المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لِتَقْصِيرٍ فِي الشَّدِّ بَطَلَ وَكَذَا لَوْ زَالَتْ الْعِصَابَةُ لِضَعْفِ الشَّدِّ - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ١

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌(بَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ (النَّجَاسَاتِ) وَإِزَالَتِهَا

- ‌[فَرْعَ وَلَغَ الْكَلْب فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَمْ يَنْقُصْ بِوُلُوغِهِ عَنْ قُلَّتَيْنِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا غَسَلَ فَمَهُ الْمُتَنَجِّسَ فَلْيُبَالِغْ فِي الْغَرْغَرَةِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الِاجْتِهَادِ) فِي الْمِيَاهِ

- ‌[فَرْعٌ الْتَبَسَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّيَاتِ بَلَدٍ أَوْ إنَاءِ بَوْلٍ بِأَوَانِي بَلَدٍ]

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي (الِاسْتِنْجَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْحَدَثِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْغُسْلِ) وَمُوجِبِهِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا]

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌[بَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْأَذَانِ) وَالْإِقَامَةُ:

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الِاسْتِقْبَالِ) لِلْكَعْبَةِ وَلِبَدَلِهَا

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (صِفَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌[فَرْعٌ تَطْوِيلُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ]

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ أَتَى المصلي بِسَبْعِ آيَاتٍ مُتَضَمِّنَةٍ لِلْفَاتِحَةِ بَدَلَهَا]

- ‌[فَرْع لِلْإِمَامِ فِي الْجَهْرِيَّةِ أَرْبَعُ سَكَتَاتٍ وَالدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (شُرُوطِ الصَّلَاةِ) وَمَوَانِعِهَا

- ‌[حُكْمَ الْفِعْلِ الَّذِي مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَبَطَلَتْ بِزِيَادَتِهِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (السَّجَدَاتِ) لِلسَّهْوِ، وَالتِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ

- ‌ مَسَائِلَ يَتَعَدَّدُ فِيهَا سُجُودُ السَّهْوِ صُورَةً لَا حَقِيقَةً

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ صَلَاةِ النَّفْلِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ صَلَاةِ (الْجَمَاعَةِ)

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ جَاءَ وَقْتُ الدُّخُولِ وَحَضَرَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ وَرَجُوا زِيَادَةً]

- ‌[بَيَانِ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ الشَّامِلَ لْإِعَادَةِ الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ إذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ صَالِحُونَ لَهَا]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

الفصل: لِتَقْصِيرٍ فِي الشَّدِّ بَطَلَ وَكَذَا لَوْ زَالَتْ الْعِصَابَةُ لِضَعْفِ الشَّدِّ

لِتَقْصِيرٍ فِي الشَّدِّ بَطَلَ وَكَذَا لَوْ زَالَتْ الْعِصَابَةُ لِضَعْفِ الشَّدِّ فَزَادَ الدَّمُ فَإِنْ اتَّفَقَ ذَلِكَ فِي صَلَاةٍ بَطَلَتْ أَوْ بَعْدَ فَرْضٍ حَرُمَ النَّفَلُ وَقَوْلُهُ: لِكُلِّ مَا كُتِبَ تَنَازَعَتْهُ الْأَفْعَالُ قَبْلَهُ وَكَذَا قَوْلُهُ: (فِي الْوَقْتِ) فَيَجِبُ إيقَاعُهَا فِيهِ كَالتَّيَمُّمِ وَقَوْلُهُ: كَرِخْوِ مَقْعَدٍ وَسَلِسٍ بَوْلًا وَمَذْيًا وَوَدْيٍ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي إلَّا سَلِسَ الْبَوْلِ حَالٌ مِنْ فَاعِلِهَا وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا تَفْعَلُهُ الْمُسْتَحَاضَةُ يَفْعَلُهُ رِخْوُ الْمَقْعَدِ وَالسَّلِسُ حَتَّى الْحَشْوِ وَالشَّدِّ وَعَطْفُهُ بِثُمَّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَوْلَى مِنْ عَطْفِ أَصْلِهِ فِيهِمَا بِالْوَاوِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ عَطَفَ بِالْفَاءِ كَانَ أَوْلَى لِوُجُوبِ التَّعْقِيبِ فِيهَا.

(وَالتَّأْخِيرُ) لِلْمَكْتُوبَةِ بَعْدَ فِعْلِ مَا ذُكِرَ (لِلْأَذَانِ) وَالْإِقَامَةِ (وَنَحْوِ سَتْرٍ) لِلْبَدَنِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْمَكْتُوبَةِ كَالتَّحَرِّي فِي الْقِبْلَةِ وَانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ وَالذَّهَابِ إلَى الْمَسْجِدِ وَالسَّعْيِ فِي تَحْصِيلِ مَا تُصَلِّي إلَيْهِ (لَيْسَ بِالتَّوَانِي) وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ بِسَبَبِهِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقَصِّرَةٍ بِذَلِكَ وَاسْتُشْكِلَ التَّمْثِيلُ بِأَذَانِ الْمَرْأَةِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ لَهَا كَمَا سَيَأْتِي وَأُجِيبَ بِحَمْلِهِ عَلَى الْإِجَابَةِ وَالتَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ وَالتَّأْخِيرُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(وَإِنْ تُؤَخِّرْهَا) أَيْ الْمَكْتُوبَ (لِأَمْرٍ مَا اعْتَلَقْ بِهَا) كَأَكْلٍ وَنَحْوِهِ جَدَّدَتْ مَا ذُكِرَ وُجُوبًا لِتَكَرُّرِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ وَهِيَ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنْ احْتِمَالِ ذَلِكَ بِقُدْرَتِهَا عَلَى الْمُبَادَرَةِ (أَوْ انْقِطَاعُهُ فِيهَا اتَّفَقْ) مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ قَبْلُ) أَيْ قَبْلَهَا (جَدَّدَتْهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ وُجُوبًا لِزَوَالِ الْعُذْرِ مَعَ كَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمَ عَوْدِ الدَّمِ وَمَحَلُّهُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي إذَا لَمْ تَعْلَمْ قُرْبَ عَوْدِهِ بِحَيْثُ لَا تَسَعُ مُدَّةُ الِانْقِطَاعِ عَادَةً تَجْدِيدَ مَا ذُكِرَ وَالصَّلَاةَ بِأَنْ تَعْلَمَ عَدَمَ عَوْدِهِ أَوْ تَعْلَمَ بَعْدَ عَوْدِهِ أَوْ لَا تَعْلَمَ وَاحِدًا مِنْ الْعَوْدِ وَعَدَمِهِ أَوْ وَاحِدًا مِنْ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَلَا يَجُوزُ لَهَا الشُّرُوعُ فِي الصَّلَاةِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ هَذَا الِانْقِطَاعِ شِفَاءً فَلَوْ عَادَ قَرِيبًا اسْتَمَرَّ وُضُوءُهَا إذْ لَمْ يُوجَدْ الِانْقِطَاعُ الْمُغْنِي عَنْ الصَّلَاةِ بِالْحَدَثِ فَلَوْ شَرَعَتْ فِيهَا بِلَا تَجْدِيدَ لَمْ تَصِحَّ وَإِنْ عَادَ قَرِيبًا لِتَرَدُّدِهَا فِي النِّيَّةِ أَوَّلًا فَلَوْ جَدَّدَتْ وَشَرَعَتْ فِيهَا فَعَادَ الدَّمُ فَهُوَ حَدَثٌ جَدِيدٌ يُوجِبُ اسْتِئْنَافَ الْوُضُوءِ وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِيهَا وَيُفَارِقُ مَا قَبْلَ التَّجْدِيدِ بِأَنْ وُضُوءَهَا هُنَا رَفَعَ الْحَدَثَ فَتَأَثَّرَ بِخُرُوجِ الدَّمِ كَنَظَائِرِهِ بِخِلَافِ وَضُوئِهَا ثَمَّةَ (لَا إنْ تَعْلَمْ) وَلَوْ بِإِعْلَامِ مَنْ يُعْتَمَدُ وَلَهُ خِبْرَةٌ بِذَلِكَ (قُرْبَ الْإِيَابِ) أَيْ عَوْدَ الدَّمِ فَلَا يَلْزَمُهَا التَّحْدِيدُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَوْدُهُ قَرِيبًا.

(وَقَضَتْ) صَلَاتَهَا (إنْ يَدُمْ) انْقِطَاعُهُ عَلَى خِلَافِ مَا عَلِمْت لِتَبَيُّنِ بُطْلَانِ طُهْرِهَا وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَعُمُّ الظَّنَّ وَبِوُجُوبِ التَّحْدِيدِ بِالِانْقِطَاعِ إذَا خَرَجَ مِنْهَا دَمٌ فِي الْوُضُوءِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِلَّا فَتُصَلِّي بِهِ قَطْعًا وَلَوْ تَقَطَّعَ دَمُهَا لَزِمَهَا الْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ وَقْتَ انْقِطَاعِهِ وَحَرُمَ وَقْتَ سَيَلَانِهِ إلَّا أَنْ تَخَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ وَمَنْ بِهِ سَلَسُ مَنِيٍّ يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ لِكُلِّ فَرْضٍ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ.

[بَابُ الصَّلَاةِ]

ــ

[حاشية العبادي]

بِحَمْلِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ عَلَى الرَّوَاتِبِ وَكَلَامِ غَيْرِهَا عَلَى الْمُطْلَقَةِ.

(قَوْلُهُ: مَا اعْتَلَقْ) مَا نَافِيَةٌ. (قَوْلُهُ: فَعَادَ الدَّمُ) إنْ أُرِيدَ عَوْدُهُ قَرِيبًا أَشْكَلَ؛ لِأَنَّ عَوْدَهُ قَرِيبًا يَقْتَضِي بَقَاءَ طَهَارَتِهَا السَّابِقَةِ وَقَضِيَّةُ بَقَائِهَا إلْغَاءُ هَذِهِ الطَّهَارَةِ الْمُجَرَّدَةِ وَأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِعَوْدِ الدَّمِ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ لِطَهَارَتِهَا السَّابِقَةِ وَعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ فِي صِحَّتِهَا إلَى تَجْدِيدِ الطَّهَارَةِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِمُقَابِلِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ بَلْ تُجَدِّدُ الطَّهَارَةَ، ثُمَّ تَبْنِي لَا أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ بَقَاؤُهَا مَعَ وُجُوبِ اسْتِئْنَافِ الْوُضُوءِ وَقَدْ دَلَّ كَلَامُهُ عَلَى الْقَطْعِ بِاسْتِئْنَافِ الْوُضُوءِ وَالِاخْتِلَافِ فِي اسْتِئْنَافِ الصَّلَاةِ.

(بَابُ الصَّلَاةِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

وَلَا يَأْتِي هُنَا بَقِيَّةُ الشُّرُوطِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَدَّ لِلْأَقَلِّ هُنَا حَتَّى يُشْتَرَطَ عَدَمُ النُّقْصَانِ عَنْهُ وَلِأَنَّ الطُّهْرَ بَيْنَ أَكْمَلِ النِّفَاسِ وَالْحَيْضِ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَلَا يَتَأَتَّى اشْتِرَاطُ عَدَمِ نُقْصَانِ الضَّعِيفِ عَنْهَا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقَوِيَّ قَدْ يَكُونُ دُونَ السِّتِّينَ كَعَشْرَةٍ سَوَادًا، ثُمَّ عَشْرَةً حُمْرَةً، ثُمَّ عَادَ السَّوَادُ فِي السِّتِّينَ فَلَا يَكُونُ الطُّهْرُ بَيْنَ أَكْمَلِ النِّفَاسِ وَالْحَيْضِ حَتَّى يُقَالَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ فِي السِّتِّينَ وَعَادَ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْهَا كَانَ الثَّانِي حَيْضًا فَالطُّهْرُ بَيْنَ النِّفَاسِ وَالْحَيْضِ لَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يُقَالَ يُشْتَرَطُ فِي التَّمْيِيزِ الْمَعْمُولِ بِهِ أَنْ لَا يَنْقُصَ الضَّعِيفُ عَنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ وَإِلَّا فَلَا عَمَلَ بَلْ يَكُونُ الضَّعِيفُ نِفَاسًا أَيْضًا كَالْقَوِيِّ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَيَجِبُ إيقَاعُهَا) أَيْ: الْمَذْكُورَاتِ قَبْلُ.

(قَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ) أَيْ: قَوْلُهُ أَوْ انْقِطَاعُهُ فِيهَا اُتُّفِقَ. اهـ.

. (قَوْلُهُ: فَعَادَ الدَّمُ) أَيْ: عَنْ قُرْبٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) مُقَابِلُهُ تَتَطَهَّرُ وَتَبْنِي عَنْ قُرْبٍ وَيَنْبَغِي أَنْ تَسْعَى فِي تَقْرِيبِ الزَّمَانِ وَتَقْلِيلِ الْأَفْعَالِ مَا أَمْكَنَهَا كَذَا بِهَامِشٍ صَحِيحٍ. (قَوْلُهُ: رَفَعَ الْحَدَثَ فَتَأَثَّرَ بِهِ) وَإِذَا رُفِعَ الْحَدَثُ بَطَلَ الْوُضُوءُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَعَ الْحَدَثِ لِلضَّرُورَةِ وَلَا أَثَرَ لِلضَّرُورَةِ مَعَ ارْتِفَاعِهِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: رَفَعَ الْحَدَثَ فَتَأَثَّرَ إلَخْ) وَبَطَلَ بِهِ الْوُضُوءُ السَّابِقُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُبِيحًا وَلَا تَبْقَى الْإِبَاحَةُ مَعَ الرَّفْعِ لِتَنَافِيهِمَا فَانْدَفَعَ إشْكَالُ الْمُحَشِّي. اهـ.

(بَابُ الصَّلَاةِ)

ص: 239

هِيَ لُغَةً: الدُّعَاءُ قَالَ تَعَالَى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] أَيْ اُدْعُ لَهُمْ وَتَقَدَّمَ بَسْطُهُ أَوَّلَ الْكِتَابِ، وَشَرْعًا: أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيمِ، وَسُمِّيَتْ بِهَا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الدُّعَاءِ وَبَدَأَ بِالْمَكْتُوبَاتِ كَمَا سَتَرَاهُ؛ لِأَنَّهَا أَهَمُّ وَأَفْضَلُ، وَهِيَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَمِنْ كَلَامِ النَّظْمِ الْآتِي، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [البقرة: 43] أَيْ حَافِظُوا عَلَيْهَا دَائِمًا بِإِكْمَالِ وَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا وَقَوْلِهِ {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] أَيْ مُحَتَّمَةً مُؤَقَّتَةً، وَأَخْبَارٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «فَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ خَمْسِينَ صَلَاةً فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ وَأَسْأَلُهُ التَّخْفِيفَ حَتَّى جَعَلَهَا خَمْسًا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» وَقَوْلِهِ لِلْأَعْرَابِيِّ:«خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ لَا، إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَقَوْلِهِ لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ: «أَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» ، وَأَمَّا وُجُوبُ قِيَامِ اللَّيْلِ فَنَسْخٌ فِي حَقِّنَا، وَهَلْ نَسْخٌ فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم؟ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لَا وَالصَّحِيحُ نَعَمْ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ النَّصِّ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي النِّكَاحِ، وَصَدَّرَ الْأَكْثَرُونَ تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ رحمه الله الْبَابَ بِذِكْرِ الْمَوَاقِيتِ؛ لِأَنَّ بِدُخُولِهَا تَجِبُ الصَّلَاةُ وَبِخُرُوجِهَا تَفُوتُ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17] {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم: 18] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرَادَ بِحِينَ تُمْسُونَ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَبِحِينَ تُصْبِحُونَ صَلَاةَ الصُّبْحِ، وَبِعَشِيًّا صَلَاةَ الْعَصْرِ وَبِحِينَ تُظْهِرُونَ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَخَبَرِ «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ فَصَلَّى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَوَّلَ الْكِتَابِ) قَالَ هُنَاكَ وَالصَّلَاةُ لُغَةً الدُّعَاءُ بِخَيْرٍ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ هِيَ مِنْ اللَّهِ رَحْمَةٌ وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارٌ وَمِنْ الْآدَمِيِّ تَضَرُّعٌ وَدُعَاءٌ اهـ فَعَلَى الْأَوَّلِ قَوْلُهُ هُنَا: هِيَ لُغَةً الدُّعَاءُ أَيْ بِخَيْرٍ وَعَلَى الثَّانِي قَوْلُهُ هُنَا: هِيَ لُغَةً الدُّعَاءُ أَيْ هِيَ مِنْ الْآدَمِيِّ لُغَةً الدُّعَاءُ (قَوْلُهُ أَقْوَالٌ إلَخْ) قِيلَ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْوَالِ مَا عَدَا التَّكْبِيرَةَ وَالسَّلَامَ لَا مَا يَشْمَلُهُمَا، وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ إلَخْ وَأَنَّ هَذَا تَحْقِيقٌ لَمْ يَرَهُ لِغَيْرِهِ وَأَنَّ ذِكْرَ الِافْتِتَاحِ يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِ التَّكْبِيرِ عَنْ الْأَقْوَالِ وَأَقُولُ: هَذَا كُلُّهُ غَلَطٌ وَاضِحٌ وَاللَّائِقُ إزَالَةُ التَّاءِ وَالْحَاءِ مِنْ لَفْظِ التَّحْقِيقِ الْمَذْكُورِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ إذْ لَا تَتَمَيَّزُ تِلْكَ الْأَقْوَالُ وَالْأَفْعَالُ الَّتِي هِيَ الصَّلَاةُ عَنْ غَيْرِهَا إلَّا بِهَذَا الْقَيْدِ فَلِهَذَا صَرَّحَ بِهِ مَعَ الْقَطْعِ، يَتَنَاوَلُ قَوْلُ التَّعْرِيفِ أَقْوَالٌ لِلتَّكْبِيرَةِ وَالسَّلَامِ؛ وَلِأَنَّ افْتِتَاحَ الشَّيْءِ يَكُونُ مِنْهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرُوهُ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ أَنَّ التَّكْبِيرَ قَبْلَهَا خَارِجٌ عَنْهَا وَأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يُفْتَتَحُ بِمَا لَيْسَ مِنْهُ فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِافْتِتَاحَ قَدْ يَكُونُ بِمَا هُوَ مِنْهُ، بَلْ وَعَلَى أَنَّهُ الْأَصْلُ فَتَأَمَّلْهُ

وَلِهَذَا كَانَتْ أُمُّ الْكِتَابِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مَعَ أَنَّهَا جُزْءٌ مِنْهُ قَطْعًا فَتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيمِ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا التَّعْرِيفُ تَعْرِيفًا بِالْأَعَمِّ عَلَى مَا حَرَّرَهُ الْأَقْدَمُونَ فَلَا يَضُرُّ شُمُولُهُ سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ (قَوْلُهُ: وَسُنَنِهَا) فَحَافِظُوا لِلنَّدْبِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهَا) أَيْ الْمَوَاقِيتِ (قَوْلُهُ: أَرَادَ بِحِينَ تُمْسُونَ) أَيْ بِالتَّسْبِيحِ حِينَ تُمْسُونَ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: هِيَ لُغَةً الدُّعَاءُ) وَتَعَدَّى بِعَلَى لِتَضَمُّنِهَا مَعْنَى الْعَطْفِ وَالتَّحَنُّنِ اهـ سم عَنْ ع (قَوْلُهُ هِيَ لُغَةً الدُّعَاءُ) أَيْ وَالتَّعَبُّدُ وَالرَّحْمَةُ أَيْضًا، وَالرَّحْمَةُ مَعْنًى شَرْعِيٌّ أَيْضًا لَهَا كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ. اهـ. ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: الدُّعَاءُ) أَيْ مِنْ الْآدَمِيِّ فَقَطْ أَوْ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ) أَيْ غَالِبًا، وَحُذِفَ قَيْدُ الْغَلَبَةِ مِنْ التَّعْرِيفِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ النَّادِرَ كَالْمَعْدُومِ ع ش (قَوْلُهُ أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ) أَيْ مَا وَضْعُهُ وَشَأْنُهُ أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ، فَتَدْخُلُ صَلَاةُ الْأَخْرَسِ وَمَنْ أَجْرَى الْأَرْكَانَ عَلَى قَلْبِهِ لِمَرَضٍ سم قَالَ: لَكِنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْ التَّعْرِيفِ، وَفِي رَشِيدِيٍّ عَلَى م ر أَنَّهُمَا صَلَاةٌ نَظَرًا لِأَصْلِهِمَا، فَلَا يُرَدُّ مَا سَقَطَ لِعُذْرٍ، وَمُفَادُهُ أَنَّهُمَا لَيْسَا صَلَاةً وَإِنَّمَا قُبِلَا لِلْعُذْرِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ أَيْضًا أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، وَإِلَّا لَصَدَقَ بِمَا إذَا أَتَى بِهَا لَا عَلَى تَرْتِيبِهَا الْمَخْصُوصِ مَعَ افْتِتَاحِهَا بِالتَّكْبِيرِ وَاخْتِتَامِهَا بِالتَّسْلِيمِ. اهـ (قَوْلُهُ مَعْلُومَةٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ) فَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا كَفَرَ إنْ كَانَ مُخَالِطًا لِلْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَكُنْ قَرِيبَ عَهْدٍ؛ لِأَنَّ جَاحِدَ الْمَقْطُوعِ بِهِ فِي الشَّرْعِ ضَمِنَ بِجَحْدِهِ تَكْذِيبَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَكَذَا جَحْدُ كُلِّ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيُّ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ فِيهِ نَصٌّ، وَهُوَ مِنْ أُمُورِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي يَعْرِفُهَا الْخَاصُّ وَالْعَامُّ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ فِي بَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ فَيُعَرَّفُ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الْجَحْدِ كَفَرَ. اهـ. شَرْحُ الزَّنْكَلُونِيِّ عَلَى التَّنْبِيهِ

(قَوْلُهُ دَائِمًا) أَخَذَهُ مِنْ إطْلَاقِ صِفَةِ الْأَمْرِ وَعَدَمِ التَّقْيِيدِ بِوَقْتٍ دُونَ آخَرَ. اهـ (قَوْلُهُ عَلَى أُمَّتِي لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ) أَيْ وَعَلَيَّ كَمَا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى. (قَوْلُهُ خَمْسِينَ صَلَاةً) أَيْ هَذِهِ الْخَمْسُ مُكَرَّرَةٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ عَشْرٌ وَنَقَلَ ع ش أَنَّ فِي كُلِّ وَقْتٍ عَشْرًا لَكِنَّ كُلَّ صَلَاةٍ مِنْهَا رَكْعَتَانِ حَتَّى الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. اهـ أَيْ فَأُقِرَّتْ بَعْدَ التَّخْفِيفِ فِي السَّفَرِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ فِيمَا عَدَا الْمَغْرِبَ، وَزِيدَ فِيهَا مَا عَدَا الصُّبْحَ فِي الْحَضَرِ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِحَجَرٍ أَنَّهَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ مَا عَدَا الْمَغْرِبَ أَيْ وَأُقِرَّتْ عَلَى ذَلِكَ سَفَرًا وَزِيدَ فِيهَا حَضَرًا، وَالْمُرَادُ بِإِقْرَارِهَا أَنَّ الْمُتَعَيَّنَ ذَلِكَ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ الْإِتْمَامَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ، بَلْ مُفَوَّضٌ لِاخْتِيَارِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَقَوْلِهِ لِلْأَعْرَابِيِّ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ وَمَا بَعْدَهُ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ التَّخْفِيفِ أَنَّهُ جَعَلَهَا خَمْسًا نَفْلًا فَيَكُونُ التَّخْفِيفُ لِلْعَدَدِ وَالصِّفَةِ. اهـ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ بِدُخُولِهَا تَجِبُ) أَيْ وُجُوبًا مُوَسَّعًا فَإِنْ أَرَادَ تَأْخِيرَهَا إلَى أَثْنَاءِ وَقْتِهَا أَوْ خَارِجِهِ لِجَمْعٍ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا لَزِمَهُ الْعَزْمُ عَلَى فِعْلِهَا

ص: 240

بِي الظُّهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ وَكَانَ الْفَيْءُ قَدْرَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ أَيْ الشَّيْءِ مِثْلَهُ، وَالْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ أَيْ دَخَلَ وَقْتُ إفْطَارِهِ، وَالْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، وَالْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ أَيْ الشَّيْءِ مِثْلَهُ، وَالْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَيْهِ، وَالْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، وَالْعِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَالْفَجْرَ فَأَسْفَرَ وَقَالَ: هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِك، وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ:«صَلَّى الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ» أَيْ فَرَغَ مِنْهَا حِينَئِذٍ كَمَا شَرَعَ فِي الْعَصْرِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَئِذٍ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه نَافِيًا بِهِ اشْتِرَاكَهُمَا فِي وَقْتٍ وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ «وَقْتُ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْعَصْرُ» وَالزَّوَالُ مَيْلُ الشَّمْسِ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ الْمُسَمَّى بُلُوغُهَا إلَيْهِ بِحَالَةِ الِاسْتِوَاءِ إلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ لَا فِي الْوَاقِعِ، بَلْ فِي الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَذَلِكَ بِزِيَادَةِ ظِلِّ الشَّيْءِ عَلَى ظِلِّهِ حَالَةَ الِاسْتِوَاءِ أَوْ بِحُدُوثِهِ إنْ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ ظِلٌّ كَمَا فِي الْبِلَادِ الَّتِي عَلَى خَطِّ الِاسْتِوَاءِ، وَقَدْ يُتَصَوَّرُ فِي غَيْرِهَا كَمَكَّةَ، وَذَلِكَ فِي سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَذَلِكَ فِي سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ إلَخْ) ذُكِرَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّابِسِيِّ ثُمَّ قَالَ وَاعْتَرَضَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ الْمَحْكِيَّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ يَكُونُ فِي يَوْمَيْنِ قَبْلَ أَطْوَلِ يَوْمٍ بِسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَبَعْدَهُ كَذَلِكَ لَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ اهـ

وَظَاهِرٌ أَنَّ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي أَنَّهُ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ اهـ

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَحَوَاشِيهِ.

(قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إلَخْ) وَلَا يَقُولُهُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ اهـ (قَوْلُهُ مَرَّتَيْنِ) أَيْ صَلَّى بِي الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ (قَوْلُهُ فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ إلَخْ) وَتَرَكَ الصُّبْحَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْكَيْفِيَّةِ، وَأَصْلُ وُجُوبِ الْخَمْسِ كَانَ مُعَلَّقًا بِالْعِلْمِ بِهَا، فَلَا يُرَدُّ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ سم عَلَى التُّحْفَةِ اهـ (قَوْلُهُ حِينَ زَالَتْ) أَيْ عَقِبَ وَقْتِ الزَّوَالِ فِي الظَّاهِرِ لَنَا، وَذَلِكَ بِزِيَادَةِ الظِّلِّ عِنْدَ تَنَاهِي نَقْصِهِ إنْ كَانَ أَوْ حُدُوثِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ وَكَانَ الْفَيْءُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ الْفَيْءُ مَا كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ ظِلٌّ فَاءَ عَنْ جَانِبِ الْمَغْرِبِ إلَى جَانِبِ الْمَشْرِقِ، وَالْفَيْءُ الرُّجُوعُ وَقَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ: كُلُّ مَا كَانَتْ الشَّمْسُ عَلَيْهِ فَزَالَتْ عَنْهُ فَهُوَ ظِلُّ فَيْءٍ، وَمَا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَهُوَ ظِلٌّ، وَهُنَا قِيلَ: الشَّمْسُ تَنْسَخُ الظِّلَّ وَالْفَيْءُ يَنْسَخُ الشَّمْسَ. اهـ. مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ قَدْرَ الشِّرَاكِ) الشِّرَاكُ السَّيْرُ الرَّقِيقُ بِظَاهِرِ النَّعْلِ اهـ (قَوْلُهُ حِينَ حُرِّمَ الطَّعَامُ إلَخْ) يَحْتَمِلُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ فَرْضِ الصَّوْمِ وَإِنْ وَقَعَ قَبْلَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّوْمِ مَا كَانَ مَفْرُوضًا عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِمَعْرِفَتِهِمْ إيَّاهُ. اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ) الْمُرَادُ بِالْغَدِ الْمَرَّةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي هِيَ فِعْلُ الْخَمْسِ ثَانِيًا، وَأَوَّلُهَا الظُّهْرُ فَلِذَا قَالَ: صَلَّى بِي الظُّهْرَ وَلَمْ يَقُلْ الصُّبْحَ مَعَ أَنَّهُ أَوَّلُ الْغَدِ، هَذَا أَظْهَرُ مَا قِيلَ (قَوْلُهُ صَلَّى بِي الظُّهْرَ إلَخْ) أَيْ فَرَغَ مِنْهَا حِينَئِذٍ فَانْدَفَعَ التَّنَافِي. اهـ. شَيْخُنَا باج (قَوْلُهُ وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ) فَإِنَّ الصُّبْحَ كَانَتْ لِآدَمَ وَالظُّهْرَ لِإِبْرَاهِيمَ وَالْعَصْرَ لِسُلَيْمَانَ وَالْمَغْرِبَ لِعِيسَى وَالْعِشَاءَ لِيُونُسَ ع ش. (قَوْلُهُ وَالْوَقْتُ إلَخْ) أَيْ الْوَقْتُ مَا بَيْنَ مُلَاصِقِ أَوَّلِ أَوَّلِهِمَا مِنْ قَبْلُ، وَمَا بَيْنَ مُلَاصِقِ آخِرِ آخِرِهِمَا مِنْ بَعْدُ فَدَخَلَ الْوَقْتَانِ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ هَذَانِ الْوَقْتَانِ وَمَا بَيْنَهُمَا ق ل (قَوْلُهُ كَمَا شَرَعَ فِي الْعَصْرِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ حُدُوثِ زِيَادَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ، وَهِيَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ اهـ. وَأَمَّا وَقْتُ كَوْنِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ فَمِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ كَمَا فِي بح فَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَيْ عَقِبَ حِينَئِذٍ اهـ (قَوْلُهُ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ) فِيهِ حَزَازَةَ بِاتِّحَادِ وَقْتِ الْفَرَاغِ وَالشُّرُوعِ فَالْمُرَادُ عَقِبَهُ، وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ " صَلَّى بِي " مُسْتَعْمَلٌ فِي الْأَعَمِّ مِنْ الشُّرُوعِ وَالْفَرَاغِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: نَافِيًا بِهِ اشْتِرَاكَهُمَا) رَدًّا لِمَذْهَبِ مَالِكٍ الْمُشَرِّكِ لَهُمَا وَكَذَا مَذْهَبُ الْمُزَنِيّ الْقَائِلُ بِدُخُولِ الْعَصْرِ بِمَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ، وَعَدَمِ خُرُوجِ الظُّهْرِ إلَّا بِمُضِيِّ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَصِيرِ سم (قَوْلُهُ نَافِيًا بِهِ إلَخْ) أَيْ مُبَيِّنًا بِهِ عَدَمَ الِاشْتِرَاكِ بِدَلِيلِ خَبَرِ مُسْلِمٍ اهـ (قَوْلُهُ وَالزَّوَالُ مَيْلُ الشَّمْسِ إلَخْ) عِبَارَةُ الزَّنْكَلُونِيِّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ الزَّوَالُ عِبَارَةٌ عَنْ انْحِطَاطِ الشَّمْسِ بَعْدَ مُنْتَهَى ارْتِفَاعِهَا، وَبَيَانُهُ أَنَّ الشَّمْسَ إذَا طَلَعَتْ وَقَعَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ شَاخِصٍ فِي جَانِبِ الْمَغْرِبِ طَوِيلًا ثُمَّ مَا دَامَتْ تَرْتَفِعُ فَالظِّلُّ يَنْقُصُ حَتَّى إذَا بَلَغَتْ كَبِدَ السَّمَاءِ، وَهِيَ حَالَةُ الِاسْتِوَاءِ انْتَهَى نُقْصَانُهُ، وَقَدْ لَا يَبْقَى ظِلٌّ أَصْلًا فِي بَعْضِ الْبِلَادِ كَمَكَّةَ وَصَنْعَاءَ الْيَمَنِ اهـ (قَوْلُهُ، بَلْ فِي الظَّاهِرِ) فَوَقْتُ الزَّوَالِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَيْسَ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا يَصْنَعُهُ الْمُوَقِّتُونَ أَيَّامَ الْغَيْمِ مِنْ اعْتِمَادِهِمْ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ عَلَى نِصْفِ الْقَوْسِ مِمَّا يَجِبُ تَرْكُهُ، بَلْ يَجِبُ التَّأْخِيرُ إلَى وَقْتٍ يُوجَدُ فِيهِ الزَّوَالُ فِي الظَّاهِرِ لَنَا لَوْ ظَهَرَتْ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْخَادِمِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ بَحَثَ فِيهِ سم بِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: مَحَلُّ عَدَمِ اعْتِبَارِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ الْحِسَابُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ لِمَا عَلِمْت

ص: 241

يَوْمًا قَبْلَ انْتِهَاءِ طُولِ النَّهَارِ، وَمِثْلُهَا بَعْدَهُ أَوْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَطْوَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ، نَقَلَهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَبِالثَّانِي جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَالْيَوْمُ الَّذِي يَنْتَهِي فِيهِ الطُّولُ هُوَ سَابِعَ عَشَرَ حُزَيْرَانَ، وَبَدَأَ النَّاظِمُ كَغَيْرِهِ بِالظُّهْرِ تَأَسِّيًا بِإِمَامَةِ جِبْرِيلَ فَقَالَ (بَيْنَ الزَّوَالِ وَمَزِيدِ الظِّلِّ كَالشَّيْءِ) أَيْ وَزِيَادَةُ ظِلِّ الشَّيْءِ عَلَى ظِلِّهِ حَالَةَ الِاسْتِوَاءِ مِثْلُهُ (وَقْتَ الظُّهْرِ لِلْمُصَلِّي) لِخَبَرِ جِبْرِيلَ السَّابِقِ، وَهَذَا يَقْتَضِي جَوَازَ فِعْلِ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَلَا يُنْتَظَرُ بِهَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا مَصِيرُ الْفَيْءِ مِثْلَ الشِّرَاكِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَئِمَّتُنَا وَدَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ، وَأَمَّا خَبَرُ جِبْرِيلَ السَّابِقُ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ كَانَ الْفَيْءُ حِينَئِذٍ مِثْلَ الشِّرَاكِ لَا أَنَّهُ أُخِّرَ إلَى أَنْ صَارَ مِثْلَ الشِّرَاكِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ وَلِلظُّهْرِ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلُهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ، وَوَقْتُ عُذْرٍ وَقْتُ الْعَصْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ لَهَا أَرْبَعَةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلُهُ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَ رُبُعِهِ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى أَنْ يَصِيرَ مِثْلَ نِصْفِهِ، وَوَقْتُ جَوَازٍ إلَى آخِرِهِ، وَوَقْتُ عُذْرٍ وَقْتُ الْعَصْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ وَلَهَا أَيْضًا وَقْتُ ضَرُورَةٍ وَسَيَأْتِي وَقْتُ حُرْمَةٍ وَهُوَ آخِرُ وَقْتِهَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ بَيْنَ الزَّوَالِ إلَخْ) كُلٌّ مِنْ كَلَامِ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ فِيمَا سَلَفَ قَرِيبًا يَقْتَضِي أَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ ظِلٌّ أَمَارَةٌ عَلَى مَيْلِ الشَّمْسِ لَيْسَ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ وَذَلِكَ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ مِنْ عِبَارَةِ الْإِسْنَوِيِّ لَكِنَّ الَّذِي حَقَّقَهُ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّهُ مِنْهُ، وَعِبَارَةُ الْخَادِمِ قَالُوا: وَمَا قَبْلَ ظُهُورِ الظِّلِّ فَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْ وَقْتِ الِاسْتِوَاءِ وَ (قَوْلُهُ: إلَى آخِرِ الْوَقْتِ) أَيْ مَا عَدَا وَقْتَ الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: وَوَقْتُ حُرْمَةٍ) مِنْ الْعَظَائِمِ اسْتِشْكَالُ بَعْضِهِمْ تَسْمِيَةَ هَذَا الْوَقْتِ بِهَذَا الِاسْمِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَيْسَتْ لِلْوَقْتِ وَكَأَنَّ هَذَا الْمُسْتَشْكِلَ مَا فَهِمَ قَطُّ مَعْنَى الْإِضَافَةِ، وَهُوَ تَعَلُّقُ مَا بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ وَأَنَّ هَذَا مَعْنًى مَشْهُورٌ مَطْرُوقٌ لَا يَقَعُ فِيهِ اسْتِشْكَالٌ إلَّا مِمَّنْ لَمْ يَسْمَعْهُ أَوْ لَمْ يَفْهَمْ قَطُّ وَلَا خَفَاءَ فِي ثُبُوتِ هَذَا التَّعَلُّقِ هُنَا فَإِنَّ الْحُرْمَةَ وَصْفُ التَّأْخِيرِ إلَيْهِ فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُرْمَةِ مُلَابَسَةٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَنَّ التَّكْلِيفَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالظَّاهِرِ، وَمِثْلُ مَا هُنَا الْهِلَالُ أَيْضًا، فَلَا يُعْمَلُ بِالْحِسَابِ إلَّا إنْ اقْتَضَى وُجُودُ الْهِلَالِ فِي الظَّاهِرِ. اهـ ثُمَّ إنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِوَقْتِ الظُّهْرِ بِمَا ذُكِرَ فِيهِ، بَلْ بَاقِي الْمَكْتُوبَاتِ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ دُخُولِ وَقْتِهَا بِحَسَبِ مَا يُدْرِكُهُ الْحِسُّ، فَلَوْ عَلِمَ وُقُوعَ الصُّبْحِ بَعْدَ الْفَجْرِ لَكِنْ فِي وَقْتٍ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَتَبَيَّنَ الْفَجْرُ فِيهِ لِلنَّاظِرِ لَمْ تَصِحَّ الصُّبْحُ. اهـ. حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَقَوْلُهُمْ: لِلْحَاسِبِ الْعَمَلُ بِحِسَابِهِ أَيْ الَّذِي لَمْ يُخَالِفْ مَا ذَكَرُوهُ أَفَادَهُ حَجَرٌ أَيْضًا فِيهِ وَبِهِ يَسْقُطُ قَوْلُ سم السَّابِقُ أَيْضًا اهـ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَطْوَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ) الَّذِي انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّ الظِّلَّ يَنْعَدِمُ فِي مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ فِي يَوْمَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي أَوَائِلِ الْجَوْزَاءِ، وَالْمَيْلُ مُتَزَايِدٌ وَالثَّانِي فِي أَوَاخِرِ السَّرَطَانِ، وَهُوَ مُتَنَاقِصٌ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ: أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْأَطْوَلِ بِسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَالثَّانِي بَعْدَهُ، كَذَلِكَ وَأَنَّهُ يَنْعَدِمُ فِي صَنْعَاءَ قَبْلَ الْيَوْمِ الْأَطْوَلِ بِنَحْوِ خَمْسِينَ يَوْمًا وَكَذَا بَعْدَهُ وَبَرْهَنَ رحمه الله عَلَى ذَلِكَ بِمَا تَجِبُ مُرَاجَعَتُهُ وَذَكَرَ أَنَّ الَّتِي يَنْعَدِمُ ظِلُّهَا فِي الْأَطْوَلِ الْمَدِينَةُ فَالصَّوَابُ التَّمْثِيلُ بِهَا اهـ مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ حُزَيْرَانَ) بِالرُّومِيَّةِ اسْمُ شَهْرٍ قَبْلَ تَمُّوزَ. اهـ. صِحَاحٌ (قَوْلُهُ بِإِمَامَةِ جِبْرِيلَ) فِيهِ رَدٌّ لِمَا قِيلَ إنَّهُ كَانَ مَأْمُومًا وَصَلَّى بِي أَيْ مَعِي. اهـ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الزَّوَالِ إلَخْ) أَيْ بَيْنَ الزَّوَالِ وَمَا يَتَحَقَّقُ بِهِ مَا ذُكِرَ، وَهُوَ أَوَّلُ الزِّيَادَةِ عَلَى ظِلِّ الْمِثْلِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ أَنَّهُ حِينَ إلَخْ) أَيْ اتَّفَقَ ذَلِكَ هُنَاكَ، وَعِبَارَةُ حَجَرٍ التَّأْخِيرُ فِي خَبَرِ جِبْرِيلَ لِمَصِيرِ الْفَيْءِ مِثْلَهُ لَيْسَ لِلِاشْتِرَاطِ، بَلْ؛ لِأَنَّ الزَّوَالَ لَا يَتَبَيَّنُ بِأَقَلَّ مِنْ مِثْلِهِ عَادَةً فَإِنْ فُرِضَ تَبَيُّنُهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ عُمِلَ بِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ) وَأَوَّلُهُ أَوَّلُ الْوَقْتِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ حِينَئِذٍ بِوَقْتِ الْفَضِيلَةِ؟ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ وَقْتًا يَكُونُ الثَّوَابُ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ، وَبِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ الْمَعْنَى الْعَامَّ كَمَا قَالَهُ حَجَرٌ أَيْ مَا عَدَا وَقْتَ الْحُرْمَةِ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ هُوَ مَا تَقَدَّمَ وَوَقْتَ الِاخْتِيَارِ إلَى أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُهَا.

(قَوْلُهُ وَوَقْتُ جَوَازٍ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَيْضًا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ فَيَتَّحِدُ وَقْتُ الْجَوَازِ وَالِاخْتِيَارِ كَمَا اتَّحَدَ وَقْتُ الْفَضِيلَةِ وَالِاخْتِيَارِ فِي الْمَغْرِبِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى أَنْ يَصِيرَ مِثْلَ نِصْفِهِ) قِيلَ: عَلَى هَذَا يَظْهَرُ وُجُودُ وَقْتِ الْجَوَازِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِلَّا بِأَنْ قُلْنَا بِامْتِدَادِهِ مَعَ الْجَوَازِ إلَى أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُهَا، حَصَلَ تَنَافٍ بِاعْتِبَارِ مَا فَسَرُّوا بِهِ كُلًّا، إذْ كَيْفَ يَكُونُ فِيهِ ثَوَابٌ دُونَ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ بِاعْتِبَارِ الِاخْتِيَارِ وَلَا ثَوَابَ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازِ، بَلْ يَجْرِي هَذَا بِمُشَارَكَةِ الْفَضِيلَةِ لِلِاخْتِيَارِ. اهـ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الِاخْتِيَارَ يَكُونُ عَامًّا، وَهُوَ مَا فِي التُّحْفَةِ أَنَّ الِاخْتِيَارَ لَهُ إطْلَاقَانِ إطْلَاقٌ يُرَادِفُ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ وَإِطْلَاقٌ يُخَالِفُهَا، وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِالثَّانِي قَوْلُهُمْ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ لَهُ فَضِيلَةٌ أَوَّلَ الْوَقْتِ ثُمَّ اخْتِيَارٌ إلَى مَصِيرِ الظِّلِّ مِثْلَيْنِ أَوْ الْإِسْفَارُ اهـ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي مُشَارَكَةِ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ لِلِاخْتِيَارِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْجَوَازِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَوَقْتُ عُذْرٍ) كُلُّ الصَّلَوَاتِ لَهَا وَقْتُ عُذْرٍ مَا عَدَا الصُّبْحَ (قَوْلُهُ: وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ) ، وَهُوَ إذَا زَالَتْ الْمَوَانِعُ وَبَقِيَ مِنْ وَقْتِهَا زَمَنُ تَحَرُّمٍ اهـ (قَوْلُهُ وَلَهَا أَيْضًا إلَخْ) وَلَيْسَ لَهُ وَقْتُ كَرَاهَةٍ بِخِلَافِ بَاقِي الصَّلَوَاتِ

ص: 242

بِحَيْثُ لَا يَسَعُهَا، وَيَجْرِيَانِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَقَوْلُ النَّاظِمِ: وَمَزِيدُ الظِّلِّ إنَّمَا يَصْدُقُ عِنْدَ وُجُودِ ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ لَا عِنْدَ عَدَمِهِ فَلَوْ قَالَ وَمَزِيدُ الظِّلِّ أَوْ مَصِيرُهُ كَانَ أَوْلَى، إلَّا أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَقَوْلُهُ: كَالشَّيْءِ أَيْ مِثْلِهِ مَفْعُولُ مَزِيدُ كَمَا أَشَرْتُ إلَيْهِ وَاعْتَبِرْ الْمِثْلَ بِقَامَتِكَ أَوْ غَيْرِهَا، قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَقَامَةُ الْإِنْسَانِ سِتَّةُ أَقْدَامٍ وَنِصْفٌ بِقَدَمِهِ

(ثُمَّ) بَعْدَ مَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ بَعْدَ ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ إنْ كَانَ وَقْتٌ (لِعَصْرٍ، وَهِيَ الْوُسْطَى) مُمْتَدًّا (إلَى أَنْ غَرَبَتْ) أَيْ الشَّمْسُ أَمَّا أَنَّ وَقْتَهَا ذَلِكَ فَلِخَبَرِ جِبْرِيلَ مَعَ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» وَخَبَرِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ «وَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ» وَإِسْنَادُهُ فِي مُسْلِمٍ وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الْأُخْرَى» ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي امْتِدَادَ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الْأُخْرَى مِنْ الْخَمْسِ أَيْ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ لِمَا سَيَجِيءُ فِي وَقْتِهَا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ وَقَوْلُهُ فِي خَبَرِ جِبْرِيلَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا وَإِلَى الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ: وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَأَمَّا أَنَّهَا الْوُسْطَى، وَهِيَ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ فَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّهَا الصُّبْحُ وَتَبِعَهُ الْأَصْحَابُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، إذْ لَا قُنُوتَ إلَّا فِي الصُّبْحِ وَبِخَبَرِ مُسْلِمٍ «قَالَتْ عَائِشَةُ لِمَنْ يَكْتُبُ لَهَا مُصْحَفًا: اُكْتُبْ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ قَالَتْ: سَمِعْتهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» إذْ الْعَطْفُ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ وَبِأَنَّ الصُّبْحَ يَدْخُلُ وَقْتُهَا وَالنَّاسُ فِي أَطْيَبِ نَوْمٍ فَخُصَّتْ بِالْمُحَافَظَةِ حَتَّى لَا يُتَغَافَلَ عَنْهَا بِالنَّوْمِ، وَلِهَذَا خُصَّتْ بِالتَّثْوِيبِ، وَأَمَّا خَبَرُ شَغَلُونَا فَأَجَابَ عَنْهُ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْعَصْرَ تُسَمَّى وُسْطَى لَكِنَّهَا غَيْرُ الْمُرَادَةِ فِي الْقُرْآنِ قَالَ: وَهَذَا الْجَوَابُ ضَعِيفٌ وَاَلَّذِي تَقْتَضِيهِ الْأَحَادِيثُ

ــ

[حاشية العبادي]

؛؛ لِأَنَّهُ وَقْتٌ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ عِنْدَ التَّأْخِيرِ إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ سم

(قَوْلُهُ إنْ كَانَ وَقْتٌ) أَيْ كَانَ ظِلُّ الِاسْتِوَاءِ، وَهِيَ تَامَّةٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَذَلِكَ لِوُقُوعِهَا فِي خَبَرِ جِبْرِيلَ آخِرَ الْوَقْتِ اهـ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يَسَعُهَا) أَيْ لَا يَسَعُ وَاجِبَاتِهَا. اهـ. سم عَنْ م ر

(قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ مَصِيرِ إلَخْ) هَذِهِ أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ، وَهِيَ وَآخِرُهُ أَيْ وَقْتُ الظُّهْرِ مَصِيرُ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ سِوَى ظِلِّ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ، وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِهِ بِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْ يَتَحَقَّقَ الْمَصِيرُ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَذْكُورِ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى تَأْوِيلِهِ بِذَلِكَ الْإِمَامُ الْمَحَلِّيُّ رحمه الله (قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ مَصِيرِ إلَخْ) ، فَلَا يُشْتَرَطُ حُدُوثُ زِيَادَةٍ فَاصِلَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَقْتِ الظُّهْرِ، وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ، فَإِذَا جَاوَزَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِنْهُ بِأَقَلَّ زِيَادَةٍ فَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ لَيْسَ مُخَالِفًا لِذَلِكَ، بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ لَا يَكَادُ يُعْرَفُ إلَّا بِهَا. اهـ. م ر، وَأَمَّا وَقْتُ الْمَصِيرِ فَهُوَ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ كَمَا مَرَّ اهـ وَعِبَارَةُ حَجَرٍ وَعَقِبُ مَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ هُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ لَكِنْ لَا يَكَادُ يَتَحَقَّقُ إلَّا بِأَدْنَى زِيَادَةٍ، وَهِيَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ فَلَوْ فُرِضَ مُقَارَنَةُ تَحَرُّمِهِ لَهَا بِاعْتِبَارِ مَا يَظْهَرُ لَنَا صَحَّ اهـ.

(قَوْلُهُ مَعَ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا قَالَ بِهِ الْإِصْطَخْرِيُّ مِنْ خُرُوجِ وَقْتِ الْعَصْرِ بِمَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ كَمَا فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ. اهـ. رَوْضَةٌ (قَوْلُهُ وَخَبَرِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ إلَخْ) أَتَى بِهِ مَعَ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَعْنَاهُ فَقَدْ أَدْرَكَ وُجُوبَهَا. اهـ.

عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ ظَاهِرُهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَعْنَى حَتَّى يَقْرَبَ مَجِيءُ وَقْتِ الْأُخْرَى تَدَبَّرْ وَحَرِّرْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي ق ل عَلَى قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ ظَاهِرَهُ كَمَا هُنَا أَيْ فَلَيْسَ صَرِيحًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ هُوَ صَرِيحٌ؛ لِأَنَّ نَفْيَ التَّفْرِيطِ يَلْزَمُهُ كَوْنُهَا فِي وَقْتِهَا، وَهُوَ مَا قَبْلَ الْأُخْرَى إلَّا أَنْ يُرَادَ فِي الْحَدِيثِ صَلَاةٌ مَعْهُودَةٌ، فَلَا يَكُونُ فِيهِ الْعُمُومُ الْمُرَادُ مِنْ الدَّلِيلِ. اهـ (قَوْلُهُ لِمَا سَيَجِيءُ) مِنْ خَبَرِ مُسْلِمٍ الْآتِي (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا إلَخْ) أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلظُّهْرِ، فَلَا يَصِحُّ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَقْتِهَا اخْتِيَارًا كَذَا قِيلَ لَكِنْ لَا يَضُرُّ مَا ذَكَرَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ سم (قَوْلُهُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ) نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمَعْنَى مَا بَيْنَ أَوَّلِ الْأَوَّلِ وَآخِرِ الثَّانِي قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيَتَمَادَى وَقْتُ الِاخْتِيَارِ فِي الصُّبْحِ إلَى أَنْ يُسْفِرَ اهـ وَكَذَا عِبَارَةُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَصْحَابِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: وَالْفَجْرَ، فَأَسْفَرَ أَيْ فَرَغَ مِنْهَا فَأَسْفَرَ، لَكِنْ فِي رِوَايَةٍ جَاءَ حِينَ أَسْفَرَ جِدًّا فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّ فَصَلَّى الْفَجْرَ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ الْإِسْفَارِ إلَّا أَنْ تَكُونَ عَنْ بِمَعْنَى إلَى قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ لِيُوَافِقَ الرَّوْضَةَ وَغَيْرَهَا اهـ فَلَعَلَّ تِلْكَ الرِّوَايَةَ ضَعِيفَةٌ أَوْ يُؤَوَّلُ الْإِسْفَارُ

ص: 243

الصَّحِيحَةُ أَنَّهَا الْعَصْرُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: نَصَّ الشَّافِعِيُّ إنَّهَا الصُّبْحُ وَصَحَّتْ الْأَحَادِيثُ بِأَنَّهَا الْعَصْرُ، وَمَذْهَبُهُ اتِّبَاعُ الْحَدِيثِ فَصَارَ مَذْهَبُهُ أَنَّهَا الْعَصْرُ قَالَ: وَلَا يَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ كَمَا وَهِمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا اهـ

وَفِي كَوْنِ ذَلِكَ وَهْمًا نَظَرٌ (وَاخْتِيرَ) تَأْخِيرُ الْعَصْرِ (حَتَّى يَحْصُلَا) لِلشَّيْءِ (ظِلٌّ كَمِثْلَيْهِ) بِزِيَادَةِ الْكَافِ غَيْرُ ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (وَظِلُّ الِاسْتِوَا) أَيْ الظِّلُّ الْمَوْجُودُ عِنْدَهُ (ظُهْرًا وَعَصْرًا غَيْرُ دَاخِلٍ هُوَ) أَيْ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي وَقْتَيْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلِلْعَصْرِ خَمْسَةُ أَوْقَاتٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ وَنِصْفَ مِثْلِهِ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى أَنْ يَصِيرَ مِثْلَيْهِ، وَوَقْتُ جَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ إلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ، وَوَقْتُ جَوَازٍ بِكَرَاهَةٍ إلَى الْغُرُوبِ، وَوَقْتُ عُذْرٍ وَقْتَ الظُّهْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ

(ثُمَّ) بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقْتٌ (لِمَغْرِبٍ بِمِقْدَارِ) بِزِيَادَةِ الْبَاءِ وَالْأَوْلَى حَذْفُهَا، وَعِبَارَةُ الْحَاوِي قَدْرَ (وُضُو وَسُتْرَةٍ) لِبَدَنِهِ (وَسَدِّ جُوعٍ يَعْرِضُ وَخَمْسِ رَكْعَاتٍ وَتَأْذِينَيْنِ) أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّاهَا فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَلِلْحَاجَةِ إلَى فِعْلِ مَا ذُكِرَ مَعَهَا اُعْتُبِرَ قَدْرُ زَمَنِهِ، وَالِاعْتِبَارُ فِي الْجَمِيعِ بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ، كَذَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ وَاعْتَبَرَ الْقَفَّالُ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ الْوَسَطَ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ حَسَنٌ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ شَرْحًا لِكَلَامِ غَيْرِهِ فَلْيُحْمَلْ عَلَيْهِ قَالَ: وَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ تَحَرِّي الْقِبْلَةِ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ سَنَّ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ فَقِيَاسُهُ كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ اعْتِبَارُ سَبْعِ رَكَعَاتٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَسَدُّ الْجُوعِ بِكَسْرِ حِدَّتِهِ بِلُقَيْمَاتٍ، وَصَوَّبَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ بِالشِّبَعِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا قَدِمَ الْعَشَاءُ فَابْدَءُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا الْمَغْرِبَ وَلَا تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ» وَلَوْ عَبَّرَ النَّاظِمُ بِالطُّهْرِ بَدَلَ الْوُضُوءِ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْغُسْلَ وَالتَّيَمُّمَ وَإِزَالَةَ الْخَبَثِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَاخْتِيرَ تَأْخِيرُ الْعَصْرِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُطْلَبُ التَّأْخِيرُ إلَى الْحَدِّ الْمَذْكُورِ وَلَا يَخْفَى إشْكَالُهُ كَيْفَ وَالْمَطْلُوبُ الْمُبَادَرَةُ بِالصَّلَاةِ وَكُلُّ مَا قَرُبَ مِنْ الْأَوَّلِ فَهُوَ أَفْضَلُ وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْعَلَ تَقْدِيرُ الْمَتْنِ وَاخْتِيرَ لِلْعَصْرِ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ حَتَّى يَحْصُلَا إلَخْ يَعْنِي أَنَّ الزَّمَنَ الْمُخْتَارَ لَهُ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ إلَى الْحَدِّ الْمَذْكُورِ وَلَا يَضُرُّ شُمُولُهُ لِوَقْتِ الْفَضِيلَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِهِ سم (قَوْلُهُ: وَظِلُّ الِاسْتِوَاءِ) أَيْ وَقْتُهُ (قَوْلُهُ: الْمَوْجُودُ عِنْدَهُ) أَخْرَجَ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ الزَّوَالُ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ وَنِصْفَ مِثْلِهِ قِيلَ كَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ التَّقْرِيبَ، وَإِلَّا فَقَدْ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ مَا سَامَحُوا بِهِ كَمَا يَأْتِي اهـ (قَوْلُهُ إلَى أَنْ يَصِيرَ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ مِنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَلَا مَانِعَ (قَوْلُهُ إلَى اصْفِرَارِ إلَخْ) قَالُوا اصْفِرَارُ الشَّمْسِ وَقْتُ كَرَاهَةٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا إلَيْهِ لَا أَنَّ فِعْلَهَا فِيهِ مَكْرُوهٌ بِرّ

(قَوْلُهُ وَوُضُوءٌ) الْمُرَادُ مِنْ الْوُضُوءِ الْمَفْرُوضُ وَالْمَسْنُونُ بِكَمَالِهِ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ نَقَلَهُ النَّاشِرِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ وَاعْتَبَرَ الْقَفَّالُ إلَخْ) يَلْزَمُ عَلَى مَا اعْتَبَرَهُ الْقَفَّالُ اخْتِلَافُ الْوَقْتِ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ (قَوْلُهُ تَحَرِّي الْقِبْلَةِ) فِي النَّاشِرِيِّ وَهَلْ يُعْتَبَرُ مَعَ ذَلِكَ زَمَنُ الْمُضِيِّ إلَى الْجَمَاعَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي التَّعْلِيقَةِ: وَيُضَافُ إلَى مَا ذَكَرُوا قَصْدُ الْمَسْجِدِ اهـ (قَوْلُهُ وَالتَّيَمُّمَ) أَيْ وَالطَّلَبَ (قَوْلُهُ وَإِزَالَةَ الْخَبَثِ) يَنْبَغِي اعْتِبَارُهُ مُغَلَّظًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ إلَى مُضِيِّ قَدْرِ أَدَائِهَا بِشُرُوطٍ وَسُنَنٍ اهـ وَمِنْ السُّنَنِ الْآذَانُ حَتَّى فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِظُهُورِ الْفَجْرِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ أَيْ ظَهَرَ الْفَجْرُ ظُهُورًا كَثِيرًا

اهـ (قَوْلُهُ قَالَ وَلَا يَكُونُ إلَخْ) فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلْإِمَامِ النَّوَوِيِّ الْأَصَحُّ أَنَّهَا الْعَصْرُ اهـ (قَوْلُهُ فِي كَوْنِ ذَلِكَ وَهْمًا نَظَرٌ) فَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ اسْتِدْلَالِ الْقَائِلِ بِهِ وَجَوَابِهِ عَنْ الْحَدِيثِ وَكَوْنِ مَذْهَبِهِ اتِّبَاعَ الْحَدِيثِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الِاحْتِمَالِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَاخْتِيرَ تَأْخِيرُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْحَاوِي ثُمَّ الْعَصْرِ إلَى الْغُرُوبِ وَالْمُخْتَارُ إلَى مَصِيرِ الظِّلِّ مِثْلَيْهِ قَالَ شَارِحُهُ: أَيْ وَالْوَقْتُ الْمُخْتَارُ لِفِعْلِ الصَّلَاةِ فِيهِ مِنْ الزِّيَادَةِ إلَى صَيْرُورَةِ ظِلِّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْ ذَلِكَ الشَّيْءِ اهـ فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَاخْتِيرَ لِإِيقَاعِهَا مِنْ الزِّيَادَةِ إلَى أَنْ يَحْصُلَ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى لِإِيهَامِ قَوْلِهِ تَأْخِيرُ الْعَصْرِ غَيْرَ الْمُرَادِ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ بِمِقْدَارِ إلَخْ) ، وَهَذَا الْمِقْدَارُ يَكْفِي لِجَمْعِ الْعِشَاءِ مَعَ الْمَغْرِبِ تَقْدِيمًا عَلَى أَنَّ شَرْطَ جَمْعِ التَّقْدِيمِ عَقْدُ الثَّانِيَةِ فَقَطْ فِي وَقْتِ الْأُولَى، كَمَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ بَقَاءُ السَّفَرِ إلَى عَقْدِهَا فَقَطْ لَا وُقُوعُهَا بِتَمَامِهَا فِي ذَلِكَ نَقَلَهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ وَالِدِ الرُّويَانِيِّ ع ش (قَوْلُهُ بِمِقْدَارِ إلَخْ) قَالَ الْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنُ عُجَيْلٍ وَيُتَسَامَحُ بِالدُّعَاءِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ.

وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِمُخَاطَبَةِ إنْسَانٍ مِنْ غَيْرِ تَطْوِيلٍ قَالَ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ: وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِمْ. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي لِلنَّاشِرِيِّ (قَوْلُهُ وَسَدِّ جُوعٍ) أَيْ أَكْلِ لُقَمٍ يَكْسِرُ بِهَا حِدَّةَ الْجُوعِ. اهـ. رَوْضَةٌ وَصَوَّبَ فِي الْمَجْمُوعِ اعْتِبَارَ الشِّبَعِ وَرَدَّهُ فِي الْخَادِمِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى امْتِدَادِ الْوَقْتِ وَالتَّفْرِيعِ عَلَى مُقَابِلِهِ. اهـ. م ر ثُمَّ رَأَيْته بَعْدَ قَوْلِهِ: وَاعْتَبَرَ الْقَفَّالُ إلَخْ ضَعِيفٌ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ اخْتِلَافِ وَقْتِهِ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي بَقِيَّةِ الْأَوْقَاتِ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ وَصَوَّبَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) رَدَّهُ فِي الْخَادِمِ وَقَالَ إنَّهُ وَجْهٌ خَارِجٌ عَنْ الْمَذْهَبِ وَإِنَّهُ لَا دَلِيلَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ، إذْ هُوَ دَلِيلٌ عَلَى امْتِدَادِ الْوَقْتِ، وَهُوَ إنَّمَا يُفَرَّعُ عَلَى قَوْلِ التَّضْيِيقِ وَأَجَابَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّ عَشَاءَهُمْ كَانَ شُرْبَ اللَّبَنِ أَوْ التَّمَرَاتِ الْيَسِيرَةِ، وَذَلِكَ فِي مَعْنَى اللُّقَمِ لِغَيْرِهِمْ اهـ (قَوْلُهُ لِيَشْمَلَ الْغُسْلَ إلَخْ) قَدْ يَلْزَمُهُ مِنْ التَّيَمُّمَاتِ أَرْبَعَةٌ بِأَنْ يَكُونَ بِأَعْضَاءِ وُضُوئِهِ الْأَرْبَعَةِ أَرْبَعُ عِلَلٍ وَقَدْ يَكُونُ مَعَ ذَلِكَ غُسْلٌ وَخَبَثٌ مُغَلَّظٌ بِحَيْثُ يَسْتَغْرِقُ ذَلِكَ مَعَ وَقْتِهَا شَيْئًا مِنْ وَقْتِ الثَّانِيَةِ، وَلَا قَائِلَ بِهِ فَلَعَلَّ الْمُعْتَبَرَ الْقَدْرُ

ص: 244

هُوَ الْجَدِيدُ وَالْقَدِيمُ الْمُفْتَى بِهِ امْتِدَادُهُ إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ الْأَحْمَرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: بَلْ هُوَ الْجَدِيدُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ عَلَّقَ الْقَوْلَ بِهِ فِي الْإِمْلَاءِ وَهُوَ مِنْ الْكُتُبِ الْجَدِيدَةِ عَلَى ثُبُوتِ الْحَدِيثِ فِيهِ، وَقَدْ ثَبَتَ فِيهِ أَحَادِيثُ فِي مُسْلِمٍ مِنْهَا حَدِيثُ «وَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ» وَمِنْهَا حَدِيثُ «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ»

وَأَمَّا حَدِيثُ صَلَاةِ جِبْرِيلَ فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ، وَأَيْضًا أَحَادِيثُ مُسْلِمٍ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ بِمَكَّةَ؛ وَلِأَنَّهَا أَكْثَرُ رُوَاةً وَأَصَحُّ إسْنَادًا مِنْهُ، وَلِهَذَا أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ دُونَهُ قَالَ: وَعَلَى هَذَا لِلْمَغْرِبِ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَاخْتِيَارٍ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَوَقْتُ جَوَازٍ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ، وَوَقْتُ عُذْرٍ وَقْتَ الْعِشَاءِ لِمَنْ يَجْمَعُ، وَعَلَى الْجَدِيدِ لَهَا وَقْتَانِ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَاخْتِيَارٍ، وَوَقْتُ عُذْرٍ قَالَ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ وَالِاخْتِيَارِ وَاحِدٌ هُوَ الصَّوَابُ وَبِهِ قَطَعَ الْمُحَقِّقُونَ

(أَمَّا الْعِشَا) أَيْ وَقْتُهَا (فَبِغُرُوبِ لَوْنِ) شَفَقٍ (أَحْمَرَ وَالْغَايَةُ) لَهُ (فَجْرٌ صَدَقَا مُعْتَرِضٌ نَامٍ) أَيْ زَائِدٌ (يُضِيءُ الْأُفُقَا) أَيْ نَوَاحِيَ السَّمَاءِ لِخَبَرِ جِبْرِيلَ مَعَ خَبَرِ «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ» وَخَرَجَ بِالْأَحْمَرِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَصْفَرِ ثُمَّ الْأَبْيَضِ وَبِالصَّادِقِ الْكَاذِبُ وَهُوَ مَا يَطْلُعُ مُسْتَطِيلًا بِأَعْلَاهُ ضَوْءٌ كَذَنَبِ السِّرْحَانِ وَهُوَ الذِّئْبُ ثُمَّ يَذْهَبُ، وَيَعْقُبُهُ ظُلْمَةٌ ثُمَّ يَطْلُعُ الْفَجْرُ الصَّادِقُ مُسْتَطِيرًا بِالرَّاءِ أَيْ مُنْتَشِرًا وَهُوَ مَا عَبَّرَ عَنْهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: مُعْتَرِضٌ إلَى آخِرِهِ وَسُمِّيَ الْأَوَّلُ كَاذِبًا؛ لِأَنَّهُ يُضِيءُ ثُمَّ يَسْوَدُّ وَيَذْهَبُ، وَالثَّانِي صَادِقًا؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَنْ الصُّبْحِ وَيُبَيِّنُهُ وَلَمْ يَأْتِ بِثُمَّ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ

ــ

[حاشية العبادي]

؛ لِأَنَّهُ يُنْدَبُ إجَابَتُهَا (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا لِلْمَغْرِبِ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَلَهَا وَقْتُ امْتِدَادٍ عَلَى الْجَدِيدِ وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِيهَا وَمَدَّ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا عَلَى الْجَدِيدِ جَازَ وَلَا يَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا قَالَ نَعَمْ لَوْ مَدَّهَا إلَى بَعْدِ الشَّفَقِ خَرَجَ عَلَى الْخِلَافِ فِي مَدِّ غَيْرِهَا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهُ فَيَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ

وَقَوْلُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي مَدِّ غَيْرِهَا الَّذِي أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ أَنَّ التَّخْرِيجَ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَأْخِيرِ غَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ مَدٍّ بِرّ

(قَوْلُهُ فَبِغُرُوبِ) أَيْ يَدْخُلُ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْغَالِبُ حَرِّرْ.

(قَوْلُهُ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَاخْتِيَارٍ أَوَّلَ الْوَقْتِ) وَمَعَهُمَا الْجَوَازُ بِلَا كَرَاهَةٍ فَتَدْخُلُ مَعًا وَتَخْرُجُ كَذَلِكَ وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ عَدَدَ الْأَوْقَاتِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ فَقَالَ

أَوْقَاتُ صُبْحٍ سِتَّةٌ قَدْ صُيِّرَتْ

هَذَا الرَّشَا لَا يَقْبَلُ الْإِعْذَارَا

سِتٌّ بِظُهْرٍ سَبْعَةٌ بِمَغْرِبِ

وَاقْرِنْ بِهَا فَضْلًا جَوَازَ اخْتَارَا

كَمْ صَارَ سَبْعًا فِي الْعِشَاءِ كَعَصْرِهِ

كَغُصْنِ بَانٍ زَهْرُهُ قَدْ نَارَا

وَقَوْلُهُ لَا يَقْبَلُ الْإِعْذَارَ أَيْ أَنَّ وَقْتَ الصُّبْحِ لَا عُذْرَ فِيهِ وَقَوْلُهُ سِتٌّ بِظُهْرٍ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا جَوَازَ بِكَرَاهَةٍ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَاقْرِنْ بِهَا أَيْ الْمَغْرِبِ أَيْ وَقْتَ الْجَوَازِ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَالْفَضِيلَةُ وَالِاخْتِيَارُ مُقْتَرِنَةٌ فِيهَا وَقَوْلُهُ جَوَازَ بِالْفَتْحِ بِلَا تَنْوِينٍ وَقَوْلُهُ كَعَصْرِهِ أَيْ أَنَّ الْعَصْرَ لَهَا سَبْعَةٌ كَالْعِشَاءِ اهـ (قَوْلُهُ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَاخْتِيَارٍ) جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا وَقْتُ اخْتِيَارٍ زَائِدٌ عَلَى وَقْتِ الْفَضِيلَةِ لِلْخِلَافِ عَلَى وَقْتِهَا وَمِثْلُهُمَا الْجَوَازُ بِلَا كَرَاهَةٍ، فَالثَّلَاثَةُ مُشْتَرِكَةٌ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ وَقْتُهَا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ الَّذِي هُوَ ضَابِطُ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ وَوَقْتُ جَوَازٍ) أَيْ بِكَرَاهَةٍ. اهـ. بج أَيْ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ. اهـ.

(قَوْلُهُ كَذَنَبِ السِّرْحَانِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِطَالَةُ وَكَوْنُ النُّورِ فِي أَعْلَاهُ، وَالسِّرْحَانِ بِكَسْرِ السِّينِ اهـ. عَمِيرَةُ وع ش عَنْ الْمِصْبَاحِ وَفِيهِ أَيْضًا السِّرْحَانُ الذِّئْبُ وَالْأَسَدُ وَالْجَمْعُ سَرَاحِينُ اهـ (قَوْلُهُ أَيْ مُنْتَشِرًا) أَيْ فِي الْأُفُقِ أَيْ نَوَاحِي السَّمَاءِ عَرْضًا. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مُعْتَرِضًا فِي عَرْضِ الْأُفُقِ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ فِيمَا بَيْنَ شِمَالِهِ وَجَنُوبِهِ، وَالْمُسْتَطِيلُ الصَّاعِدُ إلَى الْأَعْلَى إلَى وَسَطِ السَّمَاءِ اهـ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَأْتِ بِثُمَّ) أَيْ

ص: 245

لِعَدَمِ تَرَتُّبِ أَوَّلِهِ عَلَى آخِرِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ عَلَى الْجَدِيدِ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَأَتَى بِهَا فِي غَيْرِهِ لِوُجُودِ التَّرْتِيبِ وَلَوْ أَتَى بِالْفَاءِ بَدَلَهَا كَانَ أَوْلَى لِإِفَادَتِهَا التَّعْقِيبَ بِخِلَافِ ثُمَّ، وَفِي بِلَادِ الْمَشْرِقِ نَوَاحٍ تَقْتَصِرُ لَيَالِيِهِمْ فَلَا يَغِيبُ الشَّفَقُ عِنْدَهُمْ فَأَوَّلُ وَقْتِ الْعِشَاءِ فِي حَقِّهِمْ أَنْ يَمْضِيَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَدْرُ مَا يَغِيبُ الشَّفَقُ فِي مِثْلِهِ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ

(وَاخْتِيرَ) تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ (حَتَّى الثُّلْثِ) أَيْ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ لِخَبَرِ جِبْرِيلَ السَّابِقِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلِلْعِشَاءِ أَرْبَعَةُ أَوْقَاتٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَوَقْتُ جَوَازٍ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ، وَوَقْتُ عُذْرٍ وَقْتَ الْمَغْرِبِ لِمَنْ يَجْمَعُ

(ثُمَّ) بَعْدَ ظُهُورِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ وَقْتُ (الصُّبْحِ) مُمْتَدًّا (إلَى طُلُوعِ) حَاجِبِ (الشَّمْسِ فِي الْأَصَحِّ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ (وَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ) وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي قَوْلُ الْإِصْطَخْرِيُّ إنَّهُ يَمْتَدُّ إلَى الْإِسْفَارِ فَقَطْ كَمَا قَالَ فِي امْتِدَادِ وَقْتِ الْعَصْرِ إلَى مَصِيرِ الظِّلِّ مِثْلَيْهِ وَوَقْتِ الْعِشَاءِ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ لِخَبَرِ جِبْرِيلَ وَتَقَدَّمَ جَوَابُهُ (وَاخْتَرْ) تَأْخِيرَ الصُّبْحِ (إلَى إسْفَارِهِ) أَيْ إضَاءَتِهِ لِخَبَرِ جِبْرِيلَ وَلَهُ أَرْبَعَةُ أَوْقَاتٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى الْإِسْفَارِ، وَوَقْتُ جَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ إلَى الْحُمْرَةِ الَّتِي قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَوَقْتُ جَوَازٍ بِكَرَاهَةٍ إلَى الطُّلُوعِ، وَهِيَ نِهَايَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَرَتُّبِ إلَخْ) هَذَا لَا يَمْنَعُ مَعْنَى ثُمَّ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ فِي بِلَادِ إلَخْ) بِخِلَافِ الَّذِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ عِنْدَهُمْ فَوَقْتُ الْعِشَاءِ لَهُمْ غَيْبُوبَتُهُ عِنْدَهُمْ وَإِنْ تَأَخَّرَ مِنْ غَيْبُوبَتِهِ عِنْدَ غَيْرِهِمْ تَأْخِيرًا كَثِيرًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْكَلَامِ

(قَوْلُهُ فَأَوَّلُ وَقْتِ الْعِشَاءِ إلَخْ) قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الصُّبْحِ أَنْ يَمْضِيَ بَعْدَ دُخُولِ الْعِشَاءِ بِمُضِيِّ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ قَدْرَ مَا يَطْلُعُ فِيهِ الْفَجْرُ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ لَا أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِهِ طُلُوعُ الْفَجْرِ عِنْدَهُمْ حَتَّى يَكُونَ الصُّبْحُ سَابِقًا عَلَى الْعِشَاءِ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ وَقْتَيْهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَاخْتِيرَ حَتَّى الثُّلُثِ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَالِاخْتِيَارِ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ وَوَقْتُ جَوَازٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الرُّويَانِيُّ اهـ وَقَالَ: فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِلَا كَرَاهَةٍ إلَى مَا بَيْنَ الْفَجْرَيْنِ وَبِهَا إلَى الْفَجْرِ الثَّانِي اهـ

وَيُرَدُّ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ بَعْدَ الثُّلُثِ تُشْكِلُ مَعَ الْحَدِيثِ (لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ) فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ حَاجِبِ الشَّمْسِ) ، وَلَوْ بَعْضَهُ إنْ قَلَّ

ــ

[حاشية الشربيني]

الَّتِي اسْتَعْمَلَهَا بِمَعْنَى الْفَاءِ فِي بَاقِي الْمَوَاضِعِ فَانْدَفَعَ مَا فِي الْحَاشِيَةِ اهـ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَرَتُّبِ إلَخْ) أَوْ؛ لِأَنَّ الْأَوْقَاتِ الْبَاقِيَةَ فِيهَا تَرَاخٍ وَتَوَسُّعٌ بِخِلَافِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ مُضَيَّقٌ. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي.

(قَوْلُهُ قَدْرَ مَا يَغِيبُ الشَّفَقُ فِي مِثْلِهِ) أَيْ قَدْرُهُ بِاعْتِبَارِ نِسْبَتِهِ إلَى لَيْلِهِمْ، فَإِذَا كَانَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ عِنْدَ مَنْ يَغِيبُ شَفَقُهُمْ سُدُسَ لَيْلِهِمْ كَانَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ عِنْدَ مَنْ لَا يَغِيبُ شَفَقُهُمْ كَذَلِكَ طَالَ أَوْ قَصُرَ. اهـ. ع ش وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْفَجْرِ اهـ (قَوْلُهُ وَاخْتِيرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا تُؤَخِّرَ عَنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ اهـ وَيُفِيدُ أَنَّ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ يَنْتَهِي بِالثُّلُثِ، وَلَا يُنَافِي أَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَقْتُ فَضِيلَةٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَهَا سَبْعَةُ أَوْقَاتٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلُهُ، وَاخْتِيَارٍ إلَى آخِرِ ثُلُثِهِ، وَجَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ إلَى الْفَجْرِ الْأَوَّلِ، وَبِكَرَاهَةٍ إلَى الْفَجْرِ الثَّانِي وَحُرْمَةٍ وَضَرُورَةٍ وَعُذْرٍ اهـ. وَفِي الرَّوْضَةِ: وَأَمَّا الْعِشَاءُ فَتَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ عَلَى الْأَظْهَرِ وَعَلَى الثَّانِي تَأْخِيرُهَا أَفْضَلُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ اهـ. (قَوْلُهُ وَاخْتِيرَ تَأْخِيرُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْحَاوِي وَالْمُخْتَارُ إلَى الثُّلُثِ قَالَ شَارِحُهُ: أَيْ وَالْوَقْتُ الْمُخْتَارُ لَا يُقَالُ: الصَّلَاةُ فِيهِ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ إلَى مُضِيِّ ثُلُثِ اللَّيْلِ. اهـ. وَلَوْ صَنَعَ الشَّارِحُ مِثْلَ ذَلِكَ لَكَانَ صَوَابًا لِإِفَادَةِ صَنِيعِهِ أَنَّ التَّأْخِيرَ مُخْتَارٌ اهـ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) مُقَابِلُهُ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ اهـ. (قَوْلُهُ قَوْلُ الْإِصْطَخْرِيُّ) وَلَعَلَّهُ لَمْ يُرَاعِ خِلَافَهُ كَمُرَاعَاةِ الضَّعِيفِ فِي الْمَغْرِبِ، وَإِلَّا لَكَانَ الْجَوَازُ بَعْدَهَا فِي الثَّلَاثَةِ بِكَرَاهَةٍ، وَكَلَامُهُمْ مُصَرِّحٌ بِخِلَافِهِ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ وَجَعَلَ فِي الرَّوْضَةِ قَوْلَ الْإِصْطَخْرِيُّ فِي الثَّلَاثَةِ مُقَابِلَ الصَّحِيحِ فَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا. اهـ.

(قَوْلُهُ تَأْخِيرَ الصُّبْحِ) لَوْ قَالَ: وَاخْتَرْ أَيْ اُحْكُمْ بِأَنَّ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ مُمْتَدٌّ إلَى إسْفَارِهِ لَكَانَ أَوْلَى، وَعِبَارَةُ الْحَاوِي: وَالْمُخْتَارُ إلَى الْإِسْفَارِ قَالَ شَارِحُهُ أَيْ وَالْوَقْتُ الْمُخْتَارُ يَمْتَدُّ إلَى الْإِسْفَارِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَهُ أَرْبَعَةُ أَوْقَاتٍ) وَزِيدَ عَلَيْهَا وَقْتُ حُرْمَةٍ، وَهُوَ مَا لَا يَسَعُهَا وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَهِيَ نَهَارِيَّةٌ) خِلَافًا

ص: 246

{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ} [البقرة: 187] الْآيَةَ وَلِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِ تَنَاوُلِ الْمُفْطِرِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ.

ثُمَّ الصَّلَاةُ تَجِبُ بِأَوَّلِ وَقْتِهَا وُجُوبًا مُوَسَّعًا فَعَلَيْهِ

(مَنْ يَعْدَمْ) أَيْ يَمُتْ (أَثْنَاءَهُ) أَيْ الْوَقْتِ (بِلَا أَدَا) بِالْقَصْرِ لِلْوَزْنِ أَيْ بِلَا أَدَاءٍ لِلصَّلَاةِ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ (لَمْ يَأْثَمْ) بِتَأْخِيرٍ لِلْإِذْنِ لَهُ فِيهِ وَلِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَلَا يُقَالُ: شَرْطُ جَوَازِ التَّأْخِيرِ سَلَامَةُ الْعَاقِبَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْعَاقِبَةُ مَسْتُورَةٌ عَنْهُ، وَتُفَارِقُ إلَى الْحَجِّ بِأَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا مَعْلُومٌ بِخِلَافِ آخِرِ وَقْتِ الْحَجِّ فَأُبِيحَ لَهُ تَأْخِيرُهُ بِشَرْطِ أَنْ يُبَادِرَ الْمَوْتُ فَإِذَا لَمْ يُبَادِرْهُ كَانَ مُقَصِّرًا؛ وَلِأَنَّ الْمَوْتَ بِالنَّظَرِ إلَى الزَّمَنِ الطَّوِيلِ لَا يَنْدُرْ نُدْرَتَهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْقَصِيرِ، ثُمَّ جَوَازُ تَأْخِيرِهَا مَشْرُوطٌ بِظَنِّ إمْكَانِ الْفِعْلِ وَبِالْعَزْمِ عَلَى فِعْلِهَا فِي وَقْتِهَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مِنْ أَحْكَامِ الْإِيمَانِ الْعَزْمَ عَلَى فِعْلِ الْوَاجِبَاتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الِاتِّفَاقِ فِي الْعَزْمِ الْعَامِّ فِي جَمِيعِ التَّكَالِيفِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْخَاصِّ بِالْغَرَضِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ فَمَنْ لَمْ يُوجِبْهُ اكْتَفَى بِالْعَامِّ وَمَنْ أَوْجَبَهُ فَلِتَعَلُّقِ الْفَرْضِ بِالْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ فَيَكُونُ وُجُوبُهُ رَاجِعًا إلَى إيقَاعِهِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ (قُلْتُ الصَّوَابُ إنْ بَقِيَ) مِنْ الْوَقْتِ (مَا نَقَصَا عَنْ سَعَةٍ لِذَلِكَ الْفَرْضِ عَصَى) بِالتَّأْخِيرِ لِحُرْمَةِ إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا وَإِنْ كَانَتْ أَدَاءً فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَرَكْعَةً لَا دُونَهَا مَنْ صَلَّى) أَيْ وَمَنْ صَلَّى رَكْعَةً فَأَكْثَرَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ لَمْ يَأْثَمْ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ لَوْ كَانَ هَذَا الشَّخْصُ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى الْفِعْلِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ الْفِعْلِ وَإِنْ أَثِمَ بِسَبَبِ تَرْكِ الْعَزْمِ بِرّ قَالَ النَّاشِرِيُّ: فَائِدَةٌ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْمُهَذَّبِ: يُسْتَحَبُّ إيقَاظُ النَّائِمِ لِلصَّلَاةِ وَلَا سِيَّمَا إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] وَفِيهِ حَدِيثٌ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمُرُّ بِالنَّائِمِ فَيُوقِظُهُ لِلصَّلَاةِ» ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ رَآهُ يَتَوَضَّأُ بِمَاءٍ نَجِسٍ أَوْ يُصَلِّي خَلْفَ مُحْدِثٍ وَقُلْنَا يَجِبُ الْقَضَاءُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ إعْلَامُهُ كَمَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ هُنَا يَأْتِي بِشَيْءٍ لَا يُحْسَبُ لَهُ اهـ كَلَامُ النَّاشِرِيِّ وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّهُ هُنَا مُتَلَبِّسٌ بِمَا هُوَ مَحْذُورٌ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ النَّوْمِ فَإِنَّهُ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ مَحْذُورٍ وَإِنَّمَا يَكُونُ مَحْذُورًا بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ تَفْوِيتِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّائِمِ إنْ حَرُمَ نَوْمُهُ بِأَنْ نَامَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَظَنَّهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَيْقِظُ فِي الْوَقْتِ وَأَعْلَمَهُ بِحُرْمَةِ النَّوْمِ حِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي وُجُوبُ إيقَاظِهِ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّهُ عَاصٍ وَالْعَاصِي يَجِبُ نَهْيُهُ وَنَهْيُهُ بِإِيقَاظِهِ ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ فِيمَا يَأْتِي ذَكَرَ مَسْأَلَةَ سَنِّ إيقَاظِ النَّائِمِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ (قَوْلُهُ مَسْتُورَةٌ) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ عُلِمَتْ بِنَحْوِ إخْبَارِ مَعْصُومٍ وَجَبَتْ الْمُبَادَرَةُ (قَوْلُهُ قُلْت: الصَّوَابُ إلَخْ) كَأَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ بِلَا أَدَاءً مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْخَلَاصِ مِنْ الْإِثْمِ إدْرَاكُ الْأَدَاءِ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِمَا نُقِلَ عَنْ أَجِلَّاءِ صَحَابَةٍ وَتَابِعِينَ وَقَالُوا لَا يَحْرُمُ الْفِطْرُ إلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَانْظُرْ التُّحْفَةَ اهـ.

(قَوْلُهُ وُجُوبًا مُوَسَّعًا) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِهَا إلَى آخِرِهِ. اهـ. رَوْضَةٌ

(قَوْلُهُ أَثْنَاءَهُ) حَيْثُ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ قَدْرٌ لَوْ كَانَ حَيًّا لَأَمْكَنَهُ إيقَاعُ الْكُلِّ فِيهِ. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي ثُمَّ رَأَيْته فِي الْمُصَنَّفِ بَعْدُ (قَوْلُهُ بِأَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا مَعْلُومٌ) ، فَلَا يُنْسَبُ إلَى تَقْصِيرٍ إلَّا إنْ أَخَّرَ عَنْ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ بِظَنِّ إمْكَانِ الْفِعْلِ) مُقْتَضَاهُ فَإِنَّهُ لَوْ نَامَ فِي الْوَقْتِ وَاحْتُمِلَ عِنْدَهُ يَقَظَتُهُ فِيهِ وَبَعْدَهُ عَلَى السَّوَاءِ حَرُمَ عَلَيْهِ، وَفِي ظَنِّي أَنَّهُمْ نَصُّوا عَلَيْهِ كَذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ النَّاشِرِيِّ فِي إيضَاحِ الْفَتَاوَى عَلَى الْحَاوِي: الظَّاهِرُ عَدَمُ الْعِصْيَانِ فَحَرِّرْ ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّ النَّوْمَ فِي الْوَقْتِ يَحْرُمُ إنْ ظَنَّ عَدَمَ الِاسْتِيقَاظِ فِيهِ أَوْ شَكَّ فِيهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر مَا يُفِيدُهُ، وَلَوْ وَكَّلَ مَنْ يُوقِظُهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَجَبَ عَلَى الْوَكِيلِ إيقَاظُهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمُوَكِّلِ عَدَمُ يَقَظَتِهِ فِي الْوَقْتِ.

وَكَذَا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْيَقَظَةُ فِيهِ لِيَكُونَ لِلتَّوْكِيلِ ثَمَرَةٌ، وَقِيَاسًا عَلَى التَّوْكِيلِ فِي السَّلَامِ وَإِنْ كَانَ مَفْهُومُ قَوْلِ م ر، فَإِنْ عَصَى بِالنَّوْمِ وَجَبَ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِعِصْيَانِهِ إيقَاظُهُ، يُنَافِيهِ لِعَدَمِ عِصْيَانِ هَذَا بِنَوْمِهِ حِينَئِذٍ. اهـ. مَلْوِيّ قِيلَ: وَبَعْدَ ذَلِكَ لَا يَخْلُو عَنْ وَقْفَةٍ لِمَا يَأْتِي مِنْ جَوَازِ تَرْكِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ سَفَرِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ بَعْدَ الْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ فِي الطَّرِيقِ اهـ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ ذَاكَ فِعْلُ نَفْسِهِ وَمَا هُنَا فِيهِ تَفْوِيتُ الْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ حَقَّهُ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إلَخْ) أَيْ التَّصْحِيحُ الْمُقْتَضِي لِثُبُوتِ الْخِلَافِ

اهـ (قَوْلُهُ فَلِتَعَلُّقِ إلَخْ) قَدْ حَصَلَ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ وَهُوَ التَّعْلِيقُ بِالْوَقْتِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ قُلْت الصَّوَابُ إلَخْ) وَإِنْ تَرَدَّدَ جَوَابُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي جَوَازِ إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّ الْمَذْهَبَ هُوَ التَّحْرِيمُ اهـ (قَوْلُهُ وَرَكْعَةٌ) أَيْ تَامَّةٌ كَمَا أَفَادَهُ الْغَزِّيِّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِبَعْضِ شُرَّاحِ الْحَاوِي الْقَائِلِ الْمُرَادُ بِهَا الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ فَقَطْ اهـ (قَوْلُهُ لَا دُونَهَا) هُوَ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ كَالرَّكْعَةِ. اهـ. رَوْضَةٌ.

(قَوْلُهُ لَا دُونَهَا) هُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ لِلرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ أَدَاءً) فَيَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ حِينَئِذٍ قَصْرُهَا فَإِنْ

ص: 247

(فِي وَقْتِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (تَقَعْ) تِلْكَ الصَّلَاةُ (أَدَاءً كُلًّا) أَيْ كُلُّهَا بِخِلَافِ مَا إذَا صَلَّى دُونَ رَكْعَةٍ تَقَعُ قَضَاءً لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ» أَيْ مُؤَدَّاةً، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَدُونِهَا أَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى مُعْظَمِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، إذْ مُعْظَمُ الْبَاقِي كَالتَّكْرِيرِ لَهَا فَجُعِلَ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَابِعًا لَهَا بِخِلَافِ مَا دُونَهَا وَلَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا فَمَدَّهَا بِطُولِ الْقِرَاءَةِ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ جَازَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ

قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْمُتَّجَهُ اشْتِرَاطُ إيقَاعِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ كَوْنِهَا أَدَاءً

(وَنَدَبُوا تَعْجِيلَهَا) أَيْ الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: 238] وَمِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا تَعْجِيلُهَا وَقَوْلُهُ {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148] وَلِخَبَرِ «ابْنِ مَسْعُودٍ سَأَلْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ: الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَلِخَبَرِ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الْعِشَاءَ لِسُقُوطِ الْقَمَرِ لِثَالِثَةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَالْمَغْرِبَ إذَا غَابَتْ، وَالْعِشَاءَ إذَا رَأَى فِي النَّاسِ قِلَّةً أَخَّرَ وَإِذَا رَأَى فِيهِمْ كَثْرَةً عَجَّلَ» ، وَالصُّبْحَ بِغَلَسٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد «سَفِّرُوا بِالْفَجْرِ» وَفِي رِوَايَةٍ «أَصْبِحُوا بِالصُّبْحِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ» فَمُعَارَضٌ بِذَلِكَ وَغَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْفَارِ ظُهُورُ الْفَجْرِ الَّذِي بِهِ يُعْلَمُ طُلُوعُهُ فَالتَّأْخِيرُ إلَيْهِ أَفْضَلُ مِنْ تَعْجِيلِهِ عِنْدَ ظَنِّ طُلُوعِهِ قَالَ: وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَحِبُّ أَنْ تُؤَخَّرَ الْعِشَاءُ» فَجَوَابُهُ أَنَّ تَعْجِيلَهَا هُوَ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم لَكِنَّ الْأَقْوَى دَلِيلًا تَأْخِيرُهَا إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ وَبَيَّنَ النَّاظِمُ مَا بِهِ يَحْصُلُ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ (أَيْ اشْتَغَلْ) قَبْلَ اشْتِغَالِهِ بِهَا (لَهَا بِأَسْبَابٍ) كَطُهْرٍ وَأَذَانٍ وَسِتْرٍ (كَمَا الْوَقْتُ دَخَلْ) ، فَلَا يُعَدُّ بِذَلِكَ مُتَوَانِيًا، بَلْ لَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهَا أَخَّرَ بِقَدْرِهَا حَصَلَ التَّعْجِيلُ ذَكَرَهُ فِي الذَّخَائِرِ وَلَا يَضُرُّ شُغْلٌ خَفِيفٌ كَأَكْلِ لُقَمٍ وَكَلَامٍ قَصِيرٍ وَلَا يُكَلَّفُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ مَا يَسَعُهَا) بِأَنْ كَانَ يَسَعُ أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ مِنْ أَرْكَانِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَسَطِ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ مَا يَسَعُهَا) وَلَمْ تَكُنْ جُمُعَةً (قَوْلُهُ بِطُولِ الْقِرَاءَةِ) أَوْ بِسُكُوتٍ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) الْخِلَافُ فِي الرَّوْضَةِ وَجْهَانِ لَا قَوْلَانِ بِرّ وَالْخِلَافُ خَاصٌّ بِنَفْيِ الْكَرَاهَةِ دُونَ الْجَوَازِ خِلَافُ مَا تُوهِمُهُ عِبَارَتُهُ بِرّ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) الْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَإِنْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إنَّهُ لَمْ يَرَهُ فِيهَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إيقَاعِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ وَدُونِهَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ فِي كَوْنِ الصَّلَاةِ أَدَاءً فَعُلِمَ أَنَّ كَوْنَهَا قَضَاءً لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِثْمَ كَمَا أَنَّ كَوْنَهَا أَدَاءً لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَهُ فَمَنْ شَرَعَ فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا لَا إثْمَ عَلَيْهِ بِالْمَدِّ مُطْلَقًا ثُمَّ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ فَأَدَاءٌ، وَإِلَّا فَقَضَاءٌ أَوْ لَا يَسَعُهَا بِأَنْ أَخَّرَهَا حَتَّى بَقِيَ مَا لَا يَسَعُهَا أَثِمَ مُطْلَقًا ثُمَّ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فَأَدَاءً، وَإِلَّا فَقَضَاءً

(قَوْلُهُ: إذَا رَأَى فِي النَّاسِ قِلَّةً أَخَّرَ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْجِهَادِ وَيُشْكِلُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ كَأَكْلِ لُقَمٍ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ فِي الْمَغْرِبِ إذَا قَدَّمَ الْعِشَاءَ إلَخْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قُلْنَا قَضَاءً امْتَنَعَ إنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ قَصْرُ الْمَقْضِيَّةِ. اهـ. رَوْضَةٌ (قَوْلُهُ كُلًّا) أَيْ كُلُّ الرَّكَعَاتِ أَدَاءٌ وَقِيلَ الْكُلُّ قَضَاءٌ وَقِيلَ: مَا فِي الْوَقْتِ أَدَاءٌ وَمَا بَعْدَهُ قَضَاءٌ وَرَدَّهُ بِقَوْلِهِ كُلًّا (قَوْلُهُ كُلًّا)، وَهُوَ تَمْيِيزٌ أَوْ حَالٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ إلَخْ) ، وَلَوْ أَحْرَمَ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ إلَّا مَا يَسَعُ الْوَاجِبَاتِ بِفِعْلِهِ دُونَ غَيْرِهِ جَازَ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِمَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ فِي الْمُغْرِبِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ، إذْ الْمَدَارُ هُنَا عَلَى أَنْ يَشْرَعَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُ فِعْلُهَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ إثْمٍ يَلْحَقُهُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ حِينَئِذٍ سم عَلَى تح

(قَوْلُهُ فَمَدَّهَا بِطُولِ الْقِرَاءَةِ) خَرَجَ مَا لَوْ مَدَّهَا بِالْإِتْيَانِ بِالسُّنَنِ الْمَطْلُوبَةِ فِيهَا حَتَّى أَخْرَجَ بَعْضَهَا عَنْ وَقْتٍ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ بِلَا خِلَافٍ. اهـ.

سم عَنْ م ر قَالَ وَقَيَّدَهُ م ر بِأَنْ يُوقِعَ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ يُعَيِّنُ قَيْدَ الْأَفْضَلِيَّةِ بِذَلِكَ لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْبَغَوِيّ خِلَافُهُ. اهـ (قَوْلُهُ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ إلَخْ) قَالَ النَّاشِرِيُّ عَنْ الْغَزَالِيِّ: إنَّ الْمَدَّ إلَى خُرُوجِ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ أَيْضًا خِلَافُ الْأَفْضَلِ وَنُقِلَ أَيْضًا عَنْ م ر (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ) وَافَقَهُ الْبَارِزِيُّ وَالنَّاشِرِيُّ وَخَالَفَهُ الْبَغَوِيّ وَالزَّرْكَشِيُّ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَنَدَبُوا إلَخْ) وَإِنْ شَرَعَ فِيهَا وَأَفْسَدَهَا وَلَا يَجِبُ. اهـ. سم (قَوْلُهُ لِسُقُوطِ الْقَمَرِ) أَيْ عِنْدَ سُقُوطِ الْقَمَرِ أَيْ غَيْبُوبَتِهِ لِلَيْلَةٍ ثَالِثَةٍ مِنْ الشَّهْرِ أَيْ فِي لَيْلَةٍ ثَالِثَةٍ مِنْهُ أَيْ وَقْتِ غَيْبُوبَتِهِ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعِشَاءِ (قَوْلُهُ فَمُعَارَضٌ بِذَلِكَ) أَيْ وَيَبْقَى الدَّلِيلَانِ الْعَامَّانِ السَّابِقَانِ (قَوْلُهُ وَاظَبَ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى قَوْلِهِ وَالْعِشَاءَ إلَخْ، وَيُجَابُ بِأَنَّ كَانَ لَا تُفِيدُ التَّكْرَارَ وَضْعًا بَلْ بِالْقَرَائِنِ

ص: 248

الْعَجَلَةَ خِلَافَ الْعَادَةِ

وَقَوْلُهُ: لَهَا مُتَعَلِّقٌ بِأَسْبَابٍ وَكَمَا بِاشْتَغَلَ وَهَذِهِ الْكَافُ تُسَمَّى كَافُ الْمُقَارَنَةِ وَالْمُبَادَرَةِ ذَكَرَهُ السِّيرَافِيُّ وَابْنُ الْخَبَّازِ نَحْوُ سَلِّمْ كَمَا تَدْخُلُ

وَيُسْتَثْنَى مِنْ نَدْبِ التَّعْجِيلِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَسُنَّةٌ) لِمُرِيدِ الصَّلَاةِ (إبْرَادُهُ) أَيْ دُخُولِهِ فِي الْبَرْدِ كَالْإِصْبَاحِ أَيْ الدُّخُولِ فِي الصَّبَاحِ فَالْبَاءُ فِي (بِالظُّهْرِ) لِلتَّعْدِيَةِ أَيْ سُنَّ إدْخَالُهُ الظُّهْرَ فِي الْبَرْدِ أَيْ تَأْخِيرُهُ (لِشِدَّةِ الْحَرِّ) إلَى أَنْ يَقَعَ لِلْحِيطَانِ فَيْءٌ يَمْشِي فِيهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: «بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» أَيْ هَيَجَانِهَا؛ وَلِأَنَّ فِي التَّعْجِيلِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ مَشَقَّةً تَسْلُبُ الْخُشُوعَ أَوْ كَمَالَهُ فَيُسَنُّ لَهُ التَّأْخِيرُ كَمَنْ حَضَرَهُ طَعَامٌ يَتُوقُ إلَيْهِ أَوْ يُدَافِعُهُ الْحَدَثُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ:، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ خَبَّابُ بْنِ الْأَرَتِّ «شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّ الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يَشْكُنَا» ) قَالَ زُهَيْرٌ قُلْت لِأَبِي إِسْحَاقَ: أَفِي الظُّهْرِ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: أَفِي تَعْجِيلِهَا قَالَ: نَعَمْ فَمَنْسُوخٌ وَلَا تُؤَخَّرُ عَنْ نِصْفِ الْوَقْتِ وَيَخْتَصُّ الْإِبْرَادُ (بِقُطْرِ الْحَرِّ لِطَالِبِ الْجَمْعِ) أَيْ الْجَمَاعَةِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا (بِمَسْجِدٍ أُتِيَ إلَيْهِ) أَنْ يُؤْتَى إلَيْهِ لِلصَّلَاةِ (مِنْ بُعْدٍ) لِكَثْرَةِ النَّاسِ أَوْ فِقْهِ الْإِمَامِ أَوْ نَحْوِهِ، وَلَا يَجِدُ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ، فَلَا يُسَنُّ فِي قُطْرٍ بَارِدٍ أَوْ مُعْتَدِلٍ وَإِنْ اتَّفَقَ فِيهِ شِدَّةُ الْحَرِّ وَلَا لِمَنْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً بِبَيْتِهِ أَوْ بِمَسْجِدٍ حَضَرَهُ جَمَاعَةٌ لَا يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ أَوْ يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ مِنْ قُرْبٍ أَوْ مِنْ بُعْدٍ لَكِنْ يَجِدُ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ، إذْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ كَثِير مَشَقَّةٍ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ لِمُنْفَرِدٍ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشْعَارٌ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَكَلَامٌ قَصِيرٌ) وَكَقَلِيلِ أَكْلٍ وَكَلَامٍ عُرْفًا وَكَذَا كَثِيرُهُمَا الَّذِي لَا يُفْحِشُ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ بِحَيْثُ يُؤَثِّرُ فِي خُشُوعِهِ حَجْرٌ (قَوْلُهُ لَا يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ إلَخْ) مَفْهُومٌ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ مِنْ بُعْدٍ وَلَكِنْ فِي الطَّرِيقِ نُدِبَ لَهُ الْإِبْرَادُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَلَوْ سَلِمَ فَيَحْصُلُ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ لِلْعُذْرِ اهـ وَالْأَكْثَرُ التَّعْجِيلُ.

(قَوْلُهُ سَلِمَ كَمَا تَدْخُلُ إلَخْ) فِي خِزَانَةِ الْأَدَبِ لِلْبَغْدَادِيِّ أَنَّ مَا اللَّاحِقَةَ لِلْكَافِ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ تَكُونُ مَصْدَرِيَّةً وَمَوْصُولَةً وَكَافَّةً وَالْأَخِيرَةُ قِسْمَانِ: كَافَّةٌ، وَمُهَيِّئَةٌ لِلدُّخُولِ عَلَى الْجُمْلَةِ فَقَطْ، وَالثَّانِيَةُ تَغْيِيرُ مَعْنَى الْكَلِمَةِ مَعَهَا وَلَهَا مَعْنَيَانِ إمَّا مَعْنَى لَعَلَّ وَإِمَّا مَعْنَى الْقِرَانِ فِي الْوُجُودِ، وَعَبَّرَ عَنْهُ السِّيرَافِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْمُبَادَرَةِ اهـ وَقَوْلُهُ وَلَهَا مَعْنَيَانِ أَيْ لِلْكَلِمَةِ مَعَهَا وَهِيَ الْكَافُ مَعْنَيَانِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَسُنَّةُ إبْرَادِهِ) وَهِيَ رُخْصَةٌ وَمَعَ كَوْنِهِ رُخْصَةً هُوَ أَفْضَلُ مِنْ التَّعْجِيلِ وَلَا يَلْزَمُ فِي الرُّخْصَةِ أَنَّ الْأَفْضَلَ خِلَافُهَا، فَقَدْ قَالُوا: إنَّ الْأَفْضَلَ لِلْمُسَافِرِ الْقَصْرُ اهـ نَاشِرِيٌّ عَلَى الْحَاوِي (قَوْلُهُ وَسُنَّةُ إلَخْ) أَيْ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الدَّجَّالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى فِيهَا زَوَالُ الْحَرِّ فِي وَقْتٍ تَذْهَبُ فِيهِ لِمَحَلِّ الْجَمَاعَةِ مَعَ بَقَاءِ الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ ع ش وَعَلَّلَهُ زي بِانْتِفَاءِ الظِّلِّ إذْ ذَاكَ اهـ (قَوْلُهُ وَسُنَّةُ إبْرَادِهِ إلَخْ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وم ر إنَّ الرَّاجِي لِلْجَمَاعَةِ تُسَنُّ لَهُ الصَّلَاةُ وَحْدَهُ أَوَّلًا ثُمَّ مَعَهُمْ وَيَلْزَمُ مِثْلُهُ هُنَا، وَإِنْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ عَدَمَ النَّقْلِ لَا يُنَافِي الْوُقُوعَ سَلَّمْنَا فَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّرْكُ لِعُذْرٍ. اهـ. م ر وَفِي ق ل أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ بِهِ إلَّا لِقَوْمٍ يُعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ عَنْ جَمَاعَةٍ اهـ.

وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِتَأْخِيرِهِ اهـ (قَوْلُهُ لِشِدَّةِ الْحَرِّ) وَلَا يُقَاسُ بِهَا شِدَّةُ الْبَرْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَمَدَ لَهَا يُنْتَظَرُ بِخِلَافِ شِدَّةِ الْحَرِّ وَعَلَّلَ م ر بِأَنَّهُ رُخْصَةٌ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا. اهـ (قَوْلُهُ إلَى أَنْ يَقَعَ إلَخْ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِي سَنِّ التَّأْخِيرِ سَنُّ الْفَيْءِ الْمَذْكُورِ، بَلْ يُسَنُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِهِ فَيْءٌ؛ لِأَنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ تَنْكَسِرُ بِالتَّأْخِيرِ الْمَذْكُورِ أَفَادَهُ ع ش (قَوْلُهُ: فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ) الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ أَيْ أَلْحِقُوا الْبَرْدَ بِهَا أَوْ زَائِدَةٌ اهـ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَشْكُنَا) أَيْ لَمْ يُزِلْ شَكْوَانَا بِالْإِذْنِ فِي الْإِبْرَادِ اهـ (قَوْلُهُ بِقَطْرِ الْحَرِّ) أَوْ بِبَلَدِهِ إنْ خَالَفَتْ وَضْعَ الْقَطْرِ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ لِطَالِبِ الْجَمْعِ) طَالِبُ الْجَمْعِ يُسَنُّ لَهُ الْإِبْرَادُ، وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ الْمُصَلِّي فُرَادَى فَإِنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهُ الْإِبْرَادُ إلَّا إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَوْ قَالَ لِطَالِبِ الْجَمْعِ أَوْ مُصَلٍّ فُرَادَى بِمَسْجِدٍ لَوَافَقَ الْمُعْتَمَدَ. اهـ. وَسَيَأْتِي ذَلِكَ قَرِيبًا اهـ (قَوْلُهُ أَيْ يُؤْتَى إلَيْهِ) فَسَّرَ أَتَى بِيُؤْتَى؛ لِأَنَّهُ إذَا أَتَى إلَيْهِ بِالْفِعْلِ لَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ، وَلِذَا أَخَذَ مُحْتَرَزَهُ، قَوْلُهُ: أَوْ بِمَسْجِدٍ حَضَرَهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ مِنْ بَعْدُ لِكَثْرَةِ النَّاسِ إلَخْ) وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ الْجَمَاعَةُ بِمَسْجِدٍ قَرِيبٍ فَيُسَنُّ لَهُ الْإِبْرَادُ لِإِتْيَانِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ الْبَعِيدِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ اهـ (قَوْلُهُ وَلَا لِمَنْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا) مَفْهُومُ قَوْلِهِ: طَالِبُ الْجَمْعِ، وَقَوْلِهِ أَوْ جَمَاعَةٍ بِبَيْتِهِ مَفْهُومٌ بِمَسْجِدٍ وَاقْتَصَرَ عَلَى بَيْتِهِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ إذَا صَلَّى جَمَاعَةً بِغَيْرِ بَيْتِهِ كَرِبَاطٍ وَمَدْرَسَةٍ سُنَّ لَهُ الْإِبْرَادُ، وَقَدْ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ (قَوْلُهُ حَضَرَهُ جَمَاعَةٌ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَحْضُرُوهُ فَيُسَنُّ لَهُمْ الْإِبْرَادُ اهـ (قَوْلُهُ لَا يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ إلَخْ) بِخِلَافِ مَنْ يَأْتِيهِمْ مَنْ يُسَنُّ لَهُ الْإِبْرَادُ فَيُسَنُّ لَهُمْ انْتِظَارُهُ

ص: 249

بِسَنِّهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ مَعْنًى نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُعْدِ مَا يَذْهَبُ مَعَهُ الْخُشُوعُ أَوْ كَمَالُهُ وَأَنَّ الرِّبَاطَ وَالْمَدْرَسَةَ وَنَحْوَهُمَا كَالْمَسْجِدِ فِيمَا ذُكِرَ (خِلَافَ الْجُمُعَةِ) بِإِسْكَانِ الْمِيمِ، فَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ بِهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ سَلَمَةَ كُنَّا نَجْمَعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَلِشِدَّةِ الْخَطَرِ فِي فَوَاتِهَا الْمُؤَدِّي إلَيْهِ تَأْخِيرُهَا بِالتَّكَاسُلِ» ؛ وَلِأَنَّ النَّاسَ مَأْمُورُونَ بِالتَّكْبِيرِ إلَيْهَا، فَلَا يَتَأَذَّوْنَ بِالْحَرِّ وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُبْرِدُ بِهَا» بَيَانٌ لِلْجَوَازِ فِيهَا مَعَ عِظَمِهَا جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ مَعَ أَنَّ التَّعْلِيلَ الْأَوَّلَ مُنْتَفٍ فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم وَيُسْتَثْنَى مِنْ نَدْبِ التَّعْجِيلِ أَيْضًا أَشْيَاءُ مِنْهَا أَنَّهُ يُنْدَبُ التَّأْخِيرُ لِمَنْ يَرْمِي الْجِمَارَ وَلِمُسَافِرٍ سَائِرٍ وَقْتَ الْأُولَى وَلِلْوَاقِفِ بِعَرَفَةَ فَتُؤَخَّرُ الْمَغْرِبُ وَإِنْ كَانَ نَازِلًا وَقْتَهَا لِيَجْمَعَهَا مَعَ الْعِشَاءِ وَلِمَنْ تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ أَوْ السُّتْرَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ أَوْ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ آخِرَ الْوَقْتِ وَلِدَائِمِ الْحَدَثِ إذَا رَجَا الِانْقِطَاعَ آخِرَهُ وَلِمَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ فِي يَوْمِ غَيْمٍ حَتَّى يَتَيَقَّنَهُ أَوْ يَظُنَّ فَوَاتَهُ لَوْ أَخَّرَ، وَقَدْ ذَكَرَ النَّاظِمُ بَعْضَ ذَلِكَ فِي مَحَلِّهِ (وَلِاشْتِبَاهِ وَقْتِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ لِغَيْمٍ أَوْ غَيْرِهِ (التَّحَرِّي) فِيهِ بِنَحْوِ دَرْسٍ وَوِرْدٍ وَصِيَاحِ دِيكٍ مُجَرَّبٍ (وَلَوْ) كَانَ الِاشْتِبَاهُ (لِمُسْتَيْقِنِهِ) أَيْ الْوَقْتِ (بِالصَّبْرِ) أَوْ بِخُرُوجِهِ مِنْ ظُلْمَةٍ وَرُؤْيَةِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى فِيهِ كَمَا فِي التَّحَرِّي فِي الْمَاءِ (وَلِعَمٍ تَحَرٍّ) فِي الْوَقْتِ كَالْبَصِيرِ (أَوْ تَقْلِيدُ) مُجْتَهِدٍ لِعَجْزِهِ فِي الْجُمْلَةِ (قُلْتُ لِمَا أَطْلَقَهُ) الْحَاوِي مِنْ قَوْلِهِ وَتَحَرَّى الْوَقْتَ وَإِنْ تَيَقَّنَهُ إنْ صَبَرَ.

(تَقْيِيدُ إذْ لَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ لَهُمَا) أَيْ لِلْبَصِيرِ وَالْأَعْمَى (مَعْ قَوْلِ عَدْلٍ عَنْ عِيَانٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ (أَعْلَمَا) أَيْ

ــ

[حاشية العبادي]

الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ

(قَوْلُهُ مِمَّا تَقَرَّرَ) كَقَوْلِهِ السَّابِقِ يَسْلُبُ الْخُشُوعَ أَوْ كَمَالَهُ وَقَوْلُهُ وَلَا لِمَنْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً بِبَيْتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ بَيَانٌ لِلْجَوَازِ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْحَمْلِ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ كَانَ مَعَ الْمُضَارِعِ تُفِيدُ التَّكْرَارَ (قَوْلُهُ مُنْتَفٍ فِي حَقِّهِ إلَخْ) لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ وَفِي حَقِّ أَصْحَابِهِ بِبَرَكَتِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلِعَمٍ تَحَرٍّ أَوْ تَقْلِيدٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ نَعَمْ لِلْأَعْمَى وَأَعْمَى الْبَصِيرَةِ تَقْلِيدُ بَصِيرٍ اهـ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا إذَا اخْتَلَفَ عَلَيْهِ بَصِيرَانِ وَفِي الْإِرْشَادِ فِي الِاجْتِهَادِ فِي الْمِيَاهِ فَإِنْ فَقَدَ أَيْ مَنْ يُقَلِّدُهُ أَوْ اخْتَلَفَ بَصِيرَانِ تَيَمَّمَ وَقَضَى إنْ بَقِيَا اهـ وَقَوْلُهُ أَوْ اخْتَلَفَ بَصِيرَانِ أَيْ أَوْ أَكْثَرُ وَاسْتَوَى الْجَانِبَانِ فِي اعْتِقَادِهِ فَإِنْ اعْتَقَدَ أَرْجَحِيَّةَ أَحَدِهِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ تَقْلِيدُهُ كَمَا بَحَثَهُ صَاحِبُ الْإِسْعَادِ قِيلَ وَقَدْ يُنَازِعُ فِيهِ مَا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْقِبْلَةِ مِنْ أَنَّ تَقْلِيدَ الْأَرْجَحِ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ اهـ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْقِبْلَةِ أَنْ يَأْتِيَ هُنَا أَيْ فِي اشْتِبَاهِ الْوَقْتِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا لَا بَدَلَ لَهُ، وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ مَا ذُكِرَ عَنْ الْإِسْعَادِ فِي الْمِيَاهِ وُجُوبُ تَقْلِيدِ الْأَرْجَحِ فِي الْوَقْتِ وَفِي الْقِبْلَةِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُمَا بِخِلَافِ الْمِيَاهِ مَعَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي الْقِبْلَةِ بِعَدَمِ الْوُجُوهِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَلِعَمٍ تَحَرٍّ أَوْ تَقْلِيدٌ) إنَّمَا تَخَيَّرَ ابْتِدَاءً هُنَا وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ فِي الْمِيَاهِ إلَّا إذَا تَخَيَّرَ لِمَا فَرَّقَ بِهِ الشَّارِحُ هُنَاكَ مِنْ أَنَّ الِاجْتِهَادَ فِي الْوَقْتِ إنَّمَا يَتَأَتَّى بِأَعْمَالٍ مُسْتَغْرِقَةٍ لِلْوَقْتِ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ بِخِلَافِهِ فِي الْمِيَاهِ (قَوْلُهُ إذْ لَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ) قَدْ تَوَهَّمَ إشْكَالَ هَذَا بِجَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي الْمَاءِ مَعَ وُجُودِ طُهْرٍ بِيَقِينٍ وَلَا إشْكَالَ لِأَنَّ الْمَاءَ الطَّهُورَ يَتَعَدَّدُ بِخِلَافِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ خَرَجَ بِهِ ذَلِكَ) إذْ لَا اشْتِبَاهَ مَعَ إخْبَارِ الْعَدْلِ عَنْ عِيَانٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ كَرَاهَةِ انْتِظَارِ الْغَيْرِ بِالصَّلَاةِ. اهـ. ق ل مَعَ زِيَادَةِ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ الرِّبَاطَ إلَخْ) أَيْ لِطَالِبِ الْجَمْعِ، وَهَذَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: أَوْ جَمَاعَةِ بَيْتِهِ فَإِنَّهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ بِبَيْتِهِ سُنَّ الْإِبْرَادُ سَوَاءٌ كَانَ بِمَسْجِدٍ أَوْ لَا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلِشِدَّةِ الْخَطَرِ فِي فَوَاتِهَا) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْضَى اهـ بج بِخِلَافِ غَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ أَشْيَاءُ) أَوْصَلَهَا بَعْضُهُمْ إلَى نَحْوِ أَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً، وَضَابِطُهَا اشْتِمَالُ التَّأْخِيرِ عَلَى كَمَالٍ خَلَا عَنْهُ التَّقْدِيمُ كَقُدْرَةٍ عَلَى قِيَامٍ أَوْ سُتْرَةٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ جَمَاعَةٍ أَوْ بُلُوغِ صَبِيٍّ أَوْ انْقِطَاعِ حَدَثٍ أَوْ نُزُولِ مُسَافِرٍ أَوْ إيقَاعِهَا فِي مَسْجِدٍ أَوْ وُقُوفٍ بِعَرَفَةَ أَوْ رَمْيِ جِمَارٍ أَوْ إنْقَاذِ غَرِيقٍ. اهـ. قَالَ (قَوْلُهُ وَلِمَنْ تَيَقَّنَ إلَخْ) وَيُسَنُّ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَى حَالِهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، ثُمَّ يُعِيدُهَا آخِرَهُ مَعَ مَا ذُكِرَ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ إذَا رَجَا الِانْقِطَاعَ) أَمَّا إذَا تَيَقَّنَهُ فَيَجِبُ التَّأْخِيرُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ حَتَّى يَتَيَقَّنَهُ إلَخْ) ، وَأَمَّا الْوَاجِبُ فَهُوَ ظَنُّ دُخُولِهِ اهـ (قَوْلُهُ حَتَّى يَتَيَقَّنَهُ إلَخْ) بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ مَا يُفِيدُهُ الْيَقِينُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَلِيلٌ يُفِيدُهُ كَفَاهُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى قَلْبِهِ دُخُولُ الْوَقْتِ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يُؤَخِّرَ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ خَرَجَ الْوَقْتُ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَقَوْلُهُ وَالِاحْتِيَاطُ إلَخْ هُوَ مُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ أَوْ يَظُنُّ إلَخْ. اهـ.

(قَوْلُهُ التَّحَرِّي) اعْلَمْ أَنَّ مَرَاتِبَ الْوَقْتِ ثَلَاثَةٌ: الْأُولَى الْعِلْمُ بِنَفْسِهِ، وَفِي مَرْتَبَتِهِ إخْبَارُ الثِّقَةِ عَنْ عِلْمٍ، وَالْمُؤَذِّنِ الْعَارِفِ فِي الصَّحْوِ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَفِي مَعْنَاهَا الْمُزَاوِلُ قَالَ ق ل حَيْثُ وَضَعَهَا عَارِفٌ عَدْلٌ أَوْ أَقَرَّهَا قَالَ ع ش: أَوْ مَضَى عَلَيْهَا زَمَنٌ يُمْكِنُ اطِّلَاعُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَالْعَدْلِ عَلَيْهَا وَلَمْ يَطْعَنُوا فِيهَا إنْ وَضَعَهَا فَاسِقٌ، وَقَالَ: سم إنَّهَا كَالْمِحْرَابِ فِي بَابِ الْقِبْلَةِ فَإِنْ كَانَتْ بِبَلَدٍ كَبِيرٍ أَوْ مَكَان يَكْثُرُ طَارِقُوهُ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْإِخْبَارِ عَنْ عِلْمٍ، وَأَمَّا السَّاعَاتُ وَالْمَنَاكِبُ الصَّحِيحَةُ فَاَلَّذِي فِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّهَا مِنْ تِلْكَ الْمَرْتَبَةِ، وَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ ح ف وَوُجِدَ بِهَامِشِ م ر أَنَّهَا فِي مَعْنَى صَوْتِ الدِّيكِ، فَيَجْتَهِدُ مَعَهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُخْطِئُ، وَمِثْلُهَا فِي الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ وَالْمَآذِنِ الْمُعَوَّلِ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ الْآنَ، الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ الِاجْتِهَادُ وَالْمُؤَذِّنُ الْعَارِفُ فِي الْغَيْمِ، الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ وَغَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ أَوْ تَقْلِيدٌ) التَّقْلِيدُ قَبُولُ قَوْلِ الْغَيْرِ الْمُسْتَنِدِ إلَى الِاجْتِهَادِ فَإِنْ اسْتَنَدَ قَوْلُ الْغَيْرِ إلَى مُعَايَنَةٍ لَمْ يُسَمَّ تَقْلِيدًا كَذَا فِي الرَّوْضَةِ اهـ (قَوْلُهُ مَعَ قَوْلِ عَدْلٍ إلَخْ) إنْ تَأَمَّلْته مَعَ قَوْلِهِ، وَلَوْ لِمُسْتَيْقِنِهِ بِالصَّبْرِ إلَخْ

ص: 250

خَبَرٌ عَنْ مُشَاهَدَةٍ، كَقَوْلِهِ: رَأَيْت الشَّفَقَ غَارِبًا أَوْ الْفَجْرَ طَالِعًا وَلَوْ ذَكَرَ الْحَاوِي لَفْظَةَ الِاشْتِبَاهِ كَالنَّاظِمِ خَرَجَ بِهِ ذَلِكَ فَذِكْرُ النَّاظِمِ لَهُ بَعْدَهَا تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ مِنْهَا وَعُلِمَ مِنْ تَخْيِيرِ الْأَعْمَى بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ أَنَّ الْبَصِيرَ يَقْتَصِرُ عَلَى التَّحَرِّي وَمَحَلُّهُ فِي الْقَادِرِ عَلَيْهِ نَعَمْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّ لَهُ تَقْلِيدَ الْمُؤَذِّنِ الثِّقَةِ الْعَارِفِ فِي الصَّحْوِ وَالْغَيْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ عَادَةً إلَّا فِي الْوَقْتِ، وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ يُقَلِّدُهُ فِي الصَّحْوِ دُونَ الْغَيْمِ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ مُجْتَهِدٌ وَهُوَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا وَفِي الصَّحْوِ مُخْبِرٌ عَنْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ أَنَّ لَهُ تَقْلِيدَ الْمُؤَذِّنِ الثِّقَةِ الْعَارِفِ إلَخْ) تَعْبِيرُهُ بِلَهُ لَا يُنَافِي وُجُوبَهُ فِي الصَّحْوِ الَّذِي أَفَادَهُ قَوْلُ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ وَآذَانُ الْعَدْلِ الْعَارِفِ بِالْمَوَاقِيتِ كَالْإِخْبَارِ عَنْ عِلْمٍ وَلَهُ تَقْلِيدُهُ فِي التَّيَمُّمِ اهـ وَصَرَّحَ فِي شَرْحِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِامْتِنَاعِ الِاجْتِهَادِ مَعَ الْإِخْبَارِ عَنْ عِلْمٍ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ قَدْ يُشْكِلُ الْفَرْقُ بَيْنَ امْتِنَاعِ الِاجْتِهَادِ مَعَ آذَانِ الْعَدْلِ الْعَارِفِ فِي الصَّحْوِ وَإِخْبَارِهِ عَنْ عُلْوٍ وَجَوَازِهِ مَعَ إمْكَانِ الْيَقِينِ بِنَحْوِ الْخُرُوجِ مِنْ مَحَلٍّ مُظْلِمٍ قَالَ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ فِي التَّكْلِيفِ بِالْخُرُوجِ إلَى رُؤْيَةِ الشَّمْسِ مَشَقَّةً بِخِلَافِ سَمَاعِ الْآذَانِ وَالْخَبَرِ اهـ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْخُرُوجِ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْيَقِينُ حَاصِلًا فِي الْحَالِ، بَلْ كَانَ مَقْدُورًا عَلَى تَحْصِيلِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ حَاصِلًا فِي الْحَالِ كَأَنْ رَأَى الشَّمْسَ بِالْفِعْلِ امْتَنَعَ الِاجْتِهَادُ وَالثَّانِيَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا حَصَلَ الْيَقِينُ بِالْفِعْلِ بِأَنْ حَصَلَ إخْبَارُ الْعَدْلِ الْمَذْكُورِ بِالْفِعْلِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْصُلْ بِالْفِعْلِ فَالْوَجْهُ جَوَازُ الِاجْتِهَادِ وَلَعَلَّ هَذَا وَاضِحٌ مُتَعَيِّنٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُنَافِيهِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ فِي الثَّانِيَةِ الْيَقِينُ بِالْفِعْلِ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ إخْبَارُ الْعَدْلِ بِالْفِعْلِ لَكِنَّهُ مَوْجُودٌ يُمْكِنُ سُؤَالُهُ جَازَ الِاجْتِهَادُ إلَّا أَنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِهِ حِينَئِذٍ إذَا شَقَّ سُؤَالُهُ عُرْفًا، وَإِلَّا اُتُّجِهَ وُجُوبُ السُّؤَالِ وَامْتَنَعَ الِاجْتِهَادُ وَيُفَارِقُ عَدَمَ وُجُوبِ الْخُرُوجِ مِنْ مَحَلٍّ مُظْلِمٍ بِالْمَشَقَّةِ فِي الْخُرُوجِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَشُقَّ كَأَنْ كَانَ عِنْدَ كُوَّةٍ يَسْهُلُ رُؤْيَةُ نَحْوِ الشَّمْسِ مِنْهَا أَوْ كَانَ عِنْدَ الْبَابِ بِحَيْثُ لَوْ خَطَا خُطْوَةً رَأَى نَحْوَ الشَّمْسِ فَالْوَجْهُ امْتِنَاعُ الِاجْتِهَادِ وَحِينَئِذٍ تَسْتَوِي الْمَسْأَلَتَانِ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم

ــ

[حاشية الشربيني]

وَجَدْته دَالًّا عَلَى أَنَّهُ يَعْمَلُ بِخَبَرِ الْعَدْلِ مَعَ إمْكَانِ عِلْمِهِ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ هُنَا بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ لِتَكَرُّرِ الْوَقْتِ بِخِلَافِهَا. اهـ. م ر وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَنَّ لَهُ تَقْلِيدَ الْمُؤَذِّنِ) هَذَا جَوَازٌ بَعْدَ امْتِنَاعٍ فَيُصَدَّقُ بِالْوُجُوبِ كَمَا فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَبِالْجَوَازِ كَمَا فِي الثَّانِي اهـ وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي الْأَوَّلِ لِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ فِي الصَّحْوِ مُخْبِرٌ عَنْ عِيَانٍ (قَوْلُهُ أَنَّ لَهُ تَقْلِيدَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى مِنْ الْمُجْتَهِدِ وَأَقَلُّ مِنْ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ، م ر وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَجِبْ تَقْلِيدُهُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي إذَا سَمِعَ أَذَانَهُ بِالْفِعْلِ حَيْثُ كَانَ أَعْلَى مِنْ الْمُجْتَهِدِ، ثُمَّ رَأَيْت عَنْ الشَّيْخِ الْقُوَيْسِنِيِّ أَنَّهُ عَلَى هَذَا يَمْتَنِعُ الِاجْتِهَادُ مَعَهُ فِي الْغَيْمِ. اهـ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى كَوْنِهِ أَعْلَى مِنْ الْمُجْتَهِدِ جَوَازُ تَقْلِيدِهِ لِلْقَادِرِ عَلَى الِاجْتِهَادِ مَعَ امْتِنَاعِ تَقْلِيدِ الْمُجْتَهِدِ فَيَكُونُ فِي مَرْتَبَةِ الِاجْتِهَادِ فَغَايَةُ مَا تُفِيدُهُ قُوَّتُهُ لِعِلْمِهِ بِالْمَوَاقِيتِ جَوَازُ الْعُدُولِ عَنْ الِاجْتِهَادِ إلَيْهِ لَا الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مُطْلَقِ الِاجْتِهَادِ تَدَبَّرْ. وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَرَاتِبَ ثَلَاثَةٌ خِلَافًا لِمَنْ بَنَى عَلَى كَوْنِهِ أَعْلَى مِنْ الْمُجْتَهِدِ أَنَّهَا أَرْبَعَةٌ اهـ (قَوْلُهُ الثِّقَةِ الْعَارِفِ) أَيْ لَا عَنْ اجْتِهَادٍ، وَإِلَّا، فَلَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ لِلْقَادِرِ. اهـ. ح ل وم ر (قَوْلُهُ الثِّقَةِ) الْمُرَادُ بِهِ الْعَدْلُ الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفُ الْخَالِي عَنْ سَوَالِبِ الْعَدَالَةِ، فِي الرِّوَايَةِ حَتَّى يَكْفِي أَذَانُ الْعَبْدِ دُونَ الصَّبِيِّ إلَّا إذَا كَانَ بِأَمْرِ بَالِغٍ عَدْلٍ عَارِفٍ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَتَابَعَهُ النَّوَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِأَذَانِهِ، لَكِنْ ضَعَّفَهُ م ر وَإِذَا قُلْنَا بِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ لَا أَنَّهُ يَجِبُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَخَرَجَ بِالثِّقَةِ الْمَسْتُورُ، فَلَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِأَذَانِهِ لَكِنْ يَجُوزُ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي، وَمَنَعَهُ غَيْرُهُ. اهـ. ق ل وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَالْغَيْمِ) نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ وَصَاحِبُ الْعُمْدَةِ وَغَيْرُهُمْ اهـ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ عَادَةً إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ يَسْمَعُهُ الْجَمُّ الْغَفِيرُ، وَمَنْ يُبَادِرُ إلَى الْإِنْكَارِ. اهـ. م ر عَلَى الْعُبَابِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ مُجْتَهِدٌ) رُدَّ بِأَنَّهُ لِعِلْمِهِ بِالْمَوَاقِيتِ، وَلَوْ مَعَ الْغَيْمِ صَارَ أَقْوَى مِنْ مُطْلَقِ الْمُجْتَهِدِ كَمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ هَذَا وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْقُوَيْسِنِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ الثِّقَةَ الْعَارِفَ سَوَاءٌ كَانَ فِي صَحْوٍ أَوْ غَيْمٍ فِي مَرْتَبَةِ الِاجْتِهَادِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي سَمِعْتُهُ مِنْ مَشَايِخِنَا حَتَّى مِنْ الشَّيْخِ الْبُجَيْرِمِيِّ اهـ وَهُوَ الَّذِي يَمِيلُ إلَيْهِ الْقَلْبُ وَعَلَى مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَبَيَّنَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ تَقْلِيدُهُ فِي السَّحُورِ وَيَمْتَنِعُ مَعَهُ الِاجْتِهَادُ، وَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَعْرِفَتُهُ بِأَدِلَّةٍ لَا تُشَابِهُ أَدِلَّةَ الْقِبْلَةِ الَّتِي جَعَلُوهَا أَمَارَاتٍ لِلِاجْتِهَادِ وَإِلَّا كَانَ مُجْتَهِدًا، وَمِثْلُهُ الْمُنَجِّمُ وَالْحَاسِبُ، وَالْأَوَّلُ مَنْ يَرَى أَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ طُلُوعُ

ص: 251

عِيَانٍ وَلَوْ كَثُرَ الْمُؤَذِّنُونَ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ إصَابَتُهُمْ جَازَ اعْتِمَادُهُمْ مُطْلَقًا بِلَا خِلَافٍ فَلَوْ صَلَّى بِلَا تَحَرٍّ لَزِمَهُ الْإِعَادَةُ وَإِنْ وَافَقَ الْوَقْتَ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ فَإِنْ تَحَيَّرَ صَبَرَ حَتَّى يَظُنَّ الْوَقْتَ وَالِاحْتِيَاطَ حَتَّى يَتَيَقَّنَهُ أَوْ يَظُنَّ فَوَاتَهُ لَوْ أَخَّرَ كَمَا مَرَّ وَلَوْ عَرَفَهُ مُنَجِّمٌ اعْتَمَدَهُ هُوَ دُونَ غَيْرِهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ.

(وَمَا يَقَعْ) بِالِاجْتِهَادِ (مِنْ) صَلَاةٍ (قَبْلُ) أَيْ قَبْلَ وَقْتِهَا وَلَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ عَنْ عِيَانٍ (كَالصَّوْمِ) قَبْلَ وَقْتِهِ (يُعِدْ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْمُصَلِّي وَالصَّائِمِ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ الْبَدَنِيَّةَ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى وَقْتِهَا، وَيَقَعُ مَا أَعَادَهُ فِي الْوَقْتِ أَدَاءً وَمَا أَعَادَهُ بَعْدَهُ قَضَاءٌ وَتَعْبِيرُهُ بِيُعِدْ يَشْمَلهُمَا بِخِلَافِ تَعْبِيرِ جَمَاعَةٍ بِيَقْضِي أَمَّا مَا يَقَعُ فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَبِنْ شَيْءٌ، فَلَا تَجِبُ إعَادَتُهُ

ثُمَّ بَيَّنَ وَقْتَ الضَّرُورَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَصِيرُ فِيهِ الشَّخْصُ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِزَوَالِ مَوَانِعِ وُجُوبِهَا عَنْهُ فَقَالَ: (وَالْحَيْضُ) وَالنِّفَاسِ (وَالْإِغْمَا وَكُفْرٌ) أَصْلِيٍّ (إنْ فُقِدْ) كُلٌّ مِنْهَا (آخِرَ وَقْتٍ) لِلْفَرْضِ (كَالْجُنُونِ وَالصِّبَا بِقَدْرِ تَكْبِيرٍ فَفَرْضٌ) أَيْ فَفَرْضُ ذَلِكَ الْوَقْتِ (وَجَبَا) عَلَى مَنْ فَقَدَ عُذْرَهُ كَمَا يَجِبُ بِفَقْدِهِ آخِرَهُ بِقَدْرِ رَكْعَةٍ لِخَبَرِ «مَنْ أَدْرَكَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ إلَخْ) فَلَوْ تَيَقَّنَ إصَابَتَهُمْ عَادَةً فَالْوَجْهُ وُجُوبُ الِاعْتِمَادِ، وَلَوْ فِي الْغَيْمِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَثِيرِينَ الثِّقَاتِ الْعَارِفِينَ فِي الصَّحْوِ يَجِبُ اعْتِمَادُهُمْ كَالْوَاحِدِ وَأَوْلَى (قَوْلُهُ أَوْ يَظُنَّ فَوَاتَهُ) قَدْ يَدْخُلُ هَذَا فِيمَا قَبْلَهُ إذْ مِنْ لَازِمِ الظَّنِّ الْمَذْكُورِ تَيَقُّنُ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ دُونَ غَيْرِهِ) هَلْ يَجْرِي هُنَا مَا قِيلَ فِي الصَّوْمِ؟

(قَوْلُهُ مِنْ صَلَاةٍ) أَيْ الْإِحْرَامِ بِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ، وَلَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ عَنْ عِيَانٍ) لَوْ بَانَ كَوْنُهَا قَبْلَ الْوَقْتِ بِاجْتِهَادِ نَفْسِهِ فَهَلْ تَجِبُ إعَادَتُهَا أَوْ لَا؟ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْقِبْلَةِ الْآتِي فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ عَنْ عِيَانٍ) لَا عَنْ اجْتِهَادٍ (قَوْلُهُ يُعِدْ) أَيْ وَإِنْ عَرَفَ دُخُولَ الْوَقْتِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَيَقَعُ مَا أَعَادَهُ) أَيْ مِنْ الصَّلَوَاتِ أَمَّا الصَّلَاةُ الْوَاحِدَةُ فَإِنْ وَقَعَ مِنْهَا رَكْعَةٌ فِي الْوَقْتِ فَالْجَمِيعُ أَدَاءٌ، وَإِلَّا فَقَضَاءٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ

(قَوْلُهُ وَالْحَيْضِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ أَحْوَالَ الْأَعْذَارِ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً ثُمَّ تَنْعَدِمُ آخِرَ الْوَقْتِ الْحَالُ الثَّانِي أَنْ تَطْرَأَ بَعْدَ فَقْدِهَا أَوَّلَ الْوَقْتِ وَوَسَطَهُ الْحَالُ الثَّالِثُ أَنْ تَعُمَّ جَمِيعَ الْوَقْتِ فَالْحَالُ الْأَوَّلُ مَذْكُورٌ هُنَا وَالثَّانِي فِي قَوْلِهِ كَأَنْ خَلَا مَا يَسَعُ الْفَرْضَيْنِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ خَلَا مِنْ وَقْتٍ غَيْرُ مَا يَسَعُ إلَخْ وَالثَّالِثُ فِي قَوْلِهِ وَلْيَقْضِ مَعَ زَمَنِ الْجُنُونِ إلَخْ بِرّ (قَوْلُهُ لِخَبَرِ إلَخْ) قَدْ يُنَاقَشُ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْخَبَرُ فِي إدْرَاكِ الْوُجُوبِ نَافَى قَوْلَهُ الْآتِي لِأَنَّ مَفْهُومَهُ إلَخْ أَوْ فِي إدْرَاكِ الْأَدَاءِ لَمْ يَنْهَضْ الِاسْتِدْلَال وَلَا بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ فَلْيُتَأَمَّلْ

ــ

[حاشية الشربيني]

النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ، وَالثَّانِي مَنْ يَعْتَمِدُ مَنَازِلَ الْقَمَرِ وَالْمُعْتَمَدُ جَوَازُ تَقْلِيدِهِمَا لِمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا فَيَلْزَمُ أَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى مَنَازِلِ الْقَمَرِ وَعَلَى أَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ يَكُونُ عِنْدَ طُلُوعِ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ لَيْسَ اجْتِهَادًا، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ وَذَكَرَ نَحْوَهُ ع ش.

(قَوْلُهُ جَازَ اعْتِمَادُهُمْ مُطْلَقًا) أَيْ فِي صَحْوٍ أَوْ غَيْمٍ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَمِنْ الْأَمَارَاتِ صِيَاحُ الدِّيكِ الْمُجَرَّبِ إصَابَةُ صِيَاحِهِ الْوَقْتَ، وَكَذَا أَذَانُ الْمُؤَذِّنِينَ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ إذَا كَثُرُوا وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ لِكَثْرَتِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُخْطِئُونَ. اهـ. وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ أَمَارَةٌ كَصِيَاحِ الدِّيكِ، وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الِاجْتِهَادُ مَعَ صِيَاحِ الدِّيكِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُخْطِئُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِهِمْ بِمَنْزِلَةِ الِاجْتِهَادِ مِنْهُ، بَلْ أَقْوَى؛ لِأَنَّهُ يَسْمَعُهُمْ الْجَمُّ الْغَفِيرُ وَمَنْ يُبَادِرُ إلَى الْإِنْكَارِ كَمَا مَرَّ عَنْ م ر (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ الِاجْتِهَادُ مَعَ صِيَاحِ الدِّيكِ) لَكِنَّ عِبَارَةَ التَّحْقِيقِ وَيُعْتَمَدُ دِيكٌ مُجَرَّبٌ اهـ، وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ لَا اجْتِهَادَ مَعَهُ اهـ وَمِثْلُهَا قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ تَعْلِيلًا لِتَصْحِيحِ النَّوَوِيِّ اعْتِمَادَ الثِّقَةِ الْعَارِفِ فِي الْغَيْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الدِّيكِ اهـ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانُوا عَارِفِينَ أَوْ لَا، وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ التُّحْفَةُ، وَلَوْ قَيَّدُوا بِمَا ذُكِرَ لَمْ يَكُنْ لِاشْتِرَاطِ الْكَثْرَةِ وَجْهٌ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ جَازَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ النَّوَوِيِّ وَالرَّافِعِيِّ فِي الْجَوَازِ دُونَ الْوُجُوبِ وَوَجْهُ الْجَوَازِ دُونَ الِامْتِنَاعِ تَقَدَّمَ، وَهُوَ أَنَّهُ أَعْلَى مِنْ تَقْلِيدِ الْمُجْتَهِدِ وَوَجْهُهُ دُونَ الْوُجُوبِ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ إخْبَارُ الثِّقَةِ عَنْ عِلْمٍ لِاحْتِمَالِ اعْتِمَادِهِمْ عَلَى عَلَامَةٍ ظَنِّيَّةٍ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي الشَّيْخِ عَوَضٍ عَلَى قَوْلِ الْخَطِيبِ.

وَلَوْ كَثُرَ الْمُؤَذِّنُونَ إلَخْ تَقْيِيدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكْثُرْ الْمُؤَذِّنُونَ فَإِنْ كَثُرُوا وَكَانُوا ثِقَاةً عَارِفِينَ جَازَ تَقْلِيدُهُمْ مُطْلَقًا فِي السَّحُورِ وَالْغَيْمِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ اهـ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُنَا، وَلَوْ قَيَّدُوا إلَخْ اهـ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَحَيَّرَ صَبَرَ حَتَّى يَظُنَّ الْوَقْتَ) أَيْ بِاجْتِهَادٍ، إذْ لَوْ صَلَّى بِلَا اجْتِهَادٍ أَعَادَ وَلَوْ ظَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ وَتَبَيَّنَ وُقُوعُهَا فِيهِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ اهـ (قَوْلُهُ هُوَ دُونَ غَيْرِهِ إلَخْ) اسْتَقْرَبَ ع ش أَنَّ لِغَيْرِهِ اعْتِمَادَ حِسَابِهِ قَالَ ثُمَّ رَأَيْت م ر صَرَّحَ بِهِ فِي فَتَاوِيهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ مِنْ صَلَاةٍ) هَلْ يَسُوغُ مِثْلُ هَذَا الْحَذْفِ؟ اهـ (قَوْلُهُ وَمَا أَعَادَهُ بَعْدَهُ قَضَاءً) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. رَوْضَةٌ

(قَوْلُهُ إنْ، فَقَدَ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَتَّصِلَ ذَلِكَ بِالْخُلُوِّ مِنْ وَقْتِ الَّتِي بَعْدَهَا فَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ إلَّا إنْ كَانَ هُوَ قَدْرًا يَسَعُ الصَّلَاةَ وَطُهْرَهَا، فَإِنْ وَسِعَ الَّتِي قَبْلَهَا أَيْضًا وَجَبَتْ إنْ كَانَتْ تُجْمَعُ بِهَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ إنْ فَقَدَ إلَخْ) سَيَأْتِي مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ هَذَا فِيمَا لَا يُجْمَعُ مَعَ غَيْرِهِ أَمَّا هُوَ فَلَا يُشْتَرَطُ الْفَقْدُ فِي وَقْتِهِ هُوَ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ قَوْلُهُ لِخَبَرِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً» فَإِنْ أَدْرَكَ الْأَدَاءَ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْوُجُوبِ فَدَلَّ عَلَى الْوُجُوبِ، وَالتَّقْيِيدُ بِالرَّكْعَةِ إنَّمَا هُوَ لِلْأَدَاءِ فَبَقِيَ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُجُوبِ، فَقِيَاسُ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ عَلَيْهَا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ كَمَا يَجِبُ إلَخْ) جَعَلَهُ أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ

ص: 252

رَكْعَةً بِجَامِعِ إدْرَاكِ مَا يَسَعُ رُكْنًا» ؛ وَلِأَنَّ الْإِدْرَاكَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْوُجُوبُ يَسْتَوِي فِيهِ الرَّكْعَةُ وَدُونَهَا كَاقْتِدَاءِ الْمُسَافِرِ بِالْمُتِمِّ.

قَالَ الْقُونَوِيُّ لَا يُقَالُ مَفْهُومُ الْخَبَرِ يُنَافِي الْقِيَاسَ، مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ أَدَاءً؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ قَضَاءً، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ بِأَنَّهَا لَا تَجِبُ بِإِدْرَاكِ دُونِ تَكْبِيرَةٍ وَفِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْجُوَيْنِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ الْوَقْتِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَسَعُ رُكْنًا هَذَا (إذَا خَلَا) بَعْدَ الْفَقْدِ (مِنْ مَانِعٍ) مِنْ الْمَوَانِعِ الْمَذْكُورَةِ (مَا) أَيْ زَمَنٌ (وَسِعَهْ) أَيْ الْفَرْضَ

(وَالطُّهْرَ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ أَيْ زَمَنٍ) فَمَا فَاعِلُ خَلَا، وَلَوْ جُعِلَ ظَرْفُهُ وَفَاعِلُهُ ضَمِيرَ الشَّخْصِ كَانَ مُمْكِنًا (قَوْلُهُ وَالطُّهْرُ) يَشْمَلُ التَّيَمُّمَ وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ قَدْرِهِ إذَا كَانَ هُوَ فَرْضَهُ عِنْدَ الْفَقْدِ وَإِنْ كَانَ فَرْضُهُ الْوُضُوءَ عِنْدَ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ وَالطُّهْرُ) شَامِلٌ لِلصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ مَعَ إمْكَانِ تَقْدِيمِ طُهْرِهِمَا عَلَى زَوَالِ الْمَانِعِ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ مُطْلَقًا وَفِي حَقِّ الْكَافِرِ بِأَنْ يُسْلِمَ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي إمْكَانُ التَّقْدِيمِ فِي حَقِّهِمَا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِهِمَا قَدْرَ الطُّهْرِ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ فِي الصَّبِيِّ قَوْلُ الشَّارِحِ فَلَوْ بَلَغَ ثُمَّ جُنَّ إلَخْ وَيُوَجَّهُ ذَلِكَ فِي الصَّبِيِّ بِعَدَمِ مُخَاطَبَتِهِ حَالَ الصِّبَا وَفِي الْكَافِرِ بِالتَّرْغِيبِ فِي الْإِسْلَامِ.

وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي بِطُهْرٍ امْتَنَعَ تَقْدِيمُهُ يَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهِ طُهْرُ هَذَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ تَقْدِيمُهُ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الْبُرُلُّسِيَّ ذَكَرَ مَضْمُونَ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ فَلَا يَكْفِي إمْكَانُ التَّقْدِيمِ فِي الْأَوَّلِ وَيَكْفِي فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَقَدْ اخْتَارَ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِإِمْكَانِ التَّقْدِيمِ فِي الْأَوَّلِ جَمْعٌ مِنْ شُيُوخِنَا وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ مُطْلَقًا، وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي مَوْضِعٍ وَيُوَجَّهُ فِي الْكَافِرِ بِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ وَفِي الصَّبِيِّ بِأَنَّ مُخَاطَبَةَ وَلِيِّهِ بِأَمْرِهِ وَضَرْبِهِ بِمَنْزِلَةِ مُخَاطَبَتِهِ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ فِي الْكَافِرِ إذْ لَوْ اُعْتُبِرَ النَّظَرُ بِمُخَاطَبَتِهِ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْوُجُوبِ إدْرَاكُهُ قَدْرَ

ــ

[حاشية الشربيني]

مَحَلُّ وِفَاقٍ، وَأَمَّا الْوُجُوبُ بِأَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ إلَى التَّكْبِيرَةِ فَعَلَى الْأَظْهَرِ مِنْ قَوْلَيْنِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ اهـ (قَوْلُهُ بِجَامِعِ إدْرَاكِ مَا يَسَعُ رُكْنًا) إذْ لَا دَخْلَ لِخُصُوصِ الرَّكْعَةِ فِي الْوُجُوبِ بِخِلَافِ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا فِي الْوَقْتِ كَفِعْلِ الْكُلِّ فِيهِ.

اهـ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) لَكِنَّ قَضِيَّةَ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الْإِدْرَاكَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْوُجُوبُ إلَخْ بِدُونِ التَّكْبِيرَةِ، لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ هُنَا غَالِبًا أَسْقَطُوا اعْتِبَارَهُ لِعُسْرِ تَصَوُّرِهِ، إذْ الْمَدَارُ عَلَى جُزْءٍ مَحْسُوسٍ مِنْ الْوَقْتِ وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ اعْتِبَارِ التَّكْبِيرَةِ هُنَا دُونَ اقْتِدَاءِ الْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى مُجَرَّدِ الرَّبْطِ اهـ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَفِيهِ تَرَدُّدٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: الْأَوْجَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ اهـ (قَوْلُهُ إذَا خَلَا مَا وَسِعَهُ وَالطُّهْرَ) أَيْ خَلَا ذَلِكَ الْوَقْتُ بَعْدَ قَدْرِ التَّكْبِيرَةِ الَّذِي هُوَ آخِرُ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْأُولَى الَّتِي وَجَبَتْ بِإِدْرَاكِ قَدْرِ التَّكْبِيرَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ مَا قَبْلَهَا إدْرَاكُ زَمَنٍ مِنْ وَقْتِ تِلْكَ الصَّلَاةِ يَسَعُ الطَّهَارَةَ مَعَ زَمَنِ التَّكْبِيرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَكِنْ يُعْتَبَرُ الْخُلُوُّ بَعْدَ ذَلِكَ زَمَنَ الطُّهْرِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْوُجُوبِ إدْرَاكُ زَمَنِ الطَّهَارَةِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ امْتِدَادُ السَّلَامَةِ مِنْ الْمَوَانِعِ زَمَنَ إمْكَانِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ اهـ أَيْ لَا يُشْتَرَطُ إدْرَاكُ زَمَنِهَا مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ الَّتِي أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِهَا زَمَنَ التَّكْبِيرَةِ فِي تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ بَعْدُ لِاسْتِقْرَارِهِ سَوَاءٌ أَمْكَنَ تَقْدِيمُ الطَّهَارَةِ كَمَا فِي الصَّبِيِّ أَمْ لَا لَكِنْ خَالَفَ م ر فِيمَا يُمْكِنُ تَقْدِيمُهَا فَقَالَ: لَا يُشْتَرَطُ الْخُلُوُّ زَمَنَهُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا سَيَأْتِي فِي طُرُوُّ الْمَانِعِ بَعْدَ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ فَقَطْ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضَةِ اعْتِبَارُ الْخُلُوِّ وَقْتَ الطُّهْرِ حَيْثُ قَالَ إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ فِي آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ ثُمَّ جُنَّ إنْ مَضَى فِي حَالِ السَّلَامَةِ مَا يَسَعُ طَهَارَةً وَأَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَجَبَتْ الْعَصْرُ، وَإِلَّا فَلَا ثُمَّ قَالَ فِي طُرُوُّ الْمَوَانِعِ: إنَّ الْخِلَافَ فِي اعْتِبَارِ وَقْتِ الطُّهْرِ هُنَا كَالْخِلَافِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ وَإِنْ أَمْكَنَ التَّقْدِيمُ فَلَا يَجِبُ اهـ وَمِنْ هُنَا قَالَ حَجَرٌ أَشَارَتْ الرَّوْضَةُ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَى أَصْلِهَا بِأَنَّهُ يَنْبَغِي اسْتِوَاءُ الْآخِرِ وَالْأَوَّلِ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّقْدِيمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ وَإِلَيْهِ مَالَ جَمَاعَةٌ لَكِنَّ أَكْثَرَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى اعْتِمَادِ مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ التَّفْرِقَةِ وَفَرَّقَ حَجَرٌ بِمَا لَا يُجْدِي فَرَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ إذَا خَلَا إلَخْ) أَيْ بِشَرْطِ امْتِدَادِ زَمَنِ السَّلَامَةِ مِنْ وَقْتِ الثَّانِيَةِ امْتِدَادًا مُتَّصِلًا فَيَخْرُجُ مِمَّا لَوْ خَلَا قَدْرَ الطُّهْرِ وَعَادَ الْمَانِعُ ثُمَّ خَلَا قَدْرَ الصَّلَاةِ وَعَادَ الْمَانِعُ فَإِنَّهُ لَا وُجُوبَ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ إذَا خَلَا إلَخْ) أَيْ مُتَّصِلًا بِالْخَلْوَةِ قَدْرَ التَّكْبِيرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ق ل

(قَوْلُهُ وَالطُّهْرَ)

ص: 253

وُضُوءًا أَوْ غَيْرَهُ أَيْ وَسِعَ أَخَفَّهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي نَظِيرِهِ بَعْدُ وَلَوْ ذَكَرَهُ هُنَا كَانَ أَوْلَى فَلَوْ بَلَغَ ثُمَّ جُنَّ بَعْدَمَا لَا يَسَعُ ذَلِكَ، فَلَا وُجُوبَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْقِيَاسُ اعْتِبَارُ وَقْتِ السِّتْرِ وَالتَّحَرِّي فِي الْقِبْلَةِ (مَعْ مَا قَبْلُ) بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ أَيْ وَجَبَ فَرْضُ الْوَقْتِ مَعَ الْفَرْضِ الَّذِي قَبْلَهُ (إنْ يُجْمَعْ مَعَهْ) ؛ لِأَنَّ وَقْتَهُ وَقْتٌ لَهُ حَالَةَ الْعُذْرِ فَحَالَةُ الضَّرُورَةِ أَوْلَى بِخِلَافِ مَا لَا يَجْمَعُ مَعَهُ فَيَجِبُ الظُّهْرُ مَعَ الْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبُ مَعَ الْعِشَاءِ دُونَ الْعِشَاءِ مَعَ الصُّبْحِ، وَالصُّبْحُ مَعَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرُ مَعَ الْمَغْرِبِ.

وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْفَرْضِ الْأَوَّلِ أَيْضًا الْخُلُوُّ مِنْ الْمَانِعِ بِقَدْرِ مَا يَسَعُهُ وَالطُّهْرَ كَمَا يُعْلَم بِالْأَوْلَى مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: كَأَنْ خَلَا إلَى آخِرِهِ؛ لِأَنَّ الْإِدْرَاكَ فِي الْوَقْتِ أَقْوَى مِنْهُ خَارِجَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُعْلَمَ مِمَّا مَرَّ وَلَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً آخِرَ الْعَصْرِ مَثَلًا وَخَلَا مِنْ الْمَوَانِعِ مَا يَسَعُهَا وَطُهْرَهَا فَعَادَ الْمَانِعُ بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ مَا يَسَعُهَا فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى الْمَغْرِبِ وَمَا فَضَلَ لَا يَكْفِي لِلْعَصْرِ، فَلَا تَجِبُ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَشْرَعْ فِي الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لَهَا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْمَغْرِبِ لِاشْتِغَالِهِ بِالْعَصْرِ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا وُجُوبًا قَبْلَ الْغُرُوبِ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْعِمَادِ (كَأَنْ خَلَا مَا يَسَعُ) أَخَفَّ (الْفَرْضَيْنِ) الَّذِينَ يُجْمَعَانِ، وَأَخَفَّ الطُّهْرِ (مِنْ وَقْتِ أَخِيرَةٍ) مِنْهُمَا فَيَجِبَانِ لِمَا مَرَّ أَمَّا إذَا خَلَا مِنْهُ مَا لَمْ يَسَعْ ذَلِكَ فَلَا وُجُوبَ، إلَّا أَنْ يَسَعَ الْفَرْضَ الثَّانِيَ فَيَجِبُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَهُ أَوْ الْأَوَّلَ بِأَنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْقَصْرُ وَأَدْرَكَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ فَفِي التَّهْذِيبِ يَجُوزُ أَنْ تَجِبَ الْمَغْرِبُ وَكَانَ الْقَاضِي

ــ

[حاشية العبادي]

تَكْبِيرَةٍ مِنْ الْوَقْتِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَالطُّهْرُ) ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ مَا يَسَعُ طَهَارَتَيْنِ لِلْفَرْضَيْنِ وَلَا يَكْفِي لَهُمَا مَا يَسَعُ وَاحِدَةً وَقَدْ تَرَدَّدَ فِيهِ فِي الْخَادِمِ وَقَالَ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ قَدْرِ وَاحِدَةٍ لَهُمَا (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهُ) يَشْمَلُ الْغُسْلَ وَإِزَالَةَ النَّجَاسَةِ، وَلَوْ مُغَلَّظَةً (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ اعْتِبَارُ وَقْتِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ اعْتِبَارِ وَقْتِهِمَا لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِمَا بِالصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ السِّتْرَ وَاجِبٌ فِي نَفْسِهِ وَالتَّحَرِّيَ قَدْ يَجِبُ لِنَحْوِ الْبَوْلِ فِي الصَّحْرَاءِ إذَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ جِهَةُ الْقِبْلَةِ م ر (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ أَنْ يُعْلَمَ مِمَّا مَرَّ) كَأَنَّ وَجْهَهُ أَنْ يُسَلِّطَ وَجَبَ وَوَسِعَ عَلَى مَعَ مَا قَبْلُ عَلَى وَجْهِ التَّنَازُعِ بِرّ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَشْرَعْ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَلَوْ أَدْرَكَ مَا يَسَعُ الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ مَعَ الطَّهَارَةِ دُونَ الظُّهْرِ صَرَفَهُ لِلْمَغْرِبِ وَالْعَصْرِ اهـ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْعِمَادِ) الْوَجْهُ خِلَافُهُ فَتَجِبُ الْمَغْرِبُ وَتَقَعُ الْعَصْرُ نَافِلَةً م ر (قَوْلُهُ وَأَخَفَّ الطُّهْرِ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَقْدِيمُهُ كَمَا نَقَلَهُ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْبَازِرِيِّ وَذَلِكَ يُتَصَوَّرُ فِي الصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي ذَلِكَ فِيهِمَا (قَوْلُهُ مِنْ وَقْتِ أَخِيرَةٍ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ أَيْ مِنْ أَوَّلِهِ أَوْ وَسَطِهِ (قَوْلُهُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ)

ــ

[حاشية الشربيني]

اعْتَمَدَهُ م ر أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّبِيِّ إذَا زَالَ صِبَاهُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ أَوْ أَوَّلِهِ خُلُوُّهُ مِنْ الْمَانِعِ قَدْرَ إمْكَانِ طَهَارَةٍ يُمْكِنُهُ تَقْدِيمُهَا، وَهِيَ طَهَارَةُ الرَّفَاهِيَةِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُؤَيِّدُهُ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إلَّا إدْرَاكُ مَا يَسَعُ طَهَارَةً وَاحِدَةً حَيْثُ كَانَتْ مِمَّا يُجْمَعُ بِهَا بَيْنَ فَرْضَيْنِ أَوْ لَوْ كَانَتْ طَهَارَةَ ضَرُورَةٍ فَيَظْهَرُ، إذْ ذَاكَ إدْرَاكُ زَمَنٍ يَسَعُهُمَا. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا خَلَا أَوَّلُ الْوَقْتِ عَنْ الْأَعْذَارِ ثُمَّ طَرَأَتْ مَا نَصُّهُ: لَا يُعْتَبَرُ مَعَ إمْكَانِ فِعْلِهَا إمْكَانُ الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَقْدِيمُهَا قَبْلَ الْوَقْتِ إلَّا إذَا لَمْ يَجُزْ التَّقْدِيمُ كَالتَّيَمُّمِ وَكَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ.

قُلْت ذَكَرَ فِي التَّتِمَّةِ فِي اشْتِرَاطِ قَدْرِ الطَّهَارَةِ لِمَنْ يُمْكِنُهُ تَقْدِيمُهَا وَجْهَيْنِ وَهُمَا كَالْخِلَافِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ لَا فَرْقَ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ التَّقْدِيمُ فِيهِ لَا يَجِبُ اهـ أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّقْدِيمُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وُضُوءً أَوْ غَيْرَهُ) سَوَاءٌ طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ وَلَوْ تَعَدَّدَ كُلٌّ، وَهَذَا يَقْتَضِي اعْتِبَارَ كُلٍّ بِحَالِهِ (قَوْلُهُ أَخَفَّهُمَا) أَيْ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مُضِيُّ زَمَنٍ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الْفِعْلِ. اهـ. ع ش وق ل وَغَلِطَ الْبُجَيْرِمِيُّ فِي النَّقْلِ هُنَا عَنْ ع ش أَخَفَّ مَا يُمْكِنُ لِأَيِّ أَحَدٍ (قَوْلُهُ بَعْدُ مَا لَا يَسَعُ ذَلِكَ) فَلَا وُجُوبَ وَإِنْ زَالَ الْجُنُونُ فَوْرًا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ. اهـ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ مَعَ مَا قَبْلُ أَنْ يَجْمَعَ مَعَهُ) فَيُقَالُ لَنَا صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ لَزِمَتْهُ الظُّهْرُ مَثَلًا وَهُوَ فِيهَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ لَمَّا كَانَ وَقْتًا لِلْأُولَى وَقَدْ اتَّصَفَ فِيهِ بِالْكَمَالِ وَجَبَتْ الْأُولَى أَيْضًا ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ وُجُوبِهَا مَا لَمْ يَكُنْ الصَّبِيُّ فَعَلَهَا قَبْلُ وَلَا فَعَلَ مَتْبُوعَهَا فَإِنْ فَعَلَهَا أَوْ فَعَلَ مَتْبُوعَهَا لَمْ تَجِبْ الصُّورَتَيْنِ لِفِعْلِهَا فِي الْأُولَى وَفِعْلِ مَتْبُوعِهَا فِي الثَّانِيَةِ وَإِذَا سَقَطَ الْمَتْبُوعُ سَقَطَ التَّابِعُ. اهـ. شَيْخُنَا الدَّمْهُوجِيُّ بِدَرْسٍ م ر. اهـ. شَيْخُنَا ذَهَبِيٌّ.

(قَوْلُهُ بِقَدْرِ مَا يَسَعُهُ وَالطُّهْرَ كَمَا يُعْلَمُ بِالْأَوْلَى) فِيهِ رَدٌّ عَلَى شَرْحِ الْحَاوِي حَيْثُ قَالَ إنَّ كَلَامَهُ يُفِيدُ أَنَّهُ مَتَى وَسِعَ الْوَقْتُ الْأُولَى وَجَبَتْ الثَّانِيَةُ حَيْثُ قَالَ إذَا خَلَا مِنْ الْمَانِعِ مَا وَسِعَهُ وَالطُّهْرَ وَجَبَ بِمَا قَبْلَهُ وَمِثْلُهُ الْمُصَنِّفُ اهـ. وَالْعُذْرُ لِصَاحِبِ الْحَاوِي أَنَّهُمْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ هُنَا كَمَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّ اهـ (قَوْلُهُ مَا يَسَعُ الْفَرْضَيْنِ) لَمْ يَشْتَرِطُوا هُنَا اتِّصَالَ زَمَنِ الْخُلُوِّ بِمِقْدَارِ مَا يَسَعُ الْفَرْضَيْنِ وَكَأَنَّهُ؛ لِأَنَّهُ وَقْتٌ لِلْفَرْضَيْنِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ أَخَفَّ الْفَرْضَيْنِ) كَأَرْبَعٍ فِي الْمُقِيمِ وَاثْنَيْنِ فِي الْمُسَافِرِ وَإِنْ أَرَادَ الْإِتْمَامَ، بَلْ وَإِنْ شَرَعَ فِيهَا عَلَى قَصْدِ الْإِتْمَامِ فَعَادَ الْمَانِعُ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ رَكْعَتَيْنِ فَتَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ. اهـ. ع ش وَفِي شَرْحِ الْحَاوِي مَا فِي ع ش وَكَذَا التُّحْفَةُ وَعِبَارَةُ بَعْضِ مَشَايِخِنَا، الْوَجْهُ اعْتِبَارُ رَكْعَتَيْنِ فِي حَقِّهِ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ اعْتَبَرُوا أَخَفَّ مَا يُمْكِنُهُ وَقَدْرَ الْوَاجِبَاتِ فَقَطْ دُونَ السُّنَنِ كَالسُّورَةِ وَالْقُنُوتِ اهـ وَفِي الْفَتَاوَى عَنْ الْحَاوِي لِابْنِ النَّاشِرِيِّ لَوْ كَانَ مُسَافِرًا وَالصَّلَاةُ مِمَّا تُقْصَرُ فَهَلْ الْمُعْتَبَرُ قَدْرُ صَلَاةِ الْحَضَرِ أَوْ السَّفَرِ؟ الَّذِي ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَصَاحِبُ الْكَافِي الثَّانِي

ص: 254

يَتَوَقَّفُ فِيهِ لِسُقُوطِ التَّابِعِ بِسُقُوطِ مَتْبُوعِهِ اهـ

وَعَدَمُ وُجُوبِهِ أَوْجَهُ

(وَإِنْ صِبًا يَبِنْ) أَيْ يَنْتَفِي عَنْ الشَّخْصِ فِي وَقْتِ الْوَظِيفَةِ بِأَنْ بَلَغَ (مِنْ بَعْدِ عَقْدِهِ الْوَظِيفَةَ) صَلَاةً أَوْ صَوْمًا (اكْتَفَى بِهَا) ؛ لِأَنَّهُ إنْ بَلَغَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا فَقَدْ أَدَّاهَا صَحِيحَةً، فَلَا يَجِبُ إعَادَتُهَا كَامِلَةً صَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ وَعَتَقَتْ فِي الْوَقْتِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ فَاعْتُبِرَ وُقُوعُهُ حَالَ الْكَمَالِ وَإِنْ بَلَغَ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهَا، فَقَدْ أَدْرَكَ الْوُجُوبَ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ فَيَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا لَا إعَادَتُهَا؛ لِأَنَّهُ صَلَّى الْوَاجِبَ بِشَرْطِهِ، وَقَدْ يَجِبُ إتْمَامُ الْعِبَادَةِ وَإِنْ كَانَ أَوَّلُهَا تَطَوُّعًا كَحَجِّ تَطَوُّعٍ وَصَوْمِ مَرِيضٍ شُفِيَ فِي أَثْنَائِهِ، نَعَمْ يُنْدَبُ إعَادَتُهَا عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لِيُؤَدِّيَهَا حَالَةَ الْكَمَالِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِهَا بِزَوَالِ الْمَانِعِ فِي الْوَقْتِ إذَا لَمْ تُؤَدَّ حَالَةَ الْمَانِعِ وَلَا يُتَصَوَّرُ، إلَّا فِي الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ بَقِيَّةَ الْمَوَانِعِ كَمَا تَمْنَعُ الْوُجُوبَ تَمْنَعُ الصِّحَّةَ (كَعُذْرِ) تَرْكِ (جُمُعَةٍ) كَمَرَضٍ وَرِقٍّ (إذَا انْتَفَى) عَنْ الْمَعْذُورِ بَعْدَ عَقْدِهِ الْوَظِيفَةَ الَّتِي هِيَ الظُّهْرُ وَلَوْ قَبْلَ فَرَاغِهَا فَيَكْتَفِي بِهَا لِمَا مَرَّ، إلَّا إذَا كَانَ عُذْرُهُ الْخُنُوثَةَ وَأَمْكَنَهُ الْجُمُعَةُ لِتَبَيُّنِ كَوْنِهِ رَجُلًا وَقْتَ صَلَاتِهِ.

(وَإِنْ خَلَا) مِنْ الْمَوَانِعِ (مِنْ وَقْتِ غَيْرِ) أَيْ غَيْرِ الْأَخِيرِ مِنْ الْفَرْضَيْنِ الَّذِينَ يُجْمَعَانِ سَوَاءٌ جَمَعَ مَعَ مَا بَعْدَهُ أَمْ لَا (مَا يَسَعْ أَخَفَّ فَرْضِهِ) بِقَصْرٍ أَوْ دُونِهِ (بِطُهْرٍ) أَيْ مَعَ أَخَفِّ طُهْرٍ (امْتَنَعْ تَقْدِيمُهُ) عَلَى الْوَقْتِ كَتَيَمُّمٍ وَطُهْرِ سَلَسٍ (يَجِبْ) ذَلِكَ الْفَرْضُ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِهِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ فِعْلُهُ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الثَّانِي وَإِنْ جَمَعَ مَعَهُ، وَفَارَقَ عَكْسُهُ بِأَنَّ وَقْتَ الْأُولَى فِي الْجَمْعِ وَقْتٌ لِلْأَخِيرَةِ تَبَعًا بِخِلَافِ الْعَكْسِ بِدَلِيلِ عَدَمِ جَوَازِ تَقْدِيمِ الْأَخِيرَةِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَجَوَازِ تَقْدِيمِ الْأُولَى، بَلْ وُجُوبُهُ عَلَى وَجْهٍ فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ، وَاعْتُبِرَ الْأَخَفُّ لِحُصُولِ التَّمَكُّنِ بِفِعْلِهِ فَلَوْ طَوَّلَتْ فَحَاضَتْ فِيهَا، وَقَدْ مَضَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا لَوْ خَفَّفَتْ أَوْ مَضَى لِلْمُسَافِرِ مِنْ وَقْتِ الْمَقْصُورَةِ مَا يَسَعُ رَكْعَتَيْنِ لَزِمَهَا الْقَضَاءُ وَخَرَجَ بِمَا يَسَعُ الْمَذْكُورَ مَا لَا يَسَعُهُ، فَلَا وُجُوبَ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ آخِرَ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ لِإِمْكَانِ الْبِنَاءِ عَلَى مَا أَوْقَعَهُ فِيهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا بِقَوْلِهِ امْتَنَعَ تَقْدِيمُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

مِنْ وَقْتِ الْعِشَاءِ

(قَوْلُهُ أَوْجَهُ) اعْتَمَدَهُ م ر

(قَوْلُهُ بِأَنْ بَلَغَ) أَيْ بِالسِّتْرِ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْفِعْلِ بِالِاحْتِلَامِ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا نَزَلَ الْمَنِيُّ مِنْ صُلْبِهِ إلَى ذَكَرِهِ فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ فِي الصَّلَاةِ أَيْ بِحَائِلٍ حَتَّى رَجَعَ الْمَنِيُّ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ مِنْهُ إلَى خَارِجٍ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ لِأَنَّ؛ وُجُوبَهُ مَنُوطٌ بِبُرُوزِ الْمَنِيِّ إلَى خَارِجٍ كَمَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِ الْحُبْلَى وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ مَنِيُّهَا وَمَنْ صَوَّرَهَا بِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ إذَا خَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَمْ يُصِبْ، بَلْ الصَّوَابُ وُجُوبُ اسْتِئْنَافِهَا؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ التَّحَرُّزُ فِي دَوَامِهَا عَنْ الْمُبْطِلِ قَالَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ اهـ (قَوْلُهُ: فَيَكْتَفِي بِهَا) وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ الْجُمُعَةُ بِدَلِيلِ إلَّا إلَخْ

(قَوْلُهُ: بِطُهْرٍ امْتَنَعَ تَقْدِيمُهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ ذَلِكَ طُهْرُ الْكَافِرِ وَالصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ فِعْلُهُمَا قَبْلَ الْوَقْتِ مُمْكِنًا أَعْنِي بِأَنْ يُسْلِمَ الْكَافِرُ فَيَكُونُ الْمُتَّجَهُ اعْتِبَارَ زَمَنٍ يَسَعُ الطَّهَارَةَ إذَا عَرَضَ الْإِسْلَامُ وَالْبُلُوغُ عَقِبَ دُخُولِ الْوَقْتِ حَتَّى لَوْ عَرَضَ جُنُونٌ أَوْ حَيْضٌ مَثَلًا بَعْدَ زَمَنٍ يَسَعُ الْفَرْضَ دُونَ الطَّهَارَةِ فَلَا وُجُوبَ وَيَشْهَدُ لِهَذَا إطْلَاقُ قَوْلِهِمْ وَلَوْ زَالَتْ هَذِهِ الْأَسْبَابُ آخِرَ الْوَقْتِ وَجَبَ الْفَرْضُ بِشَرْطِ أَنْ يَخْلُوَ مِنْ الْمَوَانِعِ زَمَنًا يَسَعُ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ فَإِنَّ ذَلِكَ بِعُمُومِهِ كَمَا تَرَى شَامِلٌ لِلْكُفْرِ وَالصِّبَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ فَلَا نَظَرَ إلَى إمْكَانِ طُهْرِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَتَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ مَعَ قِيَامِ الْمَانِعِ مِنْ صِحَّةِ الْوُضُوءِ فَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ تَمَكُّنُهُ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْإِسْلَامِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَقَدْ يُقَالُ لَا يُتَصَوَّرُ طُهْرٌ يُمْكِنُ تَقْدِيمُهُ إلَّا طُهْرَ الصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ جَمَعَ) أَيْ غَيْرُ الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ جَمَعَ مَعَهُ) أَيْ وَإِنْ أَدْرَكْنَا أَيْضًا مَا يَسَعُهُ مَعَ طُهْرِهِ كَمَا شَمِلَهُ الْإِطْلَاقُ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ هُنَا) إذْ الْغَرَضُ وُجُودُ الْمَانِعِ آخِرَ الْوَقْتِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلِلْأَوَّلِ مَجَالٌ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ. اهـ.

(قَوْلُهُ الْوَظِيفَةِ) عَبَّرَ بِهَا دُونَ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى الصَّبِيِّ وَقْتَ عَقْدِهَا قَالَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهَا تَشْمَلُ الْوَاجِبَ وَغَيْرَهُ، وَلِذَا عَبَّرَ بِهَا الشَّرْحُ فِيمَا سَيَأْتِي مَعَ الْوُجُوبِ اهـ (قَوْلُهُ اكْتَفَى بِهَا) ، وَلَوْ كَانَ صَبِيًّا صَلَّى الظُّهْرَ وَأَمْكَنَتْهُ الْجُمُعَةُ عَلَى الصَّحِيحِ اهـ مِنْ الرَّوْضَةِ قَالَ م ر وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى بِهَا الْفَرِيضَةَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ نِيَّتِهَا عَلَيْهِ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ اهـ لَكِنْ بَقِيَ مَا إذَا نَوَى بِهَا التَّنَفُّلَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْإِعَادَةِ مَا إذَا نَوَى الظُّهْرَ مَثَلًا أَوْ صَلَاةَ الْوَقْتِ أَوْ فَرْضَهُ أَمَّا لَوْ نَوَى التَّطَوُّعَ فَهُوَ مُتَنَفِّلٌ لَا مَحَالَةَ، وَيَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ جَزْمًا اهـ. اهـ. نَاشِرِيٌّ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ إلَخْ) أَيْ فَالْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ إفَادَةِ حُكْمِهَا تَقْيِيدُ مَا مَرَّ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّبِيِّ اهـ (قَوْلُهُ بَعْدَ عَقْدِهِ الْوَظِيفَةَ إلَخْ) ، وَلَوْ أَمْكَنَتْهُ الْجُمُعَةُ (قَوْلُهُ وَأَمْكَنَتْهُ الْجُمُعَةُ) أَيْ تَمَكَّنَ مِنْ فِعْلِهَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ غَيْرُ الْخُنُوثَةِ يَمْنَعُهُ مِنْهَا، وَإِلَّا دَخَلَ فِي قَوْلِهِ كَعُذْرِ تَرْكِ جُمُعَةٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا أَمْكَنَتْهُ لِبَقَاءِ وَقْتِهَا حَتَّى يُرَادَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الظُّهْرِ وَإِنْ لَمْ تُمْكِنْهُ لِبُطْلَانِ ظُهْرِهِ مُطْلَقًا بِتَبَيُّنِ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِهَا وَقْتَ الْفِعْلِ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَأَمْكَنَهُ الْجُمُعَةُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ السَّعْيُ إلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الظُّهْرِ. اهـ. ابْنُ النَّاشِرِيِّ، وَهَذَا أَقْرَبُ مِمَّا مَرَّ. اهـ.

(قَوْلُهُ مَا لَا يَسَعُهُ) وَإِنْ وَسِعَ تَكْبِيرَةً أَوْ أَكْثَرَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَالَ أَبُو يَحْيَى الْبَلْخِيّ حُكْمُ أَوَّلِ الْوَقْتِ حُكْمُ آخِرِهِ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِإِدْرَاكِ تَكْبِيرَةٍ، وَغَلَّطَهُ أَصْحَابُنَا. اهـ. رَوْضَةٌ (قَوْلُهُ لِإِمْكَانِ الْبِنَاءِ عَلَى مَا أَوْقَعَهُ فِيهِ) أَيْ لَوْ فَعَلَ فِيمَا أَدْرَكَهُ فَلِهَذَا الْإِمْكَانِ كُلِّفَ بِتَمَامِ الْفِعْلِ، وَلِهَذَا لَوْ وَقَعَ فَاصِلٌ كَأَنْ جُنَّ ثَانِيًا بَعْدَ

ص: 255

مَا لَا يَمْتَنِعُ تَقْدِيمُهُ.

فَلَا يُعْتَبَرُ زَمَنٌ يَسَعُهُ فِي الْوَقْتِ لِإِمْكَانِ فِعْلِهِ قَبْلَهُ أَمَّا إذَا عَمَّ الْعُذْرُ جَمِيعَ الْوَقْتِ، فَلَا وُجُوبَ وَلَا قَضَاءَ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ، أَمَّا الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ فَلِمَا مَرَّ فِي الْحَدَثِ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَلِخَبَرِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعِبَادَةُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى النَّائِمِ وَالنَّاسِي لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» وَقِيسَ بِالْمَجْنُونِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّوْمِ إذَا عَمَّ إغْمَاؤُهُ الْيَوْمَ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا قَدْ تَكْثُرُ فَيَشُقُّ قَضَاؤُهَا، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلِغُفْرَانِ مَا قَدْ سَلَفَ لَهُ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ الْأَشْهَرُ مُخَاطَبَتَهُ بِالْفُرُوعِ، وَقَدْ أَسْلَمَ خَلْقٌ كَثِيرٌ عَلَى عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِالْقَضَاءِ.

(وَلْيَقْضِ) ذُو الرِّدَّةِ مَا فَاتَهُ فِي زَمَنِهَا لِالْتِزَامِهِ بِالْإِسْلَامِ أَحْكَامَهُ، فَلَا يَسْقُطُ بِالْجُحُودِ كَحَقِّ الْآدَمِيِّ (مَعْ) مَا فَاتَهُ فِي (زَمَنِ الْجُنُونِ) الْمُتَّصِلِ بِالرِّدَّةِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ (دُونَ) زَمَنِ (الْحَيْضِ) الْمُتَّصِلِ بِهَا لِمَا مَرَّ فِي الْحَدَثِ وَفَارَقَتْ الْحَائِضُ الْمَجْنُونَ بِأَنَّ سُقُوطَ الْقَضَاءِ عَنْهَا عَزِيمَةٌ؛ لِأَنَّهَا مُكَلَّفَةٌ بِالتَّرْكِ وَعَنْهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ مَا لَا يَمْتَنِعُ) كَطُهْرِ السَّلِيمِ (قَوْلُهُ مِنْ كَلَامِهِمْ السَّابِقِ) بِالْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ إذَا ذَكَرَهَا) قَدْ يَشْمَلُ الْقِيَامَ مِنْ النَّوْمِ

(قَوْلُهُ أَحْكَامَهُ) أَيْ الْإِسْلَامِ

ــ

[حاشية الشربيني]

مَا أَدْرَكَ مِقْدَارَ التَّكْبِيرَةِ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ مَثَلًا ثُمَّ أَفَاقَ وَأَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ مَا يَسَعُ الْعَصْرَ وَالظُّهْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالطَّهَارَةَ فَلَمْ تَجِبْ الْعَصْرُ وَالظُّهْرُ، إذْ تَكْلِيفُهُ بِهِمَا إنَّمَا هُوَ لِإِدْرَاكِهِ زَمَنَ التَّكْبِيرَةِ وَقْتَ الْعَصْرِ فَيَبْنِي مَا هُوَ خَارِجَ الْوَقْتِ عَلَى مَا وَقَعَ فِيهِ.

وَلَا بِنَاءَ مَعَ وُجُودِ الْمَانِعِ خَارِجَ الْوَقْتِ، وَلِذَا شَرَطُوا هُنَا اتِّصَالَ زَمَنِ الْخُلُوِّ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ الْفِعْلُ بِزَمَنِ التَّكْبِيرَةِ الَّذِي أَدْرَكَهُ مِنْ الْوَقْتِ تَدَبَّرْ وَمِنْ هُنَا عَلِمْت الْفَرْقَ بَيْنَ إدْرَاكِ تَكْبِيرَةٍ فَمَا فَوْقَ آخِرَ الْوَقْتِ، وَإِدْرَاكِ مَا يَسَعُ الْفَرْضَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْأَخِيرَةِ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطُوا فِيهِ اتِّصَالَ الْخُلُوِّ زَمَنًا يَسَعُهُمَا، بَلْ الْمَدَارُ فِيهَا عَلَى الْخُلُوِّ زَمَنًا يَسَعُ الْمُكَلَّفَ بِهِ مُتَوَاصِلًا أَوْ مُتَفَاصِلًا؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَهُمَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ آخِرَ الْوَقْتِ فَإِنَّ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَابِعٌ لِمَا فِي الْوَقْتِ وَلَا تَتَحَقَّقُ التَّبَعِيَّةُ مَعَ وُجُودِ الْفَاصِلِ فَلْيُتَأَمَّلْ. نَعَمْ إذَا أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ مَا يَسَعُهَا وَطُهْرَهَا الَّذِي لَا يُقَدَّمُ فَقَطْ لَكِنَّهُ كَانَ مُتَفَاصِلًا بِأَنْ أَدْرَكَ زَمَنَ الطُّهْرِ فَقَطْ أَوَّلًا ثُمَّ طَرَأَ الْمَانِعُ ثُمَّ زَالَ وَأَدْرَكَ قَدْرَ الصَّلَاةِ فَقَطْ ثُمَّ عَادَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي هَذَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ، فَلَا وُجُوبَ وَلَا قَضَاءَ) أَيْ اتِّفَاقًا. اهـ. رَوْضَةٌ (قَوْلُهُ، فَلَا وُجُوبَ وَلَا قَضَاءَ) إنَّمَا نَفَى الْقَضَاءَ مَعَ نَفْيِ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِهِ نَفْيُ الْقَضَاءِ كَمَا فِي صَوْمِ الْحَائِضِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْقَضَاءَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ لَا بِأَمْرِ الْأَوَّلِ. اهـ. عَزِيزِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ وَلَا قَضَاءَ إلَخْ) أَيْ لَا يَجِبُ فَلَوْ قَضَتْ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ صَحَّ بِخِلَافِ الْكَافِرِ عَلَى مُعْتَمَدِ م ر، وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَيُسَنُّ لَهُ الْقَضَاءُ مِنْ حِينِ التَّمْيِيزِ دُونَ مَا قَبْلَهُ فَلَوْ قَضَاهُ لَمْ يَصِحَّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْكَافِرِ أَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِهِ وَقَالَ السُّيُوطِيّ يَصِحُّ قَضَاءُ الْكَافِرِ صَلَاتَهُ وَصَوْمَهُ وَزَكَاتَهُ بِلَا كَرَاهَةٍ وَإِنَّمَا كُرِهَ قَضَاءُ الْحَائِضِ لِلصَّلَاةِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهَا بِالسَّبَبِ وَعَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَيْهَا إجْمَاعًا بِخِلَافِ الْكَافِرِ لِتَعَدِّيهِ مَعَ الْوُجُوبِ، وَإِنَّمَا سَقَطَ الْقَضَاءُ تَرْخِيصًا. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ وع ش عَلَى م ر بخ وَمِثْلُ الصَّبِيِّ فِي نَدْبِ الْقَضَاءِ الْمَجْنُونُ كَمَا فِي ع ش (قَوْلُهُ أَمَّا الْحَائِضُ إلَخْ) لَكِنْ إذَا فَعَلَتْ صَحَّ وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّ قَضَاءَهَا مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لَيْسَتْ لِذَاتِ الْعِبَادَةِ وَلَا لَازِمِهَا بَلْ لِعَدَمِ قَبُولِ الرُّخْصَةِ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ) أَيْ الْغَالِبُ اهـ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا الْكَافِرُ إلَخْ) أَيْ الَّذِي بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ خَرَجَ بِهِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَإِنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ سم عَلَى حَجَرٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ لَا نَفْرَةَ لَهُ عَنْ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ مَنْ بَلَغَتْهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُعَانِدًا فَيَنْفِرُ عَنْ الْإِسْلَامِ لَوْ أُمِرَ بِالْقَضَاءِ.

(قَوْلُهُ مُخَاطَبَتُهُ بِالْفُرُوعِ) أَيْ مِنْ اللَّهِ لَا مِنَّا فَإِنَّا نُطَالِبُهُ إمَّا بِالْإِسْلَامِ أَوْ الْجِزْيَةِ اهـ يج

(قَوْلُهُ لِالْتِزَامِهِ بِالْإِسْلَامِ أَحْكَامَهُ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ انْتَقَلَ مِنْ الْيَهُودِيَّةِ إلَى النَّصْرَانِيَّةِ لَا يَقْضِي زَمَنَ النَّقْلَةِ إذَا أَسْلَمَ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ بِانْتِقَالِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ سم عَنْ الْمَنْهَجِ وَعَنْ بِرّ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ مَا فَاتَهُ فِي زَمَنِهَا) ، وَلَوْ أَسْلَمَ أَبُوهُ فِي حَالِ جُنُونِ الْوَلَدِ زَمَنَ رِدَّتِهِ لَا يَقْضِي مِنْ الْآنِ؛ لِأَنَّهُ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا م ر (قَوْلُهُ دُونَ زَمَنِ الْحَيْضِ) وَإِنْ كَانَ مَعَهُ جُنُونٌ سم (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ إلَخْ) وَقَالَ م ر؛ لِأَنَّهَا مُخَاطَبَةٌ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ زَمَنَ الْحَيْضِ فَهِيَ مُؤَدِّيَةٌ مَا أُمِرَتْ بِهِ اهـ وَفِيهِ أَنَّ تِلْكَ الْمُخَاطَبَةَ لَا تَتَنَاوَلُ عَدَمَ الْقَضَاءِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فِي الْحَدَثِ) مِنْ حَدِيثِ كُنَّا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ اهـ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا مُكَلَّفَةٌ بِالتَّرْكِ) أَيْ فَانْتَقَلَتْ

ص: 256

تَخْفِيفٌ، وَالْمُرْتَدُّ لَا يَسْتَحِقُّهُ، وَيُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ بِالْحَيْضِ الْمَجْلُوبِ وَلَا بِالنِّفَاسِ بِجَلْبِ إلْقَاءِ الْجَنِينِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ الْمَجْلُوبِ بِلَا حَاجَةٍ، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهَا قَضَاءُ الصَّوْمِ لِلْخَبَرِ كَمَا فِي الْحَدَثِ فَقَوْلُهُ (ذُو الِارْتِدَادِ) فَاعِلُ يَقْضِي (وَقَضَى الَّذِي سَكِرْ) أَوْ زَالَ عَقْلُهُ تَعَدِّيًا (غَيْرَهُمَا) أَيْ غَيْرَ زَمَنَيْ الْحَيْضِ وَالْجُنُونِ الْمُتَّصِلِ بِالسُّكْرِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ كَسَرَ رِجْلَيْهِ تَعَدِّيًا وَصَلَّى قَاعِدًا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِانْتِهَاءِ مَعْصِيَتِهِ بِانْتِهَاءِ كَسْرِهِ وَلِإِتْيَانِهِ بِالْبَدَلِ حَالَةَ الْعَجْزِ، أَمَّا زَمَنَا الْحَيْضِ وَالْجُنُونِ الْمُتَّصِلِ بِالسُّكْرِ فَلَا قَضَاءَ لَهُمَا بِخِلَافِ زَمَنِ جُنُونِ الْمُرْتَدِّ كَمَا مَرَّ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ مَنْ جُنَّ فِي رِدَّتِهِ مُرْتَدٌّ فِي جُنُونِهِ حُكْمًا وَمَنْ جُنَّ فِي سُكْرِهِ لَيْسَ بِسَكْرَانَ فِي دَوَامِ جُنُونِهِ قَطْعًا فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْجُنُونَ مِنْ السُّكْرِ قَضَى مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ السُّكْرُ غَلَبًا دُونَ مَا بَعْدَهُ (فَرْعٌ) يُمْكِنُ إيقَاظُ النَّائِمِ لِلصَّلَاةِ وَلَا سِيَّمَا إنْ ضَاقَ وَقْتُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي صَلَاتَهُ مِنْ اللَّيْلِ وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا بَقِيَ الْوِتْرُ أَيْقَظَنِي فَأَوْتَرْت»

(وَالطِّفْلُ) الْمُمَيِّزُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (لِلسَّبْعِ) مِنْ السِّنِينَ أَيْ بَعْدَ اسْتِكْمَالِهَا (أُمِرَ بِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ وَلَوْ قَضَاءً لِمَا فَاتَهُ بَعْدَ السَّبْعِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (وَلِلْعَشْرِ) أَيْ بَعْدَ اسْتِكْمَالِهَا (بِتَرْكٍ) أَيْ بِسَبَبِ تَرْكِ الصَّلَاةِ (ضُرِبَا) ، وَذَلِكَ لِخَبَرِ «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ.

وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ لَمْ يَرْوِ التِّرْمِذِيُّ (وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ)(كَالصَّوْمِ) فِي أَنَّ الطِّفْلَ يُؤْمَرُ بِهِ لِسَبْعٍ وَيُضْرَبُ عَلَى تَرْكِهِ لِعَشْرٍ إنْ أَطَاقَهُ، قَالُوا: وَاخْتَصَّ ضَرْبُهُ بِالْعَشْرِ لِاحْتِمَالِهِ الْبُلُوغَ وَالضَّرْبَ فِيهَا وَخُصَّ الْأَمْرُ بِالسَّبْعِ لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ عِنْدَهَا غَالِبًا، وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ أَنْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ تَعَدِّيًا) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا قَضَاءَ لَهُمَا) ظَاهِرُهُ حَتَّى الْمُقَارِنِ مِنْهُمَا لِلسُّكْرِ لَكِنَّ ظَاهِرَ الْفَرْقِ وَمَا بَعْدَهُ خِلَافُهُ لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْوَجْهُ (قَوْلُهُ مُرْتَدٌّ فِي جُنُونِهِ) قَدْ يَقْتَضِي الْقَضَاءَ فِيمَا قَارَنَ السُّكْرَ مِنْ الْجُنُونِ (قَوْلُهُ مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ السُّكْرُ) يَشْمَلُ مَا قَارَنَهُ جُنُونٌ (قَوْلُهُ: فَرْعٌ يُنْدَبُ إيقَاظُ النَّائِمِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَأَطْلَقَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْإِلْمَامِ وُجُوبَهُ وَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَتَعَدَّى بِالنَّوْمِ بِأَنْ نَامَ عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِهَا فَيَنْبَغِي وُجُوبُ تَنْبِيهِهِ لِعِصْيَانِهِ بِالنَّوْمِ وَكَذَلِكَ لَوْ نَامَ عِنْدَ صَلَاةٍ يَجِبُ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ وَقَوْلُهُمْ النَّائِمُ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ مُرَادُهُمْ بِغَيْرِ جِنَايَتِهِ السَّابِقَةِ عَلَى النَّوْمِ فَيُؤَاخَذُ بِهَا. اهـ. وَتَقَدَّمَ بِهَامِشِ مَنْ يَعْدَمُ أَثْنَاءَهُ إلَخْ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةِ النَّوْمِ فَلْيُلَاحَظْ مَعَ مَا هُنَا مَا تَقَدَّمَ

(قَوْلُهُ وَالطِّفْلُ الْمُمَيِّزُ) يُفِيدُ اعْتِبَارَ اجْتِمَاعِ

ــ

[حاشية الشربيني]

مِنْ وُجُوبِ الْفِعْلِ إلَى وُجُوبِ التَّرْكِ وَفِيهِ أَنَّ التَّرْكَ فِيهِ سُهُولَةٌ فَيَنْطَبِقُ عَلَيْهِ تَعْرِيفُ الرُّخْصَةِ، وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِكَوْنِ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ لَيْسَ وُجُوبًا فَالْوَجْهُ فِي كَوْنِهِ عَزِيمَةً أَنَّ الْحُكْمَ تَغَيَّرَ لِعُذْرٍ مَانِعٍ مِنْ الْفِعْلِ، وَشَرْطُ الْعُذْرِ الْمَأْخُوذِ فِي تَعْرِيفِ الرُّخْصَةِ أَنْ لَا يَكُونَ مَانِعًا مِنْ الْفِعْلِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَحَلِّيِّ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَعَنْهُ تَخْفِيفٌ) أَيْ رُخْصَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِالْفِعْلِ وَلَا بِالتَّرْكِ اهـ مِنْ التَّعْلِيقَةِ عَلَى الْحَاوِي (قَوْلُهُ الْمُتَّصِلُ بِالسُّكْرِ) ظَاهِرُهُ حَتَّى الْجُنُونِ الْوَاقِعِ زَمَنَ السُّكْرِ وَأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ بَقَاءُ السُّكْرِ مَعَ الْجُنُونِ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُقَارَنَةَ هِيَ الْمُرَادَةُ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ مَعَ مَا فَاتَهُ فِي زَمَنِ الْجُنُونِ الْمُتَّصِلِ بِالرِّدَّةِ، وَقَوْلُهُ: دُونَ زَمَنِ الْحَيْضِ الْمُتَّصِلِ بِهَا لَكِنْ حِينَئِذٍ لَا مَعْنَى لِلْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ السُّكْرَ مَتَى طَرَأَ عَلَيْهِ الْجُنُونُ انْقَطَعَ، فَلَا جُنُونَ يُقَارِنُ السُّكْرَ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ سَكْرَانًا مُدَّةَ دَوَامِ جُنُونِهِ، بَلْ قَدْ يَنْقَطِعُ السُّكْرُ، فَلَا يَقْضِي مَا بَعْدَ الِانْقِطَاعِ وَيَقْضِي مَا قَبْلَهُ نَافَى ذَلِكَ الظَّاهِرَ، وَكَلَامُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ صَرِيحٌ فِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي حَيْثُ قَالَ مَا مَعْنَاهُ: وَكَأَنْ سَكِرَ بِتَعَدٍّ ثُمَّ جُنَّ بِلَا تَعَدٍّ فَيَقْضِي مُدَّةَ الْجُنُونِ الْحَاصِلَةَ فِي مُدَّةِ السُّكْرِ بِتَعَدٍّ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ سَكِرَ بِتَعَدٍّ ثُمَّ جُنَّ بِلَا تَعَدٍّ قَضَى مُدَّةَ السُّكْرِ لَا مُدَّةَ جُنُونِهِ بَعْدَهَا بِخِلَافِ مُدَّةِ جُنُونِ الْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّ مَنْ جُنَّ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ الْفَرْقِ وَقَدْ اسْتَظْهَرَ الْمُحَشِّي هُنَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي مُدَّةَ الْجُنُونِ الْمُقَارِنِ لِلسُّكْرِ، وَلَا أَدْرِي أَهُوَ مَعَ اطِّلَاعٍ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَمْ لَا وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ.

(فَرْعٌ) مَنْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ قَضَى أَيَّامَ الْجُنُونِ مَعَ مَا قَبْلَهَا أَوْ سَكِرَ ثُمَّ جُنَّ قَضَى مِنْهَا أَيْ مِنْ الْأَيَّامِ مُدَّةَ السُّكْرِ أَيْ الْمُدَّةَ الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا السُّكْرُ لَا مُدَّةَ جُنُونِهِ بَعْدهَا بِهِ، وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي قَضَاءِ مُدَّةِ مُقَارَنَةِ الْجُنُونِ لِلسُّكْرِ فَتَدَبَّرْ. ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّي صَرَّحَ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ بِقَضَاءِ مُدَّةِ الْجُنُونِ الْوَاقِعَةِ فِي مُدَّةِ السُّكْرِ مُوَضِّحًا بِذَلِكَ عِبَارَةَ الشَّرْحِ هُنَاكَ، وَفِي التَّعْلِيقِ عَلَى الْحَاوِي وَيَقْضِي السَّكْرَانُ زَمَنَ الْجُنُونِ الْوَاقِعِ فِي السُّكْرِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَكَذَا قَالَ النَّاشِرِيُّ فِي إيضَاحِ الْفَتَاوَى عَلَى الْحَاوِي اهـ وَمِثْلُهُ فِي الرَّوْضَةِ

(قَوْلُهُ تَرْكِ الصَّلَاةِ) ، وَلَوْ قَضَاءَ مَا فَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ بَعْدَ التَّمْيِيزِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ سَبْعِ سِنِينَ) أَيْ بَعْدَ كَمَالِهَا وَقَوْلُهُ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَلَوْ فِي أَوَانِ الْعَاشِرَةِ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ وَفَرِّقُوا) أَيْ وُجُوبًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ إلَخْ) الْمُرَادُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ مَنْعُهُمْ مِنْ النَّوْمِ عُرَاةً مُتَلَاصِقِينَ اهـ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ الْبُلُوغِ)

ص: 257

يَصِيرَ الطِّفْلُ بِحَيْثُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَسْتَنْجِي وَحْدَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالْأَمْرُ وَالضَّرْبُ وَاجِبٌ عَلَى الْوَلِيِّ أَبًا كَانَ أَوْ جَدًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِي مَعْنَاهُ الْمُلْتَقِطُ وَمَالِكُ الرَّقِيقِ وَكَذَا الْمُودِعُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَنَحْوُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ، قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى مُجَرَّدِ الْأَمْرِ، بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ التَّهْدِيدِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَيَجِبُ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ تَعْلِيمُ أَوْلَادِهِمْ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ وَالشَّرَائِعَ وَأُجْرَةَ تَعْلِيمِ الْفَرَائِضِ

ــ

[حاشية العبادي]

التَّمْيِيزِ وَالسَّبْعِ فَلَا بُدَّ مِنْ السَّبْعِ وَإِنْ وُجِدَ التَّمْيِيزُ قَبْلَهَا

قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ حَكَى مَعَهُ وَجْهًا أَنَّهُ يَكْفِي التَّمْيِيزُ وَحْدَهُ كَمَا فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْإِقْلِيدِ اهـ (قَوْلُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ) اُنْظُرْ لِمَ نَقَلَهُ عَنْ النَّوَوِيِّ مَعَ أَنَّهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

هُوَ مُؤَيِّدٌ لِكَوْنِ الضَّرْبِ فِي أَوَّلِ الْعَاشِرَةِ؛ لِأَنَّ الْبُلُوغَ بِالتَّاسِعَةِ (قَوْلُهُ وَالضَّرْبُ وَاجِبٌ إلَخْ) أَيْ لِأَجْلِ تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ الشَّرَائِعِ مَا عَدَا السُّنَنَ عِنْدَ م ر وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ إلَخْ) أَتَى بِهِ بَعْدَ مَا مَرَّ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا وِلَايَةٌ خَاصَّةٌ لِشُمُولِهَا لِلْأُمَّهَاتِ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْآبَاءِ وَأَنَّ أَوْ فِي الْأَوَّلِ بِمَعْنَى الْوَاوِ فَيُفِيدُ طَلَبَهُ مِنْ الْأُمَّهَاتِ وَإِنْ عَلَوْنَ مَعَ وُجُودِ الْآبَاءِ وَإِنْ قَرُبُوا، وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ وَبَعْدَهُمْ الزَّوْجُ لَكِنْ فِي الْأَمْرِ لَا الضَّرْبِ؛ لِأَنَّ لَهُ الضَّرْبَ لِحَقِّ نَفْسِهِ لَا لِحَقِّ اللَّهِ ثُمَّ الْوَصِيُّ أَوْ الْقَيِّمُ ثُمَّ الْمُلْتَقِطُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَالْوَدِيعُ ثُمَّ الْمُسْلِمُونَ وَلِغَيْرِ الزَّوْجِ الضَّرْبُ، وَالْفَقِيهُ فِي الْمُتَعَلِّمِ كَالزَّوْجِ فَلَهُ الْأَمْرُ لَا الضَّرْبُ إلَّا مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهُ التَّأْدِيبَ فَإِنْ وَكَّلَهُ الْوَلِيُّ قَامَ مَقَامَهُ، وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَجَبَ عَلَيْهِ النَّهْيُ عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَلَوْ صَغَائِرَ، وَإِذَا بَلَغَ رَشِيدًا سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْ الْأَوْلِيَاءِ، وَإِلَّا اسْتَمَرَّ وَأُجْرَةُ تَعْلِيمِهِ، وَلَوْ لِمَنْدُوبٍ فِي مَالِهِ ثُمَّ عَلَى الْأَبِ ثُمَّ الْأُمِّ.

وَيَجِبُ تَعْلِيمُهُمْ مَا يَضْطَرُّونَ إلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي يَكْفُرُ جَاحِدُهَا وَمِنْهَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَبْيَضُ وَلَدٍ بِمَكَّةَ وَبُعِثَ بِهَا وَهَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ وَمَاتَ بِهَا وَدُفِنَ فِيهَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالطَّلَبُ مِنْ الْأُمَّهَاتِ مَعَ وُجُودِ الْآبَاءِ مَنَعَهُ م ر نَعَمْ يَجُوزُ لَهَا مَعَ وُجُودِهِ الْأَمْرُ وَالضَّرْبُ قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِعِبَارَةِ الرَّوْضَةِ وَقَالَ عَلَى التُّحْفَةِ قَالَ م ر إنَّ مَا ذُكِرَ لَمْ يَتَمَحَّضْ لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ بَلْ يُرَاعِي بَعْضَ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ الشَّامِلَةِ لِنَحْوِ الْوَدِيعِ وَالْمُسْتَعِيرِ. اهـ. وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ الَّذِي قَالَهُ السُّبْكِيُّ الْوُجُوبُ عَلَى الْأُمِّ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وِلَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلِذَا وَجَبَ عَلَى الْأَجَانِبِ أَيْضًا عَلَى مَا لِلزَّرْكَشِيِّ وَإِنَّمَا خَصُّوا الْأَبَوَيْنِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَخَصُّ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَجَانِبِ وَنَظِيرُهُ تَجْهِيزُ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ مُتَوَجِّهٌ إلَى الْأَقَارِبِ ابْتِدَاءً وَإِنْ عَمَّ الْغَرَضُ غَيْرَهُمْ،.

وَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ عَلَى الْأَبِ فَإِنْ فُقِدَ فَعَلَى الْأُمِّ وَالْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ أَوْ الْمُلْتَقِطِ أَوْ السَّيِّدِ أَوْ الْوَدِيعِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ نَحْوِهِمْ كَالْأَبَوَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ آبَاءٌ فَعَلَى الْأَوْلِيَاءِ أَيْ الْأَقَارِبِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، وَإِنْ لَمْ يَلِ النِّكَاحَ بِدَلِيلِ الْوُجُوبِ عَلَى أَبِي الْأُمِّ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَعَلَى الْإِمَامِ فَإِنْ اشْتَغَلَ عَنْهُمْ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَيُتَوَجَّهُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِحَالِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْإِمَامِ مَا يَشْمَلُ نَحْوَ الْقَاضِي، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَمْرُ وَالضَّرْبُ مَعَ وُجُودِ أَبٍ عُلِمَ مِنْهُ تَرْكُ ذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِالْمُسْلِمِينَ صُلَحَاءُ تِلْكَ الْقَرْيَةِ الَّتِي هُوَ بِهَا دُونَ غَيْرِهِمْ، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْعُدُولِ، وَالزَّوْجُ فِي زَوْجَتِهِ بَعْدَ الْأَبَوَيْنِ وَقَبْلَ الْأَقَارِبِ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ ذُكِرَ التَّعْلِيمُ وَالضَّرْبُ لَكِنْ إنْ خَشِيَ الزَّوْجُ مَفْسَدَةً كَنُشُوزٍ سَقَطَ عَنْهُ الْوُجُوبُ، وَمَحَلُّ تَأَخُّرِهِ عَنْ كِلَا الْأَبَوَيْنِ فِي الصَّغِيرَةِ أَمَّا الْكَبِيرَةُ فَوِلَايَتُهَا لِلزَّوْجِ وَإِنْ شَارَكَهُ الْأَبُ فِي السَّفِيهَةِ اهـ رحمه الله وَخَالَفَهُ م ر فِي ضَرْبِ الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى مُجَرَّدِ الْأَمْرِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُفِدْ (قَوْلُهُ، بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ التَّهْدِيدِ) أَيْ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إلَخْ، وَإِنَّمَا يُعَبَّرُ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ إذَا أَتَى النَّوَوِيُّ بِعِبَارَةٍ مِنْ عِنْدِهِ فَإِنْ أَبْقَى عِبَارَةَ الرَّافِعِيِّ قِيلَ: وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَلْتَكُنْ الْعِبَارَةُ هُنَا لِلنَّوَوِيِّ قَالَ الشَّرْحُ قَالَ النَّوَوِيُّ فَحَرِّرْ ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْأُمَّهَاتِ) ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةُ تَأْدِيبٍ لَا وِلَايَةُ مَالٍ، وَإِلَّا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْأُمِّ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَجَانِبِ مَعَ وُجُودِ مَنْ ذُكِرَ اهـ ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ قَالَ ع ش وَكَالْأُمِّ فِيمَا ذُكِرَ كَبِيرُ الْإِخْوَةِ وَبَقِيَّةُ الْعَصَبَةِ حَيْثُ لَا وِصَايَةَ لَهُمْ. اهـ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَالشَّرَائِعَ) أَيْ الظَّوَاهِرَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا مِنْ الشَّرَائِعِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ أَنَّ الْأَبَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُ سَائِرِ الشَّرَائِعِ فَكَيْفَ يَجِبُ أَنْ يُعَلِّمَهَا وَلَدَهُ أَفَادَهُ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَعِبَارَةُ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ الْمُرَادُ بِالشَّرَائِعِ مَا كَانَ فِي مَعْنَى الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ كَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَضْرُوبُ عَلَى تَرْكِهِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ (قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ تَعْلِيمِ الْفَرَائِضِ إلَخْ) وَالْمُتَعَاطِي

ص: 258

فِي مَالِ الطِّفْلِ ثُمَّ الْأَبِ ثُمَّ الْأُمِّ وَفِي جَوَازِ إعْطَاءِ أُجْرَةِ مَا لَا يَجِبُ مِنْ قُرْآنٍ وَأَدَبٍ مِنْ مَالِهِ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ.

نَعَمْ وَوُجِّهَ بِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَمِرُّ مَعَهُ وَيَنْتَفِعُ بِهِ بِخِلَافِ حَجِّهِ

(وَاكْرَهْ) أَنْت (كُلَّ مَا) أَيْ كُلَّ صَلَاةٍ (لَا سَبَبَا لَهَا) مُتَقَدِّمٌ أَوْ مُقَارِنٌ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ الْآتِيَةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا سَبَبٌ كَنَقْلٍ مُطْلَقٍ، أَوْ لَهَا سَبَبٌ مُتَأَخِّرٌ (كَلِلْإِحْرَامِ) أَيْ كَالصَّلَاةِ لِلْإِحْرَامِ وَالصَّلَاةِ لِلِاسْتِخَارَةِ فَإِنَّ سَبَبَهُمَا وَهُوَ الْإِحْرَامُ وَالِاسْتِخَارَةُ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُمَا

(وَ) صَلَاةِ (التَّحِيَّهْ مِنْ) شَخْصٍ (دَاخِلٍ) لِلْمَسْجِدِ (لَا بِسِوَى ذِي النِّيَّهْ) أَيْ نِيَّتِهَا بِأَنْ دَخَلَ بِنِيَّتِهَا فَقَطْ فَتُكْرَهُ كَمَا لَوْ أَخَّرَ الْفَائِتَةَ لِيَقْضِيَهَا فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ قَالَ السُّبْكِيُّ، كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَكْرُوهُ الدُّخُولَ لِغَرَضِ التَّحِيَّةِ، وَتَأْخِيرَ الْفَائِتَةِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَمَّا فِعْلُهَا فِيهِ فَكَيْفَ يَكُونُ مَكْرُوهًا؟ وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا بِأَنْ فَاتَتْهُ عَمْدًا، بَلْ الْعَصْرُ الْمُؤَدَّاةُ تَأْخِيرُهَا لِتُفْعَلَ وَقْتَ الِاصْفِرَارِ مَكْرُوهٌ وَلَا نَقُولُ بَعْدَ التَّأْخِيرِ: إنَّ إيقَاعَهَا فِيهِ مَكْرُوهٌ بَلْ وَاجِبٌ.

وَأَقُولُ: بَلْ فِعْلُ كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ مَكْرُوهٌ أَيْضًا لِلْأَخْبَارِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَصَلَاةِ التَّحِيَّةِ) فِي التَّمْثِيلِ بِهِ لِمَا لَا سَبَبَ لَهُ مُتَقَدِّمٌ أَوْ مُقَارِنٌ نَظَرٌ لِأَنَّ سَبَبَهُ مُتَقَدِّمٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ وَأَنَّهُ مُسْتَثْنًى (قَوْلُهُ وَقْتَ الِاصْفِرَارِ مَكْرُوهٌ) أَيْ تَنْزِيهًا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ عَدَمُ الِاصْفِرَارِ وَقْتُ كَرَاهَةٍ وَمُقَابَلَتُهُمْ لَهُ بِوَقْتِ الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ فِعْلُ كُلٍّ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمَذْكُورَاتِ فِي كَرَاهَةِ نَفْسِ الْفِعْلِ فِيمَا ذُكِرَ وَفِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى كَرَاهَتِهَا بِالنَّهْيِ عَنْ التَّحَرِّي الْمَحْمُولِ عِنْدَهُمْ عَلَى الْحُرْمَةِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِانْعِقَادِ الْمُؤَدَّاةِ دُونَ التَّحِيَّةِ وَالْفَائِتَةِ ثُبُوتُ الْإِثْمِ فِي فِعْلِ الْمُؤَدَّاةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّهُ؛ قَصَدَ مُرَاغَمَةَ الشَّرْعِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ عَدُّهُمْ وَقْتَ الِاصْفِرَارِ وَقْتَ كَرَاهَةِ تَنْزِيهٍ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّأْخِيرَ إلَيْهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَكْرُوهًا كَمَا هُوَ فَرْضُ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. فَإِنَّ حُرْمَةَ نَفْسِ فِعْلِ الْمُؤَدَّاةِ بَعْدَ تَأْخِيرِهَا يَقْتَضِي طَلَبَ تَرْكِهَا وَإِخْلَاءَ الْوَقْتِ عَنْهَا وَلَعَلَّهُ لَا يُمْكِنُ الْتِزَامُهُ فَلَعَلَّ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِتَعْلِيمِهِ مَنْ هُوَ فِي حَضَانَتِهِ إنْ كَانَ أُنْثَى، وَإِلَّا لَزِمَ الْأَبَ؛ لِأَنَّهُ يُقِيمُ عِنْدَهُ نَهَارًا أَوْ هَذَا إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِبَذْلِ مَالٍ فَإِنْ احْتَاجَهُ تَعَاطَاهُ الْوَالِي مُطْلَقًا إنْ وَجَبَ فِي مَالِ الْوَلَدِ فَإِنْ وَجَبَ فِي مَالِ أَبٍ غَيْرِ وَلِيٍّ فَالْمُتَّجَهُ صِحَّةُ الِاسْتِئْجَارِ مِنْهُ، بَلْ وُجُوبُهُ وَكَذَا الْأُمُّ إذَا وَجَبَ فِي مَالِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وِلَايَةُ التَّمْلِيكِ اهـ. شَرْحُ عُبَابٍ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ وَاكْرَهْ إلَخْ) أَيْ تَحْرِيمًا عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ تَنْزِيهًا فَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَحَرِّيَهَا وَإِنْ نَسِيَ الْوَقْتَ لَمْ تَنْعَقِدْ عَلَيْهِمَا وَحَرُمَ، وَالْحُرْمَةُ عَلَى التَّحْرِيمِ ذَاتِيَّةٌ وَعَلَى التَّنْزِيهِ لِلتَّلَبُّسِ بِالْعِبَادَةِ الْفَاسِدَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ عَلَى الثَّانِي تَنْعَقِدُ وَبِهِ قَطَعَ أَبُو عَلِيٍّ الْبَنْدَنِيجِيُّ قِيلَ: إنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ مَعَ فَسَادِهَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ الْفَاسِدَةَ حَرَامٌ وَأَجَابَ م ر بِأَنَّ الْإِبَاحَةَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا لَا تُنَافِي حُرْمَةَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ عَلَى أَنَّهُ لَا بُعْدَ فِي إبَاحَةِ الْإِقْدَامِ عَلَى مَا لَا يَنْعَقِدُ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ فِيهِ لِلتَّنْزِيهِ اهـ. وَالْأَوَّلُ غَيْرُ ظَاهِرٍ، إذْ الْإِبَاحَةُ حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ نَهْيَ التَّنْزِيهِ فِي ذَاتِهِ لَا يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ كَمَا فِي غَيْرِ مَا نَحْنُ فِيهِ لَكِنْ لَمَّا رَجَعَ هُنَا لِذَاتِ الْعِبَادَةِ وَاقْتَضَى فَسَادَهَا حَرُمَ الْإِقْدَامُ إلَّا أَنَّهُ لِخَارِجٍ عَنْ نَفْسِ النَّهْيِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَاكْرَهْ إلَخْ) اخْتَلَفَ تَرْجِيحُ النَّوَوِيِّ فِي أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ أَوْ تَنْزِيهٍ فَرَجَّحَ الْأَوَّلَ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِ الْوَسِيطِ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَرَجَّحَ الثَّانِيَ فِي التَّحْقِيقِ وَدَقَائِقِ الرَّوْضَةِ وَفِي الْكَلَامِ عَنْ الْمُشْمِسِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَذَكَرَ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ؛ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ مُطْلَقِ الْأَمْرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ وَالْحَرَامِ أَنَّ الْأُولَى مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ وَالثَّانِيَ ثَبَتَ بِدَلِيلٍ لَا يَحْتَمِلُهُ وَأَجَابَ وَالِدُ م ر بِأَنَّ الْأُولَى مَا ثَبَتَ فِيهَا خِلَافٌ دُونَ الثَّانِي وَحِينَئِذٍ فَكَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ مَا لَا يَدُلُّ دَلِيلُهَا عَلَى تَحْرِيمٍ قَطْعًا أَوْ مَا لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا قَوْلٌ بِالتَّحْرِيمِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَاكْرَهْ إلَخْ) وَإِلَّا قُدِّمَ عَلَيْهَا حَرَامٌ وَإِنْ كَانَتْ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ لَكِنَّ الْحُرْمَةَ لَيْسَتْ مِنْ النَّهْيِ، بَلْ لِفَسَادِهَا لِرُجُوعِ النَّهْيِ إلَى ذَاتِهَا فَيُمْنَعُ مِنْ الصِّحَّةِ سَوَاءٌ كَانَ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ التَّنْزِيهِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ أَنَّ النَّوَوِيَّ غَلِطَ هَاهُنَا وَأَوْقَعَهُ مُتَابَعَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ

(قَوْلُهُ بِأَنْ دَخَلَ بِنِيَّتِهِمَا فَقَطْ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا تَنْعَقِدُ سَوَاءٌ دَخَلَ بِنِيَّتِهَا وَحْدَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا أَيْ زي اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) سَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ كَمَا فِي النَّاشِرِيِّ (قَوْلُهُ، بَلْ الْعَصْرُ إلَخْ) انْتِقَالٌ مِنْ كَرَاهَةِ تَأْخِيرِ الْفَائِتَةِ إلَى كَرَاهَةِ تَأْخِيرِ الْمُؤَدَّاةِ (قَوْلُهُ كَخَبَرِ لَا تَحَرَّوْا إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ بِالذَّاتِ هُوَ إيقَاعُهَا فِيهِ حَجَرٌ، إذْ لَوْ كَانَ هُوَ التَّأْخِيرُ لَكَانَ فِعْلُ النَّافِلَةِ حِينَ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ جَائِزًا، وَإِنْ حَرُمَ التَّأْخِيرُ وَلَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُؤَدَّاةَ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّهَا مُكْرَهَةٌ حَقِيقَةً وَتَنْعَقِدُ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْفِعْلِ لَا يَتَنَاوَلُ جُزْئِيَّاتِهِ الْمُكْرَهَةَ، وَقَالَ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ تَفْرِيعًا عَلَى التَّنْزِيهِ فَتَكُونُ مَعَ جَوَازِهَا فَاسِدَةً وَهَلْ يَكْفِي كَوْنُ الْوَقْتِ لَهَا فِي الْفَرْقِ؟ اهـ أَقُولُ هُوَ كَافٍ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ حَيْثُ جَعَلَ الْوَقْتَ مِنْ أَوَّلِهِ لِآخِرِهِ وَقْتًا لَهَا عُلِمَ أَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ لِذَاتِ الْفِعْلِ فِي الْوَقْتِ، بَلْ لِلتَّأْخِيرِ فَقَطْ، فَلَا يَكُونُ لِذَاتِ الْعِبَادَةِ وَلَا لَازِمِهَا فَالْمُرَادُ بِالْفِعْلِ الْمَكْرُوهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ

ص: 259

الصَّحِيحَةِ كَخَبَرِ «لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا» لَكِنَّ الْمُؤَدَّاةَ مُنْعَقِدَةٌ لِوُقُوفِهَا فِي وَقْتِهَا بِخِلَافِ التَّحِيَّةِ وَالْفَائِتَةِ الْمَذْكُورَتَيْنِ، وَكَوْنُهَا قَدْ تَجِبُ لَا يَقْتَضِي صِحَّتَهَا فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّأْخِيرِ إلَى ذَلِكَ مُرَاغِمٌ لِلشَّرْعِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ وَلِأَنَّ الْمَانِعَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُقْتَضِي عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا، وَأَمَّا مُدَاوَمَتُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ كَمَا سَيَأْتِي فَمِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَمَّا الدَّاخِلُ سِوَى نِيَّةِ التَّحِيَّةِ بِأَنْ دَخَلَ بِنِيَّةِ غَيْرِهَا كَاعْتِكَافٍ أَوْ بِنِيَّتِهِمَا أَوْ لَا بِنِيَّةِ شَيْءٍ، فَلَا تُكْرَهُ لَهُ، بَلْ تُسَنُّ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» وَخَرَجَ بِمَا لَا سَبَبَ لَهَا عَلَى مَا تَقَرَّرَ مَا لَهَا سَبَبٌ مُتَقَدِّمٌ فَائِتَةٌ وَلَوْ نَافِلَةً اتَّخَذَهَا وِرْدًا وَكَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ أَوْ مُقَارِنٌ كَفَرِيضَةٍ مُعَادَةٍ فِي جَمَاعَةٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ، فَلَا تُكْرَهُ أَمَّا الْفَائِتَةُ فَلِخَبَرِ فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ: هُمَا اللَّتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ» وَفِي مُسْلِمٍ «لَمْ يَزَلْ يُصَلِّيهِمَا حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا» .

وَأَمَّا غَيْرُ الْفَائِتَةِ مِمَّا ذُكِرَ فَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهَا وَمَسْأَلَةُ التَّحِيَّةِ زَادَهَا النَّاظِمُ، وَسَبَبُهَا وَهُوَ الدُّخُولُ مُتَقَدِّمٌ فَهِيَ عِنْدَ دُخُولِهِ بِنِيَّتِهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا لَهُ سَبَبٌ مُتَقَدِّمٌ كَالْفَائِتَةِ الَّتِي تَحَرَّى تَأْخِيرَهَا لِذَلِكَ الْوَقْتِ

(وَالْحَرَمُ الْمَكِّيُّ) الْمَسْجِدُ وَغَيْرُهُ أَيْ إيقَاعُ الصَّلَاةِ فِيهِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحُكْمِ بِالْكَرَاهَةِ (اُسْتُثْنِيَا) لِخَبَرِ «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ فَضْلِ الصَّلَاةِ، فَلَا يُكْرَهُ بِحَالٍ نَعَمْ هُوَ خِلَافُ الْأُولَى

ــ

[حاشية العبادي]

الَّذِي يَنْبَغِي عَدَمُ حُرْمَةِ نَفْسِ الْفِعْلِ، وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْ التَّحَرِّي عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَأَتَى بِهَا لَا بِنَاءً عَلَى التَّحَرِّي، بَلْ لِدَاعِي طَلَبِهَا فَالْوَجْهُ انْتِفَاءُ الْحُرْمَةِ عَنْ نَفْسِ الْفِعْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ بِنِيَّتِهِمَا) قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ اجْتِمَاعِ الْمُقْتَضِي وَالْمَانِعِ مَعَ أَنَّ الْمَانِعَ يُقَدَّمُ فَكَيْفَ صَحَّتْ وَهُوَ مُنْدَفِعٌ بِأَنَّ الْمَانِعَ الدُّخُولُ بِقَصْدِهَا فَقَطْ فَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا مِنْ قَبِيلِ وُجُودِ الْمُقْتَضِي فَقَطْ

(قَوْلُهُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْخِيرِ وَقِسْمَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ لَا لِلْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ ح ج (قَوْلُهُ مُعَادَةٍ فِي جَمَاعَةٍ) هَلْ السَّبَبُ الْجَمَاعَةُ (قَوْلُهُ وَكُسُوفٍ) سَبَبُهُ الْكُسُوفُ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُقَارَنَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى هَذَا قَدْ يَتَقَدَّمُ (قَوْلُهُ أَمَّا الْفَائِتَةُ) فَلِخَبَرِ «فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» فِي هَذَا الدَّلِيلِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ، وَقَدْ عَارَضَهُ خَاصٌّ، وَهُوَ حَدِيثُ النَّهْيِ سَلَّمْنَا أَنَّ حَدِيثَ النَّهْيِ أَيْضًا عَامٌّ فِي ذَلِكَ السَّبَبِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ عَارَضَهُ هَذَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُ السَّبَبِ لَكِنْ لِمَاذَا قَدَّمَ تَخْصِيصُ هَذَا الْحَدِيثِ النَّهْيَ دُونَ عَكْسِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ رُجِّحَ لَمَّا دَخَلَ حَدِيثُ النَّهْيِ مِنْ التَّخْصِيصِ بِحَدِيثِ الرَّكْعَتَيْنِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَى فِعْلِ الْجِنَازَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ بِرّ (قَوْلُهُ مُتَقَدِّمٌ) إطْلَاقُ تَقَدُّمِهِ إنَّمَا يَظْهَرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّقَدُّمَ وَغَيْرَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ مَعَ أَنَّ تَمْثِيلَهُ لِلْمُقَارَنَةِ بِنَحْوِ الْكُسُوفِ إنَّمَا يَظْهَرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَقْتِ فَفِي كَلَامِهِ اضْطِرَابٌ

(قَوْلُهُ لِخَبَرِ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ إلَخْ) إذَا حَقَّقْت النَّظَرَ فِيهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِالنِّسْبَةِ لِلْمُؤَدَّاةِ التَّأْخِيرُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ) وَكَانَ قَدْ اشْتَغَلَ عَنْهُمَا بِقُدُومِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَلَمْ يُوَاظِبْ عَلَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ أَخَّرَهُمَا بِعُذْرِ النَّوْمِ. اهـ. بَابِلِيٌّ (قَوْلُهُ فَمِنْ خَصَائِصِهِ) أَيْ خُصَّ بِإِبَاحَةِ ذَلِكَ لَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَوْ بِنَدْبِهِ لَهُ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ. اهـ. تُحْفَةٌ (قَوْلُهُ، فَلَا يَجْلِسُ وَإِنْ طَالَ وُقُوفُهُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجُلُوسَ مَانِعٌ، وَلَوْ لِلْوُضُوءِ (قَوْلُهُ مُتَقَدِّمٌ أَوْ مُقَارِنٌ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِوَقْتِ الْكَرَاهَةِ، فَقَدْ يَكُونُ مُتَقَدِّمًا وَقَدْ يَكُونُ مُتَأَخِّرًا وَقَدْ يَكُونُ مُقَارِنًا. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ، وَلَوْ نَافِلَةً اتَّخَذَهَا إلَخْ) فَإِنَّهُ يُسَنُّ قَضَاؤُهَا اهـ (قَوْلُهُ وَكَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ) أَيْ لَمْ يَقْرَأْ آيَتَيْهِمَا لِيَسْجُدَ. اهـ. م ر وَفِي ق ل عَلَى قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ وَسَجْدَةِ شُكْرٍ خَرَّجَ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ وَإِنْ قَرَأَ بِقَصْدِهَا، فَلَا تُسَنُّ وَتَنْعَقِدُ اهـ فَحَرِّرْ (قَوْلُهُ أَوْ مُقَارِنٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ لَا سَبَبٌ، وَالسَّبَبُ قَصْدُ تَحْصِيلِ الثَّوَابِ وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ، وَجَعْلُ الْكُسُوفِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُقَارِنِ وَإِنْ كَانَا مِنْ الَّذِي تَقَدَّمَ ابْتِدَاءً سَبَبُهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الصَّلَاةَ إنَّمَا هِيَ لِهَذَا الْمَوْجُودِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ زَالَ امْتَنَعَتْ، وَأَمَّا الْمَطْلُوبُ بَعْدَ السُّقْيَا فَإِنَّمَا هُوَ لِلشُّكْرِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر وَقَوْلُهُ بِدَلِيلِ إلَخْ يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ زَالَ حِينَ التَّحَرُّمِ بِهَا امْتَنَعَتْ، إذْ لَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْكُسُوفِ بِالِانْجِلَاءِ (قَوْلُهُ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ) أَيْ وَإِنْ تَحَرَّى فِعْلَهُمَا وَقْتَ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَاحِبَةُ وَقْتٍ، كَسُنَّةِ الْعَصْرِ لَوْ تَحَرَّى تَأْخِيرَهَا عَنْهَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا) الصَّارِفُ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ الْوُجُوبِ فَوْرًا حَدِيثُ الْوَادِي وَفِي كَوْنِهِ صَارِفًا بِحَيْثُ يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ. اهـ. عَمِيرَةُ سم

(قَوْلُهُ وَصَلَّى)

أَيْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَمَا هُوَ مُفَادُ تَأْخِيرِهِ عَنْ الْبَيْتِ اهـ (قَوْلُهُ أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ) يَشْمَلُ الصَّلَاةَ وَقْتَ الْخُطْبَةِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ الْمُتَّجَهَ عَدَمُ انْعِقَادِهَا فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ وَلِمَا فِيهِ إلَخْ) يَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ فَضْلِ الصَّلَاةِ بِالْحَرَمِ، وَلَوْ غَيْرَ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ فَضْلٌ مَخْصُوصٌ وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ (قَوْلُهُ نَعَمْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى) وَلَا يُنَافِي انْعِقَادُهَا حِينَئِذٍ عَدَمَ انْعِقَادِ

ص: 260

كَمَا فِي مُقْنِعِ الْمَحَامِلِيِّ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَخَرَجَ بِالْمَكِّيِّ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي الْحَرَمُ الْمَدَنِيُّ، فَلَا تُسْتَثْنَى الصَّلَاةُ فِيهِ.

(وَبَطَلَتْ) أَيْ الصَّلَاةُ الَّتِي تُكْرَهُ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ إذَا أَحْرَمَ بِهَا فِيهَا أَيْ لَا تَنْعَقِدُ كَصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ فَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّي فِيهَا لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ (لَا كَمَكَانِ نُهِيَا عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ) ، فَلَا تَبْطُلُ بِإِيقَاعِهَا فِيهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ تَعَلُّقَهَا بِالْوَقْتِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِالْمَكَانِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ دُونَ أَمْكِنَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَكَانَ الْخَلَلُ فِي الْوَقْتِ أَعْظَمَ، وَسَوَاءٌ كَانَ النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ كَمَا فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ أَمْ لِلتَّنْزِيهِ كَمَا فِي الْأَمْكِنَةِ السَّبْعَةِ الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ (وَهِيَ الْمَجْزَرَهْ) بِفَتْحِ الزَّايِ: مَوْضِعُ جَزْرِ الْحَيَوَانِ أَيْ ذَبْحِهِ (وَالطُّرُقُ) بِإِسْكَانِ الرَّاءِ مُخَفَّفًا مِنْ ضَمِّهَا أَيْ فِي الْبُنْيَانِ دُونَ الْبَرِّيَّةِ (وَالْوَادِي وَمِنْهُ الْمَقْبَرَهْ) بِتَثْلِيثِ حَرَكَةِ الْبَاءِ أَيْ وَمِنْ مَكَانِ النَّهْيِ مَقْبَرَةٌ (مَا نُبِشَتْ وَعَطَنٌ) لِلْإِبِلِ أَيْ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُنَحَّى إلَيْهِ الْإِبِلُ الشَّارِبَةُ لِيَشْرَبَ غَيْرُهَا كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ، أَوْ لِتَشْرَبَ هِيَ عَلَلًا بَعْدَ نَهْلٍ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ (وَمَزْبَلَهْ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا: مَوْضِعُ الزِّبْلِ (وَدَاخِلُ الْحَمَّامِ بِالْمَسْلَخِ لَهْ) أَيْ مَعَ مَسْلَخِهِ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَذْكُورَاتِ خَلَا الْوَادِي» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا» وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ «رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

ــ

[حاشية العبادي]

تَجِدُ فِيهِ عُمُومًا وَخُصُوصًا وَكَذَا مُعَارَضَةً أَعْنِي حَدِيثَ النَّهْيِ فِيهِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى مَا بِهِ يُرَجَّحُ تَخْصِيصُ هَذَا بِحَدِيثِ النَّهْيِ دُونَ عَكْسِهِ بِرّ أَقُولُ: يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِمَا أَجَابَ بِهِ فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى

(قَوْلُهُ إذَا أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَهَا) ثُمَّ دَخَلَتْ، وَهُوَ فِيهَا لَمْ تَبْطُلْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَتَحَرَّ بَعْضَهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي الْبُطْلَانُ قَالَ الرُّويَانِيُّ، وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي وَقْتِ جَوَازِ الصَّلَاةِ ثُمَّ سَجَدَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لَمْ يَجُزْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَحَرَّى السُّجُودَ فِيهِ وَإِلَّا فَهُوَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِمَّا إذَا قَرَأَهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (تَنْبِيهٌ) هَلْ يَجِبُ تَخْفِيفُ ذَاتِ السَّبَبِ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ حَالَ الْخُطْبَةِ أَوْ يُفَرَّقُ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَظْهَرُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: مَقْبَرَةٌ مَا إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ مَا نُبِشَتْ صِفَةُ الْمَقْبَرَةِ بِجَعْلِ أَلْ جِنْسِيَّةً (قَوْلُهُ وَمَزْبَلَةٌ) وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ؛ لِأَنَّهُ؛ خِلَافُ الْأَدَبِ ح ج (قَوْلُهُ وَدَاخِلَ الْحَمَّامِ) عِلَّةُ ذَلِكَ كَوْنُهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ مِنْ حَيْثُ انْكِشَافُ الْعَوْرَاتِ فِيهِ وَقِيلَ عِلَّتُهُ النَّجَاسَةُ فَيَخْرُجُ الْمَسْلَخُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ انْتِفَاءُ الْكَرَاهَةِ فِي الْجَدِيدِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّتَيْنِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ يَصِيرُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ بِخِلَافِ الْخَلَاءِ الْجَدِيدِ حَيْثُ يُطْلَبُ فِيهِ تَقْدِيمُ الْيَسَارِ دُخُولًا وَالْيَمِينِ خُرُوجًا لِثُبُوتِ الدَّنَاءَةِ لَهُ بِمُجَرَّدِ إعْدَادِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَلِهَذَا نُدِبَ تَقْدِيمُ الْيَسَارِ عِنْدَ إرَادَةِ الْجُلُوسِ فِي الصَّحْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ صَارَ دَنِيئًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. (قَوْلُهُ: مَعَ مَسْلَخَةٍ) وَمَعَ سَطْحِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِ الزُّبَدِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلتَّنْزِيهِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْكَرَاهَةِ الشَّدِيدَةِ الَّتِي بِنَهْيٍ خَاصٍّ وَالْخَفِيفَةِ الَّتِي هِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى فَإِنَّ نَهْيَهَا الْعَامَّ لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا. اهـ. جَوْهَرِيٌّ بِهَامِشٍ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ فَانْدَفَعَ مَا فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَالِكٍ إلَخْ) لَا يُقَالُ هُوَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ قَوْلُهُ وَصَلَّى صَرِيحًا فِي إرَادَةِ مَا يَشْمَلُ غَيْرَ سُنَّةِ الطَّوَافِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِيهِ نَعَمْ فِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ «لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا صَلَّى مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الطَّوَافِ» وَبِهَا يَضْعُفُ الْخِلَافُ. اهـ. حَجَرٌ وَحِينَئِذٍ فَلِمَ كَانَ الْفِعْلُ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَلِذَا نَظَرَ فِيهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ وَبَطَلَتْ) ، وَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْكَرَاهَةَ لِلتَّنْزِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا مَضَى وَمَا يَأْتِي غَيْرُهَا كَوَقْتِ إقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَبَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَبَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَوَقْتِ صُعُودِ الْخَطِيبِ إلَى الْمِنْبَرِ فَالصَّلَاةُ فِي ذَلِكَ مَكْرُوهَةٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَمُنْعَقِدَةٌ وَأَمَّا الصَّلَاةُ حَالَ الْخُطْبَةِ فَحَرَامٌ وَلَا تَنْعَقِدُ، وَلَوْ فَرْضًا إلَّا رَكْعَتَيْ التَّحِيَّةِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهَا وَقِيلَ تَنْعَقِدُ بَعْدَ مُضِيِّ الْخُطْبَةِ الْأُولَى قَالَ بَعْضُهُمْ وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي سَبْعَةِ أَمَاكِنَ عَلَى الْكَعْبَةِ وَصَخْرَةِ الْقُدْسِ وَطُورِ سَيْنَاءَ وَطُورِ زَيْتَا وَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَعَرَفَاتٍ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَعَلَّ الصِّحَّةَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِعَدَمِ رُجُوعِ النَّهْيِ لِذَاتِ الْعِبَادَةِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ فَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْلَقَ النَّذْرَ فَلَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا. اهـ. نَاشِرِيٌّ عَنْ الرَّوْضَةِ.

(قَوْلُهُ لَا كَمَكَانٍ نُهِيَا) أَيْ، فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ الَّتِي لَا سَبَبَ لَهَا، بَلْ تُكْرَهُ تَحْرِيمًا أَوْ تَنْزِيهًا، لَكِنَّ التَّقْيِيدَ بِمَا لَا سَبَبَ لَهَا الْمَأْخُوذَ مِمَّا مَرَّ مُضِرٌّ هُنَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُنَا عَامٌّ. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي (قَوْلُهُ لِتَوَقُّفِهَا إلَخْ) وَفَرَّقَ أَيْضًا بِأَنَّ الْفِعْلَ يَذْهَبُ مَعَهُ جُزْءٌ مِنْ الزَّمَانِ فَكَانَ النَّهْيُ عَنْهُ عَنْ صَرْفِ ذَلِكَ الْجُزْءِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمَكَانِ فَإِنَّهُ لَا يَذْهَبُ مِنْهُ شَيْءٌ مَعَ الْفِعْلِ وَلَا يَتَأَثَّرُ بِهِ اهـ م ر فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ لِتَوَقُّفِهَا) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ أَيْضًا لِتَوَقُّفِهَا إلَخْ)، وَلِذَا تَبْطُلُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مَكَان مَخْصُوصٍ اهـ شَرْحُ الْحَاوِي (قَوْلُهُ دُونَ الْبَرِّيَّةِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِمُرُورِ النَّاسِ لَا غَلَبَةُ النَّجَاسَةِ فِيهَا وَفِي الرَّوْضَةِ مَا يُفِيدُ جَرَيَانَ قَوْلٍ بِالْكَرَاهَةِ فِي الْبَرِّيَّةِ بِنَاءً عَلَى الثَّانِي اهـ (قَوْلُهُ وَدَاخِلَ الْحَمَّامِ) التَّعْبِيرُ بِدَاخِلَ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى قَوْلِ الْحَاوِي: وَالْحَمَّامُ، وَيَخْرُجُ بِهِ الصَّلَاةُ فَوْقَهُ، فَلَا تُكْرَهُ كَمَا نَقَلَهُ م ر عَنْ وَالِدِهِ فِي شَرْحِ الزُّبَدِ خِلَافًا لِلْمُحَشِّي اهـ (قَوْلُهُ نَهَى عَنْ صَلَاةِ الْمَذْكُورَاتِ) صَرِيحٌ فِي ثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْلَخِ وَقَضِيَّةُ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ مَقِيسٌ عَلَى الْحَمَّامِ إنْ قُلْنَا: الْعِلَّةُ فِيهِ أَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ كَانَ مِثْلَهُ وَإِنْ

ص: 261

أُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ: أُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ قَالَ لَا» وَفِي خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ «صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ» وَأُلْحِقَ بِالْحَمَّامِ مَوَاضِعُ الْخَمْرِ وَالْمَكْسِ وَالْحَانَةِ وَالْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ وَالْحُشُوشِ.

وَالْمَعْنَى فِي الْكَرَاهَةِ فِيهَا أَنَّهَا مَأْوَى الشَّيَاطِينِ وَفِي الْمَجْزَرَةِ وَالْمَقْبَرَةِ وَالْمَزْبَلَةِ نَجَاسَتُهَا فِيمَا يُحَاذِي الْمُصَلِّي، وَفِي الطُّرُقِ اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِمُرُورِ النَّاسِ فِيهَا وَقَطْعِ الْخُشُوعِ وَفِي الْوَادِي خَوْفُ السَّيْلِ السَّالِبِ لِلْخُشُوعِ فَإِنْ لَمْ يُتَوَقَّعْ سَيْلٌ فَتُحْتَمَلُ الْكَرَاهَةُ وَعَدَمُهَا، كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الصَّوَابُ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ اخْتِصَاصِهَا بِالْوَادِي الَّذِي نَامَ فِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ مَعَهُ عَنْ الصُّبْحِ وَقَالَ:«اُخْرُجُوا بِنَا مِنْ هَذَا الْوَادِي فَإِنَّ بِهِ شَيْطَانًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَكَرَاهَةُ الصَّلَاةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيْطَانِ وَفِي عَطَنِ الْإِبِلِ نِفَارُهَا السَّالِبُ لِلْخُشُوعِ وَأُلْحِقَ بِهِ مَأْوَاهَا لَيْلًا لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِيهِ بِخِلَافِ عَطَنِ الْغَنَمِ وَمَرَاحِهَا أَيْ مَأْوَاهَا لَيْلًا، وَالْبَقَرُ كَالْغَنَمِ قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ وَخَرَجَ بِمَا نُبِشَتْ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي مَا إذَا نُبِشَتْ، فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا مَا لَمْ يَحِلَّ طَاهِرٌ، وَالْمَشْكُوكُ فِي نَبْشِهَا كَاَلَّتِي مَا نُبِشَتْ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ: وَتُسْتَثْنَى مَقْبَرَةُ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا أَفْتَى بِهِ الْأَخُ الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَهُمْ، وَأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ.

وَعُرِضَ عَلَى وَالِدِهِ فَصَوَّبَهُ انْتَهَى وَلَا يُشْكِلُ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ؛ لِأَنَّ اتِّخَاذَهَا مَسَاجِدَ أَخَصُّ مِنْ مُجَرَّدِ الصَّلَاةِ فِيهَا، وَالنَّهْيُ عَنْ الْأَخَصِّ لَا يَسْتَلْزِمُ النَّهْيَ عَنْ الْأَعَمِّ. قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَيَحْرُمُ أَنْ يُصَلِّي مُتَوَجِّهًا إلَى قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَيُكْرَهُ إلَى غَيْرِهِ وَمُسْتَقْبِلَ آدَمِيٍّ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَشْغَلُ الْقَلْبَ غَالِبًا وَيُقَاسُ بِمَا قَالَهُ فِي قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم سَائِرُ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ

ثُمَّ بَيَّنَ أَوْقَاتَ النَّهْيِ فَقَالَ (مِنْ بَعْدِ) أَيْ تُكْرَهُ وَتَبْطُلُ كُلُّ صَلَاةٍ لَا سَبَبَ لَهَا بَعْدَ فِعْلِ (فَرْضِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ) أَدَاءً وَلَوْ بِجَمْعِ الْعَصْرِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ (إلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ) فِي الصُّبْحِ (وَحَتَّى تَأْفُلَا) أَيْ وَإِلَى أَنْ تَغْرُبَ فِي الْعَصْرِ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَخَرَجَ بِفَرْضِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ سُنَّتُهُمَا، فَلَا كَرَاهَةَ بَعْدَ فِعْلِهَا

(وَ) تُكْرَهُ وَتَبْطُلُ أَيْضًا (بِالطُّلُوعِ) أَيْ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ (وَ) مَعَ (اسْتِوَاءِ دَارِهَا) بِأَنْ تَصِيرَ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ (لَا يَوْمَ جُمُعَةٍ) لِحَاضِرِهَا وَغَيْرِهِ، فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ مَعَ الِاسْتِوَاءِ (وَبِاصْفِرَارِهَا) أَيْ وَمَعَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَاسْتِثْنَاءُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ وَفِيهِ:«أَنَّ جَهَنَّمَ لَا تُسَجَّرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» أَيْ لَا تُوقَدُ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مُرْسَلًا لِاعْتِضَادِهِ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَحَبَّ التَّبْكِيرَ إلَيْهَا ثُمَّ رَغَّبَ فِي الصَّلَاةِ إلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ وَخَصُّوا الِاسْتِثْنَاءَ بِالِاسْتِوَاءِ دُونَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ الْحَانَةَ) هُوَ بِالْحَاءِ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُبَاعُ فِيهِ الْخَمْرُ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ بِرّ (قَوْلُهُ مَا إذَا نُبِشَتْ) فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا أَيْ وَإِنْ كَانَ فِيهَا أَنْبِيَاءُ وَغَيْرُ أَنْبِيَاءَ لَا كَمَا تُوُهِّمَ أَنَّهَا إذَا اشْتَمَلَتْ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ صَحَّتْ الصَّلَاةُ فِيهَا لِأَنَّ؛ بَرَكَةَ الْأَنْبِيَاءِ تَمْنَعُ ظُهُورَ الصَّدِيدِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقَعُ إلَّا خَرْقًا لِلْعَادَةِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ وُقُوعُهُ. (قَوْلُهُ: مَأْوَاهَا لَيْلًا) أَيْ حَيْثُ لَا نَجَاسَةَ فِيهَا يُحَاذِيهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ؛ اتِّخَاذَهَا أَخَصُّ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ عَدَمُ تَقْيِيدِ النَّهْيِ بِالِاتِّخَاذِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَحَلَّ النَّهْيِ الصَّلَاةُ عَلَى قُبُورِهِمْ أَوْ إلَيْهَا مُسْتَقْبِلًا إيَّاهَا، أَمَّا الصَّلَاةُ بَيْنَهَا لَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَخَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ النَّهْيِ وَبِأَنَّ انْتِفَاءَ الْكَرَاهَةِ مِنْ حَيْثُ النَّجَاسَةُ لَا يُنَافِي النَّهْيَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ مُتَوَجِّهًا إلَى قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم) نَعَمْ تَحْرُمُ بِقَبْرِ وَلِيٍّ أَوْ نَبِيٍّ تَبَرُّكًا أَوْ إعْظَامًا حَجَرٌ (قَوْلُهُ إلَى قَبْرِهِ إلَخْ) ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَبَرُّكًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَمُسْتَقْبِلَ آدَمِيٍّ) هَلْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ بِاسْتِقْبَالِ ظَهْرِهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ يُشْكِلُ مَعَ تَعَدُّدِ صُفُوفِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا كَرَاهَةَ مَعَ أَنَّ كُلَّ صَفٍّ مُسْتَقْبِلُ ظُهُورِ الصَّفِّ الَّذِي أَمَامَهُ إلَّا أَنْ يُغْتَفَرَ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ

(قَوْلُهُ فَلَا كَرَاهَةَ بَعْدَ فِعْلِهَا) أَيْ هَذِهِ الْكَرَاهَةِ الْمَخْصُوصَةِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ فَلَا يُنَافِي مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي مِنْ كَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بَيْنَ سُنَّةِ الصُّبْحِ وَفَرْضِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قُلْنَا: كَثْرَةُ النَّجَاسَةِ فَلَا اهـ (قَوْلُهُ مَوَاضِعَ الْخَمْرِ) وَإِنْ لَمْ يَبِعْ فِيهِ (قَوْلُهُ وَالْمَقْبَرَةِ) أَيْ إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ مُحَاذِيَةً لَهُ أَوْ قَرِيبَةً مِنْهُ عُرْفًا فَلَوْ صَلَّى بِمَكَانٍ مِنْهَا لَا نَجَاسَةَ فِيهِ وَلَا قَرِيبَةٍ مِنْهُ عُرْفًا لَمْ يُكْرَهْ. اهـ. م ر وَحَجَرٌ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَ الْمَقْبَرَةِ فِي ذَلِكَ الْمَجْزَرَةُ وَالْمَزْبَلَةُ اهـ (قَوْلُهُ مَقْبَرَةُ الْأَنْبِيَاءِ) وَمِثْلُهُمْ الشُّهَدَاءُ وَالصَّالِحُونَ م ر (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ اتِّخَاذَهَا مَسَاجِدَ أَخَصُّ) وَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى إلَى عِبَادَتِهِمْ كَمَا وَقَعَ وَهُوَ عِلَّةُ التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ أَنْ يُصَلِّيَ مُتَوَجِّهًا إلَخْ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ قَصَدَ التَّعْظِيمَ أَوْ التَّبَرُّكَ أَوْ نَحْوَهُمَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ إلَى غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَوْ كَانَ قَبْرَ نَبِيٍّ مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّعْظِيمَ أَوْ التَّبَرُّكَ، وَإِلَّا حَرُمَ. اهـ. م ر وَحَجَرٌ

(قَوْلُهُ مِنْ بَعْدِ فَرْضِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ) أَيْ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ مُغْنِيَةً عَنْ الْقَضَاءِ. اهـ.

شَوْبَرِيٌّ. اهـ. عَطِيَّةُ الْأُجْهُورِيُّ بِهَامِشِ الْبُجَيْرِمِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ وَخَصُّوا إلَخْ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ مُطْلَقًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. اهـ.

ص: 262