الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ إذْ فِي هَذِهِ يُجْنِبُ الْوَاضِحُ أَيْضًا.
(وَنُدِبَا لِلشَّخْصِ غَسْلُ فَرْجِهِ إنْ أَجْنَبَا وَيُنْدَبُ) لَهُ أَيْضًا (الْوُضُوءُ لِلطَّعَامِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَالْمَنَامِ)«؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا كَانَ جُنُبًا فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» وَقِيسَ بِالْأَكْلِ الشُّرْبُ وَقَالَ: «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الثَّانِي «فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ فَرْجَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ تَخْفِيفُ الْحَدَثِ غَالِبًا وَالتَّنَظُّفُ وَدَفْعُ الْأَذَى؛ وَقِيلَ: لَعَلَّهُ يَنْشَطُ لِلْغُسْلِ وَيَزِيدُ الْجِمَاعَ؛ بِأَنَّ ذَلِكَ أَنْشَطُ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخَبَرِ فَلَوْ فَعَلَ الْأُمُورَ الْمَذْكُورَةَ بِلَا وُضُوءٍ كُرِهَ لَهُ نَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ: وَأَمَّا طَوَافُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ بَيْنَهُمَا أَوْ تَرَكَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ وَكَالْجُنُبِ فِيمَا ذُكِرَ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ إذَا انْقَطَعَ دَمُهُمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ.
(بَابُ التَّيَمُّمِ)
وَفِي نُسْخَةٍ فَصْلٌ فِي التَّيَمُّمِ وَهُوَ لُغَةً: الْقَصْدُ يُقَالُ تَيَمَّمْت فُلَانًا وَيَمَّمْتُهُ وَيَامَمْتُهُ وَأَمَمْتُهُ أَيْ: قَصَدْتُهُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] وَشَرْعًا: إيصَالُ التُّرَابِ إلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ وَخُصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ وَهُوَ رُخْصَةٌ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ الْوُضُوءُ إلَخْ) أَيْ: بِنِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ بِأَنْ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ أَوْ رَفْعَ الْحَدَثِ إنْ كَانَ مُحْدِثًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَا يَكْفِي نِيَّةُ السَّبَبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ نَوَى مَا يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ كَقِرَاءَةٍ لَمْ يَكْفِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَيْسَ هَذَا كَالْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ حَيْثُ يَنْوِي بِهَا أَسْبَابَهَا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا مُجَرَّدُ التَّنْظِيفِ وَلَا رَفْعَ فِيهَا وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ مُحْدِثًا؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْوُضُوءِ وَشَأْنَهُ أَنْ يَرْفَعَ الْحَدَثَ فَاسْتَدْعَى نِيَّةً مُعْتَبَرَةً
(فَرْعٌ) لَوْ تَوَضَّأَ لِلْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ مَثَلًا ثُمَّ أَرَادَ الْغُسْلَ فِي الْحَالِ فَهَلْ يُسَنُّ الْوُضُوءُ لِلْغُسْلِ أَوْ لَا اكْتِفَاءً بِوُضُوءِ نَحْوِ الْأَكْلِ كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ لِلْإِحْرَامِ فِي مَكَانِ قَرِيبٍ مِنْ مَكَّةَ فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِهِ عَنْ غُسْلِ دُخُولِهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي أَعْنِي الِاكْتِفَاءَ
(فَرْعٌ) هَلْ يُسَنُّ الْوُضُوءُ لِكُلِّ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ مَثَلًا أَوْ لِلْمَرَّةِ الْأُولَى فَقَطْ؟ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: غَالِبًا) كَأَنَّهُ احْتَرَزَ عَمَّا إذَا تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْأَصْغَرِ (قَوْلُهُ: إذَا انْقَطَعَ دَمُهَا) وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُجَرَّدَ غَسْلِ الْفَرْجِ وَالْوُضُوءِ لَا يُبَاحُ بِهِ وَطْؤُهُمَا بِدُونِ اغْتِسَالٍ
(بَابُ التَّيَمُّمِ)(قَوْلُهُ: وَهُوَ رُخْصَةٌ) حَدُّ الرُّخْصَةِ مُنْطَبِقٌ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ عَزِيمَةٌ أَنَّ الْغُسْلَ هُوَ الْأَصْلُ فِي حَالِ الْعُذْرِ وَيَدَّعِيَ أَنَّ التَّيَمُّمَ وَاجِبٌ ابْتِدَاءً فِي هَذَا الْحَالِ حَتَّى لَا يَتَحَقَّقَ تَغْيِيرُ الْحُكْمِ فَلْيُتَأَمَّلْ
ــ
[حاشية الشربيني]
أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهَا فَتَدَبَّرْ لِيَنْدَفِعَ مَا فِي الْحَاشِيَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: الْوُضُوءُ لِلطَّعَامِ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي حَدَثِ الْجُنُبِ بِخِلَافِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ؛ لِأَنَّ حَدَثَهُمَا مُسْتَمِرٌّ وَلَا تَصِحُّ الطَّهَارَةُ مَعَ اسْتِمْرَارِهِ وَهَذَا مَا دَامَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ فَإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ صَارَا كَالْجُنُبِ يُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْوُضُوءُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ وَقَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ إنَّ الْوُضُوءَ يُؤَثِّرُ فِي حَدَثِ الْجُنُبِ وَيُزِيلُهُ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ، وَخَالَفَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَقَالَ: لَا يَرْتَفِعُ شَيْءٌ مِنْ الْحَدَثِ حَتَّى تَكْمُلَ الطَّهَارَةُ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. اهـ. فَيُفِيدُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ وُضُوءٌ يُزِيلُ الْحَدَثَ الْأَكْبَرَ كَمَا هُوَ صَرِيحُ قَوْلِ الْمُهَذَّبِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ يُؤَثِّرُ فِي حَدَثِ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّهُ يُخَفِّفُهُ وَيُزِيلُهُ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَقَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ؛ لِأَنَّهُ يُخَفِّفُ الْجَنَابَةَ وَيُزِيلُهَا عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَعَلَى هَذَا يَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ وَنَحْوَهُ مِمَّا يَصْلُحُ لِرَفْعِ الْجَنَابَةِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ تَخْفِيفُ الْحَدَثِ غَالِبًا احْتَرَزَ بِغَالِبًا عَمَّا عَدَا الْمَرَّةَ الْأُولَى فَإِنَّ الْحَدَثَ قَدْ ارْتَفَعَ بِهَا وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا تَأْيِيدًا وَاضِحًا خِلَافُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ هُنَا فَإِنَّهُ كَخِلَافِهِ فِي الْوُضُوءِ إذَا شَرَعَ الْمُتَوَضِّئُ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِمُجَرَّدِ غَسْلِهِ وَخَالَفَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَقَالَ: يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّمَامِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي بَابِ صِفَةِ الْوُضُوءِ مِنْ الْمَجْمُوعِ وَقَالَ فِيهِ فِي هَذَا الْبَابِ: إنَّ خِلَافَهُ هُنَا كَخِلَافِهِ هُنَاكَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ خِلَافَهُ هُنَاكَ فِيمَا إذَا نَوَى نِيَّةً صَالِحَةً لِرَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ الْجِمَاعُ) أَيْ عَلَى غَيْرِهِ فِي التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الْوُضُوءَ أَنْشَطُ لَهُ. اهـ.
[بَابُ التَّيَمُّمِ]
(بَابُ التَّيَمُّمِ)(قَوْلُهُ: وَهُوَ رُخْصَةٌ) أَيْ مُطْلَقًا حَتَّى فِي حَقِّ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ الْفَاقِدِ لِلْمَاءِ حِسًّا وَسَبَبُ الرُّخْصَةِ عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ هُوَ الْفَقْدُ لَا السَّفَرُ وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ هَذَا الْعَاصِيَ قِيلَ فِيهِ إنَّهُ يُصَلِّي وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فَلَعَلَّ صَاحِبَ هَذَا
وَقِيلَ عَزِيمَةٌ وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ قَالَ: وَالرُّخْصَةُ إنَّمَا هِيَ إسْقَاطُ الْقَضَاءِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْحَدَثُ أَكْبَرَ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [النساء: 43] إلَى قَوْلِهِ {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] أَيْ: تُرَابًا طَاهِرًا وَقِيلَ تُرَابًا حَلَالًا وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَخْبَارِ الْآتِي أَكْثَرُهَا فِي الْبَابِ (تَيَمَّمَ الْمُحْدِثُ) حَدَثًا أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى ثُمَّ رَأَى رَجُلًا مُعْتَزِلًا لَمْ يُصَلِّ مَعَ الْقَوْمِ فَقَالَ: يَا فُلَانُ مَا مَنَعَك أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ فَقَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ فَقَالَ: عَلَيْك بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيك» وَفِيهِمَا عَنْ «عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: أَجْنَبْت فَلَمْ أَجِدْ الْمَاءَ فَتَمَعَّكْت فِي التُّرَابِ فَأَخْبَرْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ فَقَالَ: إنَّمَا يَكْفِيك أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْك هَكَذَا ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً ثُمَّ نَفَضَهُمَا ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ» .
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَعْنَى تَمَعَّكْت تَدَلَّكْت وَفِي رِوَايَةٍ تَمَرَّغْت وَهُوَ بِمَعْنَى تَدَلَّكْت. اهـ وَالْأَوْلَى تَفْسِيرُ تَمَعَّكْت بِتَمَرَّغْتُ إذْ هُوَ مَعْنَاهُ لُغَةً؛ وَلِأَنَّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَتَمَرَّغْت فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ وَخَرَجَ بِالْمُحْدِثِ الْمُتَنَجِّسُ فَلَا يَتَيَمَّمُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ وَالرُّخْصَةُ إنَّمَا هِيَ إسْقَاطُ الْقَضَاءِ) إنَّمَا يَظْهَرُ أَنَّهُ رُخْصَةٌ إنْ كَانَ الْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْقَوْلِ هُوَ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ رُخْصَةٌ مُطْلَقًا لَكِنَّ الصَّحِيحَ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ، وَأَمَّا الْعَاصِي بِسَفَرِهِ الْفَاقِدُ لَهُ شَرْعًا فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ اتِّفَاقًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهُ عَاصٍ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ لَا يَلِيقُ بِهِ التَّخْفِيفُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ رُخْصَةٌ) وَإِسْقَاطُ الْقَضَاءِ رُخْصَةٌ أُخْرَى كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى التُّحْفَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ رُخْصَةٌ) فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ رُخْصَةٌ إلَّا فِي حَقِّ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ الْفَاقِدِ لِلْمَاءِ حِسًّا فَإِنَّهُ عَزِيمَةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّغْلِيظِ عَلَيْهِ بِإِيجَابِ التَّيَمُّمِ وَفِعْلِ الصَّلَاةِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ مَعَ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّوْبَةِ، أَمَّا الْفَاقِدُ لَهُ شَرْعًا الْعَاصِي بِسَفَرِهِ فَهُوَ فِي حَقِّهِ رُخْصَةٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى التَّوْبَةِ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ لَا يَلِيقُ بِهِ التَّخْفِيفُ. اهـ. وَكَوْنُهُ رُخْصَةً فِيهِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْهُ ضَرَرَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَتَدَبَّرْ، وَلَا يَرِدُ الْعَاصِي بِالْإِقَامَةِ الْفَاقِدُ لَهُ شَرْعًا كَعَبْدٍ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِالسَّفَرِ فَأَقَامَ فَإِنَّ الْأَصَحَّ فِيهِ صِحَّةُ تَيَمُّمِهِ لِلْمَرَضِ لِمَا قَالَهُ حَجَرٌ إنَّ مَحَلَّ الْإِقَامَةِ لَيْسَ مَحَلًّا لِلرُّخْصَةِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ حَتَّى يَفْتَرِقَ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ الْعَاصِي وَغَيْرِهِ فَانْدَفَعَ مَا لِلسُّبْكِيِّ هُنَا. اهـ.
ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْمَجْمُوعِ بَعْدَ ذِكْرِ حُكْمِ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ الْفَاقِدِ لِلْمَاءِ حِسًّا وَإِنَّ التَّيَمُّمَ فِي حَقِّهِ عَزِيمَةٌ فَعَلَى هَذَا لَوْ رَأَى الْمَاءَ فِي صَلَاتِهِ بَطَلَتْ وَيَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ مِنْهَا كَمَا لَوْ رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ الْحَضَرِ بِالتَّيَمُّمِ. اهـ. يَعْنِي: أَنَّ صَلَاتَهُ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ كَصَلَاتِهِ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُهُ لِإِلْغَاءِ سَفَرِهِ بِمَعْصِيَتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. اهـ. فَإِنْ قُلْت: إنَّ السَّفَرَ لَيْسَ سَبَبًا لِلْمَرَضِ قَطْعًا فَمَا بَالُ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ الْخَائِفِ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لِلْمَرَضِ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ قُلْت أَجَابَ شَيْخُنَا ذ بِأَنَّ السَّفَرَ مَظِنَّةٌ لِلْفَقْدِ الشَّرْعِيِّ أَيْضًا فَسَبَبُ سَبَبِ الرُّخْصَةِ مَعْصِيَةٌ. اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ حَجَرٍ السَّابِقِ جَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ السَّفَرَ لَمَّا كَانَ مَحَلًّا لِلرُّخْصَةِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لَهَا مَعَ الْعِصْيَانِ بِهِ وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ غَيْرَ مَعْصِيَةٍ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَزِيمَةٌ) لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّهُ إيجَابٌ لِشَيْءٍ آخَرَ خُصُوصًا وَهُوَ اسْتِعْمَالُ التُّرَابِ فِي الْوَجْهِ لَا تَخْفِيفٌ لِلْأَوَّلِ كَإِبَاحَةِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَفِطْرِ الْمُسَافِرِ ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ نَقَلَ هَذَا التَّعْلِيلَ عَنْ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَزِيمَةٌ) ظَاهِرُهُ إنَّهُ عَزِيمَةٌ عِنْدَهُ حَتَّى فِي حَقِّ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ الْفَاقِدِ لِلْمَاءِ شَرْعًا لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ مَاءً فَاحْتَاجَ إلَيْهِ لِلْعَطَشِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ بِلَا خِلَافٍ قَالُوا وَلِذَا مَنْ بِهِ قُرُوحٌ يَخَافُ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْهَلَاكَ وَهُوَ عَاصٍ بِسَفَرِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى التَّوْبَةِ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ. اهـ. وَمُقْتَضَى كَوْنِهِ عَزِيمَةً جَوَازُهُ مَعَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ نَعَمْ هَذَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ وَالْقَفَّالِ فَلَعَلَّ غَيْرَهُمَا نَقَلَ الْخِلَافَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَزِيمَةٌ) لَعَلَّهُ لِمَشَقَّةِ اسْتِعْمَالِ التُّرَابِ فَلَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ حَدُّ الرُّخْصَةِ وَيَنْدَفِعُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هِيَ إسْقَاطُ الْقَضَاءِ) أَيْ فَالْقَضَاءُ هُوَ الْجَارِي عَلَى قِيَاسِ الشَّرْعِ وَهَذَا كَافٍ فِي كَوْنِ سُقُوطِهِ رُخْصَةً كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْمُحَشِّي عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْ تُرَابًا طَاهِرًا) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ هَذَا التَّفْسِيرُ هُوَ الْأَظْهَرُ الْأَشْهَرُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا اهـ فَلَا يُشْتَرَطُ الْحِلُّ (قَوْلُهُ: فَقَالَ إنَّمَا يَكْفِيك) رِوَايَةُ الْحَدِيثِ فِي طُرُقِهَا زِيَادَةٌ وَنَقْصٌ (قَوْلُهُ: ضَرْبَةً وَاحِدَةً) أَيْ ضَرَبَ بِهِمَا جَمِيعًا مَرَّةً وَاحِدَةً لَا بِكُلِّ وَاحِدَةٍ وَحْدَهَا ثُمَّ هَذَا الْحَدِيثُ مُجْمَلٌ يُبَيِّنُهُ الْأَحَادِيثُ الْأُخَرُ الدَّالَّةُ عَلَى وُجُوبِ ضَرْبَتَيْنِ مَعَ تَرْتِيبِ الْمَسْحِ
لِلنَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ رُخْصَةٌ فَلَا يَتَجَاوَزُ مَحَلَّ وُرُودِهَا وَاقْتَصَرَ عَلَى الْمُحْدِثِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَمَحْلُ النَّصِّ وَإِلَّا فَالْمَأْمُورُ بِغُسْلٍ مَسْنُونٍ يَتَيَمَّمُ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْقِيَاسُ فِي الْوُضُوءِ الْمَسْنُونِ كَذَلِكَ (لِلْمُؤَقَّتَهْ) فَرْضًا وَلَوْ بِنَذْرٍ أَوْ نَفْلًا (فِيهِ) أَيْ: فِي وَقْتِهَا عِلْمًا أَوْ ظَنًّا؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ وَلَا ضَرُورَةَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَوْ نَقَلَ التُّرَابَ قَبْلَهُ وَمَسَحَ بِهِ الْوَجْهَ بَعْدَهُ لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا لَوْ شَكَّ هَلْ نَقَلَ قَبْلَهُ أَوْ فِيهِ وَإِنْ صَادَفَ أَنَّهُ نَقَلَ فِيهِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَمَسْحِ الْخُفِّ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا تَرْفَعُ الْحَدَثَ وَمَسْحَ الْخُفِّ رُخْصَةٌ لِلتَّخْفِيفِ لِجَوَازِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلِ فَلَا يَضِيقُ بِاشْتِرَاطِ الْوَقْتِ؛ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ طَهَارَةُ رَفَاهِيَةٍ فَالْتَحَقَتْ بِالْوُضُوءِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ فَإِنَّهُ ضَرُورَةٌ فَاخْتَصَّ بِحَالِهَا كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لِإِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَلَمْ تُبَحْ قَبْلَ الْوَقْتِ.
فَإِنْ قُلْت: التَّيَمُّمُ بَدَلٌ وَمَا صَلَحَ لِلْمُبْدَلِ صَلَحَ لِلْبَدَلِ قُلْنَا مُنْتَقَضٌ بِاللَّيْلِ وَبِيَوْمِ الْعِيدِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَصْلُحُ لِعِتْقِ الْكَفَّارَةِ وَالثَّانِيَ لِنَحْرِ هَدْيِ التَّمَتُّعِ دُونَ بَدَلِهِمَا وَهُوَ الصَّوْمُ وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ التَّيَمُّمِ فِي الْوَقْتِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَاجَةِ فَيُصَلِّي بِهِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ كَمَا أَفْهَمَهُ إطْلَاقُ النَّظْمِ إلَّا أَنْ يُتَوَهَّمَ وُجُودَ الْمَاءِ كَمَا سَيَأْتِي وَهَذَا بِخِلَافِ طُهْرِ دَائِمِ الْحَدَثِ كَمَا سَيَأْتِي لِتَجَدُّدِ حَدَثِهِ بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ.
(وَمَتْبُوعٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَبِهَا عَبَّرَ الْحَاوِي أَيْ: تَيَمَّمَ لِلْمُؤَقَّتَةِ فِي وَقْتِهَا أَوْ وَقْتِ مَتْبُوعِهَا فَيَصِحُّ التَّيَمُّمُ لِلْعَصْرِ وَقْتَ الظُّهْرِ بَعْدَ فِعْلِهَا إذَا أَرَادَ جَمْعَهُمَا تَقْدِيمًا بِحُكْمِ التَّبَعِيَّةِ لَكِنْ لَوْ دَخَلَ وَقْتُهَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا لَمْ يَجُزْ أَدَاؤُهَا بِهِ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ رُخْصَةٌ) اُنْظُرْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ عَزِيمَةٌ (قَوْلُهُ فَلَا يَتَجَاوَزُ إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ جَوَازُ الْقِيَاسِ فِي الرُّخَصِ نَعَمْ قَدْ يُجَابُ عَمَّا هُنَا بِانْتِفَاءِ الْجَامِعِ (قَوْلُهُ أَيْ: فِي وَقْتِهَا الْمَفْهُومِ) مِنْ الْمُؤَقَّتَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ أَحْدَثَ بَيْنَ النَّقْلِ وَالْمَسْحِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ جَدَّدَ النِّيَّةَ هُنَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَمَسَحَ كَفَى بِرّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَادَفَ أَنَّهُ نَقَلَ فِيهِ) هَذَا وَاضِحٌ إذَا مَسَحَ حَالَ الشَّكِّ، أَمَّا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ نَقَلَ فِيهِ ثُمَّ مَسَحَ فَالْوَجْهُ إجْزَاءُ هَذَا الْمَسْحِ (قَوْلُهُ: أَيْ: تَيَمَّمَ لِلْمُؤَقَّتَةِ فِي وَقْتِهَا إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّقْدِيرِ أَنَّ قَوْلَهُ وَمَتْبُوعٌ عُطِفَ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ فِي قَوْلِهِ فِيهِ وَهُوَ هَا مِنْ قَوْلِهِ وَقْتَهَا وَهُوَ غَرِيبٌ وَيُمْكِنُ عَطْفُهُ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ إلَيْهِ عَلَى الْهَاءِ فِي فِيهِ أَيْ: وَوَقْتٍ مَتْبُوعٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ أَدَاؤُهَا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ بَطَلَ التَّيَمُّمُ وَعَلَّلَ الْبُطْلَانَ فِي شَرْحِهِ بِمَا ذَكَرَهُ هُنَا ثُمَّ قَالَ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الْعَصْرِ لَكِنْ بَطَلَ الْجَمْعُ لِطُولِ الْفَصْلِ لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهِ فَرِيضَةً غَيْرَهَا وَنَافِلَةً وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ تَأْبَاهُ هَذَا وَلَكِنَّ التَّعْبِيرَ بِبُطْلَانِ التَّيَمُّمِ لَمْ يَذْكُرْهُ الرَّافِعِيُّ بَلْ كَلَامُهُ يَقْتَضِي بَقَاءَهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ حَتَّى لَوْ صَلَّى بِهِ مَا ذُكِرَ صَحَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إنَّمَا صَحَّ تَبَعًا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ يَسْتَبِيحُ بِالتَّيَمُّمِ غَيْرَ مَا نَوَاهُ دُونَ مَا نَوَاهُ اهـ
ــ
[حاشية الشربيني]
اهـ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ رُخْصَةٌ) عِبَارَةُ الْمُهَذَّبِ وَلَا يَجُوزُ عَنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ فَلَا يُؤْمَرُ بِهَا لِلنَّجَاسَةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا كَالْغُسْلِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: فَلَا يُؤْمَرُ بِهَا لِلنَّجَاسَةِ احْتِرَازٌ مِنْ الْحَدَثِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِطَهَارَةٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَقَوْلُهُ: كَالْغَسْلِ هُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ مَعْنَاهُ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ فَلَا يُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا وَجَوَّزَ أَحْمَدُ التَّيَمُّمَ عَنْ النَّجَاسَةِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي وُجُوبِ إعَادَةِ هَذِهِ الصَّلَاةِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ عَامٌّ فِي الرُّخْصَةِ وَالْعَزِيمَةِ اهـ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ فِي الْوُضُوءِ الْمَسْنُونِ) أَيْ يَتَيَمَّمُ قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْمَنْهَجِ وَإِنْ تَعَدَّدَ ذَلِكَ مِرَارًا كَأَنْ بَقِيَ وُضُوءُهُ وَحَضَرَتْهُ صَلَوَاتٌ قَالَ ع ش، أَمَّا لَوْ كَانَ مُتَيَمِّمًا عَنْ حَدَثٍ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ تَجْدِيدُ التَّيَمُّمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَقَائِهِ عَلَى وُضُوئِهِ وَبَقَائِهِ عَلَى تَيَمُّمِهِ حَيْثُ طُلِبَ مِنْهُ تَجْدِيدُ التَّيَمُّمِ مَعَ بَقَاءِ الْوُضُوءِ وَلَمْ يُطْلَبْ مَعَ بَقَاءِ التَّيَمُّمِ أَنَّهُ هُنَا بَدَلٌ عَنْ الْوُضُوءِ الْمَطْلُوبِ فَأُعْطِيَ حُكْمَهُ مِنْ فِعْلِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ مَعَ بَقَاءِ الطَّهَارَةِ، وَأَمَّا التَّيَمُّمُ عَنْ الْحَدَثِ فَهُوَ تَكْرَارٌ لِمَا فَعَلَهُ مُسْتَقِلًّا وَهُوَ رُخْصَةٌ طُلِبَ تَخْفِيفُهَا فَلَا يُسَنُّ تَكْرَارُهَا. اهـ.
وَحَكَى فِي الْمَجْمُوعِ فِي جَوَازِ تَجْدِيدِ التَّيَمُّمِ عَنْ الْحَدَثِ وَجْهَيْنِ الْمَشْهُورُ لَا يُسْتَحَبُّ وَبِهِ قَطَعَ الْقَفَّالُ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيِّ وَالرُّويَانِيُّ وَآخَرُونَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِيهِ سُنَّةٌ وَلَا فِيهِ تَنْظِيفٌ وَاخْتَارَ الشَّاشِيُّ اسْتِحْبَابَهُ كَالْوُضُوءِ. اهـ. وَتَعْلِيلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يُشِيرُ لِلْفَرْقِ السَّابِقِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي وَقْتِهَا) خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَجَوَّزَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَاحْتَجَّ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْوُضُوءِ وَمَسْحِ الْخُفِّ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَرَدَّهُ الْأَصْحَابُ بِمَا فِي الشَّرْحِ. اهـ. (قَوْلُهُ: رُخْصَةٌ لِلتَّخْفِيفِ) أَيْ لَا رُخْصَةٌ لِلضَّرُورَةِ كَالتَّيَمُّمِ.
(قَوْلُهُ: لِجَوَازِهِ إلَخْ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ لِلتَّخْفِيفِ لَا لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت: إلَخْ) هَذَا أَحَدُ أَدِلَّةِ الْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَقْتِ إلَخْ) فَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ أَدَاؤُهَا بِهِ) أَيْ وَلَا غَيْرِهَا بَلْ يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ. اهـ.
وَقْتِهَا وَزَوَالِ التَّبَعِيَّةِ بِانْحِلَالِ رَابِطَةِ الْجَمْعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَيَمَّمَ لِفَائِتَةٍ قَبْلَ وَقْتِ الْحَاضِرَةِ فَإِنَّهَا تُبَاحُ بِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ ثَمَّةَ اسْتَبَاحَ مَا نَوَى فَاسْتَبَاحَ غَيْرَهُ بَدَلًا وَهُنَا لَمْ يَسْتَبِحْ مَا نَوَى عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي نَوَى فَلَمْ يَسْتَبِحْ غَيْرَهُ قَالَ: وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الْجَمْعَ تَأْخِيرًا فَتَيَمَّمَ لِلظُّهْرِ فِي وَقْتِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِخِلَافِ تَيَمُّمِهِ فِيهِ لِلْعَصْرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَيَمَّمْ لَهُ فِي وَقْتِهِ وَلَا وَقْتِ مَتْبُوعِهِ وَخَرَجَ بِالْمُؤَقَّتَةِ الْمُطْلَقَةُ فَيَتَيَمَّمُ لَهَا مَتَى شَاءَ إلَّا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ ثُمَّ مَثَّلَ لِوَقْتِ الْمُؤَقَّتَةِ بِأَمْثِلَةٍ قَدْ يَخْفَى حُكْمُهَا فَقَالَ: (كَذِكْرِ) أَيْ كَوَقْتِ ذِكْرِ (الْفَائِتَهْ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا» فَلَوْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ فَائِتَةً فَتَيَمَّمَ لَهَا ثُمَّ بَانَ أَنَّهَا عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْفَائِتَةِ بِالتَّذَكُّرِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِمْ الشَّاشِيُّ بِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالتَّيَمُّمِ لَهَا لِتَوَهُّمِ بَقَائِهَا عَلَيْهِ فَإِذَا تَحَقَّقَ بَقَاؤُهَا كَانَ أَوْلَى بِالْإِجْزَاءِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ فَإِنَّهَا) أَيْ: الْحَاضِرَةَ تُبَاحُ بِهِ (قَوْلُهُ: اسْتَبَاحَ مَا نَوَى) أَيْ: هُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ اسْتِبَاحَتِهِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ) بِشَرْطِ أَنْ يَتَيَمَّمَ فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ لِيَلِيَ فِيهِ وَالْأَصَحُّ عَلَى الْأَوْجَهِ وَلَا يُقَالُ تَيَمُّمُهُ الْآنَ لِمَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ وَقْتُ فِعْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ أَلَا تَرَى إلَى صِحَّتِهِ فِيهِ فِي حَرَمِ مَكَّةَ فَهُوَ كَنِيَّةِ مَنْ بِمِصْرَ اسْتِبَاحَةَ الطَّوَافِ إذْ صَرِيحُ مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ صِحَّةُ ذَلِكَ فِي التَّيَمُّمِ أَيْضًا حَجَرٌ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالتَّيَمُّمِ لَهَا ظَاهِرُهُ) أَنَّهُ أَمْرُ إيجَابٍ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِمْ إنَّ الشَّخْصَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءٌ بِالشَّكِّ فِي فِعْلِهِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ قُلْت الَّذِي تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الشَّاكَّ بَعْدَ الْوَقْتِ إنْ شَكَّ هَلْ فَعَلَ أَوْ لَا لَزِمَهُ الْفِعْلُ وَإِنْ شَكَّ هَلْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ لَمْ تَلْزَمْهُ فَإِنْ كَانَ مَا نَحْنُ فِيهِ مُصَوَّرًا بِالشِّقِّ الْأَوَّلِ أَشْكَلَ تَوَقُّفُ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ عَلَى التَّذَكُّرِ لِلُزُومِ الْفِعْلِ بِكُلِّ حَالٍ أَوْ بِالشِّقِّ الثَّانِي أَشْكَلَ الْأَمْرُ بِالتَّيَمُّمِ قَبْلَ التَّذَكُّرِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالتَّيَمُّمِ قَبْلَ وَقْتِ صِحَّتِهِ وَقَدْ الْتَزَمَ الشَّارِحُ فِي رَدِّ مَا احْتَجَّ بِهِ الشَّاشِيُّ الْأَمْرَ بِالتَّيَمُّمِ مَعَ تَوَقُّفِ صِحَّتِهِ عَلَى التَّذَكُّرِ الَّذِي هُوَ وَقْتُ صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) يُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنَاهُ دَائِمًا أَيْ: بِأَنْ لَا تَنْقَطِعَ الصِّحَّةُ إشَارَةً إلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ قَبْلَ التَّذَكُّرِ تَنْقَطِعُ صِحَّتُهُ بِالتَّذَكُّرِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ التَّذَكُّرِ لَا تَنْقَطِعُ صِحَّتُهُ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: إذْ مِنْ شَرْطِهَا مَعْنَاهُ مِنْ شَرْطِ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا أَيْ: دَائِمًا لَا مُطْلَقُ الصِّحَّةِ لِعَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى التَّذَكُّرِ كَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ إنْكَارُ الشَّاشِيِّ الْمَذْكُورِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ قُوَّةُ رَدِّ الشَّارِحِ وَظَاهِرُ صَنِيعِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِمُطْلَقًا سَوَاءٌ تَذَكَّرَ أَوْ لَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّيَمُّمِ لِلْفَائِتَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ التَّيَمُّمِ سَوَاءٌ تَذَكَّرَ أَوْ لَا بَلْ لَا بُدَّ لِصِحَّتِهِ مِنْ التَّذَكُّرِ إذْ لَا يَدْخُلُ وَقْتُهَا إلَّا بِهِ وَهَذَا الْمَعْنَى
ــ
[حاشية الشربيني]
مَجْمُوعٌ وَم ر وَحَجَرٌ وَق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا) أَيْ الْحَاضِرَةَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَصِحُّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ ظَنَّ إلَخْ) فَلَا يَكْفِي الظَّنُّ هُنَا بِخِلَافِ دُخُولِ الْوَقْتِ الْحَقِيقِيِّ لِتَعْلِيقِ الْفِعْلِ فِي الْحَدِيثِ بِالذِّكْرِ وَلَا ذِكْرَ فِي الظَّنِّ. اهـ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْفَائِتَةِ بِالتَّذَكُّرِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَقِبَ هَذَا قَالَ الْمُتَوَلِّي؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّيَمُّمِ اسْتِبَاحَةُ الصَّلَاةِ وَمَا لَمْ يَتَحَقَّقْهَا لَا يُبَاحُ لَهُ فِعْلُهَا وَهَذَا التَّعْلِيلُ فَاسِدٌ فَإِنَّ فِعْلَهَا مُبَاحٌ بَلْ مُسْتَحَبٌّ وَقَدْ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ الشَّاشِيُّ هَذَا فَحَكَاهُ ثُمَّ قَالَ: وَعِنْدِي فِي هَذَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالتَّيَمُّمِ لَهَا إلَخْ مَا فِي الشَّرْحِ ثُمَّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ كَمَا سَبَقَ فِيمَنْ شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ فَتَوَضَّأَ مُحْتَاطًا ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا هَلْ يَصِحُّ وُضُوءُهُ؟ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِضَعْفِ التَّيَمُّمِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالتَّيَمُّمِ لَهَا) ثُمَّ قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّيَمُّمِ إلَخْ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يَتَيَسَّرُ فَهْمُهُ إلَّا بَعْدَ تَمْهِيدِ مُقَدِّمَةٍ وَهِيَ أَنَّهُمْ قَالُوا إذَا تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ ثُمَّ شَكَّ فِي الْحَدَثِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْوُضُوءُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ فَلَوْ تَوَضَّأَ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا فَهَلْ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ الْوُضُوءُ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يُجْزِيهِ؛ لِأَنَّهُ تَوَضَّأَ مُتَرَدِّدًا فِي النِّيَّةِ وَالتَّرَدُّدُ فِيهَا مَانِعٌ مِنْ الصِّحَّةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ قِيلَ قَوْلُكُمْ أَصَحُّهُمَا لَا يُجْزِيهِ يَمْنَعُ وُقُوعَ الْوُضُوءِ مُسْتَحَبًّا إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ فَالْجَوَابُ مَا أَجَابَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ رحمه الله قَالَ: لَا نَقُولُ بِأَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ عَلَى تَقْدِيرِ تَحَقُّقِ الْحَدَثِ وَإِنَّمَا نَقُولُ: لَا يَرْتَفِعُ عَلَى تَقْدِيرِ انْكِشَافِ الْمَحَالِّ فَيَكُونُ وُضُوءُهُ هَذَا رَافِعًا لِلْحَدَثِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَنَا لِلضَّرُورَةِ فَإِذَا انْكَشَفَ الْحَالُ زَالَتْ الضَّرُورَةُ فَوَجَبَتْ الْإِعَادَةُ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ. اهـ.
