عَلَى ضَعِيفٍ قَائِلٍ بِإِمْكَانِ تَطْهِيرِهِ وَمَحَلُّهُ إنْ تَنَجَّسَ بِمَا لَا دُهْنِيَّةَ فِيهِ وَإِلَّا كَوَدَكِ الْمَيْتَةِ لَمْ يَطْهُرْ قَطْعًا. اهـ. إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ) فَرَّعَ السُّبْكِيُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُتَنَجِّسَ إنْ كَانَ تَنَجُّسُهُ حَالَ مَائِعِيَّتِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ بِأَنْ تَنَجَّسَ الْعَسَلُ ثُمَّ طُبِخَ سُكَّرًا لَمْ يَطْهُرْ وَإِنْ كَانَ تَنَجُّسُهُ بَعْدَ انْعِقَادِهِ طَهُرَ بِنَقْعِهِ فِي الْمَاءِ وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ الْجَامِدُ بِخِلَافِ نَحْوِ الدَّقِيقِ إذَا عُجِنَ بِمَاءٍ نَجِسٍ وَصَارَ مَائِعًا أَوْ جَامِدًا فَإِنَّهُ إذَا
وَالزِّئْبَقُ إنْ تَقَطَّعَ فَكَالدُّهْنِ وَإِلَّا فَكَالْجَامِدِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّظْمِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي غَسْلِ مَا ذُكِرَ عَدَدٌ لِعَدَمِ تَعَرُّضِ الْأَدِلَّةِ لَهُ وَإِنْ تَنَجَّسَ بِمُغَلَّظَةٍ اُعْتُبِرَ الْعَدَدُ مَعَ التَّتْرِيبِ كَمَا قَالَ.
(بِمَزْجِ تُرْبٍ طَاهِرٍ مِنْ سَبْعِ لِلْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ أَوْ لِلْفَرْعِ) أَيْ: كَجَامِدٍ يُبْغَى غَسْلًا مَعَ مَزْجِ تُرَابٍ طَاهِرٍ (بِالْمَاءِ مَرَّةً) مِنْ سَبْعِ مَرَّاتٍ لِأَجْلِ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَفَرْعِهِمَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ «أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» وَفِي خَبَرٍ لِمُسْلِمٍ «وَعَفِّرُوا الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ» وَالْمُرَادُ أَنَّ التُّرَابَ يُمْزَجُ بِالسَّابِعَةِ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد السَّابِعَةَ بِالتُّرَابِ. وَهِيَ مُعَارِضَةٌ لِرِوَايَةِ أُولَاهُنَّ فِي مَحَلِّ التُّرَابِ فَيَتَسَاقَطَانِ فِي تَعْيِينِ مَحَلِّهِ وَيُكْتَفَى بِوُجُودِهِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ السَّبْعِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيّ إحْدَاهُنَّ بِالْبَطْحَاءِ وَقِيسَ بِالْكَلْبِ الْخِنْزِيرِ وَفَرْعِهِمَا وَبِوُلُوغِهِ غَيْرُهُ كَبَوْلِهِ وَعَرَقِهِ وَلَوْ تَنَجَّسَ بِذَلِكَ شَيْءٌ فَجَرَى عَلَيْهِ الْمَاءُ الْكَدِرُ سَبْعَ جَرَيَاتٍ أَوْ تَحَرَّكَ سَبْعًا فِي مَاءٍ كَثِيرٍ كَدِرٍ طَهُرَ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ. وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّاظِمِ أَنَّ السَّبْعَ كَافِيَةٌ لِذَلِكَ وَلَوْ أَصَابَهُ نَجَسٌ آخَرُ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَرُّ التُّرَابِ عَلَى الْمَحَلِّ وَلَا مَزْجُهُ بِغَيْرِ مَاءٍ كَخَلٍّ وَنَحْوِهِ نَعَمْ
ــ
[حاشية العبادي]
نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْعِمَادِ بْنِ يُونُسَ فِي سُكَّرٍ مَجْمُوعٍ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ فَإِذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْكَثِيرُ فَاسْتُهْلِكَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ ثُمَّ سُبِكَ حَتَّى عَادَ لَهُ قَوَامُهُ هَلْ يَطْهُرُ وَيُسْتَعْمَلُ؟ فَأَجَابَ: إنْ تَغَيَّرَ الْمَاءُ بِالنَّجَاسَةِ لَا يَطْهُرُ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بُنِيَ عَلَى طَهَارَةِ الْغُسَالَةِ إذَا لَمْ تَتَغَيَّرْ وَالصَّحِيحُ طَهَارَتُهَا اهـ.
وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْعَجِينِ جَزَمَ بِهِ الْعُبَابُ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَعِبَارَةُ شَرْحِهِ عَنْهُ: إنْ كَانَ الْمَاءُ يَنْفُذُ فِيهِ طَهُرَ بِصَبِّ الْمَاءِ فِيهِ وَنُفُوذِهِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْفُذُ فَالطَّرِيقُ أَنْ يَخْتَلِطَ بِالْمَاءِ حَتَّى يَصِيرَ رَقِيقًا فَيَتَخَلَّلَ الْمَاءُ أَجْزَاءَهُ ثُمَّ ذَكَرَ اسْتِشْكَالَ الزَّرْكَشِيّ طَهَارَةَ الْعَجِينِ بِأَنَّ الْتِفَافَ أَجْزَائِهِ تَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَيْهَا وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ حَتَّى يَتَغَيَّرَ ثُمَّ قَالَ: وَزَعْمُ عَدَمِ الْإِمْكَانِ مَمْنُوعٌ لِمَا تَقَرَّرَ فِي كَلَامِ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ قُلْت: مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْغُسَالَةَ إنْ انْفَصَلَتْ مُتَغَيِّرَةٌ لَمْ تَطْهُرْ مُشْكِلٌ إذْ لَا يُمْكِنُ فِي نَحْوِ الْعَجِينِ عَدَمُ تَغَيُّرِهَا قُلْت الْمَحْذُورُ إنَّمَا هُوَ تَغَيُّرُهَا بِالنَّجَاسَةِ أَمَّا الْمُتَغَيِّرُ بِالْعَجِينِ فَلَا يَضُرُّ مِنْهُ إلَّا الْكَثِيرُ فَإِنْ وُجِدَ التَّغَيُّرُ بِهِ الْكَثِيرُ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ التَّغَيُّرَ هُنَا لَمَّا كَانَ ضَرُورِيًّا أَشْبَهَ التَّغَيُّرَ بِمَا فِي الْمَقَرِّ وَالْمَمَرِّ فَلَا يَضُرُّ وَإِنْ كَثُرَ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ فَرْقُ بَعْضِهِمْ بَيْنَ هَذَا التَّغَيُّرِ وَالتَّغَيُّرِ بِمَا عَلَى الْمَحَلِّ فَإِنَّهُ يَضُرُّ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ ذَاكَ فِي تَغَيُّرٍ بِمَا عَلَى الْمَحَلِّ وَهَذَا بِنَفْسِ الْمَحَلِّ الْمُرَادِ تَطْهِيرُهُ أَيْ: فَهُوَ هُنَا ضَرُورِيٌّ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ، وَاسْتَشْهَدَ لِمَا فَرَّقَ بِهِ بِإِفْتَاءِ الْعِمَادِ بْنِ يُونُسَ فِي سُكَّرٍ مَجْمُوعٍ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ فَصُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ كَثِيرٌ فَاسْتَهْلَكَ فِيهِ النَّجَاسَةَ ثُمَّ سُبِكَ حَتَّى عَادَ إلَى قَوَامِهِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ بِالنَّجَاسَةِ بِنَاءً عَلَى طَهَارَةِ الْغُسَالَةِ أَيْ: وَلَا زَادَ وَزْنُهَا اهـ. وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا قَدَّمْته أَيْضًا مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّغَيُّرِ بِالنَّجَاسَةِ فَيَضُرُّ مُطْلَقًا أَوْ بِنَفْسِ الْمَحَلِّ الْمُرَادِ تَطْهِيرُهُ فَلَا يَضُرُّ وَإِنْ كَثُرَ التَّغَيُّرُ لِمَا قَدَّمْته أَنَّهُ ضَرُورِيٌّ كَالتَّغَيُّرِ بِمَا فِي الْمَقَرِّ وَالْمَمَرِّ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ اهـ. (قَوْلُهُ: بِمَزْجِ تُرْبٍ) قَالَ فِي الْعُبَابِ كَالرَّوْضِ وَإِنْ أَفْسَدَ الثَّوْبَ اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ سَبْعٍ) مِنْ لِلتَّبْعِيضِ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ مَرَّةً. (قَوْلُهُ: لِلْكَلْبِ) هُوَ حَالٌ مِنْ سَبْعٍ أَيْ: سَبْعٍ كَائِنَةٍ لِأَجْلِ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ بِرّ. (قَوْلُهُ: بِالْمَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَزْجِ.
