المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل في) بيان (الأذان) والإقامة: - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ١

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌(بَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ (النَّجَاسَاتِ) وَإِزَالَتِهَا

- ‌[فَرْعَ وَلَغَ الْكَلْب فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَمْ يَنْقُصْ بِوُلُوغِهِ عَنْ قُلَّتَيْنِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا غَسَلَ فَمَهُ الْمُتَنَجِّسَ فَلْيُبَالِغْ فِي الْغَرْغَرَةِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الِاجْتِهَادِ) فِي الْمِيَاهِ

- ‌[فَرْعٌ الْتَبَسَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّيَاتِ بَلَدٍ أَوْ إنَاءِ بَوْلٍ بِأَوَانِي بَلَدٍ]

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي (الِاسْتِنْجَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْحَدَثِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْغُسْلِ) وَمُوجِبِهِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا]

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌[بَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْأَذَانِ) وَالْإِقَامَةُ:

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الِاسْتِقْبَالِ) لِلْكَعْبَةِ وَلِبَدَلِهَا

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (صِفَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌[فَرْعٌ تَطْوِيلُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ]

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ أَتَى المصلي بِسَبْعِ آيَاتٍ مُتَضَمِّنَةٍ لِلْفَاتِحَةِ بَدَلَهَا]

- ‌[فَرْع لِلْإِمَامِ فِي الْجَهْرِيَّةِ أَرْبَعُ سَكَتَاتٍ وَالدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (شُرُوطِ الصَّلَاةِ) وَمَوَانِعِهَا

- ‌[حُكْمَ الْفِعْلِ الَّذِي مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَبَطَلَتْ بِزِيَادَتِهِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (السَّجَدَاتِ) لِلسَّهْوِ، وَالتِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ

- ‌ مَسَائِلَ يَتَعَدَّدُ فِيهَا سُجُودُ السَّهْوِ صُورَةً لَا حَقِيقَةً

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ صَلَاةِ النَّفْلِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ صَلَاةِ (الْجَمَاعَةِ)

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ جَاءَ وَقْتُ الدُّخُولِ وَحَضَرَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ وَرَجُوا زِيَادَةً]

- ‌[بَيَانِ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ الشَّامِلَ لْإِعَادَةِ الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ إذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ صَالِحُونَ لَهَا]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

الفصل: ‌(فصل في) بيان (الأذان) والإقامة:

بَقِيَّةِ الْأَوْقَاتِ قَصْرًا عَلَى الرُّخْصَةِ الْوَارِدَةِ

وَيَمْتَدُّ وَقْتُ كَرَاهَةِ طُلُوعِ الشَّمْسِ (إلَى ارْتِفَاعٍ) لَهَا (وَهْوَ) أَيْ ارْتِفَاعُهَا (بِالتَّقْرِيبِ كَالرُّمْحِ) فِي رَأْيِ الْعَيْنِ وَإِلَّا فَالْمَسَافَةُ طَوِيلَةٌ جِدًّا وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّقْرِيبِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ (وَ) وَقْتُ كَرَاهَةِ الِاسْتِوَاءِ إلَى (الزَّوَالِ) عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ (وَ) وَقْتُ كَرَاهَةِ الِاصْفِرَارِ إلَى (الْغُرُوبِ) أَيْ تَمَامِهِ فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ

(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْأَذَانِ) وَالْإِقَامَةُ:

الْأَذَانُ وَالْأُذَيْنُ وَالتَّأْذِينُ لُغَةً: الْإِعْلَامُ قَالَ تَعَالَى {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 3] وَشَرْعًا: قَوْلٌ مَخْصُوصٌ يُعْلَمُ بِهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] وَقَوْلُهُ {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 58] وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ» وَفِي أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ: «لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيَضْرِبَ بِهِ النَّاسُ لِجَمِيعِ الصَّلَاةِ طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ فَقُلْت يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ فَقَالَ وَمَا تَصْنَعُ بِهِ فَقَالَ نَدْعُو بِهِ إلَى الصَّلَاةِ قَالَ أَوَلَا أَدُلُّك عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ فَقُلْت بَلَى فَقَالَ: تَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ. إلَى آخِرِ الْأَذَانِ ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ: وَتَقُولُ إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ: اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ. إلَى آخِرِ الْإِقَامَةِ فَلَمَّا أَصْبَحْت أَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْته بِمَا رَأَيْت فَقَالَ إنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ قُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْك فَقُمْتُ مَعَ بِلَالٍ فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ فَيُؤَذِّنُ بِهِ فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ يَقُولُ: وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْت مِثْلَ مَا رَأَى فَقَالَ صلى الله عليه وسلم فَلِلَّهِ الْحَمْدُ» .

(يُسَنُّ) الْأَذَانُ عَلَى الْكِفَايَةِ لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ قَالُوا: وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ إعْلَامٌ بِالصَّلَاةِ

ــ

[حاشية العبادي]

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْآذَانِ)(قَوْلُهُ مَخْصُوصٌ) هَذَا الْمُعَرَّفُ مِنْ أَفْرَادِهِ الْآذَانُ الْمَسْنُونُ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَوْلٌ مَخْصُوصٌ وَأَنَّهُ يُعْلَمُ بِهِ لِلصَّلَاةِ فَلَا وَجْهَ لِزِيَادَةِ بَعْضِهِمْ قَيْدَ أَصَالَةٍ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْقَيْدَ لَا يُخْرِجُهُ إذْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُعْلَمُ بِهِ لِلصَّلَاةِ أَصَالَةً أَيْ أَنَّ الْمَقْصِدَ الْأَصْلِيَّ مِنْهُ الْإِعْلَامُ فَتَدَبَّرْهُ، هَذَا إنْ أَرَادَ مَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الِاحْتِرَازِ، وَهُوَ الِاحْتِرَازُ عَنْ دُخُولِهِ فَإِنْ أَرَادَ الِاحْتِرَازَ عَنْ خُرُوجِهِ وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ دَاخِلٌ بِدُونِ هَذَا الْقَيْدِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَتِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَخَرَجَ إلَخْ) أَيْ بَعْدَمَا عَلِمَ الْخَبَرَ (قَوْلُهُ عَلَى الْكِفَايَةِ) أَيْ مَعَ التَّعَدُّدِ وَإِلَّا فَعَلَى الْعَيْنِ (قَوْلُهُ قَالُوا وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ إلَخْ) أَتَى بِصِيغَةِ التَّبَرِّي لِأَنَّ؛ فِي الْقِيَاسِ نَظَرًا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِشْعَارَ فِي الْفَرْعِ أَظْهَرُ مِنْهُ فِي الْأَصْلِ وَلِأَنَّ، تَرْكَهُ فِي بَابِ الْجَمْعِ لَا دَلِيلَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ وَاقِعَةَ حَالٍ فَعَلَيْهِ يُحْتَمَلُ أَنَّ تَرْكَهُ مَنْ رُخَصِ السَّفَرِ وَلِأَنَّ تَرْكَ ذِكْرِ بَعْضِ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ لِلْمُسِيءِ صَلَاتَهُ قَدْ اعْتَذَرُوا عَنْ تَرْكِهِ بِأَنَّهُ كَانَ

ــ

[حاشية الشربيني]

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةُ]

فَصْلٌ قَوْلُهُ فِي بَيَانِ الْأَذَانِ إلَخْ) قِيلَ إنَّهُ وَرَدَ حَدِيثٌ بِأَنَّهُ شُرِعَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ لَكِنْ فِيهِ ضَعْفٌ اهـ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَأَوَّلُ ظُهُورِ مَشْرُوعِيَّةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ، فَلَا يُنَافِي مَا قِيلَ أَنَّهُمَا شُرِعَا قَبْلُ أَيْ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ أَذَّنَ وَأَقَامَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ لِصَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم بِمَنْ فِيهِ وَلَا مَا قِيلَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَآهُمَا لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ فِي السَّمَاءِ عَلَى أَنَّ رُؤْيَتَهُمَا لَا تَقْتَضِي مَشْرُوعِيَّتَهُمَا اهـ (قَوْلُهُ الْأَذَانِ) هُوَ مِنْ آذَنَ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ أَوْ أَذَّنَ بِتَشْدِيدِ الذَّالِ بِمَعْنَى أَعْلَمَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْأَذَانُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالذَّالِ الِاسْتِمْتَاعُ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَيْهِ وَمِنْهُ مَا أَذَّنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذَّنَ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ (قَوْلُهُ الْأَذَانُ وَالْأُذَيْنُ) هُمَا اسْمَا مَصْدَرٍ، وَهُوَ التَّأْذِينُ ع ش (قَوْلُهُ وَشَرْعًا قَوْلٌ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَعْنًى شَرْعِيٌّ لِلْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: قَوْلٌ مَخْصُوصٌ) أَيْ الْإِتْيَانُ بِقَوْلِ إلَخْ فَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَقِيلَ إنَّ مَا هُنَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ فَيَكُونُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ مِنْ اسْتِعْمَالِ اسْمِ الشَّيْءِ فِي سَبَبِهِ مَجَازًا ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِيهِ لَكِنَّ عَلَى هَذَا قَوْلَهُمْ سُنَّ أَذَانٌ أَيْ الْإِتْيَانُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا هُوَ لِلْفِعْلِ لَا لِلَّفْظِ. اهـ. ع ش وسم (قَوْلُهُ لَمَّا أَمَرَ) عِبَارَةُ حَجَرٍ لَيْلَةَ تَشَاوَرُوا فِيمَا يَجْمَعُ النَّاسَ، وَهِيَ تُفِيدُ عَدَمَ أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي سِيرَةِ الشَّامِيِّ «أَنَّهُ اسْتَشَارَ النَّاسَ فَقِيلَ انْصِبْ رَايَةً وَلَمْ يُعْجِبْهُ فَذُكِرَ لَهُ الْقُنْعُ، وَهُوَ الْبُوقُ فَقَالَ هُوَ مِنْ أَمْرِ الْيَهُودِ فَذُكِرَ لَهُ النَّاقُوسُ فَقَالَ هُوَ مِنْ أَمْرِ النَّصَارَى فَقَالُوا لَوْ رَفَعْنَا نَارًا فَقَالَ ذَاكَ لِلْمَجُوسِ فَقَالَ عُمَرُ أَوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ» قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا النِّدَاءُ غَيْرُ الْأَذَانِ كَانَ شُرِعَ قَبْلَهُ قَالَ الْحَافِظُ حَجَرٌ هُوَ الصَّلَاةُ جَامِعَةً اهـ

(قَوْلُهُ فَقَالَ إنَّهَا رُؤْيَا حَقٍّ إلَخْ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ حُكْمُ الْأَذَانِ بِرُؤْيَا عَبْدِ اللَّهِ مَعَ أَنَّ رُؤْيَا غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ لِاحْتِمَالِ مُقَارَنَةِ الْوَحْيِ لِذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَأَبِي دَاوُد «أَنَّ عُمَرَ لَمَّا رَأَى الْأَذَانَ جَاءَ لِيُخْبِرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ الْوَحْيَ قَدْ وَرَدَ بِذَلِكَ فَمَا رَاعَهُ إلَّا أَذَانُ بِلَالٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبَقَك بِذَلِكَ الْوَحْيُ» ، وَالْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي يَحْتَمِلُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِهِ بِاجْتِهَادِهِ، وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ اجْتِهَادِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَحْكَامِ، وَهُوَ الْمَنْصُورُ فِي الْأُصُولِ اهـ ع ش بِاخْتِصَارٍ (قَوْلُهُ قَالُوا إلَخْ) تَبَرَّأَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ ضَعَّفَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ شِعَارٌ ظَهَرَ بِخِلَافِ الْأَذَانِ وَفِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ دَعَا إلَى مُسْتَحَبٍّ، وَهَذَا إلَى وَاجِبٍ، وَالثَّانِيَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَرْكُهُ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ وَأَنَّ الْوُجُوبَ لِكُلِّ صَلَاةٍ إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يُوَالِ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ، وَإِلَّا اكْتَفَى

ص: 263

وَدُعَاءٌ إلَيْهَا كَقَوْلِهِ: الصَّلَاةَ جَامِعَةً حَيْثُ يُشْرَعُ كَمَا سَيَأْتِي؛ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَرَكَهُ فِي ثَانِيَةِ الْجَمْعِ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا تَرَكَهُ لِلْجَمْعِ الَّذِي لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلِذِكْرِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ كَمَا ذَكَرَ الْوُضُوءَ وَالِاسْتِقْبَالَ وَأَرْكَانَ الصَّلَاةِ، وَأَقَلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ أَنْ يَنْتَشِرَ فِي جَمِيعِ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ حَتَّى إذَا كَبَّرَ أَذَّنَ فِي كُلِّ جَانِبٍ وَاحِدٌ لِيَنْتَشِرَ فِي جَمِيعِهِمْ فَإِنْ أَذَّنَ وَاحِدٌ فَقَطْ حَصَلَتْ السُّنَّةُ فِي جَانِبِ السَّامِعِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ ثُمَّ النَّظَرُ فِي مَحَلِّهِ وَصِفَتِهِ وَصِفَةِ الْمُؤَذِّنِ فَمَحَلُّهُ (فِي أَدَاءِ فَرْضِ الرَّجُلِ) وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَإِنْ بَلَغَهُ أَذَانُ غَيْرِهِ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَهُ فِي مَجْمُوعَةِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ إنْ سَمِعَ أَذَانَ غَيْرِهِ، وَقَدْ يُؤَيَّدُ بِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ الْأَذَانَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ فَخَرَجَ بِالْأَدَاءِ الْفَائِتَةُ، فَلَا يُسَنُّ فِيهَا الْأَذَانُ لِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَكَانَ قَبْلَ نُزُولِ صَلَاةِ الْخَوْفِ قَالَ حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى ذَهَبَ هَوِيٌّ مِنْ اللَّيْلِ حَتَّى كُفِينَا، وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} [الأحزاب: 25] فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَالًا فَأَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ فَصَلَّاهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّي فِي وَقْتِهَا ثُمَّ أَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ ثُمَّ أَقَامَ الْمَغْرِبَ

ــ

[حاشية العبادي]

مَعْلُومًا مَشْهُورًا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ الْأَذَانِ كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَأَقَلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ أَنْ يَنْتَشِرَ إلَخْ) فِي تَوَقُّفِ الْأَقَلِّ عَلَى الِانْتِشَارِ الْمَذْكُورِ نَظَرٌ وَمُخَالَفَةٌ لِمَا يَأْتِي فِي شَرْحٍ بِرَفْعِ صَوْتٍ أَنَّهُ يَكْفِي إسْمَاعُ الْبَعْضِ وَلَوْ وَاحِدًا إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَقَلُّ بِالنِّسْبَةِ لِحُصُولِ السُّنَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَإِنْ أَذَّنَ وَاحِدٌ فَقَطْ إلَخْ

(قَوْلُهُ وَإِنْ بَلَغَهُ إلَخْ) لَا خَفَاءَ أَنَّ مَنْ بَلَغَهُ أَذَانُ غَيْرِهِ وَأَرَادَ الصَّلَاةَ مَعَ جَمَاعَةِ ذَلِكَ الْأَذَانِ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْأَذَانُ فَيَتَحَصَّلُ أَنَّ مَنْ سَمِعَ أَذَانَ غَيْرِهِ إنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ مَعَ جَمَاعَةٍ لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ الْأَذَانُ أَوْ مُنْفَرِدًا اُسْتُحِبَّ لَهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِوَاحِدٍ كَمَا هُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِالنَّدْبِ، وَالثَّالِثُ بِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصِّحَّةُ وَلَيْسَ الْأَذَانُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ لَهُ بَعْضَ الْوَاجِبَاتِ لِعِلْمِهِ بِالْبَاقِي فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْأَذَانَ مِنْهُ اهـ سم وع ش (قَوْلُهُ: وَأَقَلُّ مَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ إلَخْ) لَعَلَّ أَكْثَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ كُلُّ مُنْفَرِدٍ لِصَلَاتِهِ، وَلَوْ سَمِعَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَكُلُّ جَمَاعَةٍ لِصَلَاتِهَا وَلَوْ وَقَعَتْ بَعْدَ جَمَاعَةٍ أُخْرَى أَذَّنَ لَهَا، وَلَوْ فِي مَسْجِدٍ إلَّا أَنَّهُ فِي هَذِهِ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ الظَّاهِرُ أَنَّ أَذَانَ الْمُنْفَرِدِ لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ الْكِفَايَةِ، وَلِذَا قَالَ م ر وَغَيْرُهُ إنَّهُمَا فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ سُنَّةُ عَيْنٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ تَعَيُّنَ الْكِفَائِيِّ لِعَارِضٍ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ فِي نَفْسِهِ كِفَائِيًّا اهـ

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَأَقَلُّ مَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ إلَخْ) قَالَ النَّاشِرِيُّ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا يَكْتَفِي أَهْلُ الْمَسَاجِدِ الْمُتَقَارِبَةِ بِأَذَانِ بَعْضِهِمْ، بَلْ يُؤَذِّنُ كُلُّ أَحَدٍ فِي مَوْضِعِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَأَقَلُّ مَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ) أَيْ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْمَكَانِ، أَمَّا أَدَاءُ أَصْلِ سُنَّةِ الْأَذَانِ فَيَكْفِي فِيهِ سَمَاعُ وَاحِدٍ اهـ تُحْفَةٌ (قَوْلُهُ أَنْ يَنْتَشِرَ إلَخْ) أَيْ يَسْمَعُهُ كُلُّ أَهْلِهِ لَوْ أَصْغَوْا إلَيْهِ اهـ تُحْفَةٌ (قَوْلُهُ الرَّجُلِ) أَيْ الذَّكَرِ بَالِغًا أَوْ لَا كَذَا فِي النَّاشِرِيِّ وَعَلَى هَذَا فَالْغَرَضُ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُنْفَرِدًا) فِيهِ أَنَّهُ سُنَّةُ كِفَايَةٍ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ فِيهِ الِانْفِرَادُ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ سُنَّةُ عَيْنٍ اهـ. شَيْخُنَا قُوَيْسَنِيٌّ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَلَغَهُ أَذَانُ غَيْرِهِ) وَإِنْ صَلَّى فِي مَوْضِعٍ أَذَّنَ فِيهِ لِجَمَاعَةٍ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ، وَإِلَّا فَلَا يُؤَذِّنُ؛ لِأَنَّهُ مَدْعُوٌّ بِإِذْنِهِمْ. اهـ. م ر سم وَظَهَرَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الصَّلَاةِ مَعَهُمْ بِالْفِعْلِ وَعَدَمِهَا لَا مُجَرَّدُ الْإِرَادَةِ. اهـ. ع ش وَهَلْ الْأَذَانُ الْجَارِي الْآنَ فِي الْمَسَاجِدِ لِلْجَمَاعَةِ فَلَا يَكُونُ الْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا مَدْعُوًّا بِهِ، وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا إنْ صَلَّى فِي الْجَمَاعَةِ، ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ بَلْ صَرِيحُهُ ذَلِكَ كَمَا أَنَّ صَرِيحَ كَلَامِهِمْ الْآتِي أَنَّ الْمَدْعُوَّ بِالْأَذَانِ لِجَمَاعَةِ الْأُولَى حَتَّى إنَّ الثَّانِيَةَ لَا بُدَّ فِي حُصُولِ كَمَالِ السُّنَّةِ لَهَا مِنْ الْأَذَانِ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ حِينَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ فَتَدَبَّرْ.