فَقَوْلُهُ: بِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالتَّيَمُّمِ لَهَا أَيْ؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا مَعَ الشَّكِّ مُسْتَحَبٌّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَحِينَئِذٍ فَوَقْتُ الشَّكِّ وَقْتٌ لِفِعْلِهَا. نَعَمْ قَوْلُ الشَّاشِيِّ فَإِذَا تَحَقَّقَ بَقَاؤُهَا عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ لَا؛ لِأَنَّهُ إذَا انْكَشَفَ الْحَالُ زَالَتْ الضَّرُورَةُ كَمَا فِي وُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَا يَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ التَّيَمُّمِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَذَكَّرَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ عِنْدَ التَّذَكُّرِ فَشَرْطُ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ لِفِعْلِهَا مَعَ تَحَقُّقِ أَنَّهَا عَلَيْهِ هُوَ وَقْتُ تَذَكُّرِ أَنَّهَا عَلَيْهِ إذْ لَا ضَرُورَةَ مَعَ التَّحَقُّقِ بِخِلَافِ صِحَّتِهِ مَعَ الشَّكِّ أَوْ الظَّنِّ فَيَكْفِي فِيهَا الشَّكُّ أَوْ الظَّنُّ لِلضَّرُورَةِ بِشَرْطِ عَدَمِ التَّبَيُّنِ يُصَرِّحُ بِهَذَا تَقْيِيدُهُمْ عَدَمَ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ بِتَبَيُّنِ أَنَّهَا عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالتَّيَمُّمِ لَهَا) أَيْ تَبَعًا لِطَلَبِ فِعْلِهَا فَإِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ (قَوْلُهُ: فَإِذَا تَحَقَّقَ بَقَاؤُهَا إلَخْ) هَذَا هُوَ مَحَلُّ
ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَوْرَاقٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ.
اهـ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى إنْكَارِ الشَّاشِيِّ؛ لِأَنَّ مَا احْتَجَّ بِهِ يُرَدُّ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّيَمُّمِ لِلْفَائِتَةِ لِتَوَهُّمِ بَقَائِهَا عَلَيْهِ لَا يَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ التَّيَمُّمِ مُطْلَقًا إذْ شَرْطُهَا دُخُولُ وَقْتِ الْفَائِتَةِ وَهُوَ بِالتَّذَكُّرِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا (وَكَاجْتِمَاعِهِمْ) أَيْ: وَكَوَقْتِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ (لِشَكْوَى الْمَحْلِ) بِسُكُونِ الْحَاءِ أَيْ لِصَلَاةِ شَكْوَى الْجَدْبِ أَيْ: صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَالْمُرَادُ إذَا أَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوهَا جَمَاعَةً وَإِلَّا فَلَوْ أَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوهَا فُرَادَى صَحَّ التَّيَمُّمُ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا (وَغَسْلِ) أَوْ تَيَمُّمِ (مَيْتٍ) بِالتَّخْفِيفِ أَيْ: وَكَوَقْتِ انْقِضَاءِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُكَفَّنْ (لِصَلَاةِ الْكُلِّ) أَيْ: تَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ وَاجْتِمَاعِ النَّاسِ لِلِاسْتِسْقَاءِ وَانْقِضَاءِ غُسْلِ الْمَيِّتِ أَوْ تَيَمُّمِهِ وَقْتَ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَصَلَاةِ الْمَيِّتِ وَوَقْتِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ بِدُخُولِهِ.
وَالْمُبِيحُ لِلتَّيَمُّمِ الْعَجْزُ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَلِلْعَجْزِ أَسْبَابٌ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ: (بِفَقْدِ مَاءٍ عَنْ ظَمَاهُ) أَيْ: عَطَشِهِ وَأَصْلُهُ ظَمَئِهِ بِالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْهَاءِ فَقُلِبَتْ الْهَمْزَةُ أَلِفًا لِلْوَزْنِ فَلَزِمَ ضَمُّ الْهَاءِ أَيْ: تَيَمَّمَ بِسَبَبِ فَقْدِ مَاءٍ (فَضَلَا) عَنْ ظَمَئِهِ (وَ) ظَمَأِ رُوحٍ (ذَاتِ حُرْمَةٍ) وَلَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا أَوْ بَهِيمَةً وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَجِدَ الْمَاءَ أَوْ يَجِدَهُ مُحْتَاجًا إلَيْهِ لِلظَّمَأِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ سَبَبَانِ؛ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِآيَةِ التَّيَمُّمِ السَّابِقَةِ وَلِخَبَرِ «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ؛ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ فَإِذَا وَجَدَهُ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ كَالْعَادِمِ لِلُحُوقِ الضَّرَرِ لَوْ تَطَهَّرَ بِهِ وَاحْتِيَاجُهُ لِثَمَنِهِ كَاحْتِيَاجِهِ لِلظَّمَأِ وَخَرَجَ بِذَاتِ الْحُرْمَةِ غَيْرُهَا كَمُرْتَدٍّ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَحَرْبِيٍّ وَخِنْزِيرٍ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُ الْمَاءِ إلَيْهِ وَضَابِطُ الظَّمَأِ الْمُبِيحِ كَضَابِطِ الْمَرَضِ الْمُبِيحِ وَسَيَأْتِي (وَلَوْ) كَانَ الظَّمَأُ (مُسْتَقْبَلَا) فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَيَتَزَوَّدُ الْمَاءَ وَإِنْ رَجَا الْمَاءَ فِي غَدِهِ وَيَحْرُمُ الْوُضُوءُ حِينَئِذٍ بِهِ وَلَا يَجِبُ الطُّهْرُ بِالْمَاءِ وَجَمْعُهُ لِلشُّرْبِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ. نَعَمْ لَوْ خَافَ عَطَشَ بَهِيمَةٍ
ــ
[حاشية العبادي]
يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْعُبَابِ وَوَقْتُ الْفَائِتَةِ إذَا ذَكَرَهَا فَلَوْ ظَنَّهَا عَلَيْهِ فَتَيَمَّمَ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ بَانَتْ عَلَيْهِ
اهـ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ الرَّدُّ إذْ حَاصِلُهُ حِينَئِذٍ الْتِزَامُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّيَمُّمِ لَهَا مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ تَيَمُّمِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَلِهَذَا أَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى إشْكَالِهِ بِقَوْلِهِ وَأُجِيبَ عَنْهُ أَيْ: مَا قَالَهُ الشَّاشِيُّ بِمَا لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ النَّظَرِ عَلَى مُتَأَمِّلِهِ وَاَلَّذِي يَتَّضِحُ بِهِ هَذَا الْمَقَامُ أَنْ يُقَالَ أَمْرُهُ بِهِ لِتَوَهُّمِ ذَلِكَ إنْ سَلِمَ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ التَّذَكُّرِ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي وُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ فَلَا يَلْزَمُ صِحَّةُ التَّيَمُّمِ مُطْلَقًا بَلْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَذَكَّرَ اهـ لَكِنَّ قَوْلَهُ وَاَلَّذِي يَتَّضِحُ بِهِ إلَخْ يُوَافِقُ الِاحْتِمَالَ السَّابِقَ فِي تَقْرِيرِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَقَدْ عَلِمْت مُخَالَفَتَهُ لِقُوَّةِ كَلَامِ الشَّيْخِ وَلِعِبَارَةِ الْعُبَابِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهَا مُصَرِّحَةٌ بِعَدَمِ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ سَوَاءٌ تَذَكَّرَ أَوْ لَا بَلْ وَلِعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوِهَا إذْ لَوْ صَحَّ التَّيَمُّمُ قَبْلَ التَّذَكُّرِ لِشَرْطِ عَدَمِ التَّذَكُّرِ لَمْ يُطْلِقُوا اعْتِبَارَ وَقْتِ التَّذَكُّرِ بَلْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ وَقْتَ التَّذَكُّرِ أَوْ مَا قَبْلَهُ لِشَرْطِ عَدَمِ التَّذَكُّرِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: إذْ مَنْ يَشْرِطُهَا) أَيْ: صِحَّةَ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: اجْتِمَاعُ النَّاسِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَكْثَرُ مَنْ يُرِيدُ الصَّلَاةَ أَوْ نَقُولُ مَنْ لَا يَنْتَظِرُ غَيْرَهُ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إذَا أَرَادَ وَإِلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي الْجَوَازُ بِانْقِطَاعِ الْغَيْثِ وَلَوْ قَبْلَ الِاجْتِمَاعِ كَمَا يَسُوغُ التَّيَمُّمُ لِلْفَرِيضَةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا ثُمَّ إنْ شَاءَ قَدَّمَ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَ لِانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ أَوْ غَيْرِهَا بِرّ (قَوْلُهُ أَيْ: وَكَوَقْتِ انْقِضَاءِ ذَلِكَ) أَيْ بِالْفِعْلِ
(قَوْلُهُ: فَلَزِمَ ضَمُّ الْهَاءِ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ بِرّ (قَوْلُهُ: وَضُوءُ الْمُسْلِمِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَاحْتِيَاجُهُ لِثَمَنِهِ) لِنَحْوِ شِرَاءِ طَعَامِ الْمُحْتَرَمِ (قَوْلُهُ كَمُرْتَدٍّ) أَفْتَى الشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ بِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا اسْتَتَابَهُ فَامْتَنَعُوا وَلَعَلَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ فَإِذَنْ يَخْتَصُّ بِبَعْضِ الْمَذْكُورِينَ بِرّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَقَدْ يُقَالُ عَدَمُ إحْرَامِهَا لَا يَجُوزُ عَدَمُ سَقْيِهَا وَإِنْ كَانَتْ مَقْتُولَةً شَرْعًا؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِالْإِحْسَانِ فِي الْقَتْلِ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ تَرْكُ الْإِحْسَانِ فِي قَتْلِ الْمُبَاشَرَةِ وَمَا فِي حُكْمِهِ كَالْحَبْسِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْإِعْطَاءِ (قَوْلُهُ: صَرَفَ الْمَاءَ إلَيْهِ) لَوْ كَانَ الْمُحْتَرَمُ مُحْتَاجًا لِغَيْرِ الْمُحْتَرَمِ صَرَفَهُ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ بِرّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَجَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ: طَنَّ اهـ وَهُوَ يُخْرِجُ الْقَطْعَ بِوُجُودِهِ فِي الْغَدِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ الْوُضُوءُ) لَعَلَّ مَحَلَّ حُرْمَتِهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ جَمْعُ مِائَةٍ لِمَنْ لَا يَعَافُهُ أَوْ لِمَنْ يَرْضَى بِشُرْبِهِ بِدُونِ ضَرَرٍ مِنْ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْإِنْكَارِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَوْرَاقٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَالْفَائِتَةُ وَقْتُهَا بِتَذَكُّرِهَا فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ لَهَا إلَّا إذَا تَذَكَّرَهَا فَلَوْ شَكَّ هَلْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ فَتَيَمَّمَ لَهَا، ثُمَّ بَانَ أَنَّ عَلَيْهِ فَائِتَةً فَقَدْ سَبَقَ فِي آخِرِ فَصْلِ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ. اهـ. فَقَدْ صَرَّحَ بِعَدَمِ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ إلَّا أَنَّهُ كَمَا تَرَى قَيَّدَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ بِتَبَيُّنِ أَنَّ عَلَيْهِ فَائِتَةً فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَانَ التَّيَمُّمُ صَحِيحًا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَكْفِيهِ فِعْلُهَا لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَيَكُونُ الْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ انْكِشَافِ الْحَالِ كَمَا فِي الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَلَزِمَ ضَمُّ الْهَاءِ) لِمُنَاسِبَةِ الضَّمِّ لِلْأَلْفِ بِخِلَافِ الْكَسْرِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَرَفَهُ أَثِمَ) وَلَزِمَهُ الْإِعَادَةُ إنْ تَيَمَّمَ مَعَ بَقَاءِ الْمَاءِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ السَّقْيِ فَهُوَ كَإِرَاقَةِ الْمَاءِ عَبَثًا وَسَيَأْتِي. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: وَيَتَزَوَّدُ الْمَاءَ وَإِنْ رَجَا الْمَاءَ فِي غَدِهِ وَيَحْرُمُ الْوُضُوءُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمُتَوَلِّي لَوْ كَانَ يَرْجُو وُجُودَ الْمَاءِ فِي غَدِهِ وَلَا يَتَحَقَّقُهُ فَهَلْ لَهُ التَّزَوُّدُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ قُلْت الْأَصَحُّ الْجَوَازُ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ. اهـ. وَنَظَرَ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ فِي الْوُجُوبِ فَحَرِّرْ وَاَلَّذِي فِي م ر هُوَ أَنَّهُ إنْ رَجَا الْمَاءَ فِي غَدٍ فَلَهُ التَّيَمُّمُ، وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ وَلَوْ ظَنَّ الْمَاءَ فِي غَدِهِ فَلَهُ التَّزَوُّدُ فِي
فَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُ ذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ الْمَذْكُورُ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءَانِ طَاهِرٌ وَنَجَسٌ وَعَطِشَ قَبْلَ الْوَقْتِ شَرِبَ الطَّاهِرَ أَوْ فِيهِ؛ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ: يَشْرَبُ النَّجِسَ وَيَتَطَهَّرُ بِالطَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِدُخُولِ الْوَقْتِ مُسْتَحِقًّا لِلطَّهَارَةِ وَمَشَى عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَشْرَبُ الطَّاهِرَ وَيَتَيَمَّمُ وَاخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ شُرْبُ النَّجِسِ إلَّا عِنْدَ فَقْدِ الطَّاهِرِ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ وَقَوْلُهُمْ صَارَ مُسْتَحِقًّا لِلطَّهَارَةِ مَمْنُوعٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
(وَقَبْلَهُ الصَّالِحُ لِلْغُسْلِ وَلَا يَكْفِيهِ يَسْتَعْمِلُهُ) أَيْ: وَيَسْتَعْمِلُ وُجُوبًا قَبْلَ تَيَمُّمِهِ الْمَاءَ الصَّالِحَ لِلْغُسْلِ إذَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ وَالْحَالَةُ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ لِطَهَارَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] وَهَذَا وَاجِدٌ لِلْمَاءِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» ؛ وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِلضَّرُورَةِ فَيَخْتَصُّ بِمَحَلِّهَا كَمَسْحِ الْجَبِيرَةِ وَفَارَقَ ذَلِكَ عَدَمَ وُجُوبِ إعْتَاقِ بَعْضِ الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ بِالنَّصِّ حَيْثُ قَالَ: ثَمَّةَ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] فَمَنْ لَمْ يَجِدْ أَيْ: الرَّقَبَةَ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ وَهَذَا لَمْ يَجِدْهَا وَقَالَ: هُنَا {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] وَهَذَا وَاجِدُهُ وَبِأَنَّ وُجُوبَ بَعْضِ الرَّقَبَةِ مَعَ الشَّهْرَيْنِ جَمْعٌ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ وَالتَّيَمُّمُ يَقَعُ عَنْ غَيْرِ الْمَغْسُولِ خَاصَّةً وَبِأَنَّ عِتْقَ بَعْضِ الرَّقَبَةِ لَا يُفِيدُ غَيْرَ مَا أَفَادَهُ الصَّوْمُ وَغَسْلُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ يُفِيدُ مَا لَا يُفِيدُهُ التَّيَمُّمُ وَهُوَ رَفْعُ حَدَثِ الْعُضْوِ الْمَغْسُولِ ثُمَّ إذَا اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ فَإِنْ كَانَ بِهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ رَتَّبَ أَوْ أَكْبَرُ اسْتَعْمَلَهُ فِيمَا يُرِيدُ وَأَعْضَاءُ الْوُضُوءِ وَالرَّأْسُ أَوْلَى قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إلَّا أَنَّهُ أَهْمَلَ التَّصْرِيحَ فِيهَا بِذِكْرِ الرَّأْسِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ وَرَأْسِهِ وَأَعَالِي بَدَنِهِ. وَأَيُّهُمَا أَوْلَى؟ فِيهِ خِلَافٌ. نَقَلَ صَاحِبَا الْبَحْرِ وَالْبَيَانِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِرَأْسِهِ وَأَعَالِيهِ وَقَطَعَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِاسْتِحْبَابِ تَقْدِيمِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَالرَّأْسِ وَالْمُخْتَارُ تَقْدِيمُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ الرَّأْسِ ثُمَّ الشِّقِّ الْأَيْمَنِ كَمَا يَفْعَلُ مَنْ يَغْسِلُ كُلَّ بَدَنِهِ.
اهـ وَخَرَجَ بِالصَّالِحِ لِلْغُسْلِ مَا لَا يَصْلُحُ لَهُ بَلْ لِلْمَسْحِ كَثَلْجٍ أَوْ بَرَدٍ لَا يُمْكِنُ إذَابَتُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ لِعَدَمِ صُلُوحِهِ لِلْغُسْلِ الْوَاجِبِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُحْدِثَ اسْتِعْمَالُهُ فِي رَأْسِهِ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ فَلَا يَصِحُّ مَسْحُ الرَّأْسِ مَعَ بَقَاءِ فَرْضِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَلَا يُمْكِنُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ مَاءٍ يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْمَسْحُ بِهِ فِي الرَّأْسِ فَيَتَيَمَّمُ عَنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِ الرَّأْسَ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ عَنْ الرِّجْلَيْنِ وَلَا يُؤَثِّرُ هَذَا الْمَاءُ فِي صِحَّةِ التَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِمَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهَذَا أَقْوَى فِي الدَّلِيلِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ وَالْمَحْذُورُ يَزُولُ بِمَا ذُكِرَ.
(وَأَوَّلَا) أَيْ: قَبْلَ تَيَمُّمِهِ (يَطْلُبُ) الْمَاءَ هُوَ (أَوْ مَأْذُونُهُ) فِي الطَّلَبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43]
ــ
[حاشية العبادي]
مَفْهُومُ وَلَا يَجِبُ الطُّهْرُ بِالْمَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ وُجُوبُ ذَلِكَ) أَيْ: إذَا أَمْكَنَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: فَيَخْتَصُّ بِمَحَلِّهَا) وَمَحَلُّهَا بَعْدَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ الرَّأْسِ) إنْ أُرِيدَ بِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مَا يَشْمَلُ الرَّأْسَ لَزِمَ تَكْرِيرُ غَسْلِهِ مَعَ تَرْكِ غَيْرِهِ رَأْسًا إذْ الْفَرْضُ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَكْفِي جَمِيعَ الْبَدَنِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا مَا عَدَا الرَّأْسَ لَزِمَ تَأَخُّرُ الرَّأْسِ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ مَعَ أَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْهُمَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الثَّانِيَ وَيُوَجَّهُ تَأَخُّرُهُ عَنْ الرِّجْلَيْنِ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ كَانَ اقْتِضَاؤُهُ الطُّهْرَ أَضْعَفَ مِنْ اقْتِضَاءِ الرِّجْلَيْنِ فَأُخِّرَ عَنْهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ أَوْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ ثُمَّ الرَّأْسَ أَنَّهُ إنْ كَفَى أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ وَمِنْهَا الرَّأْسُ بَدَأَ بِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَإِنْ لَمْ يَكْفِهَا بَدَأَ بِالرَّأْسِ فَلْيُتَأَمَّلْ
سم (قَوْلُهُ: كَمَا يَفْعَلُ إلَخْ) هَذَا التَّنْظِيرُ يَقْتَضِي تَكَرُّرَ غَسْلِ الرَّأْسِ فَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْغُسْلِ إنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَبْدَأَ بِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِشَرَفِهَا ثُمَّ بِالرَّأْسِ ثُمَّ بِالْبَدَنِ مُبْتَدِئًا بِأَعْلَاهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِهَا أَنَّهُ يُقَدِّمُ غَسْلَ رِجْلَيْهِ عَلَى رَأْسِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ بَلْ يُرِيدُ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِغَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عَنْ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَشْرَعُ فِي الْغُسْلِ إذْ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ تَقْتَضِي الْبُدَاءَةَ بِالرَّأْسِ اهـ قِيلَ وَلِمَا قَالَهُ وَجْهٌ ظَاهِرٌ لَكِنَّ صَنِيعَ الرَّوْضَةِ يَرُدُّ تَأْوِيلَهُ الْمَذْكُورَ اهـ قُلْت وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَيُتَّجَهُ أَنْ يُسْتَثْنَى الرَّأْسُ هُنَا مِنْ مُقْتَضَى التَّنْظِيرِ فَلَا يُكَرَّرُ غَسْلُهُ لِمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى فَلْيُتَأَمَّلْ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْأَصَحِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: شَرِبَ الطَّاهِرَ) أَيْ بِلَا خِلَافٍ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: وَمَشَى عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا هُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي حَرْمَلَةَ حَيْثُ قَالَ إذَا وَجَدَ مَاءً طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا وَاحْتَاجَ إلَى الطَّهَارَةِ تَوَضَّأَ بِالطَّاهِرِ وَشَرِبَ النَّجِسَ اهـ وَنَصُّ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ يَرْتَفِعُ عَنْ التَّصْوِيبِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ لِلطَّهَارَةِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إذَا أَمَرْتُكُمْ) الَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ. اهـ. (قَوْلُهُ: طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ) أَيْ مَسْحٌ أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ وَهَذَا احْتِرَازٌ عَنْ مَسْحِ الْخُفِّ (قَوْلُهُ: مَا لَا يُفِيدُهُ) وَهُوَ اسْتِبَاحَةُ أَكْثَرِ مِنْ فَرْضٍ لَوْ تَمَّمَ الْغُسْلَ. اهـ. (قَوْلُهُ: التَّصْرِيحَ) لِدُخُولِهَا فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ اسْتِعْمَالُهُ لِعَدَمِ صُلُوحِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ فِي وُجُوبِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الرَّأْسِ طَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَلْزَمُهُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ وَاجِبٌ فَلَا يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الرَّأْسِ قَبْلَ التَّيَمُّمِ عَنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَلَا يُمْكِنُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ مَاءٍ يُحْكَمُ بِوُجُوبِ اسْتِعْمَالِهِ. اهـ. وَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَثِّرُ إلَخْ) هَذَا رَدٌّ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَلَا يُمْكِنُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ مَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: يَطْلُبُ أَوْ مَأْذُونُهُ) لَوْ سَبَقَ لَهُ طَلَبٌ وَتَيَمَّمَ وَأَرَادَ تَيَمُّمًا آخَرَ لِبُطْلَانِ الْأَوَّلِ بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لِفَرِيضَةٍ أُخْرَى فَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الطَّلَبِ: يُنْظَرُ فَإِنْ احْتَمَلَ وَلَوْ عَلَى نُدُورِ حُصُولِ الْمَاءِ بِأَنْ انْتَقَلَ مِنْ مَوْضِعِ التَّيَمُّمِ أَوْ طَلَعَ رَكْبٌ أَوْ سَحَابَةٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَجَبَ الطَّلَبُ عَلَى حَسَبِ مَا تَقَدَّمَ فَكُلُّ مَوْضِعٍ تَيَقَّنَ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ أَنْ لَا مَاءَ فِيهِ وَلَمْ يَحْتَمِلْ حُدُوثَ مَاءٍ فِيهِ لِهَذَا السَّبَبِ لَا يَجِبُ الطَّلَبُ مِنْهُ وَاَلَّذِي ظَنَّ أَنْ لَا مَاءَ فِيهِ -
وَلَا يُقَالُ لَمْ يَجِدْ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ؛ وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ مَعَ إمْكَانِهَا بِالْمَاءِ؛ وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ قَدْ يُدْرَكُ بِالطَّلَبِ فَوَجَبَ طَلَبُهُ كَالْقِبْلَةِ؛ فَإِنْ قُلْت: الطَّلَبُ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْعِبَادَةِ فَلَا يَلْزَمُ طَلَبُهُ كَالْمَالِ لِوُجُوبِ الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ قُلْنَا لَيْسَ شَرْطًا لِذَلِكَ بَلْ لِلِانْتِقَالِ عَنْ الْعِبَادَةِ فَيَلْزَمُ طَلَبُهُ كَالرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ وَالْهَدْيِ فِي التَّمَتُّعِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَمَّا غَيْرُ مَأْذُونِهِ فَلَا يَكْفِي طَلَبُهُ وَيَتَعَيَّنُ الطَّلَبُ (فِي الْوَقْتِ) لِحُصُولِ الضَّرُورَةِ حِينَئِذٍ فَلَوْ طَلَبَ شَاكًّا فِيهِ لَمْ يَصِحَّ؛ وَإِنْ صَادَفَهُ كَمَا قُلْنَا فِي التَّيَمُّمِ نَفْسِهِ نَعَمْ يَجُوزُ تَقَدُّمُ الْإِذْنِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: بَلْ لِلِانْتِقَالِ عَنْ الْعِبَادَةِ) أَيْ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ إلَى الطَّهَارَةِ بِالتُّرَابِ (وَقَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ: مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ بِهِ الْعَدَمَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَجُوزُ تَقَدُّمُ إلَخْ) وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ أَظْهَرِ احْتِمَالَيْنِ لِابْنِ الْأُسْتَاذِ وُجُوبَ الطَّلَبِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَأَوَّلَهُ إذَا عَظُمَتْ الْقَافِلَةُ وَلَمْ يُمْكِنْ قَطْعُهَا إلَّا بِذَلِكَ اهـ قِيلَ: وَالْإِيجَابُ أَوَّلُهُ مُتَّجَهٌ وَقَبْلَهُ يَحْتَاجُ لِنَظَرٍ لَكِنْ يُؤَيِّدُهُ وُجُوبُ السَّعْيِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ إلَّا أَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْجُمُعَةَ أُنِيطَ بَعْضُ أَحْكَامِهَا بِالْفَجْرِ فَلَا يُقَاسُ بِهَا غَيْرُهَا. اهـ. قُلْت بَقِيَ فِيهِ أَبْحَاثٌ أَحَدُهَا إذَا الْتَزَمْنَا مَا قَالَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَأَمْكَنَ قَطْعُ الْقَافِلَةِ بِالطَّلَبِ فِي الْوَقْتِ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ قَطْعُهَا مَعَ التَّرَدُّدِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِي الطَّلَبِ إلَّا بِالطَّلَبِ قَبْلَ الْوَقْتِ فَقِيَاسُ مَا قَالَهُ وُجُوبُ الطَّلَبِ قَبْلَ الْوَقْتِ أَيْضًا وَكَذَا لَوْ لَمْ تَكُنْ قَافِلَةٌ وَاحْتَاجَ فِي التَّرَدُّدِ الْوَاجِبِ فِي الطَّلَبِ إلَى تَقْدِيمِهِ عَلَى الْوَقْتِ وَيُتَصَوَّرُ هَذَا فِي نَحْوِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَالثَّانِي أَنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى الْوُجُوبِ قَبْلَ الْوَقْتِ جَوَازُ التَّصَرُّفِ قَبْلَ الْوَقْتِ فِي الْمَاءِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِي الْوَقْتِ لِلطَّهَارَةِ وَإِتْلَافُهُ عَبَثًا مِنْ غَيْرِ عِصْيَانٍ مِنْ حَيْثُ إتْلَافُ مَاءِ الطَّهَارَةِ وَإِنْ ثَبَتَ الْعِصْيَانُ مِنْ حَيْثُ إضَاعَةُ الْمَالِ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَفِيهِ دِقَّةٌ
وَالثَّالِثُ هَلْ مُرَادُ ابْنِ الْأُسْتَاذِ بِتَقْدِيمِهِ عَلَى الْوَقْتِ فِيمَا ذَكَرَهُ مَا يَعُمُّ تَقْدِيمَهُ بِتَمَامِهِ بِأَنْ يَفْرُغَ
ــ
[حاشية الشربيني]
يَجِبُ الطَّلَبُ مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ حُدُوثَ مَاءٍ وَلَمْ يُفَارِقْ مَوْضِعَهُ فَإِنْ كَانَ يَتَيَقَّنُ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ أَنْ لَا مَاءَ فَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْهُ بَلْ ظَنَّ الْعَدَمَ، فَإِنَّهُ يَكْفِي ذَلِكَ فِي الْأَوَّلِ فَهَلْ يَحْتَاجُ فِي الثَّانِي إلَى إعَادَةِ الطَّلَبِ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يَحْتَاجُ وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ مَاءٌ مِنْ بِئْرٍ خَفِيَتْ أَوْ بِدَلَالَةِ شَخْصٍ كَذَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ثُمَّ قَالَ وَإِذَا طَلَبَ ثَانِيًا وَصَلَّى ثُمَّ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى وَجَبَ الطَّلَبُ لَهَا ثَالِثًا وَهَكَذَا وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ فَوَائِتُ تَيَمَّمَ لِلْأُولَى وَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِلثَّانِيَةِ إلَّا بَعْدَ طَلَبٍ ثَانٍ وَهَكَذَا. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا كَتَبَهُ بِخَطِّهِ بِهَامِشِ الْمَجْمُوعِ: يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى أَنَّهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ يَقِينُ الْعَدَمِ بَلْ غَلَبَةُ ظَنٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَارِيًا عَلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِالطَّلَبِ تَعَبُّدًا وَإِنْ تَيَقَّنَ الْعَدَمَ وَهَذَا بَعِيدٌ. اهـ.
