المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فرع لم يدخل الإمام في الصلاة وقد جاء وقت الدخول وحضر بعض المأمومين ورجوا زيادة] - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ١

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌(بَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ (النَّجَاسَاتِ) وَإِزَالَتِهَا

- ‌[فَرْعَ وَلَغَ الْكَلْب فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَمْ يَنْقُصْ بِوُلُوغِهِ عَنْ قُلَّتَيْنِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا غَسَلَ فَمَهُ الْمُتَنَجِّسَ فَلْيُبَالِغْ فِي الْغَرْغَرَةِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الِاجْتِهَادِ) فِي الْمِيَاهِ

- ‌[فَرْعٌ الْتَبَسَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّيَاتِ بَلَدٍ أَوْ إنَاءِ بَوْلٍ بِأَوَانِي بَلَدٍ]

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي (الِاسْتِنْجَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْحَدَثِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْغُسْلِ) وَمُوجِبِهِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا]

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌[بَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْأَذَانِ) وَالْإِقَامَةُ:

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الِاسْتِقْبَالِ) لِلْكَعْبَةِ وَلِبَدَلِهَا

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (صِفَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌[فَرْعٌ تَطْوِيلُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ]

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ أَتَى المصلي بِسَبْعِ آيَاتٍ مُتَضَمِّنَةٍ لِلْفَاتِحَةِ بَدَلَهَا]

- ‌[فَرْع لِلْإِمَامِ فِي الْجَهْرِيَّةِ أَرْبَعُ سَكَتَاتٍ وَالدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (شُرُوطِ الصَّلَاةِ) وَمَوَانِعِهَا

- ‌[حُكْمَ الْفِعْلِ الَّذِي مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَبَطَلَتْ بِزِيَادَتِهِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (السَّجَدَاتِ) لِلسَّهْوِ، وَالتِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ

- ‌ مَسَائِلَ يَتَعَدَّدُ فِيهَا سُجُودُ السَّهْوِ صُورَةً لَا حَقِيقَةً

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ صَلَاةِ النَّفْلِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ صَلَاةِ (الْجَمَاعَةِ)

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ جَاءَ وَقْتُ الدُّخُولِ وَحَضَرَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ وَرَجُوا زِيَادَةً]

- ‌[بَيَانِ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ الشَّامِلَ لْإِعَادَةِ الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ إذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ صَالِحُونَ لَهَا]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

الفصل: ‌[فرع لم يدخل الإمام في الصلاة وقد جاء وقت الدخول وحضر بعض المأمومين ورجوا زيادة]

لِمُلَازَمَةٍ، أَوْ دِينٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ اسْتِمَالَةٍ، بَلْ يَقْصِدُ بِهِ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَبِمَا قَالَهُ عُلِمَ أَنَّ شُرُوطَ الِانْتِظَارِ أَرْبَعَةٌ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْهَا كُرِهَ الِانْتِظَارُ كَمَا عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ، وَغَيْرُهُمَا لِتَقْصِيرِ الْمُتَأَخِّرِ وَضَرَرِ الْحَاضِرِ مَعَ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ إنْ انْتَظَرَ فِي غَيْرِ الرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِذَلِكَ الْكَرَاهَةُ أَيْضًا مَعَ اجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ، لَكِنَّهُمْ اغْتَفَرُوا ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ إلَى مَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يَنْتَظِرُ لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَذْهَبِ لَكِنْ نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ الِاتِّفَاقَ عَلَى بُطْلَانِهَا إذَا قَصَدَ غَيْرَ وَجْهِ اللَّهِ، وَعَلَّلَهُ بِالتَّشْرِيكِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي الِانْتِظَارِ بِأَنْ يَشُقَّ بِهِ عَلَى الْحَاضِرِينَ، وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمَشَقَّةَ بِمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ لَوْ وُزِّعَ عَلَى كُلِّ الصَّلَاةِ.

(فَرْعٌ) مِنْ الْمَجْمُوعِ إذَا لَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ جَاءَ وَقْتُ الدُّخُولِ، وَحَضَرَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ وَرَجُوا زِيَادَةً نُدِبَ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ، وَلَا يَنْتَظِرُهُمْ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلَ الْوَقْتِ بِجَمَاعَةٍ قَلِيلَةٍ أَفْضَلُ مِنْهَا آخِرَهُ بِجَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ (وَعُذْرُ تَرْكِهَا) أَيْ: الْجَمَاعَةِ (وَتَرْكِ الْجُمُعَهْ حَقْنٌ) بِالنُّونِ لِلْبَوْلِ وَحَقْبٌ بِالْبَاءِ لِلْغَائِطِ وَحَزْقٌ لِلرِّيحِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْحَقْنِ مَا يَعُمُّ الثَّلَاثَةَ وَقِيلَ: الْحَزْقُ لِلْخُفِّ فَيَبْدَأُ بِإِزَالَةِ ذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» ، وَلِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ فِي صَحِيحَيْهِمَا «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ» ، وَقَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ:«لَا صَلَاةَ» أَيْ: كَامِلَةً وَالْمَعْنَى فِيهِ إذْهَابُ الْخُشُوعِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ بِكُلِّ مُشَوَّشٍ يُؤَخِّرُ بِهِ الْحَاكِمُ الْحُكْمَ (وَلَكِنْ) مَحَلَّهُ (حَيْثُ) كَانَ (فِي الْوَقْتِ سَعَهْ) فَإِنْ ضَاقَ لَمْ يُعْذَرْ بِذَلِكَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ (وَمَطَرٌ) يَشُقُّ بِحَيْثُ يَبُلُّ الثِّيَابَ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