بَقِيَ مَا إذَا وَقَعَ جَمَاعَاتٌ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَالظَّاهِرُ كِفَايَةُ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ لِلْكُلِّ اهـ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ إلَخْ) حُمِلَ عَلَى مَا إذَا صَلَّى مَعَ مَنْ سَمِعَ أَذَانَهُ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ قَالَ حُبِسْنَا) أَيْ عَنْ أَدَاءِ الصَّلَوَاتِ لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ، إذْ ذَاكَ (وَلَهُ حَتَّى ذَهَبَ هَوِيٌّ) هَوِيٌّ كَغَنِيٌّ وَقَدْ يُضَمُّ: سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ كَذَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ صَحِيحٌ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَخْ) فِي الشَّيْخِ عَوَضٍ وَالشَّرْقَاوِيِّ أَنَّهُ إذَا أَذَّنَ بِمَحَلٍّ فَمَنْ سَمِعَهُ وَأَرَادَ الصَّلَاةَ فِيهِ وَصَلَّى فِيهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ الْأُولَى لَمْ يَطْلُبْ مِنْهُ الْأَذَانَ فَمَنْ لَمْ يَسْمَعْهُ طَلَبَ مِنْهُ وَإِنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ بِذَلِكَ الْمَحَلِّ وَصَلَّى فِيهِ مَعَهُمْ، وَكَذَا مَنْ سَمِعَهُ لَكِنَّهُ لَمْ يُرِدْ الصَّلَاةَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُ وَإِنْ صَلَّى فِيهِ مَعَهُمْ، وَكَذَا إذَا أَرَادَ لَكِنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فِيهِ مَعَهُمْ بِأَنْ لَمْ يُصَلِّ فِيهِ أَوْ صَلَّى فِيهِ لَا مَعَهُمْ بِأَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا أَوْ مَعَ جَمَاعَةٍ غَيْرِ الْأُولَى، فَإِنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُ الْأَذَانَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّهُ يَطْلُبُ الْأَذَانَ لِلْمُجَاوِرِينَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ فُرَادَى، وَلَوْ كَانَتْ صَلَاتُهُمْ عَقِبَ الْأَذَانِ، وَكَذَا الَّذِينَ يُصَلُّونَ جَمَاعَةً لَكِنْ بَعْدَ الْجَمَاعَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي يَسْقُطُ عَنْهَا الطَّلَبُ دُونَ غَيْرِهَا كَمَا عَلِمْت.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَحَلُّ هَذِهِ الشُّرُوطِ كُلِّهَا فِيمَا إذَا أَذَّنَ لِجَمَاعَةٍ مَخْصُوصَةٍ كَمَا يَقَعُ لِلْمُجَاوِرِينَ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ لِلْبَسَاتِينِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِلْعُمُومِ كَأَذَانِ الْمَسَاجِدِ فَإِنَّ الشَّرْطَ فِيهِ الصَّلَاةُ وَارِدَةُ الصَّلَاةِ فِيهِ وَأَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ بِالْفِعْلِ سَوَاءٌ

ص: 264

فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ ثُمَّ أَقَامَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ»

؛ وَلِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْأَذَانِ الْإِعْلَامُ بِالْوَقْتِ، وَقَدْ فَاتَ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ الْجَدِيدُ وَالْقَدِيمُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَيُؤَذِّنُ لَهَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ عَنْ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَسَارُوا حَتَّى ارْتَفَعَتْ ثُمَّ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى صَلَاةَ الْغَدَاةِ فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ» وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى خَبَرِ الْخَنْدَقِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ عَلَى أَنَّ فِي خَبَرِ الْخَنْدَقِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا «فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ» وَأَجَابَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ اخْتِلَافِ الْخَبَرَيْنِ بِأَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ جَرَيَتَا فِي أَيَّامِ الْخَنْدَقِ فَإِنَّهَا كَانَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَفِي الْإِمْلَاءِ إنْ أَمَلَ جَمَاعَةٌ يُصَلُّونَ مَعَهُ أَذَّنَ وَإِلَّا، فَلَا فَالْأَذَانُ فِي الْجَدِيدِ حَقٌّ لِلْوَقْتِ وَفِي الْقَدِيمِ لِلْفَرِيضَةِ وَفِي الْإِمْلَاءِ وَهُوَ مِنْ الْجَدِيدِ أَيْضًا لِلْجَمَاعَةِ وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ أَيْ الْمَكْتُوبَاتِ الْخَمْسِ كَمَا سَيَأْتِي السُّنَّةُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَالْمَنْذُورَةِ، فَلَا أَذَانَ لِشَيْءٍ مِنْهَا لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ فِيهِ وَبِالرَّجُلِ الْمَرْأَةُ الْخُنْثَى، فَلَا يُسَنُّ الْأَذَانُ لِفَرْضِهِمَا لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ مِنْ رَفْعِ صَوْتِ الْمَرْأَةِ وَلِلِاحْتِيَاطِ فِي الْخُنْثَى

قَالَ الشَّيْخَانِ: فَلَوْ أَذَّنَتْ الْمَرْأَةُ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ لَمْ يُكْرَهْ وَكَانَ ذِكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ بِرَفْعِهِ فَوْقَ مَا تَسْمَعُ صَوَاحِبُهَا حَرُمَ انْتَهَى وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى وَاسْتُشْكِلَ تَحْرِيمُ رَفْعِ صَوْتِهَا بِالْأَذَانِ بِجَوَازِ غِنَائِهَا وَاسْتِمَاعِ الرَّجُلِ لَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغِنَاءَ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ اسْتِمَاعُهُ وَإِنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ وَالْأَذَانَ يُسْتَحَبُّ لَهُ اسْتِمَاعُهُ وَلَوْ جَوَّزْنَاهُ لِلْمَرْأَةِ لَأَدَّى إلَى أَنْ يُؤْمَرَ الرَّجُلُ بِاسْتِمَاعِ مَا تُخْشَى مِنْهُ الْفِتْنَةُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ فِيهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، بَلْ يُكْرَهَانِ أَيْ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ) أَيْ فَوْقَ مَا تُسْمِعُ صَوَاحِبَهَا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ حَرُمَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ لَكِنْ قَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِذَلِكَ، وَقَدْ يُوَجَّهُ الْإِطْلَاقُ بِأَنَّ فِيهِ مَعَ الرَّفْعِ تَشْبِيهًا بِالرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ وَظِيفَةُ الرِّجَالِ وَلَمَّا كَانَ الْأَذَانُ ذِكْرًا لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ جِهَةُ الْأَذَانِ وَلَمْ يَظْهَرْ التَّشْبِيهُ إلَّا مَعَ الرَّفْعِ الَّذِي هُوَ شَأْنُهُ وَحَقُّهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَنْ يُؤْمَرَ الرَّجُلُ) أَيْ لِجَهْلِهِ الْحَالَ

ــ

[حاشية الشربيني]

صَلَّى فُرَادَى أَوْ جَمَاعَةً سَوَاءٌ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ الْأُولَى أَوْ غَيْرَهَا لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ كَلَامَهُمْ يَقْتَضِي عَدَمَ التَّخْصِيصِ بِالْخُصُوصِ ثُمَّ وَجَدْت فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ مَا حَاصِلُهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ بِالْخُصُوصِ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت (قَوْلُهُ الْإِعْلَامُ بِالْوَقْتِ وَقَدْ فَاتَ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الْإِعْلَامُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ، وَإِلَّا فَوَقْتُ الْعِشَاءِ بَاقٍ لَمْ يَفُتْ، إذْ هَذِهِ الصَّلَوَاتُ لَا تَسْتَغْرِقُ اللَّيْلَ اهـ كَذَا قِيلَ، وَهُوَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْأَذَانِ لِلْعِشَاءِ لَيْسَ لِخُرُوجِ وَقْتِهَا بَلْ لِتَقْدِيمِ الْفَائِتَةِ عَلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ اهـ (قَوْلُهُ فَصَنَعَ إلَخْ) هَذِهِ كَالنَّتِيجَةِ لِمَا قَبْلُ.

(قَوْلُهُ حَقٌّ لِلْوَقْتِ) فَلَوْ جَمَعَ الْعَصْرَ مَعَ الظُّهْرِ تَقْدِيمًا أَوْ الظُّهْرَ مَعَ الْعَصْرِ تَأْخِيرًا أَذَّنَ فِي وَقْتِ الْمُقَدَّمَةِ أَوْ الْمُؤَخَّرَةِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا مَعَ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ صَيَّرَ وَقْتَهَا وَقْتَ مَا فُعِلَتْ مَعَهُ اهـ. حَجَرٌ بخ (قَوْلُهُ وَفِي الْإِمْلَاءِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَإِنْ أُقِيمَتْ الْفَائِتَةُ جَمَاعَةً سَقَطَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ اهـ. (قَوْلُهُ لِلْجَمَاعَةِ) أَيْ سَوَاءٌ الْأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَيْ الْمَكْتُوبَاتِ) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْوَاجِبَ، وَإِلَّا دَخَلَ الْجِنَازَةُ وَالْمَنْذُورَةُ اهـ (قَوْلُهُ أَيْضًا الْمَكْتُوبَاتِ) هَلْ تَدْخُلُ الْمُعَادَةُ تَرَدَّدَ فِيهَا كَلَامُ ع ش وَاخْتَارَ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ لَهَا إنْ لَمْ يُؤَذِّنْ لِلْأُولَى اهـ (قَوْلُهُ الْأَذَانُ) أَمَّا الْإِقَامَةُ فَتُسَنُّ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ. اهـ. رَوْضَةٌ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ

(قَوْلُهُ لَمْ يُكْرَهْ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ أَجْنَبِيٌّ وَالْمَعْنَى الْمُحَرَّمُ فِيمَا إذَا رَفَعَتْ صَوْتَهَا فَوْقَ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي مَوْجُودٌ هُنَا مَعَ عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الْأَذَانِ فِي الْحَالَيْنِ، وَلَوْ عَلَّلَ بِالتَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الرَّفْعِ انْدَفَعَ الْإِشْكَالُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ لَمْ يُكْرَهْ) فَإِنْ قَصَدَتْ بِهِ حِينَئِذٍ التَّشَبُّهَ بِالرِّجَالِ حَرُمَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمِثْلُهُ مَا إذَا قَصَدَتْ الْأَذَانَ الشَّرْعِيَّ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَكَانَ ذِكْرًا لِلَّهِ) أَيْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ثَوَابُ الْأَذَانِ الْمَخْصُوصِ بِهِ. اهـ. عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ حَرُمَ) الْمُعْتَمَدُ الْحُرْمَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَجْنَبِيٌّ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ مِنْ وَظِيفَةِ الرِّجَالِ فَفِي رَفْعِ صَوْتِهَا بِهِ تَشَبُّهٌ بِهِمْ، وَهُوَ حَرَامٌ. اهـ. م ر. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ حَرُمَ) قَالَ زي، وَلَوْ خَلَفَ الْمُسَافِرُ وَعِنْدَ نُفُورِ الْغَيْلَانِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى) وَلَوْ اجْتَمَعَ خَنَاثَى فَأَذَّنَ وَاحِدٌ بِحَيْثُ يَسْمَعُونَ يُتَّجَهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ أَنَّ فِيهِمْ أَجْنَبِيًّا سم، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ وُجُودُ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ إلَخْ) الْأَوْلَى الْجَوَابُ بِأَنَّ الْأَذَانَ مِنْ وَظَائِفِ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَتْ مُنْفَرِدَةً بِمَحَلٍّ لَا رَجُلَ فِيهِ وَلَا قَرِيبٍ مِنْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ بِاسْتِمَاعِ) أَيْ وَبِالنَّظَرِ إلَيْهِ لِسَنِّ النَّظَرِ لِلْمُؤَذِّنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا أَذَانًا حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ السَّامِعَ قَدْ لَا يَعْرِفُ أَوْ؛ لِأَنَّهَا امْرَأَةٌ وَلَا يَحْرُمُ رَفْعُ صَوْتِهَا بِالتَّلْبِيَةِ لِاشْتِغَالِ كُلٍّ بِتَلْبِيَتِهِ وَلَا بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ

ص: 265

(إنْ لَمْ يُقَدِّمْ) عَلَى الْمُؤَدَّاةِ (فَائِتًا) فَإِنْ قَدَّمَ عَلَيْهَا فَائِتًا لَمْ يُسَنَّ الْأَذَانُ لَهَا لِظَاهِرِ خَبَرِ الْخَنْدَقِ نَعَمْ إنْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا أَذَّنَ لَهَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا

(وَ) يُسَنُّ لِأَدَاءِ الْفَرْضِ (الْأَوَّلِ) دُونَ الثَّانِي (فِي جَمْعِ تَقْدِيمٍ) لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَحِفْظًا لِلْوَلَاءِ (وَ) يُسَنُّ (لِلْآخِرِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ أَيْ لِلثَّانِي (فِي تَأْخِيرِهِ) أَيْ الْجَمْعِ (إنْ ابْتِدَا بِالْمُقْتَفِي) أَيْ التَّابِعِ وَهُوَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ فِي وَقْتِهِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْهُ فَرْضٌ دُونَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ كَالْفَائِتِ وَلِئَلَّا يَتَوَالَى إلَى أَذَانَانِ، إلَّا أَنْ يَطُولَ الْفَصْلُ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيُتَصَوَّرُ تَوَالِي أَذَانَيْنِ فِيمَا لَوْ أَذَّنَ وَصَلَّى فَائِتَةً أَوْ مُؤَدَّاةً فَدَخَلَ وَقْتُ أُخْرَى عَقِبَهُ.

أَمَّا إذَا ابْتَدَأَ بِالْأَوَّلِ، فَلَا يُؤَذِّنُ لَهُ كَالْفَائِتَةِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَلَا لِلثَّانِي لِتَبَعِيَّتِهِ لِلْأَوَّلِ وَحِفْظًا لِلْوَلَاءِ وَلِتَقَدُّمِ مَا هُوَ كَالْفَائِتِ «؛ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ بِإِقَامَتَيْنِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ وَالْأَظْهَرُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ يُؤَذِّنُ لِلْأَوَّلِ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ (أَذَانُ) بِالرَّفْعِ وَبِحَذْفِ التَّنْوِينِ لِلْوَزْنِ أَيْ يُسَنُّ الْأَذَانُ كَمَا تَقَرَّرَ

ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ صِفَتِهِ فَقَالَ (مَثْنَى) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ» إلَّا الْإِقَامَةَ وَالْمُرَادُ مُعْظَمُهَا فَإِنَّ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ فِي آخِرِ الْأَذَانِ مُفْرَدَةٌ، وَالتَّكْبِيرُ فِي أَوَّلِهِ أَرْبَعٌ وَفِي الْإِقَامَةِ مَثْنَى فَهِيَ إحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ لَمْ يُسَنَّ الْأَذَانُ لَهَا) أَيْ لِلْمُؤَدَّاةِ وَلَا لِلْفَائِتَةِ، وَعِبَارَةُ الْعِرَاقِيِّ وَيُسْتَثْنَى الْأَذَانُ الَّذِي قَدَّمَ عَلَيْهِ فَائِتَةً كَأَنْ فَاتَتْهُ الظُّهْرُ فَصَلَّاهَا فِي وَقْتِ الْعَصْرِ وَقَدَّمَ الظُّهْرَ فَلَا يُؤَذِّنُ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا فَيُؤَذِّنُ لِلْحَاضِرَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَإِنْ قَدَّمَ الْعَصْرَ أَذَّنَ لَهَا هـ وَقَوْلُهُ: لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَيْ عَلَى الْجَدِيدِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَمَّا عَلَى الْقَدِيمِ فَيُؤَذِّنُ لِلْفَائِتَةِ (قَوْلُهُ: أَذَّنَ لَهَا) كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَكَذَا إذَا دَخَلَ وَقْتُهَا بَعْدَ الْأَذَانِ لِلْفَائِتَةِ كَمَا سَيَأْتِي