ثُمَّ إنَّهُ مَتَى اُحْتُمِلَ وُجُودُ مَاءٍ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الطَّلَبِ فِي الْوَقْتِ فَلَوْ طَلَبَ قَبْلَهُ لِاتِّسَاعِ الْقَافِلَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهِ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ بِدَوَامِ نَظَرِهِ إلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَجِبُ نَظَرُهَا حَتَّى يَدْخُلَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ كَافٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَإِنَّمَا وَجَبَ تَحَقُّقُهُ فِي الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُطْلَبُ لِيَثْبُتَ شَرْطُ التَّيَمُّمِ وَهُوَ عَدَمُ الْمَاءِ فَلَمْ يَجُزْ فِي وَقْتٍ لَا يَجُوزُ فِيهِ فِعْلُ التَّيَمُّمِ كَمَا عَلَّلَ بِهِ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وُجُوبَ كَوْنِهِ فِي الْوَقْتِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: يَطْلَبُ) وَيَجِبُ الطَّلَبُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ فَقْدُهُ فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الظَّنِّ م ر (قَوْلُهُ: يَطْلَبُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وُجُوبُ الطَّلَبِ وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنْ لَا مَاءَ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَبَعْضِ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَقَالَ بَعْضُ الْخُرَاسَانِيِّينَ إنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ الْمَاءِ حَوَالَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَبُ وَقَطَعَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ الطَّلَبُ وَعَلَّلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْقَطْعَ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ بِأَنَّ الطَّلَبَ إنَّمَا يَجِبُ إذَا تَوَقَّعَ وُجُودَ الْمَاءِ تَوَقُّعًا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا فَإِنْ قَطَعَ بِأَنْ لَا مَاءَ هُنَاكَ بِأَنْ يَكُونَ فِي بَعْضِ رِمَالِ الْبَوَادِي فَيَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ اسْتِحَالَةَ وُجُودِ مَاءٍ لَمْ نُكَلِّفْهُ التَّرَدُّدَ لِطَلَبِهِ؛ لِأَنَّ طَلَبَ مَاءٍ يَعْلَمُ اسْتِحَالَةَ وُجُودِهِ مُحَالٌ. اهـ.
مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: يَطْلُبُ أَوْ مَأْذُونُهُ) أَيْ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ فَقْدَهُ وَلَوْ بِخَبَرِ عَدْلٍ وَلَوْ فِي الرِّوَايَةِ قَالَ ع ش وَلَوْ بَقِيَ مَعَ خَبَرِهِ تَرَدُّدٌ لِإِقَامَةِ خَبَرِهِ مَقَامَ الْيَقِينِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَأْذُونُهُ) بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ثِقَةً قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ) أَيْ لَا يُقَالُ فِي اللُّغَةِ لَمْ يَجِدْ إلَّا لِمَنْ طَلَبَ فَلَمْ يُصِبْ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَطْلُبْ فَلَا يُقَالُ لَمْ يَجِدْ نَقَلَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ. اهـ. مَجْمُوعٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ ظَنَّ بِقُرْبِهِ مَاءً طَلَبَهُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. مِنْهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: بَلْ لِلِانْتِقَالِ) أَيْ مِنْ الْوَاجِبِ إلَى بَدَلِهِ (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ الْإِذْنُ) فَلَوْ طَلَبَ بِلَا إذْنٍ لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ لَكِنَّهُمْ قَالُوا إنْ ظَنَّ عَدَمَهُ بِخَبَرِ ثِقَةٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ كَفَى وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا
فِي الطَّلَبِ عَلَيْهِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُمْ وَفِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ مُتَّجَهٌ وَإِذَا طَلَبَ فِيهِ وَلَمْ يَتَيَمَّمْ عَقِبَ الطَّلَبِ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا طَلَبَ قَبْلَهُ تَجِبُ إعَادَتُهُ فِيهِ فَإِنَّهُ مُفَرِّطٌ بِالطَّلَبِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ.
(إنْ نَفْسًا وَمَالًا) وَعُضْوًا مُحْتَرَمَاتٍ (وَانْقِطَاعَهُ) عَنْ الرُّفْقَةِ (أَمِنْ) أَيْ يَطْلُبُ إنْ أَمِنَ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ لِلضَّرَرِ وَلِلْوَحْشَةِ فِي الِانْقِطَاعِ سَوَاءٌ كَثُرَ الْمَالُ أَمْ قَلَّ. نَعَمْ إنْ كَانَ قَدْرًا يَجِبُ بَذْلُهُ فِي تَحْصِيلِ الْمَاءِ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً وَتَيَقَّنَ وُجُودَهُ؛ أَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ ثِقَةٌ وَجَبَ الطَّلَبُ؛ وَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ عَلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَيْفِيَّةُ الطَّلَبِ: أَنْ يُفَتِّشَ رَحْلَهُ وَيَسْأَلَ رُفْقَتَهُ حَتَّى يَسْتَوْعِبَهُمْ أَوْ يَضِيقَ الْوَقْتُ وَالْعِبْرَةُ بِرُفْقَةِ مَنْزِلِهِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ وَيَكْفِي أَنْ يُنَادِيَ فِيهِمْ بِطَلَبِ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخُصَّ كُلَّ وَاحِدٍ بِالسُّؤَالِ كَأَنْ يَقُولَ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ أَوْ مَنْ يَجُودُ بِالْمَاءِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ وَلَوْ بِثَمَنِهِ فَقَدْ يَسْمَحُ السَّامِعُ بِالْبَيْعِ لَا بِالْهِبَةِ تَمَّ يَنْظُرَ حَوَالَيْهِ بِقَدْرِ غَلْوَةِ سَهْمٍ إنْ كَانَ بِمُسْتَوٍ مِنْ الْأَرْضِ وَيَخُصَّ مَوَاضِعَ الْخُضْرَةِ وَاجْتِمَاعِ الطُّيُورِ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمُسْتَوٍ طَلَبَهُ (فِي حَدِّ غَوْثٍ) وَهُوَ مَا يَلْحَقُهُ فِيهِ غَوْثُ الرُّفْقَةِ لَوْ اسْتَغَاثَ بِهِمْ مَعَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ بَعْضِهِ فِي الْوَقْتِ لِيَعْتَدَّ بِهِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَقَعَ قَبْلَ الْوَقْتِ بِقَدْرٍ إذَا انْضَمَّ إلَى الْوَقْتِ وَسِعَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ مَحَلُّ نَظَرٍ سم (قَوْلُهُ: فِي الطَّلَبِ عَلَيْهِ) أَيْ: إنْ لَمْ يَقُلْ اُطْلُبْ لِي قَبْلَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ مُتَّجَهٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ لِيَطْلُبَ لَهُ فِيهِ أَوْ يَطْلُبَ لَا لِيَطْلُبَ لَهُ قَبْلَهُ كَنَظِيرِهِ فِي الْمُحْرِمِ يُوَكِّلُ حَلَالًا لِيَعْقِدَ لَهُ النِّكَاحَ اهـ (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ) يَنْبَغِي مَا لَمْ يَطْرَأْ مَا يُحْتَمَلُ مَعَهُ وُجُودُ الْمَاءِ (قَوْلُهُ تَجِبُ إعَادَتُهُ) أَيْ: مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ بِالطَّلَبِ السَّابِقِ عَدَمَ الْمَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ وُجُوبِ الطَّلَبِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَإِنْ ظَنَّ وُجُودَهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَنْظُرُ حَوَالَيْهِ) يُفِيدُ أَنَّهُ يَكْفِي فِيمَا زَادَ مِنْ الْقَافِلَةِ عَلَى رُفْقَةِ مَنْزِلِهِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ النَّظَرُ
ــ
[حاشية الشربيني]
اشْتَغَلَتْ ذِمَّتُهُ بِالطَّلَبِ فَلَا يَسْقُطُ بِلَا إذْنِهِ وَمَا قَالُوهُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَبْلَ الْحُلُولِ فِي الْمَكَانِ أَخْبَرَهُ الثِّقَةُ بِأَنْ لَا مَاءَ فِيهِ فَلَا يَجِبُ الطَّلَبُ أَصْلًا فَلَمْ تَشْتَغِلْ بِهِ ذِمَّتُهُ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ إعَادَتُهُ) أَيْ مَا لَمْ يَحْدُثْ مَا يُوجِبُ تَجْدِيدَ الطَّلَبِ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيُّ وَالشَّاشِيُّ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَآخَرُونَ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. وَوَافَقَ عَلَيْهِ م ر فِي الشَّرْحِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَتَيَقَّنَ وُجُودَهُ) عِبَارَةُ حَجَرٍ عَلِمَ وُجُودَهُ عِلْمًا يَقِينِيًّا نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّ إخْبَارَ الْعَدْلِ كَافٍ لِإِقَامَةِ الشَّارِعِ لَهُ فِي مَوَاضِعِ مَقَامِ الْيَقِينِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الظَّنِّ بِغَيْرِ ذَلِكَ لَا يَجِبُ مَعَهُ الطَّلَبُ عِنْدَ عَدَمِ الْأَمْنِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: ثِقَةٌ) هُوَ مَنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ أَعْمَى. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: ثِقَةٌ) هُوَ قَيْدٌ هُنَا، وَأَمَّا إذَا أَخْبَرَهُ أَنْ لَا مَاءَ بِيَدِهِ فَيُعْمَلُ بِهِ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ صَادِقًا فَهُوَ مَانِعٌ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: أَوْ يَضِيقَ الْوَقْتُ) بِأَنْ لَا يَبْقَى إلَّا مَا يَسَعُ تِلْكَ الصَّلَاةَ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ وَفِي وَجْهٍ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً. اهـ. مَجْمُوعٌ وَهَذَا عِنْدَ تَوَهُّمِ الْمَاءِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ، أَمَّا إذَا تَيَقَّنَهُ فَقَالَ الْمُحَشِّي فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ يُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ التَّوَهُّمِ يُحْتَمَلُ عَدَمُ وُجْدَانِ الْمَاءِ فَطَلَبُهُ يُفَوِّتُ الْوَقْتَ الْمُحَقَّقَ بِلَا فَائِدَةٍ فَاشْتُرِطَ إدْرَاكُ جَمِيعِ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ وَمَا هُنَا مُتَحَقِّقٌ فِيهِ وُجْدَانُ الْمَاءِ فَاكْتُفِيَ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ مَعَ الْوُضُوءِ لِوُقُوعِهَا أَدَاءً. اهـ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ تَيَقُّنَ الْمَاءِ وَتَوَهُّمَهُ فِي حَدِّ الْغَوْثِ سَوَاءٌ فِي اشْتِرَاطِ الْأَمْنِ عَلَى الْوَقْتِ وَمَالَ إلَيْهِ سم فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ بِرُفْقَةِ مَنْزِلِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ وَالطَّلَبُ مِنْ الرُّفْقَةِ مُعْتَبَرٌ بِالْمَنْزِلِ الَّذِي فِيهِ رُفْقَتُهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ طَلَبُهُ فِي غَيْرِ الْمَنْزِلِ الْمَنْسُوبِ إلَى مَنْزِلِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِمُسْتَوٍ) فَلَا يَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ تَرَدُّدٌ إلَى حَدِّ الْغَوْثِ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ أَصْلًا. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ:
مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ التَّشَاغُلِ بِشَغْلِهِمْ (لِتَوَهُّمٍ بَدَا) أَيْ: ظَهَرَ يَعْنِي يَطْلُبُ الْمَاءَ فِي حَدِّ الْغَوْثِ عِنْدَ تَوَهُّمِهِ لَهُ فِيهِ وَالْمُرَادُ تَجْوِيزُ وُجُودِهِ وَلَوْ بِشَكٍّ أَوْ ظَنٍّ بِقَرِينَةِ مُقَابَلَتِهِ بِالْيَقِينِ كَمَا سَيَأْتِي.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَدُورَ الْحَدُّ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْثَرُ ضَرَرًا عَلَيْهِ مِنْ إتْيَانِ الْمَاءِ فِي الْمَوْضِعِ الْبَعِيدِ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَصْعَدَ جَبَلًا أَوْ نَحْوَهُ بِقُرْبِهِ ثُمَّ يَنْظُرَ حَوَالَيْهِ وَهَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِالتَّرَدُّدِ إلَيْهِ (وَ) يَطْلُبُهُ فِي حَدِّ (الْقُرْبِ) وَهُوَ مَا يَنْتَشِرُ إلَيْهِ النَّازِلُونَ لِاحْتِطَابٍ وَاحْتِشَاشٍ وَنَحْوِهِمَا (مَعْ يَقِينِهِ) لِلْمَاءِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ إلَيْهِ لِذَلِكَ أَوْلَى مِنْهُ لِتِلْكَ الْأَغْرَاضِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ حَدَّ الْقُرْبِ فَوْقَ حَدِّ الْغَوْثِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَلَعَلَّهُ يَقْرَبُ مِنْ نِصْفِ فَرْسَخٍ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ تَيَقَّنَ وُصُولَهُ إلَيْهِ فِي الْوَقْتِ لِبُعْدِهِ وَأَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ عَدَمَهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ وَأَنَّهُ لَوْ انْتَهَى إلَى الْمَنْزِلِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَالْمَاءُ -
ــ
[حاشية العبادي]
حَوَالَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِشَكٍّ) إنْ أَرَادَ مُطْلَقَ التَّرَدُّدِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ أَوْ ظَنَّ أَوْ التَّرَدُّدُ بِاسْتِوَاءٍ خَرَجَ الْوَهْمُ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ) هَذَا فِي الْمُسَافِرِ، أَمَّا الْمُقِيمُ فَيَلْزَمُهُ طَلَبُهُ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ صَنِيعُ الرَّوْضِ كَأَصْلِهِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ تَفْصِيلِ مَسَائِلِ حَدَّيْ الْغَوْثِ وَالْقُرْبِ، أَمَّا الْمُقِيمُ فَلَا يَتَيَمَّمُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى وَإِنْ فَاتَ بِهِ الْوَقْتُ اهـ بَلْ عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ صَرِيحَةٌ فِيهِ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ حَوَالَيْهِ فَلَهُ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ إحْدَاهَا فِي حَدِّ الْقُرْبِ فَيَلْزَمُهُ طَلَبُهُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا بِحَيْثُ لَوْ سَعَى إلَيْهِ لَفَاتَهُ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَيَتَيَمَّمُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ فَيَزِيدَ عَلَى حَدِّ الْقُرْبِ وَلَا يَخْرُجُ لِلْوَقْتِ قَبْلَ وُصُولِهِ فَيَتَيَمَّمُ أَيْضًا هَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ.
وَأَمَّا الْمُقِيمُ فَذِمَّتُهُ مَشْغُولَةٌ بِالْقَضَاءِ لَوْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ لَوْ سَعَى إلَى الْمَاءِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ اهـ بِتَلْخِيصٍ لَكِنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ أَنْ لَا يُعَدَّ مُسَافِرًا فِي طَلَبِ الْمَاءِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ لِقَوْلِهِمْ فِي الْبَدْوِيِّ الْمُقِيمِ بِبَادِيَةٍ لَا مَاءَ فِيهَا لِلطَّهَارَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ النُّقْلَةُ لِلتَّطَهُّرِ بِالْمَاءِ بَلْ يَتَيَمَّمُ فَتَأَمَّلْ وَاعْلَمْ أَنَّهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ قَوْلِ الرَّوْضِ السَّابِقِ، أَمَّا الْمُقِيمُ فَلَا يَتَيَمَّمُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى وَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ بِقَوْلِهِ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ أَيْ: لِتَيَمُّمِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَلَا يَرِدُ جَوَازُ التَّيَمُّمِ لِلْبَرْدِ مَعَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ فِيمَا إذَا خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ لَوْ سَعَى إلَى الْمَاءِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَأَنَّ الْحُكْمَ مَنُوطٌ بِمَنْ هُوَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ
وَيَتَحَصَّلُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ هُوَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ لَزِمَهُ السَّعْيُ إلَى الْمَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي حَدِّ الْبُعْدِ وَخَرَجَ الْوَقْتُ بِالسَّعْيِ إلَيْهِ مُسَافِرًا كَانَ أَوْ مُقِيمًا أَوْ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ عَدَمُ الْمَاءِ لَزِمَهُ السَّعْيُ إلَيْهِ إذَا كَانَ فِي حَدِّ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَالْمُرَادُ إلَخْ) فَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ التَّوَهُّمِ وَهُوَ إدْرَاكُ الْمَرْجُوحِ بَلْ الْوُقُوعُ فِي الْوَهْمِ أَيْ الذِّهْنِ وَلَوْ مَعَ رُجْحَانٍ أَوْ مُسَاوَاةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِالتَّرَدُّدِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى حَدِّ الْغَوْثِ. اهـ. (قَوْلُهُ: نِصْفِ فَرْسَخٍ) وَقَدْرُهُ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ الْمُعْتَدِلِ إحْدَى عَشْرَةَ دَرَجَةً وَرُبُعُ دَرَجَةٍ ع ش (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ إلَخْ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَلَوْ ذَهَبَ لِاحْتِطَابٍ مَثَلًا إلَى آخِرِ حَدِّ الْقُرْبِ فَرَأَى الْمَاءَ قَرِيبًا مِنْهُ لَكِنَّهُ فِي حَدِّ الْبُعْدِ مِنْ مَحَلِّهِ أَوْ رَحْلِهِ لَمْ يَجِبْ طَلَبُهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي آخِرِ حَدِّ الْغَوْثِ وَتَوَهَّمَهُ فِي حَدِّ الْقُرْبِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَجِبُ حِينَئِذٍ لِقُرْبِهِ بِالْفِعْلِ اهـ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ تَخْصِيصِ وُجُوبِ الطَّلَبِ بِحَالَتَيْ التَّوَهُّمِ وَالتَّيَقُّنِ لِلْوُجُودِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ انْتَهَى إلَخْ) يَجِبُ أَنْ يُصَوَّرَ هَذَا بِأَنْ يَكُونَ الْمَاءُ وَهُوَ سَائِرٌ فِي حَدِّ الْقُرْبِ وَكَذَا وَهُوَ نَازِلٌ وَالْمَحَلُّ فِيهِمَا لَا يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ إذْ لَوْ كَانَ وَهُوَ سَائِرٌ فِي حَدِّ الْبُعْدِ أَوْ الْقُرْبِ وَالْمَحَلُّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ فِيهِمَا لَوَجَبَ طَلَبُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ بِاتِّفَاقِهِمَا أَوْ فِي حَدِّ الْبُعْدِ وَالْمَحَلُّ لَا يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ لَمْ يَجِبْ طَلَبُهُ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِهِ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّهُ تَوَجَّهَ إلَيْهِ طَلَبُهُ حِينَ الْأَمْنِ عَلَى الْوَقْتِ وَهُوَ أَوَّلُ الْوَقْتِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ لَا يَجِبُ طَلَبُهُ بَعْدَ نُزُولِهِ إلَّا إنْ أَمِنَ عَلَى الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الطَّهَارَةِ مِنْهُ لَا يَتِمُّ وُجُوبُهُ إلَّا بِإِرَادَتِهِ الصَّلَاةَ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ مُوجِبَ الطَّهَارَةِ الْحَدَثُ مَعَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ أَيْ إرَادَتِهَا وَهُوَ لَمْ يُرِدْهَا إلَّا بَعْدَ النُّزُولِ حَتَّى لَوْ أَرَادَهَا قَبْلُ كَانَ وَقْتُ الطَّلَبِ وَقْتَ إرَادَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. لِيُعْلَمَ مَا فِي كَلَامِ الْمُحَشِّي وَتَصْوِيرِهِ مِنْ الْخَلَلِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ انْتَهَى إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ
فِي حَدِّ الْقُرْبِ وَلَوْ قَصَدَهُ خَرَجَ الْوَقْتُ وَجَبَ قَصْدُهُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي رَحْلِهِ وَبِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ لَا يَجِبُ؛ وَكُلٌّ مِنْهُمَا نَقْلُ مَا قَالَهُ عَنْ ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ وَزَادَ النَّوَوِيُّ نَقْلَهُ عَنْ ظَاهِرِ نَصِّ الْأُمِّ وَغَيْرِهِ.
ــ
[حاشية العبادي]
الْقُرْبِ وَأَمِنَ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَلَا يَلْزَمُهُ إذَا كَانَ فِي حَدِّ الْبُعْدِ أَوْ خَشِيَ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِيهِ بِأَنَّ الْمُقِيمَ يَلْزَمُهُ السَّعْيُ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي حَدِّ الْبُعْدِ وَخَرَجَ الْوَقْتُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ تَعْبِيرَهُمْ بِالْمُقِيمِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْ هُوَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ مُقِيمًا كَانَ أَوْ مُسَافِرًا؛ وَبِأَنَّ الْمُسَافِرَ يَلْزَمُهُ السَّعْيُ إنْ كَانَ الْمَاءُ فِي حَدِّ الْقُرْبِ بِشَرْطِ أَمْنِ الْخَوْفِ وَلَا يَلْزَمُهُ إنْ كَانَ فِي حَدِّ الْبُعْدِ أَوْ خَافَ الْوَقْتَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمُسَافِرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ هُوَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ عَدَمُ الْمَاءِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُقِيمُ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْعَدَمُ فَلَا يَلْزَمُهُ السَّعْيُ إلَى الْمَاءِ إلَّا إذَا كَانَ فِي حَدِّ الْقُرْبِ وَأَمِنَ الْوَقْتَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي حَدِّ الْبُعْدِ أَوْ خَافَ الْوَقْتَ نَعَمْ مَحَلُّ لُزُومِ السَّعْيِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَعْنِي مَا إذَا كَانَ بِمَحِلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ أَنْ لَا يُعَدَّ السَّعْيُ مِنْ مَحَلِّهِ إلَى الْمَاءِ سَفَرًا مُسَافِرًا كَانَ أَوْ مُقِيمًا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ قَوْلُ شَرْحِ الرَّوْضِ فِيمَا إذَا خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ مَفْهُومُهُ أَنَّ التَّعْبِيرَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ لِلْغَالِبِ عِنْدَ أَمْنِ الْوَقْتِ حَتَّى يَلْزَمَ الْمُقِيمَ بِمَا لَا يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْ حَدِّ الْبُعْدِ عِنْدَ أَمْنِ الْوَقْتِ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُرَادٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ سم
(قَوْلُهُ: فِي حَدِّ الْقُرْبِ) أَيْ: مِنْ حِينِ نُزُولِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَهُ) أَيْ: مِنْ حِينِ نُزُولِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ النَّوَوِيُّ لَا يَجِبُ) قَدْ يُشْكِلُ إذَا كَانَ لَوْ قَصَدَهُ مِنْ حِينِ نُزُولِهِ خَرَجَ الْوَقْتُ وَلَوْ قَصَدَهُ قَبْلُ لَمْ يَخْرُجْ مَعَ أَنَّهُ مُطَالَبٌ بِالصَّلَاةِ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَقَدْ يُتَّجَهُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ الْمَاءُ قَبْلَ الِانْتِهَاءِ إلَى الْمَنْزِلِ فِي حَدِّ الْبُعْدِ فَلَا إشْكَالَ إذْ لَا يَجِبُ طَلَبُهُ قَبْلَ الِانْتِهَاءِ إلَى الْمَنْزِلِ لِكَوْنِهِ فِي حَدِّ الْبُعْدِ فَإِنْ قُلْت: لَا إشْكَالَ وَإِنْ لَمْ تُصَوَّرْ بِمَا ذُكِرَ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْمَاءَ عَبَثًا أَوْ مَرَّ بِهِ فَلَمَّا أَبْعَدَ عَنْهُ تَيَمَّمَ قُلْت: قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ تَيَقَّنَ الْعَدَمَ فِي مَحَلِّ الطَّلَبِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم
ــ
[حاشية الشربيني]
إطْلَاقِهِ وُجُوبَ الطَّلَبِ مِنْ حَدِّ الْقُرْبِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ قَصْدُهُ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مُطَالَبٌ بِالْوُضُوءِ قَبْلَ إرَادَةِ الصَّلَاةَ مَعَ أَنَّ أَصَحَّ الْأَوْجُهِ أَنَّ مُوجِبَهُ الْحَدَثُ وَالْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ فَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ رحمه الله فَتَأَمَّلْ، وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ الرَّمْلِيَّ قَالَ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي مَحَلٍّ لَا يَسْقُطُ فِعْلُ الصَّلَاةِ فِيهِ بِالتَّيَمُّمِ، وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الرَّوْضَةِ، أَمَّا الْمُقِيمُ فَلَا يَتَيَمَّمُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ. اهـ. وَهُوَ حَمْلٌ لَا يَرْضَى بِهِ الرَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ ذَكَرَ هَذَا الْكَلَامَ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا بِحَيْثُ لَوْ سَعَى فَاتَهُ وَقْتُ الصَّلَاةِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ هَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ، أَمَّا الْمُقِيمُ فَذِمَّتُهُ مَشْغُولَةٌ بِالْقَضَاءِ لَوْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ فَلَيْسَ أَنْ يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ لَوْ سَعَى إلَى الْمَاءِ. اهـ.
وَقَدْ
قَالَ الْبَارِزِيُّ وَعَلَى قِيَاسِهِ يَنْبَغِي لَوْ تَوَهَّمَ وُجُودَ الْمَاءِ فِي حَدِّ الْغَوْثِ وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الِانْتِهَاءِ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ فِي الْوَقْتِ وَيُؤَيِّدُ مَا قَاسَهُ وَمَا قَاسَ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ النَّوْبَةَ فِي الْبِئْرِ لَا تَنْتَهِي إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي فِيهِ بِلَا قَضَاءٍ (وَجَدَّدَا لِلثَّانِ) أَيْ: وَجَدَّدَ الطَّلَبَ لِلتَّيَمُّمِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَطَّلِعُ عَلَى مَاءٍ لَكِنَّهُ دُونَ الطَّلَبِ الْأَوَّلِ نَعَمْ إنْ تَيَقَّنَ عَدَمَهُ بِالْأَوَّلِ وَاسْتَمَرَّ التَّيَقُّنُ فَلَا طَلَبَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ
(وَالتَّأْخِيرُ لِلتَّيَقُّنِ) أَيْ: وَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ لِيُؤَدِّيَهَا بِالْوُضُوءِ عِنْدَ تَيَقُّنِ الْمَاءِ (آخِرَهُ) أَيْ: آخِرَ الْوَقْتِ (أَوْلَى) مِنْ تَعْجِيلِهَا أَوَّلَهُ بِالتَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ هُوَ الْأَصْلُ وَالْأَكْمَلُ؛ وَلِأَنَّ فَضِيلَةَ الصَّلَاةِ بِهِ وَلَوْ آخِرَ الْوَقْتِ أَبْلَغُ مِنْهَا بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلَهُ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ جَائِزٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَدَائِهَا أَوَّلَهُ وَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوُضُوءِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا تَيَقَّنَهُ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهِ وَإِلَّا وَجَبَ التَّأْخِيرُ؛ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ كُلَّهُ مَحَلُّ الطَّلَبِ فَلَا وَجْهَ لِمَنْ أَطْلَقَ اسْتِحْبَابَ التَّأْخِيرِ مِنْ أَصْحَابِنَا.