فَإِنْ كَانَ خَفِيفًا أَوْ وَجَدَ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ لَمْ يُعْذَرْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَالثَّلْجُ عُذْرٌ إنْ بَلَّ الثِّيَابَ وَإِلَّا فَلَا (وَمَرَضٌ) يَشُقُّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلَ الشَّارِحِ هُنَا وَكَذَا لِلْمُنْفَرِدِ مَعَ إطْلَاقِهِ فِي الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ يَقْتَضِي رُجُوعَهَا لِلْمُنْفَرِدِ أَيْضًا، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَضَرَرُ الْحَاضِرِ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ قَاصِرَةً، وَمَالَ م ر لِهَذَا بَعْدَ أَنْ كَانَ مَشَى عَلَى الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: لِمُلَازَمَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيُمَيِّزُ (قَوْلُهُ: وَضَرَرُ الْحَاضِرِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَحَسَّ الْمُنْفَرِدُ بِدَاخِلٍ يُرِيدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فَيُسَنُّ انْتِظَارُهُ، وَإِنْ طَالَ إذْ لَا تَضَرُّرَ م ر (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ إلَخْ) هَذَا مُشْكِلٌ إنْ كَانَ قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ إلَخْ مِنْ جُمْلَةِ التَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

لَهُ غَرَضٌ فِي الِانْتِظَارِ إلَّا إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ، أَوْ الْفَضِيلَةِ. ا. هـ ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ دِينٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا ع ش؛ لِأَنَّ الِانْتِظَارَ لِلدِّينِ بِالْكَسْرِ، وَإِنْ كَانَ لِلَّهِ لَكِنْ فِيهِ تَمْيِيزٌ بَيْنَ الدَّاخِلِينَ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَقْصِدُ بِهِ التَّقَرُّبَ) أَيْ: بِخُصُوصِ الْإِعَانَةِ عَلَى إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ أَوْ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةٌ) أَيْ: الْمَعْلُومَةُ بِمَا ذَكَرَهُ وَإِلَّا فَقَدْ سَبَقَ أَرْبَعَةٌ أُخَرُ، وَيُزَادُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ فَرْضًا تُطْلَبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، أَوْ نَفْلًا كَذَلِكَ. ا. هـ وَأَنْ يَكُونَ الِانْتِظَارُ لِلَّهِ فَلَوْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الدَّاخِلِينَ لَكِنْ انْتَظَرَهُمْ لِغَيْرِ اللَّهِ كُرِهَ. (قَوْلُهُ: كُرِهَ الِانْتِظَارُ) مُقَابَلَتُهُ لِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ أَيْ: الْإِبَاحَةِ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا مُقَابَلَتُهُ لِلنَّدْبِ عَلَى طَرِيقِ النَّوَوِيِّ فَلِأَنَّهَا طَرِيقَةٌ تُشْبِهُ الْمُرَكَّبَةَ مِنْ طَرِيقَةٍ حَاكِيَةٍ لِلْخِلَافِ فِي الِاسْتِحْبَابِ، وَعَدَمِهِ وَطَرِيقَةٍ حَاكِيَةٍ لَهُ فِي الْإِبَاحَةِ، وَعَدَمِهَا كَمَا فِي شُرُوحِ الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمَا) أَيْ: مِمَّنْ سَلَكَ طَرِيقَهُمَا وَإِلَّا فَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ آخَرُ يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ مَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا بِهَامِشِ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَتْ فَائِدَةٌ كَأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ رَكَعَ قَبْلَ إحْرَامِ الْمَسْبُوقِ أَحْرَمَ هَاوِيًا سُنَّ لَهُ انْتِظَارُهُ قَائِمًا، وَبِهِ جَزَمَ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ وَمِثْلُهُ الْوَاقِفُ الْمُتَخَلِّفُ لِإِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ فَيَنْتَظِرُهُ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ لِفَوْتِ رَكْعَتِهِ بِقِيَامِهِ مِنْهَا قَبْلَ رُكُوعِهِ. ا. هـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُمْ اغْتَفَرُوا ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ) أَيْ: مَعَ عَوْدِ بَرَكَةِ الِانْتِظَارِ لِلَّهِ عَلَى الْحَاضِرِينَ فَلَا يُقَالُ: إذَا انْتَظَرَ لِغَيْرِ اللَّهِ فَالْحَاجَةُ مَوْجُودَةٌ مَعَ اسْتِوَاءِ الْحَالِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاضِرِينَ. ا. هـ بج. (قَوْلُهُ: لِلْحَاجَةِ إلَى مَا تَقَدَّمَ) لَا يُقَالُ: يُعَارِضُهُ الْأَمْرُ بِالتَّخْفِيفِ فَيَرْجِعُ لِلْأَصْلِ لِتَسَاقُطِ الدَّلِيلَيْنِ لَتَعَارُضِهِمَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ مِنْ التَّخْفِيفِ عَدَمُ الْمَشَقَّةِ، وَالِانْتِظَارُ الْمَذْكُورُ لَا يَشُقُّ. ا. هـ شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ إلَخْ) رُدَّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ مَنْ لَمْ يَسْتَحِبَّ إلَى لَمْ تَصِحَّ بِدَلِيلِ حِكَايَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْبُطْلَانِ قَوْلَيْنِ. ا. هـ شَرْحُ م ر

[فَرْعٌ لَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ جَاءَ وَقْتُ الدُّخُولِ وَحَضَرَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ وَرَجُوا زِيَادَةً]