(قَوْلُهُ بِالْمُقْتَفِي) فِيهِ وَضْعُ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ أَيْ التَّابِعِ) كَانَ وَجْهُ وَصْفِ الْعَصْرِ بِالتَّبَعِيَّةِ نَدْبَ تَقْدِيمِ الظُّهْرِ عَلَيْهَا فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ بِرّ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَطُولَ) يُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ أَيْضًا كَاَلَّذِي مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ وَعَلَيْهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ بِرّ (قَوْلُهُ وَدَخَلَ وَقْتُ أُخْرَى) هَلْ يَشْمَلُ تَذَكُّرَ فَائِتَةٍ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُهَا فَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ أُخْرَى أَوْ لَا؟ لِأَنَّ؛ الْمُرَادَ الْوَقْتُ الْأَصْلِيُّ وَوَقْتُ التَّذَكُّرِ لَيْسَ وَقْتًا أَصْلِيًّا فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْمُتَّجَهَ الثَّانِي (قَوْلُهُ أُخْرَى عَقِبَهُ) يَنْبَغِي أَوْ فِي أَثْنَائِهِ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ: لِيَسِيرِ سُكُوتٍ) وَيُكْرَهُ تَعَمُّدُهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْأَذَانِ الْإِعْلَامُ وَمِنْ لَازِمِهِ طَلَبُ الْإِصْغَاءِ فَوَضْعُهُ لِطَلَبِ الْإِصْغَاءِ بِخِلَافِ الْقُرْآنِ وَضْعُهُ لِيَقْرَأَهُ كُلُّ أَحَدٍ، وَطَلَبُ الْإِصْغَاءِ عَارِضٌ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ كَذَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ م ر. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ، وَسِبْطُ طب عَلَيْهِ وَقَيَّدَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَدَمَ حُرْمَةِ رَفْعِ صَوْتِهَا بِالْقُرْآنِ بِعَدَمِ قَصْدِ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ اهـ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُقَدِّمْ عَلَى الْمُؤَدَّاةِ فَائِتًا) أَيْ، فَلَا يُسَنُّ الْأَذَانُ لِلْأَدَاءِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ سَنَّ الْأَذَانِ بِالْأَدَاءِ، أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لِلْفَائِتَةِ، فَإِذَا قَدَّمَ الْفَائِتَةَ لَا أَذَانَ مُطْلَقًا، وَعِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَمَّا الْفَائِتَةُ فَيُقِيمُ لَهَا وَفِي الْأَذَانِ أَقْوَالٌ: الْجَدِيدُ الْأَظْهَرُ لَا يُؤَذِّنُ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قَدَّمَ فَرِيضَةَ الْوَقْتِ أَذَّنَ لَهَا وَأَقَامَ لِلْمَقْضِيَّةِ وَإِنْ قَدَّمَ الْمَقْضِيَّةَ أَقَامَ لَهَا وَفِي الْأَذَانِ لَهَا أَقْوَالٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ لِفَرِيضَةِ الْوَقْتِ بَعْدَ الْمَقْضِيَّةِ بِكُلِّ حَالٍ، أَيْ أَذَّنَ لَهَا أَوْ لَا قَالَ النَّوَوِيُّ: قُلْت إلَّا إنْ أَخَّرَ الْمُؤَدَّاةَ عَنْ الْمَقْضِيَّةِ بِحَيْثُ يَطُولُ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ لِلْحَاضِرَةِ قَطْعًا بِكُلِّ حَالٍ قَالَهُ أَصْحَابُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ بِكُلِّ حَالٍ أَيْ أَذَّنَ لِلْفَائِتَةِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ أَذَّنَ لَهَا) سَوَاءٌ قُلْنَا يُؤَذِّنُ لِلْفَائِتَةِ أَوْ لَا اهـ

(قَوْلُهُ إنْ ابْتَدَأَ بِالْمُقْتَفِي) أَيْ ابْتَدَأَ بِصَاحِبَةِ الْوَقْتِ أَمَّا إنْ ابْتَدَأَ بِمَا قَبْلَهَا، فَلَا يُؤَذِّنُ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ قَدَّمَ فَائِتًا وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الرَّافِعِيِّ كَمَا فِي الشَّرْحِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَيَنْقَدِحُ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ لِغَيْرِ صَاحِبَةِ الْوَقْتِ إنْ ابْتَدَأَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يُؤَذِّنْ لِلْفَائِتَةِ اهـ أَيْ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ صَاحِبَةَ وَقْتٍ اهـ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ الْفَصْلُ) هَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ بِغَيْرِ الرَّوَاتِبِ يُسَنُّ إعَادَةُ الْأَذَانِ؟ يُحَرَّرُ، وَقُوَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ إعَادَتُهُ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ وَلِذَا خَصُّوا الْبُطْلَانَ بِالطُّولِ بِالْإِقَامَةِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ (قَوْلُهُ: وَيُتَصَوَّرُ تَوَالِي أَذَانَيْنِ) فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ لَوْ أَذَّنَ لِصَلَاةٍ ثُمَّ أَرَادَ تَقْدِيمَ غَيْرِهَا عَلَيْهَا فَالْوَجْهُ أَنْ يُؤَذِّنَ لَهُ رَاجِعْهُ. اهـ. وَفِيهِ تَوَالِي أَذَانَيْنِ اهـ (قَوْلُهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ) أَيْ مَعَ تَقْدِيمِ الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّهُ الْمَطْلُوبُ اهـ. وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِالْأَذَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُطْلَبُ حَرُمَ عَلَيْهِ إنْ قَصَدَ بِهِ الْأَذَانَ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ مَثْنَى) أَيْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ اهـ (قَوْلُهُ فَإِنَّ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ إلَخْ) فَهَذِهِ خَمْسٌ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ كَلِمَةً فِي الْأَذَانِ فَبَقِيَ الْمُعْظَمُ مَثْنًى، وَقَوْلُهُ: وَفِي الْإِقَامَةِ مَثْنًى أَيْ التَّكْبِيرُ أَوَّلُهَا وَآخِرُهَا مَثْنًى، وَفِي أَنَّ لَفْظَ الْإِقَامَةِ فِيهَا مَثْنًى أَيْضًا فَهُوَ سِتُّ كَلِمَاتٍ مِنْ إحْدَى عَشْرَةَ، وَلَوْ أَرَادَ الْمُعْظَمَ مِنْ حَيْثُ النَّوْعُ؛ لِأَنَّ أَنْوَاعَ الْأَذَانِ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ أَنَّ عَدَدَ التَّكْبِيرِ مَرَّتَيْنِ، وَهِيَ تَكْبِيرٌ ثُمَّ شَهَادَةٌ لِلَّهِ ثُمَّ شَهَادَةٌ لِرَسُولِهِ ثُمَّ حَيْعَلَةُ صَلَاةٍ ثُمَّ حَيْعَلَةُ فَلَاحٍ ثُمَّ تَكْبِيرٌ ثُمَّ تَوْحِيدٌ وَمِنْهَا خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ: مَثْنًى، وَأَنْوَاعُ الْإِقَامَةِ كَذَلِكَ مَعَ زِيَادَةِ لَفْظِ الْإِقَامَةِ، فَهِيَ سَبْعَةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ وَمِنْهَا خَمْسَةٌ فُرَادَى لَكَانَ أَوْلَى، لَكِنَّ قَوْلَهُ: فَإِنَّ كَلِمَةَ إلَخْ صَرِيحٌ فِي إرَادَةِ الْكَلِمَاتِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيُمْكِنُ إرَادَةُ مَا ذُكِرَ وَنَمْنَعُ صَرَاحَةَ مَا ذُكِرَ فِي إرَادَةِ

ص: 266

وَالْأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَ كَلِمَةً بِالتَّرْجِيعِ وَسَيَأْتِي (مَعَ تَرْتِيبٍ) لَهُ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ كَذَلِكَ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّ تَرْكَهُ يُوهِمُ اللَّعِبَ وَيُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ فَلَوْ تَرَكَهُ لَمْ يَصِحَّ لَكِنْ يَبْنِي عَلَى الْمُنْتَظِمِ، وَالِاسْتِئْنَافُ أَوْلَى وَمَعَ (وَلَا) لَهُ لِذَلِكَ فَلَوْ تَرَكَهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَا يَضُرُّ يَسِيرُ سُكُوتٍ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَقَعُ لِلتَّنَفُّسِ وَالِاسْتِرَاحَةِ وَلَا يَسِيرُ كَلَامٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْفَرْضِ، وَلَا يَسِيرُ نَوْمٍ وَإِغْمَاءٍ لَكِنْ يُسَنُّ فِيهِمَا الِاسْتِئْنَافُ لَكِنْ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ فَلَوْ عَطَسَ حَمِدَ اللَّهَ فِي نَفْسِهِ وَبَنَى، وَلَا يَرُدُّ السَّلَامَ فَلَوْ رَدَّ أَوْ شَمَّتَ عَاطِسًا أَوْ تَكَلَّمَ لِمَصْلَحَةٍ لَمْ يُكْرَهْ لَكِنَّهُ تَرَكَ سُنَّةً وَلَوْ خَافَ وُقُوعَ أَعْمَى فِي بِئْرٍ أَوْ لَدْغَ حَيَّةٍ لِغَافِلٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَجَبَ إنْذَارُهُ (بِلَا بِنَا غَيْرٍ) أَيْ غَيْرِ الْمُؤَذِّنِ عَلَى مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْأَذَانِ وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ؛ لِأَنَّ صُدُورَهُ مِنْ شَخْصَيْنِ يُورِثُ اللَّبْسَ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ صِحَّةُ الْبِنَاءِ إذَا اشْتَبَهَا صَوْتًا وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ (بِحَجٍّ مُثِّلَا) ذَلِكَ أَيْ نَظَرٌ فَلَوْ مَاتَ أَثْنَاءَ حَجِّهِ لَمْ يَصِحَّ الْبِنَاءُ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصْدُرَ مِنْ شَخْصَيْنِ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ أُحْصِرَ فَتَحَلَّلَ ثُمَّ زَالَ الْإِحْصَارُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ فَغَيْرُهُ أَوْلَى وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ صِحَّةُ بِنَائِهِ عَلَى أَذَانِ نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْفَصْلُ مُبْطِلًا فَلَوْ ارْتَدَّ أَثْنَاءَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ بَنَى إنْ قَصُرَ الْفَصْلُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْحَجِّ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْوَسَائِلِ وَفِيمَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ وَفِيمَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ (بِرَفْعِ صَوْتٍ) أَيْ مَعَ رَفْعِ صَوْتِهِ مَا أَمْكَنَهُ بِلَا ضَرَرٍ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ فِي الْبُخَارِيِّ، وَهَذَا هُوَ الْمُؤَذِّنُ لِلْجَمَاعَةِ، إذْ الْمَشْهُورُ فِي الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ فِي الْمُنْفَرِدِ الِاكْتِفَاءُ بِإِسْمَاعِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الذِّكْرُ لَا الْإِعْلَامُ لَكِنَّ الرَّفْعَ أَوْلَى، وَلَيْسَ الْمُرَادُ وُجُوبَ إسْمَاعِ الْجَمِيعِ، بَلْ يَكْفِي إسْمَاعُ الْبَعْضِ وَلَوْ وَاحِدًا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لَكِنْ يُسَنُّ فِيهِمَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الِاسْتِئْنَافُ فِي يَسِيرِ السُّكُوتِ وَالْكَلَامِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَفِي الْإِسْنَوِيِّ وَحَيْثُ قُلْنَا فِي شَيْءٍ لَا يَكُونُ قَاطِعًا اُسْتُحِبَّ الِاسْتِئْنَافُ إلَّا فِي السُّكُوتِ وَالْكَلَامِ الْيَسِيرِ. اهـ. وَكَذَا فِيهِمَا فِي الْإِقَامَةِ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ بِرَفْعِ صَوْتٍ) لَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ فِي الْأَذَانِ لِلْجَمَاعَةِ بِالْإِسْمَاعِ بِالْقُوَّةِ كَمَا فِي إسْمَاعِ الْخُطْبَةِ م ر (قَوْلُهُ مَا أَمْكَنَهُ) لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِلْوَاجِبِ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ شَرْطًا بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْكَلِمَاتِ تَدَبَّرْ.

ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَرُدُّ عَلَى مَنْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: وَمُعْظَمُ الْأَذَانِ مَثْنًى وَمُعْظَمُ الْإِقَامَةِ فُرَادَى كَالْمِنْهَاجِ، وَكَلَامُ الشُّرَّاحِ هُنَا فِي بَيَانِ مَعْنَى أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ فَإِنَّ الْمَعْنَى يَشْفَعُ مُعْظَمَ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا شَفْعًا وَيُوتِرَ مُعْظَمَ كَلِمَاتِ الْإِقَامَةِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِأَكْثَرِ مُعْظَمِ كَلِمَاتِهَا وِتْرًا وَبِالْأَقَلِّ شَفْعًا وَمَعْنَى الْإِتْيَانِ بِهِ شَفْعًا تَكْرِيرُهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يُلَاحَظَ غَيْرَ مُكَرَّرٍ، وَإِلَّا لَزَادَتْ كَلِمَاتُ الْإِقَامَةِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ وَكَذَلِكَ الْأَذَانُ فَتَأَمَّلْ. ثُمَّ يَرُدُّ أَيْضًا أَنَّ هَذَا الْإِيرَادَ عَلَى مَنْ قَالَ: وَمُعْظَمُ الْأَذَانِ مَثْنًى إلَخْ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ مُعْظَمَ الْإِقَامَةِ فُرَادَى بِالنَّظَرِ لِكَلِمَاتِهَا الْمُفْرَدَةِ، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ التَّكْرِيرِ وَالْمَثْنَى فِيهَا ثَلَاثَةٌ، وَكَذَلِكَ الْأَذَانُ فَإِنَّ مُعْظَمَ كَلِمَاتِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ التَّرْبِيعِ، وَإِلَّا فَهُوَ مَثْنًى تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لَكِنْ يَبْنِي عَلَى الْمُنْتَظِمِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بِغَيْرِ الْمُنْتَظِمِ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ فَلَوْ تَرَكَهُ لَمْ يَصِحَّ) يُؤْخَذُ مِنْ التُّحْفَةِ أَنَّ الْفَصْلَ بِالْكَلَامِ الْكَثِيرِ لِحَاجَةٍ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ يَسِيرُ سُكُوتٍ) وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْقَطْعَ، وَمِثْلُهُ الْكَلَامُ الْيَسِيرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْفَاتِحَةَ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ لَكِنْ يُسَنُّ فِيهِمَا الِاسْتِئْنَافُ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَيُسَنُّ الِاسْتِئْنَافُ فِي الْكَلَامِ الْيَسِيرِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ فِيهِ الِاسْتِئْنَافُ كَالسُّكُوتِ الْيَسِيرِ اهـ ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضَةِ فِي ضَرَرِ الْكَلَامِ الْيَسِيرِ خِلَافًا وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ اهـ فَمَا فِي الْعُبَابِ مُرَاعَاةٌ لِلْخِلَافِ، لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الِاسْتِئْنَافُ فِي السُّكُوتِ وَالْكَلَامِ الْيَسِيرَيْنِ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا يَرُدُّ السَّلَامَ) أَيْ لَا يَجِبُ وَلَا يُسَنُّ الرَّدُّ حِينَ الْأَذَانِ بَلْ يُسَنُّ بَعْدَهُ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَلَبَ التَّأْخِيرَ عُذِرَ فِيهِ وَسُومِحَ اهـ. وَفِي م ر مَا يُفِيدُ وُجُوبَ الرَّدِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ قَالَ ع ش، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي النَّظْمِ مِنْ عَدَمِ سَنِّ السَّلَامِ أَيْ فَلَا يَجِبُ الرَّدُّ، لَكِنْ مَشَى شَيْخُنَا ذ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ اهـ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ إلَخْ) تَعْلِيلٌ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ أَوْ شَأْنُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بَنَى) لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ غَيْرُهُ لِلرِّيبَةِ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ وَفِيمَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ) نَعَمْ يَفْتَقِرُ الْأَذَانُ إلَى عَدَمِ الصَّارِفِ عَمْدًا، فَلَا يَضُرُّ الْغَلَطُ فِيمَا أَذَّنَ لَهُ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ مَا أَمْكَنَهُ) أَيْ نَدْبًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَلِذَا اعْتَرَضَ ذِكْرُهُ هُنَا بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْوَاجِبِ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ، إذْ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَا بُدَّ مِنْ أَذَانِ الْمُنْفَرِدِ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى إسْمَاعِ نَفْسِهِ، وَإِلَّا لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ وَأَمَّا الْإِقَامَةُ، فَلَا يَكْفِي فِيهَا إسْمَاعُ النَّفْسِ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. رَوْضَةٌ (قَوْلُهُ، وَلَوْ وَاحِدًا) وَيَجِبُ سَمَاعُهُ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْإِعْلَامُ لِيَحْضُرَ الْغَائِبُ وَبِهِ فَارَقَ مَا يَأْتِي فِي الْخُطْبَةِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِسَمَاعِ الْأَرْبَعِينَ بِالْقُوَّةِ لِحُضُورِهِمْ بِالْفِعْلِ اهـ. قَالَ ع ش وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ فِي الْوَاحِدِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا ذَكَرًا اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ وَاَلَّذِي

ص: 267

كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ

وَيَجِبُ إسْمَاعُ جَمِيعِ كَلِمَاتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَسَرَّ بِبَعْضِهِ صَحَّ حَمْلٌ عَلَى الْأَذَانِ لِنَفْسِهِ (حَيْثُ مَا لَمْ تُقَمْ) الصَّلَاةُ (جَمَاعَةً) بِزِيَادَةِ مَا فَإِنْ أُقِيمَتْ جَمَاعَةً قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَانْصَرَفُوا سُنَّ عَدَمُ الرَّفْعِ وَإِنْ كَانَ الْمُصَلَّى مَطْرُوقًا لِخَوْفِ اللَّبْسِ لَا سِيَّمَا يَوْمَ الْغَيْمِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْصَرِفُوا لِعَدَمِ خَفَاءِ الْحَالِ عَلَيْهِمْ حِينَئِذٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ غَيْرَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ

، وَأَمَّا صِفَةُ الْمُؤَذِّنِ فَشُرُوطٌ وَسُنَنٌ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِ شُرُوطِهِ فَقَالَ (مِنْ) أَيْ يُسَنُّ الْأَذَانُ مِنْ (ذَكَرٍ مَا) أَيْ حُرٍّ أَوْ بَالِغٍ أَوْ فَحْلٍ أَوْ ضِدِّ كُلٍّ وَإِنْ كَانَتْ الثَّلَاثَةُ أَفْضَلَ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى لِلرِّجَالِ كَمَا لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُمَا لَهُمْ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي هَذَا الْقِيَاسُ، وَأَمَّا أَذَانُهُمَا لِنَفْسِهِمَا أَوْ لِلنِّسَاءِ، فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَلَفْظَةُ مَا مَزِيدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عمران: 159]

(مُسْلِمِ) ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ حَمْلٌ عَلَى الْأَذَانِ لِنَفْسِهِ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا الْحَمْلُ بِأَنَّ الْأَذَانَ لِنَفْسِهِ لَا يَضُرُّ إسْرَارُ جَمِيعِهِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ خَفَاءِ الْحَالِ إلَخْ) هَذَا مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَذَّنَ عَنْ قُرْبٍ أَوْهَمَهُمْ أَنَّهُمْ صَلُّوا قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ لَا عَنْ قُرْبٍ أَوْهَمَهُمْ دُخُولَ وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى كَذَا قَرَّرَ م ر وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُمْ مَعَ حُضُورِهِمْ بِتَقْدِيرِ حُصُولِ هَذَا الْإِيهَامِ يَسْهُلُ إزَالَتُهُ بِتَعَرُّفِهِمْ الْحَالَ

(قَوْلُهُ لِلرِّجَالِ) ، وَلَوْ مَحَارِمَ م ر قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الرِّجَالِ بَيْنَ الْمَحَارِمِ وَغَيْرِهِمْ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

أَشَارَ إلَيْهِ حَجَرٌ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّشِيدِيُّ وَالشَّيْخُ عَوَضٌ أَنَّهُ يَكْفِي سَمَاعُ وَاحِدٍ، وَلَوْ بِالْقُوَّةِ أَيْ وَالْأَكْمَلُ مِنْهُ سَمَاعُ كُلِّ الْحَاضِرِينَ بِالْقُوَّةِ، وَأَكْمَلُ مِنْهُ إسْمَاعُهُمْ بِالْفِعْلِ وَأَكْمَلُ مِنْهُ ظُهُورُ الشِّعَارِ اهـ. فَرَاجِعْ.