(قَوْلُهُ: ذَرُّ التُّرَابِ) أَيْ: بِمُجَرَّدِهِ أَمَّا
ــ
[حاشية الشربيني]
جُفِّفَ ثُمَّ نُقِعَ فِي الْمَاءِ طَهُرَ وَالْفَرْقُ أَنَّ نَحْوَ الدَّقِيقِ جَامِدٌ والْمَائِعِيَّةُ عَارِضَةٌ بِخِلَافِ نَحْوِ الْعَسَلِ. اهـ. وَقَرَّرَهُ م ر وَاعْتَمَدَهُ.
(قَوْلُهُ: أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ) يَحْتَمِلُ التَّخْيِيرَ وَالشَّكَّ مِنْ الرَّاوِي وَيُؤَيِّدُ الثَّانِيَ مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ أُولَاهُنَّ أَوْ قَالَ أُولَاهُنَّ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَاهُنَّ بِالْجَزْمِ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّقْيِيدِ بِقَيْدَيْنِ حَتَّى يَحْصُلَ التَّعَارُضُ؛ لِأَنَّ أُخْرَاهُنَّ تَأْنِيثُ آخَرَ بِفَتْحِ الْخَاءِ بِمَعْنَى إحْدَاهُنَّ فَلَا قَيْدَ إلَّا أُولَاهُنَّ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ تَأْنِيثَ آخَرَ بِالْفَتْحِ لَا يُضَافُ فَتَعَيَّنَ أَنَّهَا تَأْنِيثُ الْمَكْسُورَةِ إيعَابٌ وَإِنَّمَا لَا يُضَافُ لِمَا فِي الرَّضِيِّ مِنْ أَنَّهُ جُرِّدَ عَنْ مَعْنَى التَّفْضِيلِ فَلَا يُضَافُ وَلَا يُسْتَعْمَلُ بِمِنْ وَمِنْهُ يُعْلَمُ رَدُّ مَا قِيلَ: إنَّ أَوَّلَ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْوَاحِدِ وَكَذَا أُولَى وَآخَرُ وَأُخْرَى كَذَلِكَ فَالرِّوَايَاتُ كُلُّهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ إلَخْ) أَخَذَ بِهَا دَاوُد وَأَحْمَدُ فَأَوْجَبُوا ثَمَانِيَةً وَيُسَنُّ الْخُرُوجُ مِنْ خِلَافِهِمَا اهـ شَرْحُ عُبَابٍ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُعَارِضَةٌ إلَخْ) أَيْ: نَظَرَ الرِّوَايَةِ إحْدَاهُنَّ فَلَا يُقَالُ: يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِالتَّتْرِيبِ فِي الْمَحَلَّيْنِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: فَيَتَسَاقَطَانِ) لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ الْمُطْلَقَ إذَا قُيِّدَ بِقَيْدَيْنِ مُتَنَافِيَيْنِ طُرِحَا وَبَقِيَ الْعَمَلُ بِالْإِطْلَاقِ إذْ لَا مُقَيِّدَ لَهُ حِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ يَبْقَى التَّخْيِيرُ بَيْنَ مَا وَقَعَ فِيهِ التَّعَارُضُ فَقَطْ لَا وَجْهَ لَهُ. اهـ. إيعَابٌ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى تَعْيِينِ التُّرَابِ فِي الْأُولَى أَوْ الْأُخْرَى لَا يُطَهِّرُهُ غَيْرُهَا. وَفِي الْأُمِّ نَحْوُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمَرْعَشِيُّ فِي الْأَقْسَامِ وَنَحْوُهُ فِي الرَّوْنَقِ. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي وَلَعَلَّهُ رَجَعَ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَبِوُلُوغِهِ غَيْرُهُ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: الرَّاجِحُ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ أَنَّهُ يُكْتَفَى فِي غَيْرِ الْوُلُوغِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ اقْتِصَارًا عَلَى مَحَلِّ النَّصِّ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْقِيَاسِ اهـ. وَعِنْدَنَا وَجْهٌ كَمَا ذَكَرَهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَنَازَعَهُ فِي الْإِيعَابِ فِي الْخُرُوجِ عَنْ الْقِيَاسِ.