اهـ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَيَقَّنْهُ آخِرَ الْوَقْتِ بِأَنْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ أَوْ تَوَهَّمَهُ فَتَقْدِيمُهَا بِالتَّيَمُّمِ أَوْلَى لِتَحَقُّقِ فَضِيلَةِ التَّقْدِيمِ دُونَ فَضِيلَةِ الْوُضُوءِ وَقِيلَ تَأْخِيرُهَا فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْلَى لِمَا مَرَّ قَالَ: الْإِمَامُ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْقَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الظَّنِّ وَالْقَوْلَانِ فِيمَا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلَهُ وَبِالْوُضُوءِ آخِرَهُ فَهُوَ النِّهَايَةُ فِي إحْرَازِ الْفَضِيلَةِ وَتَبِعَهُ الشَّيْخَانِ فِي ذَلِكَ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ لَا تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا بِالْوُضُوءِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الرُّويَانِيَّ نَقَلَهُ أَيْضًا عَنْ الْأَصْحَابِ؛ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا فِيمَنْ لَا يَرْجُو الْمَاءَ بَعْدُ بِقَرِينَةِ سِيَاقِ الْكَلَامِ (كَثَوْبِ الْبَدَنِ) فَإِنَّهُ إنْ تَيَقَّنَ الْعَارِي حُصُولَهُ آخِرَ الْوَقْتِ فَالتَّأْخِيرُ أَوْلَى وَإِلَّا فَعَكْسُهُ (وَمُشْتَرَى) اسْمُ مَفْعُولٍ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ أَيْ: وَاشْتِرَاءُ (مَاءٍ) لِلطُّهْرِ (وَثَوْبٍ) لِلسَّتْرِ (حُتِمَا) أَيْ: وَجَبَ كَمَا يَجِبُ شِرَاءُ الرَّقَبَةِ لِلْكَفَّارَةِ وَالطَّعَامِ لِلْمَجَاعَةِ فَإِنْ امْتَنَعَ صَاحِبُ الْمَاءِ وَالثَّوْبِ مِنْ الْبَذْلِ بِلَا حَاجَةٍ فَلَيْسَ لَهُ قَهْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ يَنْبَغِي لَوْ تَوَهَّمَ إلَخْ) هَذَا وَاضِحٌ إنْ لَمْ يَصِرْ الْمَاءُ فِي حَدِّ الْغَوْثِ إلَّا بَعْدَ انْتِهَائِهِ إلَى الْمَنْزِلِ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي حَدِّ الْغَوْثِ قَبْلَ الِانْتِهَاءِ إلَيْهِ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ فَأَعْرَضَ عَنْ الطَّلَبِ بِلَا عُذْرٍ إلَى أَنْ نَزَلَ وَضَاقَ الْوَقْتُ فَفِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ لَهُ حِينَئِذٍ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْوَاجِبَ بِتَقْصِيرِهِ وَلَوْ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ حِينَئِذٍ لَزِمَ إمْكَانُ إسْقَاطِ الطَّلَبِ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ بِأَنْ يُعْرِضَ عَنْهُ بِلَا عُذْرٍ إلَى ضِيقِ الْوَقْتِ وَلَا يُمْكِنُ الْتِزَامُ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم
(قَوْلُهُ: لَوْ تَوَهَّمَ) بَقِيَ مَا لَوْ تَيَقَّنَهُ وَقَدْ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ وَالْمَاءُ فِي حَدِّ الْقُرْبِ؛ لِأَنَّ حَدَّ الْغَوْثِ مِنْ جُمْلَةِ حَدِّ الْقُرْبِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُ مَا قَاسَهُ) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ فِيمَا سَيَأْتِي حَائِلًا وَهُوَ ذُو النَّوْبَةِ كَذَا بِخَطِّهِ
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ تَيَقَّنَهُ فِي مَنْزِلِهِ وَجَبَ التَّأْخِيرُ إنْ أَرَادَ بِتَيَقُّنِهِ فِي مَنْزِلِهِ تَيَقُّنَ وُجُودِهِ فِي الْحَالِ فِي مَنْزِلِهِ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ مَانِعٌ لَا يَزُولُ إلَّا فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَالْمُتَّجَهُ مَا قَالَهُ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ تَيَقُّنَ طُرُوُّ وُجُودِهِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَالْوَجْهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: فَلَا وَجْهَ لِمَنْ أَطْلَقَ) الْإِطْلَاقُ هُوَ الْأَوْجَهُ (قَوْلُهُ وَبِالْوُضُوءِ آخِرَهُ) أَيْ: وَلَوْ مُنْفَرِدًا (قَوْلُهُ: فَهُوَ النِّهَايَةُ إلَخْ) هَذَا فَرَضَهُ الشَّارِحُ فِي صُورَةِ الظَّنِّ كَمَا تَرَى وَيَجْرِي فِي غَيْرِهَا مِنْ بَقِيَّةِ الصُّوَرِ حَتَّى صُورَةِ التَّيَقُّنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ هُوَ عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ الْآتِيَةِ فَيُقَالُ مَحَلُّ الْكَلَامِ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ صَلَّاهَا عَارِيًّا أَوَّلَ الْوَقْتِ وَمَسْتُورًا آخِرَهُ فَهُوَ النِّهَايَةُ فِي إحْرَازِ الْفَضِيلَةِ (قَوْلُهُ: لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا) أَيْ مُنْفَرِدًا (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا) أَيْ: عَدَمَ اسْتِحْبَابِ إعَادَتِهَا بِالْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: كَثَوْبِ الْبَدَنِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّشْبِيهِ أَنْ يَجْرِيَ هُنَا مَا سَلَف مِنْ حُكْمِ الظَّنِّ وَالْوَهْمِ وَجَرَيَانُ كَلَامِ الْإِمَامِ وَبِهِ صَرَّحَ الْجَوْجَرِيُّ
ــ
[حاشية الشربيني]
تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُسَافِرِ مَنْ بِمَحَلٍّ يَسْقُطُ فِيهِ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي فِيهِ بِلَا قَضَاءٍ) أَيْ إذَا كَانَ الْمَحَلُّ لَا يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْبِئْرِ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ إلَخْ) فِي قَوْلِهِ وَأَنَّهُ إذَا تَيَقَّنَ عَدَمَهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ. اهـ. . .
(قَوْلُهُ: آخِرَهُ) بِأَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ وَطُهْرَهَا وَلَوْ بِأَقَلَّ مُجْزِئٍ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ لَا يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ وَإِلَّا وَجَبَ التَّأْخِيرُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ. اهـ. ع ن عَلَى م.
(قَوْلُهُ: هُوَ الْأَصْلُ إلَخْ) وَلِهَذَا يُصَلِّي بِهِ صَلَوَاتٍ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ يَجِدُهُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ فِي مَنْزِلِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَيَيْنِ)، أَمَّا فِي التَّوَهُّمِ فَلَمْ يَقُلْ بِأَوْلَوِيَّةِ التَّأْخِيرِ أَحَدٌ كَمَا يُفِيدُهُ صَنِيعُ الْمَجْمُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ الظَّنِّ) قَيَّدَ بِهَا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَذْكُرْهُمَا فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ بَلْ سَكَتَ عَنْهُمَا لَكِنْ ذَكَرَهُمَا فِيهَا أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ وَإِنْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي صُورَةِ الشَّكِّ بِالتَّقْدِيمِ قَوْلًا وَاحِدًا. اهـ. مَجْمُوعٌ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ النِّهَايَةُ إلَخْ) فَيَجُوزُ عِنْدَ الْمَاوَرْدِيِّ حِينَئِذٍ التَّيَمُّمُ أَوَّلَ الْوَقْتِ لِإِحْرَازِ الْفَضِيلَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِيمَنْ لَا يَرْجُو الْمَاءَ) أَيْ أَوْ يَتَوَهَّمُهُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْحَاشِيَةِ. اهـ. -
؛ لِأَنَّ لِمَاءِ الطُّهْرِ بَدَلًا وَالصَّلَاةُ بِلَا سُتْرَةٍ لَا تَجِبُ إعَادَتُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الظَّامِئِ فَإِنَّ لَهُ قَهْرَهُ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ كَمَا سَيَأْتِي (وَ) حَتْمٌ شِرَاءُ (الثَّوْبِ) لَا الْمَاءِ (إنْ يُوسِرْ) بِثَمَنٍ (لِفَرْدٍ) أَيْ: لِوَاحِدٍ (مِنْهُمَا) لِدَوَامِ النَّفْعِ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ يَجِبُ لِلصَّلَاةِ وَلِلصَّوْنِ عَنْ الْعُيُونِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ بِخِلَافِ مَاءِ الطَّهَارَةِ وَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِمَمْلُوكِهِ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ دُونَ مَاءِ الطَّهَارَةِ فِي السَّفَرِ كَذَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ.
لَكِنَّهُ أَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ فِي نَفَقَةِ الرَّقِيقِ وُجُوبَ شِرَاءِ مَاءِ الطَّهَارَةِ لَهُ فَيُحْتَمَلُ حَمْلُهُ عَلَى الْحَضَرِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ وَيَكُونُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَجْهًا فِي الْمَسْأَلَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الثَّوْبِ بَيْنَ الْكَافِي لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَغَيْرِهِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُ الْمُعَلِّقِينَ عَلَى الْحَاوِي بِمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَافِيًا أَوْ غَيْرَ كَافٍ أَوْ الثَّوْبُ وَحْدَهُ كَافِيًا وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يَجِدُ تُرَابًا بِمَحَلٍّ يَسْقُطُ فِيهِ فَرْضُهُ بِالتَّيَمُّمِ أَوْ لَا يَسْقُطُ بِهِ وَمَنْ لَا يَجِدُهُ وَنَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ لَوْ كَانَ مُحْدِثًا وَعَلَيْهِ نَجَسٌ أَوْ مُحْرِمًا وَعَلَيْهِ حَدَثٌ وَطِيبٌ تَجِبُ إزَالَتُهُ وَمَعَهُ مَاءٌ يَكْفِي أَحَدَهُمَا فَقَطْ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُ النَّجَسِ وَالطِّيبِ وَتَيَمَّمَ لِلْحَدَثِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ الْوُضُوءُ بِهِ وَجَمَعَهُ لِغَسْلِ الطِّيبِ فَإِنْ أَمْكَنَ وَجَبَ فِعْلُهُ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: هُنَا فَلَوْ تَيَمَّمَ ثُمَّ غَسَلَ النَّجَسَ جَازَ وَصَحَّحَ فِيهَا وَفِي التَّحْقِيقِ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ عَدَمَ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِإِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَلَا إبَاحَةَ مَعَ الْمَانِعِ فَأَشْبَهَ التَّيَمُّمَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَهَذَا هُوَ الْأَرْجَحُ فَإِنَّهُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ كَمَا فِي الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَالذَّخَائِرِ.
وَالْأَقْيَسُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ هُنَاكَ عَنْ تَصْحِيحِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَالشَّيْخِ نَصْرٍ وَالشَّاشِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَنَقَلَ فِيهِ تَصْحِيحَ الْجَوَازِ
ــ
[حاشية العبادي]
وَنَسَبَهُ لِتَصْرِيحِ الْإِمَامِ بِرّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ لِمَاءِ الطُّهْرِ بَدَلًا إلَخْ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا احْتَاجَ لِلْمَاءِ لِإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ بِبَدَنِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِدَوَامِ النَّفْعِ إلَخْ) ذَكَرَ ثَلَاثَ عِلَلٍ وَالظَّاهِرُ فِيمَا لَوْ قَدَرَ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَقَطْ مِنْ شِرَاءٍ لَوْ مَعَ وُجُودِ بِئْرٍ هُنَاكَ وَشِرَاءِ مَاءِ الطَّهَارَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ شِرَاءُ الدَّلْوِ عَمَلًا بِالتَّعْلِيلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ وَإِنْ اقْتَضَى الْأَوَّلُ خِلَافَهُ بَلْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَغَيْرِهِ) شَامِلٌ لِسَاتِرِ السَّوْأَتَيْنِ فَقَطْ أَوْ إحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَ وَجَبَ فِعْلُهُ) كَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ غَسْلُ الطِّيبِ بِهِ ثُمَّ الْوُضُوءُ بِغُسَالَتِهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْوُضُوءُ بِهِ وَجَمْعُهُ لِغَسْلِ الطِّيبِ لَكِنْ أَمْكَنَ غَسْلُ الطِّيبِ بِهِ ثُمَّ جَمْعِهِ لِلْوُضُوءِ حَيْثُ لَا يَتَغَيَّرُ بِالطِّيبِ تَغَيُّرًا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَنُقِلَ فِيهِ تَصْحِيحُ الْجَوَازِ إلَخْ) وَاخْتَلَفَ كَلَامُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي التَّيَمُّمِ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ فَرَجَّحَ فِي مَوْضِعٍ الْجَوَازَ وَذَكَرَ فِي آخَرَ عَنْ التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: لِدَوَامِ النَّفْعِ بِهِ) هَلْ الْمُرَادُ النَّفْعُ الْوَاجِبُ؟ . اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَاءِ الطَّهَارَةِ) أَيْ فَإِنَّ لَهُ بَدَلًا وَلَوْ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عِنْدَ أَحْمَدَ كَمَا سَبَقَ أَوْ يُقَالُ لَهُ بَدَلٌ فِي الْجُمْلَةِ وَهَذَا أَوْلَى. اهـ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِمَجِيءِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْلِيلِ فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ نَجَسٌ) أَيْ غَيْرُ مَا يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ، أَمَّا هُوَ فَجَوَازُ التَّيَمُّمِ قَبْلَهُ نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاصِّ وَالرَّبِيعُ عَنْ الشَّافِعِيِّ لَكِنَّهُمْ غَلَّطُوا الرَّبِيعَ فِي نَقْلِهِ وَقَالُوا إنَّهُ مِنْ تَخْرِيجِهِ وَبِالْجُمْلَةِ الْخِلَافُ فِيهِ وَاهٍ جِدًّا وَالصَّحِيحُ عَدَمُ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ تُسْتَبَاحُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنْ نَجَاسَةِ النَّجْوِ فَلَا تُسْتَبَاحُ مَعَ بَقَاءِ الْمَانِعِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَجَازَ أَنْ يَرْفَعَهُ وَالْمَانِعُ قَائِمٌ، أَمَّا نَجَاسَةُ غَيْرِ مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا هَذَا التَّفْصِيلُ. اهـ. كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَمَعَهُ مَاءٌ يَكْفِي أَحَدَهُمَا) يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَاءٌ أَصْلًا أَوْ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِي لِأَحَدِهِمَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ مَعَ بَقَاءِ النَّجَاسَةِ بِلَا خِلَافٍ وَبِخَطِّ الْأَذْرَعِيِّ بِهَامِشِ الْمَجْمُوعِ اسْتِظْهَارًا مِنْ عِنْدِهِ أَنَّ مَحَلَّ الْوَجْهَيْنِ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى التَّيَمُّمِ، أَمَّا عِنْدَ الْعَجْزِ فَيَتَيَمَّمُ وَجْهًا وَاحِدًا وَإِلَّا انْسَدَّ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ جُمْلَةً وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ. اهـ. وَيُسَاعِدُهُ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ بَعْدَ ذِكْرِ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الشَّرْحِ ثُمَّ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ مَعَ هَذَا الْمُتَيَمِّمِ مِنْ الْمَاءِ مَاءٌ يَكْفِيهِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ. اهـ.
ثُمَّ رَأَيْت ع ش قَالَ: فِيمَا يَأْتِي لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَوْ لَا فَلَوْ عَجَزَ صَلَّى كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَيُعِيدُ وَقَيَّدَ حَجَرٌ الْبُطْلَانَ بِمَا إذَا كَانَ مَعَهُ مَا يَكْفِي لِإِزَالَةِ الْخَبَثِ الْقَادِرِ عَلَى إزَالَتِهِ. اهـ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ صَحَّ تَيَمُّمُهُ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ عَالِمًا بِالنَّجَاسَةِ صَحَّ تَيَمُّمُهُ؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ الْمَاءَ لِلتَّيَمُّمِ يَكْفِيهِ لَهُ وَلِلنَّجَاسَةِ وَإِنْ حَدَثَتْ بَعْدَ التَّيَمُّمِ بَطَلَ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ لِإِزَالَتِهَا. اهـ.
فَقَدْ صَرَّحَ بِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ مَعَ النَّجَاسَةِ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ. اهـ. لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ م ر أَنَّ مَنْ بِهِ نَجَاسَةٌ مَعَ الْفَقْدِ لَا يَتَيَمَّمُ بَلْ يُصَلِّي كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُ النَّجَسِ) سَوَاءٌ كَانَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ أَوْ لَا وَقِيلَ إنْ كَانَ بِمَحَلٍّ لَا يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ يَتَخَيَّرُ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ أَوْلَى لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّحْقِيقِ لَكِنَّ مُقْتَضَى إيرَادِهِ فِي الْمَجْمُوعِ تَضْعِيفُهُ. اهـ. وَاعْتَمَدَ م ر الْأَوَّلَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُ النَّجَسِ) هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَالْخِلَافُ الْآتِي فِي وُجُوبِ التَّقْدِيمِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ وَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ عَنْ التَّحْقِيقِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قِيسَ) يَعْنِي أَنَّ قِيَاسَ عَدَمِ الْجَوَازِ عَلَى التَّيَمُّمِ قَبْلَ الْوَقْتِ أَتَمُّ مِنْ قِيَاسِ الْجَوَازِ عَلَى التَّيَمُّمِ عُرْيَانًا لِوُجُودِ الْفَارِقِ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ أَقْيَسَ أَيْ أَتَمَّ قِيَاسًا مِنْ الثَّانِي. اهـ. (قَوْلُهُ: تَصْحِيحُ الْجَوَازِ) أَيْ قَالَ فِيهِ إنَّ أَصَحَّ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ يَصِحُّ. اهـ.
عَنْ الْإِمَامِ وَالْبَغَوِيِّ كَمَنْ تَيَمَّمَ عُرْيَانًا وَعِنْدَهُ سُتْرَةٌ قَالَ: وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ أَخَفُّ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَلِهَذَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ الْعُرْيِ بِلَا إعَادَةٍ بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ (وَ) حَتْمٌ شِرَاءُ (الدَّلْوِ) وَنَحْوِهِ مِنْ آلَاتِ الِاسْتِقَاءِ (وَاسْتِئْجَارِ ذَيْنِ) أَيْ: الثَّوْبِ وَالدَّلْوِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَسِيلَةٌ لِتَحْصِيلِ الْمَاءِ وَالسَّتْرِ (بِثَمَنْ) مِثْلٍ فِي الشِّرَاءِ (وَأَجْرِ مِثْلٍ) فِي الِاسْتِئْجَارِ (ثَمَّ) أَيْ: فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ (فِي ذَاكَ الزَّمَنْ) اعْتِبَارًا بِحَالَةِ التَّقْوِيمِ وَالْأَقْرَبُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَنْتَهِ الْأَمْرُ إلَى سَدِّ الرَّمَقِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ حِينَئِذٍ وَرُبَّمَا يَرْغَبُ فِي الشَّرْبَةِ حِينَئِذٍ بِدَنَانِيرَ وَيَبْعُدُ فِي الرُّخْصِ إيجَابُ ذَلِكَ.
وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّاظِمِ أَنَّهُ لَا يَتَحَتَّمُ الشِّرَاءُ وَالِاسْتِئْجَارُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ أَجْرِهِ وَإِنْ قُلْت: وَتُغُوبِنَ بِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ وَلِهَذَا لَوْ خَافَ تَلَفَ يَسِيرٍ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَبُ كَمَا مَرَّ قَالَ: الرَّافِعِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ عَدَمَ لُزُومِ شِرَاءِ آلَةِ الِاسْتِقَاءِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ كَذَا ذَكَرُوهُ وَلَوْ قِيلَ يَلْزَمُ مَا لَمْ تُجَاوِزْ الزِّيَادَةُ ثَمَنَ مِثْلِ الْمَاءِ لَكَانَ حَسَنًا؛ لِأَنَّ الْآلَةَ الْمُشْتَرَاةَ تَبْقَى لَهُ وَقَدْرُ ثَمَنِ الْمَاءِ يَحْتَمِلُ التَّلَفَ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ حَبْلًا وَوَجَدَ ثَوْبًا يُمْكِنُهُ شَدُّهُ فِي الدَّلْوِ لِيَسْتَقِيَ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ دَلْوٌ وَأَمْكَنَ إدْلَاءُ الثَّوْبِ فِي الْبِئْرِ لِيَبْتَلَّ وَيَعْصِرَ مِنْهُ مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ لَزِمَهُ فِعْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْمَاءِ وَأَمْكَنَهُ شَقُّهُ وَشَدُّ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ لِيَصِلَ وَجَبَ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ فِي الثَّوْبِ نَقْصٌ يَزِيدُ عَلَى أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ وَأُجْرَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
الْمَنْعَ (قَوْلُهُ: قَالَ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ إلَخْ) فَرَّقَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِمِثْلِ هَذَا الْفَرْقِ بَيْنَ مَا قَالَ إنَّهُ الْأَوْجَهُ مِنْ جَوَازِ التَّيَمُّمِ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ وَبَيْنَ امْتِنَاعِهِ قَبْلَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ قَالَ وَلِهَذَا أَيْ أَنَّهُ أَخَفُّ تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ بِالِاجْتِهَادِ بِلَا إعَادَةٍ بِخِلَافِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ اهـ (قَوْلُهُ: وَقَدْرُ ثَمَنِ الْمَاءِ يَحْتَمِلُ التَّلَفَ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَرَدَّ الْبُلْقِينِيُّ الْبَحْثَ بِأَنَّهُ يَصِيرُ اللَّازِمُ لِلْمُكَلَّفِ أَمْرَيْنِ ثَمَنَ الْآلَةِ وَثَمَنَ الْمَاءِ وَرُبَّمَا تَقَعُ الْآلَةُ فِي الْبِئْرِ فَتَفُوتُ عَلَيْهِ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَنُ الْمَاءِ اهـ
(قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْمَاءِ وَأَمْكَنَهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ عَدِمَ الْمَاءَ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ حَفَرَ مَحَلَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ بِحَفْرٍ قَرِيبٍ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ وَجَبَ الْحَفْرُ وَإِلَّا فَلَا شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: يَزِيدُ عَلَى أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ) اعْتِبَارُ أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ فِيهِمَا هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَاعْتَمَدَهُ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: بِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ) أَيْ طَلَبَهُ أَخَفُّ مِنْ طَلَبِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَاسْتِئْجَارُ ذَيْنِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى اسْتِئْجَارِ مَنْ يَنْزِلُ إلَى الْمَاءِ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ لَزِمَهُ وَلَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ (قَوْلُهُ: بِثَمَنِ مِثْلٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا احْتَاجَهُ لِعَطَشِ مُحْتَرَمٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ شِرَاؤُهُ بِزِيَادَةٍ عَنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَيَلْزَمُهُ دَفْعُ الزِّيَادَةِ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: فِي الشِّرَاءِ) أَيْ لِلْمَاءِ وَغَيْرِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ) أَيْ لَمْ يُخَالِفْ الْإِمَامَ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا لَمْ يَنْتَهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْمَكَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ لَكِنْ لَا يُعْتَبَرُ ثَمَنُ الْمَاءِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى سَدِّ الرَّمَقِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ ذِكْرِهِ عَدَمَ لُزُومِ شِرَاءِ آلَةِ الِاسْتِقَاءِ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ وَلَوْ وَجَدَ آلَةَ الِاسْتِقَاءِ بِالثَّمَنِ أَوْ الْأُجْرَةِ لَزِمَهُ تَحْصِيلُهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنْ زَادَ لَمْ يَجِبْ كَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ قِيلَ يَجِبُ مَا لَمْ تُجَاوِزْ الزِّيَادَةُ ثَمَنَ مِثْلِ الْمَاءِ لَكَانَ حَسَنًا. اهـ. فَكَلَامُهُ فِي الثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ مَعًا وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ فِيهِمَا مَعًا نَقَلَ الْأَوَّلَ الْمُحَشِّي صَرِيحًا وَأَشَارَ إلَى الثَّانِي. اهـ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تُجَاوِزْ الزِّيَادَةُ ثَمَنَ مِثْلِ الْمَاءِ) وَإِنْ جَاوَزَتْ ثَمَنَ مِثْلِ الْآلَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تُجَاوِزْ الزِّيَادَةُ ثَمَنَ مِثْلِ الْمَاءِ) يَعْنِي أَنَّ الزِّيَادَةَ وَحْدَهَا لَا تُجَاوِزُ فَإِذَا كَانَتْ وَحْدَهَا قَدْرَ ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ وَجَبَ تَحْصِيلُ الْآلَةِ بِثَمَنِ مِثْلِهَا مَعَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ الَّتِي هِيَ قَدْرُ ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ وَمِثْلُ الْمَاءِ آلَةُ الِاسْتِقَاءِ لَكِنْ بَحَثَ الرَّافِعِيُّ فِيهَا اغْتِفَارَ الزِّيَادَةِ الَّتِي يَجِبُ بَذْلُهَا فِي تَحْصِيلِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّ الْآلَةَ تَبْقَى لَهُ وَالْمَاءُ يَجِبُ تَحْصِيلُهُ فَيُغْتَفَرُ ثَمَنُهُ اهـ.
وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ يَصِيرُ اللَّازِمُ لِلْمُكَلَّفِ أَمْرَيْنِ ثَمَنَ الْآلَةِ وَثَمَنَ الْمَاءِ وَالصَّوَابُ اعْتِبَارُ ثَمَنِ الْمَاءِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: اعْتِبَارُ ثَمَنِ الْمَاءِ هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ مَتَى جَاوَزَتْ ثَمَنَ مِثْلِ الْمَاءِ لَا تَجِبُ وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ثَمَنِ الْآلَةِ هُوَ ثَمَنُ مِثْلِ الْمَاءِ حَتَّى إذَا كَانَ ثَمَنُ مِثْلِهَا أَزْيَدَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ لَا يَجِبُ شِرَاؤُهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْمَاءُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي بَحْثِ الرَّافِعِيِّ الْأَوَّلُ وَظَاهِرُ مَا سَنَنْقُلُهُ عَنْهُ فِي اسْتِئْجَارِ الْآلَةِ الثَّانِي فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَكَانَ حَسَنًا) هَذَا آخِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْهُ وَنَقَلَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَنْ الرَّافِعِيِّ التَّعْلِيلَ بِأَنَّ الْآلَةَ تَبْقَى لَهُ وَالْمَاءُ يَجِبُ تَحْصِيلُهُ فَيُغْتَفَرُ ثَمَنُهُ. اهـ. وَيُمْكِنُ أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَدْرُ ثَمَنِ الْمَاءِ يُحْتَمَلُ إلَخْ ثُمَّ رَأَيْت شَرْحَ الرَّوْضِ نَقَلَ عَنْ الرَّافِعِيِّ مِثْلَ مَا نَقَلَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَجِدْ حَبْلًا إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ النُّزُولُ بِنَفْسِهِ إلَى الْمَاءِ أَوْ أَمْكَنَهُ بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ وَإِلَّا لَزِمَهُ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَهُ شَقُّهُ) هَذَا إنْ عَلِمَ الْمَاءَ فِيهَا بِخِلَافِ مَا إذَا تَوَهَّمَهُ بِأَنْ كَانَتْ مُظْلِمَةً سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ حَاشِيَةِ الْعِرَاقِيِّ لِلشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: يَزِيدُ عَلَى أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ إلَخْ) مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ اسْتِئْجَارُ
مِثْلِ الْحَبْلِ (يَفْضُلُ) أَيْ: كُلٌّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَأَجْرِهِ (عَنْ) مُؤْنَةِ نَفْسِهِ وَكُلِّ حَيَوَانٍ (ذِي حُرْمَةٍ مَعَهُ) بِسُكُونِ الْعَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَا حُرْمَةَ لَهُ كَمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ وَمَا لَيْسَ مَعَهُ كَأَنْ يَكُونَ مَعَ رُفْقَتِهِ وَلَمْ يَعْدَمُوا مُؤْنَتَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا يَكُونُ لَهُ وَلَيْسَ مَعَهُ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا مَعَهُ.