قَالَهُ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ رحمه الله (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَسَرَّ) أَيْ لَمْ يَسْمَعْ غَيْرَهُ لِاشْتِرَاطِ سَمَاعِهِ أَذَانَ نَفْسِهِ اهـ. (قَوْلُهُ بِبَعْضِهِ) وَلَا يَجْزِي الْإِسْرَارُ بِالْجَمِيعِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ: وَيُشْتَرَطُ فِي أَذَانِ الْجَمَاعَةِ إسْمَاعُ وَاحِدٍ وَيُقَالُ كَنَفْسِهِ وَيُقَالُ لَا يَضُرُّ إسْرَارٌ بِبَعْضِهِ، وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْأُمِّ، وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ اهـ. فَانْظُرْهُ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ اهـ. (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى أَوْ مُنْفَرِدًا بِمَحَلٍّ آخَرَ يَقَعُ مَعَ الرَّفْعِ حِينَئِذٍ فِي التَّوَهُّمِ الْآتِي إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَنَّ التَّوَهُّمَ فِيمَا لَمْ تَقُمْ فِيهِ جَمَاعَةٌ أَقَلُّ مِنْهُ مِمَّا أُقِيمَتْ فِيهِ فَتَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَقُمْ إلَخْ) أَيْ بِأَذَانٍ فَلَوْ صَلَّوْا بِلَا أَذَانٍ اُسْتُحِبَّ الرَّفْعُ، وَإِنْ كَانَ الْإِيهَامُ مَوْجُودًا لِتَقْصِيرِهِمْ بِتَعْطِيلِ مَوْضِعِ الْجَمَاعَةِ عَنْ الْأَذَانِ كَذَا ظَهَرَ لِي هَذَا التَّعْلِيلُ اهـ (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَقُمْ جَمَاعَةٌ) أَيْ بِأَذَانٍ اهـ شَارِحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَفِي الْمِنْهَاجِ التَّقْيِيدُ بِإِقَامَتِهَا بِمَسْجِدٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ مَوَاضِعِ الْجَمَاعَةِ كَرِبَاطٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: جَمَاعَةً) اشْتَرَطَ م ر الْجَمَاعَةَ دُونَ الذَّهَابِ كَالشَّارِحِ وَاشْتَرَطَ حَجَرٌ الذَّهَابَ دُونَ الْجَمَاعَةِ، بَلْ اشْتَرَطَ صَلَاةَ جَمْعٍ بِهِ فُرَادَى أَوْ جَمَاعَةً، وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ الذَّهَابَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَكَرَّرُ إتْيَانُهُمْ الْمَسْجِدَ لِظَنِّهِمْ أَنَّ الصَّلَاةَ الْأُولَى وَقَعَتْ قَبْلَ الْوَقْتِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ اشْتِرَاطُ الْأَذَانِ فِي الْأُولَى وَصَلَاةِ الْجَمْعِ جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ مُنْفَرِدٌ بَعْدَ حُصُولِ الْأَذَانِ وَقَبْلَ الْجَمَاعَةِ لَا يُؤَذِّنُ؛ لِأَنَّهُ مَدْعُوٌّ بِالْأَذَانِ الْحَاصِلِ إلَّا إذَا لَمْ يُرِدْ الصَّلَاةَ مَعَ تِلْكَ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ، وَهَذَا عَامٌّ لِمَا إذَا صَلَّى قَبْلَ وُقُوعِ الْجَمَاعَةِ فَيُؤَذِّنُ بِدُونِ رَفْعِ صَوْتٍ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ وُقُوعُ الْجَمَاعَةِ بِالْفِعْلِ لَيْسَ بِقَيْدٍ.

وَصَرَّحَ بِهِ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِتَوَهُّمِ السَّامِعِينَ وَلَوْ غَيْرَ الْمُصَلِّينَ اهـ

وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ تُسَاعِدُهُ حَيْثُ قَالَ إلَّا فِي مَسْجِدٍ أَذَّنَ أَوْ أُقِيمَتْ جَمَاعَةٌ لَكِنْ شَرَحَهُ شَارِحُهُ هَكَذَا إلَّا إنْ صَلَّى فِي مَسْجِدٍ أَذَّنَ وَصَلَّى فِيهِ، وَلَوْ فُرَادَى أَوْ فِي مَسْجِدٍ أَذَّنَ وَأُقِيمَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ اهـ. بِاخْتِصَارٍ فَمُجَرَّدُ الْأَذَانِ لَا يَمْنَعُ رَفْعَ الصَّوْتِ تَدَبَّرْ. وَقَدْ نَقَلَ سم عَنْ م ر مَا يُوَافِقُ مَتْنَ الرَّوْضِ رَاجِعْ حَاشِيَتَهُ عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ. (قَوْلُهُ سُنَّ عَدَمُ الرَّفْعِ) أَيْ إلَّا بِقَدْرِ مَا تَسْمَعُ الْجَمَاعَةُ إنْ كَانَ أَذَانًا لِجَمَاعَةٍ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْأَذَانِ لِلْجَمَاعَةِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ

(قَوْلُهُ أَيْ حُرٍّ أَوْ بَالِغٍ إلَخْ) تَأَمَّلْ كَلِمَةَ أَوْ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مَا مَعْنَاهَا؟ وَلَعَلَّهُ التَّنْوِيعُ فِي الْمُتَقَابِلَاتِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ ضِدَّهُ أَوْ بَالِغًا أَوْ ضِدَّهُ أَوْ فَحْلًا أَوْ ضِدَّهُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْمُتَقَابِلَاتِ أَوْ هَذَا النَّوْعُ إلَخْ (قَوْلُهُ لِلرِّجَالِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْهُمَا لِغَيْرِهِمْ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ أَذَانًا أَصْلًا، بَلْ مُجَرَّدُ ذِكْرٍ يُثَابُ عَلَيْهِ أَقَلَّ مِنْ ثَوَابِ الْأَذَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّقْيِيدُ بِالرِّجَالِ لِسَبْقِ الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ لِغَيْرِهِمْ اهـ (قَوْلُهُ أَفْضَلَ) بَلْ أَذَانُ الصَّبِيِّ مَكْرُوهٌ إنْ رَتَّبَ لِلْأَذَانِ اهـ. عُبَابٌ. اهـ. سم لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمَنْهَجِ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَذَانُهُ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْخُنْثَى لِلرِّجَالِ) لَكِنْ لَوْ تَبَيَّنَتْ ذُكُورَتُهُ عَقِبَ أَذَانِهِ فَالْوَجْهُ إجْزَاؤُهُ م ر وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ عَقِبَ إلَخْ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ حَالًا طُلِبَ الْأَذَانُ مِنْ غَيْرِهِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِأَذَانِهِ ظَاهِرًا لَا؛ لِأَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَتْ بَعْدَ مُدَّةٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِأَذَانِهِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ إلَخْ) لِعَدَمِ الرَّابِطَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْأَذَانِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ

ص: 268

لِلْعِبَادَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ مَضْمُونَهُ وَلَا الصَّلَاةَ الَّتِي هُوَ دُعَاءٌ إلَيْهَا، فَإِتْيَانُهُ بِهِ ضَرْبٌ مِنْ الِاسْتِهْزَاءِ، وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعِيسَوِيَّةِ، وَهِيَ فِرْقَةٌ مِنْ الْيَهُودِ يُنْسَبُونَ إلَى أَبِي عِيسَى إِسْحَاقَ بْنِ يَعْقُوبَ الْأَصْبَهَانِيِّ يَقُولُونَ: مُحَمَّدُ رَسُولُ اللَّهِ إلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً

(مَيَّزَ) ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ كَطَافِحِ السُّكْرِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ دُونَ مَنْ بَدَتْ بِهِ النَّشْوَةُ (شَرْطًا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ مَثْنَى إلَى هُنَا شَرْطًا بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمُؤَذِّنِ بِالْمَوَاقِيتِ هَكَذَا صَرَّحَ بِاشْتِرَاطِهِ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا مَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَقَطَعَ بِهِ وَوَقَعَ فِي كَلَامِ الْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ عَارِفًا بِهَا فَمُؤَوَّلٌ، قَالَ: وَنَعْنِي بِالِاشْتِرَاطِ فِي الرَّاتِبِ لِلْأَذَانِ أَمَّا مَنْ يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ أَوْ يُؤَذِّنُ لِجَمَاعَةٍ مَرَّةً، فَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِهَا، بَلْ إذَا عَلِمَ دُخُولَ الْوَقْتِ صَحَّ أَذَانُهُ بِدَلِيلِ أَذَانِ الْأَعْمَى، وَحَاصِلُ مَا قَالَهُ أَنَّ شَرْطَ أَذَانِ الرَّاتِبِ مَعْرِفَتُهُ الْأَوْقَاتَ بِالْأَمَارَةِ وَهُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ أَذَانِهِ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا بِهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يَصِحُّ إذَا عَرَفَهَا بِخَبَرِ ثِقَةٍ كَغَيْرِ الرَّاتِبِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ حَتَّى الْمُتَوَلِّي فِي تَتِمَّتِهِ فَحَاصِلُ كَلَامِهِمْ عِنْدَ التَّأَمُّلِ أَنَّ شَرْطَ أَذَانِ الْمُؤَذِّنِ رَاتِبًا أَوْ غَيْرَهُ مَعْرِفَتُهُ الْأَوْقَاتَ بِأَمَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَهُوَ الْوَجْهُ فَإِنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَ رَاتِبًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهَا بِالْأَمَارَةِ فَإِنَّهُ كَانَ لَا يُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ عَارِفًا بِالْأَوْقَاتِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ إلَى أَبِي عِيسَى) رَجُلٍ يَهُودِيٍّ كَانَ فِي خِلَافَةِ الْمَنْصُورِ بِرّ

(قَوْلُهُ هُنَا شَرْطًا) فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ السَّابِقُ بِرَفْعِ صَوْتِهِ مَا أَمْكَنَهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حُصُولِ السُّنَّةِ عَلَى الْعُمُومِ لَا أَصْلِ سُنَّةِ الْأَذَانِ (قَوْلُهُ وَنَعْنِي بِالِاشْتِرَاطِ) الِاشْتِرَاطَ لِصِحَّةِ نَفْسِ التَّرْتِيبِ لَا لِصِحَّةِ الْأَذَانِ لِأَنَّهَا؛ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ مَا ذُكِرَ، بَلْ حَيْثُ دَخَلَ الْوَقْتُ، وَلَوْ بِإِخْبَارِ غَيْرِهِ لَهُ أَوْ بِاجْتِهَادٍ صَحَّ الْأَذَانُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَخْ) قُلْت مَعْنَى كَلَامِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي إقَامَتِهِ رَاتِبًا ذَلِكَ لِأَنَّ؛ الْإِمَامَ لَا يُقِيمُ إلَّا مَنْ هُوَ كَذَلِكَ لِيَصِحَّ تَقْلِيدُهُ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي الْفَاسِقِ يَصِحُّ أَذَانُهُ وَلَا تَصِحُّ إقَامَتُهُ رَاتِبًا، وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ، وَمَسْأَلَةُ الْفَاسِقِ سَتَأْتِي عَنْ الْأَذْرَعِيِّ فِيهَا مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَاهُ، نَعَمْ مَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ كَلَامَ النَّوَوِيِّ قَدْ يَرُدُّهُ اتِّخَاذُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ رَاتِبًا وَيُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ اتِّخَاذِهِ إذَا لَمْ يُضَمَّ إلَيْهِ بَصِيرٌ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِلْعِبَادَةِ)

فِيهِ إطْلَاقُ الْعِبَادَةِ عَلَى مَا لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ اهـ (قَوْلُهُ وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ الْإِتْيَانُ بِالْوَاوِ وَهُوَ مَا قَالَهُ زي تَبَعًا لِمَا قَرَّرَهُ م ر آخِرًا، بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، بَلْ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ كَمَا فِي حَدِيثِ (يَا عَمِّ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) إلَخْ. اهـ. ع ش

(قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا حَجَرٍ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُؤَذِّنِ الْمَنْصُوبِ لِلْأَذَانِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا أَمِينًا عَارِفًا بِالْوَقْتِ بِأَمَارَةٍ أَوْ خَبَرِ ثِقَةٍ عَنْ عِلْمٍ إذَا رَتَّبَ لَهُ لِيُخْبِرَهُ دَائِمًا، ثُمَّ قَالَ: فَغَيْرُ الْعَارِفِ لَا يَصِحُّ نَصْبُهُ وَإِنْ صَحَّ أَذَانُهُ هَذَا حَاصِلُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْإِسْعَادِ وَغَيْرِهِ يَعْنِي شَيْخَ الْإِسْلَامِ حَيْثُ فَهِمُوا عَنْهُ خِلَافَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فَاعْتَرَضُوا عَلَيْهِ اهـ.

وَقَوْلُهُ فَغَيْرُ الْعَارِفِ لَا يَصِحُّ نَصْبُهُ كَالصَّرِيحِ مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَلَكِنْ قَالَ م ر يَصِحُّ نَصْبُهُ وَيَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ وَلَكِنَّ نَصْبَهُ حَرَامٌ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ عِبَارَةَ الرَّوْضِ وَأَنَّ الْمَعْرِفَةَ شَرْطٌ لِجَوَازِ النَّصْبِ لَا لِصِحَّتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَنَقَلَ ق ل عَنْ شَيْخِهِ زي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَصْبُهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ وَمَتَى خَالَفَ زي م ر فَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ز ي وَكَتَبَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ عَلَى كَلَامِ ز ي أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مَا هُنَا مُسَاوِيًا لِنَصْبِ الْإِمَامِ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ نَصْبُهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ وَبِهِ قَالَ م ر هُنَاكَ، وَفَرَّقَ بَعْضُ الْحَوَاشِي بِمَا لَا يَظْهَرُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ قَالَ وَنَعْنِي بِالِاشْتِرَاطِ إلَخْ)، الْمَنْقُولُ عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ قَالَ: يُشْتَرَطُ فِي تَرْتِيبِ الْمُؤَذِّنِ مَعْرِفَتُهُ بِالْمَوَاقِيتِ فَلَعَلَّ الشَّارِحَ تَصَرَّفَ فِي عِبَارَتِهِ اهـ قَالَ حَجَرٌ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا كَوْنُهُ أَمِينًا مُكَلَّفًا؛ لِأَنَّهُ وِلَايَةٌ فَاشْتُرِطَ كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِهَا اهـ. (قَوْلُهُ، بَلْ إذَا عَلِمَ إلَخْ) قَالَ م ر، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَأَذَّنَ وَصَادَفَ الْوَقْتَ صَحَّ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ، وَهُوَ يَقْتَضِي إلَخْ) قَالَ م ر: كَلَامُ الْمَجْمُوعِ لَيْسَ فِي شَرْطِ صِحَّةِ الْأَذَانِ، بَلْ فِي شَرْطِ جَوَازِ تَرْتِيبِهِ، وَلَا يَجُوزُ إلَّا إنْ كَانَ عَارِفًا بِأَمَارَةٍ أَوْ خَبَرِ ثِقَةٍ أَيْ ضَمَّ إلَيْهِ دَائِمًا اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْأَوْقَاتِ فِي النَّصْبِ لِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِنْ الْمَجْمُوعِ اهـ. وَلَا وَجْهَ بَعْدَ ذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا هُنَا (قَوْلُهُ إذَا عَرَفَهَا) لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي الصِّحَّةِ كَمَا مَرَّ، بَلْ فِي جَوَازِ تَرْتِيبِهِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ الثِّقَةَ دَائِمًا كَمَا قَالَهُ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ أَنَّ شَرْطَ أَذَانِ الْمُؤَذِّنِ إلَخْ) أَيْ شَرْطَ جَوَازِهِ، أَمَّا صِحَّتُهُ فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ لَوْ أَذَّنَ بِلَا مَعْرِفَةٍ وَصَادَفَ الْوَقْتَ صَحَّ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهَا) لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْغَيْرُ فِي تَرْتِيبِ الرَّاتِبِ خَبَرَ الثِّقَةِ لِيَصِحَّ عَمَلُ الْغَيْرِ بِهِ، وَلَوْ مُجْتَهِدًا وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ خَبَرَ الثِّقَةِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بِالْمُبَاشَرَةِ