(قَوْلُهُ: سَبْعَ جِرْيَاتٍ) فَلَوْ غَمَسَهُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَا يَكْفِي وَهُوَ الْأَصَحُّ بَلْ تُحْسَبُ غَسْلَةً وَاحِدَةً. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي وَالصَّحِيحُ الْمُقَابِلُ يَقُولُ: إنَّ الْمَاءَ طَبَقَاتٌ فَكُلُّ طَبَقَةٍ مَرَّةٌ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا سَبْعَ جِرْيَاتٍ) فَلَا يَكْفِي مُرُورُ جِرْيَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ كَبِيرَةً وَالْمُتَنَجِّسُ صَغِيرٌ جِدًّا فَلَا تَقُومُ كُلُّ حَرَكَةٍ لِلْجِرْيَةِ مَقَامَ مَرَّةٍ إذْ لَا دُفُعَاتِ حَتَّى تُعَدَّ تِلْكَ الدُّفُعَاتُ بِمَنْزِلَةِ الْغَسَلَاتِ. (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ أَصَابَهُ) هَذَا الْإِفْهَامُ ظَاهِرٌ عَلَى مَا قَرَّرَ بِهِ سم الْمَتْنَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَرُّ التُّرَابِ) أَيْ: بِدُونِ مَاءٍ وَلِذَا صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَفَى. وَقَوْلُ الْقَمُولِيِّ إذَا ذَرَّهُ عَلَى الْمَحَلِّ أَيْ: الرَّطْبِ تَنَجَّسَ بِهِ وَاحْتَاجَ إلَى الْغَسْلِ. فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ التُّرَابَ طَهُورٌ وَالطَّهُورُ الْوَارِدُ عَلَى نَجَسٍ لَا يَتَنَجَّسُ بِهِ وَفِي
إنْ مَزَجَهُ بِالْمَاءِ بَعْدَ مَزْجِهِ بِذَلِكَ كَفَى كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَلَا مَزْجُ غَيْرِ التُّرَابِ الطَّاهِرِ كَتُرَابٍ نَجِسٍ وَأُشْنَانٍ وَصَابُونٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْقَصْدَ بِالتُّرَابِ التَّطْهِيرُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ فَيُشْتَرَطُ طَهُورِيَّةُ التُّرَابِ حَتَّى لَا يَكْفِيَ الْمُسْتَعْمَلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْكَمَالُ سَلَّارٌ شَيْخُ النَّوَوِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ وَأَنَّهُ لَا تَقُومُ ثَامِنَةٌ مَقَامَ التُّرَابِ لِلْخَبَرِ وَلِأَنَّهُ غُلِّظَ فِي ذَلِكَ بِالْجَمْعِ بَيْنَ جِنْسَيْنِ فَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا كَزِنَا الْبِكْرِ لَمَّا غُلِّظَ أَمْرُهُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالتَّغْرِيبِ لَمْ يَكْفِ أَحَدُهُمَا وَأَنَّهُ يُكْتَفَى بِالسَّبْعِ وَإِنْ لَمْ تَزُلْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ إلَّا بِالسَّابِعَةِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهَا تُحْسَبُ وَاحِدَةً وَيُكْتَفَى بِالسَّبْعِ وَإِنْ وَلَغَ فِي الْإِنَاءِ كِلَابٌ أَوْ كَلْبٌ
ــ
[حاشية العبادي]
لَوْ ذَرَّهُ ثُمَّ صَبَّ الْمَاءَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ حَصَلَ الْمَزْجُ عَلَى الْمَحَلِّ فَإِنَّهُ يَكْفِي كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ كَفَى) أَيْ: بِحَيْثُ لَمْ يَسْلُبْ نَحْوُ الْخَلِّ طَهُورِيَّةَ الْمَاءِ. (قَوْلُهُ: كَتُرَابٍ نَجِسٍ) أَيْ: إلَّا عَلَى وَجْهٍ يُطَهِّرُهُ كَأَنْ يَمْزُجَهُ بِمَاءٍ كَثِيرٍ لَا يَتَغَيَّرُ بِالنَّجَاسَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يَكْفِيَ الْمُسْتَعْمَلُ) يُتَّجَهُ أَنْ يُعَدَّ مِنْ الْمُسْتَعْمَلِ فَلَا يَكْفِي مَا لَوْ اسْتَنْجَى بِطِينٍ مُسْتَحْجَرٍ ثُمَّ طَهَّرَهُ مِنْ النَّجَاسَةِ ثُمَّ جَفَّفَهُ ثُمَّ دَقَّهُ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْمَانِعَ كَمَاءِ الِاسْتِنْجَاءِ كَأَنْ بَالَ وَجَفَّ الْبَوْلُ ثُمَّ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْمَانِعَ وِفَاقًا لمر. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَزُلْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ) هَلْ الْمُرَادُ بِالْعَيْنِ هُنَا الْجِرْمُ أَوْ مُقَابِلُ الْحُكْمِيَّةِ؟ الْأَوْجَهُ الثَّانِي م ر.