(قَوْلُهُ: وَعُذْرُ تَرْكِهَا إلَخْ) وَالْمُعْتَمَدُ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ الْعُذْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَازِمًا عَلَى فِعْلِهَا لَوْلَا وُجُودُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قِيلَ فِي الْمَرِيضِ، وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ الْعَزْمِ لَكِنْ دُونَ فَضِيلَةِ مَنْ فَعَلَهَا، وَالْمَنْفِيُّ فِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ الثَّوَابُ الْكَامِلُ وَيُرَدُّ شَهَادَةُ مَنْ دَاوَمَ عَلَى تَرْكِهَا. ا. هـ ش ق. وَقَوْلُهُ: عَلَى تَرْكِهَا أَيْ: كُلًّا، أَوْ بَعْضًا ع ش. (قَوْلُهُ: لِلْخُفِّ) أَيْ: ضِيقِ الْخُفِّ. (قَوْلُهُ: إذْهَابُ الْخُشُوعِ) أَيْ: لِعَارِضٍ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ تَعَارَضَ الْخُشُوعُ وَالْجَمَاعَةُ قُدِّمَتْ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر بَعْدَ ذِكْرِ الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ الشَّدِيدَيْنِ، وَالْجُوعِ، وَالْعَطَشِ وَمُدَافَعَةِ الْحَدَثِ، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْمَذْكُورَاتِ عِنْدَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُعْذَرْ بِذَلِكَ) أَيْ: فِي تَرْكِ

ص: 408

كَمَشَقَّةِ الْمَطَرِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدًّا يُسْقِطُ الْقِيَامَ فِي الْفَرِيضَةِ لِلْحَرَجِ قَالَ تَعَالَى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] فَإِنْ كَانَ خَفِيفًا كَوَجَعِ ضِرْسٍ وَصُدَاعٍ يَسِيرٍ وَحُمَّى خَفِيفَةٍ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ (وَعُرْيُ) بِأَنْ لَا يَجِدْ ثَوْبًا يَلِيقُ بِهِ وَإِنْ وَجَدَ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ لِلْمَشَقَّةِ، فَإِنْ اعْتَادَ سَتْرَهَا فَقَطْ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ (وَأَكْلُهُ الْكَرِيهَ) كَثُومٍ، وَبَصَلٍ، وَكُرَّاثٍ، وَفُجْلٍ (وَهْوَ ني) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَكَلَ بَصَلًا أَوْ ثُومًا أَوْ كُرَّاثًا فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا» وَفِي رِوَايَةٍ «الْمَسَاجِدَ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» زَادَ الْبُخَارِيُّ قَالَ جَابِرٌ مَا أَرَاهُ يَعْنِي إلَّا نِيئَهُ، وَزَادَ الطَّبَرَانِيُّ «أَوْ فُجْلًا» (إنْ لَمْ يَزُلْ) رِيحُ الْكَرِيهِ أَيْ: إنْ لَمْ يُمْكِنْ إزَالَتُهُ (بِالْغَسْلِ وَالْعِلَاجِ) وَهَذَا التَّقْيِيدُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا

قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْإِزَالَةَ إذَا أَمْكَنَتْ بِمَشَقَّةِ شَدِيدَةٍ يُؤْمَرُ بِهَا وَلَا يُعْذَرُ وَالْقِيَاسُ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ خِلَافُهُ، وَخَرَجَ بِالنِّيءِ الْمَطْبُوخُ لِزَوَالِ رِيحِهِ وَنِيءٌ بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ لَكِنَّ الْأَنْسَبَ هُنَا قَصْرُهُ، وَإِبْدَالُ هَمْزَتِهِ يَاءً وَإِدْغَامُهَا فِيمَا قَبْلَهَا. (وَكَوْنُهُ عَفْوَ الْعِقَابِ رَاجِي) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ: وَكَوْنُ مَنْ عَلَيْهِ عِقَابٌ رَاجِيًا عَفْوَهُ بِغَيْبَتِهِ عَلَى مَالٍ، أَوْ مَجَّانًا كَقَوَدٍ، وَحَدِّ قَذْفٍ بِخِلَافِ مَا لَا يَرْجُو عَفْوَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَصُدَاعٍ يَسِيرٍ) وَيُتَّجَهُ اعْتِبَارُهُ فِي وَجَعِ الضِّرْسِ أَيْضًا وَقَدْ يَرْجِعُ لَهُمَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ اعْتَادَ سَتْرَهَا) أَيْ: مَنْ وَجَدَ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ (قَوْلُهُ: وَأَكْلِهِ الْكَرِيهَ) لَوْ أَكَلَهُ بِقَصْدِ إسْقَاطِ الْجُمُعَةِ، أَوْ الْجَمَاعَةِ حَيْثُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَثِمَ وَلَمْ تَسْقُطْ فَيَلْزَمُهُ الْحُضُورُ م ر (قَوْلُهُ: وَإِدْغَامُهَا فِيمَا قَبْلَهَا) قَدْ يُقَالُ: اللَّائِقُ أَنْ يُقَالَ: وَإِدْغَامُ مَا قَبْلَهَا فِيهَا إذْ الْمُدْغَمُ هُوَ الْأَوَّلُ لَا الثَّانِي

ــ

[حاشية الشربيني]

الْجَمَاعَةِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ لَكِنْ قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: (تَنْبِيهٌ) وَقَعَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ تَقْيِيدُ كَرَاهَةِ الْمُدَافَعَةِ بِسَعَةِ الْوَقْتِ وَلَمْ يَجْعَلَاهُ قَيْدًا فِي كَوْنِهَا عُذْرًا وَهُوَ مُتَّجَهٌ نَعَمْ أُخِذَ مِنْ إطْلَاقِهِمَا كَغَيْرِهِمَا تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ حَيْثُ ضَاقَ الْوَقْتُ أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ الْجَمَاعَةُ حَيْثُ أَمْكَنَتْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. ا. هـ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: لَمْ يُعْذَرْ إلَخْ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَهُوَ بَعِيدٌ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ مَا أُخِذَ مِنْ إطْلَاقِهِمَا مَا ذُكِرَ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْمَقَامِ وَعَلَى كُلٍّ هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَخْشَ مِنْ كَتْمِ حَدَثِهِ وَنَحْوِهِ ضَرَرًا، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ جَارٍ عَلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ أَنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَإِنْ خَالَفَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَوْنِهَا سُنَّةً، وَيُحْتَمَلُ جَرَيَانُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلٍّ تَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ عَلَى قِيَاسِ مَا قَالُوهُ إذَا خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ عَنْ أَدَاءِ أَصْلِ الْفَرْضِ فَلْيُرَاجَعْ فَإِنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى شَيْءٍ فِي ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُعْذَرْ بِذَلِكَ) إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا شَرْحُ م ر أَيْ: يُبِيحُ التَّيَمُّمَ. اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: وَالثَّلْجِ) وَمِثْلُهُ الْبَرَدُ، وَقَوْلُهُ: إنْ بَلَّ، أَوْ كَانَ قِطَعًا كِبَارًا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: حَدًّا يُسْقِطُ الْقِيَامَ) هُوَ مَا لَمْ يَحْصُلْ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْخُشُوعِ وَمَا هُنَا يَكْفِي فِيهِ ذَهَابُ كَمَالِ الْخُشُوعِ. ا. هـ ع ش لَكِنْ فِي الْإِيعَابِ: وَأَدْنَى مَرَاتِبُ الْمَشَقَّةِ فِي الْمَرَضِ أَنْ تَشْغَلَهُ عَنْ الْخُشُوعِ أَيْ: أَصْلِهِ لِإِكْمَالِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الصَّلَاةِ. ا. هـ وَعَلَيْهِ يُشْكِلُ جَعْلُ م ر مَا يُذْهِبُ الْخُشُوعَ مُسْقِطًا لِلْقِيَامِ، ثُمَّ قَالَ هُنَا بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ كَمَرَضٍ شَغَلَهُ عَنْ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدًّا يُسْقِطُ الْقِيَامَ فِي الْفَرْضِ إلَّا أَنْ يُخَالِفَ حَجَرٌ فَيَجْعَلُ مَا يُذْهِبُ أَصْلَهُ مُسْقِطًا لِلْقِيَامِ وَمَا يُذْهِبُ كَمَالَهُ مُسْقِطًا لِلْجَمَاعَةِ، وَعِبَارَةُ حَجَرٍ هُنَا فِي التُّحْفَةِ كَمَرَضٍ مَشَقَّتُهُ كَمَشَقَّةِ الْمَشْيِ فِي الْمَطَرِ، وَإِنْ لَمْ يُسْقِطْ الْقِيَامَ. اهـ.

فَتَحَصَّلَ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامَيْهِ أَنَّ مُسْقِطَ الْقِيَامِ شَيْءٌ آخَرُ فَوْقَ مَا يُذْهِبُ أَصْلَ الْخُشُوعِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الشِّهَابِ حَجَرٍ لِبَافَضْلٍ أَنَّ مَا يُسْقِطُ الْقِيَامَ مَا يُلْحِقُ بِهِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً لَا تُحْتَمَلُ فِي الْعَادَةِ كَدَوَرَانِ رَأْسٍ قَالَ مُحَشِّيهِ: ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ الْإِمَامُ فِي ضَبْطِ الْعَجْزِ أَنْ تَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ تُذْهِبُ خُشُوعَهُ، وَنَقَلَهُ الْخَطِيبُ فِي الْمُغْنِي، وَالْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ فِي النِّهَايَةِ عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ، وَأَقَرَّاهُ بِأَنَّ إذْهَابَ الْخُشُوعِ يَنْشَأُ عَنْ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ فَلَا مُنَافَاةَ لَكِنْ قَالَ الشَّارِحُ فِي الْإِمْدَادِ: صَرِيحُ الْمَجْمُوعِ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُمَا وَاحِدًا خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ إذْ الْخُشُوعُ يَذْهَبُ بِدُونِ نَحْوِ دَوَرَانِ الرَّأْسِ الْمَذْكُورِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشِّهَابِ م ر فِي شَرْحِ نَظْمِ الزُّبْدِ يُفِيدُ عَدَمَ الِاتِّحَادِ، وَكَذَلِكَ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَذَكَرَ الشَّارِحُ فِي الْإِيعَابِ نَحْوَ مَا فِي الْإِمْدَادِ. ا. هـ فَعُلِمَ مِنْهُ الْخِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: لِلْحَرَجِ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِتَحْصِيلِ الْجَمَاعَةِ بِخِلَافِ الْقِيَامِ فِي الْفَرْضِ لِكَوْنِهَا صِفَةً تَابِعَةً وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ الْعَجْزُ عَنْ الْقِيَامِ بِسَبَبِهَا قُدِّمَتْ عِلَّتُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَأَكْلُهُ لِكَرِيهٍ) وَيُكْرَهُ أَكْلُهُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَحَجَرٌ إلَّا لِمَنْ قَدَرَ عَلَى إزَالَةِ رَائِحَتِهِ، أَوْ لَمْ يُرِدْ الِاجْتِمَاعَ عَلَى النَّاسِ. ا. هـ ق ل. (قَوْلُهُ: كَثُومٍ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَبِالْوَاوِ. (قَوْلُهُ: وَكُرَّاثٍ) بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِهَا. ا. هـ قَامُوسٌ. (قَوْلُهُ: «فَلَا يَقْرُبَنَّ» ) بِضَمِّ الرَّاءِ مِنْ قَرُبَ يَقْرُبُ بِضَمِّهَا فِيهِمَا. ا. هـ اط ف وَيَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28] . ا. هـ بج. (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ رِيحِهِ) فَلَوْ بَقِيَ بِهِ رِيحٌ يَتَضَرَّرُ بِهِ فَهُوَ