ص: 269

مَعْنَاهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ عَارِفًا بِهَا بِالْأَمَارَةِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ يُفَوِّتُ عَلَى النَّاسِ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْأَوْقَاتِ بِاشْتِغَالِهِ بِمَعْرِفَتِهَا

ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ سُنَنِهِ فَقَالَ (عَذْبِ صَوْتٍ) بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِذَكَرٍ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اخْتَارَ أَبَا مَحْذُورَةَ لِحُسْنِ صَوْتِهِ وَأَنَّهُ أَرَقُّ لِسَامِعِيهِ فَيَكُونُ مَيْلُهُمْ لِلْإِجَابَةِ أَكْثَرَ (جَهْوَرِي) الصَّوْتِ أَيْ شَدِيدِهِ وَرَفِيعِهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: «أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ فَإِنَّهُ أَنْدَى مِنْك صَوْتًا» أَيْ أَبْعَدُ وَلِزِيَادَةِ الْإِبْلَاغِ وَكَوْنِهِ (عَنْ احْتِسَابٍ) بِهِ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ لِقَوْلِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِي رضي الله عنه: «آخِرُ مَا عَهِدَ إلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَلِكُلِّ أَحَدٍ الرِّزْقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَلِلْإِمَامِ عِنْدَ فَقْدِ مُحْتَسِبٍ الرِّزْقُ مِنْ الْمَصَالِحِ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِقَدْرِهَا فَلَوْ احْتَسَبَ فَاسِقٌ فَلَهُ رِزْقُ أَمِينٍ أَوْ أَمِينٌ فَلَهُ رِزْقُ أَحْسَنِ صَوْتٍ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً وَيَجُوزُ الِاكْتِرَاءُ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي بِهِ فِي بَابِهِ ثُمَّ إنْ كَانَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَمْ يُشْتَرَطْ بَيَانُ الْمُدَّةِ، بَلْ يَكْفِي كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا كَالْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ أَوْ مِنْ مَالِهِ أَوْ الْمُكْتَرِي أَحَدُ الرَّعِيَّةِ اُشْتُرِطَ بَيَانُهَا، وَالرِّزْقُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا يَكْفِيهِ وَعِيَالَهُ، وَالْأُجْرَةُ مَا يَقَعُ بِهِ التَّرَاضِي (ثِقَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى الْوَقْتِ؛ وَلِأَنَّهُ يُؤَذِّنُ بِعُلُوٍّ، وَالْفَاسِقُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْعَوْرَاتِ، وَأَذَانُهُ مَكْرُوهٌ لَكِنْ يَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ فِي الْوَقْتِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمُقْتَضَى النَّصِّ وَكَلَامِ الرَّوْضَةِ فِي أَصْلِهَا جَوَازُ تَوْلِيَةِ الْفَاسِقِ الْأَذَانَ لِلْجَمَاعَةِ، وَالْوَجْهُ تَأْوِيلُهُ، فَلَا يَجُوزُ تَوْلِيَتُهُ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ مِنْ مَوَاضِعَ أُخَرَ انْتَهَى

وَقَدْ يُحْمَلُ الْكَلَامُ الْأَوَّلُ عَلَى تَوْلِيَتِهِ الْحَاصِلَةِ بِاتِّفَاقِ الْقَوْمِ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي عَلَى تَوْلِيَةِ الْإِمَامِ لَهُ (مُطَهَّرِ) عَنْ الْحَدَثَيْنِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ مُطَهَّرٍ) قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَيُكْرَهُ أَيْ كُلٌّ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِلْمُحْدِثِ وَلِلْجُنُبِ أَشَدُّ وَالْإِقَامَةُ أَغْلَظُ. اهـ. وَهَذَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَذْكَارِ لَا تُكْرَهُ لِلْمُحْدِثِ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْأَذْكَارِ لَا يُكْرَهُ لَهُ كَمَا قَالَ فِي الْبَيَانِ: فَإِنْ قَرَأَ مُحْدِثًا جَازَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ الْإِمَامُ الْحُسَيْنُ: وَلَا يُقَالُ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا، بَلْ هُوَ تَارِكٌ لِلْأَفْضَلِ، وَفِي الْعُبَابِ وَلَا تُكْرَهُ أَيْ التِّلَاوَةُ لِمُحْدِثٍ. اهـ وَفِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ فِي بَابِ الْأَذَانِ وَلَا يُكْرَهُ الذِّكْرُ لِلْمُحْدِثِ، بَلْ وَلَا الْجُنُبِ اهـ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَلَا بِصَرِيحِ الْخَبَرِ، بَلْ يَكْفِي الْأَذَانُ بِهِ

(قَوْلُهُ يُفَوِّتُ إلَخْ) أَيْ قَدْ يُفَوِّتُ لِعَدَمِ وُجُودِ ثِقَةٍ يُخْبِرُهُ حِينَئِذٍ

(قَوْلُهُ عَذْبِ صَوْتٍ) وَيُكْرَهُ تَمْطِيطُهُ الْأَذَانَ أَيْ تَمْدِيدُهُ وَيُكْرَهُ التَّغَنِّي بِهِ أَيْ التَّطْرِيبُ م ر قَالَ حَجَرٌ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ الْمَعْنَى، وَإِلَّا حَرُمَ، بَلْ كَثِيرٌ مِنْهُ كُفْرٌ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ اهـ. وَقَوْلُهُ: بَلْ كَثِيرٌ مِنْهُ كُفْرٌ أَيْ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ الْمَعْنَى اهـ. شَيْخُنَا ذَهَبِيٌّ رحمه الله (قَوْلُهُ أَيْ أَبْعَدُ) قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَجُمْهُورُ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَحَكَى ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ قَوْلًا أَنَّهُ بِمَعْنَى أَحْسَنَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ لَا يَأْخُذُ إلَخْ) لِخَبَرِ «مَنْ أَذَّنَ سَبْعَ سِنِينَ مُحْتَسِبًا كُتِبَ لَهُ إبْرَاءٌ مِنْ النَّارِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ وَلِلْإِمَامِ إلَخْ) هَلْ هُوَ وَاجِبٌ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ؟ فَهُوَ جَوَازٌ بَعْدَ امْتِنَاعٍ (قَوْلُهُ وَلِلْإِمَامِ عِنْدَ فَقْدِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِالْمَصْلَحَةِ كَالْوَصِيِّ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَصَالِحِ) وَهُوَ خُمْسُ خَمْسٍ مِنْ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْحَاجَةِ بِقَدْرِهَا) أَيْ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَى الْمُؤَذِّنِ بِقَدْرِ تِلْكَ الْحَاجَةِ بِأَنْ اُحْتِيجَ فِي ظُهُورِ الشِّعَارِ إلَى اثْنَيْنِ وَلَمْ يُوجَدْ مُتَبَرِّعٌ فَلَا يَرْزُقُ ثَلَاثَةً مَثَلًا، وَأَمَّا قَدْرُ مَا يُعْطَاهُ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَالرِّزْقُ إلَخْ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَإِنَّمَا يَرْزُقُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَعَلَى قَدْرِهَا، ثُمَّ قَالَ وَإِذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ مَسَاجِدُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ جَمْعُ النَّاسِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ رَزَقَ عَدَدًا مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ يَحْصُلُ بِهِمْ الْكِفَايَةُ وَيَتَأَدَّى الشِّعَارُ، وَإِنْ أَمْكَنَ فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا رِزْقُ الْجَمِيعِ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ الْمَسَاجِدُ وَالْأَصَحُّ فِي تَعَدُّدِ الْمُؤَذِّنِينَ بِمَسْجِدٍ وَاحِدٍ مُرَاعَاةُ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ اهـ. بِاخْتِصَارٍ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِقَدْرِهَا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَإِنْ تَطَوَّعَ بِهِ فَاسِقٌ وَأَبَى الْأَمِينُ إلَّا بِالرِّزْقِ رَزَقَهُ الْإِمَامُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ عِنْدَ حَاجَتِهِ بِقَدْرِهَا أَوْ مِنْ مَالِهِ مَا شَاءَ اهـ. وَتَبِعَهُ م ر، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ عِنْدَ احْتِيَاجِ الْمُؤَذِّنِ لِلنَّفَقَةِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ عِنْدَ احْتِيَاجِهِ يَأْخُذُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ، وَإِلَّا أَخَذَ بِقَدْرِ أُجْرَةِ مِثْلِهِ كَمَا فِي ع ش لَكِنْ لَوْ كَانَ مُحْتَاجًا أُجْرَةَ مِثْلِهِ أَكْثَرَ وَلَمْ يَرْضَ إلَّا بِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْطَاهَا، وَكَلَامُ الشَّارِحِ لَا يَحْتَاجُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا تَدَبَّرْ وَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا يَكْفِيهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْطِيهِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا لَمْ يَرْضَ بِالِاحْتِسَابِ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا لَوْ كَانَ مَا يَكْفِيهِ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَلَمْ يَرْضَ بِهَا فَلْيُحَرَّرْ هَلْ يُجْبَرُ حِينَئِذٍ اهـ. (قَوْلُهُ ثِقَةٍ) ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْعَبْدَ يُوصَفُ بِالثِّقَةِ دُونَ الْعَدَالَةِ، وَنَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ فِي عَدَمِ وَصْفِهِ بِهَا قَالَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ لَعَلَّ مُرَادَهُمَا الْعَدَالَةُ الْمُطْلَقَةُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ عَدْلٌ إلَّا مُقَيَّدًا بِأَنْ يُقَالَ عَدْلُ رِوَايَةٍ اهـ. وَعَلَى كُلٍّ فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْعَدْلِ؛ لِأَنَّ كَمَالَ السُّنَّةِ أَنْ يَكُونَ عَدْلَ شَهَادَةٍ وَإِنْ حَصَلَ أَصْلُهَا بِعَدْلِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي م ر

(قَوْلُهُ وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ) لِقَوْلِهَا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا، وَهُوَ الثِّقَةُ اهـ. وَتَأْوِيلُهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُوَلَّى لِأَذَانِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ، فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) هَلْ

ص: 270

لِخَبَرِ «إنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ، إلَّا عَلَى طُهْرٍ أَوْ قَالَ عَلَى طَهَارَةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ؛ وَلِأَنَّهُ يَدْعُو إلَى الصَّلَاةِ فَلْيَكُنْ بِصِفَةِ مَنْ يُمْكِنُهُ فِعْلُهَا وَإِلَّا فَهُوَ وَاعِظٌ غَيْرُ مُتَّعِظٍ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ نَعَمْ إنْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ الْأَذَانِ اُسْتُحِبَّ إتْمَامُهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ قَطْعُهُ لِيَتَوَضَّأَ لِئَلَّا يُوهِمَ التَّلَاعُبَ. نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ التَّطْهِيرُ مِنْ الْخَبَثِ أَيْضًا (مُرَتِّلًا) لِلْأَذَانِ أَيْ مَا يَأْتِي بِكَلِمَاتِهِ مُبَيَّنَةٍ بِلَا تَمْطِيطٍ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ عَلَى كَلِمَاتِهِ، إلَّا التَّكْبِيرَ فَعَلَى كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ لِخِفَّتِهِ (رَجَّعَ) بِأَنْ يَخْفِضَ صَوْتَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ قَبْلَ رَفْعِهِ بِهِمَا لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَالْمُرَادُ بِالْخَفْضِ بِهِمَا أَنْ يُسْمِعَ مَنْ بِقُرْبِهِ أَوْ أَهْلَ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ وَاقِفًا عَلَيْهِمْ وَكَانَ الْمَسْجِدُ مُقْتَصَدَ الْخُطَّةِ، صَحَّحَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَغَيْرِهِ وَسُمِّيَ ذَلِكَ بِالتَّرْجِيعِ لِرُجُوعِهِ مِنْهُ إلَى الرَّفْعِ بَعْدَ تَرْكِهِ، وَحِكْمَتُهُ تَدَبُّرُ الشَّهَادَتَيْنِ وَالْإِخْلَاصُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا الْمُنْجِيَتَانِ مِنْ الْكُفْرِ الْمُدْخِلَتَانِ فِي الْإِسْلَامِ

(بِالتَّثْوِيبِ) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ مَعَ التَّثْوِيبِ وَيُقَالُ التَّثَوُّبُ لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ أَبِي مَحْذُورَةَ بِأَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْحَيْعَلَاتِ (فِي) أَذَانِ (الصُّبْحِ) وَلَوْ فَائِتَةً كَمَا قَالَهُ ابْنُ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ نَظَرَا إلَى أَصْلِهِ " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " مَرَّتَيْنِ، أَمَّا أَذَانُ غَيْرِ الصُّبْحِ فَيُكْرَهُ التَّثْوِيبُ فِيهِ وَسُمِّيَ تَثْوِيبًا مِنْ ثَابَ إذَا رَجَعَ، وَالْمُؤَذِّنُ يَعُودُ إلَى الدُّعَاءِ إلَى الصَّلَاةِ بَعْدَمَا دَعَا إلَيْهَا بِالْحَيْعَلَتَيْنِ، وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ كَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ أَذَانَيْ الصُّبْحِ فَيُثَوِّبُ فِيهِمَا وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَفِي التَّهْذِيبِ إنْ ثَوَّبَ فِي الْأَوَّلِ لَا يُثَوِّبُ فِي الثَّانِي عَلَى الْأَصَحِّ وَأَقَرَّهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَفِي الْمَجْمُوعِ، ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُثَوِّبُ فِيهِمَا ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ التَّهْذِيبِ وَلَا يَصِحُّ الْأَذَانُ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ وَقْتِهَا إلَّا الصُّبْحَ فَيُؤَذِّنُ لَهُ (سُبْعَ اللَّيْلِ) شِتَاءً (بِالتَّقْرِيبِ) لَا بِالتَّحْدِيدِ (وَنِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ سُبْعِهِ (صَيْفًا) بِالتَّقْرِيبِ كَمَا رَوَاهُ كَذَلِكَ بِدُونِ التَّقْرِيبِ سَعْدٌ الْقُرَظِيّ عَنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم؛ وَلِأَنَّ الْغَرَضَ إيقَاظُ النُّوَّمِ لِيَتَأَهَّبُوا لِلصَّلَاةِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيّ.

وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ دُخُولَ وَقْتِهِ بِنِصْفِ اللَّيْلِ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَخَبَرُ سَعْدٍ بَاطِلٌ وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِلْقَاضِي

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ الْأَذَانُ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ وَقْتِهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَتْنَ بِصَدَدِ بَيَانِ السُّنَنِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَسُنَّ لِلصُّبْحِ أَذَانُ سُبُعِ اللَّيْلِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ أَذَانٌ ثَانٍ فَلَوْ شَرَحَهُ الشَّارِحُ عَلَى هَذَا لَكَانَ أَوْضَحَ، وَلَكِنَّ الْخَطْبَ سَهْلٌ وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ أَنَّ صَاحِبَ الْإِرْشَادِ فِي اخْتِصَارِ هَذَا الْمَوْضِعِ قَالَ: وَأَذَانَانِ الْأَوَّلُ بَعْدَ النِّصْفِ قَالَ شَارِحُوهُ: أَيْ وَسُنَّ أَذَانَانِ إلَخْ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

ذَلِكَ عَامٌّ لِغَيْرِ الْإِمَامِ كَنَاظِرِ الْوَقْفِ مَثَلًا (قَوْلُهُ لِخَبَرِ: إنِّي كَرِهْت إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ كَرَاهَةَ الْأَذَانِ لِلْمُحْدِثِ لِكَوْنِهِ ذِكْرًا وَأَنَّ الذِّكْرَ يُكْرَهُ مَعَ الْحَدَثِ وَفِيهِ أَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْأَذْكَارِ لَا يُكْرَهُ لِلْمُحْدِثِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ مَعَ الْحَدَثِ فَبَقِيَّةُ الْأَذْكَارِ بِالْأَوْلَى، نَعَمْ هُوَ خِلَافُ الْأَفْضَلِ فَعُلِمَ أَنَّ كَرَاهَةَ الْأَذَانِ لِلْمُحْدِثِ لِخُصُوصِ كَوْنِهِ أَذَانًا، وَلِذَا اسْتَدَلَّ حَجَرٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ بِخَبَرِ (لَا يُؤَذِّنُ إلَّا مُتَوَضِّئٌ) اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ عَنْ الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ وَالتِّبْيَانِ فَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: إنِّي كَرِهْت مَحْمُولٌ عَلَى خِلَافِ الْأَفْضَلِ وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ هُنَا فَتَدَبَّرْ قَالَهُ الرَّشِيدِيُّ عَلَى م ر اهـ (قَوْلُهُ: فَعَلَى كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ) وَبِضَمِّ رَاءِ أَكْبَرُ الْأَوَّلِ عَلَى الْقِيَاسِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِفَتْحِهَا؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا سَاكِنَةٌ لِلْوَقْفِ فَنَقَلَ إلَيْهَا فَتْحَةَ الْهَمْزَةِ عِنْدَ الدَّرَجِ، إذْ الْوَقْفُ عَلَى أَكْبَرَ الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ بِأَنْ يَخْفِضَ صَوْتَهُ) وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُسْمِعَ مَنْ بِقُرْبِهِ عُرْفًا وَيُشْتَرَطُ إسْمَاعُ نَفْسِهِ إنْ أَذَّنَ لَهَا، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إسْمَاعِ وَاحِدٍ بِتَقْدِيرِ قُرْبِهِ قُرْبَ التَّخَاطُبِ اهـ. مِنْ هَامِشِ نُسْخَةٍ مِنْ الشَّرْحِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَخْفِضَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ التَّرْجِيعَ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنَّ تَعْلِيلَهُمْ بِأَنَّهُ رَجَعَ إلَى الْجَهْرِ بَعْدَ أَنْ تَرَكَهُ لَا يُنَاسِبُهُ وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ اسْمًا لِلثَّانِي فَتَسْمِيَةُ الْأَوَّلِ بِهِ مَجَازًا مِنْ تَسْمِيَةِ السَّبَبِ بِاسْمِ الْمُسَبِّبِ، إذْ هُوَ سَبَبُ الرُّجُوعِ اهـ. م ر وَرَشِيدِيٌّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مُقْتَصِدَ) أَيْ غَيْرَ كَبِيرٍ ع ش (قَوْلُهُ لِرُجُوعِهِ مِنْهُ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ اسْمٌ لِلثَّانِي، وَهُوَ مَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَيُشْكِلُ حِينَئِذٍ عَدُّهُ سُنَّةً فِي الْأَذَانِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ سُنِّيَّتَهُ مِنْ حَيْثُ مَسْبُوقِيَّتُهُ بِمِثْلِهِ سم