ــ
[حاشية الشربيني]
أَمَالِي السَّرَخْسِيِّ: إنَّ فِي ذَرِّ التُّرَابِ عَلَى الْمَحَلِّ مَعَ رُطُوبَتِهِ ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَبِهِ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي الْإِجْزَاءُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ رَطْبًا فَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِعَدَمِ الْكِفَايَةِ وَكَتَبَ سِبْطُ الطَّبَلَاوِيِّ بِهَامِشِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ: حَاصِلُ مَا تَحَرَّرَ مَعَ م ر بِالْفَهْمِ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ النَّجَاسَةُ عَيْنِيَّةً بِأَنْ يَكُونَ جِرْمُهَا أَوْ أَوْصَافُهَا مِنْ طَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ مَوْجُودًا فِي الْمَحَلِّ لَمْ يَكْفِ وَضْعُ التُّرَابِ أَوَّلًا عَلَيْهَا وَهَذَا مَحْمَلُ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا بِخِلَافِ وَضْعِ الْمَاءِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى بَلْ هُوَ الْمُزِيلُ.
وَإِنَّمَا التُّرَابُ شَرْطٌ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ زَالَتْ أَوْصَافُهَا فَيَكْفِي وَضْعُ التُّرَابِ أَوَّلًا وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ نَجِسًا وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَنَّهَا إذَا كَانَتْ أَوْصَافُهَا فِي الْمَحَلِّ مِنْ غَيْرِ جِرْمٍ وَصُبَّ عَلَيْهِمَا مَاءٌ مَمْزُوجٌ بِالتُّرَابِ فَإِنْ زَالَتْ أَوْصَافُهَا بِتِلْكَ الْغَسْلَةِ حُسِبَتْ وَإِلَّا فَلَا فَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ فِي قَوْلِهِمْ: مُزِيلُ الْعَيْنِ وَاحِدَةٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ مَا يَشْمَلُ أَوْصَافَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جِرْمٌ. اهـ. سم عَلَى غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَفِي حَاشِيَةِ الْبُجَيْرِمِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ أَوَّلًا وَآخِرًا مَا يُفِيدُ أَنَّ الْعَيْنَ كَالْأَوْصَافِ فِي التَّفْصِيلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا إنْ بَقِيَتْ الْعَيْنُ أَوْ الْأَوْصَافُ فَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ جَافًّا وَوُضِعَ التُّرَابُ مَمْزُوجًا بِالْمَاءِ أَوْ وَحْدَهُ كَفَى التَّتْرِيبُ إنْ زَالَتْ الْعَيْنُ أَوْ الْأَوْصَافُ مَعَ الْمَاءِ الْمُصَاحِبِ لِلتَّتْرِيبِ، وَكَذَا إنْ كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا وَوُضِعَ التُّرَابُ مَمْزُوجًا بِالْمَاءِ وَزَالَ كُلٌّ مِنْ الْعَيْنِ وَالْأَوْصَافِ وَإِنْ وُضِعَ وَحْدَهُ لَمْ يَكْفِ لِتَنَجُّسِهِ اهـ.
وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ الْكِفَايَةُ مُطْلَقًا بِلَا تَفْصِيلٍ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَرُّ التُّرَابِ) هَذَا مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ: بِمَزْجِ تُرَابٍ بِالْمَاءِ. (قَوْلُهُ: كَفَى) أَيْ: إنْ لَمْ يَكْثُرْ تَغَيُّرُ الْمَاءِ وَإِلَّا ضَرَّ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ جَمْعُ طَهُورَيْنِ فِي هَذِهِ الْغَسْلَةِ وَقَدْ زَالَتْ طَهُورِيَّةُ الْمَاءِ. (قَوْلُهُ: كَتُرَابٍ نَجِسٍ وَأُشْنَانٍ وَصَابُونٍ) قِيلَ بِإِجْزَاءِ كُلٍّ وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ جَمْعُ الطَّهُورَيْنِ إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: لَا يَكْفِي الْمُسْتَعْمَلُ) وَكَذَا الْمُحْرَقُ الَّذِي لَا يَكْفِي فِي التَّيَمُّمِ إيعَابٌ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يُكْتَفَى بِالسَّبْعِ إلَخْ) أَفْهَمَ هَذَا عَدَمَ اشْتِرَاطِ شَيْءٍ غَيْرِ الْمَزْجِ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يُكْتَفَى بِالسَّبْعِ وَإِنْ لَمْ تَزُلْ إلَخْ) أَيْ: قِيَاسًا عَلَى حُسْبَانِ الْعَدَدِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ قَبْلَ زَوَالِ الْعَيْنِ، وَفُرِّقَ بِأَنَّهُ مَحَلُّ تَخْفِيفٍ وَمَا هُنَا مَحَلُّ تَغْلِيظٍ فَلَا يُقَاسُ هَذَا بِذَاكَ قَالَ الْغَزَالِيُّ: شَرْطُ الْقِيَاسِ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ فِي حُكْمِ التَّغْلِيظِ وَالتَّخْفِيفِ فَظَهَرَ أَنَّ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. إيعَابٌ قَالَ فِي الْإِيعَابِ أَيْضًا: ثُمَّ مَحَلُّ كَوْنِ الْغَسْلِ لَا يَكْفِي مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِمَحَلِّهَا دُونَ بَقِيَّةِ نَوَاحِي الْإِنَاءِ؛ لِأَنَّ نَجَاسَتَهَا حُكْمِيَّةٌ فَيَنْبَغِي حُسْبَانُ كُلُّ مَرَّةٍ مِنْ السَّبْعِ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ يَتَرَدَّدُ عَلَى نَوَاحِي الْإِنَاءِ لَا نَحْكُمُ عَلَيْهِ بِتَنْجِيسٍ بِقَيْدِهِ وَلَا بِاسْتِعْمَالٍ وَعَلَى هَذَا فَإِذَا زَالَتْ الْعَيْنُ فِي السَّابِعَةِ طَهُرَ جَمِيعُ الْإِنَاءِ لَا مَحَلُّهَا فَيُغْسَلُ سِتًّا بَعْدَ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَزُلْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ إلَّا بِالسَّابِعَةِ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّتْرِيبُ قَبْلَ زَوَالِهَا نَعَمْ إنْ أَزَالَهَا الْمَاءُ الْمُصَاحِبُ لِلتُّرَابِ اُتُّجِهَ الْإِجْزَاءُ. اهـ. حَجَرٌ وَوَافَقَ م ر عَلَى قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّتْرِيبُ قَبْلَ زَوَالِ الْعَيْنِ وَعَلَى أَنَّ مُرَادَهُ عَيْنٌ لَهَا جِرْمٌ وَإِلَّا فَيَكْفِي اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ سَابِقًا عَنْ م ر إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَدَمُ الْكِفَايَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِالْمَحَلِّ رُطُوبَةٌ وَالْكِفَايَةُ عَلَى عَدَمِهَا فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ إلَخْ) مِنْ هُنَا تَعْلَمُ عَدَمَ اتِّجَاهِ مَا قَالَهُ ق ل فِي حَاشِيَةِ الْمَحَلِّيِّ عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ أَنَّهُ إذَا زَالَتْ الْعَيْنُ أَوْ الْأَوْصَافُ فِي السَّابِعَةِ حُسِبَتْ سَابِعَةً وَقَوْلُهُمْ: مُزِيلُ الْعَيْنِ يُحْسَبُ مَرَّةً. إنَّمَا قَالُوهُ أَصَالَةً فِي غَيْرِ النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ ثُمَّ جَعَلُوا السَّبْعَ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَرَّةِ فِي غَيْرِهَا اهـ. فَإِنَّ الْخِلَافَ مَحْكِيٌّ كَمَا تَرَى فِي الْكَلْبِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ) أَيْ: الرَّافِعِيُّ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ إلَخْ) أَيْ: النَّوَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَيُكْتَفَى بِالسَّبْعِ إلَخْ) هُوَ أَيْضًا مِنْ جُمْلَةِ مَا أَفْهَمَهُ النَّظْمُ بِدَلِيلِ التَّفْرِيعِ