ص: 409

كَحَدِّ سَرِقَةٍ، وَشُرْبٍ، وَزِنًا إذَا بَلَغَ الْإِمَامَ بَلْ يَحْرُمُ التَّغْيِيبُ حِينَئِذٍ وَاسْتَشْكَلَ الْإِمَامُ جَوَازَ التَّغْيِيبِ لِمَنْ عَلَيْهِ قَوْدٌ فَإِنَّ مُوجِبَهُ كَبِيرَةٌ، وَالتَّخْفِيفُ يُنَافِيه وَأَجَابَ بِأَنَّ الْعَفْوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَالتَّغْيِيبَ طَرِيقُهُ. (وَالْخَوْفُ مِنْ ذِي الظُّلْمِ) عَلَى نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ عِرْضٍ (وَالْغَرِيمِ لَمُعْسِرٍ) يَعْنِي: وَالْخَوْفُ مِنْ حَبْسِ غَرِيمِهِ لَهُ، أَوْ مُلَازَمَتِهِ لَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ عَنْ الْوَفَاءِ وَقَدْ عَسُرَ عَلَيْهِ إثْبَاتُ إعْسَارِهِ، بِخِلَافِ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ الْقَادِرِ عَلَى الْإِثْبَاتِ، وَالْغَرِيمُ يُطْلَقُ لُغَةً: عَلَى الْمَدِينِ وَالدَّائِنِ (وَالْأُنْسُ لِلسَّقِيمِ) إنْ كَانَ قَرِيبًا، أَوْ نَحْوَهُ، وَإِنْ لَمْ يُشْرِفْ عَلَى الْمَوْتِ (وَالْخُبْزُ فِي الْفُرْنِ) وَالطَّبِيخُ فِي الْقِدْرِ (وَلَا تَعْوِيضُ) عَنْهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُتَعَهِّدٌ غَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ وَالْأُنْسُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(وَرِحْلَةُ الرُّفْقَةِ) لِسَفَرٍ مُبَاحٍ لِمَشَقَّةِ التَّخَلُّفِ (وَالتَّمْرِيضُ) لِمَنْ لَا مُتَعَهِّدَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُشْرِفْ عَلَى الْمَوْتِ قَرِيبًا أَوْ أَجْنَبِيًّا؛ لِأَنَّ حِفْظَ الْآدَمِيِّ أَوْلَى مِنْ حِفْظِ الْجَمَاعَةِ. (أَوْ أَشْرَفَتْ) عَلَى الْمَوْتِ (عِرْسٌ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ: زَوْجَتُهُ، (أَوْ الرَّقِيقُ) لَهُ (أَوْ بَعْضُ قُرْبَاهُ أَوْ الصَّدِيقُ) وَإِنْ كَانَ لَهُ مُتَعَهِّدٌ، بِخِلَافِ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَذِكْرُ الصَّدِيقِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَشِدَّةُ الرِّيحِ بِلَيْلٍ) لِلْمَشَقَّةِ وَزَادَ إيضَاحًا قَوْلُهُ:(مَا اشْتَرَطْ) أَيْ: الْحَاوِي كَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ (ظُلْمَتَهُ) أَيْ: اللَّيْلِ، بَلْ كُلٌّ مِنْ الظُّلْمَةِ وَشِدَّةِ الرِّيحِ عُذْرٌ بِاللَّيْلِ قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ، وَخَرَجَ بِشِدَّةِ الرِّيحِ بِلَيْلٍ الرِّيحُ الْخَفِيفَةُ لَيْلًا، وَالشَّدِيدَةُ نَهَارًا فَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (أَيْ: فِي جَمَاعَةٍ فَقَطْ) أَيْ: لَا فِي جُمُعَةٍ إيضَاحٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ إخْرَاجُ الصُّبْحِ، وَالْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ إلْحَاقُهُ بِاللَّيْلِ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْمَغْرِبِ وَشِدَّةُ الْجُوعِ وَشِدَّةُ الظَّمَا أَيْ: الْعَطَشِ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ مَعَ سَعَةِ الْوَقْتِ لِخَبَرٍ «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ» .

قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ أَوْ لَمْ يُحْضِرْ الطَّعَامَ، وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِ بِمَا إذَا قَرُبَ حُضُورُهُ وَإِذَا أَكَلَ مَنْ بِهِ جُوعٌ فَلْيَأْكُلْ لُقَيْمَاتٍ يَكْسِرُ بِهَا سَوْرَةَ الْجُوعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ مِمَّا يُؤْتَى عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً كَالسَّوِيقِ، وَاللَّبَنِ، وَصَوَّبَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إكْمَالَ حَاجَتِهِ مِنْ الْأَكْلِ (وَ) شِدَّةُ (الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَوَحْلٍ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إذَا بَلَغَ) أَيْ: الْحَدُّ (قَوْلُهُ: لِمُعْسِرٍ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مُتَعَلِّقٌ بِالْخَوْفِ (قَوْلُهُ: الرُّفْقَةِ) وَلَوْ تَخَلَّفَ لَاسْتَوْحَشَ ح ج. (قَوْلُهُ: لِسَفَرٍ مُبَاحٍ) شَامِلٌ لِسَفَرِ النُّزْهَةِ. (قَوْلُهُ: حِفْظُ الْآدَمِيِّ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْحَيَوَانَ الْمُحْتَرَمَ كَالْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: فِي الْمَغْرِبِ) يَقْتَضِي أَنَّ لِلْمَغْرِبِ حُكْمَ اللَّيْلِ وَقَدْ يُتَّجَهُ أَنَّ لَهُ حُكْمَ النَّهَارِ إذَا كَانَ فِي أَوَائِلِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: فَيَأْكُلُ لَقِيمَاتٍ) الِاقْتِصَارُ عَلَى اللُّقَيْمَاتِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِاعْتِبَارِ الشِّدَّةِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ» خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَشِدَّةِ الْحَرِّ) أَقُولُ الْوَجْهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

كَالنِّيءِ م ر. (قَوْلُهُ: إذَا بَلَغَ الْإِمَامُ) أَيْ: وَثَبَتَ عِنْدَهُ. ا. هـ م ر.

(قَوْلُهُ: وَأَجَابَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْإِشْكَالُ أَقْوَى مِنْ الْجَوَابِ أَيْ: لِأَنَّ الْقَوَدَ حَقُّ آدَمِيٍّ وَالْخُرُوجَ وَاجِبٌ مِنْهُ فَوْرًا بِالتَّوْبَةِ وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهِ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ مَثَلًا فَفِيهِ تَرْكُ وَاجِبٍ لِتَحْصِيلِ مَنْدُوبٍ وَهُوَ الْعَفْوُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: سَهَّلَ هَذَا نَدْبُ الْعَفْوِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْغَيْبَةَ جَائِزَةٌ مِنْ جِهَةِ تَفْوِيتِ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ حَرُمَتْ مِنْ جِهَةِ تَفْوِيتِ التَّوْبَةِ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ. (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ، أَوْ عِرْضٍ) أَيْ: لَهُ، أَوْ لِمَنْ يَلْزَمْهُ الذَّبُّ عَنْهُ وَالْمُرَادُ بِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ غَيْرُ نَحْوِ الْمُرْتَدِّ سَوَاءٌ لَزِمَهُ الذَّبُّ عَنْ ذَاتِ الْحَقِّ لِكَوْنِهِ حَيَوَانًا، أَوْ مَالًا لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِيهِ، أَوْ لَا يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ كَاخْتِصَاصِهِ، وَمَالُ الْغَيْرِ الَّذِي فِي الذَّبِّ عَنْهُ مَشَقَّةٌ فَمُجَرَّدُ اشْتِغَالِهِ بِالذَّبِّ عُذْرٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا، كَذَا قَرَّرَهُ الْأُسْتَاذُ الشَّيْخُ ح ف فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ الذَّبُّ عَنْ مَالِ الْغَيْرِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الذَّبِّ عَنْهُ مَشَقَّةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَالٍ إلَخْ) ، أَوْ اخْتِصَاصٍ شَرْحُ م ر وَالْخَوْفُ عَلَى ذَلِكَ عُذْرٌ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الذَّبُّ عَنْهُ شَرْحُ م ر أَيْضًا وَاَلَّذِي يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ نَحْوُ وَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ، وَالْأَمَانَةِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ.

(قَوْلُهُ: عِرْسٍ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ كَزَانٍ مُحْصَنٍ كَمَا نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى م ر. ا. هـ ع ش. (قَوْلُهُ: بِلَيْلٍ) فِي الْإِمْدَادِ نَعَمْ لَوْ تَأَذَّى بِالشِّدَّةِ نَهَارًا كَتَأَذِّيه بِالْوَحْلِ كَانَتْ عُذْرًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى غَيْرِ هَذَا. ا. هـ (قَوْلُهُ: بِحَضْرَةِ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ) أَيْ: إذَا لَمْ يَخْتَلَّ خُشُوعُهُ عَلَى كَلَامِ م ر، أَوْ أَصْلِ خُشُوعِهِ عَلَى كَلَامِ حَجَرٍ إلَّا مَعَ حُضُورِ ذَلِكَ أَمَّا إذَا اخْتَلَّ مَا ذُكِرَ بِدُونِ الْحُضُورِ فَيَكُونُ عُذْرًا، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ طَعَامٌ، وَلَا شَرَابٌ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي التُّحْفَةِ بِزِيَادَةٍ، ثُمَّ رَأَيْت م ر ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ مُتَابِعًا لِحَجَرٍ فِي التَّعْبِيرِ بِأَصْلِ الْخُشُوعِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ مُسْقِطٌ لِلْقِيَامِ، وَلَا يَلْزَمُ هُنَا مَا يُسْقِطُهُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِ إلَخْ) أَيْ: إنْ لَمْ يَذْهَبْ بِهِ أَصْلُ الْخُشُوعِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِهِ بِمَا ذُكِرَ. ا. هـ م ر وَحَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: وَصَوَّبَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) مِثْلُهُ شَرْحُ الْمُهَذَّبِ، وَالْوَسِيطِ قَالَ م ر وَحَجَرٌ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا إذَا وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ بِعَدَمِ التَّطَلُّعِ بَعْدَ أَكْلِ مَا ذُكِرَ، وَكَلَامُهُ عَلَى خِلَافِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي كُلِّ حَالٍ تُنَافِي خُشُوعَهُ قَالَ فِي الْإِيعَابِ: هَذَا الْجَمْعُ هُوَ الْحَقُّ. ا. هـ مِنْ الْحَوَاشِي الْمَدَنِيَّةِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ. (قَوْلُهُ: وَشِدَّةِ الْحَرِّ) أَيْ: وَإِنْ

ص: 410

لَيْلًا أَوْ نَهَارًا لِلْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ الْخَفِيفِ مِنْ ذَلِكَ وَوَحْلٌ فِي كَلَامِهِ بِسُكُونِ الْحَاءِ عَلَى لُغَةٍ رَدِيئَةٍ وَالْفَصِيحُ فَتْحُهَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. (لَا عَمَى) مِنْ زِيَادَتِهِ فَلَا يُعْذَرُ الْأَعْمَى إنْ وَجَدَ قَائِدًا مُتَبَرِّعًا، أَوْ بِأُجْرَةٍ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا قَالَ الْقَاضِي أَوْ أَحْسَنَ الْمَشْيَ بِالْعَصَا وَأَطْلَقَ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ قَائِدًا يُعْذَرُ، وَمِنْ الْأَعْذَارَ نَشْدُ ضَالَّةٍ يَرْجُوهَا، وَاسْتِرْدَادُ مَالٍ مَغْصُوبٍ، وَغَلَبَةُ نُعَاسٍ إنْ انْتَظَرَ الْجَمَاعَةَ، وَزَلْزَلَةٌ، وَسِمَنٌ مُفْرِطٌ وَكَوْنُهُ مِنْهُمَا، وَزِفَافُ زَوْجَةٍ فِي الصَّلَوَاتِ اللَّيْلِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْقَسَمِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ جَعْلُ هَذِهِ الْأُمُورِ أَعْذَارًا لِمَنْ لَا يَتَأَتَّى لَهُ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِي الْبَيْتِ وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ طَلَبُهَا لِكَرَاهَةِ الِانْفِرَادِ لِلرَّجُلِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا سُنَّةٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَعْنَى كَوْنِهَا أَعْذَارًا سُقُوطُ الْإِثْمِ عَلَى قَوْلِ الْفَرْضِ، وَالْكَرَاهَةِ عَلَى قَوْلِ السُّنَّةِ لَا حُصُولِ فَضْلِهَا، وَيُوَافِقُهُ جَوَابُ الْجُمْهُورِ عَنْ خَبَرِ مُسْلِمٍ «سَأَلَ أَعْمَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ بِبَيْتِهِ لِكَوْنِهِ لَا قَائِدَ لَهُ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ: هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ فَقَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَأَجِبْ» بِأَنَّهُ سَأَلَ هَلْ لَهُ رُخْصَةٌ فِي الصَّلَاةِ بِبَيْتِهِ مُنْفَرِدًا تُلْحِقُهُ بِفَضِيلَةِ مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً فَقِيلَ: لَا وَهَذَا كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ يُلَازِمُهَا وَإِلَّا فَيَحْصُلُ

ــ

[حاشية العبادي]

فِي مُفَارَقَةِ مَا هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِلظُّهْرِ لِلْإِبْرَادِ أَنَّ مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ الْإِبْرَادَ وَأَقَامَ الْجُمُعَةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَيُعْذَرُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ لِعُذْرِ الْحَرِّ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُطْلَبُ الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي الْحَرِّ بِشَرْطِهِ فَإِنْ خَالَفُوا وَأَقَامُوا الْجُمُعَةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ عُذِرَ مَنْ تَخَلَّفَ لِعُذْرِ الْحَرِّ فَتَأَمَّلْهُ سم. (قَوْلُهُ: لَيْلًا أَوْ نَهَارًا) رَاجِعٌ لِلْحَرِّ أَيْضًا وَتَقْيِيدُهُ فِي الرَّوْضَةِ بِوَقْتِ الظُّهْرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ م ر (قَوْلُهُ: وَاسْتِرْدَادِ مَالٍ) اُنْظُرْ الِاخْتِصَاصَ (قَوْلُهُ: سُقُوطِ الْإِثْمِ) لَعَلَّ هَذَا فِي حَقِّ مَنْ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشِّعَارُ أَمَّا غَيْرُهُ فَالْمَعْنَى فِي حَقِّهِ سُقُوطُ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: وَيُوَافِقُهُ جَوَابُ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ إنْ كَانَ هَذَا الْأَعْمَى غَيْرُ مَعْذُورٍ فَلَا تَصِحُّ الْمُوَافَقَةُ وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا أَشْكَلَ أَمْرُهُ بِالْإِجَابَةِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا. (قَوْلُهُ: قَالَ فَأَجِبْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَمَى لَيْسَ عُذْرًا وَلَوْ مَعَ فَقْدِ الْقَائِدِ خِلَافُ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ السَّابِقِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُحْسِنُ الْمَشْيَ بِالْعَصَا إذَا اعْتَبَرْنَا ذَلِكَ إلَّا أَنَّ هَذَا خِلَافُ السَّابِقِ إلَى الْفَهْمِ مِنْ قَوْلِهِ: لِكَوْنِهِ لَا قَائِدَ لَهُ مِنْ عَدَمِ الْإِحْسَانِ وَإِلَّا لَمْ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَجَدَ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ وَبِهِ فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْإِبْرَادِ الْمُتَقَدِّمَةَ كَذَا قَالَهُ م ر وَحَجَرٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّ الْفَرْقَ مِنْ جِهَةِ اشْتِرَاطِ الشِّدَّةِ هُنَا، وَعَدَمِهَا فِي الْإِبْرَادِ حَيْثُ قَالَ وَشِدَّةُ حَرٍّ وَقْتَ ظُهْرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ وَجَدَ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ وَبِهِ فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْإِبْرَادِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ فِيهِ تَرْكُ فَضِيلَةٍ لَا غَيْرُ وَهُنَا فِيهِ تَرْكُ فَرْضٍ فَاكْتَفَى فِي ذَلِكَ الْأَدْوَنُ بِالْأَدْوَنِ وَهُوَ وُجُودُ الشَّمْسِ مَعَ بَقِيَّةِ شُرُوطِهِ، وَلَمْ يَكْتَفِ هُنَا بِهِ بَلْ شِدَّةُ الْحَرِّ الَّتِي لَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ مَعَهَا بَيْنَ وُجُودِ الظِّلِّ وَعَدَمِهِ. اهـ.

وَقَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ أَيْ: الْحَرَّ عُذْرٌ فِي تَأْخِيرِ الْجَمَاعَةِ أَيْ: الْإِبْرَادِ لَا فِي تَرْكِهَا إذْ لَا وَجْهَ لِتَعْطِيلِ الْجَمَاعَةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ وَيُرَدُّ مَا ذَكَرَاهُ بِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ، وَإِنْ وَجَدَ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ فَهُوَ عُذْرٌ فِي التَّرْكِ؛ لِأَنَّ مَشَقَّتَهُ تُوَازِي مَشَقَّةَ نَحْوِ الْبَرْدِ وَالْوَحْلِ بَلْ أَوْلَى وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ الْكَافِي: مَحَلُّ كَوْنِ الْحَرِّ عُذْرًا مَا لَمْ يَجِدْ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْإِبْرَادِ فَيَكْفِي فِيهَا التَّأَذِّي بِالشَّمْسِ لَا بِالْحَرِّ، وَلَوْ فِي الظِّلِّ فَافْتَرَقَا، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فَإِنْ أَقَامُوا الْجَمَاعَةَ، وَلَمْ يُبْرِدُوا، أَوْ أَبْرَدُوا وَبَقِيَ الْحَرُّ الشَّدِيدُ فَلَهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجَمَاعَةِ. ا. هـ وَفِيهِ أَنَّهُمْ وَمِنْهُمْ الشَّيْخُ حَجَرٌ عَبَّرُوا فِي الْإِبْرَادِ بِقَوْلِهِمْ: يُسَنُّ الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ لِشِدَّةِ الْحَرِّ وَعَلَّلَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِيمَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ فِي التَّعْجِيلِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ مَشَقَّةً تُذْهِبُ الْخُشُوعَ أَوْ كَمَالَهُ، وَهَذَا هُوَ الضَّابِطُ هُنَا فِي أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ وَمَعَ هَذَا فَحَمْلُ الشِّدَّةِ فِي الْإِبْرَادِ عَلَى أَيِّ شِدَّةٍ وَهُنَا عَلَى شِدَّةٍ زَائِدَةٍ كَمَا قِيلَ: غَيْرُ صَحِيحٍ وَلِهَذَا أَعْرَضُ الشَّيْخُ سم عَنْ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْإِبْرَادَ سُنَّةٌ فَيُسَنُّ التَّأْخِيرُ إنْ لَمْ يَجِدْ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ فَلَا يُسَنُّ حِينَئِذٍ فَعَدَمُ السَّنِّ يَكْفِي فِيهِ انْكِسَارُ سَوْرَةِ الشَّمْسِ بِالْكِنِّ.

وَبَقِيَ طَلَبُ الْحُضُورِ فَيُرَخِّصُ فِي تَرْكِهِ شِدَّةُ الْحَرِّ، وَلَوْ بِدُونِ شَمْسٍ فَعَدَمُ سَنِّ التَّأْخِيرِ يَكْفِي فِيهِ الْكِنُّ، وَلَا يَكْفِي فِي تَوَجُّهِ الطَّلَبِ لِلْحُضُورِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ سَنِّ التَّأْخِيرِ طَلَبُ الْحُضُورِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لَوْ سُنَّ عَدَمُ التَّأْخِيرِ، وَمَا قَالَهُ الْمُحَشِّي هُنَا مِنْ أَنَّ الْوَجْهَ فِي مُفَارَقَةِ مَا هُنَا لِلْإِبْرَادِ أَنَّ مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ الْإِبْرَادَ، وَأَقَامَ الْجَمَاعَةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَيُعْذَرُ مَنْ تَخَلَّفَ لِعُذْرِ الْحَرِّ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُطْلَبُ الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي الْحَرِّ بِشَرْطِهِ فَإِنْ خَالَفُوا، وَأَقَامُوا الْجَمَاعَةَ أَوَّلَ الْوَقْتِ عُذِرَ مَنْ تَخَلَّفَ لِعُذْرِ الْحَرِّ. ا. هـ فَفِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ: فَإِنْ أَقَامُوا الْجَمَاعَةَ وَلَمْ يُبْرِدُوا، أَوْ أَبَرَدُوا وَبَقِيَ الْحَرُّ الشَّدِيدُ فَلَهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجَمَاعَةِ. اهـ. فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَتَخَلَّفُ بَعْدَ مُضِيِّ وَقْتِ الْإِبْرَادِ لِلْحَرِّ الشَّدِيدِ عَلَى أَنَّهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ لَا فَرْقَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْفَرْقَ بَيْنَ حُكْمِ الْإِبْرَادِ وَالْحُكْمِ هُنَا بِأَنَّ مَا هُنَا أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْعُذْرُ فِي إسْقَاطِ الْحُضُورِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: مِنْهُمَا) بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ الْهَمُّ عَنْ الْخُشُوعِ. ا. هـ م ر. (قَوْلُهُ: جَوَابُ الْجُمْهُورِ) أَيْ: عَنْ ظَاهِرِ الْخَبَرِ مِنْ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ عَلَيْهِ، أَوْ كَرَاهَةِ عَدَمِهَا. ا. هـ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ سُؤَالَهُ كَانَ هَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِذَلِكَ الْعُذْرِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَهُ

ص: 411