(قَوْلُهُ بِالتَّثْوِيبِ) أَصْلُهُ أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مُسْتَصْرِخًا يُلَوِّحُ بِثَوْبٍ لِيُرَى فَسُمِّيَ الدُّعَاءُ تَثْوِيبًا لِذَلِكَ ع ش عَنْ سم لَكِنَّ مَا فِي الشَّرْحِ فِي وَجْهِ التَّسْمِيَةِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ فِي أَذَانٍ) سَوَاءٌ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَمَا بَعْدَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. اهـ. مَحَلِّيٌّ ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ فَيُؤَذِّنُ لَهُ) أَيْ، فَإِذَا تَبَيَّنَ صِحَّةُ ذَلِكَ فِي الصُّبْحِ فَيُؤَذِّنُ لَهُ سُبْعَ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ نَدْبًا اهـ (قَوْلُهُ سُبْعَ اللَّيْلِ) عِبَارَةُ الْحَاوِي: لِسُبْعٍ مِنْ اللَّيْلِ، قَالَ شَارِحُهُ: أَيْ عِنْدَ سُبْعِ اللَّيْلِ الْآخِرِ (قَوْلُهُ سُبْعَ اللَّيْلِ شِتَاءً إلَخْ) اُنْظُرْ

ص: 271

وَغَيْرِهِ دُخُولَهُ بِالسَّحَرِ قُبَيْلَ الْفَجْرِ وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَنْقُولِ عَنْ بِلَالٍ وَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَأَمَّا الْإِقَامَةُ، فَلَا يَصِحُّ تَقْدِيمُهَا عَلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ وَلَا عَلَى إرَادَةِ الدُّخُولِ فِيهَا، وَقَوْلُ النَّظْمِ بِالتَّقْرِيبِ مِنْ زِيَادَتِهِ

(وَ) يُسَنُّ (بَعْدَ) أَيْ بَعْدَ؛ الصُّبْحِ أَذَانُ رَجُلٍ (ثَانِي) إنْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ مُؤَذِّنَانِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ كَمَا كَانَ لِمَسْجِدِهِ صلى الله عليه وسلم بِلَالٌ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا وَاحِدًا أَعَادَهُ، وَعِبَارَةُ النَّظْمِ تَصْلُحُ لِلْأَمْرَيْنِ بِأَنْ يُقَالَ: وَبَعْدَ الصُّبْحِ أَذَانٌ ثَانٍ فَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُؤَذِّنُ عَلَى أَحَدِهِمَا فِي الْوَقْتِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ فِيهِمَا صَحَّ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَفْضَلُهَا (قَامَ) فِي أَذَانِهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «قُمْ يَا بِلَالُ فَنَادِ» .

وَلِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ «عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: رَأَيْت فِي الْمَنَامِ رَجُلًا قَامَ عَلَى جِذْمِ حَائِطٍ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ» وَلِزِيَادَةِ الْإِعْلَامِ، وَالْجِذْمُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ: الْأَصْلُ، (عَلَى) شَيْءٍ (عَالٍ) كَمَنَارَةٍ أَوْ سَطْحٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُؤَذِّنَانِ بِلَالٌ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا» وَلِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ السَّابِقِ وَلِزِيَادَةِ الْإِعْلَامِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ لَا تُسَنُّ عَلَى عَالٍ إلَّا فِي مَسْجِدٍ كَبِيرٍ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى عُلْوٍ لِلْإِعْلَامِ بِهَا (وَالْأُصْبُعَانِ عَلَى) أَيْ جَاعِلًا أُصْبُعَيْهِ وَهُمَا السَّبَّابَتَانِ فِي (صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ) لِمَا سَيَأْتِي فِي خَبَرِ أَبِي جُحَيْفَةَ؛ وَلِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِلصَّوْتِ وَيَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ صُمَّ أَوْ بَعُدَ عَلَى الْأَذَانِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ لَا يُسَنُّ فِيهَا ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يُضِفْ الصِّمَاخَ إلَى الْأَذَانِ لَمَا ضَرَّهُ فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الصِّمَاخَ لَا يَكُونُ، إلَّا لَهَا كَمَا أَنَّ السِّنَّ لَا يَكُونُ إلَّا لِلْفَمِ، وَلِهَذَا عَبَّرَ الْحَاوِي بِصِمَاخَيْهِ

(اسْتَقْبَلَا) أَيْ الْمُؤَذِّنُ الْقِبْلَةَ؛ لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ سَلَفًا وَخَلَفًا؛ وَلِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ (وَالْتَفَتَ الْيَمْنَةَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ مَرَّةً (فِي) قَوْلِهِ (حَيَّ عَلَى) الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ رَدَّ وَجْهَهُ لِلْقِبْلَةِ (وَفِي) قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى (الْفَلَاحِ) مَرَّتَيْنِ (الِالْتِفَاتُ يَسْرَهْ) بِفَتْحِ الْيَاءِ مَرَّةً ثُمَّ يَرُدُّ وَجْهَهُ لِلْقِبْلَةِ لِقَوْلِ أَبِي جُحَيْفَةَ: رَأَيْت بِلَالًا يُؤَذِّنُ فَجَعَلْت أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا يَقُولُ يَمِينًا وَشِمَالًا حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ فَلَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ لَوَى عُنُقَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَمْ يَسْتَدِرْ وَفِي رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ صَحَّحَهَا وَأُصْبُعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ وَاخْتُصَّ الْحَيْعَلَتَانِ بِالِالْتِفَاتِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُمَا ذِكْرُ اللَّهِ وَهُمَا خِطَابُ الْآدَمِيِّ كَالسَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ يُلْتَفَتُ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَذْكَارِ وَفَارَقَ كَرَاهَةَ الِالْتِفَاتِ فِي الْخُطْبَةِ بِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ دَاعٍ لِلْغَائِبِينَ، وَالِالْتِفَاتُ أَبْلَغُ فِي إعْلَامِهِمْ، وَالْخَطِيبَ وَاعِظٌ لِلْحَاضِرِينَ فَالْأَدَبُ أَنْ لَا يُعْرِضَ عَنْهُمْ، وَإِنَّمَا لَا يُكْرَهُ فِي الْإِقَامَةِ، بَلْ يُنْدَبُ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا الْإِعْلَامُ فَلَيْسَ فِيهِ تَرْكُ أَدَبٍ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ فِي قَوْلِهِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ وَبِهِ صَرَّحَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ ثَانِي إلَخْ) (فَرْعٌ) يَجُوزُ أَذَانُ الصُّبْحِ قَبْلَ الْوَقْتِ فَهَلْ يَحْرُمُ التَّكْرِيرُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَذَانِ قَبْلَ الْوَقْتِ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ أَوْ لَا؟ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ تَعَدُّدِ الْأَذَانِ مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَيُنْدَبُ لِمَنْ يُؤَذِّنُونَ أَنْ يُرَتِّبُوا إلَخْ إذْ لَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى فِي تَعَدُّدِ الْأَذَانِ بَيْنَ تَعَدُّدِ الْمُؤَذِّنِ وَاتِّحَادِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ بِهِ فَائِدَةٌ لَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ قَبِيلِ تَعَدُّدِ الْأَذَانِ الْآتِي الْمَذْكُورِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (فَرْعٌ آخَرُ) لَوْ فَاتَ الصُّبْحُ وَأَرَادُوا قَضَاءَهُ فَهَلْ يُسَنُّ تَعَدُّدُ الْأَذَانِ لِأَنَّ؛ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ وَلِهَذَا سُنَّ التَّثْوِيبُ فِي الْأَذَانِ فِي الْقَضَاءِ أَوَّلًا لِأَنَّ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ لِمَعْنًى كَتَهَيُّؤِ النَّاسِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، وَقَدْ فَاتَ بِخُرُوجِ وَقْتِهِ وَيُفَارِقُ التَّثْوِيبَ بِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْأَذَانِ، وَالتَّعَدُّدُ خَارِجٌ عَنْهُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَقِيَاسُهُ أَنْ يُطْلَبَ تَعَدُّدُهُ، وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ؟ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْوَقْتِ وَقَبْلَهُ بِأَنْ وَقَعَ بَعْضُهُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَبَعْضُهُ فِيهِ

(قَوْلُهُ مَرَّتَيْنِ) مَعْمُولُ فِيهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَرُدُّ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ يُدِيمُ الِالْتِفَاتَ إلَى تَمَامِ الْمَرَّتَيْنِ وَأَنَّهُ لَا يُخَلِّلُ بَيْنَهُمَا التَّرْكَ لِلْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ دَاعٍ لِلْغَائِبِينَ) قَدْ يَخْرُجُ الْمُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

مَا وَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَلَعَلَّهُ طُولُ لَيْلِ الشِّتَاءِ (قَوْلُهُ بِالسَّحَرِ) اسْمٌ لِلسُّدُسِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ وَقِيلَ نِصْفُهُ الْأَخِيرُ اهـ. ق ل لَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْأَوَّلُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ، وَلَوْ أَذَّنَ قَبْلَ النِّصْفِ بِقَصْدِ الْأَذَانِ فَالظَّاهِرُ الْحُرْمَةُ كَغَيْرِهِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى إرَادَةِ الدُّخُولِ فِيهَا) قَالَ م ر فِي الشَّرْحِ: يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ عُرْفًا. اهـ.

(قَوْلُهُ قَامَ) وَيُجْزِئُ مِنْ الْمَاشِي وَإِنْ بَعُدَ عَنْ مَحَلِّ ابْتِدَائِهِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ آخِرَهُ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ إنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ فَإِنْ أَذَّنَ لِغَيْرِهِ كَأَنْ كَانَ ثَمَّ مَعَهُ مَنْ يَمْشِي وَفِي مَحَلِّ ابْتِدَائِهِ غَيْرَهُ اشْتِرَاطٌ أَنْ لَا يَبْعُدَ عَنْ مَحَلِّ ابْتِدَائِهِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ آخِرَهُ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ. اهـ. م ر قَالَ رَشِيدِيٌّ لَعَلَّ قَوْلَهُ لَمْ يُجْزِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ فِي مَحَلِّ ابْتِدَائِهِ، إذْ لَا تَوَقُّفَ فِي إجْزَائِهِ لِمَنْ يَمْشِي مَعَهُ فَكَانَ يَنْبَغِي حَذْفُ قَوْلِهِ: كَأَنْ كَانَ ثَمَّ مَعَهُ مَنْ يَمْشِي، إذْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا كَانَ يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ اهـ

(قَوْلُهُ عَلَى عَالٍ) وَلَا يَدُورُ عَلَيْهِ فَإِنْ دَارَ كَفَى أَنْ يَسْمَعَ آخِرَ أَذَانِهِ مَنْ يَسْمَعُ أَوَّلَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَكْفِ. اهـ. م ر. اهـ. سم أَيْ لَمْ يَكْفِ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَكَفَى غَيْرَهُ مِمَّنْ سَمِعَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ كَذَلِكَ أَحَدٌ وَكَانَ لِجَمَاعَةٍ لَمْ يَكْفِ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَصْلًا كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إلَخْ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: إنَّ بِلَالًا كَانَ بَعْدَ أَذَانِهِ يَقِفُ يَدْعُو وَيَرْقُبُ الْفَجْرَ فَإِذَا قَارَبَ الْفَجْرُ نَزَلَ فَأَخْبَرَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ فَيَتَأَهَّبُ ثُمَّ يَرْقَى وَيَشْرَعُ فِي الْأَذَانِ مَعَ أَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ تَوَالِي الْأَذَانَيْنِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا اهـ.

(قَوْلُهُ اسْتَقْبَلَا)

ص: 272

ابْنُ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَلْتَفِتُ كَمَا فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ

(وَلَا يُحَوِّلْ رِجْلَهُ) عَنْ مَحَلِّهَا (وَ) لَا (صَدْرَهْ) عَنْ الْقِبْلَةِ، بَلْ يَلْوِي عُنُقَهُ مُحَافَظَةً عَلَى الِاسْتِقْبَالِ وَيُسَنُّ كَوْنُ الْمُؤَذِّنِ مِنْ وَلَدِ مَنْ جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْ بَعْضُ أَصْحَابِهِ الْأَذَانَ فِيهِمْ كَبِلَالٍ وَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَأَبِي مَحْذُورَةَ وَسَعْدِ الْقَرَظِ ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَيْهِمْ ثُمَّ إلَى الصَّحَابَةِ إذَا وُجِدَ وَكَانَ صَالِحًا لِلْأَذَانِ وَيُكْرَهُ كَوْنُهُ أَعْمَى إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَصِيرٌ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا غَلِطَ فِي الْوَقْتِ؛ وَلِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَى النَّاسِ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ بِاشْتِغَالِهِ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ وَالتَّحَرِّي فِيهِ

(وَ) يُسَنُّ (أَنْ يُجِيبَ سَامِعٌ) لِلْأَذَانِ بِلَفْظِهِ، إلَّا مَا سَيُعْلَمُ لِخَبَرِ «إذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ. فَقَالَ أَحَدُكُمْ: اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَهُوَ مُبَيِّنٌ لِخَبَرِهِ الْآخَرِ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» قَالُوا؛ وَلِأَنَّ إجَابَتَهُ تَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِهِ وَمُوَافَقَتِهِ فِي ذَلِكَ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْجُنُبَ وَالْحَائِضَ وَالْمُحْدِثَ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ وَهُمْ مِنْ أَهْلِهِ وَخَالَفَ السُّبْكِيُّ لِخَبَرِ «كَرِهْت أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إلَّا عَلَى طُهْرٍ» قَالَ: وَالتَّوَسُّطُ أَنْ يُسَنَّ لِلْمُحْدِثِ لَا لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ إلَّا الْجَنَابَةَ وَقَالَ ابْنُهُ فِي التَّوْشِيحِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُتَوَسَّطَ فَيُقَالُ: تُجِيبُ الْحَائِضُ لِطُولِ أَمَدِهَا بِخِلَافِ الْجُنُبِ، وَالْخَبَرَانِ لَا يَدُلَّانِ عَلَى غَيْرِ الْجَنَابَةِ، وَلَيْسَ الْحَيْضُ فِي مَعْنَاهَا لِمَا ذَكَرْت انْتَهَى وَفِي دَعْوَاهُ أَنَّ الْخَبَرَيْنِ لَا يَدُلَّانِ عَلَى غَيْرِ الْجَنَابَةِ نَظَرٌ، بَلْ ظَاهِرُ الْأَوَّلِ الْكَرَاهَةُ لِلثَّلَاثَةِ، وَقَدْ يُقَالُ يُؤَيِّدُهَا كَرَاهَةُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لَهُمْ كَمَا سَيَأْتِي وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ وَالْمُقِيمَ مُقَصِّرَانِ حَيْثُ لَمْ يَتَطَهَّرْ عِنْدَ مُرَاقَبَتِهِمَا الْوَقْتَ، وَالْمُجِيبُ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ إجَابَتَهُ تَابِعَةٌ لِأَذَانِ غَيْرِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ غَالِبًا وَقْتَ أَذَانِهِ، وَالسُّنَّةُ الْإِجَابَةُ عَقِبَ كُلِّ كَلِمَةٍ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَسُنَّ كَوْنُ الْمُؤَذِّنِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَيُكْرَهُ تَمْطِيطُهُ وَالتَّغَنِّي بِهِ وَالرُّكُوبُ فِيهِ لِمُقِيمٍ فَإِنْ أَذَّنَ مَاشِيًا أَجْزَأَهُ إنْ لَمْ يَبْعُدْ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ آخِرَهُ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ اهـ وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَذَّنَ مَاشِيًا أَيْ أَوْ دَائِرًا إذَا دَارَ حَوْلَ الْمَنَارَةِ اُشْتُرِطَ أَنْ يَسْمَعَ آخِرَهُ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ م ر

(قَوْلُهُ: أَنْ يُجِيبَ سَامِعٌ)(فَرْعٌ) لَوْ دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي أَثْنَاءِ الْأَذَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ فَفِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِمَا اخْتَارَهُ أَبُو شُكَيْلٍ أَنَّهُ يُجِيبُ قَائِمًا ثُمَّ يُصَلِّي التَّحِيَّةَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ، وَلَوْ تَعَارَضَ إجَابَةُ الْأَذَانِ وَذِكْرُ الْوُضُوءِ بِأَنْ فَرَغَ مِنْهُ فَسَمِعَ الْأَذَانَ بَدَأَ بِذِكْرِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ لِلْعِبَادَةِ الَّتِي بَاشَرَهَا وَفَرَغَ

ــ

[حاشية الشربيني]

إلَّا إنْ احْتَاجَ لِلدَّوَرَانِ عَلَى مَنَارَةٍ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ: وَالدَّوَرَانُ حَوْلَ الْمَنَابِرِ لِجِهَةِ يَمِينِ الْمُؤَذِّنِ حَالَ اسْتِقْبَالِهِ الْقِبْلَةَ، كَمَا أَنَّ الطَّوَافَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عَكْسَ مَا هُنَا فِي الصُّورَةِ.