(وَعَنْ دَيْنٍ) عَلَيْهِ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ مُتَعَلِّقٍ بِذِمَّتِهِ أَوْ بِعَيْنٍ مِنْ أَمْوَالِهِ وَتَقْيِيدُ الرَّافِعِيِّ لَهُ بِالذِّمَّةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَمِنْ ثَمَّ حَذَفَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا (وَ) عَنْ (كَافِي سَفَرٍ) لَهُ مُبَاحٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا (مِنْ الْمُؤَنْ) مِنْ مَطْعُومِهِ وَمَلْبُوسِهِ وَمَرْكُوبِهِ وَعَنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ مُحْتَاجٍ إلَيْهِمَا كَمَا هُوَ الْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا بَدَلَ لَهَا بِخِلَافِ الْمَاءِ (وَبِالنَّسَا) بِالْقَصْرِ لِلْوَزْنِ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ: حَتْمُ الشِّرَاءِ وَالِاسْتِئْجَارِ بِعِوَضِ الْمِثْلِ بِالنَّقْدِ لِمَنْ حَضَرَهُ الْعِوَضُ وَبِالنَّسِيئَةِ أَيْ: الْأَجَلِ لِمَنْ غَابَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَازِمٌ فَلَا مُطَالَبَةَ قَبْلَ الْحُلُولِ (بِزَائِدٍ لَاقَ) أَيْ: إنَّمَا يَجِبُ الشِّرَاءُ وَالِاسْتِئْجَارُ نَسِيئَةً إذَا كَانَ الزَّائِدُ بِسَبَبِهَا لَائِقًا بِهَا وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ وَإِنَّمَا يَجِبُ ذَلِكَ (لِمَنْ يَغْنَى) أَيْ: لِلْغَنِيِّ بِمَالِهِ الْغَائِبِ (لِمَدِّ أَجَلٍ) أَيْ: عِنْدَ مَدِّ الْأَجَلِ (إلَى الْوَطَنِ) يَعْنِي مَحَلَّ مَالِهِ؛ أَمَّا الْفَقِيرُ وَالْغَنِيُّ الَّذِي لَمْ يُمَدُّ لَهُ الْأَجَلُ إلَى مَحَلِّ مَالِهِ فَلَا يَجِبُ
ــ
[حاشية العبادي]
م ر وَفِيهِ نِزَاعٌ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْدَمُوا مُؤْنَتَهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُمْ لَوْ عَدِمُوا مُؤْنَتَهُ كَانَ كَاَلَّذِي مَعَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الَّذِي مَعَهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا عَدِمَ مُؤْنَتَهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَفِي هَذِهِ التَّفْرِقَةِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم
(قَوْلُهُ: عَنْ ذِي حُرْمَةٍ) لَوْلَا مَعَهُ شَمِلَ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: وَعَنْ دَيْنٍ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَيَجِبُ شِرَاؤُهُ أَيْ: الْمَاءِ لِلطَّهَارَةِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ لِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ اهـ قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ تَبَعًا لِشَيْخِهِ ابْنِ النَّقِيبِ فِي نُكَتِهِ تَقْيِيدُ الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِلْمُحَرَّرِ الدَّيْنَ بِالْمُسْتَغْرِقِ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا يَفْضُلُ عَنْ الدَّيْنِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِيهِ اهـ وَتَبِعَهُمَا الشَّارِحُ حَيْثُ حَذَفَ فِي مَنْهَجِهِ قَيْدَ الِاسْتِغْرَاقِ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ وَلَا حَاجَةَ لِوَصْفِ الدَّيْنِ بِالْمُسْتَغْرِقِ كَمَا فَعَلَ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ مَا فَضَلَ عَنْ الدَّيْنِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِيهِ اهـ أَيْ: فَذِكْرُ الِاحْتِيَاجِ يُغْنِي عَنْ قَيْدِ الِاسْتِغْرَاقِ وَلَا يَخْفَى صَرَاحَةُ هَذَا الْكَلَامِ فِي أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْمُحْتَاجِ فِي الدَّيْنِ يَجِبُ الشِّرَاءُ بِهِ كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَشْرَةً وَعِنْدَهُ أَحَدَ عَشَرَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الشِّرَاءُ بِالْحَادِي عَشَرَ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ فِي صُورَةِ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِعَيْنٍ مِنْ أَمْوَالِهِ كَعَيْنٍ ضَمِنَ دَيْنًا فِيهَا أَوْ أَعَارَهَا فَرَهَنَهَا الْمُسْتَعِيرُ بِإِذْنِهِ أَنَّهُ لَوْ مَلَكَ غَيْرَ تِلْكَ الْعَيْنِ وَجَبَ عَلَيْهِ الشِّرَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِي الدَّيْنِ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي وَفَاءِ ذَلِكَ الدَّيْنِ غَيْرُ قِيمَتِهَا وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْهُ فَمَا مَلَكَهُ زَائِدًا عَلَيْهَا
ــ
[حاشية الشربيني]
الْحَبْلِ وَإِنْ زَادَ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ قِيلَ فِي صُورَةِ الْإِجَارَةِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا لَمْ تَزِدْ الْأُجْرَةُ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ لَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا كَلَّفَهُ بِالْمَاءِ فَلَا يُزَادُ عَلَى ثَمَنِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: يَزِيدُ عَلَى أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ إلَخْ) هَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ أُجْرَةَ مِثْلِ الْحَبْلِ قَدْ تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ وَأَنَّهُ يَجِبُ الِاسْتِئْجَارُ حِينَئِذٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شِرَاءُ الْمَاءِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَلَا يَجِبُ شِرَاءُ آلَةِ الِاسْتِقَاءِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ كَمَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ فَكَيْفَ يَجِبُ اسْتِئْجَارُ الْحَبْلِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي حَاشِيَةِ الْعِرَاقِيِّ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا شَقَّ الْعِمَامَةِ لِيَصِلَ إلَى الْمَاءِ عِنْدَ تَحَقُّقِهِ إنْ لَمْ يَزِدْ الْأَرْشُ عَلَى ثَمَنِهِ. اهـ. فَلَمْ يَذْكُرْ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
نَعَمْ أَطْلَقَ فِي شَرْحِ م ر الْوُجُوبَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ بَلْ صَرَّحَ بِمِثْلِ مَا هُنَا. اهـ. وَلَعَلَّهُ جَرَى عَلَى مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْهُمْ سَابِقًا فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ يَتَنَاوَلُ مَا ذُكِرَ وَقَدْ عَرَفْت مَا فِيهِ مِنْ رَدِّ الرَّافِعِيِّ لَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ إلَخْ) هَلَّا قَالَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ وَثَمَنِ أَوْ أُجْرَةِ مِثْلِ الْحَبْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَأُجْرَةِ مِثْلِ الْحَبْلِ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ فَإِنْ كَانَ نَقْصُهُ بِالشَّقِّ لَا يَزِيدُ عَلَى الْأَكْثَرِ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ وَثَمَنِ آلَةِ الِاسْتِقَاءِ لَزِمَهُ شَقُّهُ وَلَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ وَإِلَّا جَازَ بِلَا إعَادَةٍ. اهـ. وَلَا يَخْفَى التَّفَاوُتُ وَأَنَّهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ شِرَاءِ آلَةِ الِاسْتِقَاءِ وَلَوْ زَادَ ثَمَنُهَا عَلَى ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ. اهـ. لَكِنَّ هَذَا مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ سَابِقًا. اهـ. (قَوْلُهُ: عَنْ مُؤْنَةِ نَفْسِهِ) وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ كَزَانٍ مُحْصَنٍ عَلَى مُعْتَمَدِ م ر (قَوْلُهُ: وَكُلِّ حَيَوَانٍ) وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: مَعَهُ) هَذِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَلَيْسَتْ الْمَعِيَّةُ بِشَرْطٍ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ لِحَجَرٍ إذَا فَضَلَ عَمَّا يَلْزَمُهُ أَيْ أَكْلِ وَشُرْبِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَمِنْ رَقِيقِهِ وَحَيَوَانٍ مَعَهُ وَلَوْ لِغَيْرِهِ إنْ عَدِمَ نَفَقَتَهُ اهـ وَالضَّمِيرُ فِي عَدِمَ لِغَيْرِهِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ لَا تَشْمَلُ حَيَوَانَ الْغَيْرِ إذَا كَانَ مَعَ الْغَيْرِ وَعَدِمَ نَفَقَتَهُ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِعَيْنٍ) أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِعَيْنٍ) بِأَنْ رَهَنَهَا بِهِ أَوْ ضَمَّنَهُ فِيهَا أَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُتَعَلِّقًا بِذِمَّتِهِ فَلَا يَكُونُ مَا ذُكِرَ فَاضِلًا إلَّا إذَا زَادَتْ أَعْيَانُهُ عَمَّا يَفِي بِدَيْنِهِ فَتَأَمَّلْ فِي أَوَّلِ هَذِهِ فَإِنَّهَا مُحْتَاجَةٌ لِعِنَايَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَعَنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ) هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَلِيقَا بِهِ كَالْحَجِّ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ لِلطَّهَارَةِ بَدَلًا الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ شَرْحُ الْإِرْشَادِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ
عَلَيْهِمَا ذَلِكَ وَقَوْلُهُ لِمَدِّ أَجَلٍ إلَى الْوَطَنِ مِنْ زِيَادَتِهِ
(وَالْمَاءُ إنْ يُوهَبْهُ) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ الْمُحْدِثُ فِي الْوَقْتِ (أَوْ إنْ يُقْرَضْ مِنْهُ) فِيهِ (يَجِبْ) عَلَيْهِ (قَبُولُهُ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُعَدُّ وَاجِدًا لِلْمَاءِ وَلَا تَعْظُمُ فِيهِ الْمِنَّةُ وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ وُجُوبِ قَبُولِ الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ (لَا) قَبُولِ (الْعِوَضِ) الْمَوْهُوبِ أَوْ الْمُقْرَضِ لِشِرَاءِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ لِمَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ ثِقَلِ الْمِنَّةِ وَفِي الثَّانِي مِنْ الْحَرَجِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَعَدَمُ أَمْنِ مُطَالَبَتِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ إذْ لَا يَدْخُلُهُ أَجَلٌ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ وَالِاسْتِئْجَارِ كَمَا مَرَّ أَوْ إنَّمَا وَجَبَ قَبُولُ قَرْضِ الْمَاءِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ أَغْلَبُ مِنْهَا عَلَى الْعِوَضِ.
(وَإِنْ يُعَرْ) عَارٍ (ثَوْبًا وَ) مُحْدِثٌ (دَلْوًا) أَوْ نَحْوَهُ مِنْ آلَةِ الِاسْتِقَاءِ فِي الْوَقْتِ (وَجَبَا قَبُولُهُ) أَيْ عَقْدِ الْعَارِيَّةُ لِخِفَّةِ الْمِنَّةِ فِيهَا سَوَاءٌ جَاوَزَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَوْ الدَّلْوِ وَنَحْوِهِ ثَمَنَ السَّاتِرِ أَوْ الْمَاءِ أَمْ لَا إذْ الظَّاهِرُ السَّلَامَةُ وَكَمَا يَجِبُ قَبُولُ ذَلِكَ يَجِبُ طَلَبُهُ وَمَتَى خَالَفَ وَصَلَّى عَارِيًّا أَوْ مُتَيَمِّمًا أَثِمَ وَلَزِمَهُ الْإِعَادَةُ إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ بِتَلَفٍ أَوْ غَيْرِهِ حَالَةَ تَحَرُّمِ الْعَارِي وَتَيَمُّمِ الْمُحْدِثِ فَلَا يَلْزَمُ الْإِعَادَةُ كَمَا لَوْ جَاوَزَ النَّهْرَ فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَبَعُدَ عَنْهُ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى (خِلَافَ مَا لَوْ وُهِبَا) لَهُ أَيْ الثَّوْبُ وَالدَّلْوُ فَلَا يَجِبُ الْقَبُولُ لِثِقَلِ الْمِنَّةِ وَذِكْرُ الثَّوْبِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (إنْ يَهَبْ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَأَصْلُهُ يَوْهَبُ حُذِفَتْ الْوَاوُ وَكَانَ الْقِيَاسُ ثُبُوتَهَا لَكِنَّهُمْ لَمَّا أَرَادُوا التَّخْفِيفَ بِحَذْفِهَا قَدَّرُوا الْمُضَارِعَ عَلَى قِيَاسِ يُفْعِلُ بِالْكَسْرِ أَيْ وَإِنْ يَهَبْ الْمُحْدِثُ (الْمَا أَوْ يَبِعْهُ) بِلَا حَاجَةٍ (بَطَلَا) إنْ وَهَبَهُ أَوْ بَاعَهُ (وَقْتَ صَلَاتِهِ) لِحُرْمَةِ بَذْلِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ
وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ رَهَنَ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ وَمَلَكَ غَيْرَ الرَّهْنِ وَجَبَ عَلَيْهِ الشِّرَاءُ بِهِ إنْ وَفَّى الرَّهْنُ بِهِ وَإِلَّا فَبِمَا زَادَ عَلَى مَا لَوْ انْضَمَّ إلَى الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ وَفَّى بِهِ وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى اعْتِبَارِ الْفَضْلِ عَنْ الدَّيْنِ فِي صُورَةِ تَعَلُّقِهِ بِالْعَيْنِ اشْتِرَاطُ عَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِهَا فِي وُجُوبِ الشِّرَاءِ بِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ سم
(قَوْلُهُ: يَجِبُ قَبُولُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ الْوَاهِبُ وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ طَلَبِ الْمَاءِ، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِعَطَشٍ وَلَوْ مَآلًا أَوْ لِغَيْرِهِ حَالًا أَوْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لَمْ يَجِبْ اتِّهَابُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ وَأَقَرَّهُ. اهـ.، ثُمَّ صَرَّحَ بِاعْتِبَارِ الشَّرْطَيْنِ فِي وُجُوبِ اسْتِعَارَةِ الْآلَةِ.
(قَوْلُهُ: وَجَبَا) أَيْ: بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ فَظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ الْعَارِيَّةُ مِمَّا ذُكِرَ قَبْلَهَا مِثْلُهَا. (قَوْلُهُ: فَلَا تَلْزَمُ الْإِعَارَةُ) لَمْ يَقُلْ فَإِنَّ تَيَمُّمَهُ يَصِحُّ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْإِرَاقَةَ فِي مَسْأَلَةِ الِاجْتِهَادِ شَرْطٌ لِعَدَمِ الْقَضَاءِ بِرّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ الْقَبُولُ) وَكَذَا لَا يَجِبُ اقْتِرَاضُ الدَّلْوِ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْقِيَاسُ ثُبُوتَهَا) إذْ لَيْسَ بَعْدَهَا كَسْرَةٌ.
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ وَالْمَاءُ إنْ يُوهَبْهُ إلَخْ) الْحَاصِلُ: أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْمَاءِ قَبُولُ الْهِبَةِ وَالْقَرْضِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ وَفِي الْآلَةِ الشِّرَاءُ وَالْإِجَارَةُ وَالْإِعَارَةُ فَقَطْ وَلَا يَجِبُ فِي الثَّمَنِ شَيْءٌ قَالَ عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ أَيْضًا مَا يَجِبُ قَبُولُهُ يَجِبُ سُؤَالُهُ فَقَوْلُهُ: هُنَا إنْ يُوهَبْهُ أَيْ بَعْدَ سُؤَالِهِ أَوَّلًا. اهـ. ثُمَّ رَأَيْته فِي الشَّرْحِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي الْوَقْتِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ أُقْرِضَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ لَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ وُجُودِهِ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الطَّهَارَةَ إنَّمَا تَجِبُ لِمَجْمُوعِ دُخُولِ الْوَقْتِ وَإِرَادَةِ الصَّلَاةِ وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَوَقَّفَ اسْتِيعَابُ الرُّفْقَةِ عَلَى الطَّلَبِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَجَبَ، مَعَ أَنَّ حُصُولَهُ مِنْ جِهَتِهِمْ مُتَوَهَّمٌ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا فِي الْوَقْتِ) لِلْوُجُوبِ فِيهِ شَرْطَانِ أَنْ يَضِيقَ الْوَقْتُ عَنْ طَلَبِ الْمَاءِ أَوْ رَجَاءِ وُجُودِهِ وَأَنْ يَكُونَ الْوَاهِبُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِشُرْبِهِ فِي الْحَالِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ لَمْ يَجِبْ أَيْ: الْقَبُولُ أَوْ لِلْوُضُوءِ فَإِنْ كَانَ صَلَّى فَرْضَ الْوَقْتِ وَجَبَ الْقَبُولُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْعُبَابِ وَغَيْرِهِمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي الْوَقْتِ) فِيهِ مَا سَبَقَ اهـ أَيْ: عَقْدُ الْعَارِيَّةُ أَيْ الْإِيجَابُ فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: ثَمَنُ السَّاتِرِ) أَيْ: سَاتِرِ الْعَوْرَةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ) وَكَذَا لَوْ بَلَغَ فَوْقَ حَدِّ الْقُرْبِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَاشِيَةِ قَبْلُ. اهـ. عَمِيرَةُ بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: بَطَلَا) أَيْ: فِي الْقَدْرِ -
حِينَئِذٍ فَهُوَ مَعْجُوزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا.
(وَإِنْ يَحْتَجْ) إلَى هِبَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ فِي الْوَقْتِ كَأَنْ عَطِشَ الْمُتَّهِبُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ احْتَاجَ مَالِكُهُ إلَى ثَمَنِهِ (فَلَا) يَبْطُلُ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ أَمَّا إذَا وَهَبَهُ أَوْ بَاعَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَا يَبْطُلُ مُطْلَقًا لِجَوَازِ الْبَذْلِ حِينَئِذٍ.
(وَأَبْطَلُوا مَا بَقِيَ التَّيَمُّمَا) أَيْ وَأَبْطَلُوا التَّيَمُّمَ مُدَّةَ بَقَاءِ الْمَاءِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ بِيَدِ الْمَالِكِ أَوْ الْمُتَّهِبِ أَوْ الْمُشْتَرِي لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ وَعَلَيْهِ اسْتِرْدَادُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَاةِ الَّتِي فَوَّتَ الْمَاءَ فِي وَقْتِهَا لِتَقْصِيرِهِ دُونَ مَا سِوَاهَا؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْمَاءَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ الْمَاءِ شَيْءٌ فَيَصِحُّ تَيَمُّمُهُ وَصَلَاتُهُ بِلَا قَضَاءٍ كَمَا فِي الْإِرَاقَةِ فِي الْوَقْتِ وَسَيَأْتِي (وَبِانْتِهَاءِ نَوْبَةٍ فِي بِئْرِ مَا) تَنَاوَبَهَا الْوَارِدُونَ (وَفِي مَقَامٍ ضَيِّقٍ) لَا يَسَعُ إلَّا قَائِمًا وَاحِدًا وَقَدْ تَنَاوَبَهُ جَمْعٌ لِلصَّلَاةِ فِيهِ (وَ) فِي (السُّتْرَهْ) الَّتِي تَنَاوَبَهَا جَمْعٌ مِنْ الْعُرَاةِ أَيْ وَبِتَوَقُّعِ ذِي النَّوْبَةِ يَقِينًا انْتِهَاءَهَا (إلَيْهِ) فِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ (بَعْدَ وَقْتِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (امْنَعْ صَبْرَهْ) إلَى انْتِهَاءِ نَوْبَتِهِ بَلْ يُصَلِّي فِي الْوَقْتِ مُتَيَمِّمًا وَقَاعِدًا وَعَارِيًّا بِلَا قَضَاءٍ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ فِي الْحَالِ وَجِنْسُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَإِنْ يَحْتَجْ فَلَا) وَفِي الرَّوْضِ أَيْضًا وَإِنْ أَتْلَفَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ لِغَرَضٍ كَتَبَرُّدٍ وَتَنَظُّفٍ وَتَحَيُّرِ مُجْتَهِدٍ لَمْ يَعْصِ أَوْ عَبَثًا لَا قَبْلَ الْوَقْتِ عَصَى وَلَا إعَادَةَ اهـ فَأَفَادَ جَوَازَ التَّبَرُّدِ وَالتَّنَظُّفِ بِهِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ جِدًّا. (قَوْلُهُ: فَلَا يَبْطُلُ مُطْلَقًا) لَكِنْ إذَا دَخَلَ الْوَقْتُ وَهُنَاكَ خِيَارٌ وَجَبَ الْفَسْخُ وَكَذَا لَوْ أَقْرَضَهُ وَدَخَلَ الْوَقْتُ وَعَيْنُهُ بَاقِيَةٌ وَجَبَ الرُّجُوعُ م ر.
(قَوْلُهُ: مَا بَقِيَ التَّيَمُّمَا) أَيْ: فِي حَدِّ الْقُرْبِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ وَمَحَلُّهُ فِيمَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُ الْمَاءِ مِمَّا زَادَ عَلَى حَدِّ الْقُرْبِ بِخِلَافِ مَنْ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ كَالْمُقِيمِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى حَدِّ الْقُرْبِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ قَضَاءُ إلَخْ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ صَلَّاهَا بِالتَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِ ذَلِكَ فِي الْمَاءِ فِي حَدِّ الْقُرْبِ إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَإِلَّا فَلَا قَضَاءَ بِدَلِيلِ مَا صَرَّحُوا بِهِ أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ الْمَاءَ عَبَثًا فِي الْوَقْتِ، ثُمَّ تَيَمَّمَ وَصَلَّى أَوْ اجْتَازَ بِمَاءٍ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَلَمَّا أَبْعَدَ عَنْهُ تَيَمَّمَ وَصَلَّى لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِنْ تَلِفَ أَيْ الْمَاءُ فِي يَدِ الْمُتَّهِبِ أَيْ أَوْ الْمُشْتَرِي فَكَالْإِرَاقَةِ أَيْ: فِي أَنَّهُ إذَا تَلِفَ صَارَ فَاقِدًا لَهُ عِنْدَ التَّيَمُّمِ كَمَا أَفْصَحَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِهِ أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتْلَفْ بَلْ كَانَ بَاقِيًا فِي يَدِهِمَا بِحَدِّ الْقُرْبِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِرْدَادِهِ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ تِلْكَ الصَّلَاةِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْإِرْشَادِ وَتَيَمُّمُهُ أَيْ: وَبَطَلَ تَيَمُّمُهُ مَا بَقِيَ أَيْ: الْمَاءُ بِقُرْبٍ أَيْ بِحَدِّ قُرْبٍ وَاسْتَرَدَّ أَيْ اسْتَرَدَّهُ وُجُوبًا مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ.
فَإِنْ عَزَّ أَيْ اسْتِرْدَادُهُ قَضَى الْأُولَى اهـ فَانْظُرْ قَوْلَهُ فَإِنْ عَزَّ قَضَى الْأُولَى فَإِنَّ مَنْطُوقَهُ وُجُوبُ قَضَاءِ الْأُولَى مَعَ وُجُودِهِ بِحَدِّ الْقُرْبِ وَعِزَّتِهِ، وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ وُجُوبِ قَضَاءِ مَا بَعْدَ الْأُولَى وَلَوْ مَعَ وُجُودِهِ بِحَدِّ الْقُرْبِ وَعِزَّتِهِ وَالْفَرْقُ تَقْصِيرُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى لِتَفْوِيتِهِ فِي وَقْتِهَا دُونَ مَا بَعْدِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُولَى وَمَا بَعْدَهَا يَسْتَوِيَانِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ إذَا كَانَ التَّيَمُّمُ لَهُمَا بَعْدَ تَلَفِهِ وَيَفْتَرِقَانِ إذَا كَانَ مَعَ وُجُودِهِ بِحَدِّ الْقُرْبِ وَقَدْ عَزَّ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعِزَّ فَيَتَّجِهُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ فِيمَا بَعْدَ الْأُولَى أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ وَيَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَ الْأُولَى أَيْضًا فَهُوَ كَمَا لَوْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ صَلَوَاتٍ كَثِيرَةً مَعَ وُجُودِهِ فِي يَدِهِ بِالْفِعْلِ أَوْ مَعَ وُجُودِ مَاءٍ مُبَاحٍ فِي حَدِّ الْقُرْبِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَاةِ الَّتِي إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَا يَقْضِيهَا بِتَيَمُّمٍ فِي وَقْتٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ بَلْ يُؤَخِّرُ الْقَضَاءَ إلَى وُجُودِ الْمَاءِ فِي الْحَالِ وَكَانَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ عَدَمُ الْمَاءِ كَانَ لَهُ قَضَاؤُهَا بِالتَّيَمُّمِ فِي الْوَقْتِ.
(قَوْلُهُ: دُونَ مَا سِوَاهَا) لَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ اسْتِرْدَادِهِ فِي وَقْتِ ذَلِكَ السِّوَى فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِيهِ بِحَدِّ الْقُرْبِ إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مِلْكُهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ سم. (قَوْلُهُ تَنَاوَبَهَا) أَيْ: الْبِئْرَ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ وَقْتِهَا امْنَعْ صَبْرَهُ، ثُمَّ قَالَ، أَمَّا إذَا تَوَقَّعَ إلَخْ) لَا يَبْعُدُ جَرَيَانُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِيمَا لَوْ حَالَ سَبُعٌ أَوْ خَافَ رَاكِبُ السَّفِينَةِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ وَقْتِهَا) عِنْدَهُمْ يَنْبَغِي أَوْ وَقْتِ بَعْضِهَا لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامِ النَّاشِرِيِّ خِلَافُهُ إذَا أَدْرَكَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ مَا تَصِيرُ بِهِ الصَّلَاةُ أَدَاءً. (قَوْلُهُ: امْنَعْ صَبْرَهُ) الْوَجْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي التَّيَمُّمِ وَعَدَمِ الْقَضَاءِ هُنَا بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إلَّا تِلْكَ الْبِئْرُ لِوُجُودِ الْحَيْلُولَةِ كَمَا لَوْ حَالَ سَبُعٌ عَنْ الْبَحْرِ أَوْ خَافَ رَاكِبُ السَّفِينَةِ مِنْ الِاسْتِقَاءِ مِنْ الْبَحْرِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَلَا قَضَاءَ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ غَيْرُ تِلْكَ الْبِئْرِ وَلَا حَائِلَ وَجَبَ طَلَبُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي مَبْحَثِ الطَّلَبِ.
(قَوْلُهُ: امْنَعْ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَبَقِيَا فِيمَا زَادَ إذَا كَانَ مِقْدَارُهُ مَعْلُومًا بِعَادَةٍ لَهُ فِي مَاءِ الطَّهَارَةِ وَإِلَّا بَطَلَ فِي الْكُلِّ لِلْجَهَالَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَصَلَّى إلَخْ) بِمَاءٍ أَوْ تُرَابٍ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ. اهـ. حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: بِلَا قَضَاءٍ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَحَلُّ
عُذْرِهِمْ غَيْرُ نَادِرٍ وَالْقُدْرَةُ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا تُؤَثِّرُ كَمَا فِي الْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ وَعَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ مَعَ غَلَبَةِ ظَنِّ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِمَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَنَجَّسَتْ سُتْرَتُهُ وَكَانَ مَعَهُ مَا لَوْ اشْتَغَلَ بِغَسْلِهَا بِهِ خَرَجَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ يَجِبُ صَبْرُهُ، لِأَنَّ الْبِئْرَ وَالْمَقَامَ وَالسُّتْرَةَ هُنَا لَيْسَتْ فِي قَبْضَتِهِ وَالسُّتْرَةُ ثَمَّةَ فِي قَبْضَتِهِ فَيَصِيرُ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ يَتَوَضَّأُ بِهِ أَوْ يَغْتَرِفُهُ مِنْ بِئْرٍ وَلَا مُزَاحِمَ لَهُ وَضَاقَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ يَصْبِرُ وَلَا يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ أَمَّا إذَا تَوَقَّعَ انْتِهَاءَ النَّوْبَةِ إلَيْهِ فِي الْوَقْتِ فَيَجِبُ صَبْرُهُ لِيُصَلِّيَ مُتَوَضِّئًا وَقَائِمًا وَمَسْتُورًا (وَلِظَمَا) بِإِبْدَالِ هَمْزَتِهِ أَلِفًا لِلْوَزْنِ أَيْ وَلِعَطَشٍ (رَفِيقِ مَيْتٍ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ (مَعَهُ) بِسُكُونِ الْعَيْنِ (مَا) بِالْقَصْرِ أَيْ مَعَ الْمَيِّتِ مَاءٌ لَهُ (يَمَّمَهُ) الرَّفِيقُ وَشَرِبَ مَاءَهُ حِفْظًا لِمُهْجَتِهِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ لِلشُّرْبِ بَدَلٌ بِخِلَافِ الْغُسْلِ.
(وَقِيمَةُ الْمَا) فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ (غَرِمَا) أَيْ غَرِمَهَا الرَّفِيقُ لِوَارِثِ الْمَيِّتِ بَدَلَ الْمَاءِ الَّذِي فَوَّتَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنَّمَا غَرِمَ قِيمَتَهُ لَا مِثْلَهُ مَعَ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ
ــ
[حاشية العبادي]
صَبْرَهُ) مَحَلُّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ فِي الْمُسَافِرِ فَالْمُقِيمُ يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدَّيْ الْغَوْثِ وَالْقُرْبِ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَلِهَذَا قَيَّدَ الْعُبَابُ بِالْمُسَافِرِ فَقَالَ: وَلَوْ اجْتَمَعَ مُسَافِرُونَ بِبِئْرٍ إلَخْ لَكِنْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالسَّفَرِ وَالْإِقَامَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَنْدُرُ فَقْدُ الْمَاءِ أَوْ يَنْدُرُ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ التَّقْيِيدُ بِالْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عَلَى هَذَا مَنْ بِمَحِلٍّ لَا يَنْدُرُ فِيهِ الْفَقْدُ وَوُجُودُ الْبِئْرِ بِمَحَلٍّ يُنَافِي أَنَّهُ لَا يَنْدُرُ فِيهِ الْفَقْدُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ الْفَقْدُ وَلَوْ حُكْمًا وَعَدَمُ التَّمَكُّنِ مِنْ الْبِئْرِ فِي الْوَقْتِ جَعَلَهَا كَالْعَدَمِ وَيَبْقَى تَحْقِيقُ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ بِالْمُسَافِرِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ الْمُقِيمَ لَمْ يَتَأَتَّ لِشُمُولِ الْمُسَافِرِ لَهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَوْ مَنْ لَمْ يُزَاحِمْهُ غَيْرُهُ عَلَى الْبِئْرِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهَا مَفْرُوضَةٌ فِي الْمُزَاحَمَةِ أَوْ مَنْ زَاحَمَهُ غَيْرُهُ لَكِنْ بِمَحَلٍّ الْغَالِبُ فِيهِ عَدَمُ الْمُزَاحَمَةِ فَتَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا غَلَبَتْ الْمُزَاحَمَةُ فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُسَافِرِ مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقِيمِ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُسَافِرِ الْمُزَاحَمَةَ عَلَى الْبِئْرِ بِخِلَافِ الْمُقِيمِ وَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يُجْعَلَ الْمُحْتَرَزَ عَنْهُ مَنْ بِمَحَلٍّ لَا يَنْدُرُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تِلْكَ الْبِئْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْبِئْرَ إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ تَنَجَّسَتْ سُتْرَتُهُ وَلَمْ يَتَوَقَّعْ النَّوْبَةَ فِي الْوَقْتِ فِي مَسْأَلَةِ تَنَاوُبِ الْبِئْرِ صَلَّى فِي الْوَقْتِ وَلَا قَضَاءَ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ وَيَبْقَى مَا لَوْ تَنَجَّسَ بَدَنُهُ فَهَلْ يَنْتَظِرُ النَّوْبَةَ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِلُزُومِ الْقَضَاءِ رَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا تَوَقَّعَ) يَشْمَلُ بِاعْتِبَارِ مُقَابَلَتِهِ لِلتَّيَقُّنِ فِيمَا بَيْنَ التَّوَقُّعِ ظَنًّا وَاحْتِمَالًا. (قَوْلُهُ: فِي الْوَقْتِ ظَاهِرُهُ) وَلَوْ فِي آخِرِهِ وَلَا يُشْكِلُ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَالتَّأْخِيرُ لِلتَّيَقُّنِ أَوْلَى لِحُضُورِ هَذَا وَغَيْبَةِ ذَاكَ لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا تَعْلِيلُهُ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْبِئْرَ إلَخْ بِرّ. (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ صَبْرُهُ) وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا مَرَّ أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ لَا يَلْزَمُهُ انْتِظَارُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ هُنَا مَعَ التَّوَقُّفِ يُعَدُّ وَاجِدًا بِخِلَافِهِ ثَمَّ حَجَرٌ.
(قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إلَخْ) أَجَابَ ابْنُ الْمُقْرِي بِأَنَّ الْمَاءَ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا لَكِنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَمَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ إذَا ظَفِرَ بِهِ الْمَالِكُ فِي غَيْرِ بَلَدِ التَّلَفِ لَا يُطَالِبُهُ بِالْمِثْلِ بَلْ بِقِيمَةِ بَلَدِ التَّلَفِ وَلَا يُكَلَّفُ الْمَالِكُ قَبُولَ الْمِثْلِ. اهـ. وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْقِيمَةَ
ــ
[حاشية الشربيني]
يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْبِئْرِ أَوْ لَا وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْبِئْرِ كَذَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْحَاشِيَةِ هُنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ لَهُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ ق ل فَالْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ الْفِعْلُ ثَانِيًا لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَالسُّتْرَةُ تَمَّتْ فِي قَبْضَتِهِ) أَيْ: طَهَارَتُهَا فِي قَبْضَتِهِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا تَوَقَّعَ انْتِهَاءَ النَّوْبَةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ مَا أَدْرَكَهُ مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ الْوُضُوءَ فَقَطْ وَتَقَعُ الصَّلَاةُ قَضَاءً وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ أَوْ يَغْتَرِفُهُ مِنْ بِئْرٍ وَلَا مُزَاحِمَ لَكِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْوُضُوءِ خَرَجَ الْوَقْتُ وَصَارَتْ صَلَاتُهُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ بَلْ يَشْتَغِلُ بِالْوُضُوءِ. اهـ. فَإِنَّهُ عِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَيْهِ لَا تَزَاحُمَ لَهُ. اهـ.، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ مَا نَصُّهُ وَلَا يَنْتَظِرُ عَارٍ فِي ثَوْبٍ تَنَاوَبَهُ عُرَاةٌ وَلَا وَاجِدٌ لِلْمَاءِ فِي بِئْرٍ تَنَاوَبَهُ النَّازِحُونَ وَلَا مَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ ضَيِّقٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الصَّلَاةُ إلَّا لِوَاحِدٍ وَتَنَاوَبُوهُ نَوْبَةً تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَا تَنْتَهِي إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ أَوْ فِيهِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ مَا لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ بَلْ يُصَلِّي عَارِيًّا وَمُتَيَمِّمًا وَقَاعِدًا فِي الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ لَا بُدَّ مِنْ رِعَايَتِهَا وَهُوَ عَاجِزٌ حَالًا وَالْمَاءُ فِي يَدِ غَيْرِهِ وَهِيَ مَانِعَةٌ وَأَمَّا مَنْ بِحَدِّ الْقُرْبِ فَإِنْ كَانَ لَوْ قَصَدَهُ لَمْ يَنْتَهِ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَصْدُهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُعَدُّ وَاجِدًا لَهُ وَإِنْ كَانَ لَوْ قَصَدَهُ أَدْرَكَهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لَكِنَّهُ إنْ تَوَضَّأَ بِهِ خَرَجَ يَلْزَمُهُ قَصْدُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي الْوَقْتِ عُدَّ وَاجِدًا لَهُ بِخِلَافِ ذِي النَّوْبَةِ. اهـ. وَفَرَّقَ أَيْضًا بِهَذَا الْفَرْقِ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمَجْمُوعِ وَذِي النَّوْبَةِ وَحِينَئِذٍ فَيُقَيَّدُ انْتِهَاءُ النَّوْبَةِ إلَيْهِ فِي الْوَقْتِ الْمُوجِبِ لِلصَّبْرِ بِمَا إذَا كَانَ لَوْ اسْتَعْمَلَهُ وَقَعَتْ الصَّلَاةُ فِي الْوَقْتِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهَا كُلِّهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِظَمَأٍ) هُوَ قَيْدٌ فَلَوْ احْتَاجَ الرَّفِيقُ إلَيْهِ لِلطَّهَارَةِ وَجَبَ تَغْسِيلُهُ مِنْهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَحِفْظُ مَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ وَحَرُمَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ بِهِ بَلْ يَتَيَمَّمُ. اهـ. مَجْمُوعٌ
؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ بِبَرِيَّةٍ لِلْمَاءِ فِيهَا قِيمَةٌ ثُمَّ رَجَعَ إلَى وَطَنِهِ وَلَا قِيمَةَ لَهُ فِيهِ فَلَوْ رَدَّ الْمَاءَ لَكَانَ إسْقَاطًا لِلضَّمَانِ فَإِنْ فُرِضَ الْغُرْمُ بِمَحَلِّ الشِّرْبِ أَوْ مَحَلٍّ آخَرَ لِلْمَاءِ فِيهِ قِيمَةٌ وَلَوْ دُونَ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْإِتْلَافِ غَرِمَ مِثْلَ الْمَاءِ كَسَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ وَإِذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ ثُمَّ اجْتَمَعَ مَعَ الْوَارِثِ بِمَحَلٍّ لِلْمَاءِ فِيهِ قِيمَةٌ فَفِي رَدِّ الْقِيمَةِ وَالْمُطَالَبَةِ بِمِثْلِ الْمَاءِ الْوَجْهَانِ فِيمَنْ أَتْلَفَ مِثْلِيًّا فَتَعَذَّرَ الْمِثْلُ فَغَرِمَ الْقِيمَةَ ثُمَّ وَجَدَ الْمِثْلَ هَلْ لِلْمَالِكِ رَدُّ الْقِيمَةِ وَطَلَبُ الْمِثْلِ. اهـ.
وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ الْمَنْعِ، وَخَرَجَ بِظَمَأِ الرَّفِيقِ طُهْرُهُ فَلَا يُيَمِّمُ الْمَيِّتَ لِأَجْلِهِ بَلْ يُغَسِّلُهُ بِهِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ حَفِظَهُ لِوَارِثِهِ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى وَظَاهِرٌ أَنَّ ظَمَأَ مَا مَعَ الرَّفِيقِ مِنْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ كَظَمَأِ الرَّفِيقِ (فِي الْأَمْرِ لِلْأَوْلَى بِمَاءٍ) بِأَنْ أَوْصَى أَوْ وَكَّلَ بِصَرْفِهِ لِلْأَوْلَى بِهِ وَقَدْ حَضَرَ مُحْتَاجُونَ إلَيْهِ (جُعِلَا) أَيْ الْمَاءُ وُجُوبًا عِنْدَ ضِيقِهِ وَنَدْبًا عِنْدَ اتِّسَاعِهِ (لِظَامِئٍ) مُحْتَرَمٍ حِفْظًا لِمُهْجَتِهِ فَقَوْلُهُ بِمَا تَنَازَعَهُ الْأَمْرُ وَالْأَوْلَى (ثَمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ ظَامِئٌ أَوْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ جُعِلَ (لِمَيْتٍ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَلَوْ غَيْرَ مُتَنَجِّسٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاتِمَةُ أَمْرِهِ فَخُصَّ بِأَكْمَلِ الطَّهَارَتَيْنِ وَالْحَيُّ سَيَجِدُ الْمَاءَ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ غُسْلِهِ تَنْظِيفُهُ وَلَا يَحْصُلُ بِالتُّرَابِ وَمِنْ طُهْرِ الْحَيِّ اسْتِبَاحَةُ الصَّلَاةِ وَهِيَ تَحْصُلُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَدْ يُرَادُ بِهَا مُطْلَقُ الْبَدَلِ الشَّامِلِ لِلْمِثْلِ وَاعْتُرِضَ جَوَابُ ابْنِ الْمُقْرِي بِأَنَّ مَا اقْتَضَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمَاءَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْإِتْلَافِ إذَا كَانَ لَهُ قِيمَةٌ دُونَ قِيمَةِ بَلَدِ الْإِتْلَافِ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ إلَخْ) أَوْ؛ لِأَنَّ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةً م ر. (قَوْلُهُ أَوْ مَحَلٍّ آخَرَ) أَيْ: وَطَنِهِ أَوْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ دُونَ قِيمَتِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَافِهَةً وَقَدْ يُسْتَثْنَى التَّافِهَةُ. (قَوْلُهُ: لِأَجْلِهِ) أَيْ: لِأَجْلِ طُهْرِهِ أَيْ: طُهْرِ الرَّفِيقِ. (قَوْلُهُ: لِظَامِئٍ مُحْتَرَمٍ) وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْصُلُ بِالتُّرَابِ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِأَنَّ الْمَيِّتَ يُيَمَّمُ إذَا تَعَذَّرَ غُسْلُهُ. (قَوْلُهُ لِفَقْدِ الْمَاءِ) أَوْ نَحْوِهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
ثُمَّ رَأَيْته بَعْدُ فِي الشَّرْحِ.
(قَوْلُهُ: لِلْمَاءِ فِيهَا قِيمَةٌ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا قِيمَةَ لَهُ فِيهَا يَرُدُّ الْمِثْلَ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ بِمَحَلِّ الشِّرْبِ) قَالُوا يَغْرَمُ الْمِثْلَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ قِيمَةٌ لَكِنْ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ لَا قِيمَةَ لَهُ وَقْتَ الْإِتْلَافِ، أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ قِيمَةٌ وَقْتَ الْإِتْلَافِ وَلَا قِيمَةَ لَهُ وَقْتَ التَّغْرِيمِ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ قِيمَةِ وَقْتِ الْإِتْلَافِ هَذَا وَأَجَابَ ابْنُ الْمُقْرِي بِأَنَّ الْمَاءَ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا لَكِنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ فَإِذَا ظَفِرَ بِهِ الْمَالِكُ فِي غَيْرِ بَلَدِ التَّلَفِ لَا يُطَالِبُهُ بِالْمِثْلِ بَلْ بِقِيمَةِ بَلَدِ التَّلَفِ. اهـ. وَقِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي مُطَالَبَةِ الْمُسْلِمِ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ فِي غَيْرِ مَكَانِ التَّسْلِيمِ أَنْ يُقَالَ هُنَا صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ لِنَقْلِهِ إلَى مَحَلِّ الْمُطَالَبَةِ مُؤْنَةً لَوْ ضُمَّتْ إلَى سِعْرِهِ بِمَحَلِّ الْمُطَالَبَةِ زَادَ الْمَجْمُوعُ عَلَى مَحَلِّ الْإِتْلَافِ وَكَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِأَنْ يُنْقَلَ إلَى مَحَلِّ الْمُطَالَبَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَجْمُوعُ مُؤْنَةِ النَّقْلِ وَسِعْرُهُ بِمَحَلِّ الْمُطَالَبَةِ لَا يَزِيدُ عَلَى سِعْرِ مَحَلِّ الْإِتْلَافِ وَمَا إذَا كَانَ يُوجَدُ بِمَحَلِّ الْمُطَالَبَةِ لَا بِسَبَبِ نَقْلِهِ مِنْ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ بَلْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ فَيَجِبُ الْأَدَاءُ.
وَلَا نَظَرَ؛ لِأَنَّهُ لِنَقْلِهِ إلَيْهِ مُؤْنَةٌ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ هُنَاكَ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِنَقْلِهِ فَلَا يُنْظَرُ إلَى الْمُؤْنَةِ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ تَضَرُّرِ الْغَارِمِ وَأَنْ يُقَالَ إنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَلْزَمْ الْأَدَاءُ لِلْمُؤْنَةِ لَوْ دَفَعَهَا الْوَارِثُ لِلْغَارِمِ جَازَ لَهُ قَبُولُهَا وَالْأَدَاءُ وَهَلْ يَجِبُ ذَلِكَ أَوْ لَا لِلْمِنَّةِ الْأَقْرَبُ الثَّانِي هَذَا فَعُلِمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ يَكُونَ مَنْقُولًا وَلِلنَّقْلِ مُؤْنَةٌ لَا أَنْ يَكُونَ لِلنَّقْلِ مُؤْنَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْقُولًا بَلْ كَانَ مَوْجُودًا هُنَاكَ بِلَا نَقْلٍ فَكَأَنَّا كَلَّفْنَاهُ مُؤْنَةَ النَّقْلِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَغْرَمَهَا بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ هَذَا بَعِيدٌ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ م ر وَلِذَا قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ فِي بَابِ السَّلَمِ إنَّ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ هَذَا وَذَكَرُوا فِي بَابِ السَّلَمِ أَيْضًا مَا يُقَالُ فِي نَظِيرِهِ هُنَا أَنَّ مُؤْنَةَ النَّقْلِ الْمَانِعَةَ هِيَ مُؤْنَةُ نَقْلِهِ مِنْ مَحَلِّ الْمُطَالَبَةِ إلَى مَحَلِّ الْإِتْلَافِ أَوْ مِنْ مَحَلِّ الْإِتْلَافِ إلَى مَحَلِّ الْمُطَالَبَةِ إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ نَقْلَهُ مِنْهُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ، ثُمَّ رَجَعَ إلَخْ) وَأَرَادَ الْوَارِثُ تَغْرِيمَهُ فِي الْوَطَنِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ دُونَ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْإِتْلَافِ) يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَعْلَى مِنْ قِيمَتِهِ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ لَكِنْ نَقَلَ سم فِي نَظِيرِهِ مِنْ السَّلَمِ عَنْ طب أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ دَفْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ حِينَئِذٍ فَهَلْ يُقَاسُ عَلَيْهِ مَا هُنَا أَوْ يُفَرَّقُ؟ . (قَوْلُهُ: غَرِمَ مِثْلَ الْمَاءِ) أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ لَوْ ضُمَّتْ إلَى قِيمَتِهِ بِمَحَلِّ الْمُطَالَبَةِ زَادَ الْمَجْمُوعُ عَلَى قِيمَةِ مَحَلِّ الْإِتْلَافِ كَمَا مَرَّ. اهـ. (قَوْلُهُ: غَرِمَ مِثْلَ الْمَاءِ) سَوَاءٌ فِيمَا
بِالتَّيَمُّمِ وَقِيلَ الْحَيُّ الْمُتَنَجِّسُ أَحَقُّ مِنْ الْمَيِّتِ غَيْرِ الْمُتَنَجِّسِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِطُهْرِهِ بَدَلٌ بِخِلَافِ طُهْرِ الْمَيِّتِ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ إنْ تَعَيَّنَ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَلَا يَفْتَقِرُ اسْتِحْقَاقُ الْمَيِّتِ إلَى قَبُولِ وَارِثٍ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي التَّطَوُّعِ بِكَفَنِهِ فَإِنْ اجْتَمَعَ مَيِّتَانِ وَوُجِدَ الْمَاءُ قَبْلَ مَوْتِهِمَا جُعِلَ لِلْمَيِّتِ (أَوَّلَا) لِسَبْقِهِ (وَإِنْ يَمُوتَا جُمْلَةً) أَيْ دَفْعَةً (أَوْ) مُرَتَّبًا وَ (يَقَعْ) أَيْ يُوجَدْ الْمَاءُ (بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِمَا (فَلِلْأَفْضَلِ) جُعِلَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُلْحَقَ بِذَلِكَ مَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ هَلْ مَاتَا مَعًا أَوْ عَلَى التَّرْتِيبِ؟ أَوْ عُلِمَ التَّرْتِيبُ وَجُهِلَ السَّابِقُ أَوْ نُسِيَ قَالَ: وَالْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ الْأَفْضَلِيَّةِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِكَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَى الرَّحْمَةِ فَلَا يُقَدَّمُ بِالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي تَقْدِيمِ الْأَفْضَلِ مِنْ الْجَنَائِزِ لِلْإِمَامِ.
(ثُمَّ لْيُقْرَعِ) بِسُكُونِ اللَّامِ أَيْ ثُمَّ إنْ اسْتَوَيَا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ التَّرْجِيحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ الظَّامِئُ أَوْ مَنْ سَيَأْتِي يُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ ثُمَّ يُقْرَعُ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ مَيِّتٌ أَوْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ جُعِلَ (لِذِي تَنَجُّسٍ) ؛ لِأَنَّ طُهْرَهُ لَا بَدَلَ لَهُ (فَذَاتِ دَمْ) أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْحَائِضِ أَيْ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَنَجِّسٌ أَوْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ جُعِلَ لِلْحَائِضِ أَوْ النُّفَسَاءِ لِعَدَمِ خُلُوِّهَا عَنْ النَّجِسِ غَالِبًا وَلِغِلَظِ حَدَثِهَا لِتَحْرِيمِهِ مَا تُحَرِّمُهُ الْجَنَابَةُ وَزِيَادَةً فَإِنْ اجْتَمَعَتْ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا (فَجُنُبٍ) فَهُوَ لِغِلَظِ حَدَثِهِ أَوْلَى مِنْ الْمُحْدِثِ وَمَحَلُّهُ إذَا تَمَّ غُسْلُهُ وَوُضُوءُ الْمُحْدِثِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ مُمْكِنَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْقَبْرِ م ر. (قَوْلُهُ: إنْ تَعَيَّنَ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ) وَقَالَ غَيْرُهُ: إنْ تَعَيَّنَ لِلْإِمَامَةِ عَلَيْهِ وَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَوُجِدَ الْمَاءُ قَبْلَ مَوْتِهِمَا) أَوْ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا وَقَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُهُ: قَبْلَ مَوْتِهِمَا. (قَوْلُهُ فَلِلْأَفْضَلِ) وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا وَالْآخَرُ بَالِغًا عَلَى الْأَوْجَهِ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ نُسِيَ) وَلَا يُنْتَظَرُ التَّذَكُّرُ لِمُنَافَاتِهِ الْأَمْرَ بِالْمُبَادَرَةِ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ نَعَمْ إنْ رُجِيَ التَّذَكُّرُ فِي زَمَنٍ لَا يُعَدُّ تَأْخِيرًا مَنْهِيًّا فَيَنْبَغِي الِانْتِظَارُ. (قَوْلُهُ: أَوْ نُسِيَ) أَيْ: وَلَمْ يُرْجَ تَذَكُّرُهُ قَبْلَ خَوْفِ التَّغَيُّرِ فِيمَا يَظْهَرُ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْجَنَائِزِ) وَفَارَقَ مَا يَأْتِي فِي التَّقْدِيمِ فِي اللَّحْدِ بِأَنَّ التَّقْدِيمَ فِيهِ دَائِمٌ وَلَا بَدَلَ بِخِلَافِهِ هُنَا.
(قَوْلُهُ: يُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ) هَلْ تُعْتَبَرُ الْأَفْضَلِيَّةُ هُنَا بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَيِّتِ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ وَلَوْ كَانَ عَطَشُ الْأَفْضَلِ يُخْشَى مِنْهُ تَلَفُ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ فَقَطْ وَعَطَشُ الْمَفْضُولِ يُخْشَى مِنْهُ تَلَفُ نَفْسِهِ فَلَا يَبْعُدُ تَقْدِيمُ الْمَفْضُولِ. (قَوْلُهُ: الَّذِي تَنَجَّسَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ قُلْت: قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ فِي مُحْدِثٍ مُتَنَجِّسٍ حَاضِرٍ مِنْ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ صَرْفِ الْمَاءِ لِلنَّجَاسَةِ وَلِلْحَدَثِ لِلُزُومِ الْإِعَادَةِ مَجِيئُهُ هُنَا فِي حَاضِرَيْنِ كَذَلِكَ وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، قُلْت: الْعِبْرَةُ هُنَا بِالْأَوْلَى لِتَنْصِيصِ الْمَالِكِ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ثَمَّ أَنَّ الْمُتَنَجِّسَ وَإِنْ تَخَيَّرَ فَالنَّجِسُ أَوْلَى لَكِنْ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْقَاقِ. اهـ.
أَيْ وَهُنَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ يَتَصَرَّفُ لِغَيْرِهِ بِالْإِذْنِ وَهُوَ مَقْصُورٌ عَلَى الْأَوْلَى فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَقَيَّدَ بِهِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُحْدِثَ الْمُتَنَجِّسَ لَوْ أَمَرَهُ مَالِكُ الْمَاءِ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْأَوْلَى مِنْ الطَّهَارَتَيْنِ تَعَيَّنَ اسْتِعْمَالُهُ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ الْقِيَاسُ تَقْدِيمُ ذِي خَبَثٍ مُغَلَّظٍ عَلَى ذِي مُتَوَسِّطٍ أَيْ وَذِي مُتَوَسِّطٍ عَلَى ذِي مُخَفَّفٍ رَدَّهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ مُقْتَضَى الْخَبَثَيْنِ وَاحِدٌ فَإِنَّ كُلًّا يَمْنَعُ مَا يَمْنَعُهُ الْآخَرُ وَتَجِبُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ مَعَ كُلٍّ بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ مَعَ الْحَدَثِ إذْ هِيَ تَمْنَعُ مَا لَا يَمْنَعُهُ الْحَدَثُ كَالْقِرَاءَةِ وَالْمُكْثِ بِالْمَسْجِدِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَإِذَا اجْتَمَعَتْ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ إلَخْ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَرَتُّبِهِمَا فِي الِانْقِطَاعِ وَعَدَمِهِ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْمَيِّتَيْنِ بِأَنَّ الْمَوْتَ سَبَبٌ مُسْتَقِلٌّ فِي الِاحْتِيَاجِ لِلْمَاءِ فَنُظِرَ لِلتَّرْتِيبِ فِيهِ بِخِلَافِ الِانْقِطَاعِ وَكَذَا يُقَالُ فِي التَّرْتِيبِ فِي حُصُولِ نَحْوِ النَّجَاسَةِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُرِيدَ أَحَدَ مُتَسَاوِيَيْنِ الصَّلَاةَ وَيَطْلُبَهُ قَبْلَ الْآخَرِ وَأَنْ لَا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مَعَ طَلَبِ الْأَوَّلِ لَهُ وَإِرَادَتِهِ تِلْكَ يُعَدُّ صَرْفُهُ لِلْآخَرِ صَرْفًا لِلْأَوْلَى بِهِ حَجَرٌ. (تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي التَّرْتِيبِ الَّذِي ذَكَرُوهُ فِي غَيْرِ الْمَيِّتِ بَيْنَ أَنْ يَحْصُلَ السَّبَبُ لِلْمُقَدَّمِ قَبْلَ حُصُولِهِ لِلْآخَرِ أَوْ لَا حَتَّى يُقَدَّمَ الْمُتَنَجِّسُ عَلَى ذَاتِ الدَّمِ وَإِنْ حَصَلَ لَهَا الدَّمُ قَبْلَ حُصُولِ التَّنَجُّسِ لَهُ. (قَوْلُهُ: أُقْرِعَ) أَيْ: إنْ اسْتَوَيَا فِي الْفَضْلِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَالظَّاهِرُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَجُنُبٌ) وَلَوْ اسْتَعْمَلَ غَيْرَ الْمُقَدَّمِ أَسَاءَ وَصَحَّ أَيْ: وَضَمِنَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ لَهُ حِينَئِذٍ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ إنْ اسْتَوَيَا فِي الْفَضْلِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَالظَّاهِرُ إلَخْ
ــ
[حاشية الشربيني]
إذَا غَرِمَهُ فِي مَحَلِّ الشُّرْبِ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ إلَخْ) ضَعِيفٌ. اهـ. م ر عَنْ وَالِدِهِ؛ لِأَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ مُتَأَكِّدٌ لِعَدَمِ إمْكَانِ تَدَارُكِهِ مَعَ كَوْنِهِ خَاتِمَةَ أَمْرِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِإِمْكَانِ تَدَارُكِهَا عَلَى قَبْرِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلِلْأَفَضْلِ) فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَإِذَا اسْتَوَى اثْنَانِ قُدِّمَ بِالرَّحِمِ، ثُمَّ بِالْأَفْضَلِيَّةِ ثُمَّ بِالْقُرْعَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ لِذِي تَنَجُّسٍ) عِبَارَةُ الْحَاوِي، ثُمَّ مَنْ تَنَجَّسَ قَالَ فِي الشَّرْحِ إنَّمَا لَمْ يَقُلْ، ثُمَّ لِلنَّجِسِ لِيُعْلَمَ أَنَّ التَّقْدِيمَ لِنَجَاسَةِ الْبَدَنِ لَا مُطْلَقًا اهـ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ مَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ وَيَدُلُّ لِمَا ذُكِرَ التَّعْلِيلُ بِأَنَّ طُهْرَهُ لَا بَدَلَ لَهُ فَإِنَّ مَنْ
بِالْمَاءِ عَلَى الْبَدَلِ أَوْ لَمْ يَتِمَّا بِهِ أَوْ تَمَّ بِهِ غُسْلُ الْجُنُبِ لِكَوْنِهِ نِضْوَ الْخِلْقَةِ دُونَ وُضُوءِ الْمُحْدِثِ لِكَوْنِهِ ضَخْمًا (لَا إنْ بِهِ الْوُضُوءُ تَمْ) أَيْ لَا إنْ تَمَّ بِالْمَاءِ الْوُضُوءُ (لَا الْغُسْلُ) فَإِنَّهُ لَا يُجْعَلُ لِلْجُنُبِ بَلْ لِلْمُحْدِثِ؛ لِأَنَّهُ يَرْتَفِعُ بِهِ حَدَثُهُ بِكَمَالِهِ دُونَ الْجُنُبِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقِيَاسُ هَذَا التَّفْصِيلِ يَأْتِي فِي الْمَيِّتِ مَعَ الْمُتَنَجِّسِ وَفِي الْجُنُبِ مَعَ الْحَائِضِ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا عَيَّنَ الْمَكَانَ فَقَالَ اصْرِفُوهُ لِلْأَوْلَى فِي هَذِهِ الْمَفَازَةِ فَإِنْ أَطْلَقَ فَالْقِيَاسُ الْبَحْثُ عَنْ مُحْتَاجِي غَيْرِهَا كَمَا لَوْ أَوْصَى لِأَعْلَمِ النَّاسِ لَكِنْ الِانْتِظَارُ وَنَقْلُ الْمَاءِ إلَى مَفَازَةٍ أُخْرَى كَالْمُسْتَبْعَدِ وَخَرَجَ بِالتَّقْيِيدِ بِالْأَمْرِ بِالصَّرْفِ مَا لَوْ صَرَفَهُ بِنَفْسِهِ فَلَا يَجِبُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ التَّرْتِيبُ بَلْ يَصْرِفُهُ لِمَنْ شَاءَ إلَّا الظَّامِئَ فَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي غَيْرِهِ مَنْدُوبٌ.
(وَالْمَالِكُ) أَيْ وَجُعِلَ الْمَاءُ لِلْمَالِكِ (فِي) الْمَاءِ (الْمِلْكِ) أَيْ الْمَمْلُوكِ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ بِهِ طُهْرُهُ أَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَحْوَجَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ أَحَقُّ بِمِلْكِهِ فَلَوْ انْتَهَى الْمُحْتَاجُونَ إلَى مَاءٍ مُبَاحٍ وَاسْتَوَوْا فِي إحْرَازِهِ وَإِثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ مَلَكُوهُ بِالسَّوِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَبْذُلَ نَصِيبَهُ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ أَحْوَجَ مِنْهُ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَمَنْ تَبِعَهُ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَحْوَجُ فَالْأَحْوَجُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ التَّقْدِيمُ نَدْبًا فَيُنْدَبُ لِغَيْرِ الْأَحْوَجِ الْإِيثَارُ لِلْأَحْوَجِ وَمُجَرَّدُ الِانْتِهَاءِ إلَى الْمَاءِ الْمُبَاحِ لَا يُوجِبُ الْمِلْكَ وَإِنَّمَا يُوجِبُهُ الْإِحْرَازُ فَإِنْ أَحْرَزَهُ فَالْحُكْمُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُنَازِعَهُمْ فِي النَّدْبِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ كَمَالِكٍ. اهـ. وَضَعَّفَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ يَجِبُ تَحْصِيلُ الطُّهْرِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ عَنْ تَحْصِيلِ مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ وَإِنَّمَا يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ بِحَمْلِ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ عَلَى أَنَّ الْمُحْتَاجِينَ لَا يَمْلِكُونَ الْمَاءَ بِالِاسْتِيلَاءِ وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ الْأَحْوَجُ فَالْأَحْوَجُ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ لِأَوْلَى النَّاسِ فَحَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى نَدْبِ تَرْكِ الِاسْتِيلَاءِ لَا يَصِحُّ بَلْ لَوْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ غَيْرُ الْأَحْوَجِ وَأَحْرَزَهُ لَزِمَهُ دَفْعُهُ لِلْأَحْوَجِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ، وَقَوْلُ الْأَصْحَابِ إنَّ الْوَارِدِينَ عَلَى مَاءٍ مُبَاحٍ يَمْلِكُونَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعَارِضْهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ تَعَلُّقُ الْأَحْوَجِ بِهِ.
(وَلَا يُؤْثِرُ) الْمَالِكُ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ وَقِيَاسُ هَذَا إلَخْ) قِيَاسُهُ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا دَفَعَ الْمَاءَ الْمَوْجُودَ ظَمَأَ أَحَدِ الظَّامِئَيْنِ فَقَطْ قُدِّمَ وَأَنَّهُ لَوْ كَفَى الْمَيِّتَ وَلَمْ يَدْفَعْ ظَمَأَ الظَّامِئِ قُدِّمَ الْمَيِّتُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَفِي الْجُنُبِ مَعَ الْحَائِضِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قُلْت: بَلْ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَمِمَّنْ ذُكِرَ مَعَهُمَا مَعَ مِثْلِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ كَالْمُسْتَبْعَدِ) وَهَذَا حَذَفَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ شَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَا مُنَافَاةَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ إلَخْ) إنْ أَرَادَ بِدَفْعِ الْإِشْكَالِ بَيَانَ مَحَلٍّ صَحِيحٍ لِكَلَامِ الْأَكْثَرِينَ بِحَيْثُ يَصِيرُ كَلَامُهُمْ مُسْتَقِيمًا رَاجِحًا عَلَى كَلَامِ الْإِمَامِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَرَادَ بِدَفْعِ الْإِشْكَالِ حَمْلَ كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى حَالَةٍ وَكَلَامِ الْأَكْثَرِينَ عَلَى حَالَةٍ فَمَا ذَكَرَهُ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ وَإِنْ كَانَ هَذَا الشِّقُّ الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرَ مِنْ صَنِيعَتِهِ بِرّ. (قَوْلُهُ لَا يَمْلِكُونَ الْمَاءَ) هَذَا مَمْنُوعٌ بَلْ لَوْ أَحْرَزَهُ غَيْرُ الْمُحْتَاجِ مَعَ وُجُودِ الْمُحْتَاجِ مَلَكَهُ. (قَوْلُهُ: فَالِاسْتِيلَاءُ) أَيْ: مَعَ الْإِحْرَازِ كَمَا كَتَبَهُ بِخَطِّهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ) فَرَّقَ بِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يُخْرِجْ الْمُوصَى بِهِ عَنْ مِلْكِهِ إلَّا لِلْأُولَى فَلَا يَمْلِكُهُ غَيْرُهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ الْمُبَاحِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَعَلُّقُ الْأَحْوَجِ بِهِ) إلَى هُنَا كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَهُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ وَفَقَدَ الْمَاءَ يُصَلِّي عَارِيًّا بِلَا إعَادَةٍ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر مَا يُصَرِّحُ بِالتَّقْيِيدِ بِنَجَاسَةِ الْبَدَنِ قَالَ: وَظَاهِرٌ أَنَّ نَجَاسَةَ الثَّوْبِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ نَزْعُهُ كَنَجَاسَةِ الْبَدَنِ. اهـ. قَالَ ع ش كَأَنْ خَافَ مِنْ نَزْعِهِ الْهَلَاكَ فَإِنْ أَمْكَنَ بِأَنْ لَمْ يَخْشَ مِنْ نَزْعِهِ مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ تَوَضَّأَ وَنَزَعَ الثَّوْبَ وَصَلَّى عَارِيًّا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فَقْدَ السُّتْرَةِ مِمَّا يَكْثُرُ. اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ بِهِ الْوُضُوءَ تَمَّ) سَوَاءٌ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَا. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ فَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى التَّيَمُّمِ. اهـ. (قَوْلُهُ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُنَازِعَهُمْ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُنَازِعَهُمْ الْإِمَامُ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَيَقُولَ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَمَّا يُتَمَكَّنُ مِنْهُ لِلطَّهَارَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهَذَا الْإِشْكَالُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ إطْلَاقَهُمْ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَالِكَ لَوْ وَهَبَ لِغَيْرِ الْأَحْوَجِ لَزِمَهُ الْقَبُولُ فَكَذَا مَا نَحْنُ فِيهِ أَيْ فَيَلْزَمُهُ تَحْصِيلُ الطُّهْرِ وَمِنْ ثَمَّ ضَعَّفَ الزَّرْكَشِيُّ الْجَمْعَ بِمَا ذُكِرَ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ أَيْ الْمُحْوِجُ إلَى الْجَمْعِ بِحَمْلِ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ عَلَى أَنَّ الْمُحْتَاجِينَ إلَخْ مَا نَقَلَهُ عَنْ الزَّرْكَشِيّ هُنَا ثُمَّ قَالَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ دَفْعُ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ بِمَا جَمَعَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَيُدْفَعُ إشْكَالُهُ بِأَنْ يَقُولَ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْأَحْوَجِ الْعُدُولُ عَمَّا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ لِلطَّهَارَةِ فِي الْمَاءِ الْمُبَاحِ مَعَ وُجُودِ أَحْوَجَ مِنْهُ وَيَلْتَزِمُ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ أَيْضًا. اهـ. (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ أَنْ يُنَازِعَهُمْ فِي النَّدْبِ) أَيْ: وَيَقُولَ إنَّهُ لَا يَجُوزُ إيثَارُ غَيْرِ الْأَحْوَجِ لِلْأَحْوَجِ فَتَبْقَى الْمُنَافَاةُ عَلَى حَالِهَا وَإِنَّمَا قَالَ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُنَازِعَهُمْ وَلَمْ يَقُلْ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِمْ إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُنَازَعَةَ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ كَمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِهِ) أَيْ بِإِحْرَازِهِ. (قَوْلُهُ: وَضَعَّفَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) أَيْ ضَعَّفَ الْجَمْعَ بِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ يَجِبُ إلَخْ وَهُوَ حَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ إلَّا أَنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يُضَعِّفْ الْجَمْعَ بِهِ لِعَدَمِ تَسْلِيمِهِ هَذِهِ الْمُنَازَعَةَ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ) أَيْ: حَتَّى قَبْلَ الْإِحْرَازِ فَبَقِيَتْ مُخَالَفَةُ الْإِمَامِ حَتَّى فِي الْجَوَازِ قَبْلَ الْإِحْرَازِ. (قَوْلُهُ: بِحَمْلِ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ إلَخْ) أَيْ لَا يَحْمِلُهُ عَلَى أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَهُ بِالِاسْتِيلَاءِ لَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْتَوْلُوا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْإِشْكَالُ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ: لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إنْ كَانَ مَاؤُهُ يَكْفِيهِ أَوْ لَا يَكْفِيهِ
بِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَحَدًا أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ حَاجَتِهِ لِلطُّهْرِ أَوْ الْعَطَشِ؛ لِأَنَّ الْإِيثَارَ إنَّمَا يُشْرَعُ فِي حُظُوظِ النُّفُوسِ لَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُرْبِ وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى تَلَفِ مُهْجَتِهِ (إلَّا ظَامِئًا) مُحْتَرَمًا فَيُؤْثِرُهُ بِهِ وُجُوبًا حِفْظًا لِمُهْجَتِهِ (إنْ فَضَلَا) عَنْ حَاجَةِ ظَمَئِهِ.
(وَجَازَ) لِلظَّامِئِ (قَهْرٌ) لِمَالِكِ الْمَاءِ إنْ لَمْ يُؤْثِرْهُ بِالْفَاضِلِ عَنْهُ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ حَتَّى لَوْ أَدَّى إلَى هَلَاكِهِ كَانَ هَدَرًا؛ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ بِمَنْعِهِ أَوْ إلَى هَلَاكِ الظَّامِئِ كَانَ مَضْمُونًا؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ وَكَالظَّامِئِ فِيمَا ذُكِرَ الْخَائِفُ مِنْ حَرٍّ وَبَرْدٍ إذَا وَجَدَ ثَوْبَ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ: إنْ فَضَلَ وَجَازَ قَهْرٌ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(وَبِبَرْدٍ وَمَرَضْ) أَيْ تَيَمَّمَ بِسَبَبِ فَقْدِ مَاءٍ كَمَا مَرَّ وَبِسَبَبِ بَرْدٍ أَوْ مَرَضٍ (يُخْشَى بِهِ الْمَحْذُورُ إنْ غَسْلٌ عَرَضْ) أَيْ وُجِدَ أَمَّا الْبَرْدُ فَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا عَنْ «عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ احْتَلَمْت فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ فَأَشْفَقْت أَنْ أَغْتَسِلَ فَأَهْلَكَ فَتَيَمَّمْت ثُمَّ صَلَّيْت بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا عَمْرُو صَلَّيْت بِأَصْحَابِك وَأَنْتَ جُنُبٌ فَأَخْبَرْته بِاَلَّذِي مَنَعَنِي مِنْ الِاغْتِسَالِ وَقُلْت إنِّي سَمِعْت اللَّهَ يَقُولُ {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا» وَأَمَّا الْمَرَضُ فَلِآيَةِ {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [النساء: 43] أَيْ وَخِفْتُمْ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ مَحْذُورًا فَتَيَمَّمُوا بِقَرِينَةِ تَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآتِي الْمَحْذُورَ (كَفُحْشِ شَيْنٍ) بِعُضْوٍ (ظَاهِرٍ) وَالشَّيْنُ الْأَثَرُ الْمُسْتَكْرَهُ مِنْ تَغَيُّرِ لَوْنٍ وَتَحَوُّلٍ وَاسْتِحْشَافٍ وَثُغْرَةٍ تَبْقَى وَلَحْمَةٍ تَزِيدُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَثْنَاءِ الدِّيَاتِ وَقَالَ هُنَا وَالظَّاهِرُ مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ غَالِبًا كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَقَالَ فِي الْجِنَايَاتِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ مَا لَا يُعَدُّ كَشْفُهُ هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ وَقِيلَ مَا عَدَا الْعَوْرَةَ وَخَرَجَ بِالْفَاحِشِ الْيَسِيرُ كَقَلِيلِ سَوَادٍ وَأَثَرِ جُدَرِيٍّ وَبِالظَّاهِرِ الْبَاطِنُ وَإِنْ فَحُشَ شَيْنُهُ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي مَمْلُوكٍ إذْ الْخُسْرَانُ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ وَهِيَ مَانِعَةٌ مِنْ إيجَابِ شِرَائِهِ كَمَا مَرَّ وَأُجِيبَ
ــ
[حاشية العبادي]
وَالْوَجْهُ دَفْعُ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ بِمَا جَمَعَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَيُدْفَعُ إشْكَالُهُ بِأَنْ يُقَالَ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْأَحْوَجِ الْعُدُولُ عَمَّا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ لِلطَّهَارَةِ فِي الْمَاءِ الْمُبَاحِ مَعَ وُجُودِ أَحْوَجَ مِنْهُ وَيَلْتَزِمُ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ أَيْضًا. اهـ. أَيْ فَلَا يَلْزَمُ غَيْرَ الْأَحْوَجِ قَبُولُهَا مَعَ وُجُودِ الْأَحْوَجِ
(قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَجُوزُ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلظَّامِئِ إيثَارُ الظَّامِئِ بِمَا لَمْ يَفْضُلْ عَنْ حَاجَةِ ظَمَئِهِ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ الْجَوَازُ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَنْ يَصْبِرُ عَلَى الْإِضَافَةِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَقَدْ يُقَالُ إذَا حُقَّتْ حَاجَةُ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ كَانَ كَمَا هُنَا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَجُوزُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الظَّامِئَ لَا يَجُوزُ لَهُ إيثَارُ الظَّامِئِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَنْقُولِ بِرّ. (قَوْلُهُ: عَنْ حَاجَةِ ظَمَئِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ حَاجَةِ طُهْرِهِ فَيُفِيدُ وُجُوبَ إيثَارِ الظَّامِئِ مَعَ حَاجَةِ الطُّهْرِ.
(قَوْلُهُ: قَهْرٌ لِمَالِكِ) قَالَ فِي الْإِرْشَادِ بِقِيمَةٍ. اهـ. وَاعْتِبَارُ الْقِيمَةِ مَعَ مَسْأَلَةِ الْمَاءِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي رَقِيقِ الْمَيِّتِ.
(قَوْلُهُ: مَا لَا يُعَدُّ كَشْفُهُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ هُمَا وَاحِدٌ مَعْنًى وَإِنْ اخْتَلَفَ التَّعْبِيرُ لَفْظًا بِرّ. (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ نَقْصُ الْمَمْلُوكِ بِنَحْوِ إخْبَارِ مَعْصُومٍ كَالسَّيِّدِ عِيسَى أَوْ قَرَائِنَ قَطْعِيَّةٍ جَازَ التَّيَمُّمُ فَلْيُنْظَرْ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَقُلْنَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُ النَّاقِصِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ.
(قَوْلُهُ وَبِبَرْدٍ وَمَرَضٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَشَقَّةَ فِي الْعِبَادَةِ إمَّا أَنْ تَكُونَ مُلَازِمَةً غَالِبًا أَوْ لَا، فَالْأُولَى كَالتَّطَهُّرِ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّوْمِ فِي الصَّيْفِ وَالسَّفَرِ لِلْحَجِّ كَالْعَدَمِ لَا أَثَرَ لَهَا فِي إسْقَاطِ الْعِبَادَاتِ وَلَا تَخْفِيفِهَا وَإِلَّا لَفَاتَتْ مَصَالِحُ الطَّاعَاتِ وَلَمْ يُسْتَثْنَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا التَّيَمُّمُ لِشِدَّةِ الْبَرْدِ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الْخَاصِّ بِهِ، وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ الَّتِي تَنْفَكُّ غَالِبًا مَرَاتِبُ ثَلَاثَةٌ: خَفِيفَةٌ جِدًّا لَا وَقْعَ لَهَا كَصُدَاعٍ خَفِيفٍ وَهَذِهِ لَا أَثَرَ لَهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلِمَا ذُكِرَ، وَالثَّانِيَةُ شَدِيدَةٌ فَادِحَةٌ كَمَشَقَّةِ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ وَمَنَافِعِ الْأَعْضَاءِ فَهَذِهِ هِيَ مَحَلُّ الرُّخَصِ وَالتَّخْفِيفِ؛ لِأَنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ وَالْأَطْرَافِ لِإِقَامَةِ مَصَالِحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا أَوْلَى مِنْ تَعْرِيضِهَا لِمَا يَفُوتُ بِهَا أَمْثَالُهَا، وَالثَّالِثَةُ فَوْقَ الْأُولَى وَدُونَ الثَّانِيَةِ فَهِيَ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَهُمَا فِي الشِّدَّةِ وَالْخِفَّةِ وَهَذِهِ يُنْظَرُ لِنِسْبَتِهَا لِإِحْدَى الْحَالَتَيْنِ فَمَا دَنَا مِنْهَا مِنْ الْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا أَوْجَبَ التَّخْفِيفَ وَمَا دَنَا مِنْهَا مِنْ الْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَا لَمْ يُوجِبْهُ إلَّا عِنْدَ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَمَثَّلُوا لَهُ بِالْحُمَّى الْخَفِيفَةِ وَوَجَعِ الضِّرْسِ الْيَسِيرِ فَعُلِمَ أَنَّ مَا بَيْنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَلْحَقَهُ بِالْعُلْيَا وَمِنْهُمْ مَنْ أَلْحَقَهُ بِالدُّنْيَا وَلَا ضَبْطَ لِذَلِكَ إلَّا بِالتَّقْرِيبِ قَالَهُ الْعَلَائِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ الْعَاصِي) بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْفَصِيحُ. اهـ. مَجْمُوعٌ. (قَوْلُهُ: ذَاتِ السَّلَاسِلِ) غَزْوَةٌ مِنْ غَزَوَاتِ الشَّامِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ بِاسْمِ مَاءٍ بِأَرْضِ جُذَامٍ يُقَالُ لَهُ الْمُسَلْسَلُ وَسِينُ السَّلَاسِلِ مَفْتُوحَةٌ وَحُكِيَ ضَمُّهَا. اهـ. مَجْمُوعٌ. (قَوْلُهُ: وَثُغْرَةٍ) كَنُقْرَةٍ وَزْنًا وَمَعْنًى. اهـ. بج. (قَوْلُهُ: وَثُغْرَةٍ وَلَحْمَةٍ) أَيْ:
بِأَنَّ الْخُسْرَانَ فِي الزِّيَادَةِ مُحَقَّقٌ بِخِلَافِهِ فِي نَقْصِ الْمَمْلُوكِ.
(وَالْبُطْوِي فِي الْبُرْءِ) أَيْ وَكَبُطْءِ الْبُرْءِ وَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْعِلَّةُ وَإِنَّمَا يُبِيحُ لَهُ الْبَرْدُ أَوْ الْمَرَضُ التَّيَمُّمَ (إنْ قَالَ طَبِيبٌ يَرْوِي) أَيْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ إنْ يُخْشَى مِنْهُ الْمَحْذُورَ فَإِنْ كَانَ هُوَ عَارِفًا بِالطِّبِّ اكْتَفَى بِمَعْرِفَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِهِ وَلَمْ يَجِدْ طَبِيبًا وَخَافَ مَحْذُورًا فَعَنْ أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ لَا يَتَيَمَّمُ نَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ وَافَقَهُ وَلَا مَنْ خَالَفَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَدْ وَافَقَهُ الرُّويَانِيُّ وَخَالَفَهُ الْبَغَوِيّ فَأَفْتَى بِأَنَّهُ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ يُعِيدُ إذَا وَجَدَ الْمُخْبِرَ كَمَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْبِرُهُ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَخَبَرُ «عَمْرٍو يَدُلُّ لَهُ فَإِنَّهُ تَيَمَّمَ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ وَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكِرْهُ» وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْمُتَّجَهُ اللَّائِقُ بِمَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ قِيَامِ الْمَظِنَّةِ الَّتِي هِيَ الْمَرَضُ وَنَحْوُهُ قَالَ وَيُؤَيِّدُهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ الْمُضْطَرَّ إذَا خَافَ مِنْ الطَّعَامِ الْمُحْضَرِ إلَيْهِ أَنَّهُ مَسْمُومٌ جَازَ لَهُ تَرْكُهُ وَالِانْتِقَالُ إلَى الْمَيْتَةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْأَطْعِمَةِ اكْتَفَى بِطَبِيبٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ طَرِيقَ ذَلِكَ الرِّوَايَةُ وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِخْبَارِ بِكَوْنِ الْمَرَضِ مَخُوفًا فِي الْوَصِيَّةِ يُشْتَرَطُ فِيهِ اثْنَانِ لِلِاحْتِيَاطِ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ لَهُ بَدَلٌ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ (لَا حَيْثُ إيلَامٌ عَنْ الْخَوْفِ عَرِيّ) أَيْ لَا حَيْثُ خَلَا تَأَلُّمُهُ بِالْبَرْدِ أَوْ الْمَرَضِ عَنْ خَوْفِ الْمَحْذُورِ كَصُدَاعٍ وَوَجَعِ ضِرْسٍ وَحُمَّى فَإِنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ قَادِرٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ بِلَا ضَرَرٍ شَدِيدٍ وَقَدْ فَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْمَرَضَ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ بِالْجُرْحِ وَالْجُدَرِيِّ وَنَحْوِهِمَا.
(وَجُرْحِهِ وَالْكَسْرِ لِلتَّضَرُّرِ) أَيْ وَتَيَمَّمَ بِسَبَبِ جُرْحٍ أَوْ كَسْرٍ أَوْ خَلْعٍ فِي مَحَلِّ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِي نَقْصِ الْمَمْلُوكِ) قَدْ يُقَالُ لَوْ صَحَّ هَذَا الْجَوَابُ لَكَانَ الْعُضْوُ الظَّاهِرُ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ إذَا وَجَدَ الْمُخْبِرَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ إذَا وَجَدَ الْمُخْبِرَ أَيْ وَأَخْبَرَهُ بِجَوَازِ التَّيَمُّمِ أَوْ بِعَدَمِهِ قَيْدٌ لِلْإِعَادَةِ لَا لِوُجُوبِهَا؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا قَيَّدَهَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهَا قَبْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمُخْبِرَ وَاسْتَمَرَّ يَتَيَمَّمُ لَزِمَهُ الْإِعَادَةُ إذَا بَرِئَ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّيَمُّمِ فِي قَوْلِهِ أَيْ: وَأَخْبَرَهُ بِجَوَازِ التَّيَمُّمِ إلَخْ التَّيَمُّمُ السَّابِقُ عَلَى وُجُودِهِ وَإِخْبَارِهِ وَكَأَنَّ وَجْهَ الْإِعَادَةِ إذَا أَخْبَرَهُ بِجَوَازِهِ وُقُوعُهُ مَعَ الشَّكِّ فِي جَوَازِهِ وَوَجْهُ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهَا قَبْلَهُ أَنَّهَا بِالتَّيَمُّمِ لَا تُسْقِطُ الصَّلَاةَ إلَّا أَنَّهُ عَلِمَ مُسَوِّغَ التَّيَمُّمِ وَلَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ الْمُخْبِرِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ الْإِعَادَةُ بِالتَّيَمُّمِ، أَمَّا بِالْمَاءِ فَمُجْزِيَةٌ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمُخْبِرَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّيَمُّمُ بَعْدَ وُجُودِهِ وَإِخْبَارِهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَيْ وَأَخْبَرَهُ إلَخْ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إنْ أَخْبَرَهُ بِجَوَازِ التَّيَمُّمِ أَعَادَ بِهِ أَوْ بِعَدَمِ جَوَازِهِ أَعَادَ بِالْمَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ عَمْرٍو إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ عَمْرًا كَانَ عَارِفًا بِالطِّبِّ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: قَالَ: وَيُؤَيِّدُهُ إلَخْ) فُرِّقَ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ هُنَا لَزِمَتْ ذِمَّتَهُ بِيَقِينٍ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ وَرُدَّ بِأَنَّا لَا نَقُولُ بِعَدَمِهَا حَتَّى يَرِدَ ذَلِكَ بَلْ بِفِعْلِهَا، ثُمَّ بِإِعَادَتِهَا وَهَذَا غَايَةُ الِاحْتِيَاطِ لَهَا مَعَ الْخُرُوجِ عَمَّا قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِتَلَفِ نَحْوِ النَّفْسِ هَذَا وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَدَمَ التَّيَمُّمِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَسْأَلَةِ السُّمِّ الْمَذْكُورَةِ بِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ اللَّهِ بِالْمَاءِ أَقْوَى بِدَلِيلِ بُطْلَانِ بَيْعِ الْمَاءِ الْمُحْتَاجِ لِلطَّهَارَةِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَصِحَّةِ بَيْعِ الطَّعَامِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
فَاحِشَيْنِ وَإِلَّا لَمْ يَبُحْ التَّيَمُّمُ. اهـ. بح. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَقْصِ الْمَمْلُوكِ) قَالَ ق ل مَعَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَقْصِ الْقِيمَةِ نَقْصُ الثَّمَنِ اهـ وَأَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الشَّارِحُ بِهَامِشِ الدَّمِيرِيِّ بِالْفَرْقِ بِأَنَّ الْخُسْرَانَ فِي مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ رَاجِعٌ إلَى الْمُسْتَعْمِلِ وَهُوَ مَالِكُ الْمَاءِ وَلَا كَذَلِكَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ع ش.
(قَوْلُهُ: طَبِيبٌ يَرْوِي) أَيْ: عَدْلُ رِوَايَةٍ وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الَّذِي لَمْ يَرْتَكِبْ كَبِيرَةً وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ وَكَالْعَدْلِ فَاسِقٌ وَلَوْ كَافِرًا اُعْتُقِدَ صِدْقُهُ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا زي تَبَعًا الِاكْتِفَاءَ بِالتَّجْرِبَةِ وَاكْتَفَى بِهَا حَجَرٌ وَالْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَهُوَ الْوَجْهُ كَمَا فِي جَوَازِ الْعُدُولِ إلَى الْمَيْتَةِ مَعَ الْخَوْفِ مِنْ اسْتِعْمَالِ الطَّاهِرِ فِي الْمُضْطَرِّ وَالْجَوَابُ بِأَنَّ لُزُومَ الصَّلَاةِ مُحَقَّقٌ لَا يُجْدِي نَفْعًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ كَمَا فِي جَوَازِ إلَخْ لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ ذَلِكَ لِزِيَادَةِ التَّجْرِبَةِ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْخَوْفِ فَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ. اهـ. وَلَا بُدَّ مِنْ سُؤَالِ الطَّبِيبِ كُلَّ وَقْتٍ اُحْتُمِلَ فِيهِ عَدَمُ الضَّرَرِ. اهـ. ق ل أَيْضًا. (قَوْلُهُ: تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ) وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الَّذِي لَمْ يَرْتَكِبْ كَبِيرَةً وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ وَكَالْعَدْلِ فَاسِقٌ وَلَوْ كَافِرًا اُعْتُقِدَ صِدْقُهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا إلَخْ) وَلَوْ عَرَفَ الضَّرَرَ بِالتَّجْرِبَةِ لَكِنْ اعْتَمَدَ الِاكْتِفَاءَ بِهَا الْإِسْنَوِيُّ وَحَجَرٌ وَغَيْرُهُمَا خِلَافًا لِلْمَرْوَزِيِّ قَالَ ق ل: وَهُوَ الْوَجْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ أَيْضًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِهِ) أَيْ: بِالطِّبِّ سَوَاءٌ عَرَفَ الضَّرَرَ بِالتَّجْرِبَةِ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ مُجَرَّدُ خَوْفٍ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: عَنْ خَوْفِ الْمَحْذُورِ) مِنْهُ كَثْرَةُ الْأَلَمِ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنَّهُ عُدَّ مِنْ الْمَحْذُورِ الْمُبِيحِ لِلتَّيَمُّمِ زِيَادَةَ الْمَرِيضِ وَفَسَّرَهَا بِكَثْرَةِ الْأَلَمِ. اهـ. لَكِنَّ الْمُرَادَ بِالْأَلَمِ النَّاشِئُ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ وَلَا يُبِيحُهُ التَّأَلُّمُ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لِجُرْحٍ أَوْ بَرْدٍ لَا يَخَافُ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ مَعَهُ مَحْذُورًا فِي الْعَاقِبَةِ. اهـ. فَالتَّأَلُّمُ بِالِاسْتِعْمَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْشَأَ أَلَمٌ مِنْهُ لَا عِبْرَةَ بِهِ بِخِلَافِ التَّأَلُّمِ النَّاشِئِ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ. اهـ. ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: وَتَيَمَّمَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ
الطُّهْرِ عِنْدَ خَشْيَةِ الْمَحْذُورِ السَّابِقِ لِلْآيَةِ وَالْخَبَرِ السَّابِقَيْنِ ثُمَّ إنْ عَمَّ ذَلِكَ أَعْضَاءَ الطُّهْرِ تَيَمَّمَ فَقَطْ وَإِلَّا تَيَمَّمَ (مَعْ غَسْلِ مَا صَحَّ) مِنْ أَعْضَاءِ الطُّهْرِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ بَعْضِ الْعُضْوِ لَا تَزِيدُ عَلَى فَقْدِهِ وَلَوْ فُقِدَ وَجَبَ غَسْلُ الْبَاقِي وَدَخَلَ فِيهَا صَحَّ مَا تَحْتَ أَطْرَافِ السَّاتِرِ فَيَجِبُ غَسْلُ مَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ مِنْهُ وَلَوْ بِعَصْرِ خِرْقَةٍ عَلَيْهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ أَمَسَّهُ مَاءً بِلَا إفَاضَةٍ.
(وَ) مَعَ (مَسْحٍ عَمَّا) أَيْ عَمَّ السَّاتِرَ لِمَحَلِّ الْعُذْرِ (بِالْمَاءِ إنْ يُسْتَرْ) بِلَصُوقٍ أَوْ جَبِيرَةٍ وَكَانَ الْمَسْتُورُ مِنْ أَعْضَاءِ الطُّهْرِ أَمَّا الْمَسْحُ فَلِصِحَّتِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَمَّا تَعْمِيمُهُ فَلِأَنَّهُ مَسْحٌ لِلضَّرُورَةِ كَالتَّيَمُّمِ وَقَوْلُهُ: بِالْمَاءِ صِلَةُ مَسْحٍ وَفُهِمَ مِنْ التَّقْيِيدِ بِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعُذْرُ فِي عُضْوِ التَّيَمُّمِ لَمْ يَجِبْ الْمَسْحُ بِالتُّرَابِ؛ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ فَلَا يُؤَثِّرُ فَوْقَ حَائِلٍ بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّ تَأْثِيرَهُ فَوْقَهُ مَعْهُودٌ فِي الْحَلِفِ لَكِنَّهُ يُسَنُّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَمِنْ التَّقْيِيدِ بِالسَّتْرِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَمَعَ مَسْحٍ عَمَّا إلَخْ) سَيَأْتِي فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ أَنَّ هَذَا الْمَسْحَ بَدَلٌ عَمَّا تَحْتَ السَّاتِرِ مِنْ الصَّحِيحِ وَهَهُنَا فَرْعٌ مُوَلَّدٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ رَأْسَهُ إلَّا مِقْدَارَ مَا تَسْتَمْسِكُ بِهِ الْجَبِيرَةُ وَوَضَعَهَا بِحَيْثُ سَتَرَتْ جَمِيعَ رَأْسِهِ عَلِيلِهِ وَصَحِيحِهِ الَّذِي بِهِ الِاسْتِمْسَاكُ فَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ بِمَسْحِ جَمِيعِ الْجَبِيرَةِ بَدَلًا عَنْ غَسْلِ مَا تَحْتَهَا مِنْ الصَّحِيحِ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ مَسْحِ جَمِيعِهَا وَإِنْ كَانَ مَا تَحْتَهَا مِنْ الصَّحِيحِ أَزْيَدَ مِمَّا يَكْفِي مَسْحُهُ عَنْ الْوَاجِبِ كَمَا لَوْ كَانَ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ مَسْحَ الْجَبِيرَةِ إنَّمَا يَقُومُ مَقَامَ غَسْلِ الصَّحِيحِ إذَا عَمَّهَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَعَ مَسْحِ جَمِيعِ الْجَبِيرَةِ التَّيَمُّمُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ الْعَلِيلِ وَهُوَ لَا يَجِبُ طُهْرُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي تَطْهِيرُ بَعْضِ الرَّأْسِ وَقَدْ حَصَلَ بِتَطْهِيرِ الصَّحِيحِ بِوَاسِطَةِ مَسْحِ جَمِيعِ الْجَبِيرَةِ وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يَكْفِي التَّيَمُّمُ عَنْ الْعَلِيلِ وَلَا يَجِبُ مَعَهُ مَسْحُ الْجَبِيرَةِ لِحُصُولِ الْوَاجِبِ مِنْ تَطْهِيرِ بَعْضِ الرَّأْسِ فِيهِ نَظَرٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
الشَّافِعِيُّ وَقَالَهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يَكْفِيهِ التَّيَمُّمُ تَخْرِيجًا عَلَى مَنْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِيهِ فَإِنَّ أَحَدَ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ فِيهِ لَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ لَكِنْ أَبْطَلَ الْأَصْحَابُ هَذَا التَّخْرِيجَ بِالْفَرْقِ بِأَنَّ الْمَعْجُوزَ عَنْهُ هُنَا بَعْضُ الْبَدَنِ وَهُنَاكَ بَعْضُ الْمَاءِ وَالْحُكْمُ مُخْتَلِفٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا عَجَزَ فِي الْكَفَّارَةِ عَنْ بَعْضِ الرَّقَبَةِ جُعِلَ كَالْعَاجِزِ عَنْ الْكُلِّ وَلَوْ لَزِمَتْ الْكَفَّارَةُ مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ لَمْ يَكُنْ الْعَجْزُ بِالرِّقِّ فِي الْبَعْضِ كَالْعَجْزِ بِالْجَمِيعِ بَلْ يُكَفِّرُ بِمَا يَمْلِكُهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ هَذَا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَكْثَرُ بَدَنِهِ صَحِيحًا لَزِمَهُ غَسْلُهُ وَسَقَطَ الْبَاقِي وَلَا يَتَيَمَّمُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهُ مَرِيضًا كَفَاهُ التَّيَمُّمُ وَلَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ شَيْءٍ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ. (قَوْلُهُ: مَعَ غَسْلِ مَا صَحَّ) وَحَكَى الرَّافِعِيُّ قَوْلَهُ إنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الصَّحِيحِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمَقْطُوعِ بِهِ عِنْدَ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ وَقَوْلَهُ إنَّهُ يَكْفِيهِ التَّيَمُّمُ وَلَا يَمْسَحُ الْجَبِيرَةَ بِالْمَاءِ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْعُدَّةِ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَصَحَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالرُّويَانِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا غَسْلُ الصَّحِيحِ وَالْمَسْحُ عَلَى الْجَرِيحِ وَلَا يَتَيَمَّمُ. اهـ. مَجْمُوعٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ أَمَسَّهُ مَاءً بِلَا إفَاضَةٍ) فِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْإِفَاضَةَ وَاجِبَةٌ إلَّا لِلْعُذْرِ وَهُوَ يُفِيدُ وُجُوبَ سَيَلَانِ الْمَاءِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ عَلَى الْعُضْوِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُمْ فِي رَشِّ بَوْلِ الصَّبِيِّ إنَّ مَعْنَاهُ غَمْرُهُ بِالْمَاءِ بِلَا سَيَلَانٍ بِخِلَافِ بَوْلِ الصَّبِيِّة لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ السَّيَلَانِ، الثَّانِي أَنَّ الْإِمْسَاسَ بِلَا إفَاضَةٍ يَكْفِيهِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى هُنَا لِلْعُذْرِ وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ أَمَسَّ الْمَاءَ الصَّحِيحَ إمْسَاسًا لَا يَفِيضُ وَأَجْزَأَهُ ذَلِكَ إذَا أَمَسَّ الشَّعْرَ وَالْبَشَرَةَ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ أَمَسَّهُ مَاءً بِلَا إفَاضَةٍ) هَلْ يَتَعَيَّنُ هَذَا الْإِمْسَاسُ وَيَكْفِي فِي الْعَلِيلِ وَيَمْتَنِعُ التَّيَمُّمُ حَيْثُ لَمْ يُخْشَ مِنْهُ مَحْذُورٌ الظَّاهِرُ لَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّحِيحِ الْمُجَاوِرِ لِلْعَلِيلِ بِأَنَّهُمْ اكْتَفَوْا فِيهِ بِالْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ فَلَأَنْ يَكْتَفُوا فِيهِ بِإِمْسَاسِهِ الْمَاءَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى بِخِلَافِ الْعَلِيلِ يَجِبُ فِيهِ التَّيَمُّمُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ حَقِيقَةُ الْغَسْلِ. اهـ. ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: أَمَسَّهُ مَاءً بِلَا إفَاضَةٍ) وَلَوْ قَدَرَ عَلَى هَذَا الْإِمْسَاسِ فِي مَحَلِّ الْعِلَّةِ لَمْ يَكْفِ عَنْ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ أَقْوَى مِنْهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَمَسْحٍ عَمَّا) وَلَوْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ أَوْ أَعْضَاءَ التَّيَمُّمِ وَعَمَّتْ الْجَبِيرَةُ أَعْضَاءَ التَّيَمُّمِ سَقَطَ الْمَسْحُ وَالتَّيَمُّمُ كَالْغُسْلِ كَمَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: إنَّ التُّرَابَ ضَعِيفٌ لَا يُؤَثِّرُ فَوْقَ حَائِلٍ فَيُصَلِّي كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَيُعِيدُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجِبُ الْوُضُوءُ مَسْحًا وَبَعْضُهُمْ يَجِبُ التَّيَمُّمُ فَوْقَ الْجَبِيرَةِ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ تَحْتَ الْجَبِيرَةِ قَدْرُ الِاسْتِمْسَاكِ وَجَبَ مَسْحُهَا وَفِي التَّيَمُّمِ مَا عَلِمْت. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: عَمَّ السَّاتِرَ لِمَحَلِّ الْعُذْرِ) فَلَوْ زَادَ السَّاتِرُ عَلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ لَمْ يَجِبْ مَسْحُ الزَّائِدِ ق ل. (قَوْلُهُ: عَمَّ السَّاتِرَ لِمَحَلِّ الْعُذْرِ) أَيْ: عَمَّ السَّاتِرَ كُلَّهُ وَلَوْ أَخَذَ مِنْ الصَّحِيحِ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ فَيَجِبُ تَعْمِيمُ كُلِّهِ بِالْمَسْحِ مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَإِلَّا وَجَبَ مَسْحُ مَا فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ فَقَطْ هَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يُسْتَرَ بِلَصُوقٍ أَوْ جَبِيرَةٍ) مِثْلُ اللَّصُوقِ وَالْجَبِيرَةِ فِي الْحُكْمِ مَا إذَا طَلَى بَعْضَ بَدَنِهِ بِشَيْءٍ كَالْقَارِ أَوْ وَضَعَ نَحْوَ شَمْعٍ فِي شُقُوقٍ بِرِجْلِهِ. اهـ. مَجْمُوعٌ إلَّا أَنَّ نَحْوَ هَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ أَخْذٌ بِقَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ فِي طِلَاءٍ بِشَيْءٍ لَا يَثْبُتُ وَيَسْتَمْسِكُ إلَّا بِالصَّحِيحِ. (قَوْلُهُ: لَصُوقٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَهُوَ مَا كَانَ عَلَى جُرْحٍ وَالْجَبِيرَةُ مَا كَانَ عَلَى كَسْرٍ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْحَاوِي الْكَبِيرِ.
(قَوْلُهُ فَلِمَا صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ) أَيْ: أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ وَكَفُّهُ مَعْصُوبَةٌ فَمَسَحَ عَلَيْهَا وَعَلَى الْعِصَابِ وَغَسَلَ مَا سِوَى ذَلِكَ. اهـ. مَجْمُوعٌ. (قَوْلُهُ: مَسَحَ لِلضَّرُورَةِ) احْتِرَازٌ عَنْ مَسْحِ الْخُفِّ فَإِنَّهُ تَخْفِيفٌ وَرُخْصَةٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ) ؛ لِأَنَّ لَنَا وَجْهًا -
يَسْتُرْ لَمْ يَجِبْ الْمَسْحُ بِالْمَاءِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ بِلَا حَائِلٍ بِخِلَافِ مَسْحِ السَّاتِرِ كَمَا تَقَرَّرَ وَقَدْ وَرَدَ بِهِ خَبَرٌ وَيَجِبُ مَسْحُهُ بِالتُّرَابِ إنْ كَانَ فِي مَحَلِّ التَّيَمُّمِ إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ وَلَا حَائِلَ وَكَذَا لَوْ كَانَ لِلْجُرْحِ أَفْوَاهٌ مُنْفَتِحَةٌ وَأَمْكَنَ إمْرَارُ التُّرَابِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ ظَاهِرَةً وَشَرْطُ السَّاتِرِ أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ مِنْ الصَّحِيحِ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلِاسْتِمْسَاكِ وَأَنْ يَضَعَهُ عَلَى طُهْرٍ وَإِلَّا وَجَبَ نَزْعُهُ إنْ أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ مَسَحَ عَلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ وَوَجَبَ الْقَضَاءُ كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ: لِلتَّضَرُّرِ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(وَمَاذَا) أَيْ لَيْسَ سَتْرُ مَحَلِّ الْعُذْرِ لِيَمْسَحَ بِالْمَاءِ (حَتْمَا كَالْخُفِّ) لَا يَتَحَتَّمُ إلَيْهِ عَلَى الْمُتَطَهِّرِ الَّذِي أَرْهَقَهُ الْحَدَثُ (كَيْ يَكْفِيَ) لِوُضُوئِهِ مَعَ مَسْحِ الْخُفِّ (مَاءٌ قَلَّا) أَيْ قَلَّ عَنْ كِفَايَةِ وُضُوءٍ مَعَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ رُخْصَةٌ فَلَا يَلِيقُ بِهَا تَحَتُّمُ ذَلِكَ (مَا دَامَ) أَيْ مَعَ مَسْحٍ عَمِّ السَّاتِرَ مُدَّةَ دَوَامِهِ عَلَى مَحَلِّ الْعُذْرِ إلَى أَنْ يَبْرَأَ فَلَا يَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ كَمَسْحِ الْخُفِّ؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ وَرَدَتْ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ وَلِأَنَّ السَّاتِرَ لَا يُنْزَعُ لِلْجَنَابَةِ بِخِلَافِ الْخُفِّ فِيهِمَا وَإِنَّمَا يَتَيَمَّمُ وَيَمْسَحُ بِالْمَاءِ (وَقْتَ غُسْلِهِ) الْعُضْوَ (الْمُعْتَلَّا) ؛ لِأَنَّهُمَا بَدَلَانِ عَنْ غَسْلِهِ فَيُقَدِّمُهُمَا فِي الْغَسْلِ عَلَى غَسْلِ السَّلِيمِ أَوْ يُؤَخِّرُهُمَا عَنْهُ أَوْ بِوَسَطِهِمَا أَوْ يُخَالِفُ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ فِيهِ وَكَذَا فِي الْوُضُوءِ لَكِنْ لَا يَعْدِلُ عَنْ عُضْوٍ حَتَّى يُكْمِلَ طُهْرَهُ أَصْلًا وَبَدَلًا رِعَايَةً لِلتَّرْتِيبِ فِيهِ وَجَازَ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ لِلْعِلَّةِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فِي اسْتِعْمَالِ النَّاقِصِ فَإِنَّهُ لِفَقْدِ الْمَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَقْدِهِ بَلْ الْأَوْلَى هُنَا تَقْدِيمُهُ لِيَذْهَبَ الْمَاءُ إثْرَ التُّرَابِ وَعَكَسَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْأَوْلَى تَقْدِيمُ مَا نُدِبَ تَقْدِيمُهُ فِي الْغُسْلِ فَإِنْ كَانَتْ جِرَاحَتُهُ فِي رَأْسِهِ غَسَلَ مَا صَحَّ مِنْهُ ثُمَّ تَيَمَّمَ عَنْ جَرِيحِهِ ثُمَّ يَغْسِلُ بَاقِيَ جَسَدِهِ وَفِي الْبَيَانِ وَالرَّوْضَةِ مَا يَدُلُّ لِذَلِكَ وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّاظِمِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ عُضْوٍ فِي الْوُضُوءِ تَحَتَّمَ لِكُلِّ عُضْوٍ عَلِيلٍ تَيَمُّمٌ وَقْتَ غَسْلِهِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ فِي يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ لِعَدَمِ تَحَتُّمِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا لَكِنْ لِسُنِّيَّتِهِ يُسَنُّ تَيَمُّمَانِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِمَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ:، فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي وَجْهِهِ وَيَدِهِ وَغَسَلَ صَحِيحَ الْوَجْهِ أَوْ لَا جَازَ تَوَالِي تَيَمُّمَيْهِمَا فَلِمَ لَا يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ كَمَنْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ أَعْضَاءَهُ فَالْجَوَابُ: أَنَّ التَّيَمُّمَ هُنَا فِي طُهْرٍ تَحَتَّمَ فِيهِ التَّرْتِيبُ فَلَوْ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ حَصَلَ تَطْهِيرُ الْوَجْهِ وَالْيَدِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ عَنْ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِسُقُوطِ الْغَسْلِ. اهـ.
وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ
ــ
[حاشية العبادي]
فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَكْفِي فَيَكُونُ الْوَاجِبُ مَسْحَ الْجَبِيرَةِ أَوْ التَّيَمُّمَ وَلَا يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِحُصُولِ تَطْهِيرِ بَعْضِ الرَّأْسِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ كَافٍ فِيهِمَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي؛ لِأَنَّ مَسْحَ الْجَبِيرَةِ طَهَارَةٌ بِالْمَاءِ وَهُوَ أَقْوَى مِنْ التَّيَمُّمِ عَنْ الْعَلِيلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ فَرْضًا آخَرَ وَلَمْ يُحْدِثْ أَعَادَ التَّيَمُّمَ دُونَ مَسْحِ الْجَبِيرَةِ وَلَا يَكْفِي التَّيَمُّمُ مَعَ إمْكَانِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ الْأَقْوَى وَهَذَا الِاحْتِمَالُ أَوْجُهُ وَقَدْ يُؤَيِّدُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ سَاتِرٌ تَعَيَّنَ مَسْحُ الصَّحِيحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَمْ يَجُزْ الِاقْتِصَارُ عَلَى التَّيَمُّمِ عَنْ الْعَلِيلِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُمَا بَدَلَانِ عَنْ غَسْلِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهَذَا التَّيَمُّمُ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ الْعُضْوِ الْعَلِيلِ وَمَسْحُ السَّاتِرِ لَهُ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ مَا تَحْتَ أَطْرَافِهِ مِنْ الصَّحِيحِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَدُلُّ عَمَّا تَحْتَ الْجَبِيرَةِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّاتِرُ بِقَدْرِ الْعِلَّةِ فَقَطْ أَوْ بِأَزْيَدَ وَغَسَلَ الزَّائِدِ كُلَّهُ لَا يَجِبُ الْمَسْحُ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَإِطْلَاقُهُمْ وُجُوبَ الْمَسْحِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ السَّاتِرَ يَأْخُذُ زِيَادَةً عَلَى مَحَلِّ الْعِلَّةِ وَلَا يُغْسَلُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الْأَوْلَى) أَيْ: لِذِي الْحَدَثِ
ــ
[حاشية الشربيني]
حَكَاهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ مَسْحُهَا بِالتُّرَابِ كَمَا يَجِبُ مَسْحُهَا بِالْمَاءِ. اهـ. مَجْمُوعٌ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ وَرَدَ بِهِ إلَخْ) هُوَ أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْجَبَائِرِ» لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ فِي سَنَدِهِ عَمْرَو بْنَ خَالِدٍ الْوَاسِطِيَّ وَاتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ إنَّهُ كَذَّابٌ يَضَعُ الْحَدِيثَ. اهـ. مَجْمُوعٌ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ مَسْحُهُ بِالتُّرَابِ إلَخْ) فَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ مَسْحُهُ وَكَانَتْ الْعِلَّةُ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ تَيَمَّمَ عَلَى الْبَعْضِ السَّلِيمِ وَلَوْ كَانَ يَدًا فَقَطْ كَمَا نُقِلَ عَنْ م ر وَأَقَرَّهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ رحمه الله وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ السَّاتِرِ إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ لِعَدَمِ الْقَضَاءِ كَمَا سَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ السَّاتِرِ إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يُمْكِنَ رَفْعُهُ بِلَا ضَرَرٍ وَإِلَّا وَجَبَ وَلَمْ يَكْفِ الْمَسْحُ. اهـ. مَجْمُوعٌ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ مَسَحَ عَلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَسْحَ فِيمَا إذَا كَانَ تَحْتَهُ زَائِدٌ عَلَى قَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ وَاقِعٌ عَنْ الصَّحِيحِ كُلِّهِ حَتَّى الزَّائِدِ عَلَى قَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَأَتْبَاعُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ أَنَّ الْمَسْحَ لَا يَقَعُ عَنْ الزَّائِدِ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى عَدَمِ الطَّهَارَةِ فَصَلَاتُهُ مَعَهُ كَصَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ. اهـ. وَعَلَى هَذَا الثَّانِي لَا يُصَلِّي النَّوَافِلَ وَلَا يُبَاحُ لَهُ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَمَاذَا حَتْمًا) وَنَقَلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ وَالِدِهِ إيجَابَ سَتْرِ الْجُرْحِ لِيَمْسَحَ عَلَيْهِ قَالَ: وَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَفِيهِ بُعْدٌ. اهـ. وَقُوَّةُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْمَسْحَ يَقَعُ عَلَى الْجَرِيحِ كَالصَّحِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَاعْتَمَدَ النَّوَوِيُّ خِلَافَهُ وَأَنَّهُ عَنْ الصَّحِيحِ فَقَطْ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ) وَقِيلَ إنَّهُ كَالْخُفِّ ثَلَاثَةٌ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِلْمُقِيمِ وَقِيلَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مُطْلَقًا. اهـ. (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يَعْدِلُ إلَخْ) وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ كَالْجُنُبِ وَهُوَ وَجْهٌ فِي الْمَسْأَلَةِ وَصَحَّحَ الْأَصْحَابُ الْأَوَّلَ. اهـ. مَجْمُوعٌ. (قَوْلُهُ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ إلَخْ) أَيْ أَصْلًا وَبَدَلًا. (قَوْلُهُ: تَحَتَّمَ إلَخْ) لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ فَلَا يَكْفِي تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بَعْدَ غَسْلِ صَحِيحِهِمَا، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي عَنْ الْمَجْمُوعِ اهـ. (قَوْلُهُ: فِي يَدَيْهِ) أَيْ: فِي كُلِّ يَدٍ أَوْ كُلِّ رِجْلٍ
التَّرْتِيبِ بَاقٍ فِيمَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ سَاقِطٌ فِي غَيْرِهِ فَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ الْوَجْهِ وَالْيَدِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الطُّهْرَ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ لَا يَتَجَزَّأُ تَرْتِيبًا وَعَدَمَهُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَمَّتْ الرَّأْسَ دُونَ الثَّلَاثَةِ وَجَبَ أَرْبَعُ تَيَمُّمَاتٍ.
(ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ أَدَّى بِتَيَمُّمِهِ لِلْعِلَّةِ الْمُكَمِّلَ بِالْمَاءِ فَرْضًا وَلَمْ يُحْدِثْ (يُعِيدُهُ) أَيْ التَّيَمُّمَ وَإِنْ تَعَدَّدَ حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ فِي الْأَوَّلِ أَرْبَعَ تَيَمُّمَاتٍ أَعَادَهَا (لِكُلِّ فَرْضِ) ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهِ مَاءٌ لَا يُؤَدَّى بِهِ غَيْرُ فَرْضٍ وَنَوَافِلَ كَمَا سَيَأْتِي (مَعَ الَّذِي يَتْلُوهُ) أَيْ الْمُعْتَلِّ مِنْ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ (فِي التَّوَضِّي) رِعَايَةً لِلتَّرْتِيبِ فَإِنَّهُ لَمَّا وَجَبَ إعَادَةُ تَطْهِيرِ عُضْوٍ خَرَجَ ذَلِكَ الْعُضْوُ عَنْ كَوْنِهِ تَامَّ الطُّهْرِ فَإِذَا أَتَمَّهُ وَجَبَ إعَادَةُ مَا بَعْدَهُ كَمَا لَوْ أَغْفَلَ لُمْعَةً مِنْ وَجْهِهِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ إذْ لَا تَرْتِيبَ فِيهِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ إلَّا التَّيَمُّمَ كَمَا فِي الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ الْكَامِلَ لَا يُعَادُ فَكَذَا بَعْضُهُ وَلِأَنَّ مَا غَسَلَهُ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ وَنَابَ التَّيَمُّمُ عَنْ غَيْرِهِ فَتَمَّ طُهْرُهُ وَإِنَّمَا أُعِيدَ التَّيَمُّمُ لِضَعْفِهِ عَنْ أَدَاءِ الْفَرْضِ لَا لِبُطْلَانِهِ وَإِلَّا لَمْ يَتَنَفَّلْ بِهِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ بِخِلَافِ إغْفَالِ اللُّمْعَةِ وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ فَلَا يُعِيدُ لَهُ شَيْئًا وَسَيَأْتِي أَمَّا إذَا أَحْدَثَ فَيُعِيدُ الطُّهْرَ كُلَّهُ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لَوْ غَسَلَ جُنُبٌ الصَّحِيحَ وَتَيَمَّمَ عَنْ عِلَّةٍ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّي فَرْضًا لَزِمَهُ الْوُضُوءُ لَا التَّيَمُّمُ؛ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ عَنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْحَدَثُ وَلَوْ صَلَّى فَرْضًا ثُمَّ أَحْدَثَ تَوَضَّأَ لِلنَّفْلِ وَلَا يَتَيَمَّمُ.
(وَالْمَوْضِعَ الْمَعْذُورَ فَلْيُغْسَلْ) وُجُوبًا فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ (مَعَهْ) أَيْ مَعَ الَّذِي يَتْلُوهُ فِي الْوُضُوءِ (لَدُنْ بَرَا) بِإِسْكَانِ الْهَمْزَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
الْأَكْبَرِ.
(قَوْلُهُ: أَعَادَهَا) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ الْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ إعَادَةِ تَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَوُجُوبُ إعَادَةِ الْأَرْبَعِ الَّذِي قَالَهُ الرُّويَانِيُّ مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ إعَادَةِ غَسْلِ مَا بَعْدَ الْعَلِيلِ وَإِنَّمَا تَعَدَّدَ التَّيَمُّمُ أَوَّلًا مُرَاعَاةً لِلتَّرْتِيبِ وَالتَّرْتِيبُ الْآنَ سَاقِطٌ وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّيَمُّمُ لِضَعْفِ التَّيَمُّمِ عَنْ أَنْ يُؤَدَّى بِهِ أَكْثَرُ مِنْ فَرْضٍ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أَحْدَثَ فَيُعِيدُ الطُّهْرَ كُلَّهُ) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَسْحُ جَبِيرَةِ الْجُنُبِ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَلَا تَجِبُ إعَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ رَفَعَ مَنْعَ جَنَابَةِ مَا تَحْتَهُ رَفْعًا مُقَيَّدًا بِمُدَّةِ عَدَمِ حُصُولِ الْبُرْءِ وَقَامَ مَقَامَ الْغَسْلِ مَا لَمْ يَحْصُلْ الْبُرْءُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ لَا يُعِيدُ لِكُلِّ فَرْضٍ سِوَى التَّيَمُّمِ وَلَوْلَا أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وَجَبَ إعَادَتُهُ لَكِنْ فُرِضَ وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَا يَجِبُ إعَادَتُهُ قَبْلَ الْبُرْءِ وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ أَحْدَثَ أَعَادَ غَسْلَ صَحِيحِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ وَتَيَمَّمَ عَنْ عَلِيلِهَا وَقْتَ غُسْلِهِ وَمَسَحَ السَّاتِرَ إنْ كَانَ بِالْمَاءِ وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ تَيَمَّمَ لِحَدَثِهِ الْأَكْبَرِ وَتَوَضَّأَ لِلْأَصْغَرِ. اهـ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ غَسْلَ صَحِيحِ مَا عَدَا أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ لَا يَتَخَيَّلُ أَحَدٌ وُجُوبَ إعَادَتِهِ لَا يُقَالُ كُلُّ ذَلِكَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِي الْأَصْغَرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِي الْأَعَمِّ كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَتُهُ فَتَصَفَّحْهَا سم. (قَوْلُهُ فَيُعِيدُ الطُّهْرَ كُلَّهُ) أَيْ وَلَا يَجِبُ نَزْعُ الْجَبِيرَةِ وَإِنْ أَجْنَبَ كَمَا تَقَدَّمَ لِلضَّرَرِ خِلَافَ مَسْحِ الْخُفِّ بِرّ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ كَانَتْ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ إنْ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّي فَرْضًا وَجَبَ الْوُضُوءُ أَيْ: لِلصَّلَاةِ وَإِعَادَةُ التَّيَمُّمِ وَلَكِنْ عَنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ صَلَّى فَرْضًا وَجَبَ الْوُضُوءُ أَيْ لِلصَّلَاةِ وَأَعَادَ التَّيَمُّمَ عَنْ
ــ
[حاشية الشربيني]
اهـ. (قَوْلُهُ: فِيمَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ) وَهُوَ صَحِيحُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَقَوْلُهُ سَاقِطٌ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ عَلِيلُهُمَا. (قَوْلُهُ: لَوْ عَمَّتْ الرَّأْسَ) فَإِنْ لَمْ تَعُمَّ وَجَبَ ثَلَاثَةٌ مَعَ مَسْحِ جُزْءٍ مِنْ صَحِيحِهِمَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: مَعَ الَّذِي يَتْلُوهُ) أَيْ مَعَ طَهَارَةِ الْعُضْوِ الَّذِي يَتْلُو الْمُعْتَلَّ؛ لِأَنَّ طَهَارَةَ مَا يَتْلُوهُ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى طَهَارَتِهِ فَلَوْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ فِي الرِّجْلِ لَا يُعِيدُ إلَّا التَّيَمُّمَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ لِجَوَازِ فِعْلِهِ قَبْلَهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ جَمِيعُ الرَّأْسِ مَجْرُوحًا وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ جِرَاحَةٌ وَأَرَادَ الْفَرْضَ الثَّانِيَ وَهُوَ عَلَى الطُّهْرِ وَجَبَ أَرْبَعُ تَيَمُّمَاتٍ وَغَسْلُ الصَّحِيحِ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَمَسْحُ الْجَبَائِرِ لَوْ كَانَتْ وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الْوَجْهِ وَمَسْحُ جَبِيرَتِهِ لِمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: لَا لِبُطْلَانِهِ) حَتَّى يَبْطُلُ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنْ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أَحْدَثَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَلَمْ يُحْدِثْ.
(قَوْلُهُ فِي الْوُضُوءِ) لَا الْغُسْلِ إذْ لَا تَرْتِيبَ
لِلْوَزْنِ أَيْ عِنْدَ بُرْئِهِ لِبُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ وَرِعَايَةً لِلتَّرْتِيبِ فِي الْوُضُوءِ أَمَّا مَا قَبْلَ الْمَعْذُورِ وَمَا مَعَهُ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ (وَإِنْ لَصُوقًا) بِفَتْحِ اللَّامِ وَمِنْ خِرْقَةٍ أَوْ قُطْنَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (رَفَعَهْ) عَنْ مَحَلِّ الْعُذْرِ (تَوَهُّمًا) مِنْهُ (لِبُرْئِهِ) فَإِذَا هُوَ لَمْ يَبْرَأْ (لَمْ يَجِبْ) عَلَيْهِ (غَسْلٌ لِمَعْذُورٍ) أَيْ لِلْعُضْوِ الْمَعْذُورِ.
(وَلَا) غَسْلُ عُضْوٍ (مُرَتَّبِ) عَلَيْهِ لِبَقَاءِ تَيَمُّمِهِ بِخِلَافِ تَوَهُّمِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُهُ وَإِنْ بَانَ أَنْ لَا مَاءَ؛ لِأَنَّ تَوَهُّمَهُ يُوجِبُ الطَّلَبَ وَتَوَهُّمَ الْبُرْءِ لَا يُوجِبُ الْبَحْثَ عَنْهُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْإِمَامُ وَالْجَبِيرَةُ كَاللَّصُوقِ فِيمَا ذُكِرَ وَلَوْ صَلَّى بَعْدَ بُرْئِهِ جَاهِلًا لَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِتَفْرِيطِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى عُضْوٍ جَبِيرَتَانِ فَرَفَعَ أَحَدَهُمَا لَا يَلْزَمُهُ رَفْعُ الْأُخْرَى بِخِلَافِ الْخُفَّيْنِ؛ لِأَنَّ لُبْسَهُمَا جَمِيعًا شَرْطٌ بِخِلَافِ الْجَبِيرَتَيْنِ وَلَوْ سَقَطَتْ جَبِيرَتُهُ عَنْ عُضْوِهِ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ كَالْخُفِّ وَكَمَا بَعْدَ الْبُرْءِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُشْكِلُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ بِرَفْعِ اللَّصُوقِ عِنْدَ تَوَهُّمِ الْبُرْءِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ لَيْسَ لِبُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ بَلْ لِلتَّرَدُّدِ فِي بُطْلَانِهِ ثُمَّ يَنْظُرُ فَإِنْ وَجَدَ عُضْوَهُ بَرِئَ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا تَرَدَّدَ فِي الْبُرْءِ وَطَالَ التَّرَدُّدُ لِتَبْطُلَ الصَّلَاةُ وَلَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا الْجَوَابِ بِالتَّنْظِيرِ بِالْخُفِّ وَبِمَا بَعْدَ الْبُرْءِ وَالْجَوَابُ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ بُطْلَانَهَا إنَّمَا هُوَ لِوُجُوبِ
ــ
[حاشية العبادي]
الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَيَنْدَرِجُ فِيهِ الْأَصْغَرُ فَلَوْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ فِي الْيَدَيْنِ مَثَلًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ إعَادَةَ التَّيَمُّمِ لِلْجَنَابَةِ قَبْلَ إعَادَةَ الْوُضُوءِ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ يَنْدَرِجُ فِيهِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ عَنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ الْجُنُبُ مَا عَدَا رِجْلَيْهِ ثُمَّ أَحْدَثَ حَدَثًا أَصْغَرَ حَيْثُ قَالُوا يَجْزِيهِ الْآنَ غَسْلُ رِجْلَيْهِ عَنْ الْحَدَثَيْنِ قَبْلَ غَسْلِ بَاقِي الْأَعْضَاءِ هُوَ مُحْتَمَلٌ حَيْثُ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ الْيَدَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
ثُمَّ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْته هُوَ بِاعْتِبَارِ مَا ظَهَرَ لِي وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَلَكِنَّهُ وَاضِحٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى نَعَمْ فِي عِبَارَةِ الْجَلَال مَا قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ فِي مَسْأَلَةِ الْجَنَابَةِ إذَا كَانَ قَدْ صَلَّى فَرْضًا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ التَّيَمُّمُ لَهَا وَقْتَ غَسْلِ الْعَلِيلِ فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ قَابِلٌ لِلْحَمْلِ عَلَى الْأَصْغَرِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ بِهَامِشِ نُسْخَتِهِ وَمَا قَالَهُ إنَّهُ مُحْتَمَلٌ ظَاهِرٌ جِدًّا لَكِنْ هُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ لَمْ تَعُمَّ الْجِرَاحَةُ الْيَدَيْنِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمُنْدَرِجَ حِينَئِذٍ أَصْغَرُ مَحَلِّ الْعِلَّةِ فَقَطْ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ: نَعَمْ فِي عِبَارَةِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ وَاحْتَرَزَ يَعْنِي: الْمِنْهَاجَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُحْدِثْ عَمَّا إذَا أَحْدَثَ فَإِنَّهُ كَمَا سَبَقَ يَغْسِلُ الصَّحِيحَ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَيَتَيَمَّمُ عَنْ الْعَلِيلِ مِنْهَا وَقْتَ غَسْلِ عَلِيلِهِ وَيَمْسَحُ الْجَبِيرَةَ بِالْمَاءِ إنْ كَانَتْ وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ تَيَمَّمَ الْجُنُبُ مَعَ الْوُضُوءِ لِلْجَنَابَةِ. اهـ. فَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ تَيَمَّمَ الْجُنُبُ يُفْهَمُ حَيْثُ قَيَّدَ بِالْجُنُبِ هُنَا وَأَطْلَقَ فِيمَا قَبْلَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا قَبْلَهُ بَيْنَ الْجُنُبِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ فَتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ: فَيُعِيدُ الطُّهْرَ كُلَّهُ) أَيْ: وَلَا يَجِبُ نَزْعُ الْجَبِيرَةِ وَإِنْ أَجْنَبَ كَمَا تَقَدَّمَ لِلضَّرَرِ خِلَافَ مَسْحِ الْخُفِّ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَيَمَّمُ) أَيْ: لِأَجْلِ النَّفْلِ وَمِثْلُهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالْمُكْثُ بِالْمَسْجِدِ وَسَائِرُ مَا لَيْسَ بِفَرْضٍ وَأَمَّا إذَا أَرَادَ فَرْضًا ثَانِيًا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّيَمُّمِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَمِثْلُهُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْوُضُوءِ أَيْضًا فَهُوَ مَمْنُوعٌ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) فَحَيْثُ لَمْ يَبْرَأْ لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ وَإِنْ طَالَ زَمَنُ التَّوَهُّمِ وَالتَّرَدُّدِ م ر. (قَوْلُهُ: وَطَالَ التَّرَدُّدُ) أَيْ: وَمَضَى رُكْنٌ. (قَوْلُهُ: وَالْجَوَابُ الْمُعْتَمَدُ إلَخْ) عَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُ الْمَتْنِ السَّابِقُ
ــ
[حاشية الشربيني]
فِيهِ. (قَوْلُهُ: رَفْعُهُ) أَيْ: وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ الصَّحِيحِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ إذْ لَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهُ مَعَ وُجُوبِ غَسْلِ مَا ظَهَرَ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ. اهـ. سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَنْ م ر عَنْ الزَّرْكَشِيّ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ تَوَهُّمَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الِانْدِمَالِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَلَمْ يَبْطُلْ بِالتَّوَهُّمِ بِخِلَافِ الْمَاءِ. (قَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْإِمَامُ) حَيْثُ قَالَ: قَوْلُهُمْ الْبَحْثُ عَنْ الِانْدِمَالِ عِنْدَ إمْكَانِهِ وَتَعَلُّقِ الظَّنِّ بِهِ لَيْسَ نَقِيًّا عَنْ الِاحْتِمَالِ. (قَوْلُهُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْإِمَامُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُرَدُّ تَوَقُّفُهُ بِأَنَّ طَلَبَ الْمَاءِ سَبَبٌ لِتَحْصِيلِهِ بِخِلَافِ طَلَبِ الْبُرْءِ لَيْسَ سَبَبًا لِتَحْصِيلِهِ. (قَوْلُهُ: بَلْ لِلتَّرَدُّدِ) سَيَأْتِي أَنَّ تَوَهُّمَ الْمَاءِ فِي الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا وَلَا يُبْطِلُ تَيَمُّمَهُ فَلِمَ أَبْطَلَهَا التَّرَدُّدُ هُنَا فِي الْبُرْءِ، إلَّا أَنْ يُخَصَّ مَا سَيَأْتِي بِمَا إذَا تَوَهَّمَهُ وَلَمْ يَتَرَدَّدْ فِي بُطْلَانِهِ وَطَالَ التَّرَدُّدُ أَوْ مَضَى رُكْنٌ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ رَأَيْت فِيمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنَّ وُجُوبَ الْبُرْءِ فِي الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ إنْ لَمْ يَكُنْ سَاتِرٌ أَوْ كَانَ وَوُضِعَ عَلَى طُهْرٍ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ فَلَا وَجْهَ حِينَئِذٍ لِلتَّرَدُّدِ فِي بُطْلَانِهِ إلَّا فِي غَيْرِ عَالِمٍ بِالْحُكْمِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِمَا إذَا تَرَدَّدَ فِي الْبُرْءِ) أَيْ: وَوَقَعَ مِنْهُ تَرَدُّدٌ أَيْضًا فِي بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ لِجَهْلِهِ الْحُكْمَ وَإِلَّا فَوُجُودُ الْبُرْءِ بِالْفِعْلِ فِي الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ إنْ لَمْ يَكُنْ جَبِيرَةٌ تَجِبُ مَعَهَا الْإِعَادَةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ. (قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ لِوُجُوبِ إلَخْ) فَقَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ لَمْ يَجِبْ غُسْلٌ لِمَعْذُورٍ وَلَا مُرَتَّبٍ مَفْرُوضٍ فِيمَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْءٌ وَعَلَى كُلٍّ فَالتَّيَمُّمُ بَاقٍ وَلَوْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَلَا يُقَالُ كَانَ يَجِبُ إمْرَارُ التُّرَابِ عَلَى مَحَلِّهَا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إذْ لَوْ أَمْكَنَ لَمَا صَحَّ التَّيَمُّمُ الْأَوَّلُ لِوُجُوبِ نَزْعِهَا وَإِمْرَارِ التُّرَابِ عَلَى مَحَلِّهَا مَتَى أَمْكَنَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ فِيمَا أَمْلَاهُ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ. اهـ.