وَكَذَا دَوَرَانُ دَابَّةِ الرَّحَى وَالسَّانِيَةِ وَالدِّرَاسَةِ؛ لِأَنَّهُ عَنْ يَمِينِ مُسْتَقْبِلِهَا فَتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ أَنْ يُجِيبَ سَامِعٌ) ، وَلَوْ لَمْ يَفْهَمْ كَلَامَهُ أَوْ كَانَ قَارِئًا أَوْ ذَاكِرًا أَوْ طَائِفًا أَوْ مُدَرِّسًا أَوْ مُصَلِّيًا وَالْأَوْلَى لَهُ تَأْخِيرُهُ لِفَرَاغِهَا، وَتَبْطُلُ بِالْحَيْعَلَاتِ لَا جَوَابِهَا وَبِالتَّثْوِيبِ وَجَوَابِهِ إلَّا نَحْوَ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ، وَسَوَاءٌ سَمِعَ الْكُلَّ أَوْ الْبَعْضَ فَيُجِيبُ فِي الْكُلِّ مُرَتَّبًا وَيَفُوتُ بِطُولِ الْفَصْلِ وَلَا يُجِيبُ أَذَانَ غَيْرِ الصَّلَاةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَلَا تَصِحُّ الْإِجَابَةُ قَبْلَ نُطْقِ الْمُؤَذِّنِ بِالْكَلِمَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَلَا تُسَنُّ الْإِجَابَةُ لِمُجَامِعٍ وَقَاضِي حَاجَةٍ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ وَقَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمُؤَذِّنُونَ وَاخْتَلَطَتْ أَصْوَاتُهُمْ أَجَابَ الْكُلَّ وَإِنْ تَرَتَّبُوا فَإِجَابَةُ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ. اهـ. ق ل. وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ: أَجَابَ الْكُلَّ أَيْ دَفَعَهُ وَإِنَّمَا أَبْطَلَ جَوَابَ التَّثْوِيبِ بِنَحْوِ صَدَقْت بِخِلَافِ قَوْلِهِ فِي الْقُنُوتِ: صَدَقْت عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر؛ لِأَنَّهُ فِي الْقُنُوتِ مُتَضَمِّنٌ الثَّنَاءَ فَهُوَ بِمَعْنَى أَنَّك تَقْضِي مَثَلًا، وَأَمَّا هُنَا فَهُوَ بِمَعْنَى " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " وَلَا أَثَرَ لِلْخِطَابِ حَيْثُ كَانَ بِمَعْنَى الثَّنَاءِ، هَكَذَا فَرَّقَ م ر فِي الشَّارِحِ وَفَرَّقَ وَالِدُهُ بِالْكَرَاهَةِ لِلْإِجَابَةِ فِي الْأَذَانِ بِخِلَافِ مُشَارَكَةِ الْإِمَامِ هُنَا فِي الثَّنَاءِ فَيَأْتِي بِهِ أَوْ بِمَا أُلْحِقَ بِهِ اهـ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ) وَلَيْسَ أَذَانًا، فَلَا يُكْرَهُ، بَلْ هُوَ خِلَافُ الْأَفْضَلِ فَقَطْ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِخَبَرِ إلَخْ) قَدْ عَرَفْت أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهِ لِكَوْنِهِ خِلَافَ الْأَفْضَلِ فَقَطْ لِثُبُوتِ قِرَاءَتِهِ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ مَعَ الْحَدَثِ، وَهُوَ أَفْضَلُ الذِّكْرِ اهـ. (قَوْلُهُ إلَّا لِجَنَابَةٍ) أَيْ وَالْحَيْضُ أَغْلَظُ (قَوْلُهُ وَالْخَبَرَانِ لَا يَدُلَّانِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّا نَخُصُّ حَالَ الْكَرَاهَةِ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ بِالْجَنَابَةِ أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ الثَّانِي وَحِينَئِذٍ لَا يَدُلُّ مَجْمُوعُ الْخَبَرَيْنِ عَلَى الْكَرَاهَةِ مَعَ غَيْرِ الْجَنَابَةِ فَيَنْدَفِعُ النَّظَرُ ثُمَّ رَأَيْت الرَّشِيدِيَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فَقَالَ: وَالْخَبَرَانِ لَا يَدُلَّانِ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ، إذْ الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ عَامًّا فَهُوَ مَخْصُوصٌ بِالثَّانِي، هَذَا مُرَادُهُ وَإِلَّا، فَلَا يَسَعُهُ إنْكَارُ عُمُومِ الْأَوَّلِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ التَّنْظِيرُ اهـ. (قَوْلُهُ عَقِبَ كُلِّ كَلِمَةٍ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ الِاعْتِدَادَ بِابْتِدَائِهِ مَعَ ابْتِدَائِهِ فَرَغَا مَعًا أَوْ لَا، وَرَدَّهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ التَّعْقِيبُ اهـ. حَجَرٌ وَقَالَ م ر كَلَامُ ابْنِ الْعِمَادِ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْفَضِيلَةِ الْكَامِلَةِ اهـ

(قَوْلُهُ عَقِبَ كُلِّ كَلِمَةٍ) هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ وَلَا تَضُرُّ

ص: 273

وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّاظِمِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَذَانَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ لِبُعْدٍ أَوْ صَمَمٍ لَا تُسَنُّ إجَابَتُهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِالسَّمَاعِ فِي خَبَرِ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ» وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَلَوْ تَرَكَهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ فَالظَّاهِرُ تَدَارُكُهُ إنْ قَصُرَ الْفَصْلُ، قَالَ: وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ التَّرْجِيعَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسَنُّ الْإِجَابَةُ فِيهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» وَلَمْ يَقُلْ مِثْلَ مَا تَسْمَعُونَ وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِأَنَّهَا لَا تُسَنُّ نَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ التَّوْشِيحِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِذَا سَمِعَ مُؤَذِّنًا بَعْدَ مُؤَذِّنٍ فَالْمُخْتَارُ أَنَّ أَصْلَ الْفَضِيلَةِ فِي الْإِجَابَةِ شَامِلٌ لِلْجَمِيعِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ مُتَأَكَّدٌ يُكْرَهُ تَرْكُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَجَابَ الْأَوَّلُ أَفْضَلُ، إلَّا أَذَانَيْ الصُّبْحِ، فَلَا أَفْضَلِيَّةَ فِيهِمَا لِتَقَدُّمِ الْأَوَّلِ وَوُقُوعِ الثَّانِي فِي الْوَقْتِ وَإِلَّا أَذَانَيْ الْجُمُعَةِ لِتَقَدُّمِ الْأَوَّلِ وَمَشْرُوعِيَّةِ الثَّانِي فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى وَلَوْ سَمِعَ بَعْضَ الْأَذَانِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجِيبَ فِيمَا سَمِعَهُ فَقَطْ وَأَنْ يُجِيبَ فِي الْجَمِيعِ

(وَلَوْ تَلَا) السَّامِعُ الْقُرْآنَ فَيَقْطَعُهُ وَيُجِيبُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِخِلَافِ الْمُصَلِّي وَلَوْ نَفْلًا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُجِيبَ فِي صَلَاتِهِ، بَلْ تَبْطُلُ إنْ أَتَى بِشَيْءٍ مِنْ الْحَيْعَلَتَيْنِ أَوْ " بِالصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " أَوْ بِصَدَقْتَ وَبَرَرْتَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَلَامُ آدَمِيٍّ، نَعَمْ يُنْدَبُ أَنْ يُجِيبَ عَقِبَ الْفَرَاغِ فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ فَكَتَرْكِ سُجُودِ السَّهْوِ، وَيُجِيبُ الْمُجَامِعُ وَقَاضِي الْحَاجَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ (وَقَالَ) السَّامِعُ (إذْ حَيْعَلَ) الْمُؤَذِّنُ أَيْ وَقْتَ حَيْعَلَتِهِ (لَا حَوْلَ وَلَا) قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ أَرْبَعًا أَيْ لَا حَوْلَ لِي عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَلَا قُوَّةَ لِي عَلَى مَا دَعَوْتَنِي إلَيْهِ إلَّا بِك، وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّ الْحَيْعَلَتَيْنِ دُعَاءٌ لِلصَّلَاةِ لَا يَلِيقُ بِغَيْرِ الْمُؤَذِّنِ فَسُنَّ لِلْمُجِيبِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ مَحْضٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ التَّثْوِيبِ صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ أَيْ صِرْت ذَا بِرٍّ أَيْ خَيْرٍ كَثِيرٍ؛ لِأَنَّهُ مُنَاسِبٌ.

وَأَنْ يُصَلِّيَ كُلٌّ مِنْ الْمُؤَذِّنِ وَالسَّامِعِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْأَذَانِ ثُمَّ يَقُولَ: «اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ» وَأَنْ يَقُولَ عَقِبَ الْفَرَاغِ مِنْ أَذَانِ الْمَغْرِبِ: اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ لَيْلِك وَإِدْبَارُ نَهَارِك وَأَصْوَاتُ دُعَاتِكَ فَاغْفِرْ لِي، وَمِنْ أَذَانِ الصُّبْحِ: اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ نَهَارِك وَإِدْبَارُ لَيْلِك إلَى آخِرِهِ، وَأَنْ يَقُولَ الْمُؤَذِّنُ بَعْدَ فَرَاغِهِ فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ ظُلْمَةٍ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، فَإِنْ قَالَهُ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ فَلَا بَأْسَ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا يُجِيبُهُ السَّامِعُ بِلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ قِيَاسًا لَهُ عَلَى الْحَيْعَلَتَيْنِ قَالَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

مِنْهَا (قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُ إلَخْ) أَفْهَمَ أَيْضًا أَنَّهُ يُجِيبُ السَّامِعُ، وَلَوْ لِصَوْتٍ لَمْ يَفْهَمْهُ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُفَسِّرْ وَيُمَيِّزْ كَلِمَاتِهِ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ (قَوْلُهُ: يُجِيبَ فِي الْجَمِيعِ) يُؤَيِّدُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي التَّرْجِيعِ

(قَوْلُهُ: بَلْ يَبْطُلُ إلَخْ) بِخِلَافِ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَبْطُلُ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْ الْمُؤَذِّنِ إلَخْ) وَكَذَا كُلٌّ مِنْ الْمُقِيمِ وَسَامِعِهِ وَمُسْتَمِعِهِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَالسَّامِعِ وَالْمُسْتَمِعِ) ، وَقَدْ يَشْمَلُهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

مُقَارَنَتُهُ وَلَا سَبْقُهُ بِفَرَاغِ الْكَلِمَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا بِبَقِيَّةِ الْإِجَابَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَذَانِ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ (مِثْلَ مَا يَقُولُ دُونَ مِثْلِ مَا يَسْمَعُ) . اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ لَوْ عَلِمَ إلَخْ) قَالَ فِي الْعُبَابِ لَوْ سَمِعَ بَعْضَهُ أَجَابَ فِيهِ، وَفِيمَا لَا يَسْمَعُهُ تَبِعَ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَ م ر: وَهُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِنْ الْمَجْمُوعِ قَالَ ع ش سَوَاءٌ كَانَ مَا سَمِعَهُ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ الْآخِرِ اهـ. وَلَوْ لَحِنَ لَحْنًا مُحَرَّمًا، وَهُوَ مَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى سُنَّ إجَابَتُهُ أَيْضًا لِوُجُودِ أَلْفَاظِهِ وَإِنْ ضَمَّ إلَيْهَا غَيْرَهَا وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ سم (قَوْلُهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ) خَرَجَ مَا إذَا سَمِعَ صَوْتًا لَمْ يَفْهَمْهُ فَإِنَّهُ يُجِيبُ، كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ. اهـ. حَجَرٌ اهـ. سم (قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ التَّرْجِيعَ) لَكِنْ سَمِعَ الْأَذَانَ أَوْ بَعْضَهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا سَمِعَ مُؤَذِّنًا إلَخْ) وَإِذَا سَمِعَ مُؤَذِّنَيْنِ وَاخْتَلَطَتْ أَصْوَاتُهُمْ عَلَى السَّامِعِ وَصَارَ بَعْضُهُمْ يَسْبِقُ بَعْضًا قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ تُسْتَحَبُّ إجَابَتُهُمْ أَيْ إجَابَةُ وَاحِدَةٍ وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ بِكُلِّ كَلِمَةٍ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُمْ أَتَوْا بِهَا بِحَيْثُ تَقَعُ إجَابَتُهُ مُتَأَخِّرَةً أَوْ مُقَارِنَةً بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَأَخُّرِ الْإِجَابَةِ اهـ. م ر وع ش مَعَ زِيَادَةٍ

(قَوْلُهُ، بَلْ تَبْطُلُ) أَيْ إنْ كَانَ عَالِمًا وَإِلَّا سَجَدَ لِلسَّهْوِ اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي (قَوْلُهُ إنْ أَتَى بِشَيْءٍ إلَخْ) بِخِلَافِ أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْضًا، بَلْ تَبْطُلُ إنْ أَتَى إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْحَيْعَلَةَ مِنْ الْإِجَابَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَهُوَ انْتِقَالٌ مِنْ الْإِجَابَةِ إلَى غَيْرِهَا اهـ (قَوْلُهُ: إذْ حَيْعَلَ) لَعَلَّ الْمَعْنَى، إذْ فَرَغَ مِنْهَا كَمَا فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ لَا يَلِيقُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ فَلَوْ قَالَهُ الْمُجِيبُ لَكَانَ دَاعِيًا لَا مُجِيبًا اهـ (قَوْلُهُ وَبَرِرْت) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْأُولَى، وَحَكَى فَتْحَهَا م ر (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُنَاسِبٌ) لَوْ قَالَ لِوُرُودِ خَبَرٍ فِيهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَكَانَ أَوْلَى، إذْ الْمُنَاسَبَةُ لَا تُثْبِتُ السُّنِّيَّةَ اهـ (قَوْلُهُ الْوَسِيلَةَ) هِيَ غُرْفَةٌ فِي الْجَنَّةِ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ بَيْضَاءَ يَسْكُنُهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. اهـ. قُوَيْسَنِيٌّ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْفَضِيلَةَ) حَذَفَ كَالْمِنْهَاجِ وَالْمُحَرَّرِ وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ لِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ. اهـ. م ر وَكَذَا لَا أَصْلَ لِخَتْمِهِ بِيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ أَوْ " إنَّك لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ "(قَوْلُهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ إلَخْ) فَلَوْ جَاءَ بِذَلِكَ بَدَلَ الْحَيْعَلَتَيْنِ لَمْ يَصِحَّ

ص: 274

فِي الْمُهِمَّاتِ (وَتَفْضُلُ الْإِمَامَةُ الْأَذَانَا) وَاحْتَجَّ مُرَجِّحُوهُ بِخَبَرِ «لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» وَبِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءَ بَعْدَهُ وَاظَبُوا عَلَى الْإِمَامَةِ وَلَمْ يُؤَذِّنُوا وَبِأَنَّ الْقِيَامَ بِالشَّيْءِ أَوْلَى مِنْ الدُّعَاءِ إلَيْهِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّ الْأَذَانَ أَفْضَلُ قَالَ وَهُوَ نَصُّ الْأُمِّ، وَقَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَاحْتَجَّ مُرَجِّحُوهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ} [فصلت: 33] قَالَتْ عَائِشَةُ: نَزَلَتْ فِي الْمُؤَذِّنِينَ وَبِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَبِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أَيْ أَكْثَرُ رَجَاءً؛ لِأَنَّ رَاجِيَ الشَّيْءِ يَمُدُّ عُنُقَهُ إلَيْهِ قَالُوا: وَأَمَّا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءَ بَعْدَهُ وَاظَبُوا عَلَى الْإِمَامَةِ وَلَمْ يُؤَذِّنُوا فَلِاشْتِغَالِهِمْ بِمُهِمَّاتِ الدِّينِ الَّتِي لَا يَقُومُ غَيْرُهُمْ فِيهَا مَقَامَهُمْ، وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: لَوْ كُنْت أُطِيقُ الْأَذَانَ مَعَ الْخِلِّيفَى لَأَذَّنْت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ؛ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَوْ أَذَّنَ لَوَجَبَ حُضُورُ الْجَمَاعَةِ

وَرَدَّهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَذَّنَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَقِيلَ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ وَقِيلَ مَكْرُوهٌ وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ، وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ وَفِيهِ حَدِيثٌ حَسَنٌ فِي التِّرْمِذِيِّ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ كَجٍّ قَالَ: وَلَعَلَّهُ أَرَادَ الْأَذَانَ لِقَوْمٍ وَالْإِمَامَةَ لِآخَرِينَ

(وَ) يُسَنُّ عَلَى الْكِفَايَةِ (أَنْ يُقِيمَ مُسْلِمٌ إنْ كَانَا مُمَيِّزًا) لِخَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ السَّابِقِ (لِلْفَرْضِ) أَدَاءً كَانَ أَوْ قَضَاءً، فَلَا يُقِيمُ لِلنَّفْلِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَ فِعْلِ الْفَرْضِ وَالْإِقَامَةِ لِكَوْنِهَا تُرَادُ لِلدُّخُولِ فِيهِ وَلَا يَكْفِي إسْمَاعُ نَفْسِهِ إذَا أَقَامَ لِجَمَاعَةٍ كَمَا فِي الْأَذَانِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الذُّكُورَةُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ فِيهَا الصَّوْتَ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةُ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ وَالْخُنْثَى إنَّمَا يُقِيمَانِ لِأَنْفُسِهِمَا أَوْ لِلنِّسَاءِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ غَيْرُ الْمَحْرَمِ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ سُنِّيَّةِ الْإِمَامَةِ صَحِيحٌ، وَأَمَّا كَوْنُهَا مِنْ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ فَشَرْطٌ كَمَا فِي الْأَذَانِ (قُلْتُ قَدْ عَنَا) أَيْ الْحَاوِي (بِالْفَرْضِ مَكْتُوبًا) مِنْ الْخَمْسِ (هُنَاكَ) أَيْ فِي الْأَذَانِ (وَهُنَا) أَيْ فِي الْإِقَامَةِ.

(وَهِيَ فُرَادَى) غَيْرُ لَفْظِ الْإِقَامَةِ وَالتَّكْبِيرِ أَوَّلَهَا وَآخِرَهَا كَمَا مَرَّ لِخَبَرَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَبِلَالٍ السَّابِقَيْنِ (أُدْرِجَتْ) أَيْ أَسْرَعَتْ كَلِمَاتُهَا بِلَا فَصْلٍ؛ لِأَنَّهَا لِلْحَاضِرِينَ فَإِدْرَاجُهَا أَلْيَقُ بِخِلَافِ الْأَذَانِ كَمَا مَرَّ وَيُسَنُّ فِيهَا التَّطَهُّرُ وَالْقِيَامُ وَالِاسْتِقْبَالُ وَجَمْعُ كُلِّ كَلِمَتَيْنِ بِصَوْتٍ أَيْ إلَّا قَوْلَهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَيُفْرَدُ بِصَوْتٍ، وَيُحْتَمَلُ ضَمُّهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ، وَالِالْتِفَاتُ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ، وَإِجَابَةُ السَّامِعِ، وَيَقُولُ عِنْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ مَرَّتَيْنِ وَفِي لَفْظِ الْإِقَامَةِ: أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا وَجَعَلَنِي مِنْ صَالِحِي أَهْلِهَا، وَقَالَ الْإِمَامُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَقِمْهَا وَأَدِمْهَا وَاجْعَلْنِي مِنْ صَالِحِي أَهْلِهَا، وَإِذَا شَرَعَ فِيهَا

ــ

[حاشية العبادي]

السَّامِعُ (قَوْلُهُ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّفْضِيلَ فِي الْأَقْوَالِ فَيُخْرِجُ الْإِمَامَةَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَرَدَّهُ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) أُجِيبُ عَنْ هَذَا الرَّدِّ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّذِينَ أَذَّنَ لَهُمْ كَانُوا حَاضِرِينَ مَعَهُ عَلَى أَنَّ مَعْنَى أَذَّنَ فِيهِ أَمْرٌ كَمَا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى اهـ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ إلَخْ) الْمُتَّجَهُ اسْتِحْبَابُ الْجَمْعِ، وَلَوْ لِقَوْمٍ وَاحِدٍ م ر

(قَوْلُهُ الَّذِي يُخَافُ إلَخْ) قَدْ يُشْعِرُ هَذَا الْكَلَامُ بِحُرْمَةِ رَفْعِ الصَّوْتِ فَوْقَ مَا يَسْمَعُ صَوَاحِبُهَا كَمَا فِي الْأَذَانِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يُقِيمَانِ لِأَنْفُسِهِمَا أَوْ لِلنِّسَاءِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخُنْثَى لَا يُقِيمُ لِلْخَنَاثَى وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أُنْثَى وَأَنَّهُمْ رِجَالٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ فُرَادَى) يَنْبَغِي فِيمَا لَوْ ثَنَّاهَا شَافِعِيٌّ حُصُولُ سُنَّةِ الْإِقَامَةِ لِأَنَّ، غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّ الزِّيَادَةَ فَصْلٌ بَيْنَ كَلِمَاتِهَا بِكَلَامٍ يَسِيرٍ، وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ (قَوْلُهُ مِنْ الْخَمْسِ) خَرَجَتْ الْمَنْذُورَةُ (قَوْلُهُ وَأَجَابَهُ السَّامِعُ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ ثَنَّى حَنَفِيٌّ الْإِقَامَةَ أُجِيبَ مَثْنَى اهـ وَنَقَلَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ ابْنِ كَجٍّ ثُمَّ أَبْدَى احْتِمَالًا أَنَّهُ لَا يُجِيبُ فِي الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ يَرَاهَا خِلَافَ السُّنَّةِ وَقِيَاسًا عَلَى الِاعْتِبَارِ بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ وَكَمَا لَوْ زَادَ فِي الْأَذَانِ تَكْبِيرًا أَوْ غَيْرَهُ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُتَابِعُهُ اهـ. وَهُوَ مُتَّجَهٌ جِدًّا وَإِنْ أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ فِي اعْتِقَادِ الْآتِي بِهَا، وَقَدْ أَدَّى بِهَا سُنَّةَ الْإِقَامَةِ فَيُنْدَبُ إجَابَتُهَا، وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اعْتِبَارِ عَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ بِأَنَّ الْإِمَامَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ رَابِطَةٍ، وَهِيَ مُتَعَذِّرَةٌ مَعَ اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ بُطْلَانَ صَلَاةِ الْإِمَامِ

ــ

[حاشية الشربيني]

خِلَافًا لِمَا فِي الْإِسْعَادِ وَشَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلدَّمِيرِيِّ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّ الْأَذَانَ أَفْضَلُ) قَالَ م ر مَا مَعْنَاهُ أَنَّ مَفْضُولِيَّةَ الْإِمَامَةِ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَظِنَّةُ الْخَلَلِ فَهُوَ مِنْ حَيْثُ الْفَرْضِيَّةِ أَفْضَلُ وَأَيْضًا فَالْإِمَامُ لَمْ يَقُمْ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ الَّذِي هُوَ الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُوجَدُ إلَّا بِهِ مَعَ الْمَأْمُومِينَ فَلَمْ يَلْزَمْ تَفْضِيلُ سُنَّةٍ عَلَى فَرْضٍ؛ لِأَنَّ الْمُفَضَّلَ عَلَيْهِ الْإِمَامَةُ لَا الْجَمَاعَةُ اهـ (قَوْلُهُ أَنَّ الْأَذَانَ أَفْضَلُ) أَيْ هُوَ وَحْدَهُ أَفْضَلُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي أَفْضَلِيَّتِهِ انْضِمَامُ الْإِمَامَةِ إلَيْهِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا) أَيْ وَمَنْ قَوْلُهُ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ مَنْ دَعَا إلَى اللَّهِ، وَحِينَئِذٍ فَفِي الِاسْتِدْلَالِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ فِي تَفْضِيلِ قَوْلِهِ عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ، وَلَيْسَتْ الْإِمَامَةُ قَوْلًا. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ الْخِلِّيفَا) أَيْ الْقِيَامِ بِأَمْرِ الْخِلَافَةِ وَفِي النِّهَايَةِ الْخِلِّيفَا بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْقَصْرِ لِلْخِلَافَةِ، وَهُوَ وَأَمْثَالُهُ كَالرَّمْيَا وَالدَّلِيلَا: مَصَادِرُ تَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الْكَثْرَةِ يُرِيدُ بِهِ كَثْرَةَ اجْتِهَادِهِ فِي ضَبْطِ الْأُمُورِ وَتَصْرِيفِ أَعِنَّتِهَا. اهـ. ع ش

(قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ إلَخْ) قَالَ حَجَرٌ الْفَصْلُ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَخُطْبَتِهَا يَضُرُّ إذَا كَانَ بِقَدْرِ رَكْعَتَيْنِ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ كَالْفَصْلِ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ بِخِلَافِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالصَّلَاةِ وَبِخِلَافِ الْفَصْلِ بَيْنِ الْأَذَانِ وَالْإِجَابَةِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يُنْسَبُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ أَصْلًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ فِيهَا الصَّوْتَ) تَقَدَّمَ مَا فِي التَّعْلِيلِ بِرَفْعِ الصَّوْتِ فَتَذَكَّرْ

ص: 275

بِمَحَلٍّ أَتَمَّهَا فِيهِ وَلَا يَمْشِي فَإِنْ مَشَى فَظَاهِرٌ أَنَّهُ كَالْأَذَانِ، وَقَدْ قَالَ فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ إنْ أَذَّنَ مَاشِيًا فَإِنْ انْتَهَى فِي آخِرِهِ إلَى حَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ مَنْ كَانَ بِمَحَلِّ ابْتِدَائِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ وَإِلَّا أَجْزَأَهُ حَكَاهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ.

ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْزِئَهُ مُطْلَقًا قَالَ: وَيُسَنُّ أَنْ يَتَحَوَّلَ لِلْإِقَامَةِ مِنْ مَحَلِّ الْأَذَانِ وَأَنْ يَقْعُدَ بَيْنَهُمَا قَدْرَ مَا يَجْتَمِعُ النَّاسُ، إلَّا فِي الْمَغْرِبِ، فَلَا يُؤَخِّرُهَا لِضِيقِ وَقْتِهَا وَلِاجْتِمَاعِهِمْ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا عَادَةً، نَعَمْ يُسَنُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ بَيْنَهُمَا بِقَعْدَةٍ أَوْ سُكُوتٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَيُسَنُّ أَنْ يَدْعُوَ بَيْنَهُمَا لِخَبَرِ (الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَادْعُوا) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ

(وَيُنْدَبُ لِمَنْ يُؤَذِّنُونَ أَنْ تَرَتَّبُوا) أَيْ تَرَتُّبَهُمْ فِي الْأَذَانِ (أَنْ يَتَّسِعْ لَهُمْ جَمِيعًا زَمَنُ) الْأَذَانِ كَمَا فِي أَذَانِ بِلَالٍ وَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ فَإِنْ تَنَازَعُوا فِي الِابْتِدَاءِ أَقْرَعَ وَخَرَجَ بِاتِّسَاعِ الزَّمَنِ مَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ يَضِقْ تَفَرَّقُوا وَأَذَّنُوا أَيْ فِي نَوَاحِي مَسْجِدٍ يَحْتَمِلُ) ذَلِكَ لِكِبَرِهِ فَيُؤَذِّنُ كُلٌّ فِي نَاحِيَةٍ لِيَسْمَعَ أَهْلُهَا وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ لِصِغَرِهِ أَذَّنُوا مَعًا إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى تَهْوِيشٍ، وَيَقِفُونَ جَمِيعًا عَلَيْهِ كَلِمَةً كَلِمَةً فَإِنْ أَدَّى إلَى تَهْوِيشٍ فَوَاحِدٌ فَإِنْ تَنَازَعُوا أَقْرَعَ.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَتَى أَذَّنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ لَمْ يَتَأَخَّرْ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ لِئَلَّا يَذْهَبَ أَوَّلُ الْوَقْتِ وَلِئَلَّا يَظُنُّ مَنْ سَمِعَ الْأَخِيرَ أَنَّ هَذَا أَوَّلُ الْوَقْتِ قَالَ فِي الْأُمِّ: وَأُحِبُّ لِلْإِمَامِ إذَا أَذَّنَ أَنْ يُبْطِئَ بِالصَّلَاةِ لِيَفْرُغَ مَنْ بَعْدَهُ، بَلْ يَخْرُجُ وَيَقْطَعُ مَنْ بَعْدَهُ الْأَذَانَ لِخُرُوجِ الْإِمَامِ وَيُسَنُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى اثْنَيْنِ وَيَجُوزُ الزِّيَادَةُ لَكِنَّ السُّنَّةَ أَنْ لَا يُزَادَ عَنْ أَرْبَعَةٍ، كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْأَصَحُّ ضَبْطُهُ بِالْحَاجَةِ وَرُؤْيَةِ الْإِمَامِ الْمَصْلَحَةَ فَإِنْ رَآهَا فِي الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعَةٍ فَعَلَ وَإِنْ رَأَى الِاقْتِصَارَ عَلَى اثْنَيْنِ لَمْ يَزِدْ، وَالشَّفْعُ أَوْلَى مِنْ الْوِتْرِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ مُؤَذِّنَانِ (وَلْيُقِمْ) الْمُؤَذِّنُ (الرَّاتِبُ) وَإِنْ تَأَخَّرَ أَذَانُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَقَدْ أَذَّنَ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ رَاتِبٌ فَلْيُقِمْ الْمُؤَذِّنُ (الْأَوَّلُ) لِتَقَدُّمِهِ (وَإِنْ تَسَاوَوْا فِي أَذَانِهِمْ) أَيْ أَذَّنُوا (مَعًا) بِلَا تَفَرُّقٍ فِي النَّوَاحِي (أَوْ بِتَفَرُّقٍ) فِيهَا وَلَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى مَنْ يُقِيمُ، بَلْ تَنَازَعُوا (فَفِيهَا) أَيْ الْإِقَامَةِ (أُقْرِعَا) بَيْنَهُمْ.

وَيُسَنُّ أَنْ لَا يُقِيمَ فِي الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ إلَّا وَاحِدٌ إنْ كَفَى وَأَنْ يُقِيمَ الْمُؤَذِّنُ فَإِنْ أَقَامَ غَيْرُهُ فَخِلَافُ الْأَوْلَى، وَقِيلَ: مَكْرُوهٌ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَوَقْتُهَا) مَنُوطٌ (بِنَظَرِ الْإِمَامِ) ؛ لِأَنَّهَا لِلْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ، فَلَا تُقَامُ إلَّا بِإِشَارَتِهِ فَإِنْ أُقِيمَتْ بِدُونِهَا اُعْتُدَّ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّحْقِيقِ، وَالظَّاهِرُ فِي الْمَجْمُوعِ (لَا وَقْتُ الْأَذَانِ) فَلَيْسَ مَنُوطًا بِنَظَرِ الْإِمَامِ، بَلْ بِنَظَرِ الْمُؤَذِّنِ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ لِبَيَانِ الْوَقْتِ فَيَتَعَلَّقُ بِنَظَرِ الْمُؤَذِّنِ؛ لِأَنَّهُ الرَّاصِدُ لِوَقْتِهِ (وَلِنَفْلٍ فُعِلَا) أَيْ نُدِبَ فِعْلُهُ (جَمَاعَةً) كَالْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَالتَّرَاوِيحِ إذَا فُعِلَتْ جَمَاعَةً (نَادَى) نَدْبًا (الصَّلَاةَ جَامِعَهْ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَيْحَ الْعَاصِي قَالَ:«لَمَّا انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نُودِيَ بِالصَّلَاةَ جَامِعَةً» وَيُقَاسُ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ مَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ كُلِّ نَفْلٍ يُسَنُّ جَمَاعَةً وَزَادَ النَّاظِمُ إعْرَابَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (بِنَصْبِهِ) الْأَوَّلُ مِنْ جُزْأَيْهِ عَلَى الْإِغْرَاءِ وَالثَّانِي عَلَى الْحَالِيَّةِ أَيْ اُحْضُرُوا الصَّلَاةَ أَوْ الْزَمُوهَا

ــ

[حاشية العبادي]

وَهَذَا لَا يَحْتَاجُ لِرَابِطَةٍ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ فِي الْأَذَانِ بِأَنَّهُ لَا قَائِلَ بِهَا يُعْتَدُّ بِهِ فَلَمْ يُرَاعِ خِلَافَهُ بِخِلَافِ تَثْنِيَةِ كَلَامِ الْإِقَامَةِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْزِئَهُ مُطْلَقًا) هَذَا الِاحْتِمَالُ يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِهِ فِي الْمُؤَذِّنِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمُشَاةٍ مَعَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَأَنْ يَقْعُدَ بَيْنَهُمَا) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَأَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا قَدْرَ السُّنَّةِ وَالِاجْتِمَاعِ وَفِي الْمَغْرِبِ بِرَكْعَتَيْنِ أَوْ سَكْتَةٍ أَوْ جِلْسَةٍ خَفِيفَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا اهـ (قَوْلُهُ: لِضِيقِ وَقْتِهَا) أَيْ الِاخْتِيَارِيِّ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادَ بِهِ لِيَصِحَّ تَفْرِيعُهُ عَلَى الْقَدِيمِ الْمُفْتَى بِهِ بِرّ

(قَوْلُهُ: بَلْ يَخْرُجُ وَيَقْطَعُ مَنْ بَعْدَهُ إلَخْ) قَدْ يُخَالِفُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ سُنَّ الْفَصْلُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِقَدْرِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ وَفِعْلِ الرَّاتِبَةِ الْقَبْلِيَّةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادَ، بَلْ يَخْرُجُ إذَا مَضَى بَعْدَ أَذَانِ الْأَوَّلِ مَا يَسَعُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَفْرُغْ مَنْ بَعْدَهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ فَإِنْ انْتَهَى إلَخْ) هَلْ يُقَالُ فِيهِ فِي الْإِقَامَةِ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْأَذَانِ اهـ وَعِبَارَةُ ق ل فِي الْأَذَانِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَسْمَعَ آخِرَ أَذَانِهِ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالْإِقَامَةُ كَالْأَذَانِ اهـ وَهَلْ هَذَا الْخِلَافُ فِي أَذَانِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْجَمَاعَةِ؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَذَانَهُ لِنَفْسِهِ لَا خِلَافَ فِيهِ فَيَكُونُ فِي أَذَانِهِ لِلْجَمَاعَةِ وَتَقَدَّمَ عَنْ م ر مَا يُفِيدُ اعْتِمَادَ خِلَافِ هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ فَوَاحِدٌ) أَيْ بِالرِّضَا أَوْ الْقُرْعَةِ قَالَهُ فِي الْكَنْزِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَوَاحِدٌ فَإِنْ تَنَازَعُوا إلَخْ اهـ (قَوْلُهُ وَمَتَى أَذَّنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ) كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ إنْ تَرَتَّبُوا اهـ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى اثْنَيْنِ) وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ قَبْلَ الْفَجْرِ وَآخَرُ بَعْدَهُ، وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا تُسَنُّ إلَّا لِحَاجَةٍ وَلَا يُقَالُ يُسَنُّ عَدَمُهَا حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَالشَّفْعُ أَوْلَى) لَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَدَاءُ الْحَاجَةِ بِأَرْبَعَةٍ ضِعَافٍ وَثَلَاثَةٍ أَقْوِيَاءَ فَتَكُونُ الْأَرْبَعَةُ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَالتَّرَاوِيحِ) وَيُنْدَبُ لِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمَا صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَكَذَا الْوِتْرُ إنْ فَعَلَ كَذَلِكَ. اهـ. ق ل عَنْ ز ي (قَوْلُهُ أَيْضًا وَالتَّرَاوِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْإِقَامَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بَدَلٌ عَنْ الْأَذَانِ، فَإِذَا فُعِلَتْ التَّرَاوِيحُ عَقِبَ الْعِشَاءِ لَا يُطْلَبُ هَذَا الْقَوْلُ. اهـ. ز ي (قَوْلُهُ الصَّلَاةَ جَامِعَةً) وَمِثْلُهُ " هَلُمُّوا إلَى الصَّلَاةِ وَإِلَى الْفَلَاحِ "، أَوْ الصَّلَاةَ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ اهـ ق ل (قَوْلُهُ

ص